منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   أسئلة فى تاريخ الكنيسة وسير القديسين (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=88)
-   -   دراسة تاريخ الكرازة المرقسية (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=90914)

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:13 AM

دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
*** مدخل الى دراسة تاريخ الكرازة المرقسية " 1 " ***

سوف نقوم فى هذا البحث بدراسة تاريخ الكنيسة القبطية من خلال تتابع القرون ومحاولة شرح كل قرن على حدة وما يتعلق به من احداث محيطة وسوف تتركز دراستنا لكل قرن فى اربعة نقاط اساسية وهى :

!- تاريخ البطاركة

2- علاقة المملكة بالكنيسة .

3- البدع والانشقاق .

4- مشاهير الكنيسة .

واليك الان عرضا مجملا لكل نقطة من هذه النقط الاربعة خلال عشرين قرنا .

اولا : تاريخ البطاركة
--------------
+ ان عدد البطاركة الذين جلسوا على الكرسى المرقسى منذ ايام مارمرقس الرسول حتى اليوم 117 بطريرك وبالطبع فأنه لابد ان يوجد اختلاف بينهم من حيث الشخصية , والقامة الروحية , محبة الشعب لهم , وهكذا اذا تتبعنا تاريخ الكنيسة نجد ان اطول من جلس على الكرسى المرقسى هو البابا كيرلس " 52 سنة " واقلهم هو البابا ارشلاوس " ستة اشهر " ...

+ بعض هؤلاء البطاركة اشتهر بعلمه وفلسفته " اثناسيوس , كيرلس عمود الدين 24 , ومنهم من كان لا يجيد الكتابة ولا القراءة " . " ديمتريوس الكرام 12 , يوحنا 74 " , لكن الرب حباهم بحكمة واسعة ...

+ كانوا يتصفون عموما بالتقوى والطهارة والعفة " الغالبية " .. كانوا عموما كارهين للمال , فيما عدا حالات قليلة ...

+ منهم من مات شهيدا " كرذونوس 4 , بطرس خاتم الشهداء 17 " ومنهم من مات فى المنفى " البابا ديسقورس الذى مات فى جزيرة غاغرا .. ومنهم من مات بالسم " ابرام 62 , كيرلس الرابع " ...

+ منهم من قضى رئاسته فى سلام , ومنهم من عانى الالام والاضطهاد والنفى والتشريد " اثناسيوس 20 الذى نفى 5 مرات , بنيامين 38 وكثيرون " ...

+ منهم من اشتهر بلقب معين " ديمتريوس الكرام 12 " بطرس عمود الدين 24 , ديسقورس بطل الارثوذكسية 25 , خيرستوذولوا الحبيس , كيرلس الرابع ابو الاصلاح , كيرلس السادس رجل الصلاة 116 , شنودة الثالث 117 البابا المعلم ...

ثانيا : المملكة والكنيسة
----------------
ان الكنيسة القبطية منذ ان نشأت على يد مارمرقس الرسول كان عدو الخير يبذل كل مافى وسعه للنيل من سلامها وهدوئها .. وعبر التاريخ تعرضت الكنيسة للكثير من الويلات والاخطار ولكن مهما كانت هذه الاضطهادات فأن الكنيسة دائما تنتصر لآن ابواب الجحيم لن تقوى عليها ....

واذا استعرضنا تاريخ الكنيسة عبر السنين نجد الاتى :
----------------------------------

القرن الاول
-------
فى القرن الاول تعرضت الكنيسة لحروب من الفلاسفة الوثنيين وخصوصا مدرسة الاسكندرية الوثنية ومن اجل ذلك انشا القديس مارمرقس مدرسة الاسكندرية واستطاعت تلك المدرسة بفضل علمائها الاجلاء ان تقاوم كل فكر وكل فلسفة مضادة للكنيسة ...

عصر الاستشهاد
----------
يطلق على القرن الثالث وهو القرن الذى تعرضت فيه الكنيسة لاشد الوان العذاب والاضطهادات والقتل والتعذيب الذى تفنن فيه الاباطرة والولاة وخصوصا ايام " دقليديانوس " " 284 - 305 " ويبدأ عصر الاستشهاد بالسنة الاولى لحكم ذلك الطاغية لما اتاه من فظائع تقشعر لها الابدان رغم انه منذ القرن الاول - والكنيسة تتعرض للاضطهادات كثيرة " نيرون - دوميتان - تراجان ... الخ " ... واذا استعرضنا الاسباب التى دفعت هؤلاء الى اضطهاد المسيحين نجد ان بعضهم اشعل نار الاضطهاد بسبب امرأة " نيرون " , والبعض الاخر بسبب خوفه على الديانة الوثنية " ديسيوس " , والبعض كنتيجة لافكار معينة امن بها واراد لها الخلود " مرقس اوريليوس " , والبعض الاخر بسبب ثورة قامت ضده واعتقد ان المسيحيين هم السبب فى ذلك " دقليديانوس " ...

وبرغم كل ماتعرضت له الكنيسة خلال حلقات الاضهاد العشرة " نيرون - دقليديانوس واعوانه " الا ان الكنيسة ازدادت اتساعا وعمقا وظهر عشرات من الشهداء والقديسين الذين نفخر ونعتز بيهم " مارجرجس - مارمينا - دميانة ... الخ " ...

المجامع والبدع والانشقاق
-----------------
البدع جمع بدعة وهى الشئ المبتكر غير التقليدى ...

الهرطقات جمع هرطقة وهى كلمة دخيلة على اللغة العربية عن اللغة اليونانية وهى تعنى اختيار غير سليم لرأى ما وتفضيله على غيره من الاراء ...

وكانت تستعمل للدلالة على مذاهب فلسفية , ثم اخذت الكلمة طريقها الى الدين فصارت تطلق على الفرق والطوائف الفكرية داخل الدين الواحد .. وقد صارت تعنى الشقاق الضار بسلامة الكنيسة ..

واصبحت الهرطقة جريمة شنعاء يعد مؤسسها عدوا لله وللكنيسة المقدسة ... ونتيجة لتلك البدع انقسمت كنيسة الاسكندرية عن كنيسة رومية فى القرن الخامس ... ثم انقسمت كنيسة القسطنطينية عن كنيسة رومية فى القرن الحادى عشر .. ثم نتيجة للظغط الكهنوتى من باوباوات رومية فى القرن الخامس عشر والسادس عشر " اتجاههم الى جمع الاموال الباهظة من الشعب عن طريق صكوك الغفران , وارهاب الشعب عن طريق محاكم التفتيش " ...

ظهرت الحركات الاصلاحية مثل حركة مارتن لوثر وحركة كلفن .. ومن خلال هذه الحركات ظهرت حركات اخرى كثيرة " المشيخيون - الخمسينيون - الاخوة - الاسقفيون - الادفنتست - شهود يهوه " ... وهذه الحركات لم تدخل مصر الا فى القرن العشرين من خلال الارساليات الكاثوليكية والارساليات البروتستانية ...

عصر المجامع :
----------
عقدت المجامع فى الكنيسة القبطية بأستمرا ولكن نخص بعصر المجامع القرن الرابع نتيجة لانعقاد اهم مجامع فى الكنيسة فى ذلك القرن .. والمجامع فى الكنيسة ثلاثة انواع :

مجامع مسكونية - مجامع عامة - مجامع مكانية ....

ولكى نطلق على مجمع انه مسكونى لابد ان تتوافر فيه عدة شروط منها :

1- يعقد بأمر الامبراطور ...
2- ان يحضره جميع اساقفة المسكونة ..
3- ان يأتى بشئ جديد لم يكن موجود من قبل ...

والمجامع المسكونية التى تعترف بها الكنيسة القبطية هى " نيقية - افسس - القسطنطينية " ...

اما المجامع العامة وهى التى يجتمع فيها الاساقفة ليفحصوا مسائل خاصة بالكنيسة ويحلوا مشاكلها ...

اما المجامع المكانية فهى التى يجتمع فيها الاسقف والقسوس والشمامسة فى مركز ابروشية لتدبير امورهم الخاصة ...

انقسام الكنيسة :
----------
يرجع انقسام الكنيسة الى القرن الخامس بعد مجمع خلقدونية الذى عقد سنة 451م . ونتيجة لبدعة نسطور - بطريرك القسطنطينية الذى ادعى ان لاهوت السيد المسيح غير متحد مع ناسوته وانكر على السيدة العذراء انها والدة الاله ...

هذا الانقسام تدخلت فيه اعتبارات شخصية كثيرة منها رغبة لاون اسقف رومية السيطرة على الكنيسة واخضاع كنيسة الاسكندرية تحت ادارته ومجاملة بوليكاريا لاسقف رومية بعد ان زوجها من قائد الجيش بعد ان كانت نذيرة للرب ...

وكنتيجة لمجمع خلقدونية انقسمت الكنيسة الى الخلقدونيين " اتباع الطبيعتين والمشيئتتين او الملكانيين " , واتباع الطبيعة والمشيئة الواحدة واطلق عليهم لقب اليعاقبة ...

دخول العرب مصر :
-دخل العرب مصر سنة 639م فى عهد المقوقس والى مصر وفى ذلك الوقت كان الحال للرومان غير مستقر فى مصر وخصوصا ان الفرس قد استولوا على مصر سنة 620م .. وكان المقوقس يشعر ان نهايته قد اقتربت وقد كان هو الموكل بجمع الضرائب من الشعب وارسالها الى القسطنطنيية - فكان عليه ان يسهل للعرب دخول مصر حتى يستطيع الفرار بحصيلة الضرائب - هذا من ناحية .. ومن ناحية اخرى فقد قبض العرب على ارمانوسة ابنة المقوقس فى الطريق واعادوها الى ابيها مكرمة فأعتبر ذلك معروفا من العرب يجب رده لهم ...

وبهذا ساعد العرب على دخول مصر واصدر امرا الى جنوده بالانسحاب من على الاسوار وعدم مقاومة العرب .. وقد خرج لاستقبال العرب ...

من الدولة الاموية حتى محمد على :
-----------------------
تعرضت الكنيسة القبطية الى الوان من الاضطهادات والضيقات فى بعض العصور من هذه الفترة لاسباب خاصة بالولاة حكام مصر او من تصرف لبعض الخارجين من الكنيسة ...

القرن العشرون
----------
اصبح وضع الاقباط افضل بكثير مما كان عليه قبلا وقد ساهمت تورتا 1919 , 1952 فى هذا الوضع ...

وختاما فأن الاضطهادات التى تعرضت لها الكنيسة كانت تجربة لكى تظهر قوة الايمان لدى الاقباط ولكى يظهر مجد الله فى شعبه ولكى يعلم الجميع قوة مؤسس الكنيسة ومنشئها رب المجد ...

والموضوع له باقية ....

تاريخ الكرازة المرقسية " عشرون قرنا "

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:13 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

**** تاريخ البطاركة " القرن الاول " , المملكة والكنيسة , والبدع ***
------------------------------------------------------
فى هذا الجزء ... نتحدث عن بطاركة القرن الآول والمملكة والكنيسة والبدع فى هذا القرن ....

وبطاركة القرن الاول هم مارمرقس الرسول - انيانوس - ميليوس - كرذونوس ...

1- مارمرقس الرسول :
----------------
ولد هذا القديس من ابوين يهودى الاصل , استوطنا فى بلدة تسمى " ايريانولوس " بأقاليم المدن الخمس الغربية " بنتابوليس " من شمالى قارة افريقيا ... ويدعى ابوه ارسكوبولوس قيل انه ابن عم زوجة بطرس واخو توما الرسولين , وقيل انه كان لاويا وكاهنا ولكن هذا لم يثبت .... وامه مريم كانت اخت برنابا الرسول كما هو واضح من كو 4 : 10 ... وكان ابواه على جانب عظيم من التقوى والورع متمسكين بشريعة ابائهما واجدادهما ... ويقال انهما كانا من ذوى اليسار فسطت عليهما بعض قبائل البدو الرحل ونهبت اموالهما وامتعتهما حتى اصبحا معدومين واصابهما الفقر المدقع , واضطرهما ذلك الى هجر المدينة فقصدا فلسطين موطن ابائهما واقاما زمانا بالقرب من اورشليم وكان هذا الرحيل قبيل ولادة مارمرقس او بعد ولادته بقليل ...

نشأ مامرقس فى فلسطين مركز اعلان بشارة خلاص العالم .. ويرجح انه امن بالمسيح على يد بطرس الرسول لآنه كان يدعوه ابنه - 1 بط 5 : 13 .. ولما كان بطرس الرسول قريبا لمامرقس كما سلف اقتدى هذا به على اثر ايمان ذاك بالمخلص .. وكان مامرقس مماثلا لما بطرس فى الغيرة والحمية على مجد الرب وخلاص النفوس وكان اول ثمر تعبه فى خدمته فاديه جذب والده الى الايمان لآنه كان يهوديا غير مؤمن بالمسيح وذلك انه بينما كان وابوه سائرين فى طريقما الى جهة الاردن اذ قابلهما اسد ولبؤة يزأران بصوت مخيف . فخالج قلب ابيه الخوف ولم يشا حنوة الابوى الا ان يوعز اليه ان يلوز بالفرار وبنجو بنفسه مستعدا لتقديم ذاته الى الوحشين رغبة فى خلاص ابنه .. الا ان القديس طمأن والده وهو موقن بأن السيد المسيح سيخلصهما من هذه الضيقة .. ثم رفع عينيه نحو السماء وصرخ بحرارة الى السيد المسيح قائلا له " ياابن الله الحى الذى نؤمن به نجنا من هذه البلية وانقذنا من شر هذين الوحشين الكاسرين " ومالبث ان التفت حوله فوجد الاسدين وقد انطرحا على الارض لا حراك فيهما . فشكر الرب على هذه العناية وربح ابه الى جانب المسيح لانه عندما رأى فاعلية ايمان ابنه بالمخلص ومجد اسمه القدوس ...

ولما اختار السيد المسيح سبعين رسولا ليرسلهم امام وجهه الى كل موضع حيث كان هو مزمعا ان يأتى انتخب بينهم مامرقس وكان يلقب " بالثاوفوروس " اى حامل الاله . وكان لهذا الرسول اسمها فسمى " يوحنا " وهو اسمه اليهودى .. وسمى " مرقس " وهو اسمه اليونانى .. وكان منزل والدته محط رحال التلاميذ ومقر اجتماعهم للعبادة وفيه كانوا يصلون لاجل خلاص الرسول بطرس من السجن ولما اطلق اتى اليه " أع : 12 و 25 " ويظن ان بيته كان معروفا فى زمن السيد المسيح ايضا . والبعض يقولون ان المخلص لما ارسل اثنين من تلاميذه وقال لهما اذهبا الى المدينة فيلاقيكما انسان حامل جرة ماء فأتبعاه " مر 14 : 13 " كان يقصد مامرقس .. وقالوا انه هو الشاب الذى كان لابسا ازارا على عريه ليلة موت المخلص .. ولما تبعه وامسكه الشبان ترك الازار وهرب منهم عريانا - مر 14 : 15 .. وقد رجحوا ذلك لانفراده بكتابة هذين الجبرين ولم يكتب حادثة الجره الا لوقا ويظهر انه سمعها منه .. وقال الانبا ساويرس المؤرخ اشقف الاشمونين " انه كان من جملة الخدام الذين استقوا الماء الذى صيره سيدنا خمرا فى عرس قانا الجليل " وكان هذا الرسول ايضا يأوى التلاميذ فى بيته زمان الام المسيح وبعد قيامته من الاموات حيث دخل عليهم والابواب مغلقة ...

وفى خدمة التبشير كان هذا الرسول رفيقا لبولس وبرنابا - أع 12 : 25 ولكنه تركهما فى برجة ورجع - أع 13 : 13 .. ولما اراد برنابا ان يأخذه معهما فى السفر الثانى للتبشير لم يستحسن بولس ذلك لانه تركهما فى برجة فى السفر الاول فأختلفا فى امره وانتهى الامر بأنفصالهما فأخذ برنابا مرقس معه الى قبرص سنة 49م ...

وبعد هذا التاريخ بثلاث عشة سنة اظهر بولس لاهل كولوسى رضاه عنه وتحقق امانته حيث قال لهم " ومرقس ابن اخت برنابا الذى اخذتم لاجله وصايا ان اتى اليكم فأقبلوه " كو 4 : 10 .. وفى هذه الاية اشارة الى عزم مرقس على الذهاب الى كولوسى وحده للكرازة .. ويتضح من رسالة فليمون انه فى ذلك الوقت كان شريكا للرسول بولس فى اتعابه برومية - فل 24 , وكان مع تيموثاوس فى افسس حين كتب بولس الى تيموثاوس رسالته الثانية بين سنة 67 و 68 .. ورغب ان يأتى به اليه بدليل قوله " خذ مرقس واحضره معك لانه نافع لى للخدمة " 2 تى 4 : 11 ...

اما علاقته ببطرس الرسول فلم يروى عنها خبر صحيح الا ماكتب هذا الرسول فى رسالته الاولى بين سنة 63 و 67 وهو قوله " تسلم عليكم التى فى بابل المختارة معكم ومرقس ابنى " 1 بط 5 : 13 .. وقد اختلف المفسرون فى اى بابل يعنى الرسول .. فقال قوم وهم الغربيون انه يقصد بابل رومية لكى يثبتوا ادعائهم ان بطرس كان اسقفا على رومية ودليلهم اطلاق صاحب الرؤيا لقب بابل على رومية - رؤ 14 : 8 لانها كانت تشبه بابل القديمة فى فسادها ولكن لا دليل على ان رومية كانت تعرف وقتئذ بهذا الاسم المجازى لان سفر الرؤيا كتب بعد موت الرسول بطرس بثلاثين سنة وقيل ايضا ان المشار اليها هى بابل اشور ولكنها كانت حينئذ قرية صغيرة ضاع مجدها السابق فليس هناك مايلجئ بطرس الى الذهاب اليها وجعلها مركزا يكتب منه رسائله ولكن الصحيح انها كانت """"" بابيليون مصر """"" القريبة من عين شمس لانها كانت فى ذلك الوقت بلدة اهلة بالسكان فضلا عن انه كان فيها هيكل اليهود المشهور وعدد عظيم منهم وبأعتبار ان بطرس كان رسولا للختان لاسيما بين المشتتين لابد له من تبشير يهود ذلك المكان .. ومما يزيد المسأله ايضاحا ذكره لمرقس الرسول عقب ذكره لبابل " عد 13 " ومعلوم لنا ان مصر كانت مركزا لمارمرقس فيكون بطرس فى ذلك الحين مقيما هناك حيث كتب رسالته ...

اما الغربيون فيدعون بأن مرقس ذهب الى رومية وهناك رسمه بطرس اسقفا وارسله للتبشير فى اكويلا من اعمال البندقية بأيطاليا .. ولما رجع الى رومية لم يجد الرسول بطرس فطلب اليه المؤمنون ان يدون لهم اخبار السيد المسيح كما سمعوها من فم الرسول بطرس فدون انجيله بالللاتينية ... ولما حضر الرسول بطرس الى رومية اطلع عليه واعجب به وامره ان يذهب الى مصر سنة 58م فنقل انجيله الى اللغة اليونانية لينشره بين المصريين ...

والخلط ظاهر فى هذا الكلام لانه يتضح لمن يطالع العهد الجديد ان علاقة مرقس كانت متصلة ببولس اكثر منها ببطرس .. اما وجود بطرس ومرقس فى بابل مصر فسببه ان مرقس بعد ان بشر فى انطاكية وقبرص ورومية واكويلا وخدم هناك خدمات جليلة يمم نحو افريقيا فجاء اولا الى مسقط رأسه فى الخمس المدن قصدا فى اجتذاب اهلها الى الايمان ومن ثم قصد الديار المصرية سنة 55م لنشر بشارة الخلاص فى انحائها وهناك كتب انجيله فى سنة 61م .. قال القديس يوحنا فم الذهب " ان انجيل مرقص قد كتب فى مصر " ...

واتفق ان بطرس الرسول اتى مصر لتبشير اليهود المتشتتين فيها كما هى خدمته فتقابل معه مرقص فى مدينة بابيليون التى فيها حرر رسالته الاولى وذكر مرقس لوجوده معه فى ذلك الحين .. وسبب تسميته بأبنه انه كان خاضعا له فى الكرازة بل هو انه عرف المسيح بواسطته كما ذكر انفا راجع 1 كو 4 : 15 و 16 ...

قالوا ان مرقس كتب انجيله بمناظرة بطرس وارشاده واستدلوا على ذلك بأمرين لانه لا يستطيع ان يستقى هذه الاخبار الا من احد الرسل الاثنى عشر , لان الانجيل خال من كل ما من شأنه ان يعود بالتعظيم على بطرس اما من جهة الامر الاول فأن مرقس كما تعلم كان من السبعين تلميذا وكانت له علاقة بأغلب الرسل المقربين فلا شك انه اخذ هذه الاخبار عنهم كما اخذ عنهم لوقا ايضا فضلا عما هو معلوم من ان بيته كان مقرا لكثير من اعمال المسيح ورسله . واما عن الامر الثانى فلا يبعد ان بطرس حينما قابل مرقس بمصر اطلعه على انجيله فأشار عليه من باب التواضع ان يرفع منه كل مايعود عليه بالتمجيد فأجابه مرقس الى طلبه لما رأى فيه من الصواب ...

جاء مرقس الى الديار المصرية فى مدة اوثون قيصر فى وقت كانت فيه مشحونة بالاهالى عامرة بالسكان يبلغ عدد سكانها اثنى عشر مليونا وقيل عشرين مليونا ..ز

واتخذ مامرقس الاسكندرية مقرا لخدمته لانها كانت تجمع اجناسا مختلفة مصريين وحبش ونوبيبن ويهود ويونانيين ..وكانت مركزا للتجارة وللعلم وكانت المدينة الثانية بعد رومية .. ولما دخلها جعل يطوف فى جميع شوارعها ليتفقد احولها حتى تقطع حذاؤه .. ودبرت العناية الالهية ان يعرج على اسكافى بالسوق يدعى " انيانوس " وبينما الاسكافى يعمل بالمخراز فدخل فى يده ولشدة الالم صاح ايوس ثاؤس الذى تفسيره الاله الواحد ... وهذا دليل على تمسك المصريين بعبادة الاله الواحد من قديم الزمان .. فطلب الرسول من اجله من المسيح وتفل على الارض واخذ جزءا من الطين ووضع على الجرح وقال بسم الاب والابن والروح القدس الى الابد ان تشفى يد هذا الانسان فالتأم الجرح فى الحال...

ثم ابتدأت الكرازة ودعاه الى منزله ثم اعترف الرجل واهل بيته بيسوع مخلص العالم ومن ثم اخذت كلمة الرب تنمو وتمتد بسرعة حتى انه فى وقت وجيز تتلمذ للرسول كثيرون من المصريين رجالا ونساء فعمدهم وكتب لهم انجيله باللغتين اليونانية والقبطية فى ذلك الحين .. وتقابل مع الرسول بطرس فى مصر بابيليون وكان ذلك سنة 58 و 62 م ولما رحل الرسول بطرس عن مصر رجع مامرقس من الطواف الى مدينة الاسكندرية وتأمر عليه الوثنيون واليهود فرسم انيانوس اسقفا للمؤمنين ومعه ثلاثة قسوس وسبعة شمامسة .. ثم ذهل الى برقة الى الخمس مدن الغربية واقام بها سنتين يبشر ويرسم كهنة ...

ثم طلبه الرسول بولس ان يذهب ليبشر فى رومية فلبى نداء بولس وذهب هناك حيث اشترك معه فى اتعاب كثيرة كما يظهر من فل 24 .. فنرى هنا ان مرقس الرسول قضى وقتا فى تدبير ورعاية كنيسة رومية ولكن لا تحت اشراف بطرس بل بموجب طلب بولس وتحت ارشاده وبعد ذلك ذهب الى تيموثاوس بأفسس .. وانطلق مع تيموثاوس الى رومية ولم يتركها هذه المرة الا بعد استشهاد الرسولين بطرس وبولس سنتى 65 و 68 م ثم عاد الى الكنيسة المرقسية بالاسكندرية ...

ثم انشأ بالاسكندرية المدرسة اللاهوتية واقام يسطس رئيسا عليها .. وقد حدث فى يوم 29 برمودة 26 ابريل بينما كان المسيحيون يحتفلون بعيد الفصح والوثنيون بعيد الهم سيرابيس اخذ الرسول مرقس يقبح عبادة الاوثان وكان الوثنيون يبغضونه بغضا شديدا وطالبوا بالقاء اليد عليه لتجديفه على الهتهم واخذو يطوفون به فى شوارع المدينة ويجرونه فوق الصخور حتى تمزق لحمه وتهشمت عظامه وسال دمه البرئ وهو محتمل اهانات شديدة كثيرا حتى اتى الليل فطرحوه فى السجن حيث ظهر له ملاك الرب فى رؤيا وشدد عزيمته ...

ولما اصبح النهار عاد الوثنيون الى تمثيلهم الفظيع وهم يزأرون ويصيحون جرو الثور الى بوكاليا وكان الرسول فى اثناء ذلك يسبح الله ويشكره حتى فارقت روحه الطاهرة جسده البار مستشهدا فى 30 برمودة سنة 68م ...

وقد اراد الوثنين احراق جسده فأوقدوا النار ولكن شاءت ارادة الله ان توقفهم عند هذا الحد السئ فهبت ريح شديدة وامطرت السماء فأطفئت النيران ... وقد فر المسيحيون بجسد القديس ودفنوه بكنيسة بوكاليا .. وقد حفظ فى كنيسة الاسكندرية الى الجيل السادس اوموفوريون القديس نفسه او وشاحه الكنسى وجميع البطاركة الذين جلسوا على كرسى البطريركية بعد ه كان يلتزم كل منهم بعد انتخابه ان يضع فى عنقه الوشاح المشار اليه ...

وقد اظهر الرب على ايدى الرسول اثناء اقامته بالبلاد المصرية ايات كثيرة وعجائب , وقيل انه كان معتدل القوام ابيض الشعر ناصعه يكلل هامته كالتاج .. انفه طويل ورفيع .. وتقاطيع وجهه جميلة متناسبة حواجبه مائلة الى الجهة الداخلة مقوسة . لحيته طويلة وكثيفة والرأس صلعاء ...

واصطلح ان يرسم بجانب صورة القديس صورة اسدا رمزا الى افتتاحه انجيله بالصراخ الاسدى صراخ يوحنا المعمدان فى البرية حيث قال " انا هو الصوت الصارخ فى البرية " ... وقيل ان اهالى البندقية الذين سرقوا جسده فى القرن التاسع حيث كانت علامة وطنهم المميزة لهم شكل اسد ذى اجنحة ....

2- انيانوس ....

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:14 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
*** تاريخ البطاركة " القرن الاول " - 3 - " ***
---------------------------------------
نكمل حديثنا عن تاريخ البطاركة وتحدثنا عن القديس العظيم مارمرقس الرسول و اليوم سنتحدث عن البطريرك انيانوس - ميليوس - كرذونوس ...

2- البطريرك انيانوس :
----------------------
هو البطريرك الثانى من بطاركة الكرسى الاسكندرى .. سيم اسقفا سنة 62م فى شهر بشنس مدة حكم وسبانيوس قيصر - بيد مارمرقس وذلك حينما برح هذا الرسول الاسكندرية لاول مرة فأقامة لينوب عنه فى تدبير الكنيسة مدة غيابه .. وبعد انتهاء القديس جلس بعده على كرسى البطريركية وقد مر بنا كيفية اهتدائه للمسيح وعقب ذلك ترك مهامه العالمية واشغاله الدنياوية واشتغل فى خدمة حقل المسيج الجديد فى مصر وحول بيته الى كنيسة قال " ابن بطريق المؤرخ " ان مرقس الرسول صير مع حنانيا " انيانوس " اثنى عشر قسيسا وامرهم اذا مات البطريرك ان يختاروا واحدا من الاثنى عشر قسيسا ويضع الاحد عشر قسيسا ايديهم على رأسه ويصلحونه بطريركا ويباركونه ثم يختارون رجلا فاضلا ويصيرونه مكان ذلك القسيس ليكونوا اثنى عشر ابدا ...

فلم يزل القسوس بمدينة الاسكندرية من الاثنى عشر قسيسا الى وقت " الاكسندروس بطريرك الاسكندرية الذين كان فى مجمع الثلاثمائة وثمانية عشر " نيقية الاول المسكونى " وانه منع من ان يصلح القسوس البطريرك وانقطع ذلك الرسم وامر ان لا يصلح البطاركة الا الاساقفة " ....

غير ان اغلب المؤرخين يتفقون مع الانبا ساوريرس بأن الرسول مرقس رسم انيانوس فقط ثلاثة قسوس وسبعة شمامسة جعلهم يخدمون ويثبتون الاخوة وقد شهد المؤرخون للبابا انيانوس بالصلاح والتقوى وقال عنه " اوسابيوس المؤرخ " انه كان محبوبا من الله مقبولا عنده .. وقال اخر كان قلبه ينظر الله يعرف مشيئته ويتتمها ...

وفى عهد البابا انيايوس نجحت التعاليم المسيحية واتسع نطاقها وتمذهب بها الكثيرون من ارباب المناصب العالية والاكابر والاعيان وبعض رجال الدولة وكثر المؤمنون فرسم منهم كهنة وخداما واقام اثنتين وعشرين سنة وتنيح فى العشرين من شهر هاتور سنة 84م ... وقد تولى اثناء جلوسه على الكرسى سبعة قياصرة هم " نيرون - جلبا - اوثون - فيتيليوس - وسباسيان - تيطس - دومتيان " ...

3- البطريرك ميليوس :
--------------------------
وهو ثالث بطاركة الاسكندرية - انتخب للبطريركية بعد وفاة البابا انيانوس فى شهر كيهك سنة 84م وفى عهد " دوميتيانوس قيصر " بأجماع اراء الشعب .. وكان هذا البابا مشهورا بالعفاف متصفا بالتقوى والغيرة على رعية المسيح فأخذ يثبت الشعب فى الايمان حتى نما عدده بمصر والخمس المدن وافريقية وشرع المصريون يحتقرون الاعتقاد بعبادة الاوثان ويتهافتون على الانضمام لحضن المسيحية افواجا وسادت فى ايامه السكينة وكانت الكنيسة متمتعة بالسلام الكلى ...

وقد روى بعض المؤرخين ان " دوميتيانوس قيصر " طرد البابا ميليوس من الكرسى الاسكندرى واقام عوضه غيره غير ان هذه الرواية لم يقم دليل على صحتها ولم تتناقلها اقلام المؤرخين ورقد هذا البابا فى اول توت سنة 96م ...

4- البطريرك كرذونوس :
---------------------
البطريرك الرابع . وما علم الكهنة والاساقفة الذين يباشرون الخدمة فى البلاد بأن البطريرك تنيح حتى حزنوا واجتمعوا فى مدينة الاسكندرية وتشاورا مع الشعب المسيحى الذين فيها وطرحوا القرعة لكى يعرفوا من يستحق الجلوس على كرسى الاسكندرية فأتفق رأيهم بتأييد الله على انتخاب رجل فاضل اسمه " كرذونوس " قيل انه ممن عمدهم الرسول مرقس فرسم بطريركا فى شهر بابه سنة 96م فى عهد " تراجان قيصر " وكان عفيفا متصفا بكل الصفات الصالحة فرعى كنيسته بأجتهاد وامانة مدة عشرين سنة وستة اشهر وعشرة ايام ...

وقبض عليه واستشهد فى الاضطهاد الذى اثاره تراجان قيصر .. قيل ان سبب القبض عليه هو ان واليا رومانيا قال له " لماذا لا تشركون الهتنا بالهكم وتبقون على عبادته " فأجابه " لآننا لا نسجد لاخر " ...

وكان استشهاده فى 21 بؤونه سنة 106م وقد خلا الكرسى بعده ثلاث سنوات نظرا لشدة الاضطهاد وعدم تمكن الشعب المسيحى من انتخاب خليفة له ...

والموضوع له باقية ....

المحاضرة القادمة رقم 4 نتحدث فيها عن المملكة والكنيسة والبدع فى القرن الاول فى ايام هؤلاء البطاركة الاربعة " مامرقس - انيانوس - ميليوس - كرذونوس "

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:14 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
تحدثنا فى اول محاضرة عن """ مدخل الى دراسة تاريخ الكرازة المرقسية """ (1)

ثم بدأنا بالحديث عن اول بطاركة الاسكندرية القديس مامرقس الرسول (2)

ثم المحاضرة الثالثة عن البطريرك انيانوس - البطريرك ميليوس - البطريرك كرذونوس (3(

وسنتحدث الان عن " المملكة والكنيسة - البدع " فى القرن الاول فى عصر هؤلاء البطاركة الاربعة " القرن الاول " " مرقس - انيانوس - ميليوس - كرذونوس

المحاضرة الرابعة
------------------
اولا : المملكة والكنيسة
------------------------

1- اضطهاد الوثنيين :
------------------------
فى زمن ظهور الديانة المسيحية بمصر كان زمام الحكم فيها بيد المملكة الرومانية .. ولم تكن الحكومة تعنى بالمسيحيين فى مصر فى القرن الاول لقلة عددهم , غير ان اشرار الوثنين كانوا يضايقونهم ويتحرشون بهم فى الطرقات ويهجمون عليهم فى مجتمعاتهم .. وراح ضحية تلك التعديات مارمرقس الرسول , وفى يوم استشهاده تتبعوا النصارى وامعنوا فى قتلهم والتنكيل بهم .. فملآوا بجثثهم اكثر الطرقات وكان ذلك اليوم يوما مشهودا ...

2- اضطهاد تراجان :
------------------------
وفى اخر هذا القرن نما عدد المسيحين بالاسكندرية فأمتد اليهم لهيب اضطهاد القيصر تراجان الذى تولى سنة 98م واشتد عليهم واستشهد فى ذلك الاضطهاد البابا كرذونوس البطريرك الرابع وكان فى بدء ظهور النصرانية ينظر اليها كشيعة يهودية خطرة ولما اشتعلت ثورات اليهود على المملكة الرومانية اضطهدت الحكومة المسيحيين مع اليهود لظنها انهم قسم منهم فنال المؤمنين فى الاسكندرية شدائد عظيمة ...

ثانيا : البدع
----------------
1- بدعة كرنثيوس
--------------------
كرنثيوس هو يهودى المولد تعلم الفلسفة بالاسكندرية وبث ضلاله سنة 73م وحاول فى حياة يوحنا الرسول ان ينشئ ديانة جديدة يؤلفها من تعاليم المسيح ومبادئه ومن تعاليم الكنوسيين "

والكنوسيين هم قوم زعموا بأنهم قادرون ان يرودوا للبشر مافقدوه من معرفة " اى كنوسس " الاله الاعظم ونادوا بانقلاب المملكة التى شيدها خالق العالم واصحابه وكان اول ظهورهم بعد موت الرسل "

واليهود .. فأخذ من الكنوسسيين خرافات البليروما " اى العالم الاعلى " والايون " اى الاشخاص السماوية الخالدة بنو الارواح , ودميورج " اى خالق العالم الذى يختلف عن الاله الاعظم " ...

وهو اظهر مبادئه بصورة لا ينفر منها اليهود فعلم ان الذى سن الشريعة لليهود هو خالق هذا العالم وهو ذو مناقب حميدة وصفات شريفة مكتسبة من الاله الحق غير ان هذه الفضائل لم تلبث حتى تدنست فأراد الله ان يلاشى سلطان مشترع اليهود بواسطة ايون مقدس يدعى المسيح ...

وكان رجل يهودى اسمه يسوع كامل وقدوس وابن بالطبيعة ليوسف ومريم فهذا حل فيه المسيح بنزوله عليه بهيئة حمامة عند عماده من يوحنا بنهر الاردن .. وحال اتحاد المسيح بيسوع قاوم هذا بشجاعة اله اليهود خالق العالم فحرض هذا عليه اليهود فقبضوا عليه ليصلبوه فلما رأى المسيح انهم قبضوا على يسوع طار الى السماء وترك يسوع فصلب وحده ...

ولهذا اوصى كرنثيوس اتباعه باحترام الاله الاعظم ابى المسيح وباحترام المسيح وامرهم بعدم اعتبار مشترع اليهود وبرفض مبادئ الناموس الموسوى واوصاهم بالسير على نظام المسيح معلما اياهم بأنه سيعود ثانية ويتحد بالانسان يسوع الذى حل فيه قبلا ويملك مع تابعيه على فلسطين الف سنة , ثم وعدهم بقيامة اجسادهم وتمتعها بافراح سامية فى مدة ملك المسيح الف سنة وبعد ذلك يدومون فى حياة سعيدة فى العالم السماوى ...

2- الغنوسطيون :
---------------------
ان الغنوسطية اى مذهب التوليد .... انشئت فى فلسطين او فى سورية عند ظهور الدين المسيحى .. ولم يكن مذهب الغنوسطين الا موقفا بين الدين المسيحى الجديد والاديان القديمة واقيم له فى الاسكندرية مدرسة فى اوائل القرن الثانى للميلاد واعتنقه بعض المصريين ...

الا ان الغنوسطية المصرية كانت تختلف عن الاسيوية فأعتقد المصريون ان المادة ابدية وحيوية ايضا , واعتبروا غالبا المسيح مخلصا انه شخصان الانسان يسوع وابن الله او المسيح ...

فالمسيح الشخصى الالهى زعموا انه دخل فى يسوع الانسان حين اعتمد من يوحنا وتركه حين قبض عليه اليهود .. ثم انهم نسبوا للمسيح جسدا حقيقيا لا وهميا مع انهم لم يتفقوا على ذلك ...

كما انهم وضعوا لا تباعهم شرائع تبيح بفساد اميال البشر , وظل علماء المسيحيين الافاضل يقاومون كل البدع التى كانت تنشأ من هذه الفلسفة مدة طويلة ...

انقرضت اخر شيعة لاهل هذه الهرطقة فى اواخر القرن السادس ...

وبهذا نكون انتهينا من القرن الاول والاربعة بطاركة الذين عاصروه والاضطهادات والبدع التى واجههوها ...

والمحاضرة القادمة رقم 5 ... سنتحدث عن القرن الثانى وتاريخ البطاركة به ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:14 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

فى القرن الثانى :

البطاركة هم :

1- بريموس
2- يسطس
3- اومانيوس
4- مركيانوس
5- كلاديانوس
6- اغرينيوس
7- يوليانوس
8- ديمتريوس

1- البطريرك بريموس :
----------------------------
وهو البطريرك الخامس ...

ولد بمدينة الاسكندرية وقيل انه ممن عمدهم الرسول مرقس .. وقال عنه الانبا ساويرس المؤرخ انه كان عفيفا كالملائكة ويفعل افعالا حسنة بنسك .. فأجمعت كلمة المؤمنين على انتخابه بطريركا ...

ارتقى الكرسى المرقصى فى شهر ابيب سنة 109 م فى عهد " "" ادريانوس قيصر """ .. ازداد تمسكا بالفضائل واضاف اليها الاجتهاد المتواصل فى سبيل تقدم المسيحية فى عهده .. ولهذا لم يكن يفتأ يقوم بنفسه بالوعظ والارشاد بدون كلل ولاجل هذه الغاية كان يتخير الرجال الاكفاء ويقيمهم اساقفة وقسوسا ووعاظا ليهذبوا الرعية بالاداب المسيحية ... وقد لبث يشتغل فى توسيع نطاق الكنيسة 12 سنة وساعده على تقديم العمل ان الكنيسة فى ايامه كانت فى سلام تام وطمأنينة كاملة ...

وكانت وفاته فى 3 مسرى سنة 121م ...

2- البطريرك يسطس :
-----------------------
البطريرك السادس

وحالما توفى الاب بريموس وقع اختيار الشعب على هذا الاب الفاضل الحكيم فرسم بطريرك فى شهر توت سنة 121م فى عهد """ ادريانوس """ ...

وهو مولود بالاسكندرية ولما اسس الرسول مرقص المدرسة اللاهوتية اقامه رئيسا عليها , فكان معلما بها حتى اقيم بطريركا ...

جعل اهم اغراضه تبشير الوثنين وجذبهم الى المسيحية فنجح فى عمله وتنصر منهم عدد عظيم , واستمر قائما بوظيفته عشر سنين وعشرة اشهر وخمسة عشر يوما ...

تنيح بسلام فى 12 بؤونة سنة 131م ...

3- البطريرك أومانيوس :
----------------------------
البطريرك السابع

وعقب تنيح البابا يسطس وقع الاختيار عليه فى شهر ابيب سنة 131 فى عهد """ ادريانوس """ لما كان معروفا عنه من العفة والنزاهة لانه كان بتولا طاهرا ...

كان قبلا مديرا للمدرسة اللآهوتية ومن اشهر اعماله رسامة اساقفة للكرازة المرقسية وارسلهم الى جهات القطر المصرى والنوبة والخمس مدن الغربية لنشر بشرى الخلاص ...

وفى عهده اشتد الاضهاد على المسيحين فنال الشهادة كثير من الاقباط ...

ظل على الكرسى المرقصى ثلاثة عشرة سنة وتنيح فى 9 بابه سنة 144م ...

4- البطريرك كلاديانوس
--------------------------
البطريرك الثامن

رسم بطريركا فى شهر هاتور سنة 144م فى عهد """ انطونيوس بيوس قيصر """

وهو مولود بالاسكندرية وكان ايضا مدير للمدرسة اللاهوتية وبعد تنصيبه اخذ ينهج على اثار اسلافه الافاضل فى هدايا النفوس وتهذيب الاخلاق رغم الاضهاد الذى كان مشتدا على المسيحين ...

