![]() |
مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم قداسة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية هو أحد الكتاب المتميزين، والأدباء المُتَمَرِّسين في الكتابة، وله أكثر من مائة كتاب، ومقالات أسبوعية في جريدة وطني، ومقالات في جريدة الجمهورية سابقًا، ومقالات في جريدة أخبار اليوم سابقًا، ومقالات في جريدة الأهرام حاليًا.. بالإضافة إلى مقالات تُنشَر في مجلة الكرازة، وغالبًا ما تُجمَّع لاحقًا حسب الموضوع في كتب لقداسته.. رأينا أنه من المناسب توفير هذه المقالات هنا، لحين وضعها في كتب متكاملة، وتفيد بالأكثر في حالة بقاءها على حالها مجرد مقالات.. وسوف نحاول وضع مصدر المقال والتاريخ كذلك. والآن إلى المقالات الروحية والعامة التي نُشِرَت في جرنال أخبار اليوم. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث الشهوة: أنواعها وخطورتها ** الشهوة هي أصل وبداية خطايا كثيرة. فالزنى يبدأ أولًا بشهوة الجسد. والسرقة تبدأ بشهوة الاقتناء أو شهوة المال. والكذب يبدأ بشهوة في تبرير الذات أو في تدبير شيء ما. والقتل يبدأ بشهوة الانتقام أو بشهوة أخرى تدفع إليه.. فإن حارب إنسان شهواته الخاطئة وانتصر عليها، يكون قد انتصر على خطايا عديدة. هنا وتحضرني عبارة عميقة في معناها، قالها مرة الأستاذ مكرم عبيد، وهي: افرحوا لا لشهوة نلتموها، بل لشهوة أذللتموها. ** من أكثر العيوب أن يقال عن شخص ما إنه "شهواني" أي أنه يقاد بواسطة شهواته، وليس بضميره أو عقله... ** والشهوة إن بدأت، لا تستريح حتى تكمل. وما دام الأمر هكذا، فالهروب منها أفضل. فلماذا تدخل معها في صراع أو في نقاش؟! إنك كلما أعطيتها مكانًا في ذهنك، أو تهاونت معها واتصلت بها، حينئذ تقوى عليك، وتتحول من مرحلة الاتصال، إلى الانفعال، إلى الاشتعال، إلى الاكتمال. وتجد نفسك قد سقطت... فتتدرج من التفكير فيها إلى التعلق بها، إلى الانقياد لها، إلى التنفيذ، إلى التكرار، إلى الاستعباد لها. وقد يلجأ الشخص إلى طرق خاطئة لتحقيق شهواته: إلى الكذب أو الخداع أو الاحتيال. وربما إلى أكثر من هذا... ** وقد يظن البعض -إذا ما أرهقته أفكار شهوة ما- إنه إذا ما أكملها بالفعل، سيستريح من أفكارها الضاغطة!! كلا، فهذا خداع للنفس. فإن الشهوة لا يمكن أن تشبع... وكلما يمارس الإنسان الشهوة، يجد فيها لذة. واللذة تدعوه إلى إعادة الممارسة. والقصة لا تنتهي... إن إشباع الشهوة لا ينقذ الإنسان منها، بل يزيدها... إنسان مثلًا يشتهى المال. وكلما يجمع مالًا يشتاق إلى مال أكثر. وموظف طموح يشتهى الترقي. فكلما يصل إلى درجة يشتهى درجة أعلى. ويعيش طول عمره في جحيم الشهوات التي لا تنتهي، ولا يشبعه شيء... وصدق سليمان الحكيم حينما قال: "العين لا تشبع من النظر، والأذن لا تمتلئ من السمع. كل الأنهار تجرى إلى البحر، والبحر ليس بملآن"... ** فلا تظن إذن أن الإشباع ينقذك من الشهوة. لأنه لا ينقذك منها سوى ضبط النفس، والهروب. سواء الشهوة التي تأتيك من الحواس أو من الفكر والقلب، أو التي تأتيك من الغير... وقد يعالج الإنسان شهوة رديئة، بأن يجعل شهوة مقدسة تحل محلها. فالجسد يشتهى ضد الروح، والروح تشتهى ضد الجسد. الجسد قد يشتهى الخطية، والروح تشتهى حياة البر والفضيلة. فإن أشبعت الروح فيما تشتهيه، حينئذ تنجو من شهوات الجسد... ** ما أجمل ما قاله أحد الروحيين عن التوبة، "إنها استبدال شهوة بشهوة". فبدلًا من شهوة الخطيئة، تحل محلها شهوة الفضيلة والقرب إلى الله. وأيضًا شهوة الكرامة والعظمة والعلو، يمكن أن تعالجها شهوة الاتضاع. وشهوة الضجيج تحل محلها محبة الهدوء. وهكذا دواليك. ** من الأساطير التي تقال عن بوذا Buddha مؤسس الديانة البوذية: إنه جلس في يوم ما تحت شجرة المعرفة. فعرف أن كل الناس يبحثون عن السعادة، وأن الذي يريد السعادة عليه أن يتخلص من الشقاء. ووجد أن للشقاء سبب واحد، وهو وجود رغبة أو شهوة لم تتحقق. وهكذا علّم الناس أن يبتعدوا عن الشهوات والرغبات لكي يعيشوا سعداء... على أن تعليم بوذا هذا، غير ممكن عمليًا. لأنه من المستحيل أن يعيش إنسان بدون أية رغبة أو شهوة. إنما الحل المعقول أن تكون له رغبات وشهوات غير ضارة، أو هي تتفق من وصايا الله... ** ذلك لأن هناك شهوات مؤذية ومدمرة. ولعل في أولها شهوة الشيطان في أن يدمر حياة البر مع جميع الأبرار... وأعوانه يفعلون مثله... إن الذي يدمن المخدرات، إنما بشهوة الإدمان يدمر نفسه، وقد يؤذى غيره أيضًا. والذي يقع في شهوة الخمر والمسكر، بلا شك يدمر معنوياته وكرامته. والذي تسيطر عليه شهوة الزنى، يدمر عفته وأخلاقياته، ويدمر أيضًا من يشاركه في الخطيئة أو من يكون فريسة له... وشهوة الحقد أيضًا شهوة مدمرة، وكذلك شهوة الانتقام. وجميع الشهوات التي يقع فيها البشر، تدمرهم خلقيًا واجتماعيًا. وإن لم يحسوا هذا التدمير على الأرض، فإن شهواتهم ستدمر مصيرهم الأبدي. ** إن الشيطان حينما يقدم للإنسان شهوة تشبعه، فإنه لا يفعل ذلك مجانًا أو بدون مقابل!! إنما في مقابل تلك الشهوة، يسلب روحياته منه، ويسلب إرادته، ويضيّع مستقبله في الأرض والسماء. لذلك علينا أن نهرب من شهواته ومن إغراءاته، واضعين في أذهاننا نتائجها وأضرارها. ** والشهوات التي بها يضر الإنسان غيره، عليه أن يضع أمامه احترام حقوق الغير، وسمعته، وعفته. ويقول لنفسه: واجبي هو أن أنفع غيري. فإن لم أقدر على منفعته، فعلى الأقل لا أضره... أما الشهوات التي يضر بها نفسه، فعليه أن يتمسك بكل القيم والمثاليات شاعرًا أن الخضوع لأية شهوة إنما هو ضعف لا يليق بمن يحترم شخصيته، ويرتفع بها عن مستوى الدنيا. ** والشهوات الخاطئة ليس من نتائجها فقط أن يضر الإنسان نفسه، أو أن يضره غيره، إنما هي أيضًا تفصل الشخص عن الحياة مع الله، وتدفعه إلى كسر وصاياه. وهذا أمر خطير... لذلك نصيحتي لك: اسلك ايجابيًا في حياة النزاهة والعفة. عالمًا أن الإيجابيات تنجيك من السلبيات. وأيضًا اعرف ما هي المصادر التي تجلب لك الشهوة بكافة أنواعها، وتجنبها... فهذا أصلح بكثير من تترك الباب مفتوحًا فتدخل منه الشهوة، ثم تقاومها. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث المال الحرام في التجارة والمعاملات تكلمنا في المقال السابق عن المال الحرام في السرقة، واليوم نتكلم عنه في مجال التجارة، حيث يرى البعض أنه لون من المهارة والفن للوصول إلى أكبر ربح ممكن... ومن أمثلته: ** المال الحرام عن طريق الغش: كأن يبيع أحدهم شيئًا به تلف على أنه شيء سليم، مستغلًا عدم اكتشاف الشاري للعيب الموجود في تلك البضاعة! ما أنبل البائع الذي بكل أمانة يكشف العيب الموجود في بضاعته وينبّه له المشترى. حينئذ سوف تسمو منزلته في أعين من يريد أن يشترى، ويثق به. ولكن قد يقول البعض عن هذا البائع إنه سوف لا يبيع. كلا، إنه سيبيع ولكن بثمن أقل يتناسب مع العيب الموجود في البضاعة. ولكنه مال حلال فيه بركة... ** ومن الغش أيضًا أن يبيع التاجر شيئًا بغير اسمه. كأن يبيع حلى زائفة على أنها حقيقية، أو قطع آثار مغشوشة كما لو كانت أثرية.. وأمثال هذا الغش هو سرقة ممزوجة بالكذب، يزيدها بشاعة ما يحيطها به من فنون الدعاية. ** ومن الغش الواضح الصريح غش المكاييل والمقاييس، وهو غش -لا في نوع البضاعة وجودتها- إنما في مقدارها وكميتها. ويكون الثمن الذي يتقاضاه من فارق الكمية هو مال حرام... ** وأخطر ما في الغش عمومًا هو الغش في الأدوية وبخاصة ما تتوقف عليه حياة الإنسان أو سلامته. وهذا النوع من الغش، يجب أن تشتد فيه عقوبة القوانين لكي تكون رادعة. لأن جريمته ليست مجرد المال الحرام، إنما الاستهانة بأعمار الناس أو سلامتهم. ** هناك أيضًا مال حرام عن طريق الجشع ورفع الأسعار: فرفع الأسعار بطريقة غير معقولة ولا مقبولة، يدخل في نطاق السرقة، لأنه ابتزاز لمال المشترى... إن الله يسمح للتاجر أن يربح في حدود المعقول. أما الربح الفاحش الذي يتضح فيه الجشع، فإنه خالٍ من الرحمة وكله أنانية ولا يوجد دين أو عرف يقرّه... ** وقد يحدث الابتزاز عن طريق الاحتكار: بأن يكون أحد التجار هو الصانع الوحيد، أو المستورد الوحيد لذلك الصنف، أو يكون المتعهد الوحيد لبيعه. وعندئذ يفرض أسعارًا باهظة، مستغلًا حاجة المشترين. فينهب أموالهم، إذ يشترون منه وهم كارهون ومضطرون... ومن أمثلة ذلك ما يسمونه بالسوق السوداء. وذلك بأن يخزن البائع عنده البضاعة حتى تنفذ من السوق، وقد يشترى هو ما تبقى منها، ويظل يخزن إلى أن تخلو منها باقي الأماكن. عندئذ يكشف عن وجودها عنده، ويفرض سعرًا خياليًا لبيعها. ويستغل احتياج المشترين لكي يبتز أموالهم. هذا التلاعب بالسوق مصدر للمال الحرام. وتكون الزيادة الفاحشة في السعر مالًا حرامًا يدخل بيته فيتلفه... ** ومما يدخل في التلاعب بالأسواق، ما يفعله التجار في المضاربات إذ يرفعون الأسعار تارة ويخفضونها تارة أخرى. وفي أثناء ذلك، يضيع كثير من التجار الصغار، وتبتز أموالهم لصالح المضاربين الكبار... ** ومما يندمج تحت عنوان المال الحرام: المشروعات الاقتصادية الوهمية وكذلك الرحلات الوهمية إلى بلاد الغرب أو إلى بلاد الخليج العربى، حيث تجمع أموال الناس بألوان من الدعاية والإغراء والوعود المعسولة... ثم يكتشفون بعد كل ذلك إنها أنواع من النصب لسلب الأموال... ** هناك مال حرام آخر يحصل عليه المشترى وليس البائع. وذلك عن طريق التشدد الزائد في السعر، وبخاصة مع الباعة الفقراء. ففي بعض الأحيان يكون البائع الفقير محتاجًا إلى بيع بضاعته بأي ثمن كان: من أجل أن يحصل على قوته الضروري، أو من أجل علاج مرض أحد أقربائه، أو بسبب أية ضرورة ملزمة، فيضطر أن يبيع ما عنده سواء ربح أو خسر. وهنا يستغل المشترى حاجة البائع، فيفرض عليه ثمنًا لا يتفق مطلقًا مع قيمة ما يشتريه منه. فيرضى ذلك بأن يبيع مضطرًا. ويكون ما ظلمه فيه المشترى هو مال حرام... أليس حقًا أن كثيرًا من المساومات مع الباعة الفقراء تدل على قساوة قلب المشترى وجشعه؟! لذلك قيل إن "الحسنة المُخفاة تكون في البيع والشراء"... إن البائع الفقير يستحق صدقة منك، حتى دون أن تأخذ منه شيئًا. فلا أقل من أن تمنحه هذه الصدقة عن طريق الشراء بدون أن تجرح شعوره. وثق أن دعاء البائع الفقير لك هو أثمن من فارق السعر... ** هناك أنواع أخرى من مصادر المال الحرام، منها التسخير، والأجر البخس. كأن يسخّر شخصًا إنسانًا آخر، لكي يعمل لأجله عملًا من غير أن يدفع له أجرًا. أو أن يستأجره بأجر بخس دون الكفاف. ويكون بهذا قد سلبه أجرته، وسرق تعبه وعرقه. وينطبق هذا على كل الشركات والمصانع التي لا تعطى عمالها وموظفيها ما يكفيهم من الأجر لسداد تكاليف سكنهم وطعامهم وباقي مصروفاتهم ومصروفات أولادهم. ويكون جزء من الأرباح الكبيرة التي يحصل عليها أصحاب تلك الشركات والمصانع عبارة عن مال حرام مأخوذ من حقوق عمالها الفقراء... ** كذلك يشمل هذا الأمر، تعطيل الحقوق أو إضاعتها، مثل تأخير علاوة موظف، أو تأخير ترقيته، أو حرمانه من أجر إضافي يستحقه... أو خصم جزء من مرتب الموظف كعقوبة بدون وجه حق. ** ومن أمثلة المال الحرام، ما يفعله مأمور ضرائب غير عادل... فإنه إن قدّر ضرائب على إنسان أكثر مما يجب، ويكون قد سلب منه ماله مجاملة للدولة. وإن قدّر عليه ضرائب أقل مما يجب، يكون قد سلب الدولة مالها. مع أنه في الحالتين لا يكون قد أخذ شيئًا لنفسه...! ** كذلك فإن القمار هو مصدر آخر من المال الحرام. فإن ما يربحه شخص من آخر عن طريق القمار، هو مال حرام قد أخذه بطريقة غير مشروعة. وكذلك من مصادر المال الحرام: الألعاب التي يخدعون بها الصبية والبسطاء، وتعتمد في السرقة على خفة اليد. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث المال الحرام والسرقة المال الحرام هو كل مال تحصل عليه، وهو ليس من حقك: كأن يكون ثمنًا للخطية، أو قد وصل اليك بطريقة غير شرعية. والسرقة هي أحد بنود المال الحرام، ولكن معناه أوسع من السرقة. بكثير، ويشمل عناصر متعددة سنذكرها فيما بعد... * والسرقة هي خسة في نفس السارق وعدم أمانة... إنها تحطم شخصيته في نظر الناس، وتدعوهم إلى الاحتراس منه والى احتقاره وعدم الخلطة به... بل قد تجعل السارق ذاته حقيرًا في عينى نفسه. ** والسرقة قد تكون في الخفاء أو في العلن بإرادة المسروق أو بغير إرادته. ومن أمثلة حدوثها في الخفاء بدون علم المسروق ما يفعله المختلسون أو كسرقة مال شخصى في غيبته أو أثناء نومه. أما في العلن فمن أمثلتها ما تتم عن طريق الاحتيال أو الخداع أو التزوير. وفي هذه الحالة تكون برضى المسروق ولكن بغير علمه بحيلة السارق. وقد تحدث السرقة أيضًا علنًا أمام بصر المسروق وتحت سمعه، ولكن بغير رضاه، كالاستيلاء على ماله بالقوة، بالقهر أو بالاغتصاب أو بالتهديد. وهذا ما يسمونه (السرقة بالإكراه) مثلما يفعل الخاطفون وقاطعو الطريق وقراصنة البحار. وهؤلاء تمتزج سرقتهم بالإيذاء. ** والسرقة قد تكون أحيانًا نوعًا من المرض النفسى، يحتاج إلى علاج لا إلى عقاب. وفي حالة هذا المرض، يلاحظ أن السارق قد يأخذ أشياء لا يحتاج اليها مطلقًا، أو لا يعرف كيف ينتفع بها. إنما يجد لذة في الاحتفاظ بها وفي أخذها من غيره. وربما يكون مدفوعًا إلى هذه السرقة المرضية بعوامل داخلية فوق إرادته، وهو يفعل هذا ولا يستطيع أن يقاوم نفسه.. ** عمومًا فالمال الحرام الذي يحصل عليه السارق كفيل بأن يضيّع المال الحلال الذي كان موجودًا معه من قبل. وعلى رأى المثل "المال الحرام يأخذ الحلال معه ويضيّعه". فالسرقة هي نار للسارق نفسه، تتلف ما معه. مثل إنسان تناول طعامًا تالفًا أو غير مقبول الطعم أو عفنًا. فما أن ينزل هذا الطعام إلى جوفه، حتى يتقيأ كل ما في داخله من جيد وردئ... فما أجمل أن يعيش الناس معًا في جو من الأمانة من الثقة المتبادلة والإطمئنان، حيث يترك الإنسان أي شيء له في أي مكان، فيجده حيث هو. ويترك بيته مفتوحًا، فلا يأخذ أحد منه شيئًا... وإن نسى خطاباته أو أسراره في موضع، يكون مطمئنًا أنه لن يسمح أحد لنفسه أن يطّلع على شيء منها...! ** إن السرقة خطيئة تخجل من ذاتها، لذلك فإن تُقترف في الظلام، وصاحبها يشمئز منها ويتبرأ ويحاول أن ينفيها عن نفسه. ولهذا نقول "إن سار شيطان السرقة في طريق، يقول له شيطان الكذب خذنى معك". فمن الصعب أن تجد سارقًا لا يكذب. فهو يكذب لكي يغطى سرقته وينكرها. وهو يكذب قبل السرقة واثناءها. يكذب قبلها لكي يتمكن من إتمامها، كما يفعل الخادعون، ويكذب أثناءها لكي تستمر أو لكي يخدع من يراقبه ومن يشك فيه. ويكذب بعدها لينجو من الخجل أو من العقوبة... ** وتزداد خطية السرقة ثقلًا بعاملين: أحدهما مقدار الضرر الذي يحيق بالمسروق، وثانيهما شخصية المسروق ذاتها. فهناك من يسرق من الأفراد، ومن يسرق من الهيئات أو البنوك، ومن يسرق مال الدولة، ومن يسرق من بيت الله أو من حقوق الله المالية عليه. والسرقة من الفقير والمحتاج لها بشاعتها، كمن ينهب مال اليتيم أو الأرملة، أو ما قاله شاعر عن بعض من جمعوا المال حرامًا، أنهم: خطفوه من فم الجوعان بل من رضيع لم يوفّوه فطام. ** وهنا لا تقاس ثقل السرقة بمقدار قيمة الشئ المسروق، وإنما بمقدار أهميته للشخص الذي سرق منه... وقد لا تكون للشئ المسروق قيمة في ذاته، لكنه يمثل لصاحبه ذكرى عزيزة أو أهمية خاصة، بحيث أن فقده يحدث في قلبه ألمًا عميقًا لأن من الصعب تعويضه!. * والسرقة من إنسان محتاج تدل على انعدام الشفقة في قلب السارق. مثال ذلك من يأخذ ربا أو رهنًا من شخص لا يجد قوته الضرورى. فكأنه يسلبه طعامه وطعام أولاده. وهذا الفقير لولا عوزه، ما كان يلجأ إلى القرض أو الرهن. فهل يليق بدلًا من مساعدته، أن يقرضه الدائن بالربا؟! وهذا المال الزائد الذي يأخذه المرابى من الفقير غير الربا الذي تدفعه البنوك والمصارف التي تتاجر بمال المودعين عن طريق مشروعات اقتصادية تربح منها، ثم تشركهم في ربحها باعتبارهم شركاء في رأس المال. * على أن العكس قد يحدث بأن يسرق بعض المودعين من البنوك، بأن يأخذ قرضًا بالملايين ثم يهرب. وهناك أيضًا نوع آخر يسمى (بالقروض المعدومة)، له اسم القرض مع العجز التام عن الوفاء به، وهو كذلك سلب لمال الغير. وأصعب منه (إعلان الإفلاس) حيث يضيّع حقوق كثيرين، سواء كان إفلاسًا حقيقيًا أو حيلة مدبرّة... ** أما السرقة من مال الدولة فتأتى بوسائل متعددة منها ما يقوم به البعض من حيل للإفلات من الضرائب أو من الجمارك، أو المطالبة بالإعفاء من رسوم معينة بدون وجه حق، أو استخدام عربات الدولة في تنقلات خاصة لا علاقة لها بالعمل، أو استخدام النفوذ في شراء أراضٍ أو املاك للدولة بأبخس الأثمان، أو الحصول على رشوة للمساعدة في سلب بعض حقوق الدولة المالية. وتكون الرشوة هي من بنود المال الحرام... ** هناك انواع اخرى من السرقات ثم سرقة الأفكار والسرقات الأدبية، والتسخير، والسرقة في مجالات التجارة، وفي الفن، وفي القمار |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث شيطان التخدير وشيطان التأجيل حينما يكون الإنسان متيقظًا ومتنبهًا لنقاوة قلبه، صاحيًا عقلًا وروحًا، فإنه من الصعب أن يسقط... ولذلك قال أحد الحكماء: "إن الخطيئة تسبقها إما الشهوة أو الغفلة أو النسيان" فحالة الغفلة والنسيان هي تخدير من الشيطان للإنسان... فينساق إلى الخطيئة وكأنه ليس في وعيه!! ولذلك في حالة التوبة يقال عنه إنه رجع إلى نفسه. أي أنه لم يكن في وعيه، أو على الأقل لم يكن في كامل وعيه طوال فترة سقوطه. ** إن الشيطان يخدّر الإنسان، بحيث ينسى كل شيء، ماعدا محبته للخطية. فتكون كل حواسه وأفكاره ومشاعره مركزة في الخطية وحدها. أما ما عداها فلا يخطر له على بال، وكأنه قد نسيه تمامًا تمامًا... ينسى وصايا الله، وينسى مركزه الروحي والاجتماعي، وينسى عبادته واحتراسه، وينسى وعوده لله وتعهداته ونذوره، وينسى ما يمكن أن تسببه الخطيئة من نتائج وأضرار وعار، وينسى عقوبات الله وإنذاراته. ويكون كأنه مخدر تمامًا، لا يعي شيئًا سوى شهوته... ** ولا يصحو لنفسه إلا بعد السقوط، حينما يكون كل شيء قد انتهى! وقد يفيق الشخص بعد الخطية مباشرة. وربما بعدها بمدة طويلة.. وهناك من يفيق من تخديره فيتوب، والبعض قد ييأس إن كان قد أفاق بعد فوات الفرصة! ** وأنصحك يا أخي إن خدّرك الشيطان، أن تفيق بسرعة. واحذر أن تستمر مخدرًا بالخطيئة إلى أن تصبح عادة، أو يصير من الصعب عليك أن تتخلص منها، أو تكون قد وصلت إلى نتائج سيئة جدًا... والنصيحة الثانية أن تستفيد درسًا مما مرّ بك، فلا تتساهل مع الخطيئة، بل عليك أن تتوب توبة حقيقية وسريعة، وتغلق أمامك كل الأبواب التي أوصلتك إلى السقوط. ** على أن شيطان التخدير إذا وجد أن فريسته قد أفاق من تخديره، وعزم على التوبة، يسلّمه بدوره إلى شيطان التأجيل، الذي يقول له: ولماذا هذا الإسراع؟! وأمامك فرص كثيرة للتمتع بالحياة، ليس من الحكمة أن ترفضها فتندم عليها! والأمر في يدك، يمكنك أن تتوب في أي وقت، ولو قبل الموت. ولاشك أن الله الكلى الرحمة يقبل التوبة في أي وقت كانت مهما تقدم بك العمر..! إذن لا داعي إلى الإسراع. ربما التريث يعطينا فرصة لفحص الأمر أكثر، أو لاختيار أسهل السبل للتخلص مما نحن فيه... ** والشيطان يلجأ إلى حيلة التأجيل، ليس فقط في مواجهة نية التوبة عند الإنسان، إنما في كل عمل خير ينوى أن يعمله. والمقصود بالتأجيل هو إضاعة الحماس للعمل، أو إضاعة الفرصة، أو ترك الموضوع فترة فربما يُنسى أو يحدث ما يغطى عليه، أو تأتى مشغولية كبيرة تستحوذ على كل الاهتمامات والوقت، أو يحدث حادث يتسبب في التعطيل، أو يتعرض الإنسان لخطية تفتر بها حرارته الروحية فلا ينفذ ما قد أجّله... ** لذلك لا تؤجل التوبة. فكثيرون من الذين أجلوّها، لم يتوبوا على الإطلاق، وزال تأثرهم الروحي وضاعت الفرصة منهم... واعلم أن توالى تأجيل التوبة، قد يعنى رفض التوبة. وقد يعنى قساوة القلب، وإسكات الضمير المتحرك داخلك، وأيضًا الهروب من الله الذي يدعوك إليه. ** إن الفرصة حاليًا في يدك، والحماس في قلبك. فلا تؤجل التوبة، ولا تؤجل الصلاة، ولا تؤجل أي عمل خير يتاح لك أن تقوم به من نحو غيرك. فهوذا سليمان الحكيم يقول "لا تمنع الخير عن أهله، حين يكون في طاقة يدك أن تفعله" لا تقل لصاحبك "اذهب الآن وتعال غدًا لأعطيك، وموجود عندك"... واعلم أن "خير البر عاجله" كما يقول المثل... والإسراع في عمل البر فضيلة، والتباطؤ فيه قد يسبب الندم. ** كثير من الطلبة الذين أجّلوا مذاكرة دروسهم يومًا بعد يوم، تكاثرت عليهم، ووقعوا في اليأس، وبكوا في ساعة الامتحان... كذلك فإن المزارعين الذين أدركتهم الحسرة في موسم الحصاد، كانوا قد أجّلوا إلقاء البذار في وقت الغرس والزرع. وأيضًا الذين أجّلوا علاج مرض معين، قاسوا كثيرًا حينما استفحل المرض وانتشر. وبعض الذين أجّلوا المصالحة مع الأصدقاء أو الأزواج، كان من نتائج ذلك أن تعقدت الأمور وصار الصلح مستحيلًا.. ** قد يكون التأني في اتخاذ بعض القرارات حكمة، ولكنه في أحيان أخرى يكون خطأً وأحيانًا يكون خطرًا، ويكون مجرد حيلة في يد شيطان التأجيل ليفسد كل شيء... قال شاعر قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجلِ الزللُ. فأجابهم شاعر آخر بقوله: وكم أخذّ ببعض الناس بطؤهمو وكان خيرًا لهم لو أنهم عجلوا ** لذلك احترس من شيطان التأجيل، لئلًا يقودك شيئًا فشيئًا إلى الإهمال، ومنه إلى الضياع... فإن ناداك الضمير، أسرع إلى الاستجابة. وإن حثك على عمل الخير، فلا تتوان ساعة ولا لحظة. وإن زحفت إلى طبعك عادة خاطئة، فلا تتباطأ في التخلص منها. وإن شاهدت شعلة تحرق، فلا تؤجل إطفاءها، لئلا تتحول إلى حريق مدمر. وباستمرار احذر واحترس من شيطان التأجيل... |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث إنه عالَم مشغول إن الله -تبارك اسمه- يطل من سمائه على عالمنا، فيجده عالمًا مشغولًا. إنه عالم يجرى بسرعة، ولا يجد وقتًا يتوقف فيه ليفكر إلى أين هو ذاهب! وهو أيضًا عالم صاخب كله أحاديث وضوضاء ومناقشات وانفعالات، وقد فقد هدوءه... ** إنه عالم مشغول على كافة المستويات: على مستوى الدول والأمم والجماعات والأفراد. فالدول مشغولة بالحروب والسياسات والانقسامات، وبالفتن والدسائس والتدابير. والجماعات مشغولة بالصراعات والتشاحن، وبالثقافات التي تتصادم وتتزاحم ولا تتلاحم. والأفراد أيضًا مشغولون بالمشاكل الأسرية والمشاكل الاقتصادية، وبالصراع في ميادين الدراسة والوظائف والعلاقات الاجتماعية. ** ووسط كل ذلك يقل العمل الروحي أو يضعف ويفتر، وتختفي العلاقة مع الله، ولا يفكر أحد تفكيرًا جديًا في مصيره الأبدي ولا في الاستعداد له. وإن قام للصلاة يكون ذلك بأسلوب شكلي روتيني لا روح فيه، حتى أن الله يقول كما قال عن اليهود في وقت ما "هذا الشعب يعبدني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عنى بعيدًا". ** ويقف الشيطان مبتهجًا بمشغولية الناس، ما دامت هذه المشغولية تنسيهم أنفسهم، وتنسيهم إلههم، ولا تعطيهم فرصة للتأمل فيما هو لازم لحياتهم الأخرى، ولا تعطيهم فرصة للتأمل ولمحاسبة أنفسهم. وإن وجدوا وقتًا للهدوء يشغلهم بعمل إضافي، أو بدراسة معينة، أو بألوان من اللهو والتسلية والمتعة، أو يبحث عن مزيد من الرزق المادي. والمهم في كل ذلك أنهم لا يجدون وقتًا يتفرغون فيه لله خالقهم. مقنعًا أن تلك المشغوليات لازمة لهم اجتماعيًا أو ثقافيًا أو ماديًا لصلاح حالهم!!. ** وإن اهتم شخص بالنواحي الدينية، يدخل معه الشيطان أيضًا في هذا المجال. فإما أن يحوّل له الدين إلى صراعات فكرية والى مجالات وفلسفة، أو يحوّل مسيرة تدينه إلى نزاع مع الذين يختلفون معه في المذاهب. أو يكتفي بأن يجعله يهتم بإلقاء دراسات أو محاضرات عن السلوك البار دون السير فيه. وهكذا يشبه لافتات الطريق التي توضح الطريق دون أن تسلك فيه، أو هو يشبه أجراس المعابد التي تدعو الناس إلى دخول المعبد دون أن تدخل هي فيه!! ويصبح التدين كلامًا، ولا يصير ممارسة أو حياة!! ** لا تظنوا أن الشيطان يغرى كل الناس بالخطيئة لكي يبعدهم عن الله... كلا، فإنه يفتن في طرق عديدة لإبعادهم. المهم عنده أن فكرهم لا يكون مع الله، ولا قلبهم أيضًا فهو يشغل البعض بالمال وكأنه الوسيلة الوحيدة لسعادته، ويشغل البعض الآخر بالمناصب والألقاب، فيسعى إليها بكل جهده ليشبع بها رغباته. كما أنه قد يشغل آخرين بالعلم أو بالسياسة، فيركزون في ذلك كل آمالهم. وهو يضخمّ قيمة المشغولية التي يحارب بها كل أحد لكي لا يتبقى له وقت يهدأ فيه إلى نفسه، ويفكر في الله وفي الحياة الأخرى والاستعداد لها... ** وتصبح المشغولية لونًا من التخدير، يتوه به الإنسان عن نفسه، فلا يرى شيئًا مهما وذا قيمة سوى هذه المشغولية! أما حياته الروحية وصفاء قلبه ونقاوته، فلا يحسب لشيء من هذه حسابًا!! والشيطان -في كل ذلك- لا يكتفي بمشغولياتك الحالية، بل يحاول أن يضيف إليها مشغوليات أخرى، لكي ترتبك ويلهيك عن نفسك. وهو مستعد أن يقدم لك في كل يوم عروضًا ربما تكون سخية تغريك لكي تقدم لها أنت المزيد من وقتك واهتمامك وعاطفتك. وهكذا تعيش في جحيم الرغبات والمشغوليات التي تشعل مشاعرك وتشغلك... ** والعجيب في كل ذلك والمؤلم أيضًا، انك لا تشعر بأنك قد أخطأت في شيء. وتقول لنفسك: أنا لم أكسر أية وصية من وصايا الل لا وقعت في الزنا أو النجاسة أو السرقة أو القتل وما شابه ذلك. أنا إنسان أعمل عملي بكل إخلاص وأتفرغ له... حقًا انك كذلك، ولكنك لم تعط من حياتك وقتًا لله. ** ليكن الله يا أخي في مقدمة مشغولياتك، إن لم يكن هو شاغلك الوحيد. فعملك الروحي وصلتك بالله، ينبغي أن تكون باستمرار في مقدمة مشغولياتك وفي توزيع وقتك. واجعل خلاص نفسك في المقام الأول، ثم رتّب باقي مسئولياتك حسبما تكون أهميتها. وضع نصب عينيك باستمرار تلك العبارة الخالدة: "ماذا ينتفع الإنسان، لو ربح العالم كله وخسر نفسه..؟!" إن خسرت نفسك، ماذا يكون لك عوضًا عنها؟ وكل الذين ماتوا وتركوا هذا العالم، ماذا نفعتهم مشغولياتهم؟! ولما تركوا تلك المشغوليات بموتهم، هل ارتبك العالم، أم بقى كما هو بدونهم؟!. ** نصيحتي لك: ابدأ يومك بالله في كل صباح، قبل أية مشغولية أخرى. ونظّم وقتك بحيث لا تطغى أية مشغولية على الوقت الذي تقضيه مع الله. ولا تخرج من منزلك قبل أن تقوم بكل واجباتك الروحية. ولا تسمح لشيء أن يتفوق على روحياتك مهما كانت الأسباب أو الإغراءات، ومهما حوربت بقيمة وأهمية تلك المعطلات... ولا يصح أن تضحى بعلاقتك مع الله من أجل أي شيء أو أي شخص أيًا كان. وضع حياتك الروحية قبل كل المشغوليات، سواء من جهة الوقت أو جهة الأهمية.. واعلم أنك دائمًا تصرّف حياتك، حسب قيمة كل شيء في نظرك. وليس هناك شيء أكثر أهمية من مصيرك الأبدي، لأن كل شيء زائل، إلا البر والخير والعلاقة الطيبة مع الله... وثق أن الله سيبارك كل وقت، إن أعطيت الباكورة له. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث الوداعة ودماثة الخُلق من هو الإنسان الوديع؟ وما صفاته وبناء شخصيته؟ ** الإنسان الوديع هو الشخص الطيب المسالم. وكثير من الناس يستخدمون صفة الطيب بدلًا من صفة الوديع. وهو عمومًا إنسان هادئ بعيد عن العنف. هو هادئ في طبعه. هادئ الأعصاب، وهادئ الألفاظ والملامح، وهادئ الحركات فالهدوء يشمل كله من الداخل والخارج. فهو هادئ في قلبه ومشاعره، وهادئ أيضًا في تعامله مع الآخرين، ويتصف بالحلم فهو حليم في أخلاقه. ** وقد قيل عن السيد المسيح في وداعته إنه "لا يخاصم ولا يصيح، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ". فهكذا يكون الوديع بعيدًا عن الصخب والضوضاء. لا يصيح. بل حينما يتكلم، يتصف كلامه بالهدوء واللطف، يختار ألفاظه بكل دماثة وأدب. لا يجرح بها شعور إنسان أيًا كان. حتى إن كان ذلك الشخص مثل فتيلة مدخنة، لا يطفئها، فربما تمر عليها ريح فتشعلها. ** يعمل كل ذلك -لا عن ضعف- وإنما عن لطف يذكرني هذا الأمر بقصيدة كنت قد نظمتها منذ حوالي 56 عامًا في يوم الأربعين لأستاذ وديع كنت أحبه، وقلت فيه: يا قويًا ليس في طبعه عنفٌ ووديعًا ليس في ذاته ضعفُ يا حكيمًا أدّب الناس وفي زجره حبّ وفي صوته عطفُ لك أسلوب نزيه طاهر ولسان أبيض الألفاظ عَفٌ لم تنل بالذمّ مخلوقًا ولم تذكر السوء إذا ما حلّ وصفُ إنما بالحب والتشجيع قد تصلح الأعوجَ، والأكدرُ يحنو ** الإنسان الوديع يكون أيضًا بعيدًا عن العنف وعن الغضب هو إنسان هادئ لا يثور ولا يثار. لا يحتد ويغضب بسرعة ولا يبطئ. ولا ينفعل الانفعالات الشديدة، ولا تغلبه النرفزة (العصبية)، لأنه هادئ باستمرار، يتصف بالطيبة والبشاشة. لا ينتقم لنفسه، ولا يحلّ مشاكله بالشدة. بل إن حدث وأساء إليه أحد، يقابل ذلك بالاحتمال والصبر. ** والإنسان الوديع لا يقيم نفسه رقيبًا على الناس وتصرفاتهم. إنه لا يقيم نفسه قاضيًا، ولا يتدخل فيما يفعله غيره. ولا يعطى نفسه سلطة مراقبة الآخرين والحكم على أعمالهم. وإن اضطرته الضرورة إلى الحكم، لا يقسو في أحكامه. ** وقد يغلبه الحياء، فلا يرفع بصره ليملأ عينيه من وجه إنسان. إنه لا يفحص ملامح غيره ليحكم على مشاعره ماذا تكون، أو ما مدى صدق الغير في كلامه.. وإن حورب بذلك يقول لنفسه: "أنا مالي، خلّيني في حالي". هو بطبيعته الوديعة لا يميل إلى فحص أعمال الناس.. وإن تدخّل في الإصلاح، يُصلح بهدوء ووداعة ورقة. ** والإنسان الوديع يكون دائمًا سهل التعامل مع الغير. يستطيع كل شخص أن يأخذ معه ويعطى... إنه سهلّ في نقاشه وحواره. لا يحتد ولا يشتد. ولا يستاء من عبارة معينة يقولها من يحاوره. بل يشعر المتناقش معه براحة مهما كان معارضًا له. يعرف أنه سوف لا يغضب عليه، وسوف لا يحاسبه على كل لفظ مما يقوله. ** الإنسان الوديع بشوش، لا يعبس في وجه أحد. له ابتسامة حلوة محببة إلى الناس، وملامح سمحة مريحة لكل من يتأملها. لا تسمح له طبيعته الهادئة أن يزجر أو يوبخ أو يحتد أو يشتد، أو أن يغير صوته في زجر إنسان. ** ومهما عومل، لا يتذمر ولا يتضجر ولا يشكو. بل غالبًا ما يلتمس العذر لغيره، وفى ذهنه يبرر مسلكه، ولا يظن فيه سوءًا، وكأن شيئًا لم يحدث. فلا يتحدث عن إساءة الناس إليه، ولا يحزن بسبب ذلك في قلبه. وإن حدث وتأثر بسبب ذلك أو غضب، سرعان ما يزول تأثره. ولا يمكن أن يتحول حزنه أو غضبه إلى حقد، بل ما أسرع أن يصفو. ** إنه إنسان بطئ الغضب. لا يغضب لأي سبب. أما إذا غضب الوديع، فلابد أن أمرًا خطيرًا قد دعاه إلى ذلك. وغالبًا ما يكون غضبه لأجل الخير ولأجل الغير، وليس لأجل نفسه أو بسبب كرامته أو حقوقه الشخصية... وإذا غضب الوديع فإنه لا يثور ولا يفقد أعصابه، إنما يكون غضبه هو مجرد تعبير عن عدم موافقته وعدم رضاه عما يحدث. فهو عمومًا أعصابه هادئة. وإذا انفعل لا يشتعل. ** والإنسان الوديع هو بطبيعته مسالم، لا ينتقم لنفسه. لا يقابل الشر بمثله، ولا يرد على السيئة بما يشبهها. إنما هو كثير الاحتمال. لا يدافع عن نفسه. بل غالبًا ما يدافع عنه غيره، موبخين من يسئ إليه بقولهم "ألم تجد سوى هذا الإنسان الطيب لكي تسئ إليه؟!". فالوديع لا يؤذى أحدًا، ويحتمل أذى المخطئين.. ** والوديع له سلام في داخله، فلا ينزعج ولا يضطرب. فكل المشاكل الخارجية لا تستطيع أن تعكر صفوه الداخل. وكما قال أحد الآباء "سهل عليك أن تحرّك جبلًا من موضعه. وليس سهلًا أن تثير إنسانًا وديعًا". والوديع لا يصطنع الهدوء. إنما كما خارجه، هكذا داخله أيضًا. إنه كصخرة أو جندل في نهر، مهما صدمته الأمواج لا يتزعزع . ** والوديع بعيد عن المجادلة والمحارنة. أو ما يسميه العامية (المقاومة في الكلام). لأنه لا يجاهد لكي يقيم كلمته أو لكي ينتصر في المناقشات. إنما هو يقول رأيه ويثبته، وليقبله من يشاء ومتى يشاء، دون أن يدخل في صراع جدلي يفقده هدوءه.. ** والوديع لا يوجد في تفكيره خبث ولا دهاء ولا تعقيد... لا يقول شيئًا وفي نيته شيء آخر. بل الذي في قلبه هو الذي على لسانه. وما يقوله لسانه إنما يعبر عن حقيقة ما في قلبه، فليس عنده التواء، ولا يدبر خططًا في الخفاء. بل هو إنسان واضح، يتميز بالصراحة، يمكن لمن يتعامل معه أن يطمئن إليه تمامًا. فهو شخص بسيط، لا حويط ولا غويط! ** إنه يمر على الحياة، كما يمر النسيم الهادئ على سطح الماء.. فهو لا يُحدث في الأرض عاصفة ولا زوبعة، ولا يُحدث في البحر أمواجًا ولا دوامات. فهو لا يحب أن يحيا في جو فيه زوابع ودوامات لأن كل ذلك لا يتفق مع طبعه، ولا مع هدوئه ولا لطفه، ولا مع أسلوبه في الحياة. لذلك كل من يعاشر يلتذ بعشرته. فهو إنسان طيّب لا يصطدم بأحد، ولا يزاحم غيره في طريق الحياة. وإن صادف في طريقه مشاكل، فإنه يمررها، ولا يدعها تمرره... ** وأخيرًا هناك نوعان من الودعاء: أحدهما وُلد هكذا، والثاني اكتسب الوداعة بجهاد وتداريب وبعمل النعمة فيه... ** على أن في حديثنا عن الوداعة، لا يفوتنا أن ننسى ما يعطلنا. فأحيانًا تقف ضدها الإدارة والسلطة. فالبعض إذ يمارس الأمر والنهى، والتحقيق والمعاقبة، ويكون من واجبه مراقبة الآخرين وتصريف أمورهم، قد يفقد وداعته أحيانًا، ويرى في الحزم والعزم والحسم ما يبرر له العنف في بعض الأوقات. ولكن مغبوط هو الذي يحتفظ بوداعته فيما يمارس عمل السلطة... وهنا يبدو أن موضوعنا هذا يحتاج إلى تكملة... |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث لا تكتسب فضيلة بتحطيم فضيلة أخرى إن الشيطان يتضايق من فضائلك الثابتة التي صارت وكأنها من طبيعتك، لذلك يحاول أن يحطمها بكافة الحيل. ومن بين هذه الحيل أن يقدم لك فضيلة أخرى جديدة عليك ليست لك بها خبرة، لكي تحل محل الفضيلة الأولى الثابتة. ومن أمثلة ذلك: 1- إن كنت تحيا في وداعة وهدوء ودماثة خلق وسلام قلبي. ويريد الشيطان أن يفقدك كل هذا. فماذا يفعل؟ أنه لا يستطيع أن يذم الرقة والوداعة، أو أن يقول لك "أترك طبعك هذا المحبوب من الكل"... ولكنه يصل إلى غرضه عن طريق الإحلال، ويقدم لك فضيلة بديله، دون أن يشعرك أنها بديلة.. وكيف ذلك؟ * يدعوك باسم الحماس في نشر البر، أن تساهم في إصلاح المجتمع، وأن توبخ وتنهر، وتكشف أخطاء الآخرين لكي يخجلوا منها ويتركوها! وتظل تفعل هذا بغير حكمة. وأنت لا تعرف قدر من تتناوله بالنقد، ولا الأسلوب المناسب، ولا ما هي ردود الفعل، ولا بأي سلطان تفعل ذلك. وهكذا تسلك في طريق القسوة والتشهير بالآخرين، وفي أسلوب السب والقذف. وتسودّ صورة الغير في نظرك، وتتحول إلى قنبلة متفجرة تقذف شظاياها في كل اتجاه... * وهكذا تفقد وداعتك ورقتك. وتكره الناس ويكرهونك. ثم ما تلبث أن تتعب من هذا الأسلوب الذي لا يتفق مع طباعك، وتحاول أن تعود إلى حالتك الأولى، ولكنك لا تجد قلبك نفس القلب، ولا فكرك نفس الفكر. بل ترى أنك قد فقدت بساطتك ونقاوة فكرك، كما فقدت حسن علاقتك بالآخرين وفقدت أمثولتك الصالحة التي كان ينتفع بها غيرك.. وإذا بالشيطان قد أطمعك في فضيلة لا تعرف كيفية السلوك فيها، وأفقدك فضيلتك الأولى! فما احتفظت بالأولى، ولا ربحت الثانية. وصرت في بلبلة... * ينبغي أن تدرك تمامًا أن أعمال الخير لا يهدم بعضها بعضًا، وأن كل إنسان له شخصيته التي قد تختلف عن غيره، وقد لا يناسبه ما يناسب غيره. وليس كل أحد له سلطان أن يوبخ وينتقد. كما أنه ليس للكل معرفة كيف يستخدم حسنًا فضيلة جديدة عليه. 2- مثال آخر للفضيلة التي يحاول بها الشيطان أن يضيع فضيلة أخرى: إنسان يعيش في نقاوة القلب، بعيدًا عن العثرات الجسدية. فهو محترس تمامًا، لا يقرأ قراءات ولا ينظر إلى أية مناظر تُعثِره. ولا يختلط بأية خلطة خاطئة، ولا يستمع إلى أية أحاديث طائشة. بل يحتفظ بأفكاره نقية لا تُدخل إلى قلبه شيئًا غير طاهر.. هذا الإنسان يريد الشيطان أن يحاربه، ولا يستطيع أن يقدم له شهوة مكشوفة، لأنه لابد أن يرفضها. فماذا يفعل؟ * يفتح أمامه الباب ليكون مرشدًا روحيًا يقود الشباب إلى الطهارة. إذ كيف يعيش في حياة الطهارة وحده، ويترك أولئك المساكين يسقطون كل يوم دون أن يقدم لهم مشورة صالحة تنقذهم مما هم فيه! ويقنعه بأن مَنْ رَدَّ خَاطِئًا عَنْ ضَلاَلِ طَرِيقِهِ، يُخَلِّصُ نَفْسًا مِنَ الْمَوْتِ، وَيَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا (رسالة يعقوب 5: 20). ويظل يثير الحماس في نفسه لكي يقبل هذه الخدمة الروحية الحيوية، وأن يرشد الذين يأتون إليه... * ثم تأتى الخطوة التالية وهى أنه لكي يكون إرشاده عمليًا، لابد أن يستمع إلى مشاكلهم وأخطائهم. ويظل أولئك يصبّون في أذنيه أخبارهم وقصص سقوطهم. وقد يقولون كل شيء بالتفاصيل. وربما يكون في ما يحكونه ما يعثر.. ويستمع (المرشد) الطاهر إلى كل ما كان يبعد قبلًا عن سماعه، ويعرف ما كان يجب مطلقًا أن يعرفه. وكل واحد من أولئك يقدم صورة جديدة أو صورًا عديدة من الخطأ... * وعن طريق الإرشاد يجد صاحبنا عقله وقد امتلأ بصور دنسة. وأصبح يعرف أشياء صارت تشوّه طهارة تفكيره، وتدنسه بأخبار وقصص مجرد ذكرها قبيح. وإن لم تعثره وتغرس فيه انفعالات خاطئة، فعلى الأقل تنجس فكره، وكأنه قد قطف أثمارًا غريبة من شجرة معرفة الخير والشر..! * فإن حاول أن يبتعد، يُقال له: وما ذنب هؤلاء الشبان؟! وقد يكونون قد تعلقوا به واستراحوا إلى إرشاده. وربما يتعبون ضميره بأنهم -إن تخلى عنهم- قد يرجعون إلى خطاياهم! ويلحّون عليه أن يظل يسندهم حتى يقفوا على أرجلهم.. ربما هو يكون قد رسبت في ذهنه -ولو بالسمع- صور لم ينظرها من قبل، وربما يسقط بالفكر، ويكون الشيطان قد نجح في إسقاطه وافقده نقاوته الأولى. 3- وقد تأتى حيلة الشيطان في عرض الإرشاد بصورة أخرى، يقدّم فيها -لا أخبارًا تدنس القلب- بل شكوكًا تتعب العقل... إذ يكون القلب في بساطة الإيمان، وتكون قراءاته كلها روحية تعمّق صلته بالله. ثم يأتي من يطلبون معونته وإرشاده في شكوك عقيدية أو إيمانية تتعبهم. وتتوالى الشكوك من هنا وهناك لكي تجد لها حلًا، ويبدأ إيمان هذا (المرشد) أن يتحول شيئًا فشيئًا من القلب إلى الفكر والبحث العلمي. وقليلون من يتقنون الأمرين معًا... ويجد أن الشكوك تتكاثر عليه، وليست له موهبة الرد عليها.. * وينبغي أن نعرف أنه ليس كل أحد له القدرة على الإرشاد. فالذين لهم هذه الموهبة، لا يصيبهم ضرر سواء من المشاكل الروحية وسماع الخطايا الجسدية، أو من المشاكل العقائدية وسماع الشكوك. ولكن حيلة الشيطان الماكرة هي أنه يقدم الإرشاد للذين ليست لهم الموهبة، فيصيبهم منه ضرر. كما انه يقدم لهم ذلك بأسلوب ضاغط، يشعرهم به أنه ضرورة ملحة وأنه واجب مقدس.. وما أسهل على القلب المتضع أن يرد قائلًا "ولكنني لا أعرف. أنا الذي لم أستطع أن ارشد نفسي، كيف يمكنني إرشاد آخرين؟! |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث الذين يجرفهم التيار ** يقول أحد الأمثال "من عاشَرَ قومًا أربعين يومًا، صار منهم". وسواء صحّ هذا المثل أو لم يصح، فإنه يدل على مدى تأثير التيار الخارجي على شخصية الإنسان. وفى نفس المعنى قال أحد الأدباء الكبار "قل لي من هم أصدقاؤك، أقول لك من أنت"... وهذا أيضًا يدل على تأثير الصداقة والعشرة في تشكيل طبيعة الشخص. وهذا ما نلاحظه في من يعيشون سنوات طويلة خارج بلادهم -في الغرب مثلًا- فإذا بهم قد تغيروا كثيرًا عما كانوا قبلًا، واستطاع التيار أن يجرفهم... سواء في طباعهم أو عاداتهم أو طريقة تفكيرهم... ** وكثير من السيدات يتأثرون بما يسمونه (الموضة) المنتشرة، من جهة ملابسهن أو زينتهن، أو حتى في أسلوب الحفلات، أو في لكنة الألفاظ... كما أن بعض الشباب تصبح طباعهم بنفس نوعية أصدقائهم. وربما يتعلمون منهم التدرب على التدخين أو ما هو أكثر، وعلى ألوان من اللهو أو الطياشة، أو السهر خارج المنزل. وترى المجموعة كلها بنفس الأخلاق... كل أولئك قد جرفهم التيار ولم يقاوموه... ** التيار المحيط له تأثيره. وقد يكون خاطئًا. وفي نفس الوقت يكون ضاغطًا ويدعو إلى الخضوع له، هامسًا في الأذن "الكل هكذا. فلماذا تشذ أنت، ويكون لك أسلوب خاص، كنشاز في لحن؟! ** ولا شك أن الشخص القوى يمكنه أن يرد على ذلك قائلًا "يجب علىّ أن أتبع الحق أيًا كان موقعه. حتى إن كانت أغلبية المحيطين بي على خطأ، فإنني لا أسير في تيارهم. فإنه في أيام أبينا نوح، كانت غالبية الناس أشرارً وبقى هو بارًا مع أسرته. وكأن شعاره قول الشاعر: سأطيع الله حتى لو أطعتُ الله وحدي ** على أن الشيطان قد يدفع البعض دفعًا وراء التيار الخاطئ بطرق شتى: أحيانًا يجعل الناس يجارون الخطأ من باب المجاملة، أو من باب الخجل، أو عن طريق التقليد، أو خوفًا من تهكم الناس ومن تعييرهم، أو نتيجة لضغط الظروف الخارجية وإلحاح الآخرين. أو يقول الفكر "هذه المرة فقط ولن تتكرر"! ثم تتكرر طبعًا... وربما شخص يجارى التيار خضوعًا لسلطة أقوى منه. وقد يندفع مع التيار جهلًا... ** أو قد يقول له الشيطان "هل من المعقول أن يكون كل الناس مخطئين، وأنت الوحيد على صواب"؟! هل من المعقول أن كل هؤلاء لا يعرفون أين يوجد الخير والحق، وأنت الوحيد الذي تعرف؟! لذلك اتضع يا أخي.. (ويتضِع الأخ) وينجرف في التيار.. وقد يسير في التيار نتيجة لصداقة أو صحبة خاطئة استطاعت أن تؤثر عليه وتجذبه إلى طريقها.. ** وقد يخضع الإنسان للتيار نتيجة لضعف شخصيته، أو بسبب أن إرادته شبه معدومة أو لا إرادة له. وهكذا لا يقدر على المقاومة، أو يقاوم قليلًا ولا يثبت. بعكس الإنسان القوى الإرادة.. ألسنا نرى أن كتلة ضخمة من الخشب -إذا أُلقيت في البحر- يجذبها تيار الماء في أي اتجاه له. بينما سمكة صغيرة جدًا تستطيع أن تقاوم التيار وتسبح حيثما شاءت، لأن لها إرادة وحياة... ** والعجيب أننا نشاهد خطاة عديدين يكونون أقوياء في دفاعهم عن طريقهم الخاطئ، وفى سخريتهم من الأبرار الذين يرفضون أسلوبهم. ويظلون ينعتون الأبرار بشتى النعوت حتى يضعف أولئك أمامهم ويخضعون! فالفتاة التي ترفض أن تلبس نفس الملابس الخليعة، يهزأون بها، ويصفونها بأنها (فلاحة)! والشاب الذي لا يسير في نفس التيار، يقولون عنه أنه (دَقّة قديمة) أي إنسان غير متمدن! بينما يجب أن يكون الأبرار أقوياء في شخصياتهم، لا يشتركون في الأعمال الخاطئة بل بالحري يوبخونها... فإن لم يستطيعوا توبيخ أولئك، فعلى الأقل لا ينجرفون في تيارهم. ** إن موسى النبي عاش في مصر زمنًا وسط العبادات الفرعونية الكثيرة، ومع ذلك احتفظ بنقاوة إيمانه. ويوسف الصديق عاش فترة في بيت وضغطت عليه الخطيئة من الخارج، ولكنه قاوم ولم يستجب، لأن قوة العفة التي كانت في قلبه، كانت أقوى من الإغراءات التي من الخارج.. وبنفس الروح عاش مؤمنون في أجواء وثنية أو ملحدة -وكانت ضاغطة- ولكنهم احتفظوا بإيمانهم سليمًا... ** لهذا كن شجاعًا وصاحب مبادئ قوية، ولك قيم تتمسك بها. وقاوم التيار المحيط بك إذا أخطأ. ولا تخضع للشيطان وكل نصائحه، بل وكل مخاوفه التي يلقيها في قلبك إن رفضته. وابعد عن الخطأ حتى إن رأيت كبارًا يقعون فيه، أو إن رأيت الشر يهددك... وذا ما وجدت الذين يسيرون في طريق الحق قليلين، فلا يضعف قلبك بهذا السبب. بل اعرف أن هذه هي القلة المختارة أو هي الصفوة. ** ولو وقع غالبية المحيطين بك في خطأ، فإن هذا لا يجعل الخطأ صوابًا. فإن الخطأ هو الخطأ، ووقوع الكثيرين فيه لا يبرره. والمعروف أن الصواب طريقه صعب، وقد لا يستطيعه كل الناس. بل تسير فيه القلة المتميزة بمبادئها وقيمها. ** إن وجدت الذين يعيشون في الفساد قد نموا وارتقوا وارتفع شأنهم، فاحذر أن تقتدي بهم. وإن جذبوك إليهم فابتعد. وإن رأيت غيرك قد استخدموا أسلوب التملق والرياء، واستطاعوا أن يصلوا به إلى ما يريدون، فلا تسايرهم أنت، ولا يقنعك أسلوبهم ولا نجاحهم الذي وصلوا إليه بطريق خاطئ. وإن بدا أن الناس قد تغيروا عن ذي قبل، وقيل لك إن هذه هي لغة العصر، فقل: أما أنا فلغتي التي أتمسك بها هي لغة الضمير الصالح، وهى لغة الحق. وإن ضعفت مقاومتك للتيار، فاطلب معونة من الله. وثق أنه سوف يقويك، ولا يتركك تجاهد وحدك. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث اليأس من إمكانية التوبة حدثتكم في مقالنا السابق عن بعض أنواع من أفكار اليأس التي يغرسها الشيطان في نفوس الناس. وكان موعدنا اليوم أن نطرق موضوع اليأس من إمكانية التوبة، وهذه محاربة شيطانية شائعة وأفكارها معروفة طالما أتعبت الكثيرين... ** وفي هذه المناسبة، أتذكر أنني منذ حوالي أربعين عامًا وصلني خطاب من أحد الشبان، قرأته فتأثرت كثيرًا جدًا... ثم أرسلت له ردًا قلت له في مقدمته "وصلني خطابك يا أخي المحبوب، ويُخيلّ إليَّ أنني قرأته مرارًا قبل أن أراه... إنه قصة قلوب كثيرة..". ** إن اليأس من التوبة هو أكثر خطورة من السقوط في الخطيئة، لأن أي شخص يمكن أن يخطئ ثم يتوب. أما في حالة اليأس فإنه قد يندمج في الخطيئة بالأكثر، ويتدرج من السيئ إلى الأسوأ. وربما تكون مقدمة اليأس بعض سقطات متتالية يوقع فيها الشيطان ضحيته بلا هوادة، حتى يصرخ الخاطئ قائلًا "لا فائدة فيَّ. فمن المستحيل أن أنجو مما أنا فيه"! وربما تكون مقدمة اليأس سقطة كبيرة أو خطيرة، يُشعره الشيطان بعدها بأنه لا مغفرة..! أو قد لا تكون السقطة بهذه الدرجة، ولكن الشيطان من عادته أنه يضخمّ في الأخطاء ليوقع صاحبها في اليأس... إن الشيطان ماكر جدًا في هذه الناحية: فهو قبل السقوط يسّهل موضوع الخطية جدًا حتى لتبدو شيئًا عاديًا، ويضع لها مبررات... أما بعد السقوط، فإما أن يستمر في سياسة التهوين حتى تتكرر. أو أنه يدخل في أسلوب التهويل ليقع صاحبها في اليأس قائلًا له "هل من المعقول أن يغفر الله كل هذا الجرم؟!" ** وقد يجرّه إلى اليأس بإشعاره أنه لن يتوب... فيقول له: "هل من المعقول أنك ستترك الخطية؟! مستحيل. لقد صارت تجرى في دمك. عزيمتك انتهت، وإرادتك انحلت. بل حتى مجرد الرغبة في التوبة لم تعد موجودة عندك... كم مرة حاولت من قبل أن تتوب وفشلت؟ كم مرة ندمت على خطاياك، ثم رجعت إليها وربما في حالة أسوأ مما كنت؟!". وهكذا يحطم معنوياته، حتى يستسلم له، ويتوقف عن المقاومة!! يقول له: "قد صرت كلك في يديّ، فكرًا وقلبًا وعملًا. بحيث أنى أنقلك من هذه اليد إلى الأخرى، بكل سهولة كما أشاء. فلا داعي إذن لصراع فاشل لا تكتسب منه شيئًا..." وطبعًا كل هذه تخاويف لا أساس لها، وتهديدات زائفة.. فإن الله قادر أن يمنح الإنسان التوبة، مهما كانت حالته سيئة. والتاريخ يحكى لنا عن قصص كثيرة لتوبة أشخاص كانت سقطاتهم كثيرة ومريرة... ** يا أخي، لا تركز تفكيرك في عجزك عن القيام من سقطاتك. بل تذكرّ أن نعمة الله قادرة على إقامتك. وحيث تعمل النعمة فلا مجال لليأس. فاطلب إذن معونة من الله، وقل له في صلاتك "توّبني يا رب فأتوب. أنت يا رب تريدني أن أعيش حياة نقية بلا خطية. فامنحني هذه الحياة. وأعطني الإرادة والعزيمة، وابعد عنى كل مجالات السقوط. وامنحني قوة لكي أسلك كما ينبغي، وأصمد أمام كل الإغراءات".. ** ولعل الشيطان يحاربك قائلًا "من غير الممكن أن تتوب وقد تعودت على الخطية وأصبح قلبك يحبها! وكيف ستعيش طول عمرك بعيدًا عن هذه الخطية التي تشتاق إليها؟! فلو أنك تبت عنها إلى حين، لابد سترجع إليها".. ولا شك أن هذه مغالطة من الشيطان لكي يلقيك في اليأس، زاعمًا انك ستعيش في التوبة بنفس القلب الذي يحب الخطية!! كلا، فإن الله سوف يعطيك قلبًا جديدًا، وينزع منك محبة الخطية. وحينئذ لن تفكر أن ترجع إليها... بل على العكس سوف يجعلك الله في توبتك تكره الخطية وتشمئز منها... ** ويستمر الشيطان في حربه، فيقول لك "حتى أن تبت، ستبقى أفكارك ملوثة بصور قديمة"! لا تخف، ففي التوبة سوف ينقى الله فكرك ويمحو منه صور الماضي. وثق أن الخطاة الذين تابوا كانوا في حالة أقوى بكثير وأنقى. ** وربما من حيل الشيطان أن يحاول إقناعك بأنك لن تفلت مطلقًا من العدل الإلهي، وان الله لن يغفر لك كل ما فعلته...! كلا، فإن الله كثير المغفرة، ورحمته تشمل الكل. وكل جند السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب... ** لذلك لا تيأس مطلقًا. وتأكد أن اليأس هو من حروب الشيطان. وإن كنت ماشيًا في الطريق الروحي ووقعت، لا تظن أنك لا تحسن السير، بل قم في رجاء المؤمن وأكمل مسيرتك. إن الشيطان يحسد رغبتك في التوبة، ويريد أن يعرقلها. ذلك لأنه هو نفسه لا يعرف التوبة ولا يؤمن بها. واعلم أنه لولا صفاء نيتك، ما كان يحاربك. لأنه دائمًا يحارب الراغبين في حياة البر، ويخاف جهادهم ضده. ** لذلك كن قوى القلب مهما كانت حروب الشيطان شديدة ومهما استمرت. كن راسخًا ولا تتزعزع ولا تقلق. ولا تيأس مهما سقطت، ومهما فشلت في تنفيذ وصية الله. بل شجّع نفسك، وقل: لابد أن اثبت وارجع إلى الله مهما حاول الشيطان تعطيلي. سأسير نحو الله، حتى إن كنت أجرّ رجليّ جرًا إليه. ومهما سقطت في الطريق، سأقوم مرة أخرى وأكمل طريقي، وسوف تسندني نعمة الله وقوته... |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث الشك واليأس من حروب الشياطين الشك: يعمل الشيطان على زرع الشكوك في كل مجالات الحياة. لأن الإنسان في حالة الشك يكون ضعيفًا, فيتمكن الشيطان من الانتصار عليه.. ** وما أسهل عليه أن يغرس الشك في كل العلاقات الاجتماعية: كالشك في إخلاص الزوج أو الزوجة, أو في علاقة الصديق بصديقه, أو الشريك بشريكه في العمل. الشك في صدق الناس وفي أمانتهم وفي حسن نواياهم. وفي نياتهم ومقاصدهم. كل ذلك لكي يزعزع صلة الناس ببعضهم البعض, ويحولها إلى انقسامات ونزاع, ويضيّع الحب الذي هو عماد الحياة الروحية والاجتماعية كلها.. حتى الأمور التي يمكن أن تمر ببساطة, يعقدها الشيطان بشكوك عديدة, وقد يخلق منها مشاكل عويصة.. ** إنه يشكك التلاميذ في موسم الامتحانات... الشك في صعوبة الأسئلة, وفي القدرة على النجاح. وإن أمكن النجاح يثير الشك في إمكانية التفوق والالتحاق بكلية مرموقة. وإن نجح الطالب وتخرج, يقدّم له الشك في إمكانية الحصول على وظيفة. ** كذلك الشك في الأخبار سواء التي تنشر في الصحف, أو التي ترد في كل وسائل الإعلام: هل هي فعلًا حقيقية أم أن وراءها غرضًا معينًا يقصده الكاتب أو المذيع. ويزداد الشك كلما تضاربت الأخبار أو تنوعت أساليب عرضها.. ** وقد يتطور الأمر فيشك الإنسان في ذاته, وفي مدى قدرته. وربما يشك في حالته الصحية, وهل هو مريض بالمرض الفلاني, أم أن الأطباء والأقرباء يخفون الأمر عنه أو يهونون عليه وقع الخبر..! وربما فتاة يأتي شاب ليخطبها فتشك في قبوله لها. وهل سيمضى ثم لا يعود.؟! ** بل أن الشك قد يصل إلى الإيمان أيضًا والعقيدة. مثلما حدث في نشر الشيوعية, وبعض الكتابات الإلحادية, أو في قيام بعض البدع والملل والنحل. ويتساءل العقل في حيرة وفي شك: أين الحقيقة؟ ** وقد يكون الشك في إمكانية الحياة مع الله، وهل هي سهلة أم صعبة؟ والى أي مدى يمكن السلوك بالمبادئ السامية في مجتمعات أنتشر فيها الفساد، وأصبحت الفضيلة فيها محاطة بعقبات وأشواك! ** والشك عمومًا يحتاج إلى علاج، والى بحث ورويّة واقتناع. وفي العلاقات الاجتماعية ربما يلزمه أحيانًا شيء من المواجهة أو من الصراحة، أو العقاب. وهنا ينبع شك آخر: هل المواجهة أو العتاب تأتى بنتيجة سليمة أم تؤول لها حالة أكثر سوءًا؟! وهل الذي ستواجهه أو تعاتب سيقبل ذلك. أم يغضب ويثور ويهدد؟! اليأس أخطر ما في الشك أنه قد يزداد حتى يتحول إلى يأس. على أن اليأس إذا زاد، وإذا سيطر على مشاعر إنسان، فقد يجعله ينحرف أحيانًا ويلجأ إلى حلول غير سليمة... ** فإنسان قد يقع في مشكلة ويحاول أن يصل إلى حلها فلا يعرف. وأخيرًا إن طال الوقت ولم يجد للمشكلة حلًا، قد يلجأ إلى وسائل لا يرضى عنها الضمير مثل الكذب أو الغش أو التحايل مركزّا على الرغبة في الوصول أيًا كانت الوسيلة خاطئة! وإن وبخه ضميره، يرد قائلًا: ماذا افعل! ليس أمامي طريق آخر، لقد يئست... هذا الإنسان ينقصه الصبر أو الحكمة، أو على الأقل المشورة... ** أو إنسان آخر تواجهه مشكلة، فيصلى إلى الله كثيرًا أن ينقذه منها. وإذ يمرّ الوقت وتبقى المشكلة قائمة، ربما يدركه اليأس من حلها. ثم يوسوس له الشيطان أنه لا فائدة من الصلاة ولا منفعة، وأن الله لا يسمع أو لا يرحم... ويبدأ إيمانه أن يهتز ولا يعود يصلى من أجل هذه المشكلة ولا من أجل أي سبب آخر... ** شخص آخر تقابله في متاعب في حياته الزوجية، أو خلافات بينه وبين زوجته، ويحاول أن يقنعها بفكره فلا تقتنع، فتبدأ محبته لها أن أن تفتر، ويعمل على استعادة الحب القديم فلا يستطيع... وأخيرًا ييأس من استمرار حياته معها، ويبدأ في التفكير في تطليقها. ويتم الطلاق نتيجة لليأس، ويكون مأساة للأسرة وللأولاد... ** شخص آخر يزداد الخلاف بينه وبين بعض أصدقائه، ويصطدم بحقيقة تزعجه وهى خيانة من البعض، وعدم أمانة من البعض الآخر، فيشك في الصداقة والأصدقاء، وتنحرف نفسيته، فييأس من كل هذه العلاقات، وينعزل بعيدًا عن أي صديق خوفًا من أن تتكرر المأساة. ولا يعود يأتمن أحدًا أو يتحدث بأسراره لأحد!! ** أو إنسان كان طيب القلب متسامحًا مع الكل، فوجد أنهم يستغلون طيبته ويمتهنون كرامته. ويجد أن الوداعة والتواضع يعتبرهما البعض دليلًا على الضعف. ويتكرر هذا الأمر، فيدركه اليأس من حياة السمو والفضيلة والهدوء، وينقلب إلى صورة عكسية تمامًا في معاملته مع الآخرين.. فلا يعود يغفر أية إساءة لأحد، بل يقابل السيئة بما هو أسوأ منها... ** وإنسان آخر تكثر عليه المشاكل والضيقات ، ويحتمل على قدر طاقته، ثم يضيق صدره أخيرًا بكثرة الاحتمال. وإذ تزداد آلامه يومًا بعد يوم، ولا يجد معونة من أحد، ولا حلًا لكل ما يكابده، حينئذ يدركه اليأس ويعصره، ويفكر في التخلص من هذه الحياة كلها بالانتحار، نتيجة ليأسه... ** أو شخص آخر يقع في الخطيئة ثم يتوب أو يحاول التوبة، ولكنه يعود للخطيئة مرة أخرى وثانية وثالثة، فيدركه اليأس من حياة التوبة وينغمس في الخطيئة. على أنى أري هذه النقطة بالذات من الوقوع في اليأس، تحتاج منا إلى شرح وتفصيل أكثر، بل إلى مقال خاص. فإلى اللقاء في المقال المقبل إن أحبت نعمة الرب وعشنا. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث من حيل الشياطين للشياطين حيل كثيرة, صارت بعضها معروفة, ومنها: ** تقديم خطيئة باسم فضيلة: الشيطان خبيث. ويرى أن بعض الناس يرفض ضميرهم الخطيئة إن كانت مكشوفة. فلا مانع عنده من أن يعرض خطايا معينة بغير أسمائها, بأسلوب يسهل قبوله, بحيث تلبس الخطايا ثياب فضائل.. فالتهكم على الناس والاستهزاء بهم, يقدمه على اعتبار أنه لطف وظرف, ومحبة ودالة, وخفة روح ومحاولة للترفيه. والدهاء أو الخبث يسميه باسم الذكاء! أما الكذب فيمكن للشيطان أن يقدمه باسم الحكمة, كنوع من حسن التصرف أو إنقاذ للموقف. والطبيب قد يكذب على المريض مرات, ويسمى ذلك "حفظ معنويات المريض" وحمايته من الانهيار. والبعض قد يسمى أنواعًا من الكذب باسم الكذب الأبيض. وربما يعتبره في أول أبريل دعابة وفكاهة.. والقسوة على الأبناء يقدمها الشيطان للآباء باسم الحزم والحرص على تأديبهم وتربيتهم ومنعهم من الانحراف, وربما تقودهم هذه القسوة إلى الانحراف للهروب من قسوة الآباء. وهذا ما يريده الشيطان. والتزين الذي يصل إلى التبرج, يُقدم باسم الأناقة والنظافة.. وقد يقدم للبعض جريمة القتل باسم آخر. فقتل الأخت الخاطئة يسميها غسل عار الأسرة. وقتل آخر يطلق عليه اسم الدفاع عن الوطن أو الدفاع عن الدين أو تطهير الأرض من المخطئين أو من الطغاة... لا مانع عند الشيطان من الدخول في خداع المسميات. إذ يرى أنه ليس من (الحكمة) أن يسمى الخطية بأسمائها المنفرة, ففي ذلك كشف لأوراقه. وعدم الوصول إلى هدفه. البخل مثلًا لا يسميه بخلًا لأن هذا الاسم غير مقبول. إنما يسميه "حسن تدبير المال" أو عدم الإسراف وعدم التبذير. أو حفظ المال لحاجة المستقبل... وهكذا العلاقات الشبابية غير الطاهرة يسميها باسم الحب, بينما هي شهوة وليست حبًا. وإعطاء الخطية اسم الفضيلة, يساعد الخطاة على الاستمرار فيها. كما يوقف تبكيت الضمير فلا يزعج الإنسان أو يقوده إلى ترك الخطية. فليحترس إذن كل أحد من هذه المسميات الزائفة, ولا يسمح للشيطان أن يخدعه. فالخطية هي الخطية مهما اختفت وراء اسم آخر. ** ومن حيل الشيطان أيضًا التدرج الطويل: إن وسائل الشيطان تتعدد, وقد يبدو بينها أحيانًا شيء من التناقض بين أسلوب وآخر, ولكن يجمعها هدف واحد وهو إسقاط الفريسة. فالشيطان في بعض الأحيان قد يضربه ضربة سريعة فجائية, بحيث لا يكون الشخص مستعدًا لها. وأحيانًا يعمل في تدرج طويل لا يشعر به صاحبه. والتدرج يلزمه وقت قد يطول. ولكن الشيطان لا يهمه الوقت, بل يهمه السقوط. والتدرج يصلح غالبًا للأشخاص الذين لا يقبلون خطية معينة بسهولة. ولكن الشيطان يوصلهم إليها تدريجيًا في هدوء, بجرعات قليلة أو قليلة جدًا, تزداد بالوقت حتى تقضى عليهم. وقد يقسّم الخطية إلى مراحل, كل مرحلة تثبت أقدامها بالوقت. إنه يحب -حينما يضرب الضربة- أن تصيب مقتلًا. وهذا يتطلب منه أحيانًا تمهيدات طويلة المدى. بحيث حينما يدخل القلب يجده مزينًا مفروشًا مهيئًا لعمله, ويجد الضحية جاهزة بلا مقاومة. وحتى إن قاومت تكون بلا قدرة على الإطلاق, فتسقط أمامه بسهولة... وفى خطة التدرج, كل خطوة يقترب فيها الشخص إلى جو الخطية تجعله يعتادها, وتضعف إرادته أمامها. وبمرور الوقت يألفها ولا تصبح غريبة عليه. وبالتدريج تدخل إلى فكره ثم إلى مشاعره... ومن أمثلة التدرج الطويل, تأتى العادات. وكل عادة مسيطرة على الإنسان, أتبدأ هكذا مطلقًا. ربما كان هو المسيطر عليها أولًا ويستطيع تركها. ولكنه بالتدرج الطويل فقد سيطرته, ثم سيطرت العادة عليه. وربما قال له الشيطان في أول خطوة: "جرّب أو اختبر.. الحياة كلها خبرات, والأمر بيدك تستطيع أن تمتنع وقتما تشاء". وظل به هكذا إلى أن أتى الوقت الذي فيه سلّم إرادته بالتمام, ولم يعد يقاوم, بل لا يشاء أن يقاوم... ونصيحتنا لمقاومة سياسة التدرج هذه التي ينتهجها الشيطان, أن يبعد الشخص عن الخطوة الأولى بكل حزم, مهما بدت بريئة أو حاول الشيطان أن يقنعه بأنها بريئة. احترس من كذب الشيطان إن قال لك إنها خطوة واحدة ولن تتكرر أو لن تتطور. فالشيطان لا يقبل على خطته أن يتركها عند حدود الخطوة الواحدة, دون أن يتقدم بها باستمرار نحو هدفه البعيد. إذن احترس حتى من الخطوة الأولى, وليس فقط من تطورها, مهما بدت هذه الخطوة في نظرك من الأمور الصغيرة... ** من حيل الشيطان أيضًا, (الأمور الصغيرة)! إنه يحارب بها, لأن الشخص قد لا يهتم بها, ولا يحترس منها... بل يقول لنفسه: "وهل مثلى يخاف من هذه الأمور الصغيرة. إنها قد تتعب المبتدئين. أما نحن فقد كبرنا عن أمثال هذه الأمور..!" حقًا إن شيطان الأمور الصغيرة يمكن أن يهلك الإنسان. فيمكن أن تغرق سفينة من ثقب صغير في قاعها. والإنسان لا يشترط أن يكون موته بواسطة وحش خطير يفترسه, إنما يكفى لموته ميكروب لا يُرى بالعين المجردة أو مجر فيروس... والأمور الصغيرة قد لا تكون صغيرة فعلًا, ولكن الشيطان يسميها هكذا. والله -تبارك اسمه- قد يختبر إرادتنا بأي اختبار مهما كان بسيطًا, ولكن تنكشف به نفسيتنا من الداخل. هذه الأمور الصغيرة قد تكون مثل قليل من التساهل مع الحواس أو القراءات أو السماعات, أو عدم التدقيق في الكلام, أو تمسك الإنسان برأيه, وعدم استشارية لأحد, أو عدم لوم النفس على أخطائها, أو التقصير في الصلوات.. وطريقة الخلاص من شيطان الأمور الصغيرة هي في حياة التدقيق. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث الشيطان: صفاته وحيله * أول وأهم صفة للشيطان أنه شرير, يحب الشر ويعمل على نشره بكافة أنواع الطرق. ويكره الخير والخيرين ويقاتلهم. وهوايته هي إسقاط الآخرين. وهو في قتاله للبشر, لا يهدأ مطلقًا ولا يملّ ولا يستريح. هو مشغول بالجولان في الأرض والتمشي فيها, يبحث عن فريسة لكي ينقضّ عليها. والعجيب أنه قوى في عمله. استطاع في الأجيال القديمة أن يلقى غالبية العالم في الوثنية, وفي تعدد الآلهة, وفي إغرائهم بألوان من الخطية والدنس. بل إنه صرع أشخاصًا كثيرين وسيطر عليهم. ولكن ليس معنى هذا أن نخافه, بل نحترس منه, طالبين معونة الله للتغلب عليه والنجاة من حيله... والشيطان خبير بالحروب, وخبير بالنفس البشرية. إنه يحارب الإنسان منذ أكثر من سبعة آلاف سنة, منذ أبوينا الأولين آدم وحواء. فأصبحت له خبرة طويلة في حربه مع البشرية. وقد صادف في قتاله أنواعًا شتى من نفوس البشر. فصار أقدر مخلوق على فهم النفس البشرية وطريقة محاربتها, إذ قد درسها جيدًا واختبرها, وعرف نواحي القوة والضعف فيها, ومتى تقاومه ومتى تستسلم له. وتحرّس في أسلوب محاربتها... فهو إذن عالم نفساني, وعلم النفس عنده ليس مجرد نظريات, إنما هو خبرات على المستوى العملي, وبنطاق واسع جدًا, شمل البشرية كلها. لذلك فهو يعرف متى يحارب وكيف يحارب؟ ومتى ينتظر؟ ومن أي الأبواب يدخل إلى الفكر أو إلى القلب؟ * وهو في كل ذلك ذكى وصاحب حيله, ويتميز بالخبث والمكر والدهاء. ومن مظاهر ذكائه أنه قد يغيّر خططه وأساليبه لتوافق الظروف المتاحة له... * ومن صفاته الكذب والخداع والأضاليل, ليصل بذلك إلى غرضه لذلك لا يصح أن نصدق الشيطان في كل ما يقوله وما يقدمه من إغراءات... * يمكن للشيطان أن يستخدم الكذب والخداع فيما يقدمه من رؤى وأحلام كاذبة. وما أكثر الأحلام الكاذبة التي يضل بها الناس, أو يظهر لهم في هيئة ملاك أو أحد القديسين, ويرشدهم بطريقة مضللة! * وكذب الشيطان يظهر أيضًا في ما يضعه على أفواه السحرة والعرافين وأمثالهم. وما يقوله على أفواه المنجمين ومدعى معرفة الغيب مثل المشتغلين بقراءة الكف, أو ضرب الرمل, أو قراءة فنجان القهوة أو معرفة البخت والطالع بأنواع وطرق شتى. ولما كان من الثابت دينيًا أنه لا يعرف الغيب سوى الله وحده, لذلك كل من يضع الوصول إلى معرفة الغيب لا يكون صادقًا في ادعائه. * ويظهر كذب الشيطان كذلك في استشارة الموتى أو تحضير الأرواح. فقد ينطق في أمثال تلك الجلسات, مدعيًا أنه روح فلان من الناس. ويقول للحاضرين بعض معلومات تخدعهم مما يعرفه عن أخبار ذلك الشخص أو أسرته. فإذا صدقوه يبدأ بالتدريج بقول ما يضللهم... * وإغراءات الشيطان كلها ألوان من الكذب. حيث يصور للإنسان سعادة تأتيه من وراء الخطية, سواء في لذة أو سلطة أو مكسب أو جاه أو مجد... ثم يجد الإنسان أن كل ذلك سراب زائل وأشياء فانية. وهذا أسلوب الشيطان باستمرار: أنه يزخرف طريق الخطيئة, ويضفى عليه أوصافًا من الجمال تغرى من يقع في حبائله. * وأيضًا أحلام اليقظة التي يقدمها لضحاياها, كلها أكاذيب: ولكنه يقدمها لهم كنوع من المتعة بالخيال, تخدرهم عن العمل الإيجابي النافع, فيعيشون فترة في وهم هذه الأحلام, يبنون قصورًا من رمال, ومتعة وأفراحًا من الخيال. ثم يستيقظون لأنفسهم فلا يجدون شيئًا. ويكون الشيطان قد أضاع وقتهم, وعطلهم عن العمل المجدي, وأراحهم راحة كاذبة! * ومن أكاذيب الشيطان أن يوهم المنتحر بأن الموت سيريحه من متاعبه! ويظل يركز على هذه النقطة: إنه لا فائدة له من هذه الحياة, ولا حلّ لمشاكله إلا بالموت, حيث يتخلص من كل تعبه ويستريح. وإذ ينخدع المنتحر بهذا الفكر ويقتل نفسه, لا يجد تلك الراحة الموهومة. بل يجد نفسه في الجحيم, في تعب لا نجاة منه, ولا تقاس به كل متاعب الدنيا. ويكتشف أن الموت ليس هو نهاية لحياته المتعبة, بل بداية لحياة أخرى أكثر تعبًا وألمًا... * وتقريبًا غالبية الخطايا, يضع الشيطان وراءها أكذوبة من أكاذيبه: فهو يوحى للسارق بأن سرقته سوف لا تُكتشف. ويوحي ذلك أيضًا لكلٍ من المرتشي والمهرّب والغشاش. وهو في ذلك يكذب, لأنه حتى إن كان أحد لا يرى هؤلاء, فالله يرى وكل شيء مكشوف أمامه. وكذلك فإن الشيطان يوحى للقاتل أن من ينوى قتله يستحق القتل, أو أنه بقتله يغسل العار الذي يلوث شرفه, أو أن قتله يريح نفس قريب له. * ولعل أخطر أكذوبة قدمها الشيطان لبعض البشر, هي الإلحاد. كما أنه كذب على الوجوديين حين صوّر لهم أن وجود الله يعطل وجودهم. وكذب على بعض الشيوعيين زاعمًا أن الله يعيش في برج عال لا يهتم بالمجتمع الإنساني, تاركًا الظالم يظلم, والغنى يستعبد الفقير! * من صفات الشيطان أيضًا أنه لحوح لا يملّ من الإلحاح... وربما يعرض الفكر الواحد مراتٍ ومرات. ومهما قوبل بالرفض, يستمر في عرضه. فربما بكثرة الضغط والإلحاح, يستسلم الإنسان له ويخضع.. وهو لا يخجل أبدًا من الفشل, بل يعود ويستمر... والشيطان في إلحاحه على الناس، لا يعترف بالعقبات، ولا تهمه درجة الإنسان الروحي الذي يهاجمه, ولا مركزه. إنما يضرب ضربته, وليحدث بعد ذلك ما يحدث. إنه يلقى سمومه في كل حين على كل أحد. وربما الذي لا يهلك بها اليوم, يهلك غدًا, أو بعد سنة أو أكثر... فالشيطان مثابر نشيط لحوح, دائب على العمل, لا يثنيه الفشل عن الاستمرار, ولا ييأس من علو قدر الناس. هو ماضٍ في خطته. والذي لا يستطيع أن يدنس جسده, فعلى الأقل يدنس فكره! * ولما كانت باقي صفات الشيطان وكل حيله, أوسع من هذا المقال, فإلى اللقاء في مقال آخر إن أحبت نعمة الرب وعِشنا. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث العولمة مرة أخرى، ومناقشة تأثيراتها نتابع ما ذكرناه في المقال السابق فنقول: * من أهم عناصر العولمة: الحضارة وانتقالها من بلد إلى بلد: وكلمة الحضارة واسعة جدًا في معناها, فهي تشمل الثقافة والرقى وسائر القيم والعادات السائدة. أما عن الثقافة, فلا ننسى مطلقًا فضل العولمة في نشر العلم والمعرفة, مع الوضع في الاعتبار بعض أنواع المعرفة المبنية على الشك كالفلسفات الملحدة وكالأفكار الاقتصادية التي تميل إلى الشيوعية أو إلى التطرف بوجه عام. أما من جهة العادات والطباع والقيم, وأمثال ذلك مما يسمونه في الغرب Culture, فإن فيه اختلافًا كثيرًا بيننا وبينهم. ونحن نلاحظ أن الذين يقيمون فترة طويلة في بلاد الغرب متغربين عن أوطانهم, يعودون بشخصيات وعادات مختلفة عما كان لهم من قبل, بل حتى لكنة ولهجة صوتهم تتغير, وكذلك طريقة تفكيرهم أيضًا... * كذلك للعولمة تأثيرها من جهة المجتمع والأسرة والمرأة: * وهنا نسأل ماذا يكون وضع المرأة الشرقية في ظل العولمة, حيث وصلت المرأة في بعض بلاد الغرب إلى منصب رئيس الوزراء, وتنافس على منصب رئيس الدولة أيضًا. ونحن نشكر الله أن بلادنا مصر قد أفسحت المجال السياسي والإداري والاجتماعي أمام المرأة. فيوجد لدينا أكثر من وزيرة, وكذلك وكيلة مجلس الشعب امرأة. وعدد كبير من النساء في رتبة وكيل وزارة, ورتبة مدير عام. كما تم تعيين ثلاثين امرأة في القضاء... ولكن هل ستقبل بلاد الشرق العربي أن تصل المرأة إلى هذا المستوى أو أكثر؟ بينما في بعض البلدان العربية تجاهد النساء لكي يكون لهن مجرد حق الانتخاب في بعض المجالس! * ثم في ظل انتشار العولمة ستعود مناقشة موضوع الحجاب والنقاب بالنسبة إلى المرأة. وكذلك ربما تظهر مشكلة الزواج المشترك ما بين طرفين مختلفين في المذهب. * تدخل مشكلة أخرى في محيط الأسرة وهى مدى احترام وطاعة الوالدين والكبار عمومًا. فنحن في الشرق نوقّر الكبار غاية التوقير, ونطلب رضى وبركة الوالدين, بينما في الغرب توجد الاستقلالية في الشخصية كلما وصل السن إلى مرحلة الشباب, ولا يجد الأبوان الفرصة الكافية لتأديب أبنائهم. ويمكن للابن أن يطلب تدخل الشرطة رسميًا للحد من سلطان أبيه أو تدخله في شئونه الخاصة...! وعلى الرغم من اعترافنا بفضل العولمة في انتشار العلوم ورقيها, إلا إننا نجد بعض نواحي العلم- وبخاصة في موضوع الإنجاب- قد سارت في تيار لا يتفق كثيرًا مع قيمنا ومع بعض مبادئنا الدينية: * من ذلك وجود بنوك البويضات المخصبة...حيث يمكن للمرأة أن تختار النوع الذي تريد أن يُولد به ابن لها: من جهة طوله أو لون بشرته أو لون شعره أو درجة ذكائه. وتختار البويضة المخصبة التي تناسب طلبها, بغض النظر عن كيف أخصبت, وما شرعية ذلك, وما مدى تحكم علماء تلك البنوك في الجينات البشرية وتوفيقها بأسلوب خاص لتأتى بالنتيجة المطلوبة... * يضاف إلى هذا التطور الواسع في موضوع الاستنساخ, الذي بدأ بتطبيقه على الحيوانات, ثم تطور إلى مجال البشر أيضًا. نحن لا نقف ضد العلم, ولكن من المفروض أيضًا أن تكون للعلم حدود لا يتعداها إلى الدخول في المشيئة الإلهية! نحن لا ندعى إطلاقًا بتدخل العلماء في القدرة على الخلق, وهم لا يدّعون ذلك, لأن الخلق هو الإيجاد من العدم, وهذا خارج نطاق العلم, ولكن تصرفهم في الخليقة حسب هواهم أو فكرهم الخاص هو موضوع من المفروض أن تكون له ضوابط وحدود. * نقطة أخرى وهى استئجار الأرحام, حيث يمكن نقل بويضة لأم معينة إلى رحم امرأة أخرى. ثم يُولد طفل له أم طبيعية وأم استأجروها ليولد منها!! وإلى أيهما ينتسب؟! العولمة أيضًا لها تأثيرها في محيط التجارة والصناعة: إذ توجد بلاد يمكن أن تقدم صناعات بسعر أقل, وتسوّقها في بلاد أخرى, فتؤثر على ميزانها الاقتصادي, وعلى صناعتها المحلية, وبالتالي على وضع العمالة فيها. وربما هذا الأمر يوجد جوًا من التنافس في مجال الإنتاج ووفرته وجودته وسعره. ولكن ليست كل الدول تقدر على مثل هذا التنافس.. وكمثال واضح اختبرناه في مصر, انتشار الصناعة الصينية في نواح متعددة, وبأسعار أقل من السوق. بل عن طريق العولمة انتشرت صناعاتها أيضًا في بلاد أخرى غربًا وشرقًا. لا ننسى أيضًا تأثير العولمة على اللغة. ويظهر هذا واضحًا في كثير من العلوم. فنحن نستعمل العديد من الألفاظ اليونانية, مثل كلمات: فلسفة, جغرافيا, جيولوجيا, إستراتيجية, تليفون, تلغراف تكنولوجيا. ونستخدم أيضًا عبارات في الطب والدواء ليست عربية مثل الكوليسترول, والفيتامينات. وعمومًا فإن تعريب الطب غير ممكن من جهة, وضار من جهة أخرى, إذ يوقف الصلة بالبحوث العلمية, والمؤتمرات العلمية, والمجلات والكتب التي عن الطب والصيدلة. وغالبيتها بلغات أجنبية. إننا تعودنا أن نستخدم عبارات ليست عربية مثل درجة الماجستير وهى كلمة لاتينية, ومثل كلمة (مايسترو) عن معلم الموسيقى, وهى كلمة إيطالية, ومثل كلمة كيمياء وهى هيروغليفية الأصل أو قبطية. بل أن كلمة (لغة) نفسها ليست عربية, وإنما أصلها يوناني. أما في العربية فنستخدم عبارة (لسانًا عربيًا فصيحًا). ومن أقدم وأشهر القواميس في العربية كتاب لسان العرب لابن منظور وليس لغة العرب. ختامًا, لا خوف من العولمة على ثوابتنا العقيدية, فهي أعمق من العولمة, أما الحضارة والثقافة فهي ملك الجميع. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث العولمة: فوائدها وتأثيرها وأضرارها العولمة هي انفتاحنا على باقي بلاد العالم, وانفتاحها هي علينا, وكسر الحواجز الفاصلة... مع احتفاظنا على قدر الإمكان بما للشرق من مبادئ وقيم.. وطبيعي إننا لا نستطيع أن نفصل أنفسنا عن العالم ونصبح كجزيرة منفردة بذاتها في المحيط. فالعالم الآن قد صار مختلطًا وممتزجًا, بحيث أنه في تفصيلات حياته يأخذ ويعطى. وليس العولمة جديدة عليه, بحيث يمكن قبولها أو رفضها. فقدت بدأت فعلًا. والمهم الآن هو ما مدى الانتشار الذي يُسمح به لها؟ وما مدى الفائدة العائدة منه أو الضرر. * أول انتشار هو عالمية الأخبار: فقد أصبحت أخبار كل جهات العالم متداولة, وفي معرفة كل ما يريد. وذلك عن طريق الصحف والإذاعة والتلفزيون وكثرة الفضائيات التي انتشرت وباقي وسائل الإعلام. بحيث يمكن لأي شخص أن يستخدم الانترنت مثلًا, ويستخرج ما يشاء من المعلومات والأخبار, عن أي بلد, أو أي شخص, أو أي علم. ويعرف بذلك تفاصيل التفاصيل, بلا مانع... ومع ما في هذا الأمر من فائدة, إلا أن له أضرارًا. فالانترنت ينشر كل شيء, ما ينفع وما يضر, ينشر الصدق وكذلك الكذب والأخبار المبالغ فيها. وكل من يريد أن يسجل فيه منهجه وفكره. فتجد فيه الهجوم والدفاع, والهجوم المضاد. ومن يأخذ كل تسجيلات الانترنت كقضية ثابتة, إنما يشوش أفكاره. فيحتاج الأمر إلى فحص وإلى تحقيق, ومقارنة الأخبار. وليس هذا بإمكان الكل. * الأمر الثاني في العولمة هو انتشار العلم بكل فروعه: لم يعد العلم حكرًا على بلد معين, أو عالم محدد بالاسم, إنما هو للكل. فعلوم الطب والصيدلة والدواء وطرق العلاج أصبحت متداولة بين باقي الشعوب, سواء عن طريق البعثات العلمية, أو ما ينشر عنها في الكتب أو المجلات العلمية. وينطبق هذا أيضًا على ما ينشر عنها في الكتب أو المجلات العلمية. وينطبق هذا أيضًا على كافة العلوم من هندسة وزراعة واقتصاد وغير ذلك. وكل هذا مفيد ونافع. وعلى كل دولة أن تنتفع بما وصلت إليه باقي الدول من حضارة ورقي وتقدم. ولا تتخلف عن الركب. * من الأمور النافعة في العولمة أيضًا كافة المخترعات المفيدة: فبعد أن تخطينا زمن اختراع الطائرات ووسائل الميديا Media, بدأ انتشار الريكوردر, والكمبيوتر, وتليفون السيارة, والتليفون المحمول, وأدوات التصوير الحديثة, والفاكس, وغير ذلك من المخترعات في مجال الهندسة, والنقل, والريّ بالرش, وأنواع من الماكينات, ووسائل البناء الحديثة. وكل ذلك لم يكن معروفًا من قبل. ونشرته العولمة, حتى إننا نجد في أمريكا نفسها سيارات يابانية, وصناعات دقيقة من الصين ومن وكوريا. وعن طريق العولمة بدأ أيضًا استخدام الذرة, وتخصيب اليورانيوم Uranium. وهنا تبدو الخطورة في تنافس كثير من الدول على إنتاج القنبلة الذرية, والصواريخ الموجهة البعيدة المدى, وباقي أصناف الأسلحة الفتاكة, المهلكة للشعوب والحضارات... وإن كانت العولمة باختراعاتها, كان من نتائج ذلك تسهيل كل أنواع الاتصالات. فلعل من أضرار ذلك سوء الاستخدام سواء من جهة الأسرار أو الأخبار أو بعض أمور الأمن. وحتى الأطفال حاليًا ينشغلون بالكمبيوتر والانترنت كلون من التسلية وحب الاستطلاع. ويكون لذلك ثأثيره على تحصيلهم الدراسي, بل وعلى أخلاقهم أيضًا, إذ يفتح أذهانهم على أمور تضرهم, أو ينشغلون بروايات وأفلام جنسية تثيرهم وتتعبهم. أو عن طريق هذه الاتصالات السهلة يقعون في علاقات معينة وتتفتح أمامهم أبواب للانحراف... ويرى جيل الانترنت والكمبيوتر أن آبائهم على درجة من الأمية إذ ليست لهم نفس معرفتهم ومقدار معلوماتهم. وهكذا لا يوجد تواصل بين الأجيال المتتابعة. وإن كان العلم حاليًا في تطور للوصول إلى التليفون الذي ينقل الصورة أيضًا بين المتخاطبين, فما أسهل أن يكون لهذا الأمر ضرره أيضًا من حيث الخوض في خصوصيات من الخطر أن تُعرف... * ومن تأثير العولمة أيضًا تطور الآلات: وعلى الرغم من فوائد النمو في صناعة الآلات, إلا أن القاعدة المعروفة هي أنه كلما ازداد استخدام الآلة, كلما ازدادت البطالة, إذ أن الآلة توفر عددًا كبيرًا من العمالة. وهذا له ضرره من الناحية الاجتماعية, وإن كان يفيد من جهة سرعة ووفرة الإنتاج. ولكنه يفيد الرأسمالية بوجه خاص..! وكمثال لذلك: بعد أن كان ريّ فدان من الأرض الزراعية يحتاج إلى ستة من الفلاحين أصبح استخدام الري بالرش يلزمه حوالي ثلاثة عمال فقط لري عشرين فدانًا. ونفس الأمر في وسائل البناء والنقل... كان استخدام الآلة هو بدء الانقلاب الصناعي في أوروبا. وبكثرة استخدام الآلات انتشرت البطالة في أجزاء كثيرة من العالم. وبدأت تقوم الاصطدامات بين العمال وأصحاب رؤوس الأموال... بقى أن نتكلم عن تأثير العولمة على الحضارة, وتفاعل الحضارات أو اصطدامها. وتأثيرها على الثقافة واللغة, وعلى المبادئ والأخلاقيات والقيم. وتأثيرها على الحرية والديموقراطية, وعلى الأسرة والمجتمع ووضع المرأة سياسيًا واجتماعيًا. وثأثيرها من جهة الإنجاب وبنوك الأعضاء, وموضوع الاستنساخ وتطوره, وموضوع الاستثمار, وكل ما يتعلق بالهجرة.. فإلى اللقاء في المقال المقبل, لنكمل حديثنا هذا, إن أحبت نعمة الرب وعشنا. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث الأعذار والتبريرات إن كنت يا أخي تريد أن تحيا في حياة التوبة الحقيقية, فلا تحاول أن تقدم أعذارًا وتبريرات عن كل خطية تقع فيها. فالتبريرات تعنى أن الإنسان يخطئ, ولا يريد أن يتحمل مسئولية أخطائه. ويعتبر كأنما كان الخطأ شيئًا طبيعيًا هناك أسباب دعت إليه, أو كأن لا خطأ في الأمر! فإن كان يجد لخطيئته ما يبررها, فكيف يتوب إذن عنها؟! التبريرات هي محاولة لتغطية الأخطاء, بإيجاد مبرر لها! وهكذا ما أسهل أن يستمر المخطئ فيها, وعذره معه... ويظن بهذا أنه يخرج بلا لوم ولا عيب أمام الناس, وربما أمام نفسه أيضًا, لكي يريح ضميره إذا احتج عليه... ولكن حتى لو قبل الناس منه ما يقدمه من أعذار, وحتى لو استطاع هذا المخطئ أن يخدع نفسه ويخدّر ضميره ليقبل منه تلك التبريرات, فإن الله لا يقبلها, لأنه عالم بكل شيء وفاحص القلوب والنيات. حقًا ما أصدق الذي قال إن طريق جهنم مفروش بالأعذار والحجج والتبريرات... إن الإنسان المتواضع- إذا أخطأ- يعترف بما ارتكبه من خطأ. أما غير المتواضع وغير التائب, فإنه يحاول أن يجد تبريرًا عند ارتكاب الخطيئة, وبعد ارتكابها أيضًا, وكلما دام الحديث عنها بصفة عامة... ويؤسفني أن أقول إن توالى الأعذار والتبريرات عند مثل هذا الشخص تجعل القيم والمبادئ عنده تهتز... ومادام كل خطأ يمكن له تغطيته. فلا توجد إذن مثل يسير على مناهجها أو روحيات يتمسك بها... وسنحاول هنا أن نذكر بعض الأعذار التي يعتذر بها البعض ممن لا يسلكون حسنًا في حياتهم. 1- يقولون كل الناس هكذا (الكل كده), فهل نشذ عن المجتمع؟ وكأنهم بهذا يعتبرون أن الخطأ إذا صار عامًا, لا يلام عليه الفرد! أي صار الخطأ العام مبررًا لخطأ الفرد. وكأن نقائص المجتمع كله لم تعد تناقص! كلا, فالخطأ هو خطأ, عامًا كان أو خاصًا. ومن أجل هذا, يقوم المصلحون الاجتماعيون بإصلاح أخطاء مجتمعاتهم. وكذلك يهاجم تلك الأخطاء: أصحاب المبادئ من رجال القلم ومن الوعاظ. إن أبانا نوحًا البار لم يندمج مطلقًا في أخطاء وفساد المجتمع في أيامه, وهكذا نجا في الفلك مع أسرته. ويوسف الصديق كان يعبد الله, بينما كانت كل العبادات التي حوله فرعونية. والأبرار باستمرار يحتفظون بمبادئهم السامية مهما كان الخطأ عامًا. وعلى العكس- يمكن أن يقال- إن الخطأ إذا كان منتشرًا, فهذا يحتاج إلى حرص أكبر لتفاديه. وهكذا أنت, عش بروحياتك السليمة, حتى لو عشت بها وحدك.. وإن لم تستطع أن تؤثر على المجتمع وترفعه إلى مستوى أعلى فعلى الأقل لا تندمج في الأخطاء المنتشرة, ولا تجعلها تؤثر عليك. والمفروض في الإنسان البار أن يطيع ضميره ولا ينجرف مع التيار الخاطئ. 2- البعض يعتذر بالعوائق, بينما يليق بالأقوياء أن ينتصروا على العوائق. إن القلب القوى يمكنه أن يجد وسائل عديدة لتنفيذ الغرض النبيل الذي يهدف إليه, مهما صادفته عقبات وعوائق.. يقول الآباء الروحيون "إن الفضيلة تريدك أن تريدها لا غير". نعم, يكفى أن تريد, وحينئذ تجد النعمة تفتح أمامك أبوابًا كانت مغلقة... إذن لا تعتذر بالعوائق, إنما ضع أمامك أن تنتصر عليها.. ولا تكن دوافعك الداخلية إلى عمل الخير ضعيفة بحيث تمنعها العوائق. 3- يعتذر البعض بشدة الضغوط الخارجية, أو بعنف الإغراء الخارجي. ولكن القلب الثابت من الداخل, لا يقبل أن يخضع لأي ضغوط خارجية, ولا يسقط بسببها, ولا يتخذها تبريرًا لسقوطه. إنما يبرر سقطته بسبب الضغوط الخارجية, ذلك الشخص الذي ليست محبته للفضيلة قوية. وخذوا يوسف الصديق كمثال رائع للانتصار على الضغط الخارجي الذي وقع عليه من امرأة سيده. فهي التي كانت تطلب منه الخطيئة, وتلح عليه, وهو تحت سلطانها تسئ إلى سمعته في حالة رفضه لها. ولكنه كان أقوى من الأغراء, وانتصر ولم يبالِ بما يحدث له... 4- قد يعتذر البعض بأنه ضعيف, والوصية صعبة! ربما تقول بأنك ضعيف, إم لم تضع معونة الله في اعتبارك. فأنت لست وحدك, إنما معك النعمة الإلهية التي تسند الضعفاء. ثم لا تقل عن وصية الله إنها صعبة لأنها لو كانت صعبة, ما كان الله أمر بها. كيف يأمر بما لا يمكن تنفيذه؟! إنه لا يأمرنا بالمستحيل. بل عندما يعطى الله وصية, إنما يمنح في نفس الوقت القدرة على تنفيذها... طوباهم أولئك الجبابرة الذين انتصروا على قلوبهم من الداخل, ولم يعتذروا بصعوبة الوصية كما نفعل نحن في تبرير أنفسنا..! 