![]() |
كتاب عندي سؤال
كتاب عندي سؤال
- القس بيشوي فايق . وهذه السلسلة (سلسلة "عندي سؤال") يتم تدريسها في معهد الرعاية والتربية باسم مادة "التأهيل الكتابي لمجابهة الإلحاد". |
رد: كتاب عندي سؤال
السؤال الأول
لماذا يلوم المسيح من لطمه وتفل عليه؟ هل اغتاظ أو غضب منه؟ الإجابة: كان الرب يود ألا يفعل هذا العبد ما فعل، ليس لأنه كان رافضًا للألم، بل لأنه كان يعلم بشاعة ونتيجة الظلم بالنسبة للظالم: · هذا العبد فعل ما فعله بدون مبرر ودون أن يدري خطورة ذلك مجاملةً لرؤسائه، فلم يطلب منه أحد أن يلطم الرب، ولو كان قد أمره رئيس الكهنة بضرب الرب فمن الجائز ألا يوجه له الرب لومًا فهو ينفذ أمرًا صادرًا إليه، أما أن يجامل بجهل دون أن يتحقق، ويأخذ قرارًا بضرب الرب كما لو كان الرب مذنبًا، فهو سيُدان حتمًا لأنه مرضاةً لرؤسائه ظلم البار الذي لم يفعل شيئًا يستحق عليه ذلك، ومن يرضي الناس على حساب الله لن يكون عبدًا لله كقول الكتاب: "أَفَأَسْتَعْطِفُ الآنَ النَّاسَ أَمِ اللهَ؟ أَمْ أَطْلُبُ أَنْ أُرْضِيَ النَّاسَ؟ فَلَوْ كُنْتُ بَعْدُ أُرْضِي النَّاسَ، لَمْ أَكُنْ عَبْدًا لِلْمَسِيحِ" (غل10:1). · أشفق الرب عليه وأراد أن يعمل معه ما هو حَسِنٌ ولهذا أظهر الرب له خطأ فعله بحسب قول الكتاب المقدس: "فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ" (يع 4: 17). · إذًا لم يكن الرب يرفض حمل الصليب (الإهانة والتعيير والعار) من أجل خلاصنا، ولم يقاوم شر هذا الرجل بشر كما علّمنا، لكنه كان ينصح ويُعلّم حتى في أصعب لحظات حياته، لقد اهتم بهذه النفس كما اهتم بنفس اللص اليمين... وبالإجمال اهتم بالجميع حتى آخر نفس أو حتى قال "قد أكمل". |
رد: كتاب عندي سؤال
2- هل يحتاج الله أن يتجسد من مريم العذراء وهو الخالق (خالق الناسوت)؟ السؤال الثاني هل يحتاج الله أن يتجسد من مريم العذراء وهو الخالق (خالق الناسوت)؟ الإجابة: أخذ الرب ناسوته من العذراء لكي يكون ابنًا للعذراء وبالتالي يكون أجداده هم أجداد العذراء أي ابن... و... و... وداود... وإبراهيم... وآدم وبذلك يكون ممثلًا للجنس البشري، فيمكنه أن يموت نيابة عن كل الجنس البشري بأكمله، أما إن لم يأخذ جسدًا من العذراء فحينئذً لن يكون ابنًا لآدم الذي أخطأ، وسيظل أبونا آدم وجميع نسله تحت حكم الموت، وفي هذه الحالة إما أن يتم فيهم حكم الموت، أو يأتي منهم إنسان غير محدود في فدائه ليفدي كل الجنس البشري من آدم وإلى آخر الدهور، وبالفعل تحقق هذا في الرب يسوع المسيح، الذي هو ابن الإنسان أي ممثلًا له يحمل كل صفاته، وهو في ذات الوقت ابن الله الذي له الطبيعة الإلهية غير المحدودة، وبهذا تكون قيمة دمه وفدائه غير محدودة. |
رد: كتاب عندي سؤال
3- هل يقبل الله التحدي؟ لو افترضنا جدلًا أن الرب يسوع المسيح قبل تحدي إبليس له، وحوَّل الحجارة إلى خبز فوق جبل التجربة، ألم يكن ذلك أفضل؟ فكم مِن الناس ستؤمن بألوهيته؟
السؤال الثالث هل يقبل الله التحدي؟ لو افترضنا جدلًا أن الرب يسوع المسيح قبل تحدي إبليس له، وحول الحجارة إلى خبز فوق جبل التجربة، ألم يكن ذلك أفضل؟ فكم من الناس ستؤمن بألوهيته؟ الإجابة: وقا 4: 1-14) - صورة (2) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا · أنه نزول لدون المستوى العالي وغير المحدود والمتناهي لله أن يقبل تحديًا مثل هذا. ثانيًا: إن قبول ملك عظيم لتحدٍّ مثل هذا يعبر عن عدم ثقته في نفسه، ويكون مثل هذا الشرير قد أزعج ذلك العظيم حتى قبل تحديه، فهل بعد قبوله للتحدي سيدعى عظيمًا؟! أشك في ذلك. وبالطبع حاشا لله من مثل هذا. ثالثًا: إن قبل الملك تحديًا من شرير يسأل بشرٍّ وبمكر، هل سيقتنع ذلك الشرير؟! أم لشره سيبحث عن تحدٍّ ثانٍ لأنه شرير، وهدفه ليس البحث عن الحقيقة؛ بل سيظل في عدم اقتناع وبحث عن وسيلة ليثبت العكس لأنه شرير. رابعًا: هل المعجزات هي الوسيلة المُثلى للإيمان؟ إن كان كذلك فلماذا لم يؤمن اليهود عندما رأوا الرب يقيم لعازر بعد أربعة أيام من موته؟ ولماذا لم يؤمنوا به عندما خلق عينين للأعمى منذ ولادته، ولماذا لم يؤمنوا عندما..؟! ولماذا لم يؤمنوا..؟! · في معجزة تجلي القديسة العذراء بالزيتون سنة 1968 م. رآها المسيحيون وغير المسيحيين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.. الملايين من البشر مصريين وأجانب.. وسجلتها عدسات المصورين ومازالت صفحات الجرائد تحتفظ بتفاصيل هذا التجلي العظيم، وأيضًا كُتِبَ عنها الكثير من الكتب بلغات كثيرة، ولكن هل آمن الناس وتغيرت حياتهم؟! · إن عدم إيمان الناس ليس بسبب نقص المعجزات التي صنعها الرب يسوع؛ بل بسبب شرهم وعماهم الداخلي أي جهاز الاستقبال الذي يستقبلون به هذه الآيات.. أي قلبهم الشرير، وقد سجل الكتاب المقدس ذلك قائلًا: "وَمَعَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ أَمَامَهُمْ آيَاتٍ هذَا عَدَدُهَا، لَمْ يُؤْمِنُوا بِه" (يو37:12). |
رد: كتاب عندي سؤال
4- هل يعلم الابن (الرب يسوع المسيح) باليوم والساعة؟
السؤال الرابع هل يعلم الابن (الرب يسوع المسيح) باليوم والساعة؟ الإجابة: مَنْ ينكرون لاهوت ربنا يسوع المسيح يشككون في معرفته باليوم والساعة، ويستغلون الآية التالية للتشكيك في لاهوت ربنا يسوع المسيح. "وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ." (مر13: 32). ولذلك لا بُد أن نؤكد أولًا أن إيماننا بلاهوت الرب هو أساس وصخرة إيماننا المسيحي، وهو أمر مسلّم به لنا مهما شكّك الجاحدون، وهذا أيضًا واضح من خلال الكتاب المقدس بعهديه، ولكننا نكتفي بشهادتين فقط من بين نصوص الكتاب المقدس الكثيرة فهذا هو قول الكتاب: "فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا. وَأَنْتُمْ مَمْلُوؤُونَ فِيهِ، الَّذِي هُوَ رَأْسُ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ" (كو2: 9 -10)، وأيضًا: "فَمِنْ أَجْلِ هذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ، بَلْ قَالَ أَيْضًا إِنَّ اللهَ أَبُوهُ، مُعَادِلًا نَفْسَهُ بِاللهِ" (يو18:5)... والكتاب يحتوي الكثير من هذه الشهادات ولكننا لا نريد أن نخرج عن مضمون السؤال، أما بالنسبة لمعرفة الابن للساعة فنضع أمام السائل العزيز النقاط التالية: أولًا: إن كان الرب يسوع هو الله الظاهر في الجسد وهو الديان الذي سيأتي ليدين الأحياء والأموات، وهو يعرف الأحداث بتفاصيلها، إذًا من المنطقي أنه يعرف بالتأكيد اليوم والساعة... وإن كان الرب قد أعلن لإبراهيم عمَّا كان مزمعًا أن يفعله بسدوم وعمورة كقول الكتاب: "فَقَالَ الرَّبُّ: «هَلْ أُخْفِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَا أَنَا فَاعِلُهُ، وَإِبْرَاهِيمُ يَكُونُ أُمَّةً كَبِيرَةً وَقَوِيَّةً، وَيَتَبَارَكُ بِهِ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ؟" (تك 18 : 17 - 18). وبالفعل لم يخفِ الله عن إبراهيم ما فعله بسدوم وعمورة بسبب محبته له، فما بالنا الابن الذي هو في حضن أبيه وهو واحد معه، وأيضًا بهاء مجده ورسم جوهره. فهل يخفي عنه الآب سر مجيئه الثاني وهو الذي سيأتي للدينونة؟! ثانيًا: أكد الرب في نفس السياق في (مر13) وأيضًا في (مت24) أن يوم مجيئه الثاني مخفيٌّ عن معرفة البشر، وأن مجيئه سيكون فجأة وذلك كلص يأتي في نصف الليل -دون سابق معرفة- لمن سيسرقه لكي نستعد ونسهر... إذًا: كانت هناك استحالة أن يكشف الرب عن ميعاد مجيئه الثاني، وهذه إرادة الآب وبالطبع أيضًا إرادة الابن الذي هو متحد مع أبيه في الإرادة والمشيئة. ثالثًا: يتضح من سياق الحديث عن اليوم والساعة أن الرب كان يكلم تلاميذه القديسين المؤمنين بلاهوته والمتأكدين أنه كإله يعرف اليوم والساعة بدليل قولهم له: قُل لنا متى يكون هذا وما هي علامة مجيئك، فهم على ثقة أنه الله الذي سيأتي ليدين الكل لذلك فهم يسألونه عن مجيئه، ولا ننسى أن بطرس شهد بلاهوت الابن من قبل عندما قال له: "أنت المسيح ابن الله" وقد قبل الرب هذا الاعتراف بل مدحه في وقتها. مما سبق من أولًا وثانيًا وثالثًا نستنتج أن الرب يسوع المسيح هو الله الذي يعرف تمام المعرفة اليوم والساعة، وأن تلاميذه يؤمنون أنه الله العارف بكل الأمور ولذلك يسألونه عن الأحداث المقبلة، وأيضًا أن الرب لم يكن يريد أن يجيبهم، لأنه يريد أن نسهر ونستعد لذلك اليوم الذي يأتي فجأة، ولكن بقي أن نجيب عن معنى عبارة لا يعلم اليوم ولا الساعة.. ولا الابن إلا الآب. الرب يسوع قصد بعبارة (... إلا الآب) أن يعبر عن وحدة إرادته واتفاقه مع أبيه، وأيضًا خضوع وطاعة ابن الإنسان (الرب يسوع المسيح) لأبيه، فيكون المعنى استحالة إعلان موعد اليوم والساعة -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- ويظهر هذا من قول الرب يسوع في سفر أعمال الرسل: "فَقَالَ لَهُمْ: لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ" (أع7:1)... فكيف يعلن الرب يسوع ما في سلطان الآب أي ما قرر الآب عدم إعلانه ، وإخفائه، وهذا معنى قوله "إلا الآب". خامسًا: استعملت كلمة لا أعرف في الكتاب المقدس بمعنى آخر غير معناها الحرفي وهذه أمثلة على ذلك: عندما يقول الله للأشرار في اليوم الأخير "لا أعرفكم" فهو لا يجهل مَن هم، لأنه الخالق وهم يعرفون أنه الخالق الذي يعرف كل شيء عنهم، ولكنه يعبر عن عدم اعترافه بهم كابناء. · مرة أخرى يخبرنا سفر الأعمال قول معلمنا بولس الرسول عندما أمر رئيس الكهنة أحد عبيده أن يلطمه قائلًا: "حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ بُولُسُ: «سَيَضْرِبُكَ اللهُ أَيُّهَا الْحَائِطُ الْمُبَيَّضُ! أَفَأَنْتَ جَالِسٌ تَحْكُمُ عَلَيَّ حَسَبَ النَّامُوسِ، وَأَنْتَ تَأْمُرُ بِضَرْبِي مُخَالِفًا لِلنَّامُوسِ؟»، فَقَالَ الْوَاقِفُونَ: «أَتَشْتِمُ رَئِيسَ كَهَنَةِ اللهِ؟» فَقَالَ بُولُسُ: «لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنَّهُ رَئِيسُ كَهَنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: رَئِيسُ شَعْبِكَ لاَ تَقُلْ فِيهِ سُوءًا» (أع23: 3 - 5)، وبالطبع معلمنا بولس الرسول كان يعلم أمام من يحاكم بدليل قوله له: "أَفَأَنْتَ جَالِسٌ تَحْكُمُ عَلَيَّ حَسَبَ النَّامُوسِ"، وبالطبع أيضًا كانت ملابسه الخاصة بالكهنوت تدل على شخصيته كرئيس كهنة، لكنه أراد أن يعلن استحالة أن يكون هذا رئيس كهنة من الله، واستحالة اعتراف معلمنا بولس الرسول به كرئيس كهنة من قبل الله. وبالتأكيد كان جميع الحاضرين متأكدين من معرفة معلمنا بولس الرسول له كرئيس كهنة في ذلك الزمان. الخلاصة بالقياس على ما سبق كان التلاميذ متأكدين من معرفة الرب لليوم والساعة، ولم يقصد الرب أن ينفي عن نفسه هذه المعرفة، لأنه كان يعلم أن التلاميذ يدركون ذلك، لكنه أراد أن يؤكد استحالة أو عدم إمكانية إعلانه ذلك، لأن هذه إرادة ومشيئة الآب التي هي بالطبع إرادة ومشيئته الابن أيضًا، ولذلك قال: "جعلها الآب في سلطانه". |
رد: كتاب عندي سؤال
5- كيف تكون العذراء مكرسة من الصغر ونذيرة للرب منذ طفولتها، وهي في نفس الوقت مخطوبة للقديس يوسف النجار؟
السؤال الخامس كيف تكون العذراء مكرسة من الصغر ونذيرة للرب منذ طفولتها، وهي في نفس الوقت مخطوبة للقديس يوسفالنجار الإجابة: أولًا: العذراء نذيرة للرب أي خادمة مكرسة له وقد نذرتها أمها لخدمة بيته... لم تترك العذراء الهيكل ولم تتخلّ عن نذرها، لكن خطبتها ليوسف النجار كانت بتدبير من الله، وبأمر كهنة الهيكل حسب ما كان متبعًا في ذلك الوقت، فقد كانت البنات المكرسات للرب لا يبقين في الهيكل بعد سن معينة، ولما كان أبوا العذراء قد توفيا، كان لابد أن يسلمها الكهنة لأحد أقاربها الأتقياء لكي يكون مسئولًا عنها، وبالفعل سلموها ليوسف النجار الذي لم يكن من أقرباء الدرجة الأولى، لذا خطبوها له حتى تعيش معه في بيته بطريقة شرعية. ثانيًا: كانت العذراء قد عقدت العزم على حياة البتولية في بيت يوسف النجار، وبالطبع كان ذلك بموافقة يوسف الذي ترسمه الأيقونات الكنسية القبطية كشيخ وقور... ومما يدل على عزم العذراء القديسة على حياة البتولية ما يلي: · يؤكد الوحي الإلهي أن العذراء مريم حين دخل إليها الملاك كانت عذراء مخطوبة... لذلك تكرر اللقب أكثر من مرة في حديث البشارة كما نرى من قوله: "وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ" (لو1: 26-27)، ونلاحظ أنه يلقبها بالعذراء معرفة باللألف واللام، لأنها العذراء التي اقترن إسمها بالعذرية، وحتى الآن عندما تسمع البشرية جمعاء لفظ العذراء يفهم الجميع أن المقصودة هي القديسة العذراء مريم أم مخلصنا، ولذلك اضطرب يوسف النجار عندما أدرك أنها حبلى لأنه كان متأكدًا أنها عذراء بتول. · سألت العذراء القديسة الملاك قائلة: "فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟" ( لو 1: 34)، وفي سؤالها للملاك نوع من الاستغراب يدل على نيتها وعزمها على البتولية لما يلي: 1. لو كانت العذراء لا تنوي البتولية فلماذا تسأل كيف يكون هذا؟ وما الغرابة في بشارة الملاك لشابة مخطوبة سوف تتزوج لاحقًا وتنجب ابنًا؟ بالطبع لا توجد غرابة إلا في حالة واحدة وهي أن يكون هناك اتفاق مسبق مع السماء على بتوليتها... لقد كانت العذراء تتساءل بناء على اتفاقها مع السماء على هذا النذر. 2. قول العذراء عن نفسها: "لا أعرف رجلًا" يعني عقدها العزم والنية على البتولية؛ لأنه في شريعة اليهود يُكتب كتاب (وثيقة زواج) في حالة الخطوبة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وتعتبر في هذه الحالة في حكم المتزوجة (كما يحدث حاليًا مع إخوتنا المسلمين كَتْب الكتاب)... فالعذراء حينما دخل إليها الملاك كانت بتولًا عقدت النية باتفاق السماء والبار يوسف على العيش كبتول، لكنها أمام المجتمع كانت في حكم المتزوجة. 3. إجابة الملاك على استغرابها بأن الروح القدس سيحل عليها وقوة العلي تظللها وأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله... وهذا يعبر على ثبات وعد السماء لها حسب رغبتها بالبقاء بتولًا، لأنها ستحبل وتلد بطريقة إعجازية وغير عادية وذلك بالروح القدس. · بقي سؤال إجابته منطقية وهو: بعدما عزمت العذراء على البقاء بتولًا، هل يجرؤ أحد ويقول إن هذه القديسة العظيمة تركت عزمها على حياة البتولية، وعاشت كزوجة مع يوسف النجار البار بعد ولادتها للرب يسوع؟!!!! بالطبع لا ومن يقبل بهذا! وهل بهذا يقبل الله الذي أمر بني إسرائيل أن يحافظوا على تكريس الأشياء المخصصة له من آنية وخلافه؟! لقد كان هذا خطية وتعدٍّ على مقدسات الله. الخلاصة: القديسة مريم العذراء هي العفيفة دائمة البتولية، ويوسف النجار هو الشيخ البار خادم سر التجسد وخطوبة العذراء له هي تدبير السماء، لأنه لو حدث وحبلت العذراء دون أن تكون مخطوبة ليوسف لكان حكم شريعة موسى قاسيًا في مثل هذه الحالات... إذًا خطوبة العذراء لم تكن كسرًا أو فكًا لنذر البتولية والتكريس؛ إنما كانت بأمر السماء وتدبيرها، وهذا هو عمق معنى التكريس أن يكون الإنسان خاضعًا ومطيعًا لله حسب مشيئته تمامًا. |
رد: كتاب عندي سؤال
6- كيف أقبل بهذا الرب الذي يحب المذنبين والمجرمين والقتلة فيضحي بالبريء من أجل محو خطاياهم... فهل هذا عدل؟
السؤال السادس كيف أقبل بهذا الرب الذي يحب المذنبين والمجرمين والقتلة فيضحي بالبريء من أجل محو خطاياهم... فهل هذا عدل؟ الإجابة: يمكننا تقسيم هذا السؤال إلى: أولًا: لماذا يفدي الله الخطاة.. أو ماهو موقف الله من الخطاة؟ ثانيًا: لماذا ضحى الله بابنه البار من أجل الخطاة المذنبين.. هل في هذا عدل؟ أولًا: موقف الله من الخطاة: * ليس الله هو المتساهل تجاه خطايا وشرور البشر، فلا يعاقب ولا يؤدب لأنه بذلك سيزداد الشر، ولا هو القاسي الذي يهلك دون رحمة، فلا يعطي فرصة للتوبة... هو صالح وصانع خيرات وأيضًا قدوس لا يطيق الشر؛ لذا فموقف الله من خطايا البشر هو: · هو موقف شخصي تجاه صنعة يديه؛ فهل يسمح الخالق بهلاك خليقته (الإنسان) على الفور دون مراعاة لأية اعتبارات؟! ألا يصون عمل يديه؟ وأي صانع لا يصون ما صنعته يداه ويصلحه إذا أصابه خلل؟ وهل لا يتأثر الله كلي الصلاح فليهلك التائبين الذين أخطأوا وتابوا مترجين رحمته؟ أليس لهذه المخلوقات قيمة عنده؟ ألا يشفق عليها ويعطيها فرصة للتوبة لمعرفته بضعفها؟ أو لأجل نسمته أي روحه التي أعطاها لهم؟ أو لأجل أنها تحمل صورته ومثاله وتشهد لحكمته وإبداعه. · هو أيضًا يشبه موقف طبيب شفوق يعمل بكل قلبه لخير مرضاه، فهو حينما يعطي دواءً فذلك أملًا في مداواة عضو ما في جسد مريضه، وحينما يستخدم مشرطًا لبتر عضو آخر تأكد له فساده، فذلك أيضًا أملاَ في شفاء مريضه... هو يقرر ذلك حسب علمه وحكمته بلا تردد؛ لأن بقاء ذلك العضو الفاسد سيتسبب في موت وهلاك مريضه... هو يرثي لخسارة ذلك العضو! ولكن هذا هو العلاج النافع للجسد كله... وإن أعطى ذلك الطبيب الماهر دواءً أو استخدم مشرطًا؛ ففي كلا الحالتين يمدحه الناس لشفقته وحكمته. · انجذاب البشر للشر لا يرضي الله إطلاقًا، لكنه كطبيبٍ ماهرٍ خًيِّرٍ يتحرك بصلاحه ليقدم الخلاص والفداء لأحبائه التائبين من بني البشر، وكذلك لأجل صلاحه يقاوم الأشرار المعاندين الرافضين التوبة كقول الكتاب: "وَجْهُ الرَّبِّ ضِدُّ عَامِلِي الشَّرِّ لِيَقْطَعَ مِنَ الأَرْضِ ذِكْرَهُمْ" (مز16:34). · هو لا ينفعل ولا يندفع بشر، لكنه كذاك الطبيب الذي إذا استخدم دواءً أو مشرطًا؛ فمشاعره الصالحة نحو مريضه لا تتغير، بل هو يشفق عليه ويرثي لضعفه. · موقف الله نابع من معرفته بضعف الإنسان فقد يخطئ الإنسان عن ضعف أو جهل وعدم معرفة؛ لذلك فهو يصفح بل يفرح برجوع الخاطئ كمن وجد الابن الضال: "وَلكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ، لأَنَّ أَخَاكَ هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالُا فَوُجد" (لو32:15). ألا يستحق إلهنا الحنون طبيب أنفسنا وأجسادنا وأرواحنا أن نمجده على صلاحه ورحمته ومحبته للبشر، وهل من المنطقي أن يلوم لائم طبيبًا لأنه تدخل لإنقاذ مريضه حبًا وشفقةً عليه، فلماذا إذًا يتذمر البعض لأن الله قدم للتائبين خلاصًا فغفر خطاياهم (مهما كان جرمهم)، أو يلوم البعض لأن الله خلص الأرض من شر الأشرار المعاندين الرافضين التوبة والخلاص؟! إن الله صالح وخير على الدوام ويستحق منا التمجيد على صلاحه. ثانيًا: هل يضحي الله بالبريء من أجل الخاطئ؟ والبريء طبعًا هو الرب يسوع (الذي هو وحده بلا خطية)... 1. إن الله الآب لم يجبر ابنه الحبيب يسوع على فداء الخطاة، لأن هذه إرادة الابن وهي في الوقت ذاته إرادة الآب والروح القدس؛ لأن الأقانيم الثلاثة هي في واحد أي في وحدانية، ولهم إرادة ومشيئة واحدة -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- وهذا ما شهد به الكتاب.. فعلى سبيل المثال قول الرب يسوع عن صلبه وموته: "لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا" (يو18:10). ففي هذا يوضح الرب أن الفداء كان بإرادته وقول الآب: "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابنهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو16:3).. أما الروح القدس فله نفس المشيئة بل اشترك في عملية الفداء بحسب قول الكتاب: "فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ" (عب14:9). 2. أما كيف يُقدم البريء من أجل المذنب، وهل هذا عدل؟ فالإجابة هي: إنه الحب الذي يجعل صاحبه يخرج خارج ذاته ليبحث عن الآخر باذلًا ذاته دون حساب وهي طبيعة إلهية مصدرها واحد فقط وهو الله. إن من يبحث عَمَّن هو مستحق ليقدم له حبه لا يحق له أن يسميَ هذا حبًا لأن ذلك ليس فضلًا، بل قد يكون واجبًا أو وفاءً لدَين... فالحب الحقيقي يقدم إلى المحتاج للشفقة والرحمة، يقدم لمن هم في كرب، أو شدة لمن... لمن... مهما كان وضعهم أو مستواهم الروحي، حتى وإن كانوا في أعين الناس خطاة لا يستحقون الخير، وإلا فلا يسمى حبًا... إن الحب طاقة إلهية سماوية تشع دون حساب للمحتاج، دون تمييز بين شخص وشخص، ولا غنى عنه للعالم المسكين. |
رد: كتاب عندي سؤال
7- بما أن نوح يعتبر الأب الثاني للبشرية، فأنه قد ارتكب خطية كبيرة وهي أعظم من أكل آدم وحواء الثمرة، فلماذا لم ترث البشرية هذه الخطية؟
