منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الكتب الدينية (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=56)
-   -   كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=930626)

Mary Naeem 21 - 01 - 2023 05:53 PM

كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/16743235391441.jpg

كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس

مقدمة


بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
القديس العظيم البابا متاؤس الأول البطريرك السابع والثمانون من بطاركة الكرسي الإسكندري، سيرته عطرة وعظيمة، فيها من الجهادات والفضائل والمعجزات وعمل الله الملموس ما يفوق العقل البشرى، يستطيع الإنسان أن يتعلم منها الكثير إذا أراد، يتعلم فضيلة الاتضاع وإنكار الذات، يتعلم الصوم الصحيح المقبول والصلاة الحارة القوية، يتعلم المحبة والرحمة وعمل الخير والعطف على الفقراء والمحتاجين، يتعلم الصبر واحتمال الشدائد بفرح، يتعلم الشجاعة الروحية وقوة الشخصية، يتعلم البساطة والاتكال على الله الذي يدبر حياة المتكلين عليه كما يليق.... يتعلم الكثير والكثير.
أعجبتني جدًا هذه السيرة العطرة فأردت أن أنشرها لمنفعة كل من يقرأها، بعد أن قمت بجمعها وتنقيحها من عدة مصادر أهمها كتاب سلسلة تاريخ بابوات الكرسي الإسكندري التي طبعها دير السريان العامر سنة 1952 كذلك كتاب الكنيسة القبطية للقس منسى يوحنا والسنكسار القبطي المستخدم في كنائسنا.
أرجو من الله أن يبارك هذا الكتاب ليكون سبب بركة ومنفعة روحية لأبناء الكنيسة، يتعلمون منه الفضيلة ليسيروا في طريق القداسة مثل أبائهم عاملين بوصية الرسول القائل "اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله. أنظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم" (عب 13: 7) وأعمالهم وجهادتهم.
بشفاعة ذات الشفاعات معدن الطهر والجود والبركات سيدتنا كلنا وفخر جنسنا العذراء القديسة الطاهرة والقديس العظيم البابا الأنبا متاؤس الأول الكبير، وبصلوات أبينا الطوباوي المكرم البابا الأنبا شنودة الثالث أطال الله حياته.
ولإلهنا المجد في كنيسته وقديسيه آمين ثم آمين.

الأنبا متاؤس
أسقف ورئيس دير السريان العامر
أكتوبر 1993


Mary Naeem 21 - 01 - 2023 05:55 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

طفولة القديس متاؤس



ولد هذا القديس الطاهر في ضيعة صغيرة من أعمال الأشمونين (الاشمونين: قرية مازالت قائمة تابعة لمركز ملوي محافظة المنيا) تسمى بنى روح من صعيد مصر وتربى في كتاب البلدة حتى حفظ المزامير والمردات وتعلم القراءة والكتابة. وبعد ذلك عهد إليه والده منذ طفولته بالقيام بمهام راعى الغنم الخاصة به. وان الله المظهر عجائبه في قديسيه أظهر في هذا الطفل منذ حداثة سنه في الرعاية أعمالا عجيبة.

فانه لما كان يقف ليلعب مع الأطفال أمثاله كان يضع يده على رأس كل واحد من الأطفال يرسم بعضا منهم قسوسًا وآخرين شمامسة حتى كانت والدته المباركة تتعجب من ذلك وتشير إلى الجمع قائلة: "إن ابني هذا لابد أن يصير بطريركًا" متنبئة بذلك بالهام من الله. وصار يمارس هذه الأعمال في صغر سنه إلى أن بلغ عمره أربعة عشر سنة.


Mary Naeem 21 - 01 - 2023 05:56 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس

ميله إلى الرهبنة منذ حداثة سنه




لما صار له من العمر أربعة عشر سنة ترك بيت أبيه وذهب إلى دير بقرب أخميم وترهب فيه وصار تلميذا لقديس شيخ ناسك يدعى أبرآم لمدة أربع سنوات، وكان يعمل في رعاية غنم الدير كعادته. وكان لا يلبس على جسده ثوب غاليا بل كان يتزر بعباءة ويربط حبلًا على حقويه، وكان مع حقارة ملبسه وبساطته ذا شجاعة ممتازة وقوة شديدة حتى انه من عظم شجاعته كان الرعاة الذين يكبرونه سنًا إذا هاجمتهم الضباع في الليل للسطو على أغنامهم كانوا لا يقدرون على مقاومتها فكانوا يمتحنون هذا الآب في شجاعته النادرة فيبعثونه إلى تلك الضباع- وكان إذا دنا منها وزعق عليها بصوته تقفز منه وترجع هاربة منه حتى كان الرعاة الذين يكبرونه سنا يندهشون من عظم شجاعته وسرعة أقدامه. وكانت نعمة الله حالة على وجهه الصبوح.


Mary Naeem 21 - 01 - 2023 05:58 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس

انتصاره على أول تجربة حلت به

لما سمع أسقف تلك الجهة بفضائله استدعاه ليكون معه في دار الأسقفية.

وكان هذا الراهب الشاب رغم نسكه وتقشفه جميل الوجه وحسن الصورة مثل يوسف الصديق.

وكانت هناك امرأة في المكان الذي كان يتردد عليه فلما وقع نظرها على هذا الشاب القديس اشتهت جمال حواجبه وضايقته. فما كان منه لشدة ورعه ونسكه إلا انه انفراد على ناحية وحده وكشط حاجبيه وأخذهما وجاء بهما لتلك المرأة قائلا لها: "خذي يا امرأة شعر الحاجبين اللذين اشتهيتيهما" فلما نظرته الامرأة تألمت لذلك جدا لأن تلك كانت تقيم في منزل مجاور لدار الأسقف وكان الشاب يكتم أمر هذا الحادث على الأسقف حيث لم يرد أن يشهره. ولكن الامرأة ازدادت في أمر التسلط على هذا البار فتقدم للأسقف وسأله أن يطلق سبيله فلم يشاء وما كان من الوديع إلا أن ادعى الجنون وجمع للوقت ثياب الأسقف وبلالينه الموجودة تحت يده فقطعها جميعها قطعا صغيرة وطرحها كوم شرايط وخرق. فلما نظر الأسقف هذا العمل ارتعب قلبه منه وأطلق سبيله- ففرح الشاب في وقته لنجاح حيلته وقام ومضى إلى ديره. ولم يكن الأسقف يعلم انه فعل هذا بسبب تلك المرأة بل كان يعتقد انه في حالة جنون اعتراه. ولكن الله شاء أن يبرر تصرفات الشاب مع أبيه الأسقف فألهم جماعة من المؤمنين أن يزوروا الأسقف ويطلعوه على جلية الأمر فاعلموه بما اتفق لهذا الشاب مع تلك الامرأة. فلما تحقق الأسقف صحة الخبر ندم على طرد هذا القديس.

أما الراهب متى فأتى إلى معلمه واخبره بالأمر فسر منه وشجعه على السير في طريق الفضيلة والطهارة.


Mary Naeem 21 - 01 - 2023 05:59 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس

رسامة الشاب متى الراهب قسًا



حدث بترتيب إلهي أن استدعى الأسقف الراهب الشاب متى ورسمه قسا فلما سمع الأب ابرآم القمص خبر الرسامة قام في الحال وقابل الأسقف وعاتبه على تصرفه هذا فأقنعه الأسقف أن الشاب يستحق أن يكون بطريركًا لما كان يعلمه عن أحواله لأن هذا الشاب الراهب كان مدة مقامه عند الأسقف يصوم في زمن الصيف يومين يومين وفي زمن الشتاء ثلاثة ثلاثة. فلما سمع القمص أبوه الروحي ما شهد له به الأسقف تعجب ومجد الله المتكلم على أفواه قديسيه.


Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:00 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس

هربه إلى دير القديس أنطونيوس بالبرية



ولما رأى القس متى ما وقع من النزاع بسببه مضى إلى جبل القديس أنطونيوس وأختفي في الدير ولم يظهر لأحد أنه كاهن. وكان في خدمته في الكنيسة يعمل كشماس بسيط حيث لم يشأ أن يعلم أحدًا بأنه قسيس كاهن ولكن أرادة الله هي فوق كل أرادة لأنه حصلت معجزة بسبب تنكره هذا فإنه في أثناء الخدمة في البيعة خرجت يد من الهيكل وأعطته البخور ثلاث دفعات عند قراءة الإنجيل ثم غابت عنه فلما نظرها بعض شيوخ الرهبان القديسين وتحققوا من رؤيتها أعلموه أنه لابد أن يصير بطريركا فلما سمع هذا منهم حزن جدا وقام وخرج من الدير.


Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:02 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس

رحلة القس متى إلى أورشليم



خرج القس متى من الدير متوجها إلى أورشليم فوصلها وتغرب هناك وكان يعمل كأجير في الفاعل ويأكل من كده وتعبه وكان بعد عظم جهاده في النهار يقطع الليل كله ساهرًا في مغارة ولا يخالط أحدًا. وكان لا يتكلم في اليوم سوى سبع كلمات وأما يوم الجمعة فلا يتكلم فيه بالكلية مع أحد بل كان يتكلم في الوحدة مع السيد المسيح النهار كله.

وهكذا ما برح هذا القديس يجاهد في أورشليم وهو يخفى حقيقة نفسه عن العالم إلى أن حضر إليه راهب غريب الجنس. وقال له: "يا رجل الله ارحمني فإنه كان معي مبلغ من الفضة ينفعني في غربتي سرقوه منى ولا أعلم من هو الذي فعل ذلك" وكان السارق يريد الذهاب إلى بيت لحم قاصدًا الهرب إلى بلاده. فلما علم الآب متى بالروح أمر ذلك الرجل قام ومضى لساعته إلى بيت لحم وقبض على السارق وأخذ الفضة المسروقة منه في خفية حيث لم يرد أن يشهر به وعاد إلى أورشليم وأعادها إلى صاحبها فتعجب الراهب من غرابة هذا الحادث وتعجب كثيرا لذلك وذاع الخبر لكل أحد في أورشليم فلما علم الآب الورع متى أن أمره اشتهر في مدينة الله أورشليم المقدسة قام لساعته ورحل منها وعاد إلى جبل القديس انطونيوس كما كان.


Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:02 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس

عودة القس متى إلى دير انطونيوس العظيم



لما اشتهر أمر القس متى في أورشليم غادرها

وعاد إلى ديره بجبل القديس أنطونيوس العظيم.

وقد ناله عند عودته أحزان كثيرة منها أن حاكم البلاد المصرية

حقد على المسيحيين لما وقع من الإفرنج في مدينة الإسكندرية.

Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:04 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس



اضطهاد القس متى والشيخ مرقس الأنطوني من دير القديس انطونيوس



هجم طوايف من الافرنج على مدينة الإسكندرية ونهبوا أموالها ث تركوها ومضوا. وقد كان لهذا الحادث اثر سيئ على المسيحيين في مصر فان الأمير يلبغا الذي كان حاكمًا في تلك الأيام قام بالانتقام من هؤلاء المسيحيين وأرسل رسلا إلى جميع الأديرة الواقعة تحت سلطانه يطلب أموالهم ويستولى على أوانيهم. فلما بلغ الرسل إلى دير أبينا انطونيوس قبض الأمير الذي كان على رأس الرسل على القس متى الذي كان رئيسًا في تلك الأيام وعاقبه كثيرا للحصول على أموال وذخاير الدير حتى انه من زيادة شدة العقاب الذي حصل له صار كلما استعطف القس متى الأمير أن يمسك عنه الضرب من أجل الله كلما ازداد في ضربه حينئذ انتهر القديس مرقس الأنطوني الأمير قائلًا: "أما تنظر يا هذا انه يستعطفك لترأف به وأنت لا تقبل مرضاة الله" فلما سمع الأمير كلام الشيخ ازداد حنقا وأمر الجند أن يطلقوا سراح القس متى ويضربوا الشيخ عوضا عنه وهكذا طرح الجند بالشيخ أرضا وضربوه أمام الأمير.


وعندما فرغ الأمير من عقاب الرهبان وشيخهم ورئيسهم أوثق الشيخ مرقس والقس متى وجماعة من الأخوة وانطلق بهم إلى مصر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ثم ضيق عليهم في الطريق كثيرا بالجوع والعطش والمشي حفاة في البرية. وكان الشيخ كلما سأل الأمير أن يسقيهم قليل ماء لا يفعل بل بالكاد دفع لهذا الشيخ قليلًا من الماء دون رفقائه فامتنع الشيخ مرقس من ذلك ولم يقبل منه الماء حيث لم يشأ أن يشرب الماء وحده دون رفقائه وطرح الماء أمام الأمير وانتهره قائلًا: "هوذا الرب إلهنا يسقينا من عنده لأنه أكثر رحمة منك" ثم رفع عينيه بلجاجة نحو السماء فاستجاب الرب لندائه واسقط لهم مطرا غزيرا في الحال حتى تعطل سير الحملة واضطر الأمير إلى الوقوف مكانهم وتعذر سير الخيول من كثرة مياه الأمطار المتدفقة وكان ذلك في زمن الصيف حيث تعب الأخوة وعطشوا جدا من شدة الحرارة وتعب الطريق وحينئذ جلسوا وقت المطر واستراحوا وشرب جميعهم وفرحوا وأخذوا يسألون الشيخ القديس أن يصلى عنهم كي يصلوا إلى مصر ويدخلوها سالمين فأجابهم قائلًا: "إن الله لا يدعكم تدخلون مصر بل ستعودون إلى ديركم سالمين".....

