منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الرب يسوع المسيح الراعى الصالح (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=17)
-   -   المعجزات في الكتاب المقدس (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=324090)

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:19 PM

المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع رجلاً أبرص

http://www.peregabriel.com/gm/albums...13853_f520.jpg



نصّ الإنجيل

ولمَّا نَزَلَ يسوع من الجبل، تَبِعَتْهُ جُموعٌ غَفيرة. وإذا أبرَصُ يَدنو منه فيَسْجُدُ لهُ ويقول " سيِّدي، إنْ شِئتَ فأنتَ قادِرٌ على أن تُبرئَني ".

فمدَّ يسوعُ يدَهُ فلَمَسَهُ وقال: " قد شِئْتُ فابْرأْ ". فبَرِئَ من بَرَصِهِ لوَقْتِهِ.


فقالَ لهُ يسوع: " إيَّاك أنْ تُخْبِرَ أحداً، بل اذْهَبْ إلى الكاهن فأَرِهِ نفْسَكَ، ثمَّ قَرِّبْ ما أمَرَ به موسى من قُربان، شهادَةً لديهم". (متى 8/1-4)



البرَص رمز الخطيئة


قال كثيرون من الآباء القدّيسين: إنَّ البرَصَ رمزُ الخطيئة المتأصّلة في نفس الخاطئ. فكما أنّ البرَص يشوّه جسم الأبرص، وينقل العدوى إلى الآخرين، وينزع عن المريض مقامه في عيون الناس، فكذلك الخطيئة.


فإنّها تشوّه نفس الخاطئ، وتنقل العدوى الروحيّة إلى الآخرين، وتنزع عن الخاطئ مقامه في عينَيْ الله تعالى. فالخاطئ قبيح كالأبرص. وتأتي قباحته من قذارة الخطايا التي يستسلم إليها.

فمن أراد التخلّص من برَصه الروحي يجب عليه أن يعمل ما عمله الأبرص، أيْ أن يأتي إلى يسوع ، ويتضرّع إليه ويطلب إليه الشفاء.

عَطْفُ يسوع على الخطأة

1- كان الرجل الأبرص يشعر بآلامٍ متواصلة يسبّبها مرض البرَص. أمّا الخاطئ فلا يشعر بآلام الخطيئة. ففي كثيرٍ من الأحيان يموت فيه وخزُ الضمير،


وتنطفئ فيه الرغبةُ الحقّةُ في التوبة والعودة إلى الله، ويقضي سنواتٍ كثيرة وهو يكدّس الخطايا بعضَها فوق بعض، ولا يهتمّ إطلاقاً لأمر شفائه منها.


2- ويطلعنا الإنجيل على أنّ يسوع لم يهملْ الخطأة ولم يَدَعْهم يقضون حياتهم في الخطيئة وهم ملوّثون بها. فقد كان يعرف أنّهم لا يشعرون، في معظم الأحيان، بخطورة مرضهم الروحي، ولا يأتون إليه ليسألوه الشفاء. فكان يجيء إليهم ليقدّم لهم الدواء الشافي.



3- إنّ ما كان يطلبه منهم هو أن يقبلوا الدواء الذي يشفيهم، أيْ أن يقرّروا التوبةَ والإعراضَ عن الخطيئة، والعيشَ في صداقة الله.


ولم يكن قبول هذا الدواء بالأمر الهيّنِ على من تعوّد منهم العيش في جوّ الخطيئة.

ولذلك فقد كان يدخل بيوتهم، ويجلس إلى موائدهم، ويتحدّث إليهم، ويقودهم رويداً رويداً إلى التوبة والتخلّي عن عاداتهم القبيحة.


ونقرأ في الإنجيل أنّ سعيه لهدايتهم كان يثير في نفوس الكتبة والفرّيسيين المرائين الحقد عليه، ويدفعهم إلى أن يلصقوا به التهمة الباطلة: " إنّه يأكلُ ويشربُ مع العشَّارين والخطأة ". (مرقس 2/16)


http://www.peregabriel.com/gm/albums..._1684494_n.jpg

مساهمة المسيحيّين والكنيسة في عمل يسوع

إن يسوع الذي كان يسعى لهداية الخطأة لا يريد الآن أن يعمل وحدَهُ في نفوسهم، بل يريد أن يشرك معه جميع المسيحيّين في هذا العمل الصالح، ويفتح المجال الواسع لكنيسته لان تساهم هي أيضاً معه في حمل الخطأة على التوبة والسير في طريق القداسة.

1- مساهمة المسيحيّين: إن المسيحيّين يؤلّفون في تفكير يسوع أُسرةً روحيّةً واحدة تجعلهم كلَّهم إخوةً بعضهم لبعض (متى 23/8). فالإخوة يتعاضدون ويتساندون:

1) إنّ المساندة التي يمكن أن يؤدّيها بعضُهُم لبعض، بالاشتراك مع يسوع الأخ الأكبر للجميع، هي أوّلاً الصلاة الحارّة لأجل هداية الخطأة وعودتهم إلى الله بالتوبة الحقّة. فالصلاة تجلب عليهم نِعَمَ الله الغزيرة والفعّالة.


وهذه النِعَمُ تؤثّر في قلوبهم، وتردعهم عن مواصلة ارتكاب الخطايا، وتنشئ في نفوسهم الرغبة الصادقة في المصالحة مع الله والعيش معه في سلام القلب وهدوء الضمير.

https://images.chjoy.com//uploads/im...dcf84b1e80.jpg
2) ثمّ إن هناك مساهمة أخرى يقوم بها المسيحيّون الصالحون مع يسوع في سبيل هداية الخطأة. إنّها القدوة الصالحة. إنّ القدوة الصالحة نورٌ ساطع يضيء الواقع الملوّث الذي يعيش فيه الخطأة، ويبيّن لهم بوضوح قباحة الخطايا التي يرتكبونها وجمال الفضائل التي يُدعَوْن إلى ممارستها.


وقد أشار يسوع إلى أهميّة القدوة الصالحة وتأثيرها في نفوس الآخرين فقال للمسيحيّين: " ليُضيءْ نورُكُم قدّامَ الناس ليَرَوا أعمالَكُمْ الصالحة ويُمجِّدوا أباكُم الذي في السماوات ". (متى 5/16)



2- مساهمة الكنيسة : إنّ للكنيسة أيضاً دوراً فعّالاً في هداية الخطأة. وهذا الدور يقوم على أمرين رئيسَيْن، وهما


http://www.peregabriel.com/gm/albums...9fb4a31a23.jpg
الإرشاد الروحي ومنح الأسرار المقدّسة:


1) إنّ الكنيسة تحتضن أبناءها، وتُغدق عليهم بمواعظها وتعاليمها ونصائحها الوالديّة مجموعةً من الإرشادات الروحيّة التي تنير أذهان الخطأة، وتبيّن لهم حالتهم البائسة،


وتجعلهم يشعرون بأنهم مصابون بمرض البرَص الروحي، وبأنَّ عليهم أن يستعيدوا الصحّة المشرقة التي نالوها بالمعموديّة المقدّسة.


2) كما أنها تمنحهم الأسرار المقدّسة، ولا سيّما سِرَّيْ التوبة والقربان الأقدس، وبهما ينقّي يسوع نفوسهم من أدناس الخطايا، ويقدّسهم بسكناه فيهم بالمناولة، ويقوّيهم بوافر مواهبه الروحيّة على سلوك الحياة الفاضلة.


التطبيق العملي

1- قال يسوع للأبرص: " اذهبْ إلى الكاهن ". فأنت أيضاً "اذهبْ إلى الكاهن". لقد أراد يسوع أن يكون الكاهن وسيطاً بينك وبينه ليرشدك ويدلّك على طريق الصلاح، ويغفر لك خطاياك في سِرّ التوبة، ويشدّد إرادتك بالقربان الأقدس الذي يغذّي نفسك ويشجّعها على ممارسة فضائل الإيمان والرجاء والمحبّة.


2- تأمّلْ في ما قاله الأبرصُ ليسوع: " إنْ شئتَ فأنتَ قادرٌ على أن تبرئَني". إنّ حياة القداسة تتَّخذ مصدرَها من إرادة يسوع. لا شكَّ في أنّ إرادتك تقوم بدور هامّ في اقتباس الفضائل المسيحيّة وممارستها.


إلاّ أنّ نبع القداسة يتدفّق من يسوع الذي يعطيها لمن يطلبها منه بإيمان وثقة ومحبّة. وهذا ما يفرض عليك أن تتوجّه دوماً إلى يسوع الذي يمنحك النِعَم التي تحتاج إليها لتنبذ عنك مرض الخطيئة، وتعيش حياةً روحيّة سليمة تتّصف بالصحّة النفسيّة والجمال الخُلُقي.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:19 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
دفع يسوع جزية الهيكل

http://www.peregabriel.com/gm/albums...1/00000-ok.gif

نصّ الإنجيل

لمّا رَجَعَ يسوعُ وتلاميذُهُ إلى كفرناحوم، دَنا جُباةُ الدِرهَمَيْنِ إلى بُطرُس وقالوا لـهُ: "أما يُؤَدّي مُعَلِّمُكُم الدِرهَمَيْن ؟ " قال : " بَلَى " .

فلَمّا وَصَلَ يسوعُ إلى البَيتِ، بادَرَهُ بقَولِهِ : " ما رأيُكَ يا سِمعان ؟ مِمَّنْ يأخُذُ ملوكُ الأرضِ الخَراجَ أو الجِزية أمِنْ بَنيهِم أمْ مِنَ الغُرَباء " فقال : " مِنَ الغُرَباء ". فقالَ لهُ يسوع : " إذاً فالبَنونَ مُعْفَون. ولَكِنْ لا أُريدُ أن نُريبَهُم، فاذهَبْ إلى البَحْرِ وأَلقِ الشَصَّ، وأمسِكْ أوّلَ سَمَكَةٍ تَخرُجُ، وافْتَحْ فاها تَجِدْ فيهِ إستاراً، فخُذْهُ وأدّهِ لهُمْ عنّي وعَنكَ ". (متّى 17/24-27)



الجِزية لصالح الهيكل

كان الهيكل في أورشليم يحتاج إلى مؤازرة المؤمنين الماليّة لسدّ حاجاته الماديّة الكثيرة. ولذلك فرضت الشريعة اليهوديّة على كلّ رجلٍ جاوز العشرين من عمره أن يدفع كلَّ سنة مبلغاً من المال لخدمة بيت الله. وكان اليهود يدفعون هذه الجزية بطيبة خاطر.

كانت الجزية زهيدة، قيمتها درهمان فقط. ومع ذلك فإنّها كانت تُحقّق لبيت الله مالاً وافراً بسبب كثرة عدد المكلّفين من الرجال. ورأى الجُباة يسوع مع تلاميذه يسير في أحد شوارع كفرناحوم فسألوا بطرس ما إذا كان يسوع يدفعُ الجزية للهيكل.

الأبناء مُعفَون من الجزية

اطّلع يسوع على سؤال الجُباة فقال لبطرس : " هَل الملوك يفرضون الجِزية على أبنائهم ؟ كلاّ ! فالأبناء مُعفَون منها ". كان هذا الكلام إشارةً إلى أنّ يسوع هو ابن الله، وهو سيّد الهيكل، فهو مُعفى من الجزية المفروضة على أفراد الشعب.

ومع ذلك فقد رضيَ أن يدفعها خشيةَ أن يظهر أمام الناس بمظهر اللاَّمبالي بحاجات بيت الله. وهذا ما يثير الشكوك في قلوبهم. فصنع معجزة وجود الإستار في فم السمكة، فتمكّن بطرس من دفع الجزية عن يسوع وعنه.

عادة مؤازرة بيت الله

إنّ عادة مؤازرة بيت الله قد احتفظ بها المسيحيّون منذ نشأة الكنيسة لمساندتها ومساعدة أبنائها الفقراء، (أعمال الرسل 2/44-45) لكنّ الكنيسة لم تحّدد مبلغاً من المال تفرضه على المسيحيّين، بل اكتفت بما يجودون به عليها. والمسيحيّون يدفعون إجمالاً بطيبةِ خاطر المال الكافي الذي يُغطّي نفقات الكنيسة، إذ إنّهم على يقين أنّ تبرّعاتهم تُصرف في موضعها، فتؤمّن الخدمات الدينيّة التي يحتاج إليها بيت الله.



التطبيق العملي



1- أدّى يسوع مؤازرته لبيت الله. إنّ مثل يسوع دفع الكثيرين من المسيحيّين في جميع البلاد، وفي جميع القرون، إلى التكاتف على بناء بيوت الله وإلى تزيينها وخدمتها بكرمٍ فيّاض وقلوبٍ مؤمنة.

إنّ عادة التبرع لبيوت الله لا تزال قائمة حتّى اليوم، وهي تختلف من بلدٍ إلى آخر، وَفْقَ النظام الكَنَسي المُتّبع. ففي بعض البلاد تكون التبرّعات سرّية، وفي بعضها الآخر تُنشر في المجلاّت الراعويّة.

2- إنّ الكنائس الكبيرة التي نُصادفها في معظم عواصم المدن قد بناها الملوك المسيحيّون. ولكنّ هناك كنائس أخرى لا تقلّ عنها عظمةً وجمالاً قد بناها المسيحيّون بتبرّعاتهم الخاصَّة. ولم يكونوا كلّهم من الأغنياء، بل كانوا كلّهم كرماء في سبيل مجد الله.

3- إنّ مَثَل هؤلاء المسيحيّين يدفعنا نحن أبناءَهم إلى أن نقتديَ بهم ونتبرَّع لبيوت الله على قَدْرِ طاقتنا. ولنذكرْ أنّ الكنيسة تصلّي يوميّاً لأجل الذين يؤازرونها بأموالهم أو خدماتهم. فكُنْ أيّها المسيحي واحداً من هؤلاء الأبناء الكرماء

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:20 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
حوّل يسوع الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل

http://www.peregabriel.com/gm/albums...f-Jesus-03.jpg
نصّ الإنجيل


كان في قانا الجليلِ عُرسٌ وكانت فيه أُمُّ يسوع. فدُعيَ يسوعُ أيضاً وتلاميذُهُ إلى العُرس. ونَفِدَت الخَمر. فقالت ليسوعَ أُمُّهُ : " لم يبقَ عندَهم خمر". فقالَ لها يسوع : " ما لي ولكِ أيَّتُها المرأة ؟ لم تَأْتِ ساعَتي بعد". فقالت أُمُّهُ لِلْخَدَم: " إِفعَلوا ما يأمُرُكُم به ". وكان هناك سِتُّ أجاجينَ من حَجَر لقضاءِ الطهارةِ عندَ اليهود، تَسَعُ كُلُّ واحدةٍ منها مِقدارَ مِكيالَيْنِ أو ثلاثة.

فقالَ لهم يسوع: " املأُوا الأجاجينَ ماء ". فمَلأُوها حتّى طَفَحَت. فقالَ لهم : " اغرفِوا الآنَ وناوِلوا وكيلَ المائدة ". فناوَلوه. فذاقَ وَكيلُ المائدةِ الماءَ الذي صارَ خمراً، وكانَ لا يَدري مِن أينَ أَتَتْ، غيرَ أنَّ الخَدَمَ الذينَ غَرَفُوا الماءَ كانوا يَدرونَ،


فدعا وكيلُ المائدةِ العروسَ وقالَ لـهُ : " جرَت عادةُ الناس أن يُقَرِّبوا الخَمرَةَ الجيّدَةَ أولاً، فإذا أخَذَ منهُمُ الشَّراب قرَّبوا ما كان دونَها في الجودَة. أمّا أنت فأخَّرتَ الخمرَةَ الجيِّدَةَ إلى الآن ". هذِهِ أُولى آياتِ يسوع أتى بها في قانا الجليل، فأَظهَرَ مَجدَهُ فآمَنَ به تلاميذُهُ.

(يوحنَّا 2/1-11)

عرس قرية قانا الجليل

قانا قريةٌ صغيرة تقعُ في منطقة الجليل على بعد عشرين كيلومتراً شماليَّ الناصرة. أُقيم فيها عرس دُعيت إليه مريم أُمُّ يسوع، ودُعيَ إليه يسوع أيضاً مع تلاميذه الخمسة الأوَّلين، وهم بطرس وأخوه أندراوس ويوحنَّا الحبيب وفيلبُّس وبرتلماوس. وكان برتلماوس من قرية قانا نفسها.

وفي أثناء الاحتفال بالعرس نفِدت الخمر. ولاحظت مريم أمّ يسوع ذلك فأعلمت بالأمر ابنها، وفي نيّتها أن يُنقِذَ أهلَ العرس من الحَرَج والخجل بمعجزةٍ يصنعها لهم. وبعد حديثٍ قصير بينها وبينه استجابَ طلبها وصنع المعجزة المطلوبة.

عندما نتأمّل في هذه المعجزة نلاحظ أنَّ يسوع قد قَبِلَ الدعوة إلى العرس واشترك في الاحتفال به ليصيب أربعة أهداف معاً. وإليكم هذه الأهداف.

1- تقديس الزواج المسيحي

اشترك يسوع في أفراح عرس قانا الجليل ليقدِّس الزواج المسيحي بحضوره، ويرفعه من درجة عَقْدٍ طبيعي بين الرجل والمرأة إلى مقام سرٍّ إلهيّ يكون مجلبةً للنِعَمِ الكثيرة التي يحتاج إليها المتزوِّجون طَوال أيام حياتهم،

فيستطيعون بفضلها أن يعيشوا عيشةً مقدّسة، ويتحمّلوا بصبرٍ ومودَّة متبادَلة أعباء الحياة المشتركة، ويربّوا أولادهم تربية صالحة.

وقد فهمت الكنيسة أنَّ يسوع يريد أن يكون الزواج المسيحي مقدّساً فأنشأت مجموعة صلواتٍ وأدعية تسأل بها الله أن يباركَ الزَوْجَين ويغمُرَهما بنعمه الغزيرة ويثبِّت حبّهما المتبادَل مدى حياتهما.

2- التقيّد بالأخلاق الصالحة

وكان هدفه الثاني من اشتراكه في العرس أن يؤكِّدَ لأهل العرس ولجميع المسيحيّين من بعدهم أنَّ الفرح محبّبٌ إليه، ولكن يجب عليهم أن يتقيّدوا بقواعد الأخلاق الصالحة والآداب السليمة في ملابسهم وتصرّفاتهم ومظاهر أفراحهم، وأن يمارسوا فضيلة الاعتدال في المآكل والمشروبات، ويتمتَّعوا بأفراح العرس في جوٍّ بريء، فينبُذون عنهم الاستسلام إلى الرقص المَعيب والأغاني القبيحة والسُكْر والمبالغات الأثيمة.

والكنيسة تطلب من المسيحيّين باسم يسوع أن تكون أفراح أعراسهم مقرونةً بمظاهر الاحتشام والاعتدال، كما كان عرس قانا الجليل الذي اشترك فيه يسوع.

3- الثقة بمريم أُمّ يسوع

أمَّا الهدف الثالث الذي توخّى يسوع إصابته فهو حمل المسيحيّين على الثقةِ بمريم أُمِّهِ العذراء وطَلَبِ شفاعتها. وهذا الهدف واضحٌ جداً في نصّ الإنجيل.

لمّا طلبت مريم أُمّ يسوع من ابنها أن يصنع معجزةً يزيل بها عن أهل العرس الحَرَج والخجل لم يستجب طلبها على الفور، وذلك لسببين ذكرهما بوضوح:

الأول هو أنّه لم يشأ أن يتدخّل لا هو ولا أُمّه في شؤون أهل العرس. لقد كان يسوع وأمّه من جماعة المدعوّين، وكانت العادة السائدة آنذاك ولا تزال قائمة إلى اليوم أنَّ المدعوين يتركون لأهل العرس حرّية القرار والعمل والتصرّف. وقد عبّر يسوع عن هذه العادة بهذا القول المختصر " ما لي ولكِ أيّتها المرأة " أيْ إنَّ ترتيب الاحتفال بالعرس هو من شأن أهل العرس لا من شأننا. فليصنعوا ما يريدون، ونحن لا نتدخّل في تصرّفاتهم.

أمّا كلمة " أيّتها المرأة " فهي تعني على شفَتَيْ يسوع " أيّتها السيدة " وليس فيها أيّة إهانة أو تحقير لأمّه. والبرهان على ذلك أنّه قالها لها وهو معلّق على الصليب قبل أن يموت بفترةٍ وجيزة : " أيّتها المرأة، هذا ابنُكِ ". (يوحنَّا 19/26) ولا يُعقل أن يوجّه إلى أمّه إهانةً وهو يُنازع على الصليب.

والسبب الثاني الذي حمله على عدم استجابة طلبها فوراً هو أنَّ ساعة صُنْع معجزاته لم تأتِ بعد. قال لها : " لم تأتِ ساعتي بعد ". (يوحنَّا 2/4 ) فلا بدّ من انتظار مجيء الساعة التي حدّدها الله الآب.

إنّنا عندما نقرأ في نصّ الإنجيل قول يسوع " لم تأتِ ساعتي بعد " نقول في ذواتنا : لقد تسرّعت مريم أمّه عندما عرضت عليه طلبها. فهو لن يستجيب سؤلها لأنه ينتظر الساعة المحدّدة له منذ الأزل.

ولكنّ الدَهَش الأكبر يستولي علينا عندما نقرأ في نصّ الإنجيل نفسه ما قالته مريم للخَدَم : " افعلوا ما يأمرُكم به ". تُرى ما حدَثَ لتقول هذا القول ؟ لقد قرأت في عينَيْه ما تقرأه كلّ أُمٍّ في عينَيْ ابنها عندما تكون على يقين أنّه يحبّها. قرأت في عينَيْه أنّه طلب إلى أبيه السماوي أن يعجّل مجيء ساعة صُنْع معجزاته إكراماً لها، وأَلاّ يُخيِّب أملها ولا يردّ سؤلها. وهذا ما جرى فعلاً.

قال يسوع للخَدَم : " املأوا الأجاجين ماءً. وناولوا وكيل المائدة ". وحوّل يسوع ماء ستة أجاجين إلى خمر، ولم يردَّ شفاعتها في صالح أهل العرس.

إنّ هذه المعجزة قد حملت أبناء الكنيسة، منذ القرون الأولى، في الشرق والغرب، على أن يتضرّعوا إلى مريم العذراء ويسألوا شفاعتها التي لا تُخزى. لقد فهموا أن شفاعتها لا تتعارض مع شفاعة يسوع ولا تنوب منابها.

فإنه يتبنَّى شفاعة أُمّه العذراء ويحملُها إلى الله الآب، ويجعلُها مع شفاعته شفاعةً واحدةً ووساطةً واحدةً، فيبقى هو الشفيع الأصيل والوسيط الأوحد بين الله والناس، كما ذكر بولس الرسول ذلك في رسالته الأولى إلى طيموتاوس : " إنَّ اللهَ واحدٌ، والوسيطَ بينَ اللهِ والناسِ واحدٌ، ألا وهو المسيحُ يسوعُ الإنسان ". ( 1 طيموتاوس 2/5)

4- الإيمان بقدرة يسوع الإلهيَّة

والهدف الرابع هو تقوية إيمان تلاميذه الجُدُد برسالته السماويّة. لقد تبعَ يسوعَ خمسةُ رجال وأرادوا أن يكونوا لـه تلاميذ. وكان يسوع يعرف أنَّهم كانوا بحاجةٍ إلى برهان يبيّن لهم أنّهم لم يُخطئوا في اتّباعه والبقاء معه.

فاغتنمَ هذه الفرصة المؤآتية وقدَّم لهم البرهان الذي يُزيل عنهم كلَّ تردّد، ويؤكّد لهم أنّهم كانوا على صواب عندما لبّوا دعوته وانضمّوا إليه. وكان البرهان الذي قدّمه لهم أنه صنع معجزةً لا يصنعها إلاّ الله وحدَه. واطّلع الرجال الخمسة مع أهل العرس على هذه المعجزة فمجّدوا قدرته الفائقة وآمنوا به وتبعوه نهائيّاً.



التطبيق العملي

1- أراد يسوع أن يكون زواج المسيحيّين مقدّساً. فعليهم أن يتمّموا إرادته في كل زواج يعقدونه ليتمجّد به اسم الله، وتنمو الأُسَرُ الجديدة في جوٍّ ديني نقي.

2- كما أراد أن تكون أُمّه العذراء أُمّاً لنا تشملُنا بعطفها وحُبّها وشفاعتها. فعلينا أن نلتجئ إليها لتتوسّط لدى ابنها يسوع فننال منه النِعَم الروحيّة والزمنيّة التي نحتاج إليها في كلّ ظرفٍ من ظروف حياتنا، ولا سيّما في الظروف الصعبة.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:20 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
كثّر يسوع الخبز والسمك في البرّية

http://www.peregabriel.com/gm/albums.../10002/194.jpg

للمرّة الثانية

نصّ الإنجيل

واحتَشَدَ في تِلكَ الأيامِ جَمْعٌ كبير، ولَمْ يَكُنْ لدَيْهِم ما يأكُلون، فدعا تلاميذَهُ وقالَ لَهُم : " أُشفِقُ على هذا الجَمع، فإنَّهُمْ مُنذُ ثلاثَةِ أيّامٍ يُلازموني، وليسَ لدَيْهِمْ ما يأكُلون. وإنْ صَرَفْتُهُم إلى بيوتِهِم صائمين، خارَتْ قُواهُم في الطريق، ومِنهُم مَن جاءَ مِنْ بَعيد ".


فأَجابَهُ تلاميذُهُ : " أنَّى لأّحَّدٍ أن يُشبِعَ هَؤلاءِ مِنَ الخُبْزِ هَهُنا في البَرّية ؟ ". فسأَلَهُم : "كَمْ رغيفاً لدَيكُم ؟ " قالوا : " سبعة. " فأَمَرَ الجَمعَ بالقُعودِ على الأرضِ، ثُمَّ أخَذَ الأرغِفَةَ السَبعَةَ وشَكَرَ وكَسَرَ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطي تلاميذَهُ ليُقَرِّبوها إلى الجمع، فقَرَّبوها إليهم. وكانَ لَدَيْهِم بعضُ سَمَكاتٍ صِغار، فبارَكَها وأَمَرَ بِتَقريبِها أيضاً. فأَكَلوا حتى شَبِعوا، ثُمَّ رَفَعوا مِمَّا فَضَلَ مِنَ الكِسَرِ سَبْعَ سِلال. وكانوا نَحوَ أربَعَةِ آلاف فَصَرَفَهُم. (مرقس 8/1-9)

أشفق يسوع على الشعب الجائع

كان هدف هذه المعجزة أن يدفع يسوع الجوع عن الشعب المحتشد في البرّية. وقد كان له هدفٌ أبعد منه، وهو أن يحمل المؤمنين به على الثقة به إلى أبعد الحدود.
إنّ المعجزات التي صنعها كانت استجابةً لطلب المرضى أو أصحاب العاهات. والمعجزة الأولى التي كثّر بها الخبز والسمك في البرّية قد أجراها استجابةً لطلب التلاميذ أنفسهم. أمّا هذه المعجزة فلم يطلبها أحد، بل صنعها بمبادرةٍ شخصيّةٍ منه لأنه شعر بأنّ الناس كانوا بحاجةٍ إليها. إنّها ثمرة شفقته على الشعب. فقد نبعت من عاطفته الإنسانيّة ومحبّته للشعب الجائع.


http://www.peregabriel.com/gm/albums...l_04219_se.png

يُشفق يسوع على أحبّائه المؤمنين

1- إنّ يسوع الذي صعد إلى السماء لم يَفقِدْ عاطفته الإنسانيّة التي أبداها لهذا الجمع. كان إنساناً على الأرض، وبقيَ إنساناً في السماء. فالشفقة التي شعر بها على الجمع لا يزال يشعر بها وهو في السماء على أحبّائه المؤمنين المقيمين على الأرض. فهو لا يكتفي بأن يطّلع على حاجاتهم، بل يشعر بها ويحقّقها لهم.

2- إنّ مستقبل الناس يُخيفُهم اكثر مِمّا يخيفهم ماضيهم وحاضرهم. والشيطان يستغلّ خوفهم من المستقبل وينزع الثقة بيسوع من قلوبهم، ويدفعهم إلى العيش في جوٍّ من الاضطراب الداخلي يكون في بعض الأحيان مؤلماً ، وهدفُه أن يمنعهم من الالتجاء إلى رحمته وحنانه بالصلاة وأعمال البِرّ.

3- ولكن إذا تأمّل المؤمنون في حديث يسوع عن العناية الربّانيّة اطمأنّت قلوبهم، وعادت إليها الثقة بحنان الربّ يسوع وبشفقته عليهم ورغبته في مؤازرتهم. إنّه يُعاتب من يشكّون فيه ويقول لهم : " يا قليلي الإيمان ! لا تهتمّوا فتقولوا : ماذا نأكُلُ ؟ أو ماذا نشرَبُ أو ماذا نلبَسُ فهذا كلُّه يسعى إليه الوثنيّون. وأبوكُم السماوي يعلمُ أنَّكُم تحتاجون إلى هذا كلِّهِ. فاطلبوا أوّلاً ملكوتَ اللهِ وبِرَّهُ. والباقي يُزادُ لكُم". (متى 6/31-33)

شفقة يسوع ومساهمة المصلّين

يسوع يُشفق على من يتضرّعون إليه بالصلاة الواثقة، ولا يخيّب أبداً طلبهم. فهو يُعطيهم ما يطلبونه منه أو ما هو أفضل مِمَّا يطلبونه.

ولكنّ الواقع هو أنّ كثيرين يسألون يسوع ولا ينالون. فقد بيّن لهم القدّيس يعقوب في رسالته الجامعة سبب ذلك فقال لهم : " تسألونَ ولا تنالونَ لأنّكمْ لا تُحسِنونَ السؤال".

(يعقوب 4/13) إنّهم لا يُحسنون السؤال لأنهم لا يحقّقون الشرطَيْن الأساسيّين لنيل النعمة المطلوبة:

فالشرط الأوّل هو الثقة الكاملة بشفقة يسوع. لقد صنع المعجزة فأطعم بها الجموع لأنّه أشفق عليهم. فمن وثِقَ بشفقته نال منه النعمة التي يطلبها أو حظيَ بنعمةٍ أفضل منها، سواءٌ كانت هذه النعمة المطلوبة روحيّة أو زمنيّة، وذلك وَفْقَ تدبير حكمته الإلهيّة لأنّه يتوخّى أوّلاً خلاص نفوسنا.

أمّا الشرط الثاني فهو مساهمة المصلّي مع عمل يسوع في سبيل نيل النعمة المطلوبة. إنّ الثقة بيسوع لا تعني" الاتّكال وحدَهُ " على شفقة يسوع، ولا تعني خصوصاً انتظارَ معجزةٍ تهبِط من السماء على المصلّي، من دون أن يقوم بأيّ جَهدٍ شخصي. فإليكم بعض أمثال مقتبسة من الواقع توضّح هذه الفكرة الهامّة.

- من كان مريضاً وصلّى، وهو يطلب من شفقة يسوع وحنانه شفاءه من مرضه، وَجَبَ عليه أن يُساهم مع يسوع في تحقيق هذا الشفاء، أيْ وَجَبَ عليه أن يستعمل الوسائل المناسبة لشفائه، ولا يكتفي بأن ينتظر معجزةً من يسوع تشفيه من مرضه. فإنّ انتظار المعجزة هو فهمٌ سيّئ لشفقة يسوع واتّكال يؤدّي إلى الخمول.

- من كان يشاهد في التلفزيون فيلماً إباحيّاً قذراً، لا يجوز لـه أن يكتفي بالصلاة لتبتعد عنه تجربة الخطيئة ثمّ يواصل مشاهدة هذا الفيلم، بل عليه أن يساهم مع يسوع في إبعاد الخطر الروحي فيتوقّف عن هذه المشاهدة اللاأخلاقيّة بحزمٍ وسرعة، وإلاّ كانت صلاته ضرباً من الرياء وخداع النفس.

- ومن كان طالباً وعرَفَ أنّ أمامه امتحاناً يقرّر مستقبله لا يحقّ له أن يكتفي بطلب النجاح من يسوع، من دون أن يُكِبَّ على الدرس بجِدٍّ ونشاط. إنّ انتظار معجزة من السماء تؤمّن له النجاح من دون درسٍ أو تعب، طمعٌ مَعيب في حنان يسوع، وضربٌ من الغَباء الديني الذي يرفضه الإيمان القويم.

إنّ الصلاة التي يستجيبُها يسوع هي الصلاة التي نرفعها إليه واثقين بشفقته وطالبين منه مؤازرته ليقويّنا على أن نساهم معه مساهمةً شخصيّة لأجل الحصول على النعمة التي يريِدُها لنا والتي توافق خيرَنا وخلاصَنا الأبدي.

http://www.peregabriel.com/gm/albums...S2520PAINS.jpg

شفقة يسوع أنشأت المبرّات الخيريّة

اطّلع المسيحيّون على ما كان في قلب يسوع من شفقة على المتألّمين والمرضى والجياع، وعلى ما عمله في سبيلهم ليخفّف عنهم وطأة شدائد الحياة.

فأرادوا أن يقتدوا به، ويساهموا على مثاله في سبيل تخفيف آلام المتألّمين. فأنشأوا لذلك مجموعةً من المبرّات الخيريّة في سبيل الفقراء والمرضى والعجزة والأيتام والمَعُوقين. وأهمّ هذه المبرّات هي الجمعيات واللِّجان الخيريّة، ودور العجزة المجّانيّة، ودور الأيتام والمَعُوقين، ومراكز النشاطات الاجتماعيّة التي يديرها العلمانيّون المتبرّعون من رجالٍ ونساء.

لقد انتشرت هذه المبرّات انتشاراً واسعاً في العالم حتى لا تكاد مدينةٌ في الدنيا تخلو من إحداها أو من بعضها. ويسيّر هذه المبرّات في بعض المدن والقرى المتطوّعون من الرهبان والمرسلين والراهبات والعلمانيّين النشيطين.

ومن أشهر المبرّات الخيريّة في عالم اليوم المبرّة الإنسانيّة الرائعة التي أنشأتها الأم تريزا في الهند، في مدينة كلكوتا، والتي انتشرت في كثيرٍ من مدن العالم، في الشرق والغرب، بإشراف أو إدارة راهبات الأم القديسة تريزا.

التطبيق العملي

1- ليست الشفقة على الآخرين إذلالاً لكرامتهم، بل مظهرٌ من مظاهر المحبّة المسيحيّة التي تعتبر الناس كلّهم إخوةً وأصدقاء. فمارسْ هذه الشفقة كلّما سنحت لك الفرصة، وساندْ الجمعيات والمؤسّسات الخيريّة التي تؤازر الجياع والمرضى والمحتاجين لتتشبّه بيسوع الذي أشفَقَ على الجمع الجائع فبدّد جوعه بمعجزةٍ.

2- لاحظْ أنّ الكرماء الذين يؤازرون الجمعيّات الخيريّة ليسوا أغنى الناس. فالكرَم لا ينبع من كثرة المال، بل من عاطفة القلب السخيّة. فكنْ دوماً صاحب هذا القلب العطوف السخي، وآزرْ المؤسّسات الخيريّة على قدْرِ أمكانياتكَ الماديّة.

3- لقد ألحَّ يسوع على مؤازرة المحتاجين عندما وصفَ يومَ الدينونة العامَّة، فاعتبرَ أنّ المؤازرة التي يقدّمها المسيحي للإنسان المحتاج إنّما يقدّمها ليسوع نفسه.


(متى 25/31-46) فإذا أردت أن تقف يومَ الدينونة إلى يمين المسيح الملك الديّان، فطبّقْ في سلوكك اليومي ما ذكره يسوع عن واجب ممارسة المحبّة الأخويّة. وكنْ على ثقة أنّ يسوع لا ينسى فضلك، بل يعوّض عليك أضعاف ما تبرّعت به لمساعدة المساكين.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:20 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع رجلاً مصاباً بمرض الإستسقاء
http://www.peregabriel.com/gm/albums...f-Jesus-07.jpg
نصّ الإنجيل


دَخَلَ يسوع يومَ السبتِ بيتَ أحَدِ الكِبارِ مِنَ الفرّيسيّين ليتناولَ الطعام، وكانوا يُراقبونَهُ. وإذا تِلقاءَهُ رجُلٌ بِهِ استِسقاء. فقالَ يسوع لِعُلَماءِ الشريعَةِ والفرّيسيّين: " أَيَحِلُّ الشِفاءُ في السَبتِ أم لا" فلزِموا السكوت. فأَخَذَ بِيَدِهِ وأبرأَهُ وصَرَفَهُ. ثُمَّ قالَ لَهُم : "مَنْ مِنْكُم يَقَعُ ابْنُهُ أو ثَورُهُ في بِئْرٍ يومَ السَبتِ، فلا يَنْتَشِلُه ُمِنها لِحينِهِ" فلَمْ يَجِدوا جواباً

(لوقا 14/1-6)

مُراقبة الفرّيسيّين ليسوع

جاء يسوع إلى شرق الأردن، فدعاه أحَدُ رؤساءِ الفرّيسيّين إلى تناول الطعام عنده في يوم السبت. ودعا أيضاً إلى هذه المائدة مجموعةً من زملائه الفرّيسيّين.

كان كثيرون من المتّكئين لا يعرفون يسوع معرِفةً شخصيّة. فكانت دعوة رئيس الفرّيسيّين لهم مناسبة موفّقة ليَرَوهُ ويتعرّفوا إليه عن كثب.

لقد سمِعوا عنه أشياء كثيرة، ومِن أبرزها معجزاته العظيمة، وتعاليمه الجديدة، وحماسة الجماهير لـه. ووصلت إليهم أخبارٌ كثيرة من رفقائهم الفرّيسيّين الساكنين في أورشليم وفي الجليل، تؤكّد لهم أنّه لا يحترم شريعة راحةِ يومَ السبت، فيقوم بأعمالٍ تمنعها شريعة موسى، كشفاء المرضى الذين يُصادفهم في ذاك النهار المقدّس. فأخذوا يُراقبونه مُراقبةً شديدة ليطّلعوا على تصرّفه في هذا المجال.

الشريعة أم المحبّة

وجاءت المناسبة ليطّلعوا على تصرّف يسوع. وفيما هو متّكئٌ إلى المائدة دخل الغرفة رجلٌ مصاب بداء الاستسقاء وهو مرض تتجمّع في جسم المريض سوائل زائدة فيتورّم وينتفخ ووقف أمام يسوع صامتاً لا يطلب شيئاً.

وعرف يسوع أنّ الفرّيسيّين يراقبونه، فطرح عليهم هذا السؤال قبل أن يقوم بأيّ عملٍ لصالح المريض : " هل يحلّ الشفاءُ في السبتِ أم لا "

لم يكن هدف يسوع من طرح هذا السؤال أن يستشيرهم أو أن يعمل وَفْقَ رأيهم، بل كان هدفه أن يُظهر لهم أنّ عمل الخير في السبت لا يخالف شريعة الله الخيّرة. وأراد أن يحملهم على قبول هذه القاعدة الخُلُقيّة القويمة والتعبير عنها بصراحة من تلقاء أنفسهم.

فلمّا سمعوا هذا السؤال قام صراعٌ داخلي في ضمائرهم بين روح الشريعة الذي هو المحبّة، وحرف الشريعة الذي هو التشدّد.

فإنْ قالوا : " يحِلُّ الشفاء " أنكروا ما تفرضه الشريعة من التزامٍ شديد. وإنْ قالوا " لا يَحِلُّ الشفاء " نبذوا محبّة المريض المتألّم، والمحبّة هي أسمى وصايا الله. ولذلك سكتوا ولم يُجيبوا عن سؤال يسوع.

المحبّة لا تتعارض وأوامر الشريعة

لمّا رآهم يسوع قد سكتوا ولم يُجيبوا عن سؤاله، أعطاهم هو نفسه الجواب، لا بالكلام، بل بالفعل، فوضع يدَيْه على المريض وأبرأه وصرفه. وكان معنى عمله هذا أنّه يحلّ الشفاء في السبت.

وفي الواقع لم يخالف يسوع شريعة الله التي تأمر بالراحة في يوم السبت، لأنّه لم يقم بعملٍ مادّي لمنفعته الخاصّة، بل قام بعملٍ خُلُقي حبّاً للمريض المتألّم. والشريعة تأمر بالمحبّة. والمحبّة أولى وصايا الشريعة وأعظمها .

(متّى 22/37-39)

وأراد يسوع أن يُزيلَ عن أذهان هؤلاء الفرّيسيّين كلَّ تردّد في تفسير أوامر الشريعة، فجاءَ بما تسمح به للإنسان يومَ السبت، وهو أن ينتشل ابنه أو ثوره من البئر التي وقع فيها خوفاً على حياته من الموت. والاستسقاء مرضٌ يُعرّض الإنسان للموت. فالشريعة لا تُعارض شفاءه يوم السبت.

المكانة الأولى للمحبّة

كثيرون من المسيحيّين يعتقدون أنّ الدين المسيحي مجموعةٌ من الوصايا الكثيرة والمعقّدة التي تُقيّد حرّية الإنسان وتكبّل تفكيره وتصرّفاته، كالصوم، والصلوات الطويلة، والتقشّفات المادّية المرهقة.

إنّ اعتقادهم متأتٍّ عن معرفتهم السطحيّة للدين المسيحي. ليس في الدين المسيحي مجموعة كبيرة ومُعقّدة من الوصايا، بل وصيّةٌ رئيسةٌ تُهيمن على كلِّ فروع الوصايا، وهي المحبّة. وهذه الوصيّة ليست قيداً، بل روحٌ وحياة. إنّها تنبع من قلب المسيحي المحبّ وتتوجّه إلى قلب الله ليحفظ أوامره ووصاياه، وإلى قلب أخيه المسيحي ليؤازره على قدْر استطاعته.

فالدين المسيحي الذي هو دين المحبّة يحمل الإنسان المسيحي على أن يُتَمِّمَ وصايا الله لا لأنّه عبدٌ يُنَفِّذُ أوامر مولاه، بل لأنّه ابنٌ لله يُريد أن يُعبّر عن حبّه لأبيه السماوي بمحبّته لإِخوته البشر.

وإذا قام تناقضٌ بين الشريعة والمحبّة، كانت المكانة الأولى للمحبّة، فتتخلّى الشريعة عن فرض إلزامها وتترك الأولويّة والسيادة للمحبّة، فيزول التناقض، وتقوم أسمى العلاقات بين الله والإنسان، وبين الإنسان وأخيه الإنسان. وهذا ما فعله يسوع لمّا شفى المريض في يوم السبت.

التطبيق العملي

1- يحسن في هذه المناسبة أن تقرأ نشيد المحبّة الذي كتبه بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس. وإليك مقطعاً من هذا النشيد :


" المحبّةُ تَصبِرُ، المحبّةُ تَخدُمُ، لا تَحسُدُ ولا تتباهى ولا تنتفخُ من الكبرياء، ولا تفعلُ ما ليس بشريف، ولا تسعى إلى منفعتِها، ولا تَحنَقُ، ولا تُبالي بالسوء، ولا تفرحُ بالظُلمِ، بل تفرحُ بالحقّ. إنّها تَعذِرُ كلّ شيء، وتُصدِّقُ كلّ شيء، وتتحمَّلُ كلّ شيء ". (13/4-8)

2- إنّ المحبّة التي يفرضها الدين المسيحي ليست مُشاركة عاطفيّة، بل عملاً يؤازر الإنسان المحتاج ويُسانده على قدْر المستطاع. إنّ المشاركة العاطفيّة، وإنْ كانت تُخفّف عن الإنسان ثِقَلَ هموم الحياة، لا تُلَبّي ما يرغب فيه، ألا وهو التخلّص من ضغط حاجاته بمساعدة فعليّة تؤمّن لـه ما يطلبه كالطعام، والثياب ،

وتعليم الأولاد، وتوفير الأدوية، ودفع تكاليف العمليّات الجراحيّة، ووسائل التدفئة، وغيرها من الحاجات اليوميّة. وهذا ما أشار إليه القديس يعقوب في رسالته الجامعة لمّا تحدّث إلى الأغنياء عن الإيمان الحيّ الذي هو في الواقع ممارسة المحبّة.(2/15)

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:21 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع الرجل الأكمه (المولود أعمى)


http://www.peregabriel.com/gm/albums..._Picture27.jpg



نصّ الإنجيل

رأى يسوع وهو سائرٌ رَجُلاً أعمى منذُ مَولِدِهِ. فسأَلَهُ تلاميذُهُ : " رابّي، مَنْ أخطأَ؟ أهَذا أمْ والِداهُ حتى وُلِدَ أعمى ؟ " فأجابَ يسوعُ : " لا هَذا أخطأَ ولا والِداه، ولَكِنَّهُ وُلِدَ أعمى لتَظهَرَ فيهِ أعمالُ اللهِ. فيجبُ علَيَّ، ما دامَ النهار، أن أُتِمَّ أعمالَ الذي أرسَلَني. فالليلُ آتٍ، ولا يستطيعُ أحَدٌ أن يعمَلَ فيه. أنا نورُ العالم، ما دمتُ في العالم ".