السؤال السابع بما أن نوح يعتبر الأب الثاني للبشرية، فأنه قد ارتكب خطية كبيرة وهي أعظم من أكل آدم وحواء الثمرة، فلماذا لم ترث البشرية هذه الخطية؟ الإجابة: أولًا: ما ورثه الإنسان: · الوراثة للخطية لا تعتمد على نوعها، بل اعتمدت على مورثها أب البشرية. لقد ورثنا الخطية الجدية، لأننا كنا في صُلب أبينا آدم، الذي تعدى على وصية الله. وهذا ليس له علاقة بنوع هذه الخطية، وبالتالي ورثنا الطبيعة الفاسدة، إن كل ما يأتي بعد ذلك من خطايا البشر هو تحصيل حاصل لأمر واقع، وما حدث للبشرية كان بسبب خطيئة أبينا آدم وليس أبينا نوح. · الوراثة هي للطبيعة الفاسدة: لم تكن خطية الأكل من الشجرة خطية بسيطة بل هي خطيرة؛ لما نتج عنها من عواقب وخيمة أدت بالجنس البشري كله لعقوبة الموت، وما بعدها من خطايا البشر هو تحصيل حاصل لأمر واقع وهو الموت، ويمكننا تشبيه ذلك بفيروس خطير دسه إنسان شرير لا يهتم بخسارتك لجهاز الكمبيوتر الخاص بك، ومن وقتها أصبح ذلك الكمبيوتر لا يؤدي وظائفه التي صنع لها بل يعمل بطريقة خاطئة، وهكذا تحكم ذلك الشرير في جهازك، وأصبح يوظفه بحسب إرادته الشريرة، وأصبحت الضرورة ملحة لإصلاح دوائره الداخلية بتدخل ذلك الصانع الصالح لإصلاح ذلك الفساد. · إن هذه الخطية الجدية هي بداية الشر والفساد؛ لأن بها فسدت طبيعة البشرية الخيرة التي جبلنا الله عليها، وبها أيضًا دخل الشر وعم الفساد جميع البشر كقول الكتاب: "الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ" (رو12:3). ثانيًا: وصف لبشاعة تلك الخطية لم تكن تلك الخطية عدم طاعة لله فقط كما يظن البعض ولكنها: · هي عدم ثقة في الله ورفض للاتكال عليه وأيضًا رفض الخضوع له ولوصاياه المحيية، وبذلك رفض أبوانا رعايته ونعمته وخيره. · هي اعتماد أبوينا على ذواتهم الضعيفة. · هي الثقة في إبليس أكثر من الله، وبذلك ذاق أبوانا نتائج الانفصال عن الله مصدر الحياة الأوحد. · هكذا ابتدأ فيروس الفساد يدب فيهما، وليفسد من بعدهما كل ما هو جيد في حياة البشرية كلها، كما يفسد الفيروس اللعين برامج جهاز الكمبيوتر الخاص بك. نتائج هذه الخطية: أما نتائج تلك الخطية فكانت خطيرة على البشر، ويمكننا أن نشبه ذلك بإنسان لم يكن قد اختبر تأثير المخدرات على مزاجه وانفعالاته، وبرغم تحذيرات والديه من خطورة الإدمان قبل من يد أصدقاء السوء أول جرعة مخدرات، ومن يومها انقلب حاله، فدخل في طريق الإدمان وسيطر عليه أصدقاؤه الأشرار، وأصبح محتاجًا ليس لتوبة وندم فقط بل بالأولى لعلاج يُخرج من جسده تأثير هذه السموم، وليعمل مخه وأعضاء جسده بصورة صحيحة. فلنلخص إذًا تلك النتائج فيما يلي: · انفصل أبوانا عن الله الذي هو الخير والحب والقداسة والصلاح؛ بسبب الخطية التي لا يطيقها الله القدوس، فلم يعودا يشتهيان ويفرحان بحضور الرب في حياتهما... خسرا قوته ونعمته ودخلا في عداوة معه بمحبتهما للعالم بحسب قول الكتاب: "...أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ ِللهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّا ِللهِ" (يع4:4). · عرفا الشر أي الخطية التي عملت فيهما بالشهوة، وتسببت معرفتهما للخطية في ضعف إرادتهما، وأصبحت طبيعتهما تميل للخطية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى... فلم يقدرا أن يقاوما شهوتهما أو رغبتهما الجامحة التي تعمل بالشر في جسديهما، وازدادا في الشر الذي نتج عنه فسادًا لا حد له كقول الكتاب أيضًا: "فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ، أَيْ فِي جَسَدِي، شَيْءٌ صَالِحٌ. لأَنَّ الإِرَادَةَ حَاضِرَةٌ عِنْدِي، وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى فَلَسْتُ أَجِدُ" (رو18:7). · خضعا للشيطان طمعًا في أن يعطيهما ما في العالم من شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة، ومن ذلك الوقت بدأ الموت يعمل فيهما بالخطية وفسادها، وتلقفهما إبليس ليستخدمهما لحساب أجندته الشريرة؛ لأن الله لم يعد بعد موجودًا في حياتهما كما كان سابقًا، وهما قدما نفسيهما وأعضائهما آلات إثم للشيطان فصارا عبيدًا له كقول الكتاب: "أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي تُقَدِّمُونَ ذَوَاتِكُمْ لَهُ عَبِيدًا لِلطَّاعَةِ، أَنْتُمْ عَبِيدٌ لِلَّذِي تُطِيعُونَهُ: إِمَّا لِلْخَطِيَّةِ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلطَّاعَةِ لِلْبِرِّ؟" (رو16:6). الاستنتاج: إذًا موضوع الوراثة ليس لخطيئة شخصية؛ بل للطبيعة الفاسدة التي امتدت إلى بني آدم جميعهم، والذين كانوا جميعهم مازالوا في صلب (جسد) أبينا آدم بالوراثة وكيف يورث الفاسد أي أبوينا الأولين لأبنائهما عدم فساد، بعد أن فسدت طبيعتهما؛ أنها قوانين الوراثة، وهكذا انتظرت البشرية المسكينة تدخُّل الصانع الرحوم والمخلص ليشفي فساد طبيعتها ويغفر خطاياها بتجسده وفدائه وخلاصه. |
رد: كتاب عندي سؤال
8- لماذا تأخر الله كل هذا الوقت للتكفير عن خطية آدم وحواء؟
السؤال الثامن لماذا تأخر الله كل هذا الوقت للتكفير عن خطية آدم وحواء؟ الإجابة: التكفير في المسيحية عمل إلهي دبّره الله، ولكن إتمامه يحتاج إلى قبول الإنسان له كقول المزمور: "مَاذَا أَرُدُّ لِلرَّبِّ مِنْ أَجْلِ كُلِّ حَسَنَاتِهِ لِي؟ كَأْسَ الْخَلاَصِ أَتَنَاوَلُ، وَبِاسْمِ الرَّبِّ أَدْعُو" (مز116 : 12 ،13)؛ لذلك كان لابد للإنسان أن يكون مستعدًا لقبول الخلاص، وهكذا انتظر الله إلى ملئ الزمان، أي الزمان المحدد الذي تكون فيه البشرية على أتم الاستعداد لقبول هذا الخلاص، كما ينتظر الأب على ولده الصغير حتى ينضج، كقول معلمنا بولس الرسول: "وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابنهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ" (غل4:4)، ولكن ماذا تحقق على مر الزمن من تدبيرات إلهية لكي تكون البشرية مستعدة لقبول الخلاص؟ فيما يلي بعض مما تحقق علي مر الزمان: أولًا: ترسيخ وقبول فكرة الكفارة كضرورة للخلاص: · أعطى الله للإنسان أول درس في الكفارة، عندما ألبس الله أبونا آدم وأمنا حواء أقمصة من جلد الذبائح التي ذبحت وماتت، ولم يكن لتلك الحيوانات ذنب فعلته (حتى تذبح ليكتسي بها أبوانا)، وهكذا استمر الآباء في تقديم الذبائح الحيوانية كتقدمات تحقق رضى الله عنهم، بينما رفض الله تقدمات أخرى لأنها لم تكن من الذبائح الحيوانية، مثل تقدمة قايين التي كانت من ثمار الأرض. · أعطى الله شعبه على يد موسى النبي الناموس والوصايا، وعلمهم أنه بدون سفك دم لا تحدث مغفرة، وطالبهم بتقديم أنواع عديدة من الذبائح، التي كان كل نوع منها يصور ويشرح فكرة الفداء من وجهة نظر معينة، وهكذا عرف الناس ذبيحة المحرقة، وذبيحة الخطيئة، وذبيحة الإثم وذبيحة السلامة، وذبيحة الفصح، وغير ذلك مما كان يقدم في المناسبات المختلفة كيوم الكفارة، وعيد المظال و... و... تكاملت تلك الذبائح الكثيرة لتشرح وتعلم الناس قيمة وعظمة وضرورة كفارة المسيح، إلى أن ترسخت تفاصيل ودقائق الكفارة في ذهن الأمة اليهودية، والتي تركتها ميراثًا للبشرية، فاشتاق المخلصون لله من البشر لمجيء حمل الله الذبيح مسيحنا القدوس الذي سيرفع خطايا العالم كله. ثانيًا: تخصيص شعب لله يشتاق للقداسة، ويدرك شر الخطيئة، ويشتاق لظهور المخلص من خلال مراحل كثيرة، نذكر منها: · أطاع إبراهيم الله لما أمره بالخروج من وسط عشيرته وأهله مطالبًا إياه بالمضي معه حسبما يشاء، ثم وعده الله أنه بنسله تتبارك جميع الأمم، وبالطبع كان النسل المنتظر هو الرب يسوع الفادي والمخلص. · عاش إبراهيم، وولد إسحق، وإسحق ولد يعقوب الذي اختار الله نسله بني إسرائيل شعبًا له، وأعطاهم الله وصاياه المحيية ليكونوا مقدسين له... باركهم الله حينما تمسكوا بوصاياه وأدبهم أيضًا عندما عصوا عليه. · أعطاهم كهنة وأنبياء ليعلموهم حفظ وصاياه، وأنذروهم بالشر الآتي عليهم إن لم يتوبوا لكن الجميع أخطأوا حتى العظماء والحكماء منهم، فسلمهم الله للسبي، وهكذا امتلأ تاريخهم بالتأديبات والضربات لكثرة الشر الذي استعبدوا له، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. حتى أحسوا بضعفهم واحتياجهم للمخلص كقول داود النبي: "اَلرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ أَشْرَفَ عَلَى بَنِي الْبَشَرِ، لِيَنْظُرَ: هَلْ مِنْ فَاهِمٍ طَالِبِ اللهِ؟ الْكُلُّ قَدْ زَاغُوا مَعًا، فَسَدُوا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا، لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ" (مز14 :2،3). · مع مرور الوقت كان الأتقياء منهم يرفعون صلواتهم مطالبين المخلص بسرعة المجيء، كقول إشعياء النبي الذي قال نيابة عنهم وعن البشرية البائسة: "لَيْتَكَ تَشُقُّ السَّمَاوَاتِ وَتَنْزِلُ! مِنْ حَضْرَتِكَ تَتَزَلْزَلُ الْجِبَالُ" (أش64 :1). ثالثًا: تهذيبهم بالناموس وبنبوات وتعاليم الأنبياء الذين أرسلهم لهم الله؛ فوُجد فيهم أناس أتقياء ضربوا أمثالًا في حب الله، والخضوع له أمثال صموئيل وداود ودانيال وغيرهم، وهؤلاء تلمذوا من بعدهم أناسًا آخرين، إلى أن أتى الرب يسوع فوجد أتقياء بسطاء تلقوا تعاليمه بفرح وأصبحوا شهودًا له، ومن أمثال هؤلاء سمعان الشيخ، وحنة بنت فنوئيل، والتلاميذ الإثنى عشر الذين كرزوا ببشارته في كل المسكونة. رابعًا: انتظر الله حتى يسجل لنا أنبياء العصور المتتابعة وللأجيال الكثيرة التالية، نبوات مفصلة عن زمان مجيء المخلص، ونسبه ومكان ميلاده وتعاليمه المحيية، وتفاصيل ما سيلاقيه من إهانات والآم بدقة شديدة وأيضًا موته و... و... و... وذلك حتى يتعرف العالم عليه فلا يكون هناك مجالا للشك فيه، وأبسط مثال يؤكد أهمية هذه النبوات في التعرف على المخلص الفادي هو إجابة كهنة اليهود هيرودس على سؤال المجوس عن مكان ميلاد المسيح من النبوات قائلين: "فَقَالُوا لَهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِي، وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ" (مت2: 5-6). خامسًا: انتظر الله حتى توجد فتاة قديسة تستحق أن تكون والدة الإله، ولكن من هذه الأم العظيمة التي ستأتمنها السماء على الله الظاهر في الجسد رضيعًا، ثم طفلا ًثم شابًا..إن الملوك يختارون العظماء والحكماء ليسلموا أطفالهم إليهم، فكم بالحري تلك الأم التي ستعهد إليها السماء بمهمة الاهتمام بالرب يسوع.. ما هي مواصفاتها؟!!! لقد انتظرت السماء إلى أن ولدت هذه الأم التي لم يوجد من يشبهها في عظمتها، ومهما طال الانتظار كان على السماء أن تنتظر هذه العذراء العجيبة.. وهكذا انتظرت السماء أيضًا أشخاصًا بعينهم سيكونون خدامًا لهم دور في خطة الخلاص، كيوحنا المعمدان السابق الذي يعد الطريق أمامه. سادسًا: انتظر الرب لتكون بلدان العالم مهيئة لاستقبال بشارة الرسل وكرازتهم؛ ففي عهد الرب يسوع كانت اللغة اليونانية قد أصبحت سائدة كلغة للتعامل في العالم كله، ومهدت الإمبراطورية الرومانية التي حكمت العالم كله في ذلك الزمان الطرق ونظمت وأدارت بلدان العالم بقوانين صارمة ضمنت انتشار الكرازة. أخيرًا نختتم إجابة هذا السؤال بهذه الكلمات القاطعة لقداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث: "ترى لو كان الأمر قد بدأ قبل عصر الأنبياء، وقبل انتشار فكرة الكفارة والذبيحة والفداء، من كان سيعرف؟ ومن كان سيؤمن؟! أم هل المقصود أن يتم الفداء، ولا يلاحظه أحد، ولا يدركه أحد، ولا يؤمن به أحد؟! ولا يعرف أحد أنه "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابنهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو3: 16). |
رد: كتاب عندي سؤال
9- هل توجد نبوات في العهد الجديد، أو القديم تقول أن الذبائح من آدم إلى المسيح ترمز للمسيح، إلا عند بولس الرسول الذي لم ير المسيح أو عاصره؟ وهل علم بولس الرسول بأسرار لم يعلمها غيره؟
السؤال التاسع هل توجد نبوات في العهد الجديد، أو القديم تقول أن الذبائح من آدم إلى المسيح ترمز للمسيح، إلا عند بولس الرسول الذي لم ير المسيح أو عاصره؟ وهل علم بولس الرسول بأسرار لم يعلمها غيره؟ الإجابة: لم يعلم بولس الرسول أسرارًا لم يعرفها غيره فالإنجيل بعهديه يشهد بنفس هذه الحقائق لذلك دعنا نقسم السؤال إلى سؤالين: الأول: عن نبوات أو شهادات أخرى غير ما ذكره معلمنا بولس الرسول تؤكد أن الذبائح كانت ترمز وتشير وتشرح عن فداء ربنا يسوع المسيح. شهادات العهد القديم: · يتنبأ إشعياء النبي قائلًا: "مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا، وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَت ذِرَاعُ الرَّبِّ؟ نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ، لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ... لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولًا. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ" (أش53: 1- 7). · أكد فيلبس الرسول أن هذه النبوة تنطبق على الرب يسوع عندما سأله الخصي الحبشي وزير كنداكة في سفر الأعمال عَمَّن هو المقصود بهذه النبوة فأجاب قائلًا: "فَأَجَابَ الْخَصِيُّ فِيلُبُّسَ وَقَالَ: "أَطْلُبُ إِلَيْكَ: عَنْ مَنْ يَقُولُ النَّبِيُّ هذَا؟ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْ وَاحِدٍ آخَرَ؟" فَفَتَحَ فِيلُبُّسُ فَاهُ وابْتَدَأَ مِنْ هذَا الْكِتَابِ فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ" (أع 8 : 34 – 35). وواضح للقارئ المتأني أن إشعياء يتكلم في هذه النبوة عن إنسان لا عن شاة أي نعجة أو حمل من الأغنام؛ لأنه يقول كشاة وليس شاة فكل الوصف ينطبق على إنسان، وطبعًا هذا الشخص حمل خطايانا خطايا البشر جمعيًا، فمن يكون هو إذًا غير شخص الرب يسوع. شهادات العهد الجديد: · كشف يوحنا المعمدان عن هذا الشخص الذي سيقدم نفسه عن البشر جميعًا ذبيحة فأعلن صراحةً أنه المسيح قائلًا: "وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلًا إِلَيْهِ، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ" (يو29:1). · رآه يوحنا الرسول في سفر الرؤيا في منظر خروف قائم كأنه مذبوح ليؤكد لنا الوحي نفس المعنى قائلا: "وَرَأَيْتُ فَإِذَا فِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ وَفِي وَسَطِ الشُّيُوخِ خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ، لَهُ سَبْعَةُ قُرُونٍ وَسَبْعُ أَعْيُنٍ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ الْمُرْسَلَةُ إِلَى كُلِّ الأَرْضِ. فَأَتَى وَأَخَذَ السِّفْرَ مِنْ يَمِينِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ. وَلَمَّا أَخَذَ السِّفْرَ خَرَّتِ الأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ وَالأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا أَمَامَ الْخَروفِ، وَلَهُمْ كُلِّ وَاحِدٍ قِيثَارَاتٌ وَجَامَاتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوَّةٌ بَخُورًا هِيَ صَلَوَاتُ الْقِدِّيسِينَ. وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ: «مُسْتَحِق أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ،" (رؤ 5: 6-9). طبعًا الآيات واضحة والتشبيه بذبائح العهد القديم يطبقه سفر الرؤيا على شخص الرب يسوع. · من قول الرب يسوع عن نفسه أنه الذبيحة التي سيتم بها الفداء نذكر قول له المجد: "كَمَا أَنَّ ابن الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ" (مت 20: 28). · وأيضًا من رسائل معلمنا بطرس الرسول قوله عن الرب يسوع ودمه المسفوك عنا: "بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ، مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ" (1بط: 1: 19 -20) وأيضا قوله: "الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ" (1بط24:2).. أظن أنه توجد شهادات كثيرة أخرى لكن نكتفي بهذه الشهادات الآن. أما الجزء الثاني من السؤال فيخص معلمنا بولس الرسول: · معلمنا بولس الرسول كتب لنا ما أوضحه له الوحي المقدس عن موت الرب يسوع وعلاقته بالذبائح وشرح ذلك بدقة وموضوعية، فالذي يفهم المعاني التي كانت تشير إليها الذبائح في العهد القديم، (وهذا ليس صعبًا وخصوصًا لمعلم يهودي كبولس الرسول) يرى أنها حدثت بالضبط مع الرب يسوع المسيح، ولا يمكنه غير أن يؤكد أن الوحي الإلهي وضعها بدقة لتكشف عن فداء الرب يسوع. · يخبرنا معلمنا بولس الرسول العظيم عن الرؤى التي رأى فيها الرب يسوع أكثر من مرة، وأعلن له الرب في هذه الرؤى الكثير من الأسرار. |
رد: كتاب عندي سؤال
10- ما هي علاقة صوم الميلاد بصوم موسى النبي أربعين يومًا؟
السؤال العاشر ما هي علاقة صوم الميلاد بصوم موسى النبي أربعين يومًا؟ الإجابة: · الصوم هو تركيز واهتمام الإنسان في الروحيات على حساب الماديات، ودائمًا يمتزج الصوم بالصلاة. · لقد صام موسى النبي استعدادًا وتكريسًا للقلب لكي ما يستلم بين يديه لحساب شعبه وصايا الله التي هي كلمة الله الحية. · صام لأهمية وقدسية الوصية، واستعدادًا لما سيناله هو وشعبه من بركات من خلال هذه الوصايا. · إن كان لوحا العهد اللذان حملهما موسى النبي هما كلمة الله ووصيته لشعب الله، فالمسيح هو كلمة الله المتجسد بين البشر، وعندما استلم موسى النبي لوحي الشريعة ابتدأ شعب إسرائيل ينعم بمعرفة الله من خلال الوصية المكتوبة، ونحن أيضًا عندما تجسد ابن الله الكلمة تمتعنا بمعرفة فائقة لله. · وإن كان استلام لوحي العهد احتاج استعدادًا من موسى النبي بالصوم والصلاة، فبالأولى نحتاج نحن أيضًا للاستعداد بالصوم والصلاة لنتمتع ببركات تجسد الرب يسوع، وحضوره بنعمته في قلوبنا، لأنه هو الكلمة الأزلي كقول الكتاب عنه: "اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابنهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ" (عب1 : 1-2). · الرب يسوع هو كلمة الله الأزلي غير المحدود، ومع أنه تجسد وصار إنسانًا تحت الزمان في أرض فلسطين، إلا أننا يمكننا أن نتمتع بحضوره أو بمعرفته الفائقة مثلهم في كل حين إن أردنا، ولكننا نحتاج أن نعد قلوبنا أولًا... لذلك فنحن ننتهز فرصة ذكرى ميلاده لنستعد بالصوم والصلاة والتسبيح، حينئذ سنتمتع بحضوره ومعرفته كآبائنا الرسل الأطهار الذين أعدوا قلوبهم لبركات معرفته. · إذًا على كل مَن يدرك لماذا صام موسى النبي قبلما استلم لوحي العهد، أن يعد قلبه وحياته هو أيضًا بالصوم؛ ليتمتع ببركات التجسد ومعرفة وحضور الله الكلمة في حياته، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. مثلما تمتع آباؤنا الرسل الذين تلامسوا معه، وعاصروه وكأنه قد اختزل الألفي عام الماضية، ليختبر ما اختبرته العذراء ويوسف النجار والرعاة وسمعان الشيخ وتلاميذ الرب.. و.. و.. فلا يملك حينئذ إلا أن يشاركهم هذه النعمة فيصرخ معهم قائلًا: "اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ. فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا. الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابنهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلًا" (1يو 1: 1-4). ت الخلاصة: تخصص الكنيسة فترة صوم الميلاد المجيد حتى نستعد بالصوم والصلاة، وتسبيح وتمجيد ابن الله الكلمة المتجسد خلال ليالي شهر كيهك، لنتمتع بنعم معرفته وحضوره التي لا تحد... وكلما استعد الإنسان تمتع بنعم معرفته الفائقة أكثر فأكثر كقول الكتاب: "وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ، وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ الله" (أف3: 18- 19). |
رد: كتاب عندي سؤال
11- لماذا اختار الله وسطاء بينه وبين البشرية (المقصود الكهنة)؟ ولماذا لم يكن الاتصال بين الله والناس مباشرًا؟