وهكذا ما برح الأخوة يسيرون في الطريق إلى أن بلغوا أطفيح وهناك وجدوا أن الأمير يلبغا قج أرسل مرسوما إلى أطفيح يأمر فيه بإطلاق سراحهم وعودتهم إلى ديرهم وهكذا عاد الشيخ والقس متى الرئيس والأخوة في أثرهما وهم يرددون آيات الشكر لله ويقدمون له المجد والإكرام على عطفه وحنانه وعجايبه المدهشة.

Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:08 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس



القس متى في دير المحرق بجبل قسقام




كان سفر القس متى من دير انطونيوس إلى دير المحرق بجبل قسقام بتدبير من الله لمنفعة الأخوة رهبان هذا الدير لأنه كان فيهم من لا يداوم على الصوم في كل يوم إلى التاسعة فعلمهم هذا الأب ضرورة المداومة على الصوم إلى التاسعة وكان يبذل قصارى جهده في كل يوم أمامهم كي يتعلموا منه بالنظر ما هو أفضل من السمع. فكان تارة ينقل الرماد على رأسه ويغسل به أواني المطبخ والقدور ويخدم الشيوخ والمرضى منهم ويقوم بالواجب نحو الواردين والمترددين. وكان مثالًا كبيرًا في التقشف وزهد العالم فلم يكن له ثوب ولا قنية ولا قلاية بل كان أكثر إقامته في مغارة خارج الدير يصلى فيها وكان الشيطان يثير عليه في تلك المغارة حروبا كثيرة ويظهر له خيالات مفزعة فكان يهيج عليه السباع والضباع الكاسرة ليأتوا إليه ويفترسوه. وكان هذا الأب القديس لا يخاف الضباع البتة بل كانت حينما تنظره تأنس إليه وتخافه وترهبه حتى صارت في اليوم الذي لا تجد فيه قوت رضعانها تحملها إليه وتشكوا له فيعلم شكواها ويعطيها ما عنده من الخبز لتقتات به ويترك ذاته جائعا أياما طويلة بلا أكل إلى أن يعود إلى ديره.

وكانت الوحوش المفترسة لمحبتها فيه وتعلقها به تسير معه إذا سار في الطريق وترجع عنه ولا تخالفه إذا أمرها بالرجوع. وكان مع خضوع هذه الوحوش الكاسرة لسلطانه لا يفتخر بذلك ولا يتحدث به.

وكان القس متى لا يتدبر برأي نفسه قط بل كان إذا عرض له فكرة يترك كل ما هو فيه ويسعى على قدميه ليلًا ونهارًا إلى أن يمضى إلى مدينة أخميم فيشاور أباه القمص هناك ثم يرجع إلى دير الحرق واستمر على هذا الحال فلم يبرح أن يتدبر في تصرفاته بالطاعة والاستشارة من وقت لآخر إلى اليوم الذي اتفق فيه انتقال البطريرك الذي كان قبله من هذا العالم وهو البابا غبريال الرابع.

Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:09 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس



ترشيح القس متى للبطريركية



انتقل البابا غبريال الرابع البطريرك (86) من هذا العالم في يوم 3 بشنس سنة 1094 ش (1378م) في أيام سلطة الملك على بن شعبان المنصور ولبث الكرسي بعده خاليًا نحو ثلاثة شهور. فقام جماعة من الشعب يبحثون على من يصلح للبطريركية من الرهبان لترشيحه إلى أن استقر رأيهم على أن يسألوا القس متى في أن يصير بطريركا عليهم فلم يرض وقام واختفى عن الأعين ونزل في مركب للإبحار إلى الجهات القبلية. إلا أن الطبيعة عاكسته بإرادة الله عز وجل إذ امتنع الهواء أن يخرج في هذا اليوم. والشعب قائم في البحث عنه إلى أن أتى طفل بالهام إلهي وكان صغير السن فدلهم عليه قائلًا: "انه مختبئ في خن المراكب" فأسرع الشعب بالمضي إليه وأخرجوه من الخن المختبئ فيه.

ولما علم أنه ليس خلاص من أيديهم حينئذ سألهم بإلحاح كبير أن يرسلوه صحبة أثنين منهم إلى جبل القديس أنطونيوس ليشاور الشيوخ فيما هو معروض عليه.

فأجاب الشعب طلبه وذهبوا به إلى الدير المذكور وعندما وصله وأبصره شيوخ الدير ورحبوا به وعلى الأخص الأب الطوباني مرقس وأشاروا عليه بأن لا يبرح عما رسم له بل يستعد ويقبل هذه الخدمة.

Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:11 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس



رسامة القس متى بطريركا متاؤس الأول

وصل القس متى مع وفد الأمة إلى مصر. ولما تحقق له أمر اختياره للبطريركية بصفة نهائية تألم قلبه لذلك جدا حتى لما زاد به الألم أخذ مقصا وقطع به طرف لسانه وطرحه أمام الشعب ولما رأوا ذلك منه تألموا جدا وقصدوا معالجته فلم يمكنهم من ذلك لكن الرب أفسد تدبيره فان الإله القدير الذي أطلق لسان زكريا بعد الخرس هو الذي أطلق لسانه فتحقق للأمة أن راعيهم هذا هو مختار من الله لاعتلاء الكرسي الرسولي المرقسي.


البابا متاؤس الأول البطريرك الكبير
وبعد ذلك أمسكه الشعب وأعضاء المجمع المقدس ورسموه بطريركًا في اليوم الأول من شهر مسرى سنة 1094 ش (1378 م) في مدينة الإسكندرية مقر كرسيه لأسم البابا متاؤس الكبير البطريرك (87) وكان جملة من اجتمع من أعضاء المجمع المقدس ووضعوا اليد عليه بالإسكندرية في ذلك اليوم أحد عشر أسقفا وكان يود من المسيح أن يرسل له الأسقف الثاني عشر وأنه لم يخرج من الإسكندرية حتى أرسل له السيد المسيح الأسقف الثاني عشر وكملوا جلوسه بطريركا في اليوم السادس عشر من شهر مسرى لمحبته في ذلك اليوم الذي هو يوم عيد سيدتنا العذراء الذي كان يحبها ويحتمي فيها ويلجأ إليها في كل حين.

Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:13 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

توجيه خدامه نحو تأدية فروض الصلوات وإعانة المساكين والراهبات والرهبان


لما تولى البابا متاؤس الأول على الكرسي الرسولي لم يغير شيئا من نظام طريقته التي كان يسلكها قبل البطريركية بل حافظ على نسكه وتواضعه في أيام بطريركيته. فإنه منذ أن اعتلى الكرسي قام بتنصيب جرس من نحاس في القلاية البطريركية بحارة زويلة وصار كل من يسمع دقات الجرس ينهض لتأدية فروض الصلاة في أوقاتها وممارسة الصوم في كل يوم إلى الساعة التاسعة. وكان مع حرصه على الصلوات والسهر لا يغفل عن راحة المساكين وإعانة المحتاجين فإنه إذا نصب كرسي الحكم وجلس للفصل في القضايا وينظر في حال ذلك المسكين أو الجائع لأنه أفضل في نظره من مجالس الحكم لأن هذا البابا القديس ما كان له من الاهتمام بالحكم مثل التفاته للمساكين ومنح الصدقة وعمل الرحمة وكان من شدة اهتمامه بالصدقة والرحمة أنه في اليوم الذي لا يطرق بابه مسكين أو بائس كان يقوم بنفسه ويطوف على بيوت الأرامل والمساكين والبؤساء ويفتقدهم حتى الذين في السجون فكان يزورهم ويتعهد كل واحد منهم.

ولم ينس هذا البابا الرحوم أديرة الراهبات والرهبان بل كان يهتم بأمرهم أكثر من كل شيء فكان يطوف على الأديرة وينظر في حالهم ولما عبر مرة على أديرة الراهبات ووجد راهبة عجوز مسكينة جلست وقت الساعة التاسعة تأكل خبزا وملحا فقط فتألم من ذلك كثيرا وحزن قلبه على الراهبات حتى صار لا يغفل عن افتقادهن وصار يرسل إليهن في كل شهر القمح والحبوب والزيت وغير ذلك من يوم بطريركيته إلى يوم انتقاله.

وكذلك لم يترك الذين في الأديرة والجبال بلا عائل بل كان يرسل لهم أيضا جميع ما يحتاجون إليه.

كما كان يفتقد الذين في الضوائق والشدائد من جميع الطوائف فكان يتلقى عنهم تلك الشدة وكان يعمل لخلاص الذين في السجون فكان يطرح ذاته على أبواب الأمراء والحكام ويبذل لهم الأموال الكثيرة حتى يخلص نفس كل إنسان من تلك الشدائد وكان يطلب العوض في ذلك من رب الإحسان والرحمة المسيح إلهنا الذي كان يرسل له العوض أضعافا وكان كلما ازداد في صنع الخير والرحمة تزايدت إله العطايا من ذهب وفضة وكان يصرفه أولا بأول على المساكين دون أن يدخر له شيئا منها.

Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:15 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

درس في الاعتماد على الله بدلا من المال
اعتراض تلاميذ البطريرك على عدم احتفاظه بالمال للعوارض



لقد قام تلاميذه بإحصاء ما تخلف عن البابا غبريال الرابع سلف البابا متاؤس الأول فوجدوا أنها تزيد عن مائة ألف درهم وزعها جميعها صدقة منه على المساكين والفقراء والمحتاجين.

وأما رأوا أن كل ما كان تحت يده وجميع ما يحمل إليه يقوم بصرفه وتوزيعه أولا بأول على المساكين قاموا على هذا البابا الرحوم وخاصموه وأشاروا عليه أن يبقى شيئًا يدخره تحت يده لطارئ يطرأ عليه أو عارض غير منتظر. ولما اشتدوا عليه بإلحاحهم حفر في الأرض حفرة ووضع فيها ستمائة دينار. وبعد ذلك فكر البابا متاؤس في نفسه وقال: "يا متى أن الرب يقول في الإنجيل المقدس لا تكنزوا لكم كنوزا في الأرض حيث السوس يفسدها والسارقون يحتالون فيسرقون وأنت حبست ذلك عن المساكين وخزنته في الأرض وخالفت قول الإنجيل أو ما تعلم أن الله يعوض بدل ما تعطيه للمساكين أضعافا" وندم على ما فعل وبكى ثم قام لساعته ليخرج تلك الستمائة دينار التي خبأها. وإذا في أثناء الحفر يجد ستمائة دينار أخرى كانت مخبأة كشفها له الرب من أجل رحمة المساكين. فلما نظر ذلك تعجب وصار يبكت تلاميذه على قساوة قلوبهم وعدم ثقتهم برحمة الرحمن الإله القدير قائلًا: "أنظروا يا أولادي إذا كان هذا صنيع الرب مع من يرحم ويعطى المساكين فكيف تمنعوني أنا الحقير أن لا أعطى لأولئك المساكين" ثم أخذ للوقت الألف ومائتيّ دينار وأشار على تلاميذه أن يشتروا بها غلال وقام بتوزيعها على الأديرة والمحتاجين.

Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:19 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

مقاومة البابا للمجاعة ومكافحة الغلاء بالهام الروح القدس

ألهم الله البابا القديس متاؤس بقرب حدوث مجاعة كبرى وغلاء كثيرة فقال هذا البابا لتلاميذه: "قوموا يا أولادي واشتروا ألف أردب غلة للمساكين لأن غلاء عظيما سيقع بأرض مصر ويموت الكثيرون من المساكين" فأجاب تلاميذه قائلين: "من أين لنا يا أبانا أن نشترى ألف أردب غلة وليس معنا من ثمنها سوى خمسمائة دينار لا غير" فقال لهم البابا المتكل على رحمة مولاه: "اشتروا يا أولادي ولا تخافوا والرب يهيئ خمسمائة دينار أخرى لأجل المساكين". ولم يفرغ الكلام من فم البابا القديس حتى جاءت امرأتان من أعيان الناس ومعهما خمسمائة دينار وسألتاه أن يشترى بها قمحا للمساكين. فلما نظر التلاميذ هذه الأعجوبة العظيمة اندهشوا مما حصل وآمنوا بأن الاعتماد على الله خير من الاعتماد على البشر والمال المدخر وقاموا في الحال واشتروا الغلال كما قال لهم أبوهم البابا متاؤس.

وبعدما اشتروا الغلال لم يلبث الأمر طويلًا حتى وقع بمصر ذاك الغلاء الصعب وهاجر أناس كثيرون من بلادهم واجتمعوا عند البابا البطريرك حتى امتلاء طريق قلايته من الجياع والمطروحين. وكان هذا البابا ينظر إلى كل طائفة منهم ويتألم قلبه عليهم وكان يهتم لهم جميعا بما يحتاجونه يوما فيومًا إلى أن ارتفع ذلك الغلاء وزالت الشدة عن الأرض.

حينئذ دعا الغرباء وغيرهم وأعطى لكل واحد منهم ثوبًا وكساء له وللنسوة ما يجب لسترتهن ثم زودهم جميعًا سفنا تحملهم وأرسلهم إلى بلادهم حتى تعجب الناس لكثرة الثياب والأردية التي أقام مدة في تفصيلها وخياطتها حتى اكتفى الجميع في ذلك اليوم كما كان يهتم بالمنتقلين منهم فيكفنهم ويدفنهم. وكان يفعل الرحمة مع كل الطوائف نصارى ومسلمين ويهود.