قالَ هَذا وتَفَلَ في الأرضِ، فجَبَلَ مِنْ تُفالِهِ طيناً، وطَلى بِهِ عَينَيْ الأعمى، ثُمَّ قالَ لَهُ : " اذهَبْ فاغتَسِلْ في بِركَةِ سِلوام (أيْ الرسول). فَذَهَبَ فاغْتَسَلَ فارتَدَّ بصيراً. فقالَ الجيرانُ والذينَ كانوا يَرَونَهُ مِنْ قَبلُ يَتَسَوَّل : " أما هوَ ذاكَ الذي كانَ يَقعُدُ للتَسَوّل ؟ "


وقالَ غيرُهُم : " هَذا هوَ ". وقالَ آخَرون : " لا، بَلْ يُشبِهُهُ ". أمّا هوَ فكانَ يقولُ : " أنا هوَ ". فقالوا لَهُ: " كيفَ انفَتَحَتْ عيناكَ ؟ " فأجابَ : " إنَّ الرَجُلَ الذييُدعى يسوع جَبَلَ طيناً فطلى بِهِ عَيْنَيَّ وقالَ لي:" اذهَبْ إلى سِلوام فاغتَسِلْ. فَذَهَبتُ فاغتَسَلتُ فأبصَرت".


فقالوا لهُ : " أينَ هوَ؟ " قالَ : " لا أعلَم ". فَذَهَبوا بِذاكَ الذي كانَ أعمى إلى الفَرّيسيّين. وكانَ اليومُ الذي فيهِ جَبَلَ يسوعُ طيناً وفَتَحَ عَيْنَيْ الأعمى يومَ سبت. فسأَلَهُ الفَرّيسيّون أيضاً كيفَ أبْصَرَ. فقالَ لَهُم : " جَعَلَ طيناً على عَيْنَيَّ فَعُدتُ بصيراًُ ". فقالَ بعضُ الفرّيسيّين : " ليسَ هذا الرَجُلُ مِنَ اللهِ، لأنّهُ لا يرعى السبت ".


وقالَ آخَرون : " كيفَ يستطيعُ خاطِئٌ أن يأتيَ بِمثلِ هذه الآيات ؟" فوَقَعَ الخِلافُ بَينَهُم. فقالوا أيضاً للأعمى : " وأنتَ ماذا تَقولُ فيهِ وقَدْ فَتَحَ عَيْنَيْك؟ ". قالَ : " إنَّهُ نَبيّ ". على أنَّ اليهودَ لَمْ يُصَدِّقوا أنَّ هذا الرَجُلَ كانَ أعمى فأَبصَر، قَبْلَ أنْ يَستَدعوا والدَيْهِ.


فسأَلوهُما : " أهذا هوَ ابِنُكُما الذي وُلِدَ أعمى كما تَقولان؟ فكيفَ أبْصَرَ الآن ؟ " فأجابَ والِداه : " نحنُ نعلَمُ أنَّ هذا ابنُنا، وأنّهُ وُلِدَ أعمى. أمّا كيفَ أبصَرَ الآنَ، فلا نَدري، ولا نَعلَمُ مَنْ فَتَحَ عينَيْه. اسألوهُ، إنَّهُ بالِغُ الرُشد، يُجِبْكُم عَنْ نَفسِهِ". وإنّما قالَ والِداهُ هذا لخَوفِهِما مِنَ اليهود، لأنَّ اليهودَ اتَّفَقوا على أن يَطردوا مِنَ المَجمَع مَنْ يعتَرِفُ بأنّهُ المسيح.

فلِذلِكَ قالَ والِداه إنَّهُ بالِغُ الرُشدِ فاسألوهُ. فدَعَوا ثانيةً الرَِجُلَ الذي كانَ أعمى وقالوا لهُ : " مَجِّدِ اللهَ، نحنُ نَعلَمُ أنَّ هذا الرجُلَ خاطِئ " فأجابَ : " لا أعلَمُ أنَّهُ خاطئ، وإنّما أعلَمُ أنّي كُنتُ أعمى فأَبْصَرتُ الآنَ ". فقالوا لهُ: " ماذا صَنَعَ لَكَ ؟ وكيفَ فتَحَ عَيْنَيْك ؟ " أجابَهُم : " قُلتُ لكُم فلَمْ تسمَعوا لي، فلماذا تُريدونَ أنْ تَسمَعوا مرَّةً أُخرى؟ ألَعَلَّكُم تَرغَبونُ في أنْ تَصيروا أنتُم أيضاً تلاميذَهُ ؟ "


فَلَعَنوه ُوقالوا : " أنتَ تلميذُهُ، أمّا نحن فإنّا تلاميذُ موسى. نحنُ نعلَمُ أنَّ اللهَ كلَّمَ موسى، أمّا هذا فلا نعلَمُ من أينَ هوَ ". فأجَابَهُم الرجُلُ: " مِنَ العَجيبِ أنْ يَفتَحَ عَيْنَيَّ ولا تَعلَمون مِنْ أينَ هوَ. نحنُ نعلَمُ أنَّ اللهَ لا يستجيبُ للخاطئين، وإنّما يستجيبُ لمن اتّقاهُ وعَمِلَ بمشيئتِهِ.


ولم يُسمَعْ يوماً أنَّ أحداً مِنَ الناسِ فَتَحَ عَيْنَيْ أكمَه. فلَو لَم يَكُنْ هذا الرجُلُ مِنَ الله ، لمْ يستَطِعْ أن يصنَعَ شيئاً ". فأجابوهُ : " أتُعَلَّمُنا وأنتَ كُلُّكَ في الخطيئةِ وُلِدْتَ ؟" ثُمَّ طردوهُ . فسَمِعَ يسوعُ أنَّهُم طرَدوهُ فلَقيَهُ وقالَ لهُ : " أتؤمِنُ بابنِ الإنسان ؟ " أجاب : " ومَن هوَ، سيّدي فأُومِنَ بهِ ؟ " فقالَ لهُ يسوع : " قد رأيتَهُ، وهوَ الذي يُكَلِّمُكَ ".

قال : " لقد آمنتُ، سيِّدي ". وسَجَدَ لهُ. فقالَ يسوع : " جئتُ هذا العالمَ لإمضاءِ الحكُم : حتّى يُبصِرَ الذين لا يُبصِرون، ويَعمى الذينَ يُبصرون ".


(يوحنَّا 9/1-39)

إنَّ لهذه المعجزة مكانةً خاصّة بين معجزات يسوع لأنّها تطرح ثلاثة أسئلة بالغة الأهمّية وهي : 1- ما سبب الألم في حياتنا ؟ 2- هل معجزات يسوع صحيحة أم وهميّة ؟ 3- من يسوع لمن لا يعرفه على حقيقته ؟


السؤال الأوّل: ما هوَ سبب الألم في حياتنا ؟

سأل التلاميذ يسوع : " من أخطأ ؟ أهذا أم والداه ؟ " كان التلاميذ يعتقدون كسائر الناس في أيَّامهم أنّ كلّ مُصيبة تحلُّ بالإنسان إنّما هي عِقاب الخطيئة التي ارتكبها أو سيرتكبها. ولذلك فإنّ جميع أصحاب العاهات خطأة يتحمّلون عقاب خطاياهم.


إنّ سبب الألم في نظرهم هو الخطيئة، أو بالأحرى عِقاب الخطيئة. ونتيجةُ هذا التفكير أنّ من لا يخطأ لا ينزل به الألم. عندما نسمع جواب التلاميذ عن سبب الألم نتساءل: هل هوَ صحيح ؟ وما مقدار الصّحة فيه ؟

إنّ لدينا ثلاثة أجوبة عن هذا السؤال، جواب الخبرة اليوميّة، وجواب الكتاب المقدّس، وجواب حكمة الله السرّية. وإليكم هذه الأجوبة باختصار :

1- جواب الخبرة اليوميّة : إنّ الخبرة اليوميّة تقول إنّ للألم أسباباً كثيرة غير عِقاب الخطيئة، ومن أبرزها الموت، والمرض، والفقر، وكوارث الطبيعة، والحروب، والاضطهادات، والوراثة الطبيعيّة المشوّهة، والإخفاق في العمل، وسوء التربية، واختلاف الطباع،


وفقدان السلام في الأسرة، والتعدّيات الظالمة، وغير ذلك من الأسباب الظاهرة والخفيّة، الماديّة والمعنويّة، التي لا يُحصى عددُها لكثرتها. كلّ هذه الأسباب تُحدث الألم في أجساد الناس ونفوسهم، وهم في كثيرٍ من الأحيان أبرياء وضعفاء، ولا يستطيعون التغلّب عليها والتخلّص منها.


2- جواب الكتاب المقدّس : إنّ الكتاب المقدّس قد تطرّق عدّةَ مرّات إلى الحديث عن الألم، وبيّن بعض أسبابه. وإليكم أهمّ هذه الأسباب :


- الشرّ المتغلغل في قلب الإنسان: إنّ هذا الشرّ دفع قاين إلى أن يقتل أخاه هابيل ظُلماً وقد ظهر هذا الشرّ على شكل حسدٍ أسود قتّال حمله على ارتكاب الجريمة

- عِقاب الخطايا المرتكبة بكثرة: لقد ارتكب الناس في أيام نوح الخطايا الكثيرة فعاقبهم الله بالطوفان، وأحرق سكّان سدوم وعمورة بالنار والكبريت .

- حسَد الشيطان: عرف الشيطان أنّ أيوب رجلٌ بارّ فحسده وتحدّى الله نفسَهُ، فسمح الله له بأن يُنزل بأيّوب الصدّيق المصائب الكثيرة، فتألّم منها كثيراً.

- مقاومة الديانة اليهوديّة : قاومت هذه الديانة انتشار الدين المسيحي الناشئ وحملت اليهود على رجم اسطفانوس، واضطهاد بولس الرسول اضطهاداً شديداً.

- حقد رؤساء اليهود على يسوع : أضمروا في نفوسهم عليه حِقداً أسود، فقادوه إلى الوالي الروماني وهيّجوا عليه الشعب، وتمكّنوا من قتله على الصليب.

- طاعة يسوع لإرادة الله الآب : قَبِلَ يسوع الألم بكلّ رضى طاعةً لإرادة أبيه السماوي لكي يُكفّر عن خطايا البشر ويفتح لهم أبواب السعادة الأبديّة.

إنّ هذه الفكرة واردة في الإنجيل ورسائل القدّيسين بطرس وبولس ويوحنَّا مراتٍ كثيرة بأساليب متعدّدة. وقد عبّر عنها بولس الرسول بكلّ وضوحٍ فكتب: " فمعَ أنَّ يسوع في صورةِ اللهِ لمْ يَعُدَّ مساواتَهُ للهِ غَنيمةً، بل تَجَرَّدَ مِنْ ذاتِهِ مُتَّخِذاً صورةَ العَبدِ، وصارَ على مِثالِ البَشَر، وظهرَ في هَيئَةِ إنسان، فوضَعَ نَفسَهُ، وأطاعَ حتى الموت، موت الصليب ". (فيلبي 2/6-8)

- تحقيق مجد الله على الأرض : هكذا وُلِدَ هذا الشابّ الأعمى مَحروم البصر ليصنع يسوع معجزةً تفتح عينَيْه، فيتمجّد بها اللهُ أمام الناس.

3- جواب حكمة الله السرّية : هناك حوادث مؤلمة لم يأتِ الكتاب المقدّس على ذكرها، ولا تستطيع الخبرة البشريّة أن تفسّرها. وإليكم مثالاً عنها : أُسرةٌ مكوّنة من أبٍ وأمٍّ وأربعة أطفال. الأب عاملٌ نشيط، تقيٌّ محبٌّ لأسرته. أصابته يوماً في محلّ عمله شرارةٌ كهربائية قويّة، فقتلته فوراً. فأصبحت المرأة أرملة والأطفال أيتاماً وحلّ الشقاء بهذه الأسرة.


فالسؤال الذي نطرحه : كيف سمح الله بأن يُقْتَلَ هذا الرجل المُعيل الأوحد لأسرته ؟ ليس لدينا جوابٌ عنه. إنّ هذا الحادث المؤلم يبقى سرّاً من أسرار حكمة الله، لا يدركه العقل البشري، ولا جواب له ولا تفسير.

إنّ الألم في كثيرٍ من الأحيان سرٌّ لا نعرف سببه، ولا نتوصَّل إلى إدراك هدفه. من ناحيةٍ أخرى إنّنا نؤمن بأن اللهَ أبٌ حنونٌ حكيم، يحبّ أبناءَه ويعتني بهم ولا ينساهم أبداً. قال الله في هذا الموضوع : " هلْ تَنْسى الأمُّ رضيعَها ، فلا تَرْحَمُ ابنَ بطنِها ؟ لكنْ، لو أنّ الأمّهات يَنْسَينَ، فأنا لا أنساكَ أبداً ". (أشعيا 49/15) إنَّ الله لم يشأ أن يُطلعنا على كلِّ أسرار حكمته، فليكن اسمُهُ مباركاً حتّى في وسط أشدِّ الآلامِ هَولاً.

السؤال الثاني :هل معجزات يسوع صحيحة أم وهميّة ؟

رأى يسوع الأعمى فطلى عينَيْه بالطين ليمنع عنه كلّ رؤيةٍ ممكنة، وأمره بأن يغسلهما في بركة سلوام فغسلهما وأبصر. بعدما حدثت هذه المعجزة جرى في شأنها تحقيقٌ من قِبَلِ الجيران والمعارف، وتحقيقان من قِبَلِ الفريّسيّين،


فأثبتت هذه التحقيقات الثلاثة أنّ المعجزة صحيحة لا أثر فيها للغشّ أو الخداع أو الوهم. وإليكم تفصيل هذه التحقيقات الثلاثة.

تحقيق الجيران والمعارف

كان الجيران والمعارف يرونه أعمى يجلس ويتسوّل. فلمّا عاد إليهم وهو يُبصر عرفه بعضهم، وشكّ في هوّيته بعضهم الآخر، وظنّوا أنّهم يرون شاباً آخر يشبهه. فأكّد لهم أنّه هو الشابّ الأعمى الذي كانوا يرَونه يتسوّل. وسرد عليهم كيف ذهب إلى بركة سلوام وغسل عينَيْه المَطليتَيْن بالطين، وشُفيَ من عماه.

ولمّا كانت المعجزة فريدة من نوعها، وقد حدثت يومَ السبت، ارتأى الجيران والمعارف أن يُعلِموا بها الفرّيسيّين ليطّلعوا عليها ويُبدوا رأيهم فيها.


تحقيق الفرّيسيّين الأوّل

جرى هذا التحقيق مع الشابّ الأعمى أوّلاً، ثمّ مع والدَيْه. سأله الفرّيسيّون كيف أبصر، فسرد عليهم باختصار قصّة شفائه. فلم يصدّقوا كلامه، بل كانوا مقتنعين أنّ عماه كان حيلةً قد لجأ إليها ليتسوّل ويربح المال من دون أن يقوم بعملٍ متعب.

وأرادوا أن يتحقّقوا من واقع عماه، فاستدعوا والدَيْه وسألوهما عن وضع ولدهما. فأقرّ الوالدان، بكلّ بساطة وصدق، أنّ ولدهما قد وُلِدَ أعمى، وأنّه كان يتسوّل ليربح معيشته، ولكنّهما لا يعرفان شيئاً عن أمر شفائه.


تحقيق الفرّيسيّين الثاني

ولمّا لم يصل الفرّيسيّون مع الوالدَيْن إلى نتيجة ترضيهم، قاموا بتحقيقٍ ثانٍ مع الأعمى نفسه. قالوا له:" نحن نعلم أنّ هذا الرجل خاطئ لأنّه يخالف شريعة راحة يوم السبت. أمّا أنت، فإذا كنت أعمى، فقُلْ لنا كيف أبصرت ؟ " فأجابهم :" لقد كنتُ أعمى، وقد شفاني رجلٌ لم أكن أعرفه. إنّ هذا الرجل لا يمكن أن يكون خاطئاً كما تقولون، لأنّ الله لا يؤيّد الخطيئة والخطأة ".


فامتعضوا من جوابه وقالوا لـه :" أنتَ إنسانٌ جاهل وقد وُلِدْتَ في الخطايا، وتُريد أن تعلّمنا ؟ ". وطردوه من المجمع.

إنّ هذه التحقيقات الثلاثة بيّنت أنّ المعجزة التي صنعها يسوع لم تكن عملاً من أعمال السحر، ولا ضرباً من ضروب الخداع والوهم، بل كانت معجزةً حقيقيّة صنعها يسوع شفى بها الأكمه وبرهن بها عن قدرته الإلهيّة.

وقد الحَّ يوحنَّا الإنجيلي في سرد هذه المعجزة على تفاصيل التحقيقات الثلاثة ليؤكّد لنا أنّها معجزة صحيحة، صنعها يسوع الإله القادر على أكبر العاهات سوءاً.

السؤال الثالث : من يسوع ؟

من يسوع ؟ أكّد يسوع بصراحة انّه نور العالم. قال : " ما دُمتُ في العالمِ، فأنا نورُ العالم ". إنّ هذا القول موجّه إلى جميع الناس، ولا سيّما إلى الذين لا يعرفونه على حقيقته. لم يكن هذا الأعمى يعرفه، فأراد يسوع أن يُنير قلبه بنور الإيمان بعدما أنار عينَيْه بنور الدنيا. فاغتنم حدوث هذه المعجزة الفريدة من نوعها ليُطلِعه على حقيقة ألوهيّته. فلمّا لقيه سأله : " أتؤمن بابن الإنسان ؟.


فأجاب الشاب : " بَلى، ولكن مَنْ هو لأومن به ؟ " عندئذٍ كشف لـه يسوع حقيقته. فقال له: أنا المسيح المنتظَر ". واستنار قلب الأعمى بنور شخص يسوع الإلهي فعبّر لـه عن إيمانه به. فقال: " إنّي أومن" ، وسجد له.

فيسوع هو نورُ العالم بتعاليمه السماويّة، وفضائله الساميَة، وحياته المثاليّة، ومحبّته الشاملة، وشخصيّته المشعّة الجذّابة. فمَنْ آمن به غمره نورُ هذا المعلّم الإلهي، ومن رفض الإيمان حُرِمَ بهاء هذا النور وعاش في الظلام.

وقد عبّر يسوع عن هذه الفكرة بأسلوبه الخاص فقال : " جئتُ لأُصدِرَ الحُكْمَ. والحُكْمُ هو أنَّ العُميان يُبصرون، والذين يُبصِرون يَعمَون." لقد آمن الأعمى به فأبصر النور. أمّا الفرّيسيّون الذين رفضوا أن يؤمنوا به ويعرفوه على حقيقته فأضحَوا عُمياناً لا يُبصرون نور الله ولا يستطيعون أن يسيروا في طريق الخلاص.

التطبيق العملي

1- إنّ نور الإيمان نعمةٌ من الله يريد أن يمنحها لجميع الناس. ولكنّ هذه النعمة لا تدخل إلاّ إلى قلوب مَنْ عندهم الاستعداد لقبولها. فكثيرون يرفضونها لأهدافٍ ماديّة وأرضيّة. فاشكرْ لله نعمة الإيمان في قلبك، ولا تنسَ أن تصلّي لكي يفتح الله قلوب البشر لتلجَ فيها النعمة ، فيبلغون إلى معرفة الحقّ والخلاص. (1 تيموتاوس 2/4)


2- إنّ الإنجيل نورٌ مُضيء يقدّم للناس شخصَ يسوعَ نورِ العالم.فالمسيحي لا يستطيع أن يحيا "مسيحيّته" إلاّ إذا قرأ الإنجيل وتأمّل فيه. إنّه يرى فيه شخص يسوع واقفاً أمامه، يدعوه إلى أن يحيا حياةً مستنيرة بالصلاة والمحبّة والعفاف والتسامح

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:21 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
فى يسوع صبيّاً مُصاباً بالصَرْع وممسوساً

http://www.peregabriel.com/gm/albums...f-Jesus-28.jpg
نصّ الإنجيل


لمَّا وَصَلَ يسوع وتلاميذُهُ الثلاثة إلى التلاميذِ التسعة، رأوا جَمعاً كبيراً حَولَهُمْ وبعضَ الكَتَبَة يُجادِلونَهُم. فما إن أبصَرَهُ الجمعُ حتَّى دَهِشوا كلُّهُم وسارعوا إلى السلامِ عليهِ. فسألَهُم : " فيمَ تُجادِلونَهُم ؟ "


فأجابَهُ رَجُلٌ مِنَ الجَمعِ : " يا مُعَلِّم، أَتَيْتُكَ بابنٍ لي فيهِ روحٌ أبْكَم، حيثُما أَخَذَهُ يَصْرَعُهُ، فيُزبِدُ الصَبيُّ ويَصرِفُ بأسنانِهِ ويَتَشَنَّج. وقد سألْتُ تلاميذَكَ أن يَطردوهُ فلَمْ يستَطيعوا ". فأَجابَهُم : " أيُّها الجيلُ الكافِر، حتّامَ أبقى معَكُم ؟ وإلامَ أحتَمِلكُم؟ عليَّ بِهِ ". فأَتَوهُ بهِ. فما إِنْ رآهُ الروحُ حتّى خَبَطَهُ، فوقَعَ على الأرضِ يتَمَرَّغُ ويُزبِد.

فسألَ أباهُ : " منذُ كَمْ يَحدُثُ لـهُ هذا ؟ " قال : " منذُ طفوليّتهِ. وكثيراً ما ألقاهُ في النارِ أو في الماءِ ليُهلِكَهُ. فإذا كُنتَ تستَطيعُ شيئاً، فأشفِق علينا وأعِنّا ". فقالَ لـهُ يسوع : " أتَقولُ : إذا كُنتَ تستطيع ؟ إنَّ المؤمِنَ يستَطيعُ كُلَّ شيء ".


فصاحَ أبو الصَبيّ مِن ساعَتِهِ : " آمَنتُ، فشَدِّدْ إيمانيَ الضعيف ". ورأى يسوعُ الجمعَ يزدَحِمون، فانتَهَرَ الروحَ النَجِسَ وقالَ لـهُ : " أيُّها الروحُ الأخرَسُ الأصَمّ، أنا آمُرُكَ، اخرُجْ مِنهُ، ولا تَعُدْ إليهِ ". فصَرَخَ وخَبَطَهُ خَبْطاً عنيفاً وخَرَجَ مِنْهُ. فعادَ الصَبيُّ كالمَيْت، حتّى قالَ أكثَرُ الناس : " إنّهُ قد مات ". فأَخَذَ يسوعُ بيدِهِ وأَنْهَضَهُ فقام. ولمَّا دَخَلَ الدار خلا بِهِ تلاميذُهُ وسأَلوهُ : " لماذا لم نستَطِع نحنُ أنْ نَطْرُدَهُ ؟ "


فقالَ لَهُم : " إنَّ هذا الجنس لا يُطرَدُ إلاّ بالصلاةِ والصوم ". (مرقس 9/14-29)



عَجْزُ التلاميذ التسعة عن شفاء الغلام المريض

بعدما تجلّى يسوع نزل من الجبل وجاء إلى تلاميذه التسعة، فرأى جمعاً ملتفّاً حولهم وبعضَ الكتبة يباحثونهم ويجادلونهم. فطرح عليهم هذا السؤال : " فيمَ كنتم تجادلون الكتبة ؟ " كان الجدل قائماً بينهم وبين الكتبة في شأن غلامٍ مُصاب بمرض الصَرْع قد استولى عليه الشيطان. كان أبوه قد عرضه عليهم وطلب منهم أن يُخرِجوا منه الشيطان. فلجأوا إلى السلطة التي كان يسوع قد أعطاهم إيّاها على إخراج الشياطين.

ولكنّهم لم يستطيعوا أن ينقذوا الغلام من سيطرة إبليس. وقد أثار عجزهم ضغينة الكتبة على يسوع واستهزاءهم بالسلطة التي منحهم إيّاها، فقام جدلٌ بين الطرفين، فأخذ التلاميذ يدافعون عن يسوع، وجعل الكتبة ينتقدونه بعنف، والناس المجتمعون حولهم يستمعون إلى هذا الجدل المحتدم.



قال يسوع: أيّها الجيل الكافر

وبرز من الجمع أبو الصبيّ وجاء بابنه إلى يسوع وقال له : " ها إني أقدّم لك ابنيَ المريض. لقد سألتُ تلاميذَكَ في غيابك أن يشفوه فلم يستطيعوا ".

وأوضح يسوع للأب وللواقفين حولَهما سببَ استمرار استيلاء الشيطان على هذا الغلام فقال : " أيها الجيل الكافر. ترفضون الإيمان بالله وتعيشون عيشة الخطيئة. لقد فتحتم بذلك للشيطان المجال الواسع لكي يستولي على هذا الغلام ويأبى الخروج منه. فمتى تتوبون وترجعون إلى الله؟ "



مفعول الإيمان بقدرة يسوع

إن هذا التوبيخ الذي صدر عن يسوع هزَّ أبا الصبي هزّاً قويّاً، فقال ليسوع : " إذا كنتَ تستطيع شيئاً فأشفقْ علينا وأعِنّا ". أجابه يسوع وقال : " أتقولُ : إذا كنتَ تستطيع ؟ إنَّ المؤمنُ يستطيعُ كلَّ شيء ". بهذا القول بيّن مفعول الإيمان وأهميّته. فالإيمان الذي يستطيع أن ينقل الجبال قادِرٌ على أن يُخرج الشيطان مهما كان عنيداً.



وشعر أبو الصبي بأنّ إيمانه ضعيف فصاح : " إنّي أُؤمن. فشدّدْ إيمانيَ الضعيف ". إنّ يقظة الإيمان في قلب الوالد قد أثّرت في نفس يسوع تأثيراً بليغاً، فاستجاب طلبه وطرد الشيطان من جسم الصبي، وأعاد إليه الصحّة الكاملة، وبرهن بهذه المعجزة عمّا قاله منذ لحظات : " المؤمنُ يستطيعُ كلَّ شيء ".

لماذا لم نستطعْ نحنُ أن نُخرِجَهُ ؟

وبعدما شفى يسوع الغلام المريض غادر المكان مع تلاميذه ودخل أحد البيوت وانفرد بهم. فسألوه قائلين " لماذا لم نستطعْ نحنُ أن نُخرِجَهُ، مع أنّك قد أعطيتنا السلطة على إخراج الشياطين ؟ " فأجابهم :

" إنّ الشياطين أجناسٌ مختلفة. فبعضُهم شرٌّ من غيره. وهذا الجنس الغارق في الشرّ لا يخرُج من جسم الممسوس إلاّ إذا صلّيتم ومارستم أعمال التقشّف والتوبة. وهذا ما لم تفعلوه. لقد اتّكلتم على قوّتكم، فعاندكم الشيطان وخذلكم ورفض أن يطيعكم ويخرج. فلبسكم الخجل أمام الناس المتجمهرين حولكم".



الشيطان يلاحق المسيحي بالتجارب

إنّ الشيطان الذي قهرته قوّة يسوع الإلهيّة لا يُقرّ أبداً بانهزامه أمام الإنسان، مهما كان هذا الإنسان صالحاً وتقيّاً، ولا يدعه يستريح ويطمئنّ إلى صلاحه وتقواه. فهو?َ يلاحقه بالتجارب من دون هوادة، ويغتنم الفُرص الملائمة لكي يدفعه إلى الكبرياء والحسد والشهوة الفاسدة والكَذِب والطمع والثورة على إرادة الله وعَدَم مُمارسة الواجبات الدينيّة.

إنّه يعرف ميول كلّ إنسان وطباعه ومواطن ضَعفه البشري فيضربه على "الوتر الحسّاس" ويهزّ فيه مشاعره الداخليّة، ويهيّج في نفسه حساسيَّاته وشهواته، ويدفعه إلى ارتكاب الخطيئة. ومتى ارتكبها زيّنها له لينغمس فيها أكثر فاكثر، ويحيا حياة الخطيئة المستمرّة.



إنّ هذا الوصف ليس وصفاً خياليّاً، بل هو وصفٌ واقعي، فكلّنا نشعر بمهاجمة الشيطان وملاحقاته المتكرّرة بالتجارب المتنوّعة، فنساير إغراءه في ٍ بعض الأحيان، ونستسلم إلى ميول قلوبنا الفاسدة، ونرتكب الخطايا الكثيرة.



ضرورة اللجوء إلى يسوع

يشعر بعض المسيحيّين الخطأة، في أوقات الهدوء التي يعكفون فيها على التفكير في وضعهم الديني، بأنّهم من جماعة الهالكين المحكوم عليهم بالعذاب الأبدي، لأنّهم يعيشون عيشة الخطيئة المتواصلة، ولا يستطيعون التخلّص من قيودها الحديديّة، فيستسلمون إلى اليأس العميق، ويحيَون حياةً داخليّة كئيبة، على الرَّغم من مظاهر البهجة المصطَنعة التي يتظاهرون بها أمام الناس. إن سبب يأسهم هو أنّهم مقتنعون بأنهم ضعاف أمام قوّة تجارب إبليس، وليس لهم من ينقذهم من سلطانه عليهم.



إنّ هؤلاء المساكين يجهلون ما عمله أبو الصبيّ المريض. لقد التجأ إلى يسوع ونال منه شفاء ابنه. إنّهم بحاجة إلى دليلٍ أمين ? من الكهنة أو من العلمانيين الصالحين ? لكي يقودَهم إلى يسوع، فيطّلعون من فمه الإلهي على الوسائل الروحيّة الفعّالة التي تزيل عن قلوبهم ثقلَ اليأس والخوف من المستقبل الرهيب.

<H1>التطبيق العملي


</H1>

يعرف يسوع ضَعفنا البشري وقوّة تجارب الشيطان فيدلّنا على الوسائل التي نتمكّن بها من التغلب عليها. وإليكم أهمّها:

- الصلاة : " اسهروا وصلّوا لئلاّ تدخلوا في التجربة "

(متى 26/41)

- الإيمان : " قمْ فامضِ بسلام. إيمانُك خلّصك " (لوقا 17/19)

- حِفظُ الوصايا : " إنْ أردْتَ أن تدخُلَ الحياة فاحفظِ الوصايا"

(متى 19/17)

- طلب مؤازرة يسوع : " بدوني لا تَستطيعون أن تعملوا شيئاً "

(يوحنَّا 15/5)

فمَنْ سمِعَ كلام يسوع بأُذُنٍ صاغية وقلبٍ منفتح، وعَمَدَ إلى تطبيقه في حياته الروحيّة تمكّن من التغلّب على تجارب الشيطان، وحافظ على نقاوة نفسه وصحّتها، وعاش مع يسوع صديقاً له حتّى في أحلك الأوقات وأصعبها.

إنّ القدّيسين، حتّى الكبار منهم، عانَوا الكثير من تجارب الشيطان. ولكنّهم استطاعوا أن يتغلّبوا عليها لأنّهم لم يكتفوا بعزيمة إرادتهم ومقاصدهم الصالحة، بل لجأوا بصلواتهم وتقشّفاتهم إلى قوّة يسوع الذي كان يمنحهم نعمته الفعاّلة.




Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:21 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع أُذُنَ عبد رئيس الكهنة

http://www.peregabriel.com/gm/albums...f-Jesus-13.jpg



نصّ الإنجيل

وبينَما يسوع يتَكَلَّم إذا عِصابَةٌ يتَقَدَّمُها المدعُوُّ يَهوذا أحَدُ الاثنَيْ عَشَر، فدَنا من يسوعَ ليُقَبِّلَهُ. فقالَ لهُ يسوع : " يا يهوذا أبِقُبلَةٍ تُسلِمُ ابنَ الإنسان ؟


" فلمَّا رأى أصحابُهُ ما أوشَكَ أن يَحدُثَ قالوا : " رَبَّنا، أنَضْرِبُ بالسيفِ ؟ " وضَرَبَ أحَدُهُم عبدَ عظيمِ الأَحبار فَقَطَعَ أُذُنَهُ اليُمنى. فأجابَ يسوع : " قِفوا عِندَ هذا الحَدّ ! " ولَمَسَ أُذُنَهُ فأَبرأَها.(لوقا 22/47-52)


الدين المسيحي يرفض العنف


لمّا ضرب أحد التلاميذ بالسيف عبد رئيس الكهنة وقطع أُذُنَه اليمنى أوقفه يسوع، ثم أبرأ الأُذُنَ المقطوعة، فأوضح بذلك أن الدين المسيحي لا يجابه العنف بالعنف، لأنّ العنف لا يحلّ مشكلات الناس.

فهناك طريقة أفضل محبّبة إلى قلب الله وقلوب الناس الحكماء، وهي إقامة الحوار بين الناس وممارسة المحبّة والعدالة.

إقامةُ الحوار والعدالة والمحبّة

إنّ للعنف السائد في العالم أسبابَهُ الجوهريّة، وهي الظلم والتعدّي وسلب حقوق الآخرين، وتشويه العلاقات الإنسانيّة بين الناس، ورفض الحوار بكلّ أشكاله، القريبة والبعيدة، المباشرة وغير المباشرة.

فالعالَم اليومَ طبقتان، غنيّة وفقيرة، مسيطِرة ومُستعبَدة، حاكِمة ومَحكومة، مرفَّهة ومحرومة. فالطبقة الفقيرة ترى نفسها محرومة من حقوقها الأساسيّة، فتُريد أن تثور على الطبقة المسيطرة الغنيّة.


ولكنّها عندما ترى أنّها عاجزة عن القيام بالثورة، أو أن ثورتها لا تجدي نفعاً ولا تجلب لها حقوقها المسلوبة تلجأ إلى العنف الشديد لتُعبّر عن نقمتها وغضبها. وهذا العنف الشديد ينقلب إرهاباً، تُستعمل فيه المتفجّرات، وقتل المدنيّين الأبرياء، وخطف السيّاح، وضرب البُنى التحتيّة للبلد الذي يعيشون فيه، وغير ذلك من الأساليب المُدمِّرة.

إن الحلّ الصحيح لا يقوم على مجابهة الإرهاب بالإرهاب، بل على الحوار المتبادَل والعدالة والمحبّة بين البشر. فلا يحقّ لبعضهم أن يتنعّموا وحدَهم بخيرات الأرض ويتركوا الآخرين جياعاً ومحرومين، بل يجب عليهم أن يُقاسِموهم خيراتِهم لكي يسود بين الجميع العدل السلام والوفاق والتفاهم.



التطبيق العملي

1- إنّ العنف المنتشر اليومَ في العالم نبّه الشعوب كلّها، الغنيّة والفقيرة، إلى وجود نظامٍ اقتصادي عالمي مشوّه، لا يعرف الحوار ولا العدالة ولا المحبّة.

إنّ الكنيسة لا تصطف إلى جانب الأغنياء ولا إلى جانب الفقراء، بل إلى جانب الحوار والعدالة والمحبّة. إنّها تناشد الجميع، ولا سيّما الدول الغنيّة والطبقات المرفّهة أن تتفهّم أوضاع الدول الفقيرة والطبقات المحرومة،


وتكُفَّ عن استغلالها، وتؤازرَها على أن تتغلّب على بؤسها بإقامة مشاريع إنمائيّة كفيلة بأن تؤمّن لها المداخيل الثابتة التي تمكّن الفقراء من أن يتخلّصوا من فقرهم ويعيشوا عيشةً كريمة.

إنّها تشعر بمقاومة الأغنياء ولا مبالاتهم، فتًلِحُّ عليهم أن يُصغوا إلى صوت الله الذي يدعوهم إلى أن يُحبّوا الآخرين حُبَّهم لأنفسهم.

2- أيّها المسيحي راقبْ نفسَك. فإذا كنت غنيّاً فلا تقسُ على الفقير والمُحتاج. وإذا كنتَ فقيراً فلا تستسلمْ إلى الحقد والانتقام، بل اعمَلْ بِجِدٍّ ونشاط لكي تتخلّص من الفقر وتحيا حياةً إنسانيّة شريفة. وإذا كنت وسطاً فاشكر الله على عطاياه، وتطلّعْ إلى ما حواليْكَ من الفقراء لتساعدهم على قدْرِ طاقتكَ.

3- أيّها المسيحي، اقتدِ بالمسيحيّين الأوّلين. كانوا يعيشون حياة المحبّة المتبادَلة ويُساعدون بعضهم بعضاً مساعدةً فعّالة بحيث لم يكن بينهم متسوّلٌ أو محتاج.


فكانت القاعدةُ في تعامل بعضهم مع بعض المحبّةُ الحقّةُ الفعّالة.(أعمال الرسل 4/34)

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:22 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع عشَرة رجال بُرْص

http://www.peregabriel.com/gm/albums...rous-thumb.jpg

نصّ الإنجيل

وبينَما يسوعُ سائرٌ إلى أورشليم، مرَّ بِجانِبِ السامِرةِ والجليل. وعِندَ دخولِهِ بعضَ القُرى، تلقّاهُ عَشَرَةٌ مِنَ البُرْصِ، فوَقَفوا على بُعدٍ مِنْهُ، ورَفَعوا أصواتَهُم.


قالوا : " رُحْماكَ يا يسوع يا مُعَلِّم ! " فلمَّا وَقَعَ نَظَرُهُ عَليهِم قالَ لَهُمْ : " أُمضوا إلى الكَهَنَة فأَروهُم أنفُسَكُم ". وبينما هُم ذاهِبون بَرِئوا.

فلَمّا رأى واحِدٌ مِنْهُم أنَّهُ قد برِئ، رجعَ وجعَلَ يُمَجِّدُ اللهَ بأعلى صَوتِهِ، وأَكَبَّ لوجهِهِ على قَدَميْهِ يَشكُرُهُ، وكانَ سامريّاً. فقالَ يسوعُ:" أليسَ العشَرَةُ قد برِئوا فأينَ التسْعَة أما كانَ فيهم مَنْ يرجِعُ ويمجِّدُ اللهَ سوى هذا الغريب ؟ " ثُمَّ قالَ لَهُ : " قُمْ فامضِ، إيمانُكَ أبرأَكَ".


(لوقا 17/11-19)

البُرْص المُصابون بالنجاسة الشرعيّة

مَنْ هؤلاء البُرْص العشرة تسعةٌ منهم كانوا يهوداً، وواحِدٌ كان سامريّاً. واليهود والسامريّون أعداء، يرفضون كلّ جِوار، وكلَّ تعايش مشترك، وكلّ زواج مختلط. وعلى الرَّغم من هذه العداوة المتأصّلة فيهم منذ عدّة قرون، فقد انضمّ السامريّ الأبرص إلى اليهود التسعة البُرْص، لانّ المرض المشترك بينهم دفعه إلى أن ينسى العداوة ويعيش معهم .

كان العشرة يقضون حياتهم بمُقتضى شريعة موسى، منعزلين عن الناس وبعيدين عن قُراهم، لا لأنّهم كانوا يعرفون أنّ في البَرَصِ عدوى تنتقل من الإنسان المريض إلى الإنسان الصحيح، بل لأنّ شريعة موسى كانت تعتبر أنّ الأبرَص مُصابٌ بالنجاسة الشرعيّة، وأنّ من كان نجِساً لا يحقّ لـه أن يعيش مع الأطهار الشرعيّين، خشيةَ أن يلمسوه فتنتقل إليهم النجاسة.

وعلى الرَّغم من انعزال هؤلاء البُرْص العشرة عن السكّان، فقد وصلت إليهم الأخبار أنّ يسوع نبيٌّ عظيم، وأنّه يتمتّع بقُدرةٍ فائقة على شفاء الأمراض كلّها، بلمسةٍ واحدة أو بكلمةٍ واحدة يتفوّه بها ولو عن بُعْد.

وبَلَغَهُم أيضاً أنّ يسوع يتجوّل مع تلاميذه بين الجليل والسامرة، في المنطقة التي كانوا يسكنون فيها، يعلّم الناس وهو سائر إلى أورشليم. فتوجّهوا إليه ورأوه من بعيد وهو يدخل قريةً صغيرة.

http://www.peregabriel.com/gm/albums...the-leperd.jpg

صرخة الإيمان شفت المرضى

ما كاد البُرْص العشرة يرونه حتى أخذوا يصرخون عن بعدٍ بأعلى أصواتهم: " رُحماكَ يا يسوع المعلّم ". لقد فهم يسوع معنى هذه الصرخة. إنّهم كانوا يطلبون منه مُعجِزةً تشفيهم وتخلّصهم من آلام البَرَص وعار النجاسة، وتُمَكّنهم من العودة إلى بيوتهم وأُسَرِهم.

وسمع يسوع أصواتهم والتفت إليهم فرآهم فرقَّ لحالهم وأمرهم بصوتٍ عالٍ أن يذهبوا إلى الكهنة ويعرضوا عليهم أمر شفائهم، وهذا ما كانت تأمر به الشريعة الموسويّة. فمن نال الشفاء من بَرَصه، لا يحقّ له أن يرجع إلى بيته إلاّ بعد أن يطّلع الكهنة على حقيقة شفائه ويحظى منهم بشهادة شرعيَّة تُثبت شفاءه.

ولمّا سمع البُرْص العشرة أمر يسوع بالذهاب إلى الكهنة آمنوا بكلامه وتوجّهوا إلى مجمع تلك المنطقة ليُطلعوا الكهنة على شفائهم. وما كادوا يسيرون بضعَ خطوات حتّى شعروا بأنّ آلام البَرَص قد زالت عنهم، وأنّ أجسادهم أصبحت نقيّة سليمة، لا أثر فيها للبُقَع السوداء ولا لتآكل المرض الخبيث.

هكذا كان مفعول صرخة الإيمان. لقد حرّكت عاطفة الرأفة في قلب يسوع فأشفق عليهم وشفاهم.

أليس العشرة قد برئوا ؟ فأين التسعة ؟

شفى يسوع البُرْص العشرة. فلم يشعر منهم بضرورة تمجيد الله ورفع عاطفة الشكر إلى يسوع إلاّ واحِدٌ فقط، وهو السامري. فترك رفاقه ورجع إلى يسوع وارتمى على قدمَيْه وشكر لله نعمته بصوتٍ عالٍ.

فتأثّر يسوع بما أبداه من عاطفة رقيقة ومعرفة الجميل، فقال:" أليسَ العَشَرةُ قد برئِوا فأينَ التسعة"

لم يكن يسوع يريد بهذا القول أن يَفرُضَ على البُرْص التسعة الذين طهروا العودةَ إليه والتعبيرَ عن شكرهم لإحسانه، بل كان يريد أن يرفعوا الحمد لله على النعمة التي حصلوا عليها من ابنه يسوع المسيح.

إيمانُكَ خلّصَكَ

وأوضح يسوع للسامري أهمّية الإيمان فقال له : " إيمانُكَ خلّصكَ ". وقد أراد بذلك أن يقول لنا إِنَّ مَنْ طَلبَ بإيمان نال الخلاص.

والخلاص الذي ذكره يسوع لا يعني الخلاص من مرض الجسد فحسب، بل الخلاص من مرض النفس، وهو الأهم، لأن خلاص النفس يؤدّي بالإنسان إلى السعادة الأبديّة التي أعَدَّها الله منذ الأزل ليتمتّع بها بعد حياته على الأرض.