السؤال الحادي عشر لماذا اختار الله وسطاء بينه وبين البشرية (المقصود الكهنة)؟ ولماذا لم يكن الاتصال بين الله والناس مباشرًا؟ الإجابة: يمكننا تقسيم السؤال إلى ثلاثة أسئلة: 1. هل هناك وسطاء بين الله والناس؟ وما هي علاقة هذا بالكهنوت؟ 2. هل كهنة العهد الجديد وسطاء بين الله والناس؟ 3. لماذا تستخدم الكنيسة ممثلة في رئاستها الكهنوتية سلطانًا فتحل وتربط أو تحرم أحيانًا؟ فهل هذا يعتبر تحكمًا في حرية الناس؟ ولماذا لا ينصحون الناس ويتركونهم لحريتهم؟ أولًا: الوساطة بين الله والناس وعلاقة هذا بالكهنوت: · احتاج البشر لوسيط يقف بين الله وبينهم لضعفهم وشرهم، لذلك خافوا لئلا يموتوا بالوقوف في حضرة الله كليّ القداسة لأنهم ممتلئون شرورًا، وهذا ما حدث أيام موسى النبي عندما قال الشعب: "وَكَانَ جَمِيعُ الشَّعْبِ يَرَوْنَ الرُّعُودَ وَالْبُرُوقَ وَصَوْتَ الْبُوقِ، وَالْجَبَلَ يُدَخِّنُ. وَلَمَّا رَأَى الشَّعْبُ ارْتَعَدُوا وَوَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ، وَقَالُوا لِمُوسَى: «تَكَلَّمْ أَنْتَ مَعَنَا فَنَسْمَعَ. وَلاَ يَتَكَلَّمْ مَعَنَا اللهُ لِئَلاَّ نَمُوتَ» " (خر20: 18- 19). مثال ذلك إنسان اقترف جريمة قتل، وتلطخت يداه بالدماء وآثار الجريمة على ملابسه كيف يذهب لمقابلة قاضٍ عادل؟! ألا يتجنب ذلك المجرم الالتقاء بهذا القاضي، وهل يتجرأ أن يذهب ليطلب منه خدمة شخصية؟! · هيبة الله وجلاله وقداسته ترعب البشر مثلي ومثلك الذين يعرفون ضعفهم، فمن منا يعرف عدم إتقانه لعمله ولكن رئيسه في العمل يأتي إليه طالبًا منه أن يذهب لمكتب رئيس الوزراء ومعه ملفات عمله ليعرضها عليه، ألا يرتعب ويهاب ذلك الموقف؟! ويحاول جاهدًا أن يقنع رئيسه لكي يرسل أحدًا أكفأ منه في هذا العمل، لئلا يكتشف رئيس الوزراء عجزه فيجازيه شر جزاء، لقد أدرك أيوب الصديق هيبة وجلال الله، وأكد على ضرورة وجود وسيط بينه وبين الله قائلًا: "لأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إِنْسَانًا مِثْلِي فَأُجَاوِبَهُ، فَنَأْتِي جَمِيعًا إِلَى الْمُحَاكَمَةِ. لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا" (أي9: 32، 33). · وهكذا ظل البشر ينتظرون هذا الوسيط الذي يمكنه أن يقف بين الله والناس مصالحًا... ولكن ما هي شروط هذا الوسيط المصالح؟ شروط الوسيط: 1. لابد أن يكون قدوسًا بلا خطية كالله.. وهذا ينطبق على واحد فقط وهو الرب يسوع المسيح الذي قال الكتاب المقدس عنه: "لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ" (1تي2: 5) وأيضا: "لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ" (عب7: 26). 2. لابد أن يكون ابن بشر لكي ينوب عنا كقول الكتاب: "لأَنَّ كُلَّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ مَأْخُوذٍ مِنَ النَّاسِ يُقَامُ لأَجْلِ النَّاسِ فِي مَاِ للهِ، لِكَيْ يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ عَنِ الْخَطَايَا" (عب1:5)... فكل ما فعله الرب يسوع من قداسة ونصرة وصلاة لله وكل استجابة لكل طلبة طلبها من الآب حسبت لصالحنا، لأنه ابن البشر وهو مأخوذ من الناس بحسب الآية السابقة ولذلك لا يرضى الله عن البشر، ولا يقبلهم إلا من خلال ربنا يسوع المسيح الذي قال الآب عنه: "هذا هو ابني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ" (مت3: 17). 3. لابد أن يقدم ذبيحة لانهائية في قيمتها لكي تكفي للتكفير عن مليارات البشر من آدم وإلى آخر الدهور، وعن جميع أنواع خطايا البشر الموجهة لشخص الله اللانهائي والقدوس كقول الكتاب: "لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا.... فَبِهذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً.... وَأَمَّا هذَا فَبَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ الْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً، جَلَسَ إِلَى الأَبَدِ عَنْ يَمِينِ اللهِ" (عب10: 4- 12). 4. لابد أن يكون كاهنًا عظيمًا يقدم تقدمة عظيمة يدخل بها إلى السموات ليقدمها أمام عرش النعمة، فينال شعبه من خلاله الرضى، وبالطبع لابد أيضًا أن تكون ذبيحته طاهرة وكافية لمحو خطايا العالم كله، وهذه فكرة الكهنوت المعروفة عند جميع البشر، والتي تُبنى على أن يقدم الكاهن المقبول من الله تقدمة مقبولة ينال بها رضى الإله... وقد قدم الرب يسوع أعظم كاهن أعظم تقدمة أو ذبيحة وهي ذبيحة نفسه: "لأَنَّ كُلَّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ يُقَامُ لِكَيْ يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ. فَمِنْ ثَمَّ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِهذَا أَيْضًا شَيْءٌ يُقَدِّمُهُ... وَلكِنَّهُ الآنَ قَدْ حَصَلَ عَلَى خِدْمَةٍ أَفْضَلَ بِمِقْدَارِ مَا هُوَ وَسِيطٌ أَيْضًا لِعَهْدٍ أَعْظَمَ، قَدْ تَثَبَّتَ عَلَى مَوَاعِيدَ أَفْضَلَ" (عب8 :3-6). |
رد: كتاب عندي سؤال
12- هل كهنة العهد الجديد وسطاء بين الله والناس؟
السؤال الثاني عشر هل كهنة العهد الجديد وسطاء بين الله والناس؟ الإجابة: لم تنته قوة تأثير ذبيحة المسيح التي قدمها كرئيس كهنة على الصليب؛ لأنها ذبيحة ابن الله الأزلي، لذلك مازالت هذه الذبيحة تقدم لله، ومازالت فعالة وقد وصفت هذه الذبيحة بأنها ممتدة ومستمدة. · ممتدة في تأثيرها منذ أيام أبينا آدم وحتى نهاية الأزمنة؛ لأن دم مسيحنا القدوس أزلي قادر على غفران خطايا البشرية كلها من آدم وإلى آخر الدهور. · إذًا نحن كهنة العهد الجديد نختفي وراء كاهننا الأعظم أو رئيس كهنتنا كخدام ووكلاء سرائر الله كقول معلمنا بولس الرسول: "هكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا الإِنْسَانُ كَخُدَّامِ الْمَسِيحِ، وَوُكَلاَءِ سَرَائِرِ اللهِ" (1كو1:4).. ونقدم من خلاله نفس الذبيحة التي قدمها الرب يسوع على الصليب لننال بها غفرانًا لحساب المؤمنين ورضى الله.. وهذه بعض من أعمال الآباء كهنة العهد الجديد: § أهم وظيفة للكهنوت المسيحي هي تقديم الذبيحة التي ينال بها الكاهن رضى الله لحساب شعبه. وبالطبع لحساب نفسه.. وهذا ما ذكره القديس بولس الرسول عن ذلك قائلًا: "لَنَا «مَذْبَحٌ» لاَ سُلْطَانَ لِلَّذِينَ يَخْدِمُونَ الْمَسْكَنَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهُ" (عب13: 10).. والمذبح المذكور هنا في هذه الآية هو مذبح كنيسة العهد الجديد الذي نقدم عليه جسد ودم الرب يسوع، والمسكن هو الهيكل اليهودي أو خيمة الاجتماع، ولا سلطان لكهنة اليهود الذين يخدمونه أن يأكلوا من ذبيحة المسيح أي التناول من الأسرار المقدسة. § يقدم كهنة العهد الجديد ذبيحة التسبيح والتمجيد لله الذي نقول له في القداس الإلهي: مستحق وعادل.... مستحق وعادل... مستحق وعادل، أنه يليق بمسيحنا القدوس الذي ذبح لأجلنا أن يتكرس له كهنة للتسبيح والتمجيد. ونحن في هذا نقتدي بالأربعة والعشرين قسيسًا الذين رآهم القديس يوحنا الحبيب في سفر الرؤيا وقال عنهم: "يَخِرُّ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا قُدَّامَ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ، وَيَسْجُدُونَ لِلْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، وَيَطْرَحُونَ أَكَالِيلَهُمْ أَمَامَ الْعَرْشِ قَائِلِينَ: «أَنْتَ مُسْتَحِق، أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْقُدْرَةَ، لأَنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ" (رؤ4: 10-11). § نحن نقدم لله ككهنة نفوس مقدسة مباركة وهي نفوس الذين يخلصون بواسطة خدمتنا، كقول معلمنا بولس الرسول: "حَتَّى أَكُونَ خَادِمًا لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ الأُمَمِ، مُبَاشِرًا لإِنْجِيلِ اللهِ كَكَاهِنٍ، لِيَكُونَ قُرْبَانُ الأُمَمِ مَقْبُولًا مُقَدَّسًا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ" (رو15: 16). § الكهنة وكلاء على الأسرار المقدسة التي تركها الرب يسوع لأجل خلاص البشرية مثل التناول والمعمودية و... و... فإن كانت هذه الأسرار غاية في القداسة ألا تحتاج لوكلاء أمناء عليها يعلّمون الناس قيمتها؟ وكيف يأخذونها باحتراس؟ لقد سلم الرب لتلاميذه وليس لعامة الناس هذه الأسرار -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- قائلًا لهم: "فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. إصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي" (1كو24،23:11)، إذًا كهنة العهد الجديد وكلاء استؤمنوا على أسرار الله كقول معلمنا بولس الرسول: "هكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا الإِنْسَانُ كَخُدَّامِ الْمَسِيحِ، وَوُكَلاَءِ سَرَائِرِ اللهِ، ثُمَّ يُسْأَلُ فِي الْوُكَلاَءِ لِكَيْ يُوجَدَ الإِنْسَانُ أَمِينًا" (1كو4: 1-2). § كهنة العهد الجديد مكرسين ليسعوا كسفراء عن المسيح القدوس، يطلبون من الناس أن يتصالحوا مع الله كقول معلمنا بولس الرسول: "إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ" (2كو5: 20). الخاتمة: إذًا، كهنة العهد الجديد ليسوا وسطاء كالرب يسوع لكنهم يعملون من خلال وسيط ومصالح فريد هو ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، وهم كهنة من خلاله وبه يقدمون تقدمته وذبيحته التي قدمها على الصليب، وهم يقدمون له وبه ذبائح التسبيح، ويقدمون له ثمرة خدمتهم نفوسًا طاهرة نقية، وهم أيضًا وكلاء أمناء مكرسون لخدمة أسراره المقدسة. |
رد: كتاب عندي سؤال
13- لماذا سلطان الحل والربط من الكنيسة؟ هل هو للتحكم في الناس؟ ولماذا لا تكتفي الكنيسة بالنصيحة؟
السؤال الثالث عشر لماذا سلطان الحل والربط من الكنيسة؟ هل هو للتحكم في الناس؟ ولماذا لا تكتفي الكنيسة بالنصيحة؟ الإجابة: بالرجوع لمثل الكرم والكرامين في الكتاب المقدس قال الرب: "فَمَاذَا يَفْعَلُ صَاحِبُ الْكَرْمِ؟ يَأْتِي وَيُهْلِكُ الْكَرَّامِينَ، وَيُعْطِي الْكَرْمَ إِلَى آخَرِينَ" (مر12: 9). في هذا المثل: الكرم هي كنيسة الله بما فيها من نفوس، والكرامون هم كهنة وقادة اليهود، وصاحب الكرم هو الرب الذي سافر (بحسب رواية المثل) أي تركهم يخدمون النفوس بحرية، وبالطبع زوّدهم بما يحتاجونه من نعم لخدمة النفوس، ولكنهم لم يكونوا أمناء فحاسبهم وعزلهم من خدمته، وأعطى مهمة خلاص النفوس لكرامين آخرين الذين هم رسل المسيح، ومن بعدهم آباء الكنيسة وكهنتها خلفائهم. استأمن الرب الكنيسة ممثلة في آبائها وحمّلها مسؤولية الكرم، ولذلك زودها الله بمواهب الروح القدس ونعمته، وأعطاها أيضًا سلطانًا كما يتبين من النصوص الكتابية التالية: 1. "وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ" (مت 16: 19). 2. "مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ" (يو20: 23). 3. "وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ" (مت18،17:18). ملاحظات على سلطان الكنيسة والكهنوت: · أعطى الرب سلطانًا لآباء الكنيسة للبناء وليس للهدم كقول معلمنا بولس الرسول: "لِذلِكَ أَكْتُبُ بِهذَا وَأَنَا غَائِبٌ، لِكَيْ لاَ أَسْتَعْمِلَ جَزْمًا وَأَنَا حَاضِرٌ، حَسَبَ السُّلْطَانِ الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهُ الرَّبُّ لِلْبُنْيَانِ لاَ لِلْهَدْمِ" (2 كو13: 10)... ولذلك لا يستخدم سلطان الحرم في الكنيسة دون أن يسبقه التعليم والإنذار مرارًا، ثم مناقشة المخطئ وإثبات إصراره على خطئه، وبعدها يأتي دور استخدام العقوبات أو الربط أو الحرم. · معروف أن من له سلطة لا بد أن يكون أيضًا مسئولًا، ومن يعطى سلطانًا لابد أن يقدم حسابًا عن استعماله لهذا السلطان... فالكنيسة مرتبة أي لها رتب من قس وقمص وأسقف ومطران وبطريرك ومجمع مقدس، ووجود هذه الرتب يضمن مراجعة ومحاسبة كل صاحب سلطان وفي النهاية لا ننسى أن الله سيحاسب كل من أُعطي سلطان على كيفية استخدامه لهذا السلطان. · السلطان الممنوح للكنيسة هو سلطان الروح القدس العامل في الآباء المجتمعين بروح واحد، وليس سلطانًا فردي كما يخبرنا الكتاب المقدس، حينما اجتمع الآباء الرسل في أورشليم وبعثوا بقراراتهم إلى كنيسة الأمم قائلين: "لأَنَّهُ قَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ، أَنْ لاَ نَضَعَ عَلَيْكُمْ ثِقْلًا أَكْثَرَ، غَيْرَ هذِهِ الأَشْيَاءِ الْوَاجِبَةِ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَمَّا ذُبحَ لِلأَصْنَامِ، وَعَنِ الدَّمِ، وَالْمَخْنُوقِ، وَالزِّنَا، الَّتِي إِنْ حَفِظْتُمْ أَنْفُسَكُمْ مِنْهَا فَنِعِمَّا تَفْعَلُونَ. كُونُوا مُعَافَيْنَ" (أع 15: 28-29)... إن السلطان ينسب للكنيسة وحتى إن استخدمه أحد آباء الكنيسة فرضًا بطريقة فردية، فهناك مجمع مقدس من الآباء الأساقفة ومعهم الأب البطريرك يمثلون السلطة العليا التي لها القرار النهائي. · سلطة الكنيسة هي بحسب تعليم الإنجيل فقط: حرمت الكنيسة خاطئ كورنثوس لأنه خالف الإنجيل وأخطأ مع امرأة أبيه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وحنانيا وامرأته سفيرة ماتا بسبب ريائهما وكذبهما ليس على بطرس الرسول بل على الروح القدس، وسيمون الساحر الذي أراد أن يقتني سلطان الكهنوت بأمواله استحق اللعنة، وهكذا تطالب الكنيسة الناس بالإيمان والتوبة أولًا قبل أن يكون لهم شركة في الأسرار المقدسة، وترفض من شركتها فقط المعاندين الجاحدين للإيمان وغير التائبين. · سلطان الحل والربط حفظ الكنيسة في وحدانية إلى الآن، وبالنظر إلى الكنائس التي لا تستعمل هذا السلطان فقد انقسمت إلى آلاف الملل. · سلطان الكنيسة لفرز المعاندين ليس موقفًا انتقاميًا شخصيًا؛ لكنه يعطي الفرصة لمراجعة المعاندين لأنفسهم كما حدث مع خاطئ كورنثوس الذي قاطعه الكثيرون فتاب؛ عندئذ بعث معلمنا بولس الرسول برسالته الثانية إلى أهل كورنثوس، يطلب منهم مسامحته وقبوله في الكنيسة قائلًا لهم: "مِثْلُ هذَا يَكْفِيهِ هذَا الْقِصَاصُ الَّذِي مِنَ الأَكْثَرِينَ، حَتَّى تَكُونُوا بِالْعَكْسِ تُسَامِحُونَهُ بِالْحَرِيِّ وَتُعَزُّونَهُ، لِئَلاَّ يُبْتَلَعَ مِثْلُ هذَا مِنَ الْحُزْنِ الْمُفْرِطِ. لِذلِكَ أَطْلُبُ أَنْ تُمَكِّنُوا لَهُ الْمَحَبَّةَ" (2كو2: 6- 8). · سلطة الكنيسة في حرم المهرطقين هو لحفظ التعليم نقيًا سليمًا، ولهذا أصر معلمنا بولس الرسول على التمسك بالتعليم وحرم المهرطقين قائلًا: "كَمَا سَبَقْنَا فَقُلْنَا أَقُولُ الآنَ أَيْضًا: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُبَشِّرُكُمْ بِغَيْرِ مَا قَبِلْتُمْ، فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا" (غل1: 9). وأناثيما كلمة يونانية معناها يكون محرومًا. · أخيرًا ما أعظم الكنيسة التي أسسها الرب، أما التحرر من كل الضوابط التي تحفظ إيمان الكنيسة وتبني المؤمنين بحجة الحرية، فإن هذا ليس بأمر نافع بل هو دافع للفوضى والهدم كقول الكتاب عن عصر القضاة: "وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمْ يَكُنْ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ. كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ" (قض6:17). |
رد: كتاب عندي سؤال
14- هل منهج التسليم والتقليد مقدسين، وما الدليل على ذلك؟
السؤال الرابع عشر هل منهج التسليم والتقليد مقدسين، وما الدليل على ذلك؟ الإجابة: أولا:ً معنى كلمة التقليد لغويًا، وماذا نقصد بالتقليد الكنسي؟ وما هو التسليم الآبائي؟ ثانيا:ً التقليد الكنسي مقدس لأن مصدره الله. ثالثًا: إثباتات أن تقليدنا الكنسي له نفس أهمية ما استلمناه. أولًا: · كلمة التقليد أو بصيغة الجمع التقاليد في اللغة، والتي ترتبط كثيرًا بكلمة العادات فنقول التقاليد والعادات تعني: ما ورثناه من آبائنا وأجدادنا من عادات في الملبس والمأكل، وفي الاحتفال بالمناسبات المختلفة، وبالإجمال في أساليب السلوك في الحياة.. وتختلف هذه التقاليد من بلد لآخر. · التقليد الكنسي: التقليد الكنسي المقدس يرتبط بكلمة التسليم الرسولي والآبائي؛ فنقول التقليد الكنسي والتسليم الرسولي وهو ما سلّمه لنا آباؤنا الرسل الأطهار من تعاليم شفاهية أي غير مكتوبة في الكتاب المقدس، واحتفظت لنا الكنيسة بهذه التعاليم وسلمتها لنا كما هي نقية.. وهذه التعاليم مهمة جدًا وهي تشمل بالأخص المبادئ العامة لطقوس الصلاة، وطقوس القداس والمعمودية، والزواج وسيامات الكهنة... إلخ. · التسليم في الكنيسة: هو المحافظة على التقليد المقدس، أي ما سلمه لنا الآباء الرسل الأطهار، وتممه آباء الكنيسة في كل جيل وعملوا به وعلّموه وسلّموه لمن بعدهم من آباء الجيل الذي يأتي بعدهم، بدقة ودون زيادة أو نقصان.. وهكذا من جيل إلى جيل حتى وصل إلينا كما هو نقيًا، دون تدخل الأهواء والرؤى البشرية. ثانيًا: هل التقليد الكنسي مقدس؟ · إن الحكم على أي تقليد إن كان مقدسًا أم لا هو مصدره، وهذا بالتالي هو الذي سيحدد قيمته ومحتواه أو ما يهدف إليه؛ فإن كان مصدره إلهيًا فهو مقدس وإن كان مصدره بشريًا فليس له قدسية، فمثلًا العادات والتقاليد المصرية التي ورثناها عن أجدادنا المصريين عبر الزمن، والتي تحدد طريقة سلوكنا كمصريين بالطبع غير مقدسة ويمكن السلوك بها أو لا، وكذلك يمكن تغييرها لأن منها السيئ ومنها الجيد. · تؤمن كنيستنا بأن التقليد الكنسي مقدس لأن الله هو مصدره. فالرب هو بذاته الذي علّم الآباء الرسل وسلّمهم هذه التعاليم؛ فعلّمهم على سبيل المثال كيف يعمّدون وكيف يقدّسون الجسد والدم؛ فمثلًا عندما قيل عن الرب أنه أخذ خبزًا وشكر وقسّمه، فمن منا يمكنه أن يتنبأ كيف صنع الرب هذا دون الرجوع للتقليد المقدس؟ وهكذا لم يذكر الكتاب المقدس التفاصيل، لكن الرب هو علمهم وسلمهم وأوصاهم أن يصنعوا ذلك (بحسب قوله اصنعوا هذا لذكري)، وبالطبع هو الذي أوصاهم أن يسلّموها لغيرهم. التقليد الكنسي إذًا مقدس وقيمته عظيمة جدًا لأنه جزء من عقيدتنا وإيماننا الأقدس. ثالثًا إثبات أن مصدر التقليد الكنسي هو الله ذاته فنذكر ما يلي: · قول معلمنا بولس الرسول عن العطاء: "فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرَيْتُكُمْ أَنَّهُ هكَذَا يَنْبَغِي أَنَّكُمْ تَتْعَبُونَ وَتَعْضُدُونَ الضُّعَفَاءَ، مُتَذَكِّرِينَ كَلِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ أَنَّهُ قَالَ: مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ" (أع 20: 35)، وبالبحث لا وجود لهذه الآية في البشائر الأربعة، لكنها منقولة شفاهةً عن الرب يسوع المسيح بواسطة آبائنا الرسل. · أعطى آباؤنا الرسل الأطهار هذه التعاليم الشفاهية (التقليد) نفس أهمية التعاليم المكتوبة في الإنجيل، مطالبين المؤمنين بالثبات والتمسك بها وهذا واضح من قول معلمنا بولس الرسول: "فَاثْبُتُوا إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَتَمَسَّكُوا بِالتَّعَالِيمِ الَّتِي تَعَلَّمْتُمُوهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلاَمِ أَمْ بِرِسَالَتِنَا" (2 تس2: 15). · سافر آباؤنا الرسل الأطهار في رحلات شاقة للأقطار والبلدان، وعايشوا الناس وجلسوا في وسطهم وأكلوا معهم، وتحاوروا معهم وناقشوهم وقدموا لهم تعاليم المسيح نور العالم.. وهكذا فاض روح الله القدوس بنعمته على أفواههم ولم تكن تعاليمهم مجرد كلمات مكتوبة، بل نعمة فياضة كقول معلمنا يوحنا الحبيب: "إِذْ كَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، لَمْ أُرِدْ أَنْ يَكُونَ بِوَرَق وَحِبْرٍ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ فَمًا لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلًا" (2 يو1: 12). · أرسل معلمنا بولس الرسول رسالته لتلميذه تيموثاوس يأمره فيها بالبشارة وتلمذة آخرين ليبشروا هم أيضًا، وذلك بنشر ما سمعه تلميذه تيموثاوس من تعاليم شفاهية قائلًا له: "وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا." (2تي2:2). · كان التعليم الشفاهي هو الطريقة الأسهل والمتبعة في القرون الأولى مقارنةً بكتابة الكتب أو الرسائل، والتي لم تكن أمرًا سهلًا وبالطبع كذلك الطباعة والنشر... فهل كان لابد أن تتوقف الكرازة لحين تقدم العلم والطباعة؟ لقد أذيعت كلمة الله بين الناس في العالم كله تقريبًا في مدة ثلاثين عامًا، بانتقال الأخبار السارة أي التعاليم الشفاهية، وكأن الكنيسة تملك أعظم إذاعة فضائية وذلك كقول معلمنا بولس الرسول: "لأَنَّهُ مِنْ قِبَلِكُمْ قَدْ أُذِيعَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ، لَيْسَ فِي مَكِدُونِيَّةَ وَأَخَائِيَةَ فَقَطْ، بَلْ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَيْضًا قَدْ ذَاعَ إِيمَانُكُمْ بِاللهِ، حَتَّى لَيْسَ لَنَا حَاجَةٌ أَنْ نَتَكَلَّمَ شَيْئًا" (1تس1: 8). · التعليم والكرازة ليسا كلامًا أو كتابة لكنه روح وحياة كقول الرب: "الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة"؛ ولذلك لم تكن الكرازة تنشر فقط بالكلام؛ بل أولًا بالقدوة الحياتية التي رآها الناس في المؤمنين، وبعد ذلك بالتعليم وشرح الإيمان بالكلام.. ثم أخيرًا تأتي التعاليم المكتوبة لتأخذ مكانها بجانب التعاليم الشفاهية، كما صرح بذلك معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس حين امتدحه لأنه سمع وتعلم منه، ثم أرسل له رسالتين بعد ذلك يقول فيهما: "وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي، وَسِيرَتِي، وَقَصْدِي، وَإِيمَانِي، وَأَنَاتِي، وَمَحَبَّتِي، وَصَبْرِي" ( 2تي 3: 10). · يصف كتابنا المقدس الوحي الإلهي أنه كان في صيغة كلام لأناس الله القديسين وهذا يؤكد أن الآباء تكلموا بالوحي الإلهي قبلما يكتبونه: "لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ." (2بط1: 21). |
رد: كتاب عندي سؤال
15- الله لديه علم ومعرفة بكل شيء قبل حدوثه ويعلم من سيكون له نصيب في الملكوت ومن سيحرم منه، لهذا تظل لدينا هذه الأسئلة: لماذا خلق الله الإنسان مع معرفته أنه سيسقط؟ لماذا خلق الإنسان مع معرفته أن البعض فقط "سيخلصون"؟ لماذا أرسل الآب المسيح ليموت بدلًا عن أناس عرف من البداية أنهم سيسقطون؟
