![]() |
تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس الأستاذة بولين تُدري هذا القسم هام جدا في الرد على الكثير من الأفكار، و التفسيرات الخاطئة للكتاب المقدس.. وهنا ستجد تفاسير أسفار الكتاب المقدس لأكثر من مُفَسِّر، مع مقدمات عامة.. دراسات الكتاب المقدس الرئيسية. وهذه التفاسير هي للباحثة بولين تودري، ويوجد تفاسير للقمص تادرس ملطي، ويوجد تفاسير أخرى لأبونا أنطونيوس فكري، |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
تأملات في سفر يوئيل
تفسير سفر يوئيل - المقدمة
يوئيل النبي ومعناه "يهوه هو الله"، وهو مِن سبط يهوذا مِن سُكان أورشليم. 2- زمن كتابة السفر:لا يُمكننا الاستدلال عليه تماماً لخلو السفر مِن أي حادثة تاريخية. ولكن الاحتمال يتراوح بين 760- 721 ق.م.وكان هذا قبل السبي. وقد يكون قبل نبوة عاموس، لأن ما ختم به يوئيل نبوته بدأ به عاموس نبوته: فيقول يوئيل "الرب مِن صهيون يُزمجر ومِن أورشليم يُعطى صوته" (يؤ3: 16)، ويقول عاموس "الرب يُزمجر مِن صهيون ويُعطى صوته مِن أورشليم (عا1: 2)، وأيضاً لذكر حادثة الجراد في كلتا النبوتين (يؤ1: 4، عا7: 1)، مع مُلاحظة أن يوئيل تنبأ عنْ يهوذا وعاموس تنبأ عنْ إسرائيل. 3- موضوع السفر:السفر كُله يتكلم عنْ حادثة جراد وقحط أحاط ببلاد يهوذا. وساعتها تذكر يوئيل قول الرب في سفر التثنية: "إن لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه وفرائضه التي أنا أوصيك بها اليوم تأتى عليك جميع هذه اللعنات وتُدركك. ملعوناً تكون في المدينة وملعوناً تكون في الحقل. ملعونة تكون سلتك ومعجنك. ملعونة تكون ثمرة بطنك وثمرة أرضك نِتاج بقرك وإناث غنمك. ملعوناً تكون في دخولك وملعوناً تكون في خروجك. يُرسل الرب عليك اللعن والإضطراب والزجر في كُل ما تمتد إليه يدك لتعمله حتى تهلك وتفنى سريعاً منِ أجل سوء أفعالك إذ تركتنى" (تث28: 15- 20)، ولذلك نسب يوئيل النبي هذا القحط إلى ترك الشعب لبيت الرب وترك وصاياه. ملحوظة: قد عالجنا موضوع عقاب الرب وتأديباته في مقدمة موضوع "تأملات في سفر عوبديا". الإنسان حينما تكون كلمة ربنا أمامه في كُل حين لن ينسب كُل تجربة تحل به إلى إنها عقاب مِن الله، لأنه توجد أتعاب كثيرة نُسببها نحن لأنفسنا، مثل: (كبرياء وتعالى على الآخرين تجعلهم يبتعدون عنا، طباع خشنة تُسبٍب كراهية الناس لنا، أنانية مُفرطة تجعل الناس تتجنب التعامل معنا......). بل على العكس، الإنسان الذي يضع كلمة الرب أمامه في كُل حين فإنه يكون قادراً على تمييز طريقه، ويعرف إن كان ما يمر به بسبب سلوكياته أم هي تجربة مِن عند الرب يمتحن بها إيمانه. 4- معاني الكلمات الصعبة في السفر: القمص (1: 4): الجراد أول خروجه مِن بيضه. الزحاف (1: 4): الجراد في طور الزحف، قبل تمكنه مِن الطيران. الغوغاء (1: 4): الجراد بعدما ينبت جناحاه، ويخُف للطيران. الطيار (1: 4): الجراد في طور الطيران. المسطار (1: 10): الخمر. الجفنة (1: 12): شجرة العنب. مَدَر (1: 17): طين، وحل. الأهراء (1: 17): المخازن. ساقته (2: 20): مؤخرة الجيش، الحرس الخلفي. زهمته (2: 20): نتانته، رائحته الكريهة. البيادر (2: 24): مُفردها بيدر، وهو مكان تُدرس فيه الحبوب بواسطة النورج. سكاتكم (3: 10): مُفردها سكًة، رأس آلة الفلاحة وهى مِن الحديد. الحياض (3: 13): مُفردها حوض، وهى حُفرة مُعدة لعصر العنب وغيره. 5- أقسام السفر:** حادثة غزو الجراد (يؤ1: 1- 14). ** مجيء يوم الرب (يؤ1: 15- الخ، يؤ2). ** يوم الدينونة العظيم (يؤ3). |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
يوئيل 1 - تفسير سفر يوئيل
"قول الرب الذي صار إلى يوئيل بن فثوئيل. اسمعوا هذا أيها الشيوخ وأصغوا يا جميع سُكان الأرض. هل حدث هذا في أيامكم أو في أيام آبائكم. أخبروا بنيكم عنه وبنوكم بنيهم وبنوهم دوراً آخر. فضلة القمص أكلها الزحاف وفضلة الزحاف أكلها الغوغاء وفضلة الغوغاء أكلها الطيًار. اصحوا أيها السكارى وابكوا وولولوا يا جميع شاربى الخمر على العصير لأنه انقطع عنْ أفواهكم. إذ قد صعِدت على أرضى أمة قوية بلا عدد أسنانها أسنان الأسد ولها أضراس اللبوة. جعلت كرمتى خربة وتينتى مُتهشمة. قد قشرتها وطرحتها فإبيضت قُضبانَها" (1: 1- 7). قوله "أيها الشيوخ" يعنى أن هذه الحادثة لمْ يحدُث مثيلها في الأجيال القديمة التي عاشها الشيوخ أو عاشها آباؤهم. وأيضاً قوله "يا جميع سُكان الأرض"، تعنى أنه لمْ تحدُث مثل هذه الحادثة في هذه الأيام في أي مكان مِن الأماكن. وكُل هذا يُبيٍن فظاعة الحادثة وشدة القصاص الذي حدث مِن الله. وقوله: "أخبروا بنيكم عنه وبنوكم بنيهم وبنوهم دوراً آخر"، تعنى أنه مِن هول القصاص فإنه سيكون حديث الشعب في كُل الأجيال. القصاص كان هجوم مِن الجراد في أطواره المُختلفة، وما بقى مِن طور منه قضى عليه الطور الذي يليه. وهذا الجراد سبًب قحط، إذ أتلف المحصولات كُلها. تأمل:** بداية القصاص بالقمص ثم الزحاف ثم الغوغاء ثم الطيار، فيه تدُرج في حدوث التجربة. وهذا يعنى أن الله يبدأ بصوت خفيف ليُنبه الإنسان إلى خطأه، وإن لمْ يتُب يضطر إلى أن يُرسل له صوت آخر أقوى وأشد. ** ومِن هذه الآيات نفهم أيضاً أن الله، الذي تخضع له كُل الأشياء، قادر أن يهدم ممالك بحشرة ضعيفة، حتى لو لمْ تكتمل في نموها، فقد جعل الجراد أسنانه مثل أسنان الأسد. وهكذا الإنسان المملوء كبرياء وذات مُتعالية، مُمكن تكسره نقطة ضعف صغيرة في حياته مُستعبد لها، لذلك يقول لنا الكتاب المقدس: "خذوا لنا الثعالب الثعالب الصغار المُفسدة الكروم لأن كرومنا قد أقعلت" (نش2: 15). والعكس صحيح، الخطية المُتملكة فينا جداً وسبًبت لنا حُزن شديد، قادر الله أن يرحمنا منها إن قدمنا توبة نقية في لحظة صدق، وساعتها نسمع الكتاب المقدس يقول لنا: "الصغير يصير ألفاً والحقير أمة قوية. أنا الرب في وقته أُسرع به" (أش60: 22).. ** دعوة السكارى أن ينوحوا ويولولوا، لأنهم أكثر المُتضررين، وهم المقصود بهم الأناس المُعتمدين على ملذات الجسد، أو الذين يستغلونها بطريقة خاطئة، وقد عبًر عنْ هذا الإحساس القديس أغسطينوس حينما قال: [عطاياك شغلتني عنْ محبتك]، فقد كان مُتعلماً جداً، وكان ذا ثراء، وله صداقات مُتعددة، وكُل هذا بدلاً منْ أن يكون وسيلة لحمد الله وتمجيده، جعله يبتعد إلى كورة بعيدة. وهذا هو نفس ما فعله الابن الضال حينما طلب ميراث أبوه وهو حي وبذره في عيش مُسرف بعيداً عنْ بيت الآب (لو15: 11- الخ)، ونحن نفعل نفس الشيء حينما نستعمل ما نملكه بطريقة خاطئة (المال، الملبس، الذكاء، الوضع الاجتماعي، المواهب عموماً...). ** الجراد لم يلتهم الثمار فقط، بل يقول "قد قشرتها"، أي أكلت حتى الورق الذي يحمى الثمار. وهكذا الضعفات والعثرات لا تقتلع الفضيلة منْ داخلنا فقط، بل تلتهم وسائط النعمة واحدة تلو الأخرى (التناول، الاعتراف، الصلاة، قراءة الإنجيل، محبة الأخوة، العطف على المحتاجين، الخدمة...)، فلا تُعطيها هذه الفرصة. الكُل يتأذى:"نوحى يا أرضى كعروس مؤتزرة بمِسح مِن أجل بعل صباها. إنقطعت التقدمة والسكيب عنْ بيت الرب. ناحت الكهنة خُدام الرب. تلف الحقل ناحت الأرض لأنه قد تلف القمح جف المسطار ذبل الزيت. خجل الفلاحون ولول الكرامون على الحنطة وعلى الشعير لأنه قد تلف حصيد الحقل. الجفنة يبست والتينة ذبلت. الرمانة والنحلة والتفاحة كل أشجار الحقل يبست إنه قد يبست البهجة مِن بنى البشر" (يؤ1: 8- 12). "آه على اليوم لأن يوم الرب قريب. يأتى كخراب مِن القادر على كُل شيء. أما إنقطع الطعام تجاه عيوننا. الفرح والإبتهاج عنْ بيت إلهنا. عفًنت الحبوب تحت مدرها. خلت الأهراء. إنهدمت المخازن لأنه قد يبس القمح. كمْ تئن البهائم هامت قُطعان البقر لأن ليس لها مرعى حتى قطعان الغنم تفنى. إليك يا رب أصرخ لأن ناراً قد أكلت مراعى البرية ولهيباً أحرق جميع أشجار الحقل. حتى بهائم الصحراء تنظر إليك لأن جداول المياه قد جفت والنار أكلت مراعى البرية" (يؤ1: 15- 20). إن تقصير الإنسان نحو الله يؤذى الخليقة كُلها، الناس والبهائم والأشجار والحقول. أليس هذا هو نفس ما حدث مع آدم حينما أخطأ، إذ صار قول الله له: "لأنك سمعت لقول إمرأتك وأكلت مِن الشجرة التي أوصيتك قائلاً لا تأكل منها. ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كُل أيام حياتك. وشوكاً وحسكاً تُنبت لك وتأكل عُشب الأرض. بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أُخذت منها" (تك3: 17-19). ويقول بولس الرسول: "لأن إنتظار الخليقة يتوقع إستعلان أبناء الله" (رو8: 19). فالخليقة كُلها تتأثر بمدى علاقة الإنسان بالله، لأن الله حينما خلق الإنسان جعله كاهناً للخليقة، أي مسئول عنها كُلها، إذا أخطأ تصير الأرض ملعونة بسببه، وإذا كان باراً تتبارك فيه جميع قبائل الأرض، كما حدث مع إبراهيم أب الآباء (تك12: 3). وأيضاً هذا كان موضوع حديث الرب مع إبراهيم بخصوص سدوم وعمورة، لأنه قال لو وجدت عشرة فقط بارين لن أُهلك المدينة (تك18: 16- الخ). ولنعلم أيضاً أن البهائم تعرف أن تصرخ للرب: "حتى بهائم الصحراء تنظر إليك" (يؤ1: 20). "إنه قد يبست البهجة مِن بنى البشر"، الفرح زال مع زوال الخيرات المادية، فلنتعلم عدم الاتكال على الأمور الزائلة، بل لنتعلم أن يكون الرب هو سر فرحنا، فنجد أنفسنا نُرنم مع حبقوق النبي قائلين: "فمع أنه لا يُزهر التين ولا يكون حمل في الكروم يكذب عمل الزيتونة والحقول لا تصنع طعاماً ينقطع الغنم مِن الحظيرة ولا بقر في المذاود فإنى أبتهج بالرب وأفرح بإله خلاصى. الرب السيد قوتى ويجعل قدمى كالأيائل ويُمشينى على مُرتفعاتى" (حب3: 17- 19). ويقول المزمور أيضاً: "كثيرة هي نكبات الشرير. أما المتوكل على الرب فالرحمة تُحيط به. إفرحوا بالرب وإبتهجوا أيها الصديقون وإهتفوا يا جميع المستقيمى القلوب" (مز32: 10، 11). التوبة هي الطريق الوحيد لإرضاء الرب"تنطقوا ونوحوا أيها الكهنة. ولولوا يا خُدام المذبح. أدخلوا بيتوا بالمسوح يا خُدام إلهى لأنه قد إمتنع عنْ بيت إلهكم التقدمة والسكيب. قدسوا صوماً نادوا بإعتكاف إجمعوا الشيوخ جميع سُكان الأرض إلى بيت الرب إلهكم وأصرخوا إلى الرب" (يؤ1: 13، 14). إن القحط أصاب بيت الرب أيضاً، إذ لم تعُد هناك تقدمات تُقدم. دعا يوئيل النبي الكهنة وخُدام المذبح إلى النوح، ورسم