الإشارات الثلاث الكبرى

لمّا شفى يسوع البُرْصَ العشرة أبدى ثلاث إشارات كُبرى لفت إليها انتباه المسيحيّين، وهي :

الإشارة الأولى : ضرورة الإيمان بيسوع.

آمن البُرْص بكلام يسوع فنالوا الشفاء. اغتنم يسوع هذه المناسبة وأوضح أهمّية الإيمان فقال للسامري الذي برئ:" إيمانكَ خلّصكَ ". لقد أراد بهذا القول أن نؤمنَ بشخصه الإلهي وقُدرته اللاّمحدودة، ونحيا حياةً روحيّة سليمة لا يشوّهها بَرَصُ الخطيئة ، ونعبّرَ لـه عن إيماننا بما قاله البُرْص العشرة " رُحماكَ يا يسوع المُعلّم ". إنّها صرخة الإيمان نرفعها إلى يسوع صديقنا الأعظم فيُعيد إلينا صحّتنا الروحيّة المفقودة، بشرط أن يكون إيماننا به إيماناً فعّالاً.

ولا يكونُ إيمانُنا إيماناً فعّالاً قادراً على التأثير في قلب يسوع إلاّ إذا كان مقروناً بالمحبّة، أيْ محبّة الله ومحبّة الآخرين (غلاطية 5/6) . والمحبّة لله لا تقوم بالكلام والعاطفة، بل بحفظ الوصايا وتقديم الخدمة التي يحتاج إليها إخوتنا المتألّمون.

الإشارة الثانية : ضرورة إبداء الشكر ليسوع

عندما نكون محتاجين إلى نعمةٍ ضروريّة نسأل يسوع بإلحاح أن يستجيب لنا، ونطلبها منه أحياناً بالبكاء والصراخ. ولسنا على خطأ عندما نعرض طلبنا عليه. فقد قال لنا " اطلُبُوا ". ولكن متى حصلنا عليها ننسى، في غالب الأحيان، أن نقول لـه:" نشكر لك يا يسوع حبّك لنا وعطفك علينا".

إنّ صلاة الطلب، وإنْ هي محبّبةٌ إلى قلبه، تقتضي منّا أن نقوم بعد نيل النعمة المطلوبة بصلاة الشكر. فيسوع يريد أن نرفع آيات الشكر والحمد لا ليمجّد ذاتَه، بل ليمجّد آباه السماوي. لقد مدح السامري الذي ارتمى على قدمَيْه وشكر لله نعمته، واشتكى من نكران الجميل الذي أبداه البُرْص التسعة بعد شفائهم من مرضهم.

ويجدر بنا أن نلمّح هنا إلى موقف الكثيرين من المسيحيّين الذين يتناولون القربان الأقدس، ثمّ يخرجون فوراً من الكنيسة من دون أن يتفوّهوا بكلمة شكرٍ ليسوع الذي أحبّهم وجاء إليهم وسكن في قلوبهم.

الإشارة الثالثة : بلوغ الخلاص الأبدي

ذكر يسوع هذه الإشارة عندما قال للسامري " إيمانُكَ خلّصكَ ". إنّ الخلاص في قول يسوع لا يعني التخلّص من المحنة الأرضيّة التي نتألّم منها فحسب ، بل يعني بنوعٍ خاص بلوغ الخلاص، أيْ التمتّع بالسعادة الأبديّة في السماء، بعد سلوك الحياة النقيّة على الأرض.



التطبيق العملي



1- إنّ النجاسة الشرعيّة لا تزال قائمة في الدين اليهودي. أمّا في الدين المسيحي فلا وجود لها إطلاقاً. فإنّ كلّ ما خلقه الله طاهِرٌ نقيّ لا ينجّس الإنسان. وقد أشار بولس الرسول إلى نواهي الدين اليهودي الشرعيّة " لا تأخذْ، لا تذُقْ، لا تلمُسْ " فقال فيها إنّها وصايا ومذاهب بشريّة لا قيمة لها لأنّها غير صالحة إلاّ لإرضاء الأهواء البشريّة.


(قولُسّي 2/22)

2- ليس للكاهن المسيحي أيُّ دورٍ طبّي كما كان للكاهن اليهودي. إنّ للكاهن المسيحي دوراً أسمى، وهو دورٌ روحيّ، فيشفي النفوس المريضة بالخطيئة، ويؤمّن حاجات المؤمنين الدينيّة، ويشجّعهم على تتميم واجباتهم الروحيّة.


3- تمسّكْ في سلوكك الفردي بالإشارات الثلاث التي ذكرها يسوع، وهي الإيمان والشكر والسعي للخلاص الأبدي. إنها تساعدك على أن تعيش حياةً مقدّسة.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:22 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
صنع يسوع المعجزات الكثيرة

التي تنبّأ عنها أَشَعيا النَّبي

http://www.peregabriel.com/gm/albums...USROUNDSAC.jpg

نصّ الإنجيل

وأخبَرَ يوحنَّا تلاميذُهُ بهَذِهِ الأمورِ كلِّها، فدعا اثنَيْنِ مِنْ تلاميذِهِ وأوفَدَهُما إلى الربِّ ليَقولا لَهُ : " أأنتَ الآتي ؟ أم نَنتَظرُ آخَرَ ؟ " فلَمَّا مَثَلَ الرجُلانِ بينَ يدَيْهِ قالا لَـهُ :


" إنّ يوحنَّا المَعْمَدان أوفَدَنا إليكَ لنقولَ : أأنتَ الآتي ؟ أمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ ؟ ".

فشَفى يسوع في ذَلِكَ الحينِ أُناساً كثيرينَ مِنَ الأمْراضِ والعِلَلِ والأرواحِ الخَبيثَةِ، ورَدَّ البَصَرَ لكثيرٍ مِنَ العُميان، ثُمَّ أجابَهُما :


" اذهَبا فأخْبِرا يوحنَّا بِما سَمِعْتُما ورأيْتُما : فإنَّ العُميَ يُبصِرون، والكُسْحانَ يَمْشون، والبُرْصَ يَبْرأَون، والصُمَّ يَسْمَعون، والمَوتى يَقومون، والفُقَراءَ يُبَشَّرون. وطوبى لِمَنْ لا يَشُكُّ فيَّ ". (لوقا 7/18-23)


انعزال يوحنَّا المعمدان في السجن


كان يوحنَّا المعمدان سجيناً في مغارةٍ حُفِرت تحت قصر هيرودس الملك. وكان سجنه قاسياً جدّاً فقطعه عن العالم الخارجي. ومع ذلك كان تلاميذه يأتون إليه في بعض الأوقات وينقلون إليه الأخبار عن يسوع وعن معجزاته ومواعظه، وعن إقبال الناس إلى الاستماع إليه.

إنّ الانعزال الشديد الذي فُرِض على يوحنَّا وهو مقيّدٌ في المغارة المُظلِمة قد أثّر في ذهنه تأثيراً سيّئاً. لقد عمَّد يسوع، ورأى روح الله ينزل عليه، وسمع صوت الله الآب يشهد لـه بأنّه ابنه الحبيب، وأعلن أمام الجميع،


وهو يعظ على ضفّة نهر الأردن، أنّ يسوع حملُ الله، وأنّه المسيحُ عريسُ الكنيسة. كان إيمانه آنذاك كالصّخر لا يتزعزع. ومع ذلك، فإنّ الوحدة الموحِشة التي كان يعيشها أنشأت في قلبه الاضطراب، وزرعت في عقله الشكَّ برسالة يسوع. وأراد أن يتخلّص من وخز هذا الشكّ المؤلم، فاختار اثنين من تلاميذه وأرسلهما إلى يسوع ليطرحا عليه هذا السؤال الخطير:

" أأنتَ الآتي أم ننتظرُ آخرَ ؟ " أيْ، هل أنتَ المسيحُ الذي تنبَّأَ عنه الأنبياء، أم ننتظر رجلاً آخر يكون هو المسيح ؟




رسولا يوحنَّا شاهدا معجزات يسوع

وانطلق الرسولان من السجن وجاءا إلى يسوع ليطرحا عليه سؤال يوحنَّا المعمدان. فلمّا وصلا إليه رأيا جمهوراً غفيراً يحيط به ويزحمُهُ، وبينهم كثيرون من المرضى وذوي العاهات والممسوسين، وهم يسترحمونه ويسألونه الشفاء من أمراضهم وعاهاتهم وأوضاعهم البائسة.

فلم يتمكّنا من التحدّث إليه بسبب الازدحام، فوقفا يشاهدان المعجزات التي كانت تتدفّق من يدَيْه الإلهيتَيْن وتشفي جميع المعذَّبين. ولمّا انتهى يسوع من صنع مئات المعجزات، وخفّ الضغط عليه من قِبَلِ الجمع، أقبلا إليه وقالا له : " أرسلَنا إليك يوحنَّا المعمدان السجين، وهو يطرح عليك هذا السؤال : أأنتَ الآتي أم ننتظر آخر ؟ "


جواب يسوع استند إلى معجزاته

لم يُجب يسوع عن سؤال يوحنَّا مباشرةً بقوله : " بلى ! أنا الآتي، أنا المسيحُ الموعود، وقد جئتُ إلى العالم "، بل أشار إلى نبوءة أشعيا النَّبي التي ذكرت معجزات المسيح الكثيرة. إنّ هذه المعجزات تقول لِمَنْ يريد أن يفهم معناها : " إنّ من يصنعها هو المسيح الموعود ".


لذلك قال يسوع للرَسولَيْن : اذهبا واخبرا يوحنَّا بما سمعتما ورأيتما. فإنّ العميَ يبصرون، والكسحانَ يمشون، والبُرْصَ يبرأُون، والصُمَّ يسمعون، والموتى يقومون، والفقراء يُبَشَّرون.


وطوبى لمن لا يشكُّ فيَّ " . إنَّ المُعجزات الكثيرة التي صنعها يسوع، كما تنبّأَ عنها أشعيا النّبي، أزالت عن قلب يوحنَّا المعمدان كلَّ شك، وأعادت إليه الإيمان الوطيد الذي كان يتأجّج فيه يومَ عمَّدَهُ في الأردن.


http://www.peregabriel.com/gm/albums...images8525.jpg

طوبى لمن لا يشكُّ في يسوع المسيح

إنّ الشكَّ يهدم الإيمان، ويُدمّر المحبَّة، ويُبعد المسيحي عن يسوع. لقد شكَّ يوحنَّا بيسوع لا لأنّه تخلّى عن الإيمان به والمحبَّة لـه، بل لأنّه ابتعد عنه بُعداً ماديّاً في سجنه العميق، فلم يعد يشعر في نفسه،


بسبب هذا الانعزال الرهيب، بحرارة القرابة الروحيّة التي كانت تشدّه إلى يسوع، وتُنعش إيمانه ومحبّته. هكذا كلُّ من ابتعد عن يسوع بُعداً روحيّاً، غزا الشكّ قلبه فتزعزعَ إيمانُهُ وانطفأَ فيه لهيب المحبَّة.

إنّ المسيحي يبتعد عن يسوع متى أهمل الصلاة اليوميّة، والقيام بواجباته الدينيّة، وأعرض عن سلوك حياة التقشّف، والخدمة، وتقديم المثل الصالح والمحافظة على وصايا الله، ولا سيّما وصايا العدل والمحبّة والأخلاق السليمة.

وهنأَ يسوع كلّ مسيحي لا يشكّ فيه، بل يتمسّك بإيمانه وإخلاصه لـه. فمن تغلّب على الشكّ كان من أخصّاء يسوع وأحبّاءه : "وطوبى لِمَن لا يشكُّّ فيَّ ".




التطبيق العملي


1- إنّ أسباباً كثيرة تُنشئ الشكّ في قلبك، أيّها المسيحي، أهمُّها القراءاتُ التي تحارب الإيمان المسيحي، والابتعادُ عن سماع كلام الله، وعدمُ التأمّل في أقوال الإنجيل، ومعاشرةُ الرفاق المُلحدين واللاَّمبالين بشؤون الدين. فأحذرْ هذه الأخطار التي تهدّ أركان إيمانكَ بيسوع، وتُبعدكَ عنه بُعداً روحيّاً، وتُزيل عن قلبك المحبّة له.




2- إنّ بعض المسيحيّين يشكّون في معتقدات الدين المسيحي لأنّهم لا يفهمونها. إنّ هذه المعتقدات تعبّر عن حياة الله الداخليّة، وعن مخطّطه الإلهي في سبيل خلاص الإنسان، وعن شخصيّة يسوع الفائقة الوصف، وهي حقائق روحيّة أسمى من أن يستوعبها عقل الإنسان المحدود.


إن الموقف الديني الصحيح هو أن نؤمن بها وإنْ كانت تفوق إدراك عقولنا لأنّها تعبّر عن الوحي السماوي الذي أطلعنا عليه يسوع المسيح. فهو الإله الصادق الذي لا يغشّ ولا يتسرّب إليه الغشّ.


فنحن نؤمن بالوحي الإلهي الذي جاءَ به يسوع، لا لأنّه على مستوى عقولِنا الضعيفة، بل لأنّه كلامُ الله والحقيقة الكامِلة النازلة من السماء.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:22 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
مشى يسوع على الماء وشفى المرضى الكثيرين

http://www.peregabriel.com/gm/albums...normal_015.jpg

نصّ الإنجيل

واضطرَّ يسوع التلاميذَ عندئذٍ أن يركَبوا السَفينَةَ ويتَقَدَّموهُ إلى الشاطئِ المُقابِلِ حتّى يصرِفَ الجَمع. ولَمَّا صَرَفَهُم صَعِدَ الجَبَلَ ليُصَليَّ في العُزْلَة. وكان في المساءِ وحْدَهُ هُناكَ. وأمَّا السفينةُ فقد بَلَغَتْ عُرْضَ البَحْرِ وطَغَتْ الأمواجُ عليها، لأنَّ الريحَ كانت مخالِفَةً لها.


فعِندَ الهَزيعِ الرابِعِ مِنَ الليلِ، جاءَ إليهم ماشياً على البَحر. فلمّا رآهُ التلاميذُ ماشياً على البَحْرِ اضطَرَبوا وقالوا : " هذا خيال ! ". واستولَى علَيْهم الخَوفُ وصَرَخوا. فبادَرَهُم يسوعُ بقَولِهِ: " سكِّنوا رَوعَكُم. أنا هو، لا تخافوا ". فأجَابَهُ بطرس: " رَبِّ، إنْ كُنتَ إيّاه، فمُرْني أنْ آتيَ إليكَ على الماء ". فقالَ لَهُ : " تعالَ ". فنَزَلَ بطرُسُ مِنَ السَفينَةِ يمشي على الماءِ آتياً نحوَ يسوع.


ولَكِنَّهُ خافَ عِندَما رأى شِدَّةَ الريحِ فأخَذَ يَغْرَق، فصَرَخَ : " رَبِّ، نَجِّني ". فمَدَّ يسوعُ يدَهُ مِنْ ساعَتِهِ وأمسَكَهُ وهوَ يقولُ لهُ : " يا قليلَ الإيمان، لماذا شكَكْتَ ؟ " ولَمَّا ركِبا السفينةَ، سَكَنتِ الريحُ . فسَجَدَ لهُ الذينَ كانوا في السفينةِ وقالوا : " أنتَ ابنُ اللهِ حقّاً ". وعَبَروا حتّى بَلَغوا البَرَّ عِندَ جَنِسارِت. فَعَرَفَهُ أهلُ تِلكَ البَلْدَة، فأرسَلوا بالخَبَرِ إلى تِلكَ الناحيَةِ كلِّها، فأتَوْهُ بجَميعِ المرضى، وأخَذوا يسأَلونَهُ أنْ يَدَعَهُم يلمِسون هُدْبَ رِدائِهِ، فكانَ الذي يَلمِسُهُ يبرأ. (متّى 14/22-26)

نشر ملكوت الله يتطلّب الجَهد والتعب

كثَّرَ يسوع الخُبز والسمك في البَّرّية ثمّ أمَرَ تلاميذه بأن يركَبوا السفينة ويسبقوه إلى الشاطئ المقابل القريب من قرية بيت صيدا، وصرف الجموع، وصَعِد الجبلَ وحدَه، واستسلم إلى الصلاة حتّى بعد منتصف الليل.

كان يسوع يعرف أنّ الريح كانت معاكسة، وانّ ركوب البحر في هذا الظرف أمرٌ شاقّ. فلمّا أقبل الظلام واشتدّت الريح قضى التلاميذ قسماً كبيراً من الليل وهم يجذّفون سفينتهم، فلم تتقدّم إلاّ مسافةً قصيرة.

لقد أراد يسوع أن يقوموا بهذا الجَهد المُضني ليطبع في قلوبهم منذ ذلك الحين عادة قبول المصاعب في سبيل نشر ملكوت الله. فإنّ هذا الملكوت لا ينتشر في العالم إلاّ بالكدِّ والتعبِ وتحمّل الآلام، وذلك بسبب المقاومة العنيفة التي يُبديها العالم الشرير وأعوان إبليس. لقد تعِبَ الرسل تعباً شديداً عندما أخذوا يبشّرون بالإنجيل في العالم الروماني الغائص في عبادة الأصنام والمتمسّك بالعادات السيِّئة والمستسلم إلى الأخلاق الفاسدة.

وقد وصف لنا بولس الرسول وصفاً دقيقاً ما قاساه الرسل من أتعابٍ وآلام في سبيل نشر البشارة الإنجيليّة. ونحن عندما نقرأ هذا الوصف في رسالته الثانيّة إلى أهل قورنتوس نُعجَبَ بثباتهم وقوّة إيمانهم وسموِّ محبّتهم ليسوع والكنيسة (الرسالة الثانيّة إلى أهل قورنتوس 4/8-11 و 6/3-5 و 11/22-29)

http://www.peregabriel.com/gm/albums...her_Pierre.jpg

يسوع حقيقة لا خيال

لمّا رأى التلاميذ يسوع يمشي على البحيرة ارتاعوا جدّاً وصرخوا لأنّهم ظنّوا أنّ خيالاً غريباً قد خرج من الماء. أمّا هو فقال لهم : " ثِقوا. أنا هوَ لا تَخافوا ".

يسوع ليس خيالاً، بل هو الحقيقةُ عينُها، وهو ليس حقيقةً إنسانيّةً فحسبُ، بل حقيقة إلهيّة أيضاً، وهذا ما عبّر عنه التلاميذ عندما قالوا له : " حقّاً أنت ابنُ الله ".

فيسوع هو إلهٌ وإنسانٌ معاً، إلهٌ قد خلق البحار وضبطها بسلطته الإلهيّة وأخضعها لإرادته. وهو إنسان مثلنا لـه جسدٌ كجسدنا، وعاطفةٌ كعاطفتنا، وصداقةٌ كصداقتنا. ولا يفترق عنّا إلاّ بأنّه لم يرتكب الخطيئة قط.

يا قليل الإيمان لماذا شككت ؟

1- لمّا رأى بطرسُ يسوعَ يمشي على الماء ويقترب من السفينة قال له : " إن كنتَ إيَّاه فمرني بأن آتيَ إليك ". لقد كان في تلك اللحظات، بعد منتصف الليل، وهو تَعِبٌ جدّاً، وأمامَ مشهدٍ غريب للغاية، في حالةٍ نفسيّة مضطّربةٍ كلَّ الاضطّراب جعلته يشكّ في هوّية الشخص الذي رآه يمشي على البحيرة.

وازداد اضطراب قلبه بعدما خطا على الماء بضع خطواتٍ وشعر بشدّة الريح، فَفَقَدَ صوابه وتزعزع إيمانه فأخذ يغرق، فخاف خوفاً شديداً.

2- إلاّ أنّ الخوف من الخطر كان في الواقع لطمةً نفسيّة هزّته هزّاً عميقاً، وأعادت إليه صوابه ونور الإيمان، فعرف أنّ من كان واقفاً أمامه ليس شخصاً غريباً عنه، بل هو يسوع نفسه.

فانتعشت فيه الثقة وصرخ : " ربِّ نجّني ". إنّ هذا الاضطراب الداخلي لم يستغرق أكثر من بضع دقائق. وهذا ما حمل يسوع على أن يوجّه إليه هذا العتاب، وهو عتاب الصديق لصديقه : " يا قليلَ الإيمانِ لماذا شككت؟ "

ألا نشكّ نحن أحياناً في هويّة يسوع ؟

إنّ الموقف الذي وقفَهُ بطرسُ من يسوع، وهو الشكّ في هوّيته، نَقِفُهُ نحن أيضاً في بعض ظروف حياتنا. نَقِفُهُ في أثناء المرض الثقيل المستعصي، وفي أوقات الضائقة الماليّة الخانقة، وعند فقدان قريبٍ حبيبٍ إلينا خطفه الموت بسرعة، وفي ضَياع السلام والمودّة في بيوتنا،

وبعد فشل مشاريعنا المستقبليّة، ولدى رسوبنا في الامتحانات الدراسيّة على الرَّغم من جهودنا المبذولة، وأمام كلّ عقبةٍ كأداء تنتصب في وجوهنا وتحول دون تحقيق أمنياتنا الحلوة. إننا نقول ليسوع : " إن كنت إيّاه فأبعدْ عنّا هذه المحنة التي تحِلّ بنا ".

فما لنا إلاّ أن نراقب أنفسنا بتأنٍّ فنشعر بهذه " الهزّات النفسيّة" التي تنتابنا أمام صعوبات الحياة، فنشكّ في هوّية يسوع، ونأخذ في الغرق، ونسمع منه ما قاله لبطرس : " يا قليلَ الإيمانِ لماذا شككت ؟ ". فعلينا نحن أيضاً أن نلتجئ إلى يسوع ونصرخ بلهفةٍ وإيمان كما صرخ بطرس : " ربِّ نجّني ".

النجاة تأتينا من يسوع

إنّ النجاة من الضيق والمحنة ومتاعب الحياة تأتينا من يسوع، ولكن بالطريقة التي يُريدُها هو، لا بالطريقة التي نُريدُها نحن، أيْ وَفْقَ مخطّطه الإلهي الذي رسمه لخلاصنا الأبدي. فقد تكون المحنة التي تنتابنا طريقاً أميناً يؤدّي بنا إلى الخلاص، وقد يكون زوال المحنة الذي نتوق إليه " الطريقَ الواسعَ الذي يؤدّي بِنا إلى الهلاك " (متّى 7/13) فالمسيحي المؤمن بقدرة يسوع وحبّه المُخْلِص يسلّم نفسه إلى تدبيره الإلهي، ويكون على يقين أنّ الصرخة التي يرفعها إليه عندما يقول " ربِّ نجّني " يسمعها يسوع ويسرع إلى نجدته. وهذا ما قاله لمستمعيه :





" اسألوا تُعطَوا، اطلُبوا تجدوا، اقرَعوا يُفتحْ لكم. فمَنْ يسألْ يَنَلْ، ومَنْ يَطلبْ يَجدْ، ومَنْ يقرَعْ يُفتَحْ لهُ " (متى 7/7)



لا يُهمل يسوع كنيسته

مَنْ اطّلع على تاريخ الكنيسة هنا وهناك في بلاد العالم عرف أنّها واجهت أخطاراً كثيرة، وفي بعض الأحيان رهيبة جداً. ومع ذلك فإنّها لا تزال باقية، تعمل بصمت وهدوء، وتُعنى بأبنائها، وحتّى بالغرباء عنها.

فكما أنّ يسوع لم يترك تلاميذه وحدهم على البحيرة في الضيق والاضطّراب ، بل جاء إليهم ليبعث في قلوبهم الطمأنينة والسلام، هكذا يأتي يسوع إلى كنيسته، ويحيا معها، ولا يتركها معرّضةً لأخطار العالم الشرير ومؤامراته واضطهاداته، بل يساندها، ويشدّد إيمان أبنائها، ويزرع في قلوبهم الثقة بحضوره معهم ، ويؤازرهم على خدمة إخوتهم البشر.

عَطَفَ يسوع على المرضى وشدَّدَ إيمان تلاميذه

ولمَّا نزل يسوع من السفينة صنع المعجزات الكثيرة رأفةً بالشعب البائس الذي كان يسكن في الناحية المحيطة بمدينة جنِسارِت الصغيرة. وهذه المعجزات مظهر من مظاهر عطفه على المرضى والمتألّمين.

ولكنّه كان لـه هدفٌ آخر أعمق، وهو أن يشدّد إيمان تلاميذه عندما سيُطلِع الناس في صباح الغد على أنّه سيعطيهم جسده ليأكلوه ودمه ليشربوه، ليَبقَوا معه ويلازموه، ويؤلّفوا نواة الكنيسة التي أسّسها.

التطبيق العملي

1- شعر بطرس بشدّة الريح. إنّ شدائد الحياة كثيرةٌ لا تُحصى. فالتجئْ إلى يسوع في الأوقات العصيبة واسأله أن يؤازركَ كما وعدَنا بذلك.

(متّى 7/7-11)

2- لا تَظُنَّنَّ أنّ يسوع فكرةٌ خياليّة كما يدّعي مَنْ يفشلون في الحياة. يسوع حقيقةٌ تاريخيّةٌ راسخة عاش قديماً بين الناس، وهو حقيقةٌ واقعيّة يعيش اليومَ بينَنا، ويُرافقنا. قال لنا ذلك بصراحة : " هاءَنذا معَكُم طَوال الأيام إلى انقضاء الدهر ". (متّى 28/30) هذا هو إيمان الكنيسة، وإيمان كلِّ مسيحيٍّ صادق.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:23 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع رجلاً مقعداً في كفرناحوم

http://www.peregabriel.com/gm/albums...-the-grave.jpg

نصّ الإنجيل

وعادَ يسوع بعدَ بِضعَةِ أيامٍ إلى كفرناحوم، فسَمِعَ الناسُ أنهُ في الدّار. فاجتمعَ منهُم عددٌ كبير، ولم يبقَ موضِعٌ خالياً حتّى عِندَ الباب، فألقى إليهم كلامَ الله. فجيءَ إليهِ بمُقعَدٍ يحمِلُهُ أربعَةُ رجال.

فلم يستطيعوا الوصولَ إليهِ لِكَثْرَةِ الزِّحام. فنَبَشوا عن السقفِ فوقَ الموضِعِ الذي هوَ فيهِ، ونَقَبُوهُ. ثمَّ دَلَّوا الفِراشَ الذي كان عليهِ المُقعَدُ. فلمّا رأى يسوعُ إيمانَهُم قالَ للمُقعَدِ: " يابُنَيَّ، غُفِرَتْ لك خطاياك ". وكان بينَ الحضورِ هناكَ بعضُ الكتبة، فقالوا في أنفُسِهِمْ : " ما بالُ هذا الرَجُلِ يتكلَّمُ بذلكَ ؟ إنَّهُ يُجَدِّف. فمَنْ يقْدِرُ أن يَغْفِرَ الخطايا إلاَّ اللهُ وحدَهُ ؟ " فعَلِمَ يسوعُ في سِرِّهِ ما جالَ في صدورِهِمْ،

فسأَلَهُمْ : " لماذا تجولُ هذهِ الأفكارُ في صدورِكُم ؟ أّيُما أيسَر أن يُقالَ للمُقعَدِ " غُفِرَتْ لكَ خطاياك "، أم أن يُقال " قُمْ فاحمِلْ فِراشَكَ وامشِ ؟ " فاعلَموا أنَّ ابنَ الإنسانِ لـهُ سُلطانٌ يَغفِرُ بهِ الخطايا في الأرض ". ثُمَّ قالَ للمُقعَدِ : " أقولُ لكَ : قُمْ فاحمِلْ فِراشَكَ واذهبْ إلى بيتِكَ ".


فقامَ فحَمَلَ فِراشَهُ، وخَرَجَ بمَِرأى مِنْ جميعِ الناس، حتى دهِشوا جميعاً ومجَّدوا اللهََ وقالوا: " ما رَأينا مِثْلَ هذا قط ! " (مرقس 2/1-12)



المحبّة الحقّة نشيطة وفعّالة


كلّ من قرأ في الإنجيل بإمعان قصّة هذه المعجزة تبادرت إلى ذهنه هذه الفكرة، وهي أنّ المحبّة الحقّةَ نشيطةٌ وفعّالة، ولا تيأس أمام الصعوبات.

كان البيت مملوءاً من الناس، وكانوا كلّهم يستمعون بصمتٍ عميق إلى كلام يسوع الذي كان يحدّثهم عن ملكوت الله. وجاء إذْ ذاك أربعة رجالٍ يحملونَ مُقعداً على فراشه، وفي نيّتهم أن يضعوه أمام يسوع .


ولمّا لم يكن من المُمْكن أن يدخلوا البيت لشدّة الازدحام، لم ييأسوا، ولم يتركوا المريض مُمَدّداً خارجاً عند الباب، بل ارتقوا سطح البيت، ونبشوا التراب، ونقبوا السطح، ودلّوا الفراش الذي كان المريض ممدّداً عليه ووضعوه أمام يسوع. هذه هي المحبّة الحقّة. إنها نشيطة وفعّالة لا تيأس.


شفاء النفس قبل شفاء الجسد


عرَف يسوع أنّ هذا المُقعد، المُمَدّد أمامه، كان هو نفسُهُ سَبَبَ استيلاء المرض عليه. لقد سلك في حياته طريق الخطيئة. وأغلب الظن أنّه استسلم إلى السُكْر والشراهة والفجور والسهر الطويل. كلّ هذا قد أثّر في صحّته تأثيراً سيِّئاً، فأصابه الفالج، وأضحى مُقعداً لا يقوى على الحركة.

أمّا الآن، وقد ذاق طعم مرارة الخطيئة، فهو نادمٌ على ما فعل، وتائبٌ إلى الله، وهو يسأل الصفح ومغفِرة ذنوبه. وقرأ يسوع ما كان يجول في قلبه من عواطف التوبة والاسترحام،


فقرّر أن يشفي نفسَهُ المريضة أوّلاً ويعيدَ إليها صحّتها، لأن شفاء النفس يأتي قبل شفاء الجسد. فقال له بلهجة صاحب السُلْطة العليا : " يا بُنيَّ ! غُفرتْ لكَ خطاياك ".



هذا يجدّف !


سمع الكتبة الذين كانوا جالسين في البيت قول يسوع للمريض " غُفِرتْ لكَ خطاياك " فاستغربوه جداً، وقالوا في أنفسهم : " هذا يجدّف ! مَنْ يغفِرُ الخطايا إلاَ اللهُ وحدَهُ ؟


" ذلك لأنَّ الإهانة توجَّه بالخطيئة إلى الله، فهو وحدَهُ ينساها ويصفح عن الخاطئ التائب، ولا ينوب عنه إنسان، حتّى وإنْ كان من كبار الأنبياء.

لو كان يسوع إنساناً فحسب لكان تفكير الكتبة صائباً، ولكان كلام يسوع تجديفاً. ولكنّ يسوع ليس إنساناً فحسبُ. إنّه كلمةُ الله الازليّة. إنّه إلهٌ أيضاً، يتمتّع بسلطان أبيه السماوي.


فالخطيئة التي يرتكبها الخاطئ ويوجّهها إلى الله، يوجّهها في الواقع إلى الله الآب، وإلى ابنه الأوحد يسوع المسيح، وإلى روحه القدّوس. فالابن الأوحد، كلمة الله المتجسّد، لا يجدّف عندما يغفِر الخطيئة لأن الخطيئة قد وُجّهت إليه، وهو يستطيع أن ينسى الإهانة ويغفِر للخاطئ التائب خطيئته.



يسوع كلمة الله له سلطانٌ على مغفرة الخطايا


وقرأ يسوع الإله ما كان يجول في أذهان الكتبة فطرح عليهم السؤال التالي: " أيُّما أيسَر أنْ يُقالَ للمُقعد " غُفِرتْ لكَ خطاياك "، أم أنْ يُقالَ لـهُ " قُمْ فاحمِلْ فِراشَكَ وامشِ ؟ " ما معنى هذا السؤال الذي طرحه يسوع ؟ معناه، إنّه من السهل عليَّ أن أقول للمقعد " غُفرتْ لكَ خطاياك " حتى وإنْ لم يكن لديَّ سلطانٌ على مغفِرة الخطايا.

فإنّ المغفرِة تبقى سِرَّاً مَخفيّاً. ولكن من الصعب أن أقول لـه " قُمْ فاحمِلْ فراشَكَ وامشِ ". فإنْ لم يمشِ وبقيَ مُمَدّداً على فراشه ظهر خداعي أمام الجميع وشََمِلَني الخزي والعار. ولذلك فإن شفاء المريض دليلٌ قاطع على أن لديَّ سلطان الله، وأنّي بهذا السلطان قد غفرتُ للمُقعد خطاياه.

ولم يكتفِ يسوع بطرح السؤال على الكتبة، بل فسّره تفسيراً عمليّاً واضحاً أمام أبصارهم. قال للكتبة : " لكي تعلموا أنّ ابنَ الإنسان له سلطانٌ يغفِرُ به الخطايا، أقولُ لك أيُّها المُقعد " قُمْ فاحمِلْ فراشَك واذهبْ إلى بيتك ".


فقام المُقعد وحمل فراشه ومشى أمام جميع الناس. فالشفاء بكلمة واحدة كان برهاناً قاطعاً على قدرته الإلهيّة وتمتّعه بسلطانٍ على مغفِرة الخطايا. وهذا السلطان دلالةٌ واضحة على ألوهيّته. فيسوع كلمة الله، إلهٌ كأبيه السماوي. إنّ مغفرة الخطايا وشفاء الأمراض لديه سِيّان.


إعجاب الناس وصمت الكتبة


رأى الحاضرون شفاء المقعد، فأُعجبوا بما جرى، وأخذوا يمجّدون الله ويقولون : " ما رأينا مثلَ هذا قط ". لقد كان إعجابهم ممزوجاً بشكر المُقعد الذي استعاد صحّته بقدرة يسوع الإلهيّة.

إنّ موقف الشعب المُعجَب بسلطان الربّ يسوع يحملنا نحن أيضاً على الإعجاب بمراحم الله، وإبداء شكرنا لِما ينعم علينا باستمرار من مواهب لا تُحصى.
أمَّا الكتبة الذين رفضوا أن يروا الحقيقة فهم أجداد الملحدين العصريّين الذين يرفضون أن يروا حقيقة الإيمان المسيحي ويتمسّكون بضلال أفكارهم المظلمة.



منح يسوع رسله وخلفاءهم سلطانه الإلهي


كان هذا المُقعد إنساناً خاطئاً، فغفر لـه يسوع خطاياه. ونحن أيضاً خطأة ، ففكّر فينا ورسم سرّ التوبة ليغفر لنا خطايانا. ولذلك منح رسله وخلفاءهم، الأساقفة والكهنة، سلطانه الإلهي على مغفرة خطايانا قال لهم :


" خذوا الروحَ القُدُس. مَنْ غَفَرتُمْ له خطاياه تُغفَرُ لهُ. ومَنْ أمسَكتُمْ عليهِ الغُفران يُمسَكُ عليه ". (يوحنَّا 20/22-23)


إنّ هذا السلطان لم يُعطَ للملائكة المقتدرين، بل للبشر المساكين. فمتى رفع الكاهن يمينه وقال للمؤمن المُعترف التائب من ذنوبه: " أنا أحلُّكَ من كلِّ خطاياك التي اعترفتَ بها أمامَ اللهِ وحقارتي، باسمِ الآبِ والابنِ والروحِ القدس " رفع الله آنذاك يمينه في السماء وغفر للخاطئ خطاياه التي اعترف بها وندم عليها ندامة حقّة.







التطبيق العملي

كثيرون من المسيحيّين يرفضون أن يعترفوا بخطاياهم للكاهن بحجّة أنّه إنسانٌ خاطئ مثلهم. فيعترفون لله اعترافاً مباشراً. لا شكّ في أن الاعتراف بالخطايا يجب أن يوجّه إلى الله تعالى لأن الخطيئة قد أهانت جلاله الإلهي الذي لا حدَّ له.


يسوع لم يكتفِ بهذا الاعتراف الباطني الخفيّ، بل أراد أن يكون اعترافاً خارجيّاً يُقرُّ فيه فمُ الخاطئ للكاهن بالخطايا التي ارتكبها. وسبب ذلك أنّه أراد أن يشعر الخاطئ شعوراً واضحاً بأن خطاياه كانت أعمال تمرّد وكبرياء وانفصال.



فالاعتراف للكاهن يعبّر عن خضوع الخاطئ لله وعن تواضعه أمام عزّته تعالى، وعن انضمامه إلى إخوته أبناء الكنيسة، وينشئ في نفسه بمؤازرة الكاهن عاطفة الندامة الصادقة والرغبة الحقّة في العودة إلى سلوك حياةٍ جديدة تمجّد الله.



هذا وإنّ الاعتراف يَلِدُ في ضمير الخاطئ المعترف الاطمئنان إلى أنّ الله قد غفر لـه خطاياه بوساطة الكاهن الذي يمثّله على الأرض، فأصبح إنساناً بارّاً.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:23 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
أحيا يسوع ابنة رئيس المجمع

http://www.peregabriel.com/gm/albums...f88bb341aa.jpg

نصّ الإنجيل

ولمَّا رَجَعَ يسوع ( إلى كفرناحوم) تلَقَّاهُ الجَمْعُ لأنَّهُمْ كانوا كُلُّهُمْ ينتَظِرونَهُ. وإذا برَجُلٍ اسمُهُ يائير، وهو رئيسُ المَجمَع، قد جاءَ فارتَمى على قَدَمَيْ يسوع، وسأَلَهُ أنْ يأتيَ دارَهُ،


لأنَّ لهُ ابنَةً واِحِدَةً في نحوِ الثانيَةَ عشْرَةَ مِنْ عُمرِها، قد أشرَفَتْ على الموت. وبينَما يسوعُ يتَكَلَّمُ، جاءَ رَجلٌ مِنْ عِندِ رئيسِ المَجمَعِ فقال : " ماتتِ ابنَتُكَ، فلا تُكَلِّفِ المُعَلِّم ". فسَمِعَ يسوع فأجابَهُ: " لا تَخَفْ، حَسْبُكَ أن تؤمِنَ فتَخلُصَ ابنَتُكَ ". ولَمّا وصَلَ إلى الدار لم يدَعْ أحَداً يدخُلُ معهُ إلاّ بُطرُسَ ويوحنَّا ويعقوبَ وأبا الصَبيَّةِ وأُمَّها.

وكانَ جميعُ الناسِ يبكونَ وينوحونَ عليها. فقالَ لهم : " لا تبكوا، لم تَمُتْ، إنَّما هي نائمة ". فضَحِكوا مِنهُ، لعِلْمِهِمْ بموتِها. أمّا هَو، فأخَذَ بيدِها، وصاحَ بِها : " يا صَبيَّةُ قومي ! " فَرُدَّتْ الروحُ عليها وقامَتْ مِنْ ساعَتِها، فأَمَرَ بأن تُطْعَمَ. فدَهِشَ أبواها، فأوصاهُما ألاّ يُخبِرا أحَداً بما حَدَث. (لوقا 8/40-41 ، 49-56)


إيمان رئيس المجمع إيمان ذو حدود ضيّقة


1- كان رئيس المجمع يؤمن بأنّ يسوع يستطيع أن يشفي المرضى، وهذا ما حمله على أن يلتجئ إليه ويطلب منه أن يشفي ابنته المريضة المشرفة على الموت. إلاّ أنَّ إيمانه بيسوع كان إيماناً ذا حدودٍ ضيّقة. كان يؤمن بأنّه نبيٌّ كسائر الأنبياء، يتمتّع بسُلطانٍ يَشفي به المرضى، ولكنّه لا يستطيع أن يحييَ الموتى.


إنَّ إحياء الموتى من سلطان الله وحده. فإذا ماتت ابنتُهُ قَبْلَ أن يصِلَ إليها كان عاجِزاً عن إحيائها. وهذا ما يُفَسِّر إلحاحَهُ على أن يُسرِعَ يسوع في الوصولِ إلى بيته.



2- وعرف يسوع ، بعلمه الإلهي، أنَّ إيمان رئيس المجمع ذو حدود ضيّقة، فأراد أن يُحطِّمَ هذه الحدود، ويجعل إيمانه يشمل لا شفاء المرضى فحسبُ، بل إعادة الحياة إلى الموتى. لذلك قال له : " حسبُكَ أنْ تؤمِنَ فتخلُصَ ابنَتُكَ ".


فالإيمان بيسوع لا ينقل الجبال الشامخة ويلقيها في البحر فقط، بل يُعيد الحياة إلى الموتى، ويجعلهم يحيون على الأرض حياةً جديدة مزدهرة.



يسوع سيّد الحياة والموت


لمّا وصل يسوع مع رئيس المجمع إلى البيت، رأى باحة الدار تغصّ بالناس. فقد كانوا أقارِبَ الرئيس وأصدقاءَه ومعارِفَهُ مع الزمّارين والنوّاحات. وكان الضجيج عظيماً، مصحوباً بالصراخ والعويل والبكاء والأصوات العالية.

سمعَ يسوع هذا الضجيج، فنهى الناس عن البكاء : " لا تَبْكوا ? إنّها لم تمُتْ بلْ هيَ نائمة ". لمّا نهى الناس عن البكاء لم يستنكر الحزن ولم يستخفَّ به . فالحزن عاطفة جديرة بالاحترام. وسيأتي يوم يشعر هو نفسُهُ بالحزن العميق عندما ينازع في بستان الجتسمانيّة، وسيعبّر عن عاطفة حزنه بقوله لتلاميذه : " نفسي حزينةٌ حتى الموت ". (متى 26/38) ولكنّه لم يرضَ بأن يستسلم الناس إلى مظاهر الحزن المصطنعة وغير النابعة من عاطفةٍ صادقة، كبكاء النوّاحات وضجيج آلات الزمّارين.


ودخل يسوع غرفة الميتة، ومعه تلاميذه الثلاثة المفضّلون، وأبو الفتاة وأمّها. ووقف أمام سريرها وقال لها وهو سيّد الحياة والموت : " يا صبيّة قومي ". ففتحت عينَيْها وقامت على الفور. وأمرَ بان تُعطى طعاماً ليؤكّد لأبويها عودة الحياة إليها.


لقد صنع يسوع هذه المعجزة العظيمة بقدرته الإلهيّة وبأمره الشخصي، ولم يكن كسائر الأنبياء الذين كانوا يتضرّعون إلى الله أن يُجريَ المعجزة بوساطتهم.


موت النفس أشدّ رهبةً من موت الجسد


أعاد يسوع الحياة إلى الفتاة الميتة. ومع ذلك فإن هدف يسوع من مجيئه إلى العالم لم يكن إحياء الأجساد الميتة وإعادة الحياة الأرضيّة إليها، بل إحياء النفوس الميتة بالخطيئة وإعادة الحياة الإلهيّة المفقودة.

إنّ الخطيئة التي يرتكبها المسيحيّون تنزع عن نفوسهم الحياة الإلهيّة التي حصلوا عليها بالمعموديّة المقدّسة. فالخطيئة موتٌ روحي، أيْ موتُ النفس الخاطئة، وهُو موتٌ رهيب، بل أشدُّ رهبةً من موت الجسد، لأنّه يغلق في وجه المسيحيّين الخطأة باب السعادة الدائمة ويلقيهم في هوّة الهلاك الأبدي.

إنّ الحياة الإلهيّة هي الكنز العظيم واللؤلؤة النادرة التي يجب عليهم أن يتخلّوا في سبيل الحفاظ عليها عن كلّ شيء في الدنيا، ليتمتّعوا بنور الله الخالد الساطع.


أوصى يسوع والدَيْ الفتاة ألاّ يخبرا أحداً


إنّنا نستغرب كلّ الاستغراب أن يسوع قد أوصى والِدَيْ الفتاة بأَلاّ يُعلما أحداً أنه قد أعاد الحياة إلى ابنتهما. ولماذا أراد كتمان هذه المعجزة العظيمة؟

كان يسوع يعلم أن كلَّ عمل صالح يقوم به لخير الشعب كان يثير حقد رؤساء اليهود وحسدهم، ويدفعهم إلى تشديد عزمهم على مقاومته وتدمير رسالته الخلاصيّة. لقد كان آنذاك في مطلع سنوات تبشيره بملكوت الله. فلم يشأ أن يعرقلَ عملَهُ الديني بمعارضة خبيثة تشلّ نشاطه الروحي.


