![]() |
+++ موسوعة كاملة عن شهيدات وقديسات بحرف " أ " +++
+++ موسوعة كاملة عن شهيدات وقديسات بحرف " أ " +++ ††††††††††††† +++ بسم الثالوث القدوس +++ ++ الممجد الى نهاية الدهر ++ + أمين + فى هذا الموضوع موسوعة كاملة نادرة جدا للغاية عن كل او معظم شهداء الكنيسة الابرار وقديسيها وابائها الاطهار .. مرتبة ابجديا حصلت عليها عبر سنوات بصعوبة وكنت ازيد منها كل فترة ومحفوظة لدى على ملفات ورد سوف انقل منها كل يوم بقدر الممكن مشاركات هنا لكم .. انهم بشر احبوا الرب من كل قلوبهم .. عاشوا له .. سفكت دمائهم على اسمة .. كرسوا كل حياتهم لخدمة الرب .. الرب لم يبخل عنهم بشئ .. كان معهم .. منح اسمائهم الخلود .. تصنع المعجزات على اسمائهم وشفاعتهم .. تسمى الاطفال على اسمائهم .. نالوا اكليل الزيتون فى الابدية بجوار الرب .. انهم بشر .. كان منهم من هو وثنى ومن هو خاطئ .. لكن العبرة ليست بالبداية بل بالنهاية .. وكانت نهايتهم ربح الابدية .. بركتهم وشفاعتهم تكون معنا ومع كل المسيحيين .. أمين .. |
القديسة ابرا البتول كانت أبرا Abra الابنة الوحيدة لأبيها القديس إيلاري أسقف بواتييه، التي ولدت قبل سيامته أسقفًا، وقد عاشت بعد ذلك مع والدتها التي وافقت على سيامة رجلها أسقفًا ويعيش كل منهما في مسكن خاص. إذ نفي القديس إيلاري، وكانت ابنته صبية صغيرة السن تقدم لها ابن والي المدينة ليتزوجها فكتب لوالدها في منفاه. أرسل إليها الوالد يكشف لها عن سمو الحياة البتولية وغنى مكافأتها.... إذ قرأت أبرا رسالة والدها تأثرت جدًا، إذ كانت تحبه، وتشعر أن ما ينطق به هو من الله، وبفرح رفضت الزواج. أرسل لها أيضًا مع الرسالة تسبحتين من وضعه وهو في المنفى، لكي تسبح بإحداها صباحًا والأخرى مساءً.... وقد حُفظت الأولى تسبح بها الكنيسة التي في بواتييه في عيد القديس إيلاري، أما الثانية فمفقودة. إذ عاد من المنفى وجد ابنته التهبت بالأكثر حبًا للحياة البتولية، متهللة بقرار والدها الحكيم ففرح لنموها الروحي. ولم يمض كثيرًا حتى أصيبت على ما يظن بسكتة قلبية تنيحت على أثرها في الحال دون الشعور بألم أو تعب. وبعد قليل أيضًا تنيحت والدتها، وكان ذلك حوالي عام 400 م. |
ابراكسية القديسة نشأتها وحيدة أبوين محبين للعبادة والرحمة، وكان والدها أندئكيانوس أميرًا يمت بصلة قرابة للملك هونريوس (395 ـ 423 م) إمبراطور الغرب. وإذ تنيح الأب وهو يوصي ابنته التي رباها على حفظ الوصية الإنجيلية سألها أن تهتم بخلاص نفسها وألا تحيد عن طريق الرب، بكاه الكل من أجل تقواه ومحبته. وإذ كان الإمبراطور يحب هذه الأسرة طلب من الأم والابنة أن يعيشا معه في القصر، وكانت الإمبراطورة تحبهما جدًا، معتنية بابراكسيا التي وهبها الله مع جمالها الفائق روح الوداعة والتعبد. في مصر سألت الأم ابنتها ابراكسية التي كانت في سن التاسعة، أن تسافر معها إلى مصر لتتصرف في بعض ممتلكات أندئكيانوس التي هناك، فانطلقت الابنة وهي متألمة لمفارقة الإمبراطور وزوجته إذ كانت قد تعلقت بهما جدًا، ترد لهما حبهما بالحب. في مصر بدأت الأم ومعها ابنتها تزوران بعض الأماكن المقدسة خاصة أديرة الراهبات لتنال بركة، فشاع خبرهما. دخلت ابراكسية من دير إلى دير، وكانت تشعر كمن يهيم في السماء أو ينتقل بين جوانب الفردوس. فالتهب في داخلها الاشتياق للحياة النسكية، تكرس حياتها لعريسها السماوي الذي قدم دمه مهرًا لها.... خلال هذه الأحاسيس المتزايدة دخلت أحد الأديرة وقررت عدم الخروج منه. مع الأخت يوليطة تعرفت على إحدى الراهبات تسمى يوليطة، فنشأت بينهما صداقة قوية على صعيد الروح، تسندان إحداهما الأخرى في الجهاد الروحي. شعر الملك هونريوس وزوجته بالقلق تجاه ابراكسية ووالدتها إذ غابتا جدًا في مصر، فبعث رسلاً يبحثون عنهما، وبعد جهد شاق عرفوا مكانهما. عندئذ سألت الأم ابنتها أن تعود معها إلى الإمبراطور وزوجته، أما هي فأصرت ألاّ تخرج من باب الدير، ولا تتراجع عما عزمت عليه.... وإذ أدركت الأم صدق نية ابنتها أبلغت الرسل أنهما سيقضيان حياتهما معًا في الدير، ثم قامت بتوزيع كل ممتلكاتهما على المساكين. عاشت الأم سنوات قليلة ثم انتقلت بسلام إلى الفردوس، وبقيت ابنتها تمارس الحياة النسكية بحب شديد وغيرة متقدة في الرب. عطايا الله لها أظهرت ابراكسية غيرة صادقة في عبادتها ونسكها ومعاملاتها، فصارت تكرس وقتها للصلاة ودراسة الكتاب مع التسبيح المستمر، تصوم أيامًا بأكملها انقطاعيًا، تلبس المسوح عوض ثيابها الفاخرة وتفترش الأرض.... وكانت منفتحة القلب مع صديقتها يوليطة، تشتركان معًا في كل شيء. دخلت في آلام جسدية، ومع هذا لم تتراخ في جهادها.... فتحنن الرب عليها وشفاها. وإذ رأى الله اتساع قلبها بالحب لله وهبها عطية الشفاء وإخراج الشياطين، فذاع صيتها وتحول الدير إلى مركز روحي حيّ يجد الكثيرون فيه راحتهم الروحية والنفسية والجسدية. بقيت سنوات طويلة في الدير، يلجأ إليها المتألمون والمرضى بكل نوع يطلبون صلواتها. نياحتها رأت رئيسة الدير في أحد الليالي كأن رجلين بهيين يلبسان ثيابًا بيضاء موشاة بالذهب عليها الصليب كبير يضيء كالنور، يطلبان منها ابراكسية، قائلين بأن الملك يود منها أن تأتي إليه، ثم أخذاها إلى موضع مجيد للغاية. استيقظت الأم لتروي ما رأت لبعض الراهبات، فحزن الكل جدًا على فراقها، وقد طلبت الأم منهن ألا يخبرن إياها بشيء بل يصلين من أجلها. سمعت يوليطة فكانت تبكي بدموع لا تتوقف.... وكانت تصلي إلى الرب إلا يطيل غربتها على الأرض حتى تلحق بصديقتها. مرضت ابراكسية بحمى شديدة، وإذ أدركت أن ساعتها قد اقتربت تهللت بالروح وكانت تسبح الله وتشجع الراهبات اللواتي جلسن بجوارها يبكين. أما يوليطة فكانت تجلس عند قدميها تقرأ لها الكتاب المقدس.... وإذ أدركت أن الوقت قد حان، بدموع قالت يوليطة: "أسألك أيتها الأخت المباركة ابراكسية من أجل المحبة التي جمعت بيننا والصداقة التي تأصلت فينا، إن كنت قد وجدت نعمة أن تطلبي منه لأجلي وأنتِ أمام عرشه لكي ينعم عليّ بالانتقال من هذا العالم". تحولت الدموع إلى تسابيح الرجاء.... وإذ بها تنظر إليهن تشكرهن على محبتهن لها وتعبهن من أجلها.... وفي نظرة مملوءة حبًا تطلعت إلى رئيسة الدير والأخت الراهبة يوليطة، وما عجز لسانها عن الحديث به عبرت به بنظرتها الوداعية، ثم رفعت عينيها نحو السماء ورشمت نفسها بعلامة الصليب لتسلم روحها في يدي الرب في 26 برمهات. |
ابفيّة الشهيدة قبلت الإيمان على يدّي الرسول بولس، وقد تركنا الحديث عن شخصيات الكتاب المقدس لقاموس مستقل إن أذن الرب. |
ابوللونيا الشهيدة روى لنا القديس ديونسيوس الإسكندري فى رسالة وجهها إلى فابيوس أسقف أنطاكية الآلام التي تكبدها الشهداء في الإسكندرية في عهد داكيوس (ديسوس)، جاء فيها: "لم يبدأ اضطهادنا بصدور الأمر الملكي (سنة 250 م)، بل سبقه بسنة كاملة. إن مخترع الشرور ومصدرها في هذه المدينة، أيا كان شخصه، سبق فحرّض جماعات الأممين وهيجها ضدنا، ونفث فيهم من جديد سموم خرافات بلادهم، وإذ هيجهم بهذه الكيفية، ووجدوا الفرصة كاملة لارتكاب أي نوع من الشر، اعتبروا أن أقدس خدمة يقدمونها لشياطينهم هي أن يقتلونا" (يوسابيوس 6: 41). عرض القديس ديوناسيوس أمثلة لبكور هذا الاضطهاد الذي تحقق عام 249، فتحدث عن استشهاد متراس Metras أو متريوس Metrius، وكوينتا Quinta المؤمنة وسرابيون وأيضًا العذراء المسنة أبوللوينا Apollonia ... حياتها التقوية عند مدخل باب الإسكندرية عاشت عذراء تقية متقدمة في السن من عائلة شريفة غنية، في محبتها لله عاشت منذ صبوتها في حياة تقوية محبة للعبادة والنسك والعطاء. إذ رقد والداها نذرت حياتها للبتولية، لتقضي كل أوقاتها للعبادة مع العطاء بسخاء للفقراء، وقد فضلت أن تقطن بمنزل بسيط خارج أسوار المدينة.... ففاحت رائحة المسيح الذكية في حياتها. وقوفها أمام الوالي إذ بدأ الضيق يحل بالمؤمنين في الإسكندرية، صار الوثنيون يقتحمون بيوتهم ويسحبونهم منها دون مراعاة للسن أو الجنس أو المركز، رأت أن تلتقي مع الوالي في فجر أحد الأيام تتحدث معه في صراحة عن هذه الجرائم البشعة! قضت ليلتها تصلي، وفي الفجر انطلقت إليه لا لإثارته ضدها، وإنما لترده عن شره ويراجع نفسه فيما يفعل. وإذ التقت بشجاعة قالت له بحزم وصراحة وأدب: "يا سيدي، كيف عملت هذه المظالم، وأتيت بهذا الدمار على من أنت مؤتمن عليهم لرعايتهم، دون أن تخاف إله الآلهة وملك الملوك، مشجعًا هذه الجرائم بغير فهم، قاتلاً عبيد الله؟!" عاتبها الوالي كيف تتحدث معه هكذا بهذه الجسارة محاولاً أن يهدئ من ثورتها، وإذ لم يستطع هددها بالموت إن لم تبخر للأوثان... فلم تبال بتهديداته. حملها الوالي إلى معبد وثن وسألها أن تسجد، فشعرت بقوة روحية تملأها، ثم رشمت علامة الصليب لتسقط الأصنام وتتحطم... صارت في هدوء عجيب تحدث جماهير المشاهدين عن السيد المسيح وعمله الخلاصي، فانجذب الكثيرون إلى حديثها الهادئ بينما قام البعض بضربها وإهانتها. إستشهادها بدأ الوالي يعذب هذه العذراء التقية وهو يعيرها، قائلاً: "أين هو إلهك الذي يقدر أن يعينك؟" محاولاً معها أن تتراجع عن رأيها وتخضع له. كان الوالي يمارس كل عنف، تارة يأمر ببتر بعض أعضائها، وأخرى بتكسير أسنانها وضربها بعنف على فمها حتى يسيل الدم. في وسط آلامها نسيت كل ما هو حولها لتركع تطلب عون عريسها السماوي، وقد سمع الحاضرون صوتًا سماويًا يقول: "لقد قبلت صلاتك يا عروس المسيح". أعدوا لها نارًا متقدة ثم أمروها بالعبادة للأوثان وإلا ألقوها في الأتون... أما هي فوقفت قليلاً حتى حسب الحاضرون أنها بدأت تتراجع وتعيد التفكير. لم يمض وقت طويل وكل الأنظار مسلطة عليها ماذا تفعل أمام النار، وإذا بها في هدوء وشجاعة تسير بنفسها نحو النار بأيد مبسوطة للصلاة، وتدخل وسط النار بإرادتها لتسلم روحها في يدّ مخلصها. يقول القديس أغسطينوس أنه لا يليق بأحد أن يسرع بنفسه إلى الموت لكن ما فعلته هذه القديسة كان بدعوة الروح القدس لها. أُقيمت كنائس ومذابح كثيرة باسم هذه القديسة التي استشهدت بالإسكندرية، ويحتفل الغرب بعيدها فى التاسع من فبراير. |
