![]() |
قدم لنا موسى النبي صورة مختصرة عن أصل الأمم
https://upload.chjoy.com/uploads/175405856754221.jpg أصل الأمم التي التقوا بها: قدم لنا موسى النبي صورة مختصرة عن أصل الأمم التي يتحدث عنها هنا، وهم الموآبيون والأدوميون والعمونيون، موضحًا إنهم ليسوا سكان بلادهم الأصليين. فالموآبيون سكنوا في بلد تنتمي إلى جنس عدد من العمالقة يُدعى الإيميين [10] "miim" ومعناها "المرعبون". وكانوا طوال القامة كالعناقيين، وربما أكثر منهم عُنفًا [10-11]. يبدو إنهم كانوا عمالقة مرهبين متجولين يهددون كل من حولهم. الإيميون هم السكان القدامى للمنطقة التي تقع في شرق الأردن، وكانوا في وقت ما شعبًا قويًا، كثير العدد، وكانوا يدعون بالرفائيين. يرى Calmet أن الإيميين قد تحطموا في حرب قامت بينهم وبين كدرلعومر وحلفائه (تك 14: 5)(34). وإن لوط ذهب إلى هناك بعد خراب سدوم وعمورة. يرى البعض أن الإيميين وبني عناق والرفائيين غالبًا نفس الشعب يحملون أسماء مختلفة في مناطق مختلفة، كلما قطنوا موضعًا أخذوا اسمًا جديدًا. ويرى البعض إن كل القبائل المتجولة العمالقة دعوا رفائيين. هذا هو الجو الذي عاش فيه الجواسيس عندما رجعوا يقدمون تقريرًا مُرًا (عد 13: 33). وبنفس الطريقة الأدوميون احتلوا مكان الحوريين من جبل سعير [12، 22]. والحوريون دعوا بني سعير (تك 36: 20-21)؛ هزمهم كدرلعومر وحلفاؤه (تك 36: 21، 30). ثم أبادهم فيما بعد بنو عيسو واحتلوا مكانهم. [2، 22]. كان الحوريون شعبًا غير سامٍ من الجبال، هاجر بعد سنة 2000 ق.م. في شمال وشمال شرقي ما بين النهرين، وانتشروا بعد ذلك في أراضي ما بين النهرين وسوريا المنخفضة الخصبة، ووصلوا فعلًا إلى فلسطين وحدود مصر. وقد سبقوا العبرانيين في فلسطين. وكان الفرات الأوسط أحد مراكز ثقافتهم. وكانت مملكة ميتانو أو هاينجالبات على الفرات الأعلى حورية مع أن حكامها كانوا أولًا آريين، وفيما بعد حثيين. وقد ورثت الثقافة الأشورية المبكرة الثقافة الحورية وخلفتها، وأباد الأشوريون النوزو الحوريين في نحو عام 1400 ق.م. والعمونيون أيضًا احتلوا أماكن كان يقطنها الزمزميون، وهم أناس أشرار [20-21]. والزمزميون هو اسم سامي معناه "متزمرون"، أو "صانعوا الضجيج" أو "الطنين". وهم طوال القامة، أشداء البأس، يقطنون الأرض شرقي الأردن والبحر الميت. وكانوا يدعون أيضًا بالرفائيين. وهم الذين سطا عليهم كدرلعومر وغلبهم، ثم جاء العمونيون وطردوهم. وقد عُرِفُوا باسم الزوزيين. وقد ذكر النبي ذلك للأسباب التالية: أ. إذ بدأت بعض المناطق تزدحم بعد الطوفان، كانت القبيلة التي تنمو في العدد تطرد غيرها لتحتل موقعها. ب. ليس من الضرورة أن تتحقق النصرة للأقوياء. فقد طُرد العمالقة من مدنهم بواسطة أناس عاديين، ربما لأن هؤلاء العمالقة كانوا أشرارًا مثل أولئك الذين كانوا قبل الطوفان (تك 6: 4)، فحلّ عليهم التأديب الإلهي بطردهم ولم يستطيعوا المقاومة. ج. تأكيد عدم الاستقرار في العالم، وزوال أموره. فقد تظن أمة ما إنها قوية وعظيمة، لكن سرعان ما تنحدر وتحلّ محلّها من كان العالم يظن أنها ضعيفة ولا حول لها. د. لتشجيع بني إسرائيل في ذلك الوقت لكي يمتلكوا كنعان دون النظر إلى قوة سكانها وإمكانياتهم