5- هناك من يقصّر في أمور العبادة من صلاة وتسبيح وصوم وقراءات مقدسة, معتذرًا بأن نقاوة القلب تكفى, والله هو أله قلوب! فمن الذي قال إن نقاوة القلب تغنى عن هذه الممارسات الروحية؟! إن الإنسان البار يجمع بين الأمرين معًا: نقاوة القلب وكل الممارسات الروحية التي هي ثمرة طبيعية لنقاوة القلب. وما أعمق عبارة "افعلوا هذه, ولا تتركوا تلك". |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث متعة الروح في القيامة وهي في السماء أهنئكم يا أخوتي وأبنائي بعيد القيامة المجيد، كما أهنئ الرئيس مبارك على نتائج أسفاره الموفقة إلى كثير من البلاد لأجل مصالح مصر والوطن العربي وكل المنطقة وبلاد أفريقيا أيضًا، متمنيًا لوطننا العزيز مصر كل خير وبركة، وبعد: فيما نحن نحتفل بعيد القيامة، يسرني أن أحدثكم عن متعة الروح بعد القيامة وهي في السماء. متعة الانطلاق الروح الآن حبيسة في الجسد، في هذا القفص المادي. وبينما الروح كيان خفيف يتميز بالشفافية، فإن الجسد مادي يتصف بالثقل. والجسد يحاول أن يسيطر على الروح ليجذبها إلى ماديته، والروح تقاوم. فبينهما صراع. إن انتصرت الروح، ترتفع بالجسد إلى فوق. وإن انتصر الجسد، يهبط بالروح إلى لذة المادة وانفعالاتها. حتى في المعرفة، الجسد يمثل ضبابًا يمنع الرؤية الحقيقية عن الروح. فالروح حاليًا لا ترى إلا بعين الجسد، ولا تسمع إلا بأذن الجسد. وكل أنواع معرفتها تكون عن طريق حواس الجسد. * أما في انطلاق الروح، فتكون لها معرفة أوسع لا تستمدها من الحواس الجسدية، بل يكون لها الحس الروحي. ولا تتحرك بأرجل الجسد، بل تتحرك وهي خفيفة : تصعد وتهبط وتجتاز مسافات دون أن تعبر وَسَطًا، مثل الملائكة أو كالفكر الذي يتحرك إلى قارة أخرى دون أن يعبر الوسط الذي بينها. * وتتلاقى الأرواح وتتعارف وتتحدث بدون ترجمة من لغة إلى أخرى. بل تتفاهم بحسّ روحي ليس حبيسًا في نطاق اللغات. حقًا بأية لغة قد تفاهم أبونا آدم، وأبونا نوح، وموسى النبي، وأيوب البار، حينما التقوا معًا في العالم الآخر؟ أم أن هؤلاء وكل الأبرار كانوا يتفاهمون بغير لسان من ألسنتنا؟ أو بغير أصوات! وبأية لغة كانوا يتحدثون مع الملائكة؟ أم أنهم يتخاطبون معهم بغير لغة بشرية! أي بلغة الروح! * وفي غير الحواس البشرية، ماذا ستكون الرؤية الروحية؟ ننتقل إلى نقطة أخرى من متعة الروح في السماء وهى متعة التحرر. متعة التحرر. الأرواح حاليًا وهى متحدة بالأجساد – ليست حرة فيما تريد ... هناك ضغوط كثيرة عليها من الخارج، ومن الجسد بالذات ... ولكنها عندما تنطلق من الجسد، سوف تحرر من كل قيوده. * سوف تحرر من غرائز الجسد ومن كل انفعالاته. وسوف تتحرر من أمراض النفس مثل القلق والاضطراب والشك. وسوف تتحرر من الضعف والعجز، ومن التعب والإعياء ومن عديد من الأمراض التي يتعرض لها الجسد ويلقي بنتائجها على الروح. * وسوف تتحرر من مؤامرات الناس الأشرار، وما يلقونه على الروح من خوف ورعب. وما تحاول من وسائل للبعد وللوقاية من الضرر. * وسوف تتحرر من خوف الموت، لأن الموت يكون قد تم ووقع على الجسد ولم يعد هناك مجال لتكراره. متعة البِرّ في العالم الآخر سوف تتحرر الروح من الخطية. فلا مجال للخطايا التي تنتج عن شهوات الجسد وغرائزه، إذ قد خلعت الجسد وانفصلت عنه. كذلك لا مجال للخطايا التي تأتي نتيجة لإغراءات خارجية. ففي العالم الآخر لا إغراءات ولا حروب شياطين. فالشيطان لن يدخل مواضع الأبرار في السماء. ولا توجد خطايا تقع فيها الروح من احتكاك البشر. فالأرواح البارة سوف تسكن في العالم الآخر مع أرواح بارة من نفس النوع، وأحيانًا من نفس الدرجة. ولا مجال للصراعات والانقسامات. * وسوف ينزع الله من أرواح ساكني السماء معرفة الخطية وتذكاراتها وقصصها وصورها التي كانت على الأرض. ويمنح هذه الأرواح إكليل البر، فلا تعود هناك إمكانية للخطية ولا رغبة فيها. * حقًا ما أعظمها متعة وما أعمقها، أن تعيش الروح هناك في عالمٍ جديد كله برّ، لا عثرة فيه ولا شر ولا شبه شر. عالم أجمل بكثير من الجنة التي عاش فيها أبوانا آدم وحواء قبل الخطية، حيث كانا يعيشان في براءة وبساطة، ولكن في طبيعة قابلة للسقوط، وقد سقطا، أما في العالم الآخر، فلا توجد إمكانية للسقوط. متعة الشفافية في العالم الآخر سوف تتمتع الروح بالشفافية التي لم يعد يحجبها ضباب الجسد. شفافية في المعرفة والإدراك تكاد تدرك شفافية الملائكة. فيها يُنزع القناع عنها، فترى غير المرئيات، وتعرف أسرارًا عن العالم الآخر ما كان يمكنها معرفتها على الأرض. وتظل تنمو في المعرفة ويوّسع الله مداركها لتعرف أكثر، بلون جديد من الإدراك فوق مستوى الحواس. وتكون معرفتها عن طريقين : أحدهما تجلي الروح في طبيعتها. وثانيهما هو الكشف الإلهي، إذ يكشف الله لها ما لا يمكن أن تدركه طبيعتها الحالية. متعة الفرح إنه فرح لا ينطق به يختلف عما في عالمنا من مباهج. هو فرح روحي. ثم هو فرح بأمور جديدة على الإنسان يختبرها لأول مرة. كذلك هو فرح دائم لا يتوقف ولا ينقطع، بل يكون دائم النمو والتجدد. وأيضًا هو فرح بالغلبة والانتصار، والتمتع بوعود الرب للغالبين ... * ثم تفرح الروح بالعشرة المثالية التي في السماء، عشرة الأبرار والقديسين، بل وعشرة الملائكة، ورؤساء الملائكة، وعشرة مَنْ كنّا نقرأ عنهم في التاريخ ونشتهي مجرد معرفتهم. وأكثر من كل هذا عشرة الله نفسه -تبارك اسمه- لأن كل أفراح السماء بدون الله لا تكون أفراحًا حقيقية. إن كان الأمر كذلك، فلنستعد من الآن -في حياتنا الأرضية الحالية- حتى نكون مستعدين لكل تلك المتع السمائية التي أعدها الله لمن يحيون في طاعته. ليس لكل الأرواح، بل للأرواح الطاهرة الغالبة التي جاهدت وانتصرت واستحقت أن يكافئها الله بملكوته الأبدي. ختامًا أهنئكم يا أخوتي بنعمة القيامة التي وهبها لنا الله في الحياة الأخرى. ونصلي جميعًا من أجل سلام العالم كله الذي انتشرت فيه الحروب والنزاعات، مع صلاة خاصة لأجل بلادنا مصر ولأجل الرئيس مبارك وكل العاملين لأجل هذا الوطن العزيز، كما نصلي أيضًا لأجل فلسطين ولبنان والعراق، وكل البلاد العربية. ومن أجل كل إخوتنا في أفريقيا ... وكل عام وجميعكم بخير. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث قالوا في العلم والحكمة وفي الحب والصداقة في العلم * سئل عالم "ما أفضل العلم؟" فأجاب: هو معرفة الإنسان لنفسه. * وقيل: اليوم الذي يمرّ من عمرك دون أن تتعلم فيه شيئًا جديدًا, هو يوم ضائع. سواء كان هذا التعلم بالقراءة أو الملاحظة أو السماع أو التأمل, أو الخبرة أو المعاناة. * قال الشيطان ذات يوم: كنت من قبل أعلّم الناس الشر, فصرت الآن أتعلم منهم. * قيل: أكثر الناس علمًا في العالم كله, يكون على جهل تام بعدد كبير من الأمور. * وقيل: العاقل يتعلم من أخطاء الآخرين. * وقيل: الفنان العظيم كان يومًا فنانًا مبتدئًا. * وقيل: تعرف الإنسان من أسئلته أكثر مما تعرفه من أجاباته. * وقيل: أتريد أن تعرف حقيقة إنسان؟ استمع إليه في مشاجرة. في العقل والقلب * قيل: كن أعقل من غيرك, ولكن لا تصرّح له بذلك. * وقيل: فقر العاقل خير من ثراء الأحمق. * وقيل: العقل له أحكام, والقلب له أحلام. * وقيل: من شاور الحكماء, شاركهم في عقولهم. * وقيل: رجل واحد يحمل رأسًا فوق كتفيه, خير من مائة رجل بلا رؤوس. * وقيل: المشروعات الواسعة لا يمكن تنفيذها بأفكار ضيقة. * وقال فرانس بيكون: إن قليلًا من الفلسفة قد يقرّب الإنسان من الإلحاد. أما التعمق في الفلسفة فيردّه إلى الله. * وقيل: القراءة هي أن تفكر بعقل غير عقلك. * وقيل: عندما تفكر, فإنك تجرى حوارًا مع نفسك. * وقيل: للقلب منطق هيهات للعقل أن يفهمه. في العمل * قيل: إن الأمانى هي بضاعة الضعفاء. أما العمل هو بضاعة الأقوياء. * وقيل: من لا عمل له, يُوجد الشيطان له عملًا. * وقيل: فكّر ببطء, ولكن إعمل بسرعة. * وقيل: لا تطلب, ولكن إعمل. * وقيل: إذا أجّلت عملًا ثقيلًا إلى الغد, ضاعفت ثقله. * وقيل: إن التجربة هي أعظم استاذ في العمل, ولكن نفقاتها باهظة. * وقيل عن شخص: عنده مواهب كثيرة, ولكن تنقصه موهبة واحدة, وهى استخدام مواهبه! * وقيل: إذا أردت أن تتحاشى النقد, لا تعمل شيئًا, ولا تقل شيئًا, ولا تكن شيئًا! فى الحكمة * قيل: الملوك حكّام على الناس. والحكماء هم حكّام على الملوك. * وقال أحدهم: نحن ألف رجل, وفينا حكيم واحد, ونحن نستشيره ونطيعه. فكأننا ألف حكيم. * وقال الآباء: الذين بلا مرشد يسقطون مثل أوراق الشجر. * وقال حكيم: الرؤوس تكون أكثر حكمة إن كانت هادئة. والقلوب تكون أكثر قوة, إن نبضت تعاطفًا مع القضايا النبيلة. * وقيل: يلجأ الإنسان إلى الخبث, حين لا يسعفه الذكاء. * وقيل: لا تشرب السّم, إعتمادًا على ما عندك من الترياق. * وقيل: الجاهل يكون دائمًا أكثر إصرارًا على رأيه من العالم. * ومن الأمثال الصينية: إذا أعطيت إنسانًا سمكة, فسوف يأكل وجبة واحدة. ولكن إن علمته الصيد, فسوف يأكل طول حياته. في الحب والصداقة * قال حكيم: اهتم بالرفيق قبل الطريق. * وقال آخر: من شروط المرافقة, الموافقة. * وقال ثالث: حياة بلا أصدقاء, هي جنازة بلا مشيعين. * وقيل: من عاش بغير حب, مات في يوم مولده. * وقال أحدهم: ليس صديقًا مَنْ "يبلع لك الظلط" (الحجارة). إنما صديقك هو من يحذرك من الغلط. * وقيل: الصديقان الحميمان إذا اتفقا على موعد, ذهب كلّ منهما إليه قبل الآخر. * وقيل: الحب هو أن تفّضل شخصًا آخر على نفسك. * وقال حكيم: إن قلت لي من هم أصدقاؤك, أقول لك من أنت. * وقيل في الصداقة: زهرة واحدة لا تصنع حديقة. في الحب والعداوة * قال القديس ذهبى الفم: من لا توافقك صداقته, لا تتخذه لك عدوًا. * وقال أيضًا: هناك طريقة مثلى تستطيع بها أن تقضى على عدوك, وهى أن تحوّل العدو إلى صديق. * وقيل: الناس أعداء ما جهلوا. * قيل: المحبة تبنى, والعدواة تهدم. والذى يبنى يصعد دائمًا إلى فوق والذى يهدم, يهبط إلى أسفل * وقيل: كل عداوة تُرجى إزالتها, إلا عداوة من عاداك عن حسد. * وقال: ميخائيل نعيمة: هناك مبالغة في قولهم "الحب أعمى". والحقيقة أن الحب بعين واحدة. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث نساء خسرن أزواجهن! الزوجة الحكيمة تكون مصدر سعادته لزوجها, كواحة يانعة مملوءة بالزهر والثمر يرجع إليها من صحراء العمل ومشقته... غير أن بعض النساء للأسف الشديد لم يعرفن الهدف السليم من الحياة الزوجية, وكيف تكون مجالًا للسعادة المشتركة..! وأخطأن الوسائل فكانت النتيجة أنهن خسرن أزواجهن!! ومن بين هؤلاء ثلاثة أو أربعة أنواع سوف نذكرها: 1- المرأة الشديدة الغيرة: ما أشد هول تلك المرأة العنيفة في غيرتها, التي تعتمد في ذلك على حساسية شاذة غير طبيعية. فتغار على زوجها إن كان وسيمًا جدًا وناجحًا بدرجة يحيطه المعجبون والمعجبات. أو إن كان لطيفًا ومرحًا, ينظر إليه الجميع في حب وبشاشة. فتغار هذه الزوجة إن رأته يكلّم امرأة في لطف, أو يبتسم في وجهها, أو أن ابتسمت تلك المرأة أو ضحكت في مرح أثناء الحديث معه . * حينئذ تحارب الظنون والأفكار هذه الزوجة, فتحطمها من الداخل. وهى تتولى بدورها تحطيم الزوج. فتفرض عليه رقابة وحظرًا, وتوبخه على بشاشته مع امرأة أخرى, وتسئ فيه الظنون. هي تريده عصفورًا جميلًا تحبسه في قفص, لا يراه أحد. يكفى أن تراه هي! ولا يكلّم أحدًا غيرهًا, ولا يبتسم لغيرها, ولا يكون بشوشًا مع أحد!! * وهكذا يفقد الزوج كل علاقاته الاجتماعية, لترضى هي عن تصرفاته.. وإلا صار البيت جحيمًا تسوده الشكوك والظنون, والمناقشات كل يوم, والتحقيقات ومحاولة الانتقام أو الشكوى. وقد يكون الرجل بريئًا جدًا. وقد تكون طبيعة عمله من النوع الذي يستلزم لقاءات مع كثيرين وكثيرات ولا ينجح فيه إلا باللياقة والبشاشة. ولكن زوجته تتعبها الغيرة فتتعبه! * وقد تأخذ الغيرة عند الزوجة مظهر آخر, فقد تغار من جهة حبه لأمه أو أخته أو بعض أفراد أسرته. أو من إنفاقه على أخ أو قريب. وتظن أنه يحب أهله أكثر منها, أو أنه يخضع لمشورتهم أكثر منها. وتلهبها الغيرة حتى تريد أن تحرمه من كل أحبائه. فلا يحب أحد سواها!! وفى وقت الغيرة لا تفكر فيه ولا راحته. إنما تفكر في ذاتها فقط. وما على الرجل إلا أن يخضع لمشاعرها, ولا تهمها النتائج ولا الإحراجات التي يقع فيها... وإلا فإنها تتهمه بعدم محبته لها وبالخيانة وعدم الإخلاص..! * ويحاول الرجل أن يجد حلًا ولا يستطيع. ويشرح الأمور ولا تقبل منه. ويتحرج الجو, ويتهدد البيت بالانهيار. إذ يشعر الزوج أن ثمن إرضائها هو أن يخسر الكل بسبب ظنون لا وجود لها في عالم الحقيقة. ولكنها موجودة في أتون الغيرة!! 2- المرأة المسرفة في التحقيق وهى الزوجة الدائمة التحقيق مع زوجها, حتى في صميم خصوصياته! فقد تحقق معه في الأمور المالية: ماذا يدخل إلى جيبه وكيف يصرفه؟ ولمن يعطى؟ ولماذا؟ وهل من اللائق أن يصرف هكذا؟ وأين الحكمة؟ * وتحقق معه في تفاصيل مواعيده: لماذا يخرج الآن؟ ولمَ لا يتغير الميعاد؟ وأين يقضى الوقت كله؟ ولماذا يرجع متأخرًا؟ وما أهمية هذا الموعد؟ ولماذا لا يلغيه؟ وماذا ولماذا إلى غير حد..! * وتحقق معه في علاقاته: كل علاقاته, مع كل أحد. ما نوعها؟ وما محصولها؟ وماذا حدث؟ وماذا قالوا لك؟ وماذا فعلوا؟ وماذا فعلت؟ ولماذا؟ * بل قد تحقق معه في أكله وشربه, وفي ملبسه, وفي كلامه, وفي عمله! * ويشعر الزوج أنه قد تزوج "وكيل نيابة" أو "أمن دولة"! ويشعر بأنه مضغوط عليه في حريته. وأنه محتاج أن يهرب من الأسئلة ومن الإجابة. وإن ضيّقت عليه الخناق, يرى أنه محتاج أن يهرب من البيت كله, ومن هذه المرأة البوليسية التي تطارده بتحقيقاتها... * أما المرأة التي تحب زوجها, فإنها تتركه ليخبرها بنفسه دون أن تضغط عليه بالسؤال. وما يقوله, تقابله بقلب محب مفتوح. وما لا يريد أن يقوله, تتركه إلى حريته بدون إحراج, وبدون تطفل, وبدون ضغط أو تحقيق. 3- المرأة النكدية: إن الرجل ينتظر من زوجته أن تستقبله في البيت بوجه بشوش يفرحه, ويدخل السعادة إلى قلبه وينسيه ما يُقاسيه في العمل من تعب وصدامات... أما إن قابلته زوجته بوجه عابس أو بالدموع والبكاء, وملأت البيت حزنًا ونكدًا, فإنها بدلًا من أن تحمل عن زوجها متاعبه, فإنها تضيف إليه تعبًا جديدًا! * وللأسف يوجد نوع من النساء يمكن أن يُسمىّ بالمرأة النكدية, التي يمكنها بسهولة أن تحوّل البيت إلى نكد. والتي تغضب لأتفه الأسباب, أو بلا سبب. ويشعر الزوج أن من الصعب إرضاءها! وأنها تخلق مشاكل, وتعقد الأمور, أو تثير نقاشًا حادًا حول أبسط المسائل. وأنها دائمًا غاضبة, دائمًا حزينة وكئيبة, دائمًا ساخطة!! * هذه الزوجة لا تبدو في الصورة التي خلق بها الله المرأة, في لطفها ورقتها, وإشاعتها السرور, وفي رسالتها كمُعين للرجل... * وكثير من الرجال يتبرمون بالمرأة النكدية ولا يحتملونها. أو يحتملونها إلى حين ثم لا يستمرون. وكثيرون منهم يخرجون من البيت, ويبحثون عن السعادة خارجه, في المقهى, أو في النادي, أو بين الأصدقاء والمحبين والمعارف, أو في أي نشاط آخر... بعيدًا عن النكد. * وهكذا شيئًا فشيئًا تخسر المرأة زوجها, إذ لا يجد سعادته إلى جوارها!! نقول كل هذا, لكي تتعظ أولئك الزوجات اللائي يتصفن بالغيرة الزائدة, وبالرغبة في التحقيق, ودوام النكد, ويبدأن في تغيير ذلك الأسلوب الذي نتيجته أن يخسرن الزوج.. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث غلطة العمر كل انسان معرض للخطأ, وقد يخطئ. وجلَّ من لا يخطئ... ولكن غلطة معينة قد يرتكبها شخص, وتظل محفورة فى ذهنه, لا ينساها, وقد لا ينساها له الآخرون... هى غلطة لا علاج لها, وتستمر نتائجها إلى مدى طويل. إنها غلطة العمر... *** خيانة يهوذا مثلاً: لا شك أن ذلك الشخص كانت له أخطاء كثيرة فى حياته. ولكن خيانته كانت هى الحدث الأكبر فى كل حياته. ولم ينسَ له التاريخ تلك الخيانة, بل صارت مثلاً يُضرب, وقد هلك بسببها... كانت هى غلطة العمر بالنسبة إليه... *** مثل آخر: فتاة لها العديد من الأخطاء ومن العلاقات. ولكنها فى احدى المرات استسلمت للشهوة, وفقدت بكوريتها وحملت سفاحاً, سواء احتفظت بالجنين أو أجهضته... تظل هذه الغلطة تلاحقها طول حياتها, لا تنمحى من ذاكرتها مهما حاولت أن تخفى معالم الخطأ بطرق ملتوية. وإذا عُرفت عنها سقطتها, لا تغفرها لها أسرتها, ولا يغفرها لها المجتمع. إنها غلطة العمر. *** أو تلميذ فى الجامعة, غشّ فى الإمتحان النهائى, وضُبط وتم فصله عاماً. وتخرّج أخيراً. ولكن واقعة فصله بسبب الغش, تظل تلاحقه وتطارده فى مستقبل حياته, وتصبح سبّة فى تاريخه يتذكرونها له فى كل وظيفة يتولاها ويعايرونه بها إن حدث منه خطأ آخر.. لقد كانت غلطة العمر. *** رئيس دولة كبيرة هو كلنتون. كانت له مواهبه, ونجح فى الانتخابات, وصار رئيساً لأمريكا. وكان له محبون ومعجبون كثيرون به, وبدأ بنجاح فى سياسته. ثم وقع فى خطيئة مع مونيكا, وأمكن التشهير به, وأنكر واعتبرت المحكمة إنكاره كذباً على القضاء. وانتهى الأمر بأن ترك رئاسة أمربكا, ولكن السمعة الرديئة لم تتركه, بل مُنع من ممارسة المحاماة. وكانت خطيئته مع مونيكا وإنكاره لذلك, هى غلطة العمر. وصارت درساً للأجيال... *** مثل آخر فى عالم الرياضة, هو مارادونا لاعب الكرة الشهيرة الذك كاد أن يصبح أسطورة فى تاريخ كرة القدم بسبب فنه وتوالى انتصاراته... وقع فى غلطة واحدة وهى أنه صار يتعاطى منشطات ثم مخدرات... وكانت النتيجة أنه أوقف مسيرة تاريخه, وفقد بطولته على الرغم من ملايين المعجبين به... وكانت غلطة العمر. *** أو شاب فى منتهى القوة, وفى قمة نجاحه وتفوقه فى كل مجال يعمل فيه, حتى صار موضع إعجاب كثيرين وكثيرات... حدث فى مرة أنه سقط مع احدى المعجبات فى خطية جنسية. ولم يكن يدرى أنها مصابة بالإيدز, وانتقل المرض منها إليه. وأخذت صحته تتدهور ولم ينفع معه علاج. وفقد شبابه وقوته وعمله ومستقبله, بسبب هذه الغلطة الواحدة. ولكنها كانت غلطة العمر... *** رجل أعمال ناجح جداً, واستطاع أن يكوّن ثروة كبيرة, وصارت له سمعة ممتازة واسم مرموق, بفضل مواهبه العديدة واخلاص فى عمله, وحزمه فى الإدارة. ثم حدث أنه جرب القمار وكسب, وأعاد الكرّة ولكنه على مائدة الميسر خسر كل شئ... خسر ماله وسمعته ورهن أملاكه ثم باعها. وهكذا فقد كل ما كانت له من ثروة. وذلك بسبب غلطة واحده هى لعب القمار, ولكنها كانت غلطة العمر. *** وأبً كان يبذل كل جهده من أجل راحة أسرته ورفاهية كل أعضائه, ويسهر الليل والنهار فى سبيل ذلك. ولكنه للأسف الشديد لم يكن له وقت يقضيه مع أولاده, ليشرف على تربيتهم بنفسه. وشرد الأبناء بعيداً. الإبن انضم إلى أصدقاء السوء, وابنته وقعت فى حب شاب وتزوجته زيجة غير شرعية, إذ لم تجد الحنان الكافى من أبيها. وخسر الأب اسرته التى تعب كثيراً من أجلها. وكان ذلك كله بسبب غلطة واحدة هى عدم تفرغه لتربية الأولاد. وكانت هذه بالنسبة إليه هى غلطة العمر. *** وفى مجال السياسة والحرب, ما أكثر الملوك والقادة والزعماء الذين أضاعوا تاريخهم كله من أجل غلطة رئيسية فى سياستهم, لم يحسبوا حساباً لنتائجها الخطيرة, ولكنها كانت غلطة العمر, مع إنهم كانوا فى مجد وعظمة, ولكنهم فقدوا كل شئ... فنابليون العظيم غلطة حرب سببت له الهزيمة بل أيضاً انتهت بالقبض عليه وإذلاله. وهتلر الذى كاد فى وقت من الأوقات أن يصبح أسطورة... وشاوشسكى فى حكمه وقلة حكمته... كل هؤلاء أضاعتهم غلطة العمر... *** إن فشل الانسان عموماً لا يرجع إلى أن حياته كلها كانت أخطاء. وإنما غلطة واحدة خطيرة يمكن أن تضيعه...! إن كوباً مملوءاً بالماء, تكفى لتعكيره نقطة واحدة من الحبر تسقط فيه. وكذلك صحة قوية يكفى ميكروب واحد خطير أن يقضى عليها... لذلك يجب على كل انسان أن يكون حريصاً جداً فى حياته ويبتعد عن مثل هذه الأخطاء. لأن ثقباً واحداً فى سفينة الحياة قد يؤدى إلى غرقها... ومن الله الرحمة . |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث الغش والخداع ما أكثر أنواع الغش والخداع. وعلى الإنسان الحكيم أن يحترس منها جميعًا. وقد يُخدع بها البسطاء. وللأسف حتى العقلاء أحيانًا ينخدعون إن بالغوا في ثقتهم بالآخرين، ولم يفحصوا، ولم يدققوا كما ينبغى. وبخاصة لأن كثيرًا من الذين يخدعون الغير أذكياء، غير أنهم يستخدمون ذكاءهم في الخطيئة أو الشر. وسنحاول هنا أن نتحدث عن بعض أنواع الغش والخداع: 1- الغش في تقديم المعلومات: وذلك بأن يقدم الشخص مفهومًا مخالفًا للحقيقة: بأن يعرض أنصاف الحقائق، أو أجزاء من الحقائق، لأن ما يخفيه سيُظهر عكس ما يقول. أو يقدم أسبابًا ثانوية أو تمرَضية بدلًا من الأسباب الأساسية. أو يذكر بيانات كاذبة لتصديقها إعتمادًا على الجهل بحقيقة الموقف. أو يستخدم وسائل تكنولوجية حديثة في فبركة الأخبار أو فبركة الصور، وما أكثرها في هذه الأيام. أو أنه يخدع غير الدارسين بذكر معلومات يدعى نسبتها إلى مصادر لا يكون في مقدورهم الإطلاع عليها والتأكد منها. أو ينشر أخبارًا بعناوين مثيرة، بينما من يدقق في قراءة المحتوى لا يجده يثبت ذلك. وما أكثر الطرق في الخداع بالمعلومات الخاطئة أو المبالغ فيها إلى حد بعيد، ولكنها تترك تأثيرها في من لا يتقن الفحص والعمل على تقصى الحقائق، أو من لا يجد وقتًا لذلك. 2- الجاسوسية هي لون آخر من الخداع: وذلك على مستوى الدول وليس مجرد الأفكار. ويعمل في هذا المجال أشخاص مدربون تدريبًا دقيقًا، ولهم قدرة على التخفى، والظهور بغير حقيقتهم، والإدعاء بأنهم مواطنون مخلصون. ويعرفون كيف يندسّون في الأوساط التي يريدون كشفها للعدو، بحيث لا يلاحظهم أحد... وغالبًا تمضى عليهم مدة طويلة دون أن تظهر حقيقتهم. وبالنسبة إلى البعض ربما لا تظهر حقيقتهم على الإطلاق إلا بعد رحيلهم أو فوات الفرصة. وهم أيضًا مزودون بأجهزة تساعد على اداء مهمتهم، سواء في التصنت أو التصوير أو طريقة إرسال المعلومات... 3- الغش عن طريق التزوير: هناك أشخاص لهم دراية عجيبة في تزوير الامضاءات، أو تزوير الأختام، أو تزوير الوثائق الهامة بوجه عام... وربما يستخدمون التزوير في حسابات البنوك، أو في الشهادات والبطاقات. أو قد يسرقون بطاقة شخص ويستخدمونها لشخص آخر. أو يقومون بتزوير شهادات يقدمونها إلى المحاكم لكسب قضية معينة. أو قد يكون التزوير لكسب المال، أو للأنتقام من شخص معين، أو الإيقاع به، وما إلى ذلك.. 4- التزوير في العملية المالية، وفي المعاملات المالية: كأن يقوموا بتزوير ورقة مالية من فئة الجنيه، أو من فئة الدولار. ولا يستطيع كشف ذلك الا الخبراء المتخصصون أو من تعاملوا مع ذلك. ولكن عامة الشعب قد لا يستطيعون أن يفرقوا بين العملتين المزيفة والسليمة. ومن جهة التزوير في المعاملات المالية: من يحاول أن يقدم تقريرًا مزورًا عن ذمته المالية، أو عن موقفه من الضرائب المطلوبة منه، أو موقفه من الجمارك... لكى يفلت من مطالبة الدولة له... 5- الغش في التجارة، وفي البيع والشراء: مثل الغش في المكاييل والموازين والمقاييس، أو الغش في نوع البضاعة، أو عرض بضاعة فاسدة كأنها بضاعة سليمة، أو الغش في الثمن، أو تقديم بضاعة يقولون إنها (مضروبة). أو شيء على أنه جديد بينما يكون قد سبق استعماله. أو الغش في بيع عقار يكون ملكًا لآخر، والشارى لا يدرى، أو يكون مرهونًا أو عليه ديون لم تدُفع. ولعل من أخطر أنواع الغش، الغش في الأدوية وبخاصة التي تتوقف عليها حياة المريض، أو يتوقف عليها علاجه... 6- الغش في الزواج: كأن يتزوج شخص امرأة على أنها بكر، وهى ليست كذلك، أو قد فُضّ غشاء بكارتها وعولج ذلك شكليًا بطريقة الخداع. وهذا النوع من الغش يمكن أن يُحكم فيه قضائيًا ببطلان الزواج. أو قد يقدم طالب الزواج شهادة (عدم موانع) تكون مزورة، أو يكون مرتبطًا بزيجات اخرى ويخفيها... أو مريض بمرض خطير ومعدى ويخفيه، أو مصاب بعجز جنسى كامل ويخفيه... مصدر المقال: موقع الأنبا تكلاهيمانوت. وهناك أنواع خداع اخرى قد لا تنكشف إلا بعد الزواج. هذا كله غير خداع آخر يحدث داخل نطاق الزيجة، ربما تكون من نتائجه ما يُسمى بالخيانة الزوجية... 7- الغش في المودة وفي الإخلاص: * ليست كل مودة يظهرها الإنسان لغيره تكون مودة خالصة نقية. فقد تكون أحيانًا مظهرية وتكشفها الأحداث فيما بعد، أو لا تنكشف مختفية وراء ألوان من الرياء أو النفاق () أو الخداع. وفي كل ذلك لا يكون الشخص مخلصًا لمن يتظاهر بمحبته أو بالولاء له. ويظهر هذا أيضًا في تملق بعض الموظفين لرؤسائهم وللمسئولين عنهم في العمل أو في الهيئات التي ينضمون اليه * ومن أمثلة المودة الزائفة، ما يظهره شاب نحو فتاة من الحب، أو من رغبته في الزواج بها، حتى تطمئن اليه وتصّدمة ثم يتخلى عنها أخيرًا بعد فترة من الخداع والكلام المعسول. ويكون ما أظهره من مودة أو حب، إلا لونًا من اللهو أو الشهرة وليس غير..! * ولعل أخطر نوع من المودة الزائفة، الذي يكون في حقيقته عدوًا، وفي خداعِ يبدو كأنه صديق. وعنه قال الشاعر: ويا لرُبّ خدّاع من الناس تلاقيهِ يعيبُ السمّ في الأفعى وكل السمّ في فيهِ 8- هناك أيضًا الغش في الإمتحانات: وهذا أمر معروف ويحدث كثيرًا بين تلاميذ المدارس. أما بالنسبة إلى الكليات الجامعية، فمن الصعب أن يكون هناك غش في الإمتحان الشفهى أو العملى. ولكن يمكن أن يحدث الغش في الامتحان التحريرى... هناك أنواع اخرى من الغش والخداع، ربما تظهر مثلًا في من يخدع الناس بالبر والتقوى وهو غير ذلك تمامًا، أو من ينسب إلى نفسه معلومات تكون لغيره، كما يحدث في السرقات الفكرية أو الشعرية.. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث اكسب قلوب الناس و محبتهم الإنسان الحكيم هو الذي يعمل باستمرار على زيادة عدد محبيه, وتقليل عدد من يعاديه. يبذل جهده -على قدر طاقته- في أن تحيط باستمرار قلوب تحبه. ولا يفسح مجالًا لتكوين عداوة مع أحد, واضعًا أمامه قول سليمان الحكيم "رابح النفوس حكيم"... وفى علاقاته مع الآخرين, يتذكر تلك النصيحة الغالية: "من لا توافقك صداقته, لا تتخذه لك عدوًّا" ذلك لأن العداوة نار ربما تحرق الطرفين, أو على الأقل طرفًا واحدًا منهما. فهي إذن خسارة ينبغي أن يتفاداها كل حريص... والذي يعمل على ربح النفوس, فليس يعمل ذلك لمجرد صالحه, وإنما لصالحهم أيضًا. ولأجل تنفيذ وصية الله في أن يسود السلام بين الجميع, وأن تتنقى القلوب من كل ضغينة وحقد, ويتفرغ الناس للعمل الإيجابي البنّاء, بدلًا من إضاعة الوقت و تبديد الطاقات في السلبيات وفي الصراع. وكذلك لفائدة المجتمع كله حتى يكون بناءً راسخًا يشد بعضه بعضًا... ويتعاون فيه الكل على عمل الخير, وإعطاء صورة جميلة للقيم, وإعطاء صورة جميلة للقيم و للأخلاقيات المعاشة. إن ربح النفوس هو مبدأ رعوي واجتماعي. وهو مبدأ روحي وإداري في نفس الوقت... فهو لازم جدًا لحفظ كيان الجماعة, سواء على مستوى الأسرة أو الدراسة, أو الإدارة والنظام, أو العلاقة مع الله ومع سلام الإنسان داخل نفسه... ففي الأسرة, على الزوجين أن يربح كل منهما الآخر, فيعيشان في سلام, لا يختلفان ولا ينفصلان, بل يراعى كل منهما نفسية الآخر, ويعمل على حفظ المودة مهما اختلفت وجهات النظر إلى الأمور أحيانًا. ويجتهد الاثنان في كسب محبة أبنائهما باستمرار, لا عن طريق التدليل الخاطئ, ولا بأسلوب الحزم القاسي, وإنما بالرعاية والعناية. وهكذا تكون الأسرة مترابطة. ولذلك فالأم التي تشكو من متاعب أبنائها, ومن عصيانهم لها أو تمردهم عليها, إنما تعترف ضمنًا أنها لم تكسب محبتهم منذ طفولتهم, ولم تكوّن صداقة معهم تحفظهم تحت إرشادها... كذلك ربح النفوس لازم في محيط المدارس والمعاهد العلمية. والمدرس الناجح يتميز بمحبة تلاميذه له, والتفافهم حوله ناظرين إليه كأب ومرشد وصديق, يحترمونه ويثقون برأيه ونصائحه كما يثقون بعلمه وثقافته. وهذا المدرس الناجح -في ربحه لقلوب تلاميذه- لا يقتصر عمله على التدريس, وإنما يشمل أيضًا التربية والتهذيب, وإعداد جيل نافع لخدمة الوطن ومنتج في محيط المجتمع. ربح النفوس يلزم أيضًا في مجال العمل والإدارة. فكل من يريد عملًا, عليه أن يجمع العاملين معه, في رابطة قوية من الإخلاص له والأمانة في العمل. وذلك بما يظهره لهم في كل مناسبة من الاهتمام بهم, وحسن معاملتهم, ورعايتهم ماديًا وصحيًا. فلا يكون مجرد رئيس يأمر وينهى, ويحاسب ويعاقب, وفي حزم يحرص على سلامة العمل, إنما يكون أيضًا قلبًا شفوقًا على العمال, تربطهم به محبة وولاء إلى جوار الطاعة والاحترام.. إن ربح نفوس العاملين والموظفين، هو الضمان الأساسي لسير العمل ونجاحه، وهو ضمان لاستمرار العمل وحفظه من التظاهر والاعتصام والاحتجاج والمطالبة بحقوق يرون أنها غير متوفرة!! ورابح النفوس، يتصف بأنه يهتم بالكل ويكسب الكل. يفهم نفسية الآخرين، ويعاملهم بما يناسبهم. يهتم بالتعابى ويعمل على إراحتهم. ويربح الضعفاء وصغار النفوس ويشجعهم ويتأنى عليهم ولا يطالبهم بما هو أكثر من قدراتهم. يحاول أن يكسب المقاومين، فلا يكون سريع الغضب أو ميالًا إلى المجازة والانتقام. بل يتصف بالتسامح والصبر والاحتمال . أيضًا يحاول أن يحتفظ بكسب الأصدقاء. ولا يخسرهم بكثرة العتاب وشدته. إنما يذكر باستمرار مودتهم، ويغمض العين عن ضعفاتهم أحيانًا, ولا يركزّ عليها. وبالنسبة إلى عموم الناس, يربحهم بالقدوة الحسنة وبالمعاملة الطيبة وبالجواب اللين الذي يصرف الغضب. ورابح النفوس يحترم الكل, ولا يستهزئ بأحد أو يتهكم عليه. ولا يكون نقّادًا ينظر باستمرار إلى النقط السوداء متجاهلًا فضائل الآخرين. ورابح النفوس لا يراهم الناس في طريق الحياة, إنما يحب الكل, ويرجو الخير للكل, ويفرح بنجاح غيره, دون أن يعتبر أحدًا منافسًا له أو معطلًا. ويكون مجاملًا في شتى المناسبات. يشارك الناس في مشاعرهم ويكون خدومًا, يساعد من يحتاج إلى مساعدة, ويأخذ بيد الساقط حتى يقوم, ويتعاون في كل عمل خيرّ... ورابح النفوس ينبغي أن يكون دمث الخلق, عفّ اللسان, وبشوشًا, ورقيقًا في معاملته. ويكون سمح الملامح. بهذا يكسب الناس. يكسب محبتهم وثقتهم, ويعيش مع الكل في سلام بقدر إمكانه. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث أهمية حُسن العلاقات كثير من الأمور تُحلّ بحسن العلاقات أكثر مما تُحل بالقانون أو بالقضاء. بل أن القانون لا يتدخل إلا إذا ساءت العلاقات ولم يستطع الناس فيما بينهم أن يحلّوا مشاكلهم... وهنا يعجبنا المثل القائل "إذا اصطلح الخصمان استراح القاضي". فكم بالأكثر إن لم تكن هناك خصومة على الإطلاق... فما هي إذن هذه العلاقات؟ وما أنواعها؟ الناس في علاقاتهم على ثلاثة أنواع: إما إنسان يصنع صداقاتٍ وسلامًا peace maker. وإما إنسان مشاكس يصنع عداوات ومشاكل trouble maker. وإما إنسان لا علاقات له, لا عداوات ولا صداقات! هو إنسان منعزل, أو بالتعبير العامي "في حالُه" أو محايد neutral. ولكنك يا أخي تعيش في مجتمع, ولست في عزلة من الناس. وبالضرورة لابد أن تكون لك علاقات. لك علاقات في محيط أسرتك, وفي محيط جيرانك, وفي مجال عملك مع الزملاء أو الإدارة. بل وفي أماكن العبادة أيضًا, كما في نطاق التسلية و الترفيه كذلك. فما هو دورك في هذا كله؟ ما هو موقفك من مبادئ التعاون, وحسن الجوار, ولوازم المجاملة, والمشاركة الاجتماعية والعاطفية, ومواقف التهنئة أو التعزية؟ هل تتجاهل مشاعر الناس؟ أم الواجب أن تشاركهم في مشاعرهم؟ هل يحدث كل ما يحدث, وكأنك أنت لست هنا, لا تحس ولا تدرى!! هل تقول إنني لم أعرف الأخبار حتى أشارك؟! أو لا يعنى هذا عدم اهتمامك! لأن الاهتمام بالغير يعنى السؤال عن أخباره والاطمئنان عليه... أما عدم الاهتمام فيدل على نقص المحبة أو انعدامها... وأنت -إن تجاهلت الناس- فتجاهلوك بالمثل... ماذا يكون شعورك وقتذاك؟ ألا تستاء، بل تحزن، وتشعر بإهمال الناس لك؟ إذن ما تريد أن يفعله الناس معك، افعله أنت أيضًا معهم إن الإحساس بالناس، ومجاملتهم، أمران هامان في الحياة الاجتماعية.. نحسّ بآلام الناس ونشاركهم مشاعرهم، ونشعرهم بحبنا لهم، وعدم التخلي عنهم في ضيقتهم. وهكذا يكون مما يؤثر النفس بزيارة شخص في مرضه، والتخفيف عنه بكل دعاء أو كلمة رجاء، أو تقديم باقة من الورد له، أو الاطمئنان عليه من أطبائه. هذا يترك أثرًا كبيرًا في نفسه، والعكس أيضًا صحيح. فالذي لم تزره في مرضه ولم تطمئن عليه ولو بمكالمة تليفونية، لابد سيشعر بتقصيرك في حقه ويؤلمه ذلك منك نفس الوضع في تعزية الحزانى. سواء كان ذلك في وفاة أحد المحبين، أو في ورطة وقع فيها، أو في تحقيق رسمي معه، أو في أية مشكلة حلّت به. كل ذلك يشعره أنه محاط بقلوب تحبه وتخلص له، وترجو له الخير ... وتكون هذه المشاركة الوجدانية مع الكبير ومع الصغير: مع زميلك أو رئيسك في العمل، ومع القريب والغريب. بل مع خادمك أيضًا وتلميذك وابنك، ومع جارك أو صديق. فيشعر الكل أنك محب ومخلص، ولك قلب شفاف، ومشاعر طيبة لا ننسى أيضًا مشاركة الناس في احتياجاتهم المادية. ولو في السّر، وبطريقة غير ملحوظة وغير جارحة. هناك محتاجون ويطلبون في صراحة أن تساعدهم وتسندهم في احتياجاتهم. وعليك أن تساعدهم بنفسك أو توصى عليهم من يعينهم ماليًا. وهناك نوع آخر يحتاج ويستحى أن يطلب أو أن يعلن عن احتياجه. وواجبك أن تساعد مثل هذا في سرّ. ونحن نسمى هذه النوعية بالأسر المستورة. وتحتاج مساعدتهم إلى لباقة وستر. ومن أمثلتهم من تضطره ظروفه الصحية إلى عملية جراحية تكلفه ما هو فوق طاقته، أو قد يحتاج إلى مجرد ثمن الدواء ولا يجد.. أو يضطر إلى الاستدانة في تزويج ابنته، أو في تهيئة سكن لابنه أو في دفع مصروفاته الدراسية. أما أن نشعر باحتياجات الناس ولا نهتم، فليس هذا نبلًا، ولا يتفق مع المبادئ الإنسانية، ولا مع العلاقات الاجتماعية!! نقول نفس الكلام بالنسبة إلى المسئولين الذين يدفعون للعاملين تحت إدارتهم أجورًا زهيدة أو مرتبات لا تغطى احتياجاتهم. وهنا تأتى علاقة صاحب العمل بالعاملين الذين يأخذون أجرهم منه، وهل هو يكفيهم في حياتهم أم لا؟ وكلما كان صاحب العمل سخيًا في العطاء، وفي الحوافز والعلاوات، وفي مراعاة موظفيه صحيًا واجتماعيًا وماليًا... على هذا القدر تكون محبتهم له، وعرفانهم بجميلة، ودعاؤهم له بأن يكافئه الله حسب هذا الحنو الذي يمتلئ به قلبه من ناحيتهم... إن المجتمع لا يحتاج إلى علماء يكتبون في علم الاجتماع أو علم النفس، بقدر ما يحتاج إلى قلوب نبيلة تحسّ احتياجات الناس وتساهم في إراحتهم.. ما أجمل عبارة "فرحًا مع الفرحين، وبكاءً مع الباكين". وما أنبل القلب الشفوق الذي لا يستطيع أن ينام، بينما جاره أو صديقه في ضيقة وما أعظم قدر الذين يتعبون لأجل غيرهم. وكل مسئول في منصب معين، سوف لا ينسى له الناس مساهمته في إراحتهم. تنقضي فترة مسئوليته في وقت ما، ولكن سيرته الطيبة لا تزول مطلقًا من ذاكرة الناس، بل يذكرونه بالخير في كل علاقاته الطيبة معهم. إن المسألة ليست مجرد إدارة، إنما بالأكثر هي رعاية. وهنا نتذكر أن في غالبية المصالح والشركات والمؤسسات، بل وفي الوزارات أيضًا إدارة هي (العلاقات العامة) Public Relations فهل هي مجرد إدارة عبارة عن موظفين وكتابات ومراسلات وباقي الأعمال الإدارية، أم هي علاقة عملية دعامتها المودة والصلة الهادفة للخير عمليًا وحسن العلاقات؟... إن كان الأمر كذلك، فسوف تؤول الأمور إلى الخير بمشيئة الله. إما إن اقتصرت على الرسميات وكفى، فإنها تكون قد فقدت هدفها النبيل. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث الضعف: أنواعه وأسبابه وعلاجه على الرغم من محبه الناس للقوة و تمجيدهم لها، إلا أنه لا تزال هناك ضعفات يتصف بها البعض، وتكون سببًا للشكوى، أو سببًا للألم. وقد يوجد شخص قوى بصفة عامة، إلا أن له ضعفًا في زاوية معينة من حياته، أو في جانب معين من تصرفاته... فما هي إذن أنواع الضعف؟ وكيف يمكن معالجة كل نوع منها؟ وما هو موقف الأقوياء من الضعفاء؟ هذا ما نود أن نتحدث اليوم عنه... أنواع الضعف 1- قد يوجد عند إنسان ضعف، لا ذنب له فيه: مثال ذلك ضعف وصل إليه عن طريق الوراثة، أو ظروف ولادته. سواء كان ذلك الضعف في جسده، أو في قواه العقلية، أو في مستوى اجتماعي ضعيف، أو في أسرة لا تساعده على الحياة السويّة، أو أنه نشأ بأسلوب تربوي خاطئ ترك في نفسيته ضعفات تتعبه في مستقبل حياته... ونلاحظ أن ضعف الجسد قد يقاسي منه الإنسان الروحي أيضًا. إذ لا يقدر على ممارسات روحية معينة بسبب ضعف جسده وعدم قدرته. فعلى الإنسان الروحي ألا يصيبه هذا بالإحباط، بل يعمل على قدر ما يحتمله جسده... 2- وقد يوجد شخص، أعصابه ضعيفة: وهو لهذا السبب ضعيف الاحتمال، يثور ويغضب بسرعة، ويغضب بسرعة، ويخطئ في غضبه. ويحتاج إلى إنسان قوى وطويل البال و رحب الصدر، يمكن أن يحتمله. إذ يجب على الأقوياء أن يحتملوا ضعفات الضعفاء. ومعروف أن الإنسان القوى هو الذي يستطيع أن يحتمل. أما الغضوب الذي يثور ويخطئ إلى غيره، فهو الإنسان الضعيف... على أن الغضوب يلزمه أن يعالج الضعف الذي فيه، أعنى الغضب: وذلك بأن يبعد عن أسباب الغضب، وعن المجالات التي تثير أعصابه. فيمارس تداريب روحية في البعد عن الغضب. ويقوّى أعصابه من الناحية الجسدية. ويتأنى في انفعاله وفى ثورته. ويفكر في النتائج السيئة لغضبه و نرفزته قبل أن يغضب. ويتدرب على ضبط النفس. كما يقرأ كثيرًا عن الودعاء و الهادئين محاولًا أن يتأثر بسيرتهم ويتمثل بهم. ويحترس من أن يقول "هكذا طبعي"! فالمفروض أن ينتصر على طبعه... 3- هناك نوع آخر من الناس ضعيف في إرادته: فالخير الذي يقتنع به، يعجز عن تنفيذه. إذ تنتصر شهواته أو طباعه على اقتناعه، فيضعف. أو قد يكون مثل هذا الشخص، من طبعه التردد. فإرادته لا تستطيع أن تقرر ما ينبغى أن يفعله. وإن قرّر شيئًا، لا يمكنه أن يثبت فيه، بل تراوده أفكار أخرى... وتوجد تداريب كثيرة لتقوية الإرادة. وقد يستطيع أن يقوىّ إرادته، عن طريق التغصب، وقهر الذات في أخطائها، أو عن طريق الصوم. كما يصلح له أن يستشير مرشدًا روحيًا يثق تمامًا بحكمته، ويخضع لإرشاده... وإن كانت هناك عادة تسيطر عليه، ينبغي أن يقاومها، ولا يستسلم لها، لأن هذا الاستسلام يزيده ضعفًا على ضعف... 4- يوجد إنسان آخر يتعبه ضعف إيمانه: له إيمان نظري، ولكن هذا الإيمان من الناحية العملية يمكن أن يضعف. وإن تعرض لمشكلة، ينهار أمامها ويخاف. ويدل انهياره على ضعف إيمانه بحفظ الله له ورعايته وحمايته. وإن صلى صلاة، ولم يشعر باستجابة سريعة، يبدأ أن يشك في جدوى الصلاة وفى معونة الله! بينما يكون الحلّ قادمًا من عند الله، ولكن هذا الضعيف لم يستطيع أن ينتظر! بل هو يحتاج أن يثق بأن الله يعمل لإنقاذه، مهما بدا له أن المعونة قد تأخرت! 5- نوع آخر من الضعف هو ضعف النفسية: وهذا النوع من الناس الضعاف النفسية يسمونهم أحيانًا "صغار النفوس". وهم يقلقون بسرعة ويخافون ويضطربون، بل قد ينهارون ويبكون. وربما يقعون في اليأس. وهم قليلو الاحتمال، وسريعو الانفعال، ويحتاجون باستمرار إلى من يسندهم. وقد يكون البعض منهم كبيرًا في سنّه، ولكن له نفسية الصغار..! 6- نوعيات أخرى من الضعف: * منها ضعف العقلية. ويتمثل في من يتصفون بمستوى ضعيف في درجة الذكاء، ويشمل ذلك ضعفًا في الذاكرة... * وهناك أيضًا ضعف الشخصية ومن صفاتها العجز عن التصرف السليم، وسهولة الانقياد، وسرعة التحول، وعدم الثقة بالذات.. * أما ضعف الروح فهو الذي يستسلم للخطيئة بدون مقاومة تُذكر، ولا يصمد أمام حروب الشياطين وإغراءات المادة وشهوات الجسد.. * من بين أنواع الضعف أيضًا: ضعف الطفولة، وضعف الشيخوخة.. موقفنا من الضعفاء: إن كنت أنت ضعيفًا، فلا تيأس من ضعفك، بل حاول أن تعالجه. وإن رأيت شخصًا ضعيفًا، فلا تحتقر ضعفه، بل تذكر الحكمة التي تقول: "شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ".. (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي 5: 14) لذلك افتحوا طاقة من الرجاء، لتضئ على الذين يسيرون في الظلمة خائفين ومضطربين. امنحوهم ثقة، وحدثوهم عن تدخل الله في حياتهم ولو في آخر لحظة. واحكوا لهم قصصًا عن الذين سقطوا وقاموا وصاروا من الغالبين، ومن الذين فشلوا أولًا ثم نجحوا أخيرًا، ومن كفاح الضعفاء.. الإنسان القوى، لا يجوز له أن يفتخر على الضعيف، ولا أن يستصغروه، ولا يشهر به. بل على العكس يشجعه، ويمنحه من القوة التي فيه التي منحه الرب إياها. والله نفسه- تبارك اسمه- يعتني بالضعفاء، كما يعتني بالأطفال، ويسندهم، ويشفق عليهم. وكل إنسان معرض للضعف أحيانًا. والذي تدفعه الكبرياء إلى احتقار الضعيف، ما أسهل أن يضربه الشيطان فيضعف أو يسقط..! معالجة الضعف: 1- مهما كنت ضعيفًا، لا تيأس: لا تفقد الأمل مطلقًا. لأن اليأس يحطم النفس، ويجعلك خائر القوى، تستسلم للضياع، وتستمر في الضعف وفي الخطأ، وكأنه لا فائدة من الجهاد!! ضع أمامك أمثلة لمن كانوا في حالة أسوأ من حالتك، وقد خلصهم الله من نقائصهم. 2- جاهد بكل ما عندك من قدرة مهما كانت ضئيلة. وجهادك يدل على رغبتك في القيام، متذكرًا أن أطول مشوار كانت أوله خطوة، وأن أكبر مشروع ناجح كانت بدايته فكرة. وأن حفنة من القمح ترميها في الحقل تنتج لك جوالات من الحنطة. 3- ابحث عن سبب ضعفك، وحاول أن تعالجه: سواء كان في داخل نفسك من صفة فيك، أو من تأثير خارجي عليك أن تقاومه وتبعد عنه. وأعرف أن كل مشكلة لها حلّ أو حلول، وأن كل باب مغلق له مفتاح أو عدة مفاتيح. وكل مرض له وسائل للعلاج.. 4- اطلب معونة من الله، واجعل ضعفاتك مجالًا لصلواتك: وكن واثقًا أن الله يسمع وأنه يستجيب، لأنه يحب الخير لك، ويعمل لأجل منفعتك. وعليك أنت أيضًا أن تعمل. فالمعونة التي تأتى من فوق يمكن أن تسند الضعف الذي يجاهد ولا يكل وكن باستمرار متفائلًا، متوقعًا خيرًا. وليكن الله معك. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث قالوا عن المرأة ما أكثر ما قيل عن المرأة، من حيث طباعها، ومن جهة علاقتها بالرجل، ومن جهة وضعها كزوجة، وكأم. ولكنني في هذا المقال، سأختار بعضًا من تلك الأقوال، وأظن أن غالبية واضعيها من الرجال، وربما في بعض أقوالهم شيء من التحيز. وكنت أود أن أتناول هذه العبارات بالشرح أو التعليق. ولكنى آثرت أن أذكرها كما هي، تاركًا للقارئ العزيز مجالًا للتأمل في تلك الكلمات، التي وإن كانت قصيرة، إلا أنها تحمل في طياتها عمقًا معينًا. لأنها صادرة عن خبرة مع الكثيرات. وسوف ترون الموضوع مقسمًا إلى بعض التفاصيل: وصف المرأة وطباعها: قيل: المرأة كالقيثارة: من لا يحسن العزف عليها، تسمعه أنغامًا لا ترضيه. وقيل: إن المرأة كالنحلة: تصنع الشهد إذا أحبت. وتلسع إذا كرهت.. [ويقينًا هكذا الرجل أيضًا]. وقيل: أعجب ما في المرأة أنها تستطيع أن تقنعك، دون أن تفتح فمها بكلمة..! وقيل: إن تكلمت المرأة، فاسمع ما تقوله عيناها وقيل: مادام عقل المرأة صافيًا، فلا خوف على قلبها وقيل: إن رقة المرأة هي وسيلتها المفضلة لتثبت أنها على حق. وقيل: إذا كانت المرأة ذاهبة إلى المشنقة، فقد تطلب مهلة لكي تزيّن نفسها وقيل: إن المرأة قد تبالغ في أي شيء، إلا في الحديث عن عمرها وقيل: كثيرًا ما يرهق المرأة أن ترى جيرانها يشترون شيئًا، قد تقدر هي على شرائه وقيل: إن السرّ هو ما تقوله المرأة لكل الناس، وتطلب منهم كتمانه... [واعتقد أن كثيرًا من الرجال يفعلون ذلك] المرأة والرجل: قيل: قوة المرأة في جاذبيتها. وجاذبية الرجل في قوته وقيل: لا خوف على المرأة من الرجل الذي يتكلم دائمًا، إنما الخوف عليها من الرجل الذي يسكت. قيل: إن كان خلف كل رجل عظيم امرأة، فغالبًا ما يكون خلف كل رجل فاشل أكثر من امرأة... [على أن للفشل أسبابًا أخرى بلا شك]. وقيل: إن الرجل الذي لا يؤمن بحقوق المرأة، هو إنسان ينسى أن أمه وأخته وزوجته من النساء وقال جيته Geothe الشاعر: المرأة الصالحة تلهم الرجل العظيم، والمرأة الجميلة تخلب قلب الرجل التافه وقيل: المرأة هي أقرب إلى السماء من الرجل، لأنها قد تغفر للرجل أكثر الزلات، بينما هو لا يغفر لها أبسط الأخطاء... وقيل: إن البكاء للمرأة مثل القمار للرجل: إما أن تكسب به كل شيء، وإما أن تخسر به كل شيء. الخطوبة والزواج: قيل: إن أصعب اختيار في الزواج هو أن تقف الفتاة بين رجل يحبها، ورجل هي تحبه وقيل: إن الفتاة العاقلة هي التي تفضل أن تتزوج رجلًا لا رصيد له في البنك، بدلًا من أن تتزوج رصيدًا بلا رجل وقيل: في فترة الخطوبة يتكلم الشاب وتصغى الفتاة، وبعد الزواج، يتكلم الزوج والزوجة ويصغى الجيران! وعن الزواج، قيل: إن الزواج هو نصف يبحث عن النصف الآخر . وقيل: إن تزوج الأبناء بالإكراه، ليس هو فقط جريمة في حد ذاته، إنما هو مقدمة لجرائم كثيرة في مستقبل حياتهم. العلاقة بين الزوجين: قيل: الرجل هو رأس امرأته، والمرأة هي مفتاح زوجها وقيل: إذا تنازلت عن رأيك وأنت مخطئ، فأنت رجل عاقل، أما إن تنازلت عن رأيك وأنت مؤمن بصوابه، فأنت إذن رجل متزوج وقيل: إن الدبلوماسي هو الذي يتذكر عيد ميلاد زوجته، وينسى سنّها وقيل: إن المرأة الخفيفة على القلب، غالبًا ما تكون ثقيلة على الجيب وقيل: ما أكثر النساء اللواتي يستمعون قلب الرجل، وما أقل اللواتي يمتلكنه. وقيل: قد تغفر المرأة الخيانة، ولكنها لا تنساها وقيل: المرأة دائمًا ترى زوجها على حق، إذا اعترف أنه مخطئ وقيل: المرأة أكثر احتمالًا من الرجل. يكفى أنها تحتمل سطوة الرجل وسيطرته وأوامره التي لا تنتهي. المرأة كأم: قيل: لا تكون المرأة أمًا بولادتها للبنين، إنما هي تصبح أمًا حقيقية بتربيتها للبنين وقيل: أعمق عاطفة في المرأة هي الأمومة وقيل: محبة الأم أعمق، ومحبة الآب أصدق قالت أم: ابني هو ابني إلى أن يتزوج، وبنتي هي ابنتي مدى الحياة. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث قصص تدل على ذكاء الإنسان المثالى: الأديب الأيرلندي الساخر برناردشو، كثيرًا ما كان يتحدث عن الإنسان المثالي (Super Man) . فأتته مغنية ايرلندية جميلة جدًا، وقالت له: ما رأيك في أن نتزوج وننجب ابنًا يرث ذكاءك وجمالي، ويكون هو الإنسان المثالي الذي نبحث عنه؟ فاعتذر برناردشو عن قبول هذا الزواج. وبسخريته المعهودة قال لتلك المغنية الجميلة: أسف يا سيدتي، لأن نتيجة هذا الزواج غير مضمونة. فربما الابن المولود يرث جماله منى، ويرث ذكاءه منك!! فيصبح لا شيء... عن أي شيء يبحث؟ وقيل عن برنارد شو أيضًا إنه كان بخيلًا ويحب المال. وكان لا يكتب لأحد عبارة تذكارية إلا بمقدار ما يدفعه له من مال: بمعدل جنيه عن كل كلمة. وحدث أن أحدهم، كان معه سوى جنية واحد، فأرسله إلى بيرنارد شو ليكتب له عبارة تذكارية، فردّ عليه بكلمة واحده هي "شكرا" Thanks. فاغتاظ الرجل وقال له "أنت إنسان تبحث عن المال. أما نحن فنبحث عن الكرامة والشرف". فأجابه برناردشو في هدوء: "لك حق. فكل منا يبحث عما ينقصه"... المكان الرئيسي؟ قيل عن بسمارك Bismarck أكبر السياسيين في أوروبا في زمنه، إنه دُعي إلى حفل، فلم يضعه المنظمون في المكان اللائق به. ولاحظ رئيس البروتوكول ذلك، فأسرع إليه معتذرًا وقال له: "أنا آسف يا سيد بسمارك، لأنه كان يجب أن تجلس في المكان الرئيسي" فأجابه بسمارك في هدوء: "لا داعي مطلقًا لأن تأسف. فحيثما جلس بسمارك، يكون هذا هو المكان الرئيسي"... أبى أم الأمير؟ أحد الأمراء العظام، زار بيت رجل من كبار موظفيه. وكان لهذا الموظف الكبير ابن طفل مشهور بالذكاء، وقد أعجب به الأمير. فأراد أن يختبر ذكاءه، فقال له: "بيت أبيك أعظم أم بيت الأمير؟" وتحير الطفل بين إكرامه لأبيه وإجلاله للأمير. وأجاب بذكاء: - ما دام الأمير في بيتنا، يكون بيت أبى أعظم من بيت الأمير... من الأكبر؟ شيخ كبير في السن، زاره أحد الحكام وكان متوسط العمر. فسال أحدهم هذا الشيخ ليختبر أجابته: - من هو الأكبر: أنت أم الحاكم؟ فأجابه الشيخ في حكمة: الأمير هو الأكبر منى. ولكنني قد وُلدت قبلًا منه. كبرياء من؟ قيل عن أفلاطون Plato الفيلسوف إنه أقام حفلة للفلاسفة، وزين بيته بفاخر الرياش، وبالسجّاد الثمين جدًا. وكان بين المدعوين ديوجين الفيلسوف، وكان مشهورًا بالزهد، وتعجب كيف أن فيلسوفًا كبيرًا كأفلاطون يفرش قصره بمثل السجاد هذا الفاخر! وداس بقدمه على السجاد مشمئذا... فسأله أفلاطون: لماذا تدوس على السجاد هكذا يا ديوجين؟! فأجابه ديوجين: أنا لا أدوس على السجاد، إنما على كبرياء أفلاطون. فقال أفلاطون: ولكنك تدوس على كبرياء أفلاطون بكبرياء! بأي وجه تلقاني؟ دخل إلى السلطان رجلً كان قد أذنب إليه قبلًا. فقال له السلطان: بأي وجه قد جئت تلقاني؟! فأجابه ذلك الرجل: بالوجه الذي سوف ألقى به الله -عز وجلّ- وذنوبي إليه أعظم، وعقابه اكبر... فأعجب السلطان بإجابته. وعفا عنه. الأسد، والثعلب: يقال إن أسدًا كبر في السن، وعجز عن أن يجرى في الغابة معجبًا بسلطته وقوته.. لذلك تمارض واعتكف في عرينه. وكانت الحيوانات تأتى إليه، لتطمئن على صحته وتواسيه في مرضه. أما هو فكان يهجم على الضعيف منها ويفترسه. وحدث أن جاءه ثعلب في أحد الأيام ليؤدى واجب الاحترام له. ولكنه وقف عند باب العرين، وقال: سلام لك يا سيدي الأسد لقد جئت لأطمئن على سلامتك، وأدعو لك بالشفاء. فقال له الأسد: ادخل إذن وسلّم علىّ... فاعتذر الثعلب عن الدخول. وقال له لا أستطيع يا مولاي، لأنني أرى آثار أقدام كثيرة قد دخلت، ولا أرى أثر هذه الأقدام في خروجها... القرد وعجل البحر: جلس قرد على شجرة جوز الهند إلى جوار ترعة. والتقط ثمرة من ثمارها وألقاها الترعة فأحدث ذلك صوتًا أعجبه فألقى ثمره ثانية ثم ثالثة. وحدث أنه كان في الترعة عجل بحر، التقط هذه الثمار وظن أنها دليل محبة له من القرد الذي ألقاها له ليأخذها. فخرج وتحدث إلى القرد وأعجب بذكاء القرد وحكمته. وظل يتردد عليه كل يوم، ويسهر معه إلى ساعة متأخرة من الليل يتحدثان كصديقين. وهكذا كثر غيابه عن مسكنه وأسرته. فتضايقت زوجة عجل البحر من كثرة غيابه وتأخره في الرجوع مساءً. وما كان منها إلا أنها شكت حالتها إلى جارة لها عجوز وحكيمة. فنصحتها هذه الجارة أن تتمارض. ومتى أتى زوجها ولاحظ مرضها وعجز عن معرفة سبب المرض وعلاجه تقول له: الأفضل أن نستشير جارتنا العجوز.. ونجحت الخطة. وحضر الزوج ولم يعرف كيف يتصرف في علاج زوجته، وكان يحبها. فأحضرا الجارة العجوز التي كشفت على الزوجة وقالت إن علاجها الوحيد هو قلب قرد، إذ كانت قد عرفت أن سبب تأخره عن بيته هو بسبب صداقته مع القرد، وانشغاله في السهر معه.. ورجع الزوج كئيبًا إلى شجرة جوز الهند حيث تقابل مع صديقه القرد. وفي حديثه معه، قال إن له بيتًا في جزيرة عبر النهر جميلة جدًا وطلب من القرد أن يزوره هناك، فقبل منه ذلك. وقفز القرد على ظهر عجل البحر الذي سبح به إلى الجزيرة التي يوجد فيها بيته. وكان عجل البحر كئيبا ومتحيرًا في أمره ومفكرًا: هل يترك زوجته لتموت في مرضها، وعلاجها الوحيد هو قلب قرد؟ أم يخون صديقه الذي يحبه، ويغطس في الماء، ويموت القرد الذي لا يعرف السباحة؟ ولاحظ القرد كآبة عجل البحر وحيرته فكلّمه بصراحة وأن علاج زوجته هو قلب قرد! فأجابه القرد، وقال له: لماذا لم تخبرني بذلك عند الشجرة؟ ذلك لأن لنا عادة نحن القرود إننا إذا زُرنا صديقًا لا نأخذ قلبنا معنا، لئلا نفتن بزوجته. فهلمّ بنا نرجع إلى الشجرة، وصدقه العجل ورجعا. ولما وصلا قفز القرد إلى أعلى الشجرة وقال له: علاجك يا صديقي أن ترجع إلى زوجتك ولا تعود تسهر معي فتتأخر عنها.. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث مقالات متفرقة - نشرت في جريدة أخبار اليوم يوم السبت الموافق 20-01-2007 أمثال شائعة أخرى مع شرح وتعليق 11- كثرة العتاب تفرّق الأحباب: لا مانع من العقاب في بعض الأمور بأسلوب فيه محبة. ولكن إذا كان الإنسان يعاتب على كل صغيرة وكبيرة, مظهرًا في عتابه أخطاء أصدقائه, فربما يتعبون من كثرة نقده لهم ويبتعدون عنه, كما قال الشاعر: إذا كنت في الأمور معاتبًا صديقك لم تلق الذي تعاتبه فعِش واحدًا أو صِل أخاك فإنه مقارف ذنب مرةً ومجانبه إذا أنت لم تشرب مرارًا على القذى ظمئتَ وأي الناس تصفو مشاربه 12- ويقول مثل أخر: من غرْبَلَ الناس نخلوه 13- كل عقدة ولها حلاّل: يُضرب هذا المثل, لكي لا ييأس أحد مهما كانت المشاكل. فلا توجد مشكلة بدون حلّ, بل يوجد من يحلّها. وكذلك كل باب مغلق له مفتاح يمكن أن يفتحه. والإنسان المؤمن يلجأ إلى الله, باعتباره حلال المشاكل.. أو قد ُيضرب المثل في مدح ذكاء من يقدر على حلّ العقدة, أو في النصح باللجوء إلى المتخصصين في حل العقد. ويشبه هذا التغير, مثل آخر يقول: 14- وكل فولة لها كيّال أي كل نوع من الفول, له متخصص في كيله. فليس الكل سواء... ويقرب من نفس المعنى, مثل يقول: 15- ما كل من لبس العمامة يزينها, ولا كل من ركب الحصان خيّال. أي أن المظهر الخارجي لا يدل إطلاقًا على حقيقة الشخص, ولا كل من يشغل وظيفة هامة يمكنه أن يشرفّ هذا المنصب. وكلمة خيالّ معناها من يتقن ركوب الخيل. فليس كل من ركب حصانًا يعتبر فارسا. ويشبهه مثل آخر يقول: 16- ما يجيبها إلا رجالها: أي لا يقوم بالمسئولية, ولا يحل المشكلة, إلا من اتصف بالرجولة. 17- إن فاتتك فرصة, فالتمس غيرها: يُضْرَب هذا المثل تشجيعًا لمن فشل في مرحلة ما, لكي يحاول مرة أخرى ولا ييأس مهما كانت الخسارة. وهو مثل يدعو إلى تجديد القوة, ورفع الروح المعنوية. ويكملّه مثل آخر يقول: 18- الجايات أكثر من الرايحات: أي أنه سوف تجئ فرص ومناسبات أكثر من الفرص التي مضت. فلا تندم على ضياعها. وليكن لك رجاء في المستقبل. 