![]() |
النبي داود وابنه سليمان الحكيم
النبي داود وابنه سليمان الحكيم https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg الدكتور القس . منيس عبد النور النبي داود هذا الكتاب..... نتأمل في هذا الكتاب حياة رجلين عظيمين من رجال الله الذين ذكرتهم التوراة: النبي داود وابنه سليمان الحكيم. لقد كان داود ثاني ملك على بني إسرائيل بعد شاول، الملك الاول - كما تولى المُلك بعده ولده سليمان. وقد شهد الكتاب المقدس أن الله قال عنه: «وَجَدْتُ دَاوُدَ بْنَ يَسَّى رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِي، ٱلَّذِي سَيَصْنَعُ كُلَّ مَشِيئَتِي» (أعمال ١٣: ٢٢). ويكفي داود فخراً أن السيد المسيح دُعي «ابن داود». أما سليمان فقد كان إمام الحكماء، وهو الذي بنى لله الهيكل العظيم، أول بناء ثابت في تاريخ بني إسرائيل. وقد دُعي «الجامعة» لأنه جمع أقوال المعرفة والحكمة. ونحن نرجو للقارئ الكريم أن يجد كل فائدة لقلبه وعقله، وهو يدرس حياة هذين الرجلين العظيمين. الدكتور القس منيس عبد النور |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
النبي داود
الفصل الأول: الله يختار داود https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg في هذا الكتاب سنتأمل أولاً حياة نبي الله داود صاحب المزامير، الذي كان في مطلع حياته يرعى الأغنام، وكان مستعداً أن يبذل نفسه في سبيل خرافه. وفي صدر حياته لاقى التعب والعناء من مطاردة الملك شاول له، بعد أن غنّت بنات إسرائيل أن شاول قتل ألوفه، بينما قتل داود عشرات ألوفه. وفي بقية حياته مَلك على بني إسرائيل ونظّم دولتهم، كقائد سياسي وديني، يعلّم الشعب طريق الرب. وداود هو المرنم الذي نرتل مزاميره التي تملأ قلوبنا بالبهجة والعزاء، لأننا نعلم أن الله هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد، فكما تعامل مع داود يتعامل معنا ليبارك حياتنا. ولا يوجد شخص آخر في التوراة يحمل اسم داود، إلا داود صاحب المزامير الذي نتحدث عنه في هذا الكتاب. ومعنى اسمه «المحبوب من الله». |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
عائلة داود https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg داود هو ابن يسى. ويقول التقليد اليهودي إن يسى كان رجلاً تقياً، ينسج السجاد الذي يفرشون به بيت الله، وكان يملك قطعة أرض صغيرة، كما كان يملك بعض الأغنام القليلة التي كان يرعاها له ابنه داود. لم يكن يسى غنياً ويظهر هذا من بساطة الهدية التي أرسلها لأولاده عندما كانوا يحاربون جليات الجبار، ومن قول أولاده عن أغنامهم إنها «غنيمات قليلة». ولا نعرف شيئاً عن أم داود، غير أنه ذكرها في المزامير مرتين، فقال في المزمور ظ¨ظ¦: ظ،ظ¦: «أَعْطِ عَبْدَكَ قُوَّتَكَ وَخَلِّصِ ظ±بْنَ أَمَتِكَ». وفي المزمور المئة والسادس عشر يقول: «يَا رَبُّ. إَنِّي عَبْدُكَ. ظ±بْنُ أَمَتِكَ». (مزمور ظ،ظ،ظ¦: ظ،ظ¦) وفي هاتين الآيتين يصف داود أمه بأنها «أَمَة الرب» - كما قالت مريم العذراء عن نفسها إنها «أَمَة الرب» بمعنى خادمة الرب (لوقا ظ،: ظ£ظ¨). وكان لداود سبعة إخوة وأختان، وهو أصغر إخوته الأولاد، فكان قريباً في العمر من أولاد أخته التي كان اسمها «صروية» فأخذ من أولاد أخته مساعدين له في المملكة. ولا بد أن إيمان هذه الأسرة كان ذا تأثير كبير على حياة داود. لقد أرضعت الأم ولدها الإيمان والحب للرب، وهكذا كل أم مؤمنة تكون بركة لنفسها ولكل أولادها، لأن الأم التقية تُرضع أولادها لبن الإيمان العديم الغش مع لبن الرضاعة. كان داود محبوباً من الرب ومحبوباً من أمه وأبيه. ولكن إخوته كانوا يغارون منه، ولم يكونوا متعاطفين معه. وقد ظهرت خشونتهم معه في مرات كثيرة. ولكن داود كان كريماً معهم وكان محباً لهم، كما كان يوسف الصديق كريماً ومحباً لإخوته مع أنهم حسدوه وباعوه عبداً في مصر. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
مكان ولادة داود https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg وُلد نبيّ الله داود في بيت لحم، التي أُطلق عليها فيما بعد اسم «مدينة داود» تكريماً له ولها، بسبب ولادته فيها. وبيت لحم معناها «بيت الخبز» ويرجع هذا الاسم إلى أن المدينة الصغيرة كانت تقع فوق تل تحته وادٍ خصيب ينبتُ فيه القمح، الذي يصنعون منه الخبز، ولذلك صار اسمها بيت لحم أي «بيت الخبز». هي تقع على مسافة ثمانية كيلو مترات من أورشليم. وهي أهم مدن فلسطين في التاريخ المقدس، فمع أنها صغيرة، جرت فيها قصة زواج بوعز من راعوث التي نجدها في سفر راعوث في التوراة. وفيها نشأ داود. وفوق هذا كله ففي بيت لحم وُلد السيد المسيح الذي جاءنا مولوداً في مذود. وفوق سهول بيت لحم رنَّت ترنيمات الملائكة: «ظ±لْمَجْدُ لِلّظ°هِ فِي ظ±لأَعَالِي، وَعَلَى ظ±لأَرْضِ ظ±لسَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ ظ±لْمَسَرَّةُ» (لوقا ظ¢: ظ،ظ¤). |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
الله يكلم صموئيل عن داود
https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg داود هو الملك الثاني لبني إسرائيل. أما الملك الأول فكان شاول. وكان في المملكة قائد عظيم اسمه صموئيل، كان قاضياً للشعب كما كان كاهناً ونبياً للرب. وبدأ الملك شاول بدايةً طيبة، لكنه انحرف وعصى الرب ولم يطعه، وكانت النتيجة أن الله رفض شاول من المُلك. وحزن صموئيل النبي على شاول وبكى عليه، ولكن المملكة دوماً أهم من الملك، وعمل الرب دوماً أهم من الشخص الذي يعمله. لذلك قال الله لصموئيل: «حَتَّى مَتَى تَنُوحُ عَلَى شَاوُلَ، وَأَنَا قَدْ رَفَضْتُهُ عَنْ أَنْ يَمْلِكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ؟ اِمْلأْ قَرْنَكَ دُهْناً وَتَعَالَ أُرْسِلْكَ إِلَى يَسَّى ظ±لْبَيْتَلَحْمِيِّ، لأَنِّي قَدْ رَأَيْتُ لِي فِي بَنِيهِ مَلِكاً» (ظ،صموئيل ظ،ظ¦: ظ،-ظ،ظ£). أما قرن الدهن فهو الوعاء الذي يضعون فيه الدُهن الخاص، الذي يمسحون به الكهنة والملوك، علامة اختيار الله لهم. وهذا الدُّهن ذو رائحة طيبة. وأمر الرب صموئيل أن يذهب إلى بيت لحم ليقدم ذبيحة للرب، فأخذ صموئيل عِجْلة من البقر، وسار نحو بيت لحم وهو لا يعلم من يكون الملك الجديد، لكنه كان يعرف أن الرب سيعلن له من يكون ذلك الملك. وما أن وصل صموئيل إلى بيت لحم حتى اجتمع حوله شيوخ المدينة، فقال لهم: «سلام. جئت لأذبح للرب. تقدسوا وتعالوا معي إلى الذبيحة». واهتم صموئيل بأهل بيت يسى والد داود، وطلب أن يستعدوا استعداداً خاصاً، وربما نزل صموئيل ضيفاً عندهم. وكان الله قد قال لصموئيل إن الذي يمسحه ملكاً هو أحد أولاد يسى، ولذلك طلب أن يرى كل أولاد يسى، فجاء يسى ومعه كل أولاده، ما عدا داود الصغير. ورأى صموئيل النبي ابن يسى الأكبر واسمه أليآب، وكان طويل القامة وحسن المنظر، فظنّ صموئيل أن أليآب هو الشخص الذي يطلبه الرب ليكون ملكاً. ولكن الرب كان يقصد شخصاً آخر، فقال الرب لصموئيل: «لا تنظر إلى المظهر لأن الإنسان ينظر إلى العينين، وأما الرب فإنه ينظر إلى القلب». |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
هذه الكلمات تعلمنا درساً عظيماً. إن الله لا تهمه المظاهر الخارجية، لكنه يهتم كثيراً بحالة القلب الداخلية. فلتكن حالة قلوبنا موضع اهتمامنا، ولنعتنِ بأن يكون لنا القلب النقي، كما قال السيد المسيح: «طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ ظ±لْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ ظ±للّظ°هَ» (متى ظ¥: ظ¨).
