![]() |
كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/167905621367871.jpg
كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي عندما أمدح أثناسيوس أمدح الفضيلة، أذكر كل فضيلة عندما أشير إلى ذاك الذي اقتنى كل الفضائل. كان عمود الكنيسة الحقيقي. حياته وسلوكه يمثلان نظامًا للأساقفة. وتعليمه يمثل قانون الإيمان الأرثوذكسي . القديس غريغوريوس النزينزي |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/167905621367871.jpg القديس أثناسيوس الرسولي عناية إلهية عبر الأجيال كم اشتهت نفسي أن أكتب عن شخصية القديس أثناسيوس الرسولي، ففي كل مرة أود الكتابة عنه تتجلى أمامي عناية الله الفائقة التي تهتم بكنيسته العزيزة عليه جدًا، كما تهتم بكل إنسان، فتدبر كل الأمور لأجل بنيانه الدائم ومجده الأبدي. لقد عرف عدو الخير منذ بدء خلقة الإنسان أن يصوب سهمه القاتل نحو الأبوين الأولين، فيفسد طبيعة كل بشرٍ، لكن الله من جانبه كان قد خطط الخلاص ليدخل بالبشرية إلى أمجادٍ فائقة، لا إلى جنة عدن، بل إلى حضن الله نفسه، وينال شركة المجد الأبدي. وحينما أثار عدو الخير فرعون ليذل شعب الله، كان الله قد أعد موسى ليحرر شعبه بيدٍ إلهيةٍ قويةٍ وذراعٍ رفيعة، فينطلق بهم نحو أرض الموعد. وحينما ظن هامان أنه سيصلب مردخاي التقي، أعد الله إستير الملكة اليتيمة، ليُصلب هامان على ذات الصليب بينما يمجد الله مردخاي وكل شعبه. لقد بذل نسطور وأتباعه كل الجهد ليجعل من السيد المسيح شخصين ذي طبيعتين، فأعد الله القديس كيرلس الكبير ليدافع عن وحدة شخص السيد المسيح وأقنومية الاتحاد بين اللاهوت والناسوت. أراد بيلاجيوس أن يحطم الإيمان مدعيًا أن الإنسان بإرادته قادر على الخلاص، مستهينا بنعمة الله المجانية، وكان الله قد أعد القديس أغسطينوس ليسحب قلوب المؤمنين نحو هذه النعمة الفائقة. وفي آخر الأيام سيكرس عدو الخير كل طاقاته ليحطم الإيمان خلال "ضد المسيح"، وسيرسل الله النبيين إيليا وأخنوخ ليشهدا للحق، ويسندا المؤمنين. هكذا عندما اشتهى الحديث عن القديس أثناسيوس الرسولي أراه عطية عناية الله للكنيسة في وقت كاد أريوس أن يخدع العالم المسيحي. منكرًا لاهوت السيد المسيح، ومساواته مع الآب في ذات الجوهر الإلهي الواحد. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/167905645290533.jpg القديس أثناسيوس الرسولي أبوة القديس أثناسيوس وقف كثيرون من قادة الكنيسة في الشرق والغرب يحيون قديسنا العظيم البابا أثناسيوس الرسولي، كأعظم مدافع عن لاهوت السيد المسيح. لقد أعده الله ليقف أمام الآريوسية، فيحفظ إيمان الكنيسة، ويسلمه للجيل التالي له، حتى يومنا هذا. كنت أجـد عذوبة في كتاباتي عن القديس أثناسيوس وفكره الإنجيلي وموقفه اللاهوتي. لكن ما كان يشغل قلبي أن قليلين يبحثون عن شخصيته كأبٍ وراعٍ يتسع قلبه بالحب الأبدي، مشتهيًا أن يتمتع العالم كله بخبرة عمل الثالوث القدوس فيهم، ويذوقون ذات العذوبة التي ملأت كل كيانه الداخلي. وإنني إذ دُعيت للحديث عن شخصيته، قضيت فترة الاحتفال يلتهب قلبي شوقا أن يتعرف الكل على ما وراء هذه الشخصية، لكي يتلامسوا مع غنى نعمة الله الفائقة ويحملوا روحه الناري. كثيرون انشغلوا بلاهوتيات القديس أثناسيوس وكتبوا مئات المجلدات عنها، لكنني أود هنا أن أتحدث عن اللمسات الخفية التي لعبت دورًا في حياته، والتي ربما لا يفكر فيها كثيرون. الرب قادر أن يهبني مع كل محبوبي الرب أن نتمتع بما تمتع به قديسنا، فنسلك معه في ذات موكب ربنا يسوع المسيح، ويكون له سلسلة من النصرات التي لا تنقطع. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/167905645290533.jpg القديس أثناسيوس الرسولي أبوة القديس أثناسيوس جدية الطفل أثناسيوس وأبوة البابا ألكسندروس إذ كان البابا السكندري الكسندروس يتطلع من نافذة البطريركية بالإسكندرية شد انتباهه مجموعة من الأطفال يلعبون على شاطئ البحر. وكان أحدهم في شيءٍ من الجدية يقوم بتغطيس الأطفال طفلًا طفلًا ثلاث مرات، ممارسا طقس العماد بدقة. لم يقف البابا متفرجًا لما يفعله هذا الطفل الصغير، لكنه كأبٍ مملوء حبًا نحو أولاده، يشتاق أن ينمي مواهب كل أولاده استدعى الأطفال. في البداية اضطرب الأطفال قائلين في أنفسهم: "لماذا يدعونا أبونا البابا البطريرك؟ ألعله يوبخنا لأننا نمارس طقس العماد على شاطئ البحر؟ أم ماذا؟" لكن إذ التقى البابا بالأطفال ببشاشة وحب فرحوا جدًا، وشعروا بأبوة أبيهم الحانية. سألهم عما كانوا يفعلون، فخافوا في البداية، لكنهم إذ اطمأنوا لنظرات البابا وسلوكه نحوهم، اعترفوا بأن الطفل أثناسيوس قد أعجب بما يفعله البابا عند تعميده الأطفال، وأنه قام بدور أسقفٍ يعمد الأطفال. فرح البابا بالأطفال، خاصة بالطفل أثناسيوس، فاستدعى والدته وطلب منها أن تهتم بتربيته، لأنه سيكون له دور عظيم في الكنيسة. أما هي فسألته أن يقبله تلميذًا له. كان للمسات الحنو والاهتمام التي قدمها البابا الكسندروس دورها في حياة القديس أثناسيوس كما في سلوكه، بل وفي أفكاره اللاهوتية. ما تمتع به القديس من أبوة حانية فتح عينيه على أبواب السماء، ليرى الله الحاني نحو كل البشرية، الذي يشتهي خلاص كل بشرٍ، فصار لاهوت البابا أثناسيوس يدور كله حول "خلاص الإنسان". مزج هذا الحنو اللاهوتيات عند القديس أثناسيوس بالعمل الأبوي الرعوي، فلا فصل بين اللاهوت والرعاية. وأعطى هذا الحنو اللاهوتيات لمسات عذوبة فائقة. أقول أن العالم يحتاج إلى التمتع بالأبوة الكنسية كانعكاس لأبوة الله ، حتى يختبر اللاهوتيات لا كأفكارٍ فلسفيةٍ جافةٍ، بل كخبرة حب إلهي فائق. ما تعانيه الكنيسة في العالم بسبب عزل اللاهوت عن الحب الأبوي، فصار اللاهوت فلسفة فكرية جافة، وتسابق على درجات علمية، وصارت الخدمة عملًا اجتماعيًا بحتًا بلا فكر لاهوتي، وهكذا فقد اللاهوت كما فقدت الخدمة كيانهما وطعمهما الإنجيلي الحقيقي بسبب عزلهما عن بعضهما عزلًا يكاد يكون تمامًا! يليق بالراعي ألا يتجاهل حنو الرعاية وفي نفس الوقت جدية الخلاص الذي من أجله مات السيد المسيح. يقول القدِّيس أمبروسيوس [في هذه الوظيفة لا يليق بالراعي أن يكون قاسيًا وعنيفًا، ولا يكون متساهلًا جدًا، لئلاَّ يكون في الحالة الأولى كمن له سلطان جائر، وفي الحالة الثانية كمن يهين بلا سبب وظيفته التي نالها.] ويقول القدِّيس يوحنا الدرجي: [ XE "القديس أمبروسيوس" من يرعى الخراف لا ينبغي أن يكون أسدًا ولا نعجة.] جدية الطفل أثناسيوس قيل إن الطفل أثناسيوس أظهر جدية عجيبة وهو يمارس العماد، مع شوق حقيقي للعمل. حتمًا هذه السمة المشتركة بين الجدية واللطف في اعتدال هي امتداد لحياة أسرية تحمل ذات المنهج في سلوكها والعلاقات المتبادلة بين أعضاء الأسرة. هب لي يا رب أبوة صادقة، فأحتضن في أعماقي كل طفل. حقا أن أصغر طفل هو أثمن من العالم كله. ليتني لا أحتقر طفلًا ما، بل أراك عاملًا في الكل. أنت تقيم من الصغار قادة عظماء، وكلاء عنك، وسفراء عن سماواتك. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
الطفل أثناسيوس والجو العائلي الكنسي لسنا نعرف شيئًا عن عائلة الطفل أثناسيوس، لكن نعرف شيئًا واحدًا، أنه إذ استدعى الأب البطريرك الكسندروس والدته، وأخبرها بما رآه، كيف كان ابنها حتى في لعبه مع الأطفال يقوم في شيء من الجدية بدور أسقف يعمد، لم تستخف بالأمر. طالبها الأب أن تهتم به ليكون قائدًا حيًا يخدم مسيحه، وهي بدورها بفرح وسرور سألته أن يتلمذه للسيد المسيح! في القديم طُلب ألا يقدم الكاهن للرب ذبيحة بها لوم، والأم التي نجهل كل شيءٍ عنها عدا قلبها الملتهب حبًا، تقدم ابنها ذبيحة حب لله، تقدمه ليتتلمذ للرب نفسه فيكون بلا عيب، فيتقبله الرب من يديها رائحة رضا. لتتحول كل بيوتنا إلى كنيسة مقدسة، ولنقدم حياتنا وحياة أولادنا ذبيحة حب. اقبلها يا أيها الذبيح الفريد. بك يصير أبناؤنا بلا لوم، يحملون برك يا أيها القدوس وحده، فتستمر حياتهم امتدادًا لعملك الفائق. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
