منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الكتب الدينية (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=56)
-   -   شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=301516)

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 05:37 PM

شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري

مقدمة تفسير إنجيل لوقا



تقديم عن سلسلة المعارف القبطية المبسطة:

هذه السلسلة

الحاجة شديدة في كنيستنا في هذه الأيام إلى نشر المعرفة الدينية بين أفراد الشعب، في القرى والمدن والمناطق المتطرفة، بين الصغار والكبار. فقد ازداد تفرق الناس عن بعضهم بسبب ظروف السكن، وبعدوا عن الكنائس واجتماعات التعليم الدينى.
والحمد لله، هناك محاولات مختلفة لنشر المعرفة الدينية، في العظات والكتب والمسجلات وغيرها من الوسائل. وهذه السلسلة من الكتب تهدف إلى نشر المعارف الدينية بين الأقباط في أسلوب مبسط، واخراج شيق، يناسب عامة الناس.
وتنقسم هذه السلسلة إلى أربعة ابواب:
الأول - الكتاب المقدس: نقص ظروف كتابة الأسفار، وتحكى حياة الشخصيات التي وردت بها، وتفسر التعاليم علميا بالأسلوب البسيط المطلوب.

الثانى - باب الحياة الكنسية: ويشمل التعاليم عن العقيدة، وطقوس، والأعياد، والأصوام،، الأسرار، والعبادة الفردية، واللغة وغيرها من العناصر التي تكون الحياة الكنسية.
الثالث - عن الحياة الاجتماعية: مثل العادات الشعبية في الزواج وغيره من المناسبات، والحياة الأسرية والفردية، والملابس، والفنون كالرسم والموسيقى، وخصائص شخصية المرأة، والطفل، والرجل، وأعمالهم، وخدماتهم الاجتماعية وما شابه ذلك.
وهذا الكتاب عن بشارة القديس لوقا الرسول هو من الباب الأول في السلسلة. ويسر الهيئة الناشرة أن تتلقى الملاحظات والتعليقات على خطة هذه السلسة ومواصفاتها، والاسهام فيها، ونرحب بكل توجيه في هذا السبيل.
حدث مرة في التاريخ أن ملكا صالحا اسمه يهوشافاط تملك على الشعب، ووجد أن كثيرين يحتاجون إلى معرفة الشريعة وأصول الايمان، فرتب حملة تعليمية كبيرة تطوف البلاد اشترك فيها القادة المدنيون مع اللاويين والكهنة "فعلموا في يهوذا ومعهم سفر شريعة الرب. وجالوا في جميع مدن يهوذا وعلموا الشعب" (سفر أخبار اليام الثانى 17: 9).
و الكنيسة الآن في حاجة إلى حركة عامة لنشر تعاليم الإيمان والحياة.. وهذه السلسلة تهدف إلى الإسهام في هذا العمل جعلها الله تؤدى الغرض منها العائلات والأفراد في كل مكان بالأسلوب الجميل من أجل نمو الإنسان والجماعة في العصر الحاضر.
لجنة التأليف والتحرير والنشر بمطرانية بنى سويف
المقدمة

صديقى القارئ..
عند كتابة هذا الكتاب الذي بين يديك، الذي يشرح بشارة القديس لوقا، حرصنا الا نعيد سرد احداث الإنجيل مرة ثانية فيه، واكتفينا بكتابة تفسير وتعليق مناسب على كل جزء منه، وقصدنا بذلك الا يفصلك هذا الكتاب عن الإنجيل نفسه.
ولكى تكون الفائدة متكاملة، احضر انجيلك، واقرأ منه أولًا الشاهد المكتوب قبل كل فقرة في هذا الكتاب، لكى تتمكن من متابعة المعانى المكتوبة فيه، وتخرج بالفائدة المرجوة.
واليك نموذج من كتابة الشواهد وطريقة قراءتها:
(1: 1- 4) تعنى الأصحاح الأول والآيات من (1) إلىى (4).
(1: 5 - الخ) تعنى الأصحاح الأول والآيات من (5) إلى آخر الأصحاح.
الرب يجعل كلماته المقدسة بركة لحياتنا جميعا، نقرأها، ونقبلها، ونفرح بها، ونعيشها في حياتنا اليومية.
الباب الأول

حول الإنجيل
1- من هو القديس لوقا
2- بعض خصائص الإنجيل للقديس لوقا
3- مدخل الإنجيل (1: 1-4)
1- القديس لوقا الإنجيلي

+ اسم لوقا اختصار كلمة لوقيانوس اللاتينية ومعناها حامل النور.
+ القديس لوقا هو الوحيد بين كتاب العهد الجديد الذي لم يكن من أصل يهودي بل كان أمميًا، من بلدة أنطاكية بسوريا، ويذكر التقليد أنه كان أحد السبعين رسولًا.
+ ذكر اسمه في الكتاب المقدس ثلاث مرات فقط جاءت كلها على لسان بولس الرسول، عندما قال انه رافقه في أغلب أسفاره الكرازية (2 كو 8: 16 - 19)، ورافقه وهو أسير في روما (كو 4: 14، فل 24)، واستمر معه إلى آخر جهاده (2 تى 4: 11).

+ كتب القديس لوقا إنجيله وكتب أيضًا سفر الأعمال. وبالرغم من ان اسمه لم يذكر في اى من السفرين، إلا أن آباء الكنيسة منذ القرن الأول قد نسبوا هذين السفرين له استنادًا إلى أدلة كثيرة. وقالوا أيضًا انه بشر في دلماسية (الآن جزء من يوغوسلافيا)، وايطاليا، وفرنسا، ومكدونية (شمال اليونان).
+ وكان القديس طبيبًا كما نفهم من قول بولس الرسول لاهل كولوسى "يسلم عليكم لوقا الطبيب الحبيب" (كو 4: 14)وقد تعلم علوم الفلسفة واللغة اليونانية، وقال عنه المؤرخون أنه كان رساما، ويقول التقليد أنه أول من رسم صورة للقديسة مريم العذراء.
+ عاش بتولًا، وقد وشى به اليهود والوثنيون إلى نيرون الملك الوثني وقالوا انه جذب كثيرين إلى تعليمه الجديد. فأمر بإحضاره إلى روما وسأله، فأجابه القديس [أنني لست ساحرًا ولكني رسول سيدي يسوع المسيح]. وبعد أن أجرى الرب على يديه معجزات آمن بسببها كثيرون، أمر نيرون بقتله. ونال أكليل الشهادة وهو في سن 84 سنة. ولما تولى الإمبراطور المسيحي قسطنطينوس المملكة أمر بنقل جسده إلى القسطنطينية سنة 357 م. ثم في عام 1177 نقل الجسد إلى مدينة بادو بايطاليا.
2- بشارة الإنجيل للقديس لوقا:

+ كتب القديس لوقا إنجيله في الفترة ما بين عامى 63- 67 م.، وكتبه باللغة اليونانية من روما أو من اخائية باليونان.
+ كتب القديس لوقا هذا الإنجيل لصديق له يدعى العزيز ثيؤفيلس (لو 1: 3). وهو اسم يونانى معناه محب الإله. وكلمة العزيز هى لقب شرف، وبهذا يكون ثيؤفيلس أحد أشراف الإسكندرية، ولكنه اصلًا من انطاكية مثل لوقا البشير نفسه، فكتب اليه كأممى مثله، لا لينتفع به وحده، بل لينتفع به المسيحيون من الأمم بوجه عام.

+ استعان القديس لوقا في كتابته للإنجيل بما جاء في انجيلى متى ومرقس، وبعض القصص التي كتبها الأولون عن السيد المسيح إذ قال "أنى قد تتبعت كل شيء في البداية بتدقيق" (لو 1: 1-4). كما تأثر بتعاليم بولس الرسول إذ كان رفيقًا له. وما ذكره عن الميلاد بصفة خاصة أخذه من السيدة العذراء نفسها، كما كان يستقى المعلومات من كثيرين غيرها. هذا كله كتبه بالروح القدس الذي امتلأ به.
+ وذكر الأحداث بروح المؤرخ المدقق، غير أنه في بعض الأحيان كان يغفل بعض المعلومات المحددة عن المكان أو الزمان للأحداث، لعدم لزومها للقارئ مثل قوله: وكان في أحد المدن..، وفي أحد الأيام دخل سفينة..، وفيما هو يصلى.. وفيما هم سائرون دخل قرية.. وهكذا.
+ وتتميز بشارة القديس لوقا بخصائص معينة، باعتبار أنها كتبت خصيصا لتخاطب اليونانيين وهم قوم يقدسون الحكمة والمنطق. لقد رأينا القديس متى يكتب لليهود قاصدًا أن يبين لهم ان يسوع هو ملكهم المسيا المنتظر الذي وعد به الله آبائهم. ورأينا أيضًا القديس مرقس يكتب بشارته للرومانيين، الذين يعجبون بل يقدسون القوة، قاصدًا أن يبين ويعلن لهم شخص الرب يسوع القوى والمقتدر والمنتصر على كل قوى الشر. أما القديس لوقا فلقد كتب بشارته لليونانيين مبينًا ان يسوع المسيح هو المخلص الناطق بالحكمة، والمحب للإنسان. فهو يبين أن يسوع قد جاء رفيقًا للإنسان يود أن ينفذ إلى أعماقه لكي يهب الإنسان إمكانيات جديدة فائقة تعمل في الضمير، وتظهر في السلوك. وكثيرًا ما نجد القديس لوقا يسجل لنا لقبًا عن المسيح انه "ابن الإنسان" وهو يريد بذلك ان يبين ان يسوع قد جاء ليزيل غربة الإنسان عن الله. ولأن اليونانيون يحبون التعليم، ولا يتفرغون لشئ آخر إلا ان يتكلموا أو يسمعوا شيئًا حديثًا (أع 17: 21)، اهتم القديس لوقا أن يقدم لهم السيد المسيح كمعلم له مبادئ سامية. ولآنهم ايضا يحبون الشعر، لذلك قدم لهم التسابيح الخاصة بالعذراء وأليصابات وزكريا في صيغة شعرية.
+ وتميز لوقا الرسول بأنه ذكر محادثات السيد المسيح لأفراد مختلفين من الناس يهود وسامريين وأمميين، نساء ورجال، أبرار ومنبوذين، أغنياء وفقراء، أطفال وكبار. مظهرًا بذلك أن يسوع هو الصديق الذي يجيب على تساؤلات الكل.
+ وتميز الإنجيل أيضًا بالحث المتواصل على الصلاة كعمل روحي أساسي. فذكر صلوات يسوع في مواقف مختلفة مثل المعمودية (لو 3: 11)، التجلي (لو 9: 29)، صلاته من أجل بطرس (لو 22: 32)، اختلاؤه الكثير للصلاة (لو 3: 21، 6: 12، 9: 18، 11: 1). كما استعان في ذلك بالامثال كمثل صديق نصف الليل (لو 11: 5-9)، والقاضى الظالم (لو 18: 1-8).
+ وقد أظهر القديس لوقا في إنجيله دور الروح القدس في تدبير خلاص الإنسان، حينما ذكره في قصة ميلاد يوحنا (لو 1: 15)، وفي التجسد الإلهي (لو 1: 35)، وعماد السيد المسيح (لو 3: 22).
+ وانفرد القديس لوقا في إنجيله بذكر الأحداث التالية: رؤيا زكريا في الهيكل - بشارة مريم العذراء - تفاصيل ولادة يسوع وتقديمه للهيكل - إرسالية السبعين رسول - خدمة يسوع خارج الجليل واليهودية (وقصد لوقا بذلك أن يقول أن المسيح جاء من أجل العالم كله وليس لليهود فقط) - قصة زكا العشار - إرسال يسوع إلى هيرودس - صلاته من أجل صالبيه - غفرانه للص اليمين.
+ ومن المعجزات التي انفرد بها إنجيل لوقا: صيد السمك الكثير - إقامة إبن أرملة نايين - شفاء المرأة المنحنية - الرجل الأبرص - شفاء العشرة البرص - شفاء أذن ملخس عبد رئيس الكهنة.
+ ومن الأمثال التي انفرد بها القديس لوقا في إنجيله: المديونان - السامري الصالح - صديق نصف الليل - الغنى الغبي - التينة التي لم تثمر - الخروف الضال - الدرهم المفقود - الابن الضال - وكيل الظلم - الغنى ولعازر - الفريسي والعشار.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 05:39 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 1 - إنجيل لوقا
3- مدخل الإنجيل (1: 1-4)

بعد قيامة ربنا يسوع المسيح، سار الرسل على طريقته في التعليم الشفوي وتعريف الناس الوقائع البارزة في سيرته. وعلى مر الزمن امتد نشاط هؤلاء الرسل إلى أبعد من أورشليم. وكان من الصعب عليهم وحدهم بطبيعة الحال أن يقوموا بكل التعليم، فكونوا الكنائس التي تحولت بدورها إلى مراكز تعليمية في بعض البلاد الهامة. وكان في كل من هذه الكنائس من يعلم الراغبين في الإيمان أقوال يسوع وسيرته وموته وقيامته التي تسلموها هم أنفسهم من الرسل ومن شهود العيان. ومع مرور الوقت رأى هؤلاء المعلمون أنه من الأفضل أن لا يعتمدوا على ذاكراتهم في تذكر الأحداث والقصص، فبدأوا يسجلونها كتابة. وهؤلاء هم الذين تحدث عنهم لوقا في بداية بشارته بقوله "أن كثيرين قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتبقية عندنا".. ويخبرنا القديس لوقا انه كان حريصا ان يتتبع كل الأحداث والقصص من البداية وبتدقيق حتى ينقل لنا التعليم السليم عن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح خاليًا من اى انحراف.
الباب الثاني:

اعداد الطريق لمجئ المعلم
1. البشائر المفرحة (1:5 - الخ)
2. أفراح الميلاد (2: 1 - الخ)
3. خدمة المعمدان (3: 1 - 20)
الأصحاح الأول

1. البشائر المفرحة



+ أسرة مؤمنة (1: 5 - 7)

توقفت النبوة عن شعب الله حوالي أكثر من ثلاثة قرون، وساد الجو فتور ويأس، وحتى الظروف السياسية كانت قاسية لأن هيرودس الكبير كان إنسانًا صعبًا إذ تزوج من عشرة نساء، وقتل منهم اثنتين، وكان له أبناء كثيرون، وأعدم احدهم. وهو الذي قتل أطفال بيت لحم. وحتى في فراش موته طالب بقتل كل شرفاء أورشليم حتى لا يجد أحد مجالًا للبهجة بعد موته، لكنه مات قبل تحقيق أمنيته.
ووسط هذا الجو القاتم دينيًا وسياسيًا، ظهرت أسرة تقية تتكون من الزوج زكريا والزوجة أليصابات، وكانا بارين أمام الله، ويحفظان وصاياه وأحكامه، والحياة بالبر أمام الله تثمر سلوكًا بلا لوم أمام الناس. ولم يكن لهما نسل، وهذه كانت تجربة صعبة في ذلك الجيل، لأن كل أسرة تقية كانت تنتظر أن يأتى المسيح من نسلها. وزكريا معناه "الله يذكر"، وأليصابات معناها "الله يُقسم". وزكريا كان كاهنًا من فرقة أبيا، إذ كان الكهنة مقسمين إلى أربعة وعشرين فرقة من أيام داود النبي (1 أي 24: 7 - 18، 2 أي 8: 14)، كل فرقة لها اسم، وتقوم بالخدمة في الهيكل أسبوعًا كل ستة شهور حسب قرعتها. وكان عمل الكهنة أن يقدموا البخور مرتين في النهار، وقت الساعة الثالثة (التاسعة صباحًا)، ووقت الساعة التاسعة (الثالثة ظهرًا)، بالإضافة إلى رفع الذبائح التي يقدمها الشعب عن نفسه. لهذا رأى زكريا الملاك واقفًا عن يمين مذبح البخور.
+ رؤيا ووعد وعتاب (1: 8 - 25)

كان زكريا يُصلى ليعطيه الرب نسلًا. وبدأت السماء تعد الطريق للمخلص، وأخذ جبرائيل (غبريال) الملاك أمرًا بأن يبشر زكريا بأن طلبته قد سُمعت، اضطرب زكريا لأن رؤية أهل السماء غريبة، لكن الملاك اهتم به وناداه باسمه شخصيًا ووهبه السلام.
لعل زكريا قد نسى طلبته من الله، أو فقد رجاءه في الإنجاب، ولكن الله يعطى رغم نسياننا، فقد ذكر له ولإمرأته طلباتهما ووعدهما على لسان الملاك أنه سيهبهما ابنًا يفرحهما ويفرح كثيرين أيضًا. وقال الملاك ان اسم المولود هو يوحنا أي "الله حنان". لقد وعد الملاك زكريا بأن يوحنا "سيكون عظيمًا أمام الرب". فالعظمة في نظر الله لا بكثرة السنين، ولا بقوة الجسد والأعمال الظاهرة. ولكن بالقلب الصادق الذي لا تسيطر عليه شهوات ومسكرات هذا العالم الحاضر، ويكون مملوءًا من الروح القدس، ويكون شغله الشاغل أن يرد كثيرين إلى الرب إلههم، ويهئ للرب شعبًا مستعدًا، ولا ينسى أن يدين الخطية في داخله.


