![]() |
الله بطيء الغضب ينتظر توبة الإنسان ورجوعه إليه
https://upload.chjoy.com/uploads/17338246928841.jpg الرَّبُّ بَطِيءُ الْغَضَبِ وَعَظِيمُ الْقُدْرَةِ، وَلَكِنَّهُ لاَ يُبَرِّئُ الْبَتَّةَ. الرَّبُّ فِي الزَّوْبَعَةِ، وَفِي الْعَاصِفِ طَرِيقُهُ، وَالسَّحَابُ غُبَارُ رِجْلَيْهِ. [3] الله بطيء الغضب ينتظر توبة الإنسان ورجوعه إليه، فكان يليق بأشور أن يدرك أن ما ناله من نصرة على شعب الله هو لتأديب الشعب، فيتعظ ويترك أصنامه ويؤمن بالله، خاصة وأن لهم خبرة سابقة في أيام يونان النبي. لكن عوض الإيمان بالله استخدم أشور كل وسيلة للاستخفاف بالله والتجديف عليه، وإذلال شعبه بطريقة وحشية. وكما يقول الرسول بولس: "أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته، غير عالمٍ أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة، ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضبًا في يوم الغضب، واستعلان دينونة الله العادلة" (رو 2: 4-5). طول أناة الله على الأشرار ليس عن عجز في القدرة، إذ "عظيم القدرة"، يتمهل منتظرًا توبتهم، وإلا لا يبرئهم قط. "الرب رحيم ورؤوف، طويل الروح وكثير الرحمة؛ لا يحاكم إلى الأبد، ولا يحقد إلى الدهر" (مز 103: 6-7). لقد أظهر الرب لموسى أنه رحوم عن قوةٍ وحبٍ، إذ نزل الرب في السحاب، واجتاز قدامه، ونادى الرب: "الرب إله رحيم ورؤوف، بطيء الغضب، وكثير الإحسان والوفاء؛ حافظ الإحسان إلى ألوف..." (خر 34: 5-7). فخرَّ موسى إلى الأرض وسجد. الله طويل الأناة، لكنه لا يبرئ البتة، أي لا يترك الشر حتى النهاية. فالذين يصرون على شرهم ولا يتوبون لا يبرئهم قط. كما لا يستطيع الإنسان أن يقاوم الزوابع والعواصف ويمنع السحاب، هكذا لا يقدر أن يقف أمام غضب الله في تشامخٍ وكبرياءٍ، إنما بالتوبة والتواضع يتمتع بالمراحم الإلهية. * "الرب رحيم ورءوف، طويل الروح، وكثير الرحمة" (مز 103: 8). لماذا هو طويل الأناة هكذا؟ لماذا كثير الرحمة؟ الناس يخطئون ويعيشون، الخطايا مستمرة والحياة مستمرة. الناس يجدفون كل يوم، وهو يشرق شمسه على الصالحين والأشرار (مت 5: 45). على كل الأحوال، إنه يدعو إلى الإصلاح، يدعو إلى التوبة، يدعو بمباركته للخليقة؛ يدعو بأن يعطي زمنًا للحياة (فرصًا للتوبة)، يدعو خلال القارئ (للكلمة في الكنيسة)، وخلال الكارز، ويدعو خلال الفكر الداخلي بعصا الإصلاح، ويدعو بمراحم التعزيات. إنه طويل الأناة ورحوم. ولكن لتحذر لئلا بإساءة استخدام عظم مراحم الله تخزن لنفسك غضبًا في يوم الغضب، كقول الرسول (رو 2: 7). القديس أغسطينوس * مرة أخرى: "أنا أُقيم عهدي معكِ، فتعلمين أني أنا الرب؛ لكي تتذكري فتخزي، ولا تفتحي فاكِ بعد بسبب خِزيك، حين أغفر لك كل ما فعلتِ يقول الرب الله" (حز 16: 62-63). هكذا يشير بوضوح بهذه الكلمات الإلهيَّة إلى ما قيل في موضع آخر بالعبارة: "وإن كان يطهرك لا يجعلك بارًا". فإنه حتى الأبرار إذ يرجعون عن حالهم السابق بعد ارتكابهم خطيَّة، لا يتجاسرون ليفتحوا أفواههم، بل يقولون مع الرسول: "لست مستحقًا أن أُدعى رسولًا، لأني اضطهدت كنيسة الله" (1 كو 15: 9). القديس جيروم * "الرب طويل الأناة، وعظيم القدرة، وبالتأكيد لا يبرئ البتَّة" (مي 1: 3). إنه لا يوقع العقوبة (التأديب) للحال فجأة، وإنما بعد طول أناة عظيمة. أنتم يا أهل نينوي شهود لذلك، فإنكم إذ مارستم التوبة وجدتم الخلاص، بعد ارتكابكم شرورًا كثيرة ولمدة طويلة لم تنالوا عقوبة عنها. ولكن إذ يمارس الشعب الشرور مدة طويلة، فإنه يوقع العقوبة على غير التائبين. (معنى "لا يبرئ البتَّة" أنه لا يعفي من العقوبة من يستحق ذلك من الخطاة). ثيؤدورت أسقف قورش "السحاب غبار رجليه". هنا استعارة عن سرعة المركبات والخيول الفائقة، إذ تسبب سحابة من التراب، حتى يصعب رؤيتها. هكذا فإن الرب كمن يأتي من السماء في مركبته السريعة كالبرق، فيحيط به السحاب كما يحيط التراب بالمركبات والخيول. |
الساعة الآن 03:34 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025