ولذلك فإنّه قرّر أن تبقى معجزاته في طيّ الكتمان، أو على الأقل في إطار ضيّق، ليتمكّن من مواصلة رسالته بهدوء وسكينة،


بعيداً عن كلّ مقاومة يقوم بها الرؤساء الحاقدون. ولكنّه لم ينجح في إخفاء معجزاته. فإن خبر إحياء الفتاة انتشر انتشاراً واسعاً في مقاطعة الجليل كلّه.


التطبيق العملي


1- يحيا المسيحي حياتين، حياة طبيعيّة وحياة إلهيّة. فكما أنّه يحرص على العناية بحياته الطبيعيّة، فكذلك يجب عليه أن يُعنى كلّ العناية بحياته الإلهيّة، وذلك بممارسة الفضائل المسيحيّة، وتتميم واجباته الدينيّة، والقيام بأعمال البرّ.


2- ماتت الفتاة وهي لا تزال صغيرة. فالموت لا يحترم أحداً، لا الصغير ولا الكبير. فلا يحقّ للمسيحي الفتى أن يقول في ذاته : " أنا في مطلع حياتي وأمامي سنوات طويلة ". إنّ هذا القول يُنشئ فيه الفتور الديني، ويدفعه إلى إهمال واجباته الدينيّة. فهل يضمن لنفسه عمراً يصل به إلى الشيخوخة ؟


كلا ! فليطع الله إذاً.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:24 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
أحيا يسوع ابن أرملة نائين

http://www.peregabriel.com/gm/albums...f-Jesus-44.jpg

نصّ الإنجيل

وذهَبَ يسوعُ مِنْ بعدُ إلى مدينةٍ تُدعى نائين، وتلاميذُهُ وجَمعٌ كبيرٌ يسيرونَ معَهُ. فلمَّا اقتَرَبَ مِنْ بابِ المدينةِ، إذا مَيْتٌ محمول، وهو واحِدُ أُمِّهِ وهي أرمَلَة. وكانَ يَصْحَبُها جَمعٌ كبيرٌ مِنَ المدينَةِ. فلمَّا رآها الرّبُّ أخَذَتْهُ الشَفَقَةُ عليها. فقالَ لها : " لا تبكي ". ثمَّ دنا مِنَ النَعشِ فلَمَسَهُ فوقَفَ حامِلوهُ. فقال: " يا فتى، أقولُ لك : قُمْ ". فجَلَسَ الميْتُ وأخَذَ يتَكَلَّم، فسَلَّمَهُ إلى أُمِّه.

فاستولى الخوفُ عليهم جميعاً، فقالوا وهُمْ يُمَجِّدونَ اللهَ : " قد ظَهَرَ فينا نبيٌّ عظيم، وافتَقَدَ اللهُ شعبَهُ ". وانتَشَرَ هذا الحديثُ عنهُ في اليهوديّةِ كلِّها وجميعِ النواحي المجاورةِ لها. (لوقا 7/11-17)

يسوع إنسان مثلنا

لمّا وصل إلى باب مدينة نائين - وهي مدينةٌ صغيرة تقع على بُعْدِ أربعين كيلومتراً جنوبيَّ كفرناحوم رأى جنازة فتى واحدِ أُمِّهِ، وكانت أرملة.

لقد أثّر موت هذا الفتى في نفوس سكّان نائين تأثيراً بليغاً فخرجوا جميعهم في الجنازة ليُعَزّوها.

وكان مع يسوع جمعٌ كبير، فتلاقى الجمعان عند باب المدينة. وعرف من الناس السائرين في الجنازة وضْعَ هذه الأرملة المسكينة فأشفق عليها.

إنَّ شعور يسوع بالشفقة دليلٌ على أنه كان إنساناً مثلنا، لـه في نفسه شعورنا الإنساني أمام مصائب الناس وأحزانهم. فقَد بيّن هو نفسُهُ بأساليب مختلفة أنّه إنسان مثلنا بكلِّ ما في هذه الكلمة من قوّة ? ما عدا ارتكاب الخطيئة ? فقد جاع وأكل ونام وتألّم ومات. وكان يفضّل لشخصه لقب "ابن الإنسان" على غيره من الألقاب.
إنّ إنسانيّة يسوع عقيدة من كبار عقائد الدين المسيحي عبّر عنها يوحنَّا الإنجيلي بصراحة في مطلع إنجيله فقال : " والكلمةُ صارَ بَشَراً وسَكَنَ بيننا". (يوحنَّا 1/14) فكلّ من شهد ليسوع بأنّه قد جاء بالجسد كان من الله، وكلّ من رفض أن يؤدّي هذه الشهادة لم يكن من الله، هذا ما قاله يوحنَّا الإنجيلي في رسالته الأولى الجامعة : " كلُّ روحٍ يشهَدُ ليسوعَ المسيح الذي جاءَ في الجَسَدِ كان مِنَ الله. وكلُّ روحٍ لا يَشهَدُ ليسوع لم يكُنْ مِنْ الله ".


( 1 يوحنَّا 4/2 )

لماذا صار ابنُ الله إنساناً ؟

طرح بولس الرسول هذا السؤال في رسالته إلى العبرانيّين، وأجاب عنه بإسهابٍ وتفصيل (2/9-18) . وإليكم ملخّص جوابه، فقال : لقد صار ابنُ الله إنساناً مثلنا ليصيب أهدافاً ثلاثة، وهي :

1- أن يتمكّنَ من تحمُّل العذابات وآلام الموت، ويستطيعَ أن يحقّق إرادة الله الآب، ويخلّصَ البشريّة الخاطئة من الهلاك الأبدي، ويبلغَ بها إلى المجد السماوي الذي أعدّه الله لها منذ الأزل.

2- وأن يجعلَ الناس الذين افتداهم بدمه على الصليب إخوةً لـه، ويُشركَهم معه في الآلام والمجد، ويرفعَهم إلى مقام أبناء الله، ويقودَهم إلى أبيه السماوي.

3- وأن يقضيَ على سلطة إبليس في العالم، ويكونَ في السماء وسيطاً دائماً بين الله والبشر، وكاهناً أعظمَ وحبراً أميناً، مَهَمَّتُهُ أن يؤازر البشر المعذّبين كما تعذّب هو في سبيل التكفير عن الخطايا.

ولذلك نقول بإيجاز : إنّ ابنُ الله صارَ إنساناً حبّاً للبشر، ورغبةً منه في أن يموت لأجلهم، ويفتح لهم أبواب السعادة الأبدية.

يسوع إله كأبيه السماوي

ليس يسوع إنساناً فحسبُ ، بل إلهٌ أيضاً. إنّ الشفقة التي شعر بها على الأرملة المسكينة لم تكن عاطفةً إنسانيّةً عاجزةً كلَّ العجز، كما هيَ عاجزةٌ فينا نحن البشر الضعفاء، بل كانت مصحوبةً بقوّةٍ إلهيّةٍ قادرةٍ على صنع المعجزة العظيمة.

لم يطلب أحدٌ من يسوع أن يصنع معجزةً يعيد بها الحياة إلى الفتى الميت، بل أخذ المبادرة من تلقاء نفسه، فأوقف الحاملين، وأمره قائلاً له : " يا فتى، لكَ أقولُ : قُمْ". فانتعش الميت فوراً وجلس وأخذ يتكلَّم. فاستولى على الجميع خوفٌ عظيم.

نحن نؤمن بأنّ يسوع إلهٌ كأبيه السماوي

إن هذه المعجزة تحملنا على أن نطرح على أنفسنا السؤال التالي : لماذا نؤمِنُ نحنُ المسيحيّين بأنَّ يسوع إلهٌ كأبيهِ السماوي ؟

نحن نؤمن بأن يسوع إلهٌ لأنّه صرّح بذلك تصريحاً واضحاً ، وبرهن ببراهين قاطعة على ألوهيّته. وإليكم إيضاح هذا الجواب :

1- صرّح يسوع بأنّه إله : قال يسوع عن نفسه، في مناسبات كثيرة، وبأساليب مختلفة إِنّه إله. ونحن نكتفي هنا بإيراد تصريحٍ واحد من تصريحاته الكثيرة، المذكورة بنوعٍ خاص في الإنجيل بحسب القدّيس يوحنَّا.

قال يوماً لليهود : " أنا والآبُ واحد ". ففهموا أنّه يؤكّد ألوهيّته بهذا القول الواضح. فأتوا بحجارةٍ ليرجموه. فقال لهم : " أرَيْتُكُمْ عِدَّةَ أعمالٍ صالحةٍ من لَدُنِ الآب. فلأَيِّ عملٍ مِنها ترجُموني ؟ " قال اليهود: " لا نرجُمُكَ للعَمَلِ الصالِح، بَل للكُفْرِ، لأنَّكَ ما أنتَ إلاّ إنسانٌ فجعلتَ نفسَكَ الله ". (يوحنَّا 10/30-32)

2- وبرهن على أنّه إله : ولم يكتفِ يسوع بأن يعلن على الملأ أنّه إله، بل برهن على ألوهيّته ببراهين قويّة.

ومِن أبرز البراهين التي قدّمها، المعجزاتُ الكثيرة التي صنعها، ونبؤاتُ الأنبياء التي تحقّقت فيه. وإليكم عرضاً موجزاً للبرهان الناجم عن المعجزات والنبؤات.

1) المعجزات التي صنعها : لقد صنع يسوع عدداً لا يُحصى من المعجزات، وقد صنعها كلَّها بقدرته الذاتيّة، كما رأينا ذلك في المعجزة التي أحيا بها أبن أرملة نائين. قال للفتى المَيْت : " يا فتى، لكَ أقولُ: قُمْ ". فقامَ الفتى على الفور حيّاً بأمره الخاصّ. إنّ المعجزة عملٌ يفوقُ قوى الإنسان، ولا يقومُ به إلاّ الله. فلمّا صنع يسوع المعجزات الكثيرة والمتنوّعة بأمره وسلطته برهن على أنهُ إلهٌ كأبيه السماوي.

2) النبؤات التي تحقّقت فيه : لقد تنبَّأ الأنبياء عن يسوع نبؤاتٍ كثيرة تحقّقت كلّها فيه. ومن أشهر هذه النبؤات وأهمّها :

- إنّه ابنُ الله : قال له الله الآب يومَ وَلَدَهُ : " أنتَ ابني. وأنا اليومَ ولَدْتُكَ " (مزمور 2/7). إنّ يوم الله يومٌ أزلي، لا بدءَ له ولا نهاية. فيسوع هو ابن الله قد وُلِدَ منذ الأزل من الله الآب ولادةً روحيّة فائقةَ الوصف، لا يُدركها العقل البشري المحدود.

- وإنّه إلهٌ جبّار : تنبّأ أشعيا عن يسوع المولود فقال: " لأنَّهُ قد وُلِدَ لنا ولدٌ، وأُعطيَ لنا ابنٌ، فصارتْ الرئاسةُ على كَتِفِهِ، ودُعيَ اسمُهُ عجيباً، مُشيراً، إلهاً جبّاراً، أبا الأبَد، رئيسَ السلام ". (أشعيا 9/6) إنّ ما قاله أشعيا عن يسوع الإله قد ثبّته الله الآب عندما قال لأبنه يسوع : " إنَّ عَرشَكَ يا الله ثابتٌ أبَدَ الدهور ". (مزمور 44/7)

- وإنّه سيولد من أُمٍّ عذراء وسيحمل اسماً إلهيّاً. قال أشعيا النبي : " ها إنَّ العذراء تَحَبلُ وتَلِدُ ابناً، وتدعو اسمَهُ عمّانوئيل " أيْ، "الله معنا" (أشعيا 7/14)

- وإِنَّهُ سيُضيء الشعبَ الجاهِل بنورِهِ العظيم. رأى أشعيا النّبي بالرؤيةِ النبويّة الشعبَ قابِعاً في ظلامِ الجهل وبُقعةِ موتِ الخطيئة، ورأى يسوع يأتي إليه فيُضيئُهُ بنورِ تعاليمِهِ وفضائلِهِ فقال : " الشعبُ السالِكُ في الظُلمَةِ أبصَرَ نوراً عظيماً. والجالِسونَ في بُقْعَةِ الموتِ وظِلالِهِ أشرَقَ عليهم نور ". (أشعيا 9/1-2)

- وإنّه سيُعلَّق على الصليب وتُثقب يداه ورجلاه. رآه داود النبي بالرؤية النبويّة مصلوباً فقال بفم يسوع : " ثقبوا يدَيَّ ورجلّيَّ وأحصَوا كلَّ عِظامي"(مزمور 21/16)

- وإنّه سيتألّم ويموت بسبب خطايانا ولأجل خلاصنا : "جُرِحَ لأجلِ معاصينا، وسُحِقَ لأجلِ آثامِنا، عقابُ سلامِنا عليهِ ، وبجروحاتِهِ شُفينا " (أشعيا 53/5) . لقد صُلِب يسوع وتعذَّبَ ومات لينقذنا من خطايانا ويشفينا مِن أمراض آثامِنا.

- وإنّه سيُدفَنُ في القبر، ولكنّه لن يبقى فيه، ولن يرى جسده فساد الموت، بل سيقوم حيّاً من بين الأموات. قال أشعيا النبي : " وكانَ قبرُهُ معَ المنافقين " (أشعيا 53/9) وتنبَّأَ داود النّبي عمّا سيقولُهُ يسوع لأبيهِ السماوي بعدَ دَفنِهِ: " لذلِكَ فَرِحَ قلبي، وابتَهَجَ مَجدي، وجسَدي أيضاً سيَسْكُنُ على الرجاء. لأَنَّكَ لا تَتْرُكُ نفسي في الجَحيم، ولا تَدَعُ قدّوسَكَ يرى فساداً ". (مزمور 15/9). فيسوع حقَّقَ نبوءة داود وقامَ من بينِ الأموات وظهرَ لتلاميذه مدّة أربعين يوماً، وكان يكلّمهم على ملكوت الله.

إنّ المعجزات الكثيرة التي صنعها يسوع، والنبؤات التي تحقّقت فيه تبرهن بكلّ وضوح على أنّه إلهٌ قد نَزَلَ من السماء لينشُرَ ملكوت الله على الأرض، ويُحرِّر البشريّة الخاطئة من عبوديّة الخطيئة وسيطرة إبليس ويُنقذَها من الهلاك الأبدي.

قال الشعب : قامَ فينا نبيٌّ عظيم

إنّ الشعب الذي رأى مُعجزة إحياء ابن الأرملة لم يستنتج أنّه إله، ولم يفكّر في أنّه المسيح، بل اكتفى بان يقول عنه إنّه نبيٌّ عظيم. كان هذا الشعب المسكين يعيش في ظلام الإيمان وفساد الأخلاق لأنّ الرؤساء الدينيّين قد أهملوا تعليمه، ولم يقوّموا أخلاقهُ وفسَّروا لـه الكتب المقدّسة تفسيراً خاطئاً، واهتمّوا بمصالحهم الخاصّة وحدَها، وتركوا الشعبَ مشَتّتاً مُتعَباً يعيشُ كالخرِاف التي لا راعي لها.

وانتشر خبر المعجزة في اليهوديّة كلّها

وانتقل خبر المعجزة إلى اليهوديّة، إلى هيكل سليمان، إلى مقرّ رؤساء الكهنة والكتبة وعلماء الشريعة والفريسيّين، فلم يطمئنّوا إليه. إنّ الحسد الأسود المتغلغل في قلوبهم قد دفعهم إلى الاعتقاد أنَّ يسوعَ أخَذَ يُنافسهم لينتَزِع منهُم سلطتَهُم الدينيّة. فجعَلوا يتآمرون عليه ويتداولون في الطريقة الملائمة للتخلّص منه.

التطبيق العملي

1- عندما تتأمّلُ في هذه المعجزة يبدو لك بوضوح أنّ يسوع إنسانٌ صديقٌ لنا، وإلهٌ ينقذُنا مِن أحزاننا وشدائدنا. فاتّخذْ يسوع صديقاً لك، وافتحْ لـه قلبكَ، وعبّرْ له عمّا تشعرُ به من عواطف الفرح أو الحزن أو الأمل، فهو يُشاطِرُكَ أفراحَكَ وأحزانَكَ وآمالَكَ لأنّه صديقُك الوفيّ الذي لا يخونك ولا يهملك.

2- ومتى دخلتَ الكنيسة عبّرْ له أيضاً عن إيمانك بألوهيّته، واسجدْ له سجوداً عميقاً ، واسألْه أن يحفظَك دوماً في حال النعمة، ويُقيمَ النفوسَ الميتة بالخطيئة، ويُعيدَ إليها الحياة الإلهيّة التي فقدتها، كما أعاد الحياة الطبيعيّة إلى الفتى ابن أرملة نائين.



Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:24 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع رجلاً يدُه شلاّء


http://www.peregabriel.com/gm/albums...72199_f260.jpg



نصّ الإنجيل

ومضى يسوع مِن هناك إلى مَجمَعِهم. فإذا رَجُلٌ يَدُهُ شلاّء، فسأَلوه: " أيَحِلُّ الشِفاءُ في السبت ؟ " ومُرادُهُم أن يَتَّهِموهُ. فقالَ لهُم: "مَنْ مِنكُم إذا لم يكُنْ لـهُ إلاّ خَروفٌ واحِدٌ ووقَعَ في حُفرَةٍ يَومَ السَبت، لا يُمسِكُهُ فَيُخرِجُهُ؟


وكَم يَفوقُ الإنسانُ الخَروف؟ لِذَلِك يَحِلُّ فِعلُ الخَيرِ في السبت ". ثُمَّ قالَ للرجل: " أُمدُدْ يَدَكَ ". فمَدَّها فعادتْ صَحيحَةً كالأُخرى. فَخَرَجَ الفرِّيسيّون َ يأتَمرونَ بهِ ليُهلكوه.


(متى 12/9-14)




رجلٌ عاطل عن العمل

دخل يسوع المجمع للصلاة في يوم السبت، فرأى بين المصلّين رجلاً يدُهُ يابسة. لقد أصابه الشلَل ومنعه عن العمل وجعله عالةً على أسرته. ولمَّا كانت الشريعة اليهوديّة القاسية تتمسَّك براحة يوم السبت تمسّكاً شديداً طرح الكتبة والفرّيسيّون وعلماء الشريعة السؤال على يسوع ما إذا كان شفاء المريض في يوم السبت أمراً حلالاً ترضى عنه الشريعة.


لقد طرحوا عليه هذا السؤال لا ليطَّلِعوا على رأيه، بل ليشكوه إلى الرؤساء. فقد كانوا قساة القلوب كالشريعة اليهوديّة القاسية.

الإنسان أفضل من الحيوان

كان جواب يسوع لهم جواباً مُحْكماً عندما أقام مقابلةً بين الإنسان والحيوان. قال لهم: " إذا وقع خروفٌ في حفرةٍ يومَ السبت، فالشريعة تسمح لصاحبه بأن ينتشله منها بالوسائل المُتاحة له، ولا تعتبر أنَّ عمله هذا عملٌ محرَّم، وذلك خشيةَ أن يموت الحيوان في الحفرة من الجوع أو العطش أو البرْد أو الحرّ الشديد. "


واستند يسوع إلى ما تسمح به الشريعة في سبيل إنقاذ حياة الحيوان، فأكّد أنّه يجوز بالأحرى عملُهُ في سبيل إنقاذ حياة الإنسان. واكتفى يسوع بهذه المقابلة التي تُبيِّن أنّ الإنسان أفضل من الحيوان، فأجرى المعجزة يوم السبت وشفى المريض من الشلَل، وأعاد إليه الصّحة الكاملة، وفسح لـه إمكانيَّة العمل كسائر الناس، ليرُدَّ عنه وعن أسرته ألمَ الجوع ومهانةَ التسوّل.


الإنسان أحطّ قليلاً من الملائكة

إن المجال في المجمع لم يسمح ليسوع بأن يتحدّث عن مقام الإنسان حديثاً طويلاً ومفصّلاً. فلم يُشرْ إلى ما ذكره الكتاب المقدّس عن سموّ الإنسان الذي خلقَهُ الله على صورته كمثاله (سفر التكوين 1/26) ، وجعلَهُ أحطّ قليلاً من الملائكة، فكلَّلَهُ بالمجد والكرامة، وأخضع تحت قدَمَيْه كلّ ما في الكون من مخلوقات أرضيّة ( مزمور 8/5-7) .

فالإنسان كائنٌ سامٍ بعقله وذكائه وقدرته على التفكير، واقتباس العلم والمعرفة، وبلوغ الاكتشافات العجيبة، وتحقيق الاختراعات المدهشة.

وهو كائنٌ سامٍ أيضاً بما حباه الله من عاطفةٍ نبيلة وحنان على الآخرين، وهذا ما جعله يُنشئ المبرّات الخيريّة والإنسانيّة الكثيرة والمتنوِّعة في بلاد العالم كلّه.

وهو كائنٌ سامٍ خصوصاً بالحياة الإلهيّة التي يتمتَّع بها بفضل إيمانه بيسوع المسيح وبالمعموديّة التي رفعته إلى مقام ابنٍ لله وأخٍ للسيّد المسيح .

إنّ هذا السموّ يطبع الإنسان بطابع المجد والعظمة، وينصّبُهُ في الواقع ملكاً على الخليقة الأرضيّة وسيّداً على الكون القريب والفضاء البعيد.

الإنسان أحطّ من الحيوان

إنّ هذه الصورة الجميلة للإنسان التي رسمَها الكتابُ المقدّس نراها في كثيرٍ من الأحيان صورةً مشوّهة للغاية بسبب أعماله القذرة التي يقوم بها. فإنّه يشنّ الحروب الظالمة، ويفتك بإخوته البشر من دون رحمة، ويكدّس لنفسه الأموال بأساليب الغشّ والكَذِب،


وينشر البؤس والجوع والمرض والجَهل، ويزرع في قلوبهم الهَلَع والإرهاب، ويحرم مواطنيه أبسط حقوقهم الإنسانيّة، فيحطّم شخصيَّتَهم، ويكبّل حرّيتهم، ويستعبدهم لمصالحه الخاصَّة. إنّ هذا الانحطاط الخلقي يجعله أحطّ من الحيوان الذي لا يتعدّى على رفيقه الحيوان بمثل هذا العنف وهذه الشراسة اللاأخلاقيّة

عمل يسوع الفادي في سبيل الإنسان الخاطئ

1-عندما نتأمل في وضع الإنسان نميل إلى القول إنّ الله قد خلقه مجموعةً من المتناقضات وكتلةً مجبولةً بالخير والشرّ على السواء. إنّ هذا القول مخطئ. فالله قد خلق الإنسان صالحاً وبارّاً، وزرع فيه مبادئ الخير الصافي، وما أراد لـه إلاّ أن يكون صالحاً ويبقى صالحاً، كلّه خير وبركة ، بعقله وإرادته وقدراته البشريّة.

ولكنَّ الإنسان عارض مخطّط الله، واستسلم بإرادته وحرّيته إلى الخطيئة، فتسرّب الشرّ إلى قلبه وتغلغل فيه، ونزَع عنه هذا الصلاح الرائع الذي حباه الله إيّاه لمّا أبدعه على صورته ومثاله.


والخطيئة هذه قد دخلت في العالم منذ عهد الإنسان الأول وانتشرت بين الناس، ولا تزال تنتشر حتى اليوم في المجتمعات البشريّة كلّها.

2- ونحن عندما نرى صورة الإنسان قد تشوّهت بالخطيئة، نتساءل ماذا يعمل يسوع لهذا الإنسان الخاطئ ؟ هل يتركه مشوّهاً ومقيّداً بسلاسل الخطيئة ؟ أم يؤازره على التخلّص من خطيئته ومن مرضه الروحي ؟

إنّ يسوع يعمل لـه اليومَ ما عمله في الماضي للرجل الأشلّ اليد. لقد كان هذا الرجل المشلول عاجزاً عن العمل، لا دخلَ لـه ولا كرامة. فدعاه يسوع إليه ليشفيه ويقدّم لـه إمكانيّة العمل فيُعيل أسرته، ويعيش في المجتمع الإنساني عيشةً كريمة. ولكنّ يسوع لم يضغط على حرّيته، ولم يفرض عليه أن يقوم بالعمل اليومي، بل تركه حرّاً يقرّر ما يريد ويتصرّف كما يريد.

3- يسوع يعمل اليومَ للإنسان الخاطئ عملاً مشابهاً. إنّه يدعوه إليه ليقدّم لـه إمكانيّة التوبة التي تشفي نفسه المريضة وتجعله يعيش بكرامة في مجتمع أبناء الله الأبرار. ولكنّه لا يضغط على حرّيته، ولا يجبره على القيام بالأعمال الصالحة، بل يتركه حرّاً يختار ما يشاء، ويقرّر ما يشاء، ويتصرّف كما يشاء.

4- فإذا تجاوب مع مخطّط يسوع الخلاصي واختار أن يستفيد من الفداء الذي حقّقه لـه بعذاباته وموته وقيامته شُفيَ من شَلل الخطيئة، وتمتّع بالصحّة الكاملة، وحافظ على الصورة الجميلة التي منحه الله إيّاها لمّا خلقته يداه الإلهيّتان.

وأمّا إذا رفض أن يتجاوب مع هذا المخطّط الإلهي، واستسلم إلى الخطيئة بملء حرّيته تشوّهت فيه صورة الله، وبقيت نفسه مقيّدة بمرض الشلَل الروحي، وآلت حالته البائسة في نهاية الأمر إلى الموت والهلاك الأبدي.

فالإنسان المشلول بالخطيئة يدعوه يسوع إليه ليشفيَه من شلَله. ولكنه لا يقسِره على قبول الشفاء، بل يترك لـه أن يختار بحرّية كاملة أحد الطريقين، طريق الخلاص أو طريق الهلاك. فالعاقل هو من يقبل مخطّط يسوع ويسير في طريق الحياة.


والجاهل من يرفض هذا المخطَّط ويسلك طريق الموت. فيسوع يعمل للإنسان ما يؤول إلى خلاصه، وعلى الإنسان أن يكون حكيماً فيلبّي دعوة يسوع إلى الخلاص

التطبيق العملي

1- لقد منحك الله الحرّية الشخصيّة وهي من أجمل مواهبه لك لا لتختار الشرّ وتعمله، فالشرّ يؤدّي بك إلى الهلاك، بل لتختار الخير دوماً وتقوم به.

وأفضلُ اختيار لك وللآخرين هو اختيارُ فضيلة المحبّة وممارستُها في كلّ مجالاتها الدينيّة والاجتماعيّة والفرديّة. فإنها تحفظ جمال نفسك، وتُرضي قلبَ الله المُحبّ، وتجعلك سعيداً في الدنيا والآخرة، وتزرع السعادة في قلوب الآخرين.

2- يسوع يريد لك صحّة النفس، فلا تقاوم إرادته بموقفٍ ينزع عنك صحّة الحياة فيك، فتكون إنساناً مشلولاً بائساً ، وتفقد كرامتك ومكانتك بين جماعة أبناء الله الأبرار. وأبشعُ مرض من أمراض النفس، الأنانيّةُ المنطويةُ على نفسها. إنها مرض قتّال، تقتل صاحبها وتقتل الآخرين.

3- وإذا ما شعرت بشلَل الخطيئة في نفسك، فتطلّعْ إلى يسوع. إنّه الطبيب الشافي الذي يعيد إليك الصحّةَ الروحيّة الكاملة، وصورةَ الله الجميلة التي طبعها الله في نفسك لمّا أبدعك من والدَيْن مسيحيَيْن.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:24 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
طَرَدَ يسوع الشياطين من رجل ممسوس

http://www.peregabriel.com/gm/albums...l_0212grec.jpg

نصّ الإنجيل
ووصَلَ يسوع والتلاميذُ إلى الشاطئ الآخَرِ مِنَ البحرِ في ناحيةِ الجَراسيِّين. ولمَّا نَزَلَ من السفينةِ، إذا رجُلٌ فيهِ روحٌ نجِسٌ قد خَرَجَ مِنَ القبورِ إلى لِقائِهِ.


وكانَ يُقيمُ في القبورِ، ولا يَقْدِرُ أحَدٌ أن يوثِقَهُ حتَّى بسِلسِلَة. فكثيراً ما كُبِّلَ بالقيودِ والسلاسِل فقَطَّعَ السلاسلَ وكَسَّرَ القيود. ولم يكنْ أحدٌ يقوى على كَبْحِهِ. وكان طَوالَ الليلِ والنهارِ في القبورِ والجبال، يَصيحُ ويرضِّضُ جِسمَهُ بالحِجارة.


فلمَّا رأى يسوعَ عن بُعدٍ أسرَعَ إليهِ وسَجَدَ له وصاحَ بأعلى صَوتِهِ : " ما لي ولكَ يا يسوعَ ابنَ اللهِ العليّ ؟ استحلِفُكَ باللهِ لا تُعَذِّبْني ". لأنَّ يسوعَ قالَ لـهُ : " أيُّها الروحُ النجِس، أُخرُجْ مِنَ الرجُل ". فسألَهُ : " ما اسمُكَ ؟ " فقالَ لـهُ : " اسمي جيش، لأنَّنا كثيرون ". ثمَّ ألَحَّ عليهِ في السؤال ألاّ يطرُدَهُم من الناحية. وكانَ يَرعى هُناكَ في سَفْحِ الجبل قطيعٌ كبيرٌ من الخنازير.


فتوَسَّلَتْ إليهِ الأرواحُ النَجِسَةُ بقولِها : " أرسِلْنا إلى الخنازير فنَدْخُلَ فيها ". فأُذُنَ لها. فخَرَجَتِ الأرواحُ النَجِسَة ودَخَلَتْ في الخنازير، فوَثَبَ القطيعُ مِنَ الجُرُفِ إلى البحرِ، وعدَدُهُ نحوُ ألفَيْن، فغَرِقَ في البحر. فهَرَبَ الرُعاةُ ونقلُوا الخَبَرَ إلى المدينَةِ والمزارِع. فجاءَ الناسُ ليَرَوا ما جرى. فلمّا وصَلوا إلى يسوع، شاهَدوا الرَجُلَ الذي كانَ ممسوساً قاعِداً لابِساً صحيحَ العقل، ذاكَ الذي كانَ فيهِ جيشٌ مِنَ الشياطين.


فاستَولى عليهِم الخوف. فأخبَرَهُم الشهودُ بما جرى لِلَّذي كانَ مَمسوساً وبِما أصابَ الخنازير. فأخَذوا يسألونَ يسوع أن ينصَرِفَ عن بَلَدِهم. وبينما هو يركَبُ السفينةَ، سألَهُ الذي كان ممسوساً أن يصْحَبَهُ. فلَم يأُذُنَ له،ُ بلْ قالَ لـهُ : " اذهَبْ إلى بيتِكَ، وحدِّثْ ذَويكَ بما آتاكَ الربُّ مِنَ رَحمَتِهِ ". فمضى وأخَذَ ينادي في المُدُنِ العَشرِ بما آتاهُ يسوع. وكانَ جميعُ الناسِ يتعَجَّبون. (مرقس 5/1-20)



بؤس هذا الرجل الممسوس


وصف لنا الإنجيل بؤس هذا الرجل الذي كان يرزح تحت نير عبوديّ?ة الشياطين. لقد سكنوا فيه وأخذوا يعذّبونه في هذه الحياة قبل أن يواصلوا تعذيبه في نار جهنم. إنَّ هذه العبوديّة المرّة هي نتيجة من يستسلم كلّياً إلى الخطيئة.


لقد تمّت في هذا الرجل الممسوس كلمةُ يسوع القائلة :" كلُّ مَنْ يرتكبُ الخطيئةَ يكونُ عَبْداً للخطيئة ".(يوحنَّا 8/34)



مقرُّ الشياطين الحيواناتُ لا الإنسان


طَلَبَ الشياطين من يسوع ألاّ يأمرهم بالذهاب إلى الهاوية، بل أن يأُذُنَ لهم في الدخول إلى الخنازير التي كانت ترعى على سَفْح الجبل. فأُذُنَ لهم، لا رحمة لهم، بل إشارةً إلى أنَّ مقرَّ الشياطين الحيواناتُ القذرة، لا الإنسانُ المخلوق على صورة الله ومثاله.


لقد خلق الله الإنسان ليكون مقرّاً لسكناه تعالى على الأرض. فَمَنْ أحبَّ يسوع ابنَ الله، وحفظ كلامه، كان قلبه مقرّاً لسكنى الله فيه. قال يسوع : " إذا أحبَّني أحدٌ حفِظَ كلامي، فأحَبَّهُ أبي، ونأتي إليه، فنجعلُ لَنا عندَه مُقاماً ".

(يوحنَّا 14/23)



هل المال أفضل من نعمة يسوع السماويّة ؟


شاهد الرعاة وثبة الخنازير الجهنّميّة نحو البحر، فدبَّ فيهم الفزع، ولم يفهموا أنَّهم أمام سيّد الكون الذي يسيطر على الأرواح الخبيثة ويقهرها بقوّته التي لا تُقهر.


ولمّا علم أصحاب الخنازير أنَّ حيواناتِهِم قد اختنقت في البحر تأسّفوا على فقدان أموالهم الأرضيّة، ولم يطلبوا من يسوع الغنى الروحي بديلاً منها ، بل جاءوا إليه وسألوه، والكمدُ والحسرةُ في قلوبهم، أن يرحل عن أراضيهم.


فالمالُ في رأيهم أفضلُ من أيّة نعمةٍ سماويّة يأتيهم بها يسوعُ حامِلُ النعمة والسعادة للبشر. إنَّ التعلّق بالمال يقلب مفاهيم الإنسان ويبعده عن الله وعن هدفه السماوي الذي خُلق لأجله.

http://www.peregabriel.com/gm/albums...ic_Boy_400.jpg

شاهِدٌ لنعمة يسوع وحنانه

1- سأل الرجلُ الممسوس يسوعَ أن يكون من عِداد تلاميذه، فلم يشأ يسوع ذلك، بل أرسله إلى المدن والقرى المجاورة ليشهد أمام الناس لنعمة الله وحنانه. لقد طلب منه يسوع أن يقوم بهذه الشهادة لأنها شهادةٌ واقعيّة شخصيّة مؤثّرة، تطلع الناس على سموِّ شخصيّته وحنانه وسلطته الفائقة على القوَّات الشيطانيّة.

وقد اختار الشهادة لأنه يعرف قيمتها وتأثيرها العميق في نفوس السامعين. ولذلك فإنّه طلب من تلاميذه قبل أن يفارقهم ويصعد إلى السماء، أن يكونوا شهوداً لِما رأوه وسمعوه، أيْ أن يكونوا شهوداً لتعاليمه ومعجزاته وقيامته.


قال لهم : " إنَّ الروحَ القُدُس ينْزِلُ عليكُم، فتنالونَ قوَّةً وتكونونَ لي شهوداً في أورشليم، وكلِّ اليهوديّة والسامرة، حتَّى أقاصي الأرض". (أعمال الرسل 1/8) وأدّى التلاميذ هذه الشهادة أمام الملوك والحكّام والرؤساء والشعب، وماتوا في سبيل الدفاع عن شهادتهم الحقّة.


2- ولا يكتفي يسوع بأن يكون التلاميذ وحدَهم شهوداً لـه، بل يريد أن يكون كلُّ مسيحيٍّ شاهداً لـه في حياته اليوميّة، أيْ شاهداً للنِعَم السماويّة الكثيرة التي ينالها من رحمة يسوع وقدرته وحبّه للبشر غير المحدود.


يسوع مخلّص البشريّة كلّها


1- إنّ الحالة البائسة التي كان الرجلُ الممسوس يحياها قبل أن ينقذه يسوع منها تذكّرنا بحالة البشريّة قبل مجيئه إلى العالم. كان البشر مُستَعبَدين لشريعة الظلام، أيْ للحقد والضغينة والفجور والكبرياء وسحق الضعفاء وقهر المغلوبين.

فأتى يسوع إلى العالم وحمل معه إلى الناس شريعةَ النور والحرّية، أيْ السلام والتسامح والعفاف والتواضع ومحبّة المساكين ومؤازرة المحتاجين وحرّية المُكبّلين. فاتّخذت الشريعة بمجيئه إلى العالم طابعاً نورانيّاً مشرقاً.


2- لا شكّ في أنّ الشرّ لم يختفِ من العالم، بل ما يزال منتشراً فيه انتشاراً واسعاً. إنّ انتشاره لا يعود إلى عجز يسوع أمام قوّة الشرّ، بل إلى استسلام الكثيرين من الناس إلى عبادة الشرّ، أيْ إلى أطماعهم وشهواتهم الفاسدة، وإلى ارتياحهم للعيش في عبوديّة إبليس.


ولذلك فإنّهم يقاومون عمل يسوع الخلاصي ودعوته إلى الخير، ويناصرون الشرّ في جميع مجالات الحياة الفرديّة والاجتماعيّة.


3- إلاّ أنّ صوت يسوع قد أيقظ ضمائر الكثيرين وأصبح للخير أنصارٌ نشيطون يعملون في سبيل نشر دعوته إلى الخير والمحبّة والعفاف والتضحية. والصراع قائمٌ اليوم بين أنصار الخير وأنصار الشرّ.


وسيبقى هذا الصراع قائماً حتى منتهى العالم، وعندئذٍ سينتصر الخير نهائياً وأبديّاً على الشرّ. ويعود الفضل في انتصار الخير إلى عمل يسوع الذي بذل حياته في سبيل دعم مبادئ الخير وإنقاذ البشريّة بآلامه وموته وقيامته من براثن الشرّ وعبوديّة إبليس.


التطبيق العملي


1- لاحظْ أنَّ أصحاب الخنازير رفضوا أن يبقى يسوع عندهم ويهديهم إلى الخلاص، وفضّلوا غناهم الأرضي على مواهبه الروحيّة.


هل ترفض أنت أن يقيم يسوع في قلبك لأسبابٍ أرضيّة وشهواتٍ بشريّة ؟ حاسبْ نفسكَ وأجبْ بصراحة :

- كم مرّةً استسلمت إلى شهوات قلبك من حقد وطمع وتصرّف لا أخلاقي؟

- كم مرّةً أهملت صلواتك في أيام الأحد رغبةً في الراحة أو عملٍ خاص؟

- كم مرّةً كنت عثرةً للآخرين بسوء سلوكك وعجرفتك وكَذِبك؟


2- إنّ الشرّ الذي يكبّل حرّيتك، في كثيرٍ من الأحيان، يوهمك أنك لا تستطيع أن تتغلّب عليه. في الحقيقة إنّك بمفردك لا تقوى عليه، ولكنّك تتغلَّبُ عليه إذا التجأتَ إلى قدرة يسوع الذي قال : ثقوا أَنا غلبتُ العالم (يوحنَّا 16/33)


3- لقد طلب أصحاب الخنازير من يسوع أن يبتعد عنهم.إن هذا الطلب يذكّرنا بواقعنا. لقد ظَهرت اليومَ بدعة شيطانية في أمريكا، وامتدّت إلى الغرب، وأخذت تدخل إلى بلادنا العربية رويداً رويداً، وبطريقة خفيّة.


لقد تأسّست في بادئ أمرها على فلسفات ومعتقدات ومذاهب متناقضة، ثمّ تطوّرت كثيراً ووصلت إلى " عبادة الشيطان ". ومن المؤْسف أنّ كثيرين من روّاد الكنائس في أمريكا والغرب يعبدونه ويتظاهرون بالتقوى، لأنّهم يقدّمون عبادةً كاذبة للمسيح، ولا علاقة حقيقيّة لهم بالمسيح.


فهم لا يزالون في خطاياهم عبيداً لإبليس، وذهابُهم إلى الكنائس ما هو إلاّ "روتين" شكلي يقومون به لتسكيت ضمائرهم وإرضاء مجتمعهم، ولكنّهم في الحقيقة أمواتٌ روحيّاً.


فعلينا أن نحذر هذه البدعة الشيطانيّة، ونتمسّك بتعاليم ديننا المقدّس، ونحيا حياةً روحيّة سليمة مع يسوع مخلّصنا.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:25 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
هدَّأ يسوع العاصفة

http://www.peregabriel.com/gm/albums..._the_storm.jpg

نصّ الإنجيل

ورَكِبَ يسوع السفينَةَ فتَبِعَهُ تلاميذُهُ إليها. وإذا البحرُ قد اضطَرَبَ اضطراباً شديداً حتى غَمَرَتِ الأمواجُ السفينة. وأمّا هو فكان نائماً .


فدَنَوْا منه وأيقظوهُ، وقالوا لـه : " ربَّنا نجِّنا، لقد هَلَكْنَا ". فقال لهم: " ما لكُم خائفين، يا قليلي الإيمان ؟ " ثمّ قامَ فزَجَرَ الرياحَ والبحر، فعادَ هُدوءٌ تام. فتعجَّبوا وقالوا: " مَنْ هذا حتى تُطيعَهُ الرياحُ والبحر؟ " (متى 8/23-27)

خوف التلاميذ لمّا تعرّضوا لخطر الغرق

تعرّض التلاميذ لخطر الغرق فخافوا وأيقظوا يسوع وطلبوا إليه بلهفة أن ينقذهم من الخطر، فوبّخهم يسوع. ولكن لماذا وبّخهم ألإنّهم خافوا هيجان البحر كلاّ ! فالخوف شعورٌ عفوي أمام ثورة الطبيعة الهائجة.

لقد وبّخهم لأنهم خافوا وهو معهم، وما كان يحقّ لهم أن يخافوا، ويسوع يرافقهم ويعيش معهم.

يسوع ابن الله القدير

في الحقيقة خاف التلاميذ هيجان البحر لأن إيمانهم بيسوع كان لا يزال هزيلاً، ولم يكونوا يعرفونه آنذاك حقّ المعرفة. وهذا ما حملهم على أن يتساءلوا عندما هدّأ العاصفة: " مَنْ هذا حتى تُطيعَه الرياحُ والبحر ؟ "

من هذا ؟ إنّه ابنُ الله القدير الذي خرج من الله وأتى إلى العالم. قال يسوع: " لقد خرجتُ من الله وأتيتُ إلى العالم ". (يوحنَّا 8/42) فهو خالقُ الكون: " بِهِ كانَ كلُّ شيء، وبِدونِهِ ما كانَ شيءٌ مِمَّا كان " (يوحنَّا 1/3) وهو مبدعُ البحار والرياح وقوى الطبيعة وسيّدُها، يسيطر عليها كما يريد ومتى يريد، فتخضع له صاغرة، وتعترف بسلطانه عليها، وترفع إليه التسبيح.

وهذا ما حمل صاحب المزمور على أن يقول لها: " سبّ?حي الربَّ أيتُها الشمسُ والقمر، ويا جميعَ الكواكِبِ والنور، وجميعَ اللُّجَجِ والنارِ والبرَدِ، والثلجِ والجليد، والرياحِ العاصفةِ والجبالِ والشجر ". (من مزمور 148)

http://www.peregabriel.com/gm/albums...us_28129~0.jpg
نحن أيضاً نتعرّض للأخطار

كما تعرّض التلاميذ للخطر، فكذلك نحن أيضاً نتعرّض للخطر، بل لأخطار كثيرة، وهي أخطار جسديّة وروحيّة. فما هو موقفنا عندما نتعرّض لهذه الأخطار ؟

1- إنّ الأخطار الجسديّة كثيرة، وهي تحيط بنا من كلّ جانب، وتدهمنا في الوقت الذي لا ننتظر فيه وقوعَها. وهذا ما يوجِبُ علينا :

- أن نطلبَ حماية الله بالصلاة الحارَّة،ونسألَه أن يبسط علينا عطفه وسلامه.
- وأن نتصرّف في الظروف الصعبة التي نحياها بصبرٍ وحكمةٍ وإيمان.
- وأن نعيش في حال النعمة خشيةَ أن يفاجئنا الموت ونحن في حال الخطيئة
- وأن نعبّر عن شكرنا لله متى زال الخطر، بالتسبيح لحبّه الذي أنقذنا منه


2- أمّا الأخطار الروحيّة التي نتعرّض لها فهي الظروف والأسباب الخارجيّة والداخليّة التي تدفعنا إلى ارتكاب الخطيئة وفقدان نعمة الله. فهي على سبيل المثال :

- إقامة العلاقات اللاأخلاقيّة والمستمرّة بأشخاص فاسدين.
- قراءة الكتب ومطالعة المجلاّت الإباحيّة التي تتوخّى انحلال الأخلاق في نفوس الناس، ولا سيّما في نفوس الشبيبة.
- مشاهدة صور الفجور والفسق التي تعرضها أشرطة بعض محطّات التلفزيون والأنترنيت، وهدفُها هدمُ الدين والأخلاق.
- مزاولة بعض أنواع الرقص التي تثير الغرائز الجنسيّة لدى الراقصين.