السؤال الخامس عشر الله لديه علم ومعرفة بكل شيء قبل حدوثه ويعلم من سيكون له نصيب في الملكوت ومن سيحرم منه، لهذا تظل لدينا هذه الأسئلة: لماذا خلق الله الإنسان مع معرفته أنه سيسقط؟ لماذا خلق الإنسان مع معرفته أن البعض فقط "سيخلصون"؟ لماذا أرسل الآب المسيح ليموت بدلًا عن أناس عرف من البداية أنهم سيسقطون؟ الإجابة: أولًا: خلقة الله للإنسان مع سابق معرفته بسقوطه: · لا يدفع الله الأشرار لصنع ما هو معروف له عنهم في المستقبل، فالله دائمًا يهيئ للبشر حتى الأشرار منهم ما يساعدهم ويعينهم على تجنب الشر، ويقودهم إن أرادوا في طريق الحياة فهذه هي إرادته، وكل هذا بالطبع دون أن يسلب الإنسان حريته أو إرادته، ولذلك خاطب الله قايين قبلما يقتل أخاه واعدًا إياه بأن يرفعه إذا عمل ما هو حسن، ومحذرًا إياه أيضًا من قتل أخيه مؤكدًا استطاعته وسيادته على غلبة تلك الخطية قائلًا له: "إِنْ أَحْسَنْتَ أَفَلاَ رَفْعٌ؟ وَإِنْ لَمْ تُحْسِنْ فَعِنْدَ الْبَابِ خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ، وَإِلَيْكَ اشْتِيَاقُهَا وَأَنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا" (تك7:4)... ومن الأمثلة المفيدة أيضًا في هذا الموضوع تحذير الرب لبطرس الرسول قبل إنكاره له عند صياح الديك، والكتاب يحوي الكثير من هذه الأمثلة. · ليس من المنطقي أن يمتنع الله عن خلق الإنسان بسبب سابق معرفته بسقوط بعض الأشرار في الخطية. إن علم الله بكل شيء وخصوصًا باحتمال سقوط الإنسان ليس من المنطقي أن يجعل الله يمتنع عن خلق البشرية... وللتقريب نسأل أنفسنا هذا السؤال: هل على وزارة التربية والتعليم ألا تدّرس مناهجها وألا تقيم امتحاناتها في الثانوية العامة لأن ذلك سيتسبب عنه نفسية سيئة بل فشل لكثير من الطلبة، وقد ُيقدمْ بعضهم على الانتحار؟! وهل من المنطقي أن يطالب بعض الكسالى من الطلبة بإلغاء الإمتحان على مستوى الجمهورية تعاطفًا معهم؟! وهل على الوزارة في هذه الحالة أن تستجيب لهم؟! وهل من يتعاطف معهم محقٌ في ذلك؟! · أليس حقًا أن نشكر الله بدلًا من لومه؟! لماذا لا نلتفت لصلاح الله ونشكره بدلًا من لومه على شر الناس وسقوطهم، فقد خلق الله العالم محبةً منه لتتمتع البشرية بنعمته وقدرته، هو خلاّق يبدع... ألا يستحق الشكر على إبداعه وصنعته؟! وهل عندما يبدع إنسان فيخترع جهاز (الموبايل مثلًا) يمكن لإنسان آخر أن يقول له لماذا أبدعت هذا؟ الأفضل أن لا تخترع اختراعك هذا فقد يستعمله البعض بطريقة خاطئة... وكأنه يقول لذلك المخترع من الأفضل أن تكون كسولًا جامدًا لا حياة فيك، كن في يومك كأمس وأول من أمس... لا تخترع شيئًا ولا تعمل شيئًا... لتكن كالجماد الخامل الذي لا حياة فيه... إن الوحي الإلهي يظهر شر أمثال هؤلاء الذين لا يشكرون الله أو يمجدونه على خلقته للبشرية، وعلى ما أعده للإنسان من أمجاد ونعم أبدية قائلًا: "لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ" (رو1: 21). سقوط الأشرار مسئوليتهم الخاصة: · لماذا يُلام الله لأن هناك جاحدين متمردين عصاة، رافضين لنعمته وهم بإرادتهم الحرة يفضلون الضلال والشر، هم يستخدمون نعمة الحرية والإرادة لكي يعصوه... إن سقوطهم وهلاكهم يعني حرية اختيارهم وخصوصيتهم الممنوحة لهم من الله، فهم وحدهم الذين يجب أن يلاموا إن أساءوا استخدامها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى... وهل يجرؤ ابن عاقل حر أن يلوم أباه لأنه زود مطبخ الأسرة بسكين، ولكنه لغبائه ولشره قتل أخاه بالسكين. فمن إذًا يلام في ذلك؟ الابن الشرير أم الأب؟! لقد صدق الكتاب عندما قال على أمثال هؤلاء: "حَمَاقَةُ الرَّجُلِ تُعَوِّجُ طَرِيقَهُ، وَعَلَى الرَّبِّ يَحْنَقُ قَلْبُهُ" (أم19 : 3). · لنحقق الغاية الإيجابية من إعلان الله عن هلاك الأشرار بدلًا من اللوم لأن الله خيرٌ، فعندما سُئِل الرب: "أقليل هم الذين يخلصون"، أجاب الرب قائلًا: "اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق"... فهلاك الأشرار يجب أن يلهب قلوبنا بالاجتهاد والحذر من الخطية، وهذا هو غاية إعلان الله لنا عن هلاكهم، فلماذا لا نكون إيجابيين خصوصًا أن الله قد وهب لنا الإمكانية للخلاص كقول معلمنا بطرس الرسول: "كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ، اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ" (2بط1: 3- 4). ثانيًا: لماذا أرسل الله الرب يسوع ليموت عن أناس عرف مسبقًا أنهم سيسقطون في الخطية؟ · هي شفقته وعظم محبته وعطفه وتقديره لخليقته، إن محبة الله للبشر عظيمة جدًا ولا تقف أمامها عقبات فقد قيل عن قوة المحبة: "اِجْعَلْنِي كَخَاتِمٍ عَلَى قَلْبِكَ، كَخَاتِمٍ عَلَى سَاعِدِكَ. لأَنَّ الْمَحَبَّةَ قَوِيَّةٌ كَالْمَوْتِ. الْغَيْرَةُ قَاسِيَةٌ كَالْهَاوِيَةِ. لَهِيبُهَا لَهِيبُ نَارِ لَظَى الرَّبِّ" (نش8 : 6)، ويمكننا أن نشبه ذلك برجل فاضل أراد أن يكوّن أسرة فتزوج وهو يعلم أنه سينجب أطفالًا، ويجب عليه أن يحتمل الكثير من المشقة من أجل تنشئتهم تنشئة صالحة فلم يمنعه ذلك عن الإنجاب، وقد تمت الإجابة عن هذا السؤال بالتفصيل في سؤال سابق بعنوان: "كيف أقبل بهذا الرب الذي يحب المذنبين والمجرمين والقتلة، فيضحي بالبريء من أجل محو خطاياهم فهل هذا عدل؟" نرجو الرجوع لإجابة ذلك السؤال. |
رد: كتاب عندي سؤال
16- هناك سؤال يلح بأكثر من صورة وهو: مَن الذي خلق الله؟
السؤال السادس عشر هناك سؤال يلح بأكثر من صورة وهو: مَن الذي خلق الله؟ الإجابة: الله لم يخلقه أحد لأنه هو خالق وليس مخلوقًا لابد للمخلوق من خالق خلقه سابقًا، أما الخالق فواجب الوجود؛ أي لابد أن يكون خالقًا فقط ولم يخلقه أحد... ولذلك فالمعروف في علم اللاهوت أن الخلق هو من صفات الله وحده فقط... وللرد على ذلك لنفترض جدلًا أن الخالق يخلقه خالق آخر؛ أي أن سبب أو علة وجوده خالق سبقه من قبل، وهنا يأتي سؤال آخر، وهو من خلق الخالق الذي سبقه؟ وهكذا سننتقل من خالق لخالق خلَقَه في زمن سابق إلى أن نأتي أخيرًا لخالق لم يخلقه أحد، وليس لوجوده علة أو سبب. وللتبسيط نرد بمثل القطار الذي تجر كل عربة فيه العربة التي تليها، إلى أن نأتي إلى العربة الأولى أي القاطرة التي تجر كل العربات، وهي لا تُجَر. وهذا يستدعي إلى الذهن سؤال جديد وهو: هل يمكن أن يكون الخالق في نفس الوقت مخلوقًا؟ أو بصيغة أخرى هل للمخلوق أن يخلق غيره من الكائنات؟ الإجابة: لا يمكن أن يحدث هذا لأنه لا يوجد إلا إله واحد بحسب قول الكتاب المقدس: "لأَنَّ مِنْهُ وَبِهِ وَلَهُ كُلَّ الأَشْيَاءِ. لَهُ الْمَجْدُ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ" (رو11: 36 )، ولكن دعنا نشرح ذلك من خلال النقاط التالية: · هذا بالطبع غير منطقي فحتى إن خلق المخلوق مصنوعات سيستخدم في هذه الحالة موادًا موجودة مما خلقها له إلهه الذي يسبقه، وعندئذ لا يمكن أن يكون خالقًا. · يمكننا للتقريب أن نشبه ذلك بعالم صنع إنسانًا آليًا وهنا نقول أنه صانع أو مبتكر، ولا نقول خالقًا لأنه استعمل مواد مخلوقة سابقًا قد تكون مثلًا حديد أو نحاس أو... أو....، واستخدم أيضًا قوانين المادة الطبيعية التي وضعها الله، واستخدم عقله الذي أوجده له الله وهكذا... فكيف يكون خالقًا إذًا وهو لم يستحدث إنسانه الآلي من العدم؟! · إن افترضنا أنه لم يستخدم الموجودات في ذلك، وهذا بالطبع مستحيل لكننا سنعترض أيضًا على اعتباره خالقًا لأنه على الأقل قد استخدم عقله المخلوق من إلهه، وما سيخلقه لابد أن ينسب في النهاية لإلهه الذي خلقه، والذي له سلطان عليه، والذي أوحى إليه بذلك، ولذلك عندما نرى تلك الثورة التكنولوجية العلمية الحادثة في هذا الزمن؛ نمجد الله الذي الذي خلق الإنسان بهذه الإمكانيات والقدرات الذهنية الرائعة، وهل لأكبر الفنيين مهارة في أعظم المصانع أن ينسب لنفسه ما ينتجه من صناعات؟ بالطبع لا لأنه ليس هو المخترع ولا الممول ولا... ولا... بل هو عامل فقط يفعل ما أُمر به. وقد أكد الكتاب هذا المبدأ اللاهوتي قائلًا: "كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ" (يو1: 3). · لنفترض جدلًا أن المخلوق قد قام باستحداث خليقة جديدة ولكنه هو نفسه تحت سلطان خالق آخر أعظم منه، فالخليقة المستحدثة ستخضع لأي منهما؟ ومن الذي سيضع بحكمته القوانين المنظمة (القوانين الطبيعية للمادة أو القوانين البيولوجية المتحكمة في عالم الحيوان أو الإنسان أو النبات). فإن قال قائل الخالق الأحدث نعترض بأن الخالق الأول له سلطان على الأحدث، وبالتالي لا بُد أن يكون له أيضًا سلطان على ما استحدثه الأخير، وبذلك لا يكون الأخير خالقًا؛ لأنه ليس له سلطان على ما خلقه، فالكتاب يؤكد أن الله قد رتب خليقته ليكون له السلطان الأوحد عليها كقوله: "لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ" (رو1:13 |
رد: كتاب عندي سؤال
السؤال السابع عشر
ماذا كان يفعل الله قبل خلقته للإنسان؟ الإجابة: كيف يستطيع الإنسان الجسداني والمحدود في إمكانياته ومعرفته، والذي يقاس وجوده بعدد قليل من السنين أن يعرف أسرار الله خالقه الروحاني في طبيعته، وهو غير المحدود، وغير الزمني، أي الأبدي، وأيضًا الأزلي. إن هذا -بالطبع- شيئًا غير معقول ومستحيل كقول الكتاب: "لأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ؟ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيرًا؟" (رو11: 34)... فمجرد التفكير في ذلك ينم عن عدم معرفتنا بطبيعة الله مقارنةً بطبيعتنا؛ وذلك لما يلي: أولًا: من هو الله ومن هو الإنسان؟ طبيعة الإنسان مادية وطبيعة الله روحية، فنحن نفكر من خلال الأشياء التي نراها ونعرفها من حولنا فقط، فمثلًا: عندما أسألك هل من الممكن أن تقول لي ماذا كان فلان يفعل بالأمس؟ قد تستنتج بحكمتك البشرية مما تعرفه عن نفسك كإنسان عشرين بندًا أو عملًا، وقد يكون من بين ما استنتجته الكثير من الصواب، فتقول مثلًا: استيقظ فلان من نومه الساعة... وأكل فطوره وذهب إلى عمله و... و.. و... أما الله فلا يسعنا إلا أن نقول عنه: "يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاء" (رو 11 :33). ثانيًا: الحجج المنطقية للاستنتاج الدقيق عما كان يفعله شخص ما بالأمس يلزمك أن تتحلى بأمرين وهما: · قدراتك الذاتية: لا بُد أن تتحلى بقدرٍ عالٍ من الذكاء أو الحكمة، والمعرفة تتيح لك احتواء وفهم ذلك الشخص، فإن لم تكن لديك هذه القدرة سيكون الفشل نصيبك، ولهذا تبارى الناس في اقتناء الحكمة والمعرفة، فمثلًا عندما سمعت في القديم ملكة سبأ بحكمة سليمان جاءت لتختبر حكمته بألغاز أو مسائل، ولما رأت أنه يفوقها في الحكمة اندهشت جدًا وصار قلبها وفكرها منكشفان أمامه، بل لم تتمالك نفسها فكشفت له بإرادتها كل ما في قلبها له وخضعت له طالبة إرشاده كقول الكتاب: "وَسَمِعَتْ مَلِكَةُ سَبَأ بِخَبَرِ سُلَيْمَانَ لِمَجْدِ الرَّبِّ، فَأَتَتْ لِتَمْتَحِنَهُ بِمَسَائِلَ... وَكَلَّمَتْهُ بِكُلِّ مَا كَانَ بِقَلْبِهَا. فَأَخْبَرَهَا سُلَيْمَانُ بِكُلِّ كَلاَمِهَا. لَمْ يَكُنْ أَمْرٌ مَخْفِيًّا عَنِ الْمَلِكِ لَمْ يُخْبِرْهَا بِهِ. فَلَمَّا رَأَتْ مَلِكَةُ سَبَا كُلَّ حِكْمَةِ سُلَيْمَان... لَمْ يَبْقَ فِيهَا رُوحٌ بَعْدُ... وَأَعْطَتِ الْمَلِكَ مِئَةً وَعِشْرِينَ وَزْنَةَ ذَهَبٍ وَأَطْيَابًا كَثِيرَةً جِدًّا وَحِجَارَةً كَرِيمَةً. لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِثْلُ ذلِكَ الطِّيبِ فِي الْكَثْرَةِ..." (1مل10 : 1 - 10 ). هنا نتساءل هل من الممكن أن يدرك من لا حكمة له ولا قدرة أسرار كلي الحكمة والقدرة؟ بالطبع لا فنحن كبشر غاية في الضعف كوصف الكتاب المقدس: "هُوَذَا عَبِيدُهُ لاَ يَأْتَمِنُهُمْ، وَإِلَى مَلاَئِكَتِهِ يَنْسِبُ حَمَاقَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ سُكَّانُ بُيُوتٍ مِنْ طِينٍ، الَّذِينَ أَسَاسُهُمْ فِي التُّرَابِ، وَيُسْحَقُونَ مِثْلَ الْعُثِّ؟ بَيْنَ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ يُحَطَّمُونَ. بِدُونِ مُنْتَبِهٍ إِلَيْهِمْ إِلَى الأَبَدِ يَبِيدُونَ" (أي 4: 18 -20). · مقدرتك على الإلمام بطبيعة الأخر: إن كانت لديك مقدرة فذة فعليك توجيهها للمعرفة والإلمام بطبيعة ذلك الشخص وما يمر به من ظروف؛ حينئذ يمكنك معرفة ماذا فعل بالأمس فلان، فإن كان فلان هذا هو طفلك ذو الخمس سنوات فستستنتج بالطبع بحكمتك الفذة بالمقارنة به طبعًا، ماذا فعل بالأمس واليوم وأيضًا ماذا سيفعل غدًا... لقد سَخَّر الإنسان الطبيعة وتحكم فيها بالحكمة والمعرفة فسير الطائرات بل سير سفن الفضاء والسفن العملاقة أيضًا في البحار، وسَخَّر وأخضع الحيوان لأنه تمكن من اكتشاف أسرار الطبيعة والحيوان، وأدركها تمامًا.. أما بالنسبة لله فلا يمكننا إدراك أسراره ولا عمق حكمته المتناهية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وذلك لضعفنا كشهادة سفر أيوب عن الله: "هُوَذَا اللهُ يَتَعَالَى بِقُدْرَتِهِ. مَنْ مِثْلُهُ مُعَلِّمًا؟ مَنْ فَرَضَ عَلَيْهِ طَرِيقَهُ، أَوْ مَنْ يَقُولُ لَهُ: قَدْ فَعَلْتَ شَرًّا؟ اُذْكُرْ أَنْ تُعَظِّمَ عَمَلَهُ الَّذِي يُغَنِّي بِهِ النَّاسُ. كُلُّ إِنْسَانٍ يُبْصِرُ بِهِ. النَّاسُ يَنْظُرُونَهُ مِنْ بَعِيدٍ. هُوَذَا اللهُ عَظِيمٌ وَلاَ نَعْرِفُهُ وَعَدَدُ سِنِيهِ لاَ يُفْحَصُ" (أي36: 22-26). أخيرًا قد يمكننا معرفة الكثير عن الله، وذلك عندما يكشف ويعلن لنا روح الله القدوس أسراره فائقة المعرفة كقول الكتاب: "فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ" (1كو10:2). |
رد: كتاب عندي سؤال
السؤال الثامن عشر
لماذا خلق الله الخليقة؟ الإجابة: الله خَيِّر وصالح... فلذلك ليس من المعقول أن يكون وراء خلق الله للإنسان غرض آخر غير الخير والصلاح، لأن من الصالح يخرج صلاح، ومن الشرير شرور، وذلك كقول الكتاب المقدس: "هكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَارًا جَيِّدَةً، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَارًا رَدِيَّةً" (مت7: 17). ولكن لكي نجيب على هذا السؤال علينا أن نسأل أنفسنا هل أوجد الله الخليقة من أجل نفسه أم من أجل الإنسان؟! أولًا: بالنسبة لله: الله في طبيعته ليس محتاجًا للإنسان لأنه كامل، أي ليس فيه نقص يحتاج أن يكمله بمعونة من أحد.. ومثال ذلك يحتاج لك طفلك الرضيع كأب تحميه، ويحتاج لأمه لترعاه وحياته تتوقف عليكما، ولكن حياتك أنت كإنسان في كمال الرجولة لا تتوقف على طفلك، فأنت وأمه كنتما موجودين قبل ولادته، وبفرض أنكما لم تتزوجا كان يمكنكما أن تعيشا ككثيرين بلا زواج، والله أيضًا ليس في حاجة لأحد لأنه كائن بذاته كقول الكتاب: "أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبَدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ" (رؤ1: 8). ثانيًا: بالنسبة للإنسان · الإنسان في فردوس النعيم: خلق الله الإنسان ليحيا إلى الأبد.. خلقه على صورته ومثاله في البر والقداسة والحكمة، وضعه في فردوس النعيم متمتعًا بالكثير من النعم، فعاش ينعم بحب ورعاية الله له، لم ينقصه شيء بل عاش كملك له سلطان على نفسه وعلى باقي المخلوقات التي خلقها الله لأجله... لقد زوّده الله بالعقل الراجح الحكيم، عاش حرًا لا يقهره شيء... وهكذا أراد الله للإنسان السعادة وتحققت السعادة للإنسان في فردوس النعيم؛ لأن الله أشبع الإنسان بخيره كقول المرنم: "الَّذِي يُشْبعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ، فَيَتَجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُك" (مز 103: 5). · تعاسة الإنسان بعد سقوطه وانفصاله عن الله: تبدل حال الإنسان إلى التعاسة والشقاء بالسقوط في الخطية، والبعد عن الله مصدر الخير والصلاح، ومن هذا الوقت ابتدأ هذا السؤال يتبادر إلى الذهن: لماذا خلقني الله؟ ولكن لماذا لا يرد هذا السؤال على ذهن أحد القديسين الذين يحيون بفرح وسلام الروح القدس؟ بالطبع لأن هذا السؤال ينم عن شعور البعض بالتعاسة في أوقات الضعف والبعد عن الله. · الله يعيد للإنسان سعادته: عانى الإنسان الشقاء بسبب الخطية وعصيانه، لكن الله لم يتركه للتعاسة والشقاء -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- بل دبر له الفداء والخلاص، وحل بروحه القدوس في المؤمنين المتكلين عليه، ليسكب تعزياته فيهم، وليتمم خلاصه لهم، واعدًا إياهم بأن يحيوا معه في ملكوته... إذًا الهدف من خلقة الإنسان هي سعادته سواء قبل السقوط في الفردوس، أو بعده حينما صلب لأجله وفداه ثم حل فيه بروحه القدوس، أو في الأبدية عندما سيعطيه الله ملكوت السماوات والحياة الأبدية. · الشكر والاعتراف لله واجب: الاقتراب من الله يهب للإنسان بركات الروح القدس؛ فيمتلئ محبة وفرحًا وسلامًا ورجاءً في الحياة الأبدية السعيدة التي تنتظره؛ حينئذ يشعر الإنسان بالامتنان لله والشكر له لأنه خلقه، ولذلك يسبّحه ويعترف بحمده. وعندئذ لن يكون هناك مجال لهذا السؤال، وهل يستطيع أحد أن يقول لإنسان خيّر لماذا تعطي الفقراء؟ أم الأولى أن يشكره، أم هل يستطيع أحد أن يقول لموسيقار يعزف ألحانًا شجية لماذا تعزف؟ أم يشكره، وهل يستطيع أحد أن يقول لطبيب لماذا...؟ أم يشكره وهل... وهل... وهل... أم يشكره. إنه الخير الذي لا يمكن أن يقال لصانعه لماذا فعلت هذا، ولكن من المنطقي أن نعترف بفضل الله على خيره وصلاحه في خلقه لبني البشر كقول المرنم في المزمور: "لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي. أَحْمَدُكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدِ امْتَزْتُ عَجَبًا. عَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ، وَنَفْسِي تَعْرِفُ ذلِكَ يَقِينًا" (مز139: 13-14). أما من يرفض وجود الله في حياته؛ حينئذ سيكون قد أحب التعاسة واختارها لنفسه، ورفض السعادة والأبدية التي خلقه الله لأجلها. |
رد: كتاب عندي سؤال
19- كيف يشبه الكتاب الله بالحيوانات وخاصة بالخروف.. فهل الله في كل مجده يشبه بحيوان؟
السؤال التاسع عشر كيف يشبه الكتاب الله بالحيوانات وخاصة بالخروف.. فهل الله في كل مجده يشبه بحيوان؟ الإجابة: · تأتي حصيلة معرفة الإنسان مما يراه أو يسمعه من الطبيعة المحيطة به؛ فاللون الأخضر عرفه الإنسان من الشجر والأزرق من البحر، واللطف من نسيم الهواء والشدة والقسوة والفجائية من العاصفة، والصوت العالي من الرعد والوداعة من الحمل أي الخروف الصغير، وأيضًا تعلم الإنسان التضحية والفداء بحسب شريعة العهد القديم من خلال الذبائح والمحرقات التي أمره الله بتقديمها، فاستخدم الخروف والثور كذبائح... وهكذا ندرك الصفات في اللغة من خلال معرفتنا للموجودات المحيطة بنا سواء حية أو جماد، عاقلة أم غير عاقلة، وعندما نريد أن نعبّر عن صفة ما بوضوح شديد نرجعها إلى مصدرها الطبيعي الأساسي المعروف في أذهاننا، والمتعارف عليه منا بتلقائية وبساطة. مثال: إذا أردنا أن نعبر عن الوداعة نقول فلان مثل الحمل.. وإذا أردنا أن نعبر عن التهور نقول فلان دخل علينا مثل العاصفة، وهكذا. · عندما نستخدم تشبيهًا معينًا فهذا التشبيه هو في نقطة معينة، ومن غير المنطقي أن يتطابق ذلك التشبيه مع من نشبهه به تمامًا في كل شيء وإلا أصبح المُشَبَّه والمُشَبَّه به واحدًا. مثال (1): فعندما نقول أن فلانًا كالأسد قد نقصد عدم خوفه وشدته، ولا نقصد تشبيه فلان بالحيوان، ولذلك نجد فلانًا يفرح بكونه أسدًا ويفهم أننا نقصد صفة واحدة وهي الجرأة والشجاعة. مثال (2): وعندما يقول ربنا يسوع المسيح عن نفسه أنه أراد أن يجمع بني إسرائيل كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، فهو يقصد الاهتمام والعطف على شعبه وهكذا... مثال (3): وقد نستخدم تشبيهًا من الطبيعة مثل الحية، وهذا الحيوان قد يعطينا أكثر من تشبيه فعندما نتكلم عن مكر ودهاء إنسان ما قد نقول عنه أنه كالحية، وعندما نريد أن نمدح إنسانًا حكيمًا يحافظ على نفسه من الشر، نقول عنه أنه حكيم كالحيات؛ وذلك لأن الحيات حينما تتعرض لخطر تخفي رأسها في جسمها، لأن رأسها أهم جزء فيها، وهي تتقن الهرب من الخطر. الخلاصة: هذه هي لغة البشر التي تقرب وتوضح المعاني، والتي استخدمها الكتاب المقدس، وبدونها لا يمكن أن تتضح المعاني ولا عيب في ذلك. |
رد: كتاب عندي سؤال
20- هل هناك مبدأ لتكافؤ الفرص في المسيحية، أو بمعنى آخر هل الله سيعطي كل شخص نصيبه على الأرض أم في السماء فقط؟ وهل سيظل كثيرون مظلومين إلى الموت؟