وظل فى البطريركية مدة تسعة سنين وشهرين و 26 يوما ورقد فى الرب فى 6 طوبة سنة 154م ...

5- البطريرك كلاديانوس
--------------------------
البطريرك التاسع

رسم على الكرسى فى شهر امشير 154م فى عهد """ انطونيوس بيوس قيصر """.. وكان محبوبا من الجميع وهو مولود بالاسكندرية وكان بارا حكيما , وصار على اثار اسالفه , وكانت ايامه هادئة لم يحصل فيها اضطهادات ومايكدر صفوها ...

لبث مواظبا على عمله مدة اربع عشر سنة وستة اشهر وثلاثة ايام وتوفى فى 9 ابيب سنة 167 م ...

6- البطريرك اغربينيوس
--------------------------
البطريرك العاشر

ولد بالاسكندرية ورسم قسا بها وعرف بالصلاح والتقوى ونال رضاء الشعب والاساقفة وجلس على كرسيه فى شهر مسرى سنة 167م فى عهد """ مرقس اوريليوس قيصر """ ...

وبدأ يرشد ويعلم حتى تقدم فى عهده العمل الروحى وانتشرت كلمة الخلاص وزاد عدد المنضمين الى دين المسيح ...

وقضى على الكرسى اربع عشر سنة وسبعة اشهر وتوفى فى 5 امشير سنة 178م ..

وفى المحاضرة القادمة ...

سوف نتحدث عن البطريرك الحادى عشر يوليانوس , والبطريرك الثانى عشر ديمتريوس 1

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:14 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
تحدثنا سابقا عن تاريخ البطاركة بالقرن الثانى " البطريرك بريموس , يسطس , اومانيوس , مركيانوس , كلاديانوس , اغرينيوس " .. محاضره رقم 5 ...

واليوم سنكمل حديثنا عن اثنين من البطاركة فى هذا القرن وهم البطريرك يوليانوس والبطريرك ديمتريوس ...

7- البطريرك يوليانوس
-------------------------
البطريرك الحادى عشر

ولد بالاسكندرية وقيل انه كان تلميذا بالمدرسة الللاهوتية تحت ادارة الفليسوف القبطى بنتينوس , ففاق اترابه فى العلم وظهر عليهم بتقواه واستحق ان يرسم قسا , وبعد ذلك اختير بطريركا فى شهر برمهات 178م فى عهد مرقس اوريليوس ...

وعقب رسامته اشتعمل بوضع ميامر " سير " لاسلافه البطاركة تخليدا لذكراهم .. وكان متقربا من الله حتى انه اعلن قبل وفاته من سيخلف بعده ... وذلك قد ظهر له ملاك فى احدى الليالى قائلا له :

" ان من يأتيك غدا بعنقود عنب هو الذى يكون بعدك على الكرسى المرقسى "

واتفق فى ذلك الصباح ان رجلا كراما عاميا لا يدرى القراءة ولا الكتابة من اصل قبطى مسيحى يدعى " ديمتريوس " بينما يشذب اشجاره عثر على عنقود فى غير اوانه ففكر ان يهديه للبطريرك ...

وكان البابا يوليانوس فى اوقاته الاخيرة واجتمع حوله كبار الشعب وعظمائه يستفهمون منه عم يجدر به ان يكون خلفا له , فأخبرهم بما اعلمه الله فظنوا انه لا يعنى شيئا مما يقول وعندئذ دخل ديمتريوس بعنقود العنب فدهش الحاضرون واوصاهم بأنتخاب من عينه الله فأطاعوا وصيته وفعلوا بحسب ارشاده ...

وكانت مدة بطريركية البابا يوليانوس عشر سنين وتوفى فى 8 برمهات سنة 190م ...

8- البطريرك ديمتريوس 1
---------------------------
البطريرك الثانى عشر

ولما قيل لهذا البابا انه انتخب ليكون بطريركا توسل بضراعة ملتمسا ان يعفى من هذه المسئولية محتجا بعدم علمه وزاوجه اذ كانت العادة ان البطريرك ينبغى ان يكون بتولا ..

فلم يلتفت الى طلبه وتمت رسامته رغما عنه فى 18 برمهات سنة 191م فى عهد " كومودوس قيصر " ...

فلما اصبح بطريركا استدرك مافاته من العلوم والمعارف ففتح الله عليه بشئ كثير من العلم والحكمة حتى اصبح فى مقدمة علماء ذلك الزمان ...

روى انه احضر معلما ليعلمه فكان يجلس هو على الكرسى ويجلس المعلم تحت قدميه , فلم يكن يفهم شيئا , فظهرت له السيدة العذراء وقدمت له دواة ملآنة ماء فشربها ولما اصبح الصباح طلب من معلمه ان يجلس على الكرسى ويجلس هو تحت قدميه ففتح الله ذهنه وصار يفهم كل الدروس ...

وكان هذا البابا على جانب عظيم من التقوى حتى انه لم يباشر زوجته مباشرة زواج البته , وقد حدث ان البعض تقمقموا عليه بسبب زواجه ولم يرق فى نظرهم ان يكون البطريرك متزوجا ... فعلم بهذا وانتهز الفرصة فى يوم الصلاة وبعد تأدية الخدمة استحضر زوجته ووضع فى مئزرها بعضا من جمر نار المبخرة ووضع كذلك فى جيبه وطاف على هذه الحال هو وهى بين الشعب وامامهما نفر من الشمامسة ينشدون التراتيل الروحية حتى انتهوا من دورتهم دون ان يحدث للمئزر والجبة اى شئ من تأثير النار فأندهش جميع الشعب واقتنعوا بطهارة معاشرته لامراته وطلبوا منه الصفح والغفران , وقد قالوا ان والده اجبره على الزواج وكان نادر البتولية وهى اخرى نذرت البتولية قبل الزواج فعاشا معا بطهارة لمدة 48 عاما وقيل ان الملاك كان يظللهما اثناء نومهما .. وبعد هذه الحادثة امر زوجته بأن تعيش مع العذارى اللوتى نذرن العفة وانفردن للعبادة ...

وكما قلنا انه كان تقيا جدا لدرجة انه كان يعرف بالروح الخطاه , فكان يوبخهم اذ تقدم احد منهم للتناول يوضح له خطيته ... واصبح مواظبا على عمله حتى شاخ وتقدم فى الايام يعلم الشعب ...

كان البطريرك فى ذلك الوقت هو الاسقف الوحيد فى مصر , فرأى ان يعين ثلاثة اساقفة للآقاليم ليرعوا شعب المسيح ...

وفى سنة 202م رقى هذا البابا العلامة اوريجانوس رئيسا للمدرسة اللاهوتية خلفا لاكلمندس الاسكندرى ...

وفى سنة 231م ساء البطريرك الظن بأوريجانوس ووقع بينهما نفور ادى الى عقد مجمع حرم فيه اوريجانوس ونفاه وعين مكانه ياروكلاس احد تلاميذ اوريجانوس ...

ويقول المؤرخون ان هذه هى الغلطة الوحيدة التى شط بها البابا ديمتريوس عن سبيل الصواب وذلك لانهم يذكرون لاوريجانوس دفاعه المجيد عن المسيحية وكان يجدر ببطريرك تقى كهذا ان لا ينسى ماضى اوريجانوس الذى يدل عل غيرته وفضله لاجل غلطة صغيرة ارتكبها كما سيأتى بنا فى ترجمة ذلك العلامة ...

وفى ايام هذا البابا كان هياج بمدينة الاسكندرية وثار الاضهاد على المؤمنين فسطا " لينوس والى مصر الرومانى على البطريركية ونهب امتعتها وسلب اوانى الكنيسة وقبض على البطريرك نفسه ونفاه الى اوسيم "1 " حيث بقى فيها الى ان هدأت نيران الاضطهاد ولبث على الكرس 42 سنة ثم توفى فى 12 بابه سنة 232م وله من العمر 105 سنة ...

" اوسيم "
كانت هذه المدينة فى العصر المسيحى مركزا دينيا مهما بها اكثر من 360 كنيسة , ولكن العرب بعد دخولهم الى مصر اضعفوا شأنها حتى صارت فى اوائل القرن التاسع عشر بلدة صغيرة على مسيرة ساعتين للراكب من كوبرى امبابة ..

وبهذا نكون قد انتهينا من القرن الثانى للبطاركة القسم الاول .. وسنبدأ المرحلة الثانية من القرن الثانى وسنتحدث عن مشاهير الكنيسة فى هذا القرن وسنتحدث عن

المدرسة اللاهوتية ....... بنتينوس...... اكليمندس........ اوريجانوس ....

وذلك على مراحل متعددة ....

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:15 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
*** تاريخ البطاركة - القرن الثانى - القسم الثانى - محاضرة رقم 7 ***
----------------------------------------------------------------------------
تحدثنا فى الاجزاء السابقة على نبذه من تاريخ الكرازة المرقسية .. ثم تحدثنا عن القرن الاول للبطاركة وهم مارمرقس الرسول , انيايوس وميليوس وكرذونوس ... ثم كملنا حديثنا عن الاضطهادات والبدع التى واجهت هذا القرن ...

ثم دخلنا فى القرن الثانى وتحدثنا عن البطاركة التى عاصروه وهم البطريرك بريموس , يسطس , اومانيوس , مركيانوس , كلاديانوس , اغرينيوس , يوليانوس و ديمتريوس الكرام ..

ونكمل حديثنا فى هذا القرن " القرن الثانى " ونتكلم فى هذه المحاضرة عن مشاهير الكنيسة " المدرسة اللاهوتية - بنتينوس - اكليمندس الاسكندرى - اوريجانوس " وهذا سيتم على مراحل لانه جزء طويل شوية ...

** مشاهير الكنيسة فى القرن الثانى للبطاركة **
--------------------------------------------------
1- المدرسة اللاهوتية :
------------------------
قيل ان مؤسسها هو مرقس الرسول سنة 68م , وكانت تسمى المدرسة " الكاتشيسس " اى تعليم قواعد الايمان بالسؤال والجواب ....

وكان الغرض من انشائها تعضيد الديانة المسيحية لان الدين المسيحى لقى فى الاسكندرية مصاعب لم يلق مثلها فى غيرها وكان لابد له من التغلب عليها ...

وسببها ان الشعب كان يكره دين اليهود الذى هو اساس المسيحية وكان علماء الموزيوم الذى كانت فى ايديهم ادارة الشعب اقل استعدادا لقبول تعاليم مصدرها كمصدر الدين المسيحى .. فرأى المسيحيون فى الحال انه لابد من اصلاح تعليمهم اصلاحا خصوصيا فى مدينة خاصة بالفلاسفة والمحققين فأنشأوا تلك المدرسة للذين كانوا يريدون ان يتضلعوا فى معرفة اصول الديانة ...

وفى اواخر القرن الثانى انحاز " بنتينوس " احد الرواقيين القدماء الى تلك المدرسة التى كانت تناظر " الموزيوم فى العلوم الادبية والدينية وجعل مديرا لها ...

ثم اعتنق الفيليسوف " اثناغورس الاثينى " الدين الجديد واستلم ادارة مدرسة خلفه فيها قوم اعظم منه ...

وفى عهد " اكلميندس واوريجانوس " بلغت تلك المدرسة اسمى درجات المجد وفاقت كل المدارس النصرانية التى انشئت فى القرون الاولى للميلاد .. فكان يدرس فيها اللاهوت والفلسفة المنطق والطبيعة والرياضة والفلك والموسيقى لان العلوم كانت لها ضربة لازمة لوجودها فى وسط ديانة يهودية مستندة الى الفلسفة ومدارس يونانية او مصرية مستندة الى النظامات العمومية وهرطقة اريوس وهى دقيقة تميل اليها القلوب ومقاومين اشداء اقلقوا الكنيسة فى ازمانها الاولى وهم الغنوسطيون المشار اليهم انفا ...

واعتنى علماء تلك المدرسة بأن يعرضوا الدين المسيحى على الناس عرضا تعمقوا فى البحث عنه وذلك ماسماه القديس " اكلميندس الاسكندرى " " الغنوسطية الحقيقية " المضادة للغنوسطية الهرطوقية التى انتحلت هذا الاسم زورا ... وبعد ان عرضوا الايمان المسيحى على هذا المنوال الفوا تأليف شتى لتفسير التوارة ونبذات خصوصية فى قواعد الاعتقاد والقانون الوجيز المكمل المنسوب الى القديس اثناسيوس وكل الارتقات المشهورة ولاسيما ارتقات الالفيين وسابيليوس واريوس ونسطورس واواطيخا صادفت مقاومين اشداء فى المدرسة المسيحية ...

هذه هى المدرسة اللاهوتية التى امتد فضلها الى كل الاصقاع وانتشر نورها فى كل مكان وكفاها فخرا ان تخرج منها فطاحل بابوات الاسكندرية وحماة البيعة المقدسة .. ومع انها اصيبت بمحن شديدة واضطهدت فى ايام ساويرس سبتميوس وديوكلتيانوس القيصرين الا انها رجعت الى رونقها بعد وفاة المضطهدين .. ومن دلائل غظم شأنها ان منصب رئيسها لاهميته كان يلى المنصب البطريركى فى الرتبة وجل البطاركة انتخبوا من رؤسائها ...

وظلت زاهرة بالعلوم ويفد اليها طلاب من كل اصقاع المسكونة حتى قام " رودن " اخر رئيس تولاها ونقلها من مكانها الى بلدة سيد فى اقيليم " بامفيليا " بدون سبب يدعو لذلك .. فأضر بها هذا النقل ضررا عظيما وتناقص عدد طلابها ..

ولما حدث هذا الانشقاق المحزن الذى سببه " مجمع خلكيدون " فى اواسط القرن الخامس اندكت معالم تلك المدرسة واصبحنا لا نعرف عنها الا انها كانت مقر العلم ومقصد العلماء ...

واليك اسماء الذين تعاقبوا على رأسه هذه المدرسة :
--------------------------------------------------------
+ يسطس +
اول من صار رئيسا على تلك المدرسة عينه مارمرقس الرسول وظل متواليا رئاستها فى اواخر سنى حياة الرسول وفى عهد البطاركة الاربعة الذين خلفوه وكان للبابا " انيانوس - البطريرك الثانى " عناية خاصة بتلك المدرسة وتعلم من مارمرقس كيف يهذبهم وكانوا جميعهم كما اخبرنا المؤرخون المسيحيون " وفيليون اليهودى " ايضا زاهدين فى الدنيا لا يكترثون بشئ من حطامها وانما كانوا يهتمون بالله فقط .. ومن ثم كانوا جميعهم متحدين بمحبة صافية وفائزين بسلام الارواح السماوية ولم يكن بينهم فقير ولا غنى لان الاغنياء منهم كانوا قد اعطوا اموالهم للفقراء لكى يفكر كل واحد فيما يجعل الانسان غنيا بالله .. ولم يكونوا يتناولون مأكلا سوى مرة واحدة كل يوم وذلك بعد غروب الشمس , وبعضهم كانوا يصومون ثلاثة ايام او خمسة من دون ان يأكلوا شيئا .. وكان مأكلهم الخبز ومشربهم الماء لا غير .. وذلك كان الرجال والنساء على حد سوى ...

+ اومانيوس +
فى مدة بطريركية يسطس ...

+ مركيانوس + فى مدة بطريركية اومانيوس .

+ بنتينوس +

+ اكلمندس + فى بطريركية ديمتريوس

+ اوريجانوس +

+ ياروكلاس +

+ ديونوسيوس +

+ ثاوغست + فى بطريركية ثاؤنا

+ بيروس + " كان كاهنا تقيا ورعا اشتهر بالتزهد والتنسك وعرف بزلافة اللسان وفصاحة المنطق حتى لقبه البابا بطرس البطريرك السابع عشر " اوريجانوس الصغير " وقد تتلمذ له كثيرون اشهرهم بمفيليوس البيروتى .. وحوالى سنة 282 م استشهد بيروس على مايظن فى الاضهاد الذى احدثه فاليريان قيصر ...

+ ارشلاوس +

+ بطرس + فى بطريركية ارشلاوس ..

+ سيرابيون + " كان عالما متضلعا وكاتبا ماهرا وصديقا وفيا للبابا اثناسيوس الرسولى ولذلك ارسله مع من ارسلهم الى القيصر قسطنطين الكبير .

+ مقار السياسى + فى بطريركية اثناسيوس ..

+ ديديموس الضرير +

+ رودن + فى بطريركية كيرلس الاول ...

والمحاضرة القادمة سنتحدث عن " بنتينوس " ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:16 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
*تاريخ البطاركة -القرن الثانى-القسم الثانى-محاضرة 8 *

انتهينا فى الجزء السابق من حديثنا عن بطاركة القرن الثانى وبدأنا فى الحديث عن مشاهير الكنيسة فى هذا القرن ... وتكلمنا عن المدرسة الشهيرة التى تخرج معظم بطاركنا منها وهى المدرسة اللاهوتية ....

وسنكمل الحديث اليوم عن بعض مشاهير الكنيسة فى هذا القرن " القرن الثانى "

ومن مشاهير هذا العصر فى الكنيسة :
---------------------------------------------
2- بنتينوس :
----------------
ولد بالاسكندرية فى اوائل القرن الثانى وهو من اصل قبطى قيل انه كان قبل تنصره من فلاسفة الرواقيين "2" والظاهر انه كان هو ومعاصره اكلمندس الاسكندرية تلميذين لاثناغورس الفيلسوف"4" وكانا كباقى مسيحى مصر متضلعين فى علوم القدماء وحكمتهم كتضلعهم فى كل الحقائق والمبادئ المسيحية ...

تولى بنتينوس رئاسة المدرسة اللاهوتية حوالى سنة 181 م واستمر فى وظيفته حتى اتت رسالة من بلاد الهند الى البابا ديمتريوس البطريرك يلتمس فيها اهلها ان يرسل اليهم عالما تقيا يعلمهم الايمان فوقع اختيار البطريرك على هذا العلامة وعرض عليه الامر فقبله بكل سرور وتخلى عن رئاسة المدرسة سنة 190م بعد ان سلم مقاليدها الى زميله اكلمندس حتى يعود اليها .. ومن ثم توجه الى بلاد الهند واذاع فيها بشرى الخلاص..

قيل انه وجد عند الهنود نسخة من انجيل متى باللغة العبرانية مكتوبة بخط الانجيلى نفسه وكانت موضوع اجلالهم واكرامهم فسألهم عمن اتى بها اليهم فاجابوه انه الرسول برثولماوس .. وبعد ان صرف فى بلاد الهند مدة لا نعلم مقدارها رجع الى الاسكندرية واتى بهذه النسخة اليها ...

وفى تلك الحين شعرت الكنيسة بضرورة الشروع فى ترجمة حياة السيد المسيح الى اللغة المصرية فأخذ بنتينوس على عاتقه القيام بهذا العمل غير انه رأى ان اللغة الهيروغليفية لا تصلح للنطق ببعض مقاطع ولهجات اضاف عليها ستة حروف من الابجدية الهيروغليفية ومن ثم بدأ فى العمل بمساعدة تلاميذه حتى انجزه واستطاع ان يخرج الكتاب المقدس للمصريين بلغتهم ليتعلموه فى بيوتهم وكنائسهم ... ومن ذلك الحين اهملت الكتابة بالاقلام الهيروغليفية واعتاضت عنها الكتابة اليونانية ...

وعاش هذا الفيلسوف بعد ان تولى ادارة المدرسة اللاهوتية مرة ثانية مدة وجيزة ثم توفى سنة 190م وقد الف هذا العلامة تفاسير كثيرة على الاسفار الالهية حتى قال عنه تلميذه وخليفته انه كان موعبا من روح الكتاب .. غير ان جميع كتاباته مفقودة ...

ملحوظة
--------
فلاسفة الرواقيين : " 2 "
----------------------
الرواقية فلسفة قديمة تجددت قبل الميلاد بسنتين وقد قال اصحابها ان الخير الاعظم فى الفضيلة وغرضهم كان اتحاد الدين بالفلسفة وقد اقروا بوجود الله ولكنهم قالوا بأنه حال فى كل شئ وأنه توجد الهه صغرى اتفقت مع الهة الديانة المقبولة عند الجمهور ...

اثناغورس الفليسوف " 4 "
----------------------
هو من الاسكندرية ويسمى الفيليسوف الاثينوى .. كان مشتغلا بوظيفة عالية مهمة فى متحف تلك المدينة واعتبر اساطين الديانة الوثنية .. وكان كغيره من الفلاسفة الافلاطونيين يكرهون الديانة المسيحية ورغبة فى مقاومتها اجهد نفسه فى درس تعاليمها جيدا وواظب على ذلك بهمة لا تعرف الملل فكانت النتيجة ان قوة تأثير الديانة المسيحية والحق المؤسسة عليه قد فعلا فيه فعلا حسنا .. فتغيرت افكاره وامن بالمسيح سنة 176م واصبح من اعظم انصار الديانة المسيحية واكبر المدافعين عنها ...

ومما كتبه لهذا الغرض رسالة عنوانها " الى مرقس اوريليوس وكمودس " ويظن ان تاريخها بين سنتى 176 و 177م دافع فيها عن النمائم التى كان اعداء المسيحية يواجهونها اليها ...

وبهذا نكون انتهينا من الحديث عن الفليسوف بنتينوس ... والمحاضرة القادمة رقم 9 سنتحدث عن الفليسوف اكليمندس الاسكندرى ...

تاريخ الكنيسة القبطية

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:16 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
*************محاضرة رقم 9 ***************

انتهينا من الحديث عن بطاركة القرن الثانى ... وبدأنا فى مشاهير الكنيسة فى هذا القرن ...

ومشاهير الكنيسة فى القرن الثانى :

1- المدرسة اللاهوتي........ ............. وتم الحديث عنها سابقا ...
2- الفليسوف بنتينوس...................... وتم ايضا الكلام عنه ....
3- الفليسوف اكليمندس الاسكندرى..... واليوم سنتحدث عنه ...
4- الفليسوف اوريجانوس ................ المحاضرة القادمة لانه طويل شوية

3- الفليسوف اكليمندس الاسكندرى
-------------------------------------------
هو تيطس فلافيون .... ولد بالاسكندرية فنسب اليها ... وقيل انه لقب بالاسكندرى تمييزا له عن سميه اكليمندس الرومانى ...

وقال اخرون انه ولد فى اثينا نحو اواسط القرن الثانى ثم تفرغ منذ حداثته لدرس الفلسفة فتضلع فى الفلسفتين " الرواقية والافلاطونية "1" .... واذا لم يجد فيهما ما كانت تصبو اليه نفسه سعى يطلب الحقيقة فزار بلاد اليونان وايطاليا واسيا الصغرى ومصر وخالط المعلمين النصارى فأثر فيه ماسمعه من القديس " بنتينوس " مدير المدرسة اللاهوتية فأهتدى الى النصرانية وصار من المساعدين لمعلمه فى المدرسة واشتهر فى معرفة الاسفار الالهية ...

ذهب بعضهم الى انه خلفه فى ادراتها نحو سنة 190م وبقيت ادارة مدرسة الاسكندرية منوطة به الى سنة 202م وفيها حدث الاضطهاد الذى قام به ساويرس قيصر فأضطره الامر الى الفرار الى فلسطين فزار اورشليم وانطاكية ...

وذكر فى بعض الروايات انه كان فى اورشليم سنة 210 و 211م لان " اوسابيوس اسقف قيصرية " 315م " الملقب بأبى التاريخ الكنسى ذكر فى ذلك التاريخ انه كان حاملا رفيما من اسقف اورشليم الى كنيسة انطاكية واقام اولا فى اورشليم حيث وجد الاسكندر اسقفها مسجونا ثم قصد مدينة انطاكية واجتمع باسكيلابيادس اسقفها ولم يعلم عنه شئ فى السنين الاخيرة من حياته ...

وقال الباحثون ان هذا القديس يمتاز بين اباء الكنيسة بتضلعه فى الفلسفة اليونانية ومحبته لها وكان يعتبر الفلسفة علما الهيا والفلاسفة انبياء الوثنية ... وكانت تعاليمهم عنده تمهيدا لطريق المسيح بين الوثنين كما كان ناموس موسى تمهيدا لها بين العبرانيين ولم يكن يثبت احدى المدارس الفلسفية ولا خطر له قصد منتسق لجهة اللاهوت المسيحى ... وكل الجهد الذى بذله فى التأليف بين الفلسفة والدين كان منحصرا فى تفاسيرا رمزية للكتاب المقدس واراء يظهر لمن امعن فيها النظر انها جديرة ببعض اصحاب العلم الالهى اكثر مما هى حقيقية بمسيحى غير انه بمقابلته بين الاراء المسيحية والاراء اليونانية حصل له نفوذ فيهم فى عصره وساعد على انتشار الفلسفة المسيحية ...

وللقديس اكليمندس ثلاث مصنفات لا تزال موجودة حتى الان :

+ تحريض الامم ..... : وفيه يحرضهم على الرجوع من عبادة الاوثان الى خدمة الاله الحق وكلمته ...

+ المرشد ...........: فى ثلاثة اجزاء ومضمونه تثقيف المؤمنين الحديثين وتهذيبهم فى معرفة الانجيل .....

+ المتنوعات ........: فى ثمانية مجلدات وهو يتضمن مقالات عديدة فى مواضيع فلسفية وحقائق انجيلية وذكر بعض التعاليم الباطلة ودحضها غير ان المجلد الثامن منه مفقود ...

ولنا منه رسالة عنوانها """" من يخلص الاغنياء """ مؤلفه على طريقة المقالة ....

وهناك ايضا مؤلفات له :

+ عيد الفصح .. + الصوم .. + النميمة .. + القوانين الكنيسية .. + اغلاط المشهورين ..

ومن مؤلفاته المفقودة : كتاب " المقتطفات " فى 8 اجزاء .....

وهو يتضمن ملخص حوادث الكتاب المقدس .. وقد اقتبس اوسابيوس شواهد كثيرة من هذا الكتاب وذكر رسالة اخرى لآكليمندس عنوانها " الحث على الصبر " خاطب بها المعتمدين جديدا وكذلك تنسب اليه ترنيمة المخلص ...

غير ان :

كتابه فى شرح الاسفار المقدسة بالاختصار يحتوى على اغلاط وحكايات منقولة من الفلسفة الوثنية وهرطقة الغنوسطين ...

ولما كان اوسابيوس وايرينموس قد ذكرا الكتاب دون ان يذكر الاغلاط الفظيعة التى ذكرها فوتيوس كان يظن ان الاغلاط المذكورة قد ادخلها فيه الهراطقة بعد ذلك اذ كان من دأبهم ان يفسدوا تأليف اشهر اباء الكنيسة ...

قال احد الكتاب " قلما ترى فى تأليف اباء الكنيسة القدماء اشياء الذ من الاشياء المشتملة عليها تأليفه فأن فيها حوادث كثيرة متعلقة بتاريخ العالم فضلا عن انها تحتوى على قطع كثيرة منقولة عن مؤلفين لم يبق لتأليفهم اثر " واحسن طبعة من تأليفه هى التى طبعها الاسقف " بوتسر " باللغة اليونانية واللاتينية ...

"1" الافلاطونية:
تعلم هذه الفلسفة بأن العالم يسوسه اله مستقل مدير عاقل . وكان افلاطون يعلم الناس مايجب ان يخافوه ومايجب ان يرجوه بعد الموت وتعاليمه من جهة الارواح وانفس البشر عبارة عن خرافات محضة ...

وبكده نكون تكلمنا بالتفصيل عن القديس الفليسوف اكليمندس الاسكندرى ... وغدا سوف نتحدث بالتفصيل عن الفليسوف اوريجانوس ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:16 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
********** محاضرة رقم 10 ***************

تحدثنا فى المحاضرات السابقة عن بطاركة الكرازة المرقسية فى القرن الثانى وتكلمنا عنهم بالتفصيل ... ثم دخلنا فى الحديث عن مشاهير الكنيسة فى هذا القرن ....
وتحدثنا فيه عن المدرسة اللاهوتية ثم عن الفليسوف بنتينوس القديس و وايضا القديس اكليمندس الاسكندرى ....

واليوم ننهى حديثنا عن مشاهير الكنيسة فى هذا القرن بالفليسوف اوريجانوس ...

اتمنى ان تستمتعوا معى بقراءة حياة هذا الفليسوف :

4- الفليسوف اوريجانوس :
----------------------------------
ولد هذا العلامة العظيم فريد عصره بمدينة الاسكندرية سنة 185م من والدين مسيحيين تقيين ... وكان ابوه يدعى "" ليونيدس "" وله سبعة اولاد اكبرهم اوريجانوس ...

قيل ان ابا اوريجانوس كان من معلمى الفصاحة , فرباه بأعظم اهتمام ولم يكتف ان يروضه فى العلوم والقوى العقلية والرياضية بل فقهه ايضا فى الكتب المقدسة , وكان يختبر ذكاءه فيأمره بأن يحفظ كل يوم بعض ايات منها حتى حفظ اغلب نصوص الكتاب المقدس ... وكان ابوه يتعجب من بركات النعمة التى تشمله اكثر من حذاقة عقله .. فكان يدنو منه وهو نائم ويكشف عن صدره ويقبله بأحترام كأنه هيكل الروح القدس ...

ولما استكمل قواه وضعه فى المدرسة اللاهوتية فتتلمذ للعلامة "" اكلميندس "" وتوسع فى دراسة مؤلفات افرطون والرواقيين , فبرز اوريجانوس على جميع اترابه ونشأ وقلبه مفعم بحب الدين والغيرة عليه وبه وجد وهيام الى نيل اكليل الشهادة حبا بالمسيح حتى عرض نفسه مرات كثيرى ليكون فى عداد الشهداء ...

وفى سنة 202 م لما اثار "" ساويرس قيصر "" الاضطهاد قبض على " ليونيدس ابوه " واودع السجن دون ان يعلم اوريجانوس اذ كان خارج البيت وقت القبض عليه , ولما رجع فى المساء وجد امه واخوته غارقين فى بحر الاحزان فأعلن رغبته فى اللحاق بأبيه لشيترك معه لنوال اكليل الشهادة , فتوسلت اليه امه بدموع لكى لا يخرج واخفت ملابسه ... واذ ضاق به الامر ارسل لابيه خطاب تعزية يشجعه فيه على احتمال اللالام ويطلب منه ان لا يشغل بهم بقوله :

"" حذار ان يغير العذاب رأيك فى دعوانا لا تهتم باولادك فأن الله يعتنى بنا "" .. وقيل ان اوريجانوس كان معتادا ان يرسل امثال هذا الخطاب لتشجيع المؤمنين الذين كانوا واقعين تحت طائلة عذاب الاضطهاد "1 " ...

اما ابوه "" ليوندس "" فقطعت رأسه سنة 203م تبعا لقوانين الاضطهاد حيث ضمت املاكه الى الحكومة فباتت ارملته واولاده فى فقر واصبح اوريجانوس مكلفا بالقيام بعائلته وقتئذ وكان سنه "" 17 عاما "" ..ولم يكد يشعر بضيق الحال حتى سخرت له العناية الالهية امرأة غنية فاضلة كانت ملجأ لكثيرين من المنكوبين فى ابان الاضطهاد فرقت لحاله واوته فى بيتها ولبث عندها طول مدة الاضطهاد وهى تنفق على تعليمه فى مدرسة اكليمندس ..

وكان فى بيت هذا المرأة الفاضلة رجل هرطوقى اسمه بولس من انطاكية فأفرغ اوريجانوس قصارى جهده ليرده عن ضلاله فلم يقلع عنه ولما لم يطاوع ترك البيت اوريجانوس ...

وخرج اوريجانوس من هذا البيت وهو عازم ان يدافع عن المسيحية وكان يزاول مهنة التعليم ليقوم بنفقة نفسه وفى اثناء ذلك كان يتفقد المسيحيين المسجونين فى الاضطهاد ويعزيهم ويشدد عزائمهم على الثبات فى الايمان فأشتهر بعلمه واستحق اعجاب الجميع ولا سيما البابا """" ديمتريوس """" الذى قربه اليه واظهر له سروره وشجعه فى الاستمرار فى جهاده المبرور ...

وكانت المدرسة اللاهوتية حينئذ مغلقة بسبب هروب اساتذتها من وجه الاضطهاد .. فجد البطريرك حتى جمع الطلبة وكلف اوريجانوس بتعليمهم فشرع يعلم مبادئ الاداب اليونانية ثم تعاطى تفسير الدين المسيحى للموعظين , وكانت للتلاميذ مرتبات من الاموال المخصصة للفقراء ...

ولم يكد اوريجانوس ينجح فى عمله حتى قبض """ اكويلا والى مصر """ بأمر """ كاركلا قيصر """ على خمسة من تلاميذه وبعد ان عذبوا عذابا شديدا حكم عليهم بالموت المريع لانهم ابوا ان ينكروا ايمانهم ... وكان بين الخمسة اثنان بأسم " ساويرس " احدهما حرق والاخر قطعت رأسه بعد ان عذب طويلا , " وهيراكليدس وهرون "" قطعت رأساهما ايضا , اما الخامس " ياروكلاس " فكان صديقا حميما لاوريجانوس فلم يتدركه عند القبض عليه بل رافقه الى موضع الاعدام . ولما شاهد الجنود يقتربون من " ياروكلاس " تقدم اليه بشجاعة وقبله قبلة الوداع على مشهد من الجميع فأغتاظ منه الرعاع وهموا برجمه ولكنه اسرع بالهروب ... ويظهر ان مطاردتهم له مكنت ياروكلاس من الفرار بطريقة ما .. وعاش حتى صار رئيسا للمدرسة اللاهوتية فبطريركيا للكرازة المرقسية ... الا ان التعليم فى تلك المدرسة ابطل من ذلك الحين وطرد اوريجانوس من المدينة ولما سمح له بالرجوع استأنف التعليم ...

وبعد سنتين من هذه الحادثة عينه "" البابا ديمتريوس "" رسميا رئيسا للمدرسة اللاهوتية وهو فى الثامنة عشر من عمره .. فتقاطر عليه الكثيرون للآستفادة من تعاليمه حتى ان الوثنين ايضا اخذوا بفصاحته فكانوا يقبلون اليه واهدى كثيرين منهم الى الايمان ولكن بعضهم كانوا يحاولون القبض عليه ... فلما رأى البابا ذلك اضطر البابا ان يضع جراسة قوية على اوريجانوس ليمنع الوثيين من قتله ...

وقال """ اوسابيوس المؤرخ """ ان عوامل الاضطهاد تزداد ضده كل يوم وحنق القوم عليه اصبح شديدا حتى ان اهالى الاسكندرية لم يستطيعوا احتماله ولا الصبر على انتقاله من منزل لاخر وجولاته فى كل ناحية مرشدا ومشجعا المؤمنين والمضطهدين ... وروى """ ابيفانوس """ ان رعاع الوثنين امسكوه يوما بينما كان سائرا فى الطريق وحملوه بضجيج شديد الى هيكل سيرابيوم الشاهق وحلقوا له رأسه ووضعوا عليه قلنسوه والبسوه حلة بيضاء على طريقة كهنتهم رغما عنه واصعدوه على القمة الكبرى التى كانت فى اعلى السلم واعطوه سعف النخل وامروه بأن يوزعه على عبدة الاوثان وهم يسخرون به ويصفقون له , فأسرع اوريجانوس ولوح بالاغصان ونثرها وهو يقول بصوت عالى " هلموا خذوا هذه الاغصان لكن ليس برسم الاوثان بل بأسم يسوع المسيح خالق الانسان " فحاولوا قتله ولكن انقذه الله من ايديهم ...

وكان اوريجانوس زاهدا فى الحياة لدرجة متناهية فرفض جميع ماكان يقدم له جزاء لاتعابه وتقسى على جسده فكان يقتات فقط بما يدرأ عنه الم الجوع ولا يشرب شيئا من المشروبات وكان ينام على الارض دون فراش ويلبس ثوبا واحدا ويمشى دون حذاء ... يصرف النهار فى التعليم والاشغال المتعبة ويقضى الليل فى الدرس والمطالعة ...

فى تلك الفترة تخلى اوريجانوس عن مكتبته التى جمعها من مؤلفات الفلاسفة والتى كتبها بيده من مكتبة الاسكندرية لرجل وثنى مقابل راتب يومى قدره اربع بارات اى ثمانية مليمات تقريبا ..وحسب ذلك كافيا لسد احتياحاته .. ولهذا لقبه المؤلفون القدماء """" بأدمتيوس الالماسى """ لميله الى النسك ونشاطه الذى لا يخامره ملل ...

ومع هذه الصرامة التى عامل بها نفسه كان مجملا بوداعة تسبى قلوب الجميع .. فرقة طباعة وحذاقة عقله جعلتا كثيرين من الاسكندرية يلتفون حوله ..ولما كان ينتصب للخطابة كان الرجال والنساء من كل رتبة يسارعون لسماع تعاليمه ...

وكان اوريجانوس حريصا على عفته وطهارة ذيله ويخشى ان يرشقه حساده وخضماؤه .. وكان يشعر بأنه مضطر الى التردد على بيوت المؤمنين لتعليم العائلات اصول الدين ورأى كثيرات من التلميذات يتبعنه وفيما كان سنة 106م يطالع فى الاصحاح التاسع عشر فى انجيل متى انتبه للآية الثانية عشر واخذها على ظاهر معناها فخصى نفسه لكى يمنع عنه التجربة ولم يكاشف بأمره الا البابا ديمتريوس ...

وبسبب كل هذا التقشف الزائد اصيب جسمه بالنحول والضعف . قيل ان هذا ماكان يرومه اوريجانوس كى لا يكون اهلا لنوال درجة الكهنوت ...

ولم يكتف اوريجانوس بما حصله من علوم الكثيرة فى المدرسة اللاهوتية فعكف على درس العلوم الطبيعية والادبية فى المدرسة الوثنية التى كان يديرها امونيوس السقاص غير انه لما رأى نمو عدد تلاميذه تركها نظرا لعدم ملائمة تلك الدروس لما كتبه الوحى الالهى .. وقد زاع صيته فى الافاق نظرا لبراعته واقتداره ...

فيقول اوريجانوس - كنت معضدا للهراطقة واهل البدع الذين يجيئون لزيارتى والبحث معى وكنت مرموقا بجماعة من المغرمين بالعلوم اليونانية خصوصا المتعمقة فى الفلسفة - قصدت ان فحص افكار الهراطقة وامتحن تأليف الفرسفة الذين ينطقون بحقائق مهمة وقد اتبعت فى هذه خطوات " بنتينوس " الذى افاد الكثيرين قبل ان اوجد ... فأنكب اوريجانوس على درس الفلسفة على مذهب "" بيتاغورس وافلاطون "" ليستعين بذلك على رد مزاعم اهل البدع وعلى تفسير الكتاب ولهذا كان صيديقا لامنيوس السقاص ...

وفى سنة 211م زار مدينة رومية فقوبل فيها بكل اجلال كما يليق بعالم فاضل مثله وتقابل " بزفرينوس اسقف تلك المدينة بعد فكتور "" فثبت هناك فى عمل يكون نفع عظيم لعلماء التواره ثم درس اللغة العبرانية وبرع فيها وكان غرضه من ذلك ان يستقصى معانى ايات الكتاب المقدس الحقيقية ليضع بها تفسيرا وليؤها نفسه الى ترجمة الكتب المقدسة الى ست لغات وهو عمل يعد من اعظم الاعمال التى قام بها فى حياته ولو ان هذه الترجمة لم تنشر الا بعد وفاته بسنين قليلة ...

وقد برع صيته فى انحاء العالم فأسرع كثيرون للآستفادة من معلوماته ومن اجل خدماته قام بثلاث رحلات الى بلاد العرب : كان بين سنة 212 و 213 م وسبب ذهابه الى بلاد العرب ان حاكم هذه البلاد ارسل بعد هدوء الاضطهاد الى والى مصر وبطريرك الاسكندرية يطلب منهما ارسال الرجل المسيحى المسمى اوريجانوس بدون تأخير وذلك لكى يشرح له تعاليم الديانة المسيحية ويرشده الى طريق الخلاص ... فترك اوريجانوس فى مكانه " ياروكلاس " وذهب لاتمام هذه المخمة ولم يستمر فيها طويلا لان البطريرك عين شخصا اسمه بيرلوس اسقفا على البصرة لهداية بلاد العرب ...

والمرة الثانية التى فيها ذهب الى بلاد العرب كانت ليحضر مجمعا انعقد بسبب سقوط بيرلوس اسقف بصرة المتقدم ذكره فى الهرطقة فتمكن اوريجانوس من ارجاعه الى حضن الكنيسة ...

اما المرة الثالث لبلاد العرب كانت لدحض بدعة انتشرت هناك ومؤداها ان اللاهوت مات مع الناسوت وقام معه ثانية فى وقت واحد ...