وقال الملاك عن يوحنا أنه لا يشرب خمرًا ومسكرًا لأنه نذير الرب ومفرز لخدمته، هذا في العهد القديم. أما الآن فنذير الرب كل من تعمد على اسمه، واتحد به في شركة أسراره المقدسة، وصار واحدًا فيه.
لم يصدق زكريا الملاك، فعاقبه بأن يبقى صامتًا، فهو الكاهن الذي كان عليه أن يتأكد من أن الواقف أمامه ملاك الرب. وان الله سبق فبشر شيخًا من قبله بمولود مثل إبراهيم.
+ البشارة المفرحة (1: 26 - 38)

وفى الشهر السادس أُرسل جبرائيل الملاك إلى مدينة صغيرة، غير مهمة، في الجليل اسمها ناصرة، إلى فتاة صغيرة، بعيدة عن الأنظار، تُدعى مريم. ان الله يهتم بكل الناس مهما كانوا. وكانت مريم مخطوبة لرجل، والخطبة حسب التقليد اليهودى تعادل من الناحية الرسمية الزواج السائد حاليًا. لذلك دُعيت القديسة مريم "امرأة يوسف"، ودُعى هو رجلها. ان الرب رتب ان تُخطب ليوسف رغم أنها نذرت نفسها أن تبقى عذراء، ورغم أن يوسف كان بالغًا من العمر 89 سنة، لينزع الشك من جهتها أمام الناس حينما يظهر عليها الحمل الإلهى.
بشرها الملاك أنها وجدت نعمة في عينى الرب، فهى ستحبل وتلد ابنًا وتدعوه يسوع أي مخلص، فقالت مريم" كيف يكون لى هذا؟" وهذا الرد يؤكد نيتها على البتولية، ولو كانت تنوى الزواج كان ممكنًا أن تقول، "متى يكون هذا"؟ فطمأنها الملاك بأنها قد اختيرت من السماء لتكون أما للإلهفالروح القدس يحل عليها وقوة العلى تظللها لأن القدوس المولود منها هو ابن الله، وأيضًا أليصابات نسيبتها حبلى بابن في شيخوختها. فآمنت مريم بأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله. فهى مريم أم الإله، الدائمة البتولية، التي قالت النبوة عن بتوليتها "هذا الباب يكون مغلقا، ولا يدخل منه إنسان، لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقًا، ولا يدخل منه إنسان، لأن الرب الرئيس الرئيس هو يجلس فيه" (حز 44: 1 - 3)
عجيبة أنتِ يا أمى القديسة. كيف نلتِ هذه النعمة؟ لعله حديثك وتسبيحك للرب جذب قلبه حتى أتى وسكن فيك؟ أو لعله الحب الصادق لإلهك هو الذي جعلك تسعدين بمن تحبين، تحملينه في أحشائك، ترضعينه لبنك، تتعهدينه بحنانك؟ أو لعله اتضاعك الذي جعل السماء كلها تتحرك والابن يتجسد منك؟ حقًا مباركة أنت في النساء يا من صعد حبها وأمانتها وأتضاعها إلى السماء، فجذب ابن الله لأرضنا. ويقول لنا القديس أمبروسيوس (احرص أن تتمم مشيئة الآب لكى تكون أمًا للمسيح). لأن "من يصنع مشيئة أبى هو أخى وأختى وأمى" (مر 3: 35).
+ لقاء القديسين والتسبيح (1: 39 - 56)

قامت مريم بسرعة، وذهبت إلى أليصابات نسيبتها الساكنة في الجبال. فمن يحمل المسيح في داخله لا يفكر فيما هو لنفسه، بل ينطلق ليخدم الآخرين. مكثت عندها ثلاثة أشهر لتخدمها عند ولادتها.. وهنا كان لقاء القديسون فعملهم يكون تسبيح الله والتحدث بكم صنع بهم الرب، وليس كلام الشر والإدانة.. فعند دخول مريم امتلأت أليصابات من الروح في داخلها، بالتسبيح بلسانها، فقد شعرت بالجنين يتحرك بابتهاج في بطنها، فكيف تصمت؟ فطوبت العذراء لأجل الإله الذي تحمله في بطنها، إذ أعلن الروح لها ذلك. وطوبتها أيضًا لأجل إيمانها، إذ قبلت ان يتم ما قيل لها من قبل الرب.. والعذراء العظيمة في اتضاعها أخذت تطويب أليصابات لها ونسبته للرب في الحال، فهي لا تشعر إلا بكونها عبدة للرب، والقدير هو الذي صنع بها عظائم بقبوله التجسد منها.
+ الوعد يتحقق والعقاب ينتهي (1: 57 - 80)

وُلد يوحنا، وفرح الجيران مع أليصابات لأن الرب عظم الصنيع معها، إذ منحها ابنًا في شيخوختها. ومن عادة اليهود أن يعطوا المولود إسمًا في اليوم الثامن، عند ختانه، وأن يسموه بإسم إنسان سبقه في عشيرته. ولكن أليصابات التي تكلمت بالروح، وزكريا الذي لم ينسى التسمية التي قالها له الملاك، قالا "يوحنا". وحينئذ انفتح فم زكريا وفُك صمته وتكلم وسبح الله الذي ذكر شعبه حسب وعده لآبائهم في القديم، وبدأ يرسم لهم طريق النجاة من عدوهم إبليس، إذ ابتدأ الرب عمله بميلاد يوحنا الذي يتقدم أمامه ليعد الطريق له ويمهد قلوب الشعب بالتوبة لتستطيع أن تقبل يسوع المخلص.
وبقى يوحنا زمان طفولته في بيت والديه في حبرون في مدينة الجليل، وتعلم منها ما استطاع. ثم مات والداه وهو بعد صغير، وحينئذ انتقل إلى براري اليهودية غربي الأردن. حيث انفرد عن الناس هناك في نسك وعبادة للرب إلى حين ظهوره وبداية خدمته العلنية بينهم.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 05:43 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 2 - إنجيل لوقا

2. أفراح الميلاد

+ ميلاد المخلص (2: 1 - 7)

تجمعت الحوادث، وتعددت اتجاهات الناس، واستخدم الآب ضابط الكل كل هذا لإتمام النبوات وتحديد ميعاد تجسد ابنه.
ففي تلك الأيام - أي في قرب الزمان الذي وُلد فيه يوحنا المعمدان- صدر أمر من أوغسطس قيصر إمبراطور الرومان بأن تكتتب كل المسكونة إذ كان يأمر أن تقدم له كل عشر سنين من ملكه بيانًا عن أحوال مملكته في قائمة تشمل عدد سكان المملكة وثرواتهم. وقصده من ذلك فرض الضرائب عليهم، ومعرفة مدى قوة المملكة. وقد صدر الأمر أن تكتتب كل المسكونة أي كل المملكة الرومانية، لأن أغلب المسكونة في ذلك الوقت كانت تحت سلطة الرومان. وكان الاكتتاب بحسب النظام الروماني ملزمًا للرجال والنساء. ويمكن أن يتم الاكتتاب في أي موضع دون الحاجة لانتقال كل إنسان إلى مدينته التي نشأ فيها. لكن الرومان وقد أرادوا مجاملة اليهود أمروا بإجرائه حسب النظام اليهودي حيث يُسجل كل إنسان اسمه في موطنه الأصلي.


وكانت هذه بداية أحداث الميلاد الإلهى، فقد صعد (بيت لحم أعلى من الجليل. فالذهاب إليها فيه صعود حقيقة) يوسف من ناصرة الجليل إلى بيت لحم في اليهودية مع مريم إمرأته حيث وضعت ابنها هناك ليتم ما جاء على لسان ميخا النبي في القديم منبئًا عن مولد المسيح في بيت لحم "أما أنت يا بيت لحم بيت أفراته وأنت صغيرة أن تكونى بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لى الذي يكون متسلطًا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل" (ميخا 5: 2).
ولعل تدبير الله في اختيار بيت لحم بالذات مكانًا لميلاد يسوع إشارة إلى أن هذا الطفل هو الخبز الحى النازل من السماء، لأن بيت لحم تعنى بيت الخبز. وقد سُجل اسمه مع كل الناس في الإكتتاب الأول (كيرينيوس ملك على سوريا مرتين. مرة منذ ثلاث سنين قبل الميلاد إلى سنة بعده. ومرة من السنة السادسة إلى الحادية عشر بعد الميلاد. فالإكتتاب الأول تم في مدة ملكه الأول. أما الإكتتاب الثانى جاء ذكره في (أع 5: 37). وبهذا تحدد بالضبط تاريخ ميلاد مخلصنا) أيام كيرينيوس والى سورية، حتى يُحسب كواحد منا نحن البشر، وبكرًا (كلمة بكر لا تعنى من يتبعه آخرون، ولكنها تعنى بالأكثر من لم يسبقه أحد في الميلاد، فالبكر هو كل فاتح رحم). بين أخوة كثيرين، أي بكرًا لنا.
وُلد يسوع ولم يكن له موضع في المنزل وكأنه يريد أن يقول (أتيت بلا مأوى لكى أسكن في نفوس بنى البشر، ويكون بيتى هو قلب الإنسان، وغطائى محبته، أريد أن أكون واحدًا فيه)
+ رعاة.. يحرسون.. رعيتهم (2: 8- 20)

فى تلك الكورة، أي في الأرض المجاورة لبيت لحم، كان هناك رعاة يتناوبون الحراسة. أنهم ليسوا رعاة عاديين، بل هم غالبًا مسؤولون عن رعاية الأغنام المخصصة للذبائح التي ستقدم للهيكل. ولعلهم وهم يقومون بحراسة رعيتهم كانوا يتأملونها وهى تتحول إلى ذبيحة تحترق على المذبح من أجل رفع الخطايا، بل كانوا متوقعين بالصبر الذبيحة الحقيقية التي ترمز إليها كل هذه الأغنام، يسوع الحمل الحقيقى الذي يفدى شعبه بذبيحة نفسه (عب 9: 26). اشتاق الرعاة إلى مجئ المخلص، فاستحقوا أن يكونوا أول من تعلن لهم البشارة بالفرح العظيم "أنه وُلد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب". حقًا قال داود في المزامير "يعطيك الرب حسب قلبك" (مز 20: 4).
أما مريم الحمامة الهادئة، فعندما زارها الرعاة، عبرت عن فرحتها بطريقتها، فكانت تحفظ هذه الأحداث في خزانة قلبها، وصارت تفكر فيها.. هذا هو الصمت المقدس، صمت اللسان، بينما القلب يلهج في تسبيح أعمال الله نهارًا وليلًا.
+ ختان الطفل يسوع وتقديمه للهيكل (2: 21 - 24)

لقد كان لزامًا على كل ابن ذكر من نسل إبراهيم أن يختتن علامة عهد مقدس مع الله، وبداية دخوله في عضوية الجماعة المقدسة (تك 17: 9 - 14). لذلك تقدم فادينا ومخلصنا يسوع ليتمم الناموس (اسم يسوع في العبرية ينطق يشوع ومعناه يخلص).
وبعد انتهاء أيام التطهير اللازمة للعذراء. جاءت إلى الهيكل. إذ أنه حسب الشريعة الموسوية تبقى المرأة بعيدة عن الهيكل لمدة أربعين يوما إن أنجبت ذكرًا، وثمانين يومًا إن أنجبت انثى(لا 12: 1 - 8)، وعليها أ ن تقدم ذبيحة تطهير في نهاية هذه المدة.
كما تم في هذا اليوم طقس آخر حسب الشريعة الموسوية، وهو أن كل ذكر فاتح رحم يُعتبر مخصصًا للرب (خر 13:12)، ولكى يسترده أبواه يقدمون عنه ذبيحة فرخى حمام إذا كانوا فقراء.

https://st-takla.org/Gallery/var/resi...ahmy-Eshak.jpg
لم يكن الرب محتاجًا لتتميم ما تطلبه الشريعة من ختان وفداء بفرخي حمام، لكنه انحنى بإرادته خاضعًا للناموس من أجلنا، كما قال بولس الرسول "لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد (آدم) جُعل الكثيرون خطاة، هكذا أيضًا بإطاعة الواحد (المسيح) سيُجعل الكثيرون أبرارًا" (رو 5: 19).
+ قلوب متشوقة ليسوع (2: 25 - 38)

يذكر لنا القديس لوقا مجموعة من الشخصيات التي عاشت مع أحداث الميلاد وهى:
· سمعان الشيخ.. أحد الاثنين والسبعين شيخًا من اليهود الذين طلب منهم بطليموس ترجمة التوراة (العهد القديم) إلى اليونانية، والتي سُميت الترجمة السبعينية. قيل أنه أثناء الترجمة أراد أن يُبدل كلمة (عذراء) في الآية "ها العذراء تحبل وتلد.." (أش 7: 15) بكلمة (فتاة)، لأن العذراء لا تحبل. فإذا بالروح القدس يوجهه ويرشده قائلًا له أنه لن يرى الموت قبل أن يرى يسوع المولود من العذراء.
سمعان تعنى المستمع، وكان سامعًا للروح فيه (فالروح القدس كان عليه.. وأوحى اليه بالروح أنه لا يرى الموت.. واتى بالروح إلى الهيكل)، هذا الروح العامل فيه جعله منتظرًا لمجئ المخلص.
اشتهى ان يرى يسوع، ولما رآه نطق مسبحًا ومباركًا الله، وتكلم بالروح متنبئًا للطفل بأن علامة صليبه ستقاوم، وأنه جاء ليُسقط فينا كل ما هو شرير، ويقيم ما هو أفضل وتنبأ لأمه العذراء - التي تمثل الكنيسة كلها - أنها ستتألم كثيرًا لأنها سترى آلام ابنها بعينيها. وتنيح سمعان في نفس اليوم.
· حنة بنت فنوئيل.. حنة تعنى (نعمة)، وفنوئيل تعنى (وجه الله)، أرملة مشتاقة هى الأخرى أن ترى يسوع. كانت تقيم بالهيكل وتواظب على العبادة فيه، بأصوات وطلبات ليلًا ونهارًا. لقد حولت تجربتها المرة في ترملها المبكر إلى حنين ملتهب للعريس السماوى، فاستحقت أن تنال نعمة رؤية وجه الله. فسبحته وتكلمت عنه.
· جموع كثيرة منتظرين فداء أورشليم.. أناس أتقياء. درسوا النبوات وفهموا منها قرب مجئ المخلص، تشوقوا لرؤية يسوع، فاجتمعوا في الهيكل في أوقات الصلاة يعبدون بالروح، فتمتعوا به.

https://st-takla.org/Gallery/var/resi...ahmy-Eshak.jpg
+ ينبغي أن أكون فيما لأبى (2: 39 - الخ)

وبعد أن أكملوا كل شيء تطلبه الشريعة. رجعوا أخيرًا إلى الجليل، محل سكناهم الذي ارتحلوا منه لأجل الاكتتاب، وذلك بعد أن مكثوا مدة في بيت لحم زارهم فيها المجوس ثم هربوا إلى مصر من وجه هيرودس، كما جاء في إنجيل القديس متى. وبقيت ناصرة الجليل هى وطن السيد المسيح إلى أن بلغ سن الثلاثين. وفي خلال هذه السنين نما جسم الصبي في القامة، وتقدمت نفسه في الحكمة، فهو إنسان وإله في آنٍ واحد، وهذا التدرج في النمو لا ينفى كمال لاهوته. لقد مر يسوع عبر كل مراحل الإنسان من طفولة وشباب ورجولة لكي يقدسها لنا من جديد، ولكي يشعر بنا جميعًا صغارًا وكبارًا، أما النعمة التي كانت عليه ما هو إلا سرور الآب بابنه.
كان أبواه يذهبان كل سنة إلى أورشليم كعادة اليهود، وكان المسافرون يسيرون على قافلتين، أحداهما للنساء والأخرى للرجال، وكان الصبيان يسيرون أما مع الرجال أو النساء.لذلك فإنه إذ انقضى اليوم الأول من رحلة العودة من أورشليم اقتربت القافلتان والتقى يوسف بمريم وكل منهما يسأل الآخر عن الصبي، إذ حسب كل منهما أنه مع الآخر. ثم بقيا يومًا كاملًا يسألان عنه بين الأقرباء والمعارف وإذ لم يجداه قررا الرجوع إلى أورشليم حيث وجدوه في الهيكل، مهتمًا فيما لأبيه السماوي.
ليت النفس تنمو في الحكمة والقامة أمام الله، بإتحادها الدائم وعشرتها مع عريسها السماوي بالتوبة والصلوات، وبالأعمال الحسنة أمام الناس. لتذهب مسرعة إلى هيكل أبيها الحبيب ولا تخرج منه. وان طلبها أقرباؤها بين طرق العالم، ووسط الجماهير فلا يجدانها هناك بل يجدانها في هيكل الكتاب المقدس تسأل الأنبياء والرسل عن مفاهيم الزواج الروحي الذي تكرست له.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 05:46 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 3 - إنجيل لوقا


3. خدمة المعمدان:-


+ الدعوة للخدمة (3:1 - 6)

كانت هناك شخصية تنتظر الإذن لها بالانطلاق للخدمة، قد سبق واعدها الروح في برية اليهودية بعيدًا عن الناس. كان عليها أن تهيئ قلوب البشر بالتوبة لقبول خدمة الرب يسوع. أنه يوحنا المعمدان الذي سبق مجيء المسيح، والذي انفرد في خلوة مع الرب واختبر الهدوء والسكون والرجوع إلى النفس لمدة ثلاثين عامًا تقريبًا. أخيرًا صارت إليه كلمة الله ودعاه ليبدأ العمل. فجاء إلى المنطقة القريبة من الأردن، وبدأ ينادى ببشرى الخلاص لكل الناس. اليهود والأمم، الكبار والصغار، الرجال والنساء، لكي تمتلئ بالأمل والرجاء كل نفس يائسة مثل الوادي المنخفض، وتتضع كل نفس متكبرة وعالية مثل الجبل، ولتكن أهداف الناس مستقيمة في طلب الرب، وضمائرهم خالية من كل مكر وشر.

ولأن القديس لوقا يكتب لليونانيين، وهم قوم مفكرين ومدققين فيما يسمعونه من أخبار وأحداث، فقد أهتم أن يحدد بتدقيق الوقت الذي بدأ فيه يوحنا المعمدان خدمته، وبالتالي ظهور المسيح علانية لكل المجتمع.
+ تعليم يوحنا (3: 7 - 14)

نادى يوحنا بمعمودية التوبة، لتنقية القلب لقبول الرب. فأسرعت إليه الجموع، معترفين بخطاياهم (مت 3:1، مر 1:4)، ولقد ظنوا أنه يكتفى بالمناداة بغسل الجسد، علامة للتجديد والتطهير، وهذا ما يستحقونه لأنهم أبناء إبراهيم، فإستوقفهم يوحنا قائلًا: أراكم مثل الأفعى التي تعرف أن تتلون بكل لون لكى تنجو من الخطر. اصنعوا أثمارًا تليق بالتوبة. فمن يريد أن يقترن بالعريس السماوى، عليه أن يُصلح سيرته، ويحب الأخوة، ويرحمهم. وقد قدم يوحنا توجيهًا لبعض أصحاب المهن في عصره. فالعشارون هم الذين يجمعون الضرائب من اليهود لحساب الرومانيين، ويبدو أنهم كانوا يثقلون على الشعب بأكثر مما هو مطلوب منهم، لحساب أنفسهم، لذلك فهم أصحاب مهنة مكروهة ومعتبرين خطاة عند اليهود، فنبههم يوحنا أن لا يأخذوا أكثر مما فرض لهم. وأيضًا الجنود كممثلين لأصحاب السلطة، طلب منهم أن لا يتخذوا من عملهم فرصة للتسلط على الناس فيظلمونهم، ويشوا بهم عند الرؤساء بهدف الكسب الأكبر، وقال لهم أن يكتفوا بأجورهم، مهما كانت قليلة ولا يتمردوا.