وجاء يسى بالابن الثاني واسمه أبيناداب ولكن الربَّ لم يقبله. وجاء بالابن الثالث واسمه شمَّة ولكن الرب لم يقبله. فجاء يسى بالأبناء الرابع والخامس والسادس والسابع، ولم يقبل الرب أحداً منهم. فقال صموئيل ليسى: «ظ±لرَّبُّ لَمْ يَخْتَرْ هظ°ؤُلاَءِ». وفي حيرة تساءل صموئيل: «هَلْ كَمُلَ ظ±لْغِلْمَانُ؟» فأجاب يسى: «بَقِيَ بَعْدُ ظ±لصَّغِيرُ وَهُوَذَا يَرْعَى ظ±لْغَنَمَ». فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِيَسَّى: «أَرْسِلْ وَأْتِ بِهِ، لأَنَّنَا لاَ نَجْلِسُ حَتَّى يَأْتِيَ إِلَى هظ°هُنَا» (ظ،صموئيل ظ،ظ¦: ظ،ظ،). فأرسل يسى رسولاً يدعو داود للحضور، فترك داود أغنامه في رعاية الرسول الذي أرسله أبوه، وأسرع ليقابل صموئيل رجل الله، وهو لا يعرف سبب تلك الدعوة المفاجئة. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
صموئيل يمسح داود
كان صموئيل نبي الله ينتظر دون أن يأكل، إلى أن وصل داود، الذي تصفه التوراة لنا بالقول: »كَانَ داود أَشْقَرَ مَعَ حَلاَوَةِ ظ±لْعَيْنَيْنِ وَحَسَنَ ظ±لْمَنْظَرِ» (ظ،صموئيل ظ،ظ¦: ظ،ظ¢) وهنا أمر الرب صموئيل أن يمسح داود بالدهن المقدس، لأنه هو الملك القادم. وكان المَسح بالدهن رمزاً لتخصيص الإنسان لخدمة الله. ولا زال الله يفتش عن أوانٍ بشرية لتعمل عمله، ولقد طلب داود ليعمل إرادته. فهل يجدك أنت مستعداً أن تعمل إرادته وتقوم بخدمته؟ استراح قلب صموئيل وهو يجد الشخص الذي اختاره الله، فأخذ قرن الدهن ومسح داود في وسط إخوته، وحل روح الرب على داود من ذلك اليوم فصاعداً. وكما كانت الأرض خربة وخالية، فصارت فيها الحياة عندما رف روح الله على وجه المياه، هكذا أعطى روح الله داود قوة جسدية وعقلية وروحية جديدة، فصارت لداود معرفة الرب وامتلأ بالغيرة على عمل الله، واستعد لدعوة الله العليا له. وكما حل روح الله على داود يمكن أن يحل عليك ويملأك لتقوم بخدمة الرب ولتعمل عمله، فأدعوك أن تسلم حياتك للرب تسليماً كاملاً. لا تحتفظ بشيء لنفسك، ولا تسمح لشيء خاطئ أن يتواجد في قلبك. عليك أن تطلب من الله أن يطهرك وينقي حياتك، فلا يبقى فيها ما يعطل امتلاءك من الروح القدس. اجعل الرب صاحب السلطان الكامل عليك. اعزم أن تطيعه في كل ما يقوله لك، وعند هذا ستمتلئ من روح الرب. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
الله يختارك داود
https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg اختار الرب الغلام الصغير الذي كان يرعى الأغنام ليصبح قائداً لبني إسرائيل. اختاره صغيراً ليجهزه لهذه الخدمة الكبيرة. وأرجو أن نتذكر كيف يختار الله الناس ليخدموه. إن الله ينظر إلى قلوب البشر، ولا تهمه المظاهر لأنه يريد القلب والجوهر. لعن المسيح شجرة التين التي كانت مورقة دون أن تحمل ثمراً (مرقس ظ،ظ،: ظ،ظ،-ظ،ظ¤). وهو يريدنا أن نكون مثمرين، نقدم للناس من حولنا ثمراً صالحاً يشبعهم ويفيدهم، لا بالكلام ولا باللسان لكن بالعمل والحق. ونلاحظ أن حكم الله علينا يختلف عن حكم البشر علينا. كان صموئيل يظن أن أليآب الابن الأكبر ليسى هو الشخص الذي اختاره الله ليكون ملكاً. ولكن الله رأى أن داود هو الأصلح. وقد اختار الله داود لأنه رأى قلبه الصالح. تأكد أن الله يعرف حالة قلبك ويريد أن يعطيك القلب النقي، ويسعدك بأن يغير حياتك. ادعُ الله أن يدخل قلبك ليجعل منك إناءً صالحاً لخدمته، وآلة مقدسة لطاعته وتنفيذ مشيئته. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
الله يجهِّز البطل داود
https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg كان الله يجهز داود وهو يرعى غنمه في البرية. قال بعض المفسرين إن داود كان في الخامسة عشرة من عمره عندما مسحه صموئيل النبي. وقال آخرون إن عمره كان عشرين سنة. ولا نعلم بالضبط كم كان عمره، ولكننا نعلم أن الله كان يجهزه ليصير ملكاً. في الجو الجميل كان جسد داود يتقوى. في رعاية الغنم كان يستعمل السلاح، فيضرب الحجارة بمقلاعه ويصيب هدفه، وكان يسهر ليحمي أغنامه من اللصوص والوحوش. ولقد جهزه هذا ليرعى الشعب بعد ذلك بنفس الحب والحنان. ولقد علمته رعاية الأغنام كيف أن الله المحب هو الراعي الصالح، فكما يعتني بأغنامه يعتني الله بشعبه. وعندما كان يغني للغنم تعلم أن يعزف على العود، وهو يُنشد القصائد الموسيقية. وعندما كان يجلس مع أغنامه وحيداً، كان يتأمل صلاح الله ومحبته. وفي الليل عندما كان يسهر لحراسة غنمه كانت النجوم فوقه تحكي عن عظمة الله، فكتب بعد ذلك مزموره الذي قال فيه: «اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ ظ±للّظ°هِ، وَظ±لْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ» (مزمور ظ،ظ©: ظ،). لقد كانت النجوم تحكي له عن محبة الله، فقال في مزموره الثامن: «إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ، ظ±لْقَمَرَ وَظ±لنُّجُومَ ظ±لَّتِي كَوَّنْتَهَا، فَمَنْ هُوَ ظ±لإِنْسَانُ حَتَّى تَذْكُرَهُ وَظ±بْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ» (مزمور ظ¨: ظ£ وظ¤). لم تكن سنوات حياة داود الأولى سنوات غير مجدية ولكنها كانت سنوات التجهيز فقد كان الله يجهزه ليخدمه بعد ذلك. عزيزي القارئ، قد تشعر أن حياتك بلا معنى، وأن السنوات التي تحياها الآن بغير قيمة. لكن لو أنك وضعت نفسك بين يدي الله وسلمت حياتك له، أؤكد لك أن هذه السنوات ستكون ذات قيمة، لأن الله يجهزك أثناءها لتخدمه ولتعمل مشيئته. إن الله يضع برنامجاً عظيماً لحياة الإنسان الذي يفتح قلبه لنعمة المسيح، فأدعوك أن تفعل ذلك. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
داود نقي القلب
https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg عندما جاء صموئيل النبي ليمسح داود ملكاً لبني إسرائيل، تقول التوراة: «إن يسى قدَّس أولاده السبعة حتى يأتوا إلى الذبيحة». أما داود فقد كان مستعداً دائماً. عندما جاء رجل ا لله للعبادة لم يكن داود محتاجاً للاغتسال أو التطهير. كانت حياته طاهرة، وكان قلبه دوماً للرب. ونحن الآن ندعوك أن تنزع من قلبك الخصام. تصالح مع جارك، انزع من قلبك كل شكوى. كن شاكراً على كل شيء، مستعداً أن تتقابل مع الله في أية لحظة. إن أصحاب القلب النقي يستطيعون أن يكلموا الله دائماً، ليس بينهم وبينه حاجز، لأنهم يحبونه من كل قلوبهم، حباً يجعلهم مستعدين دوماً أن يخاطبوه وأن يتقَّربوا إليه في غير خوف. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
الله يدرِّب داود
https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg كان الله يجهّز عبده داود ليملك على بني إسرائيل، فعلَّمه عن عظمته وعن محبته. ودربه تدريباً كافياً ليجعل منه ملكاً عظيماً. وكان داود مستعداً لهذا، فكان منفتح القلب دوماً لمعاملات الله معه. وهناك صفة أخرى جميلة في داود: أنه كان متواضعاً. يقول المؤرخ اليهودي يوسيفوس إن صموئيل النبي همس في أذن داود وهو يمسحه ملكاً: «ستكون ملك بني إسرائيل». ولكن هذا لم يجعله يتكبر أو ينتفخ أبداً. الأغلب أن إخوته لم يفهموا معنى المسحة. وكنا نظن أن يمتنع داود عن العودة إلى رعاية أغنامه بعد أن عرف أنه سيصير ملكاً، وأن يقوم أحد إخوته برعاية الغنم بدلاً منه. لكن شيئاً من هذا لم يحدث. لقد رجع داود إلى أغنامه كما كان. اختار الله داود ووافق داود على الاختيار، بتواضع وبغير كبرياء. ليعطنا الله التواضع الذي يجعلنا نقبل أن نقوم بأي عمل مهما كان بسيطاً. ولنتعلم من مثال السيد المسيح الذي قال: « ظ±بْنَ ظ±لإِنْسَانِ أَيْضاً لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ» (مرقس ظ،ظ*: ظ¤ظ¥). |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
الفصل الثاني: داود في القصر الملكي
https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg مسح صموئيل النبي داود ملكاً مقبلاً لبني إسرائيل. لكن كيف يصير داود ملكاً؟ لا بد أن يتعلم ويفهم ويتدرب، ليصبح صالحاً ومستعداً للمُلْك. ولقد جاءت الفرصة لداود لما وصلته دعوة من شاول الملك ليذهب لقصره. وعندما ذهب إلى القصر أحبه شاول، وطلب أن يلازمه. وبقي داود في قصر شاول حارساً للملك يشغل وظيفة حامل سلاح الملك. ما أعجب ترتيب الله! إنه لا يدعونا إلى عمل دون أن يجهزنا له، ليكون فضل القوة لله وليس منا. دعا الله داود، وعمل على تجهيزه ليكون ملكاً. وعندما يكلفك الله بمهمة فإنه يجهزك لها قبل أن تقوم بها. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