وكان الله يبارك في جميع الغلات وغيرها كما بارك في الخمس خبزات وسمكتين حتى صار تلاميذه إذا شكوا إليه من عدم وجود الغلة وان ما بقى في المخازن لا يكفى الجمع للغد كان يقول لهم: "فرقوا يا أولادي ولا تخافوا لأن عندي مخازن فايضة ملآنة" ولم يكن يعنى هذا البابا المخازن الأرضية بل كان يقصد المخازن السمائية. لأنه كان من عادة البابا تؤس أن يعيد للسيدة العذراء الطاهرة والدة الإله وكذلك لرئيس الملائكة ميخائيل الطاهر عيدين في كل شهر وكانت المخازن إذا نقصت ودخل وباركها في هذين العيدين كانت تمتلئ غلتها وتفيض من البركة السمائية. ومما يحسن ذكره في هذا المقام أنه لما شعر بقدوم وطأة الغلاء اشترى للأديرة والجبال ألف أردب ترمس لسد حاجات الرهبان وقت وقوع الغلاء. ولكن حدث أن بعض الرهبان لما رأوا إبطاء وقوع هذا الغلاء صاروا يحمون من ذلك الترمس في النار كالزبل فلما حل وقوع ذلك الغلاء ندم أولئك الرهبان كثيرًا على سوء تصرفهم وأما الذين حفظوا ما عندهم فإنهم صاروا كلما يجدون ما يقتاتون به يأكلون الترس ويشكرون الله على هذا الحال.

Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:22 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

الرحمة تثمر ثمارا جيدة



ولما نظر الأغنياء الذين بلا رحمة إلى صنيع هذا البابا ولمسوا زايد محبته صاروا يقتفون آثاره ويصنعون كما يصنع حتى أن أحد الأغنياء أتى إلى البابا وقال له: "إني أسألك أيها الأب أن تسأل السيد المسيح كي يعطيني رحمة في قلبي لأحب رحمة المساكين مثلك ويجعل انتقالي قبل وفاتك ويكون موتى أمامك. وأنا أعطى المساكين كل ما لي لأجلك" فقال البابا "كأيمانك فليكن لك يا ابني وكما اشتهيت فليكن لك مثل قلبك" ومن تلك الساعة أعطى المسيح لذلك الإنسان رحمة في قلبه كما طلب إلى أن صار لا يرد أحدا ممن يسأله بل لا برح يصدق ويعطى وكانت أكثر صدقاته على الراهبات إلى أن بلغت صدقاته على يد هذا البابا نفسه ألف أردب غلة في كل عام فلما أرضى الإله بأعماله ودنت ساعته حركته الإرادة الإلهية فطلع ذات يوم إلى القلاية كي يتبارك من الأب البطريرك كعادته وفي تلك الساعة أدركه الموت في حضرة البطريرك كما طلب حتى تعجب من أمانته الصادقة فكفنه بيده الطاهرة وكتب على كفنه: "سألت فأعطيت. قرعت فتح لك لأن الله يسمع لأنه هكذا للرحومين والمتواضعين".


وأما الأغنياء الذين بغير رحمة فقد حضر البابا متاؤس إنسانًا عند موته وهو التاج بن الثمار وسأله أن يعطى شيئا من ذهبه وفضته قبل موته فلم يسمع له ذلك الغنى ومات لساعته وأحاطت به الظلمة إذ أرسل الملك إليه قائدًا ظالما قبل أن يخرج البابا من بيته فوضع يده على خزائن ذلك الغنى وأخذ كل ذهبه وفضته وذخائره قبل موته ثم مات ميتة رديئة مقهورا وانحدرت نفسه إلى الجحيم لأنه هكذا الشقاء الذي يحل بالأغنياء عديمي الرحمة.

لهذا كان البابا متاؤس يحب أن يداوم جميع الناس على الرحمة كما أحبها هو، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولذلك كان لا يترك شيئًا إلا ويصدق به حتى أنه في اليوم الذي لا يجد فيه شيئا يتصدق به كان يعطى البساط الذي تحته للمساكين وفي إحدى المرات تصدق بثوبه وردائه وفي حين آخر بالدواة النحاس الموضوعة أمامه.

وذات يوم جاءه إنسان جائع عند المساء وكان جالسا يأكل طعامه فأخذ عشاءه من أمامه ودفعه لذلك الجائع ثم خرج وقرع الأبواب مثل مسكين في طلب رغيف. فلما قرع الباب وتحققوا انه صوت البطريرك خرجوا له وسألوه أن يقبل أكثر من رغيف فلم يقبل.

فتعجب تلاميذه لعظم صبره ليس في المأكل فقط بل وحتى في الثياب والبرنس الذي له. لأن هذا البطريرك لم يكن يهتم بحاجة الجسد وما كان يلتفت إليها بل كان يكتفي بمسح شعر من تحت ثيابه ويعطى جميع ما عنده لأولاده الأساقفة ولا يدع عنده غير برنس واحد برسم الخدمة. وفي إحدى المرات سأل تلاميذه أن يعطوا ذلك البرنس الوحيد لأسقف مسكين قد أقامه فامتنع تلاميذه عن ذلك. فلما امتنعوا أرسل له الرب في تلك الساعة برنسا جديدا من حرير أحسن من الذي عنده فأعطاه لذلك الأسقف فلما نظر التلاميذ ما كان مجدوا الله وندموا على مخالفتهم له ولم يعودوا بعد ذلك يخالفونه.


تواضع البابا متاؤس

وكان البابا متاؤس مع ما اتصف به من فائق الرحمة لا يتعاظم قط ولا يتكبر لأنه حاز مع الرحمة على فضيلة الاتضاع. وكان إذا دعته الضرورة يعمل مع الفعلة والعال معاجن الطين وينزح مراحيض البيعة الذي هو فيها مع العلمانيين. وكان مع هذا كله لم ينحط قدره ولم تذهب عنه هيبته بل ازداد مجدا ووقارا في أعين الناس.


خدمته الكهنوتية وحلول الروح القدس عليه أثناء تأديتها

وكان البابا متاؤس إذا لبس وتقدم لخدمة الكهنوت يتغير لون وجهه كالجمر ويصير لمعان عينيه كالبرق لأنه كان ينظر بالعقل ابن الله قائما على المذبح فيخاف من هيبته جدا حتى من شدة خوفه كان الكهنة يسألونه الجلوس على الثرونس (العرش البابوي) وكان يمتنع من ذلك ولا يجلس عليه قط ويخاطبهم قائلا: "يا أولادي هنا يجب أن يكون السجود أمام تلك الخدمة الرهيبة". وكان مع حرصه ينهر ويزجر كل كاهن كي يحترص في خدمته خشية الملك السماوي الجالس على العرش. وكان كل كاهن لا يسمع له يحرمه فيموت لساعته. حتى انه ذات مرة احتقر أحد الشمامسة حرم هذا البابا وتجاسر على الخدمة فسقط للوقت من سلم وتقطع قطعا ومات.

وفي دفعة قام إنسان بإخفاء الحجج المكتوبة عن بستان لأطفال أيتام فلما كلمه البابا متاؤس في هذا الخصوص كان جوابه: "كلمتك تقطعني يا أبى إن كنت أخفيت عنك حجج بستان أولئك الأطفال الأيتام" فرد عليه البابا بغضب قائلًا: "من فيك يكون لم كما قلت" وهكذا لم يصل هذا الشماس إلى بيته حتى وقع ميتا ووجدوا ما أخفاه من الحجج في جوانب بيته لأنه لم يكن يحكم بالظواهر التي تحكم بها الناس بل كان يحكم بإلهام وإرشاد الروح القدس الحال عليه لأنه لن يكن يبتدئ في محاكمته بشيء قبل أن يدعو الحاضرين للمحاكمة أن يصلوا معه قائلين: "يا أبانا الذي في السموات" أي الصلاة الربانية.


Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:26 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس الأول


نصائح واحكام البابا متاؤس بإرشاد الروح القدس الحال فيه


وأما مكاتباته فكان يكتب فيها بعد ذكر الثالوث القدوس ما يأتي: "الخلاص للرب" مشيرًا بذلك إلى أن المسيح إلهنا الحي هو الذي ينطق على فمه بما فيه الخلاص لعبيده.

ولذلك صارت كل مشكلة يتعذر على الملوك والحكام الفصل فيها يرسلونها إلى البابا متاؤس فتحل لوقتها بأسهل طريق لتحقيق العدل لأن هذه الأحكام كان يصدرها قداسته بالوحي الإلهي حتى ذاعت شهرته في جميع الأصقاع حتى تعدت حدود مصر وسرت في الخارج وسمع بها الملوك الذين كانوا يقدمون له الهدايا الثمينة فكان ملوك الفرنج يعتقدون في طهارته ويعترفون بقداسته ويلتمسون بركته.

وكذلك كان جماعة الروم يثقون في قداسته لكثرة ما عاينوه من محبة هذا الأب القديس لهم وما لمسوه بأيديهم وعقولهم من سلامة في أحكامه التي كان يفصل فيها بينهم بكل إنصاف وعدل. وكانوا عند ما يلتمسون منه هذه العدالة والسلامة والمحبة والإنصاف في أحكامه وإرشاده يمجدون الله قائلين: "بالحقيقة كما سمعنا كذلك رأينا".

Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:28 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس الأول


زيارة البابا متاؤس الأول البطريرك 87 لدير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس



ولما كان الملك برقوق يحترم البابا متاؤس الأول ويحبه ويعتقد في صلاحه وبركته فإنه لم يشأ أن يجلس على سرير الملك قبل أن يستشير البابا متاؤس صديقه ويسأله الرأي في قبول الملك. فلبى البابا نداء الملك برقوق واستعد للقيام بزيارة دير القديس انطونيوس في البرية لأخذ رأى شيوخه القديسين فيما يطلبه برقوق.

وبينما كان قداسة البابا متاؤس قادمًا إلى دير القديس أنطونيوس فقد سبقه إلى الدير الراهب يعقوب القليوبي من دير شهران وحضر إلى الشيخ القديس مرقس الأنطوني وصار يسأله أن يمنحه طرس بركة إلى أبينا البطريرك ليطيب قلبه عليه حتى يزيل أثر غضبه منه. فلما ازداد في الإلحاح على الشيخ بهذا الطلب وكان بجانب الشيخ مرقس قربانة فأخذها ودفعها لذلك الراهب وقال له: "كم من مرة تقول لي أعطيني أشارة لمتى هوذا متى هوذا متى" وهكذا لم يفرغ القديس مرقس الشيخ الكبير من كلامه حتى اجتمع الرهبان إليه وأخبروه أن البابا متاؤس قد حضر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فلما سمع الراهب هذا الخبر أخذته الدهشة مما حدث فتعجب.

ثم اجتمع الآباء القسوس والرهبان وخرجوا للقاء البابا متاؤس بالصلبان والأناجيل والمجامر والنواقيس والشموع وخرج الأب مرقس والقس آبرام حاملين سعف النخل وأغصان الزيتون وهم يرتلون أمامه بفرح وتهليل.

وقد حضر في صحبة البابا متاؤس نحو ثمانين نفس من أقباط مصر وأقام البابا هناك إلى أن كرز كنيسة الثلاثة فتية بالبستان وعمل البصخة المقدسة وحصل فرح عظيم لم يسبق له مثيل.

وعند عودة البابا وانتهاء مهمته التي حضر إليها أخذ في السؤال من أبينا الطاهر مرقس أن يذكره في صلواته حينئذ أجابه الشيخ القديس قائلا: "اذهب يا أبانا ولا تخف لأن الرب برحمته عليك قد جعل السماء أمامك أرضا والأرض سماء" وهكذا عاد إلى كرسيه بفرح واستقامت البيعة في أيامه (كتاب رقم 24 تاريخ بمكتبة كنيسة السيدة العذراء بحارة زويلة ص 108 و109).

وقد حدثت هذه الزيارة سنة 1098 ش (1382م) وعاد إلى القاهرة حاملًا إذن الشيوخ القديسين بجبل العظيم أنطونيوس بأن يقبل الملك برقوق الملك لأن الله قد اختاره ملكًا على هذه الديار المصرية.

فأقامه الله ملكا على سلطنة مصر وقضى جميع حياته محافظا على صداقة البابا فلم يسمع لسعاياتهم لأن الرب كان يحميه ويدفع عنه كل سوء.

واشتهر أمر نزاهة القديس متاؤس في أحكامه في القضايا التي كانت ترفع أمامه ويفصل فيها بحكمته وعدله على أحسن حال حتى طرقت مسامع السلطان برقوق الملك الظاهر واعتقد بها بكل إخلاص فكان عندما يتعسر على هذا الملك العظيم الفصل في القضايا الخاصة بخطف الأموال التي كان الشوايله يدعون فيها أن الفرنج استولوا عليها منهم في البحر المالح فكان يستعين في حلها بالبابا متؤس لتعقد مسائلها وغموض حوادثها فكان هذا القديس بفضل روح الله الساكن فيه ورجحان عقله وحسن أخلاقه وطيب كلامه يحكم فيها بالعدل ويحل عقدها ويظهر الظالم من المظلوم.

Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:31 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس الأول


تجديد عهد السلام بين مصر وملوك الحبشة



وكان من حسن سياسة السلطان برقوق انه عندما تولى الملك وجه همته نحو ملوك الأحباش وجدد معهم عهود السلام وحسن الجوار وكان ملك ملوك الحبشة وقتئذ الملك داود الأول الذي جلس على سرير المملكة سنة 1381 م. أي قبل جلوس السلطان برقوق على عرش السلطنة المصرية بسنة واحدة وذلك بعد أن قامت ثورة ضد أخيه الملك "نوايا سريام ويدم أصغر" وعزلوه بعد أن حكم من سنة 1371 م. إلى سنة 1381 م.



فأشار الملك الظاهر برقوق على البابا متاؤس أن يكتب كِتابًا إلى ملك الحبشة، وكان البابا يعرف أن الملك "ويدم أصغر" هو الذي على عرش هذه المملكة. وكان البابا لا يميل إلى هذا الملك لعدم استقامته وسوء تصرفه. فلما جلس ليكتب نطق الله على لسانه فعنون الكتاب باسم أخيه داود لم يكتبه باسم ويدم أصغر المتولي قبله متنبئا بذلك على جلوس داود على كرسي المملكة بدل أخيه. فأنكر عليه ذلك رسل الملك وامتنعوا عن حمل الكتاب لئلا يشعر الملك "ويدم أصغر" بهذا التغيير في توجيه الرسالة الملكية المصرية إليه فيقتلهم. ألزمهم البابا بأخذ الكتاب كما هو ومضوا به إلى الحبشة. وقبل اقترابهم من الحدود علموا أن الملك ويدم أصغر عزله عساكره من كرسي المملكة لسوء تصرفاته وأقاموا أخاه داود مكانه. فتعجبت البيعة المصرية من حكمة البابا في تصرفاته وأيقنوا أنه كان مدفوعا إلى ذلك بوحي إلهي ومجدوا الله.

ولما وصل الوفد المصري إلى عاصمة البلاد الحبشية قدموا الرسالة البابوية بفرح عظيم لجلالة الملك داود. ولما فك الملك خاتم الرسالة وجد فيها أنها مكتوبة باسمه لا باسم أخيه الذي كان يعتلى كرسي المملكة وقت كتابتها فتعجب وأخذ يسأل الرسل عما إذا كان معهم صليب هذا البابا ومنديله وقد كان البابا أعطاهما لهم وكانوا محتفظين بهذه الوديعة المباركة إلى أن يفرغ الملك من قراءة الرسالة فيقدموها إليه. فازدادوا عجبا وأخذوا يسألون الملك عن كيفية علمه بهذه الوديعة. فقال لهم الملك: "إن البابا البطريرك هو الذي أعلمني بذلك قبل وصولكم وعندي شهود يشهدون بذلك" ثم دعا للوقت عساكره وجنوده وأخته المباركة أيضا وأخذ يقص عليهم ما أبصروه قائلا: أني بالحقيقة أقول لكم يا أحبائي انه قبل أن يجلسوني ملكا على كرسي المملكة أبصرت هذا البابا في الرؤيا وقد خلع أخي من على كرسي ملكه وأقامني عوضًا عنه وقال هكذا: "ينزع الله الملك ممن لا يسير بالاستقامة ويعطيه لمن يسير بالاستقامة" بهذا التصريح وأجلسني على كرسي المملكة أعطاني هذا الصليب بيدي ودعا لي أن الله يثبت كرسي مثل داود النبي لأقضى بين الشعوب بالعدل وأحكم الأمم بالاستقامة ثم بعد ما أتم الدعاء لي باركني وانصرف عنى فانتبهت من نومي وتعجبت من هذه الرؤيا وكنت أود أن أشرح لكم هذه الرؤيا في وقتها ولكن المباركة أختي منعتني من ذلك خشية من بطش الملك أخي لئلا يشعر بذلك فيقتلني لساعتي ولهذا دعوت شقيقتي مع جميعكم لتشهد لكم بما سمعته منى من قبل.

ولما أخبر الملك داود بهذا التصريح الجلي أمام الجميع مجدوا الله المظهر عجائبه على يد قديسه البابا الجالس على الكرسي المرقسي بالديار المصرية وهو ينظر بالروح ما سيحدث من الانقلاب في أقاصي الحبشة وينطق بما سيكون من نتائج الانقلاب.

أما رسول ملك مصر فأنه لما عاد بعد ذلك مع رجال بعثته إلى مصر وأعلم الملك بما حدث من البابا تعجب أيضًا لأنه كان هو أيضًا يحبه ويجله وكذلك كان البابا يحترمه ويحبه وأقام الملك برقوق طول أيامه ولم يسمع فيه سعاية كاذبة.

Mary Naeem 21 - 01 - 2023 06:33 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس الأول


هدايا الملوك للبابا متاؤس لتجديد المحبة والصلح والسلام على يديه


وقد ذاع خبر هذا البابا القديس وانتشرت أعماله الصالحة في أركان العالم كما تجدد على يديه الصلح والسلام والمحبة حتى شهد له ملوك المسيحية قائلين: "إن مثل هذه الأعمال الصالحة لم نسمع بها قط" ولم ينقطع سيل الهدايا الكريمة من الوصول إليه.

ومن بين هذه الهدايا العظيمة أن الملك البار ملك الحبشة داود الأول DAWIT I: ل‹³ل‹ٹل‰µ لما سمع بعظم تقدير ملوك الإفرنج لهذا البطريرك ومحبتهم له وكثرة هداياهم إليه قام بإرسال هدايا ثمينة أعظم منها من بلاده إلى أحد ملوكهم قائلا له: "لأنني ما أرسلت أليك هذه الهدايا لطلب هدايا مثلها، بل لتقدم لي شيئًا من الأثارات السيدية التي في بلادكم" ولما وصلت تلك الهدايا لملك الفرنج فرح بها وأرسل له ما هو أجل وأعظم منها وهو أنه قد كان عنده في ذخائره المقدسة الثمينة قطعة خشب سنبه من خشب الصليب المقدس الذي صلب عليه سيدنا المسيح فأخرجها للوقت ووضعها داخل صندوق ثمين. ثم وضع فيه من الأواني الذهب والفضة والحلل الفاخرة التي للملوك والكهنة ما لا يمكن وصفه وأنه صور على أحدى الحلل صورة هذا البابا متاؤس مصورة بالذهب اللامع.

ثم أرسل هذا الملك الهدايا إلى البابا متاؤس الإسكندري لكي يقوم بتوصيلها إلى ملك الحبشة واستحلفه بأن لا يرسلها حتى يقدس في تلك البدلة الكهنوتية المصور عليها صورته ويصلى عليها ويباركها من فمه الطاهر قبل تصديرها إلى الحبشة لأنه كان عنده إيمان عظيم في بركة هذا البابا ولم يكن رآه من قبل ولا أبصره بل اعتمادًا على ما كان يسمعه عن فضائله وكرامته وأنه لعظم إيمانه بقداسة البابا سأله كثيرًا حتى يعطيه قطعة من عمامته ليتبرك بها فأرسل له ما طلب فكان يضع هذه البركة على المرضى الذين في بلاده فيبرأون.

وقد أجاب رجاء هذا الملك ولبس البدلة وقدس فيها أمام الجميع الذين دعاهم للتبرك من الآثارات السيدية وقام بإرسالها إلى ملك الحبشة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وعندما وصلت هذه الذخائر المقدسة إلى بلاد الحبشة استقبلها الملك بفرح عظيم وموكب احتفالي مهيب، ولما عاش وملك البلاد والبار أثار سيدنا المسيح تعجب وكشف التاج عن رأسه وأقام نحو ساعة مطروحًا ساجدًا أما تلك الآثار المقدسة التي لسيدنا المسيح ثم لما رفع رأسه ورأى البدلة الكهنوتية التي عليها صورة البابا متاؤس مصورة صار يتهلل ويفرح ويسجد ويمجد الله الذي جعله مستحقًا أن يرى صورة هذا البابا القديس في بلاده قبل انتقاله من هذا العالم. لأن هذا الملك المبارك كان يشتاق دائمًا أن يرى صورة هذا البابا للنبوة التي تنبأ له بها عن توليه عرش الملك موضع أخيه.

Mary Naeem 09 - 02 - 2023 01:52 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg

القديس متاؤس الأول


حلم البابا متاؤس وصفحه عن خصومه وانتصاره عليهم


وقام راهبان منجوسان ضد البابا لطلبهما الكهنوت باطلًا فسعيا ضده عند الملك برقوق ولما لم يسمع الملك لشكواهما سعيا به أيضًا عند كل حاكم بمصر. وكان كل حاكم يمضيان إليه يتكلمان في حق البابا بما يخالف ما ادعيا عليه به عند الحاكم الآخر. ولما تحقق لدى الحكام كذبهما وضجروا من أعمالهما قصدوا أن يعاقبوهما ويلقوهما في السجن ولكن رأفة البابا متاؤس وطول أناته لم تمكن أولئك الحكام من إيصال الأذى لهذين الراهبين وظل يحتملهما بصبر ويطول روحه عليهما فلم يرجعا عن شرهما لأن الشيطان ملأ قلبيهما فهجما ذات يوم على قداسة البابا وهو متربع في مجلس الحكم وقالا له: "ما بالك لا تقوم وتنحط عن كرسيك لأنه جاء الوقت الذي يصير فيه الواحد منا بطريركًا والآخر أسقفًا" فلما سمع كلامهما تبسم ولم يشتد غضبًا بل أجابهما بكل اتضاع قائلا: "أما تريان يا هذان أن تصبرا عليَّ قليلًا وأنا أضرب لكما مطانية metanoia أن تمهلاني أربعين يوما فقط حتى أتخلص من شؤون البطريركية وودائع الشعب التي معي. وبعد كمال الأربعين يومًا تعالا إلى وأنا أسلم لكما كرسي البطريركية بلا مانع يعيقني".

ولما قال لهذين الراهبين هذا الكلام فرحا جدًا ومضيا إلى أحد الأديرة لكي يقيما فيه مدة الأربعين يومًا التي حددها لهما البابا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولم يمض عليهما ثلاثون يومًا حتى أخذهما الرب وماتا واحدًا بعد الآخر بقوة الصلاة التي لهذا البابا القديس.
وخرج راهب سرياني يدعى إبراهيم خرج عن الإيمان القويم أمام الملك ثم أندمج في سلك الجندية وبعد ذلك أخذ يتكلم في حق البابا متاؤس ويتحدث عن الرهبان المجروحين الذين خرجوا عن الإيمان ثم عادوا تائبين إلى البرية، بوشايات صعبة وكذبة. ثم أخذ بعض الجند وطلع إليهم بالبرية وقبض على جماعة من الرهبان وأوثقهم وحملهم إلى مصر وكان يظن أنه يجد أحدًا من أولئك المجروحين فلم يجد منهم سوى راهب واحد أحضره أيضا موثقا صحبة الرهبان إلى مصر حيث نال المجروح أكليل الشهادة. وأما الراهب الجندي الذي أنكر مسيحيته فلم يبرح عن معاندة البابا متاؤس وصار يقاومه إلى أن ضجر الشعب منه وسألوا البابا أن يدعى عليه ويلعنه فلم يوافقهم وقال لهم: "يا أولادي لا تدعوا عليه بل أنى أدعوا له كي يرده الله إلى حظيرة الإيمان ويهبه أكليل الشهادة مثل إخوته". ولم يمض على ذلك زمن حتى أبدل الله شرور هذا الراهب وغير ما في قلبه فأظهر ندمًا حقيقيًا على ما فرط منه ثم مضى لساعته واعترف بالمسيح أمام الملك بعد أن أنكره أمامه ونال إكليل الشهادة مثل أخوته كما دعا له البابا وتعجب كل واحد من قوة احتماله لهذه الشرور وعدم مقابلتها بأشر منها لأنه كم من الشرور وقعت من المعاندين على هذا البابا القديس وهو يحتملها بصبر وطول أناة إلى أن يخلصه الله منها بسلام (فوه 173 وكتاب 15 ص 285).

Mary Naeem 09 - 02 - 2023 01:53 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg


القديس متاؤس الأول


فشل سعى العامة لهدم كنيسة العذراء المعلقة بمصر ونجاتها



خرج البابا القديس متاؤس الأول من القاهرة قاصدًا الأديرة البحرية ببرية شيهيت للاعتكاف والصلاة فلما سمع جماعة من المعاندين بتغيبه لأنهم كانوا يخشون بأسه أثناء وجوده بالقاهرة لرابطة المحبة والإخلاص التي تربطه بالسلطان برقوق اغتنموا فرصة غيابه وسعوا للقيام بهدم كنيسة السيدة العذراء والدة الإله المعلقة فلم يمكنهم السلطان من ذلك بل ألهمته العناية الإلهية إلى الاستعانة بالقضاة الأربعة في أمر الكشف عن تلك البيعة المقدسة فلم يجدوا شيئًا مما ادعى به المعاندون في طلبهم فانقهروا على كشف مؤامرتهم الدنيئة وامتلاؤا غيظًا من فساد تدبيرهم السيء فلم يتمالكوا نفوسهم من شدة غيظهم فأخذوا جفنة نار وأطلقوها تحت تلك البيعة يريدون حرقها بكمالها لكن الله عز وجل الذي سمع للفتية الثلاثة صلاتهم في أتون النار وأطفأ لهيبها عنهم ونجاهم فببركة الراعي الصالح متاؤس لم يدع النار تصعد إلى علو البيعة. وبينما كان تلاميذ البابا متاؤس يطفئون النار من أسفل أرسل لهم رب السلام الحارس على بيعته المقدسة ندى باردًا بكثرة من فوق حتى أطفأ لهيب النار المتقدة حتى تعجب الحاضرون من هذه العناية الربانية ومجدوا الله على حسن صنيعه معهم.