+ بين يوحنا والمسيح (3: 15 - 18)

لقد كان الناس في هذه الأيام متوقعين مجئ المسيح. ولعل جرأة يوحنا وقوته في توبيخهم جعلهم يظنون أنه هو المسيح الذي تتكلم عنه النبوات، وتمثلوا فيه الشخص القوى الذي سوف يخلصهم من الرومان. أما يوحنا فانتهز الفرصة ليوضح الفرق بينه وبين المسيح.
فيوحنا لا يملك إلا أن يُعمد بالماء،أنه الصوت الذي يُعد الطريق فقط، أنه يحاول أن يمهد القلوب لتستطيع أن تقبل عمل المسيح الذي يستطيع أن يمنح روحه القدوس النارى للذين اشتاقوا إليه واعلنوا التوبة، فيطهرهم من خطاياهم وينقيهم كتنقية الذهب من الشوائب بالنار.
ويوحنا أيضًا يقول نقوا قلوبكم، واصنعوا أثمارًا تليق بالتوبة، هو يدعو إلى فحص النفس ولكنه لا يملك أن يميز نفوس الذين أمامه، أما المسيح ابن الله فهو قادر أن يفرق بين النفوس التائبة والنفوس الرافضة، لأن الديان وحده، مثلما يقدر حامل الرفش (المذراة) على أن يفصل بين القمح والتبن.
+ سجن يوحنا (3: 19، 20)

لقد ذكر لنا القديس مرقس في إنجيله، ان هيرودس ملك اليهودية المعين من قبل الرومان كان يهاب يوحنا عالمًا أنه رجل بار وقديس. وكان يسمع لكلامه بسرور، ويعمل بنصائحه في أمور كثيرة (مر 6:20). ولكنه في نفس الوقت اشتهى بشدة أن يملك هيروديا أمرأة أخيه الحي، فوبخه يوحنا على ذلك. فهيجته هيروديا على يوحنا، فسجنه. ثم وجدت فرصة مناسبة وطلبت فيها رأس يوحنا على طبق، وكان لها ما أرادت (مر 6: 17 - 29). هكذا تفعل الخطية فينا إذا ملكت على أنفسنا، إذ تقتل كل شيء صالح في حياتنا.
وكان سجن يوحنا بعد تعميد المسيح ولكن القديس لوقا استحسن أن يذكره قبل ذلك ليقترن نبأ السجن بالسبب، وهو توبيخ يوحنا لهيرودس. ثم ذكر قتل يوحنا في الإصحاح التاسع (9:9).
الباب الثالث:


المعلم بين الناس
1 - بداية ظهور الرب يسوع للخدمة (3: 21 - 4: 13)
2 - خدمة الرب يسوع في الجليل (4:14 - 9: 50)
3 - خدمة الرب يسوع في رحلته من الجليل إلي أورشليم (9: 51 - 19: 27)
الإصحاح الثالث

1 - بداية ظهور المعلم للخدمة (3: 21 - 4: 13)


المعمودية.. والسماء المفتوحة (3: 21، 22)

لقد استعلن الثالوث وكأنه منفصل لكي نتعرف نحن عليه. فنري الابن يتعمد في الأردن، والروح نازلًا عليه مثل حمامة، والآب يعلن من السماء "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت"، ولكنه في الحقيقة هو غير منفصل.
شكرًا لمسيحنا القدوس، الذي وحده بلا خطية، ولذلك فهو غير محتاج لأي عمل بشري، بل فعل كل شيء لأجلنا، تعمد وصام وصلي عنا لكي تأخذ طقوسنا وصلواتنا وأصوامنا قيمتها من خلال بشريته الكاملة. فالآن بعد معمودية المسيح كل من يولد في جرن المعمودية متمثلًا به، لابد وسيصير في شركة مع الآب بالروح القدس، ويستحق أن يكون إبنًا لله.
وكما انشقت السماء وأعلن الآب سروره بالابن، هكذا نجد السماء قريبة من المؤمنين الآن يعرفون أسرارها ويأخذون تعزياتهم منها. فنسمع عن استفانوس أول الشهداء الذي رآها مفتوحة وتعزي بها وقت استشهاده (أع 7: 55، 56)، ويوحنا الإنجيلي الذي نقل لنا أسرارها في سفر الرؤيا (رؤ 1: 10، 11)، وبولس الرسول الذي شاهد السماء الثالثة (2 كو 11: 2).
+ من هو يسوع؟ (3: 23 - 38)

بدأ يسوع خدمته في سن الثلاثين تقريبًا وهذا السن حُسب عند اليهود سن الكمال جسدًا وعقلًا. فقد أوصي الله موسي في سفر العدد "من إبن ثلاثين سنة فصاعدًا إلي أبن خمسين سنة، كل داخل الجند، ليعمل عملًا في خيمة الاجتماع" (عد 4: 3). وقد صمت الرب يسوع كل هذه السنين، وظهر بين الناس علي انه إبن يوسف فقط. ولكن حان الوقت الآن ليبدأ في رفع الحجاب عن نسبه الحقيقي بالفعل والقول. والذي بينه القديس لوقا في إنجيله بأنه إبن الله.
ولم تجر العادة في جداول أنساب اليهود، ولا جداول أنساب اليونانيين، أن يُنسب الإنسان إلي أمه. لذلك لم يذكر لوقا في سلسة انساب المسيح أسماء نساء.
والاختلاف بين سلسلة أنساب متى ولوقا راجع إلي ان يوسف كان له أبوان. أب شرعي هو هاليوأب طبيعي هو يعقوب. ومعنى هذا أن أم يوسف تزوجت هالي الذي مات دون أن ينجب إبنًا. وحسب شريعة اليهود (تث 25:5)، فإن أقرب أقربائه (وهو يعقوب) إتخذها له زوجة وأنجب منها يوسف، واعتبر إبنًا شرعيًا لهالي. فذكر متى الآباء الطبيعيين ليوسف بكونه إبن يعقوب. وذكر لوقا الآباء الشرعيين ليوسف بكونه إبن هالي. وتدرج لوقا تبعًا لذلك حتى وصل إلي ناثان الذي كان هو أيضًا ابنًا لداود، لكى يُظهر النسب الشرعي الذي يصل بين المسيح وداود.
وحرص القديس لوقا أن يذكر سلسلة أنساب المسيح بعد معموديته ليقول لنا أن البنوة لله تأتى من باب المعمودية. فكلنا أبناء الله طالما أعتمدنا باسمه.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 05:47 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 4 - إنجيل لوقا


البداية.. والخلوة.. والنصرة (4: 1 -13).


أن الرب يسوع في بداية خدمته ترك لنا مثالًا لنتبع خطواته، كمسيحيين في هذا العالم. فذهب في خلوة مع الله. مع أنه واحد فيه. وبدأ قابلًا للروح القدس. مع أنه متحد به. وظهر كمجرًب من إبليس، مع أنه هو سيده. كل هذا لنتعلم أن حياتنا في غربة هذا العالم لا تستقيم إلا بالرجوع إلي الله والصوم والجهاد.
لقد جاهد المسيح، وجُرب من إبليس، وأنتصر، حتى ننال نحن الغلبة علي كل قوي الشرير من خلاله. حقًا "أن محاربتنا ليست مع لحم ودم بل مع السلاطين والرؤساء مع أجناد الشر الروحية" (أف 6: 12). "ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا" (رو 8: 37). "فشكرًا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان" (2 كو 2: 14).
ولعل يسوع تعرض للتجربة أيضًا بهذه الصورة العلنية، بسبب شك إبليس في ألوهيته. إذ رأي الروح في المعمودية وهو مستقر عليه كحمامة، ورأي السموات مفتوحة فرحة به. ولهذا كان يبدأ تجربته له بقوله "إن كنت إبن الله".



لقد غلب المسيح (آدم الثانى) بالصوم، ما قد أفسده آدم (الأول) بشهوة الأكل. "إذ رأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل" (تك 3: 6). فليتنا نتمثل به ونرفض كل شهوة يقدمها لنا إبليس. كما رفض الرب يسوع ملكًا ارضيًا، إبتغاه آدم الأول "تكونان كالله" (تك 3:5) لأن مملكته من هذا العالم. فليتنا نتعلم أن نجد حلاوة التنازل عن بعض ضرورياتنا واحتياجاتنا من مال وجهد ووقت وصداقات من أجل الأمانة للرب. فلا يوجد ملك روحى بدون تعب الصليب. وأظهر الرب يسوع فهمًا صحيحًا لوصايا الله، قد سبق آدم وفهمها خطأ من الحية، "إذ قالت الحية..لن تموتا" (تك 3: 4). فليتنا ندرك أن الحرب ليست بعيده عن هيكل الرب، ولا عن الحافظين وصاياه، ونجتهد في الأبتعاد عن الشكليات في العبادة، وعن كل رياء. ويبدو أن هذه التجربة لم تكن الوحيدة التي جرب فيها إبليس الرب يسوع. بل لا بد أن يكون حاربه في طفولته وشبابه كسائر الناس. وها هو يُصرح أنه "فارقه إلي حين". لذلك نادي الرب يسوع معلمًا إيانا ضرورة الإستمرار في الجهاد قائلًا "من أراد أن يكون لي تلميذًا فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعنى" (لو 9: 23).
الإصحاح الرابع

2 - خدمة المعلم في الجليل (4: 14 - 9: 50)



مقدمة (4: 14، 15)


نلاحظ أن القديس لوقا جمع أحداث وتعاليم رب المجد في الجليل، وذكرها مع بعضها. مع أنه في الحقيقة كانت خدمته هناك علي فترتين. ولم يبين هذا الفصل بين الخدمتين في الجليل، إلا القديس يوحنا في إنجيله حيث أشار أن يسوع صعد إلي أورشليم مرة خلال خدمته في الجليل (يو 2: 13).
وبدأت خدمة يسوع الأولي في الجليل بعد معموديته وتجربته مباشرة (يو 1: 44)، والتي ذكر القديس لوقا احداثها في الإصحاحاته من (4: 14 - 5: 32). وبدأت الخدمة الثانية بعد عدة شهور تقريبًا (يو 4: 1)، وذكر أحداثها القديس لوقا في اصحاحاته من (5: 33 - 9: 50).
وتشمل الجليل عدة بلاد منها: كفر ناحوم - قانا - نايين - كورزين - بيت صيدا - الناصرة. ولم تُثير خدمة رب المجد في البداية هياج وحسد رؤساء الكهنة. بل لاقت نجاحًا، إذ كان ممجدًا من الجميع، لجمال تعليمه.
والآن تعالي يا أخي الحبيب نتابع معًا أعمال وتعاليم الرب يسوع في الجليل:
1 - في المسيح تتحقق النبوات (4: 16 - 30)


لقد اعتاد رب المجد أن يتعبد في المجمع، فلنتعلم منه. ولنقل مع داود "إن نسيتك يا أورشليم تنسي يمينى. ليلتصق لسانى بحنكى إن لم أذكرك. إن لم أفضل أورشليم علي أعظم فرحى" (مز 117: 5، 6). وقد إعتاد اليهود أن يقرأوا في المجمع علي التوالي، أيام السنة، أسفار موسي الخمسة المعروفة بالتوراة، وبعض نبؤات الأنبياء. وكان يوجد خادمًا بالمجمع يحمل السفر. وكانت العادة أن من يريد القراءة، يعبر عن رغبته بالوقوف. ويتقدم ليأخذ السفر من الخادم. ثم يسلمه له في نهاية القراءة، ويجلس ليعلم.
فتح الرب يسوع السفر وقرأ من (أش 61: 1، 2). وهذا الاختيار ليس صدفة. بل أراد الرب أن يبدأ خدمته، بأن يُعلن عن نفسه بأنه هو المسيا المنتظر الذي تكلمت عنه النبوات. وأراد أن يلخص لهم خطة عمله. فقد جاء مخبرًا ببشري الفرح للمساكين بالروح، الذين ينتظرونه باشتياق. جاء مانحًا الحرية للمأسورين والمثقلين بالخطية، ولا يستطيعون مقاومتها. جاء معطيًا البصيرة وتغيير الذهن للذين أظلمت قلوبهم وأفكارهم بخبرات الإثم. جاء يُعلن بداية سنة الرب المقبولة التي يحررنا فيها من كل ضعف عندما يبذل ذاته علي الصليب لأجلنا، كما كان يتحرر كل يهودي من كل دين في سنة اليوبيل التي تتكرر كل خمسين عام (لا 25: 8 - 16، 23 - 55).


ولكن اليهود تعثروا في المسيح، لأنهم رأوه ابنًا ليوسف فقط، وطلبوا منه أن يريهم آيات تثبت صحة كلامه بأنه المسيا المنتظر، كما فعل في كفر ناحوم، ولكن الرب رفض طلبهم. إنجذبوا نحوه في بداية حديثه، وكانت عيونهم شاخصة إليه. ولكن سرعان ما تبدلت مشاعرهم نحوه حينما أعلن لهم حقيقة أنفسهم، وأراهم في تاريخ الأمم شخصيات أظهرت ايمانا أفضل منهم، مثل نعمان السريانى الذي ذكرت قصته في (2 مل 5: 1 - 14)، وأرملة صرفة صيدا الذي جاء الحديث عنها في (1 مل 17: 8 - 24)فرفضوه وأرادوا أن يقتلوه ملقين إياه من فوق الجبل (وهي طريقة قتل إعتادها الرومان). ولكن المسيح جاز في وسطهم ومضي ليس خوفًا منهم، وإنما لأن ساعة تسليمه لنفسه لم تكن قد أتت بعد. أعطني يا رب قلبًا يُخبئ كلامك ويفرح به، حتى لو كان هذا الكلام يكشف حقيقة نفسي، ويظهر جهلي وتوانيً وضعفي.
2 - يطرد الشياطين ويشفي الأمراض (4: 31 - 41)


ترك يسوع الناصرة التي رفضته، بعد أن برهنوا انه "ليس نبيًا مقبولًا في وطنه". وانحدر إلي كفر ناحوم (أي مدينة النياح أو الراحة). وهى مدينة منخفضة عن الناصرة المبنية علي جبل. وهناك أراح كل من له تعب بكل نوع. وحتى الشياطين كانت تخضع له. ومن محبة ربنا لنا وهبنا أيضًا هذا السلطان. إذ قبل صعوده ظهر لتلاميذه وقال لهم "هذه الآيات تتبع المؤمنين يُخرجون الشياطين باسمي.. ويضعون أيديهم علي المرضي فيبرأون" (مر 16: 17، 18).
3 - لا يكف عن التعليم في كل جيل (4: 42 -44)


أن الرب يسوع قضي الليل كله مع الناس وآلامهم، ليريحهم ويعلمهم. ولما ظهر فجر النهار، أراد أن يختلي ليصلي من أجل العمل في اليوم الجديد. ولكن الجموع المتعطشة لعمل الرحمة. والنفوس الجائعة لكلمات النعمة. صارت تبحث عنه. وحينما وجدته، أمسكته لئلا يذهب عنهم. أنهم فعلوا مثل عروس النشيد التي قالت "وجدت من تحبه نفسي فأمسكته ولم أرخه" (نش 3: 4).
يا ربي القدوس. ها هى تعاليمك ليست ببعيدة عنا. أنها في الكنيسة في كل يوم. وفي كتابك المقدس بين أيدينا. فليت النفس تتعلم كيف تتعب في التفتيش عنك. وحينما تجدك، تمسكك لتجعلها قادرة علي أن تعيش وصاياك، وتدوم معها

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 05:49 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 5 - إنجيل لوقا

4 - ينصحنا بالدخول إلي العمق (5: 1 - 11)

لقد كان هناك أربعة من النفوس المنشغلة بقضاء واجباتهم اليومية، بطرس وأخوه أندراوس، وشريكيهما يعقوب ويوحنا، أبنى زبدي، أنهم يشتغلون بصيد السمك ولديهم سفينتين. لقد تعبوا الليل كله، وها نحن نراهم يغسلون الشباك من الأعشاب التي علقت بها، ويصلحون ما قد تخرق منها، لقد سلموا بأنه لا يوجد صيد هذه الليلة. ولكن قابلهم يسوع عند بحيرة جنيسارت (وتسمى أيضًا بحر طبرية أو بحر الجليل)، وأستخدم إحدي السفينتين الفارغتين من صيد السمك، وملأها من النفوس التي اصطادها بتعليمه.
نحن نظن أننا سيئ الحظ، حينما نجد صعوبة في توفير لقمة العيش، أو حينما تمر بنا أزمة أو خسارة ما، ولكن في الحقيقة أن يسوع يريد سفينة حياتنا فارغة قليلًا، لنحول أنظارنا إليه، وساعتها يأخذ بيدنا ويدعونا للدخول إلي العمق، ويطلب منا أن نجتاز ضيقاتنا بالإيمان قائلين "علي كلمتك القي الشبكة".
كان ضروريًا أن يشعر بطرس بالسفينة الفارغة، حتى يتعلم درس الصيد الكثير بالإيمان.
5 - يوصينا بطاعة الناموس (5: 12 - 16)


https://st-takla.org/Gallery/var/resi...ahmy-Eshak.jpg
جاءه رجل مملوء برصًا، أي أمتد البرص إلي كل جسده، والأبرص حسب الشريعة اليهودية يعتبر نجس، لا يلمسه احد، ويعزل عن جماعة المؤمنين، لأن البرص يشير إلي حياة الخطية والشر، ولا يدخل إلي الجماعة مرة أخري إلا بعد الشفاء من المرض وإجراء طقوس تطهير كثيرة ذكرت في سفر اللاويين (لا 13، 14). لمسه الرب يسوع فتطهر، امتدت قداسته إلي النجس فصار طاهرًا. لم يكن محتاجًا بعد ذلك لتتميم الشريعة، إذ قد شفاه مُعطي الشريعة بذاته. ولكن الرب يسوع أمره أن يذهب للكاهن، لأنه لم يأت ناقضًا للناموس بل مكملًا له لأجل الإنسان.
ويقول القديس أمبروسيوس [إن كان تطهير الأبرص قد تم بكلمة الرب، فإن احتقار كلمة الرب هو البرص الذي يصيب الروح].
وها هو الرب يسوع يمد يده الآن ويطهرنا من خطايانا عندما نأتي إلي الأب الكاهن تائبين ومعترفين بخطايانا.
6 - يغفر الخطايا (5: 17 - 26)

ها هو الرب يسوع يظهر سلطانه علي الأمراض الروحية، ويعلن أنه جاء ليهب الإنسان عطايا أعظم، أنه يغفر الخطايا. لقد جاءه إنسان مشلول، محمولًا بواسطة أربعة من أصدقائه، ودلوه من خلال الآجر (وهو غطاء من الطوب يوضع علي سقف الدار وقتيًا، ويمكن رفعه بسهولة عند الحاجة). أنه مريض جسديًا، ولكن الرب يسوع بعينيه الكاشفة رأي أنه مريض روحيًا، فأهتم بشفاء روحه، إذ منحه غفران الخطايا، ثم شفي جسده، إذ أمره أن يقوم ويحمل سريره ويمضي.
شكرًا لله، الذي يقبل تضرعات البعض (اصدقاء المفلوج)، من أجل غفران خطايا الغير.
7 - يقبل الخطاة (5: 27 - 32)

زادت الجماعة التي اختارها الرب لتتبعه، فنظر عشارًا اسمه لاوي جالسًا في مقر عمله، حيث يجمع الضرائب، وناداه اتبعنى، أنه خاطئ لأنه في عمله يجد فرصة لأن يجمع المال لنفسه بالظلم والقسوة، لذلك فهو منبوذ من الناس. ولكنه له مكان في قلب الرب، كمريض يحتاج إلي الشفاء من الظلم والقسوة قبل الرب دعوة لاوي لمنزله، وفرح بتوبته، وجلس وسط العشارين اصدقاؤه، لعلهم يتوبون هم ايضًا.
وقبل لاوي الرب، فغير حياته، وغير اسمه ليصبح متى (كلمة عبرية معناها هبة الله)، وهو نفسه الذي استخدمه الوحي الإلهى ليسجل لنا إنجيل متي.
لقد تغير متى من عشار إلي رسول، فلا ييأس احد مهما كانت خطاياه، بل يعلم أن الرب اعطانا التوبة لغفران الخطايا والرجوع إلي حياة أفضل.
8 - الثوب الجديد.. والخمر الجديد.. والحياة الجديدة (5: 33 - 39).

لقد أفادنا تذمر الفريسيين علي الرب. حتى نتعلم مفاهيم جديدة من إجابة يسوع عليهم. فالوقت الآن ليس مناسبًا للصوم، بل للإعلان عن العريس والفرح به. ومتى ارتفع العريس إلي السماء فسنطلبه بأصوام وطلبات. وكأن غاية العبادة ليست الصوم والنسكيات، بل التمتع بالإتحاد مع العريس السماوي، خلال هذه الأصوام والنسكيات، إن قدمت بالروح والحق.
فلا بد وسيصوم التلاميذ، بعد أن يرفع العريس عنهم. ولكنهم أيضًا سيصومون بفهم جديد. فبعد صعوده حل الروح القدس عليهم فصاروا أشبه بثوب جديد أو زقاق جديد. يمارسون العبادة بفكر جديد. فبعد أن كان الصوم في العهد القديم حرمانًا للجسد. صار في العهد الجديد شركة حب وفرح مع المسيح وفرصة لتحرير النفس وإنعاش القلب.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 05:50 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 6 - إنجيل لوقا

9 - يوم الرب هو يوم عمل الخير (6: 1 - 11).

رأينا الفريسيين يتذمرون علي المسيح لأنه يأكل مع العشارين والخطاة. ثم يتذمرون عليه لأن تلاميذه لا يصومون. والآن يتذمرون لأنه يفعل الخير في يوم السبت. إن تذمرهم ليس غيرة علي الشريعة، التي يكسرها المسيح في نظرهم. بل أنهم يريدون أن يصطادوه في خطأ. وتذمروا أيضًا -علي التلاميذ الذين يقطفون السنابل ويفركونها. أنهم امتلأوا حمقًا وصاروا يتكلمون فيما بينهم ماذا يفعلون بيسوع.
أما المسيح فأراد أن يشفي فكرهم اليابس المتحجر كما شفي اليد اليابسة. فذكرهم بقصة داود واكله للخبز الذي لم يكن يجوز أكله إلا للكهنة (1 صم 21: 1 - 6).
10 - يدعو تلاميذه في كل جيل (6: 12 - 19)


https://st-takla.org/Gallery/var/resi...ahmy-Eshak.jpg
تعالوا لنري المثال الحي الذي قدمه لنا المسيح عند الشروع في أي عمل هام. لقد قضي الليل كله في الصلاة. إنه يريد أن يختار تلاميذه الاثني عشر الذين سماهم رسلًا بعد ذلك.
والرب يدعو له خدامًا في كل جيل. لا يختارهم بحسب تعليمهم، أو وضعهم الاجتماعي، أو بنيتهم الجسدية، أو ثروتهم. بل بحسب أمانتهم، وصدق محبتهم، واستعدادهم للتعب من أجله. لأن القوة تخرج منه هو، وتكمل كل ضعف.
11 - من هم المطوبون؟ (6: 20 - 26).