شاول يمرض
https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg كان الملك شاول قد أُصيب بمرض شديد، وحاول كبار أطباء المملكة أن يعالجوه، لكن بغير نفع. فاقترح أحد رجاله فكرة الموسيقى التي تشفي. قال: «فَلْيَأْمُرْ سَيِّدُنَا عَبِيدَهُ قُدَّامَهُ أَنْ يُفَتِّشُوا عَلَى رَجُلٍ يُحْسِنُ ظ±لضَّرْبَ بِظ±لْعُودِ. وَيَكُونُ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ ظ±لرُّوحُ ظ±لرَّدِيءُ مِنْ قِبَلِ ظ±للّظ°هِ أَنَّهُ يَضْرِبُ بِيَدِهِ فَتَطِيبُ» (ظ،صموئيل ظ،ظ¦: ظ،ظ¦). وكان بنو إسرائيل بارعين في الموسيقى، يستخدمونها في العبادة والمناسبات المختلفة. كانوا يودّعون الضيوف الأعزاء بالموسيقى، ويحتفلون بها في الانتصارات، ويستخدمونها في النهضات الروحية. وعندما بنى نحميا حائط أورشليم ودشّن الهيكل احتفلوا بذلك بالموسيقى (نحميا ظ،ظ¢: ظ¢ظ§). حتى الجنازات استعملوا فيها الموسيقى (ظ¢ أيام ظ£ظ¥: ظ¢ظ¥). ووافق الملك شاول على اقتراح رجاله وقال: «فتشوا لي عن رجل يحسن العزف بالعود وأتوا به إليّ». فقال واحد من رجاله: «رَأَيْتُ ظ±بْناً لِيَسَّى ظ±لْبَيْتَلَحْمِيِّ يُحْسِنُ ظ±لضَّرْبَ، وَهُوَ جَبَّارُ بَأْسٍ وَرَجُلُ حَرْبٍ وَفَصِيحٌ وَرَجُلٌ جَمِيلٌ، وَظ±لرَّبُّ مَعَهُ» (ظ،صموئيل ظ،ظ¦: ظ،ظ¨). فارتاح شاول لهذا الكلام. وبدأ داود مهمته. فعندما كان الروح الشرير يجيء على شاول كان داود يعزف على العود فيرتاح الملك، ويذهب عنه الروح الرديء. وهكذا وصل داود إلى قصر الملك ودخل على الرحب والسعة، وكان هذا تدبير الله الصالح ليتواجد داود في القصر الملكي وليتعلم شئون المملكة. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
سبب مرض شاول
https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg تُرى لماذا مرض شاول؟ تقول لنا التوراة إن مرض شاول كان بسبب الشعور بالذنب. لقد شعر أن الله غير راضٍ عنه، وعرف أن المملكة قد ضاعت منه. وكانت كلمات صموئيل له مثل سيف يمزق قلبه. فلقد قال صموئيل لشاول: «لأَنَّكَ رَفَضْتَ كَلاَمَ ظ±لرَّبِّ، فَرَفَضَكَ ظ±لرَّبُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ... يُمَّزِقُ ظ±لرَّبُّ مَمْلَكَةَ إِسْرَائِيلَ عَنْكَ ظ±لْيَوْمَ وَيُعْطِيهَا لِصَاحِبِكَ ظ±لَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ» (ظ،صموئيل ظ،ظ¥: ظ¢ظ¦ وظ¢ظ¨). وكان صموئيل يقصد بذلك داود. لقد عصى شاول صوت الله. طلب الله من شاول طلباً فاستحسن شاول أن يفعل شيئاً غير ما طلبه الرب. ولم يعتذر شاول ولم يعترف بخطيته للرب، فقد كان حريصاً على كرامته وكبريائه فوق كل شيء، وهكذا حرم نفسه من رحمة الله. إن قوة الله تكون بركة لنا إذا أطعنا الله، لكن إذا عصينا يكون الحزن والضيق والألم من نصيبنا. وكل من يرفض إرشاد الروح القدس يستولي عليه إبليس ويستخدمه للشر. إن الله يقبلك إذا قبلته في قلبك، لكن إن رفضته يرفضك. وكل من يرفض الرب يفتح قلبه لإبليس دون أن يدري. ولا يمكن أن نخدم سيدين، فإما أن تخدم الله وإرادته الصالحة، أو أن تخدم الشيطان. لا مكان للحياد. لا بد من اتخاذ موقف سليم من جهة إرادة الله. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
تضحية داود
https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg ربما تظن أن وجود داود في قصر شاول كان امتيازاً. لكن لا يوجد امتياز بغير تضحية، فلقد دفع داود ثمن هذا الامتياز. ترك غنمه التي يحبها، وترك الطبيعة الجميلة التي كان يرى الله فيها. ترك بيت أبيه والأرض التي نشأ فيها، ترك حريته التي كان يتمتع بها في الخلاء الواسع مع أغنامه. ولا شك أن يسى أب داود كان بين الحزن والفرح. هل يفرح لأن زيارة صموئيل النبي لبيته أثمرت، وشقَّ داود ابنه طريقه إلى العرش؟ أو هل يحزن لأن داود سيتركه ويترك رعاية الغنم؟ على أن شعور داود بدا واضحاً من المزامير التي كتبها يقول فيها: «ظ±لرَّبُّ نَصِيبُ قِسْمَتِي وَكَأْسِي. أَنْتَ قَابِضُ قُرْعَتِي. دَرِّبْنِي فِي حَقِّكَ وَعَلِّمْنِي. لأَنَّكَ أَنْتَ إِلظ°هُ خَلاَصِي. إِيَّاكَ ظ±نْتَظَرْتُ ظ±لْيَوْمَ كُلَّهُ. مَا أَعْظَمَ جُودَكَ ظ±لَّذِي ذَخَرْتَهُ لِخَائِفِيكَ وَفَعَلْتَهُ لِلْمُتَّكِلِينَ عَلَيْكَ تُجَاهَ بَنِي ظ±لْبَشَرِ. تَسْتُرُهُمْ بِسِتْرِ وَجْهِكَ مِنْ مَكَايِدِ ظ±لنَّاسِ. تُخْفِيهِمْ فِي مَظَلَّةٍ مِنْ مُخَاصَمَةِ ظ±لأَلْسُنِ. مُبَارَكٌ ظ±لرَّبُّ لأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ عَجَباً رَحْمَتَهُ لِي فِي مَدِينَةٍ مُحَصَّنَةٍ» (مزامير ظ،ظ¦: ظ¥، ظ¢ظ¥: ظ¥، ظ£ظ،: ظ،ظ©-ظ¢ظ،). أيها القارئ، هناك قصد من خلقك، فقد رسم الله برنامجاً لحياتك. حاول أن تعرف الخدمة التي يريدك الله أن تقدمها له. كن مستعداً أن تدفع الثمن، ولكن ثق أن الله لا بد أن يجازيك، فإن تعبك لن يكون باطلاً في الرب. ما أجمل ما قال الإنجيل المقدس عن المؤمنين: «لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي ظ±لْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ ظ±للّظ°هُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا» (أفسس ظ¢: ظ،ظ*). لقد سبق الله أن أعدّ لك عملاً صالحاً لتقوم به، وهو مستعد أن يجهزك لذلك. هل أنت مستعد لتؤدي ما يكلفُك به الله؟ |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
وصف جميل لداود
https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg وقد وصف أحد رجال شاول داود في ذلك الوقت قال: «رَأَيْتُ ظ±بْناً لِيَسَّى ظ±لْبَيْتَلَحْمِيِّ يُحْسِنُ ظ±لضَّرْبَ، وَهُوَ جَبَّارُ بَأْسٍ وَرَجُلُ حَرْبٍ وَفَصِيحٌ وَرَجُلٌ جَمِيلٌ، وَظ±لرَّبُّ مَعَهُ» (ظ،صموئيل ظ،ظ¦: ظ،ظ¨). فلنتأمل هذه الصفات الجميلة التي نرجو أن يجعلها الله من نصيبنا:
|
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
|
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
الفصل الثالث: داود وجليات
https://upload.chjoy.com/uploads/157788817825832.jpg في الفصل الماضي رأينا داود يعزف على العود للملك شاول المريض، حتى ارتاح وطابت نفسه، وذهب عنه مرضه. ويبدو أن الملك تحسَّن فسمح لداود أن يرجع إلى بيت أبيه، فرجع داود ليرعى غنمه في بيت لحم. وحدث أن أعداء بني إسرائيل اجتمعوا عليهم، ووقفوا على رأس جبل، واجتمع جيش بني إسرائيل على جبل مقابلهم، وكان الوادي يفصل بين الجيشين. ولم يهجم الجيشان الواحد على الآخر، ولكن خرج رجل واحد من صفوف الأعداء اسمه جليات، وهو رجل مبارز بمعنى أنه وحده يطلب أن يبارز رجلاً واحداً. كان رجلاً طويلاً جداً، طوله ستة أذرع وشبر، أي ثلاثة أمتار تقريباً، وكانت ملابسه ضخمة ومخيفة. كان مثل القلعة التي تتحرك بأسلحتها، ولم يكن في القلعة مكان بدون غطاء إلا الجبهة والوجه. وكان جليات يقف كل يوم مرتين في الصباح والمساء يعيِّر بني إسرائيل ويسخر منهم، يطلب منهم رجلاً يخرج إليه ويحاربه، ويقول: «إِنْ قَدِرَ أَنْ يُحَارِبَنِي وَيَقْتُلَنِي نَصِيرُ لَكُمْ عَبِيداً. وَإِنْ قَدِرْتُ أَنَا عَلَيْهِ وَقَتَلْتُهُ تَصِيرُونَ أَنْتُمْ لَنَا عَبِيداً وَتَخْدِمُونَنَا» (ظ،صموئيل ظ،ظ§: ظ©). وظل يكرر هذا الكلام أربعين يوماً كل يوم مرتين. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
داود يزور أرض المعركة