وفى سنة 212م تعرف اوريجانوس برجل من ارباب الثروة والنفوذ يدعى امبروسيوس ... وكان تابعا لضلال فالنتينوس .. فهداه اوريجانوس الى الايمان وصار له صديقا حميما وتمكن بواسطته من توسيع دائرةر تعليمه وجعل درس جميع الفلسفة المعروفة تمهيدا لدرس اللاهوت المسيحى .. ولم يكتف امبروسيوس بمساعدته على التعليم بل حثة على وضع اكثر الكتب التى الفها ونسخها على مصاريفه الخاصة , فأشترى واستأجر سبعة نساخ وكان يملى عليهم اوريجانوس متعاقبين " لا يلقنهم معا كما توهم البعض "

فنشر فى الاسكندرية تفسيره لسفر التكوين والمزامير ومراثى ارميا والاقسام الخمسة الاولى من كتابه فى انجيل يوحنا ورسالة فى القيامة ورسالة بعنوان " ستروماتا اى مجموع فوائد " .. وتأليف المعنون " المبادئ ..
وقد روى بعض الكتاب انه كتب بعد ذلك الى " فابيبانوس اسقف رومية " ان امبروسيوس نشر المؤلف الاخير خلافا لارادته لان فى ذلك الكتب المذكور خلط المبادئ المسيحية بالفلسفة الافراطونية فجعل لمضاديه فرصة ان يتهمه بتهمات قوية ... ولكن افضل المحققين يصرحون بأن كتاب المبادئ كان خاليا من كل عيب بشهادة البابا اثناسيوس الرسولى الذى رفع شأن هذا الكتب ودفع عنه كل تهمة وحكم بقصر نظر من يرون فيه ضلالا وقال العلامة ديديموس الضرير " ان كتاب المبادئ هو ارثوذكسى المبنى والمعنى ..

اما هروب اوريجانوس الى قيصرية بفلسطين سنة 215 م عندما اشتد الاضطهاد بالاسكندرية فى عهد " كاركلا قيص " فهذا ما سوف نتحدث عنه فى المحاضرة القادمة ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:16 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
**** تاريخ البطاركة - القرن الثانى - القسم الثانى *****
************محاضرة رقم 11 *****************

نكمل حديثنا عن مشاهير الكنيسة فى القرن الثانى وتحدثنا عن المدرسة اللاهوتية ثم الفليسوف بنتينوس ..والفليسوف اكليمندس الاسكندرى ... وتطرقنا الى جزء من حياة الفليسوف اوريجانوس ....

واليوم نكمل حديثنا عن الفليسوف اوريجانوس ....
----------------------------------------------------
كنا تكلمنا عن الاضطهاد الذى اشتد فى الاسكندرية فى عهد " كاركلا قيصر " فى سنة 215م ... فأضطر اوريجانوس الى الهروب من الاسكندرية الى قيصرية فى فلسطين حيث لقى كل اعتبار واكرام , ومع ان وظيفة الوعظ كانت حينئذ خاصة برجال الكهنوت ولم يكن اوريجانوس قد نال رتبة كهنوتية مع توافر علمه وتقواه بسبب زهده فى الرتب والوظائف الا ان اسكندر اسقف اورشليم رفيقه فى التلمذه وثيوسيتوس اسقف قيصرية طلبا منه ان يشرح الاسفار المقدس جهارا لفائدة الجمهور بحضورهما , ولما سمعاه اطلقا عليه لقب """ سيد مفسرى الكتاب المقدس """ وكان ميليانوس اسقف قيصرية الكبادوك ينتظر حضور اوريجانوس بفروغ الصبر ولما استبطأه اسرع الى فلسطين ليتلقى العلوم ممن كان يفتخر بأن يدعوه استاذه ...

فلما وصلت اخبار اوريجانوس الى مسامع البابا ديمتريوس اعترض على اولئك الاساقفة لسماحهم لاوريجانوس بمزاولة مهنة خاصة بالكهنة فجاوبة الاساقفة بما يدل على احترامهم له ودافعا عن انفسهما بأنهما سارا على منوال السالف الصالح الا ان البابا ديمتريوس لم يقتنع فأرسل رسائل لآوريجانوس مع بعض الشماسة يأمره بعدم القيام بأية خدمة ويخبره بهدوء الاضطهاد ليحضر ويمارس اعماله فرجع اوريجانوس بسرعة الى الاسكندرية واستلم زمام اعماله ...

ولم يمض الا القليل بعد ذلك حتى اتيح لاوريجانوس زيارة العربية حيث اجتمع بهيبوليتوس احد فلاسفة المسيحية وقتئذ , وقد وضع هذا كتاب نسب الجزء الاول منه الى اوريجانوس وسنة 219م استدعته ماميا ام الملك اسكندر محب المسيحين الى انطاكية لتسمع وعظة واستمر مدة كان فيها موضوع الاجلال والاكرام . وكان لمعارفه وادابه تأثير عظيم وبسببه خف الاضطهاد الذى كان واقعا على المسيحيين ...

وفى سنة 228م ارسلة البابا ديمتريوس الى اخائية ببلاد اليونان ليقاوم الهراطقة الذين اقلقوا راحة الكنيسة هناك فزار فى طريقه فلسطين وكان فى كل مدينة او قرية نزلها يدعى الى الوعظ فى الكنائس , ولما مر بفلسطين عند رجوعه خاطبه اسقفها " ثوسيستوس " بالاشتراك مع اسكندر اسقف اورشليم بأنه لايجوز بأستاذ الكهنة والاساقفة ان يكون مجردا من كل الكهنوت .. ويظهر ان اوريجانوس كان بسيط القلب فأقتنع بكلامهما وارتضى ان يقبل منهما درجة القسوسية وهو فى السنة الثالثة والاربعين من العمر ...

غير ان ديمرتوس البابا الاسكندرى اعتبر هذه السيامة تعديا على حقوقه . ومن ذلك الحين بدأ سوء التفاهم يجد مكانا بين اوريجانوس والبطريرك الذى قام الحجة على ذينك الاسقفين لرسامتهما شخصا خاضعا له فجاوباه بأن احترامهما لمركزه عظيم .. قال اورينموس " ان الحسد هو الذى حمل ديمتريوس على هذا كله " غير انه لم يأت ببرهان على صحة ذلك والحقيقة كما يرويها المدققون ان البطريرك الاسكندرى امتنع عن ترقية اوريجانوس لدرجة كهنوتية لسبيين :

السبب الاول : انه خصى نفسه الامر الذى اخفاه اوريجانوس عن اسقفى فلسطين واورشليم ...

السبب الثانى : نحول جسمه وضعفه ...

وقد قلنا ان اوريجانوس كان يسعى وراء انحطاط القوى ليكون حائلا بينه وبين الرتب الكهنوتية التى كان راغبا عنها كأغلب اتقياء العصور الاولى ...

ولما رجع اورجانوس الى الاسكندرية بعد رسامته رأى البطريرك حاقدا عليه ووجد مركزه قد سقط فحصل بينه وبين البطريرك نزاع عقد بسببه هذا مجمعا بالاسكندرية سنة 231م حكم فيه بنفى اوريجانوس وبحرمه لانه رسم من اسقفين غير تابعين للكرازة المرقسية ولانه خصى نفسه الامر الذى بالغ اوريجانوس فى كتمانه وساعده البطريرك على ذلك ولكنه اضطر الى اشهاره رغما عنه ثم ارسل خطابات الى جميع الكنائس يعلمها بحكمه على اوريجانوس ...

اما اوريجانوس فمع كونه عرف ان هذا الحكم فى غاية القساوة الا انه تدارك الامر بحكمته ولم يشأ ان يمكث فى الاسكندرية ليوسع هذا الخلاف بل تركها لا رجوع بعده .. وكان قد اكمل القسم الخامس من كتابة فى انجيل القديس يوحنا ففزع الى قيصرية .. وفى تلك الاثناء عقد مجمع اخر فى الاسكندرية وفحص كتاب " المبادئ " وحكم بأنه هرطوقى وحرم مؤلفه ...

ولما وصل اوريجانوس الى فلسطين استقبل فيها استقبال القائد المنتصر فأستاء البابا ديمتريوس من كثرة تعدى اساقفة تلك الجهة على حقوقه .. ولحق بأوريجانوس امبروسيوس وعائلته وتبعه كثيرون من طلاب العلم ولهذا عزم على فتح مدرسة فى قيصرية فلسطين يعلم فيها تفسير الكتاب المقدس وكمل فى تلك المدينة المذكورة تفسيره لانجيل يوحنا ...

وقد كتب حينئذ عما كان يجول بصدره قائلا " وحدث بعد هذه الامور ان الله اخرجنى من ارض مصر بيت العبودية كما خلص شعبه منها قديما .. ثم قام عدوى " يعنى البطريرك " واقام فى وجهى حربا عوانا بواسطة مكاتيبه التافهة التى تغاير مبادئ الانجيل تماما وحرك ضدى ريحا صرصرا فرأيت من الصواب ان اقاوم جهد استطاعتى مدافعا عن المبدأ المهم الذى اختطيته لنفسى وسرت عليه وهو الافادة وكنت اخشى من ان المماحكات العقيمة يستفحل شرها فتثير ثائرة النفس الامارة فتضعف الذاكرة حينئذ واعجز عن اتمام شرح الكتاب المقدس الذى بدأت به قبل ان ينطمس ذهنى خصوصا وان ابتعادى عن النساخ الذين كانوا يكتبون الخط المختذل منعنى من تملية مايخطر على بالى من الافكار .. اما الان وقد بعدت عن كل العوامل التأثير وقدر الله جل وعلا ان تخيب تلك السهام النارية التى صوبت نحوى وتذهب فى الهواء الفت نفسى حينئذ وقوع الملمات التى كانت تصيبنى بسبب التبشير بكلمة الانجيل واضطرت هذه النفس ان تتحمل بطيب خاطر جميع المصائب التى انتابتنى فهدأ روعى وسكن جأشى لجودة الهواء وحسن الطقس فعقدت النية على عدم تأجيل نسخ وتملية المؤلفات المطلوب اتمامها ...

وفى ذلك الحين كان اساقفة الكنائس الشرقية يطعنون فى سيامة اوريجانوس ويظهرون هرطقته .. اما اساقفة فلسطين وفينيقية فكانوا يعضدونه ويدفعون عنه الملامة .. اما مدرسة قيصرية فأستمرت تزهو وتزهر ونبغ من تلاميذ اوريجانوس جماعة مشهورون فنشروا صيته واذاعوا مبادئه فى التفسير وكان منهم كثيرون هداهم الى الايمان وصاروا فيما بعد قديسين منهم " اغريغوريوس ثافماثورغوس " صانع العجائب " الذى سقف فيما بعد على قيصرية الجديدة من اعمال تيطس واخوة اثينودوروس الذى صار اسقفا ايضا على تلك البلاد ... اما اوريجانوس فلم يعدل عن مشروعاته الادبية بل زاد همة ونشاطا والف رسالة فى فائدة الصلاة واخرى فى تفسير الصلاة الربانية وكان يراسل كثيرا اشهر اساقفة اسيا ودعى الى كثير من المجامع الكنسية ...

ومع انه مدح كثيرا لتجلده الذى اظهره ازاء ما اصابه الا انه لم يسلم من الغلطات التى يرتكبها كثيرون ممن يكونون فى حالى كحاله ...

فقيل انه وجه لخصمه البطريرك كثيرا من الانتقادات وتحرك احيانا للآنتقام منه لولا تبكيت ضميره وصافته المسيحية .. وحدث انه كان يعظ يوما بأورشليم على الاية القائلة " وللشرير قال الله مالك تحدث بفراضى وتحمل عهدى على فمك " مز 50 : 16 " ولم ينته من قراءة هذه الاية حتى وبخته حواسه وخسى ان يفهم السامعون انه يقصد توجيه الكلام لديمتريوس وانهالت الدموع على خديه بغزارة وارتفع صوته بالبكاء حتى لم يقو على التفوه بكلمة واحدة فشاركة السامعون فى التأثر والبكاء ...

وعقب ذلك تنيح البابا ديمتريوس وخلفه ياروكلاس تلميذ اوريجانوس ويظهر انه كان موافقا لسلفه على اجراءاته ضد اوريجانوس فلم يفكر فى اثناء رئاسته ان يدعوه ليعود الى الاسكندرية ....

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:17 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

*** تاريخ البطاركة - القرن الثانى - القسم الثانى - محاضرة رقم 12 ***
---------------------------------------------------------------------------------
مازلنا نتحدث عن مشاهير الكنيسة فى القرن الثانى للبطاركة ... ونتكلمنا عن المدرسة اللاهوتية ثم العلامة القديس بنتينوس ثم الفليسوف القديس اكليمندس الاسكندرى .. ثم بدأنا حديثنا عن العلامة الفليسوف المشهور اوريجانوس وهو موضوع طويل شوية كتبنا منه حلقتين والنهاردة نكمل جزء اخر من حياته ....

تحدثنا فى الجزء الاخير للعلامة اوريجانوس انه فى وقت الاضطهاد فى عام 215م فى عهد كاركلا قيصر هرب اوريجانوس الى قيصرية فى فلسطين وظل هناك وخلال هذه الفترة تنيح البابا ديمتريوس الكرام الذى كان على خلاف مع اوريجانوس وخلفه البطريرك ياروكلاس تلميذ اوريجانوس ولكنه لم يفكر ان يرسل للآاوريجانوس ان يدعوة ليعود الى الاسكندرية ويظهر ان كان موافقا للبابا ديمتريوس على اجراءاته ضد اوريجانوس ...

ونكمل الان :

وفى ابان الاضهاد الذى قام به مكسيمينوس قيصر سنة 236م سجن امبروسيوس صديق اوريجانوس وبروتكتسيتوس احد قسوس قيصرية وعوملا بمزيد من القساوة فألف لتعزيتهما رسالة فى الاستشهاد وقبض ايضا على كثيرين من اتباعه واكره هو نفسه على الفرار من قيصرية فالتجأ الى فرميتانوس اسقف قيصرية فى كبدوكية احد اصدقائه المعجبين به كثيرا . ولما حدث الاضطهاد هناك اختبأ مدة 2 سنة فى بيت """ يوليانة """ امرأة فاضلة واذنت له فى استعمال مكتبة ابتاعها من سيماخوس احد علماء الابيونيين "1" الذى ترجم العهد القديم الى اليونانية فأنكب اوريجانوس على مطالعة مافى هذه الكتب من الصحف وكمل فيه مقابلة النسخة العبرانية والنسخة اليونانية من التوارة وتهيأ بذلك لعمله العظيم بوضع كتاب "" المسدسات "" اى وضع ايات الكتاب المقدس فى ستة حقول ليظهر للعالم الكتاب المقدس منشورا فى ست لغات كما سيأتى ذكره ...

وفى سنة 238م رجع الى قيصرية فى فلسطين واستأنف اعماله ولم يلبث ان دعى الى اثينا وتمم هناك تفسير حزقيال وبدأ بتفسير سفر نشيد الانشاد ولما جلس فيليب الملك العربى على تخت الامبراطورية الرومانية راسل اوريجانوس عائلته ... وفى ذلك العربى الوقت اشتهرت رسالة ضد الديانة المسيحية وعم انتشارها جدا وضعها كلسوس الفليسوف الوثنى الافلاطونى فأنبرى العلامة اوريجانوس لتفنيدها والف رسالة ضدها دافع فيها عن الدين المسيحى دفاعا مجيدا , ثم وضع حينئذ ايضا تفسير انجيل القديس متى ورسائل اخرى ...

وفى السنة الستين من عمره اى سنة 245م سمح للستينوغرافيين " اى الذين يكتبون بخط مختصر " ان ينقلوا خطبه وكان بين هذه الجماعة عدد من الفتيات اتخذن هذه الصناعة مهنة لهن للآفادة والاستفادة . وكانت المجامع تستشيره فى المسائل الصعبة وتنتهى اليه فى عظيم المشاكل ...

وفى الاضطهاد الذى قام به ديسيوس قيصر نظر الى اوريجانوس كأكبر مدافع عن حقائق الديانة المسيحية فقبض عليه وطرح فى السجن وعذب عذابا شديدا وكتب فى السجن رسالة تتضمن النصيحة والتشجيع لمشاركيه فى العذاب الا ان صحته اعتلت لما حل به الالام وقد كتب يوسبيوس عما عاناه اوريجانوس فى سياق كلامه عن استشهاد القديسين اسكندر اسقف اورشليم وبيسلسيوس اسقف انطاكية يقول :

" يصعب على الكاتب الماهر وصف ما قاساه اوريجانوس واحتمله بصبر وفرح من العذاب الشديد والالام القاسى اثناء هذا الاضطهاد اذ وضعوه فى مقطرة من حديد وزجوه فى اعماق السجن حيث ظل بضعة ايام مطروحا على خشبة وهو مشدود بأربعة وثاقات لا يستطيع معها الحراك وهم يشعلون النار من حوله تهديدا له وتخوفيا وغير ذلك من مرائر يطول ووصفها يهول ذاقها هذا المسيحى من اعدائه العديدين ولكنه لم يبد ضجرا ولا اظهر مللا ولم يقل ياازمة انفرجى ...

وعندما انتهى القوم من تجريع اوريجانوس كل كل اصناف العذاب قدموه للحكم عليه بالموت ... فسعى القاضى الموكل بالحكم جهده فى تأخير مدته ليس لينجى اوريجانوس منه بل ليطيل عذابه ايام حياته ... فالذى تم لاوريجانوس من الام وعذاب يجدر بأن يكون عبرة لم يعتبر وذكرى لمن يذكر وتعزية للذى وقع فى مصاب او اصابه شر وتجربة وعلى من يرغب شرحا وافيا عن ذلك عليه بمراجعة ** رسائل اوريجانوس التى بقيت بعده فيجد فيها اخبار يوثق بصحتها وتفصيلا وافيا اصابه غيره من قبله **"2".. "

الا ان اوريجانوس مع كل ذلك لم يحكم عليه القاضى بالقتل وفيما بعد اطلق سراحه ولا يعلم كيف اطلق من السجن الا فى رواية ابيفانيوس اسقف قبرص المتوفى فى اواخر سنة 402م حيث قال """ بأن الوالى اتى اوريجانوس يوما من السجن وعرض عليه احد امرين اما ان يرتكب رغما عنه امرا مخلا بقانون العفة او يقدم بخورا فى مجمرة كانت معه بأسم الاوثان .. ولشده حرص اوريجانوس على عفته اثر ان يلقى البخور فى المجمرة على اقتراف المنكر وبذلك اطلق سراحه """ ...

وقال بعض المؤرخين ان ذلك لم يكن فى اضطهاد ديسيوس بل كان فى اضطهاد ساويرس اذ كان اوريجانوس فى الاسكندرية ولما كان ابيفانيوس من اكبر خصوم اوريجانوس انكر اكثر المؤرخين هذه السقطة وقال غيرهم ان اعداء اوريجانوس زادوا هذه الحكاية على كتاب ابيفانوس وانه لو صح ذلك لما اهمل ذكره برفيروس عدو المسيحيين الاله الذى نقب عن زلات كثيرين من علمائهم ... وهكذا يوجد بعض المؤرخين يدافعون عن صحة هذا الخبر وكثيرون يكذبون وبراهين هؤلاء اظهر واقوى ...

والذين مالوا الى تصديق الخبر استندوا على قطعة رثاء وجدت لاوريجانوس رثى بها نفسه بقوله :

" ايها البرج الشامخ الا انك سقطت الى الحضيض بغته .. ويا ايتها الشجرة الغضة المثمرة الا انك على الفور يبست , ويا ايها النور المتوقد الا انك اظلمت وشيكا , ويا ايها الينبوع الجارى الا انك نضبت , ويلى فأنى كنت مشتملا بمواهب ونعم وقد عريت منها جميعا .. فرقوا لحالى يااحبائى فانى دست خاتم اقرارى واتحدت مع الشيطان واشفقوا على ياخلانى فأنى رذلت وطرحت امام وجه الله . اين ذاك الراعى راعى النفوس الصالح واين من نزل الى اورشليم الى اريحا وعنى بأمر جريح اللصوص فأنجدنى يارب انا الذى وقعت من اعلى اورشليم ونقضت النذر الذى اخذته على فى المعمودية وغيرها واغثنى ايها الروح القدس وهب لى من لدنك نعمة لاتوب . ربى انى ابتهل اليك لان تردنى فقد سلكت للهلاك اعظم مسلك . انعم على الروح القدس المرشد والمهذب الصالح لئلا امسى مأوى للشيطان ولكن ادوسه كما داسنى واقوى على حيله فأعود الى التمتع بخلاصك .. رب انى اخر امام عرش مراحمك فكن لى رحوما انا النائح هذا النواح لتسد ما اسأت به . ان معاشر المسيحيين القديسين يتوسطون عندك من اجلى انا العبد الساقط رب اظهر رحمتك لخروفك التائه الذيل للذئب المفترس ونجنى من فمه وانزع عنى ملابس حدادى والبسنى منطقة الفرح والسرور واقبلنى ايضا فى فرح الهى واجعلنى ان اكون اهلا لملكوته بواسطة خالص صلوات الكنيسة عنى التى تحزن على وتواضع نفسها من اجلى يسوع المسيح له مع الاب والروح القدس كل شرف وكرامة الان والى الابد امين "

وبهذه الصلاة الجميلة والتوبة الصادقة ننهى هذه المحاضرة ونكمل المحاضرة القادمة عن قصة حياة هذا الفليسوف العلامة الرائع اوريجانوس ...

ملحوظة :

* علماء الابيونيين "1"
كانوا يعتقدون بحفظ ناموس موسى وبأن المسيح خاص باليهود ورفضوا رسائل بولس لانها توجب الخلاص للآمم ...

* رسائل تعذيب اوريجانوس "2"
لم يبق من هذه الرسائل التى اشار اليها يوسيبيوس سوى رسالتين لم يذكر فيهما شئ عن حوادث اضهاد ديسيوس ويظهر ان ذلك واضح فى رسائل اوريجانوس المفقودة ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:17 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
***************محاضرة 13 *****************
-----------------------------------------------------------------------

كنا تحدثنا فى المحاضرة السابقة عن الاضطهاد الذى لحق بالعلامة اوريجانوس واستشهاد اصدقائه القديس اسكندر اسقف اورشليم , والقديس بيسلسيوس اسقف انطاكية ... وتحدثنا عن وضع هذا العلامة فى السجن والعذاب الذى لاقاه فيه ...

واليوم نكمل حديثنا عن هذا العلامة اوريجانوس ...

المعلوم انه لم يفرج عن اوريجانوس من السجن الا بعد موت " ديسيوس قيصر " وامسى بعد ماعاناه من التعذيب اكسح من قبل الجراح التى انولتها القيود فى رجليه فلبث مدة بعد خروجه من السجن يتجرع الاما ويتقلب على فراش الضنى والنحول وهو يقترب بسرعة الى حافة الموت . ...

ولكنه انتعش حينئذ عندما وصله كتاب من البابا ديونسيوس البطريرك الاسكندرى الذى خلف ياروكلاس يشجعه فيه على احتمال المشقات ويظهر له حزنه العميق على حالته التعيسة ... غير ان حياة اوريجانوس لم تطل بعد خروجه من السجن الا """ اربع سنوات """ على قول بعضهم كان فيها غير منكف من جهده فى التأليف والمكاتبات والخطب وعلى قول اخرين لم يعش سوى """ سنة واحدة """ ...

وعل كل حال فقد اثر عليه ما عوقب به من الالام المبرحة التى انهكت جسمه وسحقته فمات سنة 254م فى مدينة صور وله من العمر 69 سنة ويحق لنا ان ندعوه شهيدا ودفن فى المكان الذى مات فيه بصور وظل قبره معروفا حتى شيدت فوقه كنيسة وذكر كثيرون من اصدقائه انه مات تحت العذاب سنة 254م وحفظ ضريحه مدة قرون عديدة بقرب المذبح فى كنيسة صور الاسقفية واستمر قبره مزارا للكثيرين حتى القرن السادس ...

قال مؤرخ " واذا سألت اهل صور عن مكان قبره لاشاروا لك الى اطلال كنيسة قديمة بنيت عليها اكواخهم وقالوا لك هنا قبر " اورسنيوس " يريدون اوريجانوس مدفون فى قباب تلك الكنيسة وهو الان تحت الارض ...

فرجل مسيحى فاضل كهذا كيف يتهمونه بالهرطقة وقد كانت حياته كلها بريئة من كل مايشين واجمع الكل على طهارة ثيابه ونزاهة نفسه حتى قال عنه يوسابيوس " ان حياة هذا الرجل افضل مفسر لعظاته " وقال موسهيم المؤرخ " ان بيانه الساحر وعلمه الكثير وطبعه المحبوب وصيته الحسن فى التقوى الحارة الخالصة اعطته سطوة عظيمة .. ولا سيما بين العلماء وذوى المراتب الاولى فى الهيئة الاجتماعية ... ولم يقم احد منذ زمن الرسل اكثر منه مناضلة واجتهاد فى اذاعة المعرفة وتفقيه المسيحين وتنويرهم واتحادهم وتوقيرهم فى عيون البشر .....

اما ما ينسب الى اوريجانوس من الضلال فلم ينبه فى حياته الا عن القليل منه ولما طرق مسامعه خبر الاشاعات الكاذبة قال فى ميمره الخامس والعشرين على انجيل لوقا :

"""" ان من دواعى سرور اعدائى ان يسبوا الى اراء لم اتصورها ولم تدر بخلدى """"

وجل مااشيع عنه من الضلالات جمع بعد موته , ويغلب الظن ان الذين نسبوا اليه الهرطقة هم اناس قرأوا مؤلفاته بدون ان يفهموها جيدا فتوهموا من ظاهرها ما يلصق به تلك التهمة ... ويقال ان بعض الهراطقة فى ذلك الحين كان يجتهدون بأن يدسوا فى كتب المؤلفين انواع هرطقاتهم ليوصولها الى عقول الجمهور من هذا السبيل فلا يبعد ان يكونوا عملوا ذلك بمؤلفات اوريجانوس كما عملوا بمؤلفات اكليمندس قبله وكما شرع كثيرين منهم بكتابة اناجيل ورسائل ونسبوها للرسل وضمنوها مايعتقدون من البدع والاضاليل ولكن جميعها نبذت ....

اما الاضاليل التى نسبت الى اوريجانوس وجمعها خصومه - فهذا ما سوف نتحدث عنه فى المحاضرة القادمة ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:17 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

**** تاريخ البطاركة - القرن الثانى - القسم الثانى " محاضرة رثم 14 " ****
---------------------------------------------------------------------------------------------
فى المحاضرة السابقة تكلمنا عن الاضطهات التى لحقت بهذا العلامة اوريجانوس وسجنه وتعذيبة عذابات مرة وكان بعد خروجه من السجن فى حالة من الاعياء الشديد ويقال انه مات بعد خروجه من السجن بعد سنة واحدة , ورأى اخر يقال انه مات بعدها ب 4 سنوات فى عمر يناهز 69 عاما فى عام 254م ويقال انه مات من هذه العذابات ويقال انه شهيد ايضا ودفن فى المكان الذى تعذب فيه وهى مدينة صور تحت قباب كنيسة ....

وفى حياته قبل موته نسبت اليه بعض الضلالات وقد قال اوريجانوس عن مانسب اليه :

" ان من دواعى سرور اعدائى ان يسبوا الى اراء لم اتصورها ولم تدر بخلدى " .... وبعد موته ايضا نسبت اليه كثير من الضلالات يقال ان بعض الهراطقة فى ذلك الحين كانوا يدسون فى كتب المؤلفين بعض الضلالات ليوصولها الى عقول الجمهور ....

اما الاضاليل التى نسبت الى اوريجانوس وجمعها خصومه واذاعوه فهى :
------------------------------------------------------------------------------------
1- ان النفس خلقت قبل اجسادها وحبست فيها لمعاص ارتكبتها " يقصد خصوم اوريجانوس ان يجعلوه يعتقد بأن النفوس البشرية خلقت مع الملائكة فى مكان واحد وزمان واحد ثم ارتكبت بعض المعاصى فأنحدرت بسبب ذلك الى الارض واتحدت بأجساد كثيفة عقابا لها "...

2- ان نفس المسيح خلقت واتحدن بالللاهوت وذلك قبل زمن التجسد ...

3- ان الشياطين والهالكين يخلصون ...

4- ان الاجساد الحقيقية لا تقوم فى يوم النشور وسيعاض عنها بأجساد اخرى ...

5- ان الارواح تتقمص ...

6- ان عوالم كثيرة خلقت قبل هذا العالم وستخلق كذلك عوالم اخرى بعده ..

ويقول الواقفوان على الحقيقية ان هذه لهرطقات لا اثر لها فى مؤلفات اوريجانوس ولم تظهر الا فى الترجمات اللاتينية التى وضعها من بعده " روفينوس الاكويلى " القائل فى مقدمة كتابه " انى لم اتصد الى اصلاح بعض عبارات اوريجانوس الا بقصد تهذيبها " ...

ولما كانت بعض عبارات اوريجانوس بعيدة الفهم اجتهد ان يصلحها فكان عدم فهمه اياها سببا لانه يرقم ما اعتبره الخصوم ضالا لاوريجانوس حتى ان " انسطاسيوس اسقف رومية سنة 398 - 402م فى رسالته الى يوحنا اسقف اورشليم اوقع الحرم على ترجمة " روفينوس " لا على الاصل اليونانى ...

ومعظم تلك الاضاليل المذكورة مأخوذة عن اعتقادات وثنية ولا يعقل ان اوريجانوس نصير المسيحية الوحيد حينئذ ضد الوثنية ينقل تلك الاراء السخيفة وقد قال " اغريغوريوس ثافماثورغوس " تلميذ اوريجانوس فى دفاعه عنه :

" انه كان يحذرنى من الاستناد فيما يختص بالدين على الفلسفة البشرية "

وقد قرر اوريجانوس نفسه فى مقدمة كتابة المبادىء رقم 2 ضرورة نبذ اكثر ما يقوله فلاسفة اليونان لان اكثره يحسب ضلالا , ولئن كان اوريجانوس يجهد ذاته فى فهم تلك الفلسفة فذلك ليستعين بها فى رد هجمات اهلها على المسيحية وليتمكن من ان يستخرج لهم من ديانتهم مايؤيد به ديانته وقد اشار الى ذلك فى رسالة لاغريغوريوس المذكور حيث قال :

" """" كما ان العبرانيين قد صنعوا بذهب المصريين وفضتهم تابوت العهد والكاروبين واوانى المذبح كذلك يجب علينا نحن المسيحيين ان نضع بفلسفة اليونان فلننقل الى هيكل الحكمة الالهية هذه الزينات التى يسئ اربابها استعماله.. فلنأخذ عن اللغة اليونانية التى طالما استعملت لمدح الضلالة والرزيلة عذوبتها وطلاوتها لنزين حقيقتنا الناصعة بالزينة التى طالما البسوها بطلهم وبهتانهم .. فلنجعل اله الشر قوة للخير , ولكن حذار من الترهات التى تكسوها هذه الزينات حذار من ان تنقل شيئا منها الى دين الحق لئلا نضل ونكون مثل يربعام الذى تزوج بأبنة ملك مصر وعاد مع عروسة الى اسرائيل فأبدل عبادة الاله الحقيقى بعبادة اصنام المصريين """""

وقد برئه كثيرين من المؤرخين مما نسب اليه واكثرهم ملخص " مختصر تاريخ الامة القبطية " ص 384 - 390 ننقل ملخصة الان وافضل الاراء التى دافعت عن اوريجانوس :

* افضل الآراء التى دافع بها هذا المؤرخ عن اوريجانوس فى كتاب " مختصر تاريخ الامة القبطية " *

التهمة الاولى :
------------------
هى المختصة بخلق النفوس قبل اجسادها . خالفها اوريجانوس فى كتاب المبادئ ل2 ف 8 وغيره من مؤلفاته بقوله :

" ان النفس البشرية خلقت فى اليوم السادس عندما نفخ الله فى ادم وكان ذلك بعد خلق الملائكة " ... وانحدر النفوس الذى تكلم عنه خصومه لم يكن غير انحدار الملائكة الذين سقطوا " المبادئ ك3 ف 5 " ...

التهمة الثانية :
-----------------
هى المختصة بخلق نفس المسيح قبل تجسده ... وبمقارنتها بقوله فى كتابه " المبادىء ك 4 ف 31 " ان الكلمة اخذ جسدا بنفس ناطقة وذلك عند التجسد لا قبله ولا بعده " يتضح بطلانها ....

التهمة الثالثة :
----------------
هى المختصة بخلاص الشياطين والهالكين . وقد ادعوا بها لسوء فهمهم اقوال ذلك الفليسوف وهذه هى :

" ان الملائكة قسمان قسم اطاع فخلص خلاصا ابديا وقسم سقط فهلك هلاكا ابديا . واما الجنس البشرى فرغما عن سقوطه فى خطيئة ادم الاصلية يمكنه ان يخرج من الهوة التى وقع فيها ويتحد بالله وبملائكته الابرار .. غير ان الذين يسترسلون فى ضلالهم يصبحون عبيدا للشيطان فيهبطون فى الهاوية الابدية " - المبادئ ط 1 ف 7 : 2 و 3 " اى ان الذين يؤمنون بالمسيح يخلصون من العقاب الاول وبعكس ذلك الذين لا يؤمنون ...

التهمة الرابعة :
---------------
هى المختصة بعدم قيامة الاجساد نفسها .. ويناقضها ما قرره فى تفسيره للمزمور الاول وفى كتابه المبادئ ك 2 ف 2 : 2 : " ان عدل الله يقتضى ان يتوج الاجساد نفسها التى سفكت دماء اصحابها فى سبيل المسيح "...

وقد ادعى " اورينموس " عدو اوريجانوس بأنه اعتقد بتغير شكل الاجساد عند قيامة بأن تأخذ اشكالا كروية كالشمس والنجوم وسائر الكواكب .. ولكن اوريجانوس لم يشبه اجساد الناس بالكواكب الا فى البهاء حسب قول بولس الرسول فى 1 كو 15 : 40 و 41 ونفى هذا القول فى كتابه الثانى على القيامة ...

التهمة الخامسة :
------------------
هى المختصة بتقمص الارواح .. وقد انتشرت فى حياة اوريجانوس ففندها فى ميره 16 على سفر ارميا 16 : 1 , وفى رسالة بعث بها لتلاميذه بالاسكندرية يقول " ان هذا الرأى لا يخطر لمجنون فى منامه " ...

التهمة السادسة :
--------------------
هى المختصة بخلق عوالم كثيرة .. وفى كتابة المبادئ ك 2 ف 3 : 6 و ك 3 ف 5 : 3 لم يذكر سوى ثلاثة عوالم :

1- عالم الملائكة .. 2- العالم البشرى ...... 3- العالم الذى يتكون بعد البعث من اتحاد العالمين المتقدمين ...

اما من يطالع اقوال اباء الكنيسة بشأن اوريجانوس
----------------------------------------------------------
لا يستطيع ان يحكم عما اذا كان شخص اوريجانوس محروما ام غير محروم ... فقط نعلم ان الكنيسة شجبت تلك الضلالات التى اذاعها الخصوم .. وتاريخ الكنيسة مشحون بأخبار الانشقاقات التى قامت بين الاباء بسبب اوريجانوس فمنهم من كانوا يعتبرونه هرطوقيا ومنهم من كانوا يعتبرونه من معلمى البيعة الافاضل ...

ومن خصوم اوريجانوس هم :
----------------------------------
1- البابا ديمتريوس كما ذكر ...

2- متيوديوس اسقف اولمبيا .. وضع ضده 3 كتب غير انه فى اخر حياته ادرك خطأه وذكر اوريجانوس بكل احترام ...

3- ابيفانيوس اسقف قبرص : هو اول من اذاع البدع عن اوريجانوس وعنه اخذ الاخرون .. وكان بسيطا سريع التصديق لما يسمع فكتب عن اوريجانوس ما كتب بسلام ضمير ...

4- ثوفليس بابا الاسكندرية : وسيعرف القارئ فى تاريخه سبب هذه العداوة ...

5- ايرونيموس :
كان احد علماء سوريا فى القرن الرابع .. كان فى مبدأ الامر من انصا اوريجانوس ولكنه بسبب منازعاته مع روفينوس المذكور انه نقل كتب اوريجانوس لللاتينية صار من الد اخصامه الا انه كتب عنه قبل ان يكون خصمه قائلا " لم يكن اوريجانوس مجرد كاتب عذب المشرب يرتاح اليه امراء الكتاب او مجرد مؤلف نظراءه بمؤلفاته الدانية القطوف بل كان بلا جدال المعلم الاول لجميع الكنائس بعد الرسل ولا مساحة فى ان اراءه تعبر عن الارثوذكسية التى لم يشبها ضلال اما الذين استوقد الحسد ضلوعهم فأتهموه بالهرطقة فأن هم الا كلاب كلبة " ...

ولما اصبح يقاوم الاوريجانبين شديد المقاومة قال لهم " وافقونا على ان اوريجانوس انخدع فى بعض المسائل فلا يبقى لى ما اقول وان اعترضنا من يحسدونه على فخره ببعض اغلاط له فليعلموا ان الخطأ من شيم كبار الرجال فلا نتشبثن بزلات من لا نستطيع مباراته فى فضائله " ...

ومن محبى اوريجانوس والمدافعين عنه :
-----------------------------------------------
1- البابا ديونوسيوس الاسكندرى البطريرك 14 .

2- ثيوسيستوس اسقف فلسطين ...

3- غريغوريوس العجايبى ...

4- اخوة ثينودوروس ...

5- 6 - غريغوريوس النزينرى وباسيلوس الكبير ... فهم درسوا العلم من مؤلفات اوريجانوس ...

7- غريغوريوس اسقف نيصص بالكبادوك .. كان يلقب اوريجانوس بزعيم فلاسفة المسيحين ...

8- بمفيليوس البيروتى تلميذ بيروس مدير المدرسة اللاهوتية .. فقد نسخ جميع ملفات اوريجانوس بيده ...
9- ديديموس الضرير مدير المدرسة اللاهوتية مدح كتاب المبادئ ...

10- البابا اثناسيوس الرسول البطريرك 20 دافع عن كتاب المبادئ ...

11- القديس يوحنا ذهبى الفم .. مات منفيا فى سبيل الدفاع عن مبادئ اوريجانوس كما يتضح من تاريخ البابا ثاوفيلس البطريرك ال 23 ...

12- توتيم اسقف سيتى .. كان مغرما بكتبه ...

13 ايسيدوروس مدير مدرسة الاسكندرية والاخوة الطوال القامة ... فقد دافعوا عن اوريجانوس دفاع الابطال وطردوا من الاسكندرية وصادفوا الاهوال فى سبيل التمسك بأحترامه وقد اقسموا انه برئ من كل هرطقة ...

14- يوحنا 2 اسقف اورشليم ... كان مهيما بكتب اوريجانوس ...

يظهر لنا الان ان اصدقاء هذا العلامة العظيم اوريجانوس كانوا اكثر اعتبارا فى نظر الكنيسة من خصومه فلو كان اوريجانوس هرطوقيا لما دافع عنه اولئك وبالتالى كانوا يعتبرون مثله محرومين لغرامهم بمطالعة كتبه واجلالهم لشخصه العظيم ...

اما ايضاح مذهب اوريجانوس فى التفسير ومؤلفاته وبعض الاشياء الهامة عن هذا العلامة العظيم ... ....

هذا ما سوف نتحدث عنه فى المحاضرة القادمة ....

ارجو ان تستمتعوا بقراءة هذا الجزء الممتع والملئ بالمعلومات المفيدة والجميلة ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:17 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

*** المحاضرة رقم 15 ***


تاريخ البطاركة - القرن الثانى - القسم الثانى
----------------------------------------------------

وهنا نكمل حديثنا عن العلامة اوريجانوس وتحدثنا عن الاضاليل التى نسبت اليه وجمعها خصومه , وايضا تكلمنا عن محبى اوريجانوس والمدافعين عنه ...

واليوم نكمل حديثنا عنه ايضا وسنتحدث عن مذهب اوريجانوس فى التفسير واهم مؤلفاته ....

اتمنى ان تستمتعوا معى بقراءة هذا الجزء ....

** ايضاح مذهب اوريجانوس فى التفسير **
------------------------------------------------------
قال عنه موسهيم المؤرخ " ان هذا المتوقد الذهن رأى ان لا طريقة سهلة بها يناضل عن كل ماقيل فى الكتب المقدسة ضد اشراك الهراطقة واعداء المسيحية لو فسر لغة الكتاب المقدس حرفيا ....

فصمم عزمه على تفسير الكتاب المقدس كما اعتاد الافلاطونيون على ان يفسروا تواريخ الهتهم ... فعلم ان الكلمات فى اماكن كثيرة من الكتاب المقدس لا معنى لها وفى بعض الاماكن حيث اعترف بأن لها معنى مااعتقد بأنه يراد بالعبارة المذكورة معنى سرى مكتوم يجب ان يفضل عن معنى الكلمات الظاهر ... وهذا المعنى المكتوم هو الذى يفتش عنه فى شروحاته بأنتباه لكنه معوج وغالبا يتغافل بالكلية ويزدرى بالمعنى الظاهر ... ويقسم هذا المعنى البعيد ايضا الى معنى ادبى ومعنى سرى او روحى ...

المعنى الاول : يعلمنا ما يتعلق بحال النفس الداخلى وبأعمالنا الخارجية ...

المعنى الثانى : يعلمنا حقيقة تاريخ العالم السرى او الروحانى وشرائعه ...

ويخيل ايضا ان هذا العالم السرى مزدوج بعضه سام او سماوى وبعضه دون او ارضى اى الكنيسة ...

فلهذا قسم معنى الكتب المقدسة السرى الى ارضى او تشبيهى والى سموى او روحانى ...