هم المساكين بالروح. أي الفقراء من الخطية. الذين ليس للشيطان موضعًا فيهم. فيستحقوا غنى الملكوت.
هم الجياع إلي البر، الذين يسعون بجد وراء التقوى والصلاح والفضيلة. فإنهم سيشبعون من كنوز البركات الروحية.
هم الباكون بدموع التوبة والندم لأجل خلاصهم وخلاص أخوتهم فإنهم سيتعزون بالفرح القلبي.
وهم المبغضين من الناس لأجل أسم المسيح. الذين لا يستخدمون وسائل هذا العالم من رشوة ورياء وتملق. الذين يتنازلون عن حقوقهم من أجل الشهادة للمسيح. فإن أجرهم مخزون لهم في السموات.
12 - المحبة حدودها وصفاتها (6: 27 - 42).

من سمات الإنسان العادي أنه يحب الذين يحبونه، ويقرض الذين يتوقع أن يسترد منهم، أي يتعامل بالمثل.
أما الإنسان المسيحي فهو يتخذ من شخص الرب يسوع مثالًا له في الحب والرحمة والعطاء، لأن الرب ينعم أيضًا علي غير الشاكرين والأشرار. فالمسيحي تمتد محبته فتشمل الأعداء، وإحسانه يشمل المبغضين، وصلاته ترفع لأجل المسيئين إليه أيضًاوبدافع من هذه المحبة غير المحدودة، لا يدين أخاه، بل يغفر له، ويفعل الخير وهو لا ينتظر شيئا، ولا يحكم في احد، ويُعطي بسخاء.
علي أن هذا كله يفعله المؤمن في إطار الوصية التي تقول "كونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام" (مت 10: 16)، فالفضيلة المسيحية لا تتجزأ، فكما أنه يعطي ويبذل ويتسامح هكذا أيضًا له أن يعاتب من يخطئ إليه في محبة، وله أن يطالب بحقوقه، حتى لا يظن أحد أن المسيحية أهدارًا للإنسانية.
13 - الشجرة تعرف من ثمارها (6: 43 - 49).

تساءل الرب يسوع قائلًا "لماذا تدعونني يا رب يا رب وأنتم لا تفعلون ما أقوله". أنه يريد أن يقول أنكم تعبدون آلهة أخري مثل (المال - الذات - الكرامة - الشهوة..) ولذلك تعملون الأعمال التي تتطلبها. ولكن أن كنتم تحبونني وتريدون أن تتبعونني، فعليكم أن تعملوا بما أقوله.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 05:52 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 7 - إنجيل لوقا

14 - كلمة منه تكفي (7: 1 - 10):

لقد كان هذا القائد رومانيًا وثنيًا، ولكنه كان يحترم اليهود وعبادتهم حتى أنه بنى لهم المجمع ليتعبدوا فيه. وكان يعلم أن الشريعة اليهودية تعتبر أن اليهودي يتنجس اليوم كله إذا دخل بيت وثنى، لذلك لم يشأ أن يكلف المسيح هذا العناء وقال له "لست مستحقًا أن تدخل تحت سقفي".
تعالي نقترب معًا يا أخي وننضم إلي عبد قائد المئة الفقير المشلول، الذي لم يتأخر المسيح في شفائه، تعالي لنطلب كلمة واحدة من الرب مع قائد المئة، لننال شفاء من عاداتنا السيئة التي تتعبنا، ونرفضها في أنفسنا، مثل الكسل والفتور الروحي والتراخي في محبته.
15 - الرب المتحنن (7: 11 - 17).

الرب المتحنن الذي تحرك لدموع الأرملة، ولمس نعش أبنها، هو نفسه الذي تقدم ولمس خشبة الصليب، التي كانت نعشًا لنفوسنا المائتة بالخطية، وحولها إلي قوة حياة. وكما فرحت هذه الأرملة بقيامة ابنها مع انه حتمًا سيموت ثانية، هكذا تفرح الكنيسة بقيامة أولادها من الخطية، وتضمن لهم حياة أبدية. ويقول القديس أغسطينوس [أنه لعمل معجزي أن يقوم شخص ليحيا إلي الأبد من أن يقوم ليموت ثانية].
والرب لم يعدنا بطرد الموت الجسدي عنا، وإنما بعد أن مات عنا، حول الموت إلي جسر للعبور بنا إلي الفردوس لانتظار يوم الرب العظيم مع القديسين.
16 - هو الآتي وليس آخر (7: 18 - 23)

يوحنا لم يكن متشككًا من شخصية الرب يسوع، لأنه هو الذي شاهد حلول الروح القدس عليه وسمع الصوت من السماء يشهد له بعد أن عمده، ولكنه أراد بسؤاله أن يُحول تلاميذه من تبعيته هو إلي تبعية المسيح. كان يود من تلمذته للآخرين أن يبعث بهم إلي مخلصه، ويدفعهم للصداقة الإلهية.
ما أجمل الراعي الذي يحول حب شعبه له إلي أن يلتقوا مع الرب يسوع نفسه، ما أجمل الأب الذي يربي أولاده في مخافة الرب قبل مخافته، ما أحسن الأم التي تتعب في تحضير وجبات روحية تغذي بها أهل بيتها كما تتعب في تغذية أجسادهم.
أن يوحنا المعمدان في موقفه هذا يشبه النفس التي تقول مع بولس "ما كان لي ربحًا فقد حسبته خسارة لأجل فضل معرفة المسيح" (في 3: 7).
فإن المسيح هو الآتي، ويستحق وحده القبول وليس آخر، وطوبي لمن لا يتشكك في قوته وقدرته وخلاصه.
17 - عظمة الأصغر في ملكوت الله (7: 24 - 35).

يوحنا أعظم الأنبياء، ليس لأنه فاق الأنبياء القدامى في الإيمان أو القداسة أو المحبة، بل لأنه فاقهم بوظيفته لأنه كان بها أقرب إلي المسيح منهم. ولكن الأصغر في ملكوت الله أعظم منه. والأصغر هو إنسان العهد الجديد المولود ولادة روحية من المعمودية، فهو أعظم من يوحنا المولود بالجسد فقط. والأصغر هو إنسان العهد الجديد الذي يستطيع أن يكون واحدًا في المسيح من خلال شركة جسده ودمه، فهو أعظم من يوحنا الذي خدم مع المسيح بدون أن يتحد به.
الإصحاح السابع والثامن

18 - المحبة الكثيرة تغفر الخطايا الكثيرة (7: 36 - 8: 3).

لقد اعتاد اليهودي أن يعبر عن ترحيبه وإكرامه لضيفه بثلاثة أشياء، يقدم ماء لغسل قدميه لكي يريحه من تعب الطريق ويقبله بقبلة الترحيب. ويمسح رأسه بدهن لإزالة ملامح عناء الطريق. وسمعان أكتفي بأن دعا المسيح في بيته دون أن يقوم بواجب الضيافة الذي لم يكن يجهله. وعندما أدان المرأة الخاطئة. عاتبه المسيح لتقصيره، الذي كملته المرأة بمحبتها.
يا من تشعر أن خطاياك كثيرة. وإن حياتك أبعد ما تكون عن مسيحيتك. وأن الرجوع صعب لمن هو مثلك. لا تتعب في شيء فالحل لهذه المشكلة هو هذا. تعالي فقط وعبر عن شوقك للنجاة. تعالي وقدم شكواك ضد نفسك عند قدميه. تعالي وقل له مع بطرس، أنت تعلم يا رب أني أحبك، ولكن ضعفي يعرقل حركتي. فامنحني أن أقدم لك عمرًا نقيًا بالتوبة. وساعتها ستعرف كيف تقدم له من مالك ووقتك وجهدك لأن "كل من شفاهم من النساء، تبعنه وصرن يخدمنه من أموالهن".

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 05:53 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 8 - إنجيل لوقا


← 8: 1-3 (في نهاية الأصحاح السابق)

19 - أنظروا كيف تسمعون (8: 4 - 21).

لقد تحدث الرب بأمثال، لأن الناس اعتادت أن تنجذب للأمور الغامضة. وفي نفس الوقت لكي يبقي السر مختفيًا علي غير المهتمين بخلاص نفوسهم.
إن ربنا يسوع لا يتوقف عن بذر كلمة الله في نفوسنا باستمرار. فلينظر كل واحد فينا، كيف ينصت لصوته. فإن كنا أمناء في سماع صوته، فسيزيدنا من معرفته الفائقة. ويضمنا إلي عائلته المقدسة. فهو يريد قرابة الكل له. أنه لم ينكر القرابة الجسدية لأمه وأخوته. ولكنه يشتهي قرابة روحية معنا.
20 - الله موجود (8: 22 - 25).

نام المسيح في السفينة، وصرخ التلاميذ لأنها كادت تغرق. ينام المسيح، ويبدو كأنه غير موجود في سفينة حياتنا، ليُعطي الفرصة لضعفاتنا أن تظهر، حتى يشفينا منها. أحبك يا رب يا قوتي، أحبك في نومك وفي قيامك، احبك أن شعرت بك أو لم أشعر، أحبك لأنى أؤمن أنك تعمل في داخلي في كل الأوقات.


https://st-takla.org/Gallery/var/resi...-Cross-045.jpg 21 - عدوك ضعيف، مهما كثر عدده (8: 26 - 29).

كورة الجدريين عبارة عن عشرة مدن. وأهلها ليسوا يهود. لذلك طلب الرب من المجنون الذي شفاه أن يذهب ويبشر فيها. ليتعرف كل هؤلاء عليه.
لقد كان في هذا الإنسان لجئون. ولجئون لفظ يطلق علي كتيبة رومانية مؤلفة من ستة آلاف جندي. وهو يشير لكثرة العدد. ولكن بالرغم من هذا العدد الضخم من الأرواح الشريرة مجتمعة إلا أنهم عندما رأوا يسوع صرخوا وخروا عند قدميه. ملتمسين منه أن لا يعذبهم.
إن ربنا يسوع أقوي من كل جنود الشر. وكلها تخضع له. أنه لم يتركنا يتامي، بل أشتهي أن يكون واحدًا فينا فترك لنا جسده ودمه لنأكله ونحيا به. فتصير فينا قوته وسلطانه فلا يقدر الأعداء مهما كثر عددهم أن تخلع من علينا ثوب الفضيلة أو تحبسنا في قبور الخطية والضعف.
22 - آمن فقط (8: 40 - 56).

الرب يسوع يدعونا للإيمان به. وبقدرته الفائقة فإنه قادر أن يقيم الموتي، ويشفي الأمراض المستعصية.
ونحن في مسيرة حياتنا تعترضنا صعاب كثيرةفتارة نضعف ونيأس ونظن أنه لا يوجد حل. وساعتها يهمس الرب في آذاننا ويقول لنا كما قال ليايرس آمن فقط فهى تشفي. ان الرب عنده حلول لا نعرفها ولا ندركها.
وتارة نكون ثابتين في الرب. متوقعين خلاصه بصبر. نحاول أن نلتمس الحل بالأقتراب منه وعرض الأمور عليه في الصلاة فنجد الرب مهتم بأن يظهر إيماننا للناس كما فعل مع المرأء نازفة الدم. إذ كان يعلم من الذي لمسه ولكنه أراد أن يُظهر إيمانها للناس. فسأل من الذي لمسني؟

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 05:55 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 9 - إنجيل لوقا

23 - كرازة الرسل وكرازتنا (9: 1 - 9).

من جمال الرب أنه قبل أن يطالب الرسل بأن لا يرتبكوا بإحتياجاتهم الجسدية، حين أرسلهم للكرازة. أعطاهم قوة لشفاء الأمراض، وسلطان لاخراج الشياطين. هكذا فعل معنا. اعطانا نعمة بنوة بالمعمودية. وثبت روحه القدوس فينا بالميرون. واتحد بنا في التناول. ثم طلب منا أن نعيش متممين وصاياه. كرازة الرسل ومعجزات الشفاء التي عملوها جعلت هيرودس يسأل بقوة من يعملون هذا. وهكذا سيرتنا نحن بحسب إنجيل المسيح تجعل أهل العالم يتساءلون. من نتبع. وبقوة من نعيش. وهذه هى كرازتنا.
24 - أنه يهتم بتدبير أجسادنا مثل أهتمامه بأرواحنا (9: 10 - 17).

إلهنا وعده صادق. فقد طلب منا قائلًا "لا تهتموا بما تأكلون وبما تلبسون لأن الرب يعرف أنكم تحتاجون إلي هذه كلها. أطلبوا أولًا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزداد لكم" (مت 6: 33).
جائته الجموع في خلوته مع تلاميذه تطلب سماع كلام الحياة منه. وتطلب شفاء لأمراضها. لم يتأخر الرب عنهم. أعطاهم ما يريدون وفي النهاية لم يصرفهم بجوع أجسادهم بل أشبعهم بالخمسة خبزات والسمكتين. دون أن يطلبوا هم ذلك.
فلنتعلم أن لا نرتبك بالجسديات ونعطيها كل وقتنا. بل لنسعي ونجد في طلب الروحيات، ولنترك للرب ترتيب إحتياجاتنا الجسدية.

https://st-takla.org/Gallery/var/resi...ahmy-Eshak.jpg

25 - يسأل هل نعرفه؟ (9: 18 - 22).

لقد أراد الرب أن يطمئن من جهة خاصته وتلاميذه أنهم يعرفونه جيدًا. يعرفون بنوته الفريدة لله. يعرفوا هدف تجسده أنه من أجل البشرية. يعرفون أنه هو الذي أشارت إليه النبوات. أراد أن يطمئن أن الأمر ليس مختلطًا عليهم مثل عامة الناس.
ونحن هل نعرفه جيدًا، أم مازال الأمر مختلطًا علينا. هل نعرف أنه هو وحده الذي يستحق حياتنا وكل مالنا لأنه ذُبح وإشترانا بدمه. هل نستطيع أن نردد "منك الجميع ومن يدك أعطيناك" (أي 29: 14).
حينما ندرك هذه المعرفة. سيأتمنا الله علي أسراره الأكثر عمقًا. مثلما أئتمن التلاميذ علي حقيقة آلامه ورفضه من الشيوخ وموته وقيامته في اليوم الثالث.
26 - علامة التبعية. حمل الصليب (9: 23 - 26).

[يأتي الشهداء حاملين عذاباتهم. ويأتي الصديقون حاملين فضائلهم. ويأتي إبن الله في مجده ومجد أبيه ويجازي كل واحد حسب أعماله التي عملها] هذا المشهد تضعه أمنا الكنيسة أمامنا في ختام التسبحة اليومية. حيث تصور كل من تبعوا المسيح بحمل الصليب كل يوم. وهم يرفعون في هذا الموكب علامة آلامهم ويدخلون بقوة إلي عرش الملك.
فمن يهلك نفسه لأجل السلوك في طاعة الوصية. وفي الشهادة للمسيح فهو يحفظها لحياة أبدية سعيدة. ومن يخلص نفسه بمفهوم هذا الزمان الحاضر من السلوك بالرياء والرشوة والتملق فهو يهلكها بحرمانها من هبات الرب للحياة الأبدية.
27 - جيد أن نكون في حضرة الرب (9: 27 - 36).

إن هذا الملكوت الذي نجاهد من أجله كل حياتنا. نستطيع أن نعيشه من الآن ونحن في الجسد. فيوجد قوم رأوا ملكوت الله وهم مازالوا في الجسد. أنهم بطرس ويعقوب ويوحنا الذين تمتعوا بتجلي الرب يسوع ورؤية لباسه المبيض اللامع. لقد رأوا بصيصًا من مجده.
الملكوت حالة يعيشها الإنسان في احساس بحضور الله معه. وليس مكان بعينه نصل إليه بعد زمان معين. "فها ملكوت الله داخلكم" (لو 17: 21).
كلما حرصنا أن نكون في حضرة الرب. نشركه في تدبير أمور حياتنا. فنحن نعيش ملكوته. ونضم زمان غربتنا علي الأرض إلي زمان أبديتنا.
28 - كل شيء مستطاع للمؤمن (9: 37 - 43).

تقدم رجل إلي يسوع محتجًا، لأن له إبن يصرعه روح نجس، وقدمه للتلاميذ ليشفوه ولم يقدروا، وقال له "إن كنت تستطيع أن تفعل شيئًا لإبني، فتحنن علينا وأعنا" (مر 9: 22). فأجابه الرب قائلًا "إن كنت تستطيع أن تؤمن، كل شيء مستطاع للمؤمن" (مر 9: 23)، مبينًا له أن سؤاله فيه شك في قدرته لأنه يقول "إن كنت تستطيع أن تفعل شيئًا.."، وإن سبب عدم شفاء التلاميذ لإبنه هو عدم إيمانه هو بقدرتهم علي الشفاء وساعتها رد الرجل قائلًا "اؤمن يا سيد فأعن عدم إيماني" (مر 9: 24)، فمد يسوع يده وشفي إبنه.
29 - يسوع يؤكد تعاليمه (9: 44 - 50).

لقد عاد الرب يؤكد موضوع آلامه مرة أخري لتلاميذه. أنه ذكره لهم، ولكنه في نفس الوقت أخفي قوة وقع الأمر عليهم حتى لا ينشغلوا بها كثيرًا الآن، أو لا يقلقهم، فإنه مازال عنده تعاليم كثيرة يريد أن يغرسها فيهم.
فإن التلاميذ محتاجين أن يفهموا أن طريق آلامه هو الطريق الوحيد لملكوته السماوي، وليس من خلال العظمة الزمنية، فعليهم أن يقبلوه مثل الأطفال المملوئين حبًا وإتضاعًا.
وكذلك يوحنا منع من يخرج الشياطين باسم يسوع، أما يسوع فقال له دع الكل يعمل، فليس من الجيد أن نتعصب لجماعة دون الأخرى "ليس يتبع معنا"، مادام الكل يعمل من أجل الخير.
3 - رحلة المسيح من الجليل إلي أورشليم (خدمته في اليهودية وبيرية) (9: 51 - 19: 27).

أنفرد القديس لوقا بتتبع مسيرة الرب يسوع من الجليل إلي أورشليم. حيث دامت أحداث هذه المسيرة ستة أشهر. ومر فيها علي عدة قري. وسجلها لنا البشير لوقا في عشرة إصحاحات من إنجيله.
فتعالي معي يا أخي لنتابع أعمال وتعاليم الرب يسوع في رحلته ليتألم من أجلنا.
1 - الرب يسوع جاء ليُخَلِص: (9: 51 - 56).

حين اقتربت الأيام لارتفاع رب المجد علي الصليب من أجلنا. اتجه إلي أورشليم، لأنه هناك ينبغي أن يتألم ويموت ويقوم ويصعد عنا. وفي طريقه أرسل رسله إلي قرية للسامريين لإعداد الحاجات الجسدية من مأوي وطعام له ولهم. ولأن السامريين لا يحبون اليهود. وبالذات الصاعدون منهم للعبادة في أورشليم. لأنهم يعتقدون أن السجود ينبغي أن يكون عندهم في جبل جرزيم وليس في أورشليم، لم يقبلوا المسيح. وهنا غضب تلميذاه يعقوب ويوحنا وارادا أن يُعبرا عن حبهما للمسيح بالإنتقام ممن رفضوه كما فعل إيليا في القديم (2 مل 1). ولكن الرب يسوع لم يأت ليهلك بل ليخلص، فالتمس لهم العذر في رفضهم. فهم لم يرفضوه لشخصه المخلص بل رفضوه نتيجة جهلهم بما لأورشليم من رمز ومكانة، ونتيجة تعصبهم لعقائدهم.
2 - ثلاثة شروط للتلمذة للمسيح (9: 57 - الخ).

قابل يسوع في الطريق ثلاثة أشخاص يطلبون التلمذة له.
الأول: متعجل في طلبه، وغير فاهم لأتعاب الطريق، يظن أن في تبعيته ليسوع كرامة ومجد لنفسه بين الناس. فوضع الرب أمامه الحقيقة كاملة لكي يراجع نفسه. من يريد أن يتبعنى فليعلم أن إبن الإنسان ليس له أين يسند رأسه.
أعطني يا رب أن أقول بملء الفم "أتبعك أينما تمضي" بالرغم من معرفتي أن الطريق كرب والباب ضيق.
والثاني: في قلبه حب، ويريد أن يتبع يسوع، ولكنه متوانيًا إذ أن عليه التزامات وضرورات يؤجل بسببها تبعيته للرب. رفض الرب الارتباك بهذه الالتزامات حينما قال دع الموتي بالروح يدفنون موتاهم. أنه لم يقلل من أهمية هذه الالتزامات، إنما رفض أن يكون ارتباكنا بها أكثر من اهتمامنا به.
أما الثالث: فهو متردد بسبب عاطفته نحو عائلته. والرب لم يرفض هذه المشاعر فيه أيضًا، ولكنه نبههه بأنها إذا زادت يمكن أن تعطله عن تلمذته وتبعيته للرب يسوع. مثل الفلاح الذي يجب أن ينظر إلي محراثه ليكون مستقيمًا عميقًا ولكنه ينصرف عنه بالنظر إلي الوراء حيث يشغله شيء آخر. يداه علي المحراث في العمل ولكن أفكاره في موضع آخر. مثل هذا لا يحسن أن يحرث حقلًا.
إعطني يا ر ب أن يكون الإهتمام بشخصك وبنشر ملكوتك هو الأول والآخر في حياتي. وأتمم كل التزاماتي الأسرية والاجتماعية والجسدية، من خلال محبتي لك.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 05:57 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 10 - إنجيل لوقا

3 - هو مسيح العالم كله (10: 1 - 24).

أرسل الرب يسوع سبعين رسولًا، إثنين إثنين، إلي كل قرية ومدينة في بيرية، التي سيجتازها بدلًا من السامرة التي رفضته، ليسبقوه ويبشروا بملكوت الله. وذلك لكثرة مدن المنطقة عبر الأردن (بيرية كلمة يونانية معناها عبر)، وكثرة سكانها. وزودهم بوصاياه التي لا تختلف عن وصاياه للأثني عشر رسولًا إلا في شيء واحد. وهى أنه حينما أرسل الأثني عشر أوصاهم قائلًا "إلي طريق أمم لا تمضوا، بل أمضوا إلي خراف بيت إسرائيل الضالة" (مت 10: 5، 6). أما هؤلاء السبعين فجاءت الوصية بالكرازة غير محصورة في شعب معين. لأن بيرية كان يسكنها يهود وأمم: فقال لهم "أي مدينة دخلتموها وقبلوكم.. قولوا لهم قد أقترب منكم ملكوت الله. وأوصاهم أن يأكلوا مما يقدم لهم ولا يخشون من التنجس حسب شريعة موسي فإنه ليس وقت للأطعمة المحللة والمحرمة، إنما الوقت لجذب النفوس لمعرفة طريق الحياة الأبدية.
وأوصاهم أيضًا:
1 - اطلبوا وصلوا قبل كل عمل.
2 - أنتظروا الضيقات في الخدمة.
3 - لا يعطلكم عن التبشير مجاملات.
4 - كونوا مكتفين بما عندكم قنوعين.
5 - إشفوا المرضي فترحموا الناس بالقوة التي أعطيتها لكم.
6 - ليكن موضوع تبشيركم هو تمام المواعيد بمجئ المسيح.
7 - إنذروا من لا يسمع البشارة بنتيجة رفضهم.
8- سيكون لكم الشرف كسفراء للمسيح أن تكونوا شركاؤه في الكرامة.

https://st-takla.org/Gallery/var/resi...ahmy-Eshak.jpg
ولأن القديس لوقا كان يكتب إنجيله لليونانيين من الأمم، انفرد وحده بذكر إرسالية هؤلاء السبعين. إذ أراد أن يقول أن يسوع المخلص هو مسيح العالم كله، وليس مسيح اليهود فقط.
وتوالى رجوع السبعين رسولًا وكانت قوة إيمانهم بسبب إجماعهم على نتائج موحدة لرحلاتهم. لقد زاد إيمانهم بسلطان ابن الله بعدما شاهدوا الشياطين تخضع لهم باسمه. وجدد لهم الرب يسوع وعده بأن تدوم معهم هذه النعمة، مهما شابه مقاوميهم الحيات والعقارب. فليفرحوا إذن لأن أسماءهم كتبت في ملكوت السموات.
وهنا تهلل يسوع بالروح لأن رسله عرفوا قوته وأدركوا بنوته لله. فهذه هي الحكمة الجديدة التي تفرح قلب الرب أن نصير أولاد الله أو أطفاله ونتعرف على أسراره الإلهية.
أذن لنكن أطفالًا حقيقيين ونسلك كأبناء لله بحسب وصاياه. فيكشف لنا الرب أسراره ويتهلل من أجل الحكمة التي يهبنا إياها.
4- الرب يعلمني من هو قريبي: (10: 25-37)

ومرة أخرى يؤكد لنا القديس لوقا قبول المسيح للأمم. فقال، جاء ناموسي أي عالم بناموس موسى ليمتحن الرب. حمل الناموسي صورة التقوى حينما قام ليسأل السيد، واضمر الشر في داخله إذ أراد أن يجربه. ولعل الناموسي أراد أن ينصب فخًا للمسيح إذ حسبه سيقدم وصايا جديدة مستهينًا بالشريعة الموسوية. ولكن الرب الذي يعرف قلبه، لم يصده بل استخدم معه اللطف لكي يكسبه. فرد مؤكدًا أهمية حفظ الوصايا. وقدم له مثلًا ليعلمه.

https://st-takla.org/Gallery/var/resi...g--70AGAIN.jpg
إن المسافة من أورشليم إلى أريحا حوالي عشرين ميلًا. وتستغرق من المسافر حوالي سبعة ساعات. وكانت أورشليم أعلى من أريحا. ومعظم الأرض في هذه المسافة صخرية لا تصلح للزراعة. لذلك خلت من السكان، وكثرت الكهوف في صخورها، واشتهرت بكثرة اللصوص حتى سميت (الطريق الحمراء أو الدموية). وبالرغم من ذلك كان يجتازها الكثيرون لأن أريحا يومئذ كانت مدينة كبيرة وغنية. فهناك من يقصدها للتجارة، وآخرون لطلب الراحة، حتى الكهنة واللاويون المفرزون لخدمة الله كانوا يقصدونها حين يفرغون من خدمة الهيكل. فجاء مثل السامري الصالح من واقع حياتهم. وبهذا المثل قدم الرب لنا ضرورة تقبل البشرية بكل أجناسها كأقرباء، لقد أظهر لنا أن القرابة لا تقف عند حدود الدم، ولكنها تقوم على تنفيذ وصية الحب والرحمة (نحن أقرباء، كل البشر أقرباء لبعضهم البعض، إذ لنا أب واحد هو الله – القديس جيروم).
ولكن توجد قرابة أخرى سماوية. فمن هو الإنسان النازل من أورشليم إلى أريحا إلا أنا وأنت وكل البشرية. تركنا أورشليم بيت الله. وسرعان ما وقعنا بين أيدي الخطية وملذاتها. وظهرت جروحها في كلامنا وسلوكنا ومعاملاتنا فمر علينا السامري أي الرب يسوع. اقترب منا بتجسده وقبوله الآلام عنا، وسكب علينا زيت رحمته، وأتى بنا مرة أخرى إلى كنيسته لنستريح (الفندق)، وترك لنا روحه القدوس (المال الذي أعطاه السامري لصاحب الفندق).
ليعيننا في كل عمل صالح حتى يرجع إلينا في مجيئه الثاني، فصار قريبنا. (ليته لا يخف إنسان ما من الهلاك، مهما كان سقوطه، فإن السامري الصالح الذي هو حارس النفوس، أقول أنه لن يتجاوزه بل يحنو عليه ويشفيه – القديس أمبروسيوس).
5- هو نصيبنا الصالح (10: 38- الخ)

وصل الرب يسوع إلى بيت عنيا أي بيت الطاعة. ووجد استعدادًا كبيرًا من أسرة صغيرة لاستقباله. فدخل بيت مرثا ومريم ولعازر أخيهما، وأصبح هذا البيت فيما بعد موضع راحته وعنايته الخاصة في وقت الأحزان. ففيه استراح كلما كان بالقرب من أورشليم وبالذات في الأسبوع الأخير من حياته على الأرض. وأخذ تلاميذه إلى هناك حيث الذكريات السعيدة وودعهم وأيدهم بسلطانه وصعد إلى الأمجاد التي نزل منها. أحب الرب مريم ومرثا لأن كل منهما حاولت أن تعبر عن حبها بطريقتها وموهبتها وإمكانياتها. ولكنه نبه مرثا إلى تبسيط أمور الدنيا والاتجاه إلى ما يحتاج إليه الإنسان فعلًا، وهو السعي إلى ملكوت الله وخلاص نفسه، إلى النصيب الصالح الذي اختارته مريم. فهل سيفرح قلب الله ويرتاح حينما يدخل بيوتنا كما شعر من قبل وهو في بيت عنيا؟ هل سيجد من يهتم بخدمته وينصت لكلماته؟

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 06:00 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 12 - إنجيل لوقا

11 - سيرتنا نحن في السماويات (ص 12).

إن هذا الإصحاح حديث للخاصة وليس للعامة، حديث لمن احبوا المسيح من كل قلوبهم، وتمنوا ان يتبعوه دائما، ولكن توجد معطلات والتزامات ومخاوف وطموحات تخنق مشاعرهم تجاه من احبوه: لهؤلاء بالذات الموجودين وسط الجموع الكثيرة التي ازدحمت حول المسيح لأغراض مختلفة (شفاء أمراضهم، مشاهدة الغرائب منه، الإستفادة، الأنتقاد والمقاومة..)
وجه لهم حديثه قائلًا:
أ - أني أحذركم من الرياء (1 - 12)، أي التظاهر بعكس ما في داخلكم، فإن التمادي في الرياء من الممكن أن يصل بكم إلي أنكار الإيمان أمام الناس، ومن ينكرني قدام الناس، ينكر قدام ملائكة الله. أنا أعلم أنكم تحبونني ولكن خوفكم علي انفسكم هو الذي يدفعكم أحيانًا للتخلي عن مبادئكم. ولكني أحب أن أطمئنكم أن شعور رؤوسكم جميعها محصاة عندي. وإن كان لكم أن تخافوا بالرغم من عنايتي بكم، فخافوا بالأولي من هلاك النفس والجسد في جهنم. خافوا الله، فإن خوف الله يطرد خوف الناس من القلب.
وأقبلوا صوت روح الله داخلكم، لأن من يرفض هذا الصوت ليست له توبة، لأنه كيف يرجع ويندم وهو يرفض الروح الذي يبكتنا ويردنا لله مرة أخري.
ب - وأدعوكم لتكونوا أغنياء في الله (13 - 31)، فمهما كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله. أنتم مخلوقين للسماء، تقضون فترة علي الأرض ثم ترجعون إلي موطنكم الأصلي، فلا تكونوا أغبياء في أذهانكم وتكنزوا لحساب هذا العالم وكأنكم تعيشون إلي الأبد، وأنتم لستم أغنياء لله. حان الوقت لتوقفوا الصراع بين الارتباك لترتيب الاحتياجات الزمنية والطمع والطموح الزائد، وبين السعي لغذاء أرواحكم. أسعوا أولًا لإشباع الروح بحفظ كلمة الله، وبالصلاة وممارسة وسائط النعمة، وعمل المحبة بين الناس، وكل هذه الزمنيات ستزاد لكم. ولا تقلقوا لأن أباكم يعلم أنكم تحتاجون إلي هذه كلها، ويُسر أن يعطيكم الملكوت.
جـ - وتكونوا مستعدين (33 - 40)، باستمرار عاملين لحساب الروح، لأننا لا نعلم متى يأتي الصوت الذي يطلب نفوسنا منا.
د - وتكونوا أمناء (41 - 48)، وتعلموا أن من يعطونه كثيرًا يطالبونه بأكثر. لأنكم أنتم تلاميذي، عرفتكم بكل ما يجب أن تفعلوه. فمن لا يعلم سوف يدان علي جهله، أما من يعلم الطريق ولم يسلك فيه فدينونته أعظم.
هـ - وتقبلوا الآلام لأجلي (49 - 53)، فقد جئت لألقي بنار الروح القدس الذي يشهد لي ويكرز بتعاليمي في قلوبكم، وأريد هذه النار مضطرمه في داخلكم ولكن كثيرون سيقاومونها، فينقسمون علي ذواتهم حيث يقبلون كلامي في أمر ما، ويرفضونه في أمر آخر، ويعملون به في موقف ما، ويهملونه في آخر. بل وينقسمون علي بعضهم البعض، فمنهم من يؤيد تعليمي، ومنهم من يرفضه. فلا تتوقعوا أن يكون انتشار ملكوتي بغير تحمل الآلام وقبول المقاومة من الذات أو من الآخرين.
أما أنا فلن أتراجع عن أن أشهد لنفسي مهما صبغتني الآلام، بل سأحتمل آلامي حتى يكمل فداؤكم.
و - وتميزون الوقت (54 - 59)، فكثيرون منكم حكماء في تمييز أمور هذا الدهر، أما زمان تجسد المسيح وإتمام النبوات فلا تعرفونها. أنكم لو حكمتم عقولكم وضمائركم غير ملتفتين إلي قضاتكم الخادعين الذين يضللونكم، لعرفتم أني أنا الآتي. فهيا تصالحوا معي بالتوبة والإيمان قبل فوات الوقت وحلول دينونة العالم.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 06:01 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 13 - إنجيل لوقا

12 - ثمر التوبة (13: 1 - 9)

تقدم قوم إلي يسوع بعد أن القي خطابه الطويل (ص 12)، يخبرونه عن حادثتين وقعا عندهم، هما حادثة قتل الجليليين، وحادثة سقوط برج سلوام علي ثمانية عشر. فقد كانت فلسطين مقسمة في ذلك الوقت ثلاثة أقسام الجليل، والسامرة، واليهودية. وكان الجليليون سكان القسم الشمالي منها، وهم أقل تمدنًا من سائر سكان فلسطين، وأقل خضوعًا للرومانيين، وكثيري الفتن، وكانوا تحت حكم هيرودس، في الوقت الذي كان فيه بيلاطس واليًا علي اليهودية. وقد نادي هؤلاء الجليلييون بعدم تقديم ذبائح لله من أجل سلام الإمبراطور والدولة الرومانية، الأمر الذي أثار بيلاطس فطلب قتلهم وهم يقدمون ذبائحهم في الهيكل، في أورشليم، أنتقامًا منهم. أما الثمانية عشر فقد قتلوا خارج أسوار أورشليم، حيث يوجد برج سلوام الذي سقط عليهم.
قد ذكر هؤلاء القوم هاتين الحادثتين لكي يعرفوا رأي المسيح في أفكارهم. فهم يظنون أن كل حادثة تحدث بينهم هي بسبب خطاياهم. وعلي هذا كانوا يرون أن كل من يتعرض لكارثة فهو أشر من غيره.
أما ربنا يسوع فلم ينف إمكان تعرضنا لبعض العقاب علي خطايانا هنا، ولكن ليست الكوارث هي الوسيلة الوحيدة لذلك، فالعقاب الحقيقي للخطية هو الهلاك الأبدي، ولا نجاة من هذا الهلاك إلا بالتوبة.
وأعطاهم مثلًا بالتينة التي تشبه الأمة اليهودية التي غرسها الله في العالم، وجاء يطلب منها ثمرًا فلم يجد.. ثم جاء يسوع الكرام ينقب حولها، ويذكرها بخطاياها، ويعلمها إرادة الآب، ويشفع فيها، ويموت عنها، حتى تستطيع أن تأتي بثمر. فكل من قبل عمل المسيح في حياته وصنع ثمرًا صالحًا فهذا ينجو، أما من لا يأتي بثمر فعمل المسيح من أجله يدينه في اليوم الأخير ويقطعه من بين صفوف التائبين.
13 - الشفاء والتسبيح (13: 10 - 17).

لليهود هيكل واحد في أورشليم يقدمون فيه الذبائح الدموية، ولكن لهم مجامع كثيرة في كل مكان للعبادة اليومية. وفي أحد هذه المجامع شفي الرب المرأة المنحنية. إن الشيطان أحنى نفوسنا برباطات الخطية سنين طويلة، ولكن ملكنا المسيح جاء وأخذنا من قبضته إذ وضع يده علينا، فانتقل ضعفنا وخطايانا إليه وحملهم عنا بالصليب، وأنتقل بره وصلاحه إلينا بقيامته منتصرًا، فاستقامت نفوسنا وأصبحت قادرة أن تنتصب وتأتي بثمر. فلنسبحه ونمجده ونزيده علوًا، لأنه أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له.
14 - ملكوت الله يقبل الجميع (13: 18 - 30).

لقد بدأ يسوع ينادي بملكوت لله يقبل الجميع، ويُعطي شفاء للكل فها هى طيور السماء بأنواعها المختلفة (اليهود والأمم) تتآوى تحته. فإن الإنجيل سيكرز به في المسكونة كلها، سينتشر ويكون شجرة كبيرة وكل من يقبل كلمة الله تصير فيه قوية وفعالة وأمضي من كل سيف ذي حدين وتدخل إلي داخل النفس فتنير الضمير وتنقي القلب وتطهر الحواس، تخمر العجين كله.
وهنا اعترض اليهود، فهم يظنون أنهم فقط القليلون الذين يخلصون فهم أبناء إبراهيم، وعندهم الناموس، ولهم المواعيد. فأجابهم يسوع قائلًا:
اجتهدوا أن تقبلوا المسيح كمخلص، وتقبلوا فعل كلمة الله فيكم حينما تدينكم علي أعمالكم، وتقبلوا الجهاد المتواصل وليس إلي حين فقط، ولا تعتمدوا علي بر أنفسكم، وعلي أنكم أولاد إبراهيم، بل أدخلوا من باب التوبة والإيمان وإنكار الذات، فهذا هو الباب الضيق الوحيد الذي يؤدي إلي الملكوت. فكثيرون سيطلبون أن يدخلوا ولا يقدرون، لأنهم يطلبون بابًا واسعًا يشبع شهوات قلوبهم، ويمتع أجسادهم بخيرات زمنية. يريدون بابا يحفظ لهم المظهر المتدين، والشكل الصالح أمام الناس، وهم في قلوبهم يرعون أطماعهم.
15 - تهديد هيرودس (13: 31 + الخ)

* الإصحاحات من (13: 22 - 18: 14)
تنقل لنا خدمة المسيح في قري بيرية، وهو في طريقه إلي أورشليم. وبيرية كانت جزءًا من مملكة هيرودس كالجليل. ويبدو أن هيرودس أرسل عن طريق هؤلاء الفريسيين تحذيرًا ليسوع لكي يترك بيرية لأنه لا يريد شغبًا وسط شعبهلذلك وصفه يسوع بالثعلب إذ أتخذ أسلوب الخداع والاحتيال لكي يخيفه، فهو يعلم أن هؤلاء الفريسيين يكرهون المسيح ويحسدونه لأنه أخذ منهم منابر التعليم، ولكنه أرسلهم إليه في صورة أصدقاء ينصحونه. أما يسوع فقد كانت أمامه مسيرة يومين في قري بيرية حتى يصل إلي أورشليم. فهو لا يتحرك بأمر سلطان بشري. وهنا تذكر أورشليم حيث هو مزمع أن يذهب ليتألم هناك، فلا يمكن أن يهلك نبي خارج أورشليم، إذ أن المجلس الذي يحكم في دعاوي الأنبياء هناك، وإن حكم ذلك المجلس علي أحد بأنه نبي كاذب مجدف، وقضي عليه بأنه مستحق الموت، فإنه يسلمه للرومانيين في أورشليم لينفذوا ذلك القضاء.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 06:03 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 14 - إنجيل لوقا


16 - لا يمل من تعليمنا (14: 1- 6).