Mary Naeem 09 - 02 - 2023 01:54 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg


القديس متاؤس الأول


فشل مؤامرة المعاندين في أمر هدم دير شهران



ثم أراد بعض المعاندين أن يقوموا على دير شهران ويهدموه فقدموا إلى الملك برقوق عريضة يتهمون فيها رهبان هذا الدير بادعاءات باطلة حتى أذن لهم بهدمه. فلما اجتمعوا لتنفيذ غرضهم السيئ لم يمكنهم البابا متاؤس من ذلك لأنه أجتمع في ذلك اليوم خلق كثير لا يحصى لهم عدد وظنوا أنه لكثرتهم يخشى البابا بأسهم ويخاف من شرهم ويسلم لهم الدير ليهدموه. ولكن رجل الله الذي يستمد من العلى كل معونة لم يخف منهم وصار يناصبهم ويقاومهم إلى أن قال لهم محتدًا: "من منكم أيها الناس له يد وسلطان فيجرد سيفه ويقتلني لأني ما دمت حيًا لا أمكنكم من أن تهدموا طوبة من بناء هذا الدير إلى أن أقف أنا وأنتم أمام السلطان واظهر له باطل ما ادعيتم به على رهبان الدير زورًا وبهتانًا من الأباطيل التي لا أساس لها من الحقيقة". وبعد أن تكلم معهم بهذه الصفة تركهم البابا ومضى إلى القلعة واستغاث بقوة السلطان برقوق ملك مصر. ولما وصل صوت صراخه إلى مسامع الملك أرسل للوقت للكشف عن حقيقة ما نسب لرهبان الدير المذكور فلما مضى القضاة الأربعة إلى دير شهران وكشفوا عليه فلم يجدوا أثرًا بالمرة مما أدعى به المعاكسون ومنعوا من الاعتداء على مباني الدير فهرب أولئك الشاكون واختفوا من غضب الملك برقوق لئلا يبطش بهم لكذبهم فيما أدعوه.

Mary Naeem 09 - 02 - 2023 01:56 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg


القديس متاؤس الأول


خلع السلطان برقوق ونفيه إلى الكرك



ظهر في شمال سوريا في سنة 1389م استياء عام من السلطان برقوق واشتدت وطأته بتدبير الأمير منطاش حاكم ملطية والأمير يلبغا السلمي حاكم حلب. وقد استعان هذان الأميران بالمغول والتركمان في الحدود الشمالية للمملكة المصرية من جهة الشام التي كانت تابعة لحكم مصر. وتمكن الثوار من هزيمة الجيش المصري بالقرب من دمشق في 17 أبريل سنة 1389 م. واستولوا عليها ودخلوها ثم اتجهوا إلى مصر. وفي هذا الوقت استولى على السلطان برقوق الهلع من سوء الحالة التي وصل إليها حتى فقد وعيه. وبعد أن ألغى المكوس سلّح عامة الشعب وأقام المتاريس في الشوارع وحفر الخنادق حول القلعة وتفجرت دموعه من شدة اليأس واختبأ في دكان خياط. فدخل الثوار وعلى رأسهم الأميران منطاش ويلبغا السلمي القاهرة وأعادوا حجي بن شعبان السلطان المخلوع ملكًا بالاسم مكان برقوق (تاريخ مصر في العصور الوسطى تأليف لين بول ص 330).

وقد حزن الشعب كله على انكسار الملك برقوق فقال لهم الأب رويس: "لا تحزنوا فغدًا سيخرج الملك برقوق من منفاه وينتصر على عدوه منطاش" (سيرة القديس رويس المحفوظة في ديره).

Mary Naeem 09 - 02 - 2023 01:57 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg


القديس متاؤس الأول


خلع السلطان برقوق ونفيه إلى الكرك


اضطهاد الأميرين منطاش ويلبغا للبابا متاؤس



ولما أنتصر منطاش ويلبغا على السلطان برقوق كما تقدم ذكره وليا مكانه السلطان حجي بن شعبان آخر ملوك المماليك البحرية. وكان ملكًا بالاسم إذ حفظا لشخصيتهما السلطة الفعلية في المملكة (لين بول ص 330).

وقام أحد المعاندين للبابا متاؤس الأول ووشى به عند الأمير منطاش بأن تحت يد البابا أموالًا وذخائر أودعها عنده السلطان برقوق قبل خروجه من مصر ونفيه في قلعة الكرك. فطلب الأمير البابا متاؤس واستجوبه فلم يجد تحت يده شيئًا بالكلية من أموال السلطان فندم الأمير على ما أوقعه من عقاب على البطريرك وأطلق سراحه. ولكن الله لم يترك له هذا الظلم البين حتى نال جزاءه بالميتة الشنيعة التي أعدها له السلطان برقوق عندما أسترد كرسي المملكة كما سيأتي بيانه.

وقد تسلط الأمير يلبغا أيضًا على قداسة البابا متاؤس وقصد أن يحدث على الشعب حوادث عديدة رديئة وعادات صعبة فلم يوافقه البابا على ذلك وقاومه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فجرد ذلك الأمير الفاجر سيفه بغضب يريد أن يضرب رقبته وللوقت مد البطريرك عنقه للسيف وسأله أن يضربه. فلما رأى الأمير شجاعته وقوة قلبه وصموده على الحق هلع منه وأطلقه ولكن الله جازاه على قبح تصرفاته إذ أسلمه إلى يدي ملك كان قد أقامه واليًا وضربه وعصره وأرسله إلى الجب في مدينة الإسكندرية. وكان الشعب كلما خشى عودته كان يطمئنهم البابا قائلا: "لا تخشوا يا أولادي شرًا ولا تخافوا البتة ولا تظنوا أن الأمير سيعود إلى مصر لأني وكلت بسجنه الأربعة حيوانات حاملي العرش الإلهي. ولم يبرح ذلك الأمير مسجونًا في الإسكندرية إلى أن مات شر ميتة. وان الشعب تعجب وأعطى المجد لله وقدم له الشكر على خلاصه من أيدي أعدائه سالمًا.

Mary Naeem 09 - 02 - 2023 01:58 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg


القديس متاؤس الأول


عودة السلطان برقوق إلى الحكم



وفي سنة 1389 ميلادية وقع الخلاف في صفوف الأمراء وتراشق الأميران منطاش ويلبغا السلمي من سطح جامع السلطان حسن وأسوار القلعة بآلات القتال فمهدا بذلك السبيل للثورة التي أعدها في الشام السلطان برقوق المخلوع لأنه تمكن من الهرب من سجنه في قلعة الكرك وجمع الجيوش القوية وحارب بها الثائرين فقهرهم وانتصر عليهم في سوخد وأسر السلطان الصالح حجي الخليفة العباسي ودخل القاهرة ظافرًا في 4 صفر 792 هـ. الموافق 22 يناير سنة 1930 م. فأحسنت رجال الحاميات استقباله وابتهج الشعب بعودته وخرج إليه الإسرائيليون بمصاحفهم والمسيحيون بأناجيلهم وأضيئت الشموع وفرشت الأبسطة تشريفًا له وإظهارًا لسرورهم.

وقام السلطان برقوق بالقبض على السلطان حجي وسجنه في القلعة وسمح له أن يعيش فيها إلى أن مات في سنة 1421م (لين بول ص 230 و231).

وقد تحققت نبوءة القديس رويس التي أعلنها عند نفى الملك برقوق.
.

Mary Naeem 09 - 02 - 2023 01:58 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg


القديس متاؤس الأول


القضاء على ثورة الشام وأسر الأمير منطاش



قضى السلطان برقوق مدة السنتين التاليتين في محاربة الثوار الذين يقودهم الأمير منطاش في سوريا حتى قضى عليهم وأسر خصمه الأمير منطاش ثم قام بتعذيبه مر العذاب لينتزع منه سر مكان ثروته المخبوءة ولكنه لم يفز منه بطايل وأخيرا قطع رأسه وشهرها فوق حربة وأمر أن يطاف بها في جميع مدن الشام وأخيرا علقها على باب زويلة بالقاهرة ثم نكل بباقي المتآمرين عليه وسحبوهم في سروج الجمال وطافوا بهم في شوارع المدينة حتى فارقوا الحياة (تاريخ مصر في العصور الوسطى تأليف لين بول ص 126).


Mary Naeem 09 - 02 - 2023 01:59 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg


القديس متاؤس الأول


قيام تيمور لنك بغزو الشرق



وما كاد السلطان برقوق يتمم حملته بنجاح حتى ظهرت بوادر غزو تيمور لنك المنغولي في أفق الشرق فاستولى على بغداد في أغسطس سنة 1393 م. وانحدر إلى الشام حتى أصبح يهدد السلطنة المصرية بالغزو. فقد جاء إلى السلطان برقوق رسل من قبل تيمور لنك يطلبون منه تسليمهم قرا يوسف أمير الدولة المادية الذي التجأ إلى حماية برقوق هربًا من بطش تيمور لنك وكان طلبهم بطريقة فظة فقتلهم لشدة غضبه من غلاظة معاملتهم.

ولما بلغ الخبر إلى تيمور لنك استشاط غضبا وساق جيشه قاصدا مصر للانتقام. ولكن السلطان برقوق لم يغفل عن ذلك وتأهب للدفاع والهجوم وسار الجيش المصري حتى الفرات ولكن تيمور لنك أشتبك في القتال كلية مع طوقتمش في جورجيا (لين بول ص 332).


Mary Naeem 09 - 02 - 2023 02:00 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg


القديس متاؤس الأول


وفاة السلطان برقوق، وقيام ابنه السلطان فرج



ولم يكد يتم السلطان برقوق استعداده لمُلاقاة خصمه تيمور لنك حتى أدركته الوفاة بداء الصرع في يوم الجمعة 15 شوال سنة 801 هـ. (20 يونيه سنة 1399 م.)، فأسف عليه الناس أسفًا شديدًا لعدالة حُكمه ويقظته ورفقته برعيته. (وحزن على موته القديس متاؤس الأول البطريرك لأنه كان صديقًا حميمًا له، وكان يقضي له حوايجه، ويرفق بشعبه، ويقيم العدل بين جميع الناس دون النظر إلى الفارِق الديني).

وتولى بعده ابنه السلطان فرج، ولُقِّبَ بالملك الناصِر، وكانت أنه يونانية الجنس (لين بولس ص 333).


Mary Naeem 15 - 02 - 2023 06:07 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg


القديس متاؤس الأول




خلاص البابا متاؤس من الاضطهاد
والسجن الذي وقع فيهما بعد موت السلطان برقوق


وعندما استولى تيمور لنك على الشام، سافَر السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق لمُحاربته، وأناب عنه في حُكم مصر الأمير يلبغا السالمي. ولما خلا الجو لهذا الأمير، أوقع على المصريين ظُلمًا كثيرًا، حتى أنه أمر بحصر كل أبوابهم: أبواب المنازل والحوانيت والطواحين والأفران والبساتين والسواقي والكروم، وقَدَّر عليها ضرائب باهظة.

وقبض على البابا متاؤس الأول وسَجَنه، وأحضر نساء النصارى واليهود وألبسهم ملابس زرقاء وصفراء أمام البطريرك. ولكن البابا قاوَمه فغضب ذلك الأمير عليه واستل سيفه يضرب رقبة البابا. فَمَدَّ البطريرك رقبته إليه وسأله أن يقتله. فرجع الأمير عن عزمه واندهش لشجاعة البابا وأرد أن يطلق سراحه. ولكن البابا رفض ذلك إلا إذا أطلق أبناءه المسجونين بدون ذنب أو جريرة.

وأتى أحد تلاميذ القديس فريج إليه، فوجده مُلقى على الأرض لا يتكلم، فقال له: "ألا تعلم أن الأمير قبض على أبينا البطريرك وَسَجَنَهُ وكاد يقتله؟ فلماذا لا تُحَرِّك ساكِنًا؟!" فرفع القديس فريج وجهه وأصابعه إلى السماء وقال لتلميذه: "انظر إلي فوق، فإن سيدتنا العذراء سَتُخَلِّصهُ". ولما سمع التلميذ هذا الكلام من مُعلمه اندهش من اطمئنانه وثباته.

وأخذت التلميذ سنة من النوم ورأى في نومه صليبًا من النور في كبد السماء، وخرجت منه يمامة حسنة المنظر، وقد بسطت جناحيها على رأس البابا البطريرك. ثم سمع أثناء ذلك القديس فريج يخاطب البطريرك قائلًا: "مَتَّى، متى.. لا يخف قلبك. لأن الحمامة الحسنة التي تحبها ( مُبَشِّرًا بذلك إلى السيدة الطاهرة مريم والدة الإله حامية البابا متاؤس) قد خرجت اليوم لخلاص، وسَتُهْلِك عدوَّك". وعند ذلك استيقظ التلميذ من نومه، وتَوَجَّه إلى البابا البطريرك في السجن، وقصَّ عليه هذه الرؤيا. وفي تلك الأثناء هجم أحد أمراء مصر على السجن وكسَّر أبوابه الحديدية، وأخرج البابا متاؤس البطريرك القديس ومَنْ معه من المسجونين من السجن، وهزم الأمير يلبغا السالمي.