ابولليناريا القديسة كانت أبو لليناريا هي الابنة الكبرى لأنثيموس الوصي على إمبراطورية الشرق أيام ثيؤدوسيوس وجدّ الإمبراطور أنثيميوس Anthemius (467 - 472 م) وكانت محبّة لله، تتعلم الألحان الكنسية ودراسة الكتاب بشوق شديد، وتضم حولها في القصر جماعة من العذارى القديسات. إذ حان سن الزواج أصرت أن تعيش متبتلة، تكرس كل وقتها للرب، مما أحزن قلب والديها. اشتاقت أن تتمتع ببركة الأماكن المقدسة بأورشليم فاستأذنت والديها اللذين أرسلا معها حرسًا إمبراطوريا وحاشية من السيدات الفاضلات وخدام القصر... وبالفعل انطلقت إلى أورشليم وصارت تتبارك من المواضع المقدسة وهي تمارس حياة التوبة بنسك شديد، رافضة كل الدعوات التي وجهتها لها السلطات الرسمية والأساقفة، فقد أصرت أن تسلك في هذه الأراضي بما يليق بحاملي الصليب. انطلقت الفتاه متجهة إلى الإسكندرية فوصلت إلى ميناء لما Lemma بالقرب من أبى صير على بعد حوالي 30 كيلو من الإسكندرية، ومن هناك قامت بزيارة دير مارمينا بمريوط، وقفت في خشوع أمام رفاته تطلب صلواته. طلبت الذهاب إلى الإسقيط لزيارة الآباء المتوحدين، وقد انطلقت بالعربة ليلاً ودارت حول بحيرة مريوط وتوغلت في الصحراء، وبقيت تصلي ساعات طويلة أثناء الرحلة، وعند منتصف الليل وصلت المركبة إلى شاطىء مستنقع بالقرب من عين ماء عذب عُرف حتى القرن الحادي عشر باسم القديسة أبوليناريا. وإذ استراح الكل في تلك المحطة اطمأنت الأميرة أن الكل نائم فسحبت ستائر المركب ونزلت بحرص بعد أن خلعت ملابسها ارتدت ملابس راهب كانت قد أحضرتها معها، ورفعت عينيها نحو السماء تطلب العون الإلهي، ثم رشمت نفسها بعلامة الصليب واختفت وسط قصب المستنقع. وفي الصباح انتظر الكل أن تستيقظ الأميرة وتسألهم أن يسيروا... لكن إذ اشتدت حرارة الشمس فتحوا الستائر ليجدوا الملابس وحدها، وأدركوا أنها قد هربت.... ارتبك الكل، واضطر الوالي أن يكتب لأبيها كل ما حدث بالتفصيل، فأخذ أبوها ثيابها وصار يذرف الدموع الغزيرة كما فعل يعقوب عندما تسلم قميص يوسف ابنه... وساد القصر علامات الحزن والكآبة. اختفت ملامحها تمامًا بسبب نسكها الشديد وتعرضها للدغات البعوض... وعند خروجها من هذه الوحدة سمعت صوتًا يقول لها: "إذا سُئلتِ عن اسمك فأجيبي بثبات دورثيؤس". أرشد روح الرب القديس مقاريوس إلى طريقها وأخفي عنه حقيقتها فظنها شابًا يطلب الرهبنة، فوهبها مغارة مهجورة، تقضي فيها سنوات مختلية مع الله تمارس عبادتها بقلب ملتهب. بعد سنوات إذ تعرضت أخت أبوليناريا الصغرى لآلام شديدة حار فيها الأطباء، اضطر إنثيموس أن يرسلها مع حرس كبير وسيدات إلى الإسقيط يطلب من الآباء الصلاة من أجلها... فأرسلها القديس مقاريوس إلى الراهب دورثيئوس دون أن يعلم أنها أختها. عرفت أبوليناريا أختها البائسة فلم تستطع أن تضبط تأثرها، فكانت تزرف الدموع الغزيرة..... ثم أدخلتها قلايتها وارتمت على عنقها وقبلتها بحرارة وعرّفتها بنفسها وسألتها ألا تكشف أمرها، ولكن الصغرى كانت في غير وعيها. وإذ صلت أبوليناريا خلصها الرب من الروح النجس. قاد الأب دورثيؤس الأميرة إلى الكنيسة، ففرح الكل بها، وانطلق الموكب إلى القسطنطينية حيث كانت كل المدينة في انتظارها. ألح والدها طالبًا الراهب دورثيؤس أن يأتي إلى القصر ليباركه ، فاضطر الراهب إلى قبول الدعوة بعد إلحاح الكل عليه، وهناك التقى بوالديه ولم يعرفاه. سقطت أبولليناريا على الأرض وقبّلت والديها واستحلفتهما أن يتركاها تعود إلى وحدتها، وبالكاد حبس الأب والأم صراخهما، وأخذها الأب بين ذراعيه وضمها إلى قلبه وقبّل وجهها المبارك وبلله بالدموع.... بعد إلحاح أصرت أبولليناريا أن تعود رافضة كل عطايا أرضية من والديها، وانطلقت إلى الإسقيط... وهناك بعد فترة استدعت القديس مقاريوس وأعلمته بقرب رحيلها، وسألته ألا يكشف أحد عن جسدها بل يدفنوها كما هي.... وأسلمت روحها في يدي الله فودعها الآباء المتوحدون بالترانيم والتسابيح.... ودفنوها في مغارتها شرقي الكنيسة، وكانت يد الله تتمجد عند قبرها، وقد أُقيمت كنيسة باسمها فوق مغارتها دعيت "كنيسة أبولليناريوس" بقيت حتى القرن الثامن عشر. تعيد لها الكنيسة الغربية في 5 يناير. |
اجنس الشهيدة من أشهر شهيدات روما، قدمت حياتها ذبيحة حب وهي في الثانية عشرة من عمرها كما يقول القديسان أغسطينوس وأمبروسيوس، ذبيحة لله طاهرة وعفيفة لذا يرمز لها الغرب في أيقونتها بحَمَل، خاصة وأن اسم "أجنس" يعني "حملاً". نشأت في روما وقد اتسمت بالجمال البارع مع الغنى فتشاحن أبناء الأشراف عليها، وتقدم لها بروكبيوس ابن حاكم مدينة روما يطلب يدها مقدمًا هدايا ثمينة للغاية، فصارحته أنها مخطوبة لعريسها السماوي، وإذ ظن أنها تحب آخر غيره مرض، فقلق عليه والده وعرف سرّ مرضه. فاستدعى الفتاة وصار يلاطفها وإذ رفضت الملاطفة كبلها بالقيود بعد تعذيبها وسحبها إلى هيكل للأوثان لتسجد هناك فرفضت. يقول القديس أمبروسيوس أنهم حاولوا أن يلزموها بالعنف أن تبخر أمام الأوثان، فكانت ترسم ذاتها بعلامة الصليب مجاهرة. إذ فشلت كل وسائل الحاكم من ملاطفة وتعذيب أمر بسحبها إلى أحد بيوت الدعارة لتسقط مع شباب روما الماجن، أما هي فأجابت بأن يسوع المسيح غيور على نقاوة مختاريه، لن يسمح لهم بالدنس بهذه الصورة، وأنه هو المحامي عنهم والمدافع. كما قالت للحاكم: "تستطيع أن تلطخ جسدي بسيفك لكنك لن تقدر أن تدنسه إذ هو مقدس للمسيح". جاء بعض الشباب لاغتصابها فأعطاها الرب مهابة في أعينهم، وإذ تجاسر أحدهم بوقاحة أصيب بعمى وسقط على الأرض مرتعدًا. فتوسل رفقاؤه لديها أن تصلي عنه، وإذ صلت انفتحت عيناه وسبّح الكل لله. إذ شعر الوالي بالفشل أمر بقطع رأسها، وكما يقول القديس أمبروسيوس أنها "انطلقت إلى مكان الاستشهاد فرحة أكثر من فرح كثيرات عند ذهابهن للعرس". حاول السياف ملاطفتها فلم تذعن له، بل قدمت صلاة قصيرة لتحني رقبتها وتتقبل بفرح ضربة الموت، انذرفت دموع المشاهدين إذ رأوا صبية جميلة للغاية تقدم حياتها للسيف بلا خوف بينما كانت يد السياف ترتعش، كان الكل يبكون وبقيت وحدها متهللة! دُفن جثمانها بجوار طريق نومنتان قريبًا من روما، حيث بنيت هناك كنيسة على اسمها في السنة التالية لاستشهادها. كتب القديس أمبروسيوس إلى العذارى يصف استشهاد العفيفة أجنس، هكذا: "الفتيات في سنها لا يحتملن مجرد نظرة غاضبة من الوالدين، ويحسبن وخزات إبرة جراحات فيصرخن، أما هي فلم ترتعب أمام ثقل الأغلال الحديدية، بل قدمت جسدها كله لسيف الجندي الثائر، كأنها مستعدة للموت مع أنها تجهله. حُملت إلى المذابح الوثنية قسرًا، وها هي تبسط يديها للمسيح على نيران الذبيحة. إنه نوع جديد من الاستشهاد! عمرها غير متكافئ مع العقوبة، لكنها كانت ناضجة في نوال النصرة. بصعوبة تصارع وبسهولة تكلل! مارست وظيفة تعليم الشجاعة مع صغر سنها. لم تكن عروسًا تجري نحو المخدع إنما بتولاً تذهب بفرح نحو موضع العقوبة بخطوات سريعة، لا تُزين رأسها بضفائر شعرها وإنما بالمسيح. كان الكل يبكي، وبقيت وحدها لا تذرف دمعة واحدة!... كان لها ما هو فائق للطبيعة من خالق الطبيعة نفسه!... يمكنكن أن تشاهدن المضطهد مرتعبًا كمن هو تحت الحكم، يمينه ترتجف، ووجهه شاحب كمن يخاف من مخاطر تحل بالغير، أما الفتاة فلم تخف مما يحل بها... إنكن تجدن استشهادًا مزدوجًا في فدية واحدة... إذ بقيت عذراء ونالت الاستشهاد". تتميز أيقونتها في الكنيسة الغربية برسم صورة حمل بجوارها إشارة إلى طهارتها، وأحيانًا يُرسم لهيب نار تحت قدميها إشارة إلى قبولها الاستشهاد بحب كذبيحة حية للرب، كما ترسم بشعر طويل ورداء للرجلين تذكارًا لعمل الله معها في بيت الخطية حيث ستر عليها وحفظ جسدها من الدنس. |
ادروسيس الشهيدة قصة استشهاد ابنة ملك على يدي والدها الذي كان يحبها بكل طاقاته، لكنه لم يقبل المسيح العامل فيها فسلمها لأتون ناري فتخلص منها. نشأتها أدروسيس أو أتراسيس Atrasis هي ابنة أدريان الملك (117 – 138 م)، كان والدها يحبها جدًا فصنع لها مقصورة خاصة بها تحتجب فيها عن أعين الناس. لم يستطع القصر بكل إمكانياته وعظمته أن يدخل قلب هذه الفتاة الوثنية، ولا كرامة أبيها أن تجعلها متشامخة، وإنما كانت تشعر بزوال العالم كله، ونهاية هذه الحياة بكل أمجادها ومباهجها ومتاعبها أيضًا، فكانت تصرخ إلى الله أن يرشدها ماذا تفعل. فرأت في رؤيا الليل من يقول لها: "احضري يوأنا العذراء ابنة فيلوسفون (أي الفيلسوف) وهي تعلمك طريق الرب". استيقظت أدروسيس من نومها، وشعرت بالبهجة تملأ أعماقها، فأرسلت إلى العذراء يوأنا تطلب مقابلتها... وبالفعل إذ جاءت إليها سجدت أمامها فرفعتها يوأنا وتعانقا بالحب... وصارت يوأنا تتحدث معها عن الله الخالق الذي أحب الإنسان، وأقام كل المسكونة من أجله، وعندما سقط أرسل له الشريعة والأنبياء، ثم كشفت لها عن سرّ التجسد الإلهي وعمل الصليب وقوة القيامة، والأمجاد التي أعدها الله للإنسان أبديًا... فابتهجت نفس الأميرة جدًا، وآمنت بالسيد المسيح. صارت الاثنتان كجسدين بروح واحد، تشتركان في الأصوام والصلوات، لهما فكر ورجاء واحد واشتياق واحد. رفض الوثنية كان والدها في ذلك الحين يحارب، وإذ عاد سألها أن تبخر للإله أبولون قبل أن يتم زفافها... وإذ به يجد ابنته تتحدث معه عن عبادة الله الحيّ ورفض الوثنية، وعمل الله الخلاصي. لم يحتمل الملك أن يسمع من ابنته هذا الحديث، وإنما استقصى عن علة تحولها عن عبادة الإله أبولون، فعرف أنها يوأنا ابنة فيلوسفون التي غيّرت فكرها، للحال أمر بإحراقهما معًا. خرجت المدينة كلها تبكي بمرارة من أجل هاتين العروسين اللتين خرجتا إلى خارج المدينة، وقد ارتديا ثيابًا فاخرة ومزينتين بالحلي، وكأنهما منطلقتان إلى حفل زفافهما... كان الكل يبكي، أما هما فكانتا مبتهجتين. ارتفع لهيب الأتون، وارتفع معه صرخات الكثيرين متوسلين لهما لكي توافقا على أمر الملك من أجل شبابهما، وأما هما فأمسكت الواحدة بيد الأخرى وفي هدوء دخلتا الأتون، واتجهتا نحو الشرق ليصليا معًا... وإذ خمدت النار وجد المؤمنون جسديهما ملاصقين لبعضهما البعض، ولم يتغير لباسهما ولا حليهما، فاحتفظوا بهما حتى انقضاء زمن الاضطهاد، وبنوا لهما كنيسة عظيمة. تعيد لهما الكنيسة القبطية في الثامن عشر من هاتور. |