أنها المرة الثالثة التي يُعلم فيها المسيح عن ضرورة عمل الخير في يوم الرب. فقد وبخ الفريسيين الذين اعترضوا علي تلاميذه وهم يقطفون القمح في يوم السبت حينما جاعوا (6: 1 - 10). ووبخ رئيس المجمع الذي اعترض وهو مغتاظ حينما شفي المرأة المنحنية (14: 10 - 17). وها هو هنا يكرر تعليمه بعد أن شفي المريض بالورم في يوم السبت.
إن كلمة سبت تعنى راحة. والراحة الحقيقية هي في ترك الشر وعمل الخير. أنه لا يمل من تعليمنا، أنه سيظل يكرر لنا مقاصده من خلال كلماته في الإنجيل المقدس، ومن خلال ظروف الحياة التي تعترضنا، ومن خلال خدامه. فليعطنا الرب قلبًا مفتوحًا، لنتفهم تعليمه، قبل فوات الوقت.
17 - لنسلك بالاتضاع ونهتم بالمسكين (14: 7 - 14).

لقد لاحظ رب المجد أن المدعويين لبيت الفريسي يختارون الأماكن الأولي. فدعانا لنسلك بالاتضاع بعضنا مع بعض، حتى ترتاح نفوسنا، وننال الكرامة الحقيقية. ومن خلال حديثه للفريسي الذي دعاه، إذ لاحظ أنه أشرك في وليمته الأقرباء والأغنياء، علمنا أن الفقير والمسكين والمحتاج بكل نوع هو الأولي بالاهتمام، إذا كنا نرجو المكافأة في الحياة الأبدية، وليس في هذه الأرض. لأن المحتاج ليس له ما يعطينا إياه عوض ما قدمناه له، فيكون أجرنا مخزونًا في قيامة الأبرار.
18 - ويوجد لك أنت أيضًا مكان (14: 15 - 24).

وبعد أن قدم يسوع تعليمة هذا، ظن أحد المدعويين أنه يقصد بقيامة الأبرار، قيامة مملكة أرضية له، والاحتفال بها سيكون في وليمة عظيمة، فقال ما أسعد الذي يأكل خبزًا في هذه الوليمة، قال هذا وهو يظن أنه لا بد سيكون من المدعويين إليها لأنه يهودي. فأجابه يسوع بمثلٍ علمنا منه أن الدخول في وليمة ملكوت الله بعيدً جدًا عن المنشغلين بحياتهم الدنيوية، وقضاء احتياجاتهم، وتنمية مواردهم، دون الاهتمام بالله. وبعيدُ أيضًا عن من يشبعون شهواتهم الجسدية دون ضابطحتى لو كانوا يهودًا. ولكن هذا الملكوت يكون قريبًا من كل واحد يشعر أنه في احتياج إليه، ولو كان أمميًا. وقد أشار للأمم في هذا المثل حينما أرسل السيد عبده إلي شوارع المدينة وأزقتها لكي يُدخل المحتاجين، إذ أن اليهود يعتبرون أن الأمم هم وسخ مدينتهم.
ويوجد لك أيضًا مكان يا أخي، يا من تشعر بأنك خاطئ وغير مستحق لهذه الوليمة، ويوجد مكان لكل خاطئ يشعر بافتقاره إلي المسيح ونعمته. فها هو رب المجد أعد وليمة في بيته، حيث يقترب منا في صورة الخبز والخمر كل يوم علي المذبح لنأكله، فيتحول الضعف فينا إلي قوة. ونفرح به ونسعد الآن ونتعزى فنصبر حتى نأكله جديدًا في بيت الآب.
19 - الصليب شرط التبعية (14: 25 - 35).

يا للعجب! كيف يدعونا المحب إلي البغضة؟ كيف يطلب منا أن لا نهتم بأقربائنا وهو الذي أهتم بأمه وتلميذه وسط آلامه؟ كيف يعلمنا أن نحب أعداءنا، ثم يطلب منا أن نبغض أقرباءنا بل وأنفسنا؟ أنه لا يناقض نفسه بل يقول "من أحب أحد هؤلاء أكثر مني فلا يستحقني" (مت 10: 37). فهو لا يريدنا أن نرفض الحب الطبيعي العائلي، بل يطلب أن يكثر حبنا له عن هذا الحب الطبيعي. وهذا هو الصليب الذي يجب أن نحمله، نقطع كل اهتمام (روابط أسرية - مال - كرامة..) يعطلنا عن النمو في محبة ربنا، حتى نضمن إتمام برج حياتنا الداخلية، الذي سبقنا وشرعنا في بنائه حينما قطعنا عهد الحب والأمانة مع الرب في عرس المعمودية، وأعلنا الحرب علي رئيس هذا العالم حينما جحدناه هناك.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 06:03 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 15 - إنجيل لوقا


20 - السماء تفرح بك أنت أيضًا (ص 15).

هناك شريعة طويلة قد أعطيت لليهود لتطهير من يُخطئ (لا 4-6)، كل بحسب خطيته. وقد قصد الرب من هذه الشريعة أن يعلمهم أن يكرهوا الخطية، ويشعروا ببشاعتها، ولكنهم أساءوا فهمها إذ نبذوا الخاطئ أيضًا. لذلك تعجب الفريسيون إذ رأوا يسوع الذي يظهر بينهم كمعلم وبار يسمح للعشارين والخطاة من اليهود والأمم أن يقتربوا منه، بل ويرضي أن يأكل معهم، وخرجوا بنتيجة أنه لا بد وأن يكون خاطئًا مثلهم، لأنه لو كان بارًا مثل الفريسيين لأبتعد عنهم، ولأن القديس لوقا يكتب إنجيله للأمم فقد أنفرد بذكر ثلاثة أمثال قالها السيد المسيح ليؤكد أنه جاء من أجل الخطاة، وأنه يحبهم، وأنه سيقبل الأمم كما يقبل اليهود، مثل الخروف الضال (4 - 7)، والدرهم المفقود (8 - 10)، والابن الضال (11 - 32)، بينما أكتفي القديس متى بذكر مثل الخروف الضال فقط (مت 18: 12 - 14) فها هو الرب الحنون من خلال هذه الأمثال الثلاثة يعلن:
أن عذاب الإنسان هو في الانفصال عن الله. لأنه خلق علي صورته ومثاله ولن يرتاح إلا فيه. ومهما حاول أن يشبع في بلد بعيد فلن يفلح، لأن شبعه الحقيقي هو في بيت الآب، وعلي منكبيه.
وإن هناك أماكن كثيرة في السماء لكل البشرية، لأن الرب "يريد أن الجميع يخلصون وإلي معرفة الحق يقبلون" (1 تي 2: 4)، ولكن يُحرم منها من يبتعد بإرادته، ويتوه في ملذات هذا العالم، وهذا يحزن السماء عليه جدًا. أما من يظل أمينًا للرب رغم الصعوبات، وحتى إن أخطأ لا يتأخر في أن يرجع إلي نفسه، ويتذكر خيرات أبيه من سلام وطمأنينة وفرح داخلي، فيسرع ويقدم توبته إليه، ويؤمن أنه سيقبله ويعيده إلي بنوته، فهذا تفرح السماء به ويحتفظ بمكانه هناك.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 06:05 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 16 - إنجيل لوقا


21 - يدعونا لنكون أمناء علي عطاياه لنا (16: 1 - 15).

إن كل ما نتمتع به الآن في حياتنا الحاضرة من وقت وصحة ومال وأقرباء وآباء وأولاد، إنما هي عطايا من الله الغني لنا، ونحن وكلاء عليها. وإذا أراد الرب أن نكون أمناء علي هذه العطايا، حكي مثل وكيل الظلم لتلاميذه، وكان الفريسيون يسمعونه أيضًا، فقال: كان إنسان غني له وكيل، وقد علم عنه أنه يبدد أمواله، فأراد أن يستغني عنه. ففكر الوكيل ماذا يفعل في أيامه القادمة، أنه لم يتعود العمل في الأرض وزراعتها، ويخجل في أن يمد يده ليأخذ من الناس، فنادي علي أحد مديونيّ سيده عليه مئة بث زيت (البث مكيال عبراني للسوائل يساوي نحو 22 أقة، ¾ أقة) وقال له أكتب خمسين، ونادي علي أخر عليه مئة كُر قمح (الكر يساوي 140 أقة) وقال له أكتب ثمانين فقط، وقد فعل هذا حتى يقبلوه في بيوتهم. أنه أخطأ إذ بدد أموال سيده، ولكن السيد الغني أمتدحه لأنه في حكمة فكر في مستقبله، فكر في أن يكون له أصدقاء يلجأ إليهم حينما يأخذ منه سيده الوكالة.



إن أبناء هذا العالم يعرفون جيدًا كيف يدبروا حياتهم ومستقبلهم، أن لديهم عزم ثابت علي بلوغ طموحاتهم في هذه الدنيا، ولا تعوزهم الوسائل لبلوغ غاياتهم، ولديهم غيرة واجتهاد في استعمال هذه الوسائل. أما أبناء النور، يعوزهم النظرة المستقبلية لحياتهم الأبدية، إن عطايا الله لهم في هذا العمر تشغلهم عن العمل لحساب الملكوت، مجاملاتهم الأسرية بعضهم لبعض تأخذ الوقت كله فلا يتبقى منه شيء لعبادة فردية يومية وصلاة مشتركة مع المؤمنين في الكنيسة. يحرصون علي الألفة الأسرية، والأكل سويًا، والتنزه معًا، ولا يدركون ضرورة العبادة الأسرية، والالتفاف حول كلمات الكتاب المقدس، يدخرون أموالهم ليؤمنوا مستقبل حياتهم هنا علي الأرض وينسون أن يشتروا بهذا المال أصدقاء من الفقراء والمحتاجين بكل نوع ليستقبلوهم في الحياة الأبدية.
فكيف ونحن غير أمناء في مال لم نتعب فيه، وفي عطايا زمنية أودعها لنا الله، أن نؤتمن علي حياة أبدية سعيدة مع الرب كل حين. فالأمين في القليل الذي في هذا الدهر، هو أمين في الكثير الذي في الدهر الآتي.
22 - الله يعرف خفايا القلب (16: 14 - 18).

لقد كان الفريسيون يسمعون ما قد قيل من الرب يسوع وسخروا منه، لأنهم محبين للمال. حقًا أنهم يلبسون ثوب القداسة ومعرفة الناموس أمام الناس، ولكن كيف يهربون من فاحص القلوب والكلي.
أنهم كمعلمين للناموس سخروا من تعليم الرب يسوع، ويبدو أنهم نظروا إليه ككاسر للناموس. فخاطب الرب قلوبهم مؤكدًا علي كرامة الناموس، وعدم زوال كلمة منه قد سبق وتكلم بها أحد الأنبياء من موسي إلي يوحنا المعمدان، وأنهم هم الذين يكسرون الناموس بسماحهم بالطلاق، الذي يرفضه الرب، من أجل أبسط الأسباب.
23 - يؤكد علي ضرورة الاهتمام بالقريب (16: 19 - 31).

لم يتعلم الفريسيون من مثل وكيل الظلم، إذ كانوا محبين للمال، فعاد الرب يسوع وأكد كلامه بمثل الغني ولعازر، كنموذج لمن أساء استخدام مال الظلم هنا، فخسر أبديته. هذا الغني لم يذكر عنه أنه فعل شيء من الخطايا، ولكن إدانته تنحصر في أنه لم يهتم إلا بإشباع نفسه، فلبس الحرير كل يوم دليل الافتخار والتنعم، ونسي أن الله ينظر إليه في صورة المحتاجين لشيء من ماله. وكأن لعازر (ومعناه الله معين) هو الطريقة التي وضعها الله أمام الغني لعله يفهم ويصنع له أصدقاء بمال الظلم، فقد أعتاد اليهود أن يضعوا الفقراء علي أبواب الأغنياء لعلهم يرقوا لهم فيجدوا ما يأكلونه، ولكن الغني لم يفهم إذ كان منشغلًا بذاته.
وقد أعتقد اليهود أن الوجود في حضن إبراهيم هو حظ كل مؤمن يهودي تقي، وأنه عند موته تأخذه الملائكة لتصعده إلي هناكوبفكرهم هذا رفعنا الرب يسوع إلي مكان الانتظار لنري حالة كل منهم.
حقًا إن ما يؤذي الإنسان هو سلوكه في الحياة، وطريقة استخدامه لعطايا الله، وليس فقره أو غناه.
يا رب أعطني عينًا تري، وأذنًا تسمع، وقلبًا يرق، لكل محتاج بأي نوع، لعله يكون طريقي للدخول إلي الملكوت.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 06:07 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 17 - إنجيل لوقا

24 - تعاليم خاصة (17: 1 - 10).

بعد أن رأي الرب قسوة الفريسيين، ختم كلامه قائلًا أن الذين قسوا قلوبهم تجاه الغريب والمحتاج، ولم تؤثر فيهم كلمة الله، لن يتغيروا حتي ولو قام لهم واحد من الأموات.
وحينئذ وجه كلامه لتلاميذه، وطلب منهم:
أن يثبتوا، فالعثرات لابد ستأتي من الذين يشككون البسطاء في الإيمان. ولكن ويل لهؤلاء الذين يعثرون غيرهم لأنهم لو قورنوا بمن يُلقي نفسه في البحر، سيكون عقابهم أشد. فتنبهوا أنتم لأنفسكم لكي لا تكونوا عثرة لغيركم.
اصفحوا عن إخوتكم، مهما تكررت أخطاؤهم نحوكم، طالما شعروا بشرهم، وتذكروا أن الله يغفر لنا الكثير في كل يوم.
وهنا شعر التلاميذ أن الرب يطلب منهم أمورًا يصعب تنفيذها، ولكنها جميلة ومريحة للنفس وتمنحها سلامًا، فطلبوا منه أن يزيد إيمانهم، حتى يقدروا أن يعيشوا هذا الثبات وهذه المغفرة. فقال يسوع: أنكم تملكون إيمانًا يبدو صغيرًا مثل حبة الخردل، وهى أصغر جميع الحبوب، ولكن إذا حاولتم أن تعيشوا بقوة هذا الإيمان فإن فعله سيكون عظيمًا جدًا، حتى يستطيع أن يقلع أكبر الأشجار من مكانها.
ولا تنسوا الاتضاع، فإن ثبتم وغفرتم وفعلتم كل شيء صالح، أشعروا أنكم تفعلون ما هو واجب عليكم، وأنكم لم تقدموا بعد ما يوفي محبة الله لكم.
25 - أذكروا الرب في وقت الفرج (17: 11 - 18).

إننا كثيرًا ما نفرح بنعم كثيرة في حياتنا، ولكننا ننسي المنعم بها علينا. نطلب وبلجاجة ودموع حتى يستجيب لنا الرب ويعطينا ما نحتاج إليه، ثم ننسي أن نرفع أيدينا بالحمد له علي أعماله معنا. إن هؤلاء العشرة البرص فرحوا ببركة الشفاء التي نالوها بإيمانهم، ونسوا واهبها لهم.
أعطني يا رب قلبًا مهتمًا بك، فلا تشغله عطاياك عن محبتك، وذكر اسمك. فأنال بركتين، بركة العطية، وبركة استمرارها معي. فليست عطية بلا زيادة إلا التي بلا شكر.
26 - رؤية المسيح تكون في القلب (17: 20، 21).

لقد كان بعض الفريسيين المتدينين يتوقعون مجيء المسيح مصحوبًا بقوة إلهية معينة أو ظاهرة عجيبة، لذلك قال لهم الرب أن ملكوت المسيح يأتي من داخلكم، أي من نسل داود، وقد أتي بهدوء مولودًا في مزود، وسار بينكم يقدم تعاليمه، ويعلن مبادئه، وأنتم لا تدركونه. وعلامة هذا الملكوت ليست ظاهرة خارجية، بل تغيير في داخلكم، في قلوبكم، حيث تتحرك للتوبة، والامتلاء من الروح القدس.
27 - علامات المجيء الثاني (17: 22 - 27).

ثم التفت يسوع لتلاميذه وبدأ يحدثهم عن علامات مجيئه الثاني، ففيها سيتذكر الناس هذه الأيام التي يعيش فيها المسيح بينهم بالجسد ليعزيهم ويثبتهم، ولكنهم لا يرونها إذ يكون قد صعد عنهم، وعليهم أن يجتازوا هذه الأيام بالإيمان القوي، وليس بالعيان.
وهذا المجيء الثاني سيكون مرئيًا من الكل، مثل البرق الذي سيظهر في السماء ويراه الكل ولكن لا بد أن يتألم المسيح في الجسد أولًا، ويصلب، ويموت، ويقوم، ويصعد ليُعد لنا مكانًا، ثم يأتي في المجيء الثاني ليأخذنا معه.
وعند مجيئه الثاني سيكون أناس كثيرون مشغولون بأحوالهم الزمنية من أكل وشرب وزواج وبيع وزرع وبناء، مثلما كان أيام نوح (تك 6: 1 - 8)، وأيام لوط (تك 19: 12، 13). مساكين هؤلاء الناس لأنهم غير مستعدين للقاء الرب في الهواء.
وساعتها لن توجد فرصة للتوبة، فقد انقضى زمن الرحمة وطول أناة الرب، وأقبل زمن العدل الذي فيه يدان كل واحد بحسب أعماله، وسيكون الفرق واضحًا بين الإبرار والأشرار، إذ يؤخذ الواحد ويترك الآخر.
وبالرغم من كل هذا الشرح، ظن التلاميذ أن الرب يتكلم عن حادثة تتم في وقت معين، فقالوا له أين تتم؟ فأجابهم الرب قائلًا: متى يكافأ الأبرار علي أمانتهم، حينئذ يأتي الملائكة لتضمهم لصفوف القديسين. ومتى يدان الأشرار علي أثمهم، حينئذ يأتي الشيطان ليضمهم لمملكته.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 06:08 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 18 - إنجيل لوقا


28 - الصلاة بإلحاح واتضاع (18: 1 - 14).

وبعد حديث الرب الطويل مع تلاميذه عن مجيئه الثاني، أراد أن يوجه نظرهم إلي ما ينبغي عمله وهم منتظرين مجيئه. فتكلم بمثلين، مثل المرأة المظلومة، والفريسي والعشار. فقال في مثل المرأة المظلومة التي تُلح علي القاضي لإنقاذها، أنه ينبغي أن نُجمل حياتنا بالصلاة الدائمة، ولا نمل أبدًا، بل نواظب عليها في أوقاتها، فهو ليس كالقاضي الذي يتأخر عن إنصاف المرأة عن قصد، ولكنه حينما يتمهل علينا فهو لحكمة عنده ولوقت معين، فعلينا أن ننتظره بصبر وإيمان، واثقين أنه سيستجيب.
ثم أكمل في مثل الفريسي والعشار موضحًا أنه عندما نصلي فيجب أن تكون صلواتنا باتضاع. ليس كالفريسي الذي كان حريصًا علي حفظ طقوس الدين وإتمامها، فهو يفعل أكثر مما يأمر به الناموس. فالناموس لا يُوصي إلا بصوم واحد في السنة وهو يوم الكفارة العظيم (لا 16: 29، عد 29: 7)، ولكن الفريسي يصوم اليوم الثاني والخامس من كل أسبوع، والشريعة لا تطلب إلا عُشر أثمار الحقل والبهائم (عد 18: 21، لا 27: 30)، أما هو فهو يُعشر كل ما يقتنيه. لقد ظن أن الله يرضيه إتمام الفرائض دون نقاوة القلب واتضاعه، حتى أنه في صلاته رأي أنه أفضل من غيره، ولم يفكر في أن يذكر ضعفاته وينقي قلبه من الخفيات.
أما نحن تلاميذ الرب فدعانا أن نقترب إليه في اتضاع العشار، قارعين صدورنا، مقرين بخطايانا، حتى ينظر لمذلتنا، ويغفرها لنا.

https://st-takla.org/Gallery/var/resi...ahmy-Eshak.jpg
29 - دعوة لنعود إلي بساطة الطفولة (18: 15 - 17).