https://upload.chjoy.com/uploads/157788817825832.jpg كان الملك شاول وشعبه خائفين للغاية من جليات. وكان بين جنود شاول ثلاثة من إخوة داود، فطلب يسى من ابنه داود أن يذهب إلى أرض المعركة ليسأل عن سلامتهم، وليحمل لهم بعض الطعام. وما أن وصل داود إلى هناك حتى اكتشف أن جليات الوثني يعيِّر بني إسرائيل الذين يعبدون الإله الحي. فقال داود إنه يقدر أن يحارب جليات. وعندما اقتادوه إلى الملك شاول قال له الملك: «لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَذْهَبَ إِلَى هظ°ذَا ظ±لْفِلِسْطِينِيِّ لِتُحَارِبَهُ لأَنَّكَ غُلاَمٌ وَهُوَ رَجُلُ حَرْبٍ مُنْذُ صِبَاهُ». فَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ: «كَانَ عَبْدُكَ يَرْعَى لأَبِيهِ غَنَماً، فَجَاءَ أَسَدٌ مَعَ دُبٍّ وَأَخَذَ شَاةً مِنَ ظ±لْقَطِيعِ. فَخَرَجْتُ وَرَاءَهُ وَقَتَلْتُهُ وَأَنْقَذْتُهَا مِنْ فَمِهِ. وَلَمَّا قَامَ عَلَيَّ أَمْسَكْتُهُ مِنْ ذَقْنِهِ وَضَرَبْتُهُ فَقَتَلْتُهُ. قَتَلَ عَبْدُكَ ظ±لأَسَدَ وَظ±لدُّبَّ جَمِيعاً. وَهظ°ذَا ظ±لْفِلِسْطِينِيُّ ظ±لأَغْلَفُ يَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمَا لأَنَّهُ قَدْ عَيَّرَ صُفُوفَ ظ±للّظ°هِ ظ±لْحَيِّ». وَقَالَ دَاوُدُ: «ظ±لرَّبُّ ظ±لَّذِي أَنْقَذَنِي مِنْ يَدِ ظ±لأَسَدِ وَمِنْ يَدِ ظ±لدُّبِّ هُوَ يُنْقِذُنِي مِنْ يَدِ هظ°ذَا ظ±لْفِلِسْطِينِي» (ظ،صموئيل ظ،ظ§: ظ£ظ£-ظ£ظ§). وفي هذا الكلام نلمس إيمان داود بقوة الرب الحي الحقيقي. فقال شاول له: «اذهب وليكن الرب معك». ولكنّ شاول تذكّر أن داود بدون سلاح، فطلب أن يعطيه سلاحاً، ولكن داود لم يقدر أن يلبس ملابس الحرب، لأنه لم يكن مدرباً على ذلك، كما أنه سيكون خفيف الحركة بدون تلك الملابس، فوافق شاول. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
داود يقتل جليات
https://upload.chjoy.com/uploads/157788817825832.jpg وذهب داود ليقابل جليات الجبار. وما أن رآه الجبار حتى احتقره، وشتم داود وإلهه. ولكن داود قال له: «أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ. وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِظ±سْمِ رَبِّ ظ±لْجُنُودِ إِلظ°هِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ ظ±لَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ. هظ°ذَا ظ±لْيَوْمَ يَحْبِسُكَ ظ±لرَّبُّ فِي يَدِي فَأَقْتُلُكَ وَأَقْطَعُ رَأْسَكَ. وَأُعْطِي جُثَثَ جَيْشِ ظ±لْفِلِسْطِينِيِّينَ هظ°ذَا ظ±لْيَوْمَ لِطُيُورِ ظ±لسَّمَاءِ وَحَيَوَانَاتِ ظ±لأَرْضِ، فَتَعْلَمُ كُلُّ ظ±لأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلظ°هٌ لإِسْرَائِيلَ. وَتَعْلَمُ هظ°ذِهِ ظ±لْجَمَاعَةُ كُلُّهَا أَنَّهُ لَيْسَ بِسَيْفٍ وَلاَ بِرُمْحٍ يُخَلِّصُ ظ±لرَّبُّ، لأَنَّ ظ±لْحَرْبَ لِلرَّبِّ وَهُوَ يَدْفَعُكُمْ لِيَدِنَا» (ظ،صموئيل ظ،ظ§: ظ¤ظ¥-ظ¤ظ§). وكان السلاح الذي قرر داود أن يستعمله مقلاعاً وحجارة يرسلها لتستقر في جبهة الجبار الوثني. وكان هجوم داود يحتاج إلى التصويب السليم واليد الثابتة. أما التصويب فقد تعلَّمه وهو يرعى غنمه، لأنه حين كانت إحدى غنمه تبتعد كان يصوّب حجراً بمقلاعه ويرميه أمام أنفها لترجع الضالة عن طريق الضلال، وتسير مع بقية الأغنام. أما اليد الثابتة فقد كانت له بتأثير إيمانه بقوة الرب التي تهديه وتساعده. واجه داود جليات بقوة من عند الرب، وصوّب حجراً أملس إلى جبهة جليات. وكان التصويب صحيحاً، فارتزَّ الحجر في جبهة الجبار، وسقط على وجهه إلى الأرض. لم يكن الجبار يظن أن الضربة ستأتيه من مقلاع بسيط، ونسي أن جبهته عارية. وكان احتقاره لداود الصغير سبباً في هلاكه. كان الجيشان واقفين على الجبل، وكان كل جندي يرى المعركة التي تحدث في الوادي. لم يكن أحد من الوثنيين ينتظر هزيمة بطلهم العظيم جليات الذي بلغ طوله نحو ثلاثة أمتار. وعندما رأى الوثنيون أن بطلهم مات، هربوا وهتف بنو إسرائيل هتاف النصر، وخرجوا وراءهم يطردونهم من بلادهم. انتصر داود على الجبار الوثني جليات، وما أجمل ما كتب بعد ذلك في مزموره الرابع والأربعين: «لأَنِّي عَلَى قَوْسِي لاَ أَتَّكِلُ، وَسَيْفِي لاَ يُخَلِّصُنِي. لأَنَّكَ أَنْتَ خَلَّصْتَنَا مِنْ مُضَايِقِينَا، وَأَخْزَيْتَ مُبْغِضِينَا. بِظ±للّظ°هِ نَفْتَخِرُ ظ±لْيَوْمَ كُلَّهُ وَظ±سْمَكَ نَحْمَدُ إِلَى ظ±لدَّهْرِ» (مزمور ظ¤ظ¤: ظ¦-ظ¨). |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
كيف انتصر داود
https://upload.chjoy.com/uploads/157788817825832.jpg كان داود بطلاً أعظم من جليات. كان جليات عظيماً في جسده، وعظيماً في تسليحه، وعظيماً في حالته النفسية وهو يهدد بني إسرائيل. ولكن داود كان أعظم، لأن بطولته كانت نابعة من حبه لإلهه، وثقته في قوة الإله الذي سينصره. كانت في داود صفات عظيمة، نصلي أن تتحقق لنا: كان بطلاً في وداعته. فعندما ذهب إلى ميدان المعركة ليسأل عن إخوته أصغى إلى جليات وهو يعيّر إلهه، فقال: «من هو هذا الوثني حتى يعيّر صفوف الله الحي؟». وابتدأ يسأل الرجال الواقفين عن مصير الرجل الذي يقتل جليات، فقالوا له: «إن الملك شاول قرر أن يُغني هذا الرجل، ويزوجه ابنته، ويجعل بيت أبيه أحراراً» (بمعنى أنهم لا يدفعون جزية). وسمع أليآب أخ داود الأكبر أسئلة داود فغضب عليه وقال له: «أَنَا عَلِمْتُ كِبْرِيَاءَكَ وَشَرَّ قَلْبِكَ، لأَنَّكَ إِنَّمَا نَزَلْتَ لِتَرَى ظ±لْحَرْبَ» (ظ،صموئيل ظ،ظ§: ظ¢ظ¨). وفي كلام أليآب نرى الحسد، وعدم الشعور بالمسئولية من نحو خدمة الله، كما نرى احتقاره لأخيه. وكان يمكن أن يجاوب داود على أخيه بحسب حماقته فيقول له: «وماذا فعلت أنت في الحرب؟ إنك خائف! كَلِّمْ جليات بخشونة قبل أن تكلمني أنا بذات الخشونة». ولكن داود كان عظيماً في وداعته، فقد انتصر على الغضب واحتمل كلام أخيه القاسي. ما أجمل ما قال إمام الحكماء سليمان، وكأنه يصف أباه داود في هذا الموقف: «اَلْبَطِيءُ ظ±لْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَ ظ±لْجَبَّارِ، وَمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً» (أمثال ظ،ظ¦: ظ£ظ¢). وتقول لنا التوراة المقدسة إن داود عندما سمع سخرية أخيه ضبط نفسه وقال: «ماذا عملت الآن؟ أما هو كلام؟» (ظ،صموئيل ظ،ظ§: ظ¢ظ©). |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
وأنت أيها القارئ، هل لك الوداعة فلا تغضب بل تضبط نفسك؟ هل لك بطولة الإيمان فتثق في الرب الذي ينقذ؟ هل لك بطولة التواضع فتنسب القوة والفضل لله؟ كما كان جليات يعيّر صفوف الله، يجيء أعداء كثيرون ضدنا. وإبليس العدو الأكبر يهجم علينا كل حين كأسد زائر. ولكن النصرة الدائمة لك إن كنت تعتمد على الله... إن كنت تصلي وتطلب عون الله، فستجد النصرة حاضرة عندك دائماً. إن كنت تصلي وبابك مغلق تقدر أن تغلب التجربة وبابك مفتوح. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
الفصل الرابع: داود يصادق ابن الملك
https://upload.chjoy.com/uploads/157788817825832.jpg لما انتصر داود على جليات الجبار، سأل شاول عن داود وعن عائلته. ولا بد أن الحديث الذي جرى بين شاول وداود كان طويلاً، لأن التوراة تقول: «وَكَانَ لَمَّا فَرَغَ مِنَ ظ±لْكَلاَمِ مَعَ شَاوُلَ أَنَّ نَفْسَ يُونَاثَانَ تَعَلَّقَتْ بِنَفْسِ دَاوُدَ، وَأَحَبَّهُ يُونَاثَانُ كَنَفْسِهِ» (ظ،صموئيل ظ،ظ¨: ظ،). لقد أحب يوناثان داود عندما رأى شجاعته، وعندما سمع كلامه الجميل ولمس لباقته في الحديث. ولا شك أن داود الراعي المرنم كان صاحب شخصية جذابه تأسر القلوب، فانجذب إليه يوناثان. ولكن هناك نقطة مهمة: نعتقد أن أكثر ما جذب يوناثان إلى داود كان تقواه ووجود الرب معه، إذ تقول التوراة إن نفس يوناثان تعلَّقت بنفس داود. لقد كانت هذه المحبة عميقة مؤسسة على شيء مشترك في نفس داود ونفس يوناثان، هو التقوى ومحبة الله. ولقد رأى يوناثان في داود بركة عظيمة لخدمة الله ولخير الشعب. فأحب يوناثان داود. وكل أولاد الله يشعرون بالمحبة لبعضهم، لأن روح الله القدوس الساكن فيهم يجعلهم واحداً ويربط قلوبهم بعضهم ببعض. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
الله يعوِّض داود
https://upload.chjoy.com/uploads/157788817825832.jpg لقد عوّض الله داود كثيراً بتلك الصداقة الجديدة.. في الصباح قبل أن يهزم داود جُليات سمع كلمات خشنة من أخيه الأكبر أليآب، إذ قال له إنه متكبر شرير القلب، ولم يجاوب داود على أخيه. وفي المساء عوّض الله داود صديقاً أفضل من الأخ. والرب الصالح لا يترك واحداً منا بدون تعويض. إنه يجازي خير الجزاء. إن كان الذي يسقي أخاه كأس ماء بارد باسم المسيح لا يُضيع أجره، فكم بالحري الذي يحارب في سبيل الرب ويعمل عمله! مهما سمعت من كلامٍ قاسٍ في سبيل خدمة الله فإن الله سيعوّضك ويعطيك أعظم من كل تعب تتعبه.