19- يقتل القتيل ويمشى في جنازته يقال عن الذي يتسبب في مشكلة, ثم يأتي ليعزى من أصابته المشكلة, ويواسيه بكلمات طيبة! 20- طلع من حفره, وقع في بير (بئر) أي نجا من مشكلة بسيطة, فوقع في مشكلة أصعب. 21- خبطتين في الرأس توجع أي أن الإنسان قد يحتمل ضربة واحدة. أما إذا كثرت عليه الضربات والمشاكل وفي مناطق موجعة, فإن نفسيته تتعب. وهذا هو ما شكا منه أحد الشعراء فقال: لو كان همًا واحدًا لاحتملته لكنه همُّ وثانٍ وثالثُ وقال آخر عن توالى المتاعب: كم أداوى الجرحَ قلّت حيلتي كلما داويت جرحًا سال جرحُ * وفي توالى المتاعب، ضُرب المثل الآتي: 22- خلّي الميهّ (100) ميّه وأردب: أي أنه إذا وصلت الخسارة إلى مائة أردبًا, فلا يفرق كثيرًا إن كانت 101. ويضرب المثل للمشاكل أو الأخطاء العديدة, إن زادت واحدة... وعن الاغتياب والدسّ في الخفاء, قيل: 23- قُل في وشّه, ولا تغشّه. أي تكلم معه مواجهةً وبكل صراحة, خير من أن تخدعه بكلام معسول, غير ما تبطن. وقيل أيضًا عن مثل هذا المرائي الخدّاع: 24- في الوِش مرايه, وفي القفا سلاّية (أي شوكة). وهذه العبارة تعطى نفس معنى المثل السابق. أي لا تظهر أمام غيرك كأنك مرآة, لك نفس فكره ورأيه, بينما تكون شوكة في ظهره! وقيل عن التأثير الذي يظل باقيًا, مهما ابتعد صاحبه أو صمت: 25- يموت الزمّار وصباعه بيلعب ويضرب هذا المثل للآثار التي تظل باقية, حتى بعد انتهاء خدمة أو مسئولية صاحبها, سواء عن طريق إتباعه و حاشيته أو مؤلفاته. أو عن طريق تدخله الخفي في العمل, بعد تركه مسئوليته فيه. أو يُضرب المثل عن الشخص الذي تتخلص من زمالته, ولكن مؤامراته مازالت تلاحقك. أو يضرب عن الشّر الذي انتهى فعله, ولكن نتائجه مستمرة ولم تنتهِ. 26- الديك الفصيح من البيضة يصيح: أي تظهر شخصيته بمجرد أن يفقس (أي يخرج من البيضة). ويضرب هذا المثل لمن يظهر نبوغه من صغره, أو من تظهر مقدرته بمجرد توليه المسئولية. 27- إيه رماك على المرّ, قال: إللي أمرّ منه أي أن ما دفعه إلى الشدائد, ما هو أشد منها. فاختار أخف الضررين. 28- اللقمة الهنيةّ تكفى ميهّ (100) أي أن القليل, إذا تقاسمه بالمحبة كثيرون, فإنه يكفيهم جميعًا. 29- يعمل من الحبةّ قبةّ يضرب هذا المثل لمن يبالغ في الوصف, أو من يبالغ في المشاكل. 30- طول البال يهدّ الجبال: أي أن الصبر وطول الأناة, يمكّنك من الانتصار على أصعب العوائق, حتى لو كانت في ثقل الجبال. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث مقالات متفرقة - نشرت في جريدة أخبار اليوم يوم السبت الموافق 13-01-2007 أمثال شائعة مع شرح وتعليق أمثال شائعة مع شرح وتعليق ما أكثر الأمثال الشائعة, بعضها بالعامية وبعضها بالشعر. وهى تجرى عند الناس مجرى الحكمة. ولكن ليست كلها سليمة تمامًا, وقد تحتاج إلى تعليق. ونذكر من بينها: 1- امشي على مهلك, علشان توصل بسرعة... ويضرب هذا المثل بوجه خاص لسائقي السيارات الذين بسبب السرعة المتهورة تحدث لهم حوادث غالبًا ما تعطلهم. فلو أنهم تجنبوا تلك السرعة, لأمكنهم تجنب الحوادث ووصلوا بسرعة. ويمكن أن يستخدم هذا المثل للتحذير من كل سرعة ضارة. وينضم إلى هذا المثل مثلان آخران هما: 2- في التأني السلامة, وفي العجلة الندامة. وأيضًا: 3- العجلة من الشيطان: ويضرب هذا المثل بقصد التروي, والتفكير وعدم التسرع. ذلك لأن بعض الأمور التي تعمل بسرعة, لا تأخذ ما يلزمها من الدراسة.. ولكن يجب ملاحظة الفرق بين السرعة والتسرع. التسرع مذموم. ولكن السرعة قد تكون واجبة أحيانًا, كالسرعة في إنقاذ شخص في خطر, وفي إغاثة المحتاج, مثل السرعة في إطفاء حريق أو إنقاذ غريق. كذلك السرعة في أداء الواجب, والسرعة في التوبة قبل أن تمدّ الخطيئة جذورها في أعماق النفس. وأيضًا السرعة في دفع أجرة الأجير لأنه محتاج. وبهذه المناسبة, نذكر أن أحد الشعراء في التأني: قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجلِ الزللُ فردّ عليه شاعر آخر بقوله: وكم أضرّ ببعض الناس بطؤهمو وكان خيرًا لهم لو أنهم عجلو وفى هذا المجال لا ننسى المثل الشائع القائل: 4- كل تأخيرة وفيها ِخيرة (أي خير): ولعل المقصود به التأخير الذي سببه التفكير والتروي أو الانتظار للاستشارة الحكيمة, أو الانتظار لتدبير الوقت المناسب... ولا نستطيع أن نقول إن هذا المثل سليم في كافة الأحوال, فهناك أمور لا يكون التأخير فيها للخير. كالذي يتأخر في علاج مرض, فتزداد خطورته ويصبح غير قادر للعلاج. وأمور كثيرة جدًا يكون التأخير فيها مضرًا, حتى في بعض الأمور المادية. مثل تأخير مشروع, حتى ترتفع الأسعار والأجور فتكون تكاليفه أكثر, ولا يكون التأخير فيه خيرًا. وأيضًا التأخير الذي تضيع به بعض الفرص المتاحة. * نذكر بهذه المناسبة المثل القائل: 5- اضرب الحديد وهو ساخن ذلك لأنه في تلك الحالة يمكن طرقه وتشكيله. أما لو تأخرت حتى يبرد, يصعب ذلك العمل. ويضرب هذا المثل في انتهاز الفرصة المناسبة. وهناك مثل آخر يحتاج إلى تعليق وهو: 6- امشي سنه, ولا تخطى قنه (أي قناة): ويضرب هذا المثل في الحث على البعد عن الأخطار, ولو أدّى الأمر أن يتكلف الإنسان مزيدًا من الوقت والجهد. أي أسلك في الطريق الأكثر أمنًا, ولو كان طويلًا. فلا تختصر المشوار بأن تعبر قناة ربما تسبب غرقك. حتى لو اضطررت أن تمشى سنة. وطبعًا عيب هذا المثل أنه ضد الجرأة و المخاطرة, بزيادة الحرص! وما أسهل أن يعبر الإنسان بدون خوف أو خطر. هناك مثل في الابتعاد عن التحدث في عيوب الناس, وهو: 7- من كان بيته من زجاج, لا يقذف الناس بالحجارة لأنهم لو بادلوه حجرًا بحجر, لا نهدم بيته كله. ويضرب هذا المثل للذي يتكلم عن عيوب الناس وكله عيوب. ولعل المثل مأخوذ من قصة المرأة الخاطئة التي أراد بعض معلمي اليهود أن يرجموها, وهم أيضًا خطاة. فقال لهم السيد المسيح "من كان منكم بلا خطية, فليرمها بأول حجر". * ويشبه هذا المثل قول أحد الشعراء: إذا شئت أن تحيا سليمًا من الذي وحظك موفور وعِرضك ميّنُ لسانك لا تذكر به عورة امرئٍ فكلك عورات وللناس ألسنُ وعينك أن أبدت إليك معايبًا فصنها وقل يا عينُ للناس أعينُ ويشبه هذا الأمر المثل القائل: 8- لا تعايرني ولا أعايرك, دا الهم طايلني وطايلك أي لا داعي لأن تعيب أحدًا على خطأ أنت واقع فيه. أو لا تشمت في مصيبة إنسان, وأنت في نفس الحال. مثل آخر عن إيذاء الآخرين, هو 9- إللي يشدّ ديل قط, يخربشه يضرب هذا المثل عن رد الفعل للإيذاء, فإنه يُقابل بإيذاء مثله. لذلك ينبغي البعد عن التحرش بالغير. * وقيل عن المعاملات السيئة التي تطول وتستمر: 10- مِثل ليالي الشتاء طويلة وباردة ويقال ذلك عن العداوات والعلاقات التي تُتعب ولا تنتهي بسهولة. أو عن التجارب والضيقات التي تستمر زمنًا. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث ميلاد السيد المسيح، فاصل بين زمنين متمايزين أبنائي وإخوتي الأحباء... أهنئكم ببدء عام جديد, وبعيد الميلاد الجديد, راجيًا لكم جميعًا, ولكل شعب مصر الذي باركه الرب, أيامًا سعيدة هانئة, مملوءة من عمل نعمته. إن العالم بميلاد السيد المسيح, قد بدأ عصرًا جديدًا, يختلف كلية عما سبقته من عصور. وأصبح هذا الميلاد المجيد, فاصلًا بين زمنين متمايزين: ما قبل الميلاد, وما بعد الميلاد. فما هي هذه الجدة التي أعطت العالم صورة جديدة ما كانت له من قبل؟ أو ما هو ذلك التجديد الذي قدمته المسيحية, حتى قيل في الإنجيل "الأشياء العتيقة قد مضت, هوذا الكل قد صار جديدًا"؟ لقد قدم السيد المسيح مفهومًا جديدًا للحياة, وتعبيرات جديدة لم تكن مستعملة من قبل, ومعاني روحية عميقة لجميع المدركات, حتى بهت سامعوه من كلامه, وصاحوا قائلين "ما سمعنا كلامًا قط مثل هذا"... جاء السيد المسيح ينشر الحب بين الناس, وبين الناس والله. يقدم الله للناس أبًا, لا يعاملهم كالعبيد وإنما كأبناء, ويصلون إليه قائلين "أبانا الذي في السموات". وفى الحرص على محبته, يفعل الناس وصاياه, لا خوفًا من عقوبته, وإنما حبًا للخير. وفي هذا قالت المسيحية : "الله محبة. من يثبت في المحبة, يثبت في الله, والله فيه", "لا خوف في المحبة. بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج". وهكذا قال السيد المسيح إن جميع الوصايا تتركز في واحدة. وهى المحبة: تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك, وتحب قريبك كنفسك. بهذا يتعلق الناموس كله والأنبياء. وأدخل المسيح تعليمًا جديدًا في المحبة, وهو محبة الأعداء والمسيئين. فقال "أحبوا أعدائكم, باركوا لاعنيكم, أحسنوا إلى مبغضيكم, وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم". وترى المسيحية في هذا, أن رد الإساءة بالإساءة, والاعتداء بالاعتداء, معناه أن الشر قد أنتصر, بينما تعليم الكتاب هو "لا يغلبنك الشر, بل اغلب الشر بالخير" , "إن جاع عدوك فأطعمه, وإن عطش فاسقه". ويجب أن تنتصر المحبة, لأن "المحبة لا تسقط أبدًا" , "مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة"... إن عبارة "الله محبة", عبارة جديدة على العالم, الذي ما كان يعرف سوى الله الجبار المُخيف الذي يخشى الناس سطوته ويترضونه بالذبائح وألوان العبادات... وعبارة "محبة الأعداء", هي عبارة جديدة في المعاملات الإنسانية, بهت العالم لسماعها من فم المسيح... وفى المحبة, جاء المسيح أيضًا ببشارة السلام... سلام بين الناس, وسلام بين الإنسان والله, وسلام في أعماق النفس من الداخل. سلام من الله يفوق كل عقل. ولما ولد المسيح غنَّت الملائكة "وعلى الأرض سلام". لأنه جاء ليقيم صلحًا بين السماء والأرض, بين الله والناس, بعد أن كانت الخطيئة تقيم حاجزًا بين الإنسان والله... وهذا الصلح أراده على الدوام أن يستمر في العلاقات الإنسانية. فقال "إن قدمت قربانك فوق المذبح, وهناك تذكرت أن لأخيك شيئًا عليك, فاترك قربانك قدام الذبح, واذهب أولًا اصطلح مع أخيك". ذلك لأن الصلح أفضل من تقديم القرابين. ويقول الكتاب "أريد رحمة لا ذبيحة". وهكذا قال المسيح أيضًا "كن مراضيًا لخصمك سريعًا, مادمت معه في الطريق". وقال أيضًا "من أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك, فاترك له الرداء أيضًا"... وأراد السيد المسيح أن ينتشر السلام بين الناس, فقال لتلاميذه "وأي بلد دخلتموه, فقولوا سلام لأهل هذا البيت", "وصية جديدة أنا أعطيكم, أن تحبوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم", "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي, إن كان لكم حب بعضكم نحو بعض"... وفى سبيل السلام, دعت المسيحية الناس, أن يكونوا "مقدمين بعضهم بعضًا في الكرامة"... لأن المحبة يمكن أن تثبت عن طريق التواضع وإنكار الذات واحتمال الآخرين. ولهذا قال السيد المسيح "من أراد أن يتبعني, فلينكر ذاته, ويحمل صليبه ويتبعني". وعبارة [إنكار الذات] عبارة جديدة قدمتها المسيحية إلى العالم. وقبل ذلك كانت (الذات) صنمًا يتعبد له صاحبه, ويحب أن يكبر ويتمجد... المسيحية دعت إلى أن ينسى الإنسان نفسه, في محبته لأخيه. إنها المحبة الباذلة التي تعطى باستمرار, وتبذل حتى نفسها. وباستمرار تأخذ "المتكأ الأخير", وتحتمل الكل لكي تربح الكل... مصدر المقال: موقع الأنبا تكلاهيمانوت. إنها المحبة التي تختفي لكي يظهر غيرها... المحبة التي تقول "ينبغي أن ذاك يزيد, وإني أنا أنقص". المحبة التي تقول لله "ليس لنا يا رب, ليس لنا, لكن لاسمك القدوس أعط مجدًا"... إنه التواضع في التعامل مع الناس ومع الله. الذات التي تختفي, ولا تعلن عن نفسها, بل تفعل الفضيلة في الخفاء, والآب السماوي الذي يرى في الخفاء, هو يجازيها علانية. ومن هنا كان تعليم المسيحية "من سعى وراء الكرامة, هربت منه. ومن هرب منها بمعرفة, سعت وراءه"... وهكذا يقول السيد المسيح تعليمًا جديدًا على أسماع الناس "من وجد نفسه يضيعها. ومن أضاع نفسه من أجلى يجدها". ووضع المسيح مقاييس جديدة للقوة. فالقوة ليست مظهرًا خارجيًا للقهر والانتصار على الغير, إنما القوة هي شيء داخلي, في أعماق النفس, للانتصار على الذات. فالذي يغلب نفسه خير ممن يغلب مدينة. وفى المسيحية, ليست القوة هي أن نقهر الآخرين, إنما أن نربحهم ونحتملهم. فالذي يحتمل غيره هو القوى. أما المعتدى فهو الضعيف. ولهذا يقول الكتاب "أطلب إليكم أيها الأقوياء أن تحتملوا ضعف الضعفاء". إن المعتدى ضعيف لأنه مغلوب من خطيئته, مغلوب من العنف, ومن عدم محبته للآخرين, مهما بدا قويًا من الخارج. أما الذي يحتمل فهو قوى, قوى في ضبطه لنفسه, قوى في عدم انتقامه لنفسه... يعوزني الوقت يا إخوتي إن حدثتكم عن كل المبادئ الروحية الجديدة التي عرفها العالم بميلاد المسيح. إنما يكفى أن نقول أن عصر ما بعد الميلاد كان جديدًا تمامًا في مفاهيمه. حتى شرائع الله السامية التي قدمها الله في العهد القديم, ما كان الناس يفهمونها إذ كان البرقع على عيونهم وقلوبهم وعقولهم, حتى كشف المسيح لهم ما في الشريعة من جمال وسمو... له المجد من الآن وإلى الأبد آمين. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث العيد والفقراء أحب أولًا أن أهنئ أخوتي المسلمين بعيد الأضحى المبارك, الذي يتذكرون فيه كيف كان أبونا إبراهيم -أبو الآباء والأنبياء- مستعدًا أن يقدم ابنه ضحية للرب طاعةً لأمره, إذ كانت محبته لله أقوى عنده من محبته لابنه فلذة كبده. ومعطيًا لكل الأجيال أمثولة عجيبة وقدوة لا مثيل لها في التضحية وفي طاعة الله. إنه درس عميق لنا ليتنا نتمثل به في العطاء والتضحية والبذل... وإن كنا لسنا في مجال الظروف التي نتمثل فيها بأبينا إبراهيم, فعلى الأقل علينا أن نفعل ما نستطيعه في مجال التضحية ونبذل أفضل ما لدينا في ذكرى ما فعله أبونا إبراهيم... وكمثال لذلك نضحي بجزء من متعتنا ومن مالنا, لأجل أخوتنا الفقراء, الذين من حقهم أن يفرحوا هم أيضًا بالعيد كما يفرح به باقي الناس.. ولو بنسبة أقل... نشركهم في بهجة العيد وفي متعته, وفي طعامه أيضًا, فيشعرون عمليًا أنهم في يوم عيد. ولا نتركهم يقارنون بين بؤسهم وثراء غيرهم, حتى لا يطغى عليهم إحساس بالإحباط وبالحزن في مناسبة سعيدة! وإشفاقنا عليهم في يوم العيد, سيجعلنا نتابع هذا الإشفاق باستمرار, وبطريقة عملية تخفف من ضيقاتهم... وحينما أذكر الفقراء, إنما اذكر معهم المحتاجين والمعوزين. وأكثر من الكل: المعَدمين.. وكل هذه الأسماء الأربعة تحتاج إلى رعاية وعناية, وإلى قلب عطوف ويدٍ سخية. فالفقراء هم الذين يعيشون في مستوى مالي واجتماعي أقل من العادي, ومع ذلك هم يكفون أنفسهم بالقليل الذي عندهم, في فاقة ولكن في اكتفاء, ويدبرون أنفسهم في ضيق وفي ضغط على مصروفاتهم... أما المحتاجون فهم فقراء ولا يجدون الكفاية مطلقًا, وهم في عوز إلى ضروريات الحياة. إما بصفة عامة في كل أيامهم, أو في ظروف خاصة. فمهما اكتفى الواحد منهم بإيراده الضعيف, فإنه يصبح محتاجًا في حالة زواج ابنته, أو في حالة مرضه أو مرض أحد من أسرته, أو في دفع المصروفات الدراسية لواحد من أبنائه... وما أشبه من الحالات التي يصبح فيها محتاجًا أيًا كان راتبه الشهري. وهنا يضطر إلى الاستدانة. ولا يستطيع أن يسدد ما عليه. ويأتي الوقت الذي يرفض فيه أي إنسان أن يقرضه. وقد يضطر إلى كتابة شيكات عليه بدون أي رصيد, أو يكتب إيصالات أمانة. وما ينتظره في ذلك من مشكلات... ما حال مثل هؤلاء في يوم العيد. وحاجيات العيد تزيدهم فقرًا على فقر, وعوز على عوز! فإما لا يحتفلون بالعيد, أو يستدينون في خزي. وإما أن يشفق عليهم الأغنياء بطريقة ما...! أما المعدمون فهم الذين لا إيراد لهم على الإطلاق. وقد يدخل في نطاق هؤلاء: من شردتهم البطالة بلا عمل, وصاروا عالة على غيرهم وثقلًا على أسراتهم الفقيرة... فماذا يفعل هؤلاء أيضًا في أيام العيد؟! أتصير أيام بؤس لهم أكثر من غيرها؟! هل ينتهي بهم الأمر إلى موائد الرحمن؟! ثم أليسوا هم في حاجة إلى هذه الموائد كل أيام حياتهم ؟! هناك نوعان آخران من عائلات المحتاجين: إحداهما الأُسر المستورة, التي تحيا في فقر, ولكنها تخجل من أن تعلن عن فقرها, ولا تحب أن يعرف شيئًا عن عوزها... مفضلة أن تحتمل العوز في صمت... هذه يمرّ عليها العيد دون أن تعلن حاجتها فيه, والله يعلم كيف تقضيه! * والنوع الثاني من الأسرات المحتاجة, هي الأسر التي لا تستطيع الإنفاق على أبنائها الصغار, فتطلقهم مشردين في الطرقات, وهم الذين تُطلق عليهم عبارة (أولاد الشوارع). وقد اهتمت الصحافة بالنشر عنهم في هذه الأيام, وقالت أن عددهم قد يصل أحيانا إلى مليونين! ما مصير هؤلاء أيضًا في يوم العيد, كما في باقي الأيام؟ هل يضطرون إلى التسول, أم إلى الجريمة؟ أم تستخدمهم بعض العصابات؟! هناك طائفة أخرى من الفقراء هي (أبناء وبنات الملاجئ). وهؤلاء هم أسعد حالًا عن غيرهم, إذ توجد جمعيات خيرية تهتم بهم, كما تشرف على رعايتهم وزارة الخدمة الاجتماعية أيضًا... ولكنهم في يوم العيد يحتاجون إلى عناية من نوع آخر. فهم يحتاجون إلى الحنان والحب, وإلى الجو العائلي, وشعورهم باحترامهم لأنفسهم واحترام الآخرين لهم. ويحتاجون إلى أن تتنوع ملابسهم. فلا يكون لهم جميعًا زى واحد يميزهم, حتى يقول البعض عنهم "هؤلاء هم أولاد الملجأ"! مما يؤثر على نفسيتهم وبخاصة الكبار منهم.. ويحتاجون أيضًا إلى هدايا في يوم العيد, حتى يتميز عندهم على باقي الأيام... طائفة من نوع آخر تحتاج إلى عناية في الأعياد, وهى طائفة المعوقين وأصحاب العاهات, وبخاصة من هم من المعوقين عقليًا... وتوجد حاليًا هيئات خيّرة تهتم بأمثال هؤلاء وأولئك. هذا من جهة حياتهم بصفة عامة. غير أنهم في الأعياد يحتاجون في إلى عناية ذات خاص, ممن تشاء أريحيتهم أن يتفرغوا لهؤلاء في يوم العيد, ولا ينسوهم باهتمامات عائلية... يعوزهم في يوم العيد أنهم موضع اهتمام الغير, وأن ما يقاسونه من إعاقة, لم تتسبب في إعاقة المشرفين عليهم والمحبين لهم عن العناية بهم أيضًا. هم في حاجة إلى إشباع نفسي... إن يوم العيد ينبغي أن يكون يوم فرح للجميع, لا يُغفل فيه عن أحد, فيستوي في الفرح: الفقير والمحتاج والمعوز والمُعدم. وأيضًا أبناء الملاجئ, وأطفال الشوارع, وكل المعاقين. كذلك الاهتمام بالذين في السجون في زيارتهم وتقديم لهم بعض ما يحتاجون إليه. وبالأكثر الاهتمام أيضًا بأسراتهم. ربما كان السجين -قبل سجنه- هو العائل الوحيد لأسرته. فلما دخل السجن أصبحت الأسرة بلا عائل, ويلزم لها من يتكفل بإعالتها وبرعايتها وحمايتها في الظروف القاسية التي صارت تعيشها بعد سجن عائلها... ففي يوم العيد لا يليق أن كل إنسان يهتم بذاته فقط, كيف يتمتع بهذا اليوم, دون الالتفات إلى غيره ممن يحتاجون. فإن كان لا يستطيع أن يعتني بأولئك مباشرة, فليهتم بهم بطريق غير مباشر بتوسط غيره في القيام بهذه المهمة... وليجعله الله عيدًا سعيدًا على الكل. فإن الله ذاته يهتم بالجميع, ويأمرنا أن نقوم بهذا الواجب. وكل عام وجميعكم بخير, ومصر جميعها بخير. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث الفضيلة: تعريفات ومستويات تعريفات ما أكثر الأسماء أو الصفات التي نطلقها على الفضيلة. وهى في مجموعها تعطينا فكرة عن كنه الفضيلة وتفاصيلها وطريقة السلوك فيها.. وسنحاول أن نذكر هنا بعضًا من هذه التعريفات: 1- الفضيلة هي محبة الخير: إنها ليست في مجرد عمل الخير, إنما بالأكثر في محبة الخير. ذلك لأن الفضيلة التي تمارس من الخارج فقط, وليست صادرة من القلب, قد تكون رياءً. أو أن البعض يعملون الخير خوفًا من انتقاد الناس, أو خوفًا من عقوبة المجتمع أو عقوبة القانون, أو يفعلون ذلك خجلًا, أو من أجل المنفعة, أو لمجرد كسب مديح الآخر وليست حبًا في الخير ولا حبًا في الغير, أو رغبة في نوال مكافأة, أو مجاراة لتيار معين, أو تقليدًا لغيرهم. كل ذلك بغير اقتناع من الداخل, وبغير رغبة! وربما يفعل الشخص ذلك وهو محرَج, لا يستطيع أن يمتنع أو يقول لا!! وعمل الخير لشيء من هذه الأسباب لا يمكن أن يُحسب فضيلة... الفضيلة هي إذن حب الخير, حتى لو كان الإنسان لا يستطيع أن يفعله لسبب خارج عن إرادته, لوجود موانع تمنع التنفيذ عمليًا... ولكن إن وُجدت إمكانية لعمل الخير, فلابد أن يعمله. لأنه حينذاك تجتمع نية القلب مع العمل والإرادة, لأن النية وحدها لا تفيد الآخرين.. فالفضيلة تبدأ في داخل القلب, وتنبع منه, في المشاعر والنيات والأحاسيس. ويكون عمل الخير هو التعبير عما في القلب من مشاعر طيبة.. 2- الفضيلة هي السلوك الفاضل إنها تبدأ في الداخل, في القلب والفكر والروح. ولكنها تظهر في الخارج عن طريق الممارسة العملية. فالحب مثلًا هو فضيلة في القلب, ولكن لابد أن يتحول إلى عمل محبة في الخارج. فلا نحب بالكلام ولا باللسان, بل بالعمل والحق. هنا تظهر المحبة عن طريق العطاء والبذل والتضحية... فضيلتك التي في فكرك لا يشعر بها أحد. ولكنك تعبر عنها بعملك. وكذلك محبتك لابنك التي في داخل قلبك, تعبر عنها بالعطايا والاهتمام وبالحنو. وأيضًا لا يكفى أن تقول إن محبتك لله هي في قلبك, بل تعبر عنها بطاعتك لوصاياه. وبالمثل: خشوع العابد في داخل قلبه, يعبر عنه بخشوع الجسد من الخارج. بالسجود والركوع في الصلاة. وحفظ الجسد أثناءها من طياشة الفكر والحواس. وبهذا يشترك الجسد مع الروح. وتكون الفضيلة من الداخل والخارج معًا.. إن حياة الشجرة في داخلها. ولكنها تعبر عن وجود الحياة فيها بالخضرة وبالزهر والثمر. ونحن نريد الفضيلة المثمرة, بالعمل الصالح, بالكلمة الطيبة, بالسلوك الحسن, بالمحبة العملية, بالقدوة المؤثرة في الغير... 3- الفضيلة هي في الشخصية المتكاملة: بحيث لا يوجد في من يمارسها أي نقص في سلوكه. وهذا واضح عمليًا: فإن سلك في فضيلة ما, لابد ستقوده إلى فضائل أخرى كثيرة. كما أنه أذا فقد إحدى الفضائل, ما أسهل أن يجره السقوط إلى فضائل أخرى عديدة.. إنها سلسلة مترابطة إن انفك عقد أحدها, انفرط الباقي أيضًا... فطالب العلم الذي يهمه مستقبله, يقوده هذا إلى الاجتهاد والعمل على التفوق. وهذا الاجتهاد يحثه على البعد عن اللهو. والبعد عن اللهو يبعده أيضًا عن أصدقاء السوء. والبعد عنهم ينجيه من القدوة السيئة. وهذا أيضًا يساعده على حياة الفضيلة... وهكذا تتعاون الفضائل معًا, ويؤدى بعضها إلى البعض الآخر. وبالمثل فإن الخطية تجر إلى خطايا أخرى. 4- الفضيلة وضع متوسط بين رذيلتين: أو هي وضع متكامل بين نقصين. ومن أمثلة ذلك: الشجاعة هي الوضع المتوسط بين الخوف والتهور.. والتربية السليمة هي الوضع المتوسط بين التدليل والقسوة والتدبير الحسن لما تملكه هو الوضع المتوسط بين البخل والتبذير.. ويمكننا أن نذكر أمثلة عديدة لهذا الوضع المتوسط.. مستويات * فيوجد نوعان من الفضيلة: وذلك من الناحية السلبية, والناحية الإيجابية. فالناحية السلبية هي مقاومة الخطيئة ورفضها. أما من جهة الناحية الإيجابية فهي عمل الخير. وليست الفضيلة هي فقط البعد عن الخطيئة, إنما يجب الارتفاع عن المستوى السلبي, وذلك إيجابيًا بالسلوك في حياة البر: لا يكفى فقط إنك لا تكره إنسانًا, إنما يجب أن تحب الكل... لا يكفى أن تمتنع عن اللفظ بأية كلمة خاطئة, إنما يجب أيضًا أن تقول كلامًا للبنيان ينفع الآخرين. ولذلك فإن الفضيلة ليست فقط أنك لا تضر الناس, إنما هي بالأكثر أن تعينهم بقدر إمكانك, وتعمل على راحتهم أو إسعادهم.. * ومستويات الفضيلة تشمل الحسّ، والفكر, والقلب, والعمل فهناك المستوى الجسدي للفضيلة, والمستوى النفسي, والمستوى الروحي... وعلى الإنسان أن يحفظ نفسه في كل مستوى, ويحترس من السقوط في غيره فمثلًا الحواس هي أبواب الفكر, وما تراه أو تسمعه أو تلمسه, قد يجلب لك أفكارًا. فلكي تحفظ فكرك, أحفظ حواسك. وإن أخطأت بالحواس, لا تجعل الخطأ يتطور إلى فكرك. وإن وصل الخطأ إلى الفكر, اطرده بسرعة, وحذار أن تجعله يتحول إلى مشاعر في قلبك. وإن تحوّل إلى مشاعر, لا تجعله يتطور إلى العمل بالضغط على إرادتك... واعلم أن جميع المستويات تتجاوب مع بعضها البعض. وقد يصير الواحد منها سببًا ونتيجة... فخطأ القلب يسبب خطأ الفكر. كما أن خطأ الفكر يسبب مشاعر للقلب. وربما الاثنان يدفعان إلى العمل. وكذلك المشاعر والعمل يقودان إلى خطأ الحواس. إنها دائرة متصلة. أية نقطة فيها توصل إلى باقي النقاط وكما في الشر, كذلك في الخير: تتعاون كل المستويات معًا... على أن أعلى مستوى في الفضيلة هو السعي إلى الكمال. إن الذي يسلك في الفضيلة, يودى أن ينمو فيها. ويستمر في النمو حتى يصل إلى الكمال الممكن له كإنسان. وأعني الكمال النسبي, نسبة إلى ما عنده من إمكانيات, وما يُوهب له من عمل النعمة فيه... والسعي إلى الكمال يحتاج إلى التدرج. والآباء الروحيون كثيرًا ما كانوا يدربون أولادهم في نطاق هذا التدرج. لأن الطفرات السريعة في الفضيلة قد تؤدى إلى ارتفاع القلب والكبرياء، وأحيانًا تكون لها نتائج عكسية. لكن القادة الروحيين كانوا يعملون على تثبيت أبنائهم في كل خطوة يخطونها. حتى إذا ما صارت شبه طبيعة عندهم, يتدرجون منها إلى خطوة أعلى, ولا يصبحون في خطر من أية نكسة ترجعهم إلى الوراء... أما إذا أرادت نعمة الله أن ترفع الإنسان إلى فوق مرة واحدة, فهذه هبة إلهية غير عادية. والسعي إلى الكمال يحتاج إلى جهاد: لأنه كما أن نعمة الله تساعد الإنسان على الارتفاع إلى فوق, فإن قوى الشر لا تريد أن تتركه في راحة, إنما تحاول أن تجذبه إلى أسفل. ومن هنا كانت محاولة الوصول إلى الكمال الروحي, هي صراع ضد الخطية وضد العقبات الروحية. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث ما هي الفضيلة؟ وما مصادرها؟ ما هي الفضيلة ؟ وما معنى عبارة "إنسان فاضل" ؟ الفضيلة قد تعنى البر والنقاوة. والإنسان الفاضل هو الإنسان الخيّر، البار، الذي يحب الخير ويفعله... وقد تعنى الفضيلة أيضًا قوة في النفس، تمكّنها من الانتصار على كل نوازع الشر وإغراءاته، وتسير في طرق الله... وربما تعنى الفضيلة: الارتفاع فوق مستوى الذات: بحيث يخرج الإنسان من التركيز على نفسه فقط، إلى الاهتمام بالآخرين. والى محبة الله والناس. نقول هذا لأن الخطيئة كثيرًا ما تكون انحصارًا حول الذات. حيث يريد الإنسان أن يرفع ذاته ، ويُشبع رغبات ذاته ويمتعها.. والفضيلة هي أيضًا ارتفاع فوق مستوى اللذة: لأن غالبية الخطايا قد تكون مصحوبة بلذة حسية، أو لذة نفسية. فتدور حول ملاذ الجسد أو الفكر أو النفس، وتصبح لونًا من إشباع الذات، وبطريقة خاطئة. فالذي يحب المال أو المقتنيات، إنما يجد لذة في المال وفي المقتنيات. وكذلك من يحب الزينة أو الطعام، ومن يحب المناصب والشهرة، إنما يجد لذة في كل هذا... ومن يحب الجسد يجد لذته في الجسد. ومن ينتقم لنفسه يجد لذة في الانتقام... الخطيئة إذن هي سعى وراء اللذة، أما الفضيلة فهي ارتفاع فوق مستوى اللذة حتى تجد إشباعًا لها في السعادة الروحية . والسعادة غير اللذة، وكذلك الفرح غير اللذة. اللذة غالبًا ترتبط بالحسّ ، بالجسد والمادة. أما السعادة والفرح فيرتبطان بالروح. ولذلك فالفضيلة إذن تكون ارتفاعًا فوق الخضوع للمادة. مصادر الفضيلة: 1- المصدر الأول للفضيلة هو الحفاظ على المبادئ والقيم. فالإنسان الروحي المتمسك بالمبادئ والقيم، يمكنه أن يحيا حياة الفضيلة، لأن القيم التي يؤمن بها تحصنه فلا يستطيع أن يخطئ مهما حورب بالخطية، مثال ذلك يوسف الصديق .