![]() |
إن نور الرب القائم كشف لهما عتمة قلة (بطىء) ايمانهما
https://upload.chjoy.com/uploads/174506800579741.jpg إذاً نحن أمام تلميذين يتركان أورشليم - والتي سيعودان اليها لاحقاً ( وهذا ما يميّز إنجيل لوقا الذي تبدأ أحداثه في مدينة أورشليم وتنتهي فيها) ? قاصدين قرية تُدّعى عمّاوس، والجدير بالذكر، أنهما كانا خائبين، يائسين، لما حلَّ بمعلّمهما ، فهما حزينين لأنَّ آمالهما تبدّدت بموت يسوع، ولم يصدقا كثيراً ما سمعاه حول قيامته ( هذه حالة كل الرسل والتلاميذ على ما يبدو)."بيسوع نفسه"وهنا يود الانجيلي أن يقول أن يسوع شخصياً ظهر، وليس طيفاً أو خيالاً اعترى التلميذين يدخل على الخط، يبادر الى لقاء التلميذين، يسير معهما ويسألهما عمّا يتحدثان، فيعتبرانه " غريباً عن أورشليم" ، عن هذه المدينة التي من المفترض حسب النبوءات، أن يتمّ فيها الخلاص عندها استفاضا بالكلام عن قدرة يسوع الناصري وأعماله، ودوره النبوي، واعتباره فادياً لاسرائيل، ولكن هذا تبدّد عندما أُسلم الى الموت، رغم بعض الاصداء المُدهشة التي تردّد : أنه حيّ. يسوع يترك التلميذين يعبران عن صدمتهما، ثم يشرع كمعلّم فيشرح لهما حدث القيامة: منطلقاً من الكتب المقدسة، متّبعاً ترتيب التوراة بأقسامها الثلاث الكبرى، والتي تُشير الى تألّم المسيح، وموته، دون أن تقف هنا، بل تصل الى المبتغى والاساس، أي القيامة، والتي على ضوئها تفهم كل الكتب، وبالتالي كل أعمال وأقوال المسيح ونبوءاته. إذاً ففي تصميم الله أن يتألّم المسيح وأن يموت ومن ثمَّ "يدخل في مجده" أي يقوم. وبعد ذلك الشرح الكتابي المستفاض والعميق، يمرّ الوقت مسرعاً، مع رفيق درب التلميذين، فيدعوانه الى المكوث معهما، طالما حلّ المساء، كيف لا وقد أُخذا كلّياً بهذا "الرفيق" ؟! وهنا ندخل من جديد، مع الانجيلي لوقا، بحدث أساسي يكمّل كل ما رأيناه سابقاً ، وهو فعل الكسر، الذي يتخطّى اللقاء العائلي اليهودي، الى اللقاء الاسراري المسيحي، ولذا توقف عند ذكره لوقا في هذا النص مرتين، الاولى عندما قام به يسوع نفسه، والثانية، عندما أخبر التلميذين الرسل ومن معهم عمّا جرى معهما. إن حدث " كسر الخبز" يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعشاء الأخير، إذ في كليهما يقوم يسوع بأربع حركات: أخذ الخبز، وبارك (شكر)، وكسر وناول. و"كسر الخبز" ، ليس مجرّد ذكرى عابرة ووقوف على الاطلال، بل هو شراكة واتحاد مع القائم من بين الاموات. فكل هذه العملية، أزاحت البرقع عن عيون التلميذين، فعرفا الرب، وبالتالي تغلّبا على يأسهما، وعادا إلى أورشليم، وأخبرا اخوتهم بما جرى، وكيف عرفاه عند كسر الخبز فلم يستطيعا البقاء في عمّاوس، رغم هبوط الظلام، إذ إن نور الرب القائم، كشف لهما عتمة قلة (بطىء) ايمانهما، وأنار قلبيهما جاعلاً اياهما " سريعَين " في الايمان، فهرعا ليحملا البشارة الى الرسل والاخوة. |
الساعة الآن 04:35 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025