وطريقة تفسير الكتب المقدسة هذه التى استصوبتها اليهود كانت دارجة عند المسيحيين قبل اوريجانوس لكن لانه حدد لها قوانين ورتبها على هيئة نظام يعتبر غالبا كمبتدعها ..

وقال صاحب " تاريخ الكنيسة " المطبوع فى اورشليم سنة 1892م " والغريب ان اوريجانوس بعد ما كان يتشبث ببساطة وايمان بمفهوم ايات الكتاب الحرفى مجريا بالفعل ما ورد فى مت 10 : 10 فلم يقتن شيئا لذاته ومت 19 : 12 فخصى نفسه فصار يتخيل فى كل اية بسيطة من كتاب الله معنى ادبيا مشفوعا بسر غامض يلمع الى حوادث سموية " ...

ومع ان اوريجانوس تطرف كثيرا فى تفسير كل ايات الكتاب المقدس تفسيرا مجازيا وفى الاكثار من الاستعارات وجعله المحل الثانى للمحل الحرفى الا ان اغلب الكتاب المسيحيين يغتفرون له هذا التفنن لعلمهم بأنه سار عليه فى سبيل الذود عن حقائق ديانته المسيحية ...

وقد ارتكب هذا الخطأ سهوا لانه حسبه انسب طريقة لرد هجمات اعداء المسيحية بل كتب ما كتب بدافع الغيرة الدينية ...

فهو مسيحى مخلص سليم الاعتقاد واحد الذين عددوا غلطاته فى تفسيره قال " ويلوح لنا ان اوريجانوس كان تقيا ورعا وانه بنى بعض تعاليم الديانة المسيحية على مبادئ صحيحة مقررة غير ان تفننه المطلق نكب بكثيرين من ذوى العقول الضعيفة عن سواء السبيل " ...

** اكثر مؤلفاته ***
------------------------
اما اكثر مؤلفات اوريجانوس فقد وصلت الينا فى ترجمات غير صحيحة بقلم ايرونيموس وروفينوس وكثيرون من العلماء القدماء اقتبسوا منها , واشهر مصنفاته التى وصلت الينا فى اللغة الاصلية هى :

1- كتاب " الرد على كلسوس " 8 اجزاء " ..

2- مجموع مقالات فى الصلاة الربانية ...

3- كتابه فى الشهداء ...

4- فى الرئاسات وهو كتاب بالغ الخصوم فى انتقاده وهو 4 اجزاء ...

وقد وضع اوريجانوس فى بعض كتبه ترجمة خامسة وسادسة وسابعة للكتاب المقدس وكان قصارى مرغوبة تنقيح الترجمة السبعينية بمعارضتها بسائر الترجمات فكان يدل على الايات غير الواردة فى الاصل العبرانى بهذه العلامة x ويدخل الايات المحذوفة فى الترجمة السبعينية واضعا قبالتها هذه العلامة * وقد كانت نسخة هذا الكتاب الاصلية محفوظة فى مكتبة قيصرية التى انشأها بامفيلوس الشهير المناضل عن اوريجانوس ... والارجح ان الاسلام احرقوها مع سائر النسخ النفيسة عند افتتاحهم هذه المدينة سنة 653م , كما انه كتب كتبا لتعليم الديانة للمبتدئين ويعتبر كتاب " ستروماتا " وكتبه الاربعة المبادئ شرح اكثر تعليم المسيحية ..

وقد اهتم العلماء بطبع كتب اوريجانوس واشهر ماطبعوه طبعة " منتفوكون " وهى فى مجلدين فى باريس 1713م , وكتب المبادئ حسب ترجمة روفينوس اللاتينية مع نقصه وتغييره وتحريفه سنة 1836, وطبعة ثنيتسر فى ستتغارت , وطبع رسالة الاستهشاد وتستين فى بازل 1674م ... كما طبعت تأليفه كلها فى باريس بين سنة 1733و 1759 فجاءات فى اربعة مجلدات ضخمة ...

وبهذا نكون قد انتهينا من الحديث عن هذا العلامة الفليسوف ...

والمحاضرة القادمة نتحدث فيها عن تاريخ البطاركة - الجزء الثالث - وهو الحكومة والكنيسة وفيها نتحدث عن الفصل الاول وهو حوادث الاضطهاد فى القرن الثانى

القرن الثانى - القسم الثالث :

الفصل الاول : حوادث الاضطهاد

الفصل الثانى مشاهير الشهداء

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:18 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

** تاريخ البطاركة - القرن الثانى - القسم الثالث - محاضرة رقم 16 **
------------------------------------------------------------------------------------

مازلنا فى القرن الثانى من تاريخ الكرازة المرقسية للبطاركة , وتكلمنا عن بطاركة القرن الثانى وهم البطريرك بريموس - يسطس - اومانيوس - مركيانوس - كلاديانوس - اغرينيوس - يوليانوس - وديمتريوس .... ثم تحدثنا فى تلك الفترة عن المدرسة اللاهوتية ومشاهير الكنيسة وهم بنتينوس واكليمندس الاسكندرى واخيرا العلامة الشهير اوريجانوس ....

واليوم ننتقل الى القسم الثالث من هذا القرن " القرن الثانى " وفيه نتحدث عن الحكومة والكنيسة ... واول فصل نتحدث عنه هو حوادث الاضطهاد فى ذلك الوقت ...

ارجو ان تستمتعوا معى بقراءة هذا الجزء ....

القسم الثالث : الحكومة والكنيسة
--------------------------------------------

تنقسم الى فصلين : الفصل الاول : حوادث الاضطهاد ..
..........................: الفصل الثانى: مشاهير الشهداء ..

واليوم نركز فى حديثنا عن حوادث الاضطهاد ...

الفصل الاول : حوادث الاضطهاد
----------------------------------------
1- اضطهاد ادريانوس ...... 2- اضطهاد ساويرس سبتميوس ...


1- اضطهاد ادريانوس
------------------------
ان سوء الظن الذى كان سائدا على الافهام من جهة المسيحيين حينئذ جعل الكثيرين ولا سيما ذوى الشأن ينظرون اليهم بعين البغض والكراهية ..

وفى عهد تملك " ادريانوس قيصر من سنة 117م " كانت الاشاعات الباطلة عن المسيحيين قد بلغت حدها حتى انه لما اتى هذا القيصر الى الاسكندرية واخذ يتجول فى انحائها كتب لصاحب له اسمه " سريانوس " من عظماء الرومانيين عن احوال مصر يقول " وقد استقصيت احوال مصر واستقريت عوائدها واطلعت عليها اطلاعا كليا وكنت فى بادئ امرى اصفها بالمدح واتحاشى ذمها فتبين لى بعد التأمل والنظر انها عبرة لمن اعتبر فى طائشة لاتدوم على حال ولا تنكف عن المشاغبة والمنافرة لاسيما فى امور الدين وما يتولد منها , على ان من لم يعبد الشمس والعجل ابيس عد نصرانيا مع انه ليس كذلك بل الذين يحترمون الشمس والعجل ولا فرق فى ذلك بين الاسقف وحاخام اليهود وكل قسيس او راهب او عامى له فى الشمس او فى العجل احترام , ويغلب على فكرى انه لو اتى بطريرك النصارى الخارجيين عن ديار مصر ودخل مصر لشارك اهلها فى التمسك بهذه الاحترامات الدينية وربما اعتقدوا ان العجل والشمس والمسيح انما هم اسماء مترادفة وانها فى الحقيقة شئ واحد " ...

ويظهر ان الذى حمل ادريانوس على ان يرتكب هذا الخطأ فى الحكم هو انه وجد بين علماء المدرسة اللاهوتية المسيحية وعلماء المدرسة الوثنية الاولى " 1 " علاقات اتحاد متينة العرى ...

واستمر ادريانوس متشبثا بخطأه من جهة المسيحيين حتى انه لما اضطهد اليهود فى مصر اشتد على المسيحيين فيها ايضا فقتل منهم خلقا كثيرا حتى خيل للناظر انه افناهم جميعا ولاجلهم امر بتعميم عبادة الاوثان وارغام المسيحيين بنوع خاص على السجود لها ...

2- ساويرس سبتيموس
----------------------------
وبعد ادريانوس تولى جملة قياصرة لم يكن لهم اهتمام يذكر بمسيحى مصر حتى استولى على العرش " ساويرس سبتيموس سنة 193م " ...

ولما استتب له الملك وفد على مصر واخذ يتجول فى انحائها حتى وصل الى مدينة طيبة وهى هالة ما شاهده فى سياحته من الانتشار السريع الذى احرزته الديانة المسيحية واوجس خيفة من تمدن اهلها وكثرة عددهم وخشى منهم على المملكة الرومانية نفسها فأصدر اوامره لليتوس والى مصر الرومانى بمحو اثار ذلك الدين ...

وقد كانت اوامر القيصر هكذا صارمة وقد بذل الوالى جهده ليجعل الاضطهاد قاسيا طبقا لرغائبه حتى عم جميع انحاء القطر المصرى الا ان الضغط الشديد كان على مدينة الاسكندرية بنوع خاص لانهم كانوا يعتبرونها مركز الديانة المسيحية ...

ومن شدة هول الاضطهاد الذى دام طول مدة بقاء القيصر ولم يكف الا بعد تركه اياها ... فقد قفلت المدرسة اللاهوتية وتشتت شمل تلاميذها ولازموا بيوتهم وفرا استاتذتهم الى خارج البلاد ليفوزوا بحياتهم ...

وكان اضطهاد ساويرس دون باقى القياصرة منحصرا بالاخص على العالم المسيحى فى مصر وافريقيا لانه لم يكن يخشى من المسيحيين سوى الاقباط وذلك لمعرفته بوفرة ثروتهم وكثرة علومهم ومعارفهم ...

ولما كان لا ينقص اهل مصر فى ذلك الحين للتخلص من نير الرومانيين غير الاتحاد والوثام وكان الدين المسيحى هو العامل على لم شعثهم ونظم عقدهم ... حاول القيصر ان يلاشى ذلك الدين من مصر غير مكترث بمسيحى باقى الاقطار لما كان عليه اهلها من الفقر والضعف ...

وقد استشهد من الاقباط كثيرون ولشدته ظن المسيحيين ان المسيح الدجال قد ظهر .. وقد شهد اكليمندجس الاسكندرى انه كان عدد عظيم من المسيحيين يستشهدون يوميا مقاسين انواع العذاب وقال ان كثيرين منهم كانوا يصلبون او تقطع رؤوسهم او يحرقون امام اعيننا ...

واستمر الوالى الرومانى بمصر يعذب المسيحيين """" سبع سنوات """ ويوقع بهم صنوف البلايا فكان يهجم على الرجال والنساء فى بيوتهم فجأة ويجرهم الى القتل ويقطع رؤوسهم , وبعضهم يلقون فى السجون حتى تفتك بهم الامراض ويعاملون بمنتهى القسوة , وكان المسيحيون ينتظرون ان يقبض عليهم فى اى وقت .. وقد بلغت قساوة المضطهدين مبلغا جعلت النساء فى هذه الاضطهادات يعذبن عذابا اليما بخلاف الرجال الذين كانت تقطع رؤوسهم بدون تعذيب ...

ولشدة الاهوال التى لاقاها المسيحيون انتشرت الاخبار بينهم حينئذ بأن المسيحيين قتلوا فى كل العالم اجمع وعملت السيوف فى النصارى فلم ينج منهم الا من لجأ الى الجبال واختفى فى المغائر ...

ملحوظة "1"

المدرسة الوثنية الاولى
-------------------------
+ انشأها بطليموس الاول ولبث تخرج العلماء المجتهدين مدة 9 اجيال من سنة 323ق.م الى 640ب.م وكانت تشتغل فضلا عن الفلسفة فى الطب والكيميا والطبيعة والحساب والهندسة والفلك والجغرافية والموسيقى والتاريخ .. وكان مقر ابحائها :

- المكتبة الكبرى كان بها 700 الف مجلد واحترقت عند دخول يوليوس قيصر مصر ...

- المكتبة الصغرى وتحتوى على 300 الف مجلد باد معظمها اثناء اضطهاد الوثنيين للمسيحيين ...

- الرواق وفيه كانوا يتمرنون على درس العلوم .. ومن مأثر هذه المدرسة ترجمة التوارة من العربية الى اليونانية وهى الترجمة المعروفة بالسبعينية ...

وبكدا انتهينا من الفصل الاول من القسم الثالث للحكومة والكنيسة ...

وغدا نبدأ حديثنا عن الفصل الثانى من القسم الثالث وهو مشاهير الشهداء ونتحدث عن بوتامينا الفتاة العفيفة وامها مارسلا وباسيليدس الجندى ثم نتكلم عن صوفيا ...

ارجو ان تستمتعوا معى بقراءة هذا الجزء ... والى اللقاء فى الجزء الاخر ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:18 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
**** تاريخ البطاركة - القرن الثانى - القسم الثالث - محاضرة رقم " 17 " ****
----------------------------------------------------------------------------------------------
مازال حديثنا فى القرن الثانى للبطاركة وتحدثنا سابقا عن الفصل الاول من الحكومة والكنيسة - حوادث الاضطهاد - اضطهاد ادريانوس - واضطهاد ساويرس سبتميوس ..

واليوم نكمل حديثنا فى الفصل الثالث للقرن الثانى ونتحدث فيه عن مشاهير الشهداء فى ذلك القرن ...

مشاهير الشهداء
---------------------
1- بوتامينا الفتاة العفيفة وامها مارسلا وباسيليدس الجندى ...
2- صوفيا ...

1- بوتامينا الفتاة العفيفة وامها مارسلا وباسيليدس الجندى :
-----------------------------------------------------------------------
كانت بوتامينا هذه امة حسناء وقد ربتها امها مارسلا على قواعد الايمان ووضعتها تحت ارشاد العلامة اوريجانوس فتمم تهذيبها ... ولما كانت بوتامينا فتاة بارعة الجمال اغرم بها مولاها الذى كانت تخدمه وحاول مرارا ان يغريها بالوعد ليتمكن من افساد بكارتها ولكنها قاومت اغراءه بعزم وثبات .. فلما خاب امله شكاها الى والى الاسكندرية ووعده بمبلغ وافر من المال ان استمالها الى رغباته القبيحة وطلب اليه ان لا يحكم عليها بالعذاب الا ان استمرت مصرة فى ابهائها ...

فأحضرها الوالى الى المحكمة واستعمل معها جميع الوسائط الممكنة لاغرائها ولكنه رأى اجتهاداته المتكررة لم تنجح مطلقا وان بوثامينا ثابتة على عزمها رغم تهديده لها بوضعها فى قدر مملوء من الزيت المغلى فترجته ان تنزل فى القدر بثيابها حتى لا تظهر امام الناس عريانة .. فقبل الوالى طلبها وسلمها للجلادين .. وهى فى طريقها الى الجلد تعرض لها بعض الناس بالكلمات الدنسة فكان جندى مكلف بحراستها واسمه """ باسيليدس """ زجرهم وحافظ عليها حتى وصلت الى المكان فلما شاهدت منه ذلك قالت له " تشجع فأنى سأصلى من اجلك حينما اكون فى دار سعادتى بعد الموت " ...

وحالما فرغت من كلامها وضعت رجليها فى الزيت المغلى واجرى عليها الجلادون نكالا بطيئا استقام 3 ساعات وهى تظهر صبرا مدهشا حتى تيقنوا انفسهم بأن نعمة يسوع المسيح ترفع خدامه فوق اطول عذاب واشده ...

وما ان وصل الزيت الى قمة رأسها حتى اسلمت روحها فى يد القدير ...

كما ماتت امها مارسلا ايضا حرقا فى ذلك الوقت نفسه ....

اما باسيليدس الجندى
--------------------------

فقد اثرت عليه احوال تلك الفتاة التعيسة ولا سيما سجاياها الحميدة واحتمالها العجيب فأمن بمخلصها وقد انجزت القديسة وعدها له عندما طلب من احد الجنود رفقائه ان يحلف له بالاله فأمتنع قائلا " انا مسيحى " فظنوه يمزح اولا لكنهم رأوه ثابتا على الاعتراف بالايمان قبضوا عليه واتوا به الى القاضى فطرحه فى السجن فأتى المؤمنون يفتقدونه ومنحوه سر العماد ولما سألوه عن كيفية قبوله الايمان اجاب " ان القديسة بوتامينا ظهرت له فى رؤيا بعد موتها بثلاثة ايام وبيدها اكليل ووضعته على رأسى وهى تقول " ستكون معى بعد قليل " وفى اليوم الثانى قطع رأسه بعد ما اعترف بيسوع المسيح اعترافا مجيدا ...

وروى ترتوليانوس واوريجانوس ان عددا عظيما من الوثنين غير هذا الجندى تنصر حينئذ بواسطة مابدا من الصفات الحسنة من القديسة بوتامينا ومنهم " ارنوبيوس احد علماء البلاغة المشهورين بين كتاب الاجيال الاولى الذى شاهد القديسة بمجد فى حلم . وقيل انها ظهرت لكثيرين فأمنوا بالمسيح ...

2- صوفيا
----------

وفى ايام البابا " اومانيوس البطريرك السابع اشتد الاضطهاد على القبط فأستشهد منهم كثيرون .. اشهرهم القديسة صوفيا من منف ...

وهذه القديسة التى نقل القيصر قسطنطين الكبير جسدها الطاهر الى القسطنطينية وشاد لها الكنيسة الشهيرة بأسم " اجيا صوفيا " اى القديسة صوفيا ...

وبكدا نكون انتهينا من القسم الثالث للقرن الثانى للبطاركة ...

والمحاضرة القادمة نتحدث عن القسم الرابع عن البدع والانشقاقات التى ظهرت فى القرن الثانى للبطاركة ...

وفيه نتحدث عن :

1- المدرسة الوثنية الفلسفية ..
2- تطرف بعض طلبة المدرسة اللاهوتية فى التفنن ..
3- امونيوس السقاص ..
4- باسيليدس ..
5- كربوكراتس ..
6- فالنتينوس ..
7- الخلاف على تعييد الفصح ..

وذلك على مراحل متعددة ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:18 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

*** تابع تاريخ البطاركة- القرن الثانى - القسم الرابع - محاضرة رقم 18 ***
----------------------------------------------------------------------------
مازلنا فى القرن الثانى للبطاركة :

تحدثنا عن بطاركة هذا القرن بالتفصيل ثم تحدثنا عن حوادث الاضطهادات فيه , وتكلمنا عن مشاهير الشهداء ايضا ...

واليوم سنتحدث عن البدع والانشقاقات فى هذا القرن من خلال :

1- المدرسة الوثنية الفلسفية
2- تطرف بعض طلبة المدرسة اللاهوتية فى التفنن
3- امونيوس السقاص
4- باسيليدس
5- كربوكرانس
6- فالنتيوس
7- الخلاف على تعييد الفصح

وذلك على مراحل لطول الموضوع ...

*** البدع والانشقاقات ***
-----------------------------

1- المدرسة الوثنية الفلسفية :
-------------------------------
لما ازدهرت المدرسة اللاهوتية ونمت النصرانية بفضل جهاد اولئك العلماء الافاضل الذين انجبتهم تلك المدرسة , وكانوا ركنا متينا لدين المسيح دبت الغيرة فى قلوب الوثنيين فعملوا على مباراة المسيحيين وانشأ رئيس فلاسفتهم امونيوس السقاص الذى يظن بأنه احد مبتدعى المسيحيين المدرسة الوثنية الفلسفية وخصصها لتعليم الفلسفة الافلاطونية الجديدة وهى خلاصة مذهب افلاطون وارسطو , وفتحت لهذه المدرسة خزائن مكتبة الاسكندرية المملوءة بالمصنفات الموضوعة من علماء المصريين واليونان واخذوا يجهدون انفسهم فى توسيع دائرة علومها فأشتغلوا فى تكثير المجلدات وزيادة التأليف فخصص قسم من النساخ لتدوين ما يمليه عليه المؤلفون المعاصرون واهتم قسم اخر بنسخ ما يقفون عليه من كتب فلاسفة الوثنية القدماء ارادة زيادة انتشاره ليسهل على الجميع الاطلاع ...

وظهرت حينئذ كتب عديدة جدا ضد الديانة المسيحية غير انها لم تأت بثمرة لاصحابها لان المسيحية كانت اخذه فى التغلب رغم كل مقاومة ... وقد عظم شأن هذه المدرسة فى مدة مؤسسها وخليفيته بلوتينوس وبرفيروس وجامليك الذى حول الفلسفة الى اعمال السحر والشعوذة وكان ذلك فى ايام القيصر يوليانوس الجاحد من سنة 361-363م الذى كان السبب فى انهاض هذه المدرسة ولكنها اخذت فى الانحطاط ...

2- تطرف بعض طلبة المدرسة اللاهوتية فى التفنن :
--------------------------------------------------------
قد ظهر فى مصر فى هذا القرن كثيرون من المبتدعين الذين كانوا يدرسون بمدرسة الاسكندرية وجرهم الى الضلال تفننهم وقتئذ فى الباس القواعد الدينية ثوب المجاز والرمز ومحاولتهم مزج اسرار الديانة الوثنية المصرية وغوامض رموزها بقواعد الايمان المسيحى البسيطة مجتهدين فى اذاعة تعليمهم ومذهبهم فى الاسكندرية فكانوا يرغبون ان يكونوا مسيحيين ويتوشحوا بثوب الفلاسفة ورتبتهم واسمهم ...

فكانوا يعتقدون ان الفلسفة الحقيقية موهبة الله العظمى الشافية منتشرة فيما بين كل شيع الفلاسفة ويجب على كل عاقل ولا سيما المعلم المسيحى ان يجمع هذا النثر من كل الجهات ويحامى بها عن الديانة ...

وهؤلاء الاشخاص لقبوا """ بالاكلتكتكيين """ """ المنتخبين """ واستخاروا تعاليم افلاطون واعتقدوا بأكثر تعاليمه عن الله والنفس والانسانية والعالم ولكنهم ضلوا فى تعاليمهم ...

3- امونيوس السقاص :
----------------------
يقال انه ولد مسيحيا ولكنه كان يرغب ان يضم جميع الاديان بما فيها الدين المسيحى الى ديانة واحدة ليعتنقها الجميع وحاول ان يجعل هذه الديانة مرضية للجميع ...

فحول كل تاريخ الالهة الوثنية التى تشابيه واستعارات مثبتا ان ما يكرمه العامة والكهنة بالقاب الهة انما هم خدام الله الذين يليق بنا ان نقدم لهم الخشوع , وقال ايضا ان المسيح كان انسانا خارق العادة وحبيب الله وعارفا بعمل الله بنوع مدهش وانكر ان المسيح اخذ فى ملاشاة عبادة الارواح خدام العناية الالهية " الهة الوثنيين " بل اراد ان يزيل ما تلطخت به الاديان القديمة ...

4- باسيليدس :
--------------
وهو اشهر الغنوسطيين , كان من الاسكندرية ونشر ضلاله فيها اخذا عن سيمون الساحر واخترع خرافات اكثر سخافة من غيرها ...

مدعيا ان ابراساس " الاب " خلق نوس " الفهم " وهذا خلق لوغوس " الكلمة " وهذا خلق فرونايس " الفطنة " وهى برأت صوفيا وديناميس " الحكمة والقدرة " اللتين فطرتا الملائكة وهم خلقوا السماء الاولى وبعض الملائكة وهؤلاء خلقوا ايضا سماء ثانية ووصلوا الى 365 سماء ايام السنة ومقدار مجموع حروف كلمة ابراكساس اليونانية ...

وكان يقول ان اله اليهود كان رئيس ملائكة ولما اراد ان يستولى على جميع القبائل ثار عليه جميع الرؤساء فأرسل الله نوس ابنه البكر لينقذ الناس من الملائكة الذين خلقوا العالم ...

وقال عن نوس هذا الذى هو يسوع المسيح انه قوة غير هيولية وكان يتشح ماشاء من الهيئات ولهذا لما اراد اليهود ان يصلبوا اتخذ صورة سمعان القروى واعطاه صورته فصلب سمعان لا يسوع الذى كان يسخر باليهود ثم عاد غير منظور وصعد الى السماء وكان باسيليدس يعمل بالسحر والشعوذة وقال انه اخذ تعاليمه من متى الرسول واستمر مذهبه الى اواخر القرن الرابع ...

5- كربوكراتس :
---------------
ويسمى اتاعه نيوستيثيين اعنى معلمين ومستنرين وكان يزعم اولا ان يسوع المسيح كان ابن يوسف ومولودا منه كعامة الناس ومتميزا عنهم بقوته فقط , وان الملائكة خلقوا العالم ...

وانه يلزم من اثر البلوغ الى الله ان يتمم جميع افعال الشهوة المتمردة التى يجب ان تطاع فى كل شئ مجدفا بقوله انها ذاك العدو الذى يأمر الانجيل بأن نصطلح معه ... وكان يقول ان النفس تنتقل الى اجساد مختلفة الى ان تركتب جميع الافعال الاكثر شناعة ...

واتباع هذا الهرطفى كانوا يدعون مسيحيين ويميزون انفسهم عن غيرهم بوسمهم طرف اذنهم الادنى بالنار او الحديد وكانوا يسجدون لصور تلاميذ فيثاغورس او افلاطون او غيرها من الفلاسفة مع صور المسيح سواء ...

6- فالنتينوس :
------------
انشق من الكنيسة وقد انكر تجسد المسيح من السيدة العذراء ورغم انه اتى بجسده من السماء ومر بجسد مريم كما يجرى الماء من القناة وعلم بتأثير متصل بالارواح ...

وكان يقسم الناس الى ثلاث مراتب .. لحميين - حيوانيين - روحيين .. ويقول انه هو واتباعه من الروحيين وانه سوف ينال الحياة الابدية ...

وتتلخص تعليمه بأن البليروما " اسم غنوسطى لمسكن الله " فيه 30 ايونا نصفهم ذكور ونصفهم اناث وغيرهم 4 غير ممتزجين هم اورس " حارس حدود مسكن الله " والمسيح والروح القدس ويسوع .. ثم ان صوفيا " الحكمة " اصغر الايونيين بينما هى مشتاقة لادارك طبيعة اللاهوت الاعظم ولدت بنتا اسمها حكيموث " العلوم " التى طردت من مسكن الله الى حكام المادة الضخمة الغير المنتظمة فبمساعدة يسوع ولدت ديميارغوس " صانع " باقى كل الاشياء وهذا افرز المادة اللطيفة الحيوية من المادة الكثيفة من الاولى السموات ومن الثانية الارض ومزج البشر من نوعى المادة وامه حكيموث اضافت لها جوهر ثالثا سماويا روحانيا ...

7- الخلاف على تعييد عيد الفصح : فهذا ما سوف نتحدث عنه فى المحاضرة القادمة ...

هذا الجزء صعب شوية وسوف اترككم تتصفحونه بتمعن وسأكمل الباقى غدا بنعمة ربنا ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:18 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

*** تاريخ البطاركة - القرن الثانى - محاضرة رقم 19 ***
-------------------------------------------------------------------
تحدثنا فى المحاضرة السابقة عن المدرسة الوثنية الفلسفية ثم تطرف بعض طلبة المدرسة اللاهوتية فى التفنن ثم انتقلنا الى امونيوس السقاص وباسيليدس وكربوكراتس وفالنتينوس ....

واليوم نتحدث عن رقم 7 على الخلاف على تعييد الفصح ...

ملاحظة مهمة قبل القراءة :
-------------------------------

هذه المحاضرة مهمة جدا لحساب عيد القيامة والاعياد التى تلى القيامة مثل عيد العنصرة وعيد الصعود ... فهى توضح الحساب الابقطى والتقويم الغريغورى ...

والحساب الابقطى هو حساب كنيستنا القبطية , والتقويم الغريغورى فهو للغربيين لتحديد عيد فصح اليهود ومنه تحديد عيد القيامة والصعود والعنصرة ...

ارجو ان تستمتعوا معى بقراءة هذا الجزء المهم جدا لكنيستنا القبطية ...

7- الخلاف على تعييد عيد الفصح
-------------------------------------
كان يسمى يوم تذكار موت المسيح وتكفير الشعب " الفصح " ..

وسمى كذلك لآن المسيح صلب يوم حفظ اليهود فصحهم ... ولم يكن يعيد سنويا فقط بل كان يعيد ذلك التذكار الخلاصى كل احد ...

فكان يوم الاحد يعتبر ايضا من جميع المسيحيين يوم فرح وبهجة فيقضونه بالصلاة وقوفا وبلا صوم .. غير ان الفصح السنوى كانت له شعائر خصوصية فى قلوب المؤمنين وكان يحتفل فيه بتذكار الالام والقيامة معا ...

غير ان فى ذلك الحين قام خلاف شديد بين مسيحى اسيا الصغرى وكيليكيا وسوريا وبين النهرين وبين غيرهم من المسيحيين ..

فكلاهما صام الاسبوع المسمى الالام الذى مات فيه المسيح وفيه حفظوا عيدا مقدسا او اكلوا خروفا كما كانت تفعل اليهود تذكارا لعشاء مخلصنا الاخير ... غير ان مسيحى اسيا وما يجاورها كانوا يحفظون الفصح فى اليوم الرابع عشر من شهر نيسان العبرى , فى الوقت الذى اكل اليهود فحصهم فيه ... وفى اليوم السادس عشر حفظوا تذكار قيامة المسيح فى اى يوم من الاسبوع اتفقا اعنى من دون مرعاة يومى الاحد والجمعة .. فكانت تعتبر اهمية اليومين فى عددهما الشهرى 14 و 16 نيسان اللذان فيهما بالتمام تألم وقام لا فى غيرهما .. وقالوا انهم اخذوا هذه القاعدة من الرسولين يوحنا وفيلبس وعضدوها ايضا بمثال المسيح ذاته الذى عمل فحصه مع اليهود ... وكانوا يعتبرون يوم الالام من وجه عقائدى يوم تحرير من العبودية وخلاص فكان يعد عندهم يوم فرح ويمنعون بعد انقضائه الحزن والصوم معا ...

اما الكنيسة المصرية فكانت ترى من الضرورى ان يكون تذكار الالام يوم الجمعة وتذكار القيامة يوم الاحد ... ولهذا السبب كانت فى السنين التى لا يتفق ان يكون اليوم 14 من نيسان يوم جمعة تعيد الالام اول يوم جمعة بعده ثم القيامة يوم الاحد واسندوا هذه القاعدة الى بطرس وبولس الرسولين قائلين انهما اصلها ...وقد وافق اساقفة انطاكية ورومية على اتباع مسيحو الاسكندرية بناء على ما كتبه اليهم البابا ديمتريوس فى ذلك ...

ولكن كانت الكنائس متفقة على ضرورة تعييد الفصح ولكنها اختلفت فى تعيين اليوم فكانت احيانا يعيد بعد الاخر بأسبوع احيانا ... فبرغم الخلاف على ميعاد العيد الا ان المحبة كانت مستقرة فى القلوب ...

ونحو ختام القرن الثانى كان اسقف رومية يريد الزام المسيحيين الذين فى اسيا بالشريعة والاوامر لكى يتبعوا قانون اكثر العالم المسيحى فعقدت المجامع فى افسس وقرورا رأيا واحدا وهو ان تراعى عادة تعييد الفصح اقتداء بالكنيسة الاسكندرية اى القيامة يوم الاحد وان لا يحل الصوم الا فيه لان اعظم المسيحيين استحرم حفظ يوم اخر من ايام الاسبوع غير يوم الرب تذكارا لقيامة المسيح .. وارسلت القرارات الى جميع الكنائس ...

غير ان كنائس اسيا رفضوا ذلك واشتد الخلاف بينهم , وترتب على ذلك ان يصدر بابوات الاسكندرية رسالة فى كل عيد فصح يرسلونها لجميع الكنائس المسيحية والمصرية فى اليوم الذى يقع فيه عيد القيامة من كل سنة وتتضمن الحساب الفلكى الدقيق الذى جرى عليه المصريين القدماء ولا تزال الكنيسة القبطية سائرة على تلك القواعد التى وضعها رؤسائها لكنائس العالم اجمع ...

وقيل ان الذى وضع ذلك الحساب المشهور بالابقطى هو بطليموس الفلكى الفرماوى صاحب كتاب المجسطى فى عهد البابا ديمتريوس فنسب اليه ودعى بحساب الكرمة ...

وظلت الكنائس سائرة على هذا الترتيب حتى سنة 1582م حيث وضع اغريغوريوس 13 اسقف رومية تقويمه الغوريغورى الذى ادخل به اصلاحا على التقويم اليوليانى ... ولذلك صارت الطوائف الغربية التى سارت على التقويم الغريغورى تعيد الفصح بعد اكتمال البدر الذى يلى الاعتدال الربيعى مباشرة بدون نظر الى تاريخ ذبح الخروف ... اما الطوائف الشرقية فظلت باقية على العادة الاولى الى اليوم ...

ففى بعض السنين يتفق ان يكتمل اول بدر عيد الاعتدال الربيعى فى الوقت الذى يأتى فيه ذبح الخروف فتعيد جميع الطوائف المسيحية فى يوم واحد ...

ولكن فى سنين اخرى يكون اكتمال البدر قبل ذبح الخروف فيأتى عيد الفصح عند الغربيين متقدما على الشرقيين ...

ومدة هذا التقم تترواح بين اسبوع على الاقل وخمسة اسابيع على الاكثر ولا يأتى عيد الشرقيين قبل عيد الغربيين مطلقا ...

فالغرض من حساب الابقطى ... انما هو تعيين يوم ذبح الخروف عند اليهود .. ومنه يمكن تعيين عيد الفصح والاعياد المرتبطة به كعيد الصعود وعيد العنصرة وذلك بين السنة التوتية القبطية والسنة اليهودية فرقا نشأ من ان السنة الاولى شمسية والسنة الثانية ذات اشهر قمرية ...

ولكى يقع الفصح اليهودى دائما بعد الاعتدال الربيعى يضيف اليهود شهرا على سنتهم وكل سنتين اى انها فى السنتين الاوليين 12 شهرا وفى الثالثة 13 شهرا ...

وبذلك جعلوها سنة شمسية ولو ان شهورها قمرية ...

وبهذا نكون قد انتهينا من القرن الاول والقرن الثانى للبطاركة وغدا سوف نكمل حديثنا فى القرن الثالث للبطاركة ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:19 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

*** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة رقم 20 ***
انتهينا فى المحاضرات السابقة من القرن الاول والقرن الثانى للبطاركة , كما تحدثنا عن البدع والهرطقات التى واجههها هذين القرنيين , كما تكلمنا عن مشاهير وشهداء الكنيسة فى هذين العصرين ....

واليوم ندخل فى القرن الثالث للبطاركة ... وبطاركة هذا القرن هم ياروكلاس - يونيسيوس - مكسيموس - ثاؤنا ....

وسنتحدث عن كل بطريرك بالتفصيل .....

اتمنى ان تستمتعوا معى بقراءة هذا الجزء .........

** بطاركة القرن الثالث ***
-------------------------------------
1- ياروكلاس
--------------
البطريرك الثالث عشر

ولد فى الاسكندرية من ابوين وثنين صارا فيما بعد مسيحيين , وادخلا ابنهما ياروكلاس فى المدرسة اللاهوتية ليدرس العلوم بها .....

تتلمذ على يد العلامة اوريجانوس واظهر مهارة فائقة ونبوغا عظيمة حتى خصه البابا ديمتريوس بعناية ورسمه شماسا ثم قسا ثم عينه مديرا لتلك المدرسة , وسلمه مقاليدها بعد طرد اوريجانوس منها ...وقد اوكل اليه بالوعظ فوق منبر الكنيسة المرقسية بالاسكندرية فكان يجتذب برقة اسلوبه اغلب الوثنين الى الايمان , وعقب موت البطريرك ديمتريوس اجمع الكل على توليه منصب البطريركية ورسم فى شهر بابه سنة 232م فى عهد ساويرس قيصر ...

وفى عهده كان اضطهاد مكسيمينوس ضد المسيحيين , فعين 20 اسقفا على معظم مدن القطر المصرى واستمر فى جهاده مدة 16 سنة وشهر واحد و26 يوما وتوفى فى 8 كيهك سنة 247م ...

ومن شدة محبة الناس له كانوا يدعونه " بابا " اى جد .. الاسم الذى لم يسبقه احد قبله من البطاركة ... فكان اسقف انطاكية يسمى بطريركا واسقف الاسكندرية يسمى " بابا " .... فكلمة """ بابا """ ليست كلمة لاتينية ولا غربية بل هى شرقية محضة ...

كيف انتقل اسم " بابا " الى البطاركة ؟؟؟؟

يقول " افنيشيوس بطريرك الملكيين بالاسكندرية وهو " سعيد بن بطريق من رجال القرن العاشر " فى تاريخه طبعة سنة 1661 .... كتب يقول ....

" ان كلمة " بابا " مركبة من " اب أبا " ثم ادرجت الى " ابابا " وتخففت الى " بابا " وانتقل الاسم " بابا من كرسى اسكندرى الى كرسى رومية ....

وقال المقريزى المؤرخ المسلم فى كتابه " دخول قبط مصر فى النصرانية " كتب يقول ...

" وكان بطرك الاسكندرية يقال له البابا من عهد حنانيا هذا اول بطاركة الاسكندرية الى ان اقيم ديمتريوس وهو الثانى عشر من بطاركة الاسكندرية .. وصار الاساقفة يسمون البطرك الاب , والقسوس وسائر النصارى يسمون الاسقف الاب ويجعلون لفظة " البابا " تختص ببطرك الاسكندرية ومعناها " اب الاباء " ثم انتقل الاسم من كرسى الاسكندرية الى كرسى روما """ مجانى الادب للجزويت ج1 ص 202و 203 " ...

والحقيقة ان اسقف رومية لم يدع حق ملكية لقب " بابا " الا فى القرن الحادى عشر حيث عقد غريغوريوس السابع اسقف روميا مجمعا مكانيا حرم فيه كل اسقف يطلق على نفسه او على غيره ذلك اللقب ... واما قبل ذلك التاريخ لم يتجاسر اسقف رومانى على اطلاق اسم " بابا " ... وان اول من اطلق لقب بطرك على باباوات الاسكندرية هو القديس اثناسيوس الكبير حيث كتب عن اسكندر بابا الاسكندرية وسماه بطريركا ...

2- ديونيسيوس :
-----------------
البطريرك الرابع عشر

ولد بالاسكندرية فى اواخر القرن الثانى ... وكان عابدا للآوثان على مذهب " الصابئة "وهو يعنى " عبادة الكواكب والنجوم " وكان حكيما ... ففى ذات يوم مرت به عجوز ارملة ومعها كراسة مكتوبة من رسائل بولس الرسول تريد بيعها , فأشتراها منها واخذ يتأمل فيها وعتبرها افضل من كل ماقرأه من كتب الفلاسفة وطلب منها ان تأتيه بكل ماعندها فأحضرت له ثلاث رسائل ونصحته المرأة ان يتوجه الى الكنيسة حيث يجد الكثير مجانا , فمضى الى الكنيسة وتحدث مع شماس يدعى """ اغسطين """ فدفع له رسائل بولس كلها فقرأها ومضى به الى البطريرك ديمتريوس ونال منه سر المعمودية ثم انخرط فى سلك المدرسة اللاهوتية وتتلمذ لاوريجانوس العلامة ...

احبه البابا ديمتريوس ورقاه الى رتبة الشموسية وبعد وفاته رفع البابا ياروكلاس درجته الى وظيفة قس ثم قلده فيما بعد رئاسة المدرسة اللاهوتية واستمر فى عمله وكان ايضا يعظ ويعمد المرتشدين حتى توفى البابا ياروكلاس فأجمعت كلمة المسيحيين على ان يخلفه ديونيسوس فساموه بطريركا فى شهر كيهك سنة 247م فى عهد فيليب قيصر بعد ان ترك فى رئاسة المدرسة اللاهوتية "" بيروس "" ...

وفى عهده اضهطد """ ديسيوس قيصر """ المسيحيين , فحاول القبض على البطريرك فلم يفلح وتمكن من الهرب الذى لامه عليه " جرمانوس احد اساقفة الاقاليم " فأرسل اليه البابا ديونيسيوس رسالة يدافع فيها عن سبب هروبه والحوادث التى مر بها ...

ولما مات القيصر " ديسيوس سنة 251م " هدأت قليلا ثورة الاضطهاد فكتب البطريرك ديونيسيوس الى القيصر غالوس يذكره بما جناه ابوه على المسيحيين فأثر ذلك فى نفس القيصر تأثيرا حسنا .. ولكن كهنة الاوثان اقنعوا القيصر بأن الاله غاضبة على المسيحيين فبدء هو الاخر اضطهاد المسيحيين الى ان مات هذا القيصر سنة 253م , وتولى مكانه " فاليريان " الذى سالم المسيحيين فى بدأ الامر حتى تسنى للبابا ديونيسيوس ان يطوف فى انحاء القطر المصرى مفتقدا رعيته التى كادت تتمزق من اهوال الاضطهادات ورشم شمامسة وقسوس ودشن كنائس عديدة وعزى شعبه كما هو شأن الراعى الصالح ...

وصل البابا فى سياحته الى ابروشية " ارسينو " " وهى الان كيمان فارس المتخربة بحرى مدينة الفيوم " ...

وقف البابا هناك فى ارسينو على بدعة ابتدعها اسقفها فى مسألة ملك المسيح الالف سنة فقضى عليه فى مجمع عقده هناك كما سيأتى ذكره فى بابا البدع ...