بعد هذا الحديث، اقترب من الرب يسوع مجموعة من الأطفال، وأعترض التلاميذ علي ذلك. أما الرب فرحب بهم، لأن الكل محتاج أن يقترب من مصدر النور والفرح ليمتلأ منه، الشيخ والطفل، الرجل والمرأة، السيد والعبد، الغني والفقير. بل أكثر من هذا، نادي قائلًا من لا يقبل حقائق الإيمان بالملكوت ببساطة الطفل، فصعب عليه أن يدرك أعماقها ويدخلها.
30 - علينا أن نترك شيئًا لنقتني الحياة الأبدية (18: 18 - 30).

وكان من الموجودين رجل رئيس في مجمع اليهود، وكان غنيًا، بل متعلقًا بأمواله. سأل الرب ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ فأجابه يسوع بعد أن تأكد من أنه يحفظ الوصايا جيدًا قائلًا له يعوزك شيء واحد، أن تترك محبة المال التي تملأ قلبك، وتشبع الجائع، وتكسي العريان، فيكون لك كنز في السماء.
وكان يوجد باب صغير من ضمن أبواب سور مدينة أورشليم يسمونه ثقب إبرة إشارة لصغره، فعلق الرب علي انصراف الغني حزينًا قائلًا أن دخول الجمل بحجمه الكبير من هذا الباب الصغير جدًا، مع أنه مستحيل، إلا أنه أسهل من أن يدخل إنسان متعلقًا بأمواله إلي ملكوت السموات.
وهنا سأله بطرس وماذا لنا نحن يا سيد الذين قد تركنا كل شيء وتبعناك. فقال الرب أن كل من ترك أي شيء تتعلق به نفسه، حتى لا يعطله هذا التعلق عن محبته لله فسيأخذ عوضًا عنها مئة ضعف في هذا العالم، ويرث الحياة الأبدية.
31 - الرب يعلن عن موته وقيامته (18: 31 - 33).

وأقترب الرب في مسيرته إلي أورشليم، وأحب أن يمهد لتلاميذه ما سوف يحدث له هناك، حتى لا يضطربوا حينما يرون إهانته وصلبه، وطمأنهم أنه في اليوم الثالث سيقومولكن التلاميذ لم يفهموا، فغالبًا ما يصعب فهم معنى النبوة قبل أتمامها. وربما لم يتخيل التلاميذ أن مسيحهم يتألم ويموت ويتركهم.
ربي وإلهي.. كثيرًا ما أفهم خطأ مثل تلاميذك، أن طريقك كله فرح ونجاح، ولا يوجد فيه ألم البتة. أعطيني يا سيدي أن تكون صورتك وأنت مرفوع علي الصليب أمام عينيً باستمرار، فأحمل صليبي كل يوم وأتبعك. ولا أستغرب من الآلام المحيطة بي، وأدرك أن تحمل الأحزان والأتعاب لابد سيعقبه قيامة ونصرة وفرح.
32 - هو نور العالم (18: 34 - 43).

ألهى.. من هو هذا الأعمى الذي قابلته في الطريق إلي أريحا سوي أنا حينما ولدتني أمي بالخطايا، ولكنك عدت ومنحتني استنارة القلب حينما ولدتني أنت من جرن المعمودية ابنًا لك.
ألهي.. حينما تضغط عليً الحياة بأحزانها ومسئولياتها، حينما يطول زمان التجربة وتئن نفسي تحت ثقلها، وحينما يعظم الإثم في داخلي فيدنس قلبي ويسبي فكري ويعمي عيني. أعطني قوة رجاء لا صرخ نحوك، يا ابن داود ارحمني من ظلمتي.
وحينما يهزأ بيَّ الناس لأني متمسك بك، حينما يوسوس ليً عدو الخير لكي أيأس من رحمتك، وحينما ترفضني نفسي لتكرار سقوطي في الضعف. أعطني إيمانًا لأصرخ أكثر كثيرًا، يا ابن داود أرحمني، لأنك أنت وحدك واهب النور الذي يضئ ظلمة نفسي، وينير بالأمل حياتي.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 06:10 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 19 - إنجيل لوقا


33 - هو يطلب ويخلص ما قد هلك (19: 1 - 10).

دخل الرب أريحا. وهناك كان لقاؤه مع زكا. زكا هذا في نظر الناس رجل خاطئ لأنه رئيس للعشارين. أما قلبه فكان قد تحرك بالتوبة، سمع كثيرًا عن الرب يسوع، فطلب أن يراه. وعندما رآه أكمل توبته بأن قبله في بيته وصحح من سلوكه مع الناس.
ربي يسوع.. كم من مرة يتحرك القلب برغبة في أن يحيا بالحب والأمانة تجاهك، ولكن تعترضني محبتي للضعف، وتكاسلي في أن أراك، والتزامات الحياة.. أمنح قلبي أن يُسرع في قبول دعوتك للسكني فيه بفرح حتى تساعدني علي تغيير حياتي وتخطي كل العقبات. فتخلص نفسي من هلاك محقق وهى بعيدة عنك.
34 - ضرورة الاستعداد الدائم ونحن في انتظار الملكوت (19: 11 - 27).


https://st-takla.org/Gallery/var/resi...-Jerusalem.jpg
وبعد الحديث مع زكا، ووعده بقضاء الليلة عنده. لا حظ الرب أنه اقترب من أورشليم. وعرف أن بعض الجمع الذي رافقه هو وتلاميذه يفهمونه خطأ. فهم يظنون أن هدفه من الذهاب إلي أورشليم هو إعلان ملكه، حيث يهزم كل أعداء الأمة اليهودية وبالذات الحكومة الرومانية التي كانوا يكرهونها، ويملك عليهم ملكًا أرضيًا. وأراد أن يصحح هذا المفهوم ويوضح لهم أن ملكوته ملكوت روحي وليس أرضي، فقال مثل العشرة الأمناء (الأمناء = توازي 100 درهم)، ويقصد به أن الله الذي يرمز له بالرجل شريف الجنس قدم مواهبه المختلفة (ذكاء - مال - آباء..) لكل أفراد البشرية (العشرة عبيد) حتى يستثمروها بأمانة إلي أن يأتي مجيئه الثاني ليدين كل واحد حسب أعماله. فمن كان أمينًا سيملك معه ويزيده من مواهبه، ومن يهمل سيدينه ويأخذ منه ما عنده. أما الذين يرفضونه ملكًا روحيًا عليهم من البداية إلي النهاية، فهؤلاء سيذهبون إلي النار الأبدية.
الباب الرابع

إتمام الرسالة
1- خدمة المعلم (19: 28- 22: 46)
2- المعلم يقدم ذاته (22: 47- 23: إلخ)
3- القيامة (ص24)
الإصحاح التاسع عشر



1) خدمة المعلم في أورشليم (19: 28-22: 46)

بعد أن أنهى المعلم حديثه في بيت زكا، حيث بات ليلته هناك. سافر في صباح يوم الجمعة من أريحا صاعدًا إلى أورشليم، فأورشليم ترتفع عن أريحا حوالي 3400 قدم. أورشليم هي عاصمة اليهودية، وهي المكان الذي قضى فيه الرب الأسبوع الأخير من حياته على الأرض حيث حوكم وصلب وقبر وقام، وفيها أيضا حل الروح القدس على التلاميذ، ومنها انتشرت المسيحية إلى كل العالم.
وصل الرب إلى بيت عنيا وبيت فاجي (وهي قرى صغيرة شرق أورشليم)، مساء الجمعة، وبات هناك، وقضى السبت أيضًا، وعند نهايته حضر الوليمة التي دهنت مريم قدميه، كما ذكر لنا القديس يوحنا في إنجيله (يو12: 1-9).
1- استقبال الملك في القلب (19: 29-40).

وفي صباح الأحد، أرسل الرب اثنين من تلاميذه ليأتيا له بجحش لينتقل من بيت عنيا إلى أورشليم. مع أنه سافر مسافة طويلة من أريحا إلى بيت عنيا سيرًا على الأقدام، وإنها المرة الثالثة التي يذهب فيها الرب إلى أورشليم أثناء خدمته العلنية، إذ كان يذهب ليحضر العيد كل سنة، ولكنه لم يهتم أن يدخل راكبًا مثلمًا فعل هذه المرة. فهو الآن يريد أن يركب هذه المسافة القصيرة لكي يُعلن نفسه كملك ظافر سوف يغلب الخطية بصلبه، ويكسر شوكة الموت بموته، وينتصر على الشيطان إلى النهاية بقيامته. ولم يحتفل به التلاميذ وجمهور الشعب مثل هذا الاحتفال من قبل، ولكن في هذه المرة أبهرتهم القوات العظيمة التي صنعها أمامهم، فقد سبق وشفى الأعمى بارتيماوس في أريحا (لو18: 35-43) وعمل أعظم معجزة وهي أقامة لعازر بعد موته بأربعة أيام (يو11: 44)، لذلك فرشوا ثيابهم في الطريق وعلى الجحش، واستقبلوه بأغصان الزيتون وسعف النخل كما روى لنا الإنجيليين متى ويوحنا (مت21: 8، يو12: 12-19)، وهذه كانت عادتهم في استقبال الأنبياء والأتقياء والملوك الراجعين من حروبهم بالنصرة والغلبة.
ساء بعض الفريسيين أن يروا كل هذا المجد، فطلبوا من المسيح أن يسكتهم، فأجابهم الرب بعلمه السابق قائلًا سيأتي وقت الصلب الذي يسكت فيه هؤلاء عن التسبيح وساعتها ستنطق الحجارة، إذ حدثت بالفعل زلزلة عظيمة والصخور تشققت والقبور انفتحت.
حقيقة ليس ما يفرح رب العالم أن يركب على ظهر حيوان ما لم يحمل هذا سرًا خفيًا، وهو أن يجلس داخليًا متربعًا على عرشه في أعماق نفوس البشر يملك عليهم ويقود خطواتهم.

https://st-takla.org/Gallery/var/resi...ahmy-Eshak.jpg
2- الرب يقف ويبكي على تهاوننا (19: 41-44)

رأى الرب أورشليم عن بُعد وبكى عليها، إنها لم تعرف زمان افتقادها، إنها لم تدرك أن الرب يسوع جاء ليخلصها من شرها، ليحل السلام فيها، فرفضته وصلبته، واستمرت في رفضها له حتى بعد قيامته إلى أن أتى عليها حصار الأعداء الرومانيين سنة 70 م.، حيث خربت بالكامل.
إلهي.. ليتك تمنحني عيون ترى أعمالك، وآذان تنصت لسماع همساتك، وقلب يستجيب لطرقات يدك، فأسرع بالرجوع إليك قبل فوات زمن الرحمة، وفوات العمر، وفوات زمن افتقادك لي.
3- يدخل النفس ويطهرها (19: 45-48).

وفي الثلاثة أيام الأولى من الأسبوع الأخير الأحد والاثنين والثلاثاء، كان الرب يذهب إلى الهيكل ليُعلم ثم يرجع ليبيت في بيت عنيا. وهناك في الهيكل رأى العبادة تختفي، حيث انشغل الناس بأمور الحياة واهتموا بتجارتهم وأرباحهم، ونسوا أن يذكروا الله. أما الرب فلم يقف مكتوف اليدين أمام شر النفوس بل طهرها من أدناسها ثم وقف ليعلم فيها كل يوم أشكرك يا ربي لأنك خلقتني هيكلًا لك على غير فساد، وحينما دنست نفسي بالخطية أعدت لي ثوب بري حينما ولدتني مرة أخرى من المعمودية، وها أنت رتبت لي سر الاعتراف ليحفظ ثوبي نظيفًا من كل ما يتعلق به، وتركت لي كتابك المقدس يعلمني كل يوم عن شخصك المحبوب، فامنحني قلبًا تائبًا يرفض الشر، ونفسًا متضعه تعرف أن تخضع وتتعلم من كلامك

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 06:11 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 20 - إنجيل لوقا



4- الذين رفضوه في القلب، يحاولون الإيقاع به في العلن (20: 1-25).

زاد حقد رؤساء الكهنة وعظماء الشعب على الرب يسوع واشتهوا أن يهلكوه ولكن بطرقة علنية لأن الشعب كان قد تعلق بتعليمه النقي. فحاولوا أولًا تشكيك الشعب في انه لا يستمد سلطان تعليمه من الله بل من الشيطان، لأنه ليس كاهنًا أو معلمًا رسميًا، فسألوه بخبث بأي سلطان يُعلم، أما الرب الذي عرف ضميرهم سألهم عن معمودية يوحنا، وكأنه بسؤاله هذا أراد أن يردهم إلى عقلهم حتى يتذكروا أن يوحنا الذي يعترفون به نبيًا شهد علانية للمسيح وقت عماده منه في الأردن، ولكنهم رفضوا أن يرجعوا عن عنادهم.
فوجه الرب يسوع كلامه للشعب قائلًا مثل الكرامين الخائنين ليبين لهم فيه خبث هؤلاء الرؤساء منذ البداية، فشبه نفسه بصاحب الكرم، ورؤساء الكهنة والكتبة بالكرامون، والعبد الأول الذي أرسله لهم الضمير الإنساني الذي وضعه فيهم ليرشدهم من جهة حياتهم وسلوكهم ولكنهم أماتوه بالسلوك السيئ. أما العبد الثاني فهو تعليم الناموس الذي تركه عندهم وخصهم به ولكنهم أماتوا الوصية داخلهم إذ طبقوها بحرفية جامدة دون الاهتمام بالجوهر الذي يهتم بمحبة الإخوة والرحمة بهم. أما العبد الثالث فهو النبوة التي أرسل بها مجموعة من الأنبياء ليشجعوا الشعب على التوبة ويعلنوا عن مجيء المسيح المخلص، ولكنهم امسكوهم واضطهدوهم وقتلوهم. وحتى الابن الوحيد، ربنا يسوع المسيح، الذي أرسله الله الآب صاحب الكرم لخلاصنا سيمسكوه هؤلاء الرؤساء عن قصد وحسد وسيصلبوه على جبل الجلجثة خارج أورشليم.
فهم رؤساء الكهنة والكتبة ان هذا المثل قيل عليهم وبدلًا من أن يرجعوا عن عنادهم، ازدادوا غيظًا وأرادوا أن يوقعوا به، فسألوه عن الجزية لمن تقدم؟ لأنه من وقت أن استولى الرومانيون على بني إسرائيل فرضوا عليهم ضريبة يجب أن يقدموها لهم، وكان من رأي الفريسيين في هذا الوقت أن اليهود لا يجوز أن يؤدوا الجزية لقيصر الروم لأنهم شعب الله وميراثه، فلا يجب أن يقدموا ضريبة إلا لله. وأرادوا بسؤالهم هذا أن ينصبوا فخًا ليسوع، لأنه إن قال لا، فسيشتكوا عليه لقيصر، وإن قال نعم، سيتهموه بأنه مخالف للناموس. لذلك وبخهم الرب يسوع قائلًا لماذا تجربونني؟ فالأمر بديهي لأن المؤمن الذي يقدم قلبه وسلوكه لله يعرف جيدًا أنه يجب أن يُعطى للدولة حقها أيضًا.
5- العدو يأخذ أشكالًا مختلفة (20: 27-40).

بعد أن فشل الكتبة والفريسيون في التآمر على الرب يسوع، حضر قوم من الصدوقيون، وهم فرقة من اليهود نسبة إلى صادوق رئيسهم، مثقفين، وأغلبهم أغنياء، وذو مكانة مرموقة، ورؤساء كهنة، وهم لا يؤمنون بقيامة الأجساد ولا بالملائكة ولا بخلود النفس، ولهذا كانوا متخاصمين مع الفريسيين، ولكنهم اتفقوا معهم في العداء للرب يسوع فقطفقدموا له سؤال عن امرأة تزوجت ولم تنجب، وبحسب شريعة موسى يتزوجها أخو الزوج ليقيم نسل لأخيه فمات الثاني وتزوجت الثالث والرابع.. والسابع ومات الكل ولم تُنجب، ففي القيامة لمن تكون؟ فأجاب الرب موضحًا أننا في القيامة سنكون كملائكة الله لا نحتاج للزواج لننجب الأطفال بدلًا من الذين يموتون، لأنه لا يوجد موت في السماء (رؤ21: 4). ففرح الفريسيون والكتبة لهذه الإجابة التي أيدت إيمانهم.
6- الرب يُعلن لاهوته (20: 41-47).

وبعدما غلب الرب يسوع مؤامرات الفريسيين والصدوقيين، أراد أن يكشف لهم فقرهم في معرفة الله وشريعته، فسألهم قائلًا أنتم تعرفون الناموس، والناموس قال أن المسيح سيأتي من نسل داود، فكيف يدعوه داود ربًا في المزامير (مز110: 1). وهو ابنه؟ فلم يعرفوا الإجابة، لم يدركوا أن داود يعني أن السيد المسيح ابنه من نسله في الجسد، ولكنه ربه بلاهوته الكائن منذ الأزل والدائم إلى الأبد.
وساعتها رفع الرب صوته وحذر كل الشعب من الكتبة والفريسيين الذين يتظاهرون بالمعرفة والتقوى، وهم يحملون في صدورهم قلوب لا تعرف الرحمة ولا تسلك بالصدق.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 06:12 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 21 - إنجيل لوقا



7- المعطي فبسخاء (21: 1-4).

ولاحظ الرب وهو جالس في الهيكل أن كل واحد من الشعب يأتي بتقدمته ويضعها في صندوق مخصص لذلك، حيث كانت تستخدم صندوق مخصص لذلك، حيث كانت تستخدم لسد احتياجات الهيكل وإعالة الكهنة والفقراء. ومدح الرب صاحبة الفلسين لأنها أعطت بسخاء، كل ما عندها، أعطت بالرغم من فقرها الشديد. فالرب لا يحتقر التقدمة مهما كانت قليلة، ولكنه ينظر إلى المحبة التي تقدم بها، وهو لا يزال ينتظر تقدمات شعبه من مال وجهد ووقت قي كنيسته إلى اليوم.
8- الحديث عن خراب أورشليم والمجيء الثاني (21: 5-38).