الشاب أثناسيوس والشهداء ولد القديس أثناسيوس حوالي عام 297م، وعاصر فترة الاستشهاد العنيفة (303-311 م)، حيث كان في السابعة من عمره حتى الخامسة عشر، وقد عرف كثيرين من شهداء الإسكندرية ومعترفيها. تعلم منهم الإيمان الأرثوذكسي والحب الشديد للكتاب المقدس. حقا لم يدخل معهم حلبة الاستشهاد، لكن قلبه كان ملتهبًا بالحب الإلهي، يواجه كل صراعٍ من أجل المسيح[4]. تأثر القديس أثناسيوس جدًا بالشهداء الذين رآهم في صبوته، فقد أدرك أن نصرتهم على الموت، إنما هي خلال تقواهم في المسيح يسوع، أو خلال اتحادهم مع الآب في ابنه بالروح القدس. وإذ أراد اقتفاء أثرهم اشتاق أن يقدم حياته ذبيحة يومية لحساب إيمان الكنيسة. بهذه الروح صار قائدًا حقًا سلطانه لا يُقاوم[5]. لقد آمن أنه إنما يعمل عمل المسيح، لذا فالنصرة النهائية قادمة من عند الرب، لذا لم يترك وسيلة لبلوغها. إنه لم ييأس قط في أظلم ساعات الصراع. سجل لنا البابا أثناسيوس نظرته لمعلمه الأنبا أنطونيوس كشهيدٍ بدون سفك دم، قائلاُ: [عندما توقف الاستشهاد تمامًا، واستشهد الطوباوي الذكر الأسقف بطرس، ترك (الإسكندرية)، وعاد إلى قلاية توحّده، فكان شهيدًا بالنية كل يومٍ، يحارب في معارك الإيمان على الدوام، ممارسًا الحياة النسكية القاسية بغيرةٍ.] v جاء بعض الحكماء اليونانيين وطلبوا من الأنبا أنطونيوس أن يشرح لهم سبب الإيمان بالمسيح. ولكنهم حاولوا أن يحاجوه بصدد الكرازة بالصليب الإلهي قاصدين الاستهزاء (بالصليب). فوقف القدِّيس أنطونيوس قليلًا وأشفق على جهلهم ثم خاطبهم بواسطة مترجم قائلًا: إن ما اخترناه هو الاعتراف بالصليب علامة الشجاعة واحتقار الموت أما أنتم فقد اخترتم شهوات الخلاعة. أيهما أفضل حمل الصليب وقت مؤامرة الأشرار دون مخافة الموت، مهما أتى في أي وضع من أوضاعه، أم الالتجاء إلى آلهة الأحجار. من سيرة الأنبا أنطونيوس بقلم أثناسيوس الرسولي v قال البابا أثناسيوس الرسولي: ”قد يقول أحدٌ: أين زمان الاضطهاد الآن لكي أصير شهيدًا؟ فأقول له: إن أردتَ أن تكون شهيدًا فمُتْ عن الخطية: "أمت أعضاءك التي على الأرض" (كو 5:3) فتصير شهيدًا بنيَّتك. لقد كان الشهداء يقاتلون ملوكًا وولاةً جسديين، أمَّا أنت فتقاتل الشيطان ملك الخطية، والشياطين هم ولاة الظلمة. كان أولئك ينصبون للشهداء مذابح لتقديم الضحايا لعبادة الأصنام ونجاسة الزنى، والآن إن أدركت ببصيرتك الروحانية فها هي مائدة للذبائح ومذبح وصنم روحي مرذول في النفس، وقد تدفعك كل هذه إلى السجود أمامها“. فردوس الآباء. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
القديس أثناسيوس غاسِل أقدام العظيم أنطونيوس يقف الإنسان في دهشة أمام هاتين الشخصيتين، فمع اختلاف مواهبهما وعملهما، الأول راعي ولاهوتي والثاني ناسك متوحد، لكن الاثنين يسحبان القلب للحياة السماوية، ويسكبان نوعًا من الفرح في أعماق النفس. تبقى سيرة القديس أثناسيوس بابا الإسكندرية العشرون شهادة حية للتلمذة الحقيقية، حيث لم يحمل التلميذ قالبًا مطابقًا لشخصية الثاني. بمعنى آخر لم يفقد التلميذ شخصيته، ولم يقم بتقليد معلمه المحبوب لديه جدًا بطريقة حرفية قاتلة لشخصيته أو مواهبه أو تفكيره، إنما حمل ذات الروح ليعمل فيه بما يناسب قدراته ورسالته والظروف المحيطة به. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
أنبا أنطونيوس و الفِكر الإنجيلي بدأ القديس أنطونيوس حياته الروحي بفكر إنجيلي بحت. حقًا لم نعلم شيئًا عن حياته قبل أخذ قراره المصيري، وهو أن يترك كل شيء ليتبع السيد المسيح، عند سماعه الوصية الإنجيلية المقدسة في الكنيسة: إن أردت أن تكون كاملًا، بع كل مالك ووزعه على الفقراء، وتعال اتبعني"، ونص الآية هو: "إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلًا فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي" (إنجيل متى 19: 21؛ إنجيل مرقس 10: 21؛ إنجيل لوقا 18: 22). تجلى فكره الإنجيلي في تصرفاته التالية: أ. أخذ قرار مصيري بجدية وحزم، فتمسك بالوصية مهما كانت تكلفتها. ب. الاهتمام بخلاص نفسه دون تجاهل خلاص الغير. فقضى قرابة 20 عامًا في عزلة جسدية عن الناس، دون ان ينغلق قلبه من نحو الآخرين. فعند الضرورة نزل إلى العالم لمساندة المعترفين وهم في طريقهم للاستشهاد، وأيضًا الكنيسة في الدفاع عن لاهوت السيد المسيح، الأمر الذي أنكره الأريوسيون. ج. عشقه للكتاب المقدس، فعندما بعث إليه الإمبراطور برسالة يطلب أن يرد عليه لأجل البركة تأخر جدًا عن الرد. ولما سأله الرهبان، أجاب بأنه لم يجد وقتًا للرد لأنه مشغول بالحوار مع الله الذي بعث إليه برسالة خاصة، ألا وهي الكتاب المقدس. تسلم القديس أثناسيوس هذا الروح، فسلك بروح إنجيلية كمعلمه، سواء في فكره أو تصرفاته: أ. أخذ قرارًا مصيريًا في أعماقه ترجمه في سلوكه، فقد قرر أن يحيا للرب وفي الرب، يعمل لحساب ملكوته، مهما كلفه المر. فلم يبالِ بالعزل أو النفي ولم يجامل الإمبراطور، إنما عاش يرضي الرب لا الناس. ب. ما كان يشغله في رعايته لشعبه كما في حواراته اللاهوتية هو خلاص نفسه كما خلاص كل نفس ما استطاع. أبديته وأبدية كل بشرٍ نصب عينيه في كل تصرف. ج. كتاباته، خاصة رسائله الفصحية، ودفاعه ضد الآريوسيين ورسائله للقديس صرابيون عن الروح القدس الخ. تشهد أنه ليس فقط يقتبس الكثير من الكتاب المقدس وإنما تحمل فكرًا كتابيًا (إنجيليًا). |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/167905645290533.jpg القديس أثناسيوس الرسولي أنبا أنطونيوس يسحب قلب الكنيسة إلى البرية تحول قسطنطين الكبير إلى الإيمان المسيحي ليكون أول إمبراطور مسيحي في العالم، يبذل كل جهده من أجل تحويل هياكل الأوثان إلى كنائس، ومساندة الكنيسة. لكنه إذ فتح أبواب قصره للأساقفة وبعض الكهنة انسحبت قلوب الكثيرين إلى القصر الإمبراطوري. لم يترك الرب كنيسته تنسحب إلى قصور العالم وأمجاده، فأعد العظيم أنبا أنطونيوس الذي سحب قلب الكنيسة إلى البرية، لكي يدخل كل مؤمن إلى أعماقه، ويتلامس مع ملكوت السماوات القائم فيه. غيّر أنبا أنطونيوس تاريخ الكنيسة، إذ سحب قلوب كهنة كثيرين وجدوا أبواب القصر الإمبراطوري مفتوحًا أمامهم، ومظاهر الترف بين أياديهم، ليستعذبوا حياة البرية وينشغلوا بالمجد الداخلي الخفي. من بين هؤلاء المؤمنين كان أثناسيوس الذي وإن كان لم يلتحق بالحياة الرهبانية، لكنه تتلمذ على يدي العظيم أنبا أنطونيوس. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/167905645290533.jpg القديس أثناسيوس الرسولي ثقافة القديس أنبا أنطونيوس اختلف الدارسون حول ثقافة القديس أنبا أنطونيوس (251-356م)، فالبعض يرى انه أميّ لا يعرف القراءة أو الكتابة، والآخرون يرون أنه على مستوى رفيع من الثقافة، وأن القديس أثناسيوس الرسولي لم يتتلمذ على يديه في الحياة النسكية فحسب، بل وفي الفكر اللاهوتي. على أي الأحوال، دعاه البابا أثناسيوس "طبيبًا وهبه الله لمصر". جاءت إليه وفود لا تنقطع من كل أنحاء الدولة الإمبراطورية، من كهنة ونساك وشعب، البعض يطلبون مشورته في أمور معينة، والآخرون يرغبون في مجرد الاقتراب إليه ليتعلموا من صمته، إذ يجدون في شخصه رجاءً جديدًا في حياتهم 2. يُحسب أبًا للعائلة الرهبانية في العالم كله. لست أقول أن لمسات القديس أنبا أنطونيوس قد ظهرت في سلوك البابا أثناسيوس ولاهوتياته فحسب، بل يمكننا القول بأنها بالروح القدس شكلت أعماقه أيضًا. إن كان البابا أثناسيوس قد سجل لنا كتابه المشهور Vita Antonii حياة أنطونيوس، فإنه في الحقيقة نقش سيرة معلمه وحياته في قلبه وخلال حياته وسلوكياته وأفكاره. سجل لنا البابا أثناسيوس باعتزاز تلمذته له، قائلًا: [لقد رأيتُ أنطونيوس مرارًا، وهذا ما استطعتُ أن أتعلّمه منه، لأنني لازمته طويلًا وسكبتُ ماءً على يديه.] وإنني أرجو أن أقدم هنا أمثلة قليلة لعمل الله الفائق في حياة البابا أثناسيوس خلال تأثره بأبيه الروحي الأنبا أنطونيوس.. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/167905645290533.jpg القديس أثناسيوس الرسولي الأنبا أنطونيوس والحب الإلهي جاء في فردوس الآباء: [قال أنبا أنطونيوس: ”أنطوني لا يخاف الله“. فقال له تلميذه: ”ما هذه الكلمة الصعبة يا أبتاه؟" قال: "نعم يا ابني لأنِّي أحبه، والحب يطرد الخوف من الله" (1 يو 4: 18).]. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/167905645290533.jpg القديس أثناسيوس الرسولي شركة الطبيعة الإلهية والحياة الرهبانية ظن البعض أن القديس أنبا أنطونيوس أب الأسرة الرهبانية قد استخف بالجسد وتجاهله، وأن الرهبنة المصرية كان لها أثرها على الفكر اللاهوتي السكندري، الذي ركز على شركة الطبيعة الإلهية أو ما دعاه بعض آباء الإسكندرية وغيرهم بالتأله. سحب "التأله" بالمفهوم الإنجيلي المعتدل قلب مدرسة الإسكندرية، حيث يرى المؤمن حب الله العجيب الذي يشكل أعماق الإنسان ليحمل صورة خالقه (كو 3: 10)، ويقيم منه شريك الطبيعة الإلهية هاربًا من الفساد الذي في العالم بالشهوة (2 بط 1: 4)، لا يقف عند الأعماق، بل ويرى في الجسد ذاته كأنه يتحول تدريجيًا إلى الطبيعة المجيدة التي يتمتع بها في يوم الرب العظيم. تصير حياة المؤمن أشبه برحلة يومية، فيها ينطلق بكل كيانه نحو السماء، جاذبا إخوته معه ليختبروا معه عربون السماء. إن كانت الرهبنة المصرية قد حولت البراري والقفار إلى فراديس، والبشر إلى ملائكة، فإن القديس أثناسيوس حتى في حواراته اللاهوتية، كانت غايته أن يحول كيان الإنسان إلى سماء جديدة متهللة بالله مصدر فرحها ومجدها. من كلماته: [نتأله، لا بشركتنا لجسد إنسانٍ ما، بل بقبولنا جسد الكلمة نفسه[6].] [صار إنسانًا لكي نصير نحن آلهة[7].] |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/16805316974251.jpg القديس أثناسيوس الرسولي الأنبا أنطونيوس وروح الغلبة الخط الواضح في كتاب "حياة أنطونيوس" Vita Antonii الذي سجله تلميذه البابا أثناسيوس هو صراع القديس مع الشياطين، موضحًا ما يحمله المؤمن الحقيقي من روح الغلبة والنصرة حتى على الشياطين والأرواح النجسة. جاء في رسائله: [قاوموا الشيطان، واجتهدوا أن تعرفوا خداعاته، فقد اعتاد أن يخفي المرارة وراء مظهر العذوبة حتى لا تنكشف، مقدمًا أوهامًا تبدو لناظريها جميلة، غير أن حقيقتها تختلف عن مظهرها. هذا كله يفعله لكي يخدع القلوب بدهائه المتشبه بالحق وله جاذبيته. يوجه الشيطان كل جهوده لهذا الهدف، مقاومًا كل النفوس المتعبدة لله حسنًا، بجميع الطرق الممكنة. وما أكثر أنواع الشهوات التي يبثها في النفس لعله يطفئ النار الإلهية، مستعينًا بالقصور الذاتي للجسد وكل ما يتعلق به. عندما يرى البعض متحفظين منه، لا يقبلون منه شيئًا، ولا يسمعون له في شيء، يُولّى عنهم في خزي. عندئذ يعطيهم روح الله راحة ويجعل لهم لذة في كل عمل، يصير حمل نير الرب حلوًا، كما هو مكتوب في الإنجيل: "فتجدوا راحة لنفوسكم" مت 29:11. رغم قبولهم النير وحملهم إياه لا يعودون يكلِّون من التدريب في الفضيلة أو القيام بالخدمة والسهر الليلي، ولا يشعرون بالغضب من جهة أي مضايقة بشرية، ولا يخافون إنسانًا أو حيوانًا مفترسًا أو روحًا شريرًا، لأن فرح الرب يستقر فيهم نهارًا وليلًا، معطيًا الحياة لعقولهم، فيكون الفرح طعامهم، وبه تنمو نفوسهم وتقترب من كل شيء ومن كل كمال، وبه ترتفع إلى السماء[8].] كان هذا المعلم العجيب قائدًا خفيًا لتلميذه الذي عاش أغلب حياته في سلسلة لا تنقطع من الصراع. لم يعرف فترات السلام الخارجي في خدمته إلا القليل النادر. وجاءت رسائله الفصحية السنوية تكشف لا عن نفس مرة من أجل مقاومة الكثيرين والمستمرة له، بل عن اعتزاز حي بالجهاد المستمر مع رجاء صادق في التمتع بنصرات لا تنقطع. قيل له: "العالم كله ضدك يا أثناسيوس!" وكانت إجابته التلقائية النابعة من خبراته اليومية، "وأنا ضد العالم". لم يكن هذا عن كبرياءٍ أو تشامخٍ ولا عن انغلاق القلب عن البشرية، وإنما عن يقين في إمكانيات الله العاملة فيه مهما بلغت المقاومة، حتى وإن شملت كل العالم. آمن القديس أثناسيوس أنه مختفي في المسيح، وما يمارسه إنما باسم المسيح ولحسابه، يعمل عمل المسيح، لهذا لم يدخل اليأس قط إلى قلبه، ولم يحمل روح الفشل بل روح الغلبة والنصرة. دُبرت مؤامرات كثيرة ضده، لكنه آمن بذاك الذي ينقذ العصفور من فخ الصيادين، في يقين بروح الغلبة بلا خوف. إذ خطط الأريوسيون لتحطيمه انطلق إلى القسطنطينية، وفي شجاعة انطلق إلى حيث مركبة الإمبراطور وأمسك بلجام الفرس. ارتبك الكل قائلين: "من هو هذا المتجاسر ليوقف المركبة الإمبراطورية؟" وإذ عرف قسطنطين شخصه أُعجب بشجاعته، ودعاه ليجلس معه في المركبة، ويتحقق مما جاء من أجله. لقد قضى أغلب حياته في ضيقٍ خارجيٍ دون أن يفقد سلامه وإيمانه بنواله روح النصرة. لقد دامت رئاسته 46 عاما، قضى منها 17 عامًا في النفي: ا. في عهد قسطنطين ( 335 -337م ) في تريف. ب. في عهد قسطنطيوس ( 339 - 346 م ) حيث زار روما. ج. في عهد قسطنطيوس ( 356 - 362 م ) حيث عاش في براري مصر. د. في عهد يوليانوس ( 362 - 363 م ) حيث عاش في براري مصر. هـ. في عهد فالنس ( 365 - 366 م ) حيث عاش في براري مصر. أتهم في مجمع صور عام 335 م بقتل الأسقف الميلاتي أرسانيوس، وهتك بتولية عذراء، وتحطيم كأس الإفخارستيا الذي كان يستخدمه أسخيراس وظهر بطلان هذه الاتهامات. عبّر عن التمتع بروح الغلبة على الموت كما على قوات الظلمة: v بعد قيامة مخلصنا الجسدية، لم يعد يوجد سبب للخوف من الموت. الذين يؤمنون بالمسيح يطأون على الموت كأنه لا شيء، مفضلين أن يموتوا بالحري عن أن ينكروا الإيمان بالمسيح. فإنهم مقتنعون أن الموت لا يعني دمارًا بل حياة، خلال القيامة يصيرون غير قابلين للدمار... الدليل الواضح على هذا هو أنه قبل الإيمان بالمسيح كان الناس يتطلعون إلى الموت كموضوعٍ مرعبٍ، كشيءٍ يجعلهم جبناء. وما أن قبلوا الإيمان وتعليم المسيح، حتى صاروا على العكس يحسبون الموت أمرًا صغيرًا يدوسون عليه، ويجعلهم شهودًا للقيامة التي حققها المخلص ضد الموت[9]. v إذ بسط يديه على الصليب طرح رئيس سلطان الهواء الذي يعمل في أبناء المعصية (أف 2:2)، مهيئًا لنا طريق السماوات[10]. v حين رُفع جسده إلى العُلا ظهرت الأمور التي في السماء[11]. v بعلامة الصليب يبطل كل سحر، وتنتهي كل عرافة. القديس أثناسيوس الرسولي |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/16805316974251.jpg القديس أثناسيوس الرسولي الأنبا أنطونيوس وروح الفرح | العذوبة السماوية تتلمذ القديس أثناسيوس على روح الفرح، فمع كونه رجل آلام إلا أنه كان دائم الفرح حتى وهو تحت الاضطهاد. أرسل إلى شعبه يدعوهم إلى حياة الفرح الدائم. قال لهم أن السيد المسيح هو فصحنا أي عيدنا. فمادمنا معه نصير في عيدٍ دائمٍ. يرى القديس أنبا أنطونيوس أن الفرح هو طعام النفس، فكما لا يستطيع الجسد أن يعيش بدون طعامٍ، هكذا لا تستطيع النفس أن تعيش بدون الفرح. بدونه تجوع النفس وتموت. الفرح الداخلي السماوي أو العذوبة السماوية يسند النفس في تغربها عن موطنها السماوي، ويهيئ الجسد ليحمل سمة أشبه بالروحانية، فيتهيأ ليصير جسدًا روحانيًا في يوم الرب العظيم. فمن أقواله: [لكل الخليقة الناطقة -الرجال والنساء- ينبوع حب، به تقدر أن تحتضن كلًا من الإلهيات والجسديات. فرجال الله يحبون ما يخص الله، وأبناء الجسد يحبون ما يخص الجسد. الذين يحبون الإلهيات ينقّون قلوبهم من النجاسات ومن كل أعمال (ارتباكات) هذا الدهر الزائل، فيبغضون العالم (أي ليس للأمور الزمنية مكان في القلب) وينكرون أنفسهم ويحملون الصليب تابعين الرب، وسالكين حسب إرادة الله في كل شيء. لذلك يسكن الله فيهم معطيًا إياهم فرحًا وعذوبة يغذيان النفس ويقوتانها ويجعلانها تنمو. كما أن الأشجار إن لم تشرب من الماء الطبيعي لا يمكنها أن تنمو، هكذا النفس إن لم تقبل الفرح السماوي لا يمكنها أن تنمو وتصعد إلى العلاء. أما النفوس التي قبلت الروح والفرح السماوي فهي التي تستطيع الارتفاع إلى العلاء.. فقد انكشفت لها أسرار ملكوت السماوات وهي بعد في هذا الجسد، ووجدت دالة قدام الله في كل شيء، وكملت لها جميع طلباتها .] [النفس دائما تتربى بهذا الفرح وتسعد به، وبه تصعد إلى السماء، فهي كالجسد لها غذاؤها الروحي.] اتسمت شخصية الأنبا أنطونيوس بروح الفرح الدائم، الأمر