فى ذلك الوقت مات فابيانوس اسقف رومية فظهرت بدع كثيرة هناك فى عهد اسقف رومية " الاسقف كرنيليوس " وكان احد المبدعين هو احد كهنة رومية ويدعى نوفاسيانوس فأرسل كرنيليوس رسالة الى بابا الاسكندرية ثم كتب بابا الاسكندرية رسائل الى جميع الكراسى المسيحية لكى يقطعوا الشركة مع " نوفاسيانوس " واوصاهم بالتمسك بكرنيليوس اسقفهم الشرعى وكانت النتيجة ان اعتزل نوفاسيانوس الكرسى الرومانى وتركه لكرنيليوس الذى عقد مجمعا حرم فيه خصمه والبدعة التى جاهر بها ...

وفى سنة 257م ثار اضطهاد القيصر " فالريان " فألقى القبض على بابا الاسكندرية وقتل كثيرا من المسيحيين وجلد قداسة البابا وطلب منه ان يسجد للآوثان ثم حكم عليه بالموت ولكنه غير رأيه ثم نفاه فى ناحية " خفرو وباليبيه " ...

بعد ذلك خف الاضطهاد على المسيحيين ثم رجع البابا الى كرسيه مرة ثانية , وكان يقاوم المبتدعين والهراطقة .. وظهرت بدعة اخرى من شخص قادم من رومية واسمه " سابليوس واسم البدعة """" مؤلمى الاب """ الذين يعتقدون ان الله نفسه لا احد اقانيمه هو الذى كفر عن خطايا البشر , وقد اضل كثيرين ببدعته .. فوقف امامه البابا ديونيسيوس وقفة البطل الباسل وقاوم ضلاله ثم حرمه البابا فى مجمع عقده بالاسكندرية سنة 261م ولكن اتباعه كتبوا الى اسقف رومية وكان شابا قليل الخبرة والمعرفة فأنجاز الى هذه البدعة وحرم البطريرك المصرى واهانه ولكنه لم يقابل الشر بالشر وارسل اليه رسالة يوضح فيها شر هذه البدعة وقد سمى المؤرخون هذا النزاع بين بطريرك الاسكندرية وبطريرك رومية سمى " نزاع الديونيسيين " ثم اقتنع بطريرك رومية بما قاله بطريرك الاسكندرية واحترم كلامه ووقف بجانبه فى رد بدعة اخرى ابتدعها """" بولس السيماساطى " بطريرك انطاكية التى لاجل هذه البدعة عقد مجمع فى انطاكية سنة 264م استدعى فيها القديس البطريرك ديونيسيوس الاسكندرى غير انه نظرا لشيخوخته اكتفى بأن بعث رسالتين احاهما الى المجمع والاخرى الى السيماساطى حل فيهما الاسئلة العشرة التى كان يوجهها بولس الى كل من يناقشه ...

وقبل انتهاء هذه البدعة رقد بابا الاسكندرية فى الرب فى 17 برمهات سنة 265م ... وكانت مدة اقامته على الكرسى 17 سنة ...

ولهذا البطريرك رسائل كثيرة فى الايمان ومعظم تلك الرسائل محفوظة فى مكتبة " جالان " اليونانية والللآتينية بمدينة البندقة ومنها مقالة فى الفصح واخرى فى السبت وبعض الترجمات الاخرى ...

ونكتفى فى هذه المحاضرة بهذين البطريركين ... والمحاضرة القادمة سوف نتحدث عن البطريرك مكسيموس والبطريرك ثاؤنا ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:19 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

*** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة رقم 20 ***

انتهينا فى المحاضرات السابقة من القرن الاول والقرن الثانى للبطاركة , كما تحدثنا عن البدع والهرطقات التى واجههها هذين القرنيين , كما تكلمنا عن مشاهير وشهداء الكنيسة فى هذين العصرين ....

واليوم ندخل فى القرن الثالث للبطاركة ... وبطاركة هذا القرن هم ياروكلاس - يونيسيوس - مكسيموس - ثاؤنا ....

وسنتحدث عن كل بطريرك بالتفصيل .....

اتمنى ان تستمتعوا معى بقراءة هذا الجزء .........

** بطاركة القرن الثالث ***
-------------------------------------
1- ياروكلاس
--------------
البطريرك الثالث عشر

ولد فى الاسكندرية من ابوين وثنين صارا فيما بعد مسيحيين , وادخلا ابنهما ياروكلاس فى المدرسة اللاهوتية ليدرس العلوم بها .....

تتلمذ على يد العلامة اوريجانوس واظهر مهارة فائقة ونبوغا عظيمة حتى خصه البابا ديمتريوس بعناية ورسمه شماسا ثم قسا ثم عينه مديرا لتلك المدرسة , وسلمه مقاليدها بعد طرد اوريجانوس منها ...وقد اوكل اليه بالوعظ فوق منبر الكنيسة المرقسية بالاسكندرية فكان يجتذب برقة اسلوبه اغلب الوثنين الى الايمان , وعقب موت البطريرك ديمتريوس اجمع الكل على توليه منصب البطريركية ورسم فى شهر بابه سنة 232م فى عهد ساويرس قيصر ...

وفى عهده كان اضطهاد مكسيمينوس ضد المسيحيين , فعين 20 اسقفا على معظم مدن القطر المصرى واستمر فى جهاده مدة 16 سنة وشهر واحد و26 يوما وتوفى فى 8 كيهك سنة 247م ...

ومن شدة محبة الناس له كانوا يدعونه " بابا " اى جد .. الاسم الذى لم يسبقه احد قبله من البطاركة ... فكان اسقف انطاكية يسمى بطريركا واسقف الاسكندرية يسمى " بابا " .... فكلمة """ بابا """ ليست كلمة لاتينية ولا غربية بل هى شرقية محضة ...

كيف انتقل اسم " بابا " الى البطاركة ؟؟؟؟

يقول " افنيشيوس بطريرك الملكيين بالاسكندرية وهو " سعيد بن بطريق من رجال القرن العاشر " فى تاريخه طبعة سنة 1661 .... كتب يقول ....

" ان كلمة " بابا " مركبة من " اب أبا " ثم ادرجت الى " ابابا " وتخففت الى " بابا " وانتقل الاسم " بابا من كرسى اسكندرى الى كرسى رومية ....

وقال المقريزى المؤرخ المسلم فى كتابه " دخول قبط مصر فى النصرانية " كتب يقول ...

" وكان بطرك الاسكندرية يقال له البابا من عهد حنانيا هذا اول بطاركة الاسكندرية الى ان اقيم ديمتريوس وهو الثانى عشر من بطاركة الاسكندرية .. وصار الاساقفة يسمون البطرك الاب , والقسوس وسائر النصارى يسمون الاسقف الاب ويجعلون لفظة " البابا " تختص ببطرك الاسكندرية ومعناها " اب الاباء " ثم انتقل الاسم من كرسى الاسكندرية الى كرسى روما """ مجانى الادب للجزويت ج1 ص 202و 203 " ...

والحقيقة ان اسقف رومية لم يدع حق ملكية لقب " بابا " الا فى القرن الحادى عشر حيث عقد غريغوريوس السابع اسقف روميا مجمعا مكانيا حرم فيه كل اسقف يطلق على نفسه او على غيره ذلك اللقب ... واما قبل ذلك التاريخ لم يتجاسر اسقف رومانى على اطلاق اسم " بابا " ... وان اول من اطلق لقب بطرك على باباوات الاسكندرية هو القديس اثناسيوس الكبير حيث كتب عن اسكندر بابا الاسكندرية وسماه بطريركا ...

2- ديونيسيوس :
-----------------
البطريرك الرابع عشر

ولد بالاسكندرية فى اواخر القرن الثانى ... وكان عابدا للآوثان على مذهب " الصابئة "وهو يعنى " عبادة الكواكب والنجوم " وكان حكيما ... ففى ذات يوم مرت به عجوز ارملة ومعها كراسة مكتوبة من رسائل بولس الرسول تريد بيعها , فأشتراها منها واخذ يتأمل فيها وعتبرها افضل من كل ماقرأه من كتب الفلاسفة وطلب منها ان تأتيه بكل ماعندها فأحضرت له ثلاث رسائل ونصحته المرأة ان يتوجه الى الكنيسة حيث يجد الكثير مجانا , فمضى الى الكنيسة وتحدث مع شماس يدعى """ اغسطين """ فدفع له رسائل بولس كلها فقرأها ومضى به الى البطريرك ديمتريوس ونال منه سر المعمودية ثم انخرط فى سلك المدرسة اللاهوتية وتتلمذ لاوريجانوس العلامة ...

احبه البابا ديمتريوس ورقاه الى رتبة الشموسية وبعد وفاته رفع البابا ياروكلاس درجته الى وظيفة قس ثم قلده فيما بعد رئاسة المدرسة اللاهوتية واستمر فى عمله وكان ايضا يعظ ويعمد المرتشدين حتى توفى البابا ياروكلاس فأجمعت كلمة المسيحيين على ان يخلفه ديونيسوس فساموه بطريركا فى شهر كيهك سنة 247م فى عهد فيليب قيصر بعد ان ترك فى رئاسة المدرسة اللاهوتية "" بيروس "" ...

وفى عهده اضهطد """ ديسيوس قيصر """ المسيحيين , فحاول القبض على البطريرك فلم يفلح وتمكن من الهرب الذى لامه عليه " جرمانوس احد اساقفة الاقاليم " فأرسل اليه البابا ديونيسيوس رسالة يدافع فيها عن سبب هروبه والحوادث التى مر بها ...

ولما مات القيصر " ديسيوس سنة 251م " هدأت قليلا ثورة الاضطهاد فكتب البطريرك ديونيسيوس الى القيصر غالوس يذكره بما جناه ابوه على المسيحيين فأثر ذلك فى نفس القيصر تأثيرا حسنا .. ولكن كهنة الاوثان اقنعوا القيصر بأن الاله غاضبة على المسيحيين فبدء هو الاخر اضطهاد المسيحيين الى ان مات هذا القيصر سنة 253م , وتولى مكانه " فاليريان " الذى سالم المسيحيين فى بدأ الامر حتى تسنى للبابا ديونيسيوس ان يطوف فى انحاء القطر المصرى مفتقدا رعيته التى كادت تتمزق من اهوال الاضطهادات ورشم شمامسة وقسوس ودشن كنائس عديدة وعزى شعبه كما هو شأن الراعى الصالح ...

وصل البابا فى سياحته الى ابروشية " ارسينو " " وهى الان كيمان فارس المتخربة بحرى مدينة الفيوم " ...

وقف البابا هناك فى ارسينو على بدعة ابتدعها اسقفها فى مسألة ملك المسيح الالف سنة فقضى عليه فى مجمع عقده هناك كما سيأتى ذكره فى بابا البدع ...

فى ذلك الوقت مات فابيانوس اسقف رومية فظهرت بدع كثيرة هناك فى عهد اسقف رومية " الاسقف كرنيليوس " وكان احد المبدعين هو احد كهنة رومية ويدعى نوفاسيانوس فأرسل كرنيليوس رسالة الى بابا الاسكندرية ثم كتب بابا الاسكندرية رسائل الى جميع الكراسى المسيحية لكى يقطعوا الشركة مع " نوفاسيانوس " واوصاهم بالتمسك بكرنيليوس اسقفهم الشرعى وكانت النتيجة ان اعتزل نوفاسيانوس الكرسى الرومانى وتركه لكرنيليوس الذى عقد مجمعا حرم فيه خصمه والبدعة التى جاهر بها ...

وفى سنة 257م ثار اضطهاد القيصر " فالريان " فألقى القبض على بابا الاسكندرية وقتل كثيرا من المسيحيين وجلد قداسة البابا وطلب منه ان يسجد للآوثان ثم حكم عليه بالموت ولكنه غير رأيه ثم نفاه فى ناحية " خفرو وباليبيه " ...

بعد ذلك خف الاضطهاد على المسيحيين ثم رجع البابا الى كرسيه مرة ثانية , وكان يقاوم المبتدعين والهراطقة .. وظهرت بدعة اخرى من شخص قادم من رومية واسمه " سابليوس واسم البدعة """" مؤلمى الاب """ الذين يعتقدون ان الله نفسه لا احد اقانيمه هو الذى كفر عن خطايا البشر , وقد اضل كثيرين ببدعته .. فوقف امامه البابا ديونيسيوس وقفة البطل الباسل وقاوم ضلاله ثم حرمه البابا فى مجمع عقده بالاسكندرية سنة 261م ولكن اتباعه كتبوا الى اسقف رومية وكان شابا قليل الخبرة والمعرفة فأنجاز الى هذه البدعة وحرم البطريرك المصرى واهانه ولكنه لم يقابل الشر بالشر وارسل اليه رسالة يوضح فيها شر هذه البدعة وقد سمى المؤرخون هذا النزاع بين بطريرك الاسكندرية وبطريرك رومية سمى " نزاع الديونيسيين " ثم اقتنع بطريرك رومية بما قاله بطريرك الاسكندرية واحترم كلامه ووقف بجانبه فى رد بدعة اخرى ابتدعها """" بولس السيماساطى " بطريرك انطاكية التى لاجل هذه البدعة عقد مجمع فى انطاكية سنة 264م استدعى فيها القديس البطريرك ديونيسيوس الاسكندرى غير انه نظرا لشيخوخته اكتفى بأن بعث رسالتين احاهما الى المجمع والاخرى الى السيماساطى حل فيهما الاسئلة العشرة التى كان يوجهها بولس الى كل من يناقشه ...

وقبل انتهاء هذه البدعة رقد بابا الاسكندرية فى الرب فى 17 برمهات سنة 265م ... وكانت مدة اقامته على الكرسى 17 سنة ...

ولهذا البطريرك رسائل كثيرة فى الايمان ومعظم تلك الرسائل محفوظة فى مكتبة " جالان " اليونانية والللآتينية بمدينة البندقة ومنها مقالة فى الفصح واخرى فى السبت وبعض الترجمات الاخرى ...

ونكتفى فى هذه المحاضرة بهذين البطريركين ... والمحاضرة القادمة سوف نتحدث عن البطريرك مكسيموس والبطريرك ثاؤنا ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:19 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
*** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة رقم 21

دخلنا من المحاضرة السابقة فى القرن الثالث للبطاركة ... وتحدثنا عن البطريرك ياروكلاس البطريك الثالث عشر ثم تكلمنا بالتفصيل عن البطريرك الرابع عشر وهو ديونيسيوس ....

واليوم نتكلم عن البطريرك مكسيموس , والبطريرك ثاؤنا ....

3- البطريرك مكسيموس
---------------------------
البطريرك الخامس عشر

ولد بالاسكندرية من ابوين مسيحيين وكان قسا , وتم تكريسه بطريركا فى شهر برمهات سنة 265م فى عهد غالينوس قيصر ....

ولما حكم مجمع انطاكية بحرم بولس السيماساطى ارسل حكمه الى هذا البطريرك يتضمن الاسباب التى دعت الى تجريد بولس من رتبته الكهنوتية واقامة دمنوس عوضا عنه ....

وبعد اطلاعه على الحكم بادر حالا بكتابة رسالتين واحدة للمجمع يشكر فيها مساعيه واتعابه لخدمة الكنيسة , والرسالة الثانية الى دمنوس تهنئة له بوظيفته الجديدة, ثم حرر منشورا الى جميع الكراسى الاسقفية يحذرهم فيه من تعاليم بولس وشرح لهم التعاليم الصحيحة ...

وبعد ذلك ظهرت بدعة مانى الخبيثة فكان لهذا البابا اليد الطولى فى دحضها وجاهد فى مقاومتها بكتابة رسائل والقاء خطب كثيرة ...

واستمر يرعى رعيته مدة 18 سنة ثم تنيح فى 14 برمودة سنة 282م ...

4- البطريرك ثاؤنا
-----------------
البطريرك السادس عشر

روى الانبا يؤانس مطران دمياط فى مجموعته لتاريخ البطاركة ان الاباء نصبوا بطريركا قبل ثاؤنا اسمه ببنوده جلس على الكرسى لمدة ستة اشهر وبعد ذلك تم تجريده من رتبته لانه قد خصى نفسه ....

وبعد ذلك اقاموا البابا ثاؤنا فى شهر كيهك سنة 282م فى عهد بروفس ....

وهذا البطريرك كان من قسوس الاسكندرية المشهورين بالعلم والوداعة وانه جمع الاموال وبنى كنيسة بأسم السيدة العذراء , وهو ايضا اول من بنى الكنائس بالاسكندرية .. فقد كانت النصارة قبلا تصلى فى المغارات والسراديب خوفا من القتل وسفك الدماء , فلاطف البابا ثاؤنا جماعة الروم واهدى اليهم تحفا جميلة حتى بنى كنيسة العذراء ولما بنيت صلى فيها القبط جهارا ...

ولما تولى القيصر " ديوكلتيانوس " عرش روما ادخل بعض الاقباط المسيحيون معه فحثهم البابا ثاؤنا ان يقوموا بوجبهم وان يميزوا نفسهم عن الوثنين بأعمالهم الصالحة وسيرتهم الحسنة , كما اوصى كافة امناء بيت الملك المسيحيين ايضا ثم ارسل لآمين الخزانة الخاصة يأمره بأن يتحلى بالامانة والدقة ...

وكان فى عهده كاهن قديس لم يرزق بنسل يدعى " ثيودوسيوس " حدث ان امرأته صوفيه شاهدت بالكنيسة يوم عيد الرسولين بطرس وبولس اولاد المسيحييين يقدمون الى المعمودية فأنكسر قلبها وكانت حزينة وطلبت من الله بلجاجة ان يعطيها نسلا .. وفى هذه الليلة شاهدت شخصين واقفا امامها واخبرها بأنها سترزق بولدا , وامراها ان تذهب الى البابا ثاؤنا , ولما اتى الصباح ذهبت الى البابا واخبرته فصلى لها واصرفها بسلام , فرزقت بولد فدعاه بطرس ولما كبر تتلمذ على يد البابا ودخل المدرسة اللاهوتية فبرع بها براغة غريبة جذبت اليه انظار جميع الشعب ...

ولما اتت ساعة وفاة البابا ثاؤنا قال له الشعب اتتركنا ياابانا مثل الايتام , فقال لهم " لستم ايتاما بل هذا بطرس ابوكم وهو البطريرك بعدى ... وقدمه اليهم قبل ان يرقد فى الرب "

وفى اواخر حبريته ثار اضطهاد " ديوكلتيانوس قيصر " فجعلت الكنيسة القبطية السنة الاولى لملك هذا الطاغية مبدأ لتاريخ سنيها وهو المعروف بتاريخ الشهداء ...

ورقد فى الرب فى 2 طوبة للشهداء سنة 17 للشهداء و 300 م ...

وبكدا نكون انتهينا من بطاركة القرن الثالث ...

والمحاضرة القادمة سنتحدث عن القسم الثانى وهو منشأ الرهبنة ومؤسسوها فى القرن الثالث ....

وسنتحدث عن

1- منشأ الرهبنة 2 - بولا 3- انطونيوس 4- امونيوس 5- بفنوتيوس

سوف نتحدث عن كل ذلك على مراحل متعددة ...

الرب يعطينا روح الفهم والمعرفة ....

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:20 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

***** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة رقم 22 ***

دخلنا فى القرن الثالث من المحاضرة السابقة , وتحدثنا على بطاركة هذا القرن وهم البطريرك 13 ياروكلاس , والبطريرك ديونيسيوس 14 , البطريرك مكسيموس 15 , واخيرا البطريرك ثاؤنا 16 ...

واليوم نتحدث عن شئ هام جدا فى المسيحية وهو منشأة الرهبنة ومؤسسوها , ثم نتكلم عن القديس الانبا بولا , والانبا انطونيوس , والانبا امونيوس واخيرا الانبا بفنوتيوس ...
وذلك على مراحل متعدددة ....

ارجو ان تستمتعوا معى بقراءة هذا الجزء من تاريخ كنيستنا القبطية ...

1- منشأ الرهبنة :
-----------------
ان اولى الامم المسيحية التى تنشأ عندها نظام الرهبنة هى الامم المصرية ....

وقد ظهرت الرهبنة بمصر حال دخول الديانة المسيحية فيها ... وقيل ان الرسول مرقس هو الذى علمها لمسيحى مصر .. قال اوسابيوس المؤرخ " لما كان مرقس الرسول متحليا بالطهر والعفاف وبث روح الفضيلة فى قلوب كثيرين من المصريين فأعتزلوا العالم ولجأوا الى الكهوف والمغائر عاكفين على تسبيح الخالق والتغنى بذكره الاقدس فتحولت القفار القاحلة الى رياض يانعة تنبت النفوس وتثمر الكمال " ...

الا ان التبتل والانفراد للتعبد كانا معروفين من قبل المصريين عند اليهود .. فقد روى فيلومن العبرى بأنه كان فى ضواحى الاسكندرية قوم من اليهود عرفوا بالمتأملين فى الالهيات تركوا كل ما يملكون من متاع الدنيا وأووا رجالا ونساء الى التلال المجاورة يقيمون فيها الصلوات ويسبحون بالمزامير والترانيم .. وقال " كاسيانوس " وهو كاتب كنسى " ان التقليد القديم يشهد بأن رهبان وادى النطرون متناسلون من المتأملين فى الالهيات ...

وقيل ان اول دير مسيحى تأسس كان فى سنة 151م حيث عزم " فرونتينوس " على ترك العالم زهدا فى الدنيا وملاذها فجمع اليه جماعة من الاخوة وسار بهم الى وادى النطرون فى مديرية الجيزة , وهناك قضى بقية حياتهم بالنسك والتعبد فى بعض الكهوف الصخرية ... الا ان الرهبنة لم تعرف جيدا فى مصر الا فى عهد القديسين بولا وانطونيوس ...

وكانت تسير الرهبنة على نظام التوحد والانفراد حيث ينفرد الراهب فى مغارة يقضى حياته فيها منعزلا عن البشر , ولكنها فى عهد " أمونيوس ومكاريوس تطورت فصار الرهبان يشتركون ويتعاونون معا ... ثم فى عهد " باخوميوس وشنودة " اجتمعوا جماعات منظمة ووضعوا لآنفسهم قوانين خاصة يسيرون عليها , غير ان كثيرين استمر بعضهم يسير على نظام بولا وانطونيوس وغيرهم على منوال اخر ...

وقد كان رهبان مصر ثلاثة انواع :

النساك : وهم الذين يسكنون الاديرة جماعات وفيئات ...

الزهاد : وهم الذين يعيشون فى الخلوات والصوامع ...

المتبتلون: وهم الذين يجتمع اثنان او ثلاثة منهم فى المدن بدون زواج ....


2- القديس الانبا بولا :
-------------
روى القديس انطونيوس كاتب سيرة هذا الاب قال :

فى سن السبعين خالجنى فكر من العجرفة والكبرياء ... فقلت فى نفسى اظن انه لايوجد ورائى احد فى البرية اقام فى الفيافى سالكا سبيل النسك والفضيلة مثلى ...

وفى الليلة التى كنت اتأمل فيها هذه الامور .. اوحى الى من قبل الله انه يوجد خلفى رجل افضل منى وحضنى على ان اسعى لاراه .....

فلما اتى الصباح اخذت جريدة النخل التى كنت اتكئ عليها واخذت اتمشى فى البرية كما كان يهدينى عقلى لانى لم اكن اعرف الطريق ... ولبثت سائرا الى الظهر وكان الحر شديدا , فشرعت احدث نفسى قائلا انى لمتكل على الله الذى لا يتخلى عنى ان يرينى عبده الذى اوحى الى عنه ...

ولم يتم قوله حتى رأى وحشا كان نصفه انسان ونصفه الاخر شبه حصان ... وهو ما يسميه الشعراء " بالقنطورس " ....

فرسم القديس على جبهته علامة الصليب وقال له اين هو عبد الله ... فأراه الوحش المكان مشيرا بأصبعه راكضا الى الغاب ....

فأستمر القديس فى سفره باحثا على الطريق , واذا هو يتعجب من هذا الامر ... مر من امامه هذا الحيوان كأنه ذاهب الى ميدان فسيح ... وما هذا الا الشيطان ... اتخذ تلك الصورة ليزعج القديس .. فأستغرب مشابهته الشكل الذى رأه فى الحيوان ....

وبعد ان ابتعد قليلا رأى وحشا اخر كأنسان قصير القامة له ساقان وقرنان كقرنى التيس , فسأله من انت ... فأجابه اننى احد سكان البرارى الذى يعبدهم الوثنيون كأنهم الهة ... وقد ارسلتنى طائفتى لاطلب منك نيابة عنهم ان تتضرع لاجلنا الى المسيح الهنا الذى عرفنا انه اتى لاجل خلاص العالم ....

وبعد ان تكلم الحيوان هذا الكلام .. جدد الشيخ انطونيوس المسير وسالت دموعه على الارض لكنه سر لمجد المسيح ولآبادة الشيطان ... وضرب بعكازه على الارض وقال ويل للآسكندرية ... ويل لمدينة الوثنيين التى اجتمع فيها جميع شياطين الخليقة ...

ملحوظة
--------
خبر هذين الوحشين وجد فى الترجمة المشهورة ان البابا اثناسيوس الرسولى كتبها للقديس انطونيوس , وقد اثبتناه هنا وان وجد مخالفا لعقلية العصر بين حفظا للآصل ...

ونرجع للقديس الانبا انطونيوس ... وكان قد توغل فى البرية ومر عليه وقت لم ير فيه انسانا او حيوانا , فصرف يومين بليلتين فى الصلاة راجيا من الله ان لا يمهله .... وفى اليوم التالى لاحظ ذئبا صاعدا الى الجبل فأفتقى اثره ...

ولما صعد الى الجبل وقع نظره على مغاره كانت هناك ... وشاهد الذئب يدخل اليها ولكنه لم يميز شيئا لشدة الظلام ...

وقد حاول الخوف ان يدخل قلبه ولكن المحبة الكاملة تطرح الخوف الى خارج ....

فدنا من المغارة فلاح له ضوء سراج ... فأسرع فى سيره لفرط سروره فعثرت رجله بحجر غير ان القديس بولا حال سماعه بوقع اقدامه دحرج الحجر واغلق باب المغارة ...

فأرتمى القديس انطونيوس امام باب المغارة على وجهه وتوسل الى القديس بولا ليفتح له الباب قائلا له انا وحدى ...

فأجاب القديس بولا ... لم اتيت ؟؟؟ فقال انطونيوس انى لو اثق بأنك تعلم من انا ومن اين اتيت وبما انك تقبل وحوش البرية فلم تكره بنى البشر ؟؟؟؟

لقد طلبتك ووجدتك وقرعت الباب بثقة فأفتحه لى والا فسأموت هنا واذا ما رأيت جثتى فأدفنها ....

وسمع القديس بولا صوت بكائه فأجابه قائلا " ما من احد يطلب احسانا بأنتهار ولا يفتر باكيا متنهدا .. فأن كنت اتيت الى لكى تموت فلماذا تتعجب من انى لا اقبلك ... قال هذا وفتح له الباب ...

فألتقيا وتعانقا وقبلا بعضهما بالقبلات المقدسة وسلم الواحد على الاخر بأسمه كأنهما كان يعرفان بعضهما قبلا ثم http://74.220.207.152/%7Eanbawis1/vb...milies/ccc.gif الله على احسانه اليهما وجلسا للمخاطبة ...

فقال القديس بولا ...

لم احتملت كل هذا الضيق ومشقة البحث عن شيخ وهن جسمه وهزل وسترى بعد قليل انه يصير ترابا ... غير ان المحبة تحتمل كل شئ فجعلتك تتعب كثيرا فى الاستقصاء عنى ... فأخبرنى الان ما حال العالم ومن يديره وهل يوجد بعد من يسجد للآصنام ويعبدهم وهل بنو البشر مستمرون فى بناء البيوت فى المدن القديمة .. ولا يزال يوجد ملوك وحكام فى العالم ؟؟؟ فأجابه القديس انطونيوس عن اجوبته ثم اخذ يسأل القديس بولا عن السبب الذى من اجله اتى الى البرية وكم عاما اتى عليه فيها وكم سنه حياته وماذا اكل وكيف عاش ؟؟؟؟؟؟؟

فأجابه القديس بولا ....

انى ولدت نحو سنة 228م ... فى الصعيد الاسفل بمدينة طيبة .... من ابوين اغنياء ... ولما صار عمرى 12 سنة مات والداى ... فدخلت مدارس الفلاسفة , واتقنت فيها اللغة اليونانية , فضلا عن اللغة المصرية .. واقمت بمنزل زوج اختى " وقيل اخوه " , ولم يكن مسيحيا ...

ولما بلغت ال 20 من عمرى .. اثار " ديسيوس قيصر " اضطهاده سنة 249م على النصارى , وامتد الى الصعيد , وصدر الامر بالتفتيش على المسيحيين لتعذيبهم ان كانوا لا ينكرون مسيحهم ...

فهربت الى منزل كان لى بين مزارعى . ولم امكث فى هذا المكان المنفرد قليلا حتى انذرتنى اختى بأن زوجها عازم على اخبار الحكومة بحقيقة حالى لكى يقبض على ... ويتمتع هو بمالى وعقارى الذى يصير اليه بعدى بحث الارث ....

فخطر على بالى حينئذ قول السيد المسيح " من لا يترك جميع امواله لا يقدر ان يكون لى تلميذا " - لو 14 : 33 - فوهبت اختى وزوجها كل ماامتلك من حطام الدينا , وودعت العالم الوداع الاخير وقصدت البرية الداخلية بجبل القلزم """ هو شمالى الشرقية - الصحراء العربية - التى بين النيل والبحر الاحمر """ حيث وجدت مغارة " قيل ان مزيفى النقود فى زمان كيلوباترا كانوا يختفون فى هذه المغائر " حيث وجدت مغارة مغلق بابها بحجر كبير فدحرجته ودخلت اليها ورأيت بقربها نخلة تثمر وعين ماء فأقمت بها وصرت اقتات من ثمار النخلة واستقى من عين الماء واكتسى بخوص النخلة مجدولا ...

وكنت فى اول سكناى فى البرية اقصد ان اعود الى بلدتى بعد زوال الاضطهاد ولكنى ذقت لذة الوحدة وعذوبة الانفراد والاختلاء مع الله .. ادركت ان الضرورة قد هيأت لى طريق الفضيلة فأثرت هجر العالم بتاتا .. وهكذا عشت حتى الان منفردا كل الانفراد مثابرا على الصلاة والتأملات الروحية مدة 60 سنة ...

وبينما هما يتخاطبان التفت كلاهما فنظرا غرابا على غصن شجرة وللوقت وقف بكل هدوء على الفرع وكان فى منقاره رغيف من الخبز .. والقاه فيما بينهما وطار وهما ينظران ويتعجبان ....

فقال القديس بولا لضيفه مبارك الرب الذى ارسل لنا مأكلا ... فأعلم يااخى انطونيوس انه منذ اتيت هنا وهذا الغراب يأتينى كل يوم بنصف رغيف .. واليوم من اجلك اتى برغيف كامل .. وبعد ان http://74.220.207.152/%7Eanbawis1/vb...milies/ccc.gif الرب جلسا للآكل وتنازعا فى كل منهما يجب ان يكسر الخبز فأتفقا اخيرا على ان يكسراه معا فكسراه بأسم الرب وبعد ان اكلاه وقفا يصليان طول ليلهما ...

ولما اتى الصباح قال القديس بولا لضيفه ....

لقد عرفت من مدة طويلة انك تسكن هذه البرارى وكان الله قد وعدنى بزيارتك .. فجئتنى فى الوقت المناسب اذ حان وقت راحتى وسيحل لى الامر الذى اشتهيته يعنى الانتقال من هذا العالم والسكنى مع سيدى يسوع المسيح حيث قد اعد لى اكليل البر .. فلهذا ارسلك لكى تدفن هذا الجسد الشقى وترد التراب الى التراب ....

وينما كان القديس بولا ينطق بهذا الكلام كانت دموع القديس انطونيوس تنهمل بغزارة واظهر اسفه متنهدا , وطلب من القديس بولا الا يفارقه او يأخذه معه الى الوطن السعيد ...

فأجاب بولا الطوباى وقال له ...

لا يليق بك ان تطلب الخير لنفسك بل لجيرانك .. ولذا ارجوك ياحبيبى اذا لم يكن فى الامر مشقة ان تذهب بسرعة الى ديرك وتأتينى بالرداء الذى اعطاه لك القديس اثناسيوس الرسولى البطريرك لتكفننى به وتدفنى "1" "قال القديس انطونيوس فى ترجمة الانبا بولا " ان هذا الرداء كان قد اهداه القيصر قسطنطين الكبير للبابا اثناسيوس وهو اهداه الى " ... ولم يكن فى حاجة الى ثياب ولكنه اراد ان تفارق روحه جسده فى غياب القديس انطونيوس ...

وكان القديس انطونيوس يسمع كلامه بتعجب زائد وادرك ان الله كشف للآنبا بولا اشياء كثيرة وشكر الرب سرا ثم خر امامه وصلى واقترب اليه وقبل عينيه ويديه واسرع فى الخروج ليذهب الى ديره ....

وبعد ان سافر ووصل الى الدير التقى به اثنان من تلاميذه ظلا يبحثان عنه طويلا وقالا له " اين كنت ياأبانا فى هذه الايام ؟؟؟ فأجاب وقال لهما .. ويل لى انا الخاطئ فأن اسم مسيحى الذى ادعنى به هو مستعار ولست مستحقا ان ادعى راهبا لانى رأيت ايليا ويوحنا المعمدان فى البرية ورأيت بولا فى السماء وهو يتكلم معهما ... ثم ضرب بيده على صدره واخذ الرداء وفارق تلميذيه ولم يشأ ان يعبر لهما عن معنى كلامه بل قال لهما للكلام وقت وللصمت وقت ...

ثم جد فى السير لانه كان يشتهى ان يراه قبل انتقاله فسافر فى اليوم الاول ولكنه فى اليوم الثانى فى الساعة التاسعة ابصر جمهورا من الملائكة يصعدون الى السماء وروح القديس بولا معهم ... وهى تضئ كالشمس فجثا على الارض واضعا التراب على رأسه وقال بقلب اسف ..

ياخائف الله لماذا تركتنى هكذا بدون ان تودعنى على ماعانيته من مشقة السفر الذى كنت اسابق فيه الطيور .. ثم استمر فى سيره حتى دنا من باب المغارة ....

فوجد جسد الشيخ الميت واقفا جاثيا على ركبته ورأسه مستقيما ويديه مرتفعتين .. فظن انه حى بعد .. فجثا خلفه يصلى ... غير انه لما رأى الشيخ لا يتنهد كعادته فى الصلاة تفرس فيه جيدا متحقق انه توفى فوثب على جسده زارفا الدموع ومقبلا يديه ورجليه ثم لفه بالرداء وحمله على كتفيه وهو يرتل المزامير غير انه حزن عندما رأى نفسه اهمل استحضار الة معه يحفر بها القبر .....

وفيما هو مفكر فى امره اذا بأسدين جاءا معا راكضين .. فلما نظرهما ارتعد واذ رفع فكره الى الله وجدد نظره اليهما ظهرا له كحمامتين وديعتين تطيران فى الهواء ...

فأقترب الاسدان وانطرحا بجانب جسد الاب بولا .. مظهرين اكرامهما له ثم هزا ذيليهما لانطونيوس المبارك ورقدا امامه بوداعة تامة وحكا اسنانهما ببعض ... وقرا بصوت عال كأنهما يظهراتن اسفهما ...

ثم حفرا فى الارض قبرا كاملا وبعد ما فرغا من العمل تقدما الى الاب انطونيوس وخفضا ذنبيهما وسجدا امامه ولحسا يديه وقدميه كمن يطلب بركة ... فبارك عليهما قائلا " ايها الرب الاله الذى بدون امره لا تسقط ورقة واحدة على الارض وبدون مشيئته لا يسقط عصفورا واحدا فى الفخ ... باركهما جميعا " ...

ثم اطلق الاسدين بأشارة يده وصلى على جثة القديس بولا ودفنها وبعد ان اتم الدفن رجع الى ديره حاملا ثوب القديس بولا المصنوع من الخوص معتبرا اياه كنزا ثمينا ... وكان يلبس هذا الثوب فى يومين من كل سنة وهما عيد الفصح وعيد العنصرة ...

وكانت وفاة القديس بولا فى العاشر من كانون الثانى 343م الموافق 12 امشير سنة 59 ش ...

والحقيقة ان قصة حياة هذا البار ادمعدتنى بحق وانا بكتبها ... بركة صلواته وشفاعته تكون معنا امين ...

وبكدا نكون انتهينا من التحدث عن منشأ الرهبنة وتكلمنا عن قصة حياة القديس العظيم الانبا بولا على فم القديس العظيم الانبا انطونيوس ...

وغدا نكمل مشورنا ونتكلم عن القديس الانبا انطونيوس ...

سامحونى المحاضرة ديه طويلة شوية لكنها ممتعة جدا وفيها كثير من المعلومات الجديدة والجميلة والقيمة ...

اتمنى ان تستمتعوا معى بقراءة هذا الجزء ... الرب يعطينا روح الفهم والمعرفة ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:20 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
**** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة رقم 23 ****





انتهينا فى المحاضرة السابقة من الحديث عن منشأة الرهبنة وتكلمنا عن القديس الانبا بولا ......

واليوم سوف نتحدث عن القديس الانبا انطونيوس .......

اتمنى ان تستمتعوا معى بقراءة قصة حياة هذا الطوباوى ....


3- القديس الانبا انطونيوس
-----------------------------



كاتب سيرة هذا الاب الطوباوى كما سيأتى معنا هو القديس البابا اثناسيوس الرسولى البطريرك العشرون ..............

هذا البطريرك كان يفتخر بكونه عرف القديس انطونيوس منذ حداثته , وانه استقى له الماء مرارا كثيرة ... فقد قال :

ولد القديس انطونيوس سنة 251م فى مدينة تدعى " كوما " " كوما قيمن الان قرب بنى سويف ومدينة هرقلية قديما التى كانت مشهورة بين مدن الصعيد " ....

ولد من والدين مسيحيين اشتهرا بالغنى فى المال والفضيلة , فربياه على مبادئ الدين والتقوى , فنشأ هادئا وقورا محبا للعزلة والانفراد , كثير القناعة فى جميع مقتضيات المعيشة .. ومع ان والديه لم ينظماه فى سلك التعليم بأحدى المدراس الا انهما هذباه بعلومهما ومعارفهما كما تدل كتابات القديس انطونيوس الباقية الى الان التى تدل على مقدرته وتشهد له بالتضلع ...

ولم يبلغ 18 من عمره حتى فقد ابويه , فألتزم ان يعتنى بتربية اخته الصغيرة ويدبر حركة املاكه الواسعة التى كان ينفق منها كثيرا لاغاثة البائسين , غير ان الافكار المقدسة كانت متملكة عليه , وكثيرا ماكان يعجب من شهامة الاباء الرسل الذين تركوا كل شئ وتجندوا لخدمة الكلمة وكيف كان كل مؤمن بواستطتهم يبيع املاكه ويضع ثمنها تحت اقدامهم ...

واتفق ذات يوم انه ذهب الى الكنيسة كعادته هو واخته , وهذه الافكار تشغل خاطره واذا بفصل الانجيل يقرأ فسمع السيد المسيح يقول لاحد شبان اليهود الاغنياء " ان اردت ان تكون كاملا اذهب بع كل مالك واعطه للفقراء وتعال اتبعنى " فحالما سمع هذه العبارة حسبها صوتا الهيا يناديه من السماء فرضخ لهذه المشورة وعزم على تنفيذها ...

ولما عاد الى منزله شرع فى العمل بهذا الكلام فأعطى اخته نصيبها ثم توجه بها الى دور العذارى التى كانت فى عصره قد اتسع نطاقها واوصى بها رئيستهن لكى تراعيها كأبنة لها , اما هو فأخذ يبيع كل املاكه ويوزع منها على الفقراء حتى لم يبق لنفسه شيئا ... وعاش بعد ذلك من كد يديه حيث كان يصنع قففا وحصرا ويقتات بثمنها ... ثم انصرف همه نحو ترويض جسده على النمو فى الفضيلة والعيشة بالقداسة والتقوى ...

ولم تكن الاديرة معروفة وقتئذ بل كان الاتقياء الهائمون بحب العزله يجتهدون بكل طاقتهم فى الانفراد عن العالم والابتعاد عن معاشرة الناس فيتخذون لانفسهم مغائر لا تبعد قليلا عن المدن والقرى وهناك ينعكفون على العبادة ... فأجتمع انطونيوس ببعض هؤلاء وجعل يمر عليهم ويتعلم منهم الفضائل فكان كالنحلة التى تؤلف شهدها من متنوع الازهار فتعلم من واحد فضيلة الصبر ومن اخر التواضع ومن غيره الصمت ومن اخر الطاعة وهكذا الى ان وصل وكان يزاول العبادة من بينهم شيخا معلما له ... وكانت ذاكرته قوية جدا لدرجة حفظ الانجيل المقدس حتى اعجب به المتوحدون ...

غير ان الشيطان لم يرق له ان يرى شابا كهذا متمسكا بعرى القداسة فجمع قواه ضده وشرع فى الهجوم عليه بواسطة الافكار الرديئة فكان مره يدفعه ليأسف على توزيع ثروته ويقول له يمكنك ان تبيعها وتتصرف بها حسنا وتعيش فى رضاء الله , واخرى يقوده الى الندم على تركه واهماله اخته الوحيدة , وتارة يمثل له مشقات الطريق الذى سائرا فيه , وتارة يملا فكره من الصور الجميلة التى تسوقه الى الفساد ...