وفي ذلك الأسبوع حضر السلطان الناصر فرج بن برقوق، ولما علم بما فعله الأمير يلبغا من الأعمال الوحشية قام بمطاردته من مكان إلى آخر، حتى تمكَّن أخيرًا من القبض عليه. وسجنه وأوقَع عليه عقوبات السَّجن والضرب حتى مات شر ميتة. وهكذا تمَّت نبوة القديس فريج بحذافيرها، وانتقم الله للقديس متاؤس وأبنائه المظلومين من الجبار يلبغا سريعًا، ونال جزاءه على ما اقترفته يداه الآثِمة.


Mary Naeem 15 - 02 - 2023 06:08 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg


القديس متاؤس الأول




قيام الأمراء باضطهاد البابا متاؤس الأول
وفشلهم في أيام السلطان الناصر فرج



الحادث الأول:


وبعد انتقال السلطان برقوق من هذا العالم قام الأمير سودون من أمراء المماليك على المسيحيين وشن غارة عليهم بوطأة شديدة فدبر ذات مرة مع المعاندين كمينا صعبا واتفقوا جميعًا على رَمي المسيحيين في ذلك الكمين، فلما كشف الرب للبابا متاؤس أمر هذه المكيدة قام لساعته وخرج خفية من قلايته ومضى إلى بيعة الشهيد مرقوريوس أبى سيفين وحبس ذاته فيها مدة سبعة أيام وسبع ليالي وهو مداوم على الصلاة بلا انقطاع سائلًا المولى تعالى أن يخلص شعبه من هذه المكيدة فرأى في الرؤيا السيدة العذراء مريم تحدثه قائلة له: "إن الله قبل طلبته في خلاص الشعب وأبطل مؤامرة المعاندين السيئة" حينئذ ابتهج قلب هذا الأب وفرح فرحا عظيما وخرج في اليوم السابع مثل ملاك الله وتدبير من الله تعالى أرسل الأمير سودون يطلب حضور البطريرك عنده في ذلك اليوم وصار يخاطبه بما أضمره للشعب من الحوادث الرديئة الصعبة ومن جملتها أنه أراد أن لبس النسوة الأزارات الزرقاء وغير ذلك. فامتلأ البابا من روح الله وقال له: "من من الأمراء الذين تقدموك فعلوا هكذا مع الرعية؟ أو من من البطاركة رضى أن يشهر بنات شعبه ويجعلهن عارا أو أضحوكة لصغار عوام الناس؟ ولكن الحق أقول ك أيها الأمير أنك متى أشهرت بواحدة من بنات شعبي أنا لا أبرج أن أطلق الخراب والتشهير في بلادكم من أطراف الحبشة إلى أقاصي مصر. وأنا أخبرك أيها الأمير أن النصارى ليسوا بغير ملوك الأرض ولا سلاطين مسيحيين ينظرون في تسلطكم عليهم" فامتلأ الأمير خوفًا وأطلق سراح الأب ولم يعد يخاطبه بشيء حتى تعجب الشعب من شجاعة البابا البطريرك وقوة أقدامه وسداد إجابته وقدموا الشكر لله تعالى على خلاصهم من هذه التجارب والمحن بشفاعة القديسة العذراء مريم والدة الإله معينة الملتجئين إليها فكانت تساعد البابا في كل أعماله الطيبة كما شهد له بذلك القديس رويس.

ومن عادة هذا البابا القديس انه كان لا يقدم على عمل أي شيء أو يتحرك في شيء حتى يقف أمام أيقونة سيدتنا القديسة مريم العذراء والدة الإله ويسألها فيه وكانت تظهر له وتخاطبه من الصورة المقدسة كما قرر ذلك حقا القديس الطاهر رويس الذي كان يلازمه في قلايته عندما سأله الشعب ذات يوم أن يذكرهم فأجابهم قائلًا: "مَنْ أكون أنا يا أولادي حتى تسألوني أن أذكركم، بل أسألوا أبانا القديس البطريرك الذي تهر له سيدة البشر وتخاطبه من أيقونتها الطاهرة وتخبره بأسرار عجيبة وتساعده في كل أموره فاسألوه هو أن يذكركم في صلواته" فتعجب السامعون من كلام القديس رويس الذي شهادته هي حق ومجدوا الله الرؤوف بعباده...


الحادث الثاني:

وفي دفعة تكلم أحد الأمراء مع الملك والقضاة أن لا يبقوا نصرانيًا على الأرض في مصر. فقام البابا متاؤس البطريرك وصلى مستنجدًا بشفاعة الشهيد القديس مار جرجس قائلًا: "أسألك يا شهيد الله يا مار جرجس أن تتصرف مع هذا الأمير". ولم يتمم البابا توسلاته حتى انتقم الله منه لشناعة مكيدته فقدم له أعوانه كأسا مملوءة سُمَّا قاتلًا فشربها وهو لا يعلم بما دبروه له بمكر وحيطة ومات لساعته ميتة شنيعة وانتقم الله منه لسوء تدبيره ضد شعب الله الوديع.


الحادث الثالث:

وفي دفعة ثالثة اشتد غضب البابا متاؤس على أمير آخر من أمراء مصر يسمى أوزيك لفظاعة أعماله فأقام ستة أيام وست ليالي مداومًا على الصلاة متوسلًا بشفاعة رئيس الملائكة ميخائيل الطاهر ليخلص الشعب من نيره فلما انتهى اليوم السادس ولم يسمع عن ذلك الأمير خيرًا أرسل أحد تلاميذه ليستطلع أخباره. فوجد التلميذ ذلك الأمير على باب داره والناس يستغيثون قائلين: "إن هذا الأمير له ستة أيام معذبًا من طعنة في جنبه إلى أن ملت في هذا اليوم". فطار التلميذ نحو معلمه وأطلعه على جلية الأمر فتعجب البابا وأعطى المجد لله والشكر لرئيس الملائكة ميخائيل الذي لم يخيب رجاءه للخلاص من هذا الأمير الظالم..

Mary Naeem 15 - 02 - 2023 06:13 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
https://upload.chjoy.com/uploads/167432353917122.jpg


القديس متاؤس الأول






مواهب الشفاء التي منحها الله للبابا متاؤس الأول وإقامة الموتى



الحادثة الأولى: شفاء صبية من روح نجس

أتت إلى البابا متاؤس صبية شابة اعتراها روح نجس يعذبها في كل حين فلما رأى الروح النجس قيام البابا ليصلى أمام صورة القديسة مريم العذراء فر هاربًا ولم يستطيع أن يدخل مع الصبية لكنه وقف خارج الباب ولم ينظره أحد من الحاضرين لكن أحد قسوس الصعيد أخبر رجال البابا بهذا الأمر لأن ذلك القس كان له موهبة رؤية المناظر الشيطانية مكشوفة أمامه. ولما شاهد هذا القس الروح النجس واقفًا بالباب استعلم منه عن سبب وقوفه فأعلمه أنه واقف هنا خوفًا من البابا البطريرك. فتعجب القس من ذلك ولم يصدق هذا القول حتى دخل وسأل قداسة البابا عن أمر الصبية فتعجب كثيرًا وقال للقس: "عرفني أيها القس من الذي أعلمك بأمر الصبية التي لم يعلم أحدًا بحضورها عندي" فقال له القس: "اغفر لي يا أبى لأني رأيت الروح النجس الساكن في هذه الصبية واقفًا خارج الباب وهو الذي أعلمني بذلك ولكنه لم يقف بل أنصرف لساعته خشية أن أعلم قداستكم به فتحرقه صلاتكم القوية من على الأرض".



ولما أتم القس حديثه أمام البابا البطريرك تعجب كما تعجب كل من كان حاضرًا أكثر منه لعظم الآيات والعجائب التي كانت السيدة العذراء تتمها على أيدي هذا البابا القديس ليس فقط فيمن يقدم إليه بل وأيضًا في الغائبين عنه.


الحادثة الثانية: شفاء صبى من روح نجس

وأيضا كان صبى من ضواحى البلاد القبلية لمصر اعتراه روج نجس وكان أهله كلما أرادوا حمله لإحضاره إلى عند البابا كان الروح يقلقه ويعذبه ولا يمكنهم من الدنو منه ولكن رحمة الله تعالى ألهمتهم أن يتقدموا إلى البابا ويأخذوا منه ورقة مكتوبة بخطه ويضعوها على الصبي فيشفى وبإيمان صادق حضروا عند البابا وأعطاهم ما يطلبون فلما أحضروها ووضعوها على الصبي بريء في الحال وتعجب أهل البلدة لهذا الحادث الجليل ومجدوا الله وصار من ذاك الحين يضعون على كل من اعتراه روح نجس ورقة البركة هذه المكتوبة بخط هذا البابا القديس فيبرأ في الحال.

الحادثة الثالثة: أقامة فاعل من موت محقق

كان إنسان فاعل يعمل في عمارة قائمة في بيعة السيدة العذراء بحارة زويلة فسقط هذا الفاعل أثناء العمل من فوق السقالة على الأرض فحمل ميتًا لأنه كان حاملًا حجرًا ثقيلًا فلما وقع نزل على جسده ذلك الحجر طبق أضلاعه وقصد رفقاؤه أن يدعوه مكانه ويهربوا فلما سمع هذا البابا بالحادث حيث كان يقيم وقتئذ في هذه البيعة لم يمكّن رفقاء العامل الهرب وقام عليهم قائلًا: "اسكتوا ولا تقولوا أن الفاعل قد مات لأنه لم يمت وأنا أضمن لكم من مراحم السيد المسيح أنه حي" فحمله أربعة ووضعوه كأمر البابا أمام صورة السيدة العذراء مريم صاحبة البيعة ثم غطاه بوزرته نحو ثلاث ساعات من النهار إلى التاسعة وطلب قليلًا من الماء الساخن وصلى عليه وغسل به أعضاء الفاعل الميت فكان كلما غسل عضو من أعضاء هذا الفاعل يتحرك العضو لساعته إلى أن قام حيًا على قدميه بشفاعة صاحبة الشفاعات والدة الإله فلما نظر رفقاء الفاعل والحاضرون ما حصل الكرامة الفائقة والمعجزة العظيمة مجدوا الله.

وهكذا كان الأعلاء الكثيرون والمرضى العديدون إذا أدركهم نزع الموت والتجأ أقاربهم إلى بركة هذا البابا أقامهم بصلواته الزكية. وكان إذا وضع وزرته على أحد المرضى ويذهب يسأل السيدة العذراء فيه ويعود ويكشف عنه الوزرة يجده قد تحرك ونهض من نزع الموت لساعته.

وكان أحيانًا يسأل البابا الملاك ميخائيل بأن يشفع في المريض فيشفى ويقوم في الحال صحيحًا سالمًا.

وهكذا كان يصنع هذا البابا القديس في المرضى الذين يلجأون إلى صلاحه وتقواه فينالون الشفاء والعاجل.


الحادثة الرابعة: إقامة فخر الدولة من الموت

حكى أحد كبار الأراخنة المدعو فخر الدولة أنه كان في النزع الأخير ولم يجد البابا حاضرًا عند موته فلم يشعر حتى أبصر البابا في مجلس الرهبة والخوف وقت الدينونة عندما اختطفت الملائكة روحه وأقيم أمام كرسى السيد المسيح. ثم أبصر السيد المسيح يشير إلى الملائكة الموكلين به أن يشهروا كتاب خطاياه ورأى كتاب خطاياه وكان كل خطية ينساها ولا يذكرها يبكتونه عليها بلا رحمة ورأى هناك الخوف والفزع الشديد والنار المتقدة التي لا تطفأ حتى أنه لعظم ما رأى وأبصر سقط لوقته مرعوبًا وكان يطلب من يقيمه فلم يجد أحدًا وبعد ذلك أتى البابا متاؤس وأقامه وسأل السيد المسيح بتوسل أن يعيد روحه إليه حتى يتوب عن خطاياه التي صنعها فسمع السيد له المجد لنداء هذا البابا ولم يرد سؤاله قائلًا: "قد سمعت لك في ذلك الإنسان ووهبته إليك فعرفه من الآن أن لا يعود يخطئ لئلا يصيبه شر أكثر" وبعد ذلك ما شعر هذا الأرخن إلا أنه تنبه من غيبوبته وفاق مما كان فيه ووجد روحه قد ردت إليه فحكى ما حصل وما رأى ومجد الله وتحقق من قوة صلاة هذا البابا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وبعدما أستيقظ من الغيبوبة بادر إلى طلب البابا من قلايته فلما حضر أعلمه بالنعمة التي أدركته من حكم الموت على سرير وجعهم إلى أن يتنيحوا ويسأل المسيح في غفران خطاياهم.

وكان قداسته إذا وجد مريضًا أنف الناس منه يبذل نفسه دونه إلى أن يتنقى من جميع أوساخه ويشفى من أوجاعه. (كتاب 15 تاريخ ص 288 {1} و289 وفوه 175)


الحادثة الخامسة: عنايته ببواب أحد الأغنياء أثناء مرضه

عبر هذا البابا القديس على باب منزل إنسان من الأغنياء فوجد عند الباب عبدًا لأصحاب المنزل ملقى مريضًا قد جف وأنتن من كثرة أوساخه ولم يجد من يعتني به ويعالجه. فلما نظر البابا هذا العبد المسكين على هذه الحال لم يلتفت إلى أولئك الأغنياء أصحاب المنزل بل سارع للوقت واشتد بمنديل وغسل أوساخ العبد وفراشه وثيابه القذرة الملوثة من قذارته فضلا عن رائحته الكريهة الصادرة من نتانة جسمه فارتاحت نفس ذلك العبد وأراد الموت في وجود هذا الآب للاستراحة من نتانة تلك الرائحة التي يستنشقها كل يوم فاستجابه الرب طلبه. (كتاب 15 تاريخ ص 289 {1} وفوه 175 {1}).

الحادثة السادسة: انتشاله جثة امرأة مقتولة ودفنها

وفي أحد المرات عبر على بئر معين مالحة الماء فوجد فيها امرأة مقتولة وقد عفنت وفاحت نتانة رائحتها ولم ينهض أحد من الناس لانتشال جثتها ويتعرف عليها ويدنو منها فنزل عن دابته وتقدم إلى تلك البئر وأصعد جثة تلك المرأة منه ولم يأنف من رائحتها بل قام بيده الطاهرة وغسلها وكفنها ودفنها (كتاب 15 تاريخ ص 289 {1} فوه ص 175 {1}).


الحادثة السابعة: شفاء صبية من مرض عينها

كان هذا البابا إذا قويت الأمراض المزمنة في أحد ما ولم ينهض له من يمكنه معالجته يقوم بنفسه بقوة صلواته المقبولة عند الله ويعالجهم فيشفون في الحال. وحدث ذات مرة أن قدموا إليه صبية بكر مصابة بقروح في عينيها فلما نظرها تحنن قلبه عليها وقال لأمها: "منذ الآن لا تعودي إلى معالجة بنتك بالأكحال" وأشار إليها أن تضع في عينيها شيئا من الأدوية الحقيرة ففعلت وبرأت أبنتها في الحال وذلك كما فعل أبونا برسوم العريان وغيره إذ كانوا يداوون الأمراض الصعبة بضدها من الأدوية ليعلم الجميع أن الأمر من الله وأن الاعتماد فيه يكون بالصلاة القوية التي للقديسين الأبرار كما قال يعقوب الرسول: أن الصلاة بإيمان تخلص المريض والرب يقيمه وأن كان عمل خطية تغفر له. (كتاب 15 تاريخ ص 289 {1} وفوه 175 {1}).

الحادثة الثامنة: شفاء امرأة مقعدة

قدموا للبابا متاؤس الأول امرأة مقعدة قد يبست أصابع يديها ورجليها فمسكها بقوة ليفتح أصابع يديها فشفيت في الحال ونهضت للوقت بسرعة قائمة تمشى وتعجب الحاضرون لهذا الشفاء التام السريع ومجدوا الله تعالى.


الحادثة التاسعة:

قدموا إلى البابا في دفعه إنسانًا ملسوعًا من حية جرداء وهو في ألم شديد من تأثير اللسعة فأخذ البابا جروا وشق بطنه ووضع فيه رجل ذلك الملسوع ثم استحضر قليلا من اللبن وشحم الحنظل وأشار عليه أن يستعمله وظل يداوم على استعماله قليلًا ويتقيأه حتى قذف ذلك السم جميعه وقام معافى لساعته.

وهذا قليل من كثير الحالات التي قام البابا متاؤس الأول بقوة السيد المسيح وشفاعة والدته الطاهرة بشفائها بسرعة عجيبة حتى كان بابه مفتوحًا للمرضى وذوى الأوجاع فيخرجون من عنده مجبوري الخاطر معافين من كل شيء اعتراهم.
.

Mary Naeem 19 - 02 - 2023 10:11 AM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
القديس متاؤس الأول

قيام البابا متاؤس بإعانة ذوى الضيقات

وخلاص الذين في الشدة

وإظهار السرقات ومرتكبيها والمخالفين


كان البابا متاؤس الأول يعاون الذين يقعون في شدة من الشدائد التي كانت فخاخها منصوبة لشعب الله المختار، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فيسأل السيد المسيح إله الخلاص في خلاصهم من شدائدهم فيخلصون ويمجدون الله على هذه النعمة العظيمة التي منحها للقديس الطاهر البطريرك المذكور نذكر هنا بعضها على سبيل التذكار.
الحادث الأول: خلاص ابن أحد الوزراء من شدة وقع فيها

وقع شاب من أولاد الوزراء في شدة قوية مع الملك برقوق بمصر والتجأوا لهذا البابا كي يعينهم على خلاصه ولعظم هذه الشدة كان البابا يستغيث بالشهيد تاودروس في خلاصه قائلًا: "أنا أعلم يا شهيد الله إنك بشجاعة عظيمة خلصت أولاد الأرملة من فم ذلك التنين القاتل (وأنا أربطك بالسلطان الذي أعطى لي من ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح ابن الله الحي ولا أحلك من الرباط إلا إذا أسرعت وخلصت ذلك) وأنا أطلب إليك أن تسرع وتخلص هذا الإنسان من الشدة الواقع فيها الآن" ولم يتمم البابا كلامه هذا وطلب وساطة القديس تاودروس حتى خلص ذلك الإنسان من تلك الشدة التي وقع فيها متعجبًا لا يعلم كيف كان خلاصه فازداد تعجبه من الكرامة والوقار الذين يكرم بهما القديسون والشهداء هذا البابا.
الحادث الثاني: إظهار السرقات ومرتكبيها

وكان البابا متاؤس يفعل مثل ذلك مع كثيرين من الشهداء والقديسين فكان إذا فقدت آنية بيعة من البيع كان يربط بصلاته الشهيد ولا يحله حتى يظهر له من سرق أواني البيعة.
الحادث الثالث: إظهار سارق أواني بيعة القديس أنبا شنودة بمصر


سرقت ذات مرة أواني بيعة القديس أنبا شنودة بمصر فلما علم البابا بهذه السرقة حضر إلى البيعة وربط صورة القديس المذكور ولم يحله حتى أرسل له من عرفه بالذي سرق أواني بيعته وكان هذا السارق اعتاد سرقة أواني البيع فهاجم هذا البابا بيته وقام عليه وانتهره قائلًا: "كم لي من مرة وأنا أحتملك وأنهاك عن العودة إلى السرقة من بيع الله المقدسة وأنت لا ترجع عن سرقة أوانيها المقدسة ولا تكف عن السطو عليها. ولكن من الآن سيأتي عليك الانتقام القوى الذي لا يكون لك بعده حياة على الأرض بل تموت شر ميتة" وبعد كلام البابا هكذا لم يمكث هذا الإنسان إلا قليلًا حتى وقع في يدي متولي الحكم في القاهرة بأواني ذهب وفضة سرقت من بيته ولما تحقق أنه تجاسر وأقدم على سرقتها سمره لساعته وتم عليه قول البابا شر ميتة جزاء ما كنت يداه.
الحادث الرابع: مخالفة شماس للأوامر الكنسية وتوبته

أتى إلى البابا متاؤس شاب شماس وقال له: "يا رجل الله ارحمني فإن شابًا جنديًا عبر اليوم على وهو راكب فرس أبيض لم أرى أحسن منه فضربني ضربًا وجيعًا من غير رحمة وذلك لأني أكلت في يوم الأربعاء ويوم الجمعة من باكر لأني كنت أكل في خفية ولم أعرف من هو الذي عرف ذلك الجندي بي وكان كلما يضربني يقول لي: "كيف تكون نصرانيًا وشماسًا وتأكل في يومي الأربعاء والجمعة مبكرًا ولهذا فإن قلبي خائف منه". فقال له البابا: "لا تخف لأن الجندي الذي ضربك أنا أعرفه ولكن إذا مضيت بك إليه تتوب أمامه عما اقترفته" فأجابه الشماس: "نعم يا أبى" وللوقت أخذه وأقامه أمام صورة رئيس الملائكة الطاهر ميخائيل. وكانت تلك الصورة تحوى صورة الملاك راكبًا على فرس أبيض فلما تأملها الشماس خر ساجدًا أمامه وقال: "بالحقيقة يا أبى هذا هو ذلك الجندي الذي ضربني وأنا منذ الآن قد تبت أمامه لأني شماس على بيعته المقدسة وقد افتكرني وضربني لكي أترك ما أنا فيه من لهو واستهتار وسأقوم كما يجب بتأدية خدمته" ثم تاب من ذلك اليوم وهو يتعجب من صلاة هذا البابا ويستغرب أمر وجوده مع الناس على الأرض ويشاهد المكتومات الخفية.
الحادث الخامس: خلاص بعض أراخنة القاهرة من شدتهم

وقعت شدة كبيرة على بعض من أعيان الأراخنة الموجودين بالقاهرة ولما عزموا الهرب عند البابا متاؤس والالتجاء إلى معونته وكان قداسته يقيم وقتئذ في مصر لم يقووا على النهوض وأدركهم الليل فناموا. وفي تلك الساعة أبصر أحدهم في حلم البابا متاؤس قائمًا أمام صورة الشهيد مار جرجس يسأل في خلاص أولئك الأراخنة ويقرع الصورة بيده ويقول: "يا شهيد الله يا مار جرجس إني لا أعرف خلاصهم إلا منك" فأمال الشهيد رأسه من الأيقونة كمن يقول له نعم وكرر ذلك ثلاث مرات ثم أحنى رأسه كمن يقول: "نعم نعم أنا أخلصهم" فلما نظر البابا ما كان من تواضع الشهيد انطرح ساجدًا على الأرض فعظم الأمر على الشهيد من سجوده له وخرج من الأيقونة مثل فارس متجسد. فمسك بأذيال البابا متاؤس وتبارك منه أن البابا فعل بالمثل أعنى أخذ الواحد يتبارك من الآخر.
ولما انتبه هذا الأرخن من نومه وقص تلك الرؤيا على رفقائه لم يصدقوه. وفي الباكر خرج الأمر من الله بشفاعة شهيدة العظيم مارجرجس بخلاص أولئك الأراخنة وفعلًا بعد برهة وصل إليهم أن الأمير عفا عنهم من غير سعى. ولما تحقق لهم أمر خلاصهم قاموا في الحال ومضوا إلى البطريرك يقدمون له الشكر على ما رأوه في الرؤيا المتقدم ذكرها من غير أن يحضروا إليه ودون أن يسألوه في ذلك بل كان ما صنعوه أنهم اضمروا في نفوسهم أمر الاستعانة بشفاعته لا غير وأن البابا شعر بنيتهم وعمل على خلاصهم بدون سؤال منهم وتعجب جميعهم لهذا الحادث العظيم ومجدوا الله على خلاصهم ببركة قديسه البابا متاؤس. (كتاب 15 تاريخ ص 292 و293 وفوه ص 176 {أ} و177).
الحادث السادس: ليس بالذهب يكون الخلاص

وأتى إلى البابا متاؤس أحد الكتبة وهو مكروب في شدة عظيمة وقدم إليه خمسمائة دينار قائلًا: "يا رجل الله اقبل منى هذه الخمسمائة دينار وصلى لي لأن الملك برقوق يريد قتلى اليوم ولا أعلم كيف يكون خلاصي" فقال له البابا المكرم: "لا تخف يا هذا ولا تظن أنه بالذهب الذي أحضرته يكون خلاصك لأن الصلاة بالذهب ليس فيها خلاص بالكلية فإن أردت أن تخلص أعد الذهب الذي أحضرته إلى مكانه والرب يخلصك من غير ذهب بالمرة" ثم قام البابا وصلى عليه وباركه وأرسله إلى الملك برقوق وأعطاه صليبه ومنديله وقال له: "احمل هذين حولك وادخل على الملك ولا تخف" فامتنع وخاف بالأكثر أن يحمل الصليب فتقع عليه الأفكار إذا شعر به أحد. فقال له البابا: "قلت لك احمل الصليب والمنديل من الداخل وقابل الملك وأنا أضمن لك بإذن الله تعالى الذي تحمل صليبه خلاصك فلا يضرك الملك ولا يؤذيك بالمرة".
فأطاع الكاتب كلام البابا وحمل المنديل والصليب ودخل بهما على الملك وكان مملوءًا من الغضب عليه ولكن في تلك الساعة تبدل الحال وانقلب غضب الملك إلى اللين والرأفة وصارت كل كلمة يفوه بها هذا الكاتب أمام الملك تدخل في أذن الملك مثل الندى البارد فتطفئ ما عنده من الغضب جميعه فخرج الكاتب المذكور من عند الملك فرحًا متقويًا ومباشرًا على عادته وتعجب من الصلاة القوية التي لهذا البابا والتي بدلت غضب الملك وحنقه وغيرت نيته على قتل الكاتب إلى محبة وحنو وعطف ورضا وكان كل من سمع بهذه الحادثة العجيبة يمجد الله ويقدم له الشكر على رحمته بعباده وقبول صلوات قديسه الورع متاؤس البطريرك.