|
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
كل من يباركه الرب يعطيه الصديق المخلص، لأن الصداقة المخلصة أكبر بركة. قد تقول إن الأصحاب لا يحفظون عهد الصداقة، وقد تتأسف أنهم غير مخلصين. لكني أرجوك أن تصلح عيوب نفسك قبل أن تحاول إصلاح عيوب الناس. لا تهتم بإصلاح أخلاق صديقك قبل اهتمامك بإصلاح نفسك. ولا تنس أن الصديق الواحد الذي يبقى معك دوماً هو السيد المسيح. خذه صديقاً لك، تجد السلام والنجاح. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
الفصل الخامس: شاول يحاول أن يقتل داود
غضب الملك شاول يوم انتصار داود على جليات، لأن نساء بني إسرائيل خرجن للغناء هتافاً بالنصر، وقلن: «قتل شاول ألوفه وقتل داود ربواته» بمعنى أنه قتل عشرات الألوف، فاغتاظ شاول: كيف أنه وهو الملك تغنّي النساء أنه قتل ألوفاً، بينما داود، وهو خادم الملك، يغنين له أنه قتل عشرات الألوف؟ استاء شاول للغاية، وملأ الحسد قلبه، وعندها رجع إليه مرضه القديم، فتقول التوراة: «وَكَانَ فِي ظ±لْغَدِ أَنَّ ظ±لرُّوحَ ظ±لرَّدِيءَ مِنْ قِبَلِ ظ±للّظ°هِ ظ±قْتَحَمَ شَاوُلَ وَجُنَّ فِي وَسَطِ ظ±لْبَيْتِ» (ظ،صموئيل ظ،ظ¨: ظ،ظ*). مسكين شاول... كلمات غناء تقلب حياته وتغيَّر حاله. وأسرع داود يؤدي واجبه من نحو الملك، فأخذ العود وجعل يعزف عليه. وطلب الملك شاول من ولده يوناثان أن يترك صداقة داود، ولكن يوناثان بقي يحب داود بالرغم من كل الظروف. لم يهتم يوناثان بغضب أبيه شاول، ولم يهتم بشتيمة أبيه له، وبقي مخلصاً لصديقه داود رغم كل شيء. في المرات السابقة التي كان داود يعزف فيها على العود، كان شاول يرتاح ويذهب عنه الروح الرديء، ولكن في هذه المرة كان مرض الكراهية قد ملأ قلبه، وكانت الغيرة تنهشه، فأخذ الرمح الذي كان الملك يمسكه بيده عادة، وأشرعه وضرب داود. ولكن داود تحول من أمامه، فلم يقتله. وعاد داود يعزف على العود مرة أخرى فأشرع شاول الرمح مرة ثانية وضربه، ولكن داود تحوّل من أمامه مرة أخرى فلم يقتله الرمح. وعرف شاول أن الرب مع داود، لأنه قد فارقه هو. ولم يكن هذا سبب توبة لشاول. بالعكس، لقد كان هذا سبب حقد أكثر من شاول على داود. كان يمكن أن يتبكت شاول على خطاياه، لكنه للأسف زاد في خطيئته، فأبعد داود عنه. صحيح أن الشمس التي تليّن الشمع، هي نفسها التي تجفف الطين. كان قلب شاول مثل الطين لم تلينه الشمس، لكنه زاد جفافاً وزاد خطية. حاول شاول أن يقتل داود، وظل داود يعزف بعوده ليقوم بواجبه، لعل الملك يُشفى. لا تنس أن العدو الذي يقاومك لأنك تفعل الخير شخص «مسكين» يحتاج إلى مساعدتك. لا تقطع صلتك به، لكن ساعده. اعمل الواجب معه بكل الخير لأنه مريض. لا تترك الواجب، ولا تهرب من المسئولية. لا تفشل من المقاومة، بل بالعكس اجعل مقاومة الآخرين لك دافعاً يدفعك لزيادة خدمتك لله، فإن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة. عندما يقاومك الناس لأنك تفعل الخير، افرح واستمر في عمل الخير، ولا تفشل، لأنك ستحصد في وقته إن كنت لا تكلّ. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
داود رئيس ألف
لم يستطع الملك شاول أن يحتمل منظر داود أمامه، لأن المؤمن يذكِّر الخاطئ بخطيته، فأبعد شاول داود عنه، وجعله رئيس ألف. فكان داود يخرج ويدخل أمام الشعب، فأحبه الشعب لأنهم رأوا حكمته وتقواه. كان الله يجهز داود للمملكة، إذ جعل قادة الشعب يرونه ويحتكّون به باستمرار. وكان شاول يرجو أن يخطئ داود خطية تجعل الشعب يثور ضده، لكن داود أفلح في جميع طرقه، وكان الرب معه، فأحبه الشعب. كان يمكن أن شاول يعرف إرادة الله ويخضع، لكنّ كراهيته لداود كانت قد بلغت درجة عظيمة جعلته يفزع من نجاح داود ويخاف. ولقد عمل هيرودس الملك ما عمله شاول، فعندما سمع هيرودس أن المولود الجديد في بيت لحم هو ملك اليهود، أمر بقتل كل أطفال بيت لحم، ليموت الملك الجديد المولود بين أولئك الأطفال. ولكن عناية الله حفظت المسيح ابن داود، كما حفظت داود من يد الملك الشرير شاول. وفشل هيرودس وفشل شاول من قبله، وسيفشل كل من يقاوم أولاد الله، وسيستخدم الرب عنادهم لخير أولاده ولامتداد ملكوته. رأينا كيف كان شاول يقاوم داود لأنه غار منه، ونصلي أن تكون حياتنا كحياة داود عامرة بالمحبة لله وبالخدمة للناس. وإن كانت هناك مقاومة لنا، فإننا نطلب من الله أن يعيننا لنستمر في عمل الخير، ونصلي الصلاة التي صلاها داود في المزمور السابع: «لِيَنْتَهِ شَرُّ ظ±لأَشْرَارِ وَثَبِّتِ ظ±لصِّدِّيقَ» (مزمور ظ§: ظ©). |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
زواج ابنة الملك
فشل الملك شاول في أن يقتل داود بالرمح مرتين، فعيَّنه رئيس ألف، لعله يخطئ. ولكن داود لم يرتكب خطأ. ورأى شاول أن يقتل داود بيد أعدائه الوثنيين. كان الملك قد وعد من يقتل جليات بثلاثة وعود: أن يغنيه، وأن يزِّوجه من ابنته، وأن يجعل بيت أبيه أحراراً، بمعنى أنهم لا يدفعون ضرائب ولا يشتغلون في السُّخرة. وعندما قتل داود جليات نسي شاول كل وعوده، ولم يعطه شيئاً. وعندما فشل في قتل داود تذكّر وعوده له. فقال له: «هُوَذَا ظ±بْنَتِي ظ±لْكَبِيرَةُ مَيْرَبُ أُعْطِيكَ إِيَّاهَا ظ±مْرَأَةً. إِنَّمَا كُنْ لِي ذَا بَأْسٍ وَحَارِبْ حُرُوبَ ظ±لرَّبِّ» (ظ، صموئيل ظ،ظ¨: ظ،ظ§). وكان شاول يرجو أن يقتل الأعداء داود وهو يحاربهم، وكأنه يقول: «بيد الأعداء لا بيدي أنا». ووافق داود على أن يتزوج من ميرب، لكن قبل أن يتم ذلك زوَّجها شاول لرجل آخر. وكان الملك شاول يرجو أن يغضب داود ويخطئ، فيكون هذا سلاحاً ضده. لكن داود تصرف بحكمة عظيمة وقال: »مَنْ أَنَا وَمَا هِيَ حَيَاتِي وَعَشِيرَةُ أَبِي فِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى أَكُونَ صِهْرَ ظ±لْمَلِكِ!» (ظ،صموئيل ظ،ظ¨: ظ،ظ¨). ولم يخطئ داود في هذا كله. وسمع الملك شاول أن ميكال ابنته بدأت تحب داود. ربما سمعت ميكال من أخيها يوناثان عن داود فأحبته بسبب ما سمعته عنه. وقد يكون أنها رأته وهتفت له مع العذارى: «قتل داود ربواته». ورأى شاول أن حُبَّ ميكال لداود فرصة جديدة يوقع بها داود في يد الوثنيين، فأرسل رجاله يقولون لداود إن الملك مسرور به، ويريد أن يزوِّجه ابنته ميكال. وجاوب داود بتواضع: إن مصاهرة الملك ليست شيئاً بسيطاً، وإنه مسكين وفقير. فطلب شاول من رجاله أن يقولوا إن الملك لا يهتم بالمهر، لكنه يطلب أن يقتل داود مئة رجل من الوثنيين، وأن يأتي بعلامة هذا القتل للملك شاول. ولم يكن شاول في الواقع يريد أن يزوج ميكال ابنته من داود، ولكنه كان يرجو أن يموت داود وهو يحاول أن يقتل مئة رجل من الوثنيين. ووافق داود على شرط الملك، وأخذ رجاله وذهب يحارب، وقتل داود لا مئة رجل بل مئتي رجل. ورجع إلى شاول ومعه علامة انتصاره. ولم يجد شاول طريقة للهروب من وعده. لقد اكتشف أن الرب يقف إلى جوار داود، ورأى أن ابنته ميكال تحب داود فزوَّجه منها. وهنا درس لنا: ونحن نفكّر في ما فعل شاول مع داود نرى ما يفعله البشر معنا. لقد وعد شاول داود، ولكنه لم يحقق الوعد. وعندما عزم أن يحقق وعده كان يرجو أن يموت داود قبل أن يتحقق الوعد. ووعود البشر دوماً وعود بشروط، وقليلاً ما تَصْدق. الله وحده هو الذي يَصْدق دوماً. حتى إذا فتر عزمنا وضعف حبنا فإن وعد الله صادق دوماً، لأنه لا ينبع من صلاحنا بل من محبة الله. وليس مصدره الخير الذي فينا، بل أمانة الله التي لا تتغير. فعلى مواعيد الله فقط نضع اعتمادنا واتكالنا. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