خرج يسوع آخر مرة من الهيكل، حيث ذهب إلى جبل الزيتون كعادته، وجلس في مواجهة الهيكل، وكانت تتم به عملية تجديد منذ عشرين عامًا، وربط التلاميذ بين هذه التجديدات وبين إعلان مُلك المسيح، فأشادوا بجمال الهيكل وحلاوة مبانيه أمام الرب يسوع، إذ كانوا قد تأثروا من كلامه حينما بكى على أورشليم وهو داخل إليها وقال انه لا يترك حجر على حجر إلا وينقض (لو19: 41-44)، كلموه لعله يراجع نفسه، ولكنه أكد لهم كلامه مرة ثانية في هذا الإصحاح فظن التلاميذ أنه مع خراب أورشليم والهيكل تكون نهاية العالم، فسألوه عن علامات مجيئه الثاني (مر13: 1-3). فبدأ الرب يتكلم عن الأحداث التي تسبق خراب أورشليم فقال:
*انه سيظهر أناس كاذبون يدَّعون أنهم هم المسيح المنتظر، وأن زمان القيامة قد قرب، وحدث ذلك فعلًا في أيام الرسل، ومن هؤلاء الرجال سيمون الساحر (أع8: 9، 10)، وثوراس الذي تبعه حوالي 400 من الرجال (أع5: 36)، ويهوذا الجليلي (أع5: 37).
* وستكون هناك حروب في أماكن متعددة، وحدث ذلك فعلًا إذ سمعوا عن حروب في روما وكريت وأزمير بآسيا الصغرى، هذا بالإضافة لما عاناه اليهود في أورشليم بسبب الرومان الذين حاصروا أورشليم لمدة ستة سنوات، حيث نفذ كل ما عندهم من أكل، وحدثت المجاعات التي مات بسببها الكثيرون، ولم يجدوا من يدفنهم، فظهرت الأمراض والأوبئة، واضطرت الأمهات إلى طبخ أولادهن لكي يسدوا جوعهن، ثم انتهى الحصار بأن دخل جيوش الرومان إلى أورشليم وهدموها، وقتلوا من فيها، وخربوا الهيكل حيث لم يترك فيه حجر على حجر إلا ونُقض، وكان ذلك سنة 70م.
* أما المسيحيون الموجودين في أورشليم في ذلك الوقت، فسوف يتعرضون لإضطهادات كثيرة من السلطات الدينية اليهودية، ومن السلطات الزمنية الرومانية، بل ومن الأقرباء حسب الجسد، كل هذا لأجل إيمانهم بالمسيح، ولكن شعرة من رؤوسهم لن تُمس، وعليهم فقط أن يصبروا على الألم حتى النهاية، ومن أشهر الذين استشهدوا في هذه الفترة القديس يعقوب الصغير احد التلاميذ الاثنى عشر وذلك بقتله سنة 62 م. ومتياس الرسول الذي اختير نيابة عن يهوذا الخائن، حيث رجمه اليهود ومات سنة 68م.
وحينما شاهد المسيحيون حصار أورشليم بجيوش الرومان هربوا إلى جبال سوريا حسب وصية الرب لهم في آية (21). وكانت هذه الأيام صعبة جدًا على الكل، وبالأكثر على الحبالى والمرضعات لأنهم لم يقدروا على الجري والهرب. وأعلن الرب أن أورشليم ستكون خربة إلى أن يتم الكرازة بالإنجيل في المسكونة كلها.
ثم أكمل الرب كلامه عن مجيئه الثاني، ولم يستبعد تكرار العلامات التي تمت مرة في خراب أورشليم، وأعلن انه سيكون مجيئه مخيفًا جدًا، للأشرار ومفرحًا جدًا للأبرار. وعلينا أن ننتظر هذا اليوم ونحن بعيدين عن كل ما يشغلنا عن لقاء الرب بقلب مستعد.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 06:14 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 22 - إنجيل لوقا


9- خيانة تلميذ (22: 1-6)

وفي مساء يوم الثلاثاء، قبل عيد الفصح بيومين، دخل الشيطان قلب يهوذا، إذ وجد بابه مفتوحاُ له، ومفروشًا بالطمع والكراهية، فدفعه ليسلم سيده، بثلاثين من الفضة (عاموس2: 6) وهو ثمن زهيد يُدفع عن العبد الذي نطحه ثور وقتله (خر21: 32).
10- الإعداد للفصح (22: 7-13).

كان اليهود يحتفلون بعيد الفصح أولًا وفيه يتذكرون عبور الملاك المهلك على بيوت آبائهم في مصر دون أن يمس أبكارهم، إذ يرى علامة الدم عليها. أما عيد الفطير فكان يبدأ في اليوم التالي لعيد الفصح ويستمر لمدة سبعة أيام، لا يأكل فيه اليهود خبزًا مختمرًا بل فطيرًا، ومع مرور الوقت امتزج العيدان معًا حتى أصبحا في عصر السيد المسيح عيدًا واحدًا يُسمى عيد الفطير أو عيد الفصح. واختار الرب حجرة صغيرة في أعلى بيت مرقس الرسول ليأكل فيها الفصح مع تلاميذه. فلنصعد مع الرب، تاركين كل الاهتمامات الزمنية، إلى عُلية القلب، حتى نتمتع بجمال عشرته.
11- أعمال وأحاديث الوداع (22: 14-62)

* أكل الفصح (22: 14-18) ولما جاءت الساعة المعينة لأكل الفصح، وذلك في مساء يوم الخميس، اجتمع الكل وأفصح الرب عن شهوته لهذا الفصح بالذات، لأنه آخر فصح يُقدم، حيث يبطل الرمز ويأتي المرموز إليه، فصحنا المسيح ليقدم ذاته. فامسك بكأس وهي إحدى الكاسات الخمس التي اعتاد اليهود أن يشربوها مع أكل الفصح، ثم صلى صلاة الشكر كما هو متبع عندهم، ثم أعطاها لهم ليقتسموها بينهم.
* تأسيس سر الشكر (22: 19-23) وبعد الانتهاء من أكل الفصح، قدم الرب جسده ودمه لنأكله في صورة الخبز والخمر، فهو لا يكتفي بان يتجسد من أجلنا ويسير بيننا لنراه ثم يصعد عنا، بل يشتهي أن يكون واحدًا فينا، فقدم ذاته لنأكله، ونحتضنه في قلوبنا، ليحيا في أعمالنا وسلوكنا.
* من هو الأعظم؟ (22: 24-30) من الأرجح أن مشاجرة التلاميذ فيما بينهم على من هو الأكبر فيهم حدثت قبل أكل الفصح والعشاء الرباني، وبعدها قام الرب يسوع بغسل أرجل التلاميذ (يو13: 1-16)، ليعلمهم أن العظيم فيهم هو من يخدم الأخوة، وتكون خدمته لهم باتضاع، وليس كملوك الأمم الذين كانوا يوزعون الكثير من أموالهم على الشعب بغرض أن يُلقبوا بالمحسنين.
* الثبات في الرب عطية مجانية (22: 31-34، 54-62) وقد ظن بطرس أنه بقوته الشخصية يستطيع أن يتبع المعلم حتى إلى السجن والموت، لذلك أحب الرب يسوع أن يعلمه أن الثبات في الله هو عطية إلهية، ونعمة مجانية، نستمدها منه، وهو بذاته يشفع فينا لدى الآب باستمرار لكي لا يفنى إيماننا. فلنطلب منه لكي يحفظنا في الإيمان به، وحتى إن أخطأنا وأنكرناه بسبب ثقل الآلام والتجارب اليومية، فليمنحنا دموع توبة نرجع بها إلى أحضانه.
* تحذير عام (22: 35-38) وبعد التحذير الخاص لبطرس، قدم الرب تحذيرًا عامًا لكل التلاميذ، وكأنه يريد أن يقول لهم اهتموا بالجهاد بدلًا من الانشغال بالكرامات الزمنية. فقد سبق حينما أرسلهم للتبشير في مسافات قريبة من وطنهم أن أوصاهم بأن لا يحملوا شيئًا معهم (لو9: 3) لأنه هو سيعولهم. أما الآن وهو ذاهب عنهم ليقدم ذاته، ويُحسب مع الآثمة حسب النبوة (اش53: 13)، فلابد أن يتسلحواولكن التلاميذ ظنوا أنه يكلمهم عن سيوف حقيقة، فقالوا ان معهم سيفان، ربما كانوا يستخدمونها في إعداد الفصح، أو كانوا يحملونها ليدافعوا عن أنفسهم كعادة الجليليين لأن البلاد ساعتها كانت كثيرة الوحوش واللصوص.
أما الرب فربما قصد بالسيفين الإيمان والجهاد الروحي الذي يجب أن يتسلح بهم الكل إلى أن يجئ، وبالذات لأنه لن يكون معكم بعد الآن. وربما قصد بهم كلمة الله في العهدين القديم والجديد اللازمان للتسلح ضد مكائد إبليس في هذا العالم (أف6: 11).
2- المعلم يُقدم ذاته (22: 39-23: إلخ)

1- الاستعداد للتجربة يكون بالصلاة (22: 39-46)


كان يسوع معتادًا ان يذهب مع تلاميذه إلى بستان جسثيماني، عند سفح جبل الزيتون، خارج أورشليم، من وقت لآخر. وهذا هو السبب الذي جعل يهوذا الإسخريوطي يعلم أنه سيجده ليُسلمه للجند ليلًا. وفي هذه الليلة (مساء الخميس) ترك تلاميذه خارج البستان ودخل هو وبطرس ويعقوب ويوحنا، ثم ابتعد عن هؤلاء الثلاثة ليصلي وحده (مت26: 36-38) وكإنسان كامل بدأ يُعلن في صلاته خضوعه لمشيئة الآب، وبدأ يتقبل معونة الملائكة.
أيها الابن الوحيد، اطلب منك ان لا تدخلني في تجربة، وإذا سمحت وأدخلتني، فأعطني أن أصلي بلجاجة أمامك، ولترسل ملائكتك لتعينني.
2- من القبض على يسوع إلى الأمر بصلبه (22: 47-23:25)

* لقد خرج كل من يُضمر الشر ليسوع البار ليلًا، يهوذا تلميذه ورؤساء الكهنة وقواد جند الهيكل، فالظلمة تنسجم مع أعمالهم الشريرة، خرجوا ليقبضوا عليه. ونحن نكرر هذا العمل مع يسوع في كل مرة ننساق فيها وراء أعمال الظلمة.
أما الرب فهو يؤنب برقة "أبقبلة تُسلم ابن الإنسان"، وأحيانا يقدم إحسانات مثل معجزة شفاء أذن عبد رئيس الكهنة، لعل القلب ينتبه ويرجع.
* أخذ الجمع يسوع إلى حناَّن ليلًا، وهو رئيس كهنة سابق ولكنه مازال يتمتع بالسلطة (لو 22: 53-56 يو18: 13023)، وكان الغرض من ذلك فحص يسوع في البداية لعلهم يجدوا فيه خطأ، وقد تبعه تلميذيه بطرس ويوحنا الحبيب، وهناك لطمه واحد من الخدم.
* ثم أرسله حناَّن إلى قيافا ليلًا (مت26: 57-66، يو28: 24-27)، وقيافا هو زوج ابنة حناَّن ورئيس الكهنة في زمن المسيح، وكانوا قد اعدوا شهود زور كثيرين ضد المسيح، ولكن لم تتفق شهادتهم. وأخيرًا تقدم شاهدين زور وشهدا أن يسوع قال إني انقض الهيكل وفي ثلاثة أيام ابنيه، حقًا يسوع قال هذا ولكنه كان يقصد هيكل جسده. ثم عاد قيافا وسأل هل أنت يسوع ابن الله الحي، فقال يسوع أنا هو، فمزق قيافا ثيابه، علامة الحزن الشديد عند اليهود، وعلامة على انتهاء الكهنوت اليهودي، وأصدر الحكم على يسوع بالموت لأنه ساوى نفسه بالله (لا24: 16). وساعاتها تعرض يسوع لإهانات كثيرة، فقد تفل على وجهه، وضُرب، وتبع ذلك إنكار بطرس له (لو22: 61-65).
* ثم اقتيد يسوع إلى مجلس السنهدريم صباح يوم الجمعة (لو22: 66-71) لإصدار قرار الموت عليه شرعًا، فيحث أن الحكم الذي صدر عليه من قيافا كان ليلًا وهذا غير قانوني. ومجلس السنهدريم هذا يعتبر المحكمة العليا للأمة اليهودية، وهو يمثل الشعب اليهودي أمام الرومان.

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 06:15 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 23 - إنجيل لوقا



* ولأن اليهودي المحكوم عليه بالموت يجب أن يُسلم للسلطات الرومانية، أرسلوا يسوع إلى بيلاطس (لو23: 1-7). وعند بيلاطس لم يذكر اليهود تهمة التجديف التي أدانوا بها الرب يسوع لأنه ساوى نفسه بالله، بل حرصوا ان يقدموا تُهم سياسية له حتى يكون عقوبتها الإعدام طبقًا للقانون الروماني، لذلك قالوا أنه يهيج الأمة ضد قيصر، وأنه يقول عن نفسه أنه ملك. ولكن بيلاطس لم يجد سبب مُقنع ليقبض على يسوع، ومجرد أنه من الجليل، أراد أن يتخلص من القرار باتهام رجل بار وأرسله إلى هيرودس.
* وعند هيرودس (لو23: 8-12) تعرض يسوع لإهانات كثيرة ثم رجع إلى بيلاطس.
* وأعلن بيلاطس في المرة الثانية (لو23: 13-25) ان هذا الرجل بار، وحاول إطلاق صراحة ولكن رؤساء اليهود هيجوا الشعب وصرخوا جميعًا مطالبين بصلب يسوع البار، لأن الصلب هو عقوبة الخارجين على قيصر، واستجاب بيلاطس لطلبهم، وأخذ يسوع وجلده (يو19: 1) 39 جلدة، حسب القانون الروماني.
[لقد احتمل يسوع، رب السماء والأرض سخرية الأشرار، مقدمًا لنا نفسه مثالًا للصبر -القديس يوحنا ذهبي الفم].

3- مراحل الصلب والموت (23: 26-56)

* اخذ عسكر الوالي يسوع إلى دار الولاية، وجمعوا عليه كل الكتيبة، فعروه وألبسوه رداءًا قرمزيًا، وضفروا إكليلًا من شوك ووضعوه على رأسه (مت27: 27-29).
* ثم مضوا به إلى الجلجثة حاملًا صليبه، وسخَّروا سمعان القيرواني (من قيروان في ليبيا) لكي يحمل الصليب معه. وفي الطريق بكت بنات أورشليم على آلامه، وجاءوا بلصين ليُصلبا معه (لو23: 26-32).
* وفي الساعة السادسة (الثانية عشر ظهرًا)، صلبوا رب المجد ومعه اللصان، أما الرب فصلى لأجل صالبيه. اقتسم الجند ثيابه واقترعوا عليها، ووقف الشعب والرؤساء ينظرون إليه ويسخرون به، حتى احد اللصين المصلوبين معه اشترك في الاستهزاء به أيضًا، ولكن اللص الآخر وبَّخه، وآمن بالرب، فوعده بالفردوس.
وكانت أمه تحت الصليب مع تلميذه يوحنا الحبيب، فسلمها له ليرعاها ويهتم بأحوالها (يو19: 26،27).
وحتى الطبيعة قدمت اعتراضها على صلب رب المجد، فأظلمت الشمس، وانشق حجاب الهيكل (لو23: 44، 45).
وصرخ يسوع من كثرة الآلام قائلًا إلهي إلهي لماذا تركتني، ثم قال أنا عطشان، فقدم له الجند خلًا (يو19: 28)وبمجرد ان لمس الخل لسانه قال "قد أكمل" (يو19: 30)، ثم قال "يا أبتاه في يديك استودع روحي" (لو23: 46)، وأسلم الروح، وكانت الساعة التاسعة (أي الثالثة ظهرًا).
ثم أمسك واحد من العسكر حربه وطعنه في جنبه فخرج دم وماء (يو19: 34).
* ومن بعد أن أسلم الروح، شعر الناس أن الذي صلب هو بار، فرجعوا قارعين على صدورهم (لو23: 47-49).
* ثم جاء رجل اسمه يوسف، من الرامة، وطلب جسد يسوع وانزله من على الصليب وكفنه ووضعه في قبر جديد، وكان معه نيقوديموس (يو19: 39)، ودحرجا حجرًا على باب القبر، وكان هناك نسوة يتبعنهم من بعيد لنظروا مكان القبر. ثم جاء الجند وأقاموا حراسة على القبر، لئلا يسرق أتباع يسوع جسده ويقولون انه قام، وختموا القبر (مت27: 62-66).
[عظيم هو سلطان المصلوب، فبعد سخريات كثيرة وهزء وتعييرات تحرك قائد المئة نحو الندامة، وأيضا الجموع -القديس يوحنا ذهبي الفم].

Mary Naeem 22 - 07 - 2014 06:16 PM

رد: شرح الكتاب المقدس - أ. بولين تودري - العهد الجديد انجيل لوقا
 
تفسير لوقا 24 - إنجيل لوقا



3- نصرة القيامة (ص24)

1- القبر الفارغ (24: 1-12)

لقد تبع يسوع بعض النسوة من الجليل، وشاهدن صلبه وموته، وعرفن مكان القبر، حيث وُضع جسده، واستراحوا يوم السبت حسب الوصية (23: 56)، ثم انطلقن في أول الأسبوع ومعهم الحنوط والأطياب إلى القبر، فوجدن الحجر مدحرجًا (مت28: 2)، إذ قد جاء رئيس الملائكة ميخائيل ودحرجه بعد قيامة الرب لكي يرى النسوة القبر فارغًا، ويدركوا أن الرب قام. وقي القبر وجدوا الأكفان موضوعة بطريقة منظمة، وهذا دليل على كذب اليهود الذين اتهموا التلاميذ بأنهم سرقوا الجسد من القبر.
حقًا لقد قام الرب من بين الأموات في فجر يوم الأحد، وترك القبر فارغًا والحجر مختومًا، كما سبق وولد من العذراء مريم وبتوليتها مختومة.

2- ظهور الرب لتلميذي عمواس (24: 13-31).

عمواس هي قرية العنب الآن غربي أورشليم، وهي تبعد حوالي سبعة أميال عنها، ويرجح أنها كانت موطن تلميذين من السبعين رسولًا، احدهما اسمه كليوباس، والثاني يرجح أنه لوقا الإنجيلي نفسه، كانا قد حضرا عيد الفصح في أورشليم وراجعين إليها. وهما سائران في الطريق كانا يتحاوران في أنه كيف يكون يسوع هو المسيح المنتظر، إذ كانوا يتوقعون فيه فاديًا لليهود من الحكم الروماني، ولكنه صُلب وهذا حطم آمالهم، إذ كان فهمهم مازال قاصرًا لا يستطيع أن يدرك لاهوت الرب يسوعفاقترب منهم الرب بعد قيامته، ومنعهم من معرفته في البداية، حتى تكون له الفرصة لكي يوضح لهم النبوات الخاصة به، وأنه كان ينبغي أن يموت، وفي اليوم الثالث يقوم، وبعد أن قام بمهمته انفتحت أعينهما وعرفاه عندما جلس ليأكل معهم ويصلي ويشكر قبل الأكل كعادته معهم.
3- ظهور الرب للتلاميذ، وصعوده عنهم (24: 32-إلخ).

فرح تلميذي عمواس بهذا الظهور، ولم ينتظرا إلى الصباح، بل رجعا حالًا إلى أورشليم ليشركوا التلاميذ معهم في فرحتهم بقيامة الرب، فوجدوهم يتحدثون فيما بينهم أيضًا عن أخبار القيامة، التي قالها الملائكة للنسوة عند القبر، وكيف ظهر لسمعان بطرس، هذا الظهور الذي لم يذكره احد الأناجيل، لكن أكده بولس الرسول في رسالته الأولى إلى كورنثوس (1كو15: 5).
وفيما هم يتبادلون الحديث، ظهر الرب في وسطهم، وألقى بسلامه في قلوبهم، فهو قريب من القلوب المتشوقة له، ومن الشفاه التي تذكر اسمه باستمرار. ولكن التلاميذ خافوا لأنهم ظنوه خيالًا، كما يعتقدون أن روح الميت تظهر أحيانًا، أما الرب فبدد خوفهم بأن جعلهم يلمسونه حتى يتأكدوا من أنه بجسده الحقيقي بينهم، وطلب منهم الطعام الذي عندهم في البيت ليأكل قدامهم، وبدأ يوضح لهم ما جاء في الكتب عن آلامه وموته وقيامته. وكان طبيعيًا بعد كل هذه المعرفة التي بددت كل خوف وشك أن يطلب منهم الرب أن يشهدوا له للعالم أجمع، ثم باركهم وابتعد عنهم وصعد أمامهم إلى السماء، لكي يكونوا شهودًا أيضًا لصعوده حيًا ثم رجعوا إلى الهيكل في أورشليم فرحين، وبقوا في انتظار الامتلاء من الروح القدس الذي وعدهم به المسيح، ليكرزوا بقوته.
لقد قبل الرب أن يرتفع إلى السماء وآثار الجراحات التي تحملها لأجلنا ظاهرة فيه، حتى يُقدم لله الآب ثمن تحريرنا، ويشفع فينا إلى آخر الأيام.
"فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله، اهتموا بما فوق لا بما على الأرض، لأنكم قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله. متى أُظهر المسيح حياتنا، فحينئذ تظهرون أنتم أيضًا معه في المجد" (كو3: 1-4).
ربي المنتصر.. أعط النقب أن يرتبط بهيكلك طول الحياة، حيث يراك وتزداد معرفته بك يومًا بعد يومًا، ويستمد قوة من عندك، بها يحيا ويتحرك ويسبح اسمك ويشهد لك.


الساعة الآن 02:18 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025