الذي أدهش كثير من المؤمنين والفلاسفة. جاء إليه جماعة من المؤمنين، وكانوا يسألونه وهو يجيب، وكان أحدهم صامتًا. تعجب منه القديس أنبا أنطونيوس فسأله عن صمته مع أنه تكبد متاعب كثيرة لكي يأتي إليه. أجابه الرجل: "رأيت يا أبي وجهك فعرفت الإجابة على كل أسئلتي". هكذا رأى في بشاشة وجهه المستمرة أيقونة السماء المتهللة، فوجد إجابة على كل أسئلته خلال الفرح الذي يمارسه الأب أنبا أنطونيوس في المسيح يسوع. أراد جماعة من الفلاسفة أن يلتقوا بالشيخ أنطونيوس ويتعرفون عليه، وحسبوه كفيلسوف يعيش في البرية فيعزله يحمل وجهه علامات الجدية بدون بشاشة، وأنهم يرون رجلًا كهلًا ضعيف البنية، تتسم ملامح وجهه بالحزم الشديد والجدية بلا ابتسامة كعادة الفلاسفة، خاصة وأنه يسكن في البرية الموحشة لعشرات السنوات. فوجئوا به إنسانًا يحمل روح الشباب، بشوشًا متهللًا في أعماقه، قوي البنية. سألوه عن سبب فرحه هذا وهو يعيش في مغارة مجردة من كل شيءٍ حتى من الكتب ليتعزى بها، ولا يوجد حتى دواء أو طبيب حوله. أجابهم أنه لا يعيش في عزلة، بل يسكن معه السيد المسيح مسيحه الذي يملأ كل جوانب حياته فرحا وتعزية، يشبع كل احتياجاته. هكذا كان متهللًا بالمسيح يسوع، قلبه متسعًا بالحب لله والناس. كان لبشاشة وجه القديس أنبا أنطونيوس وهو في ساحة الصراع مع عدو الخير أثرها العجيب على تلميذه القديس أثناسيوس، إذ كتب عن معلمه: [كانت نفسه متحررة من كل اضطراب. وكان مظهره الخارجي هادئًا. من فرح نفسه كان يحمل ملامح متهللة، ومن حركات جسمه يمكن إدراك حال نفسه. كما هو مكتوب: "القلب الفرحان يجعل الوجه طلقًا، وبحزن القلب تنسحق الملامح" (أم 13:15)... كان أنطونيوس هذا معروفًا، فإنه لم يضطرب قط، إذ كانت نفسه في سلامٍ ولم يتحطم قط، لأن عقله كان فرحًا .] انعكس ذلك على شخصية تلميذه البابا أثناسيوس الرسولي، فنراه في وسط ضيقاته لا يكتب عن منفاه ولا عن القبر الذي اختفي فيه، ولا عن حرمانه من التقائه بشعبه بالإسكندرية، إنما سجل لنا وسط آلامه عن نظرته لحياته كعيدٍ دائمٍ. يقول إن عيدنا هو المسيح. أينما وُجد، حتى إن كان مختفيًا في مقبرة، يكون كمن يحتفل بعيدٍ سماويٍ لا ينقطع، حيث يتجلى شخص المسيح القائم من الأموات في أعماقه. بروح الفرح الدائم لا يتوقف عن ممارسة عمل المسيح، جاذبًا بصلواته ورسائله الكثيرين ليشاركوه احتفاله الدائم بالعيد. كتب في إحدى رسائله الفصحية: [بهجة عيدنا يا إخوتي هي دائمًا بين أيدينا. ولا يفشل من يشتاق إلى الاحتفال به من اقتناء البهجة. لأن الكلمة (اللوغوس) هو قريب منا، هذا الذي هو كل شيءٍ لنفعنا. لقد وعدنا ربنا يسوع المسيح أن تكون سكناه دائمًا معنا، إذ صرخ: "ها أنا معكم كل أيام العالم" (مت 20:28). إنه الراعي ورئيس الكهنة والطريق والباب، وكل شيءٍ في ذات الوقت بالنسبة لنا، لهذا يظهر نفسه أنه العيد واليوم المقدس كقول الرسول الطوباوي: "فصحنا المسيح قد ذُبح" (1 كو 7:5) .] كما يقول: [الروح المستقرة تنسى آلامها، وبترتيل الكلمات المقدسة تتطلع بفرح إلى المسيح وحده .] |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/16805316974251.jpg القديس أثناسيوس الرسولي الأنبا أنطونيوس والبصيرة الداخلية لم يلتحق القديس أنبا أنطونيوس بمدرسة الإسكندرية اللاهوتية، لكنه كان متفاعلًا معها، وكانت هي متفاعلة معه. زار القديس أنبا أنطونيوس عميد المدرسة في أيامه القديس ديديموس الضرير أكثر من مرة، وكانا يلتقيان معا حول مائدة الفكر اللاهوتي الروحي، أو حول مائدة الحياة السماوية الحية. سأل القديس أنطونيوس القديس ديديموس إن كان يتألم بسبب فقدانه بصره، وإذ لم يجبه الأخير، كرر السؤال للمرة الثانية ثم الثالثة. فأظهر القديس حزنه على فقدانه البصر، أما القديس أنبا أنطونيوس فقال له: إني اندهش أن رجلا حكيما يحزن على فقدان ما يشترك فيه النمل والذباب والحشرات، ولا يبتهج بالأحرى (بالبصيرة الداخلية) التي لا يتأهل لها إلا القديسون والرسل . بهذه البصيرة التي يعتز بها الأنبا أنطونيوس تطلع تلميذه إلى اللاهوتيات ليس كأفكار فلسفية للحوار، بل كإدراك حيّ للمعرفة، وتلامس مع الحق. لهذا لم ينشغل البابا أثناسيوس بالتعبيرات اللاهوتيات Theological Termenology، إنما اهتم بالمعنى . |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/16805316974251.jpg
القديس أثناسيوس الرسولي الأنبا أنطونيوس وانفتاح قلبه لم يمارس أنبا أنطونيوس الرهبنة كهروبٍ من الناس، بل كانفتاح القلب على الله محب البشر، فبعد حوالي عشرين عاما من العزلة التامة، انفتحت مغارته وشهد الكل انفتاح قلبه بالحب نحو كل البشر، فلم يلتقِ فقط بالمشتاقين للحياة الرهبانية، بل وبالفلاسفة والحكام، لهذا قال له القديس هيلاريون من فلسطين: "سلام لك يا عمود النور، المضيء للعالم". هذا هو قلب راهب متوحد يشتهي خلاص الجميع، حتى الفلاسفة الوثنيين، كم بالأكثر حمل تلميذه البابا البطريرك روح الحب والشهادة لإنجيل المسيح أمام الجميع. لقد تعلم من معلمه أن يسلم قلبه بين يدي روح الله القدوس الناري، الذي يلهب النفس بالحب الحقيقي. كان قلب أنبا أنطونيوس ملتهبا بالحب، يحمل الكنيسة على ذراعيه ليقدمها لمسيحه في صلواته المستمرة. وعندما التهبت نيران الاضطهاد زار الإسكندرية ليخدم المعترفين ويشجعهم أثناء محاكماتهم. جاء في فردوس الآباء: [قيل إنه في أيام اضطهاد الإمبراطور مكسيميانوس إنّ أنبا أنطونيوس قال في نفسه: "فلأذهبنّ إلى الإسكندرية حيث نيران العذاب، فإذا سمحت النعمة الإلهية باستشهادي تجدني مستعدًّا، وإن لم تسمح بذلك أكون على الأقل قد وقفتُ إلى جانب المضطهَدين من أبناء القديس مرقس الإنجيلي الشهيد". فزار القديس المسجونين في الإسكندرية مشجِّعًا ومعزِّيًا لهم، وكان يصحبهم إلى مكان الإعدام ليشجعهم بالتراتيل وكلام الإنجيل، فاغتاظ الحكّام من عمله وأمروا بمنع رجال الدين من مرافقة المحكوم عليهم، ومع هذا فقد كان القديس يرتدي ثوبه الأبيض ويحضر المحاكمات ثم يرافق المسيحيين إلى مكان الاستشهاد، ومن العجيب أنّ الله لم يسمح بأن يستشهد معهم رغم مجازفاته الكثيرة، إذ حفظه لأجل تثبيت قواعد الرهبنة.] نزل أيضا ليقف بجانب تلميذه أثناسيوس، بل بجانب الحق الإيماني في الصراع ضد الأريوسية.. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/16805316974251.jpg
القديس أثناسيوس الرسولي الأنبا أنطونيوس وحياة الخلوة تلمذة القديس أثناسيوس على يدي الأنبا أنطونيوس قرابة ثلاث سنوات بلا شك سحبت قلبه إلى حياة الخلوة والتأمل. فإن كان الله لم يسمح له بالحياة الرهبانية الديرية أو التوحد، لكنه مارس نسكه في حياته الرعوية. وإذ سمح الله له بالضيقات كان يهرب إلي قبر والده أو يختفي في منزل أو يصعد إلي بعض أديرة الصعيد. لم تكن هذه الفترات تمثل ضيقًا، بل تعكس عليه بهجة، إذ يحقق أمنيته في الخلوة والتأمل دون تجاهل لدوره الأبوي الرعوي. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/16805316974251.jpg القديس أثناسيوس الرسولي الأنبا أنطونيوس والحياة التقوية إذ ذاق عذوبة الحياة التقوية في عشرته للقديس أنبا أنطونيوس لم يستطع أن يفصل بين اللاهوت والسلوك العملي، وبين الإيمان والتقوى، فالعقيدة المسيحية في ذهنه تدفع الإنسان ليتمتع بالحياة التقوية في الرب. ومن كلماته: [الإيمان والتقوى حليفان وأختان، من يؤمن بالله فهو تقي، ومن يسلك بتقوى يؤمن بالأكثر .] |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/16805316974251.jpg القديس أثناسيوس الرسولي الأنبا أنطونيوس وروح الرجاء تدرب القديس أنبا انطونيوس عل السلوك بروح الرجاء لا اليأس، كما جاء عنه في بستان الرهبان: [حدث أنّ أخًا في كينوبيون سقط في تجربةٍ فطردوه من هناك، فذهب إلى الجبل حيث أنبا أنطونيوس، ومكث الأخ عنده مدةً، ثم أعاده أبّا أنطونيوس إلى الكينوبيون الذي طُرِد منه، فلما رآه الإخوة طردوه ثانيةً، فرجع الأخ إلى أبّا أنطونيوس قائلًا: "رفضوا أن يقبلوني يا أبي". فأرسل الشيخ إليهم قائلًا: "سفينة كادت تغرق في البحر وتلفت كل شحنتها، وبتعبٍ كثير رجعَتْ سالمة إلى البرّ، فالذي سَلِمَ تريدون أنتم أن تُغرقوه؟!" فلما علم الإخوة أنّ أنبا أنطونيوس هو الذي أعاد إليهم الأخ قبلوه في الحال.] لقد تعلم روح الرجاء من الله، فقد جاء عنه في فردوس الآباء: [قيل عن أنبا أنطونيوس: ظهرت له مرةً رؤية بخصوص عذراء كانت قد سقطت في خطية، فنهض وأخذ عصاته الجريد في يده واتخذ طريقه نحو الدير (الذي فيه العذراء) لكي يوجِّه إلى العذارى توبيخات شديدة جدًا، وذلك بسبب طهارة سيرته. ولما تقدّم في سيره واقترب من الدير ظهر له المسيح ملك المجد الرحوم وحده، ذاك الذي عنده كنوزٌ عديدة من الرحمة، ذاك الذي يغفر ويمحو خطايا وتعدِّيات البشر، وقال له المخلِّص بوجهٍ باشٍّ وبابتسامةٍ مملوءة نعمة: "يا أنطونيوس، هل يوجد سبب لتكبُّدك هذا التعب؟" فلما سمع الشيخ هذا الكلام من الرب انطرح على الأرض على وجهه وقال: "يا رب، طالما أنك جعلتني أهلًا أن أعاين حضرتك، فأنت أول من يعرف ما هي حماقة تعبي". فقال له محبّ البشر: "لقد احتملتَ هذا التعب والمجهود بسبب خطية هذه العذراء الصغيرة". فانطرح أنبا أنطونيوس على الأرض على وجهه وقال له: "يا رب، أنت تعلم كل الأمور قبل أن تحدث". فقال له الرب: "قُم، اتبعني". ولما دخل معه إلى المكان الذي كانت فيه العذراء أغلِقت الأبواب، وسمع العذراء تبكي وتقول: "يا ربي يسوع المسيح، إن كنتَ للآثام راصدًا فمن يستطيع أن يقف أمامك؟ لأنّ من عندك المغفرة (مز129: 3-4 حسب السبعينية)، يا سيدي يسوع المسيح، انتقم لي من الذي يبغضني والذي يسبِّب لي الهلاك، يا سيدي يسوع المسيح، إنني أصلِّي إليك، لا تحجب وجهك عني (مز27: 9)، لأنني آنية ضعيفة (1 بط 3: 7)". وكانت تقول ذلك بدموع غزيرة. وإنّ ربنا يسوع المسيح إلهنا الرحوم الشفوق قال: "يا أنطونيوس، ألم تتحرك أحشاؤك الآن؟ ألا تبكي عيناك عندما تسمع بضعف طبيعتها القابلة للانكسار، وكيف تصرخ إليَّ بدموعٍ مؤلمةٍ؟ ألم تجتذب مراحمي إليها بالحق مثل الخاطئة التي غسلت قدميَّ بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها، ولأجل توبتها نالت مني غفران خطاياها بسبب إيمانها (لو7: 36-50)؟ ومع ذلك فلن أترك تعبك يذهب سُدًى، أعطها قليلًا من التعليم ثم ارحل". . ولما قال المخلِّص ذلك اختفى. ورجع أنبا أنطونيوس ممجِّدًا الله، وكانت دموعه تسيل بغزارةٍ على الأرض، وكان مندهشًا جدًا من صلاح الله وفيض مراحمه العديدة على كل صنعة يديه، والطريقة التي بها يقبل إليه فورًا كل إنسانٍ يخطئ ويرجع إليه تائبًا بقلب مستقيم.] يقول القديس الأنبا أنطونيوس الكبير: [الروح القدس الذي يعمل فينا للتوبة يفتح قلوبنا بالرجاء في الله واهب القيامة من الأموات، لكي بروح التواضع يهبنا أن نعترف بخطايانا.] بهذا الروح كان القديس أثناسيوس يتحدى كل الظروف القاسية والتي تبدو مظلمة تمامًا، واثقًا أن الرب حتمًا يحقق خطته الإلهية نحو خلاص الناس وبنيان ملكوته الإلهي. لهذا عندما قيل للقديس: "العالم كله ضدك يا أثناسيوس"، أجاب: "وأنا ضد العالم". فقد وثق أن رسالة المسيح لن تفشل حتى إن وقف العالم كله ضده. يرى البابا الأنبا أثناسيوس أن الله لم يعد جهنم للإنسان بل لإبليس وملائكته (مت 41:25)، إنما أعد لنا الملكوت منذ تأسيس العالم لكي نرثه أبديًا (مت 34:24). لقد دعا السيد المسيح الأشرار أبناءً لإبليس إذ يعملون أعمال أبيهم (يو 41:8)، ويقول الرسول يوحنا "أولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس" (1 يو 10:3). فمن يقبل البنوة لإبليس ويصير كيهوذا الخائن ابنًا للشيطان والهلاك إنما يعد نفسه لكي ينحدر إلى جهنم. * أمثال هؤلاء ينالون جزاءهم عن غباوتهم، حيث أن رجاءهم يصير باطلًا لعدم اعترافنا بالجميل، فإن النار الأخيرة المعدة للشيطان وجنوده تنتظر أولئك الذين أهملوا النور الإلهي. هكذا تكون نهاية الإنسان غير الشاكر[19]. * لقد أعد الرب منازل كثيرة عند أبيه (يو 2:14)، لكن بالرغم من أن مكان السكنى نجد فيه درجات متنوعة حسب تقدم كل واحدٍ، غير أننا جميعًا سنكون في داخل الحصون، محفوظين في داخل نفس السياج حيث يطرد العدو (الشيطان) وكل جماعته خارجًا[20]. البابا الأنبا أثناسيوس الرسولي |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/16805316974251.jpg القديس أثناسيوس الرسولي الإيمان بتنوع المواهب كان القديس انطونيوس فريدًا في شخصه، امتد أثر نجاحه على مستوى العالم، لا خلال خطة بشرية وضعها أمامه ليحفظها، وإنما خلال إيمانه بأن لكل عضوٍ في الكنيسة دوره الفريد وإن كان يليق بالكل أن يكونوا مخلصين في إيمانهم، جادين في حياتهم. خلال هذه الأمانة يصير كل عضوٍ نموذجًا حيًا في الحياة الروحية الإنجيلية على مستوى العالم عبر الأجيال. لقد تبنى نظام التوحد ومع هذا مدح القديس باخوميوس لقيامه بنظام الشركة، كما مدح نظام الجماعات الذي تبناه القديس مقاريوس الكبير. بنفس الروح مع اختلاف المواهب صار أثناسيوس نموذجًا حيًا للراعي المهتم بخلاص شعبه، يقدم لهم غذاء الروح، خلال الإنجيل المفتوح، والإيمان المستقيم، والحياة الكنسية الصادقة. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/16805316974251.jpg القديس أثناسيوس الرسولي أبوة للجميع لم يكن في ذهن الشاب انطونيوس حين قرر حياة النسك البتولية أنه سيكون يومًا ما أبًا لكل العائلة الرهبانية في العالم كله، لكن ما بلغ إليه كان ثمرة طبيعية لحبه لمخلص العالم كله، ولاتساع قلبه نحو كل إنسانٍ، مشتاقًا أن يبلغ كل إنسانٍ إلى الحياة الكاملة في الرب. بنفس الروح لم تقف خدمة البابا أثناسيوس عند حدود كرسي الإسكندرية، إنما وإن اهتم بالكرازة أينما وجدت كإرساله أسقفًا لإثيوبيا، وهو أول أسقف سيم لهذا الشعب، فإنه كان أيضًا يتحفظ سلامة الإيمان في العالم كله. فهو أعظم مدافع عن لاهوت السيد المسيح ولاهوت الروح القدس في أيامه. لقد قيل لو أثناسيوس لفقد العالم سلامة الإيمان. إنها نعمة الله الغنية التي تحفظ كنيسة المسيح لتسلك بالإيمان المستقيم! |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
https://upload.chjoy.com/uploads/16805316974251.jpg القديس أثناسيوس الرسولي روح القوة وتحدي الشيطان أخيرًا جاء كتاب "حياة أنطونيوس" Vita Antonii الذي تعلم تلميذه القديس أثناسيوس يشهد عن تحدي القديس انطونيوس للشياطين، وإدراكه للسلطان الذي يهبه السيد المسيح لمؤمنيه أن يدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو. هذا هو روح القوة الذي يليق بكل مؤمنين أن يتسلح به! يقول القديس أنبا أنطونيوس الكبير: [تحسدنا الأرواح الشريرة منذ أن عرفت أننا حاولنا أن نرى عارنا وخزينا، وقد بحثنا عن طريقة للهروب من أعمالهم التي يعملونها معنا، ولم نحاول فقط أن نرفض مشورتهم الشريرة التي يزرعونها فينا، بل أن كثيرين منا يهزأون بحيلهم. والشياطين تعرف إحسان خالقها في هذا العالم، وقد حُكم عليهم بالموت، وأعد لهم جهنم ليرثوها بسبب غفلتهم وكثرة خبثهم .] * إنه لأمرٌ عجيبٌ أنّ شخصًا وحيدًا (القديس أنطونيوس الكبير) في بريّةٍ كهذه لم يخشَ الشياطين التي هاجمته، ولا وحشية الوحوش والزحافات، إذ كانت كثيرة جدًا، لكنه حقًا كما هو مكتوب: "توكل على الرب مثل جبل صهيون" (مز 125: 1)، بإيمانٍ لا يتزعزع ولا يضطرب، حتى هربت الشياطين منه، وسالمته وحوش البرية كما هو مكتوب (أي 5: 23). كان إبليس، كما يقول داود النبي في المزامير (مز 35: 16) يراقب أنطونيوس ويصرِّ عليه أسنانه. أما أنطونيوس فكان متعزِّيًا بالمخلِّص، وبقيَ سالمًا من حيله ومكائده المختلفة. كان يسهر بالليل، فيرسل عليه إبليس وحوشًا برّيّة، وكأنّ كل ضباع تلك البرّية تقريبًا قد خرجت من مغايرها وأحاطت به، وهو في وسطها، يهدِّده كلُّ واحدٍ بالعضّ. وإذ رأى حيلة العدو، قال لها: ”إن كان لكم سلطان عليَّ فأنا مستعدٌ أن تلتهموني، أمّا إن كنتم قد أُرسِلتم عليَّ من قِبَل الشياطين، فلا تمكثوا، بل انصرفوا، لأنني عبدٌ للمسيح“. فهربت كلها أمام تلك الكلمة، وكأنها قد ضُربت بالسياط . * خارج النور تكون الظلمة، وبالابتعاد عن البركة توجد اللعنة، هكذا يكون الشيطان بعيدًا عن القديسين، والخطية بعيدة عن الفضيلة. لهذا ينتهر الإنجيل الشيطان قائلًا "اذهب يا شيطان" (مت 10:4). بينما يدعونا نحن قائلًا: "ادخلوا من الباب الضيق" (مت 13:7) ومرة أخرى يقول "تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم" . * كان الإنسان يميل إلى أسفل، لا يتغذى إلا بالخطية، وهكذا يصف الروح القدس الخطاة ويتكلم عن غذائهم، وذلك حينما يشير إلى الشيطان قائلًا عنه "جعلته طعامًا لأهل.." (مز 4:74) فالشيطان هو طعام الخطاة! وإذ ربنا ومخلصنا هو الخبز السماوي، لهذا فهو غذاء القديسين، لهذا قال "إن لم تأكلوا جسدي وتشربوا دمي..." (يو 53:6) بينما الشيطان هو غذاء الدنسين، الذين لا يصنعون أعمال النور بل أعمال الظلمة. ولكي يجذبهم الله ويردهم عن شرورهم، يوصيهم أن يقتاتوا بالفضيلة وخاصة تواضع العقل، المسكنة، واحتمال الإهانات، والشكر لله . * ينبغي علينا يا أحبائي أن نخضع إرادتنا حسب لطف الله ولا نقصر عن العمل، لئلا إذا ما تركنا إرادتنا عاطلة ترحل عنا النعمة التي وهبت لنا فينا. وإذ يجدنا العدو (الشيطان) هكذا فارغين وعراة يدخل فينا، فيكون حالنا كتلك الحالة التي وردت في الإنجيل، ذلك الرجل الذي خرج منه الشيطان. فإنه بعد ما خرج الشيطان منه وذهب إلى أماكن جافة، عاد ومعه سبعة أرواح أشر منه إلى المنزل فوجده فارغًا، لذلك سكن هناك، وصارت أواخر ذلك الرجل أشر من أوائله. فعدم التحلي بالفضائل يعطي للأرواح الشريرة فرصة للدخول فينا . * الآن يا أحبائي قد ذبح الشيطان، ذاك الطاغية الذي هو ضد العالم كله... لا يعود يملك الموت بل تتسلَّط الحياة عوض الموت، إذ يقول الرب: "أنا هو الحياة" (يو 14: 6)، حتى امتلأ كل شيء بالفرح والسعادة، كما هو مكتوب: "الرب قد ملك فلتفرح الأرض"... الآن إذ بطل الموت، وتهدَّمت مملكة الشيطان، امتلأ الكل فرحًا وسعادة! * خيرات عظيمة منحنا الرب إياها لأنه لم يحل قيودنا من الخطية فقط، بل منحنا سلطانًا أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو، لأن الشرير وضابطي ظلمة هذا العالم أسرونا فقيدونا وربطونا بقيود لا تنحل ولم يكونوا يسمحون لنا أن نسلك الطرق الصالحة، كنا معهم مقيدين وهم أيضًا بحذائنا جلوس. قوم أشرار وسادة قساة لكن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح أقبل ليعطي إطلاقًا للمأسورين والبصر للعميان. * الآن يا أحبائي.. قد ذبح الشيطان، ذلك الطاغية الذي هو ضد العالم كله، فنحن لا نقترب من عيد زمني بل عيد دائم سمائي. معلنين إياه لا خلال ظلال (وحرف) بل في الحق. لأن أولئك بعد ما شبعوا من جسد الخروف الأبكم تمموا العيد، وإذ مسحوا قوائم بيوتهم بالدم نجوا من المهلك. أما الآن فإذ نأكل "كلمة" الآب وتُمسح قلوبنا بدم العهد الجديد نعرف النعمة التي يهبنا إياها المخلص الذي قال "ها أنا أعطيكم سلطانًا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو" (لو 19:10) لأنه لا يعود يملك الموت، بل تتسلط الحياة عوض الموت، إذ يقول الرب "أنا هو الحياة" (يو 6:14)، حتى أن كل شيء امتلأ بالفرح والسعادة، كما هو مكتوب "الرب قد ملك، فلتفرح الأرض". لأنه عندما ملك الموت "على أنهار بابل جلسنا فبكينا" (راجع مز 1:97؛ 1:137) ونحنا، لأننا قد شعرنا بمرارة الأسر. وأما الآن إذ بطل الموت وانهدمت مملكة الشيطان، لذلك امتلأ كل شيء بالفرح والسعادة. ولم يعد الله معروفًا في اليهودية وحدها بل في كل الأرض "في كل الأرض خرج منطقهم وإلى أقصى المسكونة كلماتهم" (مز 1:76؛ 4:19) . * هم عبروا من فرعون إلى موسى، أما نحن فإننا نقوم من الشيطان لنكون مع المخلص . * في هذه الأيام مات الرب، كي لا نعود نشتاق إلى أعمال الموت! لقد بذل حياته، حتى نحفظ حياتنا من شباك الشيطان! * أخيرًا يتطلعون إلى العدو (الشيطان) وهو مطروح ضعيفًا بلا حياة، مربوط الأيدي والأقدام، فنسخر منه قائلين: "أين شوكتك يا موت. أين غلبتك يا هاوية" (1 كو 55:15). فلنترنم الآن للرب بأغنية النصرة . * ربنا يسوع المسيح الذي أخذ على عاتقه أن يموت عنا، قد بسط يديه لا على الأرض السفلى بل في الهواء، لكي يظهر أن الخلاص الذي تم على الصليب مقدم لجميع البشر في كل مكان، مهلكًا الشيطان الذي يعمل في الهواء، ولكي يمهد طريقنا الصاعد إلى السماء ويجعله حرًا (سهلًا) . البابا الأنبا أثناسيوس الرسولي * ارتدى الكلمة جسدًا مضمدًا كل لدغة الحية، نازعًا كل شرٍ ينبع عن عواطف الجسد، مبطلًا أيضًا الموت المصاحب للخطية... وكما كتب يوحنا: "لأجل هذا أظهر ابن الله ينقض أعمال إبليس" . البابا الأنبا أثناسيوس الرسولي |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا الأنبا أثناسيوس الحياة المقدسة وعمل المعجزاتيقول القدِّيس أنطونيوس: إننا نفرح بكتابة أسمائنا في ملكوت السماوات إشارة إلى الحياة الفاضلة (في الرب)، أما إخراج الشياطين فهي موهبة من الرب يمكن أن يتمتَّع بها إنسان منحرف فيهلك. * كتابة أسمائنا في السماء برهان على حياتنا الفاضلة، أما إخراج الشياطين فهو هبة من المخلص، لذلك يقول للذين يفتخرون بعمل القوات دون ممارسة الحياة الفاضلة: "لا أعرفكم"، إذ لا يعرف الله طريق الأشرار[32]. البابا الأنبا أثناسيوس الرسولي |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا الأنبا أثناسيوس الفكر الواحد يرى بعض الدارسين أن الفكر اللاهوتي الذي عاشه القديس أثناسيوس هو ذات الفكر الذي للقديس أنبا انطونيوس، وإن كان قد ترجمه الأخير خلال الحياة الرهبانية، والأول خلال الدفاع عن لاهوت السيد المسيح ولاهوت الروح القدوس في مواجهة الهراطقة. ومما يلزمنا أن نضعه في اعتبارنا أن القديس أثناسيوس لم يكن يشغله التمسك الحرفي للمصطلحات اللاهوتية، إنما كان يؤمن أنه حيث يوجد الفكر الواحد والفهم الواحد يلزم ألا تسبب المصطلحات اللاهوتية انقسامًا ونزاعًا. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا الأنبا أثناسيوس القديس أثناسيوس وتفاعله مع الفكر السكندري واجه القديس مرقس الرسول ثلاثة تيارات خطيرة بالإسكندرية، وهي: * اعتزاز المصريين بما بلغوه من تقدم علمي وفني لا يزال يدهش العالم الحديث مثل هندسة المعابد والأهرام وفن التحنيط والرسم والنحت الخ. * اعتزاز المجتمع اليوناني السكندري بالفلسفة اليونانية والثقافة الهيلينية التي سادت العالم حتى في أثناء انتشار الإمبراطورية الرومانية. * اعتزاز المجتمع اليهودي بالإسكندرية بالديانة اليهودية بصورة حرفية، وشعورهم أنهم دون غيرهم شعب الله، مستلمو الشريعة الموسوية وأصحاب الوعود الإلهية، ولهم العهد الإلهي الخ. يشهد القديس جيروم أن القديس مرقس الرسول أنشأ أول معهد مسيحي علمي في العالم، وهو مدرسة الإسكندرية المسيحية، وقد سبق لي إصدار المجلدين الأولين عن مدرسة الإسكندرية، الأول ما قبل العلامة أوريجينوس، والثاني عن العلامة أوريجينوس، وإنني أود أن سمح لي الرب أن أقوم بتكملة هذه السلسلة. لقد تفاعل القديس أثناسيوس الرسولي مع الفكر اللاهوتي السكندري، فحمل إلي العالم فكر مدرسة الإسكندرية من جوانبه المتعددة. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا الأنبا أثناسيوس نظرته اللاهوتية الخلاصية تبرز كتابات القديس أثناسيوس الفكر السكندري الخلاصي، بمعنى أن الإيمان يمس حياة الإنسان وخلاصه أي التمتع بالمجد الأبدي. كان القديس أثناسيوس في كل حواراته اللاهوتية مهتما بخلاص الإنسان[33]، فكان يؤكد بحرارة أن الله وحده يقدر أن يخلص الجنس البشري الساقط[34]. ففي كل مقالاته ضد الآريوسيين ما يشغل ذهنه هو تجديد طبيعتنا بواسطة ابن الله المتجسد. في معالجته لموضوع لاهوت السيد المسيح يقدم لنا الفكر التالي: 1. إذا سقط الإنسان في التعدي بكامل حرية إرادته، سقط تحت الناموس "موتًا تموت"، أي يبقى إلى الأبد في فساد الموت. هذا قانون العدالة الإلهية. 2. لا تستطيع التوبة أن ترده إلى حالته الأولى بأمر عفو إلهي؟ أ. التوبة تعجز عن حفظ أمانة الله، ولا يستطيع أن تغير طبيعة الإنسان التي فقدت قيامتها على صورة الله، ولن تهبه الشركة مع الله. ب. بأمر إلهي خُلق الإنسان من العدم حاملًا طبيعة صالحة. أما وقد صار موجودًا وخضع لفسادٍ أبدي فيحتاج إلى تدخل حاسم لكلمة الله من جديد. فما هو غير موجود لا يحتاج إلى الخلاص، إنما يكفيه مجرد صدور أمر فيكون له وجود، أما الذي صار فاسدًا إلى فصار محتاجًا إلى تدخل إلهي. 3. ما هو التدخل الإلهي، ومتى كان في ذهن الله؟ الله غير متغير ويعرف المستقبل، فتدخله كان في فكر الله قبل خلقتنا. كان في خطة الله أن الكلمة الخالق يتجسد فهو وحده دون الخليقة السماوية أو الأرضية قادر أن يجدد طبيعة الإنسان ويرده على الصورة الإلهية. ما كنا نخلص لو لم يصر الله الكلمة (اللوغوس) إنسانًا، فإن الإنسان في حاجة إلى الخالق ليُخلّص طبيعته الساقطة ويردها إلى أصلها، واهبًا إيّاها صورة الله، ومصلحًا إيّاها من الفساد إلى عدم الفساد، فيه تغلب البشرية الموت ويُعاد خلقتها[35]. 4. صار الإنسان في فساد عاجزًا عن رفع عينيه إلى فوق، بل صار يشخص إل أسفل. ولكي يتحقق الكلمة الخالق خلاصه، محولًا الفاسد إلى عدم فساد، والمائت إلى الخلود، فهو الحياة ذاتها. 5. قبل السقوط كان الإنسان يتعرف على الخالق خلال الخليقة، أما وقد فسدت بصيرته فعبد الأوثان، احتاج إلى نزول الكلمة إليه ليخبره عن الآب. التجسد قدمنا لله، كلمة الله المتجسد يعلن الآب لنا، والآب يجتذبنا نحو الابن (يو26:17؛ 44:6). 6. لا يمكن أن يحقق الفداء والخلاص إلا الكلمة الواحد مع الآب فهو إلهي في جوهره. قدّم نفسه ذبيحة قادرة على الإيفاء بدين خطايانا وتحقيق العدالة والرحمة الإلهية في نفس الوقت. 7. اللوغوس هو كلمة الله غالب الشيطان ليس لأجل نفسه فقط وإنما لأجلنا جميعًا. 8. بكونه الله الحق أعاد لنا كرامتنا، واهبًا إيّانا البنوة للآب فيه بالروح القدس. يقول القديس أثناسيوس: [صار إنسانُا لنصير نحن آلهة[36].]، [وإن كان يوجد ابن واحد بالطبيعة، ابن حقيقي وحيد الجنس، صرنا نحن أبناء ليس بالطبيعة والحق بل بنعمته التي تدعونا، وإن كنا بشرًا على الأرض لكننا دُعينا آلهة[37].] فنحن لا نعرف مسيحًا لا يقدر على خلاص البشرية. فلاهوت السيد المسيح أمر حتمي، لتحقق خلاصنا. بهذا فإن لاهوت السيد المسيح أعلن الثالوث القدوس، وعقيدة الثالوث مرتبطة بعقيدة فدائنا الأبدي. إذن من ينكر عقيدة الثالوث، ينكر لاهوت المسيح، ومن ينكر المسيح ينكر أمكانية الخلاص. 7. الابن الوحيد وحده قادر أن يهبنا البنوة للآب بروحه القدوس.. [إن كان من أجلنا قدَّس نفسه (يو 18:17، 19)، وقد صنع هذا إذ صار إنسانًا، فمن الواضح أن حلول الروح عليه وهو في الأردن كان حلولًا علينا إذ يحمل جسدنا[38].] [عندما قيل أنه مُسح بطريقة بشرية (مز 7:45، 8)، فنحن الذين مُسحنا فيه، وهكذا عندما اعتمد فنحن الذين اعتمدنا فيه[39].] [لم يكن إنسانًا صار إلهًا، بل هو الله صار إنسانًا ليؤلهنا[40] (أي نحمل عمله فينا).] |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا الأنبا أثناسيوس السيد المسيح 1. يُعلن القديس أثناسيوس أن تجسد المسيح وموته ليسا عارًا لله بل هما لمجده، صارا سببًا لنعبد الرب .] 2. أخذ ناسوتًا كاملًا، إذ يقول: [لم يأخذ المخلص جسدًا بدون نفس، ولا بدون حواس أو عقل، فإنه لم يكن ممكنًا عندما صار الرب إنسانًا لأجلنا، أن يكون جسده بل عقل، وإلا ما كان الخلاص الذي قدمه الكلمة نفسه خاصًا بالنفس أيضًا مع الجسد .] 3. اللوغوس ليس أداة خارجية لتحقيق الخلقة؛ فإن الله ليس في عوز إلى أداة للخلق أو حتى للخلاص. اللوغوس هو واحد مع الآب في الجوهر. [فلو أن الجوهر الإلهي غير مثمر في ذاته بل عقيم كما يقولون، يكون كنورٍ لا يُضيء، وكينبوعٍ جاف؛ أما يخجلون من هذا القول عن طاقته العاملة؟! ] |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا الأنبا أثناسيوس الروح القدس يدافع عن لاهوت الروح القدس في رده على الأريوسيين القائلين بأنه مخلوق أقل من اللوغوس. كما كتب أيضًا عن الروح القدس في أربع رسائل وجهها إلى الأسقف سيرابيون. لاهوتياته بخصوص الروح القدس هي بعينها كلاهوتياته عن المسيح. يلزم أن يكون الروح القدس هو الله، لأنه لو كان مخلوقًا ما كنا ننال شركة مع الله فيه. 1. يقول: [إن كنا بشركة الروح صرنا "شركاء الطبيعة الإلهية" 2بط4:1... فإن طبيعته هو الله .] 2. يعلن القديس أثناسيوس عن عمل الروح القدس في حياتنا. إنه ينبوع التقديس الحقيقي، به نتقبل المسحة والختم لنكون شركاء المسيح، شركاء في الطبيعة الإلهية. خلال المعمودية والمسحة ننعم بالعضوية في الكنيسة به. الروح القدس هو الذي يعين الأساقفة ليرعوا قطيع الله. 3. بالروح القدس نثبت في الله: [خارج الروح نحن غرباء وبعيدون عن الله، وبشركة الروح نصير مُمسكين في اللاهوت، حتى أن وجودنا في الآب ليس منا بل من عند الروح الذي فينا ويسكن فينا. فبالاعتراف بالحق نحفظه فينا، وكما يقول يوحنا: "من اعترف أن يسوع هو ابن الله، فالله يثبت فيه وهو في الله" (1يو15:4) .] في صراعه ضد الهراطقة كان هدفه واضحًا، إذ كان يتوق إلى خلاص حتى الهراطقة. يقول عنه كواستن: [بالرغم من مقته الشديد للخطأ، وعنفه في مقاومته، فقد كان يتحلى بسجية يندر وجودها في شخصية كهذه، إذ كان قادرًا وسط حمية المعركة أن يسامح ويلاطف الذين ضلوا بنية صالحة .] يقول: [عمل الدين ليس الضغط بل الاقناع .] |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا الأنبا أثناسيوس نظرته الكتابية اختار الشاب أنطونيوس طريق الرهبنة عند سماعه كلمات الإنجيل: "اذهب وبع كل مالك ووزعه على الفقراء وتعال اتبعني " (مت 21:19). لقد كرس كل حياته ليتمم الوصية الإنجيلية. عاش كل حياته لا يملك سوى الإنجيل، مكتوبا لا على ورق بل في داخل نفسه. جاء تلميذه القديس أثناسيوس يكرس كل حياته لقراءة الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد والتمتع بعمل كلمة الله فيه. لم يكتب تفسيرًا له، ولا كرس حياته للكتاب خلال الفكر الرهباني كمعلمه، لكنه جاءت حياته كتابيه، وجاءت كتاباته كلها تعتمد على الكتاب المقدس، خاصة في حواره مع الأريوسيين. يقول: [عملات الحق تكون أكثر أصالة إذا استخرجت من الكتاب المقدس عن أن تُستخرج من مصادر أخرى .] |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا الأنبا أثناسيوس
مفهومه للكنيسة كحياة سماوية تربي القديس أثناسيوس بالفكر السكندري الممتص دومًا في الحياة السماوية كحياة نختبر عربونها في هذا العالم. يرى الكنيسة هي الحياة المقامة في المسيح يسوع، وممارسة للفرح الداخلي، والدخول إلى السماء. يقول عن السيد المسيح: [لقد أقام الساقطين وشفى المرضى وأشبع الجياع وسدّ احتياجات الفقراء، لكن ما هو أكثر عجبًا أنه أقامنا نحن جميعًا من الأموات، مبطلًا الموت، وأحضرنا من الضيق والأنين إلى الراحة وسعادة العيد، إلى الفرح الذي يبلغ حتى السماء .] يرى الكنيسة وقد حملت السمة السماوية تشارك السمائيين طعامهم السماوي، إذ يقول: [الرب هو طعام الأرواح الممجدة والملائكة أيضًا. هو فرح كل الطغمات السمائية. هو كل شيء للجميع. إنه لطيف مع الكل حسب حنو رأفاته. لقد أعطانا الرب بالفعل طعام الملائكة (مز25:78) .] * إذ بسط يديه على الصليب طرح رئيس سلطان الهواء الذي يعمل في أبناء المعصية (أف 2:2)، مهيئًا لنا طريق السماوات. * حين رُفع جسده إلى العُلا ظهرت الأمور التي في السماء . * بعد قيامة مخلصنا الجسدية، لم يعد يوجد سبب للخوف من الموت. الذين يؤمنون بالمسيح يطأون على الموت كأنه لا شيء، مفضلين أن يموتوا بالأحرى عن أن ينكروا الإيمان بالمسيح. فإنهم مقتنعون أن الموت لا يعني دمارًا بل حياة، خلال القيامة يصيرون غير قابلين للدمار... الدليل الواضح على هذا هو أنه قبل الإيمان بالمسيح كان الناس يتطلعون إلى الموت كموضوع مرعب، كشيء يجعلهم جبناء. وما أن قبلوا الإيمان وتعليم المسيح، صاروا على العكس يحسبون الموت أمرًا صغيرًا يدوسون عليه، ويجعلهم شهودًا للقيامة التي حققها المخلص ضد الموت . * ليتنا لا نحتفل بالعيد بطريقة أرضية، بل كمن يحفظ عيدًا في السماء مع الملائكة. لنمجد الله بحياة العفة والبر والفضائل الأخرى! لنفرح لا في أنفسنا بل في الرب، فنكون مع القديسين! لنسهر مع داود الذي قام سبع مرات، وفي نصف الليل كان يقدم الشكر على