الحربية. فإن كانت عناية الله صنعت هذا مع بني موآب وبني عمّون فكم بالأكثر يحقق وعده الإلهي معهم. إذ أعطى الكل وجهه نحو أرض كنعان ليروا عن قرب الموعد الإلهي الذي طال الوقت لتحققه قد اقترب جدًا، أدرك الكل الحقائق التالية: أ. إن ثمانية وثلاثين عامًا في البرية كانت وقتًا ضائعًا بسبب العصيان. بدون العصيان كان يُمكن لآبائهم أن يرثوا الأرض، وكان هذا الجيل قد وُلد في أرض الموعد ذاتها. فالخطية تفسد وقت الإنسان، وطاقته وقدراته، وهدفه! ب. مات كل رجال الحرب الذين خرجوا من مصر والذين ربما تعلموا فنون الحرب من المصريين، وإن كانوا لم يمارسوها في مصر. الآن لن يدخل رجل حرب إلى كنعان ليحارب ممن تدربوا على أذرع بشرية، بل الذين ولدوا في البرية وتدربوا على الحرب كما من الله نفسه. لم يدخل من الجيل القديم سوى يشوع وكالب، وهما وإن وٌلدا في مصر، لكنهما خضعا للرب منذ البداية، وأدركا أنهما يملكان بذراع الرب لا بذراع بشر. لذلك صار لهما حق الدخول مع الجيل الجديد! ج. كان الكل شبابًا، ليس من بينهم شيخ سوى يشوع وكالب، وكان هذان الاثنان لا يعرفان الشيخوخة الروحية، بل يُجدد روح الله شبابهما كالنسر. هكذا لن يدخل الملكوت من يسقط في شيخوخة روحية تحمل روح اليأس والخنوع والضعف في الإيمان. إننا في حاجة إلى تجديد الروح المستمر لنحيا في شباب دائم حتى نعبر كما إلى الأبدية، وندخل إلى السماء التي لن يوجد فيها كائن خامل أو يائس. صدر الأمر لهم أن "يقوموا" ويعبرواوادي زارد [13] (انظر عدد 21: 12). الكلمة "وادي" هنا هي "ناحال" بمعنى مجرى نهر في جبل قد يمتلئ وقت المطر بفيض، وقد يجف في أوقات أخرى، ويكثر هذا في عبر الأردن. وكلمة "زارد" اسم عبري معناه "ازدهار"، وهو جدول ماء يخرج من جبل عباريم ويصب في بحر لوط (البحر الميت) في الجزء الجنوبي الشرقي منه. وهو الحد الطبيعي بين أدوم وموآب، وكان من آخر العقبات في طريق العبرانيين من مصر إلى كنعان، يعرف الآن باسم وادي الحصى. في مرارة يقول موسى النبي: "حتى فني كل الجيل رجال الحرب من وسط المحلة كما أقسم الرب لهم. ويد الرب أيضًا كانت عليهم لإبادتهم من وسط المحلة حتى فنوا" [14-15]. ما أصعب على نفس هذا القائد العظيم أن يجد نفسه وحيدًا في الميدان. لقد صار كما في "مدافن" حيث رقد كل رجال الحرب، وتحولت البرية إلى مدافن لهم. لو إنهم ماتوا في معركة شريفة لكان ذلك موضع فخر يهب تعزية للقائد، أما أن يرى الكل قد صاروا جثثًا هامدة لأن يد الرب كانت عليهم بسبب عصيانهم وتمردهم، فهذا يحمل مرارة في قلب القائد العظيم. لماذا سمح الله بإبادة هذا الجيش العظيم؟ لقد استهانوا بالوصية، وفقدوا قداسة الرب وبره. فأراد أن يؤكد عبر كل الأجيال أنه قادر أن يعمل ويتمم إرادته بدون جيش وبدون كارزين، لكنه لا يعمل بدون قداسته وبره. يكفي أن يبقى من مئات الألوف الخارجين من مصر اثنان هما يشوع وكالب، يحملان الطاعة لله والإيمان بمواعيده. بهما دخل بالجيل الجديد كله إلى أرض كنعان، خير من مئات الألوف الذين عصوه أو تذمروا عليه إلخ. هنا رحمة الله وبره، إنه لا يطلب كثرة العدد ولا قوة الجسد بل يطلب البر والقداسة. |
الساعة الآن 05:10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025