اما القديس انطونيوس فقد تسلح تلقاء هذه الهجمات بسلاح اله الكامل فأخذ يردد فى ذهنه فردوس النعيم البهيج وعذاب جهنم المؤلم , وتفانى فى قمع جسده وتذليله فكان ينقطع عن الاكل اليوم كله ويأكل بالليل واحيانا ثلاثة ايام , وكان يلبس المسح ويرقد على الارض او على حصير , فلما عجز الشيطان عن ان يوقعه فى محبة العالم , حاول معه بطريقة اخرى ان يجربه بالفخر والتباهى بأنه افضل الناس قداسة , ولكنه لم يسمح لهذه الافكار ان تستمر معه وبذلك كان يتخلص من التجربة قبل استيلائها عليه ...

وفى يوم عثر على كنز قديم للكنوز التى انهال عليها التراب والرمل فظن انها خيالات ولكنه تحققها وعلم ان الشيطان يريده الرجوع الى العالم ففر هاربا وترك هذا الكنز وذهب الى المقابر وكان احد اصحابه يأخذ مايصنعه من سلال ويحضر مايحتاجه من الخبز والماء والملح ... ويروى انه عاش عمره كله بدون ان يتناول لحما او يشرب خمرا ...

ولما وبلغ القديس 35 عاما عزم ان يتوغل فى البرية , وتوجه الى شرقى النيل وتعمق فى البرية حتى عثر على قصر قديم عظيم البناية بنته احد ملوك مصر الفراعنة منذ زمن بعيد فسكن فيه ....

وفى ذلك الوقت كان خبر قداسته قد شاع فى كل مكان فكان الناس يتبادرون اليه لسماع الكلمة ولنوال شفاء امراضهم , وتتلمذ له كثير من الاباء واقام منهم مئات حول قصره وذلك سنة 305م ولكنه كان لا يظهر لهم الا فى النادر حتى مضت 20 سنة وفى نهايتها اضطر الى الخروج والتجلى للذين ارادوا السير على منواله ...

ولما بلغ القديس 55 سنى من عمره حتى امتلآ ت البقاع الموجودة حوله بعدد من الراغبين فى عيشة العزلة حتى قامت الاديرة بجوار ممفيس وارسينو وبابل وافردويت , واماكن كثيرة امتلآت من الرهبان الذين عاشوا تحت اشراف وتدبير القديس انطونيوس ...

وكانت من نصائحه لتلاميذه .....

" يجب عليكم ان تقرروا فى اذهانكم ان الواحد منكم يحتسب ذاته كل يوم انه ابتدأ جديدا حتى لا يكسل ولا يتراخى ... فالانسان يستطيع ان يجد نعما فى اى مكان طالما هو متعلق بالله فى قلبه ... والشياطين يفزعون جدا من الصلوات والصوم والسهر والتقشفات لا سيما من احتقار العالم والفقر الاختيارى وكسر حدة الغضب لان هذه الفضائل تسحق رأس ابليس ....

كما ان اسلحة محاربتنا لاعدائنا هى الايمان الحى والسيرة النقية .. والذى تعبد الله وهجر العالم وان كان كل شئ حتى مجد الملوك وكنوزهم ينبغى ان يحتسب كل ذلك كالعدم بالنسبة الى السماء ... وان الذى تركه يجب عليه تركه بعد قليل لانه ليس بأحد دائم على الارض , وان ترك الانسان مالا يقدر ان يأخذه معه بعد الموت فليس امرا كبيرا ... وكما ان العبد اذا امره سيده بشئ لا يستعفى من عمله لاجل خدمته الماضية , كذلك الرجل المتعبد لله لا ينظر ما قد فعله وانما يلتفت الى مابقى مما يجب عليه لربه وانه لا يجازى ولا ينال الاكليل على البداية بل على النهاية الحسنة ...

فأكتساب الفضيلة ليس امرا صعبا كما يتصوره الناس بل يجب ان نلقى كل اتكالنا عل ربنا يسوع المسيح وان ابليس لا يستطيع ان يضرنا مالم نسلم له انفسنا " ...

وكان القديس عائشا بين تلاميذه الى سنة 311م ففيها سمع خبر ثورة الاضطهاد الذى اضرمه مكسيميان قيصر ... فأسرع مع بعض من رهبانه الى الاسكندرية وطفق يزور السجون ويعظ ويشوق الناس الى سفك دمائهم من اجل المسيح وكان يرتل مع المسجونين وكان يطلب الانفراد بالمتهمين ويثبت ايمانهم ويصف لهم السعادة الابدية ...

فلما علم الحاكم بذلك امر بمنع الرهبان من الدخول الى السجون اما القديس فعزم على متابعة خطته حتى لو ادت به الى الاستشهاد ...

فلبس ثوبا ابيض واعتلى رابية كان الحاكم مزمعا ان يمر بها وطلب من الرب ان يؤهله لنيل الشهادة , فلما رأه الحاكم اعجب بشهامته ونظر اليه نظرة احترام , ومن ذلك الحين هدأت الاضطهادات فعاد القديس البى ديره ...

وكان يحب الاختلاء والتأمل واعتاد ان يصرف الليل كله فى الصلاة راكعا غير متحرك ...

ومر وقت اشتد اضطهاد الاريوسيين على الارثوذكسيين , فأرسل اليه البابا اثناسيوس الرسولى يطلب منه ان يأتى ويناصب معه الاريوسيين ...

وحدث قبل هذا الوقت ان قسطنطين الملك واولاده حرروا لهذا القديس خطابا وطلبوا اليه بخضوع ان يتنازل للرد على رسائلهم فتعجب الرهبان من تواضع الملك واظهروا استغرابهم الزائد فجمعهم القديس وقال " لا تتعجبوا لان ملكوك الارض كتبوا الينا ولا يجب على المسيحى ان يستعظم هذا الامر ويندهش منه , اما الامر العجيب والمذهل للعقول فهو ان الله كتب شريعته من اجل البشر وارسلها على ايدى اصفيائهم .. وفى اخر الايام خاطبنا فى ابنه الوحيد الذى يسمو بما لا يقاس كل كل ملوك وسلاطين " ...

ولما رأى الرهبان عدم اهتمامه بالرد على رسالة الملك اقنعوه بضرورة الرد لا لانه ملك بل لانه مسيحى قصد الاستفادة فلا ينبغى ان تمنع عنه ... فحر له خطابا يقول فيه :

" انى اسر معكم من انكم تعبدون يسوع المسيح واحرضكم على التفكير فى خلاصكم وعلى احتقار الاشياء الارضية بدون ان تغفلوا لحظة عن الدينونة الاخيرة وان تتأملوا بأن يسوع المسيح هو الملك الحقيقى والابدى الوحيد وان تتخذوا الفطنة دستورا لاعمالكم فى ادارة شئون المملكة وتسيروا فى الرعية بالحلم والعدالة وتساعدوا الفقراء كمساعدتكم لاخواتكم " ...

فلما قرأ الملك واولاده وكبار دولته هذه الرسالة اثرت فيهم تأثيرا عظيما وادركوا الفرق بين كتابات الارثوذكسين وكتابات الاريوسين المملوءة من روح الرياء والنفاق . واحتفظ الملك برسالة القديس كأنها كنز عظيم ...

وبناء على طلب البابا اثناسيوس عزم القديس على التوجه الى الاسكندرية ولكنه علم بنفى البابا اثناسيوس فكتب الى الملك قسطنطين يحتج فيه على مقاومته للآرثوذكسين وخطب فى الاسكنجرية وقال :

" ان كنت جئت مرة ثانية من خلوتى لاظهر بينكم فذلك لكى اؤدى شهادة جلية لحقيقة ايماننا المقدس .. انهم قد تجاسروا على الطعن بألوهية مخلصنا وقالوا انه خليقة بسيطة .. كلا .. ان ابن الله ليس هو خليقة ولم يشأ من العدم , بل كان منذ الازل لانه كان الكلمة وحكمة الاب .. ولهذا لا تشتركوا قط مع الاريوسيين المنافقين لانه لا يمكن اتحاد بين النور والظلام انه لكفر ان يقال بأنه وجد وقت لم يكن فيه الكلمة لان الكلمة كان دائما مع الاب . ... ثم قال .....

انكم مسيحيون لانكم فى التقوى الحقيقية وفى الايمان الحقيقى , واما الاريوسيون فأنهم حينما يقولون ان كلمة الاب ابن الله مخلوق فانهم لا يختلفون بشئ عن الوثنيين الذين يعبدون الخليقة عوضا عن الخالق ... فصدقوا اذن ان كل الخلائق تقف ضدهم لانهم يجعلون فى عداد المخلوقات رب وسيد كل الاشياء التى هى من صنع يديه فأهربوا اذن من مخالطتهم كهربكم من الحيات والعقارب فمن لا يحب يسوع المسيح فليكن محروما .. الرب سيجئ " ...

وصل خبر قداسته لكثير من الوثنيين فصاروا يفدون اليه ويتبركون بلمس جبته ولما ازدحموا عليه حاول تلاميذه ان يمنعوهم فأنتهرهم وامرهم ان يتركوا الحرية لكل من يأتى اليه فتمكن من تنصير عدد عظيم من الوثنين حتى قال احد المؤرخين " ان الذين تنصروا على يده حينئذ اكثر من الذين تنصروا فى مدة سنة " ...

ولما هدأت الاحوال عاد القديس الى ديره ... وكتب حوالى 20 رسالى الى الرهبان والبعض يقول 7 فقط ... وذات يوم جاء اليه فليسوفان ليختبرا علمه فقال لهما لماذا تتعبان نفسيكما لزيارة احمق مثلى فأجاباه انا جئنا اليك لاعتقادنا انك رجل حكيم .. فقال لهما اذا كنت حكيما فكونا اذا مثلى لان الاقتداء بالحكماء واجب فأنا مسيحى فكونا كذلك فصمتا متحيرين ثم تركاه ...

ولما وصل الى سنة 105 سنة جعل يطوف اديرة الرهبان ويزود تلاميذه بالنصائح ويحثهم على القيام بواجباتهم المقدسة وقال لهم :

" سأفارقكم يااولادى لكنى لا انفك عن محبتكم وانما ارجو ان تدوموا بكل غيرة ممارسين اعمالكم المقدسة ولاتتراخوا ابدا اياكم ان يخمد نشاطكم فى تتميم واجباتكم .. اجعلوا الموت كل يوم نصب اعينكم واجتهدوا بعناء كلى فى ان تحفظوا انفسكم طاهرة وخالية من الافكار الردئية ابذلوا الجهد فى اقتفاؤ اثار القديسين واتبعوا بكل شجاعة طريق الحق وحذار من ان تشتركوا مع شيع الهراطقة الذين تعرفون ردائتهم واعمالهم الذميمة واهربوا كما تهربون من الطاعة من الاريوسيين المعروف كفرهم عند كل الناس ... وان كان حكام الولايات يساعدونهم ويناضلون عن تعليمهم فلا تتعجبوا قط لان هذه السلطة الوهمية التى اختلسوها لابد ان تتلاشى بل فليكن ذلك محرضا لكم بزيادة على ان لا يكون لكم اقل علاقة معهم حافظوا على تقليدات ابائكم واثبتوا بالاخص فى ايمان سيدنا يسوع المسيح له المجد الذى تعلمناه من الكتب المقدسه والذى فسرته لكم مرارا "...

ولم ينته من هذا الكلام حتى اسرع بالذهاب الى صومعته لشعوره بمرض اصابه ودعا تلميذيه """" مكاريوس " ابو مقار الكبير المصرى """" "" واماناس "" وخاطبهما قائلا :

""" انى ارى ياولدى ان الله يدعونى اليه وانى مزمع كما هو مكتوب ان اسلك طريق كل احد .. فداوما اذا على البر حسب عادتكما ولا تفقدا ثمرة اعمالكم المقدسة التى مارستماها منذ سنوات عديدة ولكن اجتهدا كأنكما بادئان فى ان تحفظا وتزيدا فى ارتقاء حرارتكما .. وانتما تعلمان مكائد الشيطان وقساوته ولا تجهلان ضعفه فلا تخافاه قط بل امنا بيسوع المسيح ولا تكن لكما رغبة الا فى خدمته .. وان شئتا ان تبرهنا على محبتكما لى وانكما تتذطرانى كأبيكما فلا تسمحا ان ينقل جسدى الى مصر خوفا من ان يحفظه اهلها فى بيوتهم .. وهذا هو السبب الذى حملنى على الفرار لاموت فوق هذا الجبل ..

فأدفنانى اذا تحت الارض ولا تقرا لاحد عن موضع لحدى اذا جاء يوم القيامة اقتبل هذا الجسد من يد يسوع المسيح بكر القيامة خاليا من الفساد ... اما ثيابى فوزعاها هكذا ...

اعطيا للآسقف اثناسيوس احد جلود الغنم والرداء الذى استلمته منه جديدا رداه له باليا .. اعطيا للآسقف سيرابيوس جلد الغنم الاخر واحفظنا لكما مسحى .. استودعكما الله ياولدى العزيزين .. ان انطونيوس يغادركما ويتخلف عنكما " ...

وبعد ان لفظ هذه الكلمات اقترب تلميذاه وعانقاه وهما يبكيان وللحال امتد على سريره منتظرا الموت بسرور .. ولم يكن نظره قد كل بعد , ولا سقط سن من اسنانه .. وبدأ وجهه للناظرين كأنه يسطع نورا وبهاء ...

ثم اسلم الروح بيد مخلصه فى اليوم الثانى والعشرين من شهر طوبة سنة 365م , فقام تلميذاه بتكفينه واخفيا قبره حسب ارشاده ووزعا متروكاته كما اوصى فكان من ناله شئ منها يعتبره اثمن من اللالئ ...

وقد دفن جسد القديس الطاهر امام باب الهيكل القبلى بالكنسية التى بناها فى حياته بأسم السيد العذراء وسميت بعد ذلك بأسمه ولم تزل حتى اليوم تضم ذلك الجسد الكريم داخل دير عظيم شيد فى ايام الانبا انطونيوس بجوار مغارته بجبل العربة ...

بركة صلاته وشفاعته تكون مع جميع مشرفى واعضاء هذا المنتدى العظيم ...

وبكدا نكون قد انتهينا من سيرة القديس العظيم الانبا انطونيوس ... والمحاضرة القادمة سوف نتحدث عن القديس امونيوس والقديس بفنوتيوس ثم نتدرج فى الحديث عن المملكة والكنيسة والاضطهادات التى حدثت فى هذا القرن " الثالث " ...

الرب يعطينا روح الفهم والمعرفة ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:21 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
*** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة 24 ***



تكلمنا فى المحاضرة السابقة عن القديس العظيم الانبا انطونيوس ... واليوم نكمل الحديث عن بعض القديسين من منشأ الرهبنة ومؤسسوها :


4- أمونيوس :

ولد سنة 294م بجولر مريوط وهو كزميله انطونيوس كام من اسرة مسيحية تقية موسرة , وفقد ابويه وهو فى سن الحداثة فلات تحت وصاية عمه وكانت كل اماله متوجهه الى عيشة التبتل والقداسة .. غير ان عمه خطب له فتاة غنية رغما عنه وعلى غير ارادته ..

ولما لم يكن فى قدرته مخالفة امر عمه اخذ فى مخاطبة الفتاة التى خطبت له بالاقوال الروحية وقد استطاع بسيرته المقدسة ان يؤثر عليها تأثيرا حسنا فحبب اليها عيشة الطهارة وغرس بفرادها الميل الى تكريس النفس لتكون عروسا محفوظا للعريس الحقيقى يسوع المسيح .. ومن ثم اتفق الاثنان على ان يقبلا عقد الزواج وهما مصممان على ان يعيشا معا كأخ واخت لا كزوج وزوجة ...

ولبثا على هذا الحال مدة طويلة وهما يحافظان كل المحافظة على شروط العفة والامانة حتى مرت 17 سنة على زواجهما وبعدها ماتت الزوجة ... فرأى امونيوس ان المجال قد اتسع امامه ليقضى مأربه الروحية فهجر مسقط رأسه ومضى الى القديس انطونيوس وتتلمذ له ودرس عليه قوانين الرهبنة المقدسة ...

وبعد ذلك اوفده القديس انطونيوس الى وادى النطرون ليؤسس اديرة هناك فتبعه جمهور عظيم من ناذرى العفة فنظم لهم الاحوال ورتب لهم معيشتهم واستمر مدة يسوسهم بالفضيلة والتقوى ...

ولم تمض على هذا الحال ثمانون سنة حتى اصبح وادى النطرون يحتوى على 50 ديرا ... ومن مبادئ هذا الاب " انه من العيب ان يتفرس الرجل التقى فى جسمه وهو عار من الملابس " ... وكانت وفاته فى 2 بشنس سنة 73 ش ...

5- بفنوتيوس :

ولد بمصر بعد نصف الجيل الثالث , ونما فى البركات السماوية والنعم الالهية الغير الاعتيادية .. شغف وتاق الى افتقاء اثار المتوحدون فى برارى مصر وطيبة , فترك العالم واتجه الى هناك ثم مضى الى دير بيسار فى اخر حدود الاقليم المصرى الاعلى فى طيبة الخارجية حيث كان القديس انطونيوس يدبر احوال الرهبان ويقبل اليه كل يوم عدد عظيما من النساك وكان ضمنهم هذا القديس ...

فكان يقضى اوقاته فى التأملات الروحية تحت ارشاد القديس انطونيوس فظهرت فضائله فى مدة قصيرة حتى اصبحت نفسه مستودع للحكمة الالهية حتى شهد القديس انطونيوس مرات كثيرة لعظم فضائله فوافاه كثيرون طالبين الارشاد منه ...

وشاء الرب بعد ذلك ان يجعل القديس بفنوتيوس بركة لاهل مدينة من مدن اقليم طيبة فأختير اسقفا لها ولكنه تألم لهذا الاختيار ولكنه قبل السيامة وترك البرية واقام فى ابروشيته ...

وانتشرت فضائله فى الابروشية وكان يدبر رعيته بالحكمة التى اكتسبها من القديس الانبا انطونيوس , وقد اعتنى بقوانين الكنيسة وتعاليم انجيله فنمت ابروشيته وتقدم اهلها فى كل الصفات الحسنة ...

وفى اضطهاد ديوكلتيانوس ومكسيميانوس القيصرين على مسيحى مصر قبض عليه سنة 308م وعذب عذبات شديدة وقاسية فقد قلع عينه اليمينى وقطع مفاصل ركبتيه اليسرى ويربطونه بالسلاب ويأخذه الى امكنة حفر المعادن , وقد ابوا ان يمتوه ليطيلوا من عذابه ...

وكان هو مسرورا بالعذابات وقد ارسلوه الى فلسطين مع بعض المعترفين الى معادن تلك البلاد ..." كانت المعادن المذكورة فى نصف المسافة بين بحيرة لوط الى بحر اباكا , وقد وجد حديثا اثار معبد قديم كان اولئك المعترفون قد بنوه زمان اقامتهم هناك وبعد الاضطهاد اصبح هذا المعبد كنيسة اسقفية فى ايام الملوك المسيحين " ...

وكان هذا القديس حاضرا مجمع نيقية المسكونى الاول سنة 325م , وكان هذا القديس ايضا من الاباء الذين وضعوا قانون الايمان الارثوذكسى ... وبعد انحلال المجمع عاد هذا القديس الى كرسيه الى ابروشياته ... وكان متحدا بالالفة مع القديس البابا اثناسيوس الرسولى ورافقه مع القديس بوتامون الذى من هراكليا وسبعة واربعين اسقفا الى المجمع الذى التأم بصور سنة 353 م وكان اكثر اعضاء هذا المجمع يعتقدون اعتقاد اريوس ..

اما القديس فلما تحقق ذلك ورأى مكسيموس اسقف اورشليم اخذ بيده وقال له لا يليق ان يكون فى مجمع الاشرار اسقف ارثوذكسى اعترف بالمسيح فى الاضطهاد الاخير , وكيف يحتمل ان رجلا نظيرك مشهورا بالغيرة فى المناضلة عن الايمان يعرض نفسه لان يضله ويغره الهراطقة الذين قصدوا ان يهلكوا القديس اثناسيوس الذى هو اشجع محام عن هذه القضية الاساسية من قانون الايمان ... ثم اعلمه بتعصب الاريوسين الذى كان يجهله مكسيموس لهذا الوقت , وتمكن من ان يفصله من حزبهم ويثبته فى شركة الكنيسة الاسكندرية ...

ولما رجع الى كرسيه قضى بقية حياته مجهتدا فى المحافظة على الايمان ومقاومة بكل قوة بدعة اريوس ... وبعد ان خدم مخلصه سنين طويله انتقل الى فردوس النعيم بشيخوخة صالحة ولا نعلم متى ولكننا نعلم انه جاهد الجهاد الحسن ونال الاكليل المجيد ...


المحاضرة القادمة سوف نتحدث عن المملكة والكنيسة - عن الاضطهادات التى مرت بها الكنيسة فى هذا القرن " القرن الثالث " ...

اضطهاد كاركلا - اضطهاد مكسيمينوس الثراكى - اضطهاد ديسيوس - اضطهاد فاليريان - ضيق بسبب الحرب ومأثر المسيحيين فى تخفيفه ...


Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:21 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
*** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة رقم 25 ***


تحدثنا فى المحاضرات السابقة على بطاركة القرن الثالث ثم تكلمنا عن منشأ الرهبنة ومؤسسوها وفيها تكلمنا عن القديس الانبا بولا والانبا انطونيوس والقديس امونيوس والقديس بفنوتيوس...


واليوم سنتحدث عن المملكة والكنيسة وفيها نتكلم عن اضطهادات القياصرة ....


المملكة والكنيسة :
--------------------

اضطهاد كاركلا - اضطهاد مكسيمينوس الثراكى - اضطهاد ديسيوس - اضطهاد فاليريان - ضيق بسبب الحرب ومأثر المسيحيين فى تخفيفه ...


1- اضطهاد كاركلا
-------------------

تولى بعد ساويرس سبتميوس جملة قياصرة لم يكن لهم شأن يذكر مع مسيحى مصر حتى ملك """" كاركلا """" سنة 211م

فخطر له ان يزيد دخله فضاعف الجزية التى كان يدفعها له مسيحيو مصر , وسن قانونا يقضى على المسيحيى الذى يعرف انه قاوم الحكومة فى امر ما بالصلب او بطرحه للوحوش الضارية فتمزقه اربا هذا وان كان عبدا ذليلا فيكتفى بعبوديته وذله ...

ولما تناول ظلم هذا القيصر جميع طبقات المصريين ضج الكل منه ونقموا عليه ورموه بقوارص الكلام واطلقوا عليه القاب السخرية فأراد ان ينتقم منهم وعول الى تدبير مكيدة لهم ... فأعلن عزمه على اختيار كتيبة من المصريين ليكونوا جنودا ضمن حرسه الخصوصى ... فسر شبان الاسكندرية بهذا اللقب ...

وفى اليوم المعين للآنتخاب خرج جميع اهالى الاسكندرية لمشاهدة الاختيار فى مكان عينه القيصر خارج المدينة فلم يكادوا يجتمعون حتى اشار الى عساكره فجردوا اسلمحتهم وقضوا على جميع المشاهدين بأساليب وحشية ولم ينج منهم الا القليل ...

وقد انتقم الله من كاركلا جزاء فظائعه فأغتاله " مكرينوس " منازعة على من يخلفه فأنتهز وثنيو الاسكندرية تلك الفرصة للآعتداء على المسيحيين فكنت تراهم يوقعون بهم فى الطرقات والشوارع ...


2- اضطهاد مكسيمينوس الثراكى :

نالت الكنيسة راحة فى عهد الملك اسكندر ساويرس الذى مات سنة 222م ولكن خليفته مكسيمينوس حال تملكه سنة 235م اشتد عليهم شدة عظيمة ووجه نظره الى مسيحيى مصر ....

فضايقهم حتى اضطر البطريرك " ياروكلاس " ان يترك الاسكندرية فرارا من وجهه , غير ان كثيرون من المؤمنين تجرعوا الموت بعد ان ذاقوا انواع الام شديدة .. وقد قصف الله عمر مكسيمينوس بعد ثلاث سنوات لملكه وخلفه غورديات لإانتشر السلام فى مصر مدة ملكه ونمت المسيحية نموا يذكر .. وعقب غورديان فيليب العربى سنة 244م الذى كدر صفو سلام مسيحيى مصر فأوقع بهم بلايا واصابتهم اضطهادات ...

3- اضطهاد ديسيوس :

ان اشد الاضطهادات التى وقعت على المسيحيين المصريين تلك التى اصابتهم من ديسوس قيصر الذى جلس على كرسى السلطنة الرومانية سنة 249م فكان اضطهاده بالغا منتهى القسوة والشدة حتى زل كثيرون من المسيحيين اثناء الاضطهاد وذبحوا للآوثان اجابة لطلب معذبيهم ... ويكفينا تلك الفظائع ما سطره البابا " ديونيسيوس الاول البطريرك الاسكندرى " وبعث به الى فابيان اسقف انطاكية وفيه وصف الاضطهاد وهو :

خطاب البابا ديونيسيوس الاول البطريرك الاسكندرى
----------------------------------------------------

كتب هذا البطريرك يقول :

" ان الاضطهاد الذى اصابنا لم يحدث بناء على امر من الحكومة بل ان ناره كانت مخبوءة تحت رماده مدة سنة كاملة , فألتظت عندما اثارتها يد التعصب ..

وتفصيل ذلك ان شاعرا يدعى النبوة وفد على الاسكندرية وكان مجيئه شؤما عليها اذ جال فيها يهيج سخط الوثنين ضدنا ويحرضهم على الدفاع عن خرافاتهم فتم ذلك واثار ثائرة الوثنين نحونا وظنوا انهم فى منتهى التقوى والقداسة تنحصر فى عبادة اوثانهم وشيطينهم ...

وكان اول شر ارتكبوه ان امسكو رجالا وطلبوا ان يجدفوا على المسيح ورجموا رجلا بالحجارة حتى مات وسرقوا اثاثات وامتعة المسيحيين , اما المسيحيين فلم يقاموا ووقفوا يراقبون خراب بيوتهم وهم صامتون ...

وانهم القوا القبض على عذراء اسمها " ابو لونيا " وضربوها حتى تكسرت اسنانها وتم حرقها بالنار حتى تفحمت , هذا بجانب كثير من المسيحيين الذين ماتوا شهداء المسيح , لدرجة انهم طلبوا من المسيحيين ان يذبحوا للآوثان والذى يرفض يتقدم هو ذبيحة فيذبحونه للآوثان ...

وتحدث البابا ايضا عن شخصين واحد انكر الايمان واما الثانى واسمه " كرونيون " ولقبه " اينوس " اعترف بأيمانه فجلدوه وطروحه فى النار "....

ويتضح من خطاب البابا " ديونيسيوس " هذا ان سبب الاضطهاد هو غيرة الوثنين من نمو الديانة المسيحية .. واستحكم الخلاف بين النصارى والوثنين ونهبوا بيوت المسيحيين وظلت الفتنة تتعاظم الى ان صار اراقة دماء المسيحيين من الواجبات الدينية ...

وكان لليهود يد فى اثار هذه الفتنة على المسيحيين وايقاد نار التعصب ضدهم وكانت الحكومة الرومانية تسر جدا بأستمرار الشقاق بين صنوف الاهالى بمصر وتأكيد العداوة بين اهل الاديان لتدوم شوكتها وتتأيد دولتها فعملت على النكاية بالمسيحيين وهم القسم الاضعف لتوغر صدور الوثنين عليهم من جهة ولتكسب رضاهم من جهة اخرى ...

وقد كانت عبادة الشمس والقمر الى ذلك الحين شديدة الانتشار ولم يعترها ضعف ولا وهن ولا سيما فى عهد " غورديان وفيليب " ومن بعدهما , وكان التمسك بها لم يذهب من هياكل مصر والنوبة وذلك من اكبر الاسباب التى دعت الى هياج الوثنين على كل من خالف دينهم وبالاخص على المسيحيين ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:21 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
**** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة 26 ****

تحدثنا فى المحاضرة السابقة عن بعض الاضطهادات فى القرن الثالث وتكلمنا عن اضطهاد كاركلا واضطهاد مكسيمينوس الثراكى واضهاد ديسيوس ...

واليوم سوف نكمل حديثنا عن :

4- اضطهاد فاليريان
5- ضيق بسبب الحرب ومأثر المسيحيين فى تخفيفه ..

4- اضطهاد فاليريان :
----------------------
وجاء بعد ديسيوس قياصرة لايهمنا ذكرهم حتى ملك فاليريان سنة 254م فأظهر للمسيحيين مزيد الاناسة وكان يستدعيهم الى قصره ويجالسهم ولكن بعد قليل انقلبت محبة فاليريان الى البغضة وصار من الد الاعداء لهم ...

وكان السبب فى ذلك ان فاليريان كان مغرما بحكمة المصريين القدماء واتخذ له مشيرا واحدا من كهنة المصريين يدعى مكريانوس , كان يدعى السحر ومعرفة الامور المستقبلة .. فهذا لما رأى ميل الامبراطور للمسيحيين خاف ان ذلك التودد يكسبهم نفوذا عليه فتنخفض قيمته ولا يعود يقدر ان يبلغ من القيصر مأربا ولا ان يستجلبه لعبادة الاوثان فأخذ يوشى على المسيحيين واظهر له ان الذبائح التى كان يقدمها للآهله لاجل حفظ الملك وسلامته لم تعد مقبولة لسبب تقربه منهم وانه من اللازم مقاصتهم .. فصدق فاليريان كذب مكريانوس وامر بقصاصهم فكان اضطهاد شديد يضاهى الذى حصل فى ايام ديسيوس قتل فيه كثيرون من الشيوخ وكان المضطهدون يهجمون على الامنيين فى بيوتهم ويجرونهم الى مواقع العذاب حتى اضطر كثيرون من المسيحيين الى هجر بيوتهم وسكنوا الجبال والمغائر ...

وقد صادف البابا ديونيسيوس البطريرك فى ذلك الاضطهاد اهوالا مريعة واخيرا نفى .. وقد روى بعد رجوعه من منفاه الى الاسكندرية انه لم يجد من شمامسة الكنيسة سوى ثلاثة فقط وهم فوسطس ويوساب وكويرمولى مع انه ترك عددا وفيرا منهم ظلوا محتبئين فى مكانهم وكانوا ينتهزون الفرص ليعطوا الاخوة ويبشروهم ولكنهم ماتوا جميعا بداء الدفتريا وغير هؤلاء قتل كثيرون واستشهدوا ...

واشتدت القساوة على المسيحيين للغاية حتى انهم كانوا يشقون بطون اطفالهم ويأخذون مصارينهم ويلفونها على انانبيب القصب ويلقونها للآوثان .. واخرون خيروا بين يسجدوا للآوثان او يعذبوا الى الممات فأثروا الهلاك فهلك منهم عدد لا يحصى .. واستمر اضطهاد فاليريان ثلاث سنين ونصف وانتهى فى سنة 260م .

5- ضيق بسبب الحرب ومأثر المسيحيين فى تخفيفه
-----------------------------------------------------------
بعد فاليريان امسك ابنه الحكم "" غالينوس "" ولكنه انهمك فى الملاذ فرأى مكريانوس الساحر الوثنى ان يكون ملكا على مصر فأبى المسيحيون الخضوع له فعاداهم معاداة عظيمة حتى قام ايملياس الوالى واخذ منه التاج وحكم مصر حكما جائزا ...

وبعد ذلك اتاه "" تبودتس "" قائد جيش غالينوس وحاصره ودامت الحرب بينهما سجالا مدة من الزمن اصيب البلاد فيها بنكبات عديدة وتحمل المسيحيون منها العبء الثقيل لقيامهم بمساعدة المنكوبين وتخفيف الامهم ...

وقد كتب البابا ديونيسيوس رسالة فى عيد الفصح سنة 264م يصف هول الحرب وكيف كان المسيحيون سببا فى تخفيفها فقال :

" من الصعب ان المسيحيين يؤدوا فريضة عيد الفصح بسبب الحرب ولكثرة توالى المصائب وتتابع النكبات , وترى ابواب القبور مفتوحة تبتلع ارواح المسيحيين قبلما تفارق ارواحهم الاجساد حتى اصبحنا فى زمن كمثل زمن موت كل بكر فى ايام موسى لانه فعلا كان يوجد ميت على الاقل فى كل منازل المسيحيين , هذا غير التعذيب الشديد الذى يعذبونهم به ويقام مسارح التعذيب فى احتفال الاوثان بعيدهم ...

وبعد هذا النكبات اتت حرب اخرى وهى حرب الجوع , فيقول قداسة البابا كنا نواثيهم ونشاطر كل من انتابته مصيبه فى بلاياه ونرثى لامرهم ونعطف عليهم ينتج من قلوب واحساسيس مسيحية شريفة تتأثر لمصاب بنى البشر , ثم اصابنا وداهمنا وباء فتاك مسا ولكنه فتك بالوثنين فتكا ذريعا ...

ولكن المسيحيين وعواطفهم الحبيبة مع كل مريض بالداء فلم يخشو على انفسهم وساعدوا كل الناس ومرضوا الضعفاء وسد حاجات المعوزين فكانوا يموتون فرحين مسرورين لموت هو رقاد مؤقت تعقبه حياة ابدية سعيدة ...

لذلك مات الكثير من المسيحيين فداء لاخواتهم المرضى وهو عمل يظهر منه الفرق الكبير بين المسيحى الحقيقى الذى يضع نفسه عن الاخرين كما فعل سيده قبله وبين اولئك الذين يظهرون فى مظهر المحبيين المخلصين بواسطة احساس غير حساس يبدونه فى اداب باطلة ولكن اذا جاء وقت الشدة فزعوا من اصدقائهم وابتعدوا عنهم ...

فقد كان اولئك الوثنيون عندما يرون ان احدهم مريض يبتعدون عنه حتى اذا كان اعز اصدقائهم , وقد بلغت بهم القساوة حتى انهم كانوا يطرحون مرضاهم فى الازقة والشوارع وهم بين حى وميت , وكانوا يرمون الموتى فى الشوارع " ...

وبكدا نكون كملنا حدثنا عن الاضطهادات التى حدثت فى القرن الثالث .. والمحاضرة القادمة سنتحدث عن البدع والانشقاقات فى هذا القرن ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:22 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

**** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة رقم 27 ***

مازلنا فى القرن الثالث للبطاركة لتاريخ كنيستنا القبطية ...

تحدثنا فى هذا القرن عن تاريخ البطاركة .. وبطاركة هذا القرن البطريرك ياروكلاس والبطريرك ديوميسيوس والبطريرك ثاؤنا والبطريرك مكسيموس ....

ثم تكلمنا عن منشأ الرهبنة ومؤسسوها , وفيها تحدثنا عن منشأ الرهبنة فى مصر وعن القديس بولا والقديس انطونيوس والقديس امونيوس والقديس بفتوتيوس ...

ثم دخلنا فى القسم الثالث وهو المملكة والكنيسة ... وتحدثنا فيه عن الاضطهادات التى واجهتها كنيستنا القبطية , وتحدثنا عن اضطهاد كاركلا , واضطهاد مكسيمينوس الثراكى , واضطهاد ديسيوس واضطهاد فاليريان , وتكلمنا عن ضيق بسبب الحرب ومأثر المسيحيين فى تخفيفه ...

واليوم نبدأ فى القسم الثالث من هذا القرن " الثالث " وسنتكلم النهاردة عن البدع والانشقاقات فى القرن الثالث من خلال :

1- بدعة سابليوس
2- نيبوس صاحب بدعة الالف سنة ..
3- بيرلس اسقف بصرة ..
4- مانى ..
5- هيراكس ..
6- بولس السيمساطى..
7- الخلاف على عماد الهراطقة والجاحدين ...
وذلك على مراحل متعددة ...

القرن الثالث ... البدع والانشقاقات ...
--------------------------------------------

7 بدع وانشقاقات سنتحدث عنهم ....

1- بدعة سابليوس
---------------------

احد اساقفة بطلومايس بالخمس المدن الغربية .. كان قد تربى فى مدينة رومية وتتلمذ لنوئيتوس الهرطوكى .. واخذ عنه تعاليمه التى تنحصر فى :

" ان الله اقنوم واحد اعطى الناموس لبنى اسرائيل بصفته الاب , وصار انسانا فى العهد الجديد بصفته الابن .. وحل على الرسل فى علية صهيون بصفته الروح القدس "..

ومن اعتقاد نوئيتوس سمى تابعوه " مؤلمى الاب " "1""انظر تحت فى اخر المحاضرة " الا ان سابليوس فصل ما تعلمه الكتب عن الاب والابن والروح القدس بنوع يختلف عن نوئيتوس ...

فأعتقد ان جزءا من الطبيعة الالهية انفرز من الله وكون الابن بالاتحاد مع الانسان يسوع المسيح وان جزءا اخر انفصل عنه فكون الروح القدس ...

وكان اول من اعتنق بدعة نوئيتوس وسابليوس زفير ينوس اسقف رومية وكاليسطوس خليفته , وساعدا المبتدعين على نشر بدعتهما حتى انتشرت تلك الاراجيف وعمت انحاء الغرب .. ومما زاد الطين بله ان كاليسكوس سام اساقفة وقسوسا وشمامسة من الذين تزوجوا ثانية وثالثة ثم اباح العماد لمغفرة الخطايا .. وادعى بأن الاسقف لا يقطع من الكهنوت مهما جنى من الاثام ...

ولما لم يوافقه سابليوس على ذلك حرمه , فجاء الى مصر سنة 257م واخذ ينشر فيها بدعة " مؤلى الاب " فجذب اليه كثيرين ولما اتصل امره بالبا """ ديونيسيوس """ قاومه بشدة كما مر بنا فى تاريخ حياة هذا القديس العظيم ...

وانتهى الامر اخيرا بحرم سابليوس فى مجمع عقد سنة 261م ...

ملحوظة :

"1"

ان اول من نشر بدعة " مؤلى الاب " هو ابراكسياس الذى وفد على رومية من اسيا الصغرى وفتح مدرسة بث فيها ضلاله واستطاع ان يجذب الى هرطقته زفير ينوس اسقف رومية وكاليسطوس خليفته .. وقام بعد ابراكسياس تلميذه نوئيتوس بنشر بدعنه .. فلما علم البابا ديونيسيوس ان هذه البدعة اخذت تتسلط على عقول الرومانيين كتب لنوئيتوس رسالة طويلة شرح فيها التعليم الصحيح وفند بدعنه ...

فليعتبر الباباويون الذين ينادون بعصمة باباواتهم ويقفوا عند حدهم معترفين لباباوات الاسكندرية بالفضل , فلولا غيرتهم الدينية لاصبحت الكنيسة الرومانية الان مجموعة هرطقات فضلا عما هى عليه بفضل تساهل باباواتهم الاكرمين الذبن لم يكن يهمهم سوى اتساع سلطتهم وازدياد نفوذهم ...

والمرة القادمة سنتحدث عن بدعة نيبوس ....

واترككم فى رعاية الله ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:22 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
**** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة رقم 28 -
بدأنا من المحاضرة السابقة التحدث عن البدع والانشقاقات التى حدثت فى القرن الثالث , ثم تكلمنا عن بدعة سابليوس احد اساقفة بطلومايس بالخمس مدن الغربية ..

واليوم نتكلم عن البدعة الثانية التى ظهرت فى ذلك القرن ...

2- بدعة نيبوس :
---------------------
صاحب بدعة الالف سنة .....

وكان اسقفا لابروشية " ارسينو " فى الفيوم ......

عرف بين رعيته بصفات حميدة جعلتهم يحترمونه احتراما زائدا ...

هذا الاسقف اخذ يعلم شعبه تعليما جديدا ذهب فيه الى تأكيد اقتراب الوقت الذى يملك فيه المسيح الف سنة على الارض كأحد ملوك العالم , مفسرا ما قيل فى سفر الرؤيا عن ذلك تفسيرا حرفيا ..

ووضع كتابا سماه " مضادة المتغزلين " كما لقب مزدريا بمضادى الالف سنة ... اعترض فيه على من يقولون بأن اقوال سفر الرؤيا تدخل تحت باب المجاز , وقد اجهد نفسه فى اقناع رعيته بذلك المبدأ فقبلوه بدون فحص ...

وكان هذا الاعتقاد قد عرف فى عهد العلامة اوريجانوس .... فقاومه بشدة وافناه بالمرة مفسرا الايات المصرحة بملك المسيح الف سنة , انها تشير الى الافراح الروحية المناسبة طبيعة الارواح التى تقوم كاملة وذلك لا يكون فى هذا العالم بل فى العالم الاتى ...

وبعد موت نيبوس اخذ رجل اسمه " كراسيون " مركزه فى اذاعة تلك البدعة وهو رجل خبير ذو شرف وسطوة ...

ولما اتفق البابا ديونيسيوس ان يفتقد رعيته سنة 255م .. وقف على هذه البدعة وعرض عليه تابعوها ان يحكم فيها فأستعمل الحكمة المتناهية وجذبهم اليه باللطف والرقة وعقد مجمعا هناك ظل ثلاثة ايام تليت فيه احتجاجات نيبوس وبعدها كتب البابا ديونيسيوس رسالة ووضع نبذة فى " المواعيد الالهية " لخص فيها تلك الافكار ...