3- كيف يجب على المسيحي أن يتصرَّف في مثل هذه الظروف الخطرة ؟

يجب عليه أن يطبّق في سلوكه القواعد الخلقيّة الثلاث التاليّة :

القاعدة الأولى : لا يجوز لـه أن يعرّض نفسه لهذه الأخطار. فلا يحقّ لـه - على سبيل المثال أن يجلس أمام شاشة التلفزيون ويتطلّع إلى مشاهد الفجور التي تعرضها، وذلك لان لهذه المشاهد جاذبيّة قويّة وتأثيراً عميقاً في النفس، فلا يستطيع في مثل هذه الحال أن يتغلّب على ما يشعر به من انفعالات عاطفيّة وخياليّة وجسديّة، ولا يقوى على أن يتفادى الخطيئة. فمن عرّض نفسه لهذه الأخطار القبيحة وقع فيها وارتكب الخطيئة، وأهان الله، ودنّس نفسه، ونزَع عنها النعمة المقدّسة.

القاعدة الثانيّة: ويحدث للمسيحي أن يُفاجأ ويرى نفسه معرّضاً لأحد أخطار ارتكاب الخطيئة. فيجب عليه آنذاك أن يهرب من الخطر بسرعة وشجاعة. ويكون ذلك بأن يمتنع مثلاً - عن متابعة الحديث القبيح، أو أن يُبعد عن مخيّلته الخيالات الدنسة التي تراوده، أو أن يُغلق الكتاب الفاسد الذي يقرأه. فإذا لم يهرب من الخطر الذي يتعرّض لـه سيطرت عليه الشهوة الداخليّة وارتكب الخطيئة.

القاعدة الثالثة:ويحدث لـه أيضاً أن يضعف بعض الشيء أمام قوّة التجربة. فالقاعدة الخلقيَّة الثالثة تدعوه إلى أن يعود إلى رشده بسرعة، ويرفض التجربة بعزيمةٍ ثابتة، ويتواضع أمام الله، ويطلب إليه تعالى أن يغفِر لـه تهاونه وتراخيه، ويشكر له مساندته الفعّالة التي جعلته يصحو ليتلافى ارتكاب الخطيئة.

التطبيق العملي

1- لا تقوم البطولة، وأنت أمام خطر الخطيئة، بأن تُجابهَ الخطر، بل أن تهربَ منه. فأنت ضعيف أمام خداع الشيطان، وإغراء العالم الشرير، وثورة الميول الفاسدة في الإنسان. فلا تفتخرْ بقوّة إرادتك. فأنت لست أقوى من بطرس الذي جابه الخطر ولم يهرب منه، فأنكر معلّمه الربّ يسوع .

2- وإن حدَثَ لك أن تضعُفَ أمام التجربة وتسقط في الخطيئة، فتذكّر ما فعله بطرس بعد أن أنكر الربّ يسوع. " خرجَ مِن الدارِ وبكى بكاءً مرّاً ". فهذا ما يفعلُهُ المسيحي الذي يحبّ يسوع حبّاً صادقاً والذي دفعَهُ ضَعفُه البشري إلى نكران يسوع بارتكاب الخطيئة.

إنه يعود إلى نفسه ويرى قباحة ما عمله فيخرج من جوّ الخطيئة، ويعبّر عن ندامته ببكاء القلب المتأسّف على الإهانة التي وجّهها إلى الرب يسوع.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:25 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع المرضى والممسوسين الكثيرين
في كفرناحوم


http://www.peregabriel.com/gm/albums...f-Jesus-25.jpg

نصّ الإنجيل

ولمّا كانَ المساءُ، جاءوا يسوع بكثيرٍ مِنَ المَمْسوسين، فكانَ يَطرُدُ الأرواحَ بِكَلِمَةٍ مِنهُ، ويَشفي جميعَ المَرضى. فتَمَّ ما أُوحيَ إلى النبيِّ أشَعيا فقال: " أَخَذَ أسْقامَنا وحَمَلَ أَمراضَنا ". (متى 8/16-17)

شفى يسوع حماة بطرس التي كانت الحمَّى الشديدة قد استولت عليها. وكان ذلك اليوم سبتاً. وانتظر الناس مغيب الشمس، وفيه نهايةُ السبت وبدءُ الأحد، فأتَوا إلى يسوع بمرضاهم. وكانوا كثيرين. فشفاهم جميعاً.


كثرة الممسوسين في كفرناحوم

نحن لا نستغرب عندما نطّلع على أنه كان في مدينة كفرناحوم مرضى كثيرون. فالشوارع كانت ضيِّقة، والنظافة قليلة، والطبّ أقرب إلى الشعوذة منه إلى الطبّ الصحيح، ووسائل العناية الصحيّة كادت أن تكون مفقودة.


ولذلك كانت الأمراض المتنوّعة منتشرة بكثرة، والمرضى كانوا أعداداً وافرة.

أمّا ما يثير دَهَشَنا فهو كثرة الممسوسين، أيْ كثرة الذين دخلت فيهم الشياطين واستولت على أجسامهم وجعلتها مقرّاً لها تنعم بالراحة والاطمئنان.

ولماذا دَخَلَت الشياطين في أجسام الكثيرين من أبناء هذه المدينة ؟ إنَ الشياطين لا تدخل إلاّ أجسامَ الكفرة والفاسدين، وأجسامَ الذين استسلموا كلّياً إلى خطايا الإلحاد والزنى والنجاسة وسؤ الأخلاق. لقد كانت مدينة كفرناحوم مدينةً تجاريّة، وخليطاً من اليهود والوثنيّين.


وقد تأثّر كثيرٌ من اليهود بعادات الوثنيّين وكفرهم وسوء أخلاقهم، فأهملوا الصلاة وعبادة الله وحفظ الوصايا، فأضحوا شرّاً من الوثنيّين أنفسهم. ورأت الشياطين أنّهم مهيّأون نفسيّاً وجسديّاً لاستقبال الأرواح النجسة فدخلت فيهم واستقرّت، وأخذت تعذّبهم وهم لا يزالون على الأرض.


رسالة يسوع رسالة سلام وتعزية وخلاص


شعر يسوع بما كان يتحمَّلُ هؤلاء المرضى والممسوسون من آلامٍ جسديّة ونفسيّة، فرضيَ أن يتحمَّلَ هو نفسه هذه الآلام. فأزال عنهم المرض، وأبعَدَ عنهم سيطرة الأبالسة، وأعاد إليهم الراحة والمكانة الاجتماعيّة، فكانت رسالته لديهم رسالةَ سلام وتعزية وخلاص، حقّقتْ نبوءة أشعيا الذي قال :

" أخذَ أسقامَنا وحمَلَ أوجاعَنا ".

إلاّ أنَّ أبناء هذه المدينة الكافرة لم يستفيدوا من عمل يسوع الخلاصي، فبَقَوا على كفرهم وسوء أخلاقهم. ولذلك وبَّخهم يسوع توبيخاً شديداً وأنذرهم بالدمار والهلاك. قال لكفرناحوم :


" وأنتِ يا كفرناحوم أتحسَبينَ أنَّكِ ترتفعينَ إلى السماء (بغناكِ وثرواتكِ) ستهبِطينَ إلى الجحيم (بسبب كفرك وخطاياك). فلو جرى في سَدوم ما جرى فيكِ من المعجزات، لَبَقيتْ إلى اليوم. على أنّي أقول لكم: إنَّ أرضَ سَدوم سيكونُ مصيرُها يومَ الدِّين أَخَفَّ وطأةً من مصيرِكِ ".


(متى 11/23-24)




التطبيق العملي

1- لاحظْ عناد أهل كفرناحوم وتمسّكهم بالشرّ . كان موقفُهم هذا شبيهاً بموقف الشيطان الذي بقيَ على عِناده وشرِّه فَفَقَدَ سعادة السماء وهبط إلى جهنم، وهو لا يزال متمسِّكاً بعناده وشرّه. فلا تكنْ عنيداً في الشرّ، بل عُدْ إلى الله بالتوبة.


2- إنَّ سِرّ التوبة سِرٌ يغفر لك خطاياك، ويُريح ضميرك، ويجعلك صديق الربّ يسوع. فاقبِلْ على هذا السرّ كلّما شعرت بتوبيخ ِضميرك.



3- واذكر أنّ رسالة يسوع رسالة تعزية للنفس المتألمة. فالتجئْ إليه بالصلاة كلّما شعرت بألَمٍ أو كآبة. فإنّه يساندك في أوان الضيق ويعزّيك في وقت الحزن.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:25 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع خادم قائد المئة في كفرناحوم

http://www.peregabriel.com/gm/albums...f-Jesus-27.jpg

نصّ الإنجيل

دَخَلَ يسوع كفرناحوم. وكان لقائدِ مئةٍ عبدٌ مريضٌ قد أشرَفَ على الموت، وكانَ عزيزاً عليه. فلمَّا سَمِعَ بيسوع، أَوْفَدَ إليهِ بَعْضَ أعيانِ اليهود يَسْأَلُهُ أنْ يأتيَ فيُنقِذَ عبدَهُ.


ولمَّا مَثَلوا بينَ يدَيْ يسوع، ألَحُّوا عليهِ في السؤالِ فقالوا: " إنَّهُ يستَحِقُّ أن تُحسِنَ إليهِ هذا الإِحسان، لأنَّهُ يُحِبُّ أمَّتَنا، وهو الذي بَنَى لنا المجمَعَ ".


فمضى يسوعُ معَهُم. وما إنْ صارَ غيْرَ بعيدٍ مِنَ البيتِ، حتى أرسَلَ إليهِ قائدُ المئة بعضَ أصدِقائِهِ يقولُ لهُ : " سيِّدي، لا تُكَلِّفْ نفسَكَ فإنّي لسْتُ أهلاً لأنْ تَدْخُلَ بَيتي فتَقِفَ تحتَ سَقفي، ولِذَلِكَ لم أرَني أهلاً لأن أجيءَ إليك، ولَكِنْ قُلْ كَلِمَةً يَبرأْ غُلامي.


فأنا مَرؤوسٌ ولي جُندٌ بإِمرتي، أقولُ لهذا: اذهبْ فيَذهب، وللآخَر: تَعالَ فيأتي، ولعَبدي: إِفعلْ هذا فيفعَلُهُ ". فلمّا سَمِعَ يسوع ذلك، تعَجَّبَ منهُ، والتَفَتَ إلى الجَمْعِ الذي يتبَعُهُ فقال: " أقولُ لكُمْ : لم أجِدْ مِثلَ هذا الإيمان حتى في إسرائيل. وأقولُ لكم :سوف يأتي أُناسٌ كثيرون مِنَ المشرِقِ والمغرِب، فيجالسونَ إبراهيمَ وإسحقَ ويعقوبَ على المائدةِ في ملكوتِ السماوات.


وأمّا بَنُو الملكوت فيُلْقَونَ في الظُلمَةِ البرَّانية، وهناك البُكاءُ وصريفُ الأسنان ". ورجَعَ الموفدونَ إلى البيت فوجدوا العبدَ قد رُدَّت إليهِ العافية. (لوقا 7/1-11 ومتى 8/11-12)

كان هذا القائد يحبّ خادمه. وقد أظهر محبّته له عندما سعى بما كان لديه من الوسائل البشريَّة للحصول من يسوع على معجزة تشفيه من مرضه الخطير.


هذا القائد الوثني قدوة للأسياد وأرباب العمل


1- إن تصرّف هذا القائد الوثني أنموذجٌ حيّ لجميع الأسياد وأرباب العمل. فيجب عليهم أن يعلموا أنّ خدَّامهم وعمَّالهم بشرٌ على مثالهم، مخلوقون على صورة الله، لهم حقوقهم وكرامتهم ومقامهم في المجتمع.


فلا يجوز للأسياد وأرباب العمل أن يهدروا حقوق عمّالهم وخدّامهم، ويعاملوهم باحتقار، ويحرموهم كرامتهم، ويمنعوهم من تحقيق حاجاتهم الأساسيّة في مجالات الحياة، كالصحّة، والراتب العادل، والاستراحة الضروريّة، والكرامة الشخصيّة.


2- إنّ الكتاب المقدّس يوبّخ الأغنياء على عجرفتِهم وهدْرِ حقوق مستخدميهم. قال القديس يعقوب للمزارعين الظالمين: " ها إنّ الأجرةَ التي حرمتموها العَمَلَةَ الذين حصَدُوا حقولَكُم قد ارتفَعَ صياحُها. وإنَّ صُراخَ الحصّادين قد بَلَغَ أُذُنَيْ ربِّ الجنود". (رسالة يعقوب 5/4) .


فعلى الأسياد وأرباب العمل المسيحيّين أن يُصغوا إلى أقوال الكتاب المقدّس، ويُعاملوا خدّامهم وعمّالهم بما تقتضيه العدالة والاستقامة والمحبّة المسيحيّة.



تواضع قائد المئة وإيمانه


سَمِعَ القائد الوثني المقيم في كفرناحوم أن يسوع يشفي المرضى، فعزَمَ على أن يسأله شفاء خادمه المريض. ولمّا لم يكن يعرفه معرفة شخصيّة أرسل إليه وفداً من أعيان اليهود يسألونه شفاء الخادم. فمشى يسوع معهم إلى بيت القائد.



1- تواضع قائد المئة : كان هذا القائد متواضعاً فعدَّ نفسَهُ غيرَ أهلٍ لأن يستقبل يسوع في بيته، فأرسل إليه أصدقاءه، ويسوعُ في الطريق، يقولون لـه نيابةً عنه: " إنّي لستُ مستحقّاً أن تدخُلَ تحتَ سقف بيتي، كما إنّي لستُ أهلاٌ لأن آتيَ إليك لأنّي من الأُمّة الوثنيّة ". إنَّ هذا التواضع العميق قد أثّر في قلب يسوع تأثيراً بالغاً.



2- وإيمان قائد المئة: لم يكتفِ هذا القائد بأن يعبّر عن تواضعه، بل أبدى إيمانه الوطيد بقدرة يسوع على شفاء خادمه المريض. واستعمل للتعبير عن إيمانه لغة الجنود في ثُكَنِهم، فقال ليسوع:


كما إنّي أُطيعُ أوامر رؤسائي الضبّاط لأنهم أرفع منّي مقاماً، وكما إنَّ مَرؤوسيَّ الجنود يُطيعون أوامري لأني أعلى منهم مرتبةً، فكذلك المرضُ بالنسبة إليك. فهو يُطيعُك لأنك أسمى مرتبةً من جميع أمراض الطبيعة ومصائبها، وقادرٌ على كلِّ شيء. يكفي أن تأمرَ المرضَ بالزوال فيزولُ ويَبرأَ خادمي


إعجاب يسوع بتواضع قائد المئة و إيمانه


سمع يسوع قول قائد المئة فأُعجب بتواضعه. إنّ الكلمة التي عبّر بها عن تواضعه قد حفظتها الكنيسة باهتمام ووضعتها على شفاه المؤمنين ليقولوها ليسوع بكلّ تواضع قبل أن يتناولوا القربان الأقدس: " إلهي ! لستُ أهلاً لأن تدخُلَ تحتَ سقفِ بيتي، ولكن قُلْ كلمةً واحدة فتحيا نفسي ".


وأُعجب يسوع بإيمانه أيضاً، فأقام مقابلةً بين إيمان الوثنيّين القويّ وإيمان اليهود الضعيف. فاليهود كانوا يرون معجزاته الكثيرة، ويسمعون أقواله وتعاليمه السامية، ومع ذلك لم يكن لديهم إيمانٌ على قدْر إيمان الوثنيّين. ولذلك أوضح يسوع ما في قلبه من إعجاب فقال : " إني لم أَجدْ مِثْلَ هذا الإيمان حتى في إسرائيل ".



ثمَّ تنبَّأ عن مستقبل الوثنيّين واليهود، فبيَّن أنّ الوثنيّين الذين يأتون إليه من مشارق الأرض ومغاربها سوف يؤمنون به وينالون مكافأة إيمانهم، مع إبراهيم وإسحق ويعقوب، في ملكوت الله.


أمَّا اليهود الذين دعاهم الله إلى أن يكونوا أبناء الملكوت، فإنّهم سيرفضون الإيمان بالمسيح، وينالون عقاب رفضهم العنيد في مقرّ العذاب الأبدي حيثُ البكاءُ وصريفُ الأسنان.



التطبيق العملي

1- لاحظْ إيمان الوثنيّين. إن أجدادنا آمنوا بقدرة يسوع وحافظوا على إيمانهم بها على الرَّغم من الاضطهادات.فكانوا قدوةً في الإيمان لأحفادهم المسيحيّين. فاقتدِ بإيمانهم لتكون بدورك قدوةً صالحة للآخرين.

2- إن قائد المئة مثلٌ لكَ في التواضع. فمهما كنت غنيّاً أو ذكيَّاً أو صاحبَ سلطة ونفوذ، فأنتَ لا شيء أمام عظمة يسوع الإلهيّة، فتواضعْ أمامه.

3- كما التجأ قائد المئة إلى وساطة الأعيان، فكذلك لا تخشَ أنت أن تلتجئ إلى وساطة أمّنا مريم العذراء والقدّيسين لتطلب من يسوع النِعَمَ التي تحتاجُ إليها.


إنّ هذه الوساطة محبّبة إلى قلبه لأنّها تمجّد القديسين الذين أحبّوه إلى حدّ البطولة.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:26 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
أجرى يسوع معجزة صيد السمك

http://www.peregabriel.com/gm/albums...rmal_010~0.jpg



نصّ الإنجيل

جلسَ يسوع في السفينةِ يُعَلِّمُ الجموع. ولَمَّا فَرَغَ مِنْ كلامِهِ قالَ لسِمعان: " سِرْ إلى عُمْق البُحيرة وأرسِلوا شِباكَكُم للصيد ". فأجابَ سِمعان : " يا مُعَلِّم، تعِبنا طَوالَ الليلِ ولم نُصِبْ شيئاً، ولكنّي أُرسِلُ الشِّباكَ إجابةً لطَلَبِكَ ".


وفعَلوا فأَصابوا من السَّمَكِ شيئاً كثيراً جِدّاً. وكادت شِباكُهُمْ تَتَمَزَّق. فأشاروا إلى شُركائِهِم في السفينة الأُخرى أن يأتوا ويُعاونوهم. فأتَوا وملأوا السفينتَيْنِ حتى كادتا تغرقان .فلما رأى سِمعانُ بطرسُ ذلك أكَبَّ على رُكبَتَيْ يسوع وقال:


"سيِّدي، تباعَدْ عنّي، إنّي رجلٌ خاطئ". وكان الدَهَشُ قد استولَى عليهِ وعلى أصحابِهِ كُلِّهِم، لِكَثرَةِ الصيدِ الذي أصابوه. ومِثْلُهُمْ يعقوبُ ويوحنَّا ابنا زَبَدى، وكانا شريكَيْ سِمعان. ف

قالَ يسوعُ لسِمعان: " لا تَخَفْ. ستكونُ بعدَ اليومِ للبَشَرِ صيَّاداً ". فَرَجعوا بالسفينَتَيْنِ إلى البَرِّ، وتركوا كلَّ شيءِ وتبعوه. (لوقا 5/4-11)

إنّ التأمّل في هذه المعجزة يوحي إلينا الأفكار التالية:

اهتمام يسوع بالطبقة العاملة

1- مِمّا لا شكَّ فيه أنَّ هدف يسوع الأول والأكبر من صنع المعجزات كان التبشير بملكوت الله وحمل الناس على الإيمان برسالته الإلهيّة.

ولكنّه لم يغفل عن الاهتمام بالشؤون الأرضيّة التي تؤازر الإنسان على قبول الإيمان. ومن بين الناس الذين اهتمّ بهم وبحاجاتهم العُمّالُ الكادحون، وكان معظم تلاميذه من أبناء هذه الطبقة، فآزرهم بمعجزةٍ خفّف عنهم وطأة التعب وحقّقَ لهم رزقاً طيّباً، وشدَّد إيمانهم به، ووثَّق تعلّقهم بشخصه الإلهي.

2- إنَّ ما عمله يسوع في سبيل تلاميذه العمّال قد حمل الكنيسة خلال القرون المتعاقبة على الاهتمام بالعمّال، فدافعت عن حقوقهم، وحافظت على كرامتهم، وأظهرت لهم أنّهم أبناء الطبقة الاجتماعيّة التي اهتمّ بها يسوع اهتماماً خاصّاً، فعاش مع أفرادها عيشةً اتّصفت بالرغبة المستمرّة في رفع مستواها الديني والخُلُقي.

مكافأة الطاعة ومعاقبة العصيان

1- كان بطرس يعلم بالخبرة أنَّ المكان الذي أشار إليه يسوع ليصطاد فيه لا يحوي السمك المنشود، كما كان يعلم أنّ الصيد في الليل خيرٌ من الصيد في النهار. ومع ذلك، فإنّه لم يعترض على أمر يسوع، بل أطاعه طاعةً كاملة وسريعة. ونال مكافأة طاعته، فحاز من السمك شيئاً كثيراً.

2- إنّ كثيرين من المسيحيين يرفضون الطاعة لله، ويتصرّفون على هواهم، لأنهم يعتبرون أنّ الطاعة تقيّد حرّيتهم، وتحرمهم كرامتهم، وتقف سدّاً منيعاً في وجه تحقيق سعادتهم، فيقاومون إرادة الله من دون أيّ رادع. إنّهم على خطأ عظيم، ذلك لأنهم ينسون أنَّ اللهَ خالقُهم وسيِّدُهُم، له الحقّ المطلق في إصدار أوامره إليهم، وأنّه أبوهم لا يريد أن يُطيعوه إلاّ طاعة البنين الأحرار لا طاعة العبيد الأذلاء.

3- ولو فكّروا في سيادة الله وأبوَّته الحنون لأطاعوه بحبٍّ وشوق. ولكنّهم يجهلون ? أو يتجاهلون ? مقام الله اللاّمحدود وحبّه غير المتناهي، فينالون عقاب لامبالاتهم بأوامر الله وعصيانهم على تدابيره ووصاياه.

يسوع الإله الخالق القدّوس

شاهد التلاميذ قَبْلَ معجزة صيد السمك، ثلاثَ معجزات، وهي تحويل الماء إلى خمر في قانا الجليل، وإبراء ابن الضابط في كفرناحوم، وشفاء حماة بطرس. وقد أثّرت هذه المعجزات كلّها فيهم تأثيراً دينيّاً حسناً.

أمَّا معجزة صيد السمك فكان لها وقعٌ في قلوبهم أشدّ وأعمق، ذلك لأن هذه المعجزة كانت لها علاقةٌ مباشرة بمهنتهم. فإنهم لم يكونوا يتوقّعون أنّ هذه الكثرة من السمك تظهر فجأةً في مكانٍ خالٍ، في إثر كلمةٍ واحدة تفوّه بها معلمهم الجديد. فارتمى بطرس على قدمَيْ يسوع واعترف بأنه إنسانٌ خاطئ غير جدير بأن يقف أمام يسوع الإله الخالق القدّوس.

الدعوة إلى الرسالة التبشيريّة

إن أجمل ما في هذه المعجزة أنها كانت مناسبة موفّقة لدعوة بطرس إلى أن يكون رسول يسوع في العالم: " لا تخفْ. ستكونُ بَعد اليومِ للبشرِ صيّاداً".

إنَّ هذه الدعوة لم تبقَ محصورةً ببطرس وحدَه، بل شمَلَت بعدئذٍ التلاميذ كلّهم. فقد دعاهم جميعاً، بعد قيامته من بين الأموات، إلى أن يقوموا بعمل الرسالة:

" اذهبوا وتلمذوا جميعَ الأُمَم. وعلِّموهم أن يحفظوا كلَّ ما أوصَيتُكُم به ". (متى 28/19-20)

وهذه الدعوة موجّهة أيضاً إلى كلّ مسيحي ليكون رسول يسوع ويبشّر الناس باسمه ويساهم على قدْرِ طاقته في نشر الخلاص وحبّ الله للبشر قاطبةً.

التطبيق العملي

إنّ للدعوة إلى الرسالة والتبشير باسم يسوع أساليبَ متعدّدة، أهمُّها الانتساب إلى رهبانيّة رسوليّة، أو الانتساب إلى " العمل المسيحي ".

1- الانتساب إلى رهبانيّة رسوليّة : إنّ الفتى الذي يريد أن يكون رسول يسوع وكذلك الفتاة ينتسب إلى رهبانيّة رسوليّة، ويتلقّى في المدرسة الأكليريكيّة مدّة خمس أو ستّ سنوات الدروس اللاهوتيّة. ثم يبرز نذوره الرهبانيّة الثلاثة، وهي الفقر والعفّة والطاعة، ثم يقبل الرسامة الكهنوتيّة، ويترك بلده وينطلق إلى البلد الذي يعيّنه لـه رؤساؤه ليبشّر بالدين المسيحي مع زملائه المرسلين الذين سبقوه. إنّ التبشير عملٌ متعبٌ للغاية، ومع ذلك فإنّه لا يخيف الفتيان والفتيات، ولا يثنيهم عن تبنّي هذه الحياة المُضنية لِما يشعرون به من الفرح الروحي، وهم ينشرون بين الشعوب الوثنيّة معرفة يسوع وحبّه السامي لنا.

2- الانتساب إلى " العمل المسيحي" : إنّه العمل الديني المشترك الذي يقوم به الكهنة والرهبان والراهبات مع أبنائهم العلمانيّين في البلد الذي يعيشون فيه.

إنّ هدف هذا العمل هو نشر معرفة يسوع بين الطبقات التي أهملت أمور الدين وجهلت واجباتها المسيحيّة. فالعمل المسيحي يحملها على العودة إلى الإيمان والممارسة الدينيّة المنسيَّة.

فالمسيحي الصالح يفكّر في الدعوة التي يوجّهها إليه يسوع ليبشّر الآخرين بنور المسيح وحبّه لجميع البشر ويقبَلُها بشجاعة ومن دونِ أي تردّد.


Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:26 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع ابن ضابطٍ في كفرناحوم


http://www.peregabriel.com/gm/albums...f-Jesus-05.jpg

نصّ الإنجيل

كانَ في كفرناحوم عامِلٌ للملكِ لـهُ ابنٌ مريض. فلمَّا عرَفَ أنَّ يسوع جاءَ منَ اليهوديَّةِ إلى الجليل، وَفَدَ عليه يسأَلُهُ أنْ يَنـزِلَ فيُبرِئَ ابنَهُ الذي أشرَفَ على الموت. فقالَ لهُ يسوع : " إذا لم تَرَوا الآياتِ والأَعاجيب لا تُؤمِنون ! ".

فقالَ لـهُ عامِلُ الملك : " انْزِلْ، سيِّدي، قبلَ أن يموتَ ولدي ". فقالَ لهُ يسوع : " اذهَبْ، إنَّ ابنَكَ حيّ " . فآمنَ الرجلُ بِالكَلِمَةِ التي قالَها يسوع ومضى. وبينَما هو نازِلٌ تلَقَّاهُ عبيدُهُ فبشَّروهُ بأنَّ ابنَهُ حَيٌّ. فسأَلَهُم: " في أيَّةِ ساعَةٍ تَعافى "فقالوا له :

" أمْسِ في الساعَةِ السابعة أقلَعَتْ عنهُ الحُمَّى". فعَلِمَ الأبُ أنَّها الساعةُ التي قال لـهُ فيها يسوع : " إنَّ ابنَكَ حَيّ ". فآمَنَ هو وأهلُ بيتِهِ جميعاً. (يوحنَّا 4/46-54)

المعجزة الثانية في قانا الجليل

ترك يسوع مقاطعة الجليل وجاء إلى أورشليم بمناسبة عيد فصح اليهود ، وأقام بها طَوالَ أيامِ العيد. ولمّا انتهت هذه الأيام غادرها وعاد إلى الجليل. ومرَّ في طريقه بمقاطعة السامرة ، وتحَدَّث عند بئر يعقوب إلى المرأة السامريّة، ومكث عند السامريّين يومَيْن، ثمَّ تركَهُم وتابع سيره وجاءَ إلى قانا الجليل حيث كان قد حوّل الماء إلى خمر.

وكان في كفرناحوم ضابط من ضبّاط الملك هيروُدوس ، لـه ابنٌ مريض. وكان مرضه خطيراً جداً حتى إنّه قد أشرف على الموت. ولم يستطع أطباء كفرناحوم أن يشفوه. فلمّا سمع الضابط أنَّ يسوع جاء من أورشليم إلى قانا ركِبَ فرسه على الفور وأتى إلى قانا والتقى يسوع وسأله بإلحاح إن يأتيَ معه إلى كفرناحوم ويشفي ابنه. فاستجاب يسوع طلبه ولكن من دون أن يذهب إلى كفرناحوم، بل شفى الغلامَ المريض وهو بعيدٌ عنه.

ضرورة الاهتمام بالنفس قبل الاهتمام بالجسد

إنَّه من الطبيعي أن يقوم هذا الضابط بمسيرةٍ تدوم ستَّ ساعات ليلتقي يسوع وينال منه شفاء ولده. فإنَّ ما فعله هذا الأب في سبيل ابنه يفعله كلُّ أبٍ مُحِبٍّ يريد شفاء ولده المريض.

إنَّ تصرّف هذا الضابط يطرح علينا السؤال التالي: هل نقوم نحن بمثل هذا الجَهد عندما تكون نفوس أولادنا مريضة بالخطيئة تحتاج إلى الدواء من يسوع لتستعيد صحّتها الروحيّة، أم نتركها تذوب رويداً رويداً في مرضها حتى تشرف على الموت وتموت فعلاً موت الخطيئة ؟

لماذا لا نفعل ما فعله هذا الضابط فنذهب إلى يسوع ونسأله بإلحاح أن يشفي نفوس أولادنا المشرفة على الموت الروحي ؟

إنَّ الواقع الذي نعيشه هو أنّنا نهتمُّ بأجسادنا وأجساد أولادنا أكثر بكثير مِمَّا نهتمُّ بنفوسنا ونفوسهم. إنّ مرض أجسادنا يثير فينا الخوف والهلع، أمّا مرض نفوسنا فلا نأبه لـه ولا نعيره اهتماماً. ألسنا على خطىء عظيم ونحن نعرف أنَّ للنفس قيمةً أسمى بما لا تُقاس من قيمة الجسد لأنها خالدة ؟ إن الفطنة السماويّة تفرض علينا أن نتلافى خطر الموت الأبدي. فيا ويل من يموت وهو في حال الخطيئة!

جاء يسوع لينشر الإيمان بملكوت الله

امَّا طلب الضابط إلى يسوع أن يرافقه إلى كفرناحوم ليشفي ابنه المريض شعر يسوع بأن هدفه لم يكن الإيمان به، بل الحصول منه على شفاء ابنه. لقد كان يريد منه نعمةً أرضيّة فقط، مع أن يسوع لم ينزل من السماء ليكون طبيباً يشفي المرضى، بل جاء إلى الأرض لينشر بين الناس الإيمان بملكوت الله.

ولم يكن للمعجزات التي يصنعها إلاّ هذا الهدف الأساسي، وهو إحياء الإيمان في نفوسهم برسالته الإلهيّة. ولذلك أوضح للضابط بصراحة أنّه يصنع المعجزات لكي يؤمنوا به، ولولاها لا يؤمنون. قال له: " إذا لم تَرَوا المعجزاتِ والأعاجيبَ لا تؤمنون "

لا شكّ في أنّ يسوع يرضى بأن يؤمن الناس به في بادئ الأمر انطلاقاً من مشاهدة المعجزات التي يصنعها. ولكنّه لا يرضى بأن يتوقَّّفوا عند هذا المستوى البدائي من الإيمان. إنّه يريد أن يؤمنوا بكلامه وبشخصه الإلهي، لا استناداً إلى المعجزات فقط، بل لأنه " الطريقُ والحقُّ والحياة " أيضاً. ( يوحنَّا 14/6) فإنّه يحمل إليهم الحقيقة الموحاة، ويقودهم إلى الله الآب السماوي، ويمنحهم الحياة الإلهيّة، ويؤمّن لهم السعادة الأبديَّة التي خُلقوا للتمتّع بها عند الله.

شدّد يسوع إيمان الضابط

عندما سمع الضابط ما صرَّح به يسوع عن ضرورة الإيمان به شعر في نفسه بأنه أمام نبيٍّ عظيم قادرٍ على صُنْع المعجزات. فآمن به. ولكنّ إيمانه كان لا يزال هزيلاً. فألحَّ على يسوع إلحاحاً شديداً بأن يأتي معه إلى كفرناحوم قبل أن يموت الغلام.

إنَّ هذا الإلحاح يُظهر أنَّ الضابط كان يعتقد أنَّ مجيء يسوع إلى غرفة المريض أمرٌ لا بدّ منه. فإنّه لا يقوى على شفائه إذا كان بعيداً عنه، ولا يقدر على إحياء الغلام إذا مات. وأيقن يسوع أنَّ إيمان هذا الضابط ما زال ضعيفاً فكلّمه بلغةٍ قويَّةٍ وحاسمة وشدّد إيمانه. قال لـه : " اذهبْ فإنَّ ابنَكَ حيّ ". أيْ آمنْ بي، ولا تستسلمْ إلى الشكّ والتردُّد. فقد شفيتُ ابنَكَ وأنا بعيدٌ عنه.

في الواقع كانت كلمة يسوع نعمةً قويّة فعّالة دخلت إلى أعماق قلب هذا الضابط، فانتقل من الإيمان الضعيف المحدود إلى الإيمان القويّ الكامل. فآمن بقدرة يسوع اللاّمحدودة، واطمأنَّت نفسُهُ إلى شفاء ابنه، فأقام بقانا في تلك الليلة ولم يعُدْ إلى كفرناحوم إلاّ في صباح يوم الغد. وعَلِم من خَدَمه، وهو في الطريق، أن ابنه قد شُفي في الوقت الذي أكَّد له فيه يسوع أنه قد شفى ابنه المريض.



التطبيق العملي

1- إن أمراض الجسد مؤلمة. فكما أنّك تداوي جسدك باعتناء، فكذلك لا تهملْ مداواة أمراض نفسك. وأبشعُ مرضٍ ينتابها مرضُ الخطيئة. فحافظْ على صحّتها الروحيّة بالامتناع عن ارتكاب الخطيئة التي تؤدّي بك إلى الموت الأبدي. وبئسَ المَصير!

2- لم يكتفِ الضابط بأن يؤمن وحدَه بيسوع، بل حمل كلَّ أفراد أسرته على الإيمان به . فكنْ على مثال هذا الضابط رسولَ يسوع في محيط عملك. وأجمل مظهرٍ لرسالتك هو أن تكون للآخرين القدوة الصالحة في ممارسة واجباتك الدينيّة.




Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:26 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع حماة بطرس

http://www.peregabriel.com/gm/albums...f-Jesus-41.jpg

نصّ الإنجيل

ولمَّا خرَجَ يسوعُ مِنَ المَجمَع، جاءَ إلى دارِ سِمعانَ وأندَراوس، يَصحَبُهُ يَعقوبُ ويوحنَّا، وكانت حماةُ سِمعان مُلقاةً على الفِراشِ مَحمومة، فأَطلَعوهُ على حالتِها. فدَنا مِنها فأَخَذَ بِيَدِها وأَقامَها، فأَقلَعَتْ عنها الحُمَّى، وأَخَذَتْ تَقومُ بضِيافَتِهِمْ . (مرقس 1/29-31)


الحمّى الشديدة والشهوة الرديئة


إنَّ الحمّى الشديدة التي استولت على حماة بطرس تذكّرنا بالشهوة الرديئة التي تستولي على نفسِ الإنسان، وتفتح لنا المجال لأن نتحدّث عن الشهوة بالتفصيل.

إن شهوة النفس أو الهوى على أنواعٍ كثيرة، ومن أهمّها الكبرياء، والحقد، والطمع، وعشق الملذّات، والكراهية، والخوف، والغضب، والحسد، والبخل، واليأس، والحزن. إنَّ هذه الشهوات، إذا ما اشتدّت وتفاقمت، دمّرت نفس من يستسلم إليها، وأفقدته حياة النعمة المقدّسة.


فإذا أردنا أن نتلافى تأثيرها الرديء فلا بدَّ لنا من أن نعرف أوَّلاً مساوئَها، ثمّ نطّلع على ما فينا من شهواتٍ خبيثة، ونسلك بعدئذٍ الطريقة الفضلى لمحاربتها بقوّةٍ وشجاعة قَبْلَ أن تتأصّل في قلوبنا.


مساوئ الشهوة في نفوسنا

إنَّ مساوئ الشهوة الرديئة كثيرة، نذكر أشدَّها تأثيراً في النفس، وهي:

1- الاضطراب الداخلي: كلّنا اختبرنا في كثير أو قليل مساوئ الشهوة الرديئة في نفوسنا. إنّها تنشئ فينا اضطراباً داخليَّاً عنيفاً، وتعذّبنا بهزّاتها المتواصلة. فتارةً تجمّدنا من الخوف وتملأنا من اليأس، وتارةً أخرى تُضرم فينا نار الغضب والحقد والرغبات القبيحة.

وفي بعض الأحيان تتصارع فينا الشهوات المتناقضة، وتمزّقنا بلا رحمة، وتزرع في عقولنا الحَيْرة والضلال، فلا نعود نحكم على الأمور حكماً صائباً، حتى إننا نسمّي الشرَّ خيراً، والعارَ شرفاً، والعبوديّة حرّيةً، والألم لذَّةً، والشقاء سعادة


2- وضَعف الإرادة والمقاومة : إنّها تسبّب فينا ضَعف الإرادة أيضاً، فلا نعود نقوى على محاربة جاذبيَّة التجارب التي تستهوينا، بل ننقاد لنزوات النفس ورغباتها الفاسدة من دون أيّة مقاومة. ويتفاقم فينا أحياناً تأثيرُ الشهوة الرديئة، فنهمل الصلاة، وأعمال العبادة، ونُعرض عن تتميم إرادة الله، ونرتكب الخطايا الكثيرة.



3- ثم تشويه جمال النفس : إنّها تشوّه جمال نفوسنا تشويهاً عميقاً. فتنزع عنها اللُّطف، وكَرَمَ الأخلاق، والعادات السليمة، والطاعة البَنَويّة، والفرح الداخلي. فتصبح طباعُنا حادّة، ولهجتُنا قاسية، وحركاتُنا عنيفة، وأقوالُنا مستهجَنة. ونستسلم تارةً إلى حزنٍ أسود، وتارةً أخرى إلى فرحٍ جنوني، فتفقِدُ نفوسُنا جمالها وتوازنها الطبيعي.



4- وتحكّم الشهوة في نفوسنا : وإنّها تتغلغل بعُمقٍ في نفوسنا المضطربة كما تتغلغل الحمّى في أجسادنا المريضة، فتهدّ كياننا، نفساً وجسدا،ً هدّاً بعيد المدى. لقد كان بإمكاننا أن نتخلََّص من تأثيراتها السيِّئة لو حاربناها منذ بدء نشأتها. ولكنّها متى تأصّلت فينا تتحكّم في سلوكنا وتفرض علينا مطالبها القاسية وتجعلنا عبيداً لها.



معرفة ما فينا من شهوات رديئة


لا نستطيع أن نحارب ما فينا من شهوات نفسيّة رديئة إلاّ إذا عرفناها معرفةً واضحة وحدّدناها تحديداً دقيقاً. فكما أن الطبيب لا يحارب المرض إلاّ إذا شخّصه وحدّده، فكذلك المسيحي لا يحارب الشهوات الرديئة في نفسه إلاّ إذا شخّصها وحدّدها

1- إن الشهوات في النفس ليست كلّها على مستوى واحد من القوّة والعنف والعمق. فبعضها سطحي وبعضها عميق، وبعضها هزيل وبعضها عنيف. وفي النفس الواحدة تكون الشهوات أحياناً هائجة، وأحياناً أخرى هادئة.

2- أمّا أنواع الشهوات فتختلف من شخصٍ إلى آخر . فهذا متكبّر وذاك حسود، وهذا طمّاع وذاك حقود، وهذا غضوب وذاك يائس أو شهواني.

3- لذلك فإنّ القاعدة الكبرى لمحاربة الشهوات هي معرفة الذات: " أعرِفْ نفسَكَ ". هذه هي الحكمة العليا. إنّ معرفة الذات ليست بالأمر اليسير، لأن الحقيقة مؤلمة، ونحن نتعامى عنها، ونأبى الاطلاع عليها والإقرار بها. فمن كان متكبّراً يرفض أن يقول عن نفسه إنه متكبّر، وكذلك الحقود والحسود والطمّاع والجبان والشهواني والبخيل والغضوب.


فأوّل ما يجب أن نقوم به لمقاومة الشهوات المتأصّلة فينا هو أن نحدّدها ونشخّصها ونعترف بها صادقين. ومتى قمنا بهذا العمل الأساسي عمدنا إلى اتِّخاذ الوسائل التي تمكّننا من محاربتها.


طريقة محاربة الشهوات الرديئة فينا

مهما اشتدّت الشهوات الرديئة فينا فلا يحقّ لنا أن نيأس من محاربتها والتغلّب عليها. لمّا جاء يسوع إلى البيت واطّلع على شدة الحمَّى التي استولت على حماة بطرس انحنى عليها كالطبيب الماهر وأمسك يدها، ونزع عنها المرض، فقامت على الفور صحيحة معافاة.


كان يسوع أفضل طبيبٍ لهذه المرأة المتألّمة، وهو أفضل طبيبٍ لنا عندما تثور فينا الشهوة الرديئة وتبغي تحقيق مطالبها القبيحة من أعمال الكبرياء والحقد والطمع وغيرها من التصرّفات اللاأخلاقيّة. فإنه يمسك أيدينا وينزع عنَّا مرض هذه الشهوات وعبوديّتها المُرّة.


إلاّ أن يسوع يطلب منّا أن نساهم معه مساهمةً فعّالة في استئصال داء الشهوات فينا. وهذه المساهمة هي على ثلاثة أنواع:

1- المساهمة الروحيّة : إنّها تقوم بأن نستمطر على ذواتنا بالصلاة الحارّة والضراعة القلبيَّة نِعَمَ يسوع الغزيرة الفعّالة، ونمارس التقشّف الروحي والجسدي، ونقبل بتقوى سِرَّيْ التوبة والقربان الأقدس، ونلتجئ إلى شفاعة أمّنا مريم العذراء.

2- والمساهمة الوقائيّة : إنّها تقوم بأن نبتعد عن أسباب إثارة الشهوات الرديئة فينا، كمشاهدة الأفلام القبيحة التي تعرضها بعض شاشات التلفزة، ومعاشرة الرفاق الأردياء، والقراءات الفاسدة ،


وأن نتمّم واجباتنا اليوميَّة من عملٍ ودرسٍ وجَهْدٍ جسدي وعقلي بكلّ أمانة، وأن نعكف على الهوايات البريئة في مجالات الفنون والرياضة البدنيّة والرحلات الكشفيَّة والأثريّة.

3- ثمَّ المساهمة الاجتماعيّة: إنها تقوم بأن نقدّم للآخرين الخدمات التي يحتاجون إليها كما فعلت حماة بطرس بعد شفائها. فقد قامت وخدمت يسوع وتلاميذه الأربعة.