Mary Naeem 19 - 02 - 2023 10:20 AM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
القديس متاؤس الأول

كشف البابا متاؤس لخطايا شعبه وخفايا الأمور


وكان البابا متاؤس الأول يشترى نفوس الآتيين إليه ويخلصهم بصلاته القوية من الضوائق والشدائد والخطايا. وقد أخبر أحد أولاده الكهنة المعلمين أنه كان قد وقع في خطية صعبة مكتومة ولما حضر أمام هذا البابا ليعترف بها عليه أخذه خوف ولم يجسر أن يعترف بها أمامه فما كان من البابا إلا وكاشفه بها من تلقاء نفسه قائلا "أنت فعلت الخطية الفلانية فلا تعود إلى عملها مرة أخرى وأنا أقول لك من الآن إن خطاياك غفرت لك" فلما سمع ذلك الكاهن تعجب ومجد الله على كشف البطريرك للأسرار الخفية لأن تلك الخطية ما كان يعلم بها إلا المسيح وحده ولما كاشفه بها ازداد تعجبه وتحقق له أن كل خطايا الشعب مكشوفة أمام هذا البابا الطاهر مثل زيت في زجاجة ولا يرى من الحكمة أن يشهر بها بل إذا أراد أن يبكت أحدًا على خطيته كان ذلك في طريق الخفاء دون أن يشعر أحد بذلك. لأن الخطية قد كثرت على الأرض وكان الكثيرون من الشعب قد اختلفوا وتنجسوا بنجاسات المصريين ولذلك كان هذا البابا يتنهد ويبكى على الشقاء الذي سيحل بالمصريين حتى أنه من شدة بكائه أخذ ينذر شعبه قائلًا: "تيقظوا يا أولادي وتحذروا من ذلك اليوم الذي يأتي فيه الانتقام على المصريين لأنه في ذلك اليوم تنزل نار من السماء وتحرق كل مساكن المصريين حتى يعلو دخان تلك المدينة ويقومون من بعد ينوحون عليها قائلين "اليوم سقطت بابل العظمى أم جميع المصريين" (كتاب 15 تاريخ ص 293 وفوه 177).
وكان هذا الأب الحنون والقديس الطاهر كلما خاطب شعبه بهذا محذرًا لهم كي يتجددوا ويتنقوا من أدران الخطية ولكنهم رغم هذه الإنذارات المتعددة كانوا يزدادون طغيانًا ووقاحة ولا يكترثون بمخافة الله فلم يسمعوا لإنذاراته ولم يعملوا لخلاص نفوسهم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وكان هذا البابا عندما يرى شعبه يزداد طغيانًا يحزن كثيرًا ويتنهد من عمق قلبه ويشتهى الموت لنفسه حتى أثار الشيطان على هذا الشعب الملتوي أميرًا من أمراء المملكة العظام يدعى الأمير جمال الدين وكان يقوم بقتل الكثيرين من الناس ويغتال أموالهم فطلب من الشعب المسيحي ما لا يقدرون على القيام به وكان هذا البابا لا يتأخر عن شعبه ولكنه كان لا يندفع بل كان يطلب أن يجد عليه علة ليقتله بها وتنفيذًا لمؤامرته أرسل رسلًا خفية إلى أرض الحجاز واليمن ليقدموا عرايض ضد هذا البابا يدعون عليه فيها أن البطريرك يرسل في كل وقت رسله إلى بلاد الحبشة ليحث ملكها على تخريب مكة وما فيها.
ولما علم البابا متاؤس بالروح أن العرايض كتبت ضده فقام قبل وصولها لمصر وصلى إلى الله واستعان كعادته بشفاعة السيدة العذراء مريم والدة الإله كي تأخذ نفسه إليها بغير سفك دم حتى لا ينال شعبه في أثره شدة ولا صعوبة فسمعت العذراء القديسة طلبته وأصيب البابا بحمى صعبة انطرح بسببها مريضًا ضعيفًا.
ولما اتصل خبر مرض البابا بالأمير الذي كان يروم قتله سكن غيظه قليلًا عنه ولكنه لم يترك الشعب في راحة بل صار يرسل رسله يهددون البابا ويتوعدونه من أجل شعبه إلى أن حملوا إليه من مال البابا نحو خمسمائة ألف درهم وقدموها له لعله يطيب قلبه ويكف عن تهديد البابا متاؤس. فلم يرتدع هذا العاتي الجبار ولم يكف عن تهديد هذا الأب إلى الساعة التي قارب فيها من الموت فأرسل إليه رسلًا ليحملوه ويأتوا عليه إلى غد وهو يوم الأحد لعله يستريح قليلًا ويقوى على حمل مشاق الانتقال فيأتون إليه ويحملونه إلى حيث يريدون. وكان يخاطبهم بهدوء وهو يعلم أن ساعته قد قربت ليخرج من هذا العالم ويستريح من جور ذلك الأمير وظلمه. ومضى الرسل كما قال لهم.

Mary Naeem 23 - 02 - 2023 02:25 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
القديس متاؤس الأول

انتقال البابا متاؤس الأول من هذا العالم


لما حضر الرسل في الغد بعد الأحد وجدوا أن البابا متاؤس قد أسلم الروح في الهجعة الأولى من ليلة الاثنين قبل حضورهم بمهلة قليلة. فلما عاينوا ما كان بهتوا وتعجب ذلك الأمير الطاغي بالأكثر ورأى أن الله لم يشأ أن يسلم هذا القديس ليديه وخلصه من ظلمه بغير سفك دم كما كان عازمًا على ذلك في ضميره ولكن الله العادل في أحكامه لم يمهل هذا الأمير بل سلط عليه من سعى به عند الملك فقبض عليه وعاقبه وعصره وأخذ منه عوضًا عن القدر الذي أخذه من هذا الأب أضعافًا كثيرة ثم لا برح الأمير الباغي في الضرب والعقوبة حتى مات شر ميتة. (كتاب 15 تاريخ ص 294 {1} وفوه 178 {1}).

Mary Naeem 23 - 02 - 2023 02:27 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
القديس متاؤس الأول

وصيته قبل نياحته



مات البابا متاؤس الأول موت القديسين الأبرار وقبل وفاته دعا تلاميذه وأولاده الروحيين وأبناءه المختارين وأعلمهم بقرب ساعة انتقاله ثم أرسلهم في تلك الساعة وأحضروا له جميع ما يحتاج إليه لتكفينه من ثياب وبرانس وهى عبارة عن ثوبين وبرنسين واسكيمين وقلنسوتين وشيرين وبلينين حتى التابوت فقد أشار عليهم بعمله ثم أوصاهم إذا أدرجوه ووضعوه في ذلك التابوت أن لا يكشفوا وجهه وقت التجنيز بالكلية كعادة البطاركة ولا يمكنوا أحدًا أن يقبل قدميه الميتة بل يتركوه ملفوفًا في أكفانه الصوف ولا يخرجوه عن سيرة الرهبان قط ويدفنونه كراهب حقير متواضع القلب وأكد عليهم أن لا يدفنوه إلا بين أولاده المضجعين داخل الخندق. ثم بعد ما أوصاهم بهذا باركهم وودعهم ثم أمرهم أن يغطوه ويتركوه وحده. وهكذا في الساعة التي غطوه فيها أسلم الروح في الهجعة الأولى من ليلة الاثنين خامس شهر طوبة سنة 1125 ش. الموافق 31 ديسمبر سنة 1408 م. وكان عمره يومئذ ما ينوف عن سبعين سنة قضى منها أربعين سنة راهبًا ناسكًا مجاهدًا وثلاثين سنة وخمس شهور وستة أيام بطريركًا.


Mary Naeem 23 - 02 - 2023 02:29 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
القديس متاؤس الأول

الاحتفال بجنازته




ثم اجتمع في تجنيزه في ذلك اليوم الأساقفة والكهنة والشمامسة والأراخنة والشعب وكل طوائف النصرانية حتى طوائف اليهود وغيرهم خلق لا يعد ولا يحصى وكان في ذلك اليوم حزن وبكاء وعويل لم يحدث مثله حتى أن أعمدة وحجارة البيعة كادت تبكى على مفارقته لأنه من الذي لا يبكيه وهو مطروح أمامه في تابوته وصليبه في يده. فكان قوم يبكون على ما عدموه من حسن منظره وهيبته ووقاره وآخرون يبكون على ما فقدوه من كهنوته وآدابه واحتشامه وغيرهم يبكون على ما عدموه من محبته وصدقته وافتقاده وآخرون يبكون على ما فقدوه من طول أناته وصبره واحتماله والبعض يبكون على فقدهم من كان يخرج الشياطين ويشفى المرضى ويعول المساكين ويقيم الموتى وهكذا كان الجميع ينوحون ويبكون على فراقه لهم إلى أن كملوا تجنيزه كما يقضى به الواجب ثم بعد الصلاة حملوا تابوته بالإكرام والتبجيل والوقار حتى كان حمله في ذلك اليوم على رؤوس الشعب كمثل حمل تابوت العهد الذي كان يحمله بنو إسرائيل في ذلك الزمان لخلاصهم من يد أعدائهم كذلك كان حمل تابوت هذا البار القديس والأب الرحوم والحنون لأنه أين هذا الرجل القوى الذي كان يستطيع أن يصل ويحمل ذلك التابوت من كثرة الخلق المحيطين به والمزدحمين عليه.

وكانت الأجناد والعساكر أمام التابوت تحجبه إلى أن مضوا إلى دير الخندق حيث دفنوه في الموضع الذي أختاره لدفنه فيه..

Mary Naeem 23 - 02 - 2023 02:31 PM

رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
 
القديس متاؤس الأول

العجايب التي أظهرها بعد دفنه




ثم بعد ما دفنوه أظهر الله للمؤمنين آيات وعجائب كثيرة كانت بعد انتقاله أكثر مما كانت في حياته ففي الليلة التي تنيح فيها هذا البابا اضطربت أجساد البطاركة القديسين الراقدين بدير القديس أبى مقار وقد حدث أن رهبان الدير سمعوا مع اضطراب الأجساد صوت البواب يدعوهم قائلا: "قوموا أخرجوا وافتحوا الباب فإن البابا متاؤس حضر وهو قائم يقرع الباب" فلما خرج الأخوة وفتحوا البابا لم يجدوا أحد فتعجبوا وصاروا لا يعلمون حقيقة الأمر إلى أن وفاهم المخبر من مصر أن هذا البابا تنيح في الليلة التي عبر عليهم فيها لأجل إخوته البطاركة القديسين تباركت الأرواح الطاهرة من بعضها ثم اضطربت تلك الأجساد في تلك الساعة لعلمها بأن المسكونة فقدت في ذلك اليوم معلمًا عظيمًا وقديسًا وديعًا فحصل خوف كبير واضطراب جسيم بينها حتى أن القنديل الذي يقاد لهم وقع على الأرض وانطفأ ولم ينكسر وهذه هي المرة الأولى التي تراءى فيها هذا البابا القديس بعد انتقاله.

وأما المرة الثانية فإنه بعد أربعين يوما ترآى لثلاثة رجال غرباء مجروحين دخلوا بيت الخندق وباتوا وقاموا باكر يوم الأحد سحرًا جدًا قبل شروق الشمس فوجدوا هذا الأب قائمًا مرتديًا برنسًا أبيضًا وهو ماشى يطوف بين الأموات في الليل مثلما كان يمشى ويطوف بينهم في النهار قبل الوفاة فلما رآه أولئك الرجال ولم يعرفوه خافوا وسقطوا على وجوههم وقد أقامهم من سقطتهم تلاميذ المتنيح البابا متاؤس فعرفوهم ما أبصروا ثم علموا منهم أنه القديس متاؤس البطريرك فتعجبوا وطلبوا إليهم أن يمضوا بهم إلى محل دفنه وتباركوا منه.

وأما المرة الثالثة فإنه تنبأ لتلاميذه قبل انتقاله أن البابا غبريال يكون البطريرك بعده، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وكان بعض الشعب لا يصدق حتى ترآى لهم البابا متاؤس المتنيح في اليوم الذي دعوا فيه البابا غبريال ليكرزوه قمصًا حينما كان الشعب مجتمعًا في المعلقة وإذا بواحد من الشيوخ القديسين المجتمعين في ذلك اليوم أبصر هذا البابا بالروح قائمًا على جناح المذبح وهو يضع يده مع أيدي الآباء الأساقفة على رأس البابا غبريال. فلما نظر الشيخ ذلك تعجب وقصد أن يتبارك منه قبل أن يختفي عنه فباركه وودعه قائلا: "اذكرني يا أخي فإني ماض مع البابا غبريال إلى الإسكندرية وهكذا مضى هذا القديس بالروح مع البابا غبريال ولم ينظره غير كاهن اسمه يوحنا كان أخرسًا يومئذ وكان هذا الكاهن قائمًا مع الجماعات للحضور إلى الإسكندرية فنظر أمامه فرأى القديس متاؤس يقول له: "منذ الآن يا هذا لا تكون أخرسًا بل قم من عند الله وتكلم وعرف الجماعات أنى حضرت في جماعة القديسين لأشاهد تكريس البابا غبريال بالإسكندرية" ولما تنبه الكاهن الأخرس وجد لسانه قد أنطلق وتكلم كما ذكر للجماعات ما كلمه به البابا المتنيح القديس متاؤس وتعجب الكاهن كما تعجب السامعون بالأكثر وصار كثير من الناس لا يصدقون أنه ذلك الكاهن الأخرس حتى أتوا ورأوه وسمعوا منه وكان كل من سمع يمجد الله على المواهب العالية التي أفاضها الله على هذا البابا القديس في حياته وبعد انتقاله.

وقد حصلت منه عجائب كثيرة وعمل آيات ومعجزات لو شرحناها واحدة واحدة لا يسع لذكرها كتاب.

بركة صلواته المقبولة فلتكن معنا جميعًا.

آمين.


الساعة الآن 12:13 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025