أحكام الله العادلة ! لنبكر كقول المرتل: "يا رب بالغداة تسمع صوتي، بالغداة أقف أمامك وتراني!" مز3:5. لنصم مثل دانيال! لنصلى بلا انقطاع كأمر بولس. فكلنا نعرف موعد الصلاة، خاصة المتزوجين زواجًا مكرمًا! فإذ نحمل شهادة بهذه الأمور، حافظين العيد بهذه الكيفية، نستطيع أن ندخل إلى فرح المسيح في ملكوت السموات. وكما أن إسرائيل (في العهد القديم) عندما صعد إلى أورشليم تنقى في البرية، متدربًا على نسيان العادات (الوثنية) المصرية، هكذا فإن الكلمة وضع لنا هذا الصوم المقدس الذي للأربعين يومًا، فنتنقى ونتحرر من الدنس، حتى عندما نرحل من هنا يمكننا بكوننا قد حرصنا على الصوم (هكذا) أن نصعد إلى جمال الرب العالي، ونتعشى معه، ونكون شركاء في الفرح السماوي. فانه لا يمكنك أن تصعد إلى أورشليم (السماء) وتأكل الفصح دون أن تحفظ صوم الأربعين. البابا أثناسيوس الرسولي |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا الأنبا أثناسيوس الاتجاه للشرق والتطلع نحو الصليب أثار القديس أثناسيوس الرسولي تعليلًا يوجبنا للاتجاه نحو الشرق أثناء العبادة وهو: [أن السيد المسيح كان متطلعًا نحو الغرب لما علق علي الصليب، فنلتزم نحن بالتطلع نحو الشرق أي نحو المصلوب .] |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا الأنبا أثناسيوس نظرته إلى وحدة الحياة الجديدة من أهم سمات اللاهوت السكندري حتى النسكي هو النظرة إلى وحدة الحياة الجديدة في المسيح يسوع، فالمؤمن إن كان متزوجًا أو راهبًا، في دير أو كان متوحدا، في كنيسته أو عمله يحمل حياة واحدة جديدة هي "الحياة في المسيح". هذا ما نلمسه من تصرفات القديس أنبا أنطونيوس حينما التقى بالأخ زكاوس أحد تلاميذ القديس باخوميوس لم يسفه من نظام الشركة كنظامٍ جديدٍ، بل بكل اتساع قلب شجعه، قائلًا: "أنتم جميعكم صرتم كالأب باخوميوس، أقول لكم، أنها لخدمة عظيمة قام بها أن يجمع أخوة كثيرين هكذا، سالكا طريق الرسل ". حياة القديس أثناسيوس الرسولي تكشف عن هذه الوحدة للحياة في المسيح يسوع، فنراه اللاهوتي البارع في الدفاع عن لاهوت الكلمة المتجسد ولاهوت الروح القدس بفكر كتابي حي وقلب ناري متقد. وفي نفس الوقت نراه الراعي الحقيقي، الذي في أبوته لا يهتم بالحوارات اللاهوتية الجافة، بل باللاهوت الخلاصي، حيث يشتاق إلى الدخول بكل نفس إلى خبرة الحياة الجديدة. إنه الرجل الكنسي الذي يهتم بالصلوات الجماعية ويقود بنفسه السهر في التسبيح، وهو الناسك العابد الذي يمارس الحياة النسكية في حجرته الخاصة كما افتقد الأديرة كراهب حقيقي. أينما وجد سواء على كرسي الرعاية، أو في حواراته اللاهوتية، أو في دير من الأديرة أو في المنفى، أو هاربًا في مقبرة، أو مختفيًا لدى أسرة من شعبه، يحمل الحياة الجديدة التي في المسيح يسوع. |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا الأنبا أثناسيوس لقطات من حياة البابا أثاناسويس البابا العشرين اتسم القديس أثناسيوس بالشجاعة مع الحكمة وسرعة البديهة، نذكر بعض لقطات تكشف عن شخصيته. 1. إذ حاول الوالي الأريوسي قتله هرب القديس في قاربٍ إلى الصعيد. انطلق الجند وراءه في سفينة الوالي التي كانت بلا شك أسرع من الأولى. وإذ اقترب الجند نحو البابا اضطرب رئيس النوتية. لكن البابا في شجاعة وقف على حافة القارب ونظر إلى الجند، وقال لهم: من تطلبون؟" أجابوه: "أثناسيوس". بكل صدق قال لهم: "أثناسيوس قريب منكم جدًا". فظنوا أنه في سفينة أخرى قريبة منهم فأسرعوا نحو الصعيد جنوب مصر، وعاد هو إلى مدينة خلف منفيس إلى حين، ثم صار يتنقل بين الأديرة في منطقة طيبة. 2. جاء الأريوسيون بسيدة تشهد في المجمع أنه ارتكب معها الخطيئة وأنها أنجبت منه طفلًا. لم ينطق البابا بكلمة، لكنه أشار إلى تلميذه الذي وقف يسألها: "هل ارتكبت أنا معكِ الخطيئة؟" أجابته: "نعم أنت يا أثناسيوس". سألها أن تتأكد من شخصه، فأكدت أنه هو الذي ارتكب معها الخطية فشعر الأريوسيون بالخجل إذ انكشف خداعهم وتبرأ البابا أمام المجمع. * بدا كأن الجسد قابل للفساد، لكنه لم يبقَ هكذا بطبيعته، فإنه إذ لبسه الكلمة بقي بلا فساد. إذ جاء في جسدنا وتشبه بحالنا، لذا نحن نقبله ونشترك في الخلود الصادر عنه . البابا أثناسيوس الرسولي |
رد: كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا الأنبا أثناسيوس حياة البابا أثناسيوس في سطور حوالي 297 ميلاده بصعيد مصر. 312 أقيم قارئًا. 318 رُسم شماسًا، ثم عُين سكرتيرًا للبابا الكسندروس. ... تتلمذ على يدي أنبا أنطونيوس لمدة ثلاث سنوات. 325 صحب البابا في المجمع المسكوني الأول بنيقية. 328 خلف البابا ألكسندروس. 330 سام أول أسقف على أثيوبيا باسم الأنبا سلامة الأول. 330 سأل يوسابيوس النيقوميدي الإمبراطور قسطنطين أن يكتب للبابا أثناسيوس لكي يقبل أريوس في شركته. رفض البابا طلب الإمبراطور. 333\334 عُقد مجمع في قيصرية فلسطين، أسقفها يوسابيوس الآريوسي، ورفض البابا المثول فيه. 335 مجمع صور اُتهم فيه البابا: · قتل أرسانيوس الأسقف الميلاتي. · انتهك بتولية عذراء. · طلب من وكيله أن يحطم كأس الإفخارستيا الذي كان لاسخيراس المدعى كاهنًا. ظهرت برائته لكن حاول الآريوسيون تمزيقه وهرب إلى القسطنطينية، وأصدر المجمع قرارًا بعزله في غيبته. التقى الإمبراطور بالبابا ورحّب به، لكنه غيّر رأيه ونفاه إلى تريف (335-337). 337 مات قسطنطين، وأعاد ابنه قسطنطين الصغير البابا إلى كرسيه. 338 زاره الأنبا أنطونيوس معلنًا إعجابه به. 339 قُتل قسطنطين الصغير، واُتهم البابا بإثارة قلاقل وفتن سببت سفك الدماء، وأنه منع تصدير الغلال من مصر إلى القسطنطينية. أصدر مجمع بأنطاكية قرارًا بعزله، وعيّن بستوس الكاهن المحروم ليُدير الكنيسة. ثم سيم غريغوريوس الكبادوكي بالقوة بطريركًا على الإسكندرية. هرب البابا أثناسيوس إلى روما، ورحب به البابا يوليوس. 342 قابل قسطنس إمبراطور الغرب في ميلانو. وأثار البوسابيّون قسطنطيوس إمبراطور الشرق بأن البابا طلب من قسطنس أن يعقد مجمعًا لأساقفة الغرب والشرق متجاهلًا إيّاه. 343 مجمع سرديكيا أي صوفيا، عاصمة بلغاريا على حدود المملكتين. انسحب الأريوسيون واجتمعوا في فيلوبوليس بتراسيا مقابل سرديكيا، وهي تقع في حدود مملكة الشرق حيث حرموا أثناسيوس ويوليوس. 346 عودة الأساقفة المنفيين إلى كراسيهم. 350 قتل قسطنس على يدي ماجنتيوس. 353 صار قسطنطيوس إمبراطورًا على المملكة كلها، ودخل في حرب مع ماجنتيوس دامت 3 سنوات. اتهم الأريوسيون أثناسيوس أنه متحالف مع القاتل ماجنتيوس، فأصدر الإمبراطور قرارًا بإدانته خلال المجمعين التاليين. 353 مجمع آرل. 355 مجمع ميلانو بدعوة من لبيريوس خليفة يوليوس. 356 هاجم الدوق سيرانيوس كنيسة القديس أثناسيوس وهرب البابا أثناسيوس إلى البرية (356-362). 357 دخول جورج الكبادوكي الدخيل إلى الإسكندرية مسلمًا الكنائس للأريوسيين. وإذ ثار الشعب هرب ليعود في السنة التالية، فقام بعض الوثنيين بقتله للاستيلاء على ما لديه من أموال. 362 صار يوليانوس إمبراطورًا، وسمح بعودة الأساقفة المنفيين. عقد البابا أثناسيوس "مجمع المعترفين"، لكن الإمبراطور ثار على نشاطه وأمره بترك مصر، واصفًا إيّاه كعدو للآلهة. هرب إلى مقبرة أبيه لمدة ستة أشهر. طلب الإمبراطور من الوالي أن يضع خطة لقتله، فهرب نحو الصعيد في النيل، وإذ اقتربت سفينة الوالي تحدث مع الجند قائلًا إن أثناسيوس ليس ببعيدٍ عنهم، فلم يعرفوه. أسرعوا ليلحقوا به وعاد هو إلى مدينة خلف منفيس إلى حين، ثم صار يتنقل بين الأديرة في طيبة. 363 قُتل يوليانوس وعاد الأساقفة من منفاهم. عقد البابا أثناسيوس مجمعًا بعث برسالة إلى الإمبراطور جوفيان يشرح له قانون الإيمان النيقوي. قام بزيارة الإمبراطور الذي رحب به. 364 مات جوفيان وعين فالنتيان أخاه فالنس الأريوسي الميول إمبراطورًا للشرق، فنفى كل الأساقفة الذين نفاهم قسطنطيوس. مايو 365 – فبراير 366 اختفاء البابا أثناسيوس. 369 عقد مجمعًا محليًا لمناقشة قانون الإيمان الأرثوذكسي. 373 رقد في الرب. |
الساعة الآن 04:23 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025