إنّ خدمة المحتاجين تهدّئ فينا غلَيان الشهوة وتجعلنا ننفتح بأعمال المحبَّة على الآخرين المحتاجين، فتنطفئ فينا نارُ الأنانيّة والكبرياء والغطرسة والبخل والحسد والانطواء الذاتي وغيرها من الميول الفاسدة.

هذا وإن الخدمة الاجتماعيَّة هي من أفضل الأعمال التي نقوم بها لنعبّر عن شكرنا ليسوع الذي آزرنا بنعمه على التخلّص من عبوديّات شهوات النفس فينا.


التطبيق العملي

1- إنّ شهوات النفس أشدُّ خطورةً على المسيحي، في كثيرٍ من الأحيان، من أمراض الجسد. فهي تدفعه إلى القيام بأعمالٍ قبيحة وزريّة من شأنها أن تحطَّ مقامه، وتطبعه بطابع الدناءة والحقارة، وتحرمه الحياة الإلهيّة التي حصل عليها بالمعموديّة.


2- يقول لك يسوع : يا بُنيَّ اعطني قلبك. بهذا القول يريد منك أن تحبّه حبّاً يفوق حبّك لنفسك، وأن تقاوم أسباب الشهوات الثائرة فيك، وتسيطر على كلِّ مظاهرها العنيفة والخدّاعة.

فلا تتردَّدْ في تلبية طلب يسوع، فتكون بذلك من أصحاب القلوب النقيّة الذين يرون وجه يسوع الجميل في وجوه اخوتهم المتألّمين.

3- ولا بدَّ لنا في هذا المجال من أن نميّز بين الشهوة والخطيئة. إنّ كثيرين من المسيحيّين لا يعرفون أن يميّزوا بين الشهوة الرديئة وتحقيق مطالبها القبيحة. إنَّ ثورة الشهوة في النفس ليست في حدِّ ذاتها خطيئة.

فمن الطبيعي مثلاً أن يشعر الإنسان بالغضب إذا ما وُجِّهت إليه إهانةٌ جارحة. فالغضب لا ينقلب خطيئة إلاّ إذا استسلم إليه الإنسان وعَمَدَ إلى الانتقام من الذي وجَّه إليه الإهانة ونفّذه فيه.


وهذا القول ينطبق على سائر الشهوات. فمن شعر بالشهوة الجنسيّة لا يرتكب الخطيئة إلاّ إذا حقّق مطلبها الرديء بإرادته الحرّة. هذا التمييز الهامّ يزيل الوسواس عن الضمير ويجعل المسيحي يعيش حياة روحيّة سليمة.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:27 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع أعمَيَيْن عند مدخل أريحا
نصّ الإنجيل

وبينما يسوع وتلاميذُهُ خارِجونَ مِنْ أريحا، تَبِعَهُ جَمْعٌ كبير. وإذا أعمَيانِ جالسانِ على جانِب الطريق، فلَمّا سَمِعا أنَّ يسوعَ مارٌّ صاحا:


" رُحْماكَ سيِّدي، يا ابنَ داود".


فانَتَهَرَهُما الجَمعُ ليَسكُتا. فصاحا أشَدَّ الصياح : " رُحْماكَ سيِّدي، يا ابنَ داود". فوَقَفَ يسوع ودعاهُما وقال : " ما حاجَِتُكُما إليَّ ؟ " قالا لهُ : " سيِّدي، أنْ تُفْتَحَ أعيُنُنا ". فأشفَقَ يسوعُ عليهِما، ولَمَسَ أعيُنَهُما، فأبصَرا مِنْ وَقتِهِما وتَبِعاهُ. (متّى 20/29-34)

أريحا المدينة القديمة والمدينة الحديثة

قضى يسوع مدّةً قصيرة في مدينة أفرائيم القريبة من القدس، ثمّ غادرها وانحدر مع تلاميذه إلى مدينة أريحا. لم تكُن أريحا في أيام يسوع مدينةً واحدة، بل كانت مدينتين، الواحدة قديمة جدّاً، وفيها مجموعةٌ قليلة من البيوت،


والثانية حديثة بناها الملك هيرودُس الكبير وجمّلها. كانت المدينة الحديثة واسعة، وفيها كلّ وسائل الترفيه، كما كانت فيها جميع الدوائر الحكوميّة، الإداريّة والقضائيّة والماليّة.

ومرّ يسوع بالمدينة القديمة وخرج منها ليدخُلَ إلى المدينة الحديثة، فالتقى أعْمَيَينِ بين المدينتين كانا يتسوّلان، فأعاد إليهما البصر. وهذا ما حمل متّى ومرقُس الإنجيليّين على القول إنّ يسوع قد خرج من أريحا، ودفع لوقا الإنجيلي إلى أن يقول إنّه قد اقترب من أريحا ليدخلها.


وأوضح تفسير لهذَيْن القولَيْن المتناقضَيْن في الظاهر أنّ يسوع خرج من المدينة القديمة واقترب من المدينة الحديثة فالتقى الأعمَيَين.

وذكر متّى في إنجيله أنّ يسوع شفى أعمَيَيْن. أمّا مرقس ولوقا فلم يتحدّثا إلاّ عن أعمى واحد، وهو ابن طيماوس. وقد اكتفيا بذكره وحدَهُ لشُهرته بين الناس وبين المسيحيّين الأوّلين.

رُحماكَ يا ابنَ داود

إنّ معجزات يسوع العظيمة قد جعلت الكثيرين من اليهود يؤمنون بأنّ يسوعَ ابنَ داود هو المسيحُ المنتظَر الذي تنبَّأَ عن مجيئه الأنبياء، وكان الأعميان من بينهم. فلمّا عرفا أنّ يسوع اقترب منهما أخذا يصيحان بأصواتٍ عالية : " رُحماكَ يا ابنَ داود " أيْ رُحماكَ أيّها المسيح.

أمّا الفرّيسيّون وأنصارهم الذين رفضوا أن يعترفوا بأن يسوع هو المسيح المنتظَر، فقد انتهروا الأعمَيَيْنِ ليَسكُتا. ولكنّهما أخذا يصيحان صياحاً أشدّ.



ما حاجتُكُما إليَّ ؟

سمع يسوع أصواتهما العالية، فتوقّف عن متابعة طريقه، واستدعاهما إليه، فأسرعا في المسير، وألقى ابن طيماوس عنه عباءته ووثب إلى يسوع، وفي نفسه الأمل العظيم في نيل الشفاء. فقال لهما يسوع : " ما حاجتُكُما إليَّ ؟ "

كان يسوع يعرف تمام المعرفة أنّ الأعمَيَيْن يريدان منه أن يعيد إليهما البصر. ومع ذلك فقد طرح عليهما هذا السؤال وفي نيّته أن يدفعهما إلى التعبير عن قدرته الإلهيّة. وهذا ما فعلاه عندما قالا له : " يا مُعَلِّم أن نُبْصر ".

المقابلة بين البصر المادّي والبصر الروحي

أقام بعضُ الآباء القدّيسين مقابلةً بين البصر المادّي والبصر الروحي. إنّ البصر المادّي يُطلعنا على ما في الكون من جمال، ويُفسح لنا المجال للعمل والاتّصال بالآخرين والتعامل معهم، ويُجنّبنا كثيراً من المخاطر.

لذلك نحن نعتبر أنّ البصر المادّي نعمةٌ من أسمى نِعَمِ الله الأرضيّة علينا، إذْ إنّ الأعمى يعيش في جوٍّ قاتم من الظلام الذي يحرمه التمتّع ببهجة الحياة وبفوائدها الكثيرة. أمّا البصر الروحي فهو الإيمان الواثق بيسوع.


إنّ هذا الإيمان يُطلعنا على سموّ شخصه الإلهي، وعلى الأعمال الفائقة التي قام بها حبّاً لنا، وعلى التعاليم الرائعة التي تدلّنا على طريق الخلاص وتجنّبنا خطر الهلاك الأبديّ. ولذلك فإنّ الإيمان نعمة من أعظم نِعَمِ الله الروحيّة علينا، إذ إنّ الأعمى روحيّاً يعيش في جوّ الخطيئة القاتم الذي يحرمه التمتّع بالفوائد الروحيّة العظيمة وبأفراح الحياة الأبديّة السعيدة.

نحن المسيحيّين نكون في بعض الأحيان عمياناً

استجاب يسوع طلب الأعمَيَيْن وأعاد إليهما البصر في الحال. ولمّا أبصرا نور هذه الدنيا قدّرا النعمة التي حصلا عليها حقَّ قدرها، فتبعا يسوع وهما يشكران له صنيعه معهما.

نحن المسيحيّين نكون في بعض الأحيان عُمياناً لا نرى نور يسوع، ولا نسعى إلى رؤية هذا النور الإلهي، ولا نقوم بأيّ جَهدٍ خاص لكي نتبع يسوع في سلوكنا الفردي وتصرّفاتنا اليوميّة. إنّ لهذا العمى الروحي الذي نعيش فيه، ولا نشعر بمساوئه، أسباباً كثيرة، وإليكم أهمّها :

1- انشغالُنا المفرط بشؤون هذه الدنيا ومطالبها وتأمين منافعها، والتمتّع بوسائل الترفيه فيها، المحلّلة منها والمحرّمة.

2- انصرافُنا المتواصل إلى القيام بما تميل إليه أطماعنا المادّية من أعمال فيها الكثيرُ من الكَذِب والخداع والغشّ وسلب حقوق الناس بأساليب ملتوية أو خفيّة.

3- عيشُنا في جوٍّ مُطبق من الكبرياء والتعالي، أو من الحقد والخصام والرغبة في الانتقام من الآخرين وتحطيم شخصيّاتهم ومصالحهم المشروعة.

4- إعراضُنا التامّ عن شؤون الدين والعبادة، فلا ندخل الكنيسة إلاّ لقضاء الواجبات الاجتماعيّة المفروضة علينا، كالجنازات وحفلات الأكاليل. أمّا صلاة يوم الأحد الجماعيّة، والصلوات الفرديّة، فنُهملها إهمالاً تامّاً، فنعيش عيشة مَنْ لا دينَ لهم ولا إيمان بالله وبالآخرة.

إنّ هذه الأسباب وغيرها كالكسل وعدم الشعور بالواجب، تجعلنا نحن المسيحيّين عُمياناً لا نرى الطريق الذي يقودُنا إلى يسوع لنتبعه كما تبعه الأعميان بعد شفائهما.


الإنجيل نورٌ إلهيّ يُضيء للمسيحي طريق الخلاص

مَنْ كان منّا نحن المسيحيّين أعمى روحيّاً وعاش في جوّ الخطيئة المستمرّ لا يشعر بألم فقدان إيمانه وبصره الروحي. فهو يحتاج إلى ما يُساعده على أن يدنوَ من يسوع ليحظى بإعادة البصر الروحي إليه وينعم بنور الإيمان البهيج.

إنّ ما يساعده على الدنوّ من يسوع قراءةُ الإنجيل والتأمّلُ في كلام الله. فالإنجيل نورٌ إلهيّ يضيء للمسيحي الطريق الذي يجب عليه أن يسلكه ليصل إلى يسوع ويسأله إعادة الإيمان المستنير.

إنّ قراءة الإنجيل والتأمّل فيه واستيعاب معانيه السامية أمورٌ تقتضي منه التفرّغ الهادئ ليسمع صوت يسوع يحدّثه ويصف لـه حالته الروحيّة البائسة وشناعة الخطايا التي يرتكبها، والخطر الجسيم الذي يتعرّض لـه. إنّ صوته يحرّك فيه عواطف التوبة والأسف والمحبّة، ويدفعه إلى أن يندم على ما بدر منه من سوء السلوك، ليرجع إلى الله في مسيرة حياةٍ فاضلة تُرضي قلبه الإلهيّ.

التطبيق العملي <H1> 1- إنّ الكنيسة تعرف ما يتعرّض له المسيحيّون من أخطار روحيّة وتجارب قويّة في مجالات مخالفة فضائل الإيمان والمحبّة والعفاف والعدالة والاستقامة المسيحيّة، فتُقيم كلّ سنةٍ مدّة أسبوعٍ كامل رياضة روحيّة تدعوهم إليها للصلاة وسماع كلام الله، بإقامة القداديس وإلقاء المواعظ والإرشادات الروحيّة.



</H1>

إنّ للرياضة الروحيّة هدفاً واضحاً هو أن تهزّ المسيحيّين هزّاً داخليّاً عميقاً يحملهم على التفكير في مساوئ تصرّفاتهم اللاأخلاقيّة ويدعوهم إلى التوبة من خطاياهم ليسلكوا حياةً جديدة فاضلة.

2- إنّ الواقع الذي تعيشه شبيبتنا هو أنّها تستسلم إلى المظاهر والأعمال الخارجيّة، حتّى في مجال العبادة. لقد فقدت الرغبة في التأمّل والتعمّق، ونسيت فضل الإنجيل وأهمّيته، فتبنّت مواقف سطحيّة، فيها الكثير من الخطر على إيمانها وأخلاقها وتعلّقها بشخص يسوع.


فيا أيّها المسيحي فكّرْ في أسلوب تصرّفك لتُبعد عنك، بالصلاة والتأمّل الخطرَ الذي يجعلك تعيش على هامش الدين المسيحي لا في أعماقه.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:27 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
أحيا يسوع أَلِعازر



http://www.peregabriel.com/gm/albums...autermilch.jpg



نصّ الإنجيل



كانَ رَجُلٌ مَريضٌ يُدعى أَلِعازر مِنْ بيتَ عَنيا، مِنْ قَريَةِ مريم وأُخْتِها مرتا. ومريمُ هي التي دَهَنتِ الربَّ بالطيبِ ومَسَحَتْ قَدَميْهِ بِشَعرِها. وكان أَلِعازر المريضُ أخاها. فأرسَلَتْ أُخْتاهُ إلى يسوعَ تقولانِ : " يا ربّ، إنَّ الذي تُحِبُّهُ مريض ".

فقالَ يسوعُ، حينَ بَلَغَهُ الخَبَر : " ليسَ هذا المرضُ مرضَ الموت، بَلْ مآلُهُ إلى مَجْدِ الله، ليَتَمَجَّدَ بهِ ابنُ الله ". وكانَ يسوعُ يُحِبُّ مرتا وأختَها وأَلِعازر. على أنَّهُ لَبِثَ في مكانِهِ يَومَيْن، بعدَ ما عَرَفَ أنَّهُ مريض. ثُمَّ قالَ للتلاميذِ بعدَ ذلكَ : " لِنَعُدْ إلى اليَهوديّة ". فقالَ لهُ تلاميذَهُ : " رابّي، أتعودُ إلى هناك، وقد أرادَ اليهودُ رَجْمَكَ مُنذُ قريب " فأجابَ يسوعُ : " أليسَ النهارُ أثنَتَيْ عشْرَةَ ساعة ؟


فمَنْ سارَ في النهارِ لا يَعْثُر، لأنَّهُ يرى نورَ هذا العالَم. ومَنْ سارَ في الليلِ يَعْثُر، لأنَّهُ ليس فيهِ النور ". وقالَ لَهُم بعدَ ذلِكَ : " إنَّ صديقَنا أَلِعازر راقِد، فأنا ذاهِبٌ لأوقِظَهُ ". فقالَ لهُ تلاميذَهُ :" ربَّنا، إذا كانَ راقِداً فَسَيُشفى ". وكانَ يسوعُ يَعني مَوْتَهُ، فَظَنُّوا أنّهُ أرادَ بهِ رُقادَ النَومِ . فقالَ لهُمْ يسوعُ مُوضِحاً : " قد ماتَ أَلِعازر، ويَسُرُّني، لأَجْلِكُم كَيْ تؤمِنوا، أنّي لم أكُنْ هُناك. فَلنَمضِ إليهِ ! " فقالَ توما الذي يُدعى التوأم لإخوانِهِ التلاميذ : " فَلنَمضِ نحنُ أيضاً ونَمُتْ مَعَهُ !


" فلَمّا وصَلَ يسوع رأى أنّهُ في القَبرِ منذُ أربعةِ أيّام. وبيتَ عَنيا قَريبَةٌ مِنْ أورَشَليم، على نَحوِ خمسَ عَشْرَةَ غَلوَة. وكانَ كثيرٌ مِنَ اليهودِ قد جاؤوا إلى مرتا ومَريَم يُعَزّونَهُما عن أخيهِما. فَلَمّا سَمِعَتْ مَرتا بمَجيءِ يسوع خَرَجَتْ لاستقبالِهِ، ولَبِثَتْ مَريَمُ قاعِدَةً في البيتِ. فقالَتْ مرتا ليسوع:" رَبِّ، لَو كُنتَ ههُنا لما ماتَ أخي. ولَكِنّي ما زِلتُ أعلَمُ أنَّ اللهَ يُعطيكَ جميعَ ما تسألُهُ إيّاه". فقالَ لها يسوع: " سيقومُ أخوكِ ". قالَتْ لهُ مَرتا : " أعلَمُ أنَّهُ سيقومُ في القيامةِ في اليومِ الآخِر. فقالَ لها يسوع : " أنا القيامَةُ والحياة. مَنْ آمَنَ بي يحيا، وإنْ مات. ومَنْ يحيَ مؤمِناً بي لا يَمُتْ أبداً.


أتؤمنينَ بهذا ؟ " قالتْ لهُ : " بلى ربِّ، أوِمِنُ بأنَّكَ المسيحُ ابنُ اللهِ الآتي إلى العالم ". ثُمَّ ذَهَبَتْ، بعدَ ما قالتْ ذلِكَ، إلى أُختِها تَدعوها، فأسَرَّتْ إليها : " المُعَلِّمُ هَهُنا، وهوَ يدعوكِ ". فقامتْ مَريَمُ على عَجَلٍ حينَ تلقَّتِ الخَبَر فخَفَّتْ إليهِ. ولم يكُنْ يسوعُ قد وصَلَ إلى القَرية، بل كانَ حيثُ استَقبَلَتْهُ مَرتا.


فلمّا رأى اليهودُ الذين كانوا في البيتِ معَ مريمَ يُعَزّونَها أنّها قامَتْ وخَرَجَتْ على عَجَل، لَحِقوا بِها وهُم يَظُنُّونَ أنَّها ذاهِبَةٌ إلى القَبرِ لتَبكي. فما إنْ وَصَلَتْ مريم إلى المكانِ الذي فيهِ يسوع ورأتْهُ، حتّى أكَبَّتْ على قَدَمَيْهِ وقالتْ لـهُ : " رَبِّ، لَوْ كُنتَ هَهُنا لما ماتَ أخي ". فلَمّا رآها يسوعُ تَبكي ويبكي مَعَها اليهودُ الذينَ رافَقوها، ارتَعَشَتْ نَفْسُهُ واضطَرَبَ وقالَ : " أينَ وَضعتموهُ ؟ " قالوا : " تعالَ سيِّدي فانْظُرْ ". فَدَمَعَتْ عَينا يسوع. فقالَ اليهودُ : " ما أشَدَّ ما كانَ يُحِبُّهُ ". على أنَّ بعضَهُم قالوا :


" أما كانَ بِوسْعِهِ أن يَرُدَّ الموتَ عنهُ، وهوَ الذي فَتَحَ عَيْنَي الأعمى ؟ " فارتَعَشَتْ نفسُ يسوعَ ثانياً ودنا مِن القَبرِ، وهوَ كِنايةٌ عن مغارَةٍ وُضِعَ عليها حَجَر. فقالَ يسوعُ : " ارفَعوا الحَجَر ! " فقالت مَرتا : " رّبِّ، هذا يَومُهُ الرابِع، لقد أنتَن " . قالَ لها يسوع : " ألَمْ أقُلْ لكِ إن آمَنتِ تَرَينَ مَجدَ الله ؟ " فرَفَعوا الحَجَر، ورَفَعَ يسوعُ عِندَئذٍ عينَيْه وقال : " شُكراً لكَ ، يا أبتِ، لأنّكَ استَجَبتَ لي، وقد علِمتُ أنّكَ تَستَجيبُ لي، ولكِنّي قلتُ هذا مِنْ أجلِ أولئكَ الناسِ الذينَ يُحدِقونَ بي، لكي يؤمنوا أنّكَ أنتَ أرسَلتَني ".

وصاحَ بعدَ ذلِكَ بأعلى صَوتِهِ: " هلُمَّ يا أَلِعازر فاخرُجْ ! "فخَرَجَ المَيْتُ مشدودَ اليَدَيْنِ والرجلَيْنِ بالعصائب، ملفوفَ الوجهِ في منديل. فقالَ لهم يسوع : " حلُّوهُ ودعوهُ يَذهَب ". فآمَنَ بهِ كثيرٌ مِنَ اليهود الذين جاؤوا إلى مريم إذْ رأوا ما صنَعَ. (يوحنَّا 11/1-45)


يسوع والصداقة الإنسانيّة

في بيت عنيا، القرية الصغيرة الواقعة في أعلى جبل الزيتون، أسرة مؤلّفة من ثلاثة أشخاص، وهم أَلِعازر الشاب وأختاه مرتا ومريم. وكان يسوع يحبّ هذه الأسرة، وكانت بينه وبينها صداقة متينة. ومرض أَلِعازر مرضاً ثقيلاً وأشرف على الموت. فأرسلت الأختان إليه شخصاً يعلمه بمرض أخيهما ليأتيَ ويشفيه.

1- إنَّ الصداقة الحقّة تظهر في وقت ضيق الصديق. ولذلك فإنّه غادر إقامته الآمنة في شرق الأردن وأتى إلى اليهوديّة، وخاطر بنفسه ليُعيد إلى صديقه الحياة التي فقدها. وقد ظهرت معالم صداقته لأَلِعازر عندما دمعت عيناه لمّا رأى أخته مريم تبكي وسكّان القرية يبكون.

2- إن هذه الصداقة كانت قائمة أيضاً بينه وبين تلاميذه. فلمّا كان في العشاء الأخير باح بها لهم بطريقةٍ علنيّة. قال لهم : " لا أدعوكم بعدَ اليومِ خُدّاماً، لأنَّ الخادِمَ لا يَعلَمُ ما يَعمَلُ سيِّدُهُ. لقد دعَوتُكُم أحبّائي لأنّي أطلَعتُكُم على كلِّ ما سَمِعتُهُ مِن أبي ".

3- ولمّا غادر الأرض وصعد إلى السماء لم يَفْقِدْ إنسانيّته وصداقته للمسيحيّين. فهو صديقُهم، وصديقُ كلِّ مسيحي يُنفّذ وصاياه على الأرض. قال لنا : "إنْ عَمِلتُم بِما أوصَيْتُكُم بِهِ كُنتُم أحبّائي ". (يوحنَّا 15/14-15) فليثِقْ كلُّ مسيحي يحبُّ المسيح أنَّ لـه في السماء صديقاً يشفعُ فيه، وهو يسوع ابنُ الله الجالس إلى يمين الله الآب.


لا بدّ ليسوع من أن يعمل عمل الله

كان يسوع في شرق الأردن. وكان التلاميذ يعرفون أنّ الرؤساء قد حاولوا قتله، فنصحوا لـه بأن يمتنع عن الذهاب إلى اليهوديّة حِفظاً لحياته. أمّا هو فأكّد لهم أنّه ما دام على قيد الحياة فلا بُدَّ له من أن يعمل عمل الله، ولا يوقفه عن مواصلة هذا العمل إلاّ الموت.

وعملُ الله هذا هو أن يمجّدَ اسمَهُ تعالى على الأرض، ويُشدّدَ إيمان تلاميذه به بمعجزة تُبرهن لهم وللناس أجمعين على أنّ الله قد أرسله إلى العالم نوراً وهداية. وقد عبّر عن هذه الفكرة الروحيّة بأسلوبٍ رمزي فقال :


" أليسَ النهارُ اثنتَيْ عَشْرَةَ ساعةً. فمن سارَ في النهارِ لا يَعثُرُ لأنَّهُ يَرى نورَ هذا العالم. ومَنْ سارَ في الليلِ، يَعْثُرُ لأنَّ النورَ ليسَ فيهِ ".


المحادثة بين يسوع و مرتا

لمّا وصل يسوع إلى قرية بيت عنيا كان قد مضى على موت أَلِعازر أربعة أيام. فاستقبلته مرتا عند مدخل القرية. وقامت بينه وبينها محادثة قصيرة تضمّنت ثلاث عقائد من أبرز عقائد الدين المسيحي، وهي :

العقيدة الأولى : إن الموتى يقومون عند انقضاء الدهر. قال يسوع لمرتا : " سيقومُ أخوكِ ". أجابت : " أعلَمُ أنّه سيقومُ في القيامةِ، في اليومِ الأخِر". كان الشعب اليهودي يؤمن بقيامة الموتى، ما عدا الصدّوقيّين وهم الكهنة خُدّام الهيكل الذين كانوا يرفضونها، ولا يؤمنون بقيامة الأموات. (متّى 22/23) فقدَّمَ لهم يسوع عنها البرهان القاطع. قال لهم : " أمّا أنَّ الأمواتَ يقومون، أفما قرأتُمْ في كتابِ موسى عند ذكر العُليقة، كيف كلّمه الله فقال : " أنا إلهُ إبراهيم وإلهُ إسحق وإلهُ يعقوب " وما كان إلهَ أموات، بل إلهَ أحياء. فأنتُم في ضَلالٍ كبير ". (مرقس 12/26-27)


العقيدة الثانية : يسوع هو القيامة والحياة. قال يسوع لمرتا : "أنا القيامةُ والحياة. مَنْ آمنَ بي يحيا، وإنْ ماتَ. ومن يحيَ مؤمِناً بي لا يَمُتْ أبَداً ".

لقد أكَّدَ بهذا القول أنَّه يمنح المؤمنين به نوعين من الحياة.

- يمنحُ الحياة الطبيعيّة : هكذا فعل عندما أقام من القبر ألِعازر أخا مرتا وأعادَ إليه الحياة الطبيعيّة التي فقدها بالموت.

- ويمنحُ الحياة الإلهيّة : إنّ كلَّ من آمن بيسوع نالَ منه الحياة الإلهيّة. إنّ هذه الحياة التي يحصل عليها بقبول المعموديّة تُنعش نفسهُ روحيّاً وتنقله من مستوى عبدٍ لله إلى مقام ابنٍ لله بالتبنّي، وتجعله أخاً للسيد المسيح. ولذلك فإنّ للحياة الإلهيّة شأناً سامياً، فهي الكنز العظيم والجوهرة الثمينة التي يجب على المسيحي أن يضحّي بكلّ شيء في سبيل الحفاظ عليها وإنمائها. (متّى 13/44-46) غير أنّ هذه الحياة الإلهيّة تكون على الأرض مخفيّةً عن عيون الناس.


فمتى انتقل المسيحي الصالح بالموت إلى الآخرة ظهرتْ بما فيها من جمالٍ رائع، وفتحتْ لـه باب الملكوت السماوي، فدخله وأقام عند الله تعالى سعيداً مع الملائكة والقدّيسين، وبقيَ يتمتّع بهذه الحياة السعيدة الخالدة مدى الأبديّة.


العقيدة الثالثة : يسوع هو المسيحُ ابنُ الله. سأل يسوع مرتا : " أتؤمنينَ بأنّي أنا القيامةُ والحياة ؟ " أجابَت : " بَلَى، رَبِّ، أُومن بأنّكَ المسيحُ ابنُ اللهِ الآتي إلى العالم". لقد عبّرت بهذا الجواب عن عقيدة من أسمى وأعمق عقائد الدين المسيحي.


فيسوع هو المسيحُ الذي تنبّأ الأنبياء عن مجيئه، وهو ابنُ الله الواحد الذي جاء إلى العالم ليخلِّص البشريّة الخاطئة. وقد خلّصها من الهلاك الأبدي بحياته وآلامه وموته وقيامته المجيدة

أعاد يسوع الحياة إلى أَلِعازر

1- صلاة يسوع : قبل أن يعيد يسوع الحياة إلى أَلِعازر الميت رفع عينَيْه وصلّى. كان على يقين أنَّ أباه السماوي يستجيب صلاته، لذلك شكر له هذه الاستجابة قبل أن يصنع المعجزة. قال : " شُكراً لكَ يا أبتِ، أنَّكَ استَجبتَ لي، وقد عَلِمتُ أنّكَ تستجيبُ لي دائماً ". ثمَّ وجّه كلامه إلى أبيه بصورةٍ أدق فقال : " قُلتُ هذا القول مِنْ أجلِ الجَمعِ المحيطِ بي، لكي يؤمِنوا بأنَّكَ أنتَ أرسلتَني ". فالمعجزة التي كان مُزمِعاً أن يصنعها سوف تكون بُرهاناً قاطعاً على صِدْق رسالته وبنوّته الإلهيّة.

2- معجزة يسوع : وقف أمام القبر وصاح بأعلى صوته:" يا أَلِعازر هلُمَّ واخرجْ ". وتحقّقت على الفور المعجزةُ العظيمة. فخرج أَلِعازر من القبر حيّاً. إنّ الوحدة الإلهيّة القائمة بين الآب والابن هي التي صنعت هذه المعجزة.


فلمّا رآها الجمع الحاضر آمنوا بيسوع وبرسالته السماويّة، وكانوا كثيرين : " فآمَنَ به كثيرٌ من اليهودِ إذْ رأَوا ما صنَع". (يوحنَّا 11/45) ووصل خبر هذه المعجزة إلى الرؤساء، فثار ثائرهم، وعقدوا على يسوع مجلساً، وقرّروا قتله والتخلّص منه نهائيّاً. ولا غرابة في ذلك. هكذا يتصرّف الأشرار، ويقاومون تدبير الله الخلاصي في العالم.


يسوع حياة المسيحيّين الإلهيّة

إنّ معجزة إحياء أَلِعازر لم تحدُثْ مرّةً واحدة فقط، بل تتكرّر طوال الأجيال المتعاقبة، ولكن بصورة خفيّة لا تراها عيون الناس.

1- إنّ المسيحي الذي ارتكب الخطيئة المميتة بمخالفة إحدى وصايا الله مخالفةً قبيحة، تَفْقِدُ نفسُهُ الحياةَ الإلهيّةَ التي حصل عليها بالمعموديّة المقدّسة، فتُصبح "ميتة" روحيّاً. وتبقى ميتة إلى أن يستغفر الله، ويتوب من ذنبه نادماً على ما فعل، ويقبل سرّ التوبة الذي رسمه يسوع لمغفرة الخطايا.

2- يسوع يصنع للمسيحي التائب بوساطة سرّ التوبة (أو سرّ المصالحة) المعجزة الخفيّة التي تنقله من الموت الروحي إلى الحياة الإلهيّة، كما نقل أَلِعازر الميت من الموت الطبيعي إلى الحياة الأرضيّة.

إنّ هذا السرّ هو من أجلى مظاهر حنان يسوع على المسيحي الخاطئ. إنّه يعرف أنّ المسيحي إنسانٌ ضعيف كسائر الناس، وأنَّ الشيطان يهاجمه بتجاربه المتلاحقة، فعطفَ عليه وأراد أن يساند ضَعفه بمعجزة خفيّة تُعيد إليه الحياة التي فقَدها بالخطيئة. فمنحَ تلاميذَهُ، ومن بعدهم خُلفاءَهم الأساقفة والكهنة، سلطانَ مغفرةِ الخطايا. قال لهم : " مَنْ غفَرتُمْ لهُ خطاياه تُغفَرُ لهُ، ومَنْ أمسَكتُم عليهِ الغُفران يُمسَكُ عليهِ ". (يوحنَّا 20/23) فمتى غُفِرتْ خطايا المؤمن التائب تدَفَّقت الحياة الإلهيّة من قلب يسوع وعادت إليه، وفسحت له المجال لان يحيا من جديد حياةً إلهيّة تدوم للأبد. لذلك نقول إنّ يسوع هو حياة المسيحيّين الإلهيّة.

التطبيق العملي

نحن نتصوّر في غالب الأحيان أنّ يسوع عاش وصنع المعجزات ومات ثمّ اختفى عنّا كسائر الأنبياء. إنّ الفرق عظيم بينه وبينهم، حتّى الكبار منهم:

1- إنّ بعض الأنبياء صنعوا المعجزات، ولكنّهم لم يصنعوها بقوّتهم الشخصيّة، بل سألوا الله أن يصنعها بوساطتهم. فاستجاب الله سؤلهم وأجرى المعجزات.


أمّا يسوع فقد صنع المعجزات بقدرته الذاتيّة، كالمعجزة التي أحيا بها ابن أرملة نائين، أو باتّحاده البَنَوي، الفائق الوصف، مع أبيه السماوي، كالمعجزة التي أحيا بها أَلِعازر. ولذلك فإنّنا نلتجئ إليه مباشرةً لأنّه يتمتّع بقدرةٍ إلهيّة لا حدود لها.

2- إنّ الأنبياء كلّهم ماتوا، وهم عند الله بعيدون عنّا كلّ البعد. أمّا يسوع فهو باقٍ معنا، ويحتفظ بصداقته لنا. إنّه يُشاطرنا أفراحنا وأحزاننا ويُسرع إلى نجدتنا.



3- إنّ الأنبياء يشفعون فينا عندما نسأل شفاعتهم. إنّ شفاعتهم عند الله شفاعةُ بشرٍ أتقياء يُكرمهم الله.


أمّا شفاعة يسوع فهي شفاعةُ ابنِ الله، المولود منه منذ الأزل ولادةً روحيّة لا توصف، لـه المقام الأسمى والأوحد عند أبيه السماوي. فشفاعته لا تُردّ ولا تُخيّب آمالنا.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:28 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
قَهَرَ يسوع الشيطان في المجمع

http://www.peregabriel.com/gm/albums...l_0212grec.jpg

نصّ الإنجيل


وجازَ يسوعُ إلى كفرناحوم. فلمّا أَتى السبتُ دَخَلَ المجمعَ وأَخَذَ يُعَلِّم. فدَهِشوا لتعليمِهِ، لأنَّه كانَ يُعَلِّمُهُم مِثْلَ مَنْ لـهُ سُلطان، لا مِثْلَ الكَتَبَة. واتَّفَقَ أنَّه كان في مَجْمَعِهِم رَجُلٌ فيهِ روحٌ نَجِس، فأَخَذَ يَصيح :


" ما لَنا ولَكَ يا يسوعُ النَّاصِري ؟ أَجِئتَ لِتُهْلِكَنا ؟ أنا أعرِفُ مَنْ أَنْتَ : أَنْتَ قدّوسُ الله ". فانتَهَرَهُ يسوعُ قال : " اخْرَسْ واخرُجْ منهُ ". فَخَبَطَهُ الروحُ النَجِس، وصَرَخَ صَرْخَةً شديدة، وخَرَجَ منهُ.


فدَهِشوا جميعاً وأَخَذوا يتساءلون : " ما هذا ؟ إنَّهُ لَتَعليمٌ جديدٌ يُلقى بسُلطان. حتّى الأَرواحُ النَجِسَةُ يأمُرُها فَتُطيعُهُ ". وذاعَ ذِكْرُهُ بعدَ ذلِكَ في كلَِ مكانٍ مِنَ الجليل.


(مرقس 1/21-28)



أنقذ يسوع بقدرته الإلهيّة هذا الرجل الممسوس، وأعاد إليه الصحّة والهدوء. وكان قبل أن يصنع هذه المعجزة قد ألقى على الحاضرين خطبة السبت أدهش بها جميع مستمعيه لِما كان فيها من سموٍّ وتعليمٍ جديدٍ رائع. إن التأمّل في هذا الحادث الذي جرى في المجمع يوحي إلينا الأفكار التالية:



هدفُ الشيطان استعبادُ الإنسان الخاطئ

1- لم يكتفِ الشيطان بأن يهاجم هذا الرجل بالتجارب ويسعى لجرّه إلى ارتكاب الخطايا، بل دخل فيه واتَّخذه مقرّاً لـه واستعبده واعتبره مُلْكه الخاص.
تُرى ماذا عمل هذا الرجل ليكون مسكناً للشيطان وعبداً لـه يتحكّم به كما يريد ؟ إنّنا نجهل هذا الرجل ونجهل ما عمله، ولكنّنا نعرف أنّ من استسلم إلى غوايات الشيطان وخداعه استسلاماً كلّياً فَسَحَ لـه المجال لأن يتجرّأَ ويدخُلَ فيه ويستولي عليه ويستعبده على الأرض ويُلقي به بعد الموت في هوّة الهلاك الأبدي.


2- لذلك نقول إنّ الشيطان، وإنْ كان أقوى من الإنسان وأكثرَ منه ذكاءً لأنه كان ملاكاً لا يستطيع أن يتعدّى حدوده ويتغلّب على الإنسان إلاّ إذا أراد الإنسانُ نفسُهُ بحرّيته وإرادته الشخصيّة أن يكون فريسةً لـه. ويبدو أن هذا الرجل الممسوس قد استسلم بمعرفته وحرّيته الكاملة إلى غواية الشيطان وإغرائه، وعاش عيشة الخطيئة ، ورفض التوبة، فأضحى عبداً للشيطان ومسكِناً له.

3- إنّ الشيطان لا يتجاسر، بعد مجيء المسيح إلى العالم وانتشار الدين المسيحي، أن يستولي على أجساد المعمّدين وإنْ كانوا من الخطأة. ولكنّه يستولي على قلوبهم وأفكارهم ونيّاتهم بالخطايا التي يرتكبونها، فيجعلهم أشراراً، ويتَّخذهم أدواتٍ طيّعة لبثّ الشرّ بوساطتهم في قلوب الناس. وهذا ما نراه في سلوك المعمَّدين الذين نبذوا إيمانهم المسيحي، وتبنََََّوا الإلحاد، أو العادات القذرة، وعاشوا عيشة الخطيئة. فإنهم يصبحون أعوان الشيطان، ويكونون بعد وفاتهم موضوع غضبه في جهنم النار.

خطّة الشيطان في خداع الإنسان

إنّ هذا الحادث الذي جرى في المجمع يرسم لنا خطّة الشيطان في خداع الإنسان. إنّ الشيطان تملّق يسوع ومدحه. فهو يسلك مع الإنسان الخطّة نفسها التي سلكها مع يسوع، فيتملّقه ويمدحه.

إنّه يتملّق الإنسان ويقدّم له نفسه بأنّه صديقٌ له يوحي إليه أفضل الأفكار وخير السبل التي تُحقِّق لـه سعادته الكاملة. إنّها خطّة جهنّمية، هي مزيجٌ من المدح الكاذب والإغراء المثير. وإذا ما أنصت الإنسان إلى أقواله وأقام معه حواراً داخليّاً جرّه الشيطان إلى قبول التجربة وزيّن له الخطيئة ودفعه إلى ارتكابها.

إنّ سلوك يسوع مع الشيطان يبيِّن للمسيحي كيف ينبغي لـه أن يتصرّف مع إبليس. لقد أمر يسوع الشيطان بأن يسكت ويخرج من الممسوس، فخرج منه ولم يمسَّه بأذى.


إنّ أفضل طريقة يتبعها المسيحي في أثناء التجربة هي أن يقطع مع الشيطان كلّ جدال وحوار، ويمتنع عن الإصغاء إلى خداعه واقتراحاته الخبيثة. فمَنْ جادل الشيطان وحاوره وأصغى إليه كان خاسراً، وسقط في التجربة وارتكب الخطيئة، فشوّه جمال حياته الأرضيّة وفَقَدَ سعادة حياته الأبديّة.

دَهَشُ الشعب في المجمع

1- سمِع الشعب تعليم يسوع الرائع ورأى سيطرته على الشيطان فاستولى عليه الدَهَش. لقد دهِشَ أمام قدرة يسوع الفائقة التي جعلت الشيطان أمامه عبداً ذليلاً، وفرضت عليه أن يخرج من جسم الرجل مُرغماً من دون أن يمسَّه بأذى.

2- ودهِشَ أيضاً لمّا سمع تعليم يسوع. كان تعليم الكتبة وعلماء الشريعة تَرداداً لأقوالٍ قديمة وتافهة، تفوّه بها مَنْ سَبَقَهُم مِنْ الكتبة وعلماء الشريعة، فيها الكثيرُ من التعقيد والتناقض والالتباس. أمَّا تعليم يسوع فكان تعليماً شخصيّاً واضحاً قويّاً نيّراً، يدلّ السامعين على الطريق الذي يؤدّي إلى السماء.


وهذا ما جعل الشعب يشعر بالفرق العظيم بين المعلّم الإلهيّ والمعلّمين اليهود. فأخذ الحاضرون يتساءلون: " ما هذا التعليم ! إنّه تعليم جديد يُلقيه هذا المعلّم الشاب بسلطةٍ شخصيّة قويّة ".

3- ولا عجب أن يظهر لهم هذا الفرق. فإن تعليم الكتبة كان يدور حول تفسير فرائض بشريّة وخارجيّة، كفرائض ختان الأطفال، والامتناع المُطلق عن العمل في يوم السبت حتى في مجال الخير،


وعدم تناول بعض اللُّحوم المعتبَرة نجسة، وضرورة غسل الأيدي قَبْلَ الأكل، وواجب غسل الأباريق والكؤوس والأسرّة (مرقس 7/1-4) . أمّا تعليم يسوع فكان تعليماً جديداً، يتناول ضرورة تتميم واجبات الإيمان والرحمة، والخضوع لإرادة الله، ومحبّ?ة الآخرين، وقبول التضحية في سبيل مجده تعالى. وهذا ما حمل الشعب على أن يتحدّث عنه في مدن وقرى الجليل.


التطبيق العملي

1- إن هذه المعجزة تبيّن لنا أن الشيطان عدوُّنا اللَّّدود، وأن يسوع صديقُنا الوفي. فالشيطان يهاجمنا بكلّ ما لديه من قوّةٍ وذكاء ودهاء ومعرفة لمواطن الضَعف البشري فينا.


فمن أصغى إلى وساوسه وإيحاءاته الخبيثة وقع حتماً في الفخّ، فاستولى الشيطان على إرادته وقلبه وميوله الداخليّة ودفعه إلى ارتكاب الخطيئة.

2- لا تستغربْ أن تنصبَّ عليكَ تجاربُ الشيطان. لقد جرّب كبار القديسين،


ومن أشهرهم مار انطونيوس المصري أبو الرهبان. لقد انتصر على التجارب بقدرة يسوع وعزم إرادته. فطالعْ سيرةَ حياته تتعلّمْ منه كيف تنتصر على خداع إبليس.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:28 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
أعاد يسوع إلى رجلٍ أخرس ممسوس

القدرة على الكلام

http://www.peregabriel.com/gm/albums...acredHeart.jpg

نصّ الإنجيل

وما إن خرجَ (الأعميان) حتى أُوتيَ يسوعَ بأخرَسَ ممسوس. فلمَّا طُرِدَ الشيطانُ تكلَّمَ الأخرَس، فتَعَجَّبَ الجُموعُ وقالوا : " لَمْ يُرَ مِثْلُ هذا قَطُّ في إسرائيل !
" أمَّا الفرِّيسيُّون فقالوا : " إنَّما يَطرُدُ الشياطينَ بسيِّدِ الشياطين ".


(متى 9/32-33)

حقد الشيطان على هذا الرجل

ما كاد يسوع يَهَبُ البصر لرجلَيْن أعمَيَيْن في مدينة كفرناحوم حتى بادرَ إليه الناس وقدّموا إليه رجلاً أخرس قد استولى عليه الشيطان. فلمّا أخرج يسوع الشيطان تكلّم الأخرس.

نحن نتساءل لماذا اختار الشيطان هذا الرجل فصبَّ عليه جامَ حقده ليجعله أخرس مدى الحياة ؟ لا نعلم ...ولكنّنا نعلم أنَّ مَنْ أساءَ استعمال لسانه نال عقاب إساءته. فهل استسلم هذا الرجل إلى سوء استعمال لسانه فسمح الله للشيطان بأن يستولي عليه ويضربه بالخَرَس ؟ قد يكون الأمر كذلك. وقد يكون هذا الرجل ضحيّة حقد الشيطان الذي يُضمِر الشرّ لكلِّ إنسان.