السؤال العشرون هل هناك مبدأ لتكافؤ الفرص في المسيحية، أو بمعنى آخر هل الله سيعطي كل شخص نصيبه على الأرض أم في السماء فقط؟ وهل سيظل كثيرون مظلومين إلى الموت؟ الإجابة: مقدمة: مبدأ تكافؤ الفرص مبدأ عظيم يطالب به الإنسان الحكومات والأنظمة والهيئات والمجتمعات المختلفة، وقد نشأ هذا المبدأ كمبدأ حقوقي ليعبر عن قيمة الإنسان بالمقارنة بأخيه الإنسان، الذي قد يظلمه لأنه مختلف عنه في الجنس أو اللون أو الدين، أو الإمكانيات الصحية أو الطبقة الاجتماعية أو حالته المادية أو... أو... ولكن لنضع الإجابة من خلال النقاط الآتية: أولًا: نشأ هذا المبدأ نتيجة للتفرقة التي دافعها الأول المحاباة لأجل منفعة أو تعصب أو هوى، وهذا الدافع بالطبع ليس له وجود لدى الله، فالله محب بطبيعته وصالح وحق، وليس ظالمًا وعظيمًا جدًا ومنزهًا عن كل هذا، ولن يناله منفعة من محاباة أحد، وليس له هوى يقوده ليكره شيئًا، أو يشتهي شيئًا، وهذه هي شهادة الكتاب المقدس عن الله المنزه عن مثل هذا. · "وَالآنَ لِتَكُنْ هَيْبَةُ الرَّبِّ عَلَيْكُمُ احْذَرُوا وَافْعَلُوا. لأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ الرَّبِّ إِلهِنَا ظُلْمٌ وَلاَ مُحَابَاةٌ وَلاَ ارْتِشَاء" (2 أخ19: 7) · "لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ هُوَ إِلهُ الآلِهَةِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، الإِلهُ الْعَظِيمُ الْجَبَّارُ الْمَهِيبُ الَّذِي لاَ يَأْخُذُ بِالْوُجُوهِ وَلاَ يَقْبَلُ رَشْوَةً" (تث17:10)، والكتاب يحوي المزيد من أمثال هذه الشواهد. ثانيًا: مبدأ تكافؤ الفرص لابد أن ينفذ بحكمة فما يحتاجه هذا غير ما يحتاجه ذاك، بل أيضًا ما يسبب سعادة لشخص ما قد لا يسبب سعادة الآخر، لأن خلقة الله متباينة وكل فرد من بني البشر يختلف عن الآخر، وهذا الاختلاف يضمن التكامل في الخليقة، لذلك يهب الله كل فرد ما هو مناسب له على حدة؛ لأنه هو الحكيم العالم ما هو الملائم والنافع لكل أحد. شواهد كتابية: "مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ. مَلآنةٌ الأَرْضُ مِنْ غِنَاكَ." (مز24:104). صورة في موقع الأنبا تكلا: علامة يساوي. ثالثًا: الله عظيم في حبه فيعطي ما هو نافع فقط وليس هدف الله أن يرضى الناس عنه، ولكن هدفه خيرهم، فالله كأب لا يهمه رضا أطفاله الصغار الذين يصرون على أكل الشيكولاتة فقط، لأنه إن فعل ذلك يكون قد استجاب لحماقتهم في سبيل إرضائهم، لكنه يتصرف حسب حكمته وصلاحه، حتى إن كان ذلك لا ينال استحسانهم، فإن أصر أحد أطفاله الصغار فرضًا أن يشتري له أبوه أدوات هندسية كأخيه الطالب في كلية الهندسة بالطبع لن يشتري له أبوه ما يريد، بل يشتري ما هو نافع له وليس لأخيه ولذلك يُدعَى الله بـ"الصالح"؛ أي أنه لا يعطي إلا ما هو نافع وخيّر. شواهد كتابية: "كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ" (يع1: 17). رابعًا: أحيانًا كثيرة يركز البشر على الأمور الجسدية من أكل وشرب وملبس ومتع حسية ورفاهية وغنى و... و... ولكن نظرة الله شمولية، فهي ليست لأمور الإنسان في حياته على الأرض فقط، بل لحياته الأبدية، ولخلاص نفسه في السماء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وهو كطبيب حكيم قد يرى أن نوعًا من الأكل اللذيذ كالحلويات مثلًا سيضر بصحة مريضه، فلا يتردد في منعه عنه حفاظًا على حياته التي هي أسمى من أكل الحلويات... إنها شمولية معرفة الله وحبه تجاه بني البشر، لأنه هو الراعي الصالح الذي يعرف كيف يرعى رعيته. شواهد كتابية: "أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ" (يو10: 11). خامسًا: العدالة تغيب عن بني البشر والظلم يسود أحيانًا ولكن الله يتحكم في كل الأمور لخير أولاده كقول الكتاب: "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَب قصده" (رو28:8).. إن الله من محبته وقدرته العجيبة كفنان قدير يستعمل اللونين الأسود والأبيض وباقي الألوان؛ لرسم صورة بديعة لا يمكن للإنسان العادي أن يتخيلها إلا بعد أن ينتهي من رسمها الفنان الملهم، فالله كذلك يستخدم شر الأشرار لخير أولاده كقول الكتاب أيضًا: "فَقَالَ لَهُمْ:«مِنَ الآكِلِ خَرَجَ أُكْلٌ، وَمِنَ الْجَافِي خَرَجَتْ حَلاَوَةٌ...»" (قض14:14). |
رد: كتاب عندي سؤال
سادسًا: الله قادر أن يسند المظلومين ويعزيهم، بل يفرحهم ويعوضهم في أشياء أخرى، حتى وإن كانوا في أتون أو لهيب الشدائد، والأمثلة كثيرة في الكتاب المقدس عن تعزيات الله للمظلومين نذكر منها تعزيات الله لداود النبي ونفسيته الفرحة، حتى أنه رتل المزامير بفرح بالرغم أنه كان مطاردًا من شاول الملك الذي كان يموت غيظًا وحقدًا، فبينما كان شاول يطلب قتله ترنم داود قائلًا: "عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فِي دَاخِلِي، تَعْزِيَاتُكَ تُلَذِّذُ نَفْسِي" (مز94: 19). سابعًا: يطالبنا الله قاضي المسكونة الديان العادل بالانتظار والصبر حتى تتم مقاصده الصالحة والخيرة نحو خليقته... والصبر هنا لأن الله في محبته ليس قاضيًا فقط، بل هو أيضًا كمثل طبيب وجراح معه مشرط لكن عظمته في أنه لا يستخدمه إلا لبتر العضو الذي تأكد من موته بالفعل، والناس تمدح ذلك الطبيب لصبره وتأنيه واستماتته في مداواة العضو المريض، أما إن تسرع لاستعماله المشرط بحجة أن المريض يعاني بعض المعاناة فحتمًا سيسبب ضررًا لمريضه وحينئذ يستحق اللوم علي تسرعه، وقد تسحب منه نقابة الأطباء رخصة مزاولته للمهنة. إن الأفضل لنا جميعًا أن يتأنى الله علينا لأننا جميعنا خطاة، أما عندما يستنفذ العضو الفاسد كل فرصة للإصلاح، يأتي دور الجراحة أو بالحري دور القضاء لأن الله قاض عادل وأيضًا صالح، ولكنه لا ولن يسكت على الشر. شواهد كتابية: "إِذًا لاَ تَحْكُمُوا فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ، حَتَّى يَأْتِيَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُنِيرُ خَفَايَا الظَّلاَمِ وَيُظْهِرُ آرَاءَ الْقُلُوبِ. وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَدْحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللهِ" (1كو4 :5). ثامنًا: الموت للأشرار الذين عاشوا حسب هواهم ليس نهاية المطاف، ولا هو منفذ لُهم يهربون بواسطته من عدالة الله، بل هو انتهاء الفرصة الممنوحة لهم للنجاة من العقاب الأبدي، ومثلهم في ذلك مثل لص هارب، ولكنه قد تم القبض عليه، ووضع في قفص الاتهام، ولن يستطيع أن يفلت منه دون عقاب. شواهد كتابية: "قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا:«أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي، وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا»" (يو8: 21). تاسعًا: ما تمتع به البعض في زمان حياتهم على الأرض لا يقاس بما ينتظر الأبرار المتألمين الشاكرين من فرح ونعيم أبديين، ولن يذكر الأبرار هذه الشدائد بأسى بل بفرح، لأنها حينئذ ستكون لهم كنياشين لمجدهم ودليل على استحقاقهم، كما يَذكرُ الطالب أيام جهاده في الدراسة والمذاكرة بفخر بعد نجاحه وتفوقه. شواهد كتابية: "فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابني، اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ" (لو16: 25). عاشرًا: ما ناله البعض من خير كثير، ليس فرصة أعظم للرفاهية والسعادة، وليس للعيش ببذخ دون غيرهم، لكنه وديعة من الله أو وزنات ليتاجروا بها لحساب الله، وسيحاسبون كيف وظّفوها لحساب الخير والحب، ولحساب من ليس لهم، ودليل ذلك أن الكتاب يحذر من خطر التنعم الزائد والإسراف على الذات، لأن ذلك سيجعل صاحبه قد استوفى خيراته على الأرض، ويحذر أيضًا من التقطير على المحيطين، لأن من يأخذ أكثر سيقدم حسابًا أكثر عمَّا وهبه الله له. شواهد كتابية: · "فَدَعَا عَشَرَةَ عَبِيدٍ لَهُ وَأَعْطَاهُمْ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ، وَقَالَ لَهُمْ: تَاجِرُوا حَتَّى آتِيَ" (لو13:19). · "فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابني، اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ" (لو16 : 25). |
رد: كتاب عندي سؤال
21- هل انتهى دور ناموس موسى وشريعة ونبوات العهد القديم ولا داعي لدراسة أسفار العهد القديم؟
السؤال الحادي والعشرين هل انتهى دور ناموس موسى وشريعة ونبوات العهد القديم ولا داعي لدراسة أسفار العهد القديم؟ الإجابة: الكتاب كله (عهد قديم أو جديد) موحى به من الله كقول الكتاب: "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ" (2تي3: 16)، ولذلك امتدح معلمنا بولس الرسول تلميذه تيموثاوس لأنه يعرف الكتب المقدسة قائلًا له: "وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (2تي3: 15). وبالطبع كانت أسفار العهد القديم أول هذه الكتب التي عرفها القديس تيموثاوس، والكتاب يعطي أيضًا حياةً أبدية لمن يدرسه كقول الرب: "فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً" (يو5 :39). فهل يتجرأ أحد ويهمل دراسة أجزاء من الوحي الإلهي؟! وهل كتب الوحي الإلهي تشتمل على أجزاء غير مهمة؟ أهمية أسفار العهد القديم: · الكتاب المقدس وحدة واحدة في بنائه ويتكامل مع بعضه البعض ولا يمكن دراسة أجزاء منه، وإغفال أجزاء أخرى لأنه مبني على بعضه البعض، وهو أيضًا متدرج في كشفه وإعلاناته لبني البشر؛ حتى يصل بنا إلى كمال إعلانه عن الرب يسوع المسيح الغالب ملك الملوك ورب الأرباب، وعن السماء أورشليم السمائية مسكن الله مع القديسين في سفر الرؤيا، فمن المستحيل إذًا قراءة العهد الجديد دون القديم، لأن ذلك سيسبب عدم فهم الكتاب وعدم إدراك مقاصد الله. مثال ذلك من يدعي أنه سيدرس علم جراحة العيون فقط ليكون جراحًا نابغًا في العيون، وأنه لا حاجة له لدراسة باقي علوم الطب، مثل علم التشريح أو الجراحة العامة أو وظائف الأعضاء، أو علم الميكروبيولوجي أو علم الأمراض أو.. أو.. بدعوى أنه يكفيه علم جراحة العيون.... فهل ذلك منطقي؟!! فكيف يمكن فهم سفر العبرانيين الذي يتكلم مثلًا عن الرب يسوع المسيح ككاهن أعظم، وأيضًا ذبيحة طاهرة مقبولة دون الرجوع لسفر اللاويين وسفر الخروج و.. و... وكيف نفهم سر المعمودية والولادة الجديدة دون الرجوع لفلك نوح والطوفان وعبور البحر الأحمر في العهد القديم، وكيف نفهم قول معلمنا بولس الرسول: "وَجَمِيعَهُمُ اعْتَمَدُوا في السَّحَابَةِ وَفِي الْبَحْرِ" (1كو2:10)، دون الرجوع لأسفار العهد القديمَ، وكيف نفهم أيضًا أن المسيح له المجد هو المن النازل من السماء، والخبز الحي حسب قول معلمنا بولس الرسول: "وَجَمِيعَهُمْ أَكَلُوا طَعَامًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَابًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيح" (1كو10: 3-4)، دون الرجوع لأسفار العهد القديم، وكيف نفهم...؟! وكيف نفهم...؟! وكيف نفهم...؟! هل يمكننا فهم كل ذلك دون الرجوع لسفر الخروج وسفر العدد واللاويين... و... و...؟!!! · صحيح أن أسفار العهد الجديد قد سجلت لنا الأحداث الخاصة بحياة وتعاليم ربنا يسوع المسيح، لكن العهد القديم يقدم التفسير لما وراء هذه الأحداث والتعاليم، فمثلًا مشاعر الرب يسوع أثناء محاكمته وآلامه ستجدها مسجلة في نبوات سفر المزامير وهكذا... · العهد القديم متفرد في تسجيل الكثير من معاملات الله مع البشر، سواء من الأفراد أو الشعوب (مثل صموئيل ودانيال وموسى و.. وأيضًا شعوب كثيرة). ثانيًا: أسفار العهد القديم هي كلمات الله وتستمد أهميتها من كونها أنفاس الله، ومن يستطيع أن يحذف جزءًا أو ينادي بعدم أهميته أو يشير بعدم دراسته وهو خارج من فم الله بحسب قول الكتاب: "عَالِمِينَ هذَا أَوَّلًا: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بط1: 20،21)، وقد أكد الرب يسوع المسيح أن كل كلمة من فم الله (نلاحظ قوله له المجد كل وليس جزء) تسبب حياة قائلًا: "فَأَجَابَ وَقَالَ: «مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ» (مت4:4). أن كلام الله كله أبدي لا يزول كقول الرب أيضًا: "اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ" (لو 21 : 33). ثالثًا: كاتب أسفار العهد القديم والجديد واحد وهو الله، وهل من المعقول لدارس أو باحث يجد في معرفة شخصية كاتب عظيم أن ينتقي حسب مزاجه الشخصي بعض كتاباته، ويهمل الباقي منها؟!! بالطبع لا، فمعاملات الله مع البشر من محبة وأمانة وقداسة ورحمة وعدالة واضحة في العهد القديم، فهل يمكننا إغفال جانب مهم مثل هذا لأنه سجل في العهد القديم وليس في العهد الجديد. إن معلمنا بولس الرسول يؤكد ذلك قائلًا: "يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" (عب13: 8). وبالطبع الآب أيضًا والروح القدس هو هو أمس واليوم وإلى الأبد. رابعًا: أسفار العهد القديم تشهد للرب يسوع المسيح: · أسفار الكتاب المقدس بعهديه تشهد للرب يسوع حسب قوله: "فَتِّشُوا الْكُتُبَ... وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي" (يو5 :39). فالنبوات الكثيرة والدقيقة تشهد لألوهية السيد المسيح، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فكيف يتجرأ أحد في حذف جزء من شهادات الحق الإلهي عن الرب يسوع المسيح المخلص؟ · وبخ ربنا يسوع المسيح تلميذي عمواس اللذين لم يؤمنا بما كُتب عنه في نبوات العهد القديم قائلًا لهما: "فَقَالَ لَهُمَا: "أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ! أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟" (لوقا 24: 25، 26). · ولتأكيد أهمية شهادة أسفار العهد القديم يخبرنا معلمنا لوقا البشير أن الرب شرح بالتفصيل وبالتتابع؛ بل وفسر لهم الأمور المختصة به (من رموز وإشارات ونبوات) في أسفار موسى النبي وكل الكتب قائلًا: "ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ" (لوقا24: 27). · أخيرًا نضع أمامك أيها السائل العزيز مشهدًا رائعًا للرب يسوع على جبل التجلي، ومعه قديسين من أنبياء العهد القديم (ممثلين في موسى وإيليا) وأيضًا قديسين من رسل العهد الجديد (ممثلين في بطرس ويعقوب ويوحنا)، وهو يتكلم مع كلا الفريقين عن خروجه، أي صلبه وفدائه الذي كان مزمعًا أن يتممه في أورشليم من أجل البشرية جميعها، وهذا يبين لنا بأن معرفة خلاصنا سنجدها من خلال أنبياء العهد القديم، ورسل العهد الجديد كقول الرسول بولس: "مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ" (أف 2: 20).. فما أعظم الرب في تدبيره وإعلانه وشهاداته الحقيقية عن نفسه. |
رد: كتاب عندي سؤال
22- لماذا منع الله أبانا آدم وأمنا حواء من الأكل من شجرة معرفة الخير والشر؟ ولماذا لم يقل لهما سبب عدم الأكل منها؟ وهل لهما عذر في السقوط؟ وإن لم يكن، فما الذي كان مفترضًا أن يجيبا به الحية حتى ينجوا من حيلتها الماكرة؟
السؤال الثاني والعشرين لماذا منع الله أبانا آدم وأمنا حواء من الأكل من شجرة معرفة الخير والشر؟ ولماذا لم يقل لهما سبب عدم الأكل منها؟ وهل لهما عذر في السقوط؟ وإن لم يكن، فما الذي كان مفترضًا أن يجيبا به الحية حتى ينجوا من حيلتها الماكرة؟ الإجابة: أولا: لماذا لم يكشف لهما الله أسباب منعهما من الأكل من الشجرة؟ يمكننا استنتاج بعض هذه الأسباب فيما يلي: 1. الخالق هو الذي أعطى الإنسان العقل الناطق لكي يفهم ويميز به ما لخيره، ومن حقه كخالق ذي السلطان أن يحجب عنه أو يعلن له بحسب حكمته ما شاء من أسرار، سواء بإعلان إلهي فائق كرسالة مباشرة منه، أو بالرؤيا، أو بحلم، أو برسالة يحملها نبي، أو يعطي لعبيده الحكمة لاستنتاج وفهم ما غمض عليهم. أما الخليقة الناطقة أي الإنسان فليس من حقه أن يتذمر طالبًا المزيد، أو يلوم الله على ما لم يعلنه له بل يشكره، فما نلناه لم تنله باقي المخلوقات... فشيء طبيعي ألا يعرف الناس كل شيء عن كل شيء. 2. قد لا يكون لأبوينا قدرة علي استيعاب هذا السر، أي لماذا لا يأكلا من هذه الشجرة بالذات دون باقي شجر الجنة؛ فمن يمكنه أن يدرك فكر الله ومقاصده كقول الكتاب: "«لأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ؟ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيرًا؟" (رو11: 34). 3. قد يكون هذا اختبار حب؟! والله ينتظر منهما أن يظهرا إيمانهما وحبهما له كأمنا العذراء؛ التي أظهرت خضوعًا وطاعة لله عندما بشرها الملاك بولادة الرب يسوع منها فقالت: "فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ»" (لو1: 38). 4. أو أن الله كان ينتظر منهما أن يسألاه وهو سيعلن لهما لاحقًا، فهو يريد الدخول معهما في حوار أبوي يسألاه وهو يجيب؛ فتتحقق علاقة الحب بين الله كأب والإنسان كابن يثق في أبيه كما قال أيوب الصديق: "اِسْمَعِ الآنَ وَأَنَا أَتَكَلَّمُ. أَسْأَلُكَ فَتُعَلِّمُنِي. بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ، وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي" (أي42: 4، 5). 5. أو لأن الله أرادهما أن يُظهرا شوقًا للمعرفة الإلهية قبلما يعلن لهما أسراره، فهو لا يعلن إلا لمن يريد، وأعظم مثال لذلك هو شوق دانيال النبي الذي صلى ليفهم متى ينتهي سبي بابل؛ فأرسل الله له الملاك جبرائيل ليفهمه الكثير من الأسرار والإعلانات. ثانيا: هل كان لهما عذر في السقوط وماذا كان مفترضًا أن يفعلا لكي ينجوا من فخ إبليس؟ بالطبع كان من الممكن ألا يسقط أبوانا في فخ إبليس.. والآن دعنا نتخيل في السطور القادمة ماذا كان مفترضًا أن يجيب أبوانا لكي لا يسقطا في الفخ، فنتعلم كيف ننجو نحن أيضًا من حيل إبليس: 1. نحن لا نعرف لماذا لم يسمح لنا الله بالأكل من هذه الشجرة، ولكن لابد أن يكون هذا فيه خيرنا، ولماذا يمنعنا الله عن شجرة معينة إن لم يكن ذلك في صالحنا؟ فهو صالح ولم نرَ منه غير الصلاح. 2. حينما نرى الله سنسأله عن سبب ذلك. 3. أمامنا أشجار كثيرة وخير كثير لماذا ننشغل بهذه الشجرة بالذات؟! فلنعتبرها غير موجودة. 4. ولكن أبسط الإجابات وأسهلها هي: لا نعرف وماذا يعنينا. وهل من المفترض أن نعرف كل شيء؟! إن سبب السقوط الرئيسي هو أنهما احتارا عندما لم يجدا إجابة، مفترضين في أعماقهما أنهما يجب أن يعرفا كل شيء عن كل شيء ( وهذا بالطبع كذب وخيال ناتج من الشعور بعظمة الذات وهذا أيضًا كبرياء ومستحيل)... لقد قبلا شكوكًا في محبة الله لهما فصدقا الحية؛ وعندما لم يسعفهما عقليهما بالإجابة الشافية على تساؤلات الحية قدم لهما العدو الشرير - على فم الحية - سيناريوهاته الشريرة متهمًا الله ومشككًا في صلاحه قائلًا لهما: "بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ" (تك5:3). وهكذا قبلا من إبليس مشورته المميتة، وبالطبع بعدما حرك فيهما محبة الذات وتعظم المعيشة والكبرياء، ومن هذا الوقت ابتدأ إبليس يستعبدهما ويسيّرهما لحساب أغراضه الشريرة، وهكذا انفصلا عن الله مصدر الخير والصلاح، ووقع الجنس البشري كله في قبضة الشرير. الخلاصة: · هناك الكثير من أمور معاملات الله وحكمته في تدبير الخليقة غامضة على عقل البشر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وقد يكون تفسيرها صعبًا لضعف وقصور في حكمة البشر ومعرفتهم، وعندما يرفض الإنسان أن يعترف بعجزه عن إدراك حكمة الله وجهله بالكثير والكثير منها ينتهز العدو الشرير الفرصة، ويقفز ليقدم له تخيلاته الشيطانية متهمًا الله الكلي الصلاح بالقساوة والشر ولكن حاشا لله... إنه سيناريو قديم يبدأ بتساؤل قد يبدو بريئًا، ثم يبني عليه العدو افتراءات وشرور كثيرة. إذًا لابد أن نتحلى بالاتضاع واثقين أننا لا يمكننا أن نعرف كل شيء عن أمور الله وتدبيراته الفائقة المعرفة، ولا أحد أيضًا يمكنه أن يدرك حكمته كقول الكتاب: "يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه! ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء" (رو11: 33). · ليس من المنطقي للإنسان حينما يجهل شيئًا عن معاملات الله أو أحكامه أن يذهب بخياله بعيدًا ويسيء الظن بالله. فيا ليت أبوانا انتهرا الشيطان مؤكدين إيمانهم بالله قائلين: "نحن نعرف أن الله هو المحب والصالح كيف نشك فيه إذهب عنا يا شيطان". · كما أنه ليس لأحد الحق أن يعرف ما أخفاه الله في علمه هو فقط، فالله يعلن لمن يشاء وحينما يشاء. فنحن تراب ورماد أعطاه الله الحياة... وقد أكد ذلك أبونا إبراهيم حينما أصدر الله حكمه على مدينتي سدوم وعمورة بالإفناء، فاتضع إبراهيم أمام الله حاسبًا نفسه ترابًا ورمادًا، وأنه ليس من حقه الاعتراض على حكم الله، ولكنه عاد ليلتمس باتضاع عفو الله لأهل سدوم وعمورة قائلًا: "فأجاب إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ: «إِنِّي قَدْ شَرَعْتُ أُكَلِّمُ الْمَوْلَى وَأَنَا تُرَابٌ وَرَمَادٌ " (تك18 : 27). وقد أكد معلمنا بولس الرسول على كيفية السلوك باتضاع أمام الله قائلًا: "بَلْ مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تُجَاوِبُ اللهَ؟ أَلَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا: «لِمَاذَا صَنَعْتَنِي هكَذَا؟»" (رو 9: 20). ملاحظة أخيرة: ليس معنى معرفة الإنسان لجهله وضعفه ألا يجتهد ويبحث عن إجابات شافية لما لا يعلمه حسبما أعطاه الله من حكمة وفهم؛ ولكن قبلما نبحث طالبين المعرفة،علينا أولًا أن نتفق بأننا قد لا نفهم كل شيء ولا نعرف كل الأمور، وليس لنا الحكمة الكاملة لإدراك الكامل (الله العظيم)، ولماذا نقبل هذا المبدأ ونطبقه في التعامل مع الأمور العلمية أو في جميع أمور حياتنا الزمنية، ولا نطبق هذا المبدأ على أمور الله السماوية وحكمته في إدارة هذا الكون؟! |