الشهيدة اغابي تحتفل الكنيسة القبطية بعيد استشهاد العذارى القديسات الأخوات أغابي وإيريني وسيونية وشيونيةChionia في الثامن من شهر برموده. هؤلاء العذارى كن تقيات محبات للسيد المسيح، ارتبطن معًا بدالة المحبة القوية مع الرب، وكن يترددن على أحد أديرة الراهبات بتسالونيكي مدينتهن، وكن يمارسن بفرح الحياة التقوية النسكية متمثلات بالراهبات. إذ أثار دقلديانوس وشريكه مكسيمانوس الاضطهاد هربت هؤلاء العذارى إلى الجبل، وقد حملن معهن كتب الدير، اختبأن في مغارة، وصرن يداومن على الحياة النسكية. كانت سيدة عجوز تفتقدهن مرة كل أسبوع لتقدم لهم احتياجاتهن، وتبيع لهم عمل أيديهن، وتتصدق عنهن بما يفضل. حدث أن رآها أحد الأشرار فحسبها تخفي أشياء ثمينة في الجبل، فاقتفى أثرها من بعيد حتى عرف موضع المغارة، وإذ خرجت دخل ليجد عرائس المسيح يصلين، فربطهن وأحضرهن إلى الوالي. سألهن الوالي عن إيمانهن فاعترفن أنهن مسيحيات، عابدات يسوع المسيح، فصار يسخر بهن، ويطالبهن أن يأكلن مما ذبح للأوثان فرفضن. عندئذ أمر الوالي بإحضار الكتب التي في حوذة هؤلاء الأخوات، وأحرقها أمام الجميع. التقى أيضًا الإمبراطور بهن ودار بينه وبينهن حوارًا جاء فيه: أغابي: "أيها الإمبراطور المقدس، من شأنك أن تهتم بالأمم، وترعى الدولة، وتعتني بالجيش، لكن ليس لك أن تتحدث ضد الله الحيّ الذي بدونه لا تقدر أن تفعل شيئًا". وهنا يلتفت الوالي إلى شيونية ليقول: "أتجيبي أختك، فإنها غبية؟!" تجيب شيونية: "أختي في كمال الفهم، بحق تجحد التقدمات الشريرة". عندئذ يلتفت إلى إيريني أصغرهن ويقول لها أن تكون أحكم من أختيها، فتجيبه إن كان ما تقوله الأختان جنونًا فهي تقبله. أمر دقلديانوس بإلقائهن في السجن، فكانت القديسة أنسطاسية تفتقدهن وتعزيهن. وإذ ذهب دقلديانوس إلى مكدونية استدعاهن، وسلمهن للوالي هناك دولسيتوسDolcitius الذي رآهن فاشتعل قلبه بهن من أجل جمالهن. وإذ كانت السجون مكتظة حبسهن الوالي في مطبخ، وبالليل جاء ليتأكد من وجودهن، فكان المطبخ مظلمًا. سمعهن يرتلن المزامير، وإذ كان مخمورًا انطلق نحو المطبخ وظن أنه أمسك بواحدة فقبلها وإذ به يجد نفسه ممسكًا بقدر أسود متسخ خطأ، فارتبك جدًا. في الصباح استدعاهن للمحاكمة، وأمر بجلدهن وهن عراه، وإذ كان قد سهر الليل كله يسكر، نعس قبل التنفيذ، وعبثًا حاول أحد الحاضرين أن يوقظه. سمع دقلديانوس بما حدث فأمر بمحاكمة الفتيات بواسطة نبيل يدعى سيسينيوس، الذي ألقى الأختين أغابي وشيونية في النار، بينما هدد أصغرهن وأجملهن إيريني أن يبعث بها إلى بيت الدعارة. أما هي فلم تخف من التهديد وأكدت له أنها لن تترك إلهها، وإنه هو الحافظ لها من الفساد... أخيرًا ضُربت بسهم فأسلمت الروح ونالت مع أختيها إكليل الاستشهاد. |
اغاثا الشهيدة العفيفة إحدى شهيدات القرن الثالث، احتملت الكثير من أجل محبتها للسيد المسيح وشوقها للحياة البتولية من أجل الرب. وقد وُجد في روما كنيستان باسمها ترجعان للقرن السادس الميلادي. نشأتها نشأت في جزيرة سيسيلياSicily ؛ غالبًا ما وُلدت في مدينة باليرما Palermo، واستشهدت في مدينة كاتانياCatania نفس الجزيرة. اتسمت هذه الفتاة بجمالها البارع مع شرف نسبها وتقواها، فسمع عنها حاكم الجزيرة الوثني كينسيانوسQuintian فأراد الزواج بها، وقد عُرف بشره. أما هي فإذ عرفت كانت تصرخ في صلاتها، قائلة: "يا يسوع المسيح، رب الجميع، أنت ترى قلبي وتعرف اشتياقي. أنت تملكني بكليتي كما أنا. أنا من غنمك، اجعلني أهلاً أن أغلب الشيطان!" اضطهادها إذ أصدر داكيوس (ديسيوس) قيصر أمره باضطهاد المسيحيين وجد الحاكم فرصته لتحطيم ما في قلب العذراء أغاثا، وإلزامها بجحد مسيحها. سلم الحاكم هذه البتول لامرأة شريرة تدعى أفردوسيا، فتحت بيتها ومعها بناتها الست للدعارة، فكانت أغاثا في هذا الموضع تبكي ليلاً ونهارًا، وحينما كانت المرأة تحاول إثارتها بكلمات شريرة كانت البتول تنتهرها قائلة لها: "إني أحسب لسانك هو لسان الشيطان الساكن في قلبك لا لسان امرأة". حاولت المرأة أن تهددها بالعذابات التي يعدّها لها الحاكم إن لم تترك مسيحها وتتخلى عن بتوليتها، أما أغاثا فكانت ثابتة في إيمانها وعفتها. إذ بقيت شهرًا كاملاً في بيت الدعارة انطلقت أفردوسيا إلى الحاكم تخبره بثبات هذه البتول. فاستدعاها الوالي وصار يلاطفها ويعدها بكرامات كثيرة فلم تبال بكلماته، وإذ هددها لم ترتجف. أمر الحاكم بقطع ثدييها، لذا اعتادت الكنيسة الغربية أن تصورها حاملة طبقًا عليه ثديان. أُلقيت في السجن بعد قطع ثدييها دون علاج أو طعام، وقيل أن الرب أرسل لها القديس بطرس في السجن فأضاء السجن بنور سماوي حتى هرب الحراس، أما هي فنالت الشفاء ولم تهرب. استدعاها الحاكم وأمر بإلقائها في النار لتُحرق، وإذ كانت تحتمل بصبر حدث زلزال فمات اثنان من الذين يعذبونها. وإذ طُرحت في السجن صلت واستودعت روحها في يدي ربنا يسوع. تُعيِّد لها الكنيسة اليونانية في 6 فبراير، واللاتينية في 5 فبراير. |
الشهيدة افدوكيا 1 تحتفل الكنيسة بعيد استشهاد القديسة أفدوكيا أو أودكسية (تعني "مسرة الله" Eutychia في 27 من مسرى. نشأت مع أخيها بنيامين في شبشير طملاي (مركز منوف، محافظة المنوفية)، تحت رعاية والدين مسيحيين محبين للغرباء، وسالكين بخوف الله وتقوى. اشتاق بنيامين أن يتمتع بإكليل الشهادة، فانطلق إلى شطانوف بمركز أشمون (بالمنوفية)، غالبًا بناء على دعوة إلهية حيث اعترف بالسيد المسيح أمام الوالي، محتملاً عذابات كثيرة، وأخيرًا أُودع في السجن. سمع بذلك والداه وأخته، فجاءوا إليه باكين، أما هو فكان يعزيهم، معلنًا لهم عن زوال هذا العالم وانتظار المجد الأبدي. وإذ سمعت أخته عن المجد الأبدي قالت له: "حيّ هو الرب إني لا أفارقك، والموت الذي تموت به أموت أنا به معك". سمع الوالي بذلك فحبسها معه في مكان مظلم مدة عشرين يومًا، ثم أخرجهما وربط في عنقيهما حجارة ثقيلة وطرحهما في البحر. أرسل الرب ملاكًا حلّ الحجارة من عنقيهما فسبحا حتى بلغا قرب بلدة تدعى بسطرة؛ التقت بهما عذراء أعانتهما حتى استراحا من الماء. عادا إلى الوالي من جديد يعلنان إيمانهما، فأمر بقطع عنقيهما بالسيف، ونالا إكليل الاستشهاد. وبنى لهما المؤمنون كنيسة في بلدهما شبشير. بركة صلواتهما فلتكن معنا، آمين. |
الشهيدة افدوكيا 2 قصة فتاة وثنية منغمسة في الشر بكل طاقاتها، تأثرت بعبادة ناسك وصلاته الخفية فاهتزت أعماقها الداخلية لا لتقبل الإيمان المسيحي فحسب، وإنما وقد تذوقت عذوبة الشركة مع عريسها السماوي صارت سرّ بركة وبنيان لنفوس كثيرة. حداثتها ولدت أفدوكيا أو أوذكسية أو أوطاخياEutychia في بعلبك بالشام، وكانت سامرية الجنس، والدها يُدعى يونان ووالدتها حكيمة. كانت أفدوكيا جميلة جدًا، جذبت بجمالها الكثيرين إلى الخطية، حتى سمحت عناية الله أن ينزل أحد النساك من القدس يسمى "جرمانوس" ضيفًا في بيت ملاصق لبيت أفدوكيا. وفي منتصف الليل قام الناسك كعادته يصلي بحرارة ثم بدأ يقرأ في الكتاب المقدس عن "الدينونة" بصوت عالٍ لكي ينزع عنه النوم، وإذ فرغ من ذلك بدأ يقرأ في كتاب روحي عن عذابات الأشرار، وكانت أفدوكيا تصغي باهتمام من وراء الحائط فاهتزت مشاعرها، وصارت تبكي حتى الصباح. التقت أفدوكيا بالناسك وصارت تسأله عما كان يقرأه فأخذ يحثها على التوبة، وكان يلتقي بها بصفة مستمرة حتى تهيأت للمعمودية، فقام الأنبا تيؤدورس أسقف بعلبك بتعميدها، حيث قدمت له كل أموالها ليوزعها على الفقراء. انطلقت أفدوكيا إلى بيت العذارى حيث عاشت بقلب ملتهب حبًا لله، فأحبتها العذارى وألزمنها أن تكون رئيسة عليهن بعد نياحة الرئيسة التي كانت في أيام دخولها البيت، فصارت خير قدوة لهن بالحياة العملية، خلال سهرها وأصوامها وسلوكها المملوء حبًا، مما جذب الكثيرات إلى بيت العذارى. خدعة شيطانية حرك عدو الخير شابًا شريرًا ليسقطها في النجاسة، فتظاهر بالنسك والتقشف مع التقوى، وذهب إلى الناسك جرمانوس يسأله أن يقبله من بيت المتبتلين ليحيا مكرسًا حياته للعبادة، وإذ قال له الناسك أنه لا زال شابًا يحتاج إلى التأني أجابه أن سيرة أفدوكيا قد جذبته لهذا الطريق. بعد فترة ليست بقليلة سأله الشاب أن يلتقي بالقديسة أفدوكيا لينال بركتها، وإذ اطمأن له جرمانوس سمح له، فالتقى بها، وأخذ يخاطبها بكلام دنس، أما هي ففي حزم شديد وبخته وأبكمته، فضربه الرب للحال، وسقط ميتًا. اضطهاد الوالي لها لما أشهر الملك تريانوس الاضطهاد ضد المسيحية أرسل والي المدينة أوريليانوس جنوده للقبض على تلك الشابة، فوثب عليهم وحش قتل بعضًا منهم وهرب الباقون. لم يصدق الوالي الخبر فأرسل ابنه ومعه عدد كبير من الجنود، لكن في الطريق رفسه فرس ومات، فالتجأ الوالي إليها، وبصلاتها أقام الرب ابن الوالي، فآمن الوالي وأهل بيته وجمع كثير من المدينة. احتمالها الآلام بصبر إذ مات الوالي أوريليانوس، أراد خلفه ديوجنيتس أن يتزوج جلاسيا أخت الوالي الأول، وكان يبغض المسيحيين، فهربت الفتاة إلى أفدوكيا، فأرسل الوالي جنودًا لإحضار أفدوكيا لينتقم منها، فجاءت إليه وتحدثت معه بشجاعة، محتملة عذابات كثيرة من أجل إيمانها بالسيد المسيح، وقد تمجد الله فيها، إذ أثار زوبعة شديدة، بينما كان الجنود يضربونها بالسياط في وحشية حتى آمن البعض بالسيد المسيح. أخيرًا أطلق الوالي سراحها لتعود إلى بيت العذارى. استشهادها إذ تولى والي جديد اسمه فيسيسيوس الولاية من قبل تراجان الملك، حاول استمالة القديسة لتنكر الإيمان، وإذ رأى إصرارها أمر بقطع رأسها، في الخامس من شهر برمهات حوالي عام 114 م. فانطلقت أفدوكيا عروسًا مقدسة تلتقي بعريسها الأبدي في الفردوس. |