ولم يكتف البابا ديونيسيوس بذلك بل وضع شرحا لسفر الرؤيا قاعدته انه يجب ان لا ينظر لعبارات هذا السفر نظرا حرفيا اذ هو عبارة عن رموز ونبوات بعضها تم وبعضها سيتم فى وقته ....

ويقول بعض المؤرخين ان هذا البابا ارتأى ان يوحنا الرسول ليس هو الذى كتب سفر الرؤيا بل وضعه يوحنا اخر غير انه اعترف بأنه سفر موحى من الله يجب قراءته مع الحذر الكلى ...


3- بدعة بيرلس اسقف بصرة :
------------------------------------
علم ان السيد المسيح قبل ولادته من العذراء لم يكن له لاهوت متميز بل انما كان له لاهوت الاب .....

اى ان المسيح لم يكن له وجود قبل ولادته من مريم وانه فى ولادته دخلت واتحدت بالانسان النفس الانسانية التى اصلها من الله وهى بلا ريب فائقة كل النفوس البشرية لانها منبثقة من الطبيعة الالهية ....

ولما انتشرت هذه البدعة وبلغت مسامع العلامة اوريجانوس قام لبلاد العرب ودحض تعليم بيرلس فى مجمع انعقد ببصره سنة 244م ....

وتمكن العلامة اوريجانوس من ان يرد بيرلس الى الحق ووفى هذا لذلك العلامة واصبح بعد ذلك من اكبر اصدقائه واشد المدافعين عنه ...


Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:22 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

*** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة 29 ***

مازلنا فى البدع والانشقاقات التى واجهتها كنيستنا القبطية فى القرن الثالث ... وتحدثنا عن بدعة سابليوس ثم بدعة نيبوس "صاحب بدعة الالف سنة " ثم تكلمنا عن بدعة بيرلس اسقف بصرة ...

واليوم نكمل الحديث عن بدعة اخرى واجههتها كنيستنا فى هذا القرن ايضا وهى :

4- بدعة بولس السيمساطى :
-------------------------------------
ولد فى سيمساط " مدينة صغيرة فيما بين النهرين " من ولدين فقيرين ولكن حاز فى غنى طائل بوسائل مجرمة , ولا نعلم بأى واسطة توصل ان يكون بطريركا على الكرسى الانطاكى ....

وكان غنى جدا وانهمك فى الملاز وكان صديق للآمرتين جميلتين يقضى معهما اكثر اوقاته , وكان مغرما بالرفاهية حتى انه لما يسير فى الطرقات يكون معه مائة من الخدم يتبعونه ....

ابدل تراتيل الكنيسة الى اناشيد لمجده كان ينشدها النساء له , وان خطب كان يجعل الناس تصفق له ....

تلقد اولا وظيفة " دوسنايوس " " اى والى من الدرجة الاولى له مرتب سنوى وكان حرصه على وظيفته المدينية اشد من حرسه على اتمام فروضه الدينية لانه كان يتخذها سلاحا ضد اكليروسه ورعيته خوفا من مقاومتهم له ...

اما هرطقته الذى وقع فيها فهى .... ان ابن الله لم يكن من الازل بل ولد انسانا حل فيه كلمة الله وحكمته عندما ولد من العذراء , وان هذه الحكمة التى مكنته من ان يعلم ويعمل العجائب فارقته حين قدم على الالام ...

وبسبب اتحاد الكلمة الالهية هذا بالانسان يسوع يقول ان المسيح هو الله وليس بمعناها الحقيقى ...

وكان يقول ... كان فى المسيح اقنومان وابنان لله احدهما بالطبيعة والاخر بالتبنى ..

وبذلك شايع سابليوس فى انكار الثالوث الاقدس فيقول يوجد اله واحد تحسبه الكتب المقدس بالاب وان حكمته وكلمته ليست اقنوما بل انها فى العقل الالهى بمقام الفهم فى العقل الانسانى ...

اما محاربة هذه الهرطقة والبدعة :

لما بلغت مسامع القديس ديونيسيوس البطريرك الاسكندرى اخبار هذا الهرطوقى ... ارسل اليه رسائل عديدة وبين له فيها مخالفة غواياته لنصوص الكتاب وشهادة الاباء ...

وقد جاوب بولس على بعض رسائل البابا مواريا ضلاله ....

ولاجله عقد مجمع فى انطاكية تكرر انعقاده مرارا ... وفيه كان فرميليانوس اسقف قيصرية .. واغريغوريوس اسقف قيصرية الجديدة واخاء ... ايثنوذورس وايلينوس اسقف طرسوس , وايماناوس اسقف اورشليم وغيرهم كثيرون ....

اما القديس ديونيسيوس بطريرك الاسكندرية فلم يتمكن من الحضور لشيخوخته واكتفى بما ارسل من الرسائل للمجمع مبيننا ضلال بولس السيمساطى ...

وكان بولس يحضر المجمع ولكنه اصر على ضلاله , فعقد مجمع اخر وخلعوه من بطريركية الكرسى الانطاكى , واقاموا عوضا عنه دمنوس ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:23 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة رقم 30 -



اليوم نكمل حديثنا عن البدع والانشقاقات التى واجججها القرن الثالث للبطاركة ... وتحدثنا عن بدعة سابليوس , ثم عن بدعة نيبوس , ثم بدعة بيرلس اسقف بصره , ثم عن بدعة بولس السيمساطى ...

واليوم سنتحدث عن بدعة اخرى خطيرة واجههتها كنيستنا القبطية وهى :

5- بدعة مانى :

ولد سنة 239م ... كان يدعى اب للمانيين لانه لقب ذاته بلقب البارقليط ...

كان اسير فى بلاد فارس , فلما عتق تبنته امراة عجوز انفقت على تعليمه بين المجوس , فتعلم الفلك ولو انه غير متعمق وتعلم التصوير والطب والفلسفة ولكنه توسع فى خيالاته وتصوراته ...

وبعد فترة تنصر الى المسيحية ولكنه اراد ان يقرن مبادئ المجوس بالمسيحية .. وبدء يبث ضلاله سنة 268م وشرع يذيع .....

بدعته هى :

ان المسيح عمل الخلاص ناقصا وانه هو البارقليط ....

فى اول مسيحيته كان يتباهى انه مسيحيا ويفسر الاسرار المقدسة ويجادل اليهود والوثنين ... ولكن بعد سقوطه فى خطية الهرطقة اتخذ لنفسه 12 تلميذا و 72 اسقفا ممثلا المسيح وتحت كل اسقف قسوس وشمامسة وارسلهم الى بلاد المشرق حتى الهند والصين ليذيعوا تعاليمه فتتلمذ له كثيرين ...

ثم انكب على السحر واخذ يكتسب شهرة كبيرة فيه حتى انه اخذ يعالج ابن ملك الفرس الذى كان الاطباء قد عجزوا عن شفائه ... فمات الصبى تحت يديه .. والقى فى السجن وخكم عليه بالموت ... ولكنه رشى الحراس فتمكن من الفرار الى فلسطين حيث قاومه احد الاساقفة وانكر تعليمه وطرده خوفا من ان يضل الشعب ... فذهب الى العربة وهناك قبض عليه ملك الفرس وسلخ جلده حيا ثم سلم جسده للوحوش وعلقه على باب المدينة ...

ولكن بعد موت ظلت بدعته وبالاخص فى الجبال بين فارس والهند ...

وهذه البدعة يوضحها المؤرخ الفليسوف فروى هكذا ....

بدعة مانى فهى كالاتى : يصور لنا بداية الخليقة وكيف يتم الخلاص :

علم مانى بأنه يوجد لكل شئ مادتان الواحدة نور والاخرى ظلمة ... وللآثنين ربان رب النور سمى الله ورب الظلمة سمى الشيطان وكلاهما متضادان فى الطبيعة والاميال ...

ولان اله النور سعيد فهو رحوم محسن , ولان اله الظلمة شقى يسعى ليجعل الغير اشقياء ...

وكل واحد منهما اوجد طائفة كبيرة من نسله على شكله ووزعها فى مملكته ...

واستمر اله الظلمة مدة طويلة لا يعلم بوجود اله اخرى ولكنه شعر بذلك من حرب حدثت فى مملكته فحاول ان يستولى على اله النور فهارضه هذا بجنوده غير ان قائدهم المدعو الانسان الاول لم ينجح وتمكن جنود الظلمة من اخذ جانب عظيم من العناصر السموية ومن النور ذاته الذى هو مادة حيوية فمزجوها بالمادة الفاسدة فقام من جنود النور قائد اخر يسمى بالروح الحى ومع انه نجح كثيرا الا انه لم يتمكن من تحرير مادة النور التى مزجت بالعناصر الرديئة ...

وبعد ذلك اوجد اله الظلمة ادم وحواء , فكل مولود منهم قائم بجسد من المادة الفاسدة وبنفسين احدهما شهوانية والاخرى عقلية خالدة لانها من النور الالهى ... ولما صنع رئيس الظلمة الناس من عقول غطاها بالاجساد خلق اله النور بواسطة الروح الحى ارضا هذه من المادة الرديئة وجعلها مسكنا للجنس البشرى ووسيلة لتمهيد طريق تخليص النفوس تدريجيا من اجسادها وافراز الجيد من الردئ ...

ثم اخرج الله بعد ذلك من نفسه كائنين عظيمين وهما المسيح والروح القدس لاعالة النفوس المغشاه بالاجساد ...

فالمسيح هو الشخص الذى يدعوه الفرس " ميثراس " وهو مادة سامية جدا من انقى نور الله واجبه الوجود حيوية فائقة الحكمة مسكنها الشمس ..

وكذلك الروح القدس مادة حيوية براقة منتشرة فى كل الجلد المحيط بأرضنا يدفئ نفوس البشر ويجعل الارض مثمرة ويخرج منها تدريجا نطقات النار الالهية المنتشرة وينهضها حتى ترجع الى عالمها التى اتت منه ...

وبعد ان انذر الله النفوس المحبوسة بالاجساد بواسطة ملائكة واناس علمهم مشيئته ارسل اخيرا المسيح ابنه وانزله من الشمس الى عالمنا هذا لكى يسرع برجوع الناس الى وطنهم السموى ...

فظهر المسيح بين اليهود لابسا صورة وظل جسد انسانى لا جسدا حقيقيا واعلن لهم الواسطة الوحيدة لخلاص النفوس من اجسادها وبرهن على لاهوته بعجائبه ...

ولكن اله الظلمة اغوى اليهود ليصلبوه , ولما لم يكن له جسد لم تؤثر عليه الالام ولكن اليهود حسبوه صلب فرجع المسيح الى الشمس مسكنه الاول بعد ان ترك تلاميذه لتعليم الناس ديانته ووعدهم بأرسال رسول اعظم منه يفصح عن حقائق اسمى وهو الباراقليط الذى كان يدعى مانى بأنه هو البارقليط ...

والذين يؤمنون بالوهية المسيح ينبغى ان لا يعبدوه اله اليهود وهو اله الظلمة وان يطيعوا شرائع المسيح التى اوضحها مانى ويقاومون بثبات شهوات النفس الشريرة ....

وهكذا يتخلصون شيئا فشيئا من مادة رئيس الظلمة الفاسدة ...

غير ان كمال التطهير لا يفوز به الانسان فى هذه الحياة بل بعد الموت يحصل للنفس تطهيران الاول بالماء المقدس الموجود فى القمر ويلبثون فيه 25 يوما , والثانى بالنار المقدسة الموجودة بالشمس .. اما الاجساد فتنحل الى عنصرها الاصلى ...

اما النفوس التى لم تهتم بالتطهير فتسكن بعد الموت اجساد البهائم والبشر حتى تطهر .. والاكثر انحطاطا يسلمون للآرواح الشريرة المقيمة فى جلدنا ليعذبوا زمانا ما ...

ولما تتحرر النفوس وترجع الى عالم النور فيأمر الله فتخرج نار جهنم من مقرها وتحرق وتلاشى هذا العالم وبعد ذلك يرجع رئيس الظلمة الى مكانه الاصلى ويبدأ فى الحرب ...

فكانت هذه بدعة مانى ...

ولكن :

لكى يجعل مانى قبول الناس بدعته رفض اكثر العهد الجديد وقال انه حرف , ولا سيما ايضا العهد القديم الذى كان يعتبره من انشاء اله الظلمة الذى يعبده اليهود ....

ووضع مانى انجيلا جديدا دعاه " ارتن " ...
مجاهرا بأنه موحى به اليه من الله لانه هو البارقبيط ... ثم قسم تابعيه الى قسمين ...

المختاريين الذين ينبغى ان يتمتعوا من اللحم والبيض والحليب والخمر وكل انواع المسكرات والزواج وكل تمتع ناتج بنساء ... ويغلب ان المختارين هم الاساقفة والشمامسة ...

اما العلمانيين هم السامعون ...

ويقول الاباء ان مانى هو الذى كان يتنبأ عنه الرسول بولس بقوله " ولكن الروح يقول صريحا انه فى الازمنة الاخيرة يرتد قوم عن الايمان تابعين ارواحا مضلة وتعاليم شياطين ... مانعين عن الزواج وامرين ان يمتنع عن اطعمة قد خلقها الله لتتناول بالشكر - 1 تى 4 " 1-3 ...

وبكدا نكون انتهينا من بدعة مانى ... والمرة القادمة سنتحدث عن بدعة هيراكس ...


Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:23 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

*** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة 31 ***



مازلنا فى القرن الثالث لتاريخ كنيستنا القبطية .. تكلمنا عن بطاركة القرن الثالث , ثم تحدثنا عن منشأ الرهبنة والقديس بولا وانطونيوس امونيوس وبفنوتيوس ... ثم تكلمنا عن المملكة والكنيسة فى هذا القرن وتحدثنا عن اربع اضطهادات واجههتها كنيستنا وهم اضطهاد كاركلا واضطهاد مكسيمينوس الثراكى واضطهاد ديسيوس واضطهاد فاليريان ... ثم تكلمنا عن ضيق بسبب الحرب ومأثر المسيحيين فى تخفيفه ...

ثم انتقلنا الى القسم الرابع من القرن الثالث وتحدثنا عن البدع والانشقاقات التى واجههتها كنيستنا وكيف تصدى لها البطاركة القديسين ... وتحدثنا عن بدعة سابليوس ثم بدعة نيبوس وبدعة بيراس اسقف بصره , ثم بدعة بولس السيمساطى .. واخيرا انتهينا من سرد كل شئ عن البدعة الخطيرة وهى بدعة مانى الذى اطلق على نفسه الروح القدس ...

واليوم نتكلم عن بدعة جديدة اسمها بدعة هيراكس ...

اتمنى ان تستمتعوا معى بقراءة هذا الجزء ...

6- بدعة هيراكس :
----------------------
اصله من ليونتوبوليس .... كانت صناعته عمل الكتب ... واشتهر بالعلم والتقوى .. ومع انه شارك مانى فى بعض الاراء , الا انه خالفه فى امور كثيرة ...

فعلم ان عمل المسيح العظيم ان يسن شريعة جديدة اكمل وادق من شريعة موسى .. ولهذا جزم بأن المسيح منع تابعيه عن الزواج واللحم والخمر وما تتلذذ به الحواس او الجسد من الاشياء التى سمح بها موسى ...

ثم منع ان يدخل الاطفال ملكوت السموات التى لا يستحقها الا الذين قاوموا الجسد وشهواته ... واعتقد ايضا ان ملكى صادق ملك ساليم الذى بارك ابراهيم هو الروح القدس ...

وانكر قيامة الاجساد وفسر الكتاب المقدس ولا سيما الاسفار التاريخية تفسيرا تشبيهيا ...

وبكدا نكون انتهينا من بدع وهرطقات القرن الثالث للبطاركة ...

والمحاضرة القادمة سنتحدث عن شيئا هاما جدا وهو :

الخلاف على عماد الهراطقة والجاحدين ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:23 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

*** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة 32 ***


مازلنا فى القرن الثالث لتاريخ كنيستنا القبطية ...

تحدثنا سابقا عن البدع والانشقاقات التى حدثت فى القرن الثالث للبطاركة - وتكلمنا عن بدعة سابليوس - بدعة نيبوس - بدعة بيرلس - بدعة بولس السيمساطى - بدعة مانى ثم بدعة هيراكس ...

واليوم نتحدث عن الخلاف على عماد الهراطقة والجاحدين ...

...

7- الخلاف على عماد الهراطقة والجاحدين :
--------------------------------------------------
كان من اهم المباحث فى الكنيسة فى هذا القرن المبحث فى مااذا كان تعميد الهراطقة صحيحا ام باطلا .. واذا رجع احدهم الى الكنيسة ايعاد تعميده ام يحسب معمدا ...

ففى هذا الموضوع اختلفت اراء الكنائس قديما ...

فكنائس اسيا الصغرى والكبادوك وكيليكية وغلاطية وسورية ومصر وافريقية كانت تعتقد ان المعمودية لا تعتبر صحيحة ذات قوة فعالة مالم تكن بيد رؤساء الكنيسة الارثوذكسية التى تجرى كل الاسرار على وجه صحيح ...

لذلك كانوا يعيدون معمودية من يرجع الى حضن الكنيسة من الهراطقة , غير ان رومية والكنائس الغربية كانت تقول بأن كل معمودية تتم بأسم الثالوث الاقدس هى مقبولة .. ولهذا لم يكونوا يعمدون التائبين من الهراطقة وكانوا يكتفون بوضع الايدى والصلاة على من اهتدى منهم ...

ولاجل ذلك اجتمع مجمع فى ايقونية ومجمع فى سنادا سنة 230م برئاسة فرميليانوس اسقف قيصرية تقرر فيهما عدم صحة معمودية الهراطقة .. وفعل مثل ذلك اغربينوس اسقف قرطجنة بعقده مجمعا فيها 217 - 223م وقرر القرار عينه ...

والذى ساعد على اشعال نار هذا النزاع ظهور بدعتين فى هذا الشأن ...

البدعة الاولى :

بدعة نوفاسيانوس اسقف رومية الدخيل ....

وتقضى برفض توبة الذين يجحدون الايمان او يقعون فى اثم كبير ...
وبوجوب اعادة العماد الذى يتم على ايدى الهراطقة وكذلك عماد الارثوذكسين الذين يتساهلون فى قبول الهراطقة التائبين ...

واعتنق مذهب نوفاسيانوس عدد كبير من الكنيسة الرومانية , غير انهم ما لبثوا ان ادركوا خطأهم وعزموا على العودة الى حضن الكنيسة ...

ولما كان عادة كنيسة رومية لا تعمد الهراطقة توقف الكهنة عن قبولهم ريثما يتفقون على رأى بشأن الراجعين من هراطقة نوفاسيانوس ...

فكتبوا الى القديس كبريانوس اسقف قرطجنة يسألونه فأجابهم برسالة جاء فيها ان يجب على الكنيسة الرومانية تعميد المرتدين عن الايمان وان الكنيسة الارثوذكسية فعمادها صحيح ... وان يجب ان يحكم فى هذا ليس فقط الكنيسة الرمانية ولكن ايضا باقى الكنائس مجتمعة ...

البدعة الثانية :

بدعة فيلكسيموس ...

الذى كان يعلم هو واتباعه بوجوب الصفح عن الذين جحدوا الايمان بمجرد الشفاعة التى يتحصلون عليها من المؤمنين الموجودين فى السجون...

والذى دعا الى نشر هذه البدعة هو بسبب اضطهاد ديسيوس قيصر للمسيحيين .. وزل كثير منهم وقدموا الذبائح للآوثان وطلبوا بعد ذلك شفاعة الشهداء المحكوم عليهم بالموت واخذوا منهم مكاتب توصية وارادوا بها الرجوع الى الكنيسة بدون تأديب .. ولكن بعض الاساقفة والكهنة قبلوا حالا الجاحدين الذين قدموا مكاتيب كهذه لكن كبريانوس وغيره ذوى الحزم والغيرة قاوم هذا الارتخاء الزائد ...

وفى سنة 253م قام على كرسى رومية الاسقف استفانوس واتباعه ...
وقد شدد بمنع معمودية الهراطقة ولم يكتف بذلك بل خاطب فرميليانوس اسقف قيصرية , غير ان هذا اهمل كتابه ...

فعقد استفانوس مجمعا سنة 254م حكم فيه بقطع فرميليانوس ومن وافقه من اساقفة كيليكية وغرطية ...

ولما كان القديس كبريانوس مشتركا مع هؤلاء فى المعتقد تهدده استفانوس بحرمه ان لم يقلع عن هذا الاعتقاد , فلم يعبأ كبريانوس بهذا التهديد وقابله بمجمع عقده فى قرطجنة سنة 255م ...

وبعد مباحثات طويلة حكم بضرورة اعادة عماد الهراطقة ومن تعمد على يدهم ممن يرجعون الى الكنيسة , واما الذين كانوا معتمدين فى الكنيسة وسقطوا فى كفر او هرطقة فحكموا بعدم اعادة معموديتهم نفيا لبدعة نوفاسيانوس اسقف رومية الدخيل ...

وارسل المجمع قراره لاستفانوس اسقف رومية يقول :

" ان كل رئيس روحى حر فى سياسة كنيسته , لانه سيقدم حسابا عن اعماله للرب "

غير ان استفانوس رفض هذا القرار وكتب الى اساقفة افريقية يحثهم على الاقتداء به فى رفض قرار كبريانوس ...

اما كبريانوس فأستغرب منه هذا العناد وانكر عليه خضوع كنيسة افريقية لاستبداده ثم كتب رسالة الى احد اساقفة افريقية ضد استفانوس ثم ارسل اساقفة افريقية الى استفانوس يدعونه الى الاتحاد معهم فلم يشأ ان يقابل حملة الرسالة ولم يسمح وجاوبهم بخشونة ولقب كبريانوس بالرسول الغاش والنبى الكذاب , وما ان علم كبريانوس بذلك حتى ارسل الى اساقفة افريقية يحذرهم من الوقوع فى ضلال استفانوس وانه صديق للهراطقة وعدوا المسيحيين ...

وقد ارسل فرميليانوس اسقف قيصرية وفدا الى رومية الى استفانوس اسقفها فقوبل هناك بأسوأ مقابلة كوفد كبريانوس ولم يسمح له بسقف يبيت تحته ... ومن ثم تراسل كبريانوس مع فرميليانوس ضد استفانوس ...

ومع كل هذه المساعى استمر الشقاق وكاد يستفحل امره لولا تدخل البابا القديس " ديونيسيوس " البطريرك الاسكندرى الذى جعل النزاع يقف عند حده ..ز

فكتب البابا ديونيسيوس الاسكندرية الى استفانوس اسقف رومية يقول له :

" اعلم الان ايها الاخ ان جميع الكنائس المنشقة قبلا فى الشرق وما بعده قد اتحدت .. وجميع الرؤساء فى كل مكان متفقون وهم فرحون بالسلام الذى صار على غير انتظار منهم ديمتريانوس فى انطاكية وثاوكتيستوس فى قيصرية ومازبان فى اليه " اورشليم , ومارينوس فى صور بعد رقاد اسكندر وايليوذوروس فى اللاذقية بعد وفاة ثيليميدرس وايليبنوس فى طرسوس وسائر كنائس كيكليكة وفرميليانوس وسائر الكبادوكية ...

وقد ذكرت اشهر الاساقفة فقط لكى لا اطيل الرسالة ولا اثقل الكلام .. اما سورية كلها والعربية الذين تكفونهم دائما والذين ارسلتهم اليهم الان وبين النهرين والبنطس وبيثينية وبالاجمال الجميع فى كل مكان يبتهجون بالاتحاد والمحبة الاخوية ممجدين الله " ...

ولكن استفانوس لم يذعن لنصيحة قداسة البابا وظل على عنادة حتى مات سنة 275م وخلفه سكستوس فكتب له البابا الاسكندرى رسالة ولكن فى هذا الوقت حدث ان ثار اضطهاد فالريان قيصر على المسيحية , فشغل الاساقفة عن عماد الهراطقة بالنظر فى شئون الرعية وفى هذا الاضطهاد استشهد القديس كبريانوس والقديس سكستوس وشمامسة لافيرنديوس ...

وبهذا نكون قد انتهينا من القرن الثالث للبطاركة ولتاريخ كنيستنا القبطية ...

والمحاضرة القادمة سنبدأ الحديث عن القرن الرابع ونتكلم عن بطاركة هذا القرن وهم بطرس 1 , وارشلاوس , والكسندروس 1 واثناسيوس 1 وبطرس 2 وتيموثاوس1 وثاوفيلس ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:23 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

*** تاريخ البطاركة - القرن الرابع - محاضرة رقم 33 ***

انتهينا فى المحاضرة السابقة من القرن الثالث للبطاركة ... واليوم سنبدأ فى القرن الرابع ونتحدث عن بطاركة هذا القرن ...

بطاركة القرن الرابع :
--------------------
1- بطرس " خاتم الشهداء "
2- ارشلاوس
3- الكسندروس
4- اثناسيوس
5- بطرس
6- تيموثاوس
7- ثاوفيليس ...

واليوم سنتكلم عن البطريرك بطرس ...

1- البطريرك بطرس " خاتم الشهداء " :
------------------------
البطريرك السابع عشر ...

كان تلميذا للبابا ثاؤنا , وتربى تربية صحيحة فى المدرسة اللاهوتية التى كان يديرها يومئذ القس أرشلاوس ورسمه البطريرك شماسا ... ولما رأى عفافه وعلمه صيره قسا , وكان ملازما خدمة الكنيسة ليلا ونهارا معتبرا من الجميع لاجل قداسة سيرته وجزيل علمه وغيرته على انتشار الايمان الاقدس ...

واتفق ان سابليوس الهرطقى جاء يوما الى الكنيسة طالبا البطريرك ليجادله .. فأرسل اليه البابا ثاؤنا القس بطرس... فازدرى سابليوس بالبطريرك اذا ارسل له شابا حقيرا ليجادله فأجابه القديس بطرس " اذا كنت اظهر امامك صغيرا فأننى عبد الرب كبير يظهر كفرك به اليوم وينصرنى عليك كما نصر داود على جليات ...

ثم اخذ يناضله ويناظره فى الحقائق الدينية حتى افحمه واخرجه مخزيا امام الجميع ...

وموقف اخر له قبل رسامته .. كان فى احد الاعياد فى اثناء التناول وقف انسان به روح نجس وجعل يرجم المؤمنين فهرب الشعب فقال البابا ثاؤنا لبطرس القس " روح اطرد الشيطان عنه .. فأخذ بطرس اناء فيه مياه وصلى عليها البابا ثاؤنا وخرج بطرس بالاناء وانتهر الشيطان بأسم الرب يسوع فخرج فى الحال ...

وقد ارتقى القديس بطرس البطريكية فى شهر امشير سنة 300 م فى عهد يوكلتيانوس قيصر خلفا لمعلمه البابا ثاؤنا , ضاعف جهاده وخدم ربه ...

وكان فى ايامه فى نهاية القرن الثالث , كان اضطهاد الكنيسة فى مصر بالغا اشده فى عهد ديوكلتيانوس ومكسيميان .. فرأى البطريرك القديس رعيته فى خطر عظيم وهروب اغلب الرعية الى البرارى والكهوف وقتل كثير من المسيحيين ... فطاف بلاده كلها يشجع الضعفاء ويعزى المعترفين فى السجون ويسعفهم ويرجع الخراف الضالة الى الايمان , حاثا اياهم على الصلاة والصوم ليستقبلوا الموت ...

فلما اتى الى مدينة " ليكوبوليس " " هى اسيوك الحالية وكانت اول اسقفية فى القطر المصرى بعد الاسكندرية " .. حتى اخذ منه الحزن شديدا عندما رأى اسقفها " ميليتس " قد كفر بالايمان وسالم الوثنين وسجد للآصناهم وحاول بطرق الطرق ان يرده الى الايمان مرة اخرى ولكنه لم يفوق حتى ان هذا الاسقف ابتدع بدعة رديئة بسببها انفصل من الكنيسة واجتمع المجمع سنة 306م حكم فيه بقطع ميليتس وكل تابعيه بسبب البدع والهرطقات ...وكان اريوس من تلاميذه ...

وكان منشور يصدر دائما كل عيد فصح وضمنه التوبة التى بموجبها يقبل الذين سقطوا فى مدة الاضطهاد الى حضن الكنيسة ...

ونذكر هذه القوانين بأيجاز :

1- الذين جحدوا الايمان بسب شدة العذاب والاضطهاد وقدموا توبة خلال 3 سنوات الماضية عليهم ان يصوموا اربعين يوما صوما عنيفا يجوز قبول فى الكنيسة مرة اخرى ..

2- الذين عثروا فى الايمان ولكنهم لم يعذبوا عذابا شديدا تعطى لهم سنة كاملة يظهرون فيها التوبة وبعد ذلك يقبلون فى الكنيسة مرة اخرى ...

3- كل الذين ارتدوا عن الايمان ولم يذقوا عذابا تعطى لهم 4 سنوات ليبرهنوا توبتهم وبعد ذلك يقبلون فى الكنيسة ...

5- الذين ارتدوا ولم يعدوا يطلبون التوبة فلا يوجد قانون لهم وترثى الكنيسة لحالهم ..

6- الذين تظاهروا بالمرض او الصرع لينجوا من العذاب يعطى لهم 6 شهور وبعدها يقبلوا فى الكنيسة ..

7- العبيد الذين اجبرهم مواليهم على السجود للآوثان يعطى لهم سنة ليرهنوا على توبتهم ...

8- الموالى الذين فعلوا ماتقدم تفرض عليهم 3 سنوات توبة ...

9- اما الذين سلموا نفوسهم دون ان يقبض عليهم وتعذبوا ثم جحدوا الايمان واذا كانوا من الاكليروس يتم قبولهم فى الكنيسة ولكن لا يرجعوا الى وظائفهم الكهنوتية ثانية - يحرموا منها ..

10- اولئك الذين انكروا اشخاصهم لاجل تشجيع الاخرين وتقوية ايمانهم فلا لوم عليهم ..

11- جميع الذين افتدوا انفسهم بدراهم فلا يلامون ..

12- لاشئ على الذين نجو بواسطة هربهم من الموت - فلا قصاص عليهم ...

13- جميع الذين اجبروا اجبارا لكى يذبحوا للآوثان والذين افقدهم العذاب شعورهم واحساسهم فأصبحوا لا يدركون يجب اعتبارهم فى درجة المعترفين واذا كانوا من الاكليروس يعادون الى مناصبهم ..

هذه القوانين ايديها البابا بطرس بالشواهد والادلة الكتابية .. وقد بقيت معمولا بها فى جميع الكنائس الارثوذكسية فى العالم اجمع حتى بعد الانشقاق ...

وفى سنة 311م امر القيصر مكسيميان بالقبض على البطريرك بسبب ان امرأة انطاكية وكان زوجها من الذين يعملون مع القيصر .. هذه المرأة ذهبت الى الاسكندرية لتعمد ولديها خوفا من زوجها عابد الاوثان .. فهاج عليها البحر وخشيت ان يموتا بلا عماد فشرطت ثدييها بمطوة وصلبا على جبينهما وقلبيهما ... ولما نجت واتت للبابا بطرس لتعميد اطفالها راى البابا مياه المعمودية وقد تجمدت فسألها فقصت عليه مافعلته فى البحر فأمن على عمادهما واكتفى بأن باركهما ...

فشكى الرجل الوثنى امرأته للقيصر وكان القيصر مملوء حقدا على البابا بسبب الرسائل التى ارسلها البابا الى المسيحيين يشددهم فى اوقات الاضطهاد ... فقبض القيصر على المرأة وولدها وتم حرقهم بالنار , اما البابا بطرس فقبض عليه واستعمل معه اشد انواع العذاب وطرحه فى السجن وامر بقطع رأسه ...

ومن هنا عندما علم المسيحيين ان بطريكهم سيموت اجتمع جمهور كثير امام السجن وقالوا اقتلنا كلنا اولا قبل قطع رأس الاب بطرس , واصبح شغب كثير ...

وهنا لما علم اريوس الكافر ان البابا بطرس سيقطع رأسه خاف ان يموت دون ان يحله , وطلب من الاكليروس ان يصالحوه مع البابا بطرس , فظنوا انه تاب ويريد الرجوع ..

فسأل الاكليروس البابا بطرس فى حله للآريوس .. فقال البابا بصوت عظيم :

" تسألوننى فى اريوس .. ثم رفع يديه وقال .. فى هذا الزمان وفى الاتى يكون ممنوعا من مجد ابن الله سيدنا يسوع المسيح " ...

فلما قال هذا نزل عليهم خوف عظيم ولم يجسر احد ان يكلمه ثاني.. فلما رأهم خافوا طيب نفوسهم واخذ الشيخيين ارشلاوس والاسكندروس تلميذيه وانفرد بهم ..

وقال لهم " الله اله السموات يعيننى على اكمال شهادتى فلن تعودا ترياننى بعد هذا اليوم فى الجسد .. وانت يارشلاوس القس تكون بطريركا بعدى واخوك الاكسندروس بعدك .. ولا تقولوا ان عديم الرحمة من اجل اريوس فأن فيه مكرا مخفيا ولست انا الذى حرمته بل السيد المسيح لانى فى هذه الليلة لما اكملت صلاتى ونمت رأيت شابا قد دخل على ووجهه يضئ كضوء الشمس وعليه ثوب متشح به الى رجليه وهو مشقوق وقد امسك بيده القطعة الممزقة فصرخت وقلت " ياسيدى من الذى شق ثوبك " فأجابنى " اريوس " هو الذى مزق ثوبى فلا تقبله ..واليوم يأتيك قوم طالبين منك ارجاعه فلا تطعهم واوصى ارشلاوس والاكسندروس بأن يمنعاه من شركتهما ..

ولما انتهى من كلامه وقع على عنقيهما وقبلهما وودعاناه بالبكاء ثم عاد الى الجمع الذى كان قائما معهم وخاطبهم وقواهم وصلى عليهم وباركهم وعزاهم وصرفهم بسلام ...

وكان القائد يفكر كيف يخرجه من السجن الى ساحة الاستشهاد من اجل تجمع الكثير من المسيحيين وكان خائفا ليحدث شغب للآن الناس كانت مجتمعة كثيرة يبكون ويولولون على البطريرك امام السجن ...

ولما شعر البابا بطرس بذلك قال للقائد تعال الليلة الى حائط السجن الذى ادقه لك من داخل وانقبه من الجهة التى لا يقيم المسيحيون بارائها وهكذا يسهل عليك اخذى الى المكان المعين لقتلى ..

وهذا الكلام ادهش القائد فعمل القائد كما اشار اليه القديس وخرج القديس مع الجند الى المكان المدعو " بوكاليا " وهو ايضا الموضع الذى تمت فيه شهادة القديس مرقس الرسول " فطلب منهم البطريرك ان يتركوه يذهب الى حيث جسد مارمرقس للتبرك منه فسمحوا له وهناك اخذ يصلى طالبا من الله ازالة الاضهاد ...

قيل ان وقت صلاته كان بالقرب من القبر مسكن صبية عذراء وابوها شيخ وكانت قائمة تصلى ولما تمت صلاتها سمعت صوتا من السماء يقول " بطرس اول اسماء الرسل وبطرس اخر شهداء الاسكندرية " وقد تم هذا الكلام بأنه بعد وفاة القديس لم يستشهد غيره من بطاركة الاسكندرية قتلا بأيدى الوثنين ...

ولما تم القديس صلاته تقدم الى الجنود وجهة كوجه ملاك ثم رفع يديه وصلى الى الرب وصلب على وجهه وقال امين وخلع بلينه وكشف رقبته الطاهرة وقال لهم افعلوا ما امرتم به .. فتراجعوا الى الوراء مندهشين من تسليمه نفسه للموت بمثل هذه الشجاعة ولم يجسر احد ان يضرب عنقه ...

غير ان القائد دفع اخيرا لاحدهم خمس قطع من الذهب فتقدم وقطع هامة القديس فى 29 هاتور سنة 311م وكانت مدة مقامه على الكرسى 11 سنة ...

ولما اقبل الصباح وصل الخبر الى المسيحيين المحطيين بالسجن فمضوا اليه مسرعين ووجدوا جسده وثوبه عليه والشيخ والصبية العذراء جالسين يحفظانه .. فألصقوا الرأس بالجسد ونشروا عليه شعره وجمعوا دمه ولفوه فى بساط من الاديم الذى كان ينام عليه ومضوا به الى البيعة واجسلوه على كرسى مرقس .. ولما كان حيا لم يكن يرضى الجلوس عليه بل كان يجلس على درجات الكرسى السقلية تواضعا واكراما لسالفه الاول منشئ هذا الكرسى الرسولى العظيم ...

وبكدا نكون انتهينا من سرد قصة حياة هذا القديس العظيم البابا بطرس خاتم الشهداء ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:24 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
** تاريخ البطاركة - القرن الرابع - محاضرة 34 **


من المحاضرة السابقة بدأنا فى القرن الرابع للبطاركة .. وتحدثنا عن اول بطريرك فى هذا القرن وهو البطريرك القديس بطرس خاتم الشهداء - البطريرك 17 ...

واليوم نكمل حديثنا ونتحدث اليوم عن البطريرك ارشلاوس ...

2- البطريرك ارشلاوس
--------------------------
البطريرك الثامن عشر ...

ولد بالاسكندرية وامتاز عن اترابه بعلمه وقداسته وسيرته ولذلك صيره البابا ثاؤنا قسا وجعله رئيسا للمدرسة اللاهوتية ... وبناء على وصية القديس بطرس اقيم بعده بطريركا من شهر كيهك سنة 321م فى عهد قسطنطين قيصر ...

وما تم ان جلس على الكرسى المرقسى حتى توسل اليه اريوس بأن يعيده الى شركة الكنيسة .. وتمكن اريوس بمداهنته وتمليقه ان يستميل اليه وجهاء الشعب وعظمائه وطلب منهم ان يتوسطوا اليه عند البطريرك ليقبله ...

فألتمسوا منه ان يشرك ايريوس فى الخدمة الكنيسة موهمين اياه بأنه تاب عن كل ذنوبه قفبل سؤالهم واعاده الى رتبته الاولى التى كانت له قبل وقوعه فى الهرطقة , وهى وظيفة القسوسية ومباشرة الوعظ ...

وبهذا العمل خالف هذا البطريرك خلفه القديس بطرس ولعله احسن الظن بأريوس لما رأه فيه من اللين المصطنع ...

لم يشاء الرب ان يبقى ارشلاوس سوى 6 شهور ومات بعدها فى 19 بؤونة سنة 312م ....

وبعد موته رشح اريوس لمركز البطريركية ولكن الاكليروس والشعب لم يتفقوا على ذلك ...

والمحاضرة القادمة سنتحدث عن البطريرك الاسكندروس ....


Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:24 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

** تاريخ البطاركة - القرن الرابع - محاضرة رقم 35 **


تكلمنا فى المحاضرة السابقة عن البطريرك ارشلاوس , واليوم سنتحدث عن اخوه البطريرك الاكسندروس ...


3- البطريرك الاكسندروس
-----------------------------
البطريرك التاسع عشر ...

ارتفع الى كرسى البطريركية بعد موت ارشلاوس بمقتضى وصية القديس بطرس اخر الشهداء فى شهر ابيب سنة 313م فى عهد قسطنطين ....

وهو مولود بالاسكندرية ورسم قسا بها , وحال انتخابه كان قد وصل الى سن الشيخوخة , ورغما عن ذلك اخذ يستخدم علمه وتقواه فى خدمة الله بكل نشاط واخلاص ...

وكان الشعب يلقبه بالقديس والفقراء يدعونه ابا المساكين ...

وقد روى الابنا ساويرس المؤرخ ان اثناسيوس البطريرك ال20 روى عن البابا الاكسندروس انه ما كان يقرأ قط فى الانجيل جالسا بل واقفا والضوء امامه ... ولكن افضل ما اشتهر به هو غيرته الشديدة على حفظ الايمان المستقيم ومحاربته للهراطقة ولا سيما الذين انكروا لاهوت المسيح ...

كان البابا مقاوما لحزب ميليتس اسقف ليكوبولى , وكانوا هؤلاء لا يريدونه بطريريكا وكانوا يريدون اريوس بطريركا , غير ان الله احبط مسعاهم ...

وقد قيل ان اريوس حاول مع قداسة البابا ان يخدعه كما خدع اخاه ولكنه قال :

" اوصانى ابى البابا بطرس ان لا اقبلك فلا تدخل الى ولا اجتمع بك وذلك بأمر السيد المسيح فأعترف للمخلص بخطيئتك فاذا اقبلك فهو يأمرنى بقبولك "

فغضب اريوس من البابا واجتهد اريوس فى دحض تعاليم البابا ووضع مقالات تجديف وكفر بلسانه المستحق القطع ...

وقد كان هذا الخبيث اريوس قد اجتذب اسقفين وبعض القسوس البسطاء والشعب الساذج وبعض النساء والبنات والرهبات واخذ ينشر بواسطتهم بدعته الشنيعة ... فتقدمت فى حقه الشكاية للبابا الاكسندروس فأسرع هذا القديس فى العمل على ايقاف هذه البدعة ...

فجمع البابا الاساقفة سنة 319م وبعد فحص تعاليم اريوس بأن الابن مولود من الاب فلا يمكن ان يكون مساويا له فى الازلية ... حكموا بأن يقلع عنه ويكف عن نشره واجتهدوا فى رده عن ضلاله بواسطة النصائح والمحبة الا انه زاد تكبرا وجسارة فشرع يعلم جهارا مستعملا كل نوع من الخداع لاستمالة القلوب اليه ...