رد: كتاب عندي سؤال
23- لماذا يعاقب الله الإنسان ولا يكتفي بنصحه؟ وهل عقوبات الله تتنافي مع رحمته؟
السؤال الثالث والعشرين لماذا يعاقب الله الإنسان ولا يكتفي بنصحه؟ وهل عقوبات الله تتنافي مع رحمته؟ الجزء الأول: العقاب ضرورة لضبط العالم وسلامته: الله القدير مسئول عن ضبط الكون ولذلك لا يترك الأشرار لشرهم، فالله هو ذو السلطان الأعلى في ممالك البشر بحسب قول الله نفسه لنبوخذ ناصر على فم دانيال النبي: "يَطْرُدُونَكَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ،... حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ الْعَلِيَّ مُتَسَلِّطٌ فِي مَمْلَكَةِ النَّاسِ وَيُعْطِيهَا مَنْ يَشَاء" (دا 4: 25). · مادام الله ملك الملوك فسلطته أو سلطانه ليس سلطان عبثي؛ فالمعروف أن كل ملك له سلطان في ربوع مملكته يستخدمه للحفاظ على مملكته، من فساد وشر الأشرار سواء من داخل مملكته أو من أعدائه من خارج المملكة، فهو المسئول الأعلى عن حفظ الأمن وسن القوانين التي تضمن استمرار مملكته، وأيضًا مسئول عن معاقبة المخالفين للقوانين.. وبالإجمال يضبط مملكته كقول الكتاب: "فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ. أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ" (رو13: 3). · إهمال أي ملك في ضبطه لمملكته ينسب له شخصيًا... وإن كان الملك الأرضي قد أُعطي سلطان ليستعمله لخير مملكته؛ فهو مسئول عن رعاياه... فما بالنا الله العظيم الضابط الكل ألا يستخدم سلطانه لضبط الكون وسلامته؟ إن الله هو الحافظ لخليقته من الفساد وهو الضامن لاستمرار وجودها وحياتها، وهو المدبر والراعي لها... فهل يجرؤ أحد أن ينكر على الله ملك الملوك ورب الأرباب سلطانه كمسئول عن خلقته ويقول له لا تعاقب أو تزيل الشر من مملكتك؟! وهل سلطان الله في يده سلطان عبثي؟!! · لقد كان داود الملك يفتخر بأن همه الشاغل كل صباح هو إبادة الشر من مملكته بحسب قوله في المزمور: "بَاكِرًا أُبِيدُ جَمِيعَ أَشْرَارِ الأَرْضِ، لأَقْطَعَ مِنْ مَدِينَةِ الرَّبِّ كُلَّ فَاعِلِي الإِثْمِ" (مز 101: 8). الجزء الثاني: هل ينصح الله البشر ثم يتركهم ليفعلوا ما يشاءون؟ · الهدف من إبادة الأشرار من أي مملكة هو الصلاح والخير، لأن الأشرار قد انقطع خيرهم ولا نفع منهم؛ بل يضرون الناس وإن تركوا سيزداد الشرر والضرر، وهل يوجد ملك حكيم يغامر بترك الشر يفسد مملكته بدعوى الرحمة والشفقة؟! فالملك الحكيم أولى مهامه أن يشتت الأشرار من مملكته كقول سليمان الحكيم: "اَلْمَلِكُ الْحَكِيمُ يُشَتِّتُ الأَشْرَارَ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمِ النَّوْرَجَ" (أم 20: 26). · الله هو ملك الملوك الحكيم، لكنه يتأنى وهو ينتقي بدقه الشر فقط ليبيده ويزيله من مملكته. · بعض الملوك قد يتأنى فينذر أولًا قبل أن يعقاب الأشرار لكن الكثير منهم لا يعرفون التأني؛ بل سليمان الحكيم يحذر عمومًا من غضب الملك؛ لأن العاقبة هي موت لمن يُغضب الملك قائلًا: "غَضَبُ الْمَلِكِ رُسُلُ الْمَوْتِ، وَالإِنْسَانُ الْحَكِيمُ يَسْتَعْطِفُهُ" (أم16: 14). · أما الله فهو كجراح حكيم يستأصل فقط العضو الذي ثبت فساده وعدم نفعه... هو طويل الأناة يحذر وينذر الأشرار بطرق كثيرة عسى أن يتوبوا ويكفوا عن شرهم، لكنه لا يترك ولا يهمل بل يتدخل في الوقت المناسب ليحمي المخلصين من شر الأشرار كقول الكتاب: "لأَنَّهُ لا تَسْتَقِرُّ عَصَا الأَشْرَارِ عَلَى نَصِيب الصِّدِّيقِينَ، لِكَيْلاَ يَمُدَّ الصِّدِّيقُونَ أَيْدِيَهُمْ إِلَى الإِثْمِ" (مز 125: 3). الجزء الثالث: عقاب الله للأشرار لا يتعارض مع شفقته: · رحمة الله وشفقته تتجلى في طول أناته وكثرة إنذراته وهذا واضح في أسفار العهد القديم، فمثلًا نجد أن الله حذر الأشرار في أيام نوح البار أكثر من مائة عام، هي فترة بناء نوح للفلك. · شفقة الله تتجلى في أنه يتأنى في العقاب من أجل القلة القليلة من الناس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فعلى سبيل المثال كان الله مستعدًا أن يتأنى ويؤخر عقابه لدائرة مدن سدوم وعمورة المتسعة، إن وجد خمسين أو أربعين أو ثلاثين بارًا فقط، وعندما عاقب هذه البلاد أرسل ملاكين لينقذ لوط وأسرته، وقد أكد الرب ذلك بقوله: "قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ" (مت12: 20). · شفقة الله تتجلى في قبوله الأشرار إذا تابوا؛ فمثلًا أهل نينوى قبلهم الله ولم يحرق المدينة عندما صاموا هم وملكهم من الكبير إلى الصغير، وعندما استاء يونان النبي من قبول الله لتوبتهم وبّخه الله قائلًا: "أَفَلاَ أَشْفَقُ أَنَا عَلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ رِبْوَةً مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ يَمِينَهُمْ مِنْ شِمَالِهِمْ، وَبَهَائِمُ كَثِيرَةٌ؟" (يونان4: 11). · من مظاهر شفقة الله أنه يعطي فرصة لبدايات جديدة؛ فعندما قتل قايين هابيل أخاه وضل نسل قايين وامتلأوا شرًا؛ بارك الله في شيث وفي نسله وتعهدهم، ثم بارك الله في نوح ونسله أيضًا وتعهدهم، وبعدها بارك الله في إنسان تقي إسمه أبرام وأفرزه من وسط الأشرار ودخل معه ومع نسله في عهد، وعندما ضل أولاد إبراهيم ورفضهم الله أعطى لبعض الأتقياء منهم من صيادي السمك البسطاء رسالة وكرازة ليبدأ بهم عهدًا جديدًا... وهكذا وراء كل فساد للإنسان كانت هناك رحمة أخرى ورأفة جديدة كقول الكتاب: "أَنْتَ تَقُومُ وَتَرْحَمُ صِهْيَوْنَ، لأَنَّهُ وَقْتُ الرَّأْفَةِ، لأَنَّهُ جَاءَ الْمِيعَادُ" (مز102: 13). · شفقة الله تجلت بعدم مسرته بالعقاب الذي ينزل بالشعوب الشريرة والملوك الأشرار وقد عبر الله عن عدم مسرته بأمره للأنبياء برفع مرثاة، أي يتنبأ النبي بشعر حزين يعبر فيه عن مدى حزن الله لما سيصيب هؤلاء الأشرار، وهذا ما حدث أيضًا لأورشليم العاصية التي بكى عليها الرب يسوع وهو يتنبأ بما سيصيبها نتيجة لعصيانها قائلًا: "وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا قَائِلًا: «إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضًا، حَتَّى فِي يَوْمِكِ هذَا، مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ! وَلكِنِ الآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ" (لو19: 41، 42). · لا تعارض في صفات الله مع بعضها البعض: أخيرًا نود أن نؤكد أن الله متكامل في صفاته فلا تعارض بين شفقة الله ومعقابة الله للأشرار وللتقريب للذهن... نضرب مثلًا بالطبيب الجراح الذي يعمل لفائدة مريضه؛ فيضطر آسفًا بعد محاولات علاجية مستميتة لبتر قدم قد دب فيها الفساد والموت بسبب الغرغرينا وبالطبع لا يكون هذا الطبيب في حالة رضى وسرور وهو يبتر هذه القدم، لكنها الضرورة الحتمية لإنقاذ المريض من الموت، وبالطبع يشكره المريض لإنقاذه لحياته ولا أحد بجرؤ أن يلومه على ذلك، فهو طبيب نبيه صالح... وهكذا بالنسبة لله الصالح الرحوم، يجب على كل عاقل أن يمجده على كل أحكام صلاحه، فهو لا يشاء موت الخاطئ حسب قوله: "لأَنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ مَنْ يَمُوتُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فَارْجِعُوا وَاحْيَوْا" (حز 18: 32). |
رد: كتاب عندي سؤال
24- لماذا تتميز شرائع العهد القديم بالأحكام القاسية مثل أحكام القتل بالرجم -مثلًا- بينما العهد الجديد يتميز بحنان الله وتسامحه مع الخطاة؟
السؤال الرابع والعشرين لماذا تتميز شرائع العهد القديم بالأحكام القاسية مثل أحكام القتل بالرجم -مثلًا- بينما العهد الجديد يتميز بحنان الله وتسامحه مع الخطاة؟ الإجابة: أولًا: لماذا الوصايا والشريعة؟: · الإنسان هو الوحيد من بين خليقة الله المادية الذي له حرية إرادة -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- وبالتالي فهو يخطئ كلما أراد، وبالتالي يسبب إيذاءً لنفسه ولغيره نتيجة حريته، ولهذا كان لابد لله الخالق الصالح ألا يتركه دون أن يضع له القوانين المنظمة أو الشرائع والوصايا، التي إذا اتبعها تجنب هو ومن حوله الضرر.... وهذا شبيه بما يفعله صانع أو مخترع أي جهاز حديث، حين يضع مع جهازه كتيبًا فيه إرشادات التشغيل الآمن؛ تفاديًا للاستعمال الخاطئ الذي قد يسبب تعطلًا أو دمارًا لهذا الجهاز القيم. إذًا وصايا الله وشريعته هي نعمة من الله، كقول القداس الغريغوري: "أعطيتني الناموس عونا"، وهي تختص بسلوك الإنسان وتصرفاته، وقد وضعها الله الخالق الصانع في صورة عهود ومواثيق ووصايا وهي لا تلغي الإرادة بل من يفعلها يحيا بها... من هذا المنظور ننظر إلى وصايا الله على أنها خير. ثانيًا: هل أحكام الشريعة قاسية؟: قد ينظر البعض لأحكام القضاء في الشريعة متسائلًا لماذا القتل؟ ويمكننا أن نفسر ذلك بما يلي: 1. أحكام الشريعة بالقتل مثل أي أحكام قضائية لضبط المجتمع ومحاربة الجريمة؛ فقد كان القضاء في ذلك الوقت مسئولية الكهنة وشيوخ الشعب لأن الشعب لم يكن له حكومة مدنية، وعندما أصبح لشعب اليهود مملكة، قام القضاة بهذه المهمة... ومن منا الآن يعترض على أحكام القضاء أو يعترض على عقوبة الإعدام بدعوى القسوة على مجرم نفذ جريمة قتل، أو اغتصاب، أو خيانة، أو... أو... ألا نستحسن القضاء ونشيد به لأنه نفذ العدالة وردع المجرمين؟! فلماذا الاعتراض على الشريعة، وعلى الله القدوس العادل؟! هل يستحق الله منا هذا لأنه يضبط الكون؟! 2. الحكم بالقتل كان يقع على من يعتدي على غيره سواء على نفس أخيه بالقتل، أو بسرقة نفس، أو بتقديم ذبيحة بشرية للأصنام (ابنه)، أو بالزنا أو بتحدي الله ذاته بكسر وصية السبت... وبالطبع الحكم على المذنب بالقتل كان إعلانًا عن بشاعة هذه الخطايا وعدم رضى الله عمّن يفعلها، وسكوت الله عن ذلك الشر كان معناه عدم قداسة الله وبالطبع حاشا لله. 3. القسوة الحقيقية أن يترك الله الكون بدون شرائع تردع القتلة والزناة والخونة، فيزداد الشر ويعم القتل والزنا والعنف والسرقة والاغتصاب... (حاشا لله) لأنه في تلك الحالة سيكون الله هو الجاني، كما أن من يعطي لمريض نفسيٍّ اشتهر بالعنف سكينًا ويتركه، ألا يحسب تزويده له بالسكين نوع من الجريمة التي تحسب على من زوّده بالسكين... إذًا الوصية والشريعة هي شهادة وإعلان عن بر الله وقداسته. 4. الحقيقة التي يتغافلها الكثيرون أنه لا حق للإنسان في كَسْر قوانين أو شرائع أي دولة، فما بالنا كسر الناس لوصايا الله وشريعته، ثم التذمر من عقوبة جرائمهم؟! ومن يمكنه أن يتذمر عندما يقع عليه جزاء جريمة مُثبتة عليه؟! فهو المسئول عمَّا وصل إليه من نتائج خطيرة لجرائمه.. وهل من المنطقي عندما يُلقي أحد بنفسه من الدور الثلاثين أن يأتي لائم ليلقي لومًا على الله لأنه وضع قانون الجاذبية الأرضية الذي يجعلنا نمشي على الأرض في سهولة، ولا يلقي لومًا على ذلك الإنسان الذي ألقى بنفسه من الدور الثلاثين...عجبي؟! 5. علّم الرب شعبه إسرائيل أنه قد وضع أمامهم وصاياه التي هي للحياة لمن يطيع، أو للموت إن رفضوها، وهم عليهم الاختيار حسبما اختاروا، وهذه بعض الشواهد التي تشهد بذلك: § "اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ الْيَوْمَ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْخَيْرَ، وَالْمَوْتَ وَالشَّرَّ" (تث30 :15). § فإن انصرف قلبك ولم تسمع بل غويت وسجدت لآلهة أخرى وعبدتها. فإني أنبئكم اليوم أنكم لا محالة تهلكون، لا تطيل الأيام علي الأرض التي أنت عابر الأردن لكي تدخلها وتمتلكها" (تث30: 17-18). § "أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ" (تث30: 19). 6. إذًا هو قانون وشريعة وعهد للخالق ولا حق لمن يكسر العهد أو يخالف تعليمات الخالق والصانع أن يتذمر إن أصابه مكروه نتيجة مخالفته، ومن منا يقرأ تحذير شركة الصنع لجهاز عظيم ويقرأ: "لا يستعمل غير تيار كهربائي قيمته.... وعند استعمال تيار بقيمة أكبر سيحترق الجهاز". فهل يغامر ويخالف ثم يلوم الصانع لأنه لم يصنعه يحتمل تيارًا ذي قيمة أكبر أو فولت أكبر؟! وعجبي لأناس تحترم صانع الأشياء المادية، وحقوق ملكيته الفكرية، ولا تهاب صانع السماوات والأرض بل الخليقة المادية والروحية!! 7. واجب الشكر لله الخالق على وصاياه وشرائعه المعطية الحياة: يحرص كل منا على الحصول على إرشادات التشغيل وتحذيرات الصانع لأي منتج من الأجهزة القيّمة ذات التكنولوجية الحديثة، ويشعر بالرضى ويقدم شكره لشركة الصنع ممتدحًا وضوح إرشادات التشغيل وكيفية صيانة جهازه القيّم، وفي حالة عدم وضوح الإرشادات وتحذيرات الأمان أو ندرتها يعتبر ذلك عيبًا في الصنع؛ لذلك كان من اللائق والواجب أن تتقدم الخليقة العاقلة لله المبدع بالشكر على وصاياه، بدلًا من التذمر من الضرر الواقع عليها عند مخالفة وصاياه وأوامره. لقد أكّد المرنم واجب الشكر لله الخالق على وصاياه وشريعته الإلهية عندما ترنم لله واصفًا امتياز أعطاء شعبه شريعته بقوله: "يُرْسِلُ كَلِمَتَهُ فَيُذِيبُهَا. يَهُبُّ بِرِيحِهِ فَتَسِيلُ الْمِيَاهُ. يُخْبِرُ يَعْقُوبَ بِكَلِمَتِهِ، وَإِسْرَائِيلَ بِفَرَائِضِهِ وَأَحْكَامِهِ" (مز147: 18، 19). |
رد: كتاب عندي سؤال
25- هل حكم الله بإبادة شعوبًا بأكملها بما فيهم النساء والأطفال يعتبر عدلًا؟
السؤال الخامس والعشرين هل حكم الله بإبادة شعوبًا بأكملها بما فيهم النساء والأطفال يعتبر عدلًا؟ الإجابة: الله قاضٍ عادل وقدوس ولا يطيق الشر، وهل من المنطقي أن ينكر عاقل حق قاضٍ عادل في إصدار أحكامٍ قضائية على الأشرار؟! فكم بالأولى من يتجرأ وينكر على الله ملك الكون العظيم حقه في مباشرة سلطاته القضائية! دعونا نتأمل معًا في السطور التالية حكمة الله من وراء هذه الأحكام. أولًا: أحكام الإفناء أو القتل (التحريم) لأمة ما بكاملها أو شعب ما أو بلد ما في العهد القديم هي أحكام قضائية، تصدر بأمر إلهي واضح محدد التفاصيل وليست تصريحًا من الله لشعبه بقتل الشعوب الأخرى، ويمكننا من خلال دراسة العهد القديم أن نتعرف على أنواع مختلفة من هذه الأحكام القضائية، نذكر منها على سبيل المثال: · أمر الرب بتحريم كل سكان أريحا، كما في (يش 6: 17). · الأمر الصادر من الله بالانتقام من النساء المديانيات بقتلهم هم وأولادهم الذكور المولدين منهم؛ لأنهم أغووا رجال بني إسرائيل على السقوط معهم في خطية الزنا، مع استثناء الإناث اللواتي لم يعرفن رجالًا فقد صدر الأمر باستبقائهن أحياء (عدد 31 : 15 -18). · لم يأمر الله شعبه بتحريم الشعوب البعيدون عنهم مكانيًا؛ بل أن يستدعوهم أولًا للصلح؛ فإذا رفضوا يحاربونهم ويقتلون فقط رجال الحرب منهم، أما النساء والأطفال فيستبقونهم أحياء، كما في (تث 20: 13-15). · أمر الرب شعبه بالمرور فقط في أرض سعير قائلًا لهم: "لاَ تَهْجِمُوا عَلَيْهِمْ، لأَنِّي لاَ أُعْطِيكُمْ مِنْ أَرْضِهِمْ وَلاَ وَطْأَةَ قَدَمٍ، لأَنِّي لِعِيسُو قَدْ أَعْطَيْتُ جَبَلَ سِعِيرَ مِيرَاثًا. طَعَامًا تَشْتَرُونَ مِنْهُمْ بِالْفِضَّةِ لِتَأْكُلُوا، وَمَاءً أَيْضًا تَبْتَاعُونَ مِنْهُمْ بِالْفِضَّةِ لِتَشْرَبُوا" (تث 2: 5- 6). ثانيًا: ملابسات وأسباب هذه الأحكام: · أصدر الله حكمه بقتل أو تحريم كل سكان كنعان لكثرة شرّهم وبعد طول أناته عليهم لمدد زمنية طويلة، فاستحقوا أن يحكم الله عليهم بلا رحمة كقول الكتاب: "لأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ بِلاَ رَحْمَةٍ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ رَحْمَةً، وَالرَّحْمَةُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْحُكْمِ" (يع 2: 13)... لقد مارسوا الشر والفجور بكثرة حتى أنهم تعودوا على القساوة؛ فقدموا أطفالهم كذبائح بشرية لآلهتهم الوثنية وعبّروا أولادهم في النار إرضاءً للآلهة الوثنية، ومارسوا خطايا الشذوذ الجنسي ومضاجعة الحيوانات. · كانت أحكام الله بالإفناء رمز للدينونة الإلهية الصادرة من الله على جميع أشرار الأرض في اليوم الأخير؛ فصاروا عبرة للفجار بحسب قول الكتاب: "كَمَا أَنَّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَالْمُدُنَ الَّتِي حَوْلَهُمَا، إِذْ زَنَتْ عَلَى طَرِيق مِثْلِهِمَا، وَمَضَتْ وَرَاءَ جَسَدٍ آخَرَ، جُعِلَتْ عِبْرَةً مُكَابِدَةً عِقَابَ نَارٍ أَبَدِيَّةٍ" (يه7)، وهذه الأحكام أيضًا مقدمة للدينونة الكبرى التي تنتظر أشرار العالم في آخر الأيام. ثالثًا: طريقة الحكم وأسلوبه لها معنى عند الله: لم تكن الأحكام الإلهية بالفناء على شعب ما يقوم بتنفيذها بني إسرائيل فقط بل بحسب حكمته استخدم الله أساليب متنوعة نذكر منها: الطوفان أيام نوح وذلك ليصور للبشرية الهلاك الشامل الذي سيأتي على الأشرار، والحرق مع سدوم وعمورة ليصور للبشرية الهلاك بالنار الأبدية الذي ينتظر الأشرار آخر الأيام، وأيضًا هلاك سكان كنعان بيد شعب بني إسرائيل؛ ليشهدوا بأنفسهم عاقبة الأشرار الذين يتعدون على وصايا الله، فيتعظون ويخافون من نفس المصير إذا عصوا الله، وفعلًا تم فيهم هذا الحكم بعينه فيما بعد على يد مملكة آشور وبابل فيما بعد. رابعًا: الله له السلطان على ممالك الأرض لأنه ملك الكون العظيم. كما أن الله يتعامل مع كل نفس هو أيضًا يتعامل مع البلاد والممالك والإمبراطوريات كوحدة واحدة وذلك للأسباب التالية: · سكوت الله على هذه الممالك فترات طويلة بمثابة تصريح بانتشار الشر في كامل المملكة، وعثرة للأتقياء في هذه المملكة، وأيضًا قد تنتشر عدوى الشر لممالك أخرى مجاورة. · تظهر قدرة الله وسلطانه عندما يتعامل مع الممالك أكثر منها عندما يتعامل مع الأفراد، وإن لم يتعامل الله مع الممالك ذات القدرة سواء الحربية أو الاقتصادية أو الإمكانيات البشرية، قد يظن البعض ضعف سلطان الله على هذه البلاد أو الممالك، وأن انضمامهم لهذه الممالك سيجعلهم في حصانة أو مأمن من أحكام الله. · تطير الأخبار سريعًا وتنتشر عندما ينفذ الله أحكامه على الممالك أكثر منها على الأفراد؛ فتعم المخافة والرهبة من اسم الله العظيم، وذلك كما حدث عندما شق الرب البحر الأحمر فعبر شعبه على اليابسة بينما غرق فرعون وجنوده فيه. |
رد: كتاب عندي سؤال