الشهيدة افرا حياتها تمثل النفس التي عاشت مدللة زمانًا في شهوات الجسد، وإذ تذوقت عذوبة الشركة مع الله في المسيح يسوع مخلصها تصطاد أهل بيتها للإيمان، وتقف بجرأة تواجه آلام الاضطهاد متهللة بالروح. كان الغرب يحتفل بعيد استشهادها في الخامس من أغسطس، ولا زالت تكرم في اكسبرجAugsburg موطنها، وفي بعض مناطق بألمانيا، قيل أن رفاتها أكتشفها S.Ulric سنة 955 م، والآن توجد في كنيستي إلريك وأفرا في أقصى جنوب اكسبرج. أغلب الدارسين يؤكدون صدق استشهادها، وإن كان بعض النقاد يتشككون في أنها كانت زانية وتابت. نشأتها بحسب التقليد كانت أفراAfra امرأة زانية تعيش في اكسبرج في بداية القرن الرابع، تابت على يدي القديس ناركيسوس بجيرونا في أسبانياSt. Narcissus of Gerona، وقد تابت معها والدتها هيلارية، كما كسبت نفوس خادماتها الثلاث: ديجنا وإفنوميا وإفبريبيا اللواتي كن يسلكن معها في الفساد. استشهادها إذ التهبت نيران الاضطهاد في عهد دقلديانوس وشريكه مكسيميانوس استدعاها غايس قاضي Rhaetia، ودخل معها في الحوار التالي: - اذبحي للآلهة، فإنه خير لك أن تعيشي من أن تموتي بالعذابات. - يكفي ما ارتكبته من خطايا خلال جهلي، فإنني لن أضيف عليها ما تأمرني به. - اذهبي إلى الهيكل وقدمي ذبيحة. - المسيح هو هيكلي، أراه دائمًا أمام عيني، وأعترف له كل يوم بخطاياي، وأقدم نفسي ذبيحة إرادية. – لقد سمعت عنك، إنك زانية. إذن ضحِ، فإنه لا نصيب لك مع إله المسيحيين. - لقد قال ربي يسوع المسيح أنه جاء من السماء لأجل الخطاة. - ضحِ فتكسبين محبة محبيك، ويسكبون أموالهم في جرابك. - إنني لن أقبل بعد أموالهم البغيضة، هذه الأموال التي ألقيتها عني كنفاية. - لن يمكنك أن تصيري مسيحية فإنك زانية. - إن كل ما لديّ أقدمه لأنال لقب مسيحية هو رحمة الله. - كيف تعلمين أن المسيح قبلك؟ - في أنه يسمح لي أن اعترف به أمام كرسي قضائك. - هذا كله وهن، مجرد تخيلات؛ قدمي ذبيحة! - المسيح هو خلاصي، الذي عُلق على الصليب، ووعد اللص الذي اعترف به بالفردوس. - لا تتركيني أحاورك كثيرًا، إنما قدمي ذبيحة، وإلا إن سلكتي بغباوة فسأعذبك وأحرقك حية. - ليت جسدي الذي أخطأ يتألم! إذ أصدر القاضي حكمه بحرقها حية، أمسك بها الجند وسحبوها إلى جزيرة في نهر Lech، وهناك جلدوها وربطوها في قائمة لحرقها، وإذا بها تبسط يديها وترفع نظرها إلى السماء والدموع تجري من عينها لتقدم صلاة لله قائلة: "أيها الرب يسوع المسيح، الله القدير، الذي جاء لا ليدعو أبرارًا بل خطاة للتوبة، اقبل في هذه الساعة آلام توبتي، وخلال هذه النار الزمنية التي أُعدت لإبادة جسدي أنقذني من النار الأبدية التي تحرق الجسد والنفس معًا". وإذ بدأت تدخل النيران، سُمعت تقول: "أشكرك أيها الرب يسوع، إذ جعلتني أهلاً أن أتألم لأجل اسمك، يا من قدمت جسدك على الصليب فداء عن العالم كله، البار يفتدي الظالمين، الصالح يفتدي الأشرار، الطوباوي يفتدي من هم تحت اللعنة، الحلو يفتدي من هم مرارة... لك أقدم ذبيحتي، يا من لك الملك مع الآب والروح القدس، إلى دهر الدهور، آمين". إذ قالت هذا صمتت لتنطلق نفسها إلى الفردوس متهللة بإكليل الشهادة. في المساء جاءت والدتها وخادماتها الثلاث يحملن جسدها ويدفن إياها... وإذ سمع غايس أرسل جنوده يحرقهن بالنار. يرى بعض الدارسين أن أفرا هذه جاءت مع الكتيبة الطيبية من مصر إلى ألمانيا، إذ كان من عادة الجند متى رحلوا يأخذون أحيانًا زوجاتهم وأولادهم. ورأي آخرون أنها فتاة زانية جاءت مرافقة لأحد الجند وبقيت هناك تمارس شرها. |
القديسة افراسيا نشأتها ولدت أفراسيا أو أفراكسيا St. Euphrasia, Euproxia بالقسطنطينية في عهد الإمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير في أواخر القرن الثالث، وكانت تمت بصلة قرابة للإمبراطور. كان والدها أنتيخوسAntigonus واليًا على مدينة ليكيا، عُرف بتقواه مع شرف حسبه. أما والدتها فكانت إنسانة تقية بارعة الجمال، تدعى أيضًا أفراسيا. بعد إنجابها للطفلة اتفق الوالدان على الحياة البتولية وهما تحت سقف واحد، يمارسان الحياة النسكية الخفية. إذ بلغت الطفلة سنة واحدة من عمرها انتقل الوالد، وإذ بلغت الخامسة طلب الإمبراطور من الأم أن تخطب ابنتها الطفلة لأحد أبناء الشرفاء، فقبلت الأم. لكن إذ كانت الأم ابنة اثنين وعشرين عامًا وبسبب جمالها الفائق تقدم كثيرون من شباب الأشراف يودون الزواج من هذه الأرملة الشابة، وكان الإمبراطور يحثها على الزواج. سألت أفراسيا الإمبراطور أن يسمح لها بزيارة مصر لتدبير بعض أمورها المادية، وكان هدفها الرئيسي هو الهروب من القصر الإمبراطوري خشية ضغط الإمبراطور عليها، فتكسر العفة التي نذرت نفسها لها مع رجلها الراحل. في مصر إذ وصلت أفراسيا وطفلتها إلى مصر، قاما بزيارة بعض الأديرة، من بينها دير بالإسكندرية به مائة وثلاثون راهبة يسلكن بروح نسكي تقوي، فما كانت الراهبات يخرجن من ديرهن قط، ولا يأكلن إلا بعد الغروب خبزًا وبقولاً، يلبسن المسوح، ويعملن بأيديهن. قدمت أفراسيا مالاً للدير فرفضت الرئيسة نهائيًا معتذرة بأن عمل أيديهن يكفي لمعيشتهن. ترددت أفراسيا الكبرى وابنتها أفراسيا الصغرى على هذا الدير، فكانتا تجدان راحتهما فيه، كما أحبت الراهبات الصبية الصغيرة أفراسيا التي كانت في السابعة من عمرها. سألت رئيسة الدير الفتاة الصغيرة على سبيل الدعابة: "من الذي هو أحب إليك راهبات هذا الدير أم خطيبك؟". أجابت الصبية: "إنني لم أعرف خطيبي ولا هو يعرفني، أما راهبات الدير فإني أعرفهن وأحبهن جميعًا". ثم قالت الصبية: "وأنت أيهما أحب إليك أنا أم خطيبي؟". ابتسمت الرئيسة ثم قالت: "نحن نحبك، وسيدنا يسوع المسيح أيضًا يحبك". عندئذ قالت: "أنا أيضًا أحبكن وأحب سيدنا يسوع المسيح محبة عظيمة". كانت الأم أفراسيا تنصت لكلمات ابنتها اللطيفة وتعبيرات وجهها، وإذ لم تتمالك نفسها من شدة الفرح انسابت الدموع من عينيها دون أن تنطق بكلمة. في المساء سألت الأم ابنتها أن يتركا الدير حتى لا تنشغل الرئيسة بهما، فقالت لها الصبية: "اذهبي أنتِ يا أمي إن أردتِ ودعيني أمكث ههنا". أجابتها الوالدة: "يلزمنا أن نخرج من الدير فإنه مسكن للناسكات المنقطعات لعبادة الله". جثت الصبية أمام أيقونة المصلوب وهي تقول: "يا يسوع الحلو، أنت هو ربي وإلهي. هأنذا أتعبد لك بكليتي، فلا أخرج من ههنا، لأني لست أريد عريسًا سواك". تأثرت الأم الرئيسة بالمنظر وأيضًا والدة الصبية، ولم تعرفا ماذا تفعلان، إلا أن الرئيسة بلطف قالت للصبية: "لا يمكنك أن تقيمي عندنا الآن إذ لا توجد قلاية خالية" في بساطة قالت الصبية: "ولِمَ لا أسكن معك في قلايتك". خجلت الرئيسة، ثم قالت للأم اتركيها سأعد لها مكانًا، وأوضحت لها أنها لن تحتمل السكنى لفترة طويلة، إنما ستشعر بضجر وتترك الدير. بقيت الصبية أيامًا ولم تُظِهر ضجرًا بل كانت بالأكثر تتعلق بالموضع المقدس بفرح وتهليل، وإذ سألتها الرئيسة ومعها والدتها أن تترك الدير رفضت. وإذ أرادت الرئيسة أن تثقل عليها لكي تترك الدير سألتها أن تحفظ المزامير عن ظهر قلب وتمارس بعض الممارسات التقشفية، فكانت الصبية تتقبل ذلك بفرح نامية في النعمة، الأمر الذي جعل الأم الرئيسة تقول لأفراسيا: "اتركي الفتاة الصغيرة بيننا، فإن نعمة الله تعمل في قلبها، تقواكِ وتقوى أنتيخوس قد فتحا لها الطريق الأكمل". انسابت الدموع من عيني الوالدة وهي متهللة بابنتها، إذ أمسكت بالابنة وتقدمت بها إلى أيقونة الصليب المقدس، وهي تقول: "أيها الرب يسوع المسيح اقبل الصبية. إنها تحبك أنت وحدك، وإياك تطلب، وها هي تكرس حياتها لخدمتك". ثم توجهت إلى ابنتها وهي تقول: "ليت الله الذي أسس الجبال يحفظك دائمًا في مخافته المقدسة". لم يمض وقت طويل حتى ارتدت أفراسيا زي الرهبنة، فسألتها أمها إن كانت مسرورة أم لا، فأجابتها: "أماه، إنه ثوب عرسي، وُهب لي لأكرم يسوع حبيبي"، فكانت الأم تفرح وهي ترى ابنتها تنمو في النعمة. رأت أفراسيا زوجها في حلم متلألئًا بنور سماوي يدعوها للملكوت، فروت ذلك للأم الرئيسة، وبالفعل انتقلت أفراسيا لتدفن في مقابر الدير. دعوتها للقسطنطينية كانت أفراسيا تنمو كل يوم في معرفة الله بحياة طاهرة مقدسة، وإذ بلغت الثانية عشرة من عمرها كانت لا تأكل إلا في المساء. أرسل إليها الإمبراطور، غالبًا أركاديوس، يدعوها للحضور إلى القسطنطينية لتتزوج الشريف الذي سبق أن خُطبت له، فأرسلت إليه تقول له أنها قد قبلت عريسًا سماويًا، نذرت حياتها له، سألته أن يوزع كل ميراثها على الفقراء ويحرر جميع عبيدها، ففرح الملك برسالتها التي قرأها على القضاة وكل المحيطين به معتزًا بها. أما هي فكانت في تواضع تمارس أدنى الأعمال وتخدم ما استطاعت كل من بالدير، فتقوم بتنظيف قلاليهن، وتحمل المياه للمطبخ، وتقوم بتقطيع الحطب الخ... فأحبها الجميع لتواضعها ومحبتها! جهادها ضد العدو إن كانت أفراسيا قد تركت الغنى بإرادتها لكن العدو الشرير لم يكف عن محاربتها، تارة يذكرها بقصور القسطنطينية وإمكانية الخدمة لو عاشت حياتها كشريفة متزوجة، وأخرى يثير أمامها قبائح جسدية الخ... إذ رأت إحدى الراهبات ما بلغته هذه الراهبة من كرامة وحب في قلب جميع الراهبات بما فيهن الأم الرئيسة، بسبب طاعتها وبشاشتها مع تواضعها وحبها، مما وهبها جمالاً روحيًا بجانب جمالها الجسدي بالرغم من أصوامها الشديدة التي بلغت أحيانًا أن تأكل مرة واحدة في الأسبوع، فقد حقدت هذه الراهبة عليها، وكانت تسمى جرمينا من الإماء. أشاعت هذه الراهبة في الدير أن ما تفعله أفراسيا ليس من قبيل محبتها لله، وإنما طلبًا في المجد الزمني وحب الظهور، ومع هذا فكانت أفراسيا تترفق بها وتحنو عليها أكثر من بقية الراهبات. قيل أن عائلة أحضرت سيدة بها شيطان عنيف، إذ كانت تهيج وتضرب من بجوارها بعنف، جاءوا بها إلى الدير مقيدة لكي تصلي عليها الراهبات. قدمتها الأم الرئيسة لأفراسيا إذ كانت تعرف أن الله وهبها هذه العطية أن تشفي مرضى باسم السيد المسيح، وتخرج شياطين بروح متضع ومنسحق. بالفعل لاطفتها أفراسيا وصلّت من أجلها فاستراحت وهدأت جدًا بل وتعلقت بأفراسيا. هذا الأمر أثار حسد الراهبة جرمينا فذهبت إلى الأم الرئيسة متذمرة لماذا تعهد بالمرأة التي بها الشيطان للراهبة أفراسيا دون غيرها. وبالفعل إذ جاءت السيدة مرة أخرى سلمتها لجرمينا، فقامت السيدة بضربها بعنف وشدة حتى كادت أن تقتلها لولا تدخّل القديسة أفراسيا التي صلت عليها فهدأت واستراحت بعد أن خرج الشيطان منها، فتمجد الله بالأكثر في حياة أفراسيا وندمت جرمينا على ما فرط منها. إذ بلغت أفراسيا الثلاثين من عمرها مرضت وتألمت كثيرًا جدًا ثم رقدت في الرب. تأثرت الراهبة جوليا (لم يأتي ذكرها من قبل أنها تلميذتها) لرقاد تلميذتها أفراسيا فبقيت بجوار قبرها ثلاثة أيام تبكي وتصلي وفي اليوم الرابع قالت جوليا للأم الرئيسة أن السيد المسيح قد دعاها للراحة بصلوات أفراسيا، وبالفعل أُخذت نفسها في اليوم الرابع ودُفنت مع تلميذتها (حوالي عام 420 م). عن مخطوط يحوي مجموعة من القديسات بدير القديس أنبا أنطونيوس. |