يوناثان يُصلح الموقف
فشل شاول في أن يقتل داود بالرمح، وفشل في أن يجعله يخطئ وهو رئيس ألف، وفشل في أن يموت داود بيد الوثنيين. أخيراً قرر شاول أن يرسل رجاله ليقتلوه. لكن قبل أن يذهبوا أنهى يوناثان ابن الملك النزاع، وصالح أباه مع داود، فطلب يوناثان من داود أن يختبئ في مكان بعيد، وخرج يتمشى مع أبيه في حقل، وبدأ يتكلم كلاماً صالحاً عن داود. قال إنه لم يخطئ ضد الملك، فلماذا يقاومه الملك مع أنه لم يضرّ الملك بشيء؟ وقال إن أعمال داود حسنة للغاية. يكفي أنه خاطر بنفسه وقتل جليات، وكان في ذلك اليوم خلاص للشعب كله. وقال يوناثان لشاول: «أَنْتَ رَأَيْتَ وَفَرِحْتَ. فَلِمَاذَا تُخْطِئُ إِلَى دَمٍ بَرِيءٍ بِقَتْلِ دَاوُدَ بِلاَ سَبَبٍ؟» (ظ،صموئيل ظ،ظ©: ظ¥). كان كلام يوناثان معقولاً، فوافق عليه الملك شاول، وحلف لابنه قائلاً: «حي هو الرب. داود لا يُقتل» (ظ،صموئيل ظ،ظ©: ظ¦). ودعا يوناثان صديقه داود وأخبره أن أباه الملك رضي عنه. ورجع داود إلى القصر الملكي. لكن هل يهدأ شاول؟ هل كان غفرانه حقيقياً؟... لا! كان الشيطان قد سيطر على شاول، وكان شاول قد باع نفسه للشيطان، ولا يمكن أن يُؤمَن جانب من يحيا في الشر. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
الفصل السادس: شاول يتمادى في كراهية داود
رجع المرض إلى الملك شاول وهو جالس في قصره، فأسرع داود إلى عوده يعزف عليه لعل الملك يُشفى. وكان الملك يمسك الرمح بيده علامة السلطان الملكي، فأراد أن يطعن داود بالرمح، ولكن داود كان يحسب حساب الموقف، فهرب من أمام شاول فاصطدم الرمح بالحائط ونجا داود. لم يهرب داود من الواجب، ولكنه كان قد وجد أن علاج شاول بالموسيقى لا يشفيه، لذلك فضَّل أن ينجو بحياته عن أن يؤدي خدمة بغير نتيجة. كان يمكن أن يبقى داود ويعرِّض حياته للخطر - لو كان في هذا الخطر فائدة للملك، ولكنه وجد أن حالة شاول بدون علاج، فهرب لينجو بحياته. وأنت أيها القارئ الكريم: حاول أن تصلح، وكن مستعداً أن تقوم بالواجب مهما تعبت، أو تعرضت حياتك للخطر. ولكن إن وجدت أن الواجب الذي تعمله لا ينفع الشخص الذي تخدمه، بل بالعكس يضرك أنت، عندها تهرب لتنجو بحياتك. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
شاول يرسل ليقتل داود
كان شاول الملك يعلم أن زواج داود بابنته ميكال هو الفخ الذي يمكن أن يوقع فيه داود. وعندما هرب داود من أمام شاول أدرك شاول أن داود سيرجع إلى بيته، فأرسل بعض جنوده ليراقبوه ويقتلوه في الصباح. ويظهر أن أحد رجال الملك شاول أخبر ميكال بعزم الملك على قتل زوجها، أو لعل ميكال خمَّنت ذلك، لأنها أكثر من يعرف صفات أبيها الملك الشرير. ويقول المؤرخ اليهودي يوسيفوس إن ميكال علمت أن أباها شاول سيحاكم زوجها داود ويحكم عليه بالإعدام، ولذلك هرَّبت داود من بيتها بسرعة، ثم أخذت تمثالاً بحجم الإنسان وغطته بثوبها. ولما حضر رجال أبيها ليُلقوا القبض على داود قالت لهم إنه مريض في الفراش. فاحترم الرسل ابنة الملك، ولم يطلبوا تفتيش البيت، وعادوا إلى الملك يخبرونه بمرض داود، فأمرهم أن يحضروه في مرضه، لأنه يريد أن يقتله. فعاد الرسل من جديد إلى بيت داود وفتشوه، فوجدوا التمثال فأخبروا شاول بهرب داود. وغضب شاول وسأل ابنته: «لِمَاذَا خَدَعْتِنِي، فَأَطْلَقْتِ عَدُوِّي حَتَّى نَجَا؟» فَقَالَتْ مِيكَالُ لِشَاوُلَ: «هُوَ قَالَ لِي: أَطْلِقِينِي، لِمَاذَا أَقْتُلُكِ؟» (ظ،صموئيل ظ،ظ©: ظ،ظ§). لقد امتلأ بيت الملك شاول بالبغض، ولا غرابة إن خدعته ابنته. لا شيء يهدم البيوت مثل عدم الغفران والكراهية. فالكراهية والحقد يفسدان حياة الشخص الذي يحقد، ويفسدان بيته، ويفسدان حياة الآخرين الذين يحقد عليهم. إن كان في قلبك حقد اتركه، لأنه يفسد حياتك وحياة غيرك، وتكون نتيجته وبالاً على أولادك وعلى نفسك وعلى الشخص الذي تحقد عليه. ويقول معظم المفسرين إن داود كتب المزمورين السابع والعشرين والرابع والثلاثين بمناسبة هروبه هذا، فاسمعه في إيمان واثق يقول: «اَلرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ ظ±لرَّبُّ حِصْنُ حَيَاتِي، مِمَّنْ أَرْتَعِبُ؟ إِنْ نَزَلَ عَلَيَّ جَيْشٌ لاَ يَخَافُ قَلْبِي. إِنْ قَامَتْ عَلَيَّ حَرْبٌ فَفِي ذظ°لِكَ أَنَا مُطْمَئِنٌّ. لأَنَّهُ يُخَبِّئُنِي فِي مَظَلَّتِهِ. عَلَى صَخْرَةٍ يَرْفَعُنِي. مَلاَكُ ظ±لرَّبِّ حَالٌّ حَوْلَ خَائِفِيهِ وَيُنَجِّيهِمْ. ذُوقُوا وَظ±نْظُرُوا مَا أَطْيَبَ ظ±لرَّبَّ! طُوبَى لِلرَّجُلِ ظ±لْمُتَوَكِّلِ عَلَيْهِ. قَرِيبٌ هُوَ ظ±لرَّبُّ مِنَ ظ±لْمُنْكَسِرِي ظ±لْقُلُوبِ، وَيُخَلِّصُ ظ±لْمُنْسَحِقِي ظ±لرُّوحِ» (مزمور ظ¢ظ§: ظ، وظ£ وظ¥، ظ£ظ¤: ظ§ وظ¨ وظ،ظ¨) ونحن نرى حياة شاول في كراهيته وحياة أهل بيته، دعنا نتذكر كلمات السيد المسيح: «بِهظ°ذَا يَعْرِفُ ظ±لْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضاً لِبَعْضٍ» (يوحنا ظ،ظ£: ظ£ظ¥). |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
داود يهرب إلى صموئيل https://upload.chjoy.com/uploads/160943191435462.jpg هرَّبت ميكال زوجها داود، فنزل من الكوة إلى خارج سور المدينة ووقف حائراً: إلى أين يذهب؟ وتذكر صديقه وأباه الروحي صموئيل. وكان صموئيل قد فتح مدرسة للأنبياء ليدرِّب فيها أولاد الله على الوعظ. وحكى داود لصموئيل كل ما عمله شاول معه. فدعاه صموئيل ليقيم معه في نايوت (ونايوت معناها «مساكن»). وعرف شاول أن داود ذهب إلى نايوت فأرسل رسلاً ليُلقوا القبض عليه ليقتله. ولكن شيئاً غريباً حدث، فعندما رأى رسل شاول جماعة الأنبياء يتنبأون بالوعظ والترتيل والصلاة، وصموئيل يقودهم، حلَّ روح الله على رسل الملك فبدأوا يتنبأون هم أيضاً، ولم يُلقوا القبض على داود. وأرسل شاول جماعة أخرى فحدث معهم الشيء نفسه، وأخيراً جاء شاول بنفسه ليرى الخبر الغريب، فلم يقدر أن يلقي القبض على داود. كان الرب قادراً أن ينقذ داود بالقليل وبالكثير، وبهذه المعجزة الغريبة نجا داود من الهلاك. والله يُعلّم داود ويعلّمنا أن النجاة والإنقاذ هما من يده وحده. كنا نظن أن شاول سيترك داود في سلام بعد أن رأى خلاص الرب لداود بطريقة معجزية. ولكن شاول بقي في فساده وشره. ونلاحظ أنه كلما زادت المقاومة زاد خلاص الرب، وكلما ظن العدو أنه أشرف على إهلاك أولاد الله خابت ظنونه. وسنذكر بعض الحوادث في تاريخ حياة داود تكشف لنا أن الله لا ينعس ولا ينام، وأنه يحامي عن أولاده وينقذهم ويحقق لهم مواعيده. ونرى فيه الإله المحب الطيب الذي لا يخزى منتظروه. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