لنا طريقاً للتوبة: ** بالصوم والبكاء والنوح، في بيت الرب. الخُدًام هم أول المدعوين للبكاء والصوملأنهم مسئولين عنْ ضعف الشعب وعنْ فتوره. وعليهم أن يذرفوا الدموع مِن أجل الشعب، حتى قبل أن يُخطئ، لكي يحفظ الرب شعبه في الفضيلة. وعليهم أن يُقدموا أصوام مِن أجل نهضة الشعب. هكذا فعل أرمياء النبي: "إن نفسي تبكى في أماكن مُستترة مِن أجل الكبرياء وتبكى عينى بُكاء وتذرف الدموع لأنه قد سُبى قطيع الرب" (أر13: 17)، ويقول أيضاً: "يا ليت رأسى ماء وعينى ينبوع دموع فأبكى نهاراً وليلاً قتلى بنت شعبى" (أر9: 1). ويقول أيضاً بولس الرسول: "أنتم تعلمون مِن أول يوم دخلت آسيا كيف كُنت معكم كُل الزمان. أخدم الرب بكل تواضع ودموع كثيرة وبتجارب أصابتنى بمكائد اليهود..... لذلك إسهروا مُتذكرين أنى ثلاث سنين ليلاً ونهاراً لم أفتر أن عنْ أنْ أنذر بدموع كُل واحد" (أع20: 17، 18، 31)، ويقول أيضاً لأهل كورنثوس: "لأنى مِن حزن كثير وكآبة قلب كتبت إليكم بدموع كثيرة لا لكي تحزنوا بل لكي تعرفوا المحبة التي عندى ولا سيما مِن أجلكم" (2كو2: 4)، وحتى أعداء صليب المسيح يذكرهم بولس أيضاً: "لأن كثيرين يسيرون ممن كُنت أذكرهم لكم مراراً والآن أذكرهم أيضاً باكياً وهم أعداء صليب المسيح" (فى3: 18)، بل أكثر مِن هذا يقول: "منْ يضعف وأنا لا أضعف. منْ يعثر وأنا لا ألتهب" (2كو11: 29). لهذا كُله دعا يوئيل النبي الكهنة لكي يبكوا ويتذللوا أمام الرب مِن أجل الشعب. الخادم هو الأب في بيته، والأم مع أولادها وجيرانها، والصديق لصديقه، والعامل في مجال عمله، الخادم هو كُل منْ اختبر المسيح في حياته ويذكر العالم كُله بدموع لكي يحفظه الرب مِن التجارب. ** ويطلب أيضاً يوئيل النبي جميع الشعب للبكاء والنوح على خطاياهم ويرجعوا للرب. ونجد السيد المسيح يقول: "طوباكم أيها الباكون الآن لأنكم ستضحكون" (لو6: 21)، ومدح المرأة الخاطئة التي بللت رجليه بدموعها، وغفر لها خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيراً (لو7: 36- 50). وداود النبي يُعلمنا الصلاة بدموع، فيقول: "تعبت في تنهدى. أعوم في كُل ليلة سريرى بدموعى" (مز 6: 6)، ويقول أيضاً: "أبكيت بصوم نفسي" (مز69: 10)، ويطلب مِن الرب قائلاً: "إجعل أنت دموعى في زقٍ عندك" (مز56: 8). وستجد الرب يقول لك: "حولى عنى عيناك لأنهما غلبتانى" (نش6: 5)، العيون المملوءة دموع تأسُر محبة الرب وتجعله ينظر إلينا بعين الرحمة. وساعتها تسمع صوت أشعياء يقول: "يمسح السيد الرب الدموع عنْ كُل الوجوه" (أش25: 8). لأن السيد الرب في سفر الرؤيا يقول للنفوس الذين أتوا مِن الضيقة العظيمة: "لن يجوعوا بعد ولن يعطشوا بعد...لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية ويمسح الله كُل دمعة مِن عيونهم" (رؤ7: 16، 17). ** يحرص يوئيل النبي أن يدعو الكُل: "أدخلوا بيتوا بالمسوح.... إلى بيت الرب إلهكم وأصرخوا إلى الرب" (يؤ1: 13، 14). فهو يؤكد على قضاء أوقات طويلة في الكنيسة والسهر فيها، لأن عينا الرب على بيته دائماً، فيقول سليمان الحكيم على بيت الرب: "لتكن عيناك مفتوحتين على هذا البيت ليلاً ونهاراً على الموضع الذي قلت إن اسمى يكون فيه لتسمع الصلاة التي يُصليها عبدك في هذا الموضع. واسمع تضرع عبدك وشعبك إسرائيل الذين يُصلون في هذا الموضع واسمع أنت في موضع سُكناك في السماء وإذا سمعت فإغفر" (1مل8: 29، 30). "قدسوا صوماً"، إن يوئيل النبي يتكلم عنْ صوم جماعي، ولذلك نهتم بالأصوام الجماعية التي تُرتبها الكنيسة لأنها تؤكد على شركة المؤمنين معاً في الجسد الواحد، الذي هو يسوع المسيح، والروح الواحد، كما قال الكتاب: "فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد" (1كو10: 17). والصوم يكون مُقدس، أي مصحوباً بأعمال مُقدسة، مثل الصلاة والتسبيح وقراءة كلمة الله وحُسن مُعاملة الغير ومُصالحة الآخرين ورد الديون، وليس مجرد صوم بتغيير الطعام. "أصرخوا إلى الرب"، الصراخ يكون للرب وليس لأي هدف آخر، كراحة الضمير مثلاً. |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
يوئيل 2 - تفسير سفر يوئيل
"إضربوا بالبوق في صهيون صوتوا في جبل قدسى. ليرتعد جميع سُكان الأرض لأن يوم الرب قادم لأنه قريب. يوم ظلام وقتام يوم غيم وضباب مثل الفجر ممتداً على الجبال. شعب كثير وقوى لم يكن نظيره منذ الأزل ولا يكون أيضاً بعده إلى سنى دور فدور. قدامه نار تأكُل وخلفه لهيب يحرق. الأرض قُدامه كجنة عدن وخلفه قفر خرب ولا تكون منه نجاة. كمنظر الخيل منظره ومثل الأفراس يركضون. كصريف المركبات على رؤوس الجبال يثبون. كزفير لهيب نار تأكل قشاً. كقوم أقوياء مُصطفين للقتال. منه ترتعد الشعوب. كُل الوجوه تجمع حُمرة. يجرون كأبطال. يصعدون السور كرجال الحرب ويمشون كُل واحد في طريقه ولا يُغيرون سُبلهم. ولا يُزاحم بعضهم بعضاً يمشون كُل واحد في سبيله. وبين الأسلحة يقعون ولا ينكسرون. يتراكضون في المدينة يجرون على السور يصعدون إلى البيوت يدخلون مِن الكوى كاللص. قدامه ترتعد الأرض وترجف السماء. الشمس والقمر يظلمان والنجوم تحجز لمعانها. والرب يُعطى صوته أمام جيشه. إن عسكره كثير جداً. فإن صانع قوله قوى لأن يوم الرب عظيم ومخوف جداً فمنْ يطيقه" (يؤ2: 1- 11). يبدو أن يوئيل النبي في الأصحاح الأول كان يسرد النبوة كقول الرب، ولكن يبدو أنه في الأصحاح الثاني قد قرُب زمن تحقيق النبوة، لذلك قال: "إضربوا بالبوق"، أي استعدوا. والذين يضربون بالبوق هم الكهنة. والآيات كُلها تصف طريقة هجوم الجراد الذي يعمل بأمر الرب. فعدده كثير جداً، ويبدون كفرسان وجيوش. ومن كثرة الخراب الذي يخلفه ترتعد منه الشعوب وترجُف السماء. تأمل:ولكن إذا حاولنا كخُدام للرب أن نأخذ درساً في الخدمة المُوكلة إلينا مِن الجراد، فنجد: ** إن الجراد مُرسل مِن عند الرب، والخادم يجب أن تكون دعوته للخدمة واضحة مِن عند الرب أيضاً. فالتلاميذ الأطهار لم يتحركوا للكرازة إلا بعد أن أرسلهم الرب بذاته، فقد قال لهم بعد قيامته: "أوصاهم أن لا تبرحوا أورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه منى.... لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لى شهوداً في أورشليم وفى كُل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض" (أع1: 4، 8). فالخادم الذي يُقحم نفسه في الخدمة بدون دعوة واضحة مِن الرب لنْ يُثمر، بل ممكن أن يكون مُعطلاً لعمل الرب. ** "كمنظر الخيل منظره ومثل الأفراس يركضون"، مع إنهم مجرد جراد، إلا أنهم يبدون كفرسان وجيوش. وهكذا الخُدام يبدو أنهم صغار في أعين أنفسهم والناس، ولكن بالنعمة المُعطاة لهم يُرددون مع بولس الرسول: "لنا هذا الكنز في أوان خزفية ليكون فضل القوة لله لا مِنًا. مُكتئبين في كُل شيء لكن غير مُتضايقين. مُتحيرين لكن غير يائسين. مُضطهدين لكن غير متروكين. مطروحين لكن غير هالكين. حاملين في الجسد كُل حين إماتة الرب يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا. لأننا نحن الأحياء نُسلم دائماً للموت مِن أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت. إذاً الموت يعمل فينا ولكن الحياة فيكم" (2كو4: 7- 12). ** "يصعدون السور كرجال"، والخدمة برجولة تعنى: الجهاد والسهر والصوم والصلاة، وعدم التراجع عند المشاكل. ** "يمشون كُل واحد في طريقه ولا يُغيرون سُبلهم. ولا يُزاحم بعضهم بعضاً يمشون كُل واحد في سبيله"، أي الخادم الحقيقي لا يُنافس بقية الخُدام. بل كُل واحد يعرف موهبته ويسير في إتجاه دعوته، كما يقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس: "أذكر يسوع المسيح المُقام مِن الأموات مِن نسل داود حسب إنجيلى الذي فيه إحتمل المشقات حتى القيود كمذنب. لكن كلمة الله لا تُقيًد. لذلك أنا أصبر على كُل شيء مِن أجل المختارين لكي يحصلوا هم أيضاً على الخلاص الذي في المسيح يسوع مع مجد أبدى. صادقة هي الكلمة أنه إن كُنًا قد مُتنا معه فسنحيا أيضاً معه. إن كُنًا نصبر فسنملك أيضاً معه. إن كُنا ننكره فهو أيضاً سينكرنا. إن كُنا غير أمناء فهو يبقى أميناً لا يقدر أن يُنكر نفسه" (2تى2: 8- 13). ** "بين الأسلحة يقعون ولا ينكسرون"، لأن الرب معهم، فإنهم يُرنمون مع داود دائماً قائلين: "الله طريقه كامل. قول الرب نقى. تُرس هو لجميع المُحتمين به. لأنه منْ هو إله غير الرب. ومنْ هو صخرة سوى إلهنا الإله الذي يُمنطقنى بالقوة ويُصًير طريقى كاملاً. الذي يجعل رجلى كالإيل وعلى مُرتفعاتى يُقيمنى. الذي يُعلم يدىً القتال فتُحنى بذراعى قوس مِن نحاس..... تُمنطقنى بقوة للقتال. تصرع تحتى القائمين علىً. وتُعطينى أقفية أعدائى ومُبغضى أفنيهم" (مز18: 30- 37). ** "الرب يُعطى صوته أمام شعبه"، بالضبط كما حدث مع شعب الله في القديم: "وكان الرب يسير أمامهم نهاراً في عمود سحاب ليهديهم في الطريق وليلاً في عمود نار ليُضئ لهم. لكي يمشوا نهاراً وليلاً. لم يبرح عمود السحاب نهاراً وعمود النار ليلاً مِن أمام الشعب" (خر13: 21، 22). ** "لأن صانع قوله قوى"، فكُل جهاد المؤمن وثباته يكون بمعونة الرب لأن الرب قوى. يوم الرب يوم توبة عظيمة:"ولكن الآن يقول الرب إرجعوا إلىً بكُل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح. ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم وإرجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف رحيم بطئ الغضب وكثير الرأفة ويندم على الشر. لعلًه يرجع ويندم فيُبقى وراءه بركة تقدمة وسكيباً للرب إلهكم. إضربوا بالبوق في صهيون قدٍسوا صوماً نادوا بإعتكاف. إجمعوا الشعب قدٍسوا الجماعة إحشدوا الشيوخ إجمعوا الأطفال وراضعى الثدى ليخرُج العريس مِن مخدعه والعروس مِن حجلتها. ليبكِ الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح ويقولوا أشفق يا رب على شعبك ولا تُسلم ميراثك للعار حتى تجعلهم الأمم مثلاً. لماذا يقولون بين الشعوب أين إلههم" (يؤ2: 12- 17). يُكمل النبي ويُكرٍر: ** نوح الكهنة وخُدام المذبح: بكاء الكهنة بين الرواق والمذبح، فهذا المكان هو مكان تقديم الذبائح، أي بدلاً مِن تقديم ذبائح دموية الرب يطلب تقديم ذبائح روحية مِن صوم واعتكاف وبكاء، وهذا المكان أيضًا هو الذي قُتل فيه زكريا الكاهن والد يوحنا المعمدان. وبكاء الكهنة في هذا المكان يشبه المطانيات التي يعملها الكاهن في الصوم الكبير، إذ يترك المذبح ويُغلق الستر ويعمل المطانيات في خورس الشمامسة. ** "لكن الآن يقول الرب": الرب رحوم جداً، فبعد أن ذكر الويلات التي سوف يجلبها على الشعب بسبب خطيته، فإنه يُناديهم ويتمنى رجوعهم إليه، وهو مُستعد لأن يلغى كُل هذه الويلات، كما حدث مع أهل نينوى حينما تابوا بمناداة يونان النبي. ** "أدخلوا بيتوا.... البسوا المسوح": أي قضاء أوقات طويلة في الكنيسة مع الصلاة والتذلل. ** "نادوا باعتكاف": فالصوم يكون مصحوب بالامتناع عنْ الملذات الأرضية والاهتمامات الأخرى. ** "ليخرج العريس منْ مخدعه والعروس منْ حجلتها": أي أنْ العلاقات الزوجية في الصوم غير موجودة. ** "لعله يرجع ويندم ويُبقى وراءه بركة": كُل الصفات التي جاءت عنْ الرب، بكونه رحوم ورؤوف وبطئ الغضب هي صفات حقيقية وثابتة لا شك فيها. ولكن كُل هذا شيء وكون الرب يرفع العقاب الزمني شيء آخر، مثلما سمح بموت ابن داود مِن أبيجايل امرأة أوريا الحثي، بالرغم مِن أن داود قدًم صوم وصلاة لمدة أسبوع مِن أجل ابنه (2صم12: 15- 23). وكما يقول بولس الرسول: "لأننا لو كُنا حكمنا على أنفسنا لما حُكم علينا. ولكن إذ قد حُكم علينا نؤدب مِنْ الرب لكي لا نُدان مع العالم" (1كو11: 31). يوم الرب يوم خلاص:"فيغار الرب لأرضه ويرق لشعبه. ويُجيب الرب ويقول لشعبه هأنذا مُرسل لكم قمحاً ومِسطاراً وزيتاً لتشبعوا منها ولا أجعلكم أيضاً عاراً بين الأمم. والشمالى أُبعده عنكم وأطرده إلى أرض ناشفة ومقفرة مُقدمته إلى البحر الشرقى وساقته إلى البحر الغربى فيصعد نتنه وتطلع زُهمته لأنه قد تصلف في عمله. لا تخافى أيتها الأرض إبتهجى وإفرحى لأن الرب يُعظم عمله. لا تخافى يا بهائم الصحراء فإن مراعى البرية تنبُت لأن الأشجار تحمل ثمرها التينة والكرمة تُعطيان قوتهما. ويا بنى صهيون إبتهجوا وإفرحوا بالرب إلهكم لأنه يُعطيكم المطر المُبكر على حقه ويُنزل عليكم مطراً مُبكراً ومُتأخراً في أول الوقت. فتُملأ البيادر حنطة وتفيض حياض المعاصر خمراً وزيتاً. وأُعوض لكم عنْ السنين التي أكلها الجراد الغوغاء والطيار والقمص جيشى العظيم الذي أرسلته عليكم. فتأكلون أكلاً وتشبعون وتُسبحون اسم الرب إلهكم الذي صنع معكم عجباً ولا يخزى شعبى إلى الأبد. وتعلمون أنى أنا في وسط إسرائيل وأنى أنا الرب إلهكم وليس غيرى ولا يخزى شعبى إلى الأبد" (يؤ2: 18- 27). ** "يغار الرب لأرضه ويرق لشعبه": إنه مِن أهم دوافع خلاصنا، هي غيرة الرب ورقته على شعبه: "لأن السيد لا يرفض إلى الأبد. فإنه ولو أحزن يرحم حسب كثرة مراحمه" (مراثى3: 31، 32). ويشهد عنه بولس الرسول قائلاً: "الله بيًن محبته لنا لأنه ونحن بعد خُطاة مات المسيح لأجلنا" (رو5: 8). ** وبالرغم مِن كُل أخطاء الشعب، إلا أن الرب لا زال يُسميه شعبه ولم يخجل منه. هكذا أعلن الرب عن محبته في مثل الابن الضال والدرهم المفقود والخروف الضال (لو15). فكُل الذين نالوا نعمة البنوة لله بالمعمودية لا يُفقدهم تقصيرهم في محبة الرب أو ضلالهم بنوتهم لله لأنهم اصطبغوا بصبغته، بل لهم فرصة للرجوع إلى حُضن الآب طالما همْ في الجسد. ** بركات الخلاص:1 الأرض تعود تُعطى ثمرها، والبهائم تشبع، والإنسان يتمتع بالقمح والمسطار والزيت. خلاص الرب يُعطى شِبعاً فلا نكون مُحتاجين للعالم وملذاته، ونجد أنفسنا نُرنم مع داود قائلين: "الرب راعىً فلا يُعوزنى شيء. في مراعِ خضر يُربضنى. إلى مياه الراحة يُوردنى. يرُد نفسي. يهدينى إلى سُبل البر مِن أجل اسمه. أيضاً إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معى. عصاك وعكازك هما يُعزياننى. تُرتب قدامى مائدة تجاه مُضايقىً. مسحت بالدهن رأسى. كأسى رياً. إنما خير ورحمة يتبعانى كُل أيام حياتى وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام" (مز23). ويقول أيضاً: "معك لا أريد شيئاً في الأرض" (مز73: 25). 2 "لا أجعلكم عاراً بين الأمم"، فالرب يُزيل مِن حياتنا أسباب العار، ويُعطينا نُصرة وكرامzة، "فمن يؤذيكم إن كُنتم مُتمثلين بالخير" (1بط3: 13). وحتى إن كُنا مُتألمين أو مُضطهدين فإننا نتبع وصية بطرس الرسول القائلة: "أيها الأحباء لا تستغربوا البلوى المُحرقة التي بينكم حادثة لأجل إمتحانكم كأنه أصابكم أمر غريب. بل كما إشتركتم في آلام المسيح إفرحوا لكي تفرحوا في إستعلان مجده أيضاً مُبتهجين. إن عُيرتم باسم المسيح فطوبى لكم لأن روح المجد والله يحل عليكم.... فإذاً الذين يتألمون بحسب مشيئة الله فليستودعوا أنفسهم كما لخالق أمين في عمل الخير" (1بط4: 12- 19). 3 "الشعور بالفرح والبهجة"، فرح الرب لا يستطيع أحد أن ينزعه منًا. لأن خلاص الرب عوضنا عنْ كُل ما أتلفته الخطية فينا، فمراعى البرية تُنبت، البرية أي الأماكن التي لا يُمكن أن تأتى بثمر، إلا إنها في يد الرب تأتى بثمر كثير. 4 "تشبعون وتُسبحون": مِن بركات الخلاص أنها تُطلق أصواتنا بالتسبيح، لمنْ عظًم الصنيع معنا. كما قال السيد المسيح للإنسان الذي كان به روح نجس بعد أن شفاه: "إذهب إلى بيتك وإلى أهلك وأخبرهم كمْ صنع الرب بك ورحمك" (مر5: 19). وكما سبحت القديسة حنة بعد أن أعطاها الرب صموئيل النبي وقالت: "فرِح قلبى بالرب. إرتفع قرنى بالرب. إتسع فمى على أعدائى. لأنى قد إبتهجت بخلاصك" (1صم2: 1). ويقول دانيال النبي بعد أن أعلمه الرب بحلم الملك: "إياك يا إله آبائى أحمدُ وأُسبٍح الذي أعطانى الحكمة والقوة وأعلمنى الآن ما طلبناه منك لأنك أعلمتنا أمر الملك" (دا2: 23). ويوصينا بولس الرسول قائلاً: "لأن ليس لنا هنا مدينة باقية لكننا نطلب العتيدة. فلنُقدٍم به (بالمسيح) في كُل حين لله ذبيحة التسبيح أي ثمر شِفاه مُعترفة باسمه" (عب13: 14، 15). 5 وبخلاص الرب يزداد إيماننا بالله، إذ يقول: "وتعلمون أنى أنا في وسط إسرائيل وأنى أنا الرب إلهكم وليس غيرى ولا يخزى شعبى إلى الأبد" (يؤ2: 27). كما نطق أيوب بعد أن شفاه الرب قائلاً: "بسمع الأذن سمعت عنك والآن رأتك عيناى" (أى42: 5). يوم الرب يوم حلول الروح القدس:"ويكون بعد ذلك أنى أسكب روحي على كُل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاماً ويرى شبابكم رؤى. وعلى العبيد أيضاً وعلى الإماء أسكب روحي في تلك الأيام" (2: 28، 29). هذه نبوة عنْ يوم حلول الروح القدس على التلاميذ وكُل المجتمعين معهم، الروح القدس الذي استحقه المؤمنين كثمرة للخلاص الذي قدًمه السيد المسيح بذاته. وهذا هو الوعد الذي أعطاه الرب لتلاميذه قبل صعوده عنهم، إذ قال لهم: "وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا مِن أورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه منى. لأن يوحنا عمًد بالماء وأما أنتم فستتعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الأيام بكثير" (أع1: 4، 5). وجاء هذا الوعد بعدما دينت الخطية بالصليب، وصرنا أبناء الله، واستحققنا حلول الروح القدس علينا. في العهد القديم، الروح القدس كان يحل على ثلاثة فئات فقط مِن الشعب، الملوك والأنبياء والكهنة، وذلك عنْ طريق دهنهم بدُهن المسحة. أما في العهد الجديد صار الروح القدس عطية لكُل المؤمنين الرجال والنساء والأطفال والشيوخ العبيد والإماء، كما قال بولس الرسول: "أما الان فإطرحوا عنكم أنتم أيضاً الغضب السخط الخبث التجديف الكلام القبيح مِن أفواهكم. لا تكذبوا بعضكم على بعض إذ خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله ولبستم الجديد الذي يتجدًد للمعرفة حسب صورة خالقه. حيث ليس يونانى ويهودي ختان وغرلة بربرى سكيثى عبد حر بل المسيح الكُل وفى الكُل" (كو3: 8- 11). ** ونستحق حلول دوام عمل الروح القدس فينا، إذا: # داومنا على تقديم توبة نقية للرب، مثلما جاء في (يؤ1: 13، 14). # انتظار الخلاص من الرب ونحن مؤمنين أنه لا بد أن يُخلٍص الذين التجأوا إليه، كما جاء في (يؤ2: 18-27). # الإيمان الكامل بوعد الرب لنا بالامتلاء مِن الروح القدس. يوم الرب الأخير:"وأعطى عجائب في السماء والأرض دماً وناراً وأعمدة دُخان. تتحول الشمس إلى ظُلمة والقمر إلى دم قبل أن يجئ يوم الرب العظيم المخوف. ويكون أن كُل منْ يدعو باسم الرب ينجو. لأنه في جبل صهيون وفى أورشليم تكون نجاة. كما قال الرب. وبين الباقين منْ يدعوه الرب" (يؤ2: 30- 32). هذه نبوة أيضاً على اليوم الأخير، هي غير مُحدًدة بزمان، كما قال السيد المسيح عنْ هذه الأيام: "فيما هو جالس على جبل الزيتون تقدم إليه التلاميذ على إنفراد قائلين قُل لنا متى يكون هذا وما هي علامة مجيئك وإنقضاء الدهر. فأجاب يسوع وقال لهم أنظر لا يُضلكم أحد. فإن كثيرين سيأتون باسمى قائلين أنا هو المسيح ويضلون كثيرين. وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب. أنظروا لا ترتاعوا. لأنه لا بُد أن تكون هذه كُلها. ولكن ليس المنتهى بعد. لأنه تقوم أمة على أمة ومملكة على مملكة وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن. ولكن هذه كُلها مُبتدأ الأوجاع. حينئذ يُسلمونكم إلى ضيق ويقتلونكم وتكونون مُبغضين مِن جميع الأمم لأجل اسمى. وحينئذ يعثر كثيرون ويُسلمون بعضهم بعضاً. ويقوم أنبياء كذبة كثيرين ويُضلون كثيرين. ولكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين. ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص. ويُكرز ببشارة الملكوت هذه في كُل المسكونة شهادة لجميع الأمم. ثم يأتى المنتهى" (مت23: 3- 14). ونلاحظ أنه في السفر يقول "كُل منْ يدعو باسم الرب ينجو". كُل منْ يبقى أميناً للرب ينجو. ويقول السفر أيضاً "فى أورشليم تكون نجاة"، فليست نجاة خارج الكنيسة، والالتزام بصلواتها. لذلك علينا أن نُصلى مع داود الملك قائلين: "علمنى يا رب طريق فرائضك فأحفظها إلى النهاية. فهمنى فألاحظ شريعتك وأحفظها بكل قلبى. دربنى في سبيل وصاياك لأنى بها سُررت. أمل قلبى إلى شهاداتك لا إلى المكسب. حوٍل عينىً عنْ النظر إلى الباطل. في طريقك أحينى. أقم لعبدك قولك الذي لمُتقيك. أزل عارى الذي حَذِرت منه لأن أحكامك طيبة. هأنذا قد إشتهيت وصاياك. بعدلك أحينى" (مز119: 33- 39). |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
يوئيل 3 - تفسير سفر يوئيل