إن لِلِسان الإنسان فوائد فرديّة واجتماعيّة ودينيّة كثيرة. فباللِّسان يتّصل بالآخرين، ويعبّر عن عواطفه وأفكاره وآلامه وحاجاته. فمن حُرِمَ اللِّسان شعر بنقصٍ عظيم في حياته الفرديّة والاجتماعيّة، ولا سيّما في حياته الدينيّة، فلا يستطيع أن يشترك مع أخوته المؤمنين في الأناشيد والترانيم الروحيّة التي تسبّح الله.

فالشيطان قد حَقَدَ على هذا الرجل، وسكن فيه، ليُبقيَهُ محروماً من جميع أسباب التعزية الفرديّة والاجتماعيّة والدينيّة، ويعزلَه بالخرَس عن أهل بيته وجيرانه، ويخلقَ في قلبه عُقدةً نفسيّة تضعه على هامش المجتمع في جميع مجالات الحياة .

هدفُ يسوع تمجيدُ اسم الله

لم يشأ يسوع أن يبقى هذا الأخرس ضحيَّةَ حقد الشيطان. فلمّا جاء به أصدقاؤه إلى يسوع وقدّموه إليه أمر الشيطان بأن يخرج منه، فخرج فوراً ومن دون أيّة مقاومة.

لقد نفّذ الشيطان بسرعة أمر يسوع لأنّه شاهد في كفرناحوم قَبْلَ مدّةٍ وجيزة المُعجزة التي صنعها فوهب بها البصر لرجلَيْن أعمَيَيْن كانا قد عبّرا عن إيمانهما بأنه المسيح المنتظَر. فعرف الشيطان أنّه أمام قوّةٍ إلهيّة، وأنّه لن يقدر على مقاومتها، فرَضَخَ لأمر يسوع مُرغماً وخرج من الأخرس.

كان هدف يسوع أن يمنح هذا الأخرسَ القدرةَ على ممارسة حياة دينيّة سليمة مع أبناء مجتمعه في الصلاة والأناشيد وتلاوة المزامير، لتمجيد اسم الله الأعظم.

وقد تمجّد اسمُ اللهِ فعلاً ، إذ قد أثارت هذه المعجزة " السريعة " دهش الحاضرين فصرخوا وهم مُعجبون بقدرة يسوع الفائقة : " ما رأينا قطُّ مِثْلَ هذا في إسرائيل ! "

فيسوع لم يعمل شيئاً إلاّ لمجد أبيه السماوي. وهذا ما صرّح به يوماً بكلّ وضوح وهو يصلّي، فقال لأبيه: " إنّي قد مجّدتُكَ على الأرضِ فأتمَمْتُ العملَ الذي وكلتَ إليَّ أن أعمَلَهُ ". (يوحنَّا 17/4)

يجب على المسيحي ألاّ يستعمل لسانه إلاّ لتمجيد الله

يسوع قدوتنا في كلّ شيء. فعلى المسيحي ألاّ يستعمل لسانه إلاّ لتمجيد الله وتسبيحه. ولكنَّ الواقع يُطلعنا على أن اللّسان سيفٌ ذو حدَّيْن. منه البركة ومنه اللَّعنة، ومنه التسابيح الرائعة، ومنه التجاديف القذرة.

وقد شعر القديس يعقوب، كغيره من الناس، بهذه الازدواجيّة وهذا التناقض في استعمال اللِّسان، فوصف لنا في رسالته الجامعة ما يأتيه اللِّسان من خير وما يصنعه من شرّ، فشبَّهه بالدَفَّةِ الصغيرة التي توجّه السفينة الكبيرة، وبلهيبِ النار الذي يَحْرُقُ الغابة الواسعة، وبالسُمِّ الزُعاف الذي ينفُثُ الموت في نفوس أبناء الكنيسة، وبينبوعِ البركة ومصدرِ اللعنة. (رسالة القديس يعقوب الجامعة 3/3-11)

ودعانا يسوع أيضاً إلى حُسْن استعمال ألسنتنا لنحقِّق مجد الله، فطلب منّا :

1- أن نترك الكلام للروح القدس الذي يتكلّم بألسنتنا في أوقات الاضطهاد: " فلا يُهِمُّكُم حينَ يُسلِمونَكُمْ كيفَ تتكلَّمون أو ماذا تقولون. فسيُلقَى إليكُم في تلكَ الساعةِ ما تتكلّ?ََمونَ بِهِ. فلَستُمْ أنتُمْ المتكلِّمين، بل روحُ أبيكُمْ يتَكَلَّمُ بألسِنَتِكُمْ" (متى/1019-20)

2- وأن نقول الحقّ ونشهدَ للمسيح بشجاعة وَفْقَ إيماننا : " مَنْ شَهِدَ لي أمامَ الناسِ، أشهَدُ لهُ أمامَ أبي الذي في السماوات. ومَنْ أنكَرَني أمامَ الناسِ، أُنكِرُهُ أمامَ أبي الذي في السماوات".

(متى 10/32-33)

3- وأن نتكلَّم كلاماً طيِّباً ونُحجم عن الكلام الرديء : " يا أولادَ الأفاعي، كيفَ لكُمْ أن تقولوا كلاماً طيِّباً وأنتُمْ خُبثاء ؟ فَمِنْ فيضِ القَلبِ يتَكَلَّمُ اللِّسان. الإنسانُ الطيِّبُ مِنْ كنزِهِ الطيِّبِ يُخرِجُ الطيِّب. والإنسانُ الخبيثُ مِنْ كَنزِهِ الخبيث يُخرِجُ الخبيث. وأقولُ لكُمْ إنَّ كلَّ كَلِمَةٍ باطِلَةٍ يقولُها الناسُ يُحاسَبونَ عليها يومَ الدينونة، لأنَّكَ تتزَكّى بكلامِكَ، وبِكلامِكَ يُحكَمُ عليك ".

(متى /34-37)

4- وأن نشهد لألوهيّة يسوع فنقول له ما قاله له بطرس : " أنتَ المسيحُ ابنُ الله الحيّ ". (متى 16/16)

وهكذا وجّه يسوع كلامنا إلى التعبير عن الحقيقة الموحاة، وصبغه بصبغة الصلاح والتقوى والإيمان، وكلّ ذلك لتمجيد اسم الله الأعظم.

رؤساء اليهود رفضوا المعجزة الإلهيّة

رأى رؤساء اليهود هذه المعجزة فنسبوها إلى رئيس الشياطين، فقالوا : " إنّما يَطرُدُ الشياطين بسيِّدِ الشياطين".

وبتعبير آخر، لم يكن يسوع في نظرهم إلاّ ساحراً اتَّفَقَ مع رئيس الشياطين على خداع الناس. لقد أخرج من الممسوس واحداً من الشياطين برضى رئيس الشياطين وبالاتفاق معه، وهدفُه أن يُبهِرَ الناس، ويُدخِلَ الوهمَ إلى قلوبهم أنَّه مُرسَل من قِبَلِ الله، فيُعلِّمَهُم الضلال ويَقودَهُم في نهاية المطاف إلى طاعة الشيطان. إنّها مؤامرة على المؤمنين البُسطاء نسجَها يسوعُ بموافقة رئيس الشياطين، ونفَّذها في هذا الرجل الأخرس لينزع عنهم إيمانهم بالله ويجعلهم يرضخون لتدبير رئيس الشياطين.

بهذه الفِرْية فسَّرَ رؤساء اليهود الأشرار معجزة طَرْد الشيطان من الرجل الأخرس، فكانوا في حقدهم على يسوع أشدَّ شراسةً من حقد رئيس الشياطين نفسه. لقد استعملوا ألسِنَتهم الخبيثة الكاذبة لا لتوطيد الخير، بل لبثّ الشرّ ومعارضة انتشار ملكوت الله بين الناس. هكذا يتصرّف كلّ إنسانٍ شرّير، فيُقاوم خطّة الله، ويمنع نشر الخير بين الناس وهدفُهُ أن يقودهم بكَذِبه إلى نبذِ الإيمان والكُفرِ بالله.



التطبيق العملي

1- لقد جعل يسوع الرجل الأخرس، في أيّامه، يتكلّم ويمجّد الله، وهو لا يزال اليوم يؤثّر في قلوب الخطأة الخرساء ويجعلها تتكلّم وتمجّد الله. ولكن كما احتاج الأخرس إلى الأصدقاء ليقودوه إلى يسوع، هكذا يحتاج الخطأة إلى الأصدقاء الأوفياء ليقودوهم إليه. فكُنْ أنتَ واحداً منهم لتقودَ أصدقاءك الخطأة إلى يسوع، فينالون منه الشفاء، ويتكلّمون كلاماً روحيّاً، فيه التسبيحُ والشكرُ لله تعالى.


2- وأنت لا تستعملْ لسانك إلاّ لتسبّح الرَّب، فلا تتفوّهْ أبداً بكلامٍ قبيح يتنافى مع قداسة الميرون الذي دُهِنَ به لسانُك يومَ قبلت المعموديّة. فما أبشعَ لسانَ المسيحي عندما يقذف المسبّات والتجاديف والأقوال الكاذبة والحلفان المستمرّ باسم الله !

3- نصح لنا بولس الرسول بأن نستعمل ألسِنَتَنا لنُنشد لله الأناشيد الروحيّة التي تسبّحه وتمجّده قال: " وليكُنْ حديثُكُم تلاوةَ مزاميرَ وتسابيحَ وأناشيدَ روحانيَّة. رتّلوا وسبّحوا للربّ من صميمِِ القلب، واحمَدوا اللهَ حمداً دائماً على كلِّ شيءٍ باسمِ ربِّنا يسوع المسيح ".


(أفسس 5/9-20)

إنّ هذه النصيحة قد حملت المسؤولين في الكنائس على إنشاء جوقات التراتيل لتنشِد لله الأناشيد الروحيّة في أثناء القدّاس وفي أثناء اجتماعات الأخويّات الدينيّة.

فإذا حباكَ الله صوتاً جميلاً فلا تستنكفْ من الانضمام إلى هذه الجوقات لتساهم مع أعضائها في رفع المستوى الاحتفالي للقداديس والاجتماعات الكنسيّة.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:29 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع ابنة المرأة الكنعانيّة





http://www.peregabriel.com/gm/albums...nite-woman.jpg

نصّ الإنجيل

ثمَّ خَرَجَ يسوعُ مِنْ هناك وذَهَبَ إلى نواحي صورَ وصيدا. وإذا إمرأةٌ كنعانيّةٌ خارِجَةٌ مِنْ تِلكَ البلادِ تصيحُ : " رُحماكَ سيِّدي ! يا ابنَ داود ! إنَّ ابنَتي يَتَخَبَّطُها الشيطانُ تَخَبُّطاً شديداً. فلَمْ يُجِبْها بِكَلِمَة.

فدنا تلاميذُهُ يتوسَّلونَ إليهِ فقالوا : " أجِبْ طَلَبَها واصرِفْها، فإنَّها تَتْبَعُنا بصياحِها ". فأجابَ : " لَمْ أُرسَلْ إلاّ إلى الخِراف الضالَّةِ مِنْ آلِ إسرائيل ". ولَكِنَّها وصَلَتْ إليهِ فَسَجَدَتْ لـهُ وقالتْ : " أَغِثْني سيِّدي ! ". فأجابَها : " لا يَحسُنُ أن يؤخَذَ خُبزُ البَنينَ فيُلقى إلى جِراء الكِلاب ". فقالَتْ : " رُحْماكَ سيِّدي ! حتّى جِراءُ الكِلابِ تأكُلُ مِنَ الفُتاتِ الذي يتساقَطُ عن موائدِ أصحابِها ".


فأجابَها يسوع : " ما أعظَمَ إيمانَكِ أيَّتها المرأة. فليَكُنْ لكِ ما تُريدين ". فَشُفيَتْ ابنَتُها مِنْ ساعتِها. (متّى 15/21-28)

الخُبز للبنين لا لصغار الكلاب


1- ترك يسوع لمدّةٍ قصيرة أرض فلسطين، وأخذ يتجوّل في المنطقة اللبنانيّة الواقعة بين مدينَتَيْ صور وصيدا. وكان سُكّانها مِن الوثنيّين. وكانت أخبار معجزات يسوع قد وصلت إليهم وعرف الكثيرون منهم أنّه ابنُ داود المسيحُ المُنتظَر، ومن بينهم امرأةٌ كنعانيّة كانت تسكن هناك.


فطلبت إليه أن يشفيَ ابنتها الممسوسة فأجابها : " لا يَحسُن أن يؤخَذَ خُبزُ البنين ويُلقى إلى صغارِ الكلاب ". لقد فهمت معنى كلامه. فالبنون هم اليهود، والكلاب الصغيرة هم الوثنيون. فالمعجزات التي يصنعها يسوع معدّة لليهود لا للوثنيّين .

2- لقد جاء يسوع ليهديَ أوَّلاً الشعب اليهودي الضالّ، ويُضرم في قلوب أبنائه عواطف الإيمان والتوبة والمحبّة لله، ويُنقذهم من سلاسل الفرائض اليهوديّة الحديديّة التي كانت تشدّهم إلى الأرض، وتمنعهم من أن يرفعوا رؤوسهم إلى العلاء ليقدّموا لله العبادة الصحيحة. ولذلك كانوا بحاجة إلى المعجزات الكثيرة التي تنبّه أفكارهم وتذكّرهم بواجباتهم الدينيّة تجاه خالقهم وربّهم.

3- غير أن يسوع لا ينسى الوثنيّين ولا يهملهم، فإنّ لهم مكانهم المحدّد في مخطّطه الخلاصي. فسيأتي يوم يرسل إليهم تلاميذه ليطلعوهم على طريق الخلاص، ويهدوهم إلى الإيمان والتوبة. ولذلك فإنّ كلامه لا يتضمّن أيّة إهانةٍ للمرأة الكنعانيّة ولا للوثنيّين عموماً،


ولكنّه يعرض، بأسلوبٍ شعبيٍّ شائع يفهمه الجميع، المخطّط الإلهي الذي رسمه لليهود أوّلاً ثمّ للوثنيّين من بعدهم.


http://www.peregabriel.com/gm/albums...15118792c0.jpg

ما أعظمَ إيمانَكِ أيتها المرأة

كان جواب المرأة الوثنيّة مفعماً بالإيمان. لقد آمنت بمخطّط الله وقبلت أن يكون لليهود الأفضليّة في مسيرة الخلاص. ولكنّ هذه الأفضليّة لن تحرم الوثنيّين من أن يسيروا هم أيضاً في الطريق الذي يؤدِّي بهم إلى الخلاص الأبدي.


قالت ليسوع: " نعم يا رب. ولكنّ الكلابَ الصغيرةَ تأكُلُ مِنَ الفُتات الذي يتساقط مِنْ موائدِ البنين". كان معنى كلامها هو أنّ المعجزات الكبرى لليهود، والمعجزات الصغرى التي لا يراها أحد ولا يشعر بها هي للوثنيّين، ومن بينها المعجزة التي تطلبها لابنتها.

لا شكَّ في أنّ جواب المرأة يدلّ على ذكائها الحادّ وتواضعها العميق، ولكنّه يُظهر بصورةٍ جليّة إيمانها الرائع بشخص يسوع وقدرته الإلهيّة على قهر الشيطان، وبمخطّطه الإلهيّ في خلاص البشر. وهذا ما أدهش يسوع فصاح : " ما أعظمَ إيمانَكِ أيّتها المرأة ". وكافأ إيمانها فقال لها : " فليكُنْ لكِ ما تُريدين ". فكانت المكافأة أنّ الشيطان قد خرج من ابنتها، فعادت إليها الصحّة وأصبحت فتاةً طبيعيّة.

إنّ هذه المعجزة التي شبّهتها المرأة الكنعانيّة بالفُتات التي يتساقط من موائد البنين تدلّ على أمرين هامّين، وهما سيطرة يسوع التامّة على القوّات الشيطانيّة، ومفعول الإيمان الحيّ في النفوس.

سيطرة يسوع على القوّات الشيطانيّة

كان الشيطان ملاكاً قبل أن يتمرّد على الله ويهبط من السماء. ولمّا انقلب شيطاناً لم يفقِدْ ذكاءه ولا قوّته، بل وجّه ما لديه من ذكاء وقوّة إلى نشر الشرّ في العالم وأذى البشر.

إنّ الطريقة الناجعة لديه ليؤذي بها البشر هي أن يسكن في أجسادهم ويعذّبهم من دون هوادة. فهو يختار من البشر مَنْ يعيشون في الوثنيّة أو في جوٍّ مُفعَمٍ بفساد الأخلاق. ووقع اختياره على هذه الفتاة الصغيرة لأنها كانت تُقيم مع والدَيْها في منطقة مشهورة بعدم إيمانها وفساد أخلاقها. ولمّا لم يكن الشيطان يدري أنّ يسوع سوف يأتي يوماً إلى هذه المنطقة، فقد اطمأنَّ إلى دوام إقامته في جسمها وإلى الحرّية التي كانت تسمح له بأن يعذّبها باستمرار.

وأتى يسوع إلى هذه المنطقة واستجاب طلب المرأة إكراماً لِما أبدتْهُ من إيمانٍ وتواضع، فأمرَ الشيطان بالخروج من جسم ابنتها، وهو بعيد عن الفتاة الممسوسة، ومن دون أن يتفوّه بكلمة. فأطاع الشيطان أمر يسوع وهو صاغر، ولم يستطع أن يُبدي أيّة مقاومة لأنّ إرادة الرب الإلهيّة تسحق سيطرته وتحطّم عناده وتجبّره.

مفعول الإيمان الحيّ في النفوس

1- الإيمان بيسوع الإله أساسُ الحياة المسيحيّة: عالج بولس الرسول موضوع الإيمان في رسالته إلى الرومانيّين (1/16-17) وفي رسالته إلى الغلاطيّين (3/6-7) . فبيّن بطريقة جليّة أنّ الإيمان بيسوع يؤدّي بنا إلى الخلاص، ويُنقذنا من سيطرة الخطيئة وعبوديّة إبليس، ويحرّرنا من قيود الفرائض اليهوديّة، ويسمو بنا فيجعلنا أبناء الله. فلا خلاص ولا حياة روحيّة سليمة من دون الإيمان بألوهيّته وحنانه وشفاعته لدى الله أبيه السماوي.

2- الإيمان الصحيح هو الإيمان الحيّ: ولا بدّ لنا من أن نفهم ما هو الإيمان الصحيح الذي تحدّث عنه بولس الرسول في رسالتَيْه، وأشار إليه القديس يعقوب في رسالته الجامعة.

إنّ الإيمان الصحيح هو الإيمان الحيّ، أيْ الإيمان العامل بالمحبّة (غلاطية 5/6). وأكثر ما يخشاه الشيطان هو هذا الإيمان الحيّ في نفس المسيحي.

لا شكَّ في أنّ الشيطان يؤمن بوجود الله (يعقوب 2/19). ولكنّ إيمانه إيمانٌ ميّت، أيْ لا محبّة فيه إطلاقاً، بل إيمانُ الخليقة الحاقدة على الله والمتمرّدة عليه. لذلك يبقى الشيطان خليقةً مرذولة، لا يستطيع أن يستعيد مكانته الملائكيّة التي فقدها في السماء عند الله لأنّه يرفض رفضاً قاطعاً أن يفتح قلبه لحبّ الله وحبّ مخلوقاته البشريّة.

فالمسيحي الذي يكتفي بالإيمان الميّت، أيْ من دون أن يشعرَ قلبُهُ بحبّ الله وحبّ الآخرين، يكون إيمانه كإيمان الشيطان، فلا يُفيده شيئاً للحياة الأبديّة. فإذا أردنا أن نسمع من يسوع القول الذي قاله للكنعانيّة : " ما أعظمَ إيمانَكَ أيُّها المسيحي " وجب علينا أن نحيا حياة الإيمان الحيّ المقرون بأعمال المحبّة.

المرأة الكنعانيّة مثالٌ لنا في إقامة الصلاة

لم تكن المرأة الكنعانيّة مثالاً لنا بإيمانها فقط، بل بصلاتها أيضاً. لقد امتازت صلاتها بأربع فضائل، وهي الإلحاح والتواضع والثقة والإيمان. فإذا راجعنا أنفسنا نرى أنّ صلاتنا تتّصف بالضجر أو الكبرياء أو عدم الثقة أو ضعف الإيمان.
وقد نصح لنا بولس الرسول أن نلتجئ في إقامة الصلاة إلى نجدة الروح القدس.


(رومة 8/26)


التطبيق العملي

1- لا تقوم صلاة يوم الأحد بأن نحضر القدّاس ونحن جامدون في الكنيسة كالأصنام، بل أن نشترك فيه اشتراكاً حيّاً مع المسيح الذي يقدّم ذاته لأبيه السماوي ذبيحةً غير دمويّة، فنسبّح الله ونمجّده، ونسجد لـه ، ونندم على خطايانا ونستغفره، ونطلب إليه المعونة لعمل الخير، والحفاظ على نقاء النفس، والسيطرة على إغراء الخطيئة، والقدرة على ممارسة الفضائل المسيحيّة، ولا سيّما المحبّة.

2- الصلاة الحقّة تنبع من القلب. فإنّ الصلاة التي نتلوها من الشفاه فقط، صلاةٌ فارغة لا ترتفع إلى الله ولا تسبّحه، ولا تأتي بأيّة فائدةٍ روحيّة لنفوسنا. فلنصلِّ بإيمان وتواضع وعاطفة صحيحة ورغبة صادقة في تمجيد الله تعالى.




Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:29 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع رجلاً ممسوساً أعمى وأخرس

http://www.peregabriel.com/gm/albums...-blind-man.jpg

نصّ الإنجيل

وجيءَ إلى يسوع برَجُلٍ مَسَّهُ الشيطانُ أعمى وأخرَس. فشفاهُ حتّى تكَلَّمَ الأخرَسُ وأبصَر. فدَهِشَ الجموعُ كُلُّهُم وقالوا : " أليسَ هذا ابنَ داود ؟


" وسَمِعَ الفرّيسيّونَ كلامَهُم فقالوا : " إِنَّما هذا يَطْرُدُ الشياطينَ بِبَعْلَ زَبولَ رئيسِ الشياطين ". فعَلِمَ يسوع أفكارَهُم فقالَ لهُم : " كُلُّ مملَكَةٍ تَنقَسِمُ تَخْرَب، وكُلُّ مَدينةٍ أو بيتٍ ينقَسِمُ لا يَثبُت. فإنْ كان الشيطانُ يَطرُدُ الشيطانَ فقدِ انقَسَم، فكيفَ تثبُتُ مَمْلَكَتُهُ ؟


وإنْ كنتُ بِبَعلَ زَبولَ أطرُدُ الشياطين، فبِمَنْ يَطرُدُهُ أبناؤُكُم ؟ لذلك هُمْ سيحْكُمونَ عليكم. وأمّا إذا كنتُ بروحِ اللهِ أطرُدُ الشياطين، فقد وافاكُمْ ملكوتُ الله. أَنَّى لأحَدٍ أنْ يدخُلَ دارَ الرَجُلِ القويِّ ويَنهَبَ أمتِعَتَهُ، إذا لم يوثِقْ ذلك الرجلَ القويَّ أوّلاً، ثمَّ يَنهَبُ بعدئذٍ دارَهُ " (متى 12/22-29)




قال الجمع : أليسَ هذا ابن داود

جاء الناس إلى يسوع برجلٍ قد استولى عليه الشيطان، وسألوه أن يخرجه منه. وكان الرجل أعمى وأخرس.

لقد دخل الشيطان في جسم هذا الرجل فعقد لسانه، وسدل على عينَيْه حجاب العمى، فحرمه رؤية جمال مخلوقات الله، ومنعه من الترنيم بحمده تعالى مع جماعة المؤمنين في اجتماعات الصلاة.

وتطلّع يسوع إلى هذا المسكين فرئف به، وأخرج منه الشيطان وأعاد إليه البصر والكلام، فأخذ الرجل يرى ويتكلّم، واستطاع منذ ذلك اليوم أن يعيش بين الناس عيشةً كريمة تليق بمقامه الحرّ المخلوق على صورة الله ومثاله.

صنع يسوع هذه المعجزة أمام جمهور الشعب، فدهِشَ جميعُهُم، وأخذوا يتساءلون في ما بينهم : " أليسَ هذا ابنَ داود، المسيحَ الذي نحنُ ننتَظرُ مجيئهُ ؟ " لقد كانوا على حقّ عندما طرحوا هذا السؤال على أنفسهم.


فالمعجزة التي صنعها يسوع كانت عظيمة قهرت بلحظةٍ واحدة قوّة الشيطان الجهنّميّة، وأظهرت أنّ يسوع هو المسيح الذي يفوق جميع الأنبياء بسلطته وتفوّقه على الأرواح الشريرة.




إنّما هذا يطردُ الشياطين ببعلَ زبول رئيسِ الشياطين

رأى الكتبة والفرّيسيّون هذه المعجزة فنسبوها لا إلى قدرة يسوع الإلهيّة، بل إلى سلوكه الخدّاع الذي حمله على أن يأتَمِرَ مع رئيس الشياطين ليُدخِلَ الضلال إلى قلوب الناس.


قالوا : " إنّما هذا يطرُدُ الشياطينَ ببعلَ زَبول رئيسِ الشياطين ". فردَّ يسوع عليهم هذه التهمة الباطلة بثلاثة أجوبة قاطعة أفحمهم بها وبيّن حقدهم وحسدهم.


قال في الجواب الأوّل : كلُّ مملكةٍ تنقسم على نفسها تنهار. فإذا كان رئيس الشياطين يطرد الشياطين فإنّ مملكته تنقسم على نفسها وتنهار.

ولذلك، فإنّه حرصاً على وحدة مملكته وثباتها لا يرضى بان يطرد أعوانه الشياطين من أجسام الناس. فالتهمة إذاً تهمة باطلة.

وقال في الجواب الثاني : إنّ بينَكم كتبةً وفرّيسيّين من أبنائكم يقومون بطرد الشياطين من أجسام الممسوسين. فهل يلتجئون للقيام بهذا العمل إلى رئيس الشياطين أم إلى قدرة الله ؟ ألا تقولون إنّهم يلتجئون إلى قدرة الله ؟ فلماذا تقولون إنّهم يلتجئون إلى قدرة الله، وتتّهموني بأني ألتجئ إلى رئيس الشياطين ؟

إنّ قولكم هذا دليل على أنّ حُكْمَكم المُتَحيِّز حكمٌ باطلٌ وضالّ، لا يقبل به أحد، حتّى ولا أبناؤكم الذين يسعون لإخراج الشياطين.


وقال في الجواب الثالث : إنّي صنعت للرجل صنيعاً حسناً، فشفيته وأعدْت إليه كرامته الإنسانيّة المهدورة. وهذا برهان على أنّي قد أخرجت الشياطين بروح الله الساكن فيَّ. فعملي هذا إشارةٌ واضحة إلى أنّ ملكوت الله قد أخذ ينتشر بينكم فافتحوا له قلوبكم، ودعوه يدخل إلى نفوسكم، ليزيح عنها الحقد والحسد، ويضع مكانهما الإيمان ومحبّة الحقيقة.


بهذه الأجوبة الثلاثة بيّن لهم أنّهم يتعامَوْن عن رؤية الحقيقة الناصعة، ويتصرّفون تحت تأثير الحقد والحسد، فيرفضون الإيمان بان يسوع هو المسيح المنتظَر الذي جاء إلى العالم ليخلّص البشرية الواقعة تحت سيطرة إبليس.




حالة الخاطئ تشبه حالة الممسوس

إنّ من استسلم إلى الخطيئة وعاش فيها كان شبيهاً بالرجل الممسوس. فالعاهات الثلاث التي حلّت به، وهي العبوديّة والعمى والخرَس، تحِلّ بالخاطئ العنيد

1- العبوديّة : إنّ الخاطئ عبدٌ للشيطان يرزح تحت نير عبوديّته. إنّ هذه العبوديّة، وإنْ كانت غير محسوسة ولا مَرْئيّة، عبوديّةٌ واقعيّةٌ ومُرّة، ولها نتائجها الوخيمة. فإذا مات، وكان في الدنيا عبداً للشيطان، بقيَ عبداً له في الآخرة، فحُرِمَ مشاهدةَ الله السعيدة، وأُلقيَ في هوّة الهلاك، تعذّبه الشياطين بلا هَوادة مدى الأبديّة.


2- العمى : إن الخاطئ أعمى، لا يُبصر قذارة نفسه، ولا شناعة الخطايا التي تُهين جلال الله تعالى، ولا مساوئ الشهوات البشريّة الفاسدة التي تؤذيه في ماله وجسده وسمعته بين الناس. وهذا ما يجعله أعمى قابعاً في بؤرة الآثام لا يخرج منها.


3- الخرَس: وهو أخرَس، لا يسبّح الله مع إخوته المؤمنين الصالحين ولا يتكلّم معهم. وإذا ما تكلّم فإنّه يتكلّم مع رفاق السوء ليتابع وإيّاهم مسيرة الخطيئة، ويسعى معهم للعثور على فُرَص التمتّع بالملذّات المحرّمة.


فالخاطئ عبدٌ للشيطان أعمى وأخرس لا يتمتّع برؤية جمال الفضيلة الرائع، ولا يترنّم بأناشيد المحبّة التي يُنشدها الأبرار مدى الأبديّة في الحياة السعيدة.




يسوع يُنقذ الخاطئ من عبوديّة الشيطان

عمل يسوع للرجل الممسوس عملاً رائعاً، فأنقذه من عبوديّة الشيطان وعمى العَيْنَين وعقدة اللِّسان. وهو يعمل اليوم للخاطئ أكثرَ مِمَّا عمله في الماضي للرجل الممسوس.


إنّه لا ينتظر مَنْ يجيء بالخاطئ إليه ويطلب منه الشفاء، بل يأخذ المبادرة من تلقاء نفسه، ويأتي إليه ليُنقذه من عبوديّة الشيطان، ويُزيل عنه عمى القلب وعقدة اللِّسان، ويجعله ينعم مع سائر المؤمنين بكرامة أبناء الله.


وهذا ما أشار إليه بوضوح مثلُ الراعي الذي انطلق إلى البرّية وأخذ يبحث عن الخروف الضالّ. فلمّا عثر عليه حمله على كتفَيْه، وجاء به إلى البيت، وفرِحَ به مع أصدقائه لأنه أنقذه من الموت.




يقول يسوع للخاطئ : لا تيأسْ. أنا أقوى من الشيطان

أراد يسوع أن ينعش في قلب الخاطئ الإيمان بقدرته الإلهيّة والرجاء في الحصول على أسباب الخلاص، فأكّد لـه بأسلوبٍ شعبي ولغةٍ قِتالية أنّه أقوى من الشيطان، وأنّه قادر على إنقاذه من سيطرة إبليس ، فلا داعي للخوف واليأس.

قال : مَنْ كان قويّاً ومتحصّناً في بيته لا يقوى عليه إلاّ مَنْ كان أقوى منه. فهذا الأقوى يُهاجمه في داره، ويُكبّله بالقيود، وينزع عنه أسلحته، ويستولي على أمتعته، ويطرده من مسكنه.

فالقويّ هو الشيطان الذي استولى على جسم الخاطئ واتّخذه مسكناً لـه، وتحصّن فيه بأسلحته الشيطانيّة، واطمأنّ إلى سُكناه الدائم فيه. ولكنّ يسوع أقوى منه، فإنّه يهاجمه في بيته بأسلحته الإلهيّة، ويسيطر عليه، ويكبّله بالقيود الأبديّة، وينزع عنه أسلحته ، ويطرده من جسم هذا الإنسان، ويلقيه في الهوّة الجهنّميّة، ويحرّر الخاطئ من طغيانهِ ، ويجعله ينعم بالراحة والحرّية والسعادة الدائمة. ولذلك يقول للخاطئ : " لا تيأسْ. أنا يسوع مخلّصك أقوى من الشيطان". (متى 12/29)






التطبيق العملي







1- إذا صادفتَ أعمى وأخرس قلتَ في نفسك : ليس لهذا الإنسان حظٌّ في الحياة لأنّه يعيش في الظلام ولا يقوى على التعبير عن حاجاته وعواطفه. فهل الخاطئ المتمسّك بخطاياه أسعدُ منه حظّاً ؟ أقمْ مقابلة بينهما وبيّنْ أيُّهما اكثر بؤساً.
2- إنّ التخلّص من العمى والخَرَس يكاد أن يكون مستحيلاً، حتى مع تقدّم الطبّ والعلوم الطبيعيّة. ولكنّ يسوع وضع تحت تصرّف الخاطئ وسائل متعدّدة ليُنقذه من عمى القلب وعقدة اللِّسان، ومِنْ أبرزها التأمُّل في الإنجيل، والصلاة الجماعيّة والفرديّة، وقبول سرّ التوبة، وطلب شفاعة أمّنا مريم العذراء.


أوضحْ أنّ هذه الوسائل الروحيّة تنقذ الخاطئ من عماه وخرَسه.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:29 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع مُقعَدَ بركة بيت حِسْدا



http://www.peregabriel.com/gm/albums...us_28129~0.jpg

نصّ الإنجيل

وبَعدَ ذلكَ كان أحدُ أعيادِ اليهود، فصَعِدَ يسوعُ إلى أورَشَليم. وفي أورَشَليمَ عِندَ بابِ الغَنَم بِركَةٌ، يُقالُ لها بالعِبريّة بيتَ حِسْدا، ولهها خَمْسَةُ أروِقَة. وكانَ يضَّجِعُ في الأروِقَةِ كثيرٌ مِنَ المَرضى بينَ عُميانٍ وكُسحانٍ ويابسي الأَعضاء ينتَظِرونَ فوَرانِ الماءِ، لأنَّ ملاكَ الربِّ كانَ يَنْزِلُ في البِركَةِ حيناً بَعدَ آخَر فَيَفورُ الماء.


فكانَ الذي يَسْبِقُ إلى النُّزولِ بَعدَ فَوَرانِ الماءِ يُشفى مَهما تَكُنْ عِلَّتَهُ. وكانَ هُناكَ رَجُلٌ عَليلٌ منذُ ثمانٍ وثلاثينَ سَنَة. فرآهُ يسوعُ مُضَّجِعاً، فعَلِمَ أنَّ لَهُ مُدَّةً طَويلَةً على هَذِهِ الحال فقالَ لَهُ : " أَتُريدُ أنْ تُشفى ؟ " فأجابَ العَليل : " سيِّدي، ليسَ لي مَنْ يَغُطُّني في البِركَةِ عِندَما يَفورُ الماء. وإذا حاولتُ الذَهابَ إليها، سَبَقَني غَيري إلى النُّزول ".

فقالَ لَهُ يسوع : " قُمْ فاحْمِلْ فِراشَكَ وامشِ ". فشُفيَ الرَجُلُ مِنْ ساعَتِهِ، فحَمَلَ فِراشَهُ ومشى. وكانَ ذلِكَ يومَ السَبت. فقالَ اليهودُ للّذي شُفي : " هذا يومُ السَبتِ، فلا يَحِلُّ لكَ أن تَحمِلَ فِراشَكَ ". فأجابَهُمْ : " إنَّ الذي أبرأَني قالَ لي: احمِلْ فِراشَكَ وامشِ ". فسألوهُ :

" مَنِ الرَجُلُ الذي قالَ لَكَ : احمِلْ فِراشَكَ وامشِ ؟ " وكانَ الذي برِئَ لا يَعرِفُ مَنْ هوَ، لأنَّ يسوعَ توارى بينَ الجَمْعِ المُحْتَشِدِ هُناك. ولَقيَهُ يسوعُ بَعدَ ذلِكَ في الهَيكَلِ فقالَ لَهُ : " قَدْ تَعافَيْتَ، فلا تَعُدْ إلى الخَطيئةِ لئلاّ تُصابَ بأَسوأ ". فَذَهَبَ الرَجُلُ إلى اليهود، فأخبَرَهُمْ أنَّ يسوعَ هوَ الذي شَفاه. فأَخَذَ اليهودُ يضطهدون يسوع لأنَّهُ كانَ يَفعَلُ ذلِكَ يومَ السبت.


فقالَ لَهُمْ : " إنَّ أبي ما يَزالُ يَعْمَل، وأنا أعمَلُ أيضاً ". فاشتَدَّ سَعيُ اليهودِ لقَتْلِهِ، لأنَّهُ لم يَقتَصِرْ على استِباحَة السَبت، بَلْ قالَ إنَّ اللهَ أبوهُ، فَساوى نَفْسَهُ بالله.

(يوحنَّا 5/1-18)

بركة بيت حِسدا العجائبية

مدينة أورشليم مدينة مقدّسة، كان فيها هيكلُ الله، وكانت فيها بركةٌ عجائبيّة يشفي ماءُها المرضى، تُسمّى "بركة بيت حِسْدا". وكان حولَها مرضى كثيرون ينتظرون الشفاء من أمراضهم عندما يفور ماء البركة.


وكان بين هؤلاء المرضى رجلٌ مُقعدٌ، مُتمدّد على طرف البركة منذ زمانٍ طويل.

لم يكن للمُقعد إنسانٌ يساعده

إنّ قصّة هذا المُقعد قصّةٌ مؤلمة. من قرأها وتأمّل فيها بإمعان تبيّن له أنّ هذا الرجل قد استسلم في فتوّته وشبابه إلى الخطيئة، ، وثقُل عليه المرض، وأصابه الفالج فأضحى كسيحاً. وهذا ما أشار إليه يسوع عندما قال لـه :

"لا تَعُدْ إلى الخطيئة". والفالج مرضٌ يصعب الشفاء منه، فنقله الناس إلى هذه البركة، فتمدّد على طرفها، وفي قلبه الأمل أن ينال من السماء الفرج والرحمة.

وجاء يسوع في أحد السبوت إلى البركة، فوقع بصره على هذا المقعد وقد بدت على وجهه وشعره علامات الشيخوخة. فعرف منه أنّ المرض قد أصابه منذ ثمانٍ وثلاثين سنة. فطرح عليه هذا السؤال : " أتُريد أن تُشفى؟" فأجابه المقُعد بحسرة: " ليس مَنْ يغُطُّّني في البركة عندما يفور الماء "، لقد طرح يسوع عليه هذا السؤال لأنّه قرّر أن يشفيه.




نال المُقعد العقاب العادل

لمَّا عرف يسوع أن هذا الرجل قد قضى هذا الزمان الطويل وهو طريح على طرف البركة، وانّه نال العقاب العادل، أشفق عليه وقال لـه : " قُمْ، احمِلْ فراشَكَ وامشِ ". وشعر الرجل بأنّ عضلات رجليه قد تشدّدت فقام على الفور وطوى الفراش ووضعه على كتفه ومشى.

ولم ينتبه الناس إلى المعجزة التي حصلت. ولكنّهم رأوه يحمل فراشه يومَ السبت فصرخوا به، ونهوه عن حمله.


قالوا له : " اليومَ سبت، والعمل فيه ممنوع، فلا يحلّ لك أن تحمل الفراش ". فأعلمهم أنه كان مقعداً فشُفيَ، وأنّ الرجل الذي شفاه قد أمره بأن يحمل فراشه، ويذهب به، وهو يجهل مَنْ هو هذا الرجل.




عِقاب التمادي في ارتكاب الخطيئة

ورأى يسوع المُقعد في الهيكل بعد بضعة أيام فقال له : " ها قد عُوفيت، فلا تَعُدْ إلى الخطيئة لئلاّ يُصيبَكَ عقابٌ أشدّ".

إنّ من احتقر أوامر الله، وطمع في رحمته تعالى، فاستسلم إلى شهوات نفسه، وتمادى في ارتكاب الخطيئة كان خاسراً. وخسارته هي أنّ العِقاب الذي يحلّ به للمرّة الثانية يكون أشَد من العِقاب الذي حلّ به للمرّة الأولى. ولذلك حذّره يسوع من العودة إلى الخطيئة والتمادي في ارتكابها. فإنّ الله أسمى من أن يتعرّض الإنسان إلى جلالته، فيحتقرها ويوجّه إليها الإهانة عن طيشٍ أو عن كبرياء.




الله حنون وعادل

إنّ الله حنونٌ وعادل على السواء. هو حنون ينسى الخطيئة ويغفِرها لمَنْ يتوبُ منها ويرجع إليه تعالى نادماً مسترحماً. وهو عادل يحاسب مَنْ يرتكبها ويعاقبه، ولا سيّما إذا استسلم إليها من دون رادع ورفض التوبة وإصلاح سيرته الفاسدة.

ويكون العِقاب أحياناً في هذه الدنيا بضربات قاسية، كالضربة التي حلّت بهذا المُقعد فطرحته على طرف البركة مدّة ثمانٍ وثلاثين سنة، معرّضاً للبرْد والحرّ والجوع والعطش، ومقيّداً بقيود مرض الفالج الأليم.

ويؤجّل العِقاب في معظم الأحيان إلى الآخرة. والفرق بين عقاب الدنيا وعقاب الآخرة، هو أن عِقاب الدنيا يكفّر عن الخطايا ويُزيل آثارها إذا ندم الإنسان الخاطئ على ما فعل، وتحمّل شدائد الحياة باستسلام إلى إرادة الله العادلة.


أمّا عِقاب الآخرة، وهو رهيبٌ جداً، فلا يكفّر عن الخطايا، بل يبقى عذاباً مستمرّاً يدوم مدى الأبديّة، لأنّ من مات ولم يتُبْ من ذنوبه وهو في هذه الدنيا، تمسّك في الآخرة بعِناده وعدم توبته، على الرّغم من العقاب الذي يتحمّله، ولن يستغفر اللهَ أبداً.




يسوع يعمل باستمرار على غرار أبيه السماوي

عر ف رؤساء اليهود من المُقعد الذي شُفي أنّ يسوع قد شفاه وأمره بأن يحمل فراشه في يوم السبت، فحقدوا عليه لأنه بإصدار أمره قد خالف شريعة راحة يوم السبت، فهاجموه وجعلوا يضطَهدونه. فكان جواب يسوع لهم جواباً قاطعاً قال:


"إنّ أبي يَعمَل، وأنا أيضاً أعمَل" (يوحنَّا 5/17) أيْ إنّ أبي السماوي الذي سنّ شريعة راحة يوم السبت لا يخضع لهذه الشريعة لأنّه سيّدُها. إنّه يعمل باستمرار، فيخلُقُ البشر حتّى في يوم السبت، ويعتني بهم من دون انقطاع. وأنا أقتدي به فأعمل الخير باستمرار من دون انقطاع، وعلى مثاله لا أخضع لشريعة راحة يوم السبت.

وفهم رؤساء اليهود أنّ يسوع قد أكّد لهم أنّ الله أبوه، وانّه إلهٌ كأبيه السماوي. ولذلك فهو يتصرّف على غراره بحرّية تامّة ولا يتقيّد بقيود الشريعة. فاشتدّ حقدهم عليه لأنّه لم يقتصر على مخالفة شريعة راحة يوم السبت، بل كان يقول إنّ الله أبوه، ويساوي نفسه بالله. ولكنّهم لم يفهموا أنّ المعجزة التي صنعها كانت تأييداً لصِدْقِ قوله






التطبيق العملي

1-الخطيئة هي مخالفة إرادة الله، وازدراء حبّه الإلهي. ولذلك فإنَّ الله يُعاقب من يرتكبها ويتمسّك بها معاقبةً شديدة. وتبدأ المعاقبة أحياناً على الأرض. اقرأْ في الكتاب المقدّس كيف عاقب الله البشر الخطأة بالطوفان (سفر التكوين 6-7) وسكّان سدوم وعامورة بالنار المحرقة (سفر التكوين 9/24) . فتجنّب الخطيئة بنعمة الله وقوّة إرادَتِكَ.

2- استسلم رؤساء اليهود إلى الحقد على يسوع، فلم يحصلوا على نعمة الإيمان بالمسيح، وعاشوا وماتوا في ضلال قلوبهم. فالحقد مِنْ كبار الخطايا التي تشوّه قلب الإنسان في عيني الله تعالى. لذلك هنَّأ يسوع أنقياء القلوب الذين لا يعرفون الحقد. قال : " طوبى لأنقياءِ القلوبِ لأنَّهم يُعاينونَ الله ". (متى 5/8) لقد هنَّأهم لأنّهم بنقاءِ قلوبهم ونَبْذِهم لكلّ مظاهر الحقد يُعاينون وجه الله، وهم على الأرض، في وجوه مَنْ يعاملونهم بالمحبّة والتسامح. إنَّ هذه الرؤية الغامضة على الأرض تصبح رؤيةً واضحة مباشرة في السماء وتكون مصدر سعادتهم الأبديّة.




3- لا تنسَ ما قاله يسوع عن الآب السماوي إنّه يعمل باستمرار، أيْ إنّه يعتني بك ولا ينقطع إطلاقاً عن هذه العناية. إنّ موقفك أيّها المسيحي يحملك على ألاّ تُهمل رفع آيات الحمد لِما ينعم الله عليك مِن إنعامات لا تُحصى تؤهّلك لأن تعيش في الحياة عيشةً كريمة وتبلغ بعدَها الحياةَ السعيدة.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:30 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع رجلاً أعمى في بيت صيدا
http://www.peregabriel.com/gm/albums...an_clipart.jpg

نصّ الإنجيل

وصَلَ يسوع مع تلاميذِهِ إلى بيتَ صيدا، فجاؤوهُ بأعمى، وسألوهُ أنْ يَضَعَ يَدَهُ عليهِ. فأخَذَ بيدِ الأعمى، وقادَهُ إلى خارِجِ القَرية، ثُمَّ تَفَلَ في عينَيْه، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عليهِ وسألَهُ: " أَتُبْصِرُ شيئاً ؟


" فأَخَذَ يُبْصِرُ وقال : " أُبْصِرُ الناسَ وأراهُم يمشون كأنَّهُم أشجار ". فوَضَعَ يدَيْهِ مرَّةً أُخرى على عينَيْه، فأَبْصَرَ وعادَ صَحيحاً يرى كلَّ شيءٍ عَن بُعد. فأرسَلَهُ إلى بَيتِهِ وقالَ لَهُ : " لا تَدخُلِ القَرْيَة ". (مرقس 8/22-26)

صنع يسوع هذه المعجزة على مرحلتين

أمسك يسوع يد الأعمى وأخرجه إلى البرّية، وأعاد إليه البصر، لا فوراً ولا كاملاً، بل على مرحلتين متتابعتين.

ففي المرحلة الأولى وضع على عينَيْه بعض ريقه ثمّ بسط يديه على رأسه وسأله: " أتبصر ؟ " فأجاب الأعمى أُبصر الناس يمشون كأنّهم أشجار ". كانت رؤيَتُهُ للناس غامِضَةً حتّى إنّهُ لم يُمَيّز الناس مِنَ الأشجار.

وانتَقَلَ يسوع إلى المرحلة الثانية فبسط يدَيْه على عينَيْه مرّةً أخرى، فعاد إليه البصر كاملاً، ورأى الناس بوضوحٍ تامّ. لقد تعمّد يسوع سلوك هاتين المرحلتين ليصف بهما حالة تلاميذه وحالة المسيحي الخاطئ.

http://www.peregabriel.com/gm/albums.../10002/024.jpg

مرّت رؤية التلاميذ ليسوع بمرحلتين

1- ففي المرحلة الأولى كانت رؤيتهم له رؤيةً غامضة، على مثال الأعمى الذي كان يرى الناسَ يمشون كأنّهم أشجار. إنّ?هم لم يعرفوه معرفةً حقيقيّة، ولم يدركوا بعقولهم هدفَ مجيئهِ إلى العالم ولا عَمله الخلاصي، ولم يفهموا بقلوبهم فهماً صحيحاً عقليّته الروحانيّة.وإليكم بعض أمثال عن رؤيتهم الغامضة ليسوع:

- لمّا كانوا يعيشون معه شاهدوه يشفي المرضى، ويقيم الموتى، ويفتح عيون العميان، ويشدّد عضلات المقعدين، ويُخرج الشياطين، ويُطعم الجياع، ويهدّئ عاصفة المياه. وكانت معجزاته كثيرةً جدّاً لم يأتِ بمثلها ولا بعدَدِها واحد من الأنبياء الذين جاءوا قبله. ومع ذلك فإنّهم لم يُدركوا أنّه ابنُ الله، وأنّ سلطته الإلهيّة لا حدود لها. وهذا ما حملهم على أن يتساءلوا في ما بينهم عندما هدّأ العاصفة : " مَنْ هذا حتّى تُطيعَهُ الرياحُ والبحر ". (متى 8/27)

- وسمعوه يبشّر الناس بملكوت الله، ويدعو السامعين إلى التوبة وقبول هذا الملكوت الروحي. ومع ذلك فقد رأوه مسيحاً سياسيّاً جاء ليطرد الرومانيّين المستعمرين ويؤسّس لإسرائيل دولةً مجيدة. إنّ هذه الرؤية المغلوطة لعمل يسوع وتبشيره بالإنجيل دفعت التلميذَيْن الأخوين، يعقوب ويوحنَّا، إلى أن يطلبا منه أن يجلس أحدهما إلى يمينه والآخر إلى يساره في مجد مملكته. وهذا ما أثار غضب التلاميذ العشرة الآخرين عليهما لأنّهم اعتبروا طلبهما تعّدياً على حقوقهم في توزيع المناصب الوزاريّة في الدولة العتيدة.

(مرقس 10/35-45)

- وظهرت رؤيتهم الغامضة لمّا استسلموا إلى الجدال مرّتين في من هو الأعظم بينهم، ولم يفهموا عقليّة يسوع التي تدعوهم إلى ممارسة التفاهم والتواضع والمحبّة الأخويّة. (مرقس 9/34 ولوقا 22/24)

- وتبيّنت رؤيتهم الغامضة لـه لمّا رأوه حيّاً واقفاً بينهم بعدما قام من بين الأموات، ومع ذلك شكّوا في حقيقة قيامته.

(متّى 28/17)

- وكان غموض رؤيتهم لـه كثيفاً عندما عادوا للمرّة الثانية يسألونه عن الزمن الذي يُعيد فيه المُلك إلى إسرائيل بينما كانوا يرتقون معه جبلَ الزيتون، قبل أن يصعد إلى السماء بفترةٍ وجيزةٍ.

(أعمال الرسل 1/6)

في هذه المرحلة الأولى التي دامت طَوال حياة يسوع التبشيريّة، أيْ مدَّة ثلاث سنوات، كانوا يرون يسوع كما كان الأعمى يرى الناس في المرحلة الأولى من شفائه. وإذا أردنا أن نصف طبيعة رؤية التلاميذ ليسوع في هذه المرحلة الأولى قلنا إنّهم كانوا أنصاف عميان.

2- وكما انتقل الأعمى إلى الرؤية الواضحة للناس بعدما وضع يسوع يديه عليه للمرّة الثانية، هكذا انتقل التلاميذ إلى رؤية يسوع الواضحة بعدما أرسل إليهم روحه القدّوس يَومَ العنصرة، ففتح عقولهم وقلوبهم وعرفوا أنّ يسوع مسيحٌ وربّ (أعمال 2/36) وأعلنوا للملأ ، بأقوالهم ورسائلهم، أنّه ابنُ الله قد أتى إلى العالم لينشر ملكوت الله ويضُمَّ إلى هذا الملكوت جميعَ شعوب الأرض.

http://www.peregabriel.com/gm/albums...ind2520man.jpg

يمرّ المسيحي الخاطئ بمرحلتين

وكما مرّ الأعمى بمرحلتين ليتمكّن من رؤية نور الدنيا رؤيةً واضحة، فكذلك يمرّ المسيحي الخاطئ بمرحلتين ليتمكّن من رؤية نور الإيمان رؤيةً سليمة.

1- ففي المرحلة الأولى عندما يرتكب الخطيئة لا يرى بوضوح سموَّ جلال الله، وعظمةَ ابنه يسوع، وسوءَ مصيره الأبدي، والأذى الروحي الذي يُحدثُهُ لأعضاء الكنيسة . فيكون كالأعمى الذي لم يرَ الناس إلاّ كأشجار تمشي.

إنّ هذه المرحلة الأولى التي يعيشها المسيحي الخاطئ تاعسة للغاية. فإذا امتدّت طويلاً وضعته على حافّة هوّة الهلاك الأبدي، وجعلته يَحيدُ عن الهدف الذي خُلق لأجله على الأرض، وهو تمجيد الله والتمتّع بالسعادة الأبديّة.

2- وكما احتاج الأعمى إلى بسط يَدَيْ يسوع عليه مرّةً ثانية، ليتمكّن من رؤية نور الدنيا رؤيةً جليّة، هكذا يحتاج الخاطئ إلى نعمة يسوع المُضيئة ليتمكّن من رؤية نور الإيمان رؤيةً صحيحة.

إنّ رؤية نور الإيمان الصحيحة هي المرحلة الثانية التي يعيشها المسيحي التائب، فيرى بوضوح، بفضل أشعّة نعمة يسوع الساطعة، شناعةَ الإثم الذي ارتكبه، وقباحة نكران الجميل لمواهبِ الله ونِعَمِ يسوع الفادي، ويشعُرُ بالخطر المخيف الذي كان يزجّ نفسه فيه فيتوب من ذنوبه ويقرّر سلوك الحياة الفاضلة.

وكما احتاج الأعمى إلى التلاميذ لكي يقودوه إلى يسوع، هكذا يحتاج المسيحي الخاطئ إلى الكنيسة لتقوده إلى يسوع ويحصل على شفائه الروحي.

فالكنيسة هي الوساطة الخيّرة بينه وبين يسوع. وهذه الوساطة تمكّنه من أن يتمتّع بنور النعمة الذي يضيء له جمال الحياة الإلهيّة التي فقدها بارتكاب الخطيئة.

قال يسوع للأعمى : ادخلْ بيتك ولا تعدْ إلى القرية

يقول يسوع للمسيحي التائب : " أمّا الآن وقد فُتِحَتْ عيناك ورأيتَ بوضوحٍ نورَ الإيمان وقباحةَ الخطيئة، ورجعتَ إلى الله تائباً، وغُفِرتْ لك آثامُك، فادخلْ بيتَك وصلِّ بخشوع، ولا تعُد إلى المجتمع الذي كان يدفعك إلى ارتكاب الذنوب ".

يسوع يعلم أنّ تأثير المجتمع الفاسد يُفسد أنقى الناس وأطهرهم. ولذلك فإنّه ينصح للخاطئ التائب بأن يدخُلَ بيته ولا يرجع إلى مجتمعه القبيح الذي جرّه إلى الخطيئة، كما نصح للأعمى الذي شُفي بأن يدخُلَ بيته ولا يعود إلى قريته.

إنّ هذه النصيحة قد ذكرها بولس الرسول في كثيرٍ من رسائله فقال: "إنّ العُشرةَ الرديئةَ تُفسِدُ الأخلاقَ السليمة".

(1 قورنتس 15/33)



التطبيق العملي

1- الخطيئة ظلامٌ روحي كعمى العينَيْن. إنّ الأعمى يتألّم من عيشه في الظلام. أمّا الخاطئ فلا يشعر بأنّه يعيش في الظلام، بل يقضي سنواتٍ كثيرة من حياته غير مبالٍ بالعَتَمة الروحيّة التي تُحدق به.فيا أيّها المسيحي، لا تَسْتَسلمْ إلى عمى الخطيئة الذي يؤدّي بكَ إلى أن تنحدر يوماً بعد يوم، انحداراً متواصِلاً، حتّى تهبط في نهاية حياتك الهبوط الرهيب، وهو الهلاك الأبدي.

2- لقد رأى الأعمى بعد شفائه جمال حياة الدنيا ونور الشمس المتلألئة فأضحى سعيداً. فنحن قد أعدّنا الله لنرى بعد هذه الحياة نور وجهه الإلهي المتلألئ في السماء مدى الأبديّة. إنّ رؤية هذا الجمال تجعلنا سعداء.إلاّ انّها لا تُعطى إلاّ لِمَنْ جاهدوا في الحياة الجهاد الروحيّ الحسن، على مثال القدّيسين الأبرار.

3- متى شعرتَ بظلام الخطيئة اطلبْ من الكنيسة أن تقودكَ إلى يسوع ليبسطَ عليك يدَيْه الإلهيتَيْن، فتنتقلُ بوساطة سرَّيْ التوبة والقربان الأقدس من المرحلة المظلمة إلى المرحلة المتلألئة بنور الإيمان والمحبّة. إنّ هذه المرحلة المستنيرة تُضيءُ قلبكَ وتُنشئ فيه الرغبة في العيش مع يسوع نورِ العالم وبهجةِ القلوب النقيّة.


Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:30 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع رجُلاً أصمَّ معقودَ اللِّسان

http://www.peregabriel.com/gm/albums...1/20358282.jpg

نصّ الإنجيل

جاءَ الناسُ إلى يسوع بأصَمَّ معقودَ اللِّسانِ وسأَلوهُ أن يضَعَ يَدَهُ عليهِ. فانفَرَدَ بهِ عَن الجمعِ، وجَعَلَ إِصْبَعَيْهِ في أُذُنَيْهِ ، ثُمَّ تَفَلَ ولَمَسَ لِسانَهُ.


ورَفَعَ عينَيْه نحوَ السَماءِ مُتَنَهِّداً وقالَ لهُ : " إَفَّتِحْ " (أيْ انفَتِحْ). فانفَتَحَ مِسْمعاهُ وانْحَلَّتْ عُقْدَةُ لِسانِهِ، فتَكَلَّمَ بِلِسانٍ طليق. وأوصاهُمْ ألاّ يُخْبِروا أحَداً. فكانَ كلَّما أكْثَرَ مِنْ توصيَتِهِمْ، أكثَروا مِنْ إذاعَةِ خَبَرِهِ. وكانوا يقولون وهُمْ في غايةِ الإِعْجاب : " قد أبْدَعَ في أعمالِهِ كلِّها، إذْ جَعَلَ الصُمَّ يَسمَعون والخُرْسَ ينطِقون ".


(مرقس 7/31-37)

كان لهذه المعجزة طابعٌ خاص

لم تكن هذه المعجزة كغيرها من المعجزات التي صنعها يسوع، بل كان لها طابعٌ خاص بها. كان من عادته أن يقول كلمةً واحدة، وتحدُثُ المعجزةُ، كمعجزة إحياء ابن أرملة نائين : " أيّها الفتى لكَ أقولُ : قُمْ " (لوقا 7/11-17) ، أو أن يأمر المرض بالزوال وهو بعيدٌ عن المريض، فيزول المرض، كمعجزة شفاء خادم قائد المئة (متى 8/5-13) ، أو أَلاَّ يتفوّه بأيّة كلمة، كمعجزة شفاء المرأة المنزوفة

(متى 9/20-22) .



ولكنّه غيّر طريقته في إجراء هذه المعجزة. فقد اخذ الأصمّ المعقود اللِّسان على انفراد، ورفع عينَيْه نحو السماء، وتنهّد، وجعل إصبَعيْه في أُذُنَيْه، ولمس لسانه بريقه وقال له : " انفتحْ ". لقد أشرك إنسانيّته في عمله الإلهي : أشرك فمه الذي تكلّم، وقلبه الذي تنهّد، وعينَيْه اللتين وجّه بصرهما نحو السماء، وإصبعَيْه اللتين ادخلهما في أُذُنَيْ الأصمّ، ولسانه الذي أعطى الأخرس شيئاً من ريقه.

وبتعبيرٍ آخر، فإنّ قوّته الإلهيّة التي شفت هذا الأصمَّ المعقود اللِّسان، لم تُعِدْ إليه السمع، ولم تَفُكَّ عُقدة لسانه بعملٍ مباشر، بل مرّت بقناة إنسانيَّته. فقد صنع هذه المعجزة وهو إلهٌ وإنسانٌ معاً.

إنه استخدم هذه الطريقة أمام تلاميذه لأنه كان مزمعاً أن يفرضها يوماً ما عليهم، وعلى الكنيسة من بعدهم، لمنح المؤمنين الحياة الإلهيّة. لذلك كانت هذه المعجزة تمهيداً لرسم " الأسرار السبعة " التي يعمل بها يسوع اليومَ لتقديس نفوس المؤمنين به.

يسوع يعمل الآن بوساطة الأسرار المقدّسة

إن هذه المعجزة ذات الطابع الخاص تعلّمنا أموراً ثلاثة جليلة الأهميّة وهي :

1- إن يسوع الذي عمِلَ كثيراً في حياته الأرضيّة لأجل المرضى والمتألّمين، لا يتوقف اليومَ عن العمل، بل يعمل أكثر مِمَّا كان يعمَلُهُ قديماً. فهو يعمل الآن لا في سبيل البائسين وحدَهم، بل في سبيل جميع المؤمنين به، ولا يستثني أحداً من عطفه وعنايته ومواهبه الإلهيّة.

2- ثمّ إنّ هدف عمله الإلهي قد تغيّر، ويكاد التغيير أن يكون كاملاً. كان في الماضي يعمل، في كثيرٍ من الأحيان، لمنفعة أجساد الناس. أمّا اليومَ فهو يعمل ليحقّق في نفوس المؤمنين به ما جاء لأجله إلى العالم،

وهو أن يمنحهم الحياة الإلهيّة، ويمنحهم إيّاها بوفرة. قال: " لقد أتيتُ لتكونَ لهُم الحياةُ، وتكونَ لهُم بوفرَة ".(يوحنَّا 10/11) إنّه يعمل الآن في نفوسهم ليهبَهم روحه القدّوس، ويُلهِمَهم الانقياد إلى هذا الروح الإلهي، ويجعلهم به أبناءَ الله بالتبنّي (رسالة بولس الرسول إلى اهل رومة 8/14-17).

3- والأمر الثالث هو أنّ يسوع كان على الأرض يعمل بنفسه أعمالاً مباشرة، ولا يلجأ إلى أحد ليُشرِكَه معه في أعماله. أمّا اليومَ فهو يعمل بوساطة خدّام الكنيسة، مِنَ الأساقفة والكهنة، وعن طريق منح الأسرار المقدّسة السبعة التي رسمها للمؤمنين قبل أن يصعد إلى السماء.

فعندما يعمّد الكاهن طفلاً بالماء المقدّس، وهو يلفظ اسم الآب والابن والروح القدس، فإنّ يسوع نفسَهُ الإله والإنسان، والحاضر بألوهيّته وإنسانيّته مع الكاهن حضوراً غير منظور، يمنح الطفل المعموديّة، ويمنحه بها الحياة الإلهيّة التي تجعله ابناً لله بالتبنّي.

فليس الكاهن إلاّ وساطة منظورة قائمة بين يسوع والمعمَّد. وهكذا فإنّ يسوع نفسه الحاضر حضوراً حقيقيّاً، وإنْ كان غير منظور، يثبّت المعمَّد في الإيمان، ويحوّل الخبز إلى جسده والخمر إلى دمه في أثناء القدّاس، ويغفِر خطايا المؤمن التائب، ويَهَب المؤمنين المتزوّجين نعمة ثبات الزواج المسيحي، ويُبعِد عن المنازع تجارب الشيطان.

إنّ ما عمله يسوع في الماضي بصورةٍ منظورة ليمنَحَ الأصمَّ الأخرس السمَعَ وطلاقةَ اللِِّسان، يعمله اليومَ بطريقةٍ غير منظورة، فيمنح المؤمنين به، بوساطة خُدّام الكنيسة والأسرار المقدّسة، الحياةَ الإلهيّة، ويجعلهم أبناء الله بالتبنّي.

إنّ هذه المعجزة أثارت إعجاب الناس

1- إنّ هذه المعجزة التي صنعها في سبيل الأصمِّ المعقودِ اللِّسان قد أثارت إعجاب الحاضرين أكثرَ من غيرها، لأنها ذكّرتهم بالمعجزات السابقة التي صنعها في سبيل المرضى والحزانى والصُمّ والعُميان والمقعدين والمتألّمين. ولذلك فإنّهم أذاعوها في كلّ مكان، على الرَّغم من أنّ يسوع قد أوصاهم كثيراً بأن يكتموها ولا يخبروا بها أحداً.

إنّ هذا الإعجاب دليلٌ واضح على ما أبداه يسوع من حنانٍ على الناس المتألّمين وحبّه لهم، وعلى اهتمامه بمشكلاتهم الجسديّة الكثيرة.

2-غير أن سعيه لإنقاذ الشعب المتألّم من آلام هذه الحياة الأرضيّة كان رمزاً لسعيه لإنقاذ الخطأة من آلام الخطيئة المتحكّمة بقلوبهم. فإنّه لم يأتِ إلى الأرض لإصابة أهدافٍ أرضيّة، من شفاء ومؤاساة وتعزية وإحياء الموتى، بل جاء لإصابة أهدافٍ روحيّة، وهي نشر ملكوت الله، وفتح أبواب السماء المُغلقة في وجوه مَنِ اهتدَوا إلى الإيمان به، وعمِلوا البِرّ ، وتبعوه على طريق العبادة والتضحية والمحبّة.

نسمع ونتكلّم لنسبّح الله ونمجّده

1- جعل يسوع الرجل الأصمّ والأخرس يسمع ويتكلّم. فمِمَّا لا شكّ فيه أنّ للكلام والسمع هدفاً حيويّاً واجتماعياً. فإنّه من الصعب جداً على المرء أن يعيش وهو أصمّ أخرس لا يسمع ولا يتكلّم. فإنّ حاجاته اليوميّة تقتضي أن يكون له أُذُنَان تسمعان ولسان يتكلّم .

2- إنّ للسمع والكلام هدفاً آخر أسمى من الهدف الأرضي، وهو أن يسبّح الله بهما ويمجّده. فالمسيحي الحقّ يسمع كلام الله الوارد في الإنجيل، ويتكلّم بكلام الله المطبوع في قلبه بعد أن يكون قد سمعه من التلاوة الإنجيليّة. فهو ينقل بلسانه إلى الآخرين الحقيقة الإلهيّة، ويبشّرهم بملكوت الله.

3- يدعونا الكتاب المقدّس إلى أن نتكلّم بكلام الحكمة، ونمتنع عن كلام الجهل والكَذِب والشهادة بالزور وكلام الفحش : " لا تعوّدْ فاكَ فحشَ الكلام، فإنّ ذلك لا يخلو من خطيئة ". (ابن سيراخ 23/17) وقال بولس الرسول : " كفّوا عن الكذب، وليصدُق كلٌّ منكم قريبَهُ ". (أفسس 4/25)

التطبيق العملي

1- إنّ الأسرار السبعة المقدّسة التي رسمها يسوع تقدّسنا وترافقنا من المهد إلى اللَّحد. فالمعموديّة تَلِدُنا للحياة الإلهيّة، والميرون يثبّت فينا هذه الحياة، والقربان الأقدس يغذّيها وينمّيها، وسرّ التوبة يُعيدها إلينا إذا ما فقدناها بالخطيئة، والمسحة الأخيرة تصونها من هجمات الشيطان عند ساعة الموت، وسرّ الزواج يقدّس الزوجين ويؤازرهما على أن يعيشا عيشة المحبّة المتبادلة.


أمّا سرّ الكهنوت فهو الوسيلة الروحيّة الكبرى التي يمنح بها يسوع، الكاهنُ الأعظم، المؤمنينَ به الأسرارَ المقدّسة، فتكون حياتهم الأرضيّة منتعشة بالحياة الإلهيّة التي تؤهّلهم للحياة الأبديّة.

2- نلاحظ أن بعض المسيحيّين اليومَ يتهرّبون من سماع المواعظ الدينيّة، أو إذا فُرِضت عليهم في أثناء القدّاس فإنّهم ينتظرون بفارغ الصبر نهاية "العظة" التي ينعتونها بالعِظة

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:30 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
كثّر يسوع الخبز والسمك في البرّية

للمرّة الأولى

http://www.peregabriel.com/gm/albums...al_86956_o.jpg

نصّ الإنجيل

واجتمعَ الرُسُلُ عِندَ يسوع، وأخبَروهُ بجَميعِ ما عمِلوا وعَلَّموا. فقالَ لَهُم: " تَعَالَوا إلى مكانٍ قَفْرٍ، واستَريحوا قليلاً ". لأنَّ القادمينَ والذاهبينَ كانوا كُثْراً حتّى لَمْ تُتَحْ لَهُم فُرْصَةٌ لِتَناولِ الطعام. فمَضَوا في السفينةِ إلى مكانٍ قَفْرٍ يَعتَزلونَ فيه. فرآهُم الناسُ ذاهبين، وعَلِمَ بالأَمْرِ كثيرٌ مِنهُم، فأسْرَعوا سَيراً على الأقدامِ مِنْ جميعِ المُدُنِ وسبقوهُم إلى ذلك المكان. فلَمَّا نَزَلَ إلى البَرِّ رأى جَمْعاً كبيراً، فأَخَذَتْهُ الشَفَقَةُ عليهم، لأنَّهُم كانوا كغَنَمٍ لا راعيَ لها، وشَرَعَ يُعَلِّمُهُم أشياءَ كثيرة.


وفاتَ الوقت، فدنا إليه تلاميذُهُ وقالوا : " المكانُ قَفْرٌ وقد فاتَ الوقت، فاصرِفْهُم ليذهَبوا إلى المزارعِ والقُرى المجاورة، فيشتروا لهُم ما يأكلون". فأجابَهُم : " أعْطوهُم أنتُمْ ما يأكلون ". فقالوا لهُ : " أنَذْهَبُ فنشتريَ خُبزاً بمئتَيْ دينار ونُعطيَهُم ليأكلوا ؟ " فقالَ لَهُم : " كَمْ رغيفاً لديكُمْ ؟ اذهَبوا فانظروا ". فتَحَقَّقوا ما لديهم ثُمَّ قالوا : " خَمسَةٌ وسمكتان ".


فأَمَرَهُم بإقعادِ الناسِ كلِّهِم فئةً فئةً على العُشبِ الأخضَر. فقَعَدوا أفواجاً مِنها مئة ومِنها خمسون. فأخَذَ الأرغِفَةَ الخمسةَ والسمَكَتين ورَفَعَ عينَيْه نحو السماء، وبارَكَ وكسَرَ الأرغِفَة، ثُمَّ جَعَلَ يُعطي تلاميذَهُ لِيُناوِلوهم، وقسَّمَ السَمَكَتينِ عليهم جميعاً. فأَكَلوا كُلُّهُم حتى شَبِعوا. ثُمَّ رَفَعوا اثنَتَيْ عشْرَةَ قُفَّةً مُمتَلِئةً مِن الكِسَرِ وفضَلاتِ السَمَكَتَيْن. وكان الآكِلون خمسةَ آلافِ رجُل.

فلَمَّا رأى الناسُ الآيَةَ التي أتى بها يسوع، قالوا : " حقّاً هذا هو النبيُّ الآتي إلى العالم". وشَعَرَ يسوع أنَّهُم يَهُمّونَ باختطافِهِ مَلِكاً، فابْتَعَدَ عنهُم. (مرقس 6/30-44 ويوحنَّا 6/14-15)

أشفَق يسوع على الجموع المحتشدة

عاد تلاميذ يسوع من رحلتهم التبشيريّة في الجليل ، وأخبروا يسوع بما"عَمِلوا وعَلَّموا". وكانوا تعبين جدّاً. فقالَ لهُم يسوع : " تعالَوا نَذهَب إلى مكانٍ قَفْرٍ لتَستريحوا هناك قليلاً ". فركبوا السفينة وانطلقوا في البحيرة باتّجاه قرية بيت صيدا.

ورآهم الناس قد ركبوا السفينة فسبقوهم ماشين إلى المكان الذي كانوا متوجّهين إليه. وكانوا كثيرين. فلمَّا وصل يسوع إلى المكان رآهم مجتمعين لاستقباله، فأشفق عليهم.

كان سبب شفقته عليهم أنَّ الجهل الديني كان مخيّماً عليهم، فلم يكونوا يعرفون شيئاً من أمور دينهم، ولا من واجباتهم الخُلُقيّة، ولا من الفضائل التي دعاهم الله إلى ممارستها، بل كانوا يعيشون تائهين روحيّاً كالخراف الشاردة التي لا راعي لها.

وأخذَ يسوع يعلّمهم ويشرح لهم قواعد دينهم، ويهيّئ قلوبهم لقبول ملكوت الله بالإيمان والتوبة والأعمال الصالحة. ثمَّ جعل يتنقّل بينهم وهو يفتح عيون العميان، ويقوّي عضلات المُقعدين، ويُعيد الصحّة إلى المرضى، ويُزيل الألم عن المتألّمين، ولا يهدأ من التكلّم على أبوّة الله وحنانه وحبّه، وعلى ضرورة سلوك الحياة الفاضلة. وطال حديث يسوع وتجواله بين الناس إلى أن مالت الشمس إلى المغيب.

معجزة تكثير الخبز والسمك للمرّة الأولى

عرف التلاميذ أنَّ الناس قد شعروا بالجوع. فأطلعوا يسوع على ذلك، وسألوه أن يصرفهم ليذهبوا إلى المزارع والقرى المجاورة ويبتاعوا لهم طعاماً.
ولكنَّ يسوع أراد أن يكافئ إقبالهم على سَماع كلمة الله، كما أراد أن يقوّي إيمان تلاميذه ويشدّد تعلّقهم به، فرفض أن يصرف الناس جائعين. فكثّر الخبز والسمك وأطعمهم جميعاً، فأكلوا وشبعوا وفضل عنهم.


معجزة الخبز والسمك تذكّرنا بعناية الله

إن هذه المعجزة تذكّرنا بعناية الله للبشر. فقد وضع الله في الكائنات الحيّة من الحيوانات والنباتات قدرةً خفيّة تمكّنها من النموّ والتكاثر في سبيل تأمين حاجات البشر. إنّ هذا التكاثر هو سرّ الحياة، وقد أراده الله ليوفّر للناس ما يحتاجون إليه من طعام وكسوة.

لقد اعتادت عيوننا رؤية هذا التكاثر العجيب، ولم نَعُدْ نشعر بأنّه معجزة مستمرّة من معجزات الله التي يصنعها في سبيل بقاء البشريّة على الأرض ونموّها وسعادتها، وننسى أن نرفع إلى قدرته تعالى آيات الحمد والتسبيح ونقول مع صاحب المزمور : " ما أعظمَ أعمالَكَ يا رب ! لقد صنعتَ جميعَها بالحِكمة ". (مزمور 103/24)

أرادوا أن يختطفوه ليقيموه ملكاً

ذكر يوحنَّا الإنجيلي أن معجزة تكثير الخبز والسمك في البرّية قد ألهبت حماسة الجمهور المحتشد. فشعر الناس شعوراً قويّاً بأنّ يسوع نبيٌّ عظيم، بل النَّبيُّ الأعظم الذي لا تقف في وجهه عقبة مهما كانت قاسية وشامخة.

وكانت هناك عقبةٌ سياسيّة كأداء لم يكونوا يستطيعون التغلّبَ عليها، وهي احتلال الدولة الرومانيّة لأرضهم. لقد استعمرت هذه الدولة الجبَّارة بلاداً واسعة وشعوباً كثيرة وقويّة، ولم يكن باستطاعة الشعب اليهودي المحدود القوى أن ينتصر عليها. فقالوا في ما بينهم : " لقد أرسلَ الله إلينا هذا النَّبيّ القدير ليحرّرنا من استعمار الرومانيّين ويؤسّس لنا دولةً قويّة تسيطر لا على الرومانيّين فحسب، بل على العالم كلّه ". إنّ هذا الاتجاه السياسي دفع الكثيرين من الرجال إلى أن يلتفّوا حول يسوع ليرفعوه على أكتافهم وينادوا به ملكاً على إسرائيل، وهدفُهم أن يضرموا في قلبه نار العاطفة الوطنيّة، فيدحر الرومانيّين، ويؤسّس لهم الدولة العبريّة المنشودة.

ولكنّ يسوع أتى إلى العالم لينشر ملكوت الله على الأرض، وهو ملكوت روحيّ، لا ليؤسّس دولةً لإسرائيل. فلمّا عرف نيّتهم السياسيّة صرفهم على الفور وصرف الجمع كلّه، وأمر تلاميذه بأن يركبوا السفينة ويسبقوه إلى الطرف الآخر من البحيرة. ثمّ صعد الجبلَ ليصلّي لأجل هذا الشعب التائه والغارق في المؤامرات السياسيَّة والبعيد كلَّ البعد عن الله خالقه.

لقد نبذَ هذا الشعب غير المؤمن تعاليمَ الأنبياء القدّيسين ووجّه قلبه وعقله لا إلى التقوى ونشر ملكوت الله ، بل إلى الأطماع الدنيويّة الزائلة، فنبذه الله.

معجزة الخبز والسمك هيَّأَت التلاميذ للمعجزة الكبرى

لقد عمل يسوع في البرّية ما كان يرمز إلى ما سيعملُهُ في الغرفة الكبيرة ليلةَ اجتماعه بتلاميذه في العشاء الأخير. ففي تلك الليلة أخذ خبزاً وباركه وكسره وناولهم إيَّاه قائلاً : " خذوا كلوا. هذا هو جسدي ". ثمّ أخذ كأساً فيها خمر وقال : " اشربوا من هذا. هذا هو دمي ". كان يسوع ينوي بمعجزة تكثير الخبز في البرّية أن يهيّئ تلاميذه لقبول المعجزة الكبرى التي قرّر أن يصنعها قبل أن يتألّم ويموت، وهي أن يحوّل الخبز إلى جسده والخمر إلى دمه.

وكانت معجزة تكثير الخبز أيضاً مناسبة موفّقة اغتنمها يسوع ليعِدَ المؤمنين به بأنّه سوف يعطيهم جسده طعاماً ودمه شراباً، لتكون لهم الحياة الأبديّة. قال لهم : " مَنْ أكَلَ جسدي وشرِبَ دمي، فلهُ الحياةُ الأبديَّة، وأنا أقيمُهُ في اليومِ الأخير، لأنَّ جسدي طعامٌ حقّ ودمي شرابٌ حقّ "

(يوحنَّا 6/54-55)

التطبيق العملي

1- أطعم يسوع الشعب الجائع. فالطعام عطيّةٌ من الله، وهو واحدٌ من العطايا الكثيرة التي يهبنا الله إيّاها. عدِّدْ في هذه المناسبة عطايا الله للبشر على النحو التالي: العطايا الجسديّة ... والعطايا العقليّة... والعطايا النفسيّة... والعطايا الخُلُقيّة... والعطايا الإيمانيّة... وأوضحْ طبيعة كلٍّ من هذه العطايا مع ذكر بعض الأمثلة.

2- إن أعظم العطايا التي منحنا يسوع إيَّاها هي أنّه وهبنا ذاته في سرّ القربان الأقدس. إنّ العقل البشري لا يمكن أن يستوعب عِظَمَ هذه الهبة الروحيّة. فهي لا تُفَسَّر إلاّ بالحبّ العظيم غير المحدود الذي كان يحتفظ به في قلبه لكلّ واحدٍِ منّا. قال يوحنَّا الإنجيلي في هذا المجال : " أحَبَّ يسوع أصحابَهُ الذين هم في العالم، فبَلَغَ به الحبّ إلى أقصى حدوده ".


(يوحنَّا 13/1)

3- يسوع يعطينا جسده لنأكله ودمه لنشربه. فتناولْ جسده ودمه الإلهيّين "بمخافة الله وإيمان ومحبّة". ولا تنسَ أن تسجدَ ليسوع الإله، وتشكر لـه سُكناه في قلبك، وتعبّرَ له عن حبّك، وتطلبَ إليه النعم الروحيّة والزمنيّة التي تحتاج إليها.

Mary Naeem 25 - 10 - 2014 05:31 PM

رد: المعجزات في الكتاب المقدس
 
شفى يسوع المرأة المنحنية

http://www.peregabriel.com/gm/albums...-213098503.jpg

نصّ الإنجيل

وكان يسوعُ يُعَلِّمُ في بعضِ المجامِعِ يومَ السبت، وهُناكَ امرأةٌ قَدِ استَولى عليها روحٌ فأمْرَضَها مُنذُ ثمانيَ عشْرَةَ سَنَة، فجَعَلَها مُنْحَنيَةَ الظَهْرِ لا تستَطيعُ أنْ تَنْتَصِبَ البَتَّة. فرأَها يسوعُ فدعاها وقالَ لها :


" يا امرأة، أنتِ مُعافاةٌ مِنْ مَرَضِكِ ". ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ عليها، فانتَصَبَت قائمَةً مِنْ ساعَِتِها ومَجَّدَتِ الله. فاستاءَ رئيسُ المَجمَع، لأنَّ يسوعَ أجرى الشِفاءَ في السبتِ، فقالَ للجَمعِ : " لدَيْكُمْ سِتَّةُ أيّامٍ يَجِبُ العمَلُ فيها، فتعالَوا واستَشفوا خِلالَها، لا يومَ السَبت ".


فأجابَهُ الرَبُّ : " أيُّها المُراؤون ، أما يَحُلُّ كُلُّ واحِدٍ مِنْكُمْ يومَ السَبتِ رِباطَ ثورِهِ أو حِمارِهِ، ويَذْهَبُ بِهِ مِنَ المِذْوَدِ فيسقيهِ ؟ وهذه ابنةُ إبراهيمَ قد رَبَطَها الشيطانُ منذُ ثماني عشرَةَ سَنَة، أفما كانَ يَجِبُ أن تُحَلَّ مِنْ رِباطِها يومَ السبتِ؟"

ولمّا قالَ ذلك خَزيَ جميعُ مُعارِضيهِ، وابتهجَ الجَمعُ كلُّهُ بجميعِ الأعمالِ المجيدَةِ التي كانَ يقومُ بِها. (لوقا 13/10-17)


مرض المرأة المنحنية وشفاؤها


كان يسوع يتجوّل في مقاطعة اليهوديّة. فدخل المجمع يومَ السبت للصلاة، فرأى فيه امرأةً منحنيَةً لا تستطيع أن تنتصب البتّة. إنّ مرضَها نوعٌ من أنواع مرض الفالج،


وهو لا يُداهم الإنسان عادةً إلاّ بعد الأربعين. ولمّا كان قد مضى عليها ثمانية عشر عاماً في هذا المرض، فيكون عمرها يقارب الستّين سنة.

كان الناس ينسبون هذا المرض المزمن إلى سيطرة الشيطان على المريض، مع أنّه مرضٌ طبيعي. ولكنّ يسوع لم يُصحّح الاعتقاد السائد بينهم، بل تحدّث في المجمع وَفْقَ رأي عامّة الناس.



فلمّا رآها منحنيّة أشفق عليها ودعاها، فجاءت إليه وهي لم تفكّر في طلب شفائها. فالمبادرة صدرت من يسوع رأفةً بهذه المسكينة التي لم تكن تستطيع أن ترى وجه السماء الجميلة. فعندما دنت منه وضعَ يَدَيْه عليها فانتصبت للوقت، وشعرت بأنّها قد برئت، فأخذت تمجّد الله وتشكر له نعمته العظيمة.


للإنسان قيمةٌ سامية


رأى رئيس المجمع يسوع يضع يدَيْه على المرأة المنحنية ويشفيها. فلم يهنِّئها بشفائها، ولم يشترك معها في تقديم الشكر لله، بل أظهر غيظه الشديد مِمّا عمله يسوع، لأنّه صنع المعجزة يومَ السبت. فوبّخ الشعب ومنعهم من الاستشفاء يومَ السبت

إنّ هذا الرجل المدّعي بأنّه رجلُ الدين والإيمان والمحبّة كان رجلاً مرائياً، قد أعماه التعصّب الديني، فلم يعرف أنّ الدين رحمةٌ للإنسان وعطفٌ على البشر المتألّمين. لقد بلغ به هذا التعصّب مبلغاً جعله يرضى بالعطف على الحيوان ولا يرضى به على الإنسان.

إنّ عمل يسوع يدلّ على أنّ للإنسان قيمةً سامية جداً في نظر الله، وقيمته هذه قد حملته على ألاّ يبخُلَ بابنه الواحد ، بل أرسله إلى العالم ليُخلِّص الإنسان الخاطئ المُستعبَد للشريعة، ويُنقذه من عبوديّة الشيطان، ويحرّره من قيود الشريعة اليهوديّة القاسيّة، ويفتح أمامه الطريق المؤدّي إلى السعادة الأدبيّة.

http://www.peregabriel.com/gm/albums...l_DSC_2615.jpg

وُضِعَت الشريعة في سبيل خدمة الإنسان

إنّ الدين المسيحي يقبل الشريعة التي سنّها الله، ويأمر بحفظها والسير بموجبها، ولكنّه لا يرضى بأن تقيّد الشريعةُ الإنسانَ بسلاسِلَ قاسية، وتنزع عنه حرّيته الشخصيّة، وتمنعه من عمل الخير في سبيل القريب المحتاج.


فالشريعة التي وضعها الله إنّما وضعها لخدمة الإنسان وازدهاره، لا لإذلاله وصدّه عن ممارسة أعمال المحبّة. قال يسوع : "جُعِلَ السبتُ لأجلِ الإنسان، لا الإنسانُ لأجلِ السبت".

وقد عبّر بولس الرسول عن هذه الفكرة نفسها عندما أكّد أنّ كمالَ الشريعة مُمارسةُ محبّة القريب : " أحببْ قريبكَ حُبَّكَ لنفسِكَ " (غلاطية 5/14)

فالمحبّة هي أسمى نصوص الشريعة. ولذلك فإن من قدّم للآخرين يومَ الأحد خِدمةً كانوا بحاجةٍ إليها لا يُخالف شريعة راحة يوم الرب، بل يقوم بعملٍ صالح يرضى عنه الله ويكافئه.



الرموز الثلاثة التي تشير إليها المرأة المنحنية


تأمّل الآباء الروحيّون في سلوك هذه المرأة المنحنية فاكتشفوا فيه ثلاثة رموز تنطبق على حياة المسيحي الروحيّة. وإليكم هذه الرموز الثلاثة :

الرمز الأوّل : كانت المرأة المنحنية تتطلّع دوماً إلى الأرض . إنّها بذلك ترمز إلى المسيحي الطمّاع الذي يعيش، وهو يتطلّع باستمرار إلى الأرض، ويسعى لكسب خيراتها الماديّة الفانية، ولا يفكر إطلاقاً في الحصول على الخيرات الأبديّة التي لا تفنى.


إنّ هذا الإنسان ليس في الواقع مسيحيّاً، بل عابد أوثان كما قال بولس الرسول (أفسس 5/5) لأنّه ينحني أمام المادّة ويعبدها ويعتبرها هدفَ حياته وإلهَهُ الأعظم.




الرمز الثاني : دخلت المرأة المنحنية إلى بيت الله لتصلّي مع سائر المؤمنين. إنّها ترمز بذلك إلى المسيحي الخاطئ الذي تدعوه حالته الروحيّة البائسة إلى أن يدخل مع سائر المؤمنين إلى بيت الله ويصلّي ليتخلّص من خطاياه بالتوبة الصادقة، ويرفع رأسه إلى السماء ويَعِدَ الآب السماوي بأن يغيّر سيرة حياته الأثيمة ويحيا حياةً فاضلة تليق بابنٍ لله تعالى.


الرمز الثالث : رَفَعَت المرأة المنحنية بعد شفائها صلاة الشكر لله. فهي تعلّم كلّ مسيحي ينال نعمة من الله أن يشكُرَ له الإحسان الذي حظي به، ويمجّده بسلوك التقوى





التطبيق العملي

1- كان رئيس المجمع متعصّباً للشريعة الموسويّة القاسية، فوبّخه يسوع ووصفه بأنه إنسان مراءٍ. إن الفرق عظيم بين التديّن والتعصّب.

إنّ أساسَ التديّن محبةُ الله ومحبّةُ الآخرين. أمّا التعصّب الديني فمبنيٌّ على الانطواء الذاتي والمظاهر الخارجيّة وعدم التفاهم وقساوة القلب. فكُنْ متديّناً لا متعصّباً.




2- إسعَ إلى الحصول على الخيرات الروحيّة، ولا تحصُرْ اهتمامك ببلوغ الخيرات الماديّة وحدَها، خشيةَ أن يؤدّي بك هذا الاهتمام إلى فُقدان سعادتك الأبديّة.


الساعة الآن 01:44 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025