![]() |
رد فعل يوحنا لرؤيته عرش الله يختلف عن إشعياء
https://upload.chjoy.com/uploads/173391554114591.jpg كانت رؤيا يوحنا لعرش الله في رؤيا 4 تُشبه رؤيا إشعياء ومرة أخرى، كانت هناك كائنات حول العرش تهتف بكل مهابة واحترام لذاك القدوس: «قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، الرَّبُّ الإِلَهُ» (رؤ4: 8). ويُكمِّل يوحنا وصفه لهذه الكائنات التي تقدم لله المجد والإكرام والمهابة، حول عرشه بصورة مستمرة. ونلاحظ أن رد فعل يوحنا لرؤيته عرش الله يختلف عن إشعياء. فلا يذكر الكتاب خوف يوحنا وإدراكه لحالته الخاطئة، كما فعل إشعياء الذي صرخ معترفًا بنجاسته ونجاسة الشعب الذي يسكن معه، حينما انكشفت حالتهم أمام قداسة حضور الله. وهذا هو الفارق بين التدبيرين: تدبير الناموس الذي يُمثله إشعياء، وتدبير النعمة الذي يُمثله يوحنا. ففي الأول كان حضور الله يُصاحبه اهتزاز أساسات العتب، وامتلاء البيت دخانًا؛ مشهد يجلب الخوف والرعب إلى القلب، لأن الإنسان النجس يقف أمام الله القدوس. وهذا ما حدث على نطاق أوسع في حضور الرب في قداسته على جبل سيناء؛ واسمع ماذا يقول الكتاب لمؤمني زمان النعمة: «لأَنَّكُمْ لَمْ تَأْتُوا إِلَى جَبَلٍ مَلْمُوسٍ مُضْطَرِمٍ بِالنَّارِ، وَإِلَى ضَبَابٍ وَظَلاَمٍ وَزَوْبَعَةٍ، وَهُتَافِ بُوقٍ وَصَوْتِ كَلِمَاتٍ، اسْتَعْفَى الَّذِينَ سَمِعُوهُ مِنْ أَنْ تُزَادَ لَهُمْ كَلِمَةٌ ... وَكَانَ الْمَنْظَرُ هَكَذَا مُخِيفًا حَتَّى قَالَ مُوسَى: أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ!» (عب12: 18-21). أما في المشهد الثاني، حينما ظهر يوحنا أمام عرش الله في السماء، فمشهد العرش ووصفه لم يختلف كثيرًا عن إشعياء 6، وإن كان أكثر تفصيلاً، وهذا مِن نفس المنطلق أن قداسة الله ومجده، بالنسبة لنا في تدبير النعمة، تُريان بوضوح أكثر مما رآه الشعب قديمًا. ولكن بالإضافة إلى الوصف التفصيلي للجالس على العرش، فمِنَ العَرْش نفسه «يَخْرُجُ بُرُوقٌ وَرُعُودٌ وَأَصْوَاتٌ. وَأَمَامَ الْعَرْشِ سَبْعَةُ مَصَابِيحِ نَارٍ مُتَّقِدَةٌ ... وَقُدَّامَ الْعَرْشِ بَحْرُ زُجَاجٍ شِبْهُ الْبَلُّورِ» (رؤ4: 5، 6). وكان من المتوقع أن يرتعب يوحنا أكثر من إشعياء، وهو يرى تفاصيل مجد حضور الله وقداسته. ولكننا نجد يوحنا في هدوء تام يصف لنا أدق التفاصيل دون خوف أو وجل، والسبب في ذلك هو أن يوحنا في هذا المشهد يُمثل الكنيسة بعد الاختطاف (رؤ4: 1)، ولذلك نرى المؤمنين وهم في كمال المجد، مُمثلين بأربعة وعشرين شيخًا جالسين أمام عرش الله. فهنا أصبح المقام الذي للمؤمنين مُتفقًا تمامًا مع الحالة التي هم عليها، وتبرهن عمليًا أن «الْمُقَدِّسَ وَالْمُقَدَّسِينَ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ، » (عب2: 11)، وأصبحوا من ذات الرتبة «وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هَكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضًا» (1كو15: 48). وها هو الجالس على العرش يتفرس فيهم وهو في مجد قداسته، فيراهم كاملين وبلا عثرة أو لوم إتمامًا لقول الوحي «وَالْقَادِرُ أَنْ يَحْفَظَكُمْ غَيْرَ عَاثِرِينَ، وَيُوقِفَكُمْ أَمَامَ مَجْدِهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي الاِبْتِهَاجِ، اَلإِلَهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا، لَهُ الْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ، الآنَ وَإِلَى كُلِّ الدُّهُورِ. آمِينَ» (يه24، 25). أخيرًا نقول إن كلتا الرؤيتين عن الملائكة حول العرش وهم يهتفون «قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ»، تُشيران إلى أن الله هو نفس الإله في كلا العهدين. يفكر البعض أحيانًا أن إله العهد القديم هو إله الغضب، وإله العهد الجديد هو إله المحبة. ولكن إشعياء ويوحنا يُقدّمان صورة واحدة لإلهنا القدوس العظيم العجيب «الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ» (يع1: 17)، والذي قال: «لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ» (ملا3: 6)، وأيضًا يقول الكتاب: «يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ.» (عب13: 8). فقداسة الله أبدية كما أنه هو أيضًا أبدي. له كل الإكرام والسجود والتعبد. |
الساعة الآن 08:32 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025