فرأى البطريرك ان الملاينة لم تنفع مع اريوس فأجتمع وعمل مجمعا من مائة اسقف من لبيا ومن مصر سنة 321م وحكم بحرمان اريوس من درجة الكهنوت وبحرمه وبدعته ومن يتشيع له .. وامضى على هذا القرار جميع اساقفة المجمع ماعدا اسقفين و11 شماسا , فتم مقاطعة هذا الاسقفين و11 شمامسا ايضا ...

وقد كتب البابا الاكسندوس الى صديقه الاكسندروس اسقف البيزنطية " القسطنطينية " رسالى اتى فيها من تفاصيل بدعة اريوس وحزبه اذ ينكرون لاهوت مخلصنا ....

ولم يرضخ اريوس للحكم بحرمه من الكنيسة بل ثابر على الخطابة والوعظ مثبتا تعليمه ومباشرا الخدمة الدينية , فأستمال اليه الكثيرين وكون له حزبا ابليسيا حتى اضطر البطريرك ان يطرده من الاسكندرية هو والاسقفين وشماسين احدهما يسمى اونريوس وكان عضدا كبيرا لاريوس ...

فغادر اريوس الاسكندرية قاصدا فلسطين واخذ يغتاب القديس الاكسندورس ويشنع عليه مظهرا نفسه بين الارثوذكسين ارثوذكسيا وبذلك اثر على كثيرين وجمع له عددا من الاصدقاء على رأسهم """ اوسابيوس اسقف نيكوميديا """ الذى كان ذا اصول عظيمة و """ اورسابيوس اسقف قيصرية """ و """ اوسيوس اسقف بيسيدية """ و """ بوليوس اسقف صور """ و """ اغريغوريوس اسقف بيروت """ وجمعهم سمحوا له بعقد جميعات دينية فى ابروشيات مختلفة ليكثر عدد معتنقى بدعته فضلا عن وجود انصار له من الكهنة فى الاسكندرية ...

وكان اريوس ينشر بدعنه عن طريق تأثير الصوت فى النفس بالموسيقى ووضع كتاب " تاليا " ووقعها على الالات الموسيقية وعلمها للشعب الذى كان يتغنى بها صباح مساء ...

وقد امتلآت بلاد الشرق بمؤلفات مشحونة بهرطقات اريوس وبالتنديد على بطريرك الاسكندرية وكتبوا الى بطريرك الاسكندرية يحثه على سحب حكمه على اريوس فرد عليهم برسائل مملؤة من الحكمة والعمل مبينيا ضلال بدعة اريوس ...

وهكذا احس البابا البطريرك بالشر المتفاقم من اعمال اريوس فأتخذ طريقة فعالة لايقافة ومنه سريان بدعنه فكتب تلك الرسائل الى اساقفة كل الكنائس اوضح فيها الاسباب التى حملته على حرمان اريوس وقطعه من الكنيسة ولا يسمح له ابدا بالعودة ...

وتم عقد مجمعا سنة 322م فى بيثينة ومجمع اخر سنة 323م فى فلسطين قرروا فيها الغاء حكم البابا الاسكندرية الصادر على اريوس ...

وبناء على هذا القرار رجع اريوس الى الاسكندرية مرة اخرى لينشر بدعته من جديد .. فأضطر البطريرك تلقاء هذا الاضطراب ان يشهر حرمان اريوس ويطرده من المدينة مرة ثانية ...

وقد قام تلميذ البطريرك الاكسندروس تلميذه الشماس اثناسيوس الذى اصبح بطريركا من بعده بكتابة المنشور السنوى ضد بدعة اريوس وبين ان تعليمه يأول الى تعدد الالهة وقياس الغير المحدود بمقاييس بشرية والايمان ببعض الكتاب دون البعض ووقع هذا المنشور 36 كاهنا و 44 شماسا ...

وقد كان لاوسايبيوس اسقف نيكوميديا , كرامة عند كونسطاسيا اخت الملك قسطنطين الكبير الذى كان حينئذ ساكنا فى نيكوميديا , فتمكن بواسطتها ان يستميل قسطنطين الملك الى اريوس ..

وكان الملك يعرف شيخا جليلا كان عمره 67 سنة من رؤساء الاساقفة اسمه اوسيوس اسقف قرطبة من اسبانيا الذى كان قد اعترف بالايمان فى عهد مكسيميات , وكان مشهورا بسعة علمه ومزيد اطلاعه فأستدعاه الملك اليه وارسله الى الاسكندرية ليتوسط لدى بطريركها فى امر صلحه مع اريوس وارسل معه خطابا رقيقا ينصحهم ان يكفوا عن النزاع وطلب ان يكف البابا وان يمتنع عن اضطهاد اريوس ظلما قائلا فى خطابه ان اريوس كاهن بار وغيور على الايمان المستقيم ...

فلما حضر اوسيوس اسقف قرطبة الى الاسكندرية عقد مجمعا سنة 324م ولم يتمكن فيه من عمل اى شئ فى سبيل الاتحاد وذلك لكثرة التعديات التى جرت من الاريوسين على مستقيمى الايمان وحدثت مشاغبات حطمت فيها تماثيل الامبراطور ولذلك اشترك الكسندروس مع اوسيوس فى حرمان اريوس فى ذلك المجمع وعاد الى نيكوميديا واوقف الملك على جلية الخبر وان اريوس واعوانه هم المخطئون واعلن له رغبة البطريرك الاسكندرى فى اقامة مجمع عام وانه وهو يصادق على هذا الاقتراح ...

فأرتضى قسطنطين وبناء على ذلك التأم ذلك المجمع المشهور فى مدينة نيقية سنة 325م حضره القديس الكسندروس يرافقه تلميذه اثناسيوس ...

وبعد جدال طويل حكم المجمع بقطع اريوس واتباعه ونفيه الى الليريكون .. واثبت كل ما فعله القديس الكسندروس ثم كتب المجمع رسالة الى كنيسة الاسكندرية واثنى فيها كثيرا على جهاد بطريركها .. فرجع القديس الى كرسيه فقابله الاكليروس والشعب بما يستحقه من الاحترام والاجلال رجل ضحى بكل شئ حفظ نقاوة ايمان ابن الله وكثيرون من الذين ظلوا رجعوا الى الايمان مرة اخرى ...

ويقال ان هذا البطريرك هو الذى كسر صنم النحاس الذى كان فى هيكل زحل بالاسكندرية ...

اما البابا الكسندروس البار فبعد خمسة اشهر من عودته من مجمع نيقية مرض المرض الاخير واشار قبل موته على الكنيسة المصرية ان تختار بعد وفاته اثناسيوس تلميذه بطريركا ..

وقد قيل انه فى اخر ساعاته قال " باطلا يهرب اثناسيوس انه لا ينال مأربه " , ففتشوا على اثناسيوس فوجدوا انه قد هرب حقا ثم رقد هذا الحبر الارثوذكسى الغيور فى 24 برمودة سنة 326م ...

وبكدا نكون قد انتهيا من كتابة حياة هذا القديس البابا الكسندروس ومحاربته لبدعة اريوس ...

والمحاضرة القادمة سنتكلم عن البابا اثناسيوس الرسولى البطريرك العشرون ...
وهذا الموضوع سيكون طويلا جدا , لذلك سوف اقسمه على مراحل متعددة ...

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:24 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
*** تاريخ البطاركة - القرن الرابع - محاضرة رقم 36 ***


تحدثنا سابقا عن بعض من بطاركة القرن الرابع الميلادى .. عن البطريرك بطرس خاتم الشهداء ثم تحدثنا عن البطريرك ارشلاوس وكيف انه لم ينفذ وصية البابا بطرس سلفه بحرم اريوس ورفض رجوعه ثانيا ثم موت ارشلاوس المفاجئ بعد حوالى 6 اشهر بعد اقامته بطريريكا , ثم حسب وصية البابا بطرس خاتم الشهداء تم اقامة البطريرك الكسندروس بعد موت اخوه البطريرك ارشلاوس ...

واليوم سوف نتحدث عن اشهر بطاركة القرن الرابع وباقى العصور هو البطريرك اثناسيوس الرسولى ...

هذا الموضوع طويل جدا وسوف اكتبه على مراحل متعددة ...


4- البطريرك اثناسيوس الرسولى :
----------------------------------
البطريرك العشرون

ولد بمدينة الاسكندرية سنة 296م من والدين مصريين ..

"1" "يدلك على قبطية اثناسيوس للقديس انطونيوس الذى لم يكن يعرف غير اللغة القبطية .. ولما كان اثناسيوس برومية بعث لرهبان مصر برسالة مكتوبة بلغتهم ولغته القبطية ... وقال مؤلف كتاب " الدار المنظوم " ص 30 وهو مارونى " ان اثناسيوس لما كان يكتب باللغة اليونانية احصى بين ابناء الكنيسة اليونانية مع كونه قبطيا " , وقال العلامة ستانلى " ان اوصاف شعره تشبه اوصاف شعر الموميات المصرية المحنطة اى " شعر خفيف اسمر اللون ضارب الى الحمرة " ولا عبرة بأن اسمه قد يغرى على الحكم بأنه يونانى اذ نجد فى التاريخ اسما يونانيا بحتا مثل " انطون " قد تسمى به لا مشاحة فى انه قبطى صميم " اه الكرمة 9 : 4 ص 184 " ...

نرجع ثانية الى الحديث عن والديه ..

كان والدى اثناسيوس مصريين وثنيين , كانا معتبرين لكثرة غناهما وشريف نسبهما , وكان وحيدا لهما , وتوفى والده وهو صغير , وحينما بلغ سن الرشد اخذت والدته تحسن له الزواج الا انه كان يرفض حتى انها سلطت عليه احدى البغيات لتفسد عفته فلم تفلح لان اثناسيوس كان يحب عشرة الله والاتقياء الذين نذروا انفسهم للرب , ورغب هو ايضا ان يكون واحدا منهم وبعد ذلك امنت امه وتعمدت على يد البطريرك الكسندروس ...

وذات يوم بينما كان البابا الكسندروس منتظرا مجئ بعض الاكليروس لتناول الطعام معهم وكان جالسا فى الشرفة كان بعض الغلمان يلعبون وكان ضمنهم اثناسيوس وكان يعمدهم اثناسيوس, ولما سألهم البطريرك ماذا يفعلون عرف ان اثناسيوس يعمد بعض الوثنين بطريقة صحيحة , وبعد مناقشات دارت بين البطريرك واكليروسه اتفق رأيهم على الاعتراف بصحة ذلك العماد والاكتفاء بأجراء خدمة التثبيت للمتعمدين ثم رشحوا اثناسيوس بعد ذلك لرتبة الكهنوت ...

واصبح اثناسيوس تلميذا لقداسة البابا الكسندروس واخذه من امه ووضعه فى البطريركية واعتنى به وبتهذيبه وتثقيفه بالعلوم , فبرع اثناسيوس براعة عجيبة ونال حظا وافرا من العلوم اللاهوتية والفلسفية حتى فاق اهل عصره فضلا عما كان متوشحا به من التقوى والقداسة ...

وقيل ايضا انه كان تلميذا للقديس انطونيوس ابى الرهبان واقتبس عنه فضائل النساك والمتعبدين ...

وعندما كان اثناسيوس تلميذا اصدر سنة 318م رسالة الى الوثنين دلت على غزارة مادته وقوة حجته فكان ذلك سببا فى ان اعجب به البابا الكسندروس فسامه شماسا وبعد ذلك صار رئيس شمامسة الكرسى البطريركى سنة 319م , ثم صار مساعد البطريرك يحيل عليه المشكلات والمعضلات ليكشف عن غوامضها ...

وفى هذه الاثناء ظهرت مواهب اثناسيوس مع حداثة سنة وهو الذى حضر المجمع الاسكندرى سنة 319م وامضى كرئيس شمامسة رسالة بطريركة ضد ارسيوس كما وجد اسمه محرا فى اكثر الرسائل البطريركية ...ثم تقدم فى الحرب ضد اريوس واستصحبه البطريرك معه الى مجمع نيقية , وهناك اخذ اثناسيوس رئيس الشمامسة ومشير البطريرك يفند اراء الاريوسيين ويبطل ادلتهم ويدحض براهينهم واظهر من الغيرة على ازلية المسيح ما جعله موضوع اعجاب اباء مجمع نيقية كلهم فأندهشوا من حذاقة لبه وصحة فكره حتى قيل ان قسطنطين الملك قال له قبل انفضاض المجمع كأنه يتنبأ له " انت بطل كنيسة الله " ...

وقال سقراط المؤرخ الكنسى " ان فصاحة اثناسيوس فى المجمع النيقاوى قد جرت عليه كل البلايا التى صادفته فى حياته "

مع ان اباء المجمع احتجوا على وجوده بصفته رئيس شمامسة فقط لكنه بعد افتتاح الجلسة صار يتكلم ويحاج خصومه كأنه هو بابا الاسكندرية بعينه ...

وبعد نياحة البابا الكسندروس انتخب اثناسيوس خلفا له بناء على وصيته , ومع ان اثناسيوس حاول الافلات من عبئ هذه الوظيفة الا ان الكنيسة لم تجد من يليق لها اكثر منه فبحثوا عنه كثيرا حتى وجدوه فى مكان اختبأ به فأحضروه بفرح شديد ورفعوه الى رتبة البطريركية فى اواخر سنة 326م , وفى شهر بشنس سنة 43ش فى عهد قسطنطين قيصر وكان عمره وقتئذ 28 سنة ووضع عليه الايدى لاول مرة خمسون اسقفا من اساقفة الكراسى المجاورة وقد حاول الاريوسيون ان يمنعوا انتخابه خوفا من مقاومته لهم فلم يفلحوا ....

هذا هو اثناسيوس بطل الارثوذكسية العظيم الذى قيل ان الله انتخبه ليريه كم ينبغى ان يتألم من اجل اسمه ....

فلم يكد يعتلى الكرسى المرقسى حتى تألب الاريوسيون لاسقاطه ...


Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:25 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

*** تاريخ الكرازة المرقسية-القرن الرابع-محاضرة 37 ***


نكمل حديثنا عن القديس اثناسيوس الرسولى ...

هذا هو اثناسيوس بطل الارثوذكسية العظيم الذى قيل ان الله انتخبه ليريه كم ينبغى ان يتألم من اجل اسمه ...

فلم يكد يعتلى الكرس المرقسى حتى تألب الاريوسيون لاسقاطه .. فوشوا به الى الملك قسطنطين الكبير بأن ارتسامه لم يكن قانونيا ولكن كثيرين من الارثوذكسين اثبتوا حقيقة ارتسامه ومنهم القديس """" باخوميوس الناسك المصرى """" الذى حين ارتقا البابا اثناسيوس الى الكرسى رأى رؤيا وفيها قال روح الله :

" انى قد اقمت اثناسيوس عمودا ونورا لكنيستى وستناله شدائد وتلقى عليه تهم كثيرة لاجل مناضلته عن حق الديانة .. الا انه بالقوة الالهية يظفر بكل التجارب ويبشر الكنائس بحق الانجيل "

وقد اخذت بشائر هذه النبوة تظهر حالما استلم هذا الحبر عصا الرعاية .....

فأنه اخذ ينشر كلمة الانجيل داخل وخارج القطر .. وكان اول اثمار ومجهوداته تأسيس كنيسة الحبشة ورسامة فرومتيوس اسقفا عليها سنة 330 م الامر الذى سنفصله فى اعمال ابطال الكنيسة القبطية بقسم مشاهير الكنيسة ...

وقد قام البابا برحلة يتفقد فيها رعاياه وذهب الى اسوان وهناك استقبله الراهبيين باخوميوس وبلامون بالمزامير ...

وقد ابتدأ جهاد هذا البطل بسبب عودة المنازعات بشأن القضية الاريوسية ....

وذلك ان " كونسطاسيا " شقيقة الملك اوصت اخاها وهى على فراش الموت بقس اريوسى اعتنت به دائما لانه كان ابا اعترافها , فلما فاز هذا الكاهن الاريوسى برضاء الملك اخذ يقنعه بمساعدة اوسابيوس اسقف قيصرية ببراءة اريوس وانه نفى ظلما ...

فجازت المكيدة على قسطنطين واستدعى اريوس من منفاه وقدم للملك صورة ايمان ملتوى حسب الظاهر ارثوذكسية , فرضى قسطنطين بقبوله وارسله الى اساقفة اورشليم فقبلوه فى شركتهم اكراما لخاطر الملك , ثم عفى الملك عن كل الاريوسيين ..

ثم اجتمع اسقف نيكوميديا واسقف نيقية الاريوسيين وعقدوا اجتماع بعزل بعض الاساقفة الارثوذكسيين بحجة انهم من اتباع سابليوس وارسلوا توصية الملك بأن ايمان اريوس ارثوذكسى الى البابا اثناسيوس لكى يقبل اريوس فى شركة الكنيسة ...

فلما وصل المكتوب الى البابا الاسكندرى رفض رفضا باتا واعتبر الملك واساقفة نيكوميديا ونيقية مخالفين لقوانين الكنيسة ....

ثم طرد البابا اثناسيوس اريوس من الاسكندرية فرجع الى الملك بخيبة امل , ثم ارسل البابا اثناسيوس رسالة الى الملك قسطنطين قال فيها :

" انه لا يمكنه ان يقبل فى كنيسته رؤوس الهراطقة المحرومين من المجمع النيقاوى وان الكنيسة عموما لا تقبل فى شركتها اناسا ينكرون الوهية يسوع المسيح " ...

فتوهم الملك انه يفعل ذلك لاختلاف شخصى بينه وبين اريوس .. وكان الاريوسيون يسعون سعيا ليلطخوا صيت البابا عند الملك .. فأشاعوا بأن اثناسيوس وضع على مدينة مصر ضريبة جديدة لربح كنيسته ولعمل حلل بيضاء من الكتان " توانى " للآكليروس ...

ولكن عناية الله سخرت له كاهنين كانا عند الملك وهما """ اليبيوس ومكاريوس """ فبرأه من هذه التهمة ....

ثم حضر بعض من حزب ميليتس من الاسكندرية ووشت بالبطريرك ايضا بأنه ارسل مبلغا وافيرا من المال الى فليومنوس عدو المملكة والذى كان عازما ان يملك على مصر واقاموا ثلاثة شهود ادعو ذلك ...

ومن دعاوى الاريوسيين عليه ايضا انه كسر كأسا مكرسة وهدم كنيسة ...

فلآجل ذلك امر الملك بأن يحضر البطريرك اثناسيوس ويبرئ نفسه من التهم.. فحضر البابا وكذب كل هذه الاشاعات , فرده الملك الى كنيسته ومدحه فى رسالة وقال عنه انه رجل متنور من الله وان الكنيسة فى احتياج اليه لانه عالى الهمة ومحب للسلام ...

ولم يكتفى الاريوسين بذلك ولم يتركوا البابا وتم اتهامه بعدة اتهامات وعقد مجمع لمحاسبته لفحص التهم الموجهه اليه واضطر القديس اثناسيوس ان يحضر هذا المجمع بأمر من الملك واخذ معه 48 اسقفا من اساقفته وانعقد المجمع فى سنة 334م وكان اعضاء هذا المجمع اكثرهم من الاريوسيين واناب عن الملك يونيسوس من كبار الموظفين ...

فجاء القديس اثناسيوس الى المجمع ولكنه لم يجد كرسيا له ويجب عليه الوقوف , فلما رأى القديس بوتامون اسقف هراقيا بأن البابا اثناسيوس واقفا كمتهم نهض من كرسيه وبعين تذرف الدموع قال لآوسابيوس القيصرى :

" من يحتمل ان تكون انت جالسا على كرسى التقدم واثناسيوس يقف كرجل مذنب .. الا تذكر اننى القيت واياك فى السجن فى زمن اضطهاد الوثنين وانى من اجل الايمان عدمت عينى اليمنى وانت خرجت سالما من السجن ... فكيف امكنك الخروج سالما "..

ثم تبعه القديس " بفنوتيوس " واخذ معه القديس مكسيموس اسقف اورشليم وخرجا من المجمع والدموع فى عيونهم ...

فلم يهتم الاريوسيون بذلك بل شرعوا يعددون ما اخترعوه من التهم الفاسدة ضد القديس اثناسيوس ...

اما التهم التى وجهت الى اثناسيوس فهى :

+ انه اقترف الفسق مع بتول راهبة وادخلوا امرأة زانية ادعت فى مجمعهم بأن اثناسيوس اغتصبها وسلبها بكارتها ....

فنهض تيموثاوس قس الاسكندرية موهما اياها بأنه هو اثناسيوس اذ لم تكن تعرفه وقال لها :

" انا ايتها المرأة الذى زنيت بك كرها " ...

فأجابته ... نعم انت يا اثناسيوس اغويتنى وافقدتنى عفتى التى نذرتها للرب ... ثم اجهشت فى البكاء ....

الامر الذى اضحك الارثوذكسيين واخجل الاريوسيين ...

+ ثم ادعوا على اثناسيوس بأنه ساحر وانه دس السم لشخص اسمه ارسانيوس اسقف هبسيل " شطب " وقام اثناسيوس بقطع ذراع هذا الاسقف بعد موته واستخدامها فى السحر ...

فأرسل اثناسيوس شماسا لكى يبحث عن ارسانيوس لانه يعلم انه مختفى فى الصعيد .. واما ارسانيوس هذا فقدم توبة حقيقية وترك الاريوسيين وتم تخبئته لحين حضوره الى المجمع لتبرئة القديس اثناسيوس ...

وفى اليوم التالى اخذو يحتجون بشدة على البطريرك لانه قتل ارسانيوس واخذوا يرفعون اليد المبتورة ويشتكون على اثناسيوس ... فقوقف القديس فى الوسط وقال ...

هل يوجد فيكم من يعرف ارسانيوس .. اجابوا انهم يعرفونه ... وكان ارسانيوس مختفى فى وسط المجمع .. قفام ارسانيوس فى الوسط ثم نزع البابا اثناسيوس رداء ارسانيوس عنه واظهر يديه صحيحتين ثم قال ... لمن هذه اليد الثالثة المقطوعة ؟؟؟؟ فخجلوا الاريوسيين وهرب الذى دبر هذه المكيدة واسمه يوحنا وقالوا هذا دليل على قوة سحر اثناسيوس وحاولوا قتل اثناسيوس الرسولى وكادوا يفتكون به لولا الامير ديونيسيوس خلصه من ايديهم وانقذ حياته ...

واما التهمة الاخرى التى اتهموا بها اثناسيوس ظلما .. اتهمامه بهتك حرمة الاسرار المقدسة وهدم كنيسة اسخيراس الهرطقى وحرق الكتب وتحطيم كأسا مكرسة .. .

وطالب الاريوسيين بتجريد البابا اثناسيوس من رتبته الكهنوتية وعزله عن الكرسى المرقسى ... وقام الاريوسيين بتدشين كنيسة كان اقامها القيصر قسطنطين فى اورشليم سنى 335م ..

وكان القس مكاريوس تلميذ اثناسيوس قد طرح فى السجن للآتهامه بهدم كنيسة اسخيراس الهرطقى , فأقام البابا اثناسيوس برفع دعواه الى الملك واخذ معه خمسة من اساقفته الى القسطنطنية الا ان الاريوسيين اقنعوا الملك بأن اريوس على ايمان مجمع نيقية ولان قوسطنس ابن الملك كان اريوسيا تقوى ذلك الحزب ونال حظوة عند الملك ولم يستطع البابا اثناسيوس ان يخاطب الملك لان اشراف الدولة لم يسمحوا له بذلك اكراما لخاطر قوسطنس ابن الملك ...

وحدث ذات يوم ان الملك قسطنطين كان خارجا للنزهة فى موكب حافل فأوقفه شخص غير معروف ووضع يده على زمام جواده طالبا منه الانصاف فلم يعرفه قسطنطين فى بادئ الامر ولكن الرجال الملتقين حوله اخبروه بأنه اثناسيوس ...

فغضب قسطنطين واطلق لجواده العنان ودفعت الجنود اثناسيوس لكى لا يقترب من الملك , فحينئذ هتف اثناسيوس قائلا :

" ايها الملك اسأل جلالتكم شيئا واحدا وهو ان تحضر خصومى الذين حكموا على وتسمح بأن اتناقش معهم امامك "

فرفض الملك اول الامر ولكنه ارسل الى هؤلاء الاساقفة المحتجين على اثناسيوس فكانوا خائفين من الوقوف امام القديس وتم عمل مجمع وتم ابطال جميع التهم المنسوبة الى البابا اثناسيوس ولكنهم اخترعوا تهمة جديدة ... وهى ان اثناسيوس عزم على ان يمنع المراكب التى كانت تأتى الى مصر الى القسطنطينية حاملة ضريبة الحنطة ...

وكان الملك حين سمع ذلك غضب على اثناسيوس وحاول اثناسيوس انكار هذه التهمة عنه الا ان الملك رفض ان يسمع منه وحكم بنفيه الى مدينة تريف " تقع فى الجنوب الغربى من فرنسا " فقال اثناسيوس للملك بشجاعة ...

" ان الله سيقوم ديانا بينى وبينك انت الذى قبلت شكوى اعدائى وصدقتها " ...

ثم انطلق البطريرك الى منفاه مع بعض اساقفة ارثوذكسيين فوصل اليها فى 5 فبراير سنة 335م حيث قوبل فيها بأجلال عظيم من مكسيمينوس اسقف تلك المدينة وقسطنطين الصغير قائد جنود المملكة فى الغرب ...

اما ماذا فعل الاريوسيون بعد ذلك مع اثناسيوس ... فهذا ما سوف نتكلم عنه فى المحاضرة القادمة ...

اتمنى ان تستمتعوا معى بقراءة هذه المحاضرة الجميلة ومعرفة اشياء كثيرة عن هذا القديس العظيم القديس اثناسيوس الرسولى ...

والكلام عن هذا القديس سوف يطول لمحاضرات كثيرة ..

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:25 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 

*** تاريخ الكرازة المرقسية-القرن الرابع-محاضرة 37 ***


نكمل حديثنا عن القديس اثناسيوس الرسولى ...

هذا هو اثناسيوس بطل الارثوذكسية العظيم الذى قيل ان الله انتخبه ليريه كم ينبغى ان يتألم من اجل اسمه ...

فلم يكد يعتلى الكرس المرقسى حتى تألب الاريوسيون لاسقاطه .. فوشوا به الى الملك قسطنطين الكبير بأن ارتسامه لم يكن قانونيا ولكن كثيرين من الارثوذكسين اثبتوا حقيقة ارتسامه ومنهم القديس """" باخوميوس الناسك المصرى """" الذى حين ارتقا البابا اثناسيوس الى الكرسى رأى رؤيا وفيها قال روح الله :

" انى قد اقمت اثناسيوس عمودا ونورا لكنيستى وستناله شدائد وتلقى عليه تهم كثيرة لاجل مناضلته عن حق الديانة .. الا انه بالقوة الالهية يظفر بكل التجارب ويبشر الكنائس بحق الانجيل "

وقد اخذت بشائر هذه النبوة تظهر حالما استلم هذا الحبر عصا الرعاية .....

فأنه اخذ ينشر كلمة الانجيل داخل وخارج القطر .. وكان اول اثمار ومجهوداته تأسيس كنيسة الحبشة ورسامة فرومتيوس اسقفا عليها سنة 330 م الامر الذى سنفصله فى اعمال ابطال الكنيسة القبطية بقسم مشاهير الكنيسة ...

وقد قام البابا برحلة يتفقد فيها رعاياه وذهب الى اسوان وهناك استقبله الراهبيين باخوميوس وبلامون بالمزامير ...

وقد ابتدأ جهاد هذا البطل بسبب عودة المنازعات بشأن القضية الاريوسية ....

وذلك ان " كونسطاسيا " شقيقة الملك اوصت اخاها وهى على فراش الموت بقس اريوسى اعتنت به دائما لانه كان ابا اعترافها , فلما فاز هذا الكاهن الاريوسى برضاء الملك اخذ يقنعه بمساعدة اوسابيوس اسقف قيصرية ببراءة اريوس وانه نفى ظلما ...

فجازت المكيدة على قسطنطين واستدعى اريوس من منفاه وقدم للملك صورة ايمان ملتوى حسب الظاهر ارثوذكسية , فرضى قسطنطين بقبوله وارسله الى اساقفة اورشليم فقبلوه فى شركتهم اكراما لخاطر الملك , ثم عفى الملك عن كل الاريوسيين ..

ثم اجتمع اسقف نيكوميديا واسقف نيقية الاريوسيين وعقدوا اجتماع بعزل بعض الاساقفة الارثوذكسيين بحجة انهم من اتباع سابليوس وارسلوا توصية الملك بأن ايمان اريوس ارثوذكسى الى البابا اثناسيوس لكى يقبل اريوس فى شركة الكنيسة ...

فلما وصل المكتوب الى البابا الاسكندرى رفض رفضا باتا واعتبر الملك واساقفة نيكوميديا ونيقية مخالفين لقوانين الكنيسة ....

ثم طرد البابا اثناسيوس اريوس من الاسكندرية فرجع الى الملك بخيبة امل , ثم ارسل البابا اثناسيوس رسالة الى الملك قسطنطين قال فيها :

" انه لا يمكنه ان يقبل فى كنيسته رؤوس الهراطقة المحرومين من المجمع النيقاوى وان الكنيسة عموما لا تقبل فى شركتها اناسا ينكرون الوهية يسوع المسيح " ...

فتوهم الملك انه يفعل ذلك لاختلاف شخصى بينه وبين اريوس .. وكان الاريوسيون يسعون سعيا ليلطخوا صيت البابا عند الملك .. فأشاعوا بأن اثناسيوس وضع على مدينة مصر ضريبة جديدة لربح كنيسته ولعمل حلل بيضاء من الكتان " توانى " للآكليروس ...

ولكن عناية الله سخرت له كاهنين كانا عند الملك وهما """ اليبيوس ومكاريوس """ فبرأه من هذه التهمة ....

ثم حضر بعض من حزب ميليتس من الاسكندرية ووشت بالبطريرك ايضا بأنه ارسل مبلغا وافيرا من المال الى فليومنوس عدو المملكة والذى كان عازما ان يملك على مصر واقاموا ثلاثة شهود ادعو ذلك ...

ومن دعاوى الاريوسيين عليه ايضا انه كسر كأسا مكرسة وهدم كنيسة ...

فلآجل ذلك امر الملك بأن يحضر البطريرك اثناسيوس ويبرئ نفسه من التهم.. فحضر البابا وكذب كل هذه الاشاعات , فرده الملك الى كنيسته ومدحه فى رسالة وقال عنه انه رجل متنور من الله وان الكنيسة فى احتياج اليه لانه عالى الهمة ومحب للسلام ...

ولم يكتفى الاريوسين بذلك ولم يتركوا البابا وتم اتهامه بعدة اتهامات وعقد مجمع لمحاسبته لفحص التهم الموجهه اليه واضطر القديس اثناسيوس ان يحضر هذا المجمع بأمر من الملك واخذ معه 48 اسقفا من اساقفته وانعقد المجمع فى سنة 334م وكان اعضاء هذا المجمع اكثرهم من الاريوسيين واناب عن الملك يونيسوس من كبار الموظفين ...

فجاء القديس اثناسيوس الى المجمع ولكنه لم يجد كرسيا له ويجب عليه الوقوف , فلما رأى القديس بوتامون اسقف هراقيا بأن البابا اثناسيوس واقفا كمتهم نهض من كرسيه وبعين تذرف الدموع قال لآوسابيوس القيصرى :

" من يحتمل ان تكون انت جالسا على كرسى التقدم واثناسيوس يقف كرجل مذنب .. الا تذكر اننى القيت واياك فى السجن فى زمن اضطهاد الوثنين وانى من اجل الايمان عدمت عينى اليمنى وانت خرجت سالما من السجن ... فكيف امكنك الخروج سالما "..

ثم تبعه القديس " بفنوتيوس " واخذ معه القديس مكسيموس اسقف اورشليم وخرجا من المجمع والدموع فى عيونهم ...

فلم يهتم الاريوسيون بذلك بل شرعوا يعددون ما اخترعوه من التهم الفاسدة ضد القديس اثناسيوس ...

اما التهم التى وجهت الى اثناسيوس فهى :

+ انه اقترف الفسق مع بتول راهبة وادخلوا امرأة زانية ادعت فى مجمعهم بأن اثناسيوس اغتصبها وسلبها بكارتها ....

فنهض تيموثاوس قس الاسكندرية موهما اياها بأنه هو اثناسيوس اذ لم تكن تعرفه وقال لها :

" انا ايتها المرأة الذى زنيت بك كرها " ...

فأجابته ... نعم انت يا اثناسيوس اغويتنى وافقدتنى عفتى التى نذرتها للرب ... ثم اجهشت فى البكاء ....

الامر الذى اضحك الارثوذكسيين واخجل الاريوسيين ...

+ ثم ادعوا على اثناسيوس بأنه ساحر وانه دس السم لشخص اسمه ارسانيوس اسقف هبسيل " شطب " وقام اثناسيوس بقطع ذراع هذا الاسقف بعد موته واستخدامها فى السحر ...

فأرسل اثناسيوس شماسا لكى يبحث عن ارسانيوس لانه يعلم انه مختفى فى الصعيد .. واما ارسانيوس هذا فقدم توبة حقيقية وترك الاريوسيين وتم تخبئته لحين حضوره الى المجمع لتبرئة القديس اثناسيوس ...

وفى اليوم التالى اخذو يحتجون بشدة على البطريرك لانه قتل ارسانيوس واخذوا يرفعون اليد المبتورة ويشتكون على اثناسيوس ... فقوقف القديس فى الوسط وقال ...

هل يوجد فيكم من يعرف ارسانيوس .. اجابوا انهم يعرفونه ... وكان ارسانيوس مختفى فى وسط المجمع .. قفام ارسانيوس فى الوسط ثم نزع البابا اثناسيوس رداء ارسانيوس عنه واظهر يديه صحيحتين ثم قال ... لمن هذه اليد الثالثة المقطوعة ؟؟؟؟ فخجلوا الاريوسيين وهرب الذى دبر هذه المكيدة واسمه يوحنا وقالوا هذا دليل على قوة سحر اثناسيوس وحاولوا قتل اثناسيوس الرسولى وكادوا يفتكون به لولا الامير ديونيسيوس خلصه من ايديهم وانقذ حياته ...

واما التهمة الاخرى التى اتهموا بها اثناسيوس ظلما .. اتهمامه بهتك حرمة الاسرار المقدسة وهدم كنيسة اسخيراس الهرطقى وحرق الكتب وتحطيم كأسا مكرسة .. .

وطالب الاريوسيين بتجريد البابا اثناسيوس من رتبته الكهنوتية وعزله عن الكرسى المرقسى ... وقام الاريوسيين بتدشين كنيسة كان اقامها القيصر قسطنطين فى اورشليم سنى 335م ..

وكان القس مكاريوس تلميذ اثناسيوس قد طرح فى السجن للآتهامه بهدم كنيسة اسخيراس الهرطقى , فأقام البابا اثناسيوس برفع دعواه الى الملك واخذ معه خمسة من اساقفته الى القسطنطنية الا ان الاريوسيين اقنعوا الملك بأن اريوس على ايمان مجمع نيقية ولان قوسطنس ابن الملك كان اريوسيا تقوى ذلك الحزب ونال حظوة عند الملك ولم يستطع البابا اثناسيوس ان يخاطب الملك لان اشراف الدولة لم يسمحوا له بذلك اكراما لخاطر قوسطنس ابن الملك ...

وحدث ذات يوم ان الملك قسطنطين كان خارجا للنزهة فى موكب حافل فأوقفه شخص غير معروف ووضع يده على زمام جواده طالبا منه الانصاف فلم يعرفه قسطنطين فى بادئ الامر ولكن الرجال الملتقين حوله اخبروه بأنه اثناسيوس ...

فغضب قسطنطين واطلق لجواده العنان ودفعت الجنود اثناسيوس لكى لا يقترب من الملك , فحينئذ هتف اثناسيوس قائلا :

" ايها الملك اسأل جلالتكم شيئا واحدا وهو ان تحضر خصومى الذين حكموا على وتسمح بأن اتناقش معهم امامك "

فرفض الملك اول الامر ولكنه ارسل الى هؤلاء الاساقفة المحتجين على اثناسيوس فكانوا خائفين من الوقوف امام القديس وتم عمل مجمع وتم ابطال جميع التهم المنسوبة الى البابا اثناسيوس ولكنهم اخترعوا تهمة جديدة ... وهى ان اثناسيوس عزم على ان يمنع المراكب التى كانت تأتى الى مصر الى القسطنطينية حاملة ضريبة الحنطة ...

وكان الملك حين سمع ذلك غضب على اثناسيوس وحاول اثناسيوس انكار هذه التهمة عنه الا ان الملك رفض ان يسمع منه وحكم بنفيه الى مدينة تريف " تقع فى الجنوب الغربى من فرنسا " فقال اثناسيوس للملك بشجاعة ...

" ان الله سيقوم ديانا بينى وبينك انت الذى قبلت شكوى اعدائى وصدقتها " ...

ثم انطلق البطريرك الى منفاه مع بعض اساقفة ارثوذكسيين فوصل اليها فى 5 فبراير سنة 335م حيث قوبل فيها بأجلال عظيم من مكسيمينوس اسقف تلك المدينة وقسطنطين الصغير قائد جنود المملكة فى الغرب ...

اما ماذا فعل الاريوسيون بعد ذلك مع اثناسيوس ... فهذا ما سوف نتكلم عنه فى المحاضرة القادمة ...

اتمنى ان تستمتعوا معى بقراءة هذه المحاضرة الجميلة ومعرفة اشياء كثيرة عن هذا القديس العظيم القديس اثناسيوس الرسولى ...

والكلام عن هذا القديس سوف يطول لمحاضرات كثيرة ..

Marina Greiss 03 - 10 - 2012 11:25 AM

رد: دراسة تاريخ الكرازة المرقسية
 
*** تاريخ الكنيسة القبطية - القرن الرابع ***
المحاضرة 38




ونكمل الحديث عن القديس اثناسيوس الرسولى :




ثم انطلق البطريرك الى منفاه مع بعض اساقفة ارثوذكسيين فوصل اليها فى 5 فبراير سنة 335م حيث قوبل فيها بأجلال عظيم من مكسيمينوس اسقف تلك المدينة وقسطنطين الصغير قائد جنود المملكة فى الغرب ...


اما ماذا فعل الاريوسيون بعد ذلك مع اثناسيوس ... فهذا ما سوف نتكلم عنه الان



فسر الآريوسيون بذلك وطلبوا من الملك ان يعيد اريوس الى مقامه بالاسكندرية . ولكنه ماكاد يصل اليها حتى قامت قيامة مستقيمى الرأى وقفلوا ابواب الكنائس فى وجهه فخشى الوالى حدوث شغب وامره بالخروج من البلاد المصرية فغادرها الى القسطنطينية حيث لقى حتفه كما سيأتى ذكره ...

اما الكنيسة المصرية فقد لبست شعار الحزن على ابعاد رئيسها الامين ولذلك كتب الارثوذكسيون فى مصر الى القديس انطونيوس كوكب البرية ليتوسط لدى الملك فى ارجاع بطريركهم فحرر له رسالة لم تأت بفائدة بل رد عليه الملك جوابا شديدا قال فيه عن البطريرك الاسكندرى انه رجل جسور ومتكبر وغشاش ...

غير انه بعد موت اريوس صمم قسطنطين على اعادة القديس اثناسيوس الى كرسيه فلم يمهله الاجل وبعد موته استولى ابنه قسنطس الاريوسى على الشرق وقسطنطين الثانى الآرثوذكسى على الغرب ...


وقيل ان قسطنطين الكبير اوصى قبل موته بالبابا اثناسيوس فطلبه ابنه قسطنطين مستقيم الايمان من منفاه هو وجميع الاساقفة الارثوذكسيين وطيب خاطره وارجعه الى مركزه مع رسالة كان يمدحه فيها جدا ويقول له "

ان اباه المعظم ارسله الى تريف لكى ينقذه من ايدى اعدائه " وكان قدوم البطريرك الى مدينة الاسكندرية فى شهر نوفمبر سنة سنة 378م بعد ان ابعد عنها مدة 46 شهرا فقوبل بأحتفال حافل ابدى فيه الشعب المصرى من السرور والشكر مالايوصف ..


ولم يجسر قسطنس الآيوسى ان يضاد اخاه بل صبر قليلا حتى يجد فرصة مناسبة لقضاء مأربه ... ولا ريب ان نبأ رجوع بطريرك الاسكندرية اليها وقع وقعا سيئا فى نفوس الاريوسيين الذين كانوا قد تقووا وعظمت شوكتهم فعملوا ثانية على الايقاع بعدوهم اثناسيوس مستندين على مساعدة قسطنس الملك الاريوسى الذى عين اوسابيوس اسقف نيكوميديا بطريركا على القسطنطينية رغما عن عدم رضاء الشعب ...


اما ماذا فعل الاريوسيون ازاء ذلك فهذا ما سوف نتحدث عنه فى المحاضرة القادمة ...

مكتوب من كتاب تاريخ الكنيسة القبطية
للقس يوحنا منسى
راعى الكنيسة القبطية الارثوذكسية بملوى سابقا


الساعة الآن 06:14 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025