· كان لهذه الممالك اعتقادًا في قدرة آلهتهم الوثنية؛ ولذلك صارت غلبة الله على هذه الممالك خصوصًا الممالك الكبيرة دليلًا على عدم نفع هذه الأوثان، وكذب اعتقاد هذه الشعوب فيها، وإعلان أيضًا لعظمة إلهنا رب السماء والأرض والخليقة وما فيها. خامسًا: بالنسبة لموت الأطفال أو النساء أو الشيوخ · إن حكم الموت على البشر هو حكم غير محدد بسن معينة ولا على فئة معينة من البشر؛ بل الجميع معرّضون للموت في أية لحظة من حياتهم سواء سيدات، رجال، أطفال، شيوخ، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وذلك بحسب قول الكتاب: "لأن الإنسان أيضًا لا يعرف وقته. كالأسماك التي تؤخذ بشبكة مهلكة، وكالعصافير التي تؤخذ بالشرك، كذلك تقتنص بنو البشر في وقت شر، إذ يقع عليهم بغتة" (جا 9: 12). وأيضًا الطريقة التي يسمح الله أن يموت بها كل إنسان غير محددة، فقد ينتهي عمر الإنسان بسبب المرض أو الغرق أو الحريق أو بسبب طعنة سيف أو طلقة بندقية أو... أو... ولا يعني هذا شيئًا بالنسبة لرضى الله عن ذلك الإنسان أو عدمه، ولكن ذلك يشير إلى: § ضعف البشر عمومًا. § بشاعة الخطية التي جلبت على الإنسان هذا الموت البشع، ولهذا بكى الرب على حال البشر عند موت لعازر رغم أنه كان سيقيمه بعد دقائق من بكائه على قبره. § انتهاء عمر الإنسان في أية لحظة وزوال العالم الحاضر. · أخيرًا نود أن نؤكد أنه لا حق للإنسان في الاعتراض على طريقة أو أسلوب الموت لأننا أخطأنا وجلبنا على أنفسنا حكم الموت فهل للمخطئ أن يختار أسلوب معاقبته على خطئه، ولا يمكننا أيضًا أن نلوم الله الخالق الحكيم على خلقته للإنسان بهذه الطبيعة الضعيفة المعرّضة للموت بطرق كثيرة، ومن منا يعترض على شركة صناعة السيارات لأن سيارته اصطدمت بسيارة أخرى، فتهشمت سيارته وتدمرت وعمومًا من يعطي له حق الأخذ أيضًا كقول أيوب الصديق: "عُرْيَانًا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَعُرْيَانًا أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ. الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا" (أي 1: 21). · أحكام الله بالموت على الإنسان تخص هذه الحياة الأرضية فقط، وهي لا تقارن بالأبدية مهما كانت صعبة، لأن الأبدية لانهائية فقد تنتهي حياة قديس بموت رديء كإشعياء النبي، الذي نشره اليهود بمنشار،أو بطرس الرسول الذي صلب منكس الرأس، أو كثير من القديسين الذين قد تم إلقاؤهم للسباع وهذا ليس معناه عدم رضى الله عليهم. · طريقة أو أسلوب موت البشر لن يؤثر في مصيرهم الأبدي؛ بل أحيانًا يكون سببًا في حياة أبدية سعيدة لا نهاية لها وغير مقارنة بالآلام الزمنية الوقتية (كما في حالة موت الشهداء). وقد أكّد الرب يسوع هذا المبدأ عندما قال لتلاميذه: "وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ. بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ الَّذي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: مِنْ هذَا خَافُوا" (لو12: 4-5). والرب نفسه حمل عنا عقوبة هذا الموت الرديء بموته على صليب العار متألمًا عنا. · موت الأطفال والنساء والخراب الشامل الذي يسمح به الله في الكوارث الطبيعية الكثيرة والتي تحدث بين الحين والآخر يهيء البشر لفكرة زوال العالم بكامله، وفي أي وقت دون سابق إنذار وهي أيضًا صورة مصغرة ليوم الدينونة. سادسًا: سماح الله للبشر بالموت الرديء: الخوف من الكوارث أو الحروب أو... أو... أحيانًا يكون سببًا في الاتضاع وطرد الاستهتار من القلب، وبالتالي سببًا لخلاص البعض، وهذا ما أعلنه الوحي الإلهي قائلًا: "وَخَلِّصُوا الْبَعْضَ بِالْخَوْفِ، مُخْتَطِفِينَ مِنَ النَّارِ، مُبْغِضِينَ حَتَّى الثَّوْبَ الْمُدَنَّسَ مِنَ الْجَسَدِ" ( يه23). وهذا أيضًا ما أكّده الرب عندما أخبروه بحادث قتل هيرودس للجليلين فقال لهم: "كَلاَّ! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ" (لو 13: 5) ومن المؤكد والثابت أن أخبار الحروب المدمّرة والكوارث العالمية تحدث خوفًا، بل أحيانًا هلع في نفوس الكثيرين ولذلك ينبئنا سفر الرؤيا بالكثير من الضربات الموجعة التي ستصيب الكون آخر الأيام. سابعًا: أظهرت هذه الأحكام العادلة الصورة المتكاملة لصفات الله. إن أنصاف الحقائق قد تكون أحيانًا كثيرة نوعًا من الكذب، أو الزيف لذلك فمن يتمسك بحنان الله ورأفته على البشر، ويتناسى أو ينكر حزم الله مع الشر يتصور صورة خاطئة عنه فالله متكامل في صفاته، ولابد لنا أن نرى لطف الله وحنانه على التائبين بجانب صرامته على الأشرار ونضع صورة الله المحب غافر الخطايا بجانب الله الديان وهكذا... وقد شهد بذلك معلمنا بولس الرسول قائلًا: "فَهُوَذَا لُطْفُ اللهِ وَصَرَامَتُهُ: أَمَّا الصَّرَامَةُ فَعَلَى الَّذِينَ سَقَطُوا، وَأَمَّا اللُّطْفُ فَلَكَ، إِنْ ثَبَتَّ فِي اللُّطْفِ، وَإِلاَّ فَأَنْتَ أَيْضًا سَتُقْطَعُ" (رو11: 22). فإذًا من يعترض على صورة الله القاضي والديان العادل، لا يريد أن يقبل الله الكامل العادل والحق بل يريد إلهًا آخر حسب خياله. |
رد: كتاب عندي سؤال
26- البعض يتهم الله أنه كان يأمر شعبه بمحاربة الشعوب الأخرى فهل الله إله حروب؟
السؤال السادس والعشرين البعض يتهم الله أنه كان يأمر شعبه بمحاربة الشعوب الأخرى فهل الله إله حروب؟ الإجابة: ممالك الأرض تثير حروبًا على بعضها البعض بسبب شرورها طلبًا لغنيمة أو للتسلط أو إثباتًا للذات أو حبًا في الشر والقتل أو... أو... أما الله فإنه إله الحق والعدل ذو السلطان والقدرة، وهو القاضي العادل الذي يقضي بأحكام على الشعوب والممالك ليسود الحق والعدل، هو يبيد الأشرار الذين لا نفع فيهم حتى لا ينشروا شرورهم في العالم ولذلك قيل عن الرب يسوع: "قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ" (مت12: 20)... وفي السطور التالية نقدم بعض النقاط المهمة بخصوص هذا الأمر: 1. فعلًا تغنت مريم النبية وقالت: "الرَّبُّ رَجُلُ الْحَرْبِ.الرَّبُّ اسْمُهُ" (خر15: 3)، ولكن ليس المقصود أنه يحب الحروب؛ ولكن المقصود أنه الغالب دائمًا في الحروب كما ذُكر عن الرب يسوع في سفر الرؤيا: "فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلًا، وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ" (رؤ6: 2)، وذلك بديهي لأنه الله هو القادر على كل شيء. 2. الرب هو رب الصاباؤوت أي رب الجنود أو رب القوات، وهذا معناه أن الله قدير وقوي ومن يقدر أن يقف أمامه ليعطل أو يمنع مشيئته الإلهية الصالحة، ولا يقدر أحد أن يدَّعي أن الله قد خلق الكون وتركه ولا مشيئة له من نحوه، وأما جنود الله الذين يصنعون أمره فهم ليسوا جنودًا مسلحين بسلاح مادي، لكنهم الخليقة كلها سواء ملائكة أو بشر أو ما في الطبيعة من عواصف أو زلازل أو براكين أو... أو.. 3. بعد برج بابل تشتت البشر في أنحاء الأرض وأقاموا لأنفسهم ممالك، ومع ازدياد الشر اخترع الناس لأنفسهم آلهة وعبدوا الأوثان، وأقام الملوك أنفسهم آلهة لشعوبهم، واعتقدوا في قوة آلهتهم ونسبوا إليها انتصاراتهم وتناحرت هذه الممالك مع بعضها البعض، وأرادت أن تفرض سيطرتها وعبادتها المملوءة شرًا على كل الأرض، وهنا كان لابد أن يتدخل الله لمساندة الضعفاء، ولذلك تكررت في أسفار العهد القديم بعض العبارات التي تفسر تدخل الله لإنصاف شعبه المظلوم مثل "سمع الله صراخهم" أو "صعد صراخهم للرب"، أو.. أو... إذًا الله يسمع صراخ المظلومين ويتدخل كقول المزمور: "عَيْنَا الرَّبِّ نَحْوَ الصِّدِّيقِينَ، وَأُذُنَاهُ إِلَى صُرَاخِهِمْ. وَجْهُ الرَّبِّ ضِدُّ عَامِلِي الشَّرِّ لِيَقْطَعَ مِنَ الأَرْض ِذِكْرَهُمْ. أُولئِكَ صَرَخُوا، وَالرَّبُّ سَمِعَ، وَمِنْ كُلِّ شَدَائِدِهِمْ أَنْقَذَهُمْ" (مز34: 15-17)، وإلا كيف يكون الله هو إله الحق والعدل، ويسكت عن سحق الأشرار للأبرياء. 4. لم يأمر الله شعبه في العهد القديم بخوض الحرب على العالم كله لتكوين إمبراطوريات كإمبراطورية الإسكندر الأكبر مثلًا، ولكنه وقف معهم في حروبهم الدفاعية أو استخدمهم هم أو غيرهم من الممالك (كمملكة بابل أو آشور أو مادي وفارس)؛ لتنفيذ عدالته بمعاقبة بعض الشعوب الشريرة من الأرض، كما حدث مع سكان أرض كنعان وحدث مع شعب الله بسبب شرهم كقول الرب: "يَأْتُونَ لِيُحَارِبُوا الْكَلْدَانِيِّينَ وَيَمْلأُوهَا مِنْ جِيَفِ النَّاسِ الَّذِينَ ضَرَبْتُهُمْ بِغَضَبِي وَغَيْظِي، وَالَّذِينَ سَتَرْتُ وَجْهِي عَنْ هذِهِ الْمَدِينَةِ لأَجْلِ كُلِّ شَرِّهِمْ" (إر33: 5)... ومن الواضح من هذا النص أن الله ضرب شعبه إسرائيل، وستر وجهه عنه لأجل شرهم وبالطبع ضربهم بيد الكلدانيين (مملكة بابل). 5. أمر الله شعبه بني إسرائيل بتملك أرض كنعان لفظاعة وكثرة شرور سكان هذه الأرض، وكان هذا قضاء الله نحوهم كقول الرب: "لَيْسَ لأَجْلِ بِرِّكَ وَعَدَالَةِ قَلْبِكَ تَدْخُلُ لِتَمْتَلِكَ أَرْضَهُمْ، بَلْ لأَجْلِ إِثْمِ أُولئِكَ الشُّعُوبِ يَطْرُدُهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ أَمَامِكَ" (تث5:9). وبنفس الأسلوب عندما ضل بني إسرائيل أدّبهم الله بملوك بابل وآشور وطردهم من نفس الأرض -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- وسباهم أعداءهم كعبيد لأراضٍ أخرى بعدما قتلوا منهم الكثيرين. إذا الأرض كلها ملك للرب ومن حقه أن يملّكها لمن يشاء كقول المزمور: "وَجْهُ الرَّبِّ ضِدُّ عَامِلِي الشَّرِّ لِيَقْطَعَ مِنَ الأَرْضِ ذِكْرَهُمْ" (مز34: 16). 6. لم يأمر الله شعبه بنشر تعاليمه بالحرب فلا يوجد نص في الكتاب المقدس يقول أن الله أمر شعبه بإقامة حرب لإرغام أعدائهم على قبول وصايا الله أو التهوّد فالله يعلن ذاته بهدوء دون أن يجبر أحد كقوله على فم الحكيم: "لأَنِّي دَعَوْتُ فَأَبَيْتُمْ، وَمَدَدْتُ يَدِي وَلَيْسَ مَنْ يُبَالِي، بَلْ رَفَضْتُمْ كُلَّ مَشُورَتِي، وَلَمْ تَرْضَوْا تَوْبِيخِي" (أم1: 24-25). 7. اعتقدت الشعوب في قدرة أصنامها كآلهة فتجبرت وأذلت باقي الشعوب بدعوى قدرة آلهتها وكمثال لذلك تعيير رَبْشَاقَى قائد جيش سنحاريب لشعب الله قائلًا: "هَلْ أَنْقَذَ آلِهَةُ الأُمَمِ كُلُّ وَاحِدٍ أَرْضَهُ مِنْ يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ؟ أَيْنَ آلِهَةُ حَمَاةَ وَأَرْفَادَ؟ أَيْنَ آلِهَةُ سَفَرْوَايِمَ وَهَيْنَعَ وَعِوَّا؟ هَلْ أَنْقَذُوا السَّامِرَةَ مِنْ يَدِي؟ مَنْ مِنْ كُلِّ آلِهَةِ الأَرَاضِي أَنْقَذَ أَرْضَهُمْ مِنْ يَدِي، حَتَّى يُنْقِذَ الرَّبُّ أُورُشَلِيمَ مِنْ يَدِي؟" (2مل 18 : 33-35)؛ لذلك كانت نصرة الله لشعبه بمثابة إعلان عن ذاته كإله قدير لهذا الكون، وأيضا إظهار لضلال تلك الشعوب، وخطأ اعتقادهم في الأصنام لعلهم يكفّون عن شرورهم، لقد كانت تلك الحروب والضربات هي أحكام الله على هذه الآلهة المزيفة بحسب قول الله عن آلهة المصريين: "فَإِنِّي أَجْتَازُ فِي أَرْضِ مِصْرَ هذِهِ اللَّيْلَةَ، وَأَضْرِبُ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ. وَأَصْنَعُ أَحْكَامًا بِكُلِّ آلِهَةِ الْمِصْرِيِّينَ. أَنَا الرَّبُّ" (خر12:12)... فهل كان الله يصمت تجاه هذه الاعتقادات الخاطئة تاركًا شعبه للضلال أم ينصف شعبه ويظهر قدرته كإله ذو السلطان والقدرة؟!!! |
رد: كتاب عندي سؤال
27- هل إله العهد القديم يختلف عن إله العهد الجديد، فالأول قاسٍ والثاني حنون وشفوق؟!
السؤال السابع والعشرين هل إله العهد القديم يختلف عن إله العهد الجديد، فالأول قاسٍ والثاني حنون وشفوق؟! الإجابة: 1. الله كامل في صفاته ولا تطغى صفة فيه على أخرى وإلا فذلك يضرُ بكماله، كما أنه لا يتغير بمرور الزمن، هو كامل سواء في زمن كتابة العهد القديم أو في زمن كتابة العهد الجديد وذلك كقول الكتاب: "يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" (عب13: 8). وهذا ما سوف نشرحه من خلال النقاط التالية: · لا يمكن أن ندرك صفات الله كلها في وقت واحد، وذلك لضعفنا ولكن كل موقف سجله الكتاب المقدس عن الله ومعاملاته مع البشر يظهر صفة أو أكثر من صفات الله؛ فالله إذًا في القديم ليس هو الحازم أو المعاقب على الدوام؛ بل ولا هو الحنون فقط في العهد الجديد، ولكن معرفتنا لله هي من خلال الكتاب كله لأن كتابنا المقدس وحدة واحدة ومثال ذلك ما يلي: مدرس في منزله وبين أولاده، ضحوك بشوش، وفي أثناء شرحه للدرس بين تلاميذه طويل البال يطيل أناته على من لا يفهم الدرس من أول مرة، وفي لجنة الامتحانات حازم وجاد جدًا، لا يسمح لأحد من الطلبة بالكلام أو بالشوشرة على غيره؛ فيكون من عدم الإنصاف أن نصف هذا المدرس فقط بما نراه عليه وهو في البيت، أو وهو يشرح الدرس أو وهو يراقب في لجنة الامتحان، بل نضع كل هذه الصفات معًا جنبًا إلى جنب إن أردنا أن نعبّر بصدق عن شخصية هذا الإنسان. وكتطبيق عملي لذلك نذكر ما يلي: § أسفار ما قبل السبي تظهر الله الديان الذي يحذر شعبه على فم أنبيائه من الدمار والهلاك الآتي؛ وذلك لشرهم وأسفار ما بعد السبي تظهر الله الذي يشجع ويعد بالخير والبركة إذا أطاعوا كسفر زكريا الذي يحتوي على رؤى نبوية مشجعة، وسفر ملاخي الذي يبتدئ بقول الرب لشعبه: "أَحْبَبْتُكُمْ، قَالَ الرَّبُّ. وَقُلْتُمْ: بِمَ أَحْبَبْتَنَا؟" (مل1: 2) وينتهي بقوله: "وَيَكُونُونَ لِي، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ، فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَنَا صَانِعٌ خَاصَّةً، وَأُشْفِقُ عَلَيْهِمْ كَمَا يُشْفِقُ الإِنْسَانُ عَلَى ابْنِهِ الَّذِي يَخْدِمُهُ." ( مل3: 17). § حب الله وحنانه معلن في العهد القديم وأيضًا في العهد الجديد على السواء ولكن محبته مدرَكة بصورة أعمق وأوضح في الأناجيل الأربعة مما عنها في أسفار العهد القديم، وذلك بسبب تجسده وظهوره في الهيئة كإنسان يحيا في وسط البشر، يتعامل معهم ويظهر مشاعره تجاه آلامهم، ويتعاطف مع ضعف الضعفاء منهم ويحن على جهلهم وعدم معرفتهم، وهذا ما مكّن كتاب العهد الجديد من التعبير عن حنانه بلغة واقعية يفهمها البشر، فكتبوا عنه هذه العبارات: "تحنن يسوع"، "وبكى يسوع"، أو "أشفق على الجموع" أو... أو.... فقد تسمع الكثير عن لطف إنسان ما ومحبته، لكنك عندما تراه وتعاشره وتتلامس مع محبته الفياضة، بالتأكيد سيكون إدراكك لمحبته ولطفه أعمق بكثير مما سمعته عنه قبلما تراه وتتلامس معه. § سفر يونان بكامله يظهر رحمة الله وقبوله للتائبين من شعوب الأمم غير اليهود، فوقوف الله ضد نبيه يونان لأجل خلاص أهل مدينة نينوى بمن فيها ومن أجل نجاة الجميع، حتى الحيوانات ، يظهر عطف الله وحنانه ، وهذا القبول أيضًا يشبه قبول الله للخطاة في بشائر العهد الجديد أمثال المرأة الخاطئة والابن الضال وزكا العشار ولاوي و... 2. بالرغم من ظهور حب الله وحنانه بصورة عميقة في البشائر الأربع، إلا أن حزمه معلن أيضًا بصورة واضحة؛ فيها فنراه على سبيل المثال يعطي الويل للكتبة والفريسيين المرائين، ويعلن خراب أورشليم وهو يبكي عليها في ذات الوقت حبًا في أهلها، ويعلن عن مجيئه الثاني المملوء مجدًا ليدين الأبرار الذين سيكونون عن يمينه فيقول لهم: "تعالوا إلي يا مباركي أبي رثوا"... بينما هو يجازي في ذات الوقت الأشرار ويقول لهم: "اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية". 3. في احتكاك الرب يسوع الشخصي بالناس ظهر حبه وحنانه ولطفه مثلما حدث مع زكا والسامرية و... و... وهذا أيضًا ما سجّله العهد القديم في معاملات الله الشخصية مع البشر أمثال إبراهيم الذي قال عنه الرب: "هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله"... لقد كشف العهد القديم عن الله المحب الذي يصادق البشر كإبراهيم وموسى الذي دُعِيَ كليم الله، سمح لهم الله بأن يحاجوه ويناقشوه في أحكامه، ويستجيب لهم أحيانًا، وأحيانا أخرى رضى الله أن يتصارعوا معه طلبًا للبركة كما قيل عن يعقوب أب الآباء أنه جاهد مع الله وغلب. شجع الله جدعون وتركه يطلب منه علامة ليؤكد له محبته ووقوفه بجانبه ثم رجع فطلب علامة أخرى واستجاب الله. تعامل مع صموئيل الطفل واستأمنه على أسراره. أحب داود واحتمله في ضعفه ونقل عنه خطيته وامتدحه. 4. سجل العهد القديم إنذارات وتحذيرات ونبوات لشعب إسرائيل وملوكهم خلال تاريخهم الطويل والذي امتد إلى مئات السنوات، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولذلك تراكمت النبوات بالخراب والدمار بينما لم يحدث هذا في العهد الجديد؛ لأن الوحي الإلهي لم يسجل كل تاريخ الكنيسة في العهد الجديد بل سجل فقط جزءًا صغيرًا من سفر الرؤيا، وهو رسائل الله إلى سبع كنائس فقط ولم يتتبع كتاب العهد الجديد غير ذلك من الكنائس، ولكنه سجل غضب الله على بعض المنافقين أمثال حنانيا وسفيرة زوجته وأيضًا سيمون الساحر، وأيضًا في إصحاحات سفر الرؤيا سجل الوحي نبوات عن نهاية العالم وهلاك الأشرار كما هو مسجّل في أسفار دانيال وحزقيال ويوئيل و... 5. أسفار الشريعة في العهد القديم تُظهر الأحكام القضائية مثل الحكم على القاتل والسارق والمغتصب والزاني وذلك لأن الشريعة كانت تنظم حياتهم المدنية، وفي العهد الجديد لم يُعف القاتل من عقوبة القتل، ولم يعترض عليها الرب يسوع بل قررها الرب بقوله: "فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا ِللهِ للهِ" (لو20: 25)... وقال أيضًا لبطرس: "فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ" (مت26: 52)، بل أكثر من هذا غلّظ الرب العقوبة في العهد الجديد بعدما سكب الرب نعمته ومحبته على المؤمنين بخصوص الغضب على الأخ قائلًا: "وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلًا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ" (مت5: 22)، وصار من يبغض أخاه في مفهوم العهد الجديد قاتلًا بحسب قول الكتاب: "كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ" (1يو3: 15). 6. هناك تطابق في فيما سجّله الكتاب المقدس بعهديه وهذه بعض الأمثلة: · هناك أسفار نبوية مثل أسفار الأنبياء الكبار والصغار في العهد القديم ومثلها سفر الرؤيا في العهد الجديد وهذه الأسفار تبيّن هلاك الأشرار ودينونتهم... ففي سفر الرؤيا نجد الأبواق وجامات غضب الله والبحيرة المتقدة بالنار والكبريت التي تنتظر الوحش، والنبي الدجال ونجد أيضًا انقلاب وخراب بابل، وفي أسفار الأنبياء الكبار والصغار في العهد القديم نجد أيضًا الويلات للأشرار. · أسفار الشريعة مثل التثنية والخروج واللاويين في العهد القديم والموعظة على الجبل، وهي تحوي لعنات وعقوبات لمن يتعدى على ناموس الله، وأيضًا بركات وتطوبيات لمن يسلك بالوصية... ففي سفر التثنية على سبيل المثال نجد البركات التي تُتلَى من فوق جبل جرزيم، واللعنات التي تتلى من فوق جبل عيبال والموعظة على الجبل تحوي التطويبات، وأيضًا عقوبة نار جهنم لمن يقول لأخيه يا أحمق، وفيها أيضًا من يُعثر أحد الأصاغر خير له أن يعلّق في عنقه حجر رحى ويغرق في لجة البحر. والويل للكتبة والفريسيين المرائين وهكذا... إذًا الله هو الكامل في صفاته.. وهو الذي لا يشوبه تغير. |
رد: كتاب عندي سؤال
28- هل الموت وفساد الطبيعة الإنسانية عقوبة عادلة لخطية واحدة مثل الأكل من شجرة معرفة الخير والشر؟
السؤال الثامن والعشرين هل الموت وفساد الطبيعة الإنسانية عقوبة عادلة لخطية واحدة مثل الأكل من شجرة معرفة الخير والشر؟ الإجابة: أولا:ً لم يحكم الله على أبينا آدم وأمنا حواء بالموت قبلما يعلمهما بخطورة وعقوبة الأكل من شجرة معرفة الخير والشر فقال لآدم أب البشرية: "يوم تأكل منها موتًا تموت" لأن هذه هي النتيجة الطبيعية لتعديهما على الله ووصيته، وذلك مثلما أقول لابني لا تترك يدي أثناء عبورنا للشارع لئلا تصاب بأذى، فهل إن لم يسمع كلامي وحدث له مكروهٌ أكون قد حكمت عليه أنا بما حدث؟ ولكن من المنطقي أن يكون السؤال هكذا: لماذا نتج الموت عن الخطية؟ أن الخطية تسبب انفصالي عن الله القدوس مصدر الحياة ونعمته التي كانت تدير حياتي بجدارة في طريق السلام والسعادة، وبالتالي حدث اضطراب في حياتي كلها؛ فقدت السلام وضاع مني الأمان، وانتهز عدو الخير الفرصة فقدم لي شهوات أكثر وأكثر؛ فكانت لي سببًا لفساد وضياع أكثر، وهذا ما يسمونه في علم اللاهوت بفساد الطبيعة ولتشبيه ذلك نذكر: مثل الحاسب الآلي الذي دخله فيروس فأفسد برامجه وأصبح يعمل بطريقة خاطئة مضرة غير التي صمم لها. ثانيًا: نعم الموت حكم وقضاء الله بسبب الخطية والعصيان، لكننا هنا نتساءل قائلين: من هو الذي يُقيّم أي حكم قضائي؟ هل كل البشر لهم حق تقييم الأحكام القضائية التى تصدر من المحاكم؟ وما أكثر شكاوى المحكوم عليهم بأحكام قضائية بالرغم من اعترافهم بجرائمهم؟ فهل يُستجاب لهم بمجرد اعتراضهم على الأحكام الصادرة ضدهم؟ فالكثيرون من القتلة عندهم الكثير من المبررات لجرائمهم، ويرون أن ما نالوه من عقاب لا يساوي جرائمهم البسيطة بحسب وجهة نظرهم!!! ثالثًا: أي حكم قضائي عادل لابد أن يستند على مواد قانونية شرّعتها السلطة من قبل، وحينما يصدر الحكم تكون له حيثيات هي مواد هذا القانون، فإن كان الله قد سبق وسن قانونًا إلهيًا بأن من يأكل من الشجرة سيموت، لماذا إذًا يشكو البشر عندما يصدر الحكم الإلهي مستندًا لهذا القانون؟ ت رابعًا: قد يرى البعض الفعل، وكأنه بسيط كهذا التساؤل الذي يختزل القضية كلها في مجرد أكل من شجرة شهية دون التدقيق في نتائج الفعل أو الخطأ، ومثال ذلك أن يرى البعض أن من يلقي بعقب سيجارة صغير في مصنع أثاث، عمل بسيط ليس فيه جرم ولا ينظر لنتيجة الفعل!!! ناسيًا أن حيثيات الحكم لا تُبنى فقط على حجم أو مقدار الفعل الخاطئ، ولكنها تُبنى بالأكثر على نتيجة ذلك الفعل. |
رد: كتاب عندي سؤال
29- هل الله يقسي قلب فرعون أو يغوي آخاب الملك، أو يرسل عمل الضلال للناس؟ ما هو تفسير ذلك؟
السؤال التاسع والعشرين هل الله يقسي قلب فرعون أو يغوي آخاب الملك، أو يرسل عمل الضلال للناس؟ ما هو تفسير ذلك؟ الإجابة: الله غير مجرَّبٍ بالشرور ولا يجرب أحد كقول الكتاب: "لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ»، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا" (يع 1: 13). ولكن كيف يتفق ذلك مع آيات أخرى تذكر أن الله قسّى قلب فرعون أو... أو...؟ يمكننا أن نقسم الإجابة لما يلي: أولا: طبيعة الله تتعارض مع هذه الأساليب الملتوية: · الله صادقُ ومن الاستحالة أن يُأخذ عليه زلة كقول الكتاب: "فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟ حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقًًا وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبًا. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:"لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي كَلاَمِكَ، وَتَغْلِبَ مَتَى حُوكِمْتَ" (رو 3 : 3-4). · أن أساس أي اتهام لمتهم هو الدافع لجريمته لذلك عندما يغوي أو يحرض البشر بعضهم بعضًا على الشر فهناك دافع في قلوبهم؛ فقد يغوي إنسانٌ إنسانًا آخر انتقامًا منه أو لفائدة ستعم عليه أو ليحقق شرًا كامنًا في نفسه وهكذا... لكن حاشا لله أن يكون له دافع أو هوى يحرّكه ليحرض أحد على الشر وهو الذي شهد عن نفسه قائلًا: "لأَنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ مَنْ يَمُوتُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فَارْجِعُوا وَاحْيَوْا" (حز18: 32). · الله لا يخشى لائمًا ولا يخشى رد فعل أحد لأنه له السلطان المطلق، ولا يقدم حسابًا لأحد، فلماذا يستتر إذًا ويغوي أو يحرض على الشر؟! فحاشا لله القدير من هذه الصغائر التي قد يفعلها بني البشر؛ لأنهم يخشون أن يفعلوا الفعل علانية فيستخدمون هذه الأساليب الملتوية. · طبيعة أي كائن تتحكم فيه، فمثلًا يجهل طفلك ذو الخمس سنوات طرق الكذب والمكر (اللف والدوران في الحديث)، وبمجرد أن تتحدث إليه يظهر ما في قلبه بسهولة ولا ينتقي ما يقوله لك. بل أحيانًا نجد إنسانًا يطلب منه رفاقه أن يكذب أو أن يفعل شرًا ما، فيقول لا أقدر(مع أن حنجرته ولسانه قادران على التفوه بأي كلمة يريدها) لأنه لم يتعود الكذب أي أنه لم يتعود عليه، وحينما نقول عن الله أنه لم يعرف شرًا أي لم يمارسه أبدًا ولا خبرة له به، وهذا ينطبق على الله وحده، ولذلك قيل عن أقنوم الابن الذي هو كلمة الله وحكمته: "الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ" (1بط2: 22)، وأيضًا: "لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ" (2كو5: 21). وبالطبع طبيعة الآب والابن والروح القدس طبيعة واحدة. ثانيًا: الإنسان وحده المسئول عن مصيره الأبدي: "لا يقدر أحد أن يؤذيك إن لم تؤذِ أنت نفسك" هذه العبارة مقولة حقة ذكرها القديس يوحنا ذهبي الفم وهي تتفق مع قول الكتاب المقدس القائل: "وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ" (يع 1: 14)... إذًا شهوة قلب الإنسان هي السبب لغوايته وضلاله، والله يعطي الإنسان حسب قلبه أي بحسب ما يشتهيه كقول داود النبي: "لِيُعْطِكَ حَسَبَ قَلْبِكَ، وَيُتَمِّمْ كُلَّ رَأْيِكَ" (مز20: 4)... وهذا أيضًا ما قيل عن يهوذا الإسخريوطي: "وَأَحَبَّ اللَّعْنَةَ فَأَتَتْهُ، وَلَمْ يُسَرَّ بِالْبَرَكَةِ فَتَبَاعَدَتْ عَنْهُ. وَلَبِسَ اللَّعْنَةَ مِثْلَ ثَوْبِهِ، فَدَخَلَتْ كَمِيَاهٍ فِي حَشَاهُ وَكَزَيْتٍ فِي عِظَامِهِ" (مز109: 17-18). إذًا الشر مسئولية شخصية. ولكن ماذا يقصد الوحي بكلمة أن الله قسّى أو أن الله أغوى أو الله أرسل لهم عمل الضلال أو حتى أسلمهم الله لذهن مرفوض؟ يمكننا أن نوضح قصد الوحي من خلال النقاط الآتية: · لا يجتمع في القلب الشر مع الخير، فإما أن يكون القلب شريرًا فيحيا الإنسان لحساب الشر أو يكون القلب محبًا لله، فيحيا الإنسان في طريق الخير وحتى إن سقط في زلة ففي هذه الحالة ستقيمه النعمة الساكنة فيه سريعًا، ومثال ذلك ما تعلّمه لنا الطبيعة أن النور لا يجتمع مع الظلمة، ولا البرد مع الحرارة، ولا تجتمع الحكمة مع الحماقة، وحتى إن كانت هناك ظلمة سيبددها النور متى وجد وإن وجدت الحرارة ستبدد البرودة وهكذا.... ولذلك قال الرب: "مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ" (مت12: 30). · أن الله هو الخير والصلاح والنور، ولذلك إن رفض الإنسان بإرادته وبكل قلبه نعمة الله ودعوته له بالصلاح، يكون في هذه الحالة قد قسى قلبه ورفض وجود الله في حياته، هنا تفارقه نعمة الله ويدركه الظلام والقساوة والغواية أكثر فأكثر، كما تدب البرودة في الماء الساخن عندما تُبعد الماء عن مصدر الحرارة وتعزله في الثلاجة، أو كما يعم الظلام حينما تحمل المصباح بعيدًا عن الحجرة فيمكنك أن تقول في هذه الحالة أنا أظلمت (ظلّمت) الحجرة وهذا ما قصده الكتاب بقوله أن الله هو الذي يقسّي والذي يغوي وهو الذي يضل؛ بمعنى أن الله قد ترك ذلك الإنسان لشره بناءً على رغبته وإصراره. ولذلك يحذر داود النبي من هذه الحالة الصعبة قائلًا: "فَالآنَ يَا أَيُّهَا الْمُلُوكُ تَعَقَّلُوا. تَأَدَّبُوا يَا قُضَاةَ الأَرْضِ. اعْبُدُوا الرَّبَّ بِخَوْفٍ، وَاهْتِفُوا بِرَعْدَةٍ. قَبِّلُوا الابْنَ لِئَلاَّ يَغْضَبَ فَتَبِيدُوا مِنَ الطَّرِيقِ. لأَنَّهُ عَنْ قَلِيل يَتَّقِدُ غَضَبُهُ. طُوبَى لِجَمِيعِ الْمُتَّكِلِينَ عَلَيْهِ" (مز2: 10-12). · ترك الله الأشرار من مجال ودائرة رعايته ونعمته شيء خطير جدًا، وهذا وحده سبب كافٍ للقساوة والغواية والضلال، وهذا ما أراد أن يبين الوحي الإلهي خطورته بهذه التعبيرات. · الله يحجز ويمسك عنا العدو الشرير الذي هو متأهب تماماّ لإفساد الإنسان وتدميره بالشر، وهذا ما سيحدث آخر الأيام عندما يُحل الشيطان من سجنه، أي يتركه الله ليُضل الناس لأن في تلك الأيام سيرفض الناس الحق لحبهم في الشر، وهذا هو معنى عبارة أن الله سيرسل لهم عمل الضلال بحسب قول الكتاب: "لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ، إِلَى أَنْ يُرْفَعَ مِنَ الْوَسَطِ الَّذِي يَحْجِزُ الآنَ، وَحِينَئِذٍ سَيُسْتَعْلَنُ الأَثِيمُ، الَّذِي الرَّبُّ يُبِيدُهُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ، وَيُبْطِلُهُ بِظُهُورِ مَجِيئِهِ. الَّذِي مَجِيئُهُ بِعَمَلِ الشَّيْطَانِ، بِكُلِّ قُوَّةٍ، وَبِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ كَاذِبَةٍ، وَبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ، فِي الْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا. وَلأَجْلِ هذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ" (2تس2: 7-11). مثال لقد أعطانا الكتاب المقدس مثالًا لذلك على فم يوثام ابن جدعون الذي لما رأى اتفاق أبيمالك الشرير مع أهل شكيم وقتله لإخوته أنبأهم بما سينالونه على يد هذا الشرير، وما سيناله أبيمالك على يدهم بمثل، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. قال لهم فيه كيف أن الأشجار أرادت أن تملّك إحداها عليهم فلما رفضت الزيتونة ورفضت التينة، ورفضت الكرمة ذهبت الأشجار للعوسج الذي هو نبات شوكي ففرح العوسج لكن يوثام حذرهم وأنبأهم بخطئهم قائلًا: "فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ عَمِلْتُمْ بِالْحَقِّ وَالصِّحَّةِ مَعَ يَرُبَّعْلَ وَمَعَ بَيْتِهِ فِي هذَا الْيَوْمِ، فَافْرَحُوا أَنْتُمْ بِأَبِيمَالِكَ، وَلِيَفْرَحْ هُوَ أَيْضًا بِكُمْ. وَإِلأَّ فَتَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَبِيمَالِكَ وَتَأْكُلَ أَهْلَ شَكِيمَ وَسُكَّانَ الْقَلْعَةِ، وَتَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَهْلِ شَكِيمَ وَمِنْ سُكَّانِ الْقَلْعَةِ وَتَأْكُلَ أَبِيمَالِك" (قض9: 19– 20)... وبالفعل انقلب هذا الشرير على أهل شكيم وأهلكهم ثم أخيرًا تمكنت امرأة من قتله. وهذا ما سيحدث لكل من يرفض محبة الحق فيأتيه عدو الخير ويهلكه بشره وضلاله. · الله ذو السلطان الأعظم والأوحد حتى على الأشرار بما فيهم الشيطان، ولكي ينفي الوحي الإلهي اعتقاد الناس في إلهين: إله للخير وآخر للشر، ويؤكد السلطان الأوحد لله الضابط كل الأشياء؛ نسب الكتاب المقدس هذه الأفعال لله لأنها بسماح منه كنتيجة لرغبة الأشرار وإرادتهم، ولكن الله بحكمة عالية سيحوّلها للخير، وهذا ما أكّده أيوب البار بقوله لزوجته: "تَتَكَلَّمِينَ كَلاَمًا كَإِحْدَى الْجَاهِلاَتِ! أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟ فِي كُلِّ هذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ بِشَفَتَيْهِ" (أي10:2). وهو ما أكّده الكتاب أيضًا على فم عاموس النبي قائلًا: "أَمْ يُضْرَبُ بِالْبُوقِ فِي مَدِينَةٍ وَالشَّعْبُ لاَ يَرْتَعِدُ؟ هَلْ تَحْدُثُ بَلِيَّةٌ فِي مَدِينَةٍ وَالرَّبُّ لَمْ يَصْنَعْهَا؟" (عا6:3)... فعلى هذا المثال قيلت هذه التعبيرات لتأكيد سلطان الله الأوحد. · يسمح الله بضلال الأشرار بحسب شهوة قلوبهم مع أنه لا يريد شيئًا غير خير الجميع، ولا يريد ضلال أحد، ولا يُقهر أحدًا لكي يمتنع عن صنع الشر، ولا يُجبر أحدًا أيضًا على صنع الخير لكنه ترك البشر لحريتهم ليصنعوا ما يشاؤون، فقد تكون تلك هي الفرصة الأخيرة لهم للتوبة، فكم من الناس بعدما تركهم الله لشرهم ولإبليس الذي أذلهم صرخوا لله والرب خلصهم. مثال § الابن الضال الذي رجع لأبيه بعدما ذاق آلام ومرارة الشر؛ فرجع مخبرًا عن شر وهوان وذل الخطية له مرددًا وقائلًا: "... كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا" (لو17:15). § كتب معلمنا بولس الرسول بشأن خاطئ في مدينة كورنثوس يأمر بحرمه؛ واصفًا ذلك الحرم بأنه تسليم هذا الخاطئ للشيطان وبالطبع لم يتقابل معلمنا بولس الرسول مع الشيطان ليسلم ليده ذلك الخاطئ، ولكنه قصد أن قطعه أو حرمانه من شركة الكنيسة هو حرمانه من النعمة التي رفضها بإصراره على الخطية مع امرأة أبيه، وبالتالي تلقفه الشيطان ليذله وبالفعل قد عانى هذا الخاطئ من نتائج حرمانه من النعمة، واستلمه عدو الخير فأذله حتى تاب ورجع، ويخبرنا الكتاب عن توبة ذلك الخاطئ وقبوله مرة أخرى في شركة الكنيسة... وهذا هو نص حرمان معلمنا بولس الرسول له من شركة الكنيسة أو تسليم ذلك الخاطئ للشيطان: "بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِذْ أَنْتُمْ وَرُوحِي مُجْتَمِعُونَ مَعَ قُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ ، أَنْ يُسَلَّمَ مِثْلُ هذَا لِلشَّيْطَانِ لِهَلاَكِ الْجَسَدِ، لِكَيْ تَخْلُصَ الرُّوحُ فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ" (1كو4:5). أخيرًا: إن أمثال هذه العبارات تعبر عن تعليم مهم جدًا وهو أهمية وضرورة نعمة الله لحفظ البشر من الضلال والهلاك، فعلى الإنسان ألا يقسّي قلبه أو يستهتر لئلا تفارقه النعمة وفي الحال يباغته الشيطان، كما قيل عن شاول الملك: "وَذَهَبَ رُوحُ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ، وَبَغَتَهُ رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ" (1صم14:16). |
رد: كتاب عندي سؤال
30- لماذا يسمح الله لأطفال أبرياء بالموت بطريقة بشعة، أو للأبرياء من النساء أو الشيوخ بموت رديء سواء كان بفعل البشر كما في الحروب أو بفعل الكوارث الطبيعة المدمرة؟
السؤال الثلاثون لماذا يسمح الله لأطفال أبرياء بالموت بطريقة بشعة، أو للأبرياء من النساء أو الشيوخ بموت رديء سواء كان بفعل البشر كما في الحروب أو بفعل الكوارث الطبيعة المدمرة؟ الإجابة: أولًا: موقف الله من قتل ووحشية البشر بعضهم نحو بعض: · القتل والوحشية هو نوع من الشر والظلم الذي لم يرضَ عنه الله من بدء وجود الإنسان على الأرض، ولم يرضَ به الله يومًا من الأيام ولن يرضى به أبدًا، وقد أعلن الله ذلك بقوله لقايين: "... مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِن الأَرْضِ. فَالآَن مَلْعُوٌن أَنتَ مِن الأَرْضِ الَّتِي فَتَحَتْ فَاهَا لِتَقْبَلَ دَمَ أَخِيكَ مِن يَدِكَ" (تك4: 10 - 11). · سماح الله للبشر بممارسة حرية إرادتهم سواء كانت خيرًا أم شرًا أو حتى قتلًا، كان ضرورة لحرية الإنسان وإلا يكون الإنسان مجبرًا على السلوك حسب مشيئة الله، وحتى إن صنع خيرًا أو برًا لا يكون لذلك قيمة، لأنه صادر عن كائن يساق كالعبيد ولا حرية له... مثال ذلك: أب يسمح لابنه بما يوافق شخصيته فقط؛ فتكون النتيجة أن يكبر الابن ويصير نسخة من أبيه ولكنها نسخة ممسوخة، فأبوه يمكنه أن يفكر ليتصرف حسنًا في المواقف المختلفة ويتخذ قرارًا يناسب كل موقف، أما الابن المسكين فضعيف جدًا في الشخصية وبالتالي ضعيف أيضًا في مقدرته على التفكير وفي الإرادة أيضًا، ولا يمكنه فعل شيء من نفسه دون الرجوع لأبيه في كل موقف، فيكون مصدر الخير ليس منه بل خارجًا عنه. فهل يفرح الأب ويفتخر بذلك الابن؟ بالطبع لا. ولكن الأب الحكيم يترك لابنه مساحة ما من الحرية تمكنه من النضوج مع معرفته التامة أن ابنه سيخطئ حتمًا، مع أن تبعية أخطاء ابنه قد تأتي عليه كأب. إذًا الشر والقتل والوحشية الموجودة في العالم نتيجة لمساحة الحرية الممنوحة من الله للأشرار كبشر. ثانيًا: ما هو ذنب الأبرياء: 1. طبيعة الموت: احتارت البشرية في هذا العدو اللدود الذي وصفه الكتاب المقدس قائلًا: "آخِرُ عَدُوٍّ يُبْطَلُ هُوَ الْمَوْتُ" (1كو 15 : 26). فقد قهر الموت العظماء سواء كانوا ملوكًا أو قادةً أو رؤساءً. قهر الموت الأبطال الشجعان من رجال الحرب. قهر الحكماء والمفكرين، وأيضًا الفلاسفة. قهر الموت من خَلد التاريخ أسمائهم، بل قهر الأنبياء والقديسين وبالإجمال قهر البشر أجمعين. وهكذا سيطر الموت على البشرية التي أتى منها الرب متجسدًا ليقهر الموت بقيامته لحسابها فاتحًا بابًا للرجاء في حياة أبدية. والآن لنتعرف من خلال النقاط التالية على طبيعة هذا العدو اللدود أي الموت: · جميع البشر معرّضون للموت ولابد أن يأتيهم الموت كقول الكتاب: "وَكَمَا وُضِعَ لِلَّناسِ أَن يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ الدَّيْنوَنةُ" (عب9: 27). · الموت قريب جدًا من الإنسان، فالبشر جميعهم معرضون للموت في كل لحظة وفي أي لحظة بسبب ضعف تكوينهم الجسماني، فجسدنا تفارقه الحياة لأسباب كثيرة مثل المرض أو الحريق أو البرد الشديد أو الغرق أو التعرض للعنف بكل صوره أو... أو... أو... وقد وصف الكتاب المقدس ذلك بقوله: "لاَ تَتَّكِلُوا عَلَى الرُّؤَسَاءِ، وَلاَ عَلَى ابْن آدَمَ حَيْثُ لاَ خَلاَصَ عِندَهُ. تَخْرُجُ رُوحُهُ فَيَعُودُ إِلَى تُرَابِهِ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ نفْسِهِ تَهْلِكُ أَفْكَارُهُ" (مز146: 3-4)، وقد قصد الله ذلك حتى يدرك البشر زوال هذه الحياة. · تعدد طرق وأسباب الموت يعبر عن حقيقة هامة أراد الله تأكيدها للبشر، وهي سهولة حدوث الموت وواقعيته، فالموت يحاصر الإنسان من كل جهة وقد أراد الله للإنسان ألا تفارقه تلك الحقيقة على الدوام. ولو افترضنا جدلًا أن الشيخوخة أصبحت هي السبب الوحيد للموت مثلًا، هنا نتوقع ألا يفكر الإنسان في الموت إلا عندما يبلغ سن الشيخوخة. أما عندما يدرك الإنسان أن الموت قريب جدًا منه فأنه يتطلع إلى ما بعد هذه الحياة (الحياة الأخرى). · وقد نشبه ضعف تكوين الإنسان الجسدي بورق الكتابة الذي من السهل فساده سواء ببلل الماء أو بالتمزيق أو بحرقه بالنار أو سهولة تهتكه بمرور الوقت، لكننا نستعمله لفائدته ونحن نعلم أنه لن يعمّر كثيرًا. ولهذا سمح الله أيضًا بالموت بطرق تظهر ضعف طبيعة الجسد بل سمح بتعفن وتحلل جثث الموتى لعل البشر يدركون حقيقة ضعف الإنسان في هذه الحياة كقول الكتاب: "هكَذَا أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ: يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ. يُزْرَعُ فِي هَوَاٍن وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضَعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ. يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَاِنيًّا. يُوجَدُ جِسْمٌ حَيَوَاِنيٌّ وَيُوجَدُ جِسْمٌ رُوحَاِنيٌّ" (1كو15: 42 -44). · أكد الرب يسوع لليهود الصديقيون الذين كانوا لا يؤمنون بقيامة الأموات أن الموت ليس نهاية المطاف، فهناك حياة أبدية بعد الموت قائلًا عن الله: "لَيْسَ هُوَ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ. فَأَنتُمْ إِذًا تَضِلُّوَن كَثِيرًا!" (مر12: 27). · أكد الكتاب المقدس أيضًا سعادة الملكوت التي تنتظر أبناء الله الذين ظُلموا وماتوا غدرًا، لكنهم سينالون عوضًا مضاعفًا لا يقارن بحياة أرضية مؤقتة وزائلة وكل ما أتى عليهم من تعب وضيق لن يقارن بما ينتظرهم بحسب قول الكتاب: "إِذْ هُوَ عَادِلٌ عِندَ اللهِ أَّن الَّذِيَن يُضَايِقُوَكُمْ يُجَازِيهِمْ ضِيقًا، وَإِيَّاكُمُ الَّذِيَن تَتَضَايَقُوَن رَاحَةً مَعَنا، عِندَ اسْتِعْلاَن الرَّبِّ يَسُوعَ مِن السَّمَاءِ مَعَ مَلاَئِكَةِ قُوَّتِهِ" (2تس1: 6 -7). إن الله سيعوض المظلومين بعوض سمائي أبدي وسيجازي الأشرار على شرهم، وسينسى المتألمين حتمًا كل هذه الأتعاب والضيقات لأن الله سيمسح دموعهم. ومن لا ينسى المظالم والأحزان مهما كانت شدتها عندما يعوّضه الرب بما لم تره عين وما لم تسمع به أذن وما لم يخطر على قلب بشر؟! .. · إن السعادة السماوية المنتظرة عظيمة وأبدية والشقاء وقتي ومحدود وخفيف جدًا بالنسبة للسعادة. وهذا يمكن تمثيله بأب قد يأخذ ابنه للطبيب الذي يأمر بحَقْنهِ بمضاد حيوي ليشفى، ولعظم الفائدة يشجع الأب ولده لأن الألم المنتظر تافه جدًا، ولا يقاس بالفائدة، ولا وسيلة للشفاء إلا بالعلاج، وهل عندما يشفى الابن من آلامه ويدرك حب أبوه له ألا يشكره على عظم صنيع عمله معه؟! 2. ما وراء الموت: · الموت آتٍ آتٍ لا محالة، فما أعظم أن يفوز الإنسان من خلال موت الجسد الذي يعمل فينا ببطء كل يوم ثم يكمل عمله فينا بانتقالنا من الحياة الأرضية لننعم براحة ومجد أبديين، فلهذا اشتهى الكثيرون هذا الموت الذي سينهي أتعابهم لأجل الحياة الأبدية التي هي أعظم وأنفع. وهذا ما اشتهاه بلعام بن بصور الذي قال: "... لِتَمُتْ نفْسِي مَوْتَ الأَبْرَارِ، وَلْتَكُن آخِرَتِي كَآخِرَتِهِمْ" (عد23: 10). وقد نشبّه ذلك بشمعة صنعها الصانع لتُضيء وتُنير في الظلام، ولكنها قد تفسد بسبب تعرضها لحرارة المكان الذي تُحفظ فيه، أو قد تتلف وتتحطم إلى أجزاء بسبب عبث الأطفال، أو تتلفُ عمومًا بسبب أو آخر.. ولكنها ستتلفُ يومًا ما. فهكذا الإنسان مجده وسموّه في أن يُنهي حياته من أجل الصلاح الذي لأجله خلقه الله، وحينئذ سيفوز بالمجد الأبدي وهو يردد قول معلمنا بولس الرسول "لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوت فَإِنْعِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبّ نَحن." (رو8:14 ). · الكثير من العظماء قهروا الموت بدلًا من أن يقهرهم الموت وذلك باختيارهم الموت طواعيةً، وبعدم مهابتهم منه، وقد أعطانا الرب يسوع المسيح أعظم مثال عندما قهر الموت بموته من أجل محبته للبشر ثم قهره مرة أخرى بقيامته، وقد يتشبه البشر بالرب فلا يخشون الموت من أجل الله كالشهداء مثلًا، أو من أجل الحب لأبنائهم أو لأجل الدفاع عن الوطن، أو لأجل الواجب كالطبيب الذي لا يخشى الموت فيصاب بالعدوى من مريضه وهو يؤدي واجبه أو... أو... ونحن نمجد ذلك الجندي الشهيد من أجل وفاءه للوطن أو ذلك الطبيب... لأجل... أو... أو... ولا نركز على بشاعة وطريقة موته، ولا نسترسل في الحزن عليه بل نمتدح بسالته. فإن كان العالم يمجد من يموت لأجل أهداف بشرية سامية أفلا نُمجد نحن ونقبل أن يموت بعض البشر حبًا في الله ولأجله؟! · لا علاقة بين سبب الموت الجسدي والمصير الأبدي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فهابيل أول من مات من البشر قتلًا بل غدرا، وقد شهد عنه الكتاب المقدس بأنه بار، وعلى العكس قد يكون هناك أشرار قد يطول عمرهم على الأرض، ولكن لماذا ننشغل كثيرًا بسبب موت الجسد، ولا ننشغل بما بعد موت الجسد؟! لقد علّمنا الرب يسوع ألا نخاف الموت، بل نخاف ما وراء الموت قائلًا: "بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّن تَخَافُوَن: خَافُوا مِن الَّذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَاٌن أَن يُلْقِيَ فِي جَهَّنمَ. َنعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: مِن هذَا خَافُوا" (لو 12 : 5). فكل من مات غدرًا وهو بريء بفعل البشر أو مات في كارثة، لم يخسر كثيرًا لأنه كان سيفارق هذه الحياة يومًا ما، أما موته هذا فهو بسماح من الله وتدبيره وبحسب حكمته الفائقة، وبالطبع تنتظره عوضًا مكافأة الله العادلة في السماء. · التوبة هي أعظم رسالة من وراء الموت بكل صوره، خصوصًا الموت الفجائي، وأيضًا من وراء الموت الرديء الذي يهز مشاعر الناس وهذا ما علمنا به الرب عندما أخبره اليهود عمّن قتلهم هيرودس وهم يقدمون ذبائحهم لله قائلًا: "وَكَاَن حَاضِرًا فِي ذلِكَ الْوَقْتِ قَوْمٌ يُخْبِرُوَنهُ عَن الْجَلِيلِيِّيَن الَّذِيَن خَلَطَ بِيلاَطُسُ دَمَهُمْ بِذَبَائِحِهِمْ. فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَتَظُّنوَن أَّن هؤُلاَءِ الْجَلِيلِيِّيَن كَاُنوا خُطَاةً أَكْثَرَ مِن كُلِّ الْجَلِيلِيِّيَن لأَّنهُمْ كَابَدُوا مِثْلَ هذَا؟ كَلاَّ! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِن لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ. (لو 13 : 1 -3). |
رد: كتاب عندي سؤال
رووووووووووعة يا استاذنا ربنا يفرح قلبك |
رد: كتاب عندي سؤال
مجهود رائع ربنا يفرح قلبك |
رد: كتاب عندي سؤال
شكرا جدا جدا ربنا يفرح قلبك |
الساعة الآن 07:51 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025