القديسة افروسينا عاشت في أواخر القرن الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر. فقدت والديها وهي صغيرة، فتولت إحدى العائلات التقية تربيتها، فنشأت في حياة تقوية، محبة للنسك. إذ شعرت بأن شابًا يتقدم لزواجها "حلقت شعر رأسها" الأمر الذي أثر في نفس الشاب الذي كان قد تعلق بها، فأحب البتولية وكرس حياته للرب لما رآه في هذه الفتاة. أمام إصرار الفتاة على الحياة البتولية، وتجلي الرب في حياتها قدمها الذي قام بتربيتها للدير، فازدادت نسكًا وسهرًا وكانت تشتاق أن ترتدي الزي الملائكي الرهباني، وقد وهبها الله عطية عمل المعجزات. إذ تنحيت رئيسة الدير اتفقت الراهبات على إقامتها رئيسة أو أمًا عليهن، خاصة أنها اتسمت بجانب نسكها وسهرها وحبها للعطاء، التمتع بروح الحكمة في اتضاع، فكان الكل يشتقن لمجالستها وطلب مشورتها. تميزت في رئاستها بالحب الشديد والبشاشة، فكانت كل راهبة تجد راحتها الحقيقية في المسيح خلال هذه الأم. مرت الكنيسة بضيقة شديدة في أيامها إذ طُرد المسيحيون من الدواوين، فكانت سندًا لهذه العائلات المتألمة، واستطاعت بقلبها المحب وبشاشتها أن تسند هؤلاء المضطهدين وتعينهم، كما ردت نفوس كثيرة إلى الإيمان. أخيرًا عانت من الأمراض زمنًا طويلاً، ورقدت في الرب في التاسع من أمشير عام 1024 ش، بالغة من العمر ثمانين عامًا، وقد حضر البابا يوحنا الثامن انتقالها. من كلماتها المأثورة يليق بمن يود خلاص نفسه أن يعطي فضة لمن يشتمه ويهينه ويحزنه، حتى يكسب فضيلة الاتضاع. ملكوت الله لا يُقتنى بذهب أو فضة إنما بالاتضاع ونقاوة القلب والمحبة الصادقة لكل أحد. |
اتسم القرن الرابع بهجرة القلوب المؤمنة إلى البراري لتمارس حياة العشق الإلهي في أبدع صوره، حيث يرفض المؤمنون لا حياة الترف فحسب بل وكل ما يمكن أن يشغلهم عن التأمل الإلهي. وإذ انطلق الآلاف يمارسون هذه الحياة نجحت بعض الفتيات المشتاقات للحياة النسكية الجادة أن يختفين في زي رجال ويفقدن بالنسك نعومتهن وأنوثتهن ليعشن الحياة القاسية بقلب ملتهب حبًا وعاطفة مقدسة منطلقة في السماويات. من بين هؤلاء القديسات مارينا، وايلارية، واثناسيا وأبوليفارس الخ... وأيضا أفروسينى Euphrosyne، التي يلقبها اليونان: "أمنا". جاءت أفروسينى ثمرة صلوات أحد الأباء الرهبان القديسين، إذ التجأ إليه أبوها بفنوتيوس أحد أثرياء الإسكندرية يطلب منه الصلاة ليهبه الله ثمرة مباركة، وقد استجاب الرب له، فدعاها والدها "أفروسينى" أي "بهجة"، إذ جاءت بعد شوق طويل لسنوات. نشأت هذه الفتاة الجميلة بين والدين تقيين وغنيين في نهاية القرن الرابع، سخيين جدًا في العطاء، فالتقطت منهما محبة الله الفائقة حتى اشتهت تكريس حياتها للعبادة. إذ بلغت أفروسيني الثامنة عشرة من عمرها، أراد والداها أن يزوجها لشاب تقي وغني، وعبثًا تضرعت إليه ليتركها وشأنها، وراح يعد لها العرس. فجأة اختفت الفتاة، فصار الأب يبحث عنها في كل مدينة وقرية فلم يجدها. انطلقت الفتاة إلى أحد الأديرة بعد أن اختفت في زي الرجال، والتقت بالرئيس الذي رفض في البداية قبولها لما رأى عليها من علامات النعومة والغنى مع الجمال، لكن تحت إصرارها قبلها تحت التجربة، حاسبًا إياها شابًا مدللاً لن يحتمل الحياة الرهبانية. طارت الفتاة من الفرح وأخذت تسلك بحياة نسكية جادة مع عبادة تقوية وسلوك أدهش الجميع. بعد فترة زار والدها الدير، فعرفته أفروسينى ولكنها كتمت مشاعرها، وكانت تلتقي به وترشده في احتمال الآلام بفرح. فوجد فيها تعزيته، لذا صار يكثر التردد على الدير بسببها وهو لا يعلم أنها ابنته. عاشت أفروسينى ثماني عشرة سنة كراهب ناسك، وإذ مرضت وأدركت أن يوم رحيلها حان كشفت أمرها لوالدها الذي انطرح على عنقها وصار يقبلها، فعزته وشجعته وأنعشت إيمانه، ثم رقدت بين يديه. تطوبها كنيسة الروم بهذا النشيد العذب: "لما صبوتِ إلى نيل الحياة العلوية أهملت النعيم الأدنى بنشاط ونظمتِ ذاتك في سلك الرجال، يا دائمة الذكر، فإنك قد ازدريت خطيبك الزمني من أجل المسيح ختنك". نعود إلى والدها الذي تأثر بابنته جدًا، واشتاق أن يلحقها في الحياة المقدسة في الرب مرتفعًا بروح الله القدوس على جبال الفضيلة... إذ باع كل ما يملكه ووزعه على الفقراء والتحق بالدير ليقضي عشر سنوات في قلاية إبنته يجاهد بفرح في حياة نسكية جادة. |
الشهيدة افرونيا رهبنتها عاشت في بلاد ما بين النهرين، أي الميصة، التهب قلبها بمحبة الله فاشتاقت إلى تكريس كل طاقاتها للعبادة. التحقت بدير هناك، وكانت خالتها أوريانة هي أم الدير، فتتلمذت على يديها؛ تدرس الكتاب المقدس بشغف، وتمارس الحياة النسكية بغيرة متقدة. استشهادها إذ أثار دقلديانوس الاضطهاد ضد المسيحيين، خافت العذارى وكن حوالي خمسين راهبة، فتركن الدير واختبأن، ولم يبق بالدير سوى الأم أوريانة والراهبة أفرونية وراهبة أخرى. اقتحم الجند الدير، وأمسكوا بالأم وأساءوا معاملتها جدًا. تقدمت أفرونية إليهم وكانت في العشرين من عمرها، وسألتهم أن يتركوا الأم العجوز ويمسكوا بها عوضًا عنها. ربطوها بالحبال وانطلقوا بها إلى الوالي والأم تتبعها. عرض عليها الوالي عبادة الأوثان مقدمًا لها الوعود الكثيرة، أما هي فاستهانت بكل وعوده. إذ لم يجد اللطف بدأ بالتهديد والعنف، فأمر بضربها بالعصى، والأم تصلي من أجلها لكي يهبها الله قوة وثباتًا. إذ أراد الوالي التنكيل بها أمر بتمزيق ثيابها... عندئذ لم تحتمل الأم أوريانة، فصرخت: "يشقك الرب أيها الوحش المفترس، لأنك تقصد التشهير بهذه الصبية اليتيمة". هكذا احتملت أن ترى ابنتها تتعذب لكنها لم تحتمل أن ترى ثوبها يُشق ويظهر جسدها! اغتاظ الوالي لما سمع كلمات الأم فأمر أن تعصر أفرونية في دولاب حديدي، ويمزق جسدها بأمشاط حتى يتهرأ. أما القديسة أفرونية فكانت تصلي إلى الرب كي يسندها في جهادها. إذ أصرت القديسة على اعترافها بالسيد المسيح أمر الوالي بقطع لسانها وتهشيم أسنانها، وكان الرب سندًا لها، يشفيها. أخيرًا أمر بقطع عنقها بالسيف، فنالت إكليل الاستشهاد حوالي عام 305م. تعيد لها الكنيسة القبطية في اليوم الأول من أبيب |
افرونيا العذراء افرونيا Evronie أو أبرونيا Apronia هي أخت الأسقف أنير Aner لمدينة Toul ببلاد الغال، ولدت في ترانكيل Tranquille، قرية تابعة لإيبارشية تروى Troyes؛ في محبتها للسيد المسيح اشتاقت للحياة البتولية الملائكية ممتثلة بأخيها، فعاشت محبة للطهارة والنقاوة والحياة المقدسة حتى تنيحت في نهاية القرن الخامس. |
القديسة اكساني ابنة وحيدة لأحد أشراف روما، نشأت محبة للعبادة وافتقاد المسجونين والعطاء بسخاء للمحتاجين، تسمى أكساني Xene . كانت تزور بيوت العذارى وتمتثل بهن، كما كانت محبة لقراءة سير القديسين. خطبها أحد وزراء روما لابنه، فاهتم والدها بالأمر وأعد كل ما هو نفيس ليوم العرس. أما هي فسألت والدتها أن تسمح لها بزيارة بعض الراهبات تودعهن قبل زواجها، وإذ سمحت لها أخذت اثنتين من جواريها وكل حليها، وأبحرت إلى قبرص حيث التقت بالقديس أبيفانيوس أسقف سلاميس، وأعلمته باشتياقها لممارسة الحياة الرهبانية. أشار عليها القديس أن تذهب إلى الإسكندرية، فأطاعت والتقت بالبابا ثاوفيلس (23) الذي ضمها إلى بيت للعذارى، وقد سلمته حليّها التي باعها وبنى بها كنيسة باسم القديس إسطفانوس أول الشمامسة. استمرت تمارس الحياة النسكية أكثر من عشرين عامًا. عند نياحتها ظهر في السماء صليب من نور حوله دائرة من النجوم مضيئة على شكل إكليل، وكان ذلك في منتصف النهار، وقد بقى حتى دفن جسدها، فشعر أهل الإسكندرية أنها علامة سماوية تدل على سمو حياتها الروحية. كشفت الجاريتان عن حقيقة شخصية أكساني للبابا البطريرك وأعلماه أنهما جاريتان لها وليس كما كانت تدعوهما أختين لها، فمجّد البابا البطريرك الله، وكتب سيرة القديسة. تحتفل الكنيسة بعيد نياحتها في 29 طوبة. |
الشهيدة اكسوا كان سابور Shapur ملك الفرس يعبد النار والشمس، لا يطيق أن يسمع اسم السيد المسيح، مضطهدًا كل من يحمل اسمه. سمع أن صديق ابنه، طاطس Tatas رئيس كورة المبدسيين قد صار مسيحيا فأرسل إليه الوالي طوماخر Tumansar ليتحقق الأمر. وإذ سمع ابن سابور "كوتيلاس" Cotylas انطلق هو أيضًا إلى صديقه طاطس. اعترف طاطس بالسيد المسيح أمام طوماخر، فأعد الأخير له أتونًا من النار ليلقيه فيه، وإذا بطاطس يرشم علامة الصليب فتنطفئ النيران. حسب كوتيلاس بن سابور أن ذلك بفعل السحر، لكن صديقه طاطس بدأ يحدثه عن قوة الإيمان بالسيد المسيح وفاعليته حتى قبل كوتيلاس الإيمان. استدعاهما الملك، وأمر بقطع رأس طاطس ليرهب ابنه كوتيلاس، لكن الأخير كان يزداد ثباتًا في الإيمان. ألقاه والده في السجن وأرسل إليه أخته أكسوا Axooua لعلها تستميل قلب أخيها وترده إلى عقيدة والده، فصار يحدثها عن السيد المسيح وأمال قلبها له، ثم أرسلها إلى كاهن عمدها سرًا. عادت الابنة اكسوا لا لتعلن رجوع أخيها عن المسيحية، إنما لتكرز لوالدها بالمسيحية، الأمر الذي أثار سابور، وأمر بتعذيبهما، فأسلمت ابنته الروح، أما ابنه فقد رُبط في أذيال الخيول وانطلقوا بها في الجبال حتى تحطمت عظامه، وإذ أسلم الروح طرح جسمه لتأكله الطيور لكن الرب أرسل بعض الكهنة وشماسًا ليحملوه في الليل خفيه. وقد استشهد في 22 من شهر توت. |