"لأنه هوذا في تلك الأيام وفى ذلك الوقت عندما أرد سبى يهوذا وأورشليم أجمع كُل الأمم وأُنزلهم إلى وادي يهوشافاط وأحاكمهم هناك على شعبى وميراثى إسرائيل الذين بددوهم بين الأمم وقسموا أرضى وألقوا قرعة على شعبى وأعطوا الصبى بزانية وباعوا البنت بخمر ليشربوا. وماذا أنتن لى يا صور وصيدون وجميع دائرة فلسطين. هل تُكافئوننى عنْ العمل أم هل تصنعون بى شيئاً. سريعاً بالعجل أرد عملكم على رؤوسكم. لأنكم أخذتم فضتى وذهبى وأدخلتم نفائسى الجيدة إلى هياكلكم. وبعتم بنى يهوذا وبنى إسرائيل لبنى الياوانيين لكي تُبعدوهم عنْ تخومهم. هأنذا أُنهضهم مِن الموضع الذي بعتموهم إليه وأرد عملكم على رؤوسكم. وأبيع بنيكم وبناتكم بيد بنى يهوذا ليبيعوهم للسبائيين لأمة بعيدة لأن الرب قد تكلم. نادوا بهذا بين الأمم. قدٍسوا حرباً أنهضوا الأبطال ليتقدم ويصعد كُل رجال الحرب. إطبعوا سِكاتكم سيوفاً ومناجلكم رِماحاً. ليقُل الضعيف بطُل أنا. أسرعوا وهلموا يا جميع الأمم مِن كُل ناحية وإجتمعوا. إلى هناك أنزل يا رب أبطالك. تنهض وتصعد الأمم إلى وادي يهوشافاط لأنى هناك أجلس لأحاكم جميع الأمم مِن كُل ناحية. أرسلوا المنجل لأن الحصيد قد نضج. هلموا دوسوا لأنه قد إمتلأت المعصرة. فاضت الحياض لأن شرهم كثير" (يؤ3: 1- 13). وادي يهوشافاط معناها "دينونة الرب"، وهذا الأصحاح يتكلم عنْ يوم الدينونة التي يدين فيها الله كُل الأمم الذين أذلوا شعبه في هذا المكان. أسباب الدينونة:** لأنهم بددوا شعب الرب وقسموا الأرض. ** باعوهم كأسرى... الصبي بزانية والبنت بخمر. ** باعوا أبناء يهوذا لليونانيين، فكان في أثينا 400000 عبد يهودي، وفى كورنثوس 460000 عبد يهودي، ويُباع يومياً في دبلوس 10000 عبد يهودي. إذ كان أهل صور تُجار رقيق، ولكن انتقم الرب منها فبيع مِن أبنائها 13000 للعرب أمام الإسكندر الأكبر (السبائيين هم العرب). ** صور وصيدون وفلسطين، هي بلاد مُجاورة ليهوذا، وقد تأذت منهم يهوذا أكثر مِن غيرها. ومِن أجل يوم الدينونة هذا يُحذرنا بطرس الرسول قائلاً: "لا يَخف عليكم هذا الشيء الواحد أيها الأحباء أن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد. لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أُناس بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة. ولكن سيأتى كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السموات بضجيج وتنحل العناصر مُحترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها. فبما أن هذه كُلها تنحل أي أُناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مُقدسة وتقوى مُنتظرين وطالبين سرعة مجئ يوم الرب" (2بط3: 8- 12). يوم الدينونة مُخيف للخطاة:إذ يقول الرب: "ومتى جاء إبن الإنسان في مجده وجميع الملائكة معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده..... ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار إذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المُعدة لإبليس وملائكته. لأنى جُعت فلم تُطعمونى. عطشت فلم تسقونى. كُنت غريباً فلم تأوونى. عُرياناً فلم تكسونى. مريضاً ومحبوساً فلم تزورونى. حينئذ يُجيبونه هم أيضاً قائلين يا رب متى رأيناك جائعاً أو عطشاناً أو غريباً أو عُرياناً أو مريضاً أو محبوساً ولم نخدمك. فيُجيبهم قائلاً الحق أقول لكم بما أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر فبى لم تفعلوا. فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدى" (مت25: 41- 46). ** سيستخدم الرب شعبه في يوم الدينونة هذا، "يصعد كُل رجال الحرب". كما قال بولس الرسول: "ألستم تعلمون أن القديسين سيدينون العالم... ألستم تعلمون أننا سندين ملائكة" (1كو6: 2، 3). وقال أيضاً لتلاميذه: "أنتم الذين ثبَتوا معى في تجاربى. وأنا أجعل لكم كما جعل لى أبى ملكوتاً. لتأكلوا وتشربوا على مائدتى في ملكوتى وتجلسوا على كراسى تدينون أسباط إسرائيل الإثنى عشر" (لو22: 28- 30). ** "الأبطال" هم ملائكة الرب التي سوف يُرسلها في نهاية الأيام لتفرز الخراف عنْ الجداء. ** "ليقُل الضعيف بطل أنا"، ونحن أيضاً نكون أبطالاً في عين الرب عندما نُجاهد ضد الخطية بشجاعة، ونحرص على نقاوة قلوبنا أمام الرب، ونحفظ وصاياه، ونعيش له بالأمانة إلى آخر العمر. وقد قدًم لنا بولس الرسول الأسلحة التي يجب أن نحملها لنكون أبطال حقيقيين: "أخيراً يا إخوتى تقووا في الرب وفى شدة قوته. إلبسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس. فإن مُصارعتنا ليست مع لحم ودم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظُلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات. مِن أجل ذلك إحملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير وبعد أن تتمموا كُل شيء أن تثبتوا. فإثبتوا مُمنطقين أحقاءكم بالحق ولابسين درع البر وحاذين أرجلكم بإستعداد إنجيل السلام. حاملين فوق الكُل تُرس الإيمان الذي به تقدرون أن تُطفئوا جميع سهام الشرير المُلتهبة. وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله. مُصلين بكُل صلاة وطلبة كُل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكُل مواظبة وطلبة لأجل جميع القديسين" (أف6: 10- 18). يوم الدينونة للأبرار يوم خلاص وفرح:"جماهير جماهير في وادي القضاء لأن يوم الرب قريب في وادي القضاء. الشمس والقمر يظلمان والنجوم تحجز لمعانها. والرب مِن صهيون يُزمجر ومِن أورشليم يُعطى صوته فترجُف السماء والأرض. ولكن الرب ملجأ لشعبه وحصن لبنى إسرائيل. فتعرفون أنى أنا الرب إلهكم ساكناُ في صهيون جبل قُدسى وتكون أورشليم مُقدسة ولا يجتاز فيها الأعاجم في ما بعد. ويكون في ذلك اليوم أن الجبال تقطر عصيراً والتلال تفيض لبناً وجميع ينابيع يهوذا تفيض ماء ومِن بيت الرب يخرج ينبوع ويسقى وادي السنط. مصر تصير خراباً وأدوم تصير قفراُ خرباً مِن أجل ظلمهم لبنى يهوذا الذين سفكوا دماً بريئاً في أرضهم. ولكن يهوذا تُسكَن إلى الأبد وأورشليم إلى دور فدور. وأبرئ دمهم الذي لم أبرئه والرب يسكن في صهيون" (يؤ3: 14- 21). وادي القضاء هو وادي يهوشافاط. ** "الشمس والقمر يظلمان والنجوم تحجز لمعانها"، فقد قال يوحنا الإنجيلى عنْ ذلك: "المدينة لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليُضيئا فيها لأن مجد الله قد أنارها والخروف سراجها. وتمشى شعوب المخلًصين بنورها وملوك الأرض يجيئون بمجدهم وكرامتهم إليها" (رؤ21: 23، 24). وكما قال بطرس الرسول عنهم: "تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يجئ يوم الرب العظيم الشهير" (أع2: 20). ** يوم الدينونة للمؤمنين يوم فرح وسلام وتعزية عوضاً عنْ كُل أتعاب الأرض. فبولس الرسول يقول: "نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعاً معهم في السُحب لملاقاة الرب في الهواء. وهكذا نكون كُل حين مع الرب. لذلك عزوا بعضكم بعضاً بهذا الكلام" (1تس4: 17، 18). ويصف لنا سفر الرؤيا انتظار المؤمنين ليوم الدينونة فيقول: "ثم رأيت سماء جديدة وأرضاً جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا والبحر لا يوجد في ما بعد. وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة مِن السماء مِن عند الله مُهيئة كعروس مُزينة لرجلها. وسمعت صوتاً عظيماً مِن السماء قائلاً هوذا مسكن الله مع الناس وهو سيسكن معهم وهم يكونون له شعباً والله نفسه يكون معهم إلهاً لهم. وسيمسح الله كُل دمعة مِن عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صُراخ ولا وجع في ما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت. وقال الجالس على العرش ها أنا أصنع كُل شيء جديداً. وقال لى أكتب فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة. ثم قال لى قد تم. أنا هو الألف والياء البداية والنهاية. أنا أُعطى العطشان مِن ينبوع ماء الحياة مجاناً. منْ يغلب يرث كُل شيء وأكون له إلهاً وهو يكون لى إبناً" (رؤ21: 1- 7). ** "مصر وأدوم تخرب"، مصر عدو قديم لإسرائيل، وأدوم هو عيسو أخو يعقوب وهو عدو لأبناء يعقوب. ** "وادي السنط". يبعد كثيراً عن هيكل أورشليم ويقع على الشاطئ الآخر مِن نهر الأردن. وكان وادياً جافاً مُقفراً، وقوله أن الينبوع يروى وادي السنط معناها أن الخير في آخر الأيام سوف يعُم حتى على الأماكن المُقفرة. والسنط هو خشب وشجر، السنط هو شجر البرية الذي ينمو في ظروف البيئة القاسية، فهو يُعتبر رمز للنصرة على كُل الظروف القاسية. والسنط أيضًا رمز الحياة التي تغلب الموت إذ أنه ينمو في بيئة تموت فيها كُل الأشجار. ونرى خشب السنط مُغشى بالذهب في تابوت العهد والمائدة ومذبح البخور، أما مذبح المحرقة فمنْ خشب السنط المُغشى بالنحاس. أما ألواح المسكن فمن خشب السنط المُغشى بالذهب وهى رمز للمؤمنين الذين هم في المسيح يسوع. |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
مقدمة في سفر يوئيل " Joel "