داود يهرب إلى أماكن مختلفة
بعد أن حلَّ روح الله على شاول وعلى رجاله، قابل داود صديقه المحبوب يوناثان وقال له: «مَاذَا عَمِلْتُ وَمَا هُوَ إِثْمِي وَمَا هِيَ خَطِيَّتِي أَمَامَ أَبِيكَ حَتَّى يَطْلُبَ نَفْسِي؟» (ظ،صموئيل ظ¢ظ*: ظ،) فوعد يوناثان أن يكلم أباه عن داود. وعندما كلَّمه غضب وشتمه، وطلب منه أن يهرب لينجو. لقد كان يوناثان صديقاً حميماً لداود، وسبق أن قدم له الحماية، وصالحه مع شاول أبيه. لكنه في هذه المرة رأى أن الصلح مستحيل، ولذلك حذّر داود لكي يهرب. وهرب داود وذهب إلى نوب. ونوب مدينة من مدن الكهنة في شمال أورشليم. وقابل داود الكاهن الذي كان هناك، وأخذ منه «خبز الوجوه» الذي كانوا يضعونه في بيت الرب مدة أسبوع، ثم يبدلونه بخبز جديد. ومن ذلك الكاهن أخذ داود أيضاً سيف جليات. وفي نوب رأى داود واحداً من رجال شاول اسمه دواغ، فأدرك أن دواغ لا بد سيخبر شاول عن مكانه، فهرب داود إلى بلاد الفلسطينيين. وقد حدث فعلاً ما توقعه داود، فقد أبلغ دواغ شاول أن الكهنة يحبون داود ويعطونه الطعام والسلاح. وفي جنونٍ غضب شاول وقتل من الكهنة خمسة وثمانين كاهناً، ثم ضرب مدينتهم بالسيف، وقتل كل من فيها - ما عدا أبياثار ابن الكاهن الذي أعطى داود الخبز والسيف، لأن أبياثار هرب إلى داود. وهرب داود بعد ذلك من نوب إلى بلد من بلاد الوثنيين اسمها «جت» ولما وجد أنه في خطر تظاهر بالجنون، فتركوه ليذهب إلى مكان آخر. فهرب داود إلى مغارة اسمها عدلام وهي قريبة من بلده الأصلية بيت لحم. وسكن هناك، فاجتمع إليه المتضايقون وسكنوا معه. وقد استطاعت عائلة داود أن تزوره هناك. وسمع داود أن الوثنيين هاجموا مدينة اسمها قعيلة، وجعلوا ينهبون محصول القمح منها. ولما كانت قريبة من مغارة عدلام، ذهب داود في شجاعة إليها ليحارب الوثنيين، وانتصر عليهم وخلّص قعيلة. وعندما سمع الملك شاول أن داود في قعيلة، أسرع إليها ليمسكه ويقتله. وعرف داود من الله أن أهل قعيلة سوف يسلمونه إلى الملك شاول، فهرب إلى مكان خرب مقفر اسمه «برية زيف». وسمع يوناثان ابن الملك شاول أن صديقه داود موجود في برية زيف، فذهب إليه وشدَّد يده بالله. وما أجمل ان يسمع الإنسان منا تشجيعاً أن الله معه. عندما تظلم الدنيا في وجوهنا نحتاج إلى كلمة رجاء وأمل، ونشكر الله أن كلمة الرجاء والأمل في وسط الظروف الصعبة موجودة دائماً في مواعيد الله الأمينة. ما أجمل أن تكون أنت صديقاً صالحاً تعطي تشجيعاً لنفس حائرة. وما أجمل أن يرسل الله لنا كلمة تشجيع في ضعفنا وضيقنا على فم صديق يحبنا. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
وذهب سكان برية زيف إلى الملك شاول وأخبروه أنهم سيسلمونه داود. ولكن الله أنقذ داود، فإن شاول وهو في طريقه ليقبض على داود، سمع أن الأعداء قادمون ليحاربوه، فرجع ليدافع عن أرضه، وهكذا أنقذ الله داود. وصار اسم برية زيف «صخرة الزلقات» لأن شاول عثر وانزلق ولم يقدر أن يمسك داود فيها. وانتقل داود بعد ذلك من برية زيف ليسكن في حصون «عين جدي».
نرى من هذه القصص جميعاً أنه عندما يأتي العدو كنهر فنفخة الرب تدفعه (إشعياء ظ¥ظ©: ظ،ظ©). وكما أنقذ الله داود ينقذك أنت من العدو الذي يقاومك، ومن الشيطان الذي يجول حولك ملتمساً أن يبتلعك، ومن الخطية الساكنة فيك والتي تسبيك إلى الشر الذي لا تريده. ما أجمل أن ننفذ الوصية التي تقول: «فِي كُلِّ طُرُقِكَ ظ±عْرِفْهُ وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ» (أمثال ظ£: ظ¦). |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
الفصل السابع: داود يعفو عن شاول
بعد أن هرب داود من «صخرة الزلقات» التي انزلق فيها شاول، ولم يقدر أن يقبض عليه، سكن في حصون «عين جدي» وهي حصون «طبيعية» في الصخور، فوق جبل عال جداً يصعب الوصول إليها. وفيها مغائر كبيرة مظلمة، تسع الواحدة أكثر من أربعمائة رجل. وكان فيها ينبوعان للماء، كما كان بها بعض الأشجار والنباتات. ولقد وجد داود في عين جدي ملجأ طبيعياً يلجأ إليه وقت الخطر. وعندما رجع شاول من الحرب مع أعدائه عرف أن داود موجود في برية عين جدي، فأخذ معه ثلاثة آلاف جندي، وذهب يطلب داود على «صخور الوعول» وهي أعلى مكان في تلك الجبال. وجاء شاول إلى «صير الغنم» وهي حظائر يبنيها الرعاة عند باب الكهف ليحفظوا فيها الغنم أثناء الليل، أو ليحفظوها من العاصفة أو من المطر. وجلس رجال شاول تحت صير الغنم، أما هو فدخل إلى الكهف وحده ليستريح بينما كان داود ورجاله جالسين داخل الكهف في الظلام. وبالطبع لم يقدر شاول أن يراهم، لكن رجال داود استطاعوا أن يروه ويعرفوه، لأنه دخل من النور، وعيونهم قد اعتادت الظلام. ورأوا أن هذه فرصة ذهبية يقتل فيها داود عدوه شاول الذي يطارده، ويتولى حكم البلاد، فيستريحون من الجولان في الأرض والهروب في الجبال، ويستقرون. فقال رجال داود له: «هُوَذَا ظ±لْيَوْمُ ظ±لَّذِي قَالَ لَكَ عَنْهُ ظ±لرَّبُّ: هَئَنَذَا أَدْفَعُ عَدُوَّكَ لِيَدِكَ فَتَفْعَلُ بِهِ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ» (ظ،صموئيل ظ¢ظ¤: ظ¤). لكن داود رفض هذا رفضاً باتاً، وعفا عن شاول الذي وقع بين يديه. واكتفى بأن قطع طرف جُبَّة شاول سراً. ربما كان قد خلع جبته ووضعها إلى جانبه، فقطع داود طرفها. وثار ضمير داود عليه، وتأسف في قلبه لأنه قطع طرف الجبة. وقال داود: «حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ ظ±لرَّبِّ أَنْ أَعْمَلَ هظ°ذَا ظ±لأَمْرَ بِسَيِّدِي بِمَسِيحِ ظ±لرَّبِّ، فَأَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ لأَنَّهُ مَسِيحُ ظ±لرَّبِّ هُوَ» (ظ،صموئيل ظ¢ظ¤: ظ¦). وحاول رجاله أن يقتلوا عدوهم شاول، ولكن داود منعهم. وبعد أن استراح شاول قام من نومه وخرج من الكهف. وانتظر داود مدة حتى ابتعد شاول، ولعله نزل من على صخرة وصعد إلى صخرة أخرى. ثم نادى داود على شاول. وعندما سمع شاول التفت إلى ورائه، فخرَّ داود على وجهه إلى الأرض احتراماً، فقد كان يعرف أن شاول هو الملك الحالي الذي يستحق الاحترام، وأطاع كلمات التوراة: «رئيس شعبك لا تقل فيه سوءاً» (خروج ظ¢ظ¢: ظ¢ظ¨). وبدأ داود يكلم شاول فقال: «لِماَذَا تَسْمَعُ كَلاَمَ ظ±لنَّاسِ ظ±لْقَائِلِينَ: هُوَذَا دَاوُدُ يَطْلُبُ أَذِيَّتَكَ. هُوَذَا قَدْ رَأَتْ عَيْنَاكَ ظ±لْيَوْمَ هظ°ذَا كَيْفَ دَفَعَكَ ظ±لرَّبُّ لِيَدِي فِي ظ±لْكَهْفِ، وَقِيلَ لِي أَنْ أَقْتُلَكَ، وَلظ°كِنَّنِي أَشْفَقْتُ عَلَيْكَ وَقُلْتُ: لاَ أَمُدُّ يَدِي إِلَى سَيِّدِي لأَنَّهُ مَسِيحُ ظ±لرَّبِّ هُوَ. فَظ±نْظُرْ يَا أَبِي، ظ±نْظُرْ أَيْضاً طَرَفَ جُبَّتِكَ بِيَدِي. فَمِنْ قَطْعِي طَرَفَ جُبَّتِكَ وَعَدَمِ قَتْلِي إِيَّاكَ ظ±عْلَمْ وَظ±نْظُرْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِي شَرٌّ وَلاَ جُرْمٌ، وَلَمْ أُخْطِئْ إِلَيْكَ، وَأَنْتَ تَصِيدُ نَفْسِي لِتَأْخُذَهَا. يَقْضِي ظ±لرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَيَنْتَقِمُ لِي ظ±لرَّبُّ مِنْكَ، وَلظ°كِنْ يَدِي لاَ تَكُونُ عَلَيْكَ. كَمَا يَقُولُ مَثَلُ ظ±لْقُدَمَاءِ: مِنَ ظ±لأَشْرَارِ يَخْرُجُ شَرٌّ. وَلظ°كِنْ يَدِي لاَ تَكُونُ عَلَيْكَ. وَرَاءَ مَنْ خَرَجَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ؟ وَرَاءَ مَنْ أَنْتَ مُطَارِدٌ؟ وَرَاءَ كَلْبٍ مَيِّتٍ! وَرَاءَ بُرْغُوثٍ وَاحِدٍ! فَيَكُونُ ظ±لرَّبُّ ظ±لدَّيَّانَ وَيَقْضِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَيَرَى وَيُحَاكِمُ مُحَاكَمَتِي وَيُنْقِذُنِي مِنْ يَدِكَ» (ظ،صموئيل ظ¢ظ¤: ظ©-ظ،ظ¥). |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
ونلاحظ في حديث داود الأمور التالية:
|
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
شاول يعتذر لداود
بعد أن سمع الملك شاول هذا الكلام من داود أخذه الحياء، وشعر أنه أخطأ في مطاردته لداود. وبكى وجعل يذكر الخطأ الذي سقط فيه، ونجد في كلام شاول لداود اعتذاراً. قال له: «أَنْتَ أَبَرُّ مِنِّي لأَنَّكَ جَازَيْتَنِي خَيْراً وَأَنَا جَازَيْتُكَ شَرّاً. وَقَدْ أَظْهَرْتَ ظ±لْيَوْمَ أَنَّكَ عَمِلْتَ بِي خَيْراً لأَنَّ ظ±لرَّبَّ قَدْ دَفَعَنِي بِيَدِكَ وَلَمْ تَقْتُلْنِي» (ظ،صموئيل ظ¢ظ¤: ظ،ظ§، ظ،ظ¨). وتعجب الملك شاول من تسامح داود، وتساءل: «فَإِذَا وَجَدَ رَجُلٌ عَدُّوَهُ، فَهَلْ يُطْلِقُهُ فِي طَرِيقِ خَيْرٍ؟» (آية ظ،ظ©) والجواب أنه لا يطلقه في طريق خير، بل يقتله. وفي كلامه مع داود اعترف له أن داود سيصبح الملك القادم على بني إسرائيل. قال له: «ظ±لآنَ فَإِنِّي عَلِمْتُ أَنَّكَ تَكُونُ مَلِكاً وَتَثْبُتُ بِيَدِكَ مَمْلَكَةُ إِسْرَائِيلَ» (آية ظ¢ظ*). كان صموئيل قد ذكر للملك شاول أن الله نفسه يعلم ذلك. لقد رأى شاول بنفسه صلاح داود، وعرف أن داود هو الشخص الصالح الذي سيملك (ظ،صموئيل ظ،ظ¥: ظ¢ظ¨، ظ¢ظ£: ظ،ظ§). وأخيراً نرى شاول يقطع مع داود عهداً. طلب منه أن يحلف له أنه لا يقطع نسله من بعده، ولا يبيد اسمه من بيت أبيه. وحلف داود لشاول كما قال. ورجع شاول إلى بيته، ورجع داود إلى الحصن فوق الجبال. ولكن السلام بين داود وشاول لم يستمر، فقد خرج شاول مرة أخرى ليفتش عن داود ليقتله، ونسي الوعد الذي قطعه على نفسه. لا شك أن الملك شاول كان مريضاً، وكان الحقد ينهش قلبه. لعل كلام كوش البنياميني جعل شاول يتغير ويحقد على داود من جديد. ومرة أخرى وقع شاول في يد داود، ولكن داود عاد يعفو عنه من جديد. ورأى داود أن لا فائدة من البقاء في بلاد إسرائيل، فذهب إلى أخيش ملك جت. وفي هذه المرة قبله أخيش لأنه علم أن شاول يطارده ويريد أن يهلكه. وعندما عرف شاول أن داود هرب إلى بلاد الوثنيين لم يعد يفتش عليه. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
درس في الغفران
يعلمنا داود درساً عظيماً في الغفران. سبق أن عفا يوسف عن إخوته بعد أن وقعوا في قبضة يده. باعوه عبداً في مصر، وأساءوا إليه، وها هو الآن صار رئيساً في مصر،وهم بين يديه، يستطيع أن يهلكهم جميعاً، ولكنه في حب كامل غفر لهم وعفا عنهم. ولكن داود فعل شيئاً أعظم. إنه عفا عن الملك شاول الذي يريد أن يقتله. إنه يعفو عن عدوه. ويذكرنا بالكلمات التي قالها السيد المسيح في صلاته من أجل صالبيه: «يَا أَبَتَاهُ، ظ±غْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ» (لوقا ظ¢ظ£: ظ£ظ¤). ليتنا نتخذ السيد المسيح مثالاً لنا حتى نعفو عن الذين يسيئون إلينا، ونصلي من أجلهم ليصلح الله أمورهم. ولا شك أن سؤالاً يواجهنا الآن: هل خسر داود عندما سامح شاول؟ لقد وقع شاول بين يديه، لكنه عفا عنه، وعاد شاول يطارده من جديد ليلقي القبض عليه ليقتله... والإجابة: لا، لم يخسر داود. بالعكس: إنه ربح.
عندما تعفو عمن يسيء إليك تكسب الكثير، وتمنع زيادة الخطأ، فإن الخصام يزيد باستمرار، والنفوس تمتلئ دوماً بغضب أكثر، ولكنك عندما تغفر تمتلئ بشجاعة الذين يقفون إلى جانب الحق، وتنال راحة ضمير كل من يرضي الله، ثم أنك تنشئ التوبة في نفس الشخص الذي تعفو عنه. هل يستحق الخصام وسوء التفاهم كل الثمن الذي ندفع فيه؟ إن الذي يعفو هو الذي يكسب. |
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
وأنت...؟
هل أنت في حالة تشبه حالة داود، تجد عدواً يطاردك يريد أن يهلكك، يضايقك ويعاكسك في رغباتك، وإذ به يقع في يديك، ويمكن أن تؤذيه - ماذا ستفعل؟ إن كنت ترى نفسك في مثل الحالة التي وقع فيها داود فنرجوك أن تفعل الآتي:
|
رد: النبي داود وابنه سليمان الحكيم
الفصل الثامن: داود يتزوج أبيجايل
ظل داود يهرب من مكان إلى مكان والملك شاول يجري وراءه يطارده ليقتله. ومع أن داود عفا عن شاول حتى بكى شاول على خطئه، إلا أنه عاد يطارد داود مرة أخرى. وفي وسط هذا الهروب والتعب والخيانة، نرى شعاع نور يرسله الله على حياة داود. هي امرأة فاضلة اسمها أبيجايل، قال لها داود: «مُبَارَكٌ عَقْلُكِ وَمُبَارَكَةٌ أَنْتِ» (ظ،صموئيل ظ¢ظ¥: ظ£ظ£). كانت أبيجايل وزوجها نابال يملكان قطعاناً كثيرة من الغنم، وكانا يسكنان على حدود مملكة بني إسرائيل، وكان الوثنيون والعمالقة يهاجمونهم ليخطفوا غنمهم، وكان داود ورجاله يدافعون عن أهل بلدهم، حتى قال الرعاة من بني إسرائيل عن داود ورجاله إنهم محسنون إليهم جداً كانوا سوراً ليلاً ونهاراً، كل الأيام التي كانوا فيها معهم يرعون الغنم. (القصة كلها في سفر صموئيل الأول ظ¢ظ¥). وكان اليهود يحتفلون احتفالاً عظيماً بجز الغنم يقيمون فيه الولائم ويقدمون الهدايا. وكان نابال زوج أبيجايل رجلاً غنياً يمتلك أربعة آلاف رأس من الغنم والمعز، وكان يحتفل بجزّ غنمه. فأرسل داود بعض رجاله إلى نابال يحملون إليه سلام داود، ويقولون له إن داود ورجاله حافظوا على أغنامه. ثم طلبوا منه هدية في هذه المناسبة السعيدة. ولكن نابال كان أحمق. صحيح أنه كان عظيماً في ماله، لكنه كان غنياً غبياً، فقد كان يظن أن المال هو كل شيء، ويحتقر الآخرين. وفي حماقته قال لرجال داود: «من هو داود؟ أنا لا أعرفه!». لقد كان نابال يعلم بدون شك أن داود العظيم هو الذي قتل جليات الجبار الوثني، وأنه تزوَّج ابنة الملك. لكنه كان يعلم أيضاً أن الملك يريد أن يقتل داود، ولذلك احتقر داود. وزاد نابال في حماقته فقال لرجال داود: «هل آخذ خبزي وذبيحي وأعطيه لقوم لا أعلم من أين هم؟». ولم يجاوب رجال داود على نابال، بل رجعوا إلى داود يحكون له ما حدث. |
الساعة الآن 12:23 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025