أما الإنسان الخاطئ فلا قيم عنده. والفضائل ليست لها قيمة حقيقية في نظره.إنه يكذب مثلًا، لأن الصدق لا قيمة له في نظره. وبسبب ضياع القيم، يقع في الاستهتار واللامبالاة. فلا الواجبات لها قيمة، ولا النظام العام، ولا القانون ولا التقاليد. فهو لا يعبأ بشيء منها. 2- من مصادر الفضيلة أيضًا: قوة الإرادة والعزيمة: فقد لا يستطيع أن يسلك في الفضيلة، لأنه مغلوب من نفسه. فمهما أحب الخير، لا يفعله لأنه ضعيف الإرادة. وبسبب الضعف يقع في الخطية لأنه لا يستطيع أن يقاومها. والوقوع في الخطية يؤدى إلى مزيد من الضعف. ولهذا فإن كثيرين- لكي يحيوا في الفضيلة- يسلكون في تداريب روحية لتقوية إرادتهم. لذلك نقول عن الإنسان الفاضل إنه إنسان قوى.. قوى في الروح، وفي الفكر، وفي العزيمة والتنفيذ. إنه قوى في الانتصار على النزعات الداخلية، وقوى في الانتصار على الحروب الخارجية. أما الذي تستعبده عادة رديئة، فهو ضعيف. والذي لا يستطيع أن يتحكم في لسانه، ولا في أعصابه، ولا في فكره، هو إنسان ضعيف. وبسبب هذا الضعف يبعد عن الفضيلة. وحتى إن تاب عن الخطية يرجع إليها مرة أخرى.. 3- ومن مصادر الفضيلة، الحكمة والمعرفة. وهى المعرفة التي تميز بدقة بين الخير والشر، وبين اللائق وغير اللائق... والحكيم يسلك بالضرورة في حياة الفضيلة، بينما نصف الخاطئ بأنه جاهل مهما كان من العلماء! إنه جاهل بطبيعة الخير والشر وجاهل بمصيره الأبدي، وجاهل بما تجلبه الخطية من نتائج سيئة. جاهل لا يعرف خيره من شره، ولا نفعه من ضره. وبالمثل نقول عن الملحد إنه إنسان جاهل حتى لو كان من الفلاسفة! ولا نقصد بكلمة (جاهل) المعنى السطحي للكلمة التي تعنى إنه لم يتعلم في مدارس أو على أيدي أساتذة. إنما هو جاهل من جهة الحكمة الإلهية، وجاهل من جهة المعرفة الحقيقية. وهو يحتاج إلى توعية وإرشاد. وكلما يتعمق الإنسان في الحكمة، فعلى هذا القدر يتعمق في فهم الأمور، ويعرف ما ينبغي أن يفعل... 4- ولعل من أهم مصادر الفضيلة: مخافة الله فالإنسان الذي توجد مخافة الله في قلبه، لا يمكن أن يخطئ. وكما قيل في المزمور"رأس الحكمة مخافة الله". إن الإنسان الروحي يخاف أن يكسر وصايا الله ويخاف من اليوم الذي يقف فيه أمام الديان العادل. إنه يخاف من العقوبة، ويخاف أن يفقد نقاوته وطهره. ويخاف أيضًا على سمعته، ويخاف من أن يكون عثرة لغيره. وهو أيضًا يبعد عن الخطية حتى بالفكر وبالنية، لأنه يخاف الله الفاحص القلوب والعارف بالنيات. وبالمخافة يسلك في طريق الفضيلة، وبممارسة الفضيلة يحبها. وهكذا يسلك فيها عن حب وليس لمجرد الخوف... 5- من مصادر الفضيلة أيضًا: الجهاد الروحي. فالحياة الفضلى على نوعين: نوع يولد الإنسان بها، كما يقول المثل العامي"مالك متربي؟ قال من عند ربي". وقد يرث الفضيلة والطبع الهادئ الطيب عن والديه، أو بالتربية السليمة والقدوة الحسنة. أما النوع الآخر من الفضيلة، فهو ما يجاهد الإنسان لكي يصل إليه.. وحتى الذين يولد بالفضيلة، يحتاج إلى جهاد لكي يحافظ عليها... ذلك لأن الشيطان عدو الخير لا يشاء أن يتركه في راحة، بل يحاربه محاولًا أن يفقده في فضائله. لهذا يلزم للإنسان أن يجاهد لكي يصمد أمام حروب العدو، ولكي يثبت في الخير ولا يتزعزع... أيضًا يجاهد لكي يصل إلى أكمل مستوى في حياة الفضيلة. هنا الجهاد للنمو في عمل الخير، وليس لمجرد مقاومة الخطيئة.. 6- من مصادر الفضيلة أيضًا: النعمة الإلهية.. فمهما جاهد الإنسان، قد يفشل إن لم تساعده نعمة الله وتقويه. على أنه يجب عليه أن يتجاوب من عمل النعمة. وبهذا يثبت نيته الطيبة في محبة الخير. والاعتماد على نعمة الله لا يعني تكاسلنا وتراخينا... 7- من مصادر الفضيلة أيضًا الضمير الحي. وكما قال أحد الحكماء: إن الفضيلة بطبيعتها مغروسة فينا. وبهذا تكون الخطية هي مقاومة هذا الغرس الإلهي، أي الضمير الذي يدعو إلى الخير، ويبكت على الشر. إنه يمثل الشريعة الطبيعية، غير المكتوبة التي تبكتنا إن بعدنا عن الفضيلة. لذلك نجد أن الذي يخطئ، يشعر بالخجل والخوف والارتباك، طالما كان ضميره حيًا: هذا إذا ارتكب إثمًا لا توافق عليه القيم المغروسة فينا بالفطرة. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث أسباب السقوط في الفكر؟ توجد أسباب عديدة تساعد على السقوط بالفكر، نذكر من بينها: الفراغ، والاسترخاء، والضعف الروحي، والاستسلام، ومحبة الحكايات، والشهوة أو الرغبة... 1- حالة الفراغ: فإن حورب أي شخص بفكر خاطئ، وبقى في حالة فراغ واسترخاء، فلابد أن يشتد الفكر عليه، وقد يقوى على إسقاطه. لأنه في حالة الفراغ ينفرد الفكر بالإنسان، وهو بلا مقاومة ولا دفاع... وقد قيل في بعض الأمثال "عقل الكسلان معمل للشيطان". وهكذا يأخذ الفكر معه ويعطى... لذلك أحترس في وقت فراغك من الأفكار التي تأتي إليك. والأفضل أنك لا تترك فكرك في حالة فراغ. فالعقل- من طبيعته- أنه دائمًا يعمل. وهو في انشغال مستمر، إما بأمور هامة، أو بأمور تافهة. ولكنه لا يتوقف.. 2-الاسترخاء: في حالة الاسترخاء، قد يفكر العقل في أي موضوع، وربما يعبر على عديد من القصص والأخبار والأفكار. وهنا قد يستغل عدو الخير استرخاءه، فيلقى إليه بفكر خطية أو بفكر يؤول إلى خطية، دون أن يشعر... فينبغي أن يكون الإنسان في يقظة روحية، ويطرد هذا الفكر الخاطئ بسرعة، قبل أن يستقر ويستمر. ويحس في حالة الاسترخاء، أن يشغل الإنسان نفسه بفكر هادئ بسيط لا يقود إلى خطية... والاسترخاء هدفه إراحة الأعصاب، وليس إلقاء النفس إلى الأفكار. 3- حالة الضعف الروحي: في حالة الضعف الروحي، لا يقدر العقل على مقاومة الفكر الخاطئ، فيستسلم له! لذلك إن وجد الإنسان نفسه في هذا الضعف الروحي، عليه أن يهتم بنفسه بالأكثر، ويكون في حالة حرص شديد، ويراقب أفكاره بكل دقة. وفي نفس الوقت يحاول أن يقوي ذاته من ضعفها، بأن يقدم لها كافة الأغذية الروحية التي تساعدها على طرد الأفكار الخاطئة... لهذا كله، احترس جدًا من حالات الضعف الروحي، وأهرب أثناءها من كل مسيبات العثرات والأفكار.. 4- الاستسلام للفكر: مهما كنت ضعيفًا، لا تستسلم إلى الفكر الخاطئ. بل اثبت في قتالك مع عدو الخير، إلى أن تأتيك قوة من فوق لكي تنتشلك مما أنت فيه... بعمل النعمة من أجلك... والضعف الروحي ليس هو حجة للسقوط، إنما هو حجة لطلب المعونة التي بها تقاوم الشيطان وأفكاره.. 5- محبة الحكايات الخاطئة: لا تكن محبًا لتأليف قصص خاطئة في ذهنك، تحاول بها أن تشبع رغبات خاطئة داخل نفسك! وهنا تكون الخطية في داخلك، نابعة منك! وكثيرون من هواة إشباع أنفسهم بلذة الحكايات الآثمة: إما أنهم يبدأون بها، أو أن الشيطان يلقى إليهم بفكر، فيؤلفون حوله حكايات طويلة لا تنتهي! وتكون أمثال هذه الأفكار هي عمل إرادي لإشباع ما في نفس من رغبات أو شهوات، تتمثل أحيانًا في أفكار انتقام، أو عظمة، أو زنا أو أحلام يقظة، وما إلى ذلك.. بداية الفكر الخاطئ: 1- إن فكر الخطية قد لا يبدأ بخطية! لأنه لو بدأ هكذا، يكون قد كشف عن نفسه. وعندئذ يهرب منه القلب النقي، أو يطرده، أو يقاومه بكل السبل حتى لا يثبت.. إنه قد يبدأ بصورة خداعية. مثال ذلك بالعطف على الساقطين ومحاولة إنقاذهم. وهنا يستعرض نوعية السقوط ودرجته وأسبابه وقصصه. وربما ينفعل بكل ذلك انفعالًا ألهيًا، فيسقط فكريًا في نفس الأمر! لذلك ليس كل إنسان يصلح في العمل على إنقاذ الآخرين، ولا في ميدان الإصلاح... 2- والفكر الخاطئ قد يبدأ ضعيفًا! بحيث يُخَيَّل إليك أنك تستطيع بسهولة أن تنتصر عليه... ولكنك كلما تستبقيه داخلك، وكلما تأخذ وتعطى معه... يثبت هو أقدامه ويقوى عليك، لأنك مكنته من وضع اليد على أرض مقدسة في داخل نفسك. كما أنك -باستبقائك للفكر- قد أشعرته بأنك تريده، إذن فأنت عاجز من طرده! كذلك في استبقائه، يكثر إلحاحه عليك، وضغطه على مشاعرك وحينئذ قد تضعف أمامه، لأنك لم تعد في قوتك الأولى التي كانت لك في بداية الفكر، ولم يعد هو في ضعفه الذي بدأ به! فتصبح الحرب غير متوازنة، وتحتاج إلى مجهود أكبر للسيطرة عليها! نقطة أخرى في سيطرة الفكر عليك بعد أن كان ضعيفًا، وهى أنك تخون الرب باستبقائك فكر الخطية. وبسبب هذه الخيانة، تتخلى عنك النعمة التي كانت مصدر قوتك، فيسهل بهذا سقوطك... وهناك سبب آخر في تخلي النعمة عنك، هو أنه ربما كان في داخلك لون من الكبرياء والشعور بالذات يقنعك انك أقوى من الفكر، وأنك تستطيع طرده في أية لحظة أردت! لذلك تتركك النعمة، لتشعر بضعفك، فتهرب في المستقبل بسرعة من أي فكر خاطئ يحاربك، وتصلي طالبًا من الرب معونة. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث الأفكار الخاطئة وحروب الفكر إن الله تبارك اسمه يريدنا أن نكون أنقياءً وأطهارًا في أفكارنا وقلوبنا ومشاعرنا، لذلك علينا أن نبعد عن كل فكر خاطئ، ونطرده من أذهاننا ومن ذاكرتنا... فما هي الأفكار الخاطئة؟ الأفكار الخاطئة التي تمر على العقل، قد تكون أفكار انتقام، أو أفكار عظمة وكبرياء ومجد باطل وأحلام يقظة، أو أفكار تجول حول أخطاء الناس وإدانتهم، أو أفكار حسد وغيرة، أو شهوات عالمية، أو قد تكون أفكار زنا ونجاسة، وما إلى ذلك... مصادر الفكر الخاطئ 1- قد يأتي الفكر الخاطئ من فكر سابق. فالأفكار ليست عقيمة إنها تلد أفكارًا من نوعها، كجنسها. ربما كان لك فكر بدأت به منذ أيام، ويريد أن يكمل. أو قصة بدأتها ولم تصل إلى نهايتها، وهى تريد مزيدًا من التفاصيل، ولو من باب حب الاستطلاع. فأهرب من هذا كله... 2- وقد يأتي الفكر الخاطئ من خبرتك الخاصة. 3- وقد يكون مصدر الفكر الخاطئ هو العقل الباطن: فربما تكون قد تركزت في عقلك الباطن قصص أو مشاعر أو رغبات، تحب أن تطفو على عقلك الواعي، لتتفاوض معك.. فكن حريصًا على حفظ عقلك الباطن نقيًا. ولا تختزن فيه أشياء تعكر نقاوة فكرك. وإن كنت قد اختزنت فيه خطايا أو معثرات قديمة، فلا تستعملها. وإنما بالوقت والإهمال يتنقى عقلك منها، وكذلك تصل إلى نقاوة عقلك بإحلال أفكار نقية جديدة تحل محل تلك الأفكار داخلك... ولما كان العقل الباطن يختزن ما يختزنه، من مصادر متعددة، منها القراءات والسماعات والمناظر والشهوات... لذلك عليك أن تكون حريصًا على نقاوة قلبك وفكرك، من كل ما يدخل إليهما عن طريق القراءة والسماع، وأيضًا كل ما تراه وما تفكر فيه. ولتكن كل رغباتك نقية، كما تحرص أيضًا على نقاوة حواسك. 4- مادامت الحواس هي أبواب الفكر، إذن احترس من جهة الحواس التي عملها هو الجولان في الأرض والتمشي فيها. فهي تجول هنا وهناك تجلب للعقل أفكارًا من النظر الطائش غير النقي، ومن السماعات البطالة، ومن كل ما تشمّ وما تلمس.. إن الحواس النقية تجلب للعقل أفكارًا نقية، بينما الحواس الدنسة تجلب أفكارًا دنسة. والحواس الطائشة تجلب أفكارًا طائشة.. وضبط الحواس يساعد بلا شك على ضبط الفكر أيضًا. والذي جاهد حتى حصل على نقاوة الفكر، عليه أن يراقب حواسه، ويدرّبها على الحرص الروحي. 5- والفكر الخاطئ قد يأتي أيضًا من كلام الناس ورواياتهم: فكم من زوج فشل في حياته الزوجية، بسبب ما تصبه أمه أو أخته في أذنيه من جهة زوجته، فتأثر بذلك، ودخلت إلى ذهنه أفكار لم تكن عنده من قبل في فترة الخطوبة أو في الشهور الأولى للزواج. وكذلك كم من زوجة فشلت بسبب نصائح أهلها... إن أفكارًا غريبة قد تأتي لأي شخص، ليست هي منه، ولكنها مع ذلك تستطيع أن تغير طبعه وأسلوبه! لذلك راجع أفكارك باستمرار. ولا تكن تحت تأثير أو سيطرة شخص ما، تجد أنك تعتنق ما يقوله من أفكار بغير فحص!! 6- كذلك قد تأتي الأفكار الخاطئة من الشيطان: يلقيها في ذهن الإنسان، ولو كمجرد اقتراح! وعلى الإنسان أن يميز ليدرك أن هذا الفكر الشرير أو الخاطئ هو من الشيطان.. وإن لم تكن له موهبة الإفراز أو التمييز، عليه أن يستشير من له الموهبة.. ونحب أن نقول هنا إن الشيطان لا يرغم أحدًا على قبول أفكاره. إنما هو يقدّم عروضًا، ويقدمها في إغراء. والإنسان حرّ تمامًا في أن يقبل منه أو لا يقبل... حرب الفكر، والسقوط بالفكر. ليس كل فكر خاطئ يأتي إلى عقل الإنسان يعتبر خطية، مادام هو رافضًا لهذا الفكر، وليس هو السبب فيه. فقد يكون الفكر الخاطئ حربًا من عدو الخير . وهناك فارق بين حرب الفكر والسقوط فيه.. ففي الحرب الروحية قد تلح الأفكار الخاطئة على عقل الإنسان إلحاحًا وبشدة، وربما لفترة قد تطول، وهو رافض لها، ويقاومها بكل ما يستطيع من قدرة. ومع ذلك فالأفكار مستمرة وضاغطة..! أما السقوط بالفكر، فهو قبول الفكر وعدم مقاومته، أو مقاومته بطريقة شكلية ضعيفة، وهى في الحقيقة مستسلمة وراضية! وقبول الفكر الخاطئ يعتبر خيانة لله. لأنه بهذا القبول، يفتح الشخص أبواب قلبه للخطية، ولا يكون قلبه وقتذاك مع الله بل ضده. وفي السقوط بالفكر، يكون الشخص ملتذًا بفكر الخطيئة، أو متعاونًا معه، ينميه ويقويه ويستبقيه، ويكمل عليه... ويكون هو والفكر كيانًا واحدًا، بحيث يصعب التمييز في مجرى التفكير الخاطئ بين الفكر الذي أتى من الخارج كحرب روحية، والفكر الصادر من هذا الإنسان الخاطئ، من قلبه وعقله هو!! وفكر السقوط قد يكون مصدره شهوة أو رغبة... والشهوة والفكر يتبادلون الوضع كسبب ونتيجة. فالفكر الخاطئ تنتج عنه الشهوة. والشهوة ينتج عنها الفكر الخاطئ. وكل منهما يكون سببًا للآخر أو نتيجة له، بحيث يقوّيان بعضهما البعض في خط واحد. وفي هذه الحالة يتعاون الفكر الذي من الخارج، مع الفكر الذي من الداخل... بقى أن أحدثك عن الأمور التي تساعد على السقوط بالفكر، وأيضًا عن بداية الفكر الخاطئ، وكيف يأتي... فإلى اللقاء في العدد المقبل إن أحبت نعمة الرب وعشنا. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث قساوة القلب قساوة القلب لها اتجاهان: قساوة في التعامل مع الناس، وقساوة في التعامل مع الله. أما القساوة في التعامل مع الله، فهي الرفض المستمر للحياة مع الله ولطاعة وصاياه، وإغلاق القلب تجاه محبته، وعدم الانجذاب نحو إحسانات الله التي يظهرها للإنسان في عديد من المناسبات... أما القسوة في التعامل مع الناس، فمظهرها قسوة المعاملة، والكلمة القاسية، والنظرة القاسية، والعقوبة القاسية، والتوبيخ القاسي. وقد تكون القسوة على الجسد في تعذيبه، أو قد تكون القسوة على النفس في إذلالها وسحقها، والتشهير بها، والعنف في معاملته. والإنسان الخاطئ يقع في هذين النوعين من القساوة. وعكس القوة: الرحمة والحنو والعطف والإشفاق... إن القسوة كثيرًا ما تكون مظهرًا أو نتيجة لكبرياء القلب. وعلى القساة أن يحترسوا، وليخافوا على أنفسهم من قساوة قلوبهم. لئلا يلاقوا نفس المعاملة. وبالكيل الذي به يكيلون، يُكال لهم ويزاد! فإن القسوة مكروهة من الكل. كما كانت قسوة فرعون الذي ما كان يلين مطلقًا ولا يتوب.. أما القلب الطيب، فإنه قريب جدًا من الله، فهو كعجينة لينة في يد الله يشكلّها مثلما يشاء. وعكس ذلك القساة لأن قلوبهم صخرية صلبة، لا تستجيب لعمل النعمة فيها! القلب القاسي -من جهة الحياة الروحية- يعيش في جو من اللامبالاة! كلمة الله لا تترك تأثيرها فيه. فهو لا يتأثر بكلام الروح. بل قد يسخر منه ويتهكم، ويرفض السماع! تصبح وصايا الله ثقيلة عليه، بينما الثقل كله هو في القلب! إنه لا يتأثر إطلاقًا بأي دافع روحي. لا يتأثر بحنان الله، ولا حتى بإنذاراته وعقوباته! ولا يتأثر أيضًا بالأحداث مهما كانت خطيرة! لا يؤثر فيه مرض، ولا موت أحد أحبائه! ولا تؤثر فيه صلاة ولا عظة، ولا كلمة روحية. وكل إحسانات الله إليه، يقابلها بنكران الجميل، أو ينسبها إلى أسباب بشرية! وقساوة القلب تؤدى إلى العناد والمكابرة. والشخص القاسي القلب، قد تشرح له خطأه لمدة ساعات، وكأنك لم تقل شيئًا! إنه لا يعترف بالخطأ، بل يصّر على موقفه. قلبه صخري، لا يلين ولا يستجيب! وبسبب إصراره وعناده وعدم استجابته، تتخلى عنه النعمة، وينحرف إلى الضياع! مثل هذا الإنسان، توبته ليست سهلة الإنسان الرقيق الحساس، دموعه قريبة. أما القاسي فيندر أن تبتل عيناه مهما كانت الأسباب! لأن الدموع دليل على رقة الشعور. أما القاسي فلا رقة في مشاعره، سواء في تعامله مع الله أو مع الناس. قساوة القلب تقود أيضًا إلى الحدة والغضب ... فالشخص القاسي القلب تشتعل مشاعره ضد الآخرين بسرعة، ويحتّد ويثور، ويهدّد وينذر. ولا يحتمل أن يمسّه أحد بكلمة. وفي نفس الوقت لا يراعى شعور الآخرين. فيجرح مشاعر غيره بسهولة وفي لا مبالاة! ولا مانع عنده من أن يهين غيره ويشتمه ولا يبالى بوقع الألفاظ عليه... وهنا يجمع بين أمرين متناقضين: فيكون حساسًا جدًا من جهة المعاملة التي يعامله بها الناس، بينما لا إحساس له! إطلاقًا من جهة تعامله هو مع الآخرين.! فهو، إذا وبخّ غيره -بحق أو بغير حق- يكون كثير التوبيخ وعميقة. وإذا غضب على أحد، يكون طويل الغضب وعنيفة.. في قسوته لا يحتمل أحدًا. ويريد أن يحتمله الكل! وعليهم ألاّ يثوروا بسبب ثورته عليهم، بل يتقبلوها كما لو كانوا يستحقون ما ينالهم منه! وعمومًا، فالقسوة منفرة. ومن يتصف بها يخسر من يتعامل معهم من الناس، ويفشل في حياته الاجتماعية... أسباب قسوة القلب: * ربما من أسباب هذه القسوة، طباع موروثة عن الآباء أو الأمهات.. وهنا قد يسأل البعض: ما ذنب إنسان ورث طبعًا قاسيًا؟ بينما غيره قد وُلد وديعًا، وليس في حاجة إلى بذل مجهود لمقاومة قسوة كالتي وُلد بها غيره.. وهنا نقول إن الطبع يمكن تغييره مهما كان موروثًا.. والذي يبذل جهدًا لتغيير طبعه، تكون مكافأته عند الله أكثر... * من أسباب قسوة القلب أيضًا، الكبرياء التي تدفع الإنسان إلى أن يبالغ في كرامته وعزة نفسه، ووجوب احترام الناس له، بأسلوب يجعله يقسو على كل شخص يظن أنه يمس كرامته بشيء! والكبرياء تجعل القسوة تظهر في ملامحه وفي نظراته، وفي حدة صوته، وفي نوعية ألفاظه، وطريقة معاملاته... * ومما يقسّي القلب أيضًا، تأثير الآخرين: إما بأصدقاء يوحون إليه بمعانٍ جديدة عن القوة والبطولة، أو عن الحرية وما يلزم له من حقوق.. وهكذا يثور على كل سلطة أو رئاسة، سواء في البيت أو في الدراسة. بل قد يثور أيضًا على النظام وعلى القانون! ويرى الرجولة في أن يفرض رأيه! وفى بعض بلاد الغرب: كثير من الشباب -حينما يشعرون بنضوجهم- يرفضون الخضوع لآبائهم بحجة الحرية الشخصية! ويعتبر الشاب أن نصيحة والده له، هي مجرد رأى يمكن أن يأخذ به، أو لا يأخذ! وهكذا يتقسى قلبه من جهة والده. ويصر على أنه هو صاحب القرار، مهما كان قليل الخبرة في الحياة! يلزم إذن أن نربى أولادنا منذ طفولتهم المبكرة، حتى لا تتلفهم أفكار جديدة عليهم، تتلفهم وتقسي قلوبهم، وتدفعهم إلى الجدل في البديهات، والى رفض كل شيء لمجرد الرفض! تلك الأفكار التي تصّور لهم الطاعة ضعفًا، والخضوع خنوعًا، والهدوء خوفًا وجبنًا..!! وفي تقسية قلوبهم، تقلب لهم كل الموازين، فيفرحون بذلك إحساسًا منهم بالوجود وبالشخصية...! وكما تصل إليهم تلك الأفكار من أشخاص، يمكن أن تصل إليهم من بعض الكتب والمطبوعات... وما نقوله عن تأثر الصغار بأفكار غيرهم، يمكن أن نقوله عن الكبار أيضًا! مثال ذلك في محيط الأسرة: زوجة الأب التي تقسى قلب زوجها على أولاده من زوجة سابقة. وتظل تحدثه عن أخطائهم وخطورتها، حتى يثور عليهم ويقسو في معاملتهم..! أو مثل أم تظل تصب في أذن ابنها المتزوج أحاديث عن أخطاء زوجته، أو إهانات هذه الزوجة لها، حتى تتغير معاملته لزوجته ويقسو عليها... فعلى كل إنسان أن يكون حريصًا، ولا يسمح للقسوة أن تزحف إليه من الآخرين، ولا يصدق كل ما يسمعه... |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث الفراغ وأنواعه الفراغ من أنواع كثيرة مثل فراغ الوقت، وفراغ الفكر، والفراغ الروحي، وفراغ الشخصية، والفراغ العاطفي... وسنحاول أن ندرس معًا كل هذه الأنواع بشيء من العناية... فراغ الوقت: هذا الفراغ يتعب من يشعر به. وقد يقوده إلى أخطاء عديدة، إذا أساء الطريقة التي يملأ بها هذا الفراغ.. لذلك عندما خلق الله أبانا آدم، لم يتركه في فراغ، بل أوجد له عملًا يعمله..وحتى الرهبان أصبح العمل جزء من حياتهم، بشرط ألاّ يعطلهم عن روحياتهم..! * إن الفراغ قد يسبب للإنسان لونًا من الملل والضجر. لذلك يهرب منه إلى تسليات تريحه. وقد يخطئ في اختيار نوع هذه التسليات! وربما يلجأ إلى الثرثرة مع الناس، بطريقة يضيع فيها وقته ووقت من يتحدث معهم، وربما يلجأ إلى الملاهي أو المقاهي أو النوادي وما أكثر ما يصادفه هناك من أخطاء! وقد يلجأ البعض إلى المشي، أو ما يسميه البعض بالنزهة، بلا هدف..! أو قد يصب فراغه في الآخرين فيضيع وقتهم، وإضاعة الوقت هكذا في فراغ، هي إضاعة جزء من حياة الإنسان كان يمكن استغلاله فيما يفيده ويفيد غيره! والذي يضيع وقته، لا شك أنه لا يشعر بقيمة حياته، وغالبًا ليس أمامه هدف كبير يسعى إليه! أما الذي يكون له هدف كبير، إنما يستغل كل وقته لتحقيق هذا الهدف. وقد يشعر أحيانًا أنه محتاج إلى وقت ولا يجد.. لذلك عليكم أن تملأوا فراغكم بشيء مفيد، وكذلك فراغ أولادكم. ربما تتضايقون أحيانًا من الضوضاء التي يحدثها الأطفال. وتشبعونهم توبيخًا ولومًا وانتهارًا ودروسًا في الأخلاق!!...وتكثر أوامركم ونواهيكم وتهديداتكم لهؤلاء الأطفال.. وغالبًا ما يكون سبب إشكالاتهم كلها هو الفراغ! ولو أنكم استطعتم أن توجدوا لهم طريقة سليمة يملأون بها هذا الفراغ، لاسترحتم واستراحوا من هذا كله... فكّروا إذن في شغل وقت الفراغ عند أولادكم، بما ينفعهم ويريحكم... وهنا نسأل كيف تقضون وقت فراغكم؟ وهل الطريقة سليمة وتنفعكم؟ اشغل يا أخي وقت فراغك من آجل نموك الروحي، أو الفكري، أو في خدمة الآخرين، أو في أية تسلية غير ضارة، أو في أي عمل محبة نحو الناس وفي افتقادهم... أم وقت فراغك هو وقت ضائع؟! ربما تقضيه إلى جوار الراديو أو التليفزيون الذي أحيانًا لا يأخذ وقت فراغك فقط، إنما يطغى على وقتك كله، حتى الذي يلزم لتأدية مسئولياتك أيضًا!! ولعلكم تجيبون على هذا السؤال. هل معالجتكم لفراغ الوقت أدت بكم إلى فراغ في الروح؟! فراغ الفكر: أحيانًا يؤدي فراغ الوقت إلى فراغ في الفكر أو في التفكير. ويبقى العقل بلا عمل! فيأتي الشيطان ليشغله أو ليشاغله. وكما يقول المثل: "عقل الكسلان معمل للشيطان".! لذلك من الخطورة بمكان الوحدة أو الخلوة التي لا تنشغل بعمل روحي.. فإذا لم يوجد فكر روحي يضبط العقل، فإنه يعيش في فكر خاطئ... إنما مفهوم الوحدة في معناها الروحي أنها خلوة مع الله! فهي ليست فراغًا. * هناك فراغ آخر في الفكر من جهة عدم امتلائه من المعرفة النافعة أو خلوّه منها... فالإنسان الذي لا يدأب على تثقيف نفسه بالمعلومات المفيدة له روحيًا وعمليًا، بالإضافة إلى المعلومات الثقافية العامة اللازمة له، فإن مثل هذا الإنسان يوجد نفسه في فراغ فكري! بحيث إذا تحدث مع غيره، لا ينطق بشيء له عمق أو له فائدة. * من هنا أن تعليم المرأة الريفية أمكن أن يخرجها من هذا الفراغ الذي عاشته في عصور مظلمة. وبهذه المناسبة نود أن نشكر القائمين على فصول محو الأمية في الريف سواء للنساء أو للأطفال أو للكبار. * وكذلك خدمة الكلمة لازمة لإخراج الناس من الفراغ الفكري دينيًا، إلا إذا كان ما يقدم لهم هو فراغ أيضًا!! وذلك لفراغ المعلمين والمتكلمين بسبب إهمالهم في تحضير دروسهم أو مقالاتهم أو عظاتهم. فأصبحوا لا يقدمون للسامعين شيئًا يفيدهم! ومثلهم الذين لا يقدمون إلا معلومات معروفة متكررة لا عمق فيها، ولا جديد ولا تأثير! إنها أيضًا فراغ!! ومثال ذلك أيضًا الذين يقدمون أفكارًا لا روح فيها، بل هي مجرد معارف ومعلومات لا تتصل بالقلب ولا الروح في شيء! بل هي أيضًا فراغ! هذا يقودنا إلى نقطة أخرى من موضوعنا هي الفراغ الروحي. ثم علينا أن نتحدث عن فراغ الشخصية، ثم عن الفراغ العاطفي. فإلى اللقاء في مقال ثان بمشيئة الله، إن أحبت نعمة الرب وعشنا. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث أسباب العنف 1- من أسباب العنف القسوة في الطباع: فهناك أشخاص قساة في طباعهم. يتعاملون باستمرار بقسوة. فإذا ازدادت حدة القسوة عندهم، فإنها تتحول إلى عنف. وهذه القسوة في الطبع قد ترجع إلى ظروف اجتماعية حادة أدت بهم إلى استخدام القسوة. وربما يكونون قد حصلوا عليها عن طريق الوراثة. 2- وقد يكون السبب في العنف تعب في الأعصاب: وهذا التعب ربما يكون قد نتج عن الإرهاق. والمعروف أن الإنسان في حالة الإرهاق وتعب الأعصاب، لا يكون قادرًا على الاحتمال، فيرد بشدة. وإذا زاد الضغط عليه، يتصرف بعنف... 3- وقد يكون السبب في العنف هو قلة الحيلة. أو إخفاء الضعف بالعنف كما ذكرنا من قبل. 4- وقد يكون سبب العنف هو مرض عصبي أو مرض عقلي: ومعروف أن بعض الأمراض العقلية وكذلك العصبية يصحبها عنف. ولعل من المدرسة الإيطالية علماء يقولون إن كل مجرم هو إنسان مريض. وهكذا يبحثون عن المرض الذي كان دافعًا إلى الجريمة... ولكن ذلك كله لا يمنع أن هناك مجرمين يقومون بأعمال عنفهم وهم في حالة عقلية تامة. وإلا زالت المسئولية عن غالبية الجرائم! 5- وأحيانا يكون الخوف من اكتشاف الجريمة سببًا آخر للعنف: كسارق اقتحم بيتًا لغرض السرقة فقط، وليس القتل في نيته إطلاقًا. ولكنه قد يضطر إلى ذلك إذا ما اكتشف أحد أمره، فيقتله لئلا يخبر عنه. أو كعصابة تقتل -لنفس السبب- بعض الذين يعرفون أسرارها، حتى لو كانوا من أعضائها، خوفًا من أن يكشفوا هذه الأسرار، خيانة منهم، أو حتى ظروف ضاغطة. مثال آخر: شخص يظن أن آخر يتآمر عليه، فيقتله خوفًا من تآمره. 6- وقد يكون سبب العنف: الغرور أو الاعتزاز بالقوة: ففي الغرور يسئ الشخص ما لديه من قوة وإمكانيات. كمن يضرب الآخرين ليشعرهم بأنه أقوى منهم، وأنه يستطيع قهرهم متى أراد. ويحدث هذا أحيانًا مع بعض المراهقين، ومع بعض الطغاة، ومع بعض العصابات في إخضاع أفراد العصابة لسلطة قائدها...! 7- وربما يكون سبب العنف هو الحقد: فالذي يحقد على آخرين، قد ينفس عن حقده بالعنف! كشخص يحقد على آخر ظانًا أنه ينافسه في الميراث، أو أنه يسعى لكي يحل محله في مركزه، فيستخدم معه العنف...! وقد تدفع الغيرة أو الحسد إلى مثل هذا أيضًا... أو قد يكون السبب في العنف هو ردّ العنف بالعنف... 8- وقد يكون سبب العنف هو الاضطهاد الديني: كما قال السيد المسيح لتلاميذه عما سوف يلقونه من مؤامرات اليهود وقسوة الرومان: "تأتى ساعة يظن فيها كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله"...! وهنا امتزج الاضطهاد بالفهم الخاطئ. ومن أمثلة الفهم الخاطئ الذي يؤدى إلى لون آخر من الاضطهاد أو من العنف: من يقتل وفي مفهومه أنه يمحو عارًا للأسرة، أو أنه ينتقم لدمائها... 9- وهناك من يلجأ إلى العنف، ظانًا أنه أسهل الحلول وأسرعها!! وهذا ظن خاطئ، لأن أسهل الحلول ليس هو أفضل الحلول. كما أن العنف له الكثير من ردود الفعل السيئة... أو قد يرى مثل هذا الشخص أن العنف هو الحل الوحيد! وقد يقول لك: هذه الأمور لا يصلح لها إلا العنف!! أو هؤلاء الأشخاص لا ينفع معهم إلا العنف!! وهذا بالطبع تفكير ضيق، لا يريد أن يبحث عن وسائل أخرى! 10- وقد يكون العنف لونًا من السياسة أو الحيلة: وذلك حسبما يقول المثل السائد: "اضرب المربوط فيخاف السائب"! أو حسبما يقال "اضرب الراعي فتشتت الرعية" (أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ) (إنجيل متى 26: 31)... وهنا لا يكون العنف مقصودًا لذاته إنما لنتائجه. أي هو هنا مجرد وسيلة لغاية... وهذا يقودنا إلى نقطة أخرى وهى: 11- العنف الظاهري: وليس هو عنفًا حقيقيًا... ومثاله: الأب الذي يتظاهر بالغضب، وبالرغبة في استخدام العنف، وذلك لكي يقود ابنه إلى الطاعة وحسن السلوك. أو مثال رئيس العمل الذي يهدد بعقوبة عنيفة لا ينوى مطلقًا أن يفرضها. وذلك لتخويف مرؤوسيه حتى يسلكوا كما ينبغي... 12- العنف المشترك: ومثال: شخص ليس في طبعه العنف. ولكنه قد يسلك بالعنف في وسط أصدقائه العنفاء، فيشترك معهم في عنفهم، أو يستخدم عنفاء لكي يوصلوه إلى غرضه، على اعتبار أن العنف يكون غير مباشر بالنسبة إليه! العنف الخاطئ والعنف السليم: لا نستطيع أن نسمى كل عنف خطيئة. فهناك مواقف يلزم لها العنف، مثل معاقبة الخطاة المستهترين أو المستبيحين، أو الذين يهددون المجتمع بجرائم تحطمه أو تحطم تراثه وقيمه... ومن أمثلة ذلك عقوبة الإعدام للقاتل ومن يرتكب جريمة مماثلة. والله نفسه -تبارك اسمه- عاقب على مجرى التاريخ بعقوبات عنيفة، كالطوفان مثلًا... وهناك جرائم -إذا لم تؤخذ بعنف- قد يستهتر مرتكبوها فيكررونها، أو يكونون قدوة سيئة لغيرهم. أما إذا ما عولجت بحزم وحسم وبسرعة، فإن المجتمع يتنقى ويتطهر وهنا يكون العنف فضيلة يقوم بها كل من هم في مسئولية، واضعين أمامهم أن الحق العام لا تساهل فيه، وأن المجتمع يحتاج إلى صيانة، حتى لا يعبث فيه كل من نامت ضمائرهم، وحتى لا يأكل فيه القوى الضعيف... العنف والإيذاء إننا نرفض العنف في كل صوره، لأنه سلوك غير روحي، كما أنه يشمل الكثير من الأخطاء، مما سنذكره الآن: * إنه خطيئة مركبة ومنفرة. لذلك فهو مكروه من الكل، ولا يقبله سوى مقترفيه. والذي يتصف بالعنف، لا يستطيع أن يربح أحدًا من الناس. وسنحاول أن نحلل العنف، لنرى ما بداخله من الخطايا... * العنف دليل على قسوة القلب. فالذي يؤذى أو يقتل بعضًا من الناس، هو بالضرورة إنسان قاس. أما القلب الرقيق فلا يمكن أن يكون عنيفًا. بل تكون تصرفاته رقيقة، وألفاظه أيضًا رقيقة ومنتقاة، لا يسمح لنفسه أن يخدش شعور أحد. وبالتالي يبعد عن الإيذاء، الذي لا يناسب طبعه. * وبالتالي فإن العنف ضد فضيلة الوداعة وفضيلة الهدوء. * والعنف أيضًا ضد فضيلة المحبة. لأن الإنسان الروحي يعالج كل المشاكل بالحب وليس بالعنف. أما الإنسان العنيف، فلا شك أن في قلبه كراهية دفعته إلى العنف والإيذاء، وبها يخسر الكل... * والعنف أيضًا خطيئة عدوانية. وإن كانت الحياة الروحية السليمة تبعدنا عن الغضب والنرفزة، فكم بالأكثر إذا تطور الأمر إلى العدوان! * وإذا حاول العنيف تبرير عنفه، تكون موازينه الروحية قد اختلّت! العنف دليل الضعيف: إذا لم يستطع قلب الإنسان أن يتسع بالحب، وإذا لم يتمكن عقله من حل الأمور بحكمة وهدوء، وإذا لم يقدر أن يضبط أعصابه في اتزان، حينئذ يلجأ إلى العنف! ويكون عنفه دليلًا على قلة الحيلة والعجز عن التصرف السليم. حقًا إن غالبية العنفاء ضعاف في حقيقة شخصياتهم، ليست لديهم قوة أعصاب، ولا قوة احتمال، ولا قوة تفكير، وسأضرب لذلك أكثر من مثل: * المدرس الذي يلجأ إلى العنف مع تلاميذه، هو مدرس ضعيف: أقصد المدرس الذي لا يستطيع أن يضبط النظام بين تلاميذه، فيثور عليهم، ويضرب هذا، ويطرد ذاك، ويشتم ويعاقب، هو بلا شك إنسان ضعيف. لأنه لو كان قويًا، ما كان يلجأ إلى شيء من هذا. بل يمكنه أن يضبط الفصل بقوة شخصيته، أو بذكائه وجاذبية شرحه، أو بمرحه ولطفه، أو بمحبة تلاميذه له... ولكنه إذ خلا من كل هذه الصفات المحببة، لجأ إلى العنف بدافع من قلة الحيلة. * مثال آخر: هو الأم التي تضرب أطفالها... أم يصيح ابنها، أو يلهو ويجرى ويعبث، ولا تستطيع أن تهدئه، كما لا تستطيع أن تتركه يلعب، فتلجأ إلى العنف: تضرب أو تشتم أو تهدد، أو تخيفه بطريقة ما! كل هذا لأنها لا تملك الخبرة ولا المعرفة بالطرق التربوية وكيفية معاملة الأطفال. ولو عرفت لكسبت طفلها دون اللجوء إلى العنف. لأن العنف هنا يكون وسيلة لتغطية العجز، أو مجرد رد فعل لقلة الحيلة! أو هو تغطية لضعف داخلي، ربما يكون عدم الاحتمال. ذلك لأن الشخص الذكي يستطيع أن يخرج من إشكالاته بسهولة، في حكمة وحسن تصرف. أما الضعيف فيستخدم العنف! أنواع من العنف: 1- أشهر نوع من العنف هو الإيذاء بكل درجاته: ويشمل الضرب، والقتل بأنواعه. وكل ذلك كل أنواع التعذيب الجسدي أو المعنوي كالتخويف، وإثارة الذعر، مما يدخل في العنف العصبي. 2- عنف آخر هو الإرهاب: ويشمل جرائم الخطف للإفراد وللطائرات والسفن، وتفجير السيارات الملغومة، والرسائل الملغمة، وكافة أعمال النسف والتدمير، والتخريب، والذعر. 3- ومن العنف أيضا الحرب وأخطرها الحروب النووية، والتي تستخدم فيها الغازات السامة، والأسلحة الفتاكة والمحرقة، وبخاصة إن ضربت المستشفيات، أو مساكن المدنيين الآمنين، أو دمرت مدنًا بأكملها، وخلّفت مجموعات من المشوهين والمعوقين 4- وهناك عنف على مستوى فردى هو تحطيم المعنويات: ومن أمثلته الزجر الشديد، والتوبيخ القاسي، والتركيز باستمرار على الأخطاء، وتحطيم الشخصية. ويدخل في هذا النوع عنف الإهانة: ويشمل التهكم اللاذع، والازدراء، والتشهير، والتجريح، والقذف، والتجاهل، والمقاطعة، والسب.. وما إلى ذلك من ألوان القتل الأدبي أو المعنوي. وما يصحب ذلك من عبارات التهديد والتخويف. 5- هناك مظهر آخر للعنف هو عنف العتاب: ويشمل العتاب الشديد القاسي، ربما لسبب تافه لا يستحق. وقد يستمر هذا العتاب طويلًا، وبأسلوب يجرح، وربما أمام الآخرين، ويكون مصحوبًا بعصبية، وعلى كل صغيرة وكبيرة، وبه يُفقد الأصدقاء كما قال الشاعر: إذا كنت في كل الأمور معاتبًا صديقك لم تلق الذي لا تعاتبهْ فعش واحدًا أو صِل أخاك فإنه مقارف ذنب مرةً ومجانبهْ إذا أنت لم تشرب مرارًا على القذى ظمئت، وأي الناس تصغو مشاربه 6- هناك نوع آخر من العنف يختلف عن كل ما سبق يمكن أن نسميه بالعنف السلبي. 6- العنف السلبي: مثال ذلك شخص لا يقدر على العنف الإيجابي، فيلجأ إلى العنف السلبي، وهو نوع آخر من الضغط. ومن ذلك الكآبة المستمرة، والبكاء الدائم، والإضراب عن الطعام، والصمت الحزين، والانسحاب... وكلها أنواع من العنف الهادئ الصامت يمثل ضغطًا. وما أكثر استخدام النساء لهذا النوع... 7- عنف الشهوات: وهو نوع من العنف ليس موجهًا ضد الآخر، إنما هو يعمل داخل الإنسان ذاته... فقد توجد شهوات تحارب الإنسان بعنف حتى تدمره تدميرًا، مثل شهوة المخدرات، وشهوات أخرى كالجشع والزنى والكبرياء... والمعروف أن الشهوات لا تستريح حتى تكمل، ثم تستمر. وقد تصحب الشهوات أفكار مدمرة: تلصق بالعقل في إلحاح ولا تفارقه، حتى تحطم صاحبها. لدرجة أن البعض يعالجونها بالمقومات ليستريح من الأفكار. وبعد، إن حديثنا عن العنف لم يتم. بقى أن نتكلم عن أسباب العنف، وعن الفرق بين العنف الخاطئ والعنف السليم. فإلى اللقاء. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث الكآبة التي هي مرض كل منا ممكن أن يقع في الكآبة لفترة محدده ثم تزول. أما الكآبة المرضية فهي التي تستمر وتطول، ويبدو أنه ليس حدّ لنهايتها..! فيها تضغط الأفكار على الإنسان حتى تحطم كل معنوياته، وتزُيل منه كل بشاشة. فكر الكآبة يلصق بالمريض ولا يفارقه! يكون معه في جلوسه وفي مشيه، في نومه وفي صحوة.. بأفكار سوداء كلها حزن وخوف وقلق، وصور كئيبة أمامه بلا حل ولا رجاء! كآبة تضيّع حياته وروحياته، ونفسيته وعقله، باقتناع داخلي أنه قد ضاع! أسباب الكآبة: * كإنسان مثلًا يظن أن خطاياه لن تُغْفَر. ربما يكون الشيطان هو الذي ألقى في نفسه هذا الفكر، حتى يوقعه في الكآبة ثم اليأس، على اعتبار أنه قد فقد أبديته ولا خلاص له! * أو قد يكون سبب كآبته هو عقدة الذنب. كأن يموت له أب أو ابن، فيشعر انه السبب في موته. ويظل هذا الفكر يتعبه، ويجلب له حزنًا لا ينقطع. ويظل يقول: ربما أكون قد قصرت في حقه، ولولا تقصيري ما مات! ربما لو أحضرت له طبيبًا أكثر شهرة وخبرة، ما مات. ربما لو كان قد سافر إلى الخارج للعلاج... وهكذا تطوف به الأفكار..! * وربما يكون سبب الكآبة هو مرض الشخص بمرض يظن أنه بلا شفاء! أو يتوقع له نتائج خطيرة يصورها له الوهم أو الفكر الأسود.. * وما أكثر الأسباب التي تؤدى إلى الكآبة المرضية، والتي تصيب المريض بحزن لا يتخلص منه، ولا يعطى لنفسه فرصة للشفاء منه! أما عن أعراض الكآبة المرضية: فالمريض بالكآبة يكون ساهمًا باستمرار، كئيب الوجه والملامح، كثير البكاء، كثير الشكوى، يائسًا تطمئنه الأفكار السوداء، بلا رجاء! يظن أنه قد ضيّع أبديته، أو ضيع نفسه ومستقبله أو ضاعت صحته، أو أنه تسبب في ضياع غيره، وأن ما ينتظره هو أسوأ مما هو كائن! وقد تحاول تصحّح له أفكاره، فلا يقبل. فينظر إليك في يأس ويبكى فهذا الذي تقوله قد سبق أن سمعه أو فكّر فيه. وظهر له انه حل بلا جدوى! أو قد يرفض الحديث جملةّ، إذ لا فائدة منه، ويشعر أن من يكلمونه لا يحسون به! * وهناك نوع عكسي، يريد أن يحكى عن متاعبه، لكي يجد حلًا . ومشكلة هذا الشخص انه إما لا يجد حلًا، فتزداد كآبته. أو يجد الشخص الذي يستريح إليه، فيظل يتردد عليه كثيرًا. وفي كل مرة يقضى ساعات في الكلام، حتى يهرب منه هذا الشخص المريح! فيُتِعبه هذا الهروب ويرى أنه يفقد القلب الذي أراحه. وفقدانه يزيد كآبته. ومن جهة العلاج، هناك نوعان من المصابين بالكآبة: * نوع يرفض العزاء ويرفض التفاهم * ونوع يتشبث بالفكر. وكلما يخرجونه، يعود إليه. وكلما يشفى، يعود مرة أخرى إلى مرضه كما كان، وربما أزيد! * وربما تخطر عليه فكرة الانتحار لكي يتخلص به من آلامه ومن حزنه. فإما أن ينفذ الفكرة، أو يجدها هي أيضًا بلا فائدة، إن كان يؤمن بالأبدية. أو لأنه يفضل الكآبة على الموت. أو لأنه يحاول أن يحل مشاكله عن طريق الخيال والفكر وأحلام اليقظة... وعمومًا يكون للكآبة تأثيرها السيئ على صحته. من جهة إنهاك الفكر له، فالكآبة تنهك الأعصاب. وأيضًا من جهة التعب النفسي وتأثيره على الجسد. وأيضًا فكرة واحدة محيطة به، لا يعرف كيف يخرج من حصارها له.. انه مرض يتعبه، ويتعب كل الذين حوله، ويتعب طبيبه معه. وأيضًا يتعب مرشدة الروحي، ويحتار كيف يتصرف معه.. إذن ما هو العلاج؟ ينبغي أن يعرف أولًا إن الكآبة ليست حلًا لمشاكله. لقد حدثت له مشكلة حزن بسببها. وكل الناس تحدث لهم مشاكل. فإما أن يجدون حلًا، أو يتركونها إلى الله حلال المشاكل كلها.. أما هذا الشخص فقد اكتأب بسبب كلها، وطال الزمن في اكتئابه حتى تحولت الكآبة بمرضًا، وأصبحت كآبته مشكلة أضخم من المشكلة الأولى التي كانت سببًا في كآبته. ثم ما الذي استفادة من الكآبة على طول مدتها؟! ليس هو سوى الكآبة، بل عرضت على الناس نقصًا فيه ما كانوا يعرفونه من قبل.. ويجب أن يكون أقوى من المشكلة وأقوى من الكآبة. ويحاول أن يتخلص من هذا الجو الذي يعيش فيه. ثم أن هناك علاجًا آخر للكآبة هو المشغولية: فليشغل نفسه باستمرار، ليهرب من هذا الفكر الكئيب الذي يحاربه. لأن مداومة الفكر في المشكلة ترهق أعصابه ونفسيته فليشغل نفسه باستمرار بأي شيئًا يبعد عنه الفكر. والعمل يقدم له فكرًا جديدًا ينشغل به. ويشعره أنه قادر على أنتاج شيء، وقادر على تحمل المسئولية. ولتعرض عليه مشغوليات أو أنشطة معينة يختار منها ما يشاء.. غير أن البعض قد يرفضون العمل أو يهربون منه، لكي يخلو ذهنه مع الأفكار التي هي من أعراض أمراضهم. أما إن قبل المريض العمل والمشغولية، تكون هذه علامة صحية تبشر بقرب الشفاء من مرضه . الموسيقى كعلاج: لا شك أن هناك أنواعًا من الموسيقى لها تأثير قوى على النفس ويمكنها أن تريح وتهدئ، وتبعد الإنسان عن جو الحزن والكآبة، وتنقله إلى أجواء أخرى. ويمكن اختيار قطع الموسيقى التي لا تضر روحيًا، وفي نفس الوقت يكون لها العمق والتأثير، والقدرة على نقل المشاعر المتألمة وفتح أبواب الرجاء له. ولا أظن أن الإنسان المكتئب يرفض الموسيقى. وليس المقصود بالموسيقى أن تكون مصحوبة بالغناء. فهناك موسيقى عميقة لا يصاحبها غناء. إن الموسيقى هي علاج للنفس من الداخل. علاج للمشاعِر والأحاسيس وقد تكون أكثر تأثيرًا من العظات في بعض الأحيان العلاج الكيماوي عن طريق العقاقير: العلاج بالعقاقير قد يكون مقبولًا إذا كان المريض في حالة معينة، أو في حالة نفسيه لا تقبل التفاهم والحوار. فيعطونه العقاقير للتهدئة. وربما تهدئ أعصابه، وتصبح في حالة تسمح بالعلاج النفسي. والعقاقير تُعطى حينما يكون المريض غير محتمل للألم، والأفكار تضغط عليه بطريقة تمنع عنه النوم. فتُعطى العقاقير كمسكنات، ولكي يقدر على النوم. نقول هذا مع معرفتنا بأضرار كثيرة من العقاقير. ولكن في الحالات الصعبة، ربما لا يجد الطبيب علاجًا غيرها في ذلك الوقت. والمريض قد يأخذ العقاقير من مهدئات ومسكنات ومنومات، فيستريح من الفكر الذي يتعبه، وينام ويصحو، وإذا الفكر الذي يتعبه ما زال موجودًا. فيحتاج إلى دفعة أخرى من العقاقير، وتتكرر العملية! وقد لا يأتي العقار بنتيجة فتزاد الكمية المعطاة منه، أو يعطونه عقارًا آخر أشد تأثيرًا، أو يُستبدل العقار بمنوم.. إن العقاقير ربما تكون لعلاج نتائج المرض، وليس لعلاقة الأسباب. وإن أعطوه آخر يجعله ينسى، سيؤثر هذا على قوة الذاكرة والمخ.. إن أسباب الكآبة قد يصلح لها العلاج النفسي بأسلوب أعمق. والمشكلة أن العلاج النفسي يحتاج إلى وقت.. وسأم الطبيب من الإطالة وكثرة الكلام من المريض وتكرار كلامه، قد يجعل النفسي يتوقف. وبعد ذلك قد يحتاج المريض إلى نوع من العلاج الروحي، وليس هذا هو مجاله الآن لأن المقال قد أوشك على الانتهاء... |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث الكآبة المؤقتة والمرضية الكآبة المؤقتة: هي إما كآبة روحية أو كآبة طبيعية أو كآبة خاطئة. وكلها لها وقت محدد، قد يطول أحيانًا وقد يقصر، ثم تزول وتنتهي. وهى غير الكآبة المرضية التي يتدخل فيها الطب، ويصف لها أدوية وعقاقير. وسنتكلم الآن عن الكآبة المؤقتة التي منها: كآبة روحية: وهى مثل كآبة الشخص بسبب خطاياه، مع ندمه وربما يصحبها بصوم. ويصلى طالبًا المغفرة. وتنتهي بالتوبة، وتزول حالما يتأكد من مغفرة خطاياه... ومن هذا النوع أيضًا كآبة الراعي بسبب خطايا رعيته، وكآبة أب على خطية ابنته، وطلبه إلى الرب أن يغفر لها ويُصلح لها أمورها. أما الكآبة الطبيعية: فهي مثل كآبة شخص على وفاة أحد أفراد أسرته أو على وفاة إنسان عزيز عليه. وهى قد تستمر وقتًا حسب قرب هذا المتوفى إلى قلبه. أما الكآبة الخاطئة: فلها أسباب عديدة. وهى أيضًا مؤقتة... من ضمن أسباب الكآبة الخاطئة: 1- كآبة إنسان في قلبه شهوة خاطئة لم يستطع أن يحققها. ولا شك أن ذلك كان في صالحه. ولكنه مع ذلك كان يريد تحقيق ما في قلبه من شهوة مهما كانت خاطئة... 2- هناك كآبة أخرى سببها الحسد والغيرة ومثالها كآبة أي إنسان يشعر أن غيره قد حصل على شيء بينما هو أحق منه به. حتى لو كان هو ليس مستحقًا لشيء، ولكن الغيرة تنهش قلبه وتتعبه 3- وهناك كآبة سببها الفشل: بينما الفشل لا يصلح علاجه بالكآبة، وإنما بمعرفة أسبابه، ومعالجة تلك الأسباب بطريقة ايجابية. أما مجرد الكآبة، فإنها تضيف إلى الفشل مشكلة أخرى -وهى الكآبة- تحتاج إلى حلّ. وتزداد الخطورة في مثل هذه الكآبة إن كان سببها الفشل في ارتكاب خطية! 4- وقد توجد كآبة سببها اليأس مثل ابن مسافر كان يريد أخذ بركة أبية المريض. ولكنه عاد من السفر، فوجد أباه قد مات قبل وصوله. فاكتأب في يأس... 5- وهناك كآبة سببها الضيقات كأن ينحصر بالضيقات، ويبقى فيها حزينًا بلا رجاء. والكآبة التي بلا رجاء هي كآبة خاطئة بلا شك، حتى لو كانت بسبب طبيعي كالبكاء على ميت، أو بسبب روحي كالكآبة بسبب خطية. وكذلك الكآبة بلا رجاء بسبب المشاكل والضيقات. ونصيحتي لك: لا تجمّع مشاكلك وتكوّمها أمامك، وتقف حزينًا، بلا حل، بلا رجاء، بلا اتكال على الله! فهذا كله غير نافع لك، ولا يُوجد لك حلًا. بل إن تجمعّت حولك المشاكل، فرّقها، وضَع الله بينها وبينك، حينئذ يظهر الله بمعونته، وتختفي المشاكل التي هي سبب كآبتك. وثق أن الله عنده حلول كثيرة، وعنده مفاتيح لكل باب مغلق... 6- هناك كآبة أخرى سببها الحساسية الزائدة! إذ قد يوجد شخص حساس جدًا نحو كرامته، أو حساس جدًا نحو حقوقه. يتضايق جدًا لأي سبب، أو لأقل سبب أو بلا سبب! يريد معاملة خاصة، في منتهى الرقة، في منتهى الدقة، في منتهى الحرص! فإن لم يجدها، ونادرًا طبعًا ما يجدها، فحينئذ يكتئب! علاجه أن يترك حساسيته الزائدة هذه ولكن كيف يتركها؟! هذه مشكلة... 7- وقد يأتي الاكتئاب أيضًا للذين لا يعيشون في الواقع، بل يرفضونه! ولا يقبلون غيره سوى بديل خيالي لا يتحقق!! فهم ثائرون على وضعهم. ولكنهم لا يحاولون تغييره بطريقة عملية توصلهم إلى ما يريدون! إنما يكتفون بالثورة، ويبقون حيث هم، في كآبة وفي سخط على كل شيء! وإن أتتهم لحظات سعادة، تكون ببعض أحلام اليقظة التي يعيشون فيها في خيال يتمنونه. ثم يستيقظون من خيالاتهم وأحلامهم، ليجدوا واقعهم كما هو، فيزدادوا سخطا عليه، وتزداد كآبتهم. ونصيحتي لهؤلاء أن يكونوا واقعين. فإما أن يعيشوا في قناعة تسعدهم، راضين بما عندهم، بل شاكرين أيضًا. وإما أن يعملوا على تغيير الواقع بطريقة عملية. ولا يكتفون بالكآبة... 8- قد يأتي الاكتئاب بسبب ضيق الصدر وعدم الاحتمال. فالإنسان الواسع الصدر والقلب يمكنه أن يمرر أشياء كثيرة، تذوب في قلبه الواسع ولا يضيق بها. أما الذين لا يحتملون، فإنهم يصلون إلى الكآبة.. وسعة الفكر يمكنها أن تعالج الكآبة. وبدلًا من الكآبة يفكر في حلّ. والإنسان الذكي إذا أحاطت به مشكلة أو ضيقة، بدلًا من الاكتئاب وإرهاق أعصابه بالمشكلة ومتاعبها، يشغل ذهنه بمحاولة إيجاد حلّ للخروج من المشكلة. فإن وجد الحل يبتهج، وتزول حدة المشكلة. وإن لم يجد الحل، يصبر. والذين لا يستطيع أن يصبر، لا شك أنه ضيق الصدر. وهذا تزداد كآبته، ويكون سببها قلة الحيلة... 9- وقد تحدث الكآبة بسبب حرب خارجية من عدو الخير دون ما سبب ظاهر... يغرس في النفس أسبابًا للضيق ولو يخترعها اختراعًا، أو يكبّر ويضخم في أسباب تافهة لا تدعو إلى الكآبة، أو يحاول أن يلهو بالإنسان كلما يسعد بوضع فيغريه بأوضاع أخرى كأنها أفضل مما هو فيه. فإن وصل إليها، يغريه بغيرها، أو بالرجوع إلى وضعه الأول!! ويوجده في جو من التردد وعدم الثبات يكون سببًا في الكآبة... مثال ذلك ناسك يعيش في حياة الوحدة (التفرد). فيغريه بالخدمة والاشتراك في حل مشاكل الناس وبناء الملكوت. وإن نزل ليخدم يغريه بالعودة جمال الحياة متوحدًا، في التأمل والسكون والصلاة الدائمة، ومتعة الوجود في حضرة الله. وهكذا يجعله مترددًا لا يثبت على حالِ، فيكتئب! 10- الشك أيضًا سبب من أسباب الكآبة وإذا استمر فإنه يحطم النفس، ويجعلها في حالة قلق. سواء كان شكًا في إخلاص صديق، أو في أمانة زوجة وعفتها، أو كان شكًا في الإيمان أو في حفظ الله ومعونته. أو قد يكون الشك في تدابير يدبرها البعض ضد سلامة الإنسان وهو لا يدرى! إن أفكار الشك تخرج من العقل، لكي تُوجد عذابًا للنفس. مثل حالة زوج يشك في عفة زوجته، فيغلق عليها الأبواب والنوافذ، ويتجسس عليها. ويسمح لنفسه أن يفتش خطاباتها وأدراجها، ويحقق معها في كل ما يظنه سببًا للشك. ويجعل حياتها عذابًا، وقد تكون بريئة كل البراءة... حياتها تصبح في جحيم، وحياته أيضًا تصبح في جحيم. وكله بسبب الشك.. بقى أن أحدثك عن الكآبة المرضية وأسبابها وعلاجها، وعن علاج الكآبة بصفة عامة... فإلى اللقاء في العدد المقبل، إن شاء الرب وعشنا. |
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
https://upload.chjoy.com/uploads/166860527922851.jpg قداسة البابا شودة الثالث أسباب الشك وعلاجه كلمتكم في مقالنا السابق عن الشك وأنواعه. وأود اليوم أن أحدثكم عن أسباب الشك، وبقدر الإمكان عن علاجه أيضًا... إن أسباب الشك قد تكون داخلية، نابعة من الإنسان نفسه.. وقد يكون للشك أسباب خارجية. وسنحاول أن نتأمل تفاصيل كل هذا، لكيما ندرك المناسب له: 1- قد يكون سبب الشك هو طبيعة الشخص نفسه. كأن يكون بطبيعته شكاكًا، يمكن أن يشك في أي شيء، أو يكون موسوسًا يسهل عليه أن يقع في الشك. ومثل هذا الشخص علاجه صعب جدًا، إذ أنه قد يشك في أي علاج يُقدم له، فلا يقبله!! وقد يكون ضيق التفكير، ليس أمامه سوى الشك. ولو كان واسع الأفق لزال شكه... 2- ومن أمثلة ضيق الأفق: الانحصار في سبب واحد: * فمثلًا شخص أقام حفلة بمناسبة عيد ميلاده، ودعا لحضورها جميع أصدقائه. غير أن واحدًا منهم تغيب، وربما تكون هناك أسباب كثيرة عاقته عن الحضور على الرغم منه. ولكن إذا حصر الداعي تغيب صديقه في سبب واحد حسب تخيله وهو إهمال هذا الصديق ونقص محبته، حينئذ يدخله الشك في إخلاصه. * كذلك إذا تأخر زوج عن موعد عودته إلى منزله في ذات مساء: فإن حصرت زوجته سبب تأخره في افتراض واحد، فحينئذ سيدخلها الشك من جهته! * أو أم تأخرت ابنتها في الرجوع إلى بيتها: فإن انحصرت في تعليل واحد سيء ومخيف، كأن يكون قد حدث لها حادث أصابها بمكروه، أو إن أحدًا خطفها، أو ما شابه ذلك من الأضرار، فلابد ستعصف بها الشكوك وتعيش في قلق وخوف حتى تعود ابنتها، أو قد تشك في إنها سوف تعود!! * لذلك فليكن ذهن الإنسان متسعًا، وليفترض أسبابًا عديدة، حتى يريح نفسه، كما يريح الآخرين من شكوكه. لأن العجيب في أن الذين ينحصرون في سبب واحد، إنما يتحيرون أسوأ الأسباب التي تقلقهم وتشل تفكيرهم...! 3- من أسباب الشك أيضًا تعميم الخطأ: * كإنسانة تعيش في بيت مملوء بالنزاع والشجار، ولها أبٍ قاسٍ يسئ معاملة أمها. فتخاف من الزواج وتتخيل أن كل زوج سيكون في نفس طباع أبيها، وأنه سوف يسئ معاملتها كما كان يفعل أبوها مع أمها!! والخطأ هنا في تعميم القاعدة، بينما ليس كل الأزواج كذلك! وليت هذه الابنة تضع أمامها أمثلة أخرى لأسرات سعيدة... * مثال آخر مشابه، وهو لأسرة أخطأت إحدى بناتها وانحرفت... وللأسف نرى كثيرين يتخوفون من التزوج بإحدى أخواتها الكثيرات، يشكوّن في أن تكون مثل أختها التي انحرفت! كأن عنصر الانحراف قد سرى في الأسرة كلها!! * أو كإنسان خانه أحد أصدقائه. فيشكّ في جميع الأصدقاء (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات) وإخلاصهم! وربما تكون النتيجة أنه ينطوي على نفسه! ويخشى أن يقول كلمة سرّ لأحد مهما كان قريبًا على قلبه، ويظن أنه سوف يخونه هو أيضًا! * وبنفس تعميم الخطأ، يقول أحدهم: كل شعب البلاد الفلانية بخلاء! أو احترس أن تتزوج واحدة من الشعب الفلاني لأن كل فتياتهم مستهترات! ويكون كل ذلك بسبب حالات فردية لا تشمل الكلّ.. 4- سبب آخر للشك هو البساطة، أو العمق أحيانًا... * الإنسان البسيط يصدق كل شيء، فلا يقع في الشك ولكن ربما بسبب بساطته، يحكى له أحدهم أخبارًا متتابعة عن صديق له يتكلم عنه دائمًا بالسوء، فيصدق تلك الأخبار ويشك في إخلاص صديقه! أو بسبب بساطته، يخدعه البعض من جهة أمور تتعلق بالعقيدة والإيمان، فيوقعه في شكوك..! * ومن الناحية الأخرى نرى المتعمق في تفكيره يصل إلى الشيء وعكسه!! فالعمق في التفكير يقوده إلى العمق في الإيمان فيكتشف زيف الشكوك ويرفضها ولا يقبلها. كما أن التعمق في التفكير قد يقود إلى لون من العقلانية البحتة البعيدة عن الإيمان ويحاول أن يفحص أمورًا أعلى من تفكيره خاصة بالله أو العقيدة. فيقع في شكوك..! 5- وقد يأتي الشك من معاشرة الشكاكين أو من الشائعات: كم أنه بمعاشرة أهل الإيمان يتعمق الإنسان في إيمانه، كذلك بمعاشرة الشكاكين تنتقل إليهم عدوى شكوكهم. فالبعد عن هؤلاء أفضل. وعلى الأقل عدم تصديقهم... كذلك ينتقل الشك عن طريق الشائعات التي كثيرًا ما تكون خاطئة. ولكنها مع ذلك تنتشر وتزداد! فخير لك أنك لا تسمعها. وإن سمعتها لا تصدقها... * ومن مصادر الشك أيضًا قراءة الكتب التي تحوي شكوكًا. فأبعد عن هذه الكتب، وتخيرّ الكتب التي تبني إيمانك، وليست التي تهدمه... 6- من أسباب الشك أيضًا، حروب الشيطان... فهذا هو أسلوب الشيطان باستمرار: أن يغرس أفكار الشك في أذهان الناس في كل شيء: في الله ووجوده، وفي استجابة الله للصلاة، وفي الإيمان عمومًا... وفي العلاقات مع الآخرين.. وذلك لكي يبلبل بها أفكار الناس... فلا تستجب إطلاقا ًلأفكاره. 7- الشك بسبب الوهم: بعض الناس يحاربهم الشك بسبب أوهام لا تتعب غيرهم في شيء. مثال ذلك من يشك في سلامة يومه إذا بدأه بسماع صوت بومة أو صوت غراب أو ما أشبه... وهناك من يحاربه الشك بسبب رقم (13) ويشعر أنه لابد من شرّ وراءه. فيدخله الشك في كل يوم يكون تاريخه (13) أو مضاعفاته! كذلك إن كان رقم بيته (13) أو تليفونه يبدأ بهذا الرقم.. إلخ. وكلها أوهام لا تبنى على أية قاعدة أو عقيدة أو منطق... 8- الشك بسبب العَمَل أو السحر البعض إذا كان في ضيقة لا يعرف لها سببًا، كفتاة كلما يأتيها عريس ينصرف ولا يعود، تشك أن البعض قد عمل لها عملًا (أو سحرًا). وهكذا قد تلجأ إلى المشعوذين بحجة فك العمل، فتقع في أيديهم واستغلالهم!! وما (العَمَل) إلا شيء آخر من الوهم لا وجود له... |
الساعة الآن 03:10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025