الاختصار: يوئيل= JOE. ** محور السفر: + العقاب، الغفران، وعد الروح القدس. + ترقب مجيء المسيح. + يوم الرب مصورا في صورة غزو الجراد. + القحط والجراد. + شرط التوبة. ** أهم الشخصيات : يوئيل. ** أهم الأماكن : يهوذا. ** سماته: + مع صغر حجمه لكن كاتبه يظهر رقيقا في مشاعره، ذا غيرة متقدة، وثاب البصيرة، يحمل السفر روح البساطة مع البلاغة والقوة مع الرقة. + " يوئيل " بالعبرية معناها " يهوه هو الله " وهو أبن " فثوئيل " وتعني " الله يفتح " بهذا يكون المعني أن الله يفتح بصيرتنا الداخلية فندرك أنه يضبط كل الأمور، وهو صانع الخيرات، مهما كانت رؤيتنا للأمور فهو يعمل في التاريخ كله لأجل خلاصنا. يري البعض أن يوئيل النبي كان من أنبياء ما قبل السبي معاصرا لإشعياء النبي وآخرين أنه عاصر يوشيا الملك (2 مل 22، 23)، ربما تعرف في شبابه علي إيليا النبي وتلميذه اليشع، ويري آخرون أنه تنبأ بعد الرجوع من السبي، يجد الدارسون المتأخرون صعوبة في تحديد تاريخ النبي وبالتالي السفر نفسه. + تحدث يوئيل النبي عن التأديبات التي بسماح من الله خلال ما رآه من خراب حل بواسطة حملات الجراد المدمرة ورغم أنه لم يحدد تاريخا لنبوته إلا إنه تحدث عن " يوم الرب " الذي يجب أن تنتظره كل الأجيال كيوم قريب، والعجب أنه يصف غارات الجراد الأربع التي حدثت في أيامه لا ككوارث طبيعية حدثت مصادفة وإنما كجزء من خطة الله الخلاصية، ثم يوجه دعوته بعودة الرحمة ورجوع الخيرات الوفيرة برجوعهم لله الذي يرفع القصاص ووعود الله بالعطية العظمي لهم وهي انسكاب الروح القدس علي البشر في الأيام الأخيرة ممتدا بالنبوة إلى يوم الرب العظيم لينزع عن البشرية خرابها الذي تحقق بواسطة الخطية (الجراد) ويرد لها فرحها في الرب، وهي إشارة لكنيسة العهد الجديد وإعلان تعزيات الإنجيل لكل عبيده الأمناء. + هو سفر التوبة القائم علي التجديد محدثا إيانا عن بركات الرب لأورشليم وإرجاع مجدها، ويتنبأ عن بركات اليوم الخمسيني "عيد العنصرة" (2: 29) ممتدا بالنبوة إلى يوم الرب العظيم، ركز علي عطية الروح القدس الذي يحول برية قلوبنا المحطمة إلى فردوس الله المثمر. ** غاية السفر: + هو سفر التوبة القائمة علي التجديد؛ استغل الوحي ما حل بالبلاد من قحط وغزو الجراد للدعوة إلى التوبة، وعودة الأرض إلى سابق خصبها، محدثا إيانا عن بركات الرب لأورشليم وإرجاع مجدها، كما يتنبأ عن بركات اليوم الخمسيني وروح الله ينسكب على كل بشر "عيد العنصرة" ممتدا بالنبوة إلى يوم الرب العظيم، وقد استشهد بطرس الرسول بذلك في موعظته يوم الخمسين (أع 2:16 -21). ** محتويات السفر: - أولا: غزو الجراد ص 1: + يصف يوئيل النبي حملة الجراد كحادثة تأديب بسبب الخطية من قبل الرب (ع 15) حيث بدأ الغزو في طوره الأول "القمص" ثم انتقل إلى "حشرة تزحف" ثم ظهر لها أجنحة صغيرة "غوغاء وأخيرا اكتمل نموه فصار طيارا (ع 4). + يشبه الجراد بجيش لأمة قوية غزا البلاد لتأديبهم، يبدأ الله بالسماح للقمَص (الجراد في بدْء طوره) بمهاجمتنا، فإن لم نتأدب يسمح للزحاف، فالغوغاء، فالطيار. هذه المراحل الأربع تشير أيضًا إلى مراحل الخطية في حياتنا أو إلى الأربع حملات لسنحاريب ملك أشور (أش 36: 1) أو إلى الممالك التي سادت إسرائيل (أشور و بابل، مادي وفارس، اليونان، الرومان). + بسبب خطايانا يسمح بالتأديب " جعلت كرمتي خربه وتينتي متهشمة (ع 7). + آثار غزو الجراد (غزو الخطية): علي الإنسان: تصير النفس كعروس نائحة بسبب فقدانها عريسها (الخطية تملك عوض الرب وتصير عريس النفس المهلك لها)، انقطاع التقدمات و السكيب.. يرفض الله كل عبادة وتقدمة بدون التوبة، تلف الحقل إشارة إلى عقم النفس فلا يكون لها ثمر الروح المشبع، تيه الحيوانات وفناؤها إنما يشير إلى فساد الجسد وكل حواسه وطاقاته (ع8 -10). علي المزروعات: جعلت كرمتي وتينتي مهشمة " 1: 5؛ 1: 12؛ 1: 17. علي الأرض: " نوحي يا أرضي كعروس مؤتزرة بمسح من أجل بعل صباها" (1: 8). علي بيت الرب: " انقطعت التقدمة والسكيب عن بيت الرب " 1: 9 " انقطع.. الفرح الابتهاج عن بيت إلهنا؟" (16). علي الحيوانات: " هامت قطعان البقر لأن ليس لها مرعي.. لأن نارا قد أكلت مراعي البرية ولهيبا أحرق جميع أشجار الحقل " (1: 19)، النار هي نار الخطية التي تحطم وتبدد كل ما تمتد إليه أيدينا وكل ما يقع عليه بصرنا. الحيوانات المفترسة " بهائم الصحراء تنظر إليك لأن جداول المياه قد جفت والنار أكلت مراعي البري" (1: 20). ثانيا: التوبة (ص 1: 13، 14 , 2: 1- 17) + يمزج يوئيل حادث غزو الجراد ووصف آثاره بالمناداة بالتوبة بكونها الطريق للتمتع بالرحمة. فالله يسمح بالتأديب المر لتوبتنا، وطريقها: 1 يلزم أن يكون الكهنة والأراخنة في مقدمة التائبين "تمنطقوا ونوحوا أيها الكهنة ولولوا يا خدام المذبح ادخلوا بيتوا بالمسوح يا خدام الهي.. قدسوا صوما نادوا باعتكاف اجمعوا الشيوخ... واصرخوا إلى الرب (1: 13، 14). 2 البكاء والزهد مع الصوم والاعتكاف والصراخ لله.. أنها تفاعل الحياة النسكية مع الخلوة ومراجعة النفس بروح الصلاة. 3 كلمة الله تلهب القلب بالتوبة " أضربوا بالبوق في صهيون صوتوا في جبل قدسي (2: 1). 4 توبة داخلية: "مزقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا إلى الرب إلهكم" (2: 13). 5 توبة جماعية تضم حتى الأطفال (2: 16) فهو يفرح بكنيسته كما بكل عضو فيها. دعوة إلى التوبة: أ- رجوع إلى الله: " أرجعوا إلى" (2: 12). ب- رجوع بكل القلب " " ارجعوا إلى بكل قلوبكم" (2: 12). ج- رجوع بالصوم: " قدسوا صوما" (1: 14). د- رجوع إلى النفس في أعماقها: نادوا باعتكاف" (1: 14). ه- رجوع جماعي: اجمعوا الشيوخ جميع سكان الأرض إلى بيت الرب إلهكم واصرخوا إلى الرب" (1: 14؛ 2: 15). و- رجوع بالبكاء والنوح " ارجعوا إلى " بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم" (2: 12, 13). ثالثا: يوم الرب (ص 2: 18- ص 3) لكي تكون التوبة فعالة في حياة الكنيسة وحياة كل عضو فيها يلزم أن نتطلع إلى يوم الرب أنه قريب، فالأحداث المؤلمة لنا الآن تذكرنا بيومه العظيم كامتداد لأعماله الدائمة لخلاصنا وتهذيبنا، وإظهار مجده لنا هنا عربونا للسماويات. 1 يقدم رحمته غافرا لنا خطايانا (2: 13 , 14) (اقرأ بموقع الأنبا تكلا نص السفر كاملًا). 2 رقته: " يغار الرب لأرضه ويرق لشعبه" (2: 18) يوم الرب يعلن عن الله الغيور كنار ملتهبة وهو رقيق جدًا بالنسبة لمحبوبيه، عيناه لهيبا نار وأيضا حمامتان، هذا ما أعلنه الصليب محطم إبليس وفاتح الأحضان الأبوية للإنسان! 3 يجيب علي سؤال شعبه (2: 19). 4 يوم الرب مُشْبِع "لتشبعوا منها ولا أجعلكم عارًا بين الأمم" (19) المسيح خبزنا السماوي يهبنا بروحه ثمرًا متكاثرًا؛ فالجبال (المؤمنون) تقطر عصيرًا، والتلال تفيض لبنًا وجميع ينابيع يهوذا تفيض ماء.. (3: 18). السيد المسيح نفسه هو طعامنا الروحي المُشْبِع للروح! 5 واهب كرامة للنفس "لا أجعلكم عارًا بين الأمم" (2: 19).. ننال فيه البنوة لله كما نصير مقدسا له يسكن فيها " ساكنا في صهيون جبل قدسي وتكون أورشليم مقدسة (3: 17). 6 واهب نصرة وغلبة في المسيح الغالب: " ليقل الضعيف بطل أنا (3: 10).. يتحول المؤمنون إلي رجال حرب (3: 9) ضد إبليس وليس ضد لحم ودم (أف 6). 7 ينزع عنا الخوف " لا تخافي أيتها الأرض" (2 :21). 8 واهب الفرح الداخلي (2: 21): يبهج الإنسان والحيوان (الجسد بتقديسه)، ينزل المطر (2: 23) المبكر والمتأخر (عطية الروح القدس في العهدين)، يكون هو علة فرحنا (2: 23)، يوضح أن الفرح والبهجة هما الطعام الذي تقتات عليه النفس (1: 26). 9 يشبع كل احتياجات الحيوانات.. بركة حتى للطبيعة: لا تخافي يا بهائم الصحراء فإن مراعي البرية تنبت" (2: 22). 10 التمتع بعمل الروح القدس: " لأنه يعطيكم المطر المبكر علي حقه وينزل عليكم مطرا مبكرا ومتأخرا في أول الوقت" (2: 23، 28 إلخ). 11 يقدم ثمرا بفيض " فتملأ البيادر حنطة وتفيض حياض المعاصر خمرًا وزيتًا (2: 24). 12 يعوضنا عن سنوات الجفاف (2: 25). 13 يصنع معنا عجبا (2: 26). 14 تأكيد حلوله وسط شعبه (2: 27). 15 يقدم خلاصا عاما: كل من يدعو باسم الرب ينجو.." (2: 32). 16 واهب القوة "اسكب روحي علي كل بشر" (2: 28): مقدما الخلاص للجميع اليهود كما للأمم اتسم النبي بقومية صارخة بسبب الظروف المحيطة له لكنه إذ يتحدث عن عطية الروح القدس لا يقدر أن يقصرها علي أمة معينة أو شعب خاص فهو عطية الله لكل بشر (2: 28) إنه يفتح أبواب الرجاء لكل من يدعو اسم الرب فيخلص (2: 32؛ ر و10: 13). ## عالج كل نبي موضوع التوبة من جانب معين: - إشعياء و عاموس و ميخا تحدثوا عن التوبة خلال ترك الظلم والجور. - عزرا و نحميا بالعمل المستمر في بناء هيكل الرب وأسوار أورشليم. - أرميا و حزقيال بإصلاح القلب الداخلي. - يوئيل هو نبي الطقس الكنسي الحي غير المنفصل عن البنيان الروحي الداخلي وكأنه فيما هو يتطلع إلى أورشليم والهيكل والكهنة كان ينظر إلى أورشليم الداخلية والهيكل الخفي والصرخات القلبية, فالتوبة في عينيه ليس فروضًا وطقسًا محددة تلتزم بها الجماعة وإنما هو جزء لا يتجزأ من حياة الجماعة الروحية وبنيانها في الرب. |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
مقدمة في سفر هوشع " Hosea " الاختصار: هو= HO. ** محور السفر: + الخطية، قضاء الله، محبة الله، الإصلاح. + دعوة الزوجة الخائنة للرجوع. + ترقب مجيء المسيح. + التوبيخ على عبادة الأصنام والدعوة للتوبة. + عدم الوفاء. ** أهم الشخصيات : هوشع - جومر (إسرائيل رمزيًا). ** أهم الأماكن: مملكة الشمال. ** مفتاح السفر: - "هلم نرجع إلى الرب لأنه هو افترس فيشفينا ضرب فيجبرنا" (6: 1). ** غاية السفر: - ضرورة الاعتراف بمحبة يهوه (6: 1 - 3، 12: 6). ** كاتب السفر: + هوشع أو يشوع تعني يهوه الخلاص. + الكاتب هو هوشع بن بئيري من بيت شمس من سبط يساكر. + هوشع هو النبي الوحيد الذي من المملكة الشمالية. + عمل في السامرة مملكة الشمال قبل سبيها، وعاصر سقوطها سنة 722ق.م. عاصر أشعياء و عاموس (مملكة الشمال)، و ميخا (مملكة الجنوب)، وتنبأ في عصر انحلال روحي وأدبي في الشعب، وأسماء أبنائه الثلاثة تدل على غضب الله على شعبه بسبب خطيتهم وعبادة الآلهة الأخرى. + مارس العمل النبوي أكثر من سبعين عاما، ويعتقد أنه تنبأ في أرض يهوذا في أيامه الأخيرة. ** سمات السفر: - + سفر كل نفس بشرية تشعر أنها صارت كزوجة خائنة متسيبة تبدد أموال عريسها وإمكانياته لحساب عدوه، تجري وراء العالم وتطلب مياه الشر والباطل، يدفع هذا السفر بالنفس إلى حياة الأمانة والتبرّر بالله مخلصها، والشبع به، إنه يمثل دعوة "للتوبة" مقدما مفهوما إيجابيا لها وهو رجوع النفس أي العروس الخائنة إلى الله. + أكثر كتابات الأنبياء شعرا مليء بالتشبيهات والاستعارات مثل الماء (5: 1)، والعث (5: 12)، والنخر (5: 12)، والأسد (5: 14)، والحمامة الحمقاء (7: 11). وقد يتخلله قول مأثور مما جعل أسلوبه موجز قوى أكثر نفعا وتأثيرا من عظة طويلة، وفي بعض الأحيان يشبه سفر الأمثال. + هذا السفر يمثل قطعة رائعة عن "التوبة والمحبة الإلهية" أنه دعوة لإسرائيل - الزوجة الخائنة - للعودة إلى رجلها الذي طالما يترقب عودتها. ** محتويات السفر: أولًا: حال إسرائيل ص 1 - 3: - زواج هوشع بزانية ص1: ... (أولادها الثلاثة): . يزرعيل أي الله يزرع (الله ينتقم من بيت يا هو من أجل الدم الذي سفك في وادي يزرعيل). . لورحامة أي لا أرحمهم. لوعمي أي لستم شعبي. - التوبة: هي العلاج ص2. - الله يكشف حبه العملي لها ص3. + طلب الله من النبي أن يتزوج زانية، يري البعض أن هذا كان رمزًا ، وآخرون أنه اكتشف زناها بعدما تزوجها، وآخرون أنه يقصد بالزنا عبادتها للبعل، حيث كان الكل قد سقط فيها؛ لكننا إذ لا نستطيع احتمال الزواج بزانية يؤكد لنا الله حبه لشعبه الذي يترقب عودته بالرغم من زناه.. إنه يطلبنا نحن العروس الخائنة. + باعت جومر نفسها عبدة لرجل آخر، وبحسب الشريعة كان يمكن لهوشع أن يطالب بقتلها فيعيش في حياة أكثر سعادة وراحة، لكنه تنازل عن حقوقه كزوج واشتري زوجته ليحررها ويردها إليه علي أن يدربها علي حياة الإخلاص ويسلك بها في طريق الحب (ص 3). ثانيًا: الرب يحاجج إسرائيل ص 4 - 10: - إعلان المحاكمة ص 4. - انضمام يهوذا إلى إسرائيل في المحاكمة ص5. - حديث عن الخلاص ص6. - بقية المحاجاة ص7. - تأديبات الرب لهم ص 8 - 10. + إن كان الله كشف لإسرائيل مركزها لديه كعروس أحبها، وقدم لها كل إمكانية الحب، لكنها خائنه ومع هذا يفتح لها باب الرجاء خلال التوبة، وفي محبته لا يصدر أوامر لكنه يدخل في حوار ويحاجج، لا ليغلب وإنما ليعلن أبوته المحبة ويوضح أنه عريس غير مستبد. + يتطلع الله إلى الخطية كمرض فيتقدم لعروسه الخائنة كطبيب يعالج مريضته المحبوبة لديه وليس كديان ينتقم من خيانتها، أما أمراضها فهي: 1. فقد الكهنة والأنبياء المعرفة والفهم (ص4) إذ أعمت محبة المال بصيرتهم الداخلية؛ فكانوا يسرون باندفاع الشعب إلى الخطية، لان هذا يقتضي تقديم ذبائح خطية كثيرة فيكون نصيبهم أكبر، لهذا كثيرا ما يؤدبهم الله بالجفاف والقحط لتدمير طمعهم. 