الشهيدة اكويلينا قصة فتاة في الثانية عشرة من عمرها نشأت في بيبليس Byblus بفلسطين، تقدمت في عهد الإمبراطور دقلديانوس للاستشهاد بشجاعة فائقة، وكان السيد المسيح يسندها وسط العذابات، وقد نالت شهرة فائقة في العصور الأولي خاصة في الشرق. تقدمت أمام القاضي Volusian ثابتة في إيمانها، فأمر بتسخين مثاقب حديدية توضع في أذنيها. كانت صلاتها أثناء تسخين المثاقب: "أيها الرب يسوع المسيح الذي أهتم بي منذ طفولتي، وأنار أفكاري الداخلية ببهاء عدلك، يا من تقويني بعونك القوي فأحارب العدو المقاوم إبليس، يا من تهب كل مؤمنيك الحكمة الحقيقة العالية، كمّل جهادي واحفظ سراج بتوليتي لكي أدخل الحجال مع الخمس عذارى الحكيمات وأسبحك يا من تسمع كل طلباتي". إذ وُضعت المثاقب في أذنيها تألمت جدًا حتى صارت أشبه بميتة، فأُلقيت خارج ساحة القضاء، لكن ملاك الرب شفاها لتظهر ثانية أمام القاضي في اليوم التالي الذي دُهش لرؤيتها فأمر بإلقائها في السجن وضرب رقبتها بالسيف. |
الكسندرا العذراء تبقي حياة الكثير من النساك والناسكات سرًا، كل ما نعرفه عنهم هو تصرفاتهم الظاهرة، أما أعماقهم فيندر جدًا أن يكشفوا عنها لكونها علاقة سرية بين النفس وعريسها السماوي، وقد سمحت العناية الإلهية أن تلتقي القديسة ميلانية بعذراء الإسكندرية - كما يسميها القديس بالاديوس في كتابه عن تاريخ الرهبان - من وراء الشباك لتكشف بعض جوانب حياتها، فتعلن بهجتها وشبعها الداخلي. لقاء مع القديس ديديموس الضرير إذ التقي القديس بالاديوس بالقديس ديديموس الضرير مدير مدرسة الإسكندرية روي له عن هذه العذراء المعاصرة له، التي تركت الإسكندرية وعاشت في قبر (نحن نعلم أن القبور قديمًا كانت متسعة جدًا كما في كثير من بلاد الصعيد إلي يومنا هذا مثل قبور المسيحيين بدير الشهداء خارج مدينة إسنا). أغلقت هذه العذراء الكسندرا باب القبر عليها ولم تسمح لنفسها أن تري وجه إنسان عشر سنوات، إنما كانت تتعامل مع أخت تخدمها خلال نافذة. وقد بقيت هكذا حتى جاءتها الخادمة يومًا ما تتحدث معها فلم تجد إجابة، ولما أخبرت الكنيسة بذلك كسروا الباب ليجدوها راقدة في الرب. التقت بها القديسة ميلانية من خلف النافذة، وإذ سألتها عن السبب، لماذا دفنت نفسها هكذا، أجابتها بأن شابًا تعثر بسببها، وإذ رأت أنها ستكون علة هلاك نفس علي صورة الله ومثاله فضّلت أن تأتي إلي القبر طوعًا عوض أن تعثره. سألتها القديسة ميلانية كيف تحتمل هذه الحياة دون أن تري وجه إنسان ولا تتحطم باليأس، فأجابتها بكل وضوح إنها لا تعيش في قنوط أو حزن أو حرمان بل هي متهللة فرحة تعمل بلا خمول، إذ قالت: "أشغل نفسي بصلواتي وعمل يدَيّ، ولا أجد لحظات بلا عمل. منذ الصباح حتى التاسعة (3 بعد الظهر) أنسج كتانًا وأنا أتلو المزامير وأصلي. وفي بقية اليوم أذكر في قلبي الآباء القديسين، وأتأمل بأفكاري في سير كل الأنبياء والرسل والشهداء. في بقية الساعات أعمل بيدي وآكل خبزي، بهذا أنا مستريحة أنتظر برجاء صالح نهاية حياتي". هذا ما سمعه القديس بالاديوس من القديسة ميلانية نفسها! ما نؤكده هنا أن الرهبنة - أيا كانت صورتها أو مظهرها الخارجي- فهي حياة مفرحة مبهجة مملوءة رجاءً صالحًا خلال تذوق عربون الحياة الأبدية، وليس كما حاول البعض تصويرها كضيق وتبرم وحرمان. |
الكسندرا الملكة إذ ظن الملك دقلديانوس أن مارجرجس قد وافق علي السجود للأصنام، قبلّ الملك رأسه، وأدخله قصره، فالتقي بالملكة وصار يحدثها عن خلاصها، فآمنت بالسيد المسيح سرًا. إذ وقف جاورجيوس أمام الأصنام نادي اسم السيد المسيح فسقطت الأصنام وتحطمت، وتحطم معها قلب دقلديانوس الذي انطلق إلي قصره في ثورة عارمة، شاعرًا بأن الخزى قد ملأ وجهه. أخبر الملك زوجته بما حدث، فقالت له: "أما قلت لك لا تعاند الجليليين فإن إلههم قوي"، فغضب الملك جدًا وعذبها كثيرًا ثم ألقاها في السجن حيث تنحيت بسلام في 15 برموده. |
الشهيدة امبيرة استشهدت أمبيرة مع ابنيها القديسين أبا هور ويبسوري في أيام الحاكم الروماني، ووضعت رفاتهم في كنيسة بلدهم شباس مركز دسوق (محافظة كفر الشيخ). إذ هاجم بعض الأجانب مصر، واستولوا على دمياط وبعض البلاد المحيطة بها، خرج الملك الكامل بجيوشه يحاربهم، وكان الجند في أثناء مرورهم على البلاد يخربون بعض الكنائس ويهدمونها ويستولون على ما بها. تعرضت الكنيسة التي في شباس للهدم، وإذ رأى أحد الجند التابوت الذي به رفات هؤلاء القديسين ظن أن به مالاً أو أشياء ينتفع بها، فأخذه، وإذ فتحه ولم يجد به سوى الرفات ألقى بالرفات المقدسة على الأرض وأخذ التابوت. رأته زوجة كاهن وكانت تنظره من بعيد، فلما غادر الجند المكان أخذت الرفات المقدسة ولفتها في طرف إزارها، وأخفتها في الأرض، وغطت عليها بالحجارة. انشغل المؤمنون بإصلاح ما تهدم، ونسيت المرأة أن تخبرهم بما فعلته، وبعد عشرين سنة أخبرتهم، فجاء الكل بفرح يحملون الرفات، وقد أظهر الله عجائب عظيمة في ذلك اليوم بصلوات هؤلاء الشهداء، منها أن فتاة مؤمنة كانت قد فقدت بصرها تمامًا وانقطع الرجاء في شفائها، طلبت صلوات هؤلاء الشهداء وتباركت بالرفات، فعاد إليها بصرها في الحال، فمجدت السيد المسيح. تحتفل الكنيسة بوجود هذه الرفات في التاسع من طوبة. |
أمونا الشهيدة وهى أبنه القديسة رفقة وتعيد لها الكنيسة يوم (7 توت) من كل عام |
الشهيدة اناتوليا نشأتها وُلدت أناتوليا وأختها ناصرة في روما، وكانتا غنيتين. تقدم لهما شابان وثنيان يدعيان أوريليانوس وأوجينوس. يبدو أن الأخير في محبته للمسيحيين المحَ لناصرة أنه سيقبل الإيمان المسيحي. على أي الأحوال إذ تحدثت ناصرة مع أختها أناتوليا في الأمر، صارت الأخيرة تحدثها عن حياة البتولية والالتصاق بالعريس السماوي، فالتهب قلب ناصرة أيضًا بهذا الفكر، وقامتا بتوزيع أموالهما لتعيشا كعريسهما الذي افتقر لأجلنا وهو الغني. طلب الشابان أوريليانوس وأوجنيوس من داكيوس الملك أن يأذن لهما بأخذ الفتاتين إلى بلد قريبة من روما ليتزوجا بهما. وبالفعل ذهبت أناتوليا إلى بلدة السابيين وقد عزمت على البتولية، وقد أراد الله أن يتمجد فيها. فقد سمح الله لابن والي المدينة أنيانوس بن ديدورس أن يدخل به شيطان كان يعذبه جدًا، فكان يصرخ: "إنكِ تحرقينني يا أناتوليا"، ولم يفهم أحد شيئًا. كان الناس يأخذونه إلى هيكل وثن عظيم طالبين العون من آلهتهم. وفي أحد الأيام إذ كانوا ممسكين به هرب المجنون منهم وانطلق إلى حيث توجد الأختان، وجاء أمام أناتوليا وركع وهو يقول: "أنتِِ تحرقينني بصلواتك الحارة". فصلت للعذراء، ثم أمرت الشيطان باسم ربنا يسوع المسيح أن يخرج منه، فخرج للحال وشُفي أنيانوس، وإذ قدم لها والده هدايا كثيرة اعتذرت عن قبولها، مكتفية بالحديث معه عن السيد المسيح والاهتمام بخدمة الفقراء. انتشر هذا الخبر في كل المدينة، وجاءها كثيرون يحملون مرضاهم لتصلي من أجلهم، وكان الرب يتمجد فيها. سمع داكيوس الملك بذلك فأرسل فستنيانوس حاكم مدينة تورا ليعذبها. وبالفعل إذ أمرها بالعبادة للأصنام ورفضت، أمر الجلادين أن يمزقوا جسدها بالسياط، ثم ألقاها في السجن، وبمشورة أوداكيوس الساحر أحد أصدقائه ألقى أفعى سامة في السجن، ولما فتح السجن تقدم الساحر فكادت الأفعى أن تقتله لولا تدخل القديسة، الأمر الذي أذهله فطلب أوداكيوس المعمودية. ألقي أوداكيوس في السجن مع أناتوليا التي كانت تسنده بصلواتها وحديثها حتى استشهد الاثنان بقطع رأسيهما، أما أختها فطُعنت بحربة بعد أشهر من استشهاد أختها. تُعيِّد الكنيسة اليونانية للقديسة أناتوليا في 8 يوليو، وأختها في 23 ديسمبر. |
الشهيدة اناثاس يروي لنا يوسابيوس القيصري ما احتملته العذراء أناثاس من آلام بفرح من أجل ارتباطها بالسيد المسيح. أخبرنا عنها أنها من مدينة سيكتوبوليس، قُبض عليها في عهد الإمبراطور دقلديانوس وشريكه مكسيميانوس حيث قُدمت للقاضي، فجُلدت وأهينت بقسوة، وذلك بمعرفة مكسيس والي الإقليم المجاور، وكان شريرًا محبًا لسفك الدماء. أمر بتجريد بعض ملابسها، وترك ما يستر حقويها حتى القدمين، ثم قادها في جميع أسواق قيصرية، وهي شبة عارية، والسياط تنهال عليها، وفي هذا كله كانت العذراء تتقبل الآلام بفرح وبشاشة. قُدمت أمام الوالي فرمليانوس، فأمر بحرقها بالنار وهي حية، وإذ تم ذلك أمر بتشديد الحراسة على جسدها حتى لا يسرقه أحد، بل يترك في العراء طعامًا للوحوش |
اناسيمون القديسة نشأتها قيل أن أنا سيمون كانت ابنة ملك الروم وحيدة وتقية، قرأَت كثيرًا عن سير الآباء فأحبت الحياة النسكية، وكانت تسلك بروح إنجيلي تقوي وهي في القصر. وإذ توفى والدها أقيمت ملكة بغير رضاها، إذ كانت تود الحياة الرهبانية. خروجها إلى البرية مرّ عام على تجليسها ملكة خلاله قدمت الكثير للفقراء والمحتاجين وحررت الكثير من العبيد، وأخيرًا قررت أن تترك كل شيء وتتفرغ للعبادة. كتبت رسالة للأب البطريرك تركتها في حجرتها، وخلعت ملابسها لترتدي ثوبًا بسيطًا، وخرجت عارية القدمين تتسلل من القصر في منتصف الليل لتنطلق خارج المدينة، وتسير في البرية. حاربتها أفكار العودة للقصر لكنها أصرت أن تحتمل كل قسوة البرية متعبدة لله، وفجأة أثناء صلاتها في يوم من الأيام شاهدت أسدًا يقترب منها، فصلت إلى الله ورشمت عليه بعلامة الصليب، وللحال هدأ. بل التف حولها عدد من الأسود كانوا يلاطفونها وتلاطفهم، وشعرت كأنها قد صارت ملكة على الوحوش. لكنها اشتاقت أن تتجرد حتى من تكريم الوحوش لها، فوضعت في قلبها أن تعيش في الصف الأخير تخدم الكل دون طلب كرامة، فسارت إلى مصر حتى اقتربت من أحد أديرة النساء يدعى دير إرميا، وتظاهرت بالجنون، ولما أمسكتها الراهبات خشية أن تتعرض لأذى تظاهرت بالارتياح إليهن، وسألتهن أن تخدمهن وتقوم بتنظيف دورات المياه، وكانت تبدو كمن هي "هبيلة" ولا تنام إلا على المزبلة. الأنبا دانيال في دير إرميا في إحدى الليالي قرع الراهب باب الدير، ولما سألته البوابة عن طلبه أجابها أنه يود أن يبيت الليلة مع معلمه بالدير خشية أن يتعرضا للحيوانات المفترسة، لكن الرئيسة رفضت أن تفتح، فأخبرها أنه جاء مع الأنبا دانيال قس البرية، ففرحت الرئيسة وفتحت الباب وانطلق الكل يستقبلن إياه. وقبل أن ينصرفن سألهن إن كانت توجد أي راهبة أو أخت هنا، فأخبرن إياه عن "الهبيلة". ذهب إليها الأب دانيال فلم تعره اهتمامًا ولا سلمت عليه، فكانت الراهبات يقلن له: إنها معتوهة... أما هو فأجاب "حقًا أنا هو المعتوه والجاهل والمسكين". وإذ انصرف الكل أراد التلميذ أن يستريح فقال له الأنبا دانيال ألا ينام ليرى هذه المعتوهة. أخذه معه إلى حيث تنام فوجداها واقفة تصلي وتصنع مطانيات، والنور يخرج من أيديها، والملائكة تحيط بها، فأسرع التلميذ ونادى الرئيسة التي رأت المنظر فصرخت وأسرعت إليها تطلب منها السماح. وإذ جاءت الراهبات يبكين ويعتذرن لها على ما صدر منهن صمتت تمامًا. في الصباح ذهبت الراهبات إلى حيث كانت تنام فوجدن الفتاة قد هربت، تاركه ورقة جاء فيها: "أنا الشقية، لشقاوتي ومعاندة العدو لي أخرجني من بينكن، وأبعدني عن وجوهكن المملؤة حياة. إهانتكن لي كانت ربحًا لنفسي، وضجركن علىّ كان ثمرة تجمع كل يوم. استقلالكن عني كان فائدة ورأسمال يزداد كل يوم وساعة. مباركة هي تلك الساعة التي قيل لي فيها يا هبيلة، يا مجنونة. وأنتن مسامحات من جهتي بريئات من الخطية، وإني قدامكن وقدام المنبر سوف أجيب عنكن لأجلي، ليس فيكن مستهزئة، ولا من هي محبة للحنجرة، ولا للملبس، ولا للشهرة، بل كلكن نقيات". خرج البعض يبحث عنها خارج الدير لكنها اختفت تمامًا. كاهن بالإسكندرية دخل كاهن بالإسكندرية في فجر خميس العهد صحن الكنيسة فاشتم رائحة بخور زكيه تفوح بشدة، لم يعرف مصدرها، فأخذ يبحث عن المصدر. دخل الهيكل فوجد إنسانًا مهوبًا يقف أمام الهيكل بخشوع، فسقط أمامه. أسرع الشخص وأقام الكاهن ثم طلب منه قليلاً من الدقيق والأباركة ليستخدمها في القداس الإلهي الذي يحضره أربعمائة شخص. سأله الكاهن عن مكان هؤلاء الاخوة، فأجابه بأنه ليس له أن يعرف ذلك، إنما إن أراد فليقدم هذه البركة. قدم الكاهن هذه البركة، ثم سأله أن يأخذه معه، اعتذر أنه لا يستطيع. وإذ ألحّ عليه قال له أعطيك جوابًا في مثل هذا اليوم من السنة القادمة. مرَّ عام بدا طويلاً جدًا في عيني الكاهن حتى جاء خميس العهد، ودخل الكنيسة ليشتم ذات الرائحة ويلتقي بنفس الشخص ويقدم ذات العطية، وصار يسأله أن يأخذه معه، فلما ألحّ عليه جدًا قال له أن يأخذ مثل هذه البركة وينتظره في مثل هذا اليوم في السنة التالية خارج المدينة عند الباب الغربي. مرَّ عام آخر وحمل الكاهن البركة وانطلق إلى خارج المدينة ليجد بعد قليل الشخص قادمًا إليه، وسأله أن يمسك به ليجد نفسه كمن هو محمل على سحابة، وإذا به في كنيسة جميلة للغاية، لم ير مثلها قط. بعد فترة بدأ القداس الإلهي وتناول الجميع... رأى الكاهن شخصًا كبيرًا في السن يقف عند باب الهيكل يسنده شخصان، واحد عن اليمين والآخر عن اليسار، وإذ سأل عنه الكاهن قيل له: "إنها عذراء هي القديسة الملكة أناسيمون دخلت في طغمة السواح الذين يجتمعون معًا سنويًا من خميس العهد حتى أحد القيامة. أراد الكاهن أن يبقى معهم لكن الرجل أخبره بأنه يلزم أن يعود إلى كنيسته ويرعى شعب الله، وبالفعل رده إلى الإسكندرية، وكان هذا الرجل يزور الكاهن سنويًا حتى قرب نياحة الكاهن. |
الشهيدة انستاسيا تقدم لنا أعمال الشهداء وسير الرهبان كثيرات ممن حملن اسم "أنستاسيا" في القرون الأولى، لعل تعلق المسيحيين بقيامة السيد المسيح وانشغالهم الدائم بقوة قيامته العاملة فيهم، جعل هذا الاسم محببًا لديهم، إذ أن اسم "أنستاسيا" إنما يعني "قيامة"، هذا بجانب وجود هذا الاسم قبلاً. وسنكتفي هنا بذكر بعض الشخصيات الشهيرة الحاملة لهذا الاسم. |
القديسة انستاسيا باتريكيا قيل إن القديسة أنستاسيا باتريكيا St. Anastasis Patriciaمن أصل شريف مصري، احتلت مركزًا في البلاط الإمبراطوري، وقد أُعجب بها الإمبراطور جوستنيان واشتاق أن يتزوجها بالرغم من أن زوجته ثيودورة كانت على قيد الحياة، فدبت الغيرة في قلب الأخيرة، بينما كانت الأولى قد عزمت ألا تكون إلا عروسًا للسيد المسيح، تكرس حياتها للعبادة. رحيلها إلى مصر إذ كان الجو بالنسبة لها خانقًا وشعرت أن الإمبراطور يلاحقها، هربت مع القديس أنبا ساويروس الإنطاكي كإحدى الشماسات إلى الإسكندرية. هناك ترهبنت، أقامت ديرًا على نفقتها عند الميل الخامس في ظاهر الإسكندرية، دُعي فيما بعد "دير السيدة النبيلة (الشريفة)". إذ توفت الإمبراطورة بدأ جوستنيان يبحث عنها ليعيدها إلى البلاط، فتخفت في زي الرجال ودعت نفسها "أنسطاسي الخادم"، وانطلقت إلى البرية. التقاؤها مع القديس دانيال التقت بالأنبا دانيال حيث كشفت له أمرها، فعَين لها مغارة تبعد حوالي 18 ميلاً من الإسقيط، ووضع لها قانونًا لحياة الوحدة، وكان يُرسل لها تلميذه مرة كل أسبوع يمدها بما تحتاج إليه عند باب المغارة، ويأخذ شقفة من الخزف تكتب عليها القديسة أفكارها ليقرأها قمص البرية الأنبا دانيال. وكانت ترى القديس أنبا دانيال مرة كل أسبوع أثناء التناول من الأسرار المقدسة. بقيت في هذا الجهاد مدة 28 سنة لا يعرف أحد عنها شيئًا سوى قمص البرية، وفي يوم أحضر التلميذ قطعة الخزف وقد جاء فيها: "أحضر الأدوات وتعال هنا إلي". نياحتها أدرك الأنبا دانيال أن وقت رحيلها قد حان فانطلق إليها وهو يبكي بمرارة، وكان يقول لتلميذه: "الويل للبرية الداخلية، لأن عمودًا سيسقط فيها. هلم يا ابني احمل الأدوات وأسرع بنا لنلحق القديس الشيخ لئلا نعدم صلواته، لأنه سائر إلى الرب". ولما ذهبا ووجداها مريضة بحمى شديدة، تناولت الأسرار الإلهية ورسمت وجهها بعلامة الصليب فأشرق وجهها وأسلمت الروح، وللحال انتشرت رائحة بخور زكية. بكى الإثنان، وحفرا قدام المغارة قبرًا، وأعلم الأنبا دانيال تلميذه أن يلبسها الأكفان فوق ملابسها ثم دفناها وصليا. في الطريق أخبر التلميذ أباه أنه أبصر ثدييها يابسين، فروى له القديس قصتها وكيف كان العظماء يطلبونها باجتهاد عظيم، ولم يعرف أحد عنها شيئًا حتى تلك الساعة. وكانت نياحتها عام 576م. تُعيِّد لها الكنيسة في 26 طوبة، أما الكنيسة اليونانية واللاتينية ففي 10 مارس. |
الشهيدتان انستاسيا وباسيليسا قيل إنه إذ استشهد القديسان بولس وبطرس الرسولان في عهد نيرون، حملت جسديهما ليلاً شريفتان من روما سبق فآمنتا على يديهما هما باسيليسا وأنستاسيا، ودفنتا الجسدين بإكرام جزيل. إذ عرف نيرون بأمرهما استدعاهما وأمر بتعذيبهما وتقطيع جسديهما، وأخيرًا أمر بقطع رأسيهما في 15 من أبريل. |
الشهيدة انستاسيا وخريسغونس يلقبها الغرب بأنستاسيا الصغرى ليميز بينها وبين الشهيدة أنستاسيا، التي يحتفلون باستشهادها في 28 أكتوبر والتي ترد سيرتها بعد هذه القديسة مباشرة. في روما ولدت أنستاسيا في مدينة روما حوالي عام 275م، والدها شريف روماني يدعى بريتاسطاتوسPraeatus وثني، وأمها إنسانة تقية مسيحية تدعى فلافيا، اهتمت بتربية ابنتها بفكر إنجيلي. توفت والدتها فكان الكاهن الروماني خريسغونوس Chrysogonus يهتم بها روحيًا خفية دون علم والدها. ألزمها والدها بالزواج من شاب وثني يدعى بوبليوس شريف النسب فاسد الأخلاق، فكان ذلك سبب مرارة لنفس أنستاسيا، التي لم يكن أمامها طريق إلا الصلاة بدون توقف، حتى يسندها الله على هذه التجربة. إذ التهبت نيران الاضطهاد الذي أثاره دقلديانوس اهتمت أنستاسيا بخدمة المعترفين الذين سجنوا بسبب الإيمان، وكان من بينهم أبوها الروحي خريسغونوس، فاكتشف زوجها الأمر وحسبه عارًا شديدًا يلحق بعائلته وعائلة والدها، فحاول ملاطفتها لتنكر الإيمان وتكف عن خدمة المعترفين فلم يفلح. منع بوبليوس زوجته من الخروج من بيتها، أما هي فاستطاعت أن تبعث برسالة إلى أبيها الروحي في السجن تسأله الصلاة عنها، فرد عليها يطلب منها أن تحتمل الضيق بصبر ويشجعها على احتمال الآلام، محدثًا إياها عن الألم من أجل الرب كعلامة خاصة بالمختارين. في أكويليا سافر زوجها إلى بلاد فارس، وهناك مات، فشعرت بالحرية، إذ قامت توزع من ميراثها على المحتاجين وتنفق على خدمة المعترفين. أصدر دقلديانوس أمره بنقل الكاهن خريسغونوس من روما إلى أكويليا Aquileia، فتبعته أنستاسيا لتخدمه وهو المعترفين الذين في السجون. ولم تمض فترة طويلة حتى استشهد الأب الكاهن، فالتهب قلب ابنته شوقًا لخدمة المسجونين بشجاعة نادرة وقوة. وإذ شعر بها والي الليريكوفلورس Illyricum بمقاطعة سيكافونياSirmium ألقيّ القبض عليها، وصار يذيقها ألوانًا من العذابات، وهي تحتمل بصبر. قيل إنها وضعت في مركب مع مجموعة من المجرمين الوثنيين يبلغ عددهم حوالي 120 نسمة، وأيضًا معهم مسيحي تقي يدعى أوطخيانوس، وتركت المركب وسط البحر. ظهرت لهم القديسة ثيؤدوتا، التي قادت المركب بنفسها حتى بلغت بهم إلى البر في آمان، فآمن الوثنيون بالسيد المسيح. نُقلت أنستاسيا إلى جزيرة بالماريا ومعها حوالي 200 رجلاً و70 امرأة، وهناك علقت على صليب في شكل حرف "X" مثل القديس أندراوس، وأحرقت بالنار وهي حيّة. أما الآخرون فاستشهدوا بطرق متنوعة. نُقلت رفاتها إلى القسطنطينية في عهد البطريرك جناديوس ووضعت في كنيسة القيامة، ويحتمل أن تكون الكنيسة قد دُعيت هكذا على اسم القديسة، لأن "أنستاسيا" تعني "القيامة". يعيد لها الغرب في 25 ديسمبر والكنيسة القبطية في 26 كيهك. |
الشهيدة انستاسيا وكيرلس الشهيد قيل عن الشهيدة أنستاسيا (الكبيرة) إنها رومانية من أصل شريف، ارتبطت ببيت للعذارى تحت قيادة الأخت صوفيا، واستشهدت في حولي سن العشرين، وقد أظهرت شجاعة فائقة في الحفاظ على احتشامها واحتمال الآلام، دُعيت "عذراء روما". تم استشهادها في روما في أيام الملك فالريان ورئيس ديوانه بروبس، حوالي عام 252م. إذ قُيدت هذه الشابة بالأغلال لإنكار إيمانها وإذ رفضت حكم عليها بالجلد، ولما أرادوا نزع ثيابها لتجلد عارية انتهرت بروبس بعنف ليس من أجل احتمالها الجلد، وإنما من أجل تعرية جسد فتاة، قائلة له إن هذا الأمر لهو مخزٍِ له أكثر مما هو مخزِ لها، وإنه لا يليق به أن يفعل ذلك قائلة له: "إنه لأمر مخزِ لك أيها القاضي، أما أنا فأكتسي بثوب الطهارة والبر". اغتاظ، وصب كل غضبه لتعذيبها بوحشية غير آدمية، أما هي فاحتملت في صمت، تصبر وتصلي. مزقوا جسدها بمخالب من حديد، وأحرقوا بعض أعضاء جسدها بالنار، وفي هذا كله لم تتنهد بل كانت تصلي طالبة المغفرة لمضطهديها. وإذ شعر بروبس بعجزه أمام إيمانها أمر بقطع ثدييها وتكسير أسنانها ونزع أظافرها، وفي هذا كله بقيت أمينة لعريسها السماوي. أمر ببتر ساقيها وساعديها فصارت الدماء تسيل من كل جسدها بينما أعضاؤها مبعثرة بجوارها. أخيرًا قُطعت رأسها ونالت الفرح الحقيقي. قامت الأخت صوفيا بحمل جسدها وإخفائه، وقد نُقل بعد ذلك إلى القسطنطينية. يذكر التاريخ أنها وسط هذه البِركة من الدماء طلبت لتشرب، فأسرع شاب مسيحي يُدعى كيرلس وقدم لها ماءً، فأمسكوه وضربوا عنقه، فنال إكليل الاستشهاد جزاء تنفيذه الوصية الإلهية: "من سقى هؤلاء الصغار كأس ماء بارد فقط باسم تلميذ فالحق أقول لكم إنه لا يضيع أجره" (مت10: 42). يعيد لها الغرب في 28 أكتوبر. |
الشهيدة انستاسية الشهيدة السابقة تمتعت بإكليلها في عهد نيرون الظالم، أما هذه فنالته في عهد داكيوس (ديسيوس)حوالي عام 250م، تحتفل الكنيسة القبطية بعيدها في أول بابه. هي ابنة أبوين مسيحيين بروما، ربياها على مخافة الله، وكان قلبها ملتهبًا بحب الله، تشتاق إلى الحياة البتولية الملائكية منذ صغرها. وبالفعل التحقت بأحد بيوت العذراى بروما. كانت تمارس الحياة النسكية بحزم، حتى صارت تأكل مرة كل يومين، وفي الصوم الكبير لا تأكل سوى يومي السبت والأحد. إذ كانت رئيسة البيت تذهب لتشترك في أحد الأعياد أخذت معها العذراء أنستاسية. رأتا الجند يعذبون بعض المسيحيين، فتوقفت العذراء أنستاسية لتوبخهم على ظلمهم وقسوة قلوبهم. قبض عليها الجند، وحملوها إلى الوالي حيث اعترفت أمامه أنها مسيحية. فعذبها عذابًا شديدًا، ثم صلبها وأشعل النيران تحتها، وإذ لم تنثن عن إيمانها أمر بقطع رأسها، ففرحت وتهللت، وأخذت تصلي لتحني رأسها أمام السيف وتنال إكليل الشهادة. |
الشهيدة انقراطيس استشهدت في عهد الإمبراطور دقلديانوس، حوالي عام 304م (16 ابريل)، بواسطة الوالي داسيان (داكيان). كان الشاعر الأسباني برودنتيوس يفتخر بأن مدينة ساراجوسًا قدمت للفردوس عددًا من الشهداء، لم تقدمه أي مدينة أسبانية أخرى. وقد ذكر في قصيدة شعرية أحداث استشهاد القديس أوبثاتيوس، وسبعين آخرين شهدوا للسيد المسيح في يوم واحد، ذكرهم بأسمائهم من بينهم الشهيدة أنقراطس التي دعاها "الفتاة المتقدة"، "ذات الروح الفائق"، هذه التي تعرضت للعذابات الشديدة من تجريح في جسدها وتكسير لعظامها ونزع لأظافرها وبتر لثدييها وفتح لبطنها وسحب أحشائها وكبدها، وأخيرًا أُلقيت بهذه البشاعة في السجن وقطعت رأسها لتنال إكليل الاستشهاد. |
انيسيا الشهيدة الشهيدة أنيسيا Anysia St. فتاة مسيحية من تسالونيكي، مات والداها وتركا لها ميراثًا ضخمًا، فصادقت الفقراء والمساكين كأحباء تهتم بهم وتسندهم. في حوالي عام 304م إذ كانت الفتاة منطلقة إلى الكنيسة التقى بها أحد الجنود عند بوابة كاسندرا، وإذ أوقفها وصار يسألها عن اسمها وإلى أين هي ذاهبة، أجابته بشجاعة إنها مسيحية ذاهبة للشركة في الصلاة والعبادة. حاول أن يحثها أن تذهب معه تعبد الإله "الشمس" فرفضت، وإذ أمسك بالحجاب ينزعه عن وجهها عاملته بحزم، فاستل سيفه وضربها به في جنبها وتركها في الطريق تسلم الروح بعد ساعات قليلة. أقام أهل تسالونيكي كنيسة تذكارًا لها، ويحتفلون بتذكارها في الثلاثين من ديسمبر. بلا شك أن "أنيسياس أو أنيسيوس Anysius, Anysias" أسقف تسالونيك الذي تنيح حوالي عام 410م أخذ هذا الاسم عند عماده خلال ظروف استشهادها. |
الشهيدة اوجينيا قيل إن أوجينيا أو أوجني هي عذراء رومانية جاءت مع والدها فيليب ووالدتها وأخواتها إلى الإسكندرية، حيث عمل والدها كقاضِ للمدينة من قبل الإمبراطور. إذ تلقت الفتاة تعليمها الفلسفي والأدبي على أيدي فلاسفة إسكندريين مؤمنين، رأت فيهم صورة حية للإيمان المسيحي، فأحبت السيد المسيح واعتمدت سرًا، وإذ سمعت عن العذارى والمتبتلين اشتهت هذه الحياة لتكريس كل قلبها وطاقاتها للعبادة الروحية. خرجت من القصر مع اثنين من الخدم مسيحيين يدعيان بروتس وهيسينس مختفية في زي رجل وانطلقت خارج المدينة تلتقي ببعض النساك كانوا يعيشون في أكواخ منفردة، حيث تتلمذت على يدي أحدهم على أنها شاب خصي محب لله. قيل إن امرأة شريرة اتهمتها بالزنا معها، فاُلقيّ القبض عليها ومثلت أمام والدها القاضي ليحكُم عليها بالموت، وكانت في صراع بين قبولها للموت بفرح وبين خلاص والدها، وقد فضلت الأمر الأخير، فالتقت به على انفراد وكشفت له أمرها، ففرح بها فرحًا شديدًا، وأخذها معه إلى البيت معلنًا إيمانه بالسيد المسيح. قيل إن والدها اعتزل عمله وكَرس حياته للعبادة والخدمة فصار أسقفًا (حسب النص اللاتيني)، وقد استشهد أثناء ممارسته للقداس الإلهي. انطلقت أوجينيا مع والدتها كلوديا وأخواتها إلى روما، وكانوا عاملين في كرم الرب، وسرَ قبول كثير من الوثنيين للإيمان، وقد انتهت حياتهم بالاستشهاد. دُفنت الشهيدة البتول أوجينيا في مقابر Apronian في الطريق لاتينا، بعد ذلك أُقيمت كنيسة باسمها تجددت في القرن الثامن. |
الشهيدة اورسولا قصة الشهيدة أورسولا Ursula St وعذراواتها البالغات 11,000 عذراء استشهدن معًا على أيدي الهون (شعب اجتاح أوربا في القرن الرابع)، في منطقة كولوني Cologne يجتاحها بعض الغموض. يرى البعض أن هذه الفتاة هي ابنه ملك مسيحي ببريطانيا، طُلبت للزواج بابن ملك وثني، وإذ أرادت أن تعيش بتولاً أجَلت الأمر ثلاث سنوات، وأخيرًا أخذت عشر نساء نبيلات وإحدى عشر ألفًا من صاحباتها وأبحرن في سفن كبيرة نحو روما، وإذ كانت الرياح مضادة ذهبن إلى Cologne حيث قتلهن الهون هناك من أجل إيمانهن بالمسيحية، خاصة أن أورسولا قد رفضت الزواج برئيسهم. |
اوستخيوم القديسة يعيد الغرب للقديسة جوليا أوستخيوم St. Eustochium في سبتمبر، وقد صور لنا القديس جيروم - أبوها الروحي - حياتها. هي ابنة القديسة باولا Paula ، الابنة الثالثة من أربعة بنات لها، لكنها الوحيدة التي شاركت والدتها حياتها النسكية الرهبانية حتى النهاية. كانت باولا من عائلة نبيلة بروما، تنيح رجلها توكسوتيوس Toxotius فكرست حياتها بالكامل لله في حياة بسيطة وفقر اختياري وإماتة، لتقضي أوقاتها في العبادة الإلهية وأعمال المحبة. وإذ رأت الصبية اوستخيوم - وهى في سن 12 سنة - والدتها بهذه الصورة شاركتها أفكارها. وعندما جاء القديس جيروم إلى روما من الشرق عام 382م وضع الاثنان نفسهما تحت إرشاده الروحي. هذا الاتجاه أثار خال الفتاه أو عمها هيميتوس وزوجته برايتكستاتا، اللذان بذلا كل الجهد لإثناء عزم الفتاه عن هذا الاتجاه النسكي وإغرائها نحو ملذات العالم لكنها لم تسمع لهما، وإنما في فترة صغيرة لبست زي العذارى، وبهذا ربما تكون اوستخيوم أول عذراء من شريفات روما. بهذه المناسبة كتب القديس جيروم (عام 384م) رسالة مطولة وجميلة لهذه القديسة بخصوص "الحياة البتولية" تُرجمت إلى العربية. وهي تعتبر رسالة عامة تخص العذارى وليست خاصة. عندما عزمت باولا أن ترافق القديس جيروم إلى فلسطين بسبب المتاعب التي صادفته في روما، رافقتها اوستخيوم مع أخريات، التقين به في إنطاكية، حيث زاروا (القديس جيروم والقديستان باولا وأستخيوم وغيرهما) الأراضي المقدسة ومصر والتقوا برهبان نتريا، وأخيرًا استقروا في بيت لحم. في بيت لحم أُقيم ثلاثة مجتمعات نسائية رهبانية تحت قيادة باولا تساعدها ابنتها اوستخيوم. وقد ساعدتا القديس جيروم في ترجمته للكتاب المقدس إلى اللاتينية (الفولجاتا). وبناء على طلبهما كتب بعض تعليقاته على بعض أسفار الكتاب المقدس، بل وأصدر بعض كتبه مهديًا إياها لهما، قائلا: "هاتان السيدتان أقدر على إصدار الحكم على الكتب من أغلب الرجال". سنة 403 مرضت باولا، فصارت ابنتها تخدمها وتصلي عنها في مغارة المهد، وعند نياحتها في 26 يناير سنة 404 لم تستطع اوستخيوم أن تحتمل التجربة فقد ارتمت على أمها تقّبل عينيها وتلتصق بها وتود أن تدفن معها، لكن القديس جيروم وقف بجوارها وعزاها، وأقام معها باولا الصغيرة ليعملا معًا في خدمة هذه الأديرة النسائية. هوجم ديرها بواسطة اتباع بيلاجيوس، وفى سنة 419 تنيحت ودفنت بجوار والدتها. |
الشهيدة اوفيمية 1 فتاة رومانية شهيدة انحنت الوحوش المفترسة عند قدميها تلثمهما، بينما تفنن بريسكوس الوالي العنيف في تعذيبها، في شراسة مرة، فغلبته بإيمانها وصبرها، وتمتعت بأمجاد أبدية وكرامة عبر الأزمنة. وُلدت في مدينة خلقيدونية في أواخر القرن الثالث، والدها فيلوفرون من أشراف المملكة ووالدتها ثاؤدورا إنسانية تقية. إذ أثار دقلديانوس الاضطهاد على المسيحية يدفعه في ذلك شريكه مكسميانوس وشيطانه غالاريوس بقصد إبادة الإيمان تمامًا، قبض الوالي بريسكوس على فتاة خلقيدونية جميلة الصورة والسلوك، وإذ سُحر بجمالها ظن أنه قادر أن يخدع هذه الحمامة الوديعة ويسقطها في إشراكه، فكانت تسخر من خداعاته وتصّد هجماته بقوة، فلم يخدعها شره المعسول ولا أثناها قسوته العنيفة. تذكر سيرتها أنه عرّضها للنيران التي التهمت رجاله وخرجت هي سالمة، فآمن جنديان من رجاله: فيكتور وسوسثنيوس بالسيد المسيح واستشهدا بطرحهما للوحوش. علقها أيضًا على دواليب مسننة (الهنبازين) فلم تؤذها، واستخدم معها الجلد وطرحها في جب الخ... وكان الرب ينقذها حتى ظنها الوالي ساحرة. اتسمت في جهادها بالسهر الدائم تستعد للمعارك اليومية، بالصلاة والتسبيح لله بغير انقطاع، فكانت محبة الله تلتهب فيها كل يوم، وكان السيد المسيح يتجلى خلال آلامها. أخيرًا طُرحت للوحوش الضارية الجائعة، فجاءت إليها تنحني أمامها لتلثم قدميها وتحيط بها كمن تطلب صداقتها، وفي هدوء عجيب ركعت الفتاة لتصلي وتطلب رحيلها إلى عريسها، فأقبل عليها دُب وعضّها فأسلمت روحها في الحال. انتاب المدينة هزة أرضية أربكت الجميع حتى هرب الكثيرون إلى الحقول، فجاء أقارب الشهيدة أوفيمية، وحملوا جسدها، ودفنوها عام 303م. وفي عهد الملك قسطنطين بُنيت لها كنيسة فوق مقبرتها، وللأسف اجتمع في هذه الكنيسة مجمع خلقيدونية المشئوم، الذي قسّم الكنيسة تحت ستار العقيدة بدوافع بشرية. يُعيِّد لها الغرب في 16 سبتمبر. |
الساعة الآن 04:24 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025