2. ارتباط عروسه بالأرض (4: 1 , 2) فصارت أرضًا لا سماءً. 3. فقدانها الشبع (8: 7؛ 9: 16). 4. فقدنها التمييز والحكمة (4: 16). 5. اللامبالاة (7: 1، 2). 6. الكبرياء (5: 5؛ 8: 3). 7. جفاف المحبة (11: 8) فلا تطلب الله بل عطاياه (7: 14). 8. رفض الطبيب والالتجاء إلى فرعون مصر (7: 13 - 16). يفتح الله باب الرجاء لعروسه الخائنة وذلك بالتوبة، في محبته لها لا بإصدار أوامر تلتزم بها لكنه يدخل معها في حوار ويحاجج ليكشف لها عن محبته الحانية ويوضح أنه عريس غير مستبد. ثالثًا: التأديب مع إشراقه الخلاص ص 11 - 13: - الله هو الملجأ ص11 (لا يليق الاعتماد علي فرعون ولا علي أشور إنما بالرجوع إلى الله يتحقق الخلاص). - رعاية الله لهم ص12. - خلاص الله لهم ص13. هذه الإصحاحات الثلاثة هي حديث عن التأديب الإلهي ممتزج بنبوات هامة عن خلاص شعب الله وعن أعمال محبته لهم. إذ كشف العريس كطبيب لعروسه أمراضها يؤدبها لا لينتقم منها إنما ليمسك بالمشرط ويستأصل المرض، لهذا وسط حديثه هنا عن التأديب يقدم نفسه لها بكونه ملجأها (11)، وراعيها (12)، ومخلصها من العبودية ومن الموت (13). رابعًا: ثمار التوبة ص14: بالتوبة ترجع النفس إلى عريسها لتجده: 1. سندها فلا تحتاج إلى ذراع بشري (ع 1 - 3). 2 . طبيبها، فتمتع بالشفاء من الأمراض المستعصية (ع 4). 3. حبيبها، فتمتع بالحب الإلهي (4). 4. قوتها، فتتمتع بالنمو الروحي (ع 5 - 7). 5. عريسها، فتتمتع بالفرح (7). 6. فردوسها، فتتمتع بالثمر المتزايد (8). 7. واهبها القيامة: "أين أوباؤك يا موت؟ أين شوكتك يا هاوية؟" (13: 14). ## مقابلات مع العهد الجديد: + (هو 1: 10) "سأدعو الذي ليس شعبي شعبي" (رو 9: 25). + (هو 6: 1 -3) إشارة إلى القيامة في فجر الأحد. + (هو 11: 1) من مصر دعوت ابني (مت 2: 15). + (هو 11: 4) إشارة إلى سر التجسد الإلهي. + (هو 6: 6) أريد رحمة لا ذبيحة (مت 9: 13، 12 : 7). + (هو 13: 14) أين شوكتك يا موت (1 كو 15: 55). + (هو 10: 8) يقولون للجبال غطينا (رؤ 6: 16)، يوم الرب. ## مقارنة بين عمل الخطية وعمل الله مخلصها: زوجة خائنة (ص 1)، يشتريها ويقدسها (ص 3) تجعلها أرضا (1: 2)، يقيمها سماء. تصيرها بقرة جامحة (4: 16)، تتحد بالحكمة الإلهية. حمامة رعناء (7: 11) تترك هيكل الرب وتطير إلى أحضان بشرية، تتقدس بالروح فتطير إلى السماء. تصاب بأمراض مستعصية (5: 13)، عريسها طبيب الأمراض المستعصية (14: 4). تفرح بالملذات (ص 9)، الله فرحها كرمة ذابلة (ص 10)، يرويها بدمه. تدخل بها إلى الموت والهاوية (13)، يهبها روح القيامة. ## العروس الخائنة: + خطبتها: "أول ما كلم الرب هوشع قال الرب لهوشع اذهب خذ لنفسك امرأة زنى وأولاد زنى لأن الأرض قد زنت زنى تاركة الرب". (هو1: 2). + الزواج بها: " فذهب واخذ جومر بنت دبلايم فحبلت وولدت له ابنا". (هو1: 3). + زناها: " وقال الرب لي اذهب أيضًا أحبب امرأة حبيبة صاحب و زانية كمحبة الرب لبني إسرائيل وهم ملتفتون إلى آلهة أخرى ومحبون لأقراص الزبيب". (هو3: 1). " اذهب وناد في أذني أورشليم قائلًا هكذا قال الرب قد ذكرت لك غيرة صباك محبة خطبتك ذهابك ورائي في البرية في ارض غير مزروعة ". (أر 2: 2). " كيف اصفح لك عن هذه بنوك تركوني وحلفوا بما ليست آلهة ولما أشبعتهم زنوا وفي بيت زانية تزاحموا". (إر 5: 7). + شراؤها بالحب: " فاشتريتها لنفسي بخمسة عشر شاقل فضة وبحومر و لثك شعير". (هو3: 2). "فمررت بك ورايتك وإذا زمنك زمن الحب فبسطت ذيلي عليك وسترت عورتك وحلفت لك ودخلت معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي. فحممتك بالماء وغسلت عنك دماءك ومسحتك بالزيت والبستك مطرزة ونعلتك بالتخس وآزرتك بالكتان وكسوتك بزا. وحليتك بالحلي فوضعت اسورة في يديك وطوقا في عنقك. ووضعت خزامة في انفك وأقراطًا في أذنيك وتاج جمال على راسك. فتحليت بالذهب والفضة ولباسك الكتان والبز والمطرز وأكلت السميذ والعسل والزيت و جملت جدًا جدًا فصلحت لمملكة. وخرج لك اسم في الأمم لجمالك لأنه كان كاملا ببهائي الذي جعلته عليك يقول السيد الرب". (حز 16: 8 - 14). + يهجرها محبوها: "وقلت لها تقعدين أيامًا كثيرة لا تزني ولا تكوني لرجل وأنا كذلك لك.لان بني إسرائيل سيقعدون اياما كثيرة بلا ملك وبلا رئيس وبلا ذبيحة وبلا تمثال وبلا افود وترافيم".(هو3: 3, 4). + رجوعها: "بعد ذلك يعود بنو إسرائيل ويطلبون الرب إلههم و داود ملكهم ويفزعون إلى الرب والى جوده في آخر الأيام" (هو3: 5). "فمررت بك ورايتك وإذا زمنك زمن الحب فبسطت ذيلي عليك وسترت عورتك وحلفت لك ودخلت معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي" (حز16: 8). "وارجع سبيهن سبي سدوم وبناتها وسبي السامرة و بناتها وسبي مسبييك في وسطها". (حز16: 53). |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
عوبديا - مقدمة في سفر عوبديا مُقدمة عامة: * كاتب السفر هو عوبديا النبي، وعوبديا معناه "عبد يهوه"، وهو اسم يصح إطلاقه على أي نبي وليس على شخص مُعيًن. * تتكلم النبوة عن مملكة آدوم، "آدوم" اسم عبري معناه "أحمر"وهو اسم عيسو، أخو يعقوب وابن إسحق، وقد اشتهر بهذا الاسم لأنه اشتهى العدس الأحمر الذي طبخه يعقوب؛ حيث قال لأخيه: "إعطنى هذا الأحمر لأنى قد أعييت. لذلك دُعى اسمه أدوم" (تك25: 30). ولكن الاسم يُطلق أيضَا على الإقليم الذي كان يسكنه نسله، والذي يمتد مِن جنوب موآب إلى خليج العقبة، وهى أيضَا أرض جبلية وتُسمى أيضَا "جبل سعير" (تك36). ويذكر الكتاب المقدس أن هذه البلاد فيها بعض الصخور شديدة الانحدار، حتى قيل أن أمصيا قتل 10 آلاف مِن الأدوميين بطرحهم مِن قمة الجبل إلى أسفل (2أخ25: 11- 13). وأهم مُدنهم هي بصرة وسالع. وقد اشتهر آدوم بعدائه لإسرائيل؛ فأثناء سيرهم في البرية لم يدعهم يمرون في أرضه (عد20: 14-21). والأدوميون هم نسل عيسو وتنطبق عليهم نبوة إسحق أبوهم القائلة: "هوذا بلا دسم الأرض يكون مسكنك. وبلا ندى السماء مِن فوق. وبسيفك تعيش. ولأخيك تُستعبد. ولكن يكون حينما تنجح أنك تُكسًر نيرهُ عنْ عُنقك" (تك27: 39، 40). لذلك كانوا ينالوا نُصرة على إسرائيل أحيانَا في الحرب معهم. * أحداث هذا السفر تعود إلى سنة 587، 588 ق.م.، حينما تحالف آدوم مع البابليين وغيرهم في سقوط أورشليم، حيث اشترك آدوم في نهب المدينة، وسدوا أمام الهاربين الطرق، إذ كانوا يُمسكون بهم ويبيعونهم عبيدَا للأعداء. * السفر عبارة عنْ أصحاح واحد، يتلخص في سرد أخطاء آدوم وتأديبات الله له على أخطائه. أما تأديب الرب، لا يعنى انتقامَا منه ممنْ أخطأ إليه أو إلى أخيه، بل هو مُحاولة من الرب لاسترجاع الخاطئ عنْ خطأه، لأنه يقول عنْ نفسه: "الذي يُريد أن جميع الناس يخلُصُون وإلى معرفة الحق يُقبلون"(1تى2: 4). وسليمان الحكيم أيضَا كتب أمثاله مِن أجل: "معرفة حكمة وأدب لإدراك أقوال الفهم. لقبول تأديب المعرفة والعدل والإستقامة" (أم1: 2، 3). ويُوصى بولس الرسول تلميذه تيموثاوس بأن لا يتغافل عنْ تأديب الخاطئ لكي يتوب، فيقول: "مؤدبَا بالوداعة المقاومين عسى أن يُعطيهم الله توبة لمعرفة الحق فيستفيقوا مِنْ فخ إبليس إذ قد إقتنصهم لإرادته"(2تى2: 25، 26). ويقول بولس الرسول أيضَا: "يا إبنى لا تحتقر تأديب الرب ولا تخُر إذا وبخك. لأن الذي يُحبه الرب يؤدبه ويجلد كُل ابن يقبله. إن كُنتم تحتملون التأديب يُعاملكم الله كالبنين. فأى ابن لا يؤدبه أبوه. ولكن إن كُنتم بلا تأديب قد صار الجميع شركاء فيه فأنتم نُغول لا بنون. ثم قد كان لنا آباء أجسادنا مؤدبين وكنا نهابهم. أفلا نخضع بالأولى جدَا لأبى الأرواح فنحيا. لأن أولئك أدبونا أيامَا قليلة حسب إستحسانهم. وأما هذا فلأجل المنفعة لكي نشترك في قداسته. ولكن كُل تأديب في الحاضر لا يُرى أنه للفرح بل للحزن. أما أخيرَا فيُعطى الذين يتدربون به ثمر بر للسلام"(عب12: 5-11). * يوجد أنبياء آخرين تنبأوا بنفس النبوة على آدوم، منهم: حزقيال النبي، في نحو سنة 590 ق.م. تنبأ عن آدوم قائلَا: "هكذا قال الرب. مِن أجل أن آدوم قد عمِل بالإنتقام على بيت يهوذا وأساء إساءة وإنتقم منه. لذلك هكذا قال السيد الرب وأمُد يدى على آدوم وأقطع منها الإنسان والحيوان وأُصيًرها خرابَا مِن التيمن وإلى دادان يسقطون بالسيف. وأجعل نقمتى في آدوم بيد شعبى إسرائيل فيفعلون بآدوم كغضبى وكسخطى فيعرفون نقمتى يقول الرب" (حز25: 12- 14).وتنبأ يوئيل أيضَا عنْ آدوم قائلَا: "مصر تصير خرابَا وأدوم تصير قفرَا خربَا مِن أجل ظُلمهم لبنى يهوذا الذين سفكوا دمَا بريئَا في أرضهم" (يؤ3: 19). وتنبأ أرميا أيضَا عن آدوم قائلَا: "عنْ أدوم. هكذا قال رب الجنود.... قد غرًك تخويفك كبرياء قلبك يا ساكن في محاجئ الصخر الماسك مرتفع الأكمة. وإن رفعت عُشًك فمن هناك أُحدرك يقول الرب" (أر49: 7- 16). وتنبأ عنهم داود النبي قائلَا: "أذكر يا رب لبنى أدوم يوم أورشليم. القائلين. هُدوا هُدوا حتى إلى أساسها" (مز137: 7). * وأثناء السبي البابلي أمتلك الأدوميونأرض إسرائيل حتى إلى حبرون، وحوالي سنة 300 ق.م. أخذ الأنباط "سالع" وأسسوا دولتهم، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. وفى القرن الثاني ق.م. أخذ يهوذا المكابي واليهود حبرون وغيرها مِن المدن التي كان الأدوميون قد استولوا عليها، وقد أخضعهم يوحنا هركانوس المكابى وإسترد منهم حبرون، وألزمهم أن يختتنوا أو يتركوا البلاد، فاختتنوا وظلوا في البلاد، وواحد منهم صار حاكمًا لليهودية بتحالفه مع الرومان، وهو أنتيباتور أبو هيرودس الكبير وأبو أسرة الهرادسة الأدومية التي حكمت إسرائيل بأمر الرومان في زمن السيد المسيح ورسله. * الكلمات الصعبة في السفر: _ خُصاصةً (آية 5): الخُصاصة هي ما يبقى في الكرمة مِن العنب بعد القطف، وتُشير إلى الشيء القليل. _ تَخم (آية 7): مُفرد تُخوم وهى حد يفصل بين أرض وأرض أخرى. وتعنى في الآية أن آدوم تشتًت إذ لم يكن له أرض ليستقر فيها بل وقف على الحدود. |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
تأملات في سفر عوبديا السفر يتلخص في سرد أخطاء آدوم وتأديب الرب له. "رؤيا عوبديا. هكذا قال السيد الرب عنْ أدوم. سمعنا خبرَا مِن قِبل وأُرسل رسول بين الأمم. قوموا ولنقم عليها للحرب. إنى قد جعلتُك صغيرَا بين الأمم. أنت مُحتقرُ جدَا. تكبُر قلبك قد خدعك أيها الساكن في محاجئ الصخر رَفْعَة مقعده القائل في قلبه مَنْ يُحدرنى إلى الأرض. إن كُنت ترتفع كالنسر وإن كان عُشك موضوعَا بين النجوم فمن هناك أُحدرك يقول الرب. إن أتاك سارقون أو لصوص ليل. كيف هلكت. أفلا يسرقون حاجتهم. إن أتاك قاطفون أفلا يُبقون خُصاصة. كيف فُتٍش عيسو وفُحصت مخابئه. طردك إلى التُخم كُلُ مُعاهديك. خدعك وغلب عليك مُسالموك. أهلُ خُبزك وضعوا شركَا تحتك. لا فهم فيه"(الآيات مِنْ 1-7). تُبيًن هذه الآيات أخطاء أدوم: 1- كبرياء قلبه:وجاء كبريائه مِنْ اعتماده على قوة الصخور التي يسكن بينها، وظن أنه بعيد عنْ كُل يد ولا يقدر أحد أن يغلبه أو يعتدي على أرضه. ولذلك نجد الرب يقول له: "إنى قد جعلتك صغيرَا بين الأمم. أنت مُحتقر جدَا. تكبر قلبك قد خدعك". وفى هذا يقول الرب: "الكبرياء والتعًظم وطريق الشر والأكاذيب أبغضت"(أم8: 13). ويقول سُليمان الحكيم: "تأتى الكبرياء فيأتى الهوان. ومع المتواضعين حكمة"(أم11: 2). ويقول أيضَا: "كبرياء الإنسان تضعه. والوضيع الروح ينال مجداَ"(أم29: 23). ويقول أيضَا: "قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح"(أم16: 18). ويقول السيد المسيح: "إن الذي يخرج مِن الإنسان ذلك يُنجًس الإنسان لأنه مِن الداخل مِنْ قلوب الناس تخرج الأفكار الشريرة زنى فِسق قتلْ سرقة طمع خُبث مكر عهارة عين شريرة تجديف كبرياء جهل. جميع هذه الأشياء تخرج مِنْ الداخل وتُنجٍس الإنسان"(مر7:20- 22). تأمل: ونحن أيضَا أحيانَا يكون كُل اعتمادنا على المال أو نسب العائلة أو علاقاتنا بذوي السُلطان أو على عقلنا ومواهبنا أو على كثرة معارفنا أو على قُدراتنا الجسدية. مع أن الكتاب المقدس يوصينا بضرورة الاتكال على الرب: 2- إحساس أدوم بأنه ذو حكمة: "طردك إلى التُخم كُلُ مُعاهديك. خدعك وغلب عليك مُسالموك. أهل خُبزك وضعوا شِركَا تحتك. لا فهم فيه. ألا أُبيد في ذلك اليوم يقول الرب الحكماء من آدوم والفهم مِنْ جبل عيسو. فيرتاع أبطالك يا تيمان. لكي ينقرض كُل واحد مِنْ جبل عيسو بالقتل" (الآيات 7-9). بالرغم مِنْ أن عيسو يظن أنه حكيم، إلا أن الرب يصفه بأنه "لا فهم فيه". يبدو أن حكمة آدوم كانت مِن هذا العالم، أي حكمة ماكرة، كما يقول الكتاب: "لأن حكمة هذا العالم هي جهالة عند الله. لأنه مكتوب الآخذ الحكماء بمكرهم"(1كو3: 19). ويقول أيضَا: "لأنهم لما عرفوا الله لم يُمجدوه أو يشكروه كإله بل حمِقوا في أفكارهم وأظلم قلبهم الغبى. وبينما هم يزعمون أنهم حُكماء صاروا جهلاء"(رو1: 21، 22). فقد كان آدوم أحمق وبلا فهم حينما اشترك مع الأعداء ضد إخوته بنى يهوذا، لقد امتلأ غيرة منهم وحقد عليهم، مع أن يعقوب الرسول يقول: "منْ هو حكيم وعالم بينكم فليُر أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة. ولكن إن كان لكم غيرة مُرة وتحزب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا على الحق. ليست هذه الحكمة نازلة مِنْ فوق بل هي أرضية نفسانية شيطانية. لأنه حيث الغيرة والتحزب هناك التشويش وكُل أمر ردئ. وأما الحكمة التي مِن فوق فهى أولَا طاهرة ثم مُسالمة مُترفقة مُذعنة مملوًة رحمة وأثمارَا صالحة عديمة الريب والرياء. وثمر البر يُزرع في السلام مِن الذين يفعلون السلام"(يع3: 13-18). وكانت نتيجة جهل آدوم، أنه بعد أن استخدمه الأعداء لأغراضهم، انقلبوا عليه وطردوه مِنْ البلاد، وصار بلا مأوى، وكما يقول الكتاب: "بطئ الغضب كثير الفهم. وقصير الروح مُعلًى الحَمق. حياة الجسد هدوء القلب ونخر العظام الحسد...... الشرير يُطرد بشرهِ"(أم14: 29-31). 3- ظُلمه لأخيه يعقوب:"مِن أجل ظُلمك لأخيك يعقوب يغشاك الخزى وتنقرض إلى الأبد. يوم وقفت مُقابله يوم سبت الأعاجم قُدرته ودخلت الغرباء أبوابه وألقوا قرعة على أورشليم كُنت أنت أيضَا كواحد منهم. ويجب أن لا تنظر إلى يوم أخيك يوم مصيبته ولا تشمت ببنى يهوذا يوم هلاكهم ولا تفغر فمك يوم الضيق. ولا تدخل باب شعبى يوم بليتهم. ولا تنظر أنت أيضَا إلى مُصيبته يوم بليته ولا تمد يدَا إلى قُدرته يوم بليته. ولا تقف على المفرق لتقطع مُنفلتيه ولا تُسلًم بقاياه يوم الضيق. فإنه قريب يوم الرب على كُل الأمم. كما فعلت يُفعل بك. عملك يرتد على رأسك. لأنه كما شربتم على جبل قُدسى يشرب جميع الأمم دائمَا يشربون ويجرعون ويكونون كأنهم لم يكونوا"(الآيات من 10-16). - وقف آدوم مع الأعداء ضد أخيه. - شمت في أخيه يوم بليته، إذ كان يقف ليُميت منْ يفلتون منْ يد الأعداء. والرب يُعلن له: يغشاك الخزي وتنقرض إلى الأبد. لذلك صلى داود قائلَا: "فليخزى وليرتد إلى الوراء كُل مُبغضى صهيون. ليكونوا كعُشب السطوح الذي ييبس قبل أن يُقلع"(مز129: 5، 6). ليته تذكر كلمات الرب هذه. ويا ليته عمِل بقول الحكيم: "الأخ أمنع مِن مدينة حصينة. والمُخاصمات كعارضة قلعة"(أم18: 19). وبوصية الرب القائلة: "إذا إفتقر أخوك وقصُرت يده عندك فأعضده غريبَا أو مستوطنَا فيعيش معك. لا تأخذ منه ربا ولا مُرابحة بل إخش إلهك فيعيش أخوك معك.... وإذا إفتقر أخوك عندك وبيع لك فلا تستعبده إستعباد عبد"(لا25، 35، 39). وأيضَا: "لا يذم بعضكم بعضَا أيها الإخوة. الذي يذم أخاه يذم الناموس ويدين الناموس"(يع4: 11). "منْ قال أنه في النور وهو يُبغض أخاه فهو إلى الآن في الظلمة. منْ يُحب أخاه يثبُت في النور وليس فيه عثرة. وأما منْ يُبغض أخاه فهو في الظلمة يسلك ولا يعلم أين يمضى لأن الظلمة أعيت عينيه"(1يو2: 9-11). لذلك قال له الرب: "كما فعلت يُفعل بك. عملك يرتد على رأسك". تأمل: لقد أعطانا الرب مثل السامري الصالح (لو10: 29-37)، لكي يُعلمنا أن نفعل الخير للكُل، وبالأولى مع أقربائنا بالجسد. وبولس الرسول يقول: "إن كان أحد لا يعتنى بخاصته ولا سيما أهل بيته فقد أنكر الإيمان وهو شرٌ منْ غير المؤمن"(1تى5: 8). ويقول أيضَا: "حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لأهل الإيمان"(غل6: 10). أقول هذا لأننا أحيانَا كثيرة نكون لطفاء مع الغير، أما أهل البيت فلا يروا منًا سوى الإهمال والجفاء. لذلك يُوصينا الرب قائلَا: "كُل ما تريدون أن يفعل الناس بكم إفعلوا هكذا أيضَا بهم. لأن هذا هو الناموس والأنبياء"(مت7: 12). النجاة في جبل صهيون:"وأما جبل صهيون فتكون عليه نجاة ويكون مُقدسَا ويرث بيت يعقوب مواريثهم. ويكون بيت يعقوب نارَا وبيت يوسف لهيبَا وبيت عيسو قشَا فيُشعلونهم ويأكلونهم ولا يكون باقٍ مِنْ بيت عيسو لأن الرب تكلم. ويرث أهل الجنوب جبل عيسو وأهل السهل الفلسطينيين ويرثون بلاد أفرايم وبلاد السامرة ويرث بنيامين جلعاد. وسبى هذا الجيش مِنْ بنى إسرائيل يرثون الذين هم مِنْ الكنعانيين إلى صرفة. وسبى أورشليم الذين في صفارد يرثون مُدن الجنوب"(الآيات مِنْ 17-20). أما جبل صهيون فالمقصود به أورشليم، وهى ترمز للكنيسة وللحياة الأبدية. كما يقول النبي: "الرب مِنْ صهيون يُزمجر ومِنْ أورشليم يُعطى صوته فترجف السماء والأرض. ولكن الرب ملجأ لشعبه وحصن لبنى إسرائيل. فتعرفون أنى الرب إلهكم ساكنَا في صهيون جبل قدسى وتكون أورشليم مُقدسة ولا يجتاز فيها الأعاجم في ما بعد"(يؤ3: 16، 17). لقد ترك بنو إسرائيل أورشليم، ولم يبقى فيها سوى سبط يهوذا، لذلك يدعوا الرب البعيدين ليرجعوا إلى حضن الآب في أورشليم. هذه هي رغبته مِنْ البداية، إذ طلب مِن موسى أن يبنى له خيمة لكي يسكن في وسط شعبه، وسماها خيمة الاجتماع، التي يتراءى فيها الرب كُل حين. إنه في وسطنا كُل يوم على المذبح، يُنادى على الكُل: "تعالوا إلىً يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم. إحملوا نيرى عليكم وتعلموا منى. لأنى وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم. لأن نيرى هيٍن وحملى خفيف"(مت11: 28-30). ويكون المُلك للرب:"ويصعد مُخلٍصون على جبل صهيون ليدينوا جبل عيسو ويكون المُلك للرب"(آية 21). ممكن أن تكون هذه الآية إشارة للأبدية. وكما قال الملاك للعذراء مريم، يوم بشرها بالحبل المُقدس، أن المولود منها سوف يملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية (لو1: 33). وكما بوًق الملاك في سفر الرؤيا: "فحدثت أصوات عظيمة في السماء قائلة قد صارت ممالك العالم لربنا ولمسيحه فسيملك إلى أبد الآبدين"(رؤ11: 15). فطوبى للمدعوين إلى عشاء عُرس الخروف، حيث مسكن الله مع الناس: "هو سيسكن معهم وهم يكونون له شعبَا والله نفسه يكون معهم إلهَا لهم. وسيمسح الله كُل دمعة مِن عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت. وقال الجالس على العرش ها أنا أصنع كُل شيء جديدَا. وقال لى أكتب فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة. ثم قال لى قد تم. أنا هو الألف والياء البداية والنهاية. أنا أعطى العطشان مِنْ ينبوع ماء الحياة مجانَا. منْ يغلب يرث كُل شيء وأكون له إلهَا وهو يكون لى إبنَا"(رؤ21: 3-7). ومنْ يُريد أن يملك الرب عليه مِنْ الآن، يعيش في طاعة وصاياه، ويُحب الرب مِن كُل قلبه ومِن كُل فكره ومِن كُل قدرته ويُحب قريبه كنفسه. منْ يفعل هذا فإنه يحيا الحياة الأبدية مِن الآن وهو في هذا الجسد، كما قال الرب يسوع في صلاته في البستان: "هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته". |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
مقدمة في سفر عوبديا " Obadiah "
الاختصار: عو= OB. ** محور السفر: + كما فعلت يفعل بك. + ترقب مجيء المسيح. + دينونة الآدوميين "كما فعلت يفعل بك" (عدد 15). + العدالة، الغرور. ** عوبديا: + كلمة عبرية تعني "عبد يهوه" أو "المتعبد ليهوه". + من العبارات (1 - 14) يظهر أنه كتب هذه النبوة بعد سقوط أورشليم (2أي 36: 17 - 21). ** موضوع السفر: انتقام الله الرهيب من الآدوميين نسل عيسو. ** أهم الشخصيات: عوبديا. ** أهم الأماكن : أدوم - إسرائيل. ** غاية السفر: أدوم. ** سفر عوبديا: + كتب عوبديا نبواته بعد سقوط أورشليم (ع 10 - 14، 2 أي 36: 17 - 21) علي يد الكلدانيين عام 587 ق.م. + أصغر أسفار العهد القديم وهو موجه ضد أدوم. كلمة " أدوم " معناها أحمر أو دموي أو الأرض التي جبل منها أدم. لذلك فهي ترمز إلى سافكي الدم والأرضيين، أدوم هو لقب عيسو صار لنسله من بعده إذ استولوا علي أرض سعير بعد طردهم الحوريين ( تث 2: 12)، أرض أدوم جبلية وعرة ألهبت في سكانها الشراسة خاصة ضد بني يعقوب فلم يأذنوا لهم بالعبور في أرضهم (عد 20: 14 - 21)؛ مع أن الله طالب بني إسرائيل أن يحسنوا معاملتهم بكونهم أخوة (تث 23: 7)، لكن شر أدوم تزايد وكراهيتهم صارت مُرة امتلأ كأسهم عند سبي أورشليم إذ ابتهجوا (مز137: 7) واشتركوا في التخريب، بعد إصلاح حال إسرائيل غلب داريوس ملك فارس أدوم وذبح الآلاف منهم وفي أيام المكابيين غلبهم اليهود وبالتدريج بادوا تمامًا. + تخص هذه النبوة كل نفس متكبرة تظن أنها قادرة علي حماية نفسها بسكناها علي جبال "الأنا" الوعرة، وأيضا النفس الشامتة في سقوط الغير. + هذه النبوة في ظاهرها تمس أدوم المتعجرف لكنها هي إعلان عن خلاص يعقوب (المؤمن) وتقديسه حيث يملك الرب عليه وفيه. ** محتويات سفر عوبديا: - أولًا: كبرياء أدوم ع (1 - 9): - اعتماده علي إمكانياته الخاصة لا على الله " تكبر قلبك قد خدعك أيها الساكن في محاجئ الصخر" (أي شقوق الصخر حيث كان أدوم يسكن الصخور) (ع 3). - الله يحدر المتكبرين " أن كنت ترتفع كالنسر وأن كان عشك موضوعا بين النجوم فمن هناك اُحدرك يقول الرب" (إذ كانوا يعيشون علي قمم الجبال) (ع 4). - الله يسقطه أرضًا ويذلهم باستخدام أصدقائهم لخرابهم (ع 7) (اقرأ بموقع الأنبا تكلا نص السفر كاملًا). - الله يبيد حكماءهم وفهماءهم، " الذي ليس له فالذي عنده يؤخذ منه" (مت 25: 29). ثانيا: ظلمه لأخيه يعقوب ع (10 - 14): + أن كان الكبرياء يحسب خطية موجهه ضد الله نفسه حيث يتجاهل الإنسان إمكانيات الله وحبه له ورعايته متكلا علي ذراعه البشري، فان كراهية الآخرين موجهه ضد الله، حين يعتد الإنسان بذاته يتقوقع حول الأنا فينسي أخاه بل ويبغضه يحسب هذا إهانة لله نفسه لذا جاءت وصية محبة القريب مكملة لمحبة الله وحسباهما السيد المسيح وصية واحدة متكاملة لأننا لا نقدر أن نحب الله خارج محبتنا لخليقته المحبوبة لديه. + وجه الله لأدوم لوم لكراهيته لأخيه يعقوب من جوانب أربعة: - اشتراكه مع الغرباء (نبوخذنصر) في النهب. - رفضه مساعده أخيه أثناء ضيقته، بل وقف مقابله (ع 11) ينظر ولا يسند! - الشماتة به يوم هلاكه. - قاوم المنفلتين الهاربين من الضيق. وسلمهم للأعداء عبيدًا، عمل لا إنساني! ثالثا: الرب يملك (ع 15 - 21): أدوم يمثل إبليس بكونه سافك دم وقتال للناس يربطهم بالأرضيات ويسحب قلوبهم عن السماويات.. لهذا لكي يملك الرب يلزم أن يرتد عمل إبليس علي رأسه فتهلك مملكته ويخلص المأسورين تحت سلطانه، وما يحدث لإبليس ليس نقمة إلهية إنما هو ثمر طبيعي لشره. إن كان يعقوب يشير إلى إسرائيل الجديد، فإنه إذ يبيد الرب قوة إبليس ويهدم سلطانه إنما لكي يعلن ملكوته فينا. تكون علي جبل صهيون (الكنيسة)، نجاة أو خلاص ويكون مقدسا ويرث بيت يعقوب ويكون بيت يعقوب نارا (عمل الروح القدس الناري) ليملك فينا. ## صراع توأمين: يروي لنا سفر عوبديا قصة صراع بين توأمين امتدت إلى أجيال طويلة بين أمتين:- تك 25: 26 يعقوب امسك بعقب عيسو. تك 25: 27 يعقوب إنسان كامل يسكن الخيام، عيسو صياد إنسان برية. تك 25: 33 يعقوب اشتري بكورية عيسو، عيسو استهان بالبكورية. تك 27: 36 يعقوب اغتصب بركة أبيه، عيسو صرخ بمرارة. تك 27، 43 يعقوب هرب من عيسو، عيسو أراد قتل يعقوب. تك 33 يعقوب قدم هدية لصرف غضب عيسو، عيسو انصرف عنه الغضب. تك 36، 37 يعقوب من نسله قام إسرائيل، عيسو من نسله قام أدوم. عد 20: 14 موسي يطلب عبور إسرائيل، أدوم يرفض عبور إسرائيل. 1 صم 14: 47 شاول يضرب أدوم. 1 أي 18: 13 أدوم غزاها داود وأقام حراسًا عليها. 1 مل 9: 26 سليمان استخدم أرض أدوم. 2 أي 20: 1 أدوم انكسروا أمام يورام. 2 أي 20: 22 امصيا يقتل 10 آلاف من أدوم. 2 مل 8: 20 غزا أدوم يهوذا. 2 مل 8: 22 تمرد أدوم علي يهوذا. مز 137: 7 أدوم وفرحهم بخراب أورشليم |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
تفسير سفر يونان - المقدمة
هو يونان النبي. يونان كلمة عبرية معناها "حمامة". هو مِن جت عابر التي في ناصرة الجليل. كان يونان نبياً للرب ولكنه لمْ يكُن أميناً، وعدم أمانته جلبت عليه التأديب. فقد كان يونان يُفكر مثل باقي اليهود الذين لمْ يحتملوا أن نعمة الرب مُمكن أن تشمل الأمم مثل اليهود، كما قال بولس الرسول عنْ اليهود: "يمنعوننا عنْ أن نُكلٍم الأمم لكي يخلصوا حتى يُتمموا خطاياهم كُل حين. ولكن قد أدركهم الغضب إلى النهاية" (1تس2: 16). وربما كان تعصُب يونان ضد نينوى لأن ملكهم "شلمناصر الثالث" 859 - 824 ق.م. ذلًل إسرائيل في أيام آخاب وياهو، إذ أنه في سجل انتصاراته المدونة على المسلة السوداء بالمتحف البريطاني يذكر أنه هزم آخاب ملك إسرائيل وبنهدد ملك آرام المتحالفين معاً في موقعة كركر (على نهر العاصي) سنة 854 ق.م.. كما هزم ياهو بن عمري، وعلى المسلة السوداء صورة لياهو راكعاً أمام شلمناصر وخلف ياهو 13 حمالاً عبرانياً يحملون الهدايا: ذهب وفضة... وأسفل الصورة مكتوب تفسير لها "تقدمة ياهو بن عمري". وربما كان إذلال الأشوريين لإسرائيل هو سبًب تعصب يونان النبي ضد نينوى، إذ كان يُريد أن الرب يقلب نينوى لا أن يعفو عنها. ** زمن النبوة:تنبأ يونان في أيام يربعام الثاني ملك السامرة، الذي حكم مدة 41 سنة مِن سنة 836 ق.م.، وكان مُعاصراً ليونان وعاموس. وعلى ذلك كان يونان نبياً لإسرائيل "مملكة الشمال" حوالي عام 825- 784 ق.م.، وكان مُعاصراً لعاموس النبي. وكانت النبوة في زمن "شمش-رمون" 824- 811 ق.م.، وهو ابن شلمناصر الثالث. وقد تأثر هذا الملك بمناداة يونان، ولم يقُم بحروب نظير خلفه وسلفه. ** نينوى:هي عاصمة المملكة الأشورية القديمة التي أسسها نمرود، الذي جاء ذكره في (تك10: 6- 11). وقد أرسل الرب يونان النبي إليها بعد 1300 سنة مِن تأسيسها لكي يُنذرها بالهلاك وكانت في ذلك الوقت "مدينة عظيمة لله" وهذا واضح أن يونان وصفها بأنها مسيرة ثلاثة أيام على الأقدام. وكان عدد سُكانها 120 ألف نسمة، وهذا العدد لا يشمل الأطفال. كان الأشوريون قُساة جداً في معاملتهم للشعوب المغلوبة والأسرى، وقد بلغت قسوتهم أنهم سلخوا جلد ملك حماة وهو حي، وقد شهد ناحوم النبي عنْ قسوتهم هذه: "نينوى كبركة ماء منذ كانت ولكنهم الآن هاربون... الأسد المفترس لحاجة جرائه والخانق لأجل لُبواته حتى ملأ مغاراته فرائس ومآويه مُفترسات" (نا2: 8، 12). صفنيا النبي قد تنبأ عنْ كبرياء نينوى وهلاكها فقال: "وأنتم أيها الكوشيون. قتلى سيفى هُم. ويمد يده على الشمال ويُبيد أشور ويجعل نينوى خراباً يابسة كالقفر. فتربض في وسطها القطعان كُل طوائف الحيوان. القوق أيضاً والقنفذ يأويان إلى تيجان عُمُدها. صوت ينعب في الكوى. خراب على الأعتاب لأنه قد تعرى أرزيها. هذه هي المدينة المبتهجة الساكنة مُطمئنة القائلة في قلبها أنا وليس غيرى. كيف صارت خراباً مربضاً للحيوان. كُل عابر بها يصفر ويهز يده" (صف2: 12- 15). كانت نينوى قضيب غضب في يد الرب لتأديب شعبه، لكن غضب الرب على شعبه سينتهي بتحطيم الآلة التي استخدمها الرب لتأديب الشعب. إذ يذكر ديودور الصقلي المؤرخ أن الميديين المتحالفين مع البابليين حاصروا نينوى لمدة سنتين بدون جدوى لكن حدث أن فاض نهر دجلة فجأة فأكتسح جزءاً من أسوار المدينة فدخلها الميديون، وإذ يأس ملك نينوى أحرق نفسه داخل قصره. كما أن المهاجمين أحرقوا المدينة بأكملها سنة 606 ق.م. ** ترشيش: مدينة ساحلية بعيدة جداً عن أرض كنعان وقد ضاعت معالمها، ويظن البعض أنها ترتيسوس الواقعة جنوب أسبانيا، وهى المدينة التي هرب إليها يونان النبي. وإليها تُنسب السفن التي كان سليمان الملك وحيرام يُرسلانها من ميناء عصيون جابر (إيلات) على البحر الأحمر، ولبعدها كانت السفن تأتى كُل ثلاث سنين مرة، حاملة ذهباً وفضة وعاجاً وقروداً وطواويس، كما جاء في (1مل10: 22)، (2أخ9: 21). وكانت مدينة صور لها تبادل تجارى مع مدينة ترشيش (حز27: 12)، وكان خراب صور خراباً عليها (أش23: 1، 4). أقسام السفر:1- إرسال الرب يونان إلى نينوى وهروبه منه (الأصحاح الأول). 2- صلاة يونان في بطن الحوت (الأصحاح الثاني). 3- ذهاب يونان إلى نينوى وتوبة أهل نينوى (الأصحاح الثالث). 4- معاملات الله مع يونان (الأصحاح الرابع). |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
يونان 1 - تفسير سفر يونان
"وصار قول الرب إلى يونان بن أمتاى قائلاً. قُم إذهب إلى نينوى المدينة العظيمة وناد عليها لأنه قد صعد شرهم أمامى" (يون1: 1). ** البداية دائماً من عند الله:الله ينظر ويلاحظ كُل الكائنات على الأرض، فهو ضابط الكُل، وهو: "الذى يُريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يُقبلون" (1تى2: 4). وهو الذي: "مؤدباً بالوداعة المقاومين عسى أن يُعطيهم الله توبة لمعرفة الحق. فيستفيقوا مِن فخ إبليس إذ قد إقتنصهم لإرادته" (2تى2: 25، 26). ويقول: "أنا أرعى غنمى وأربضها يقول السيد الرب. وأطلب الضال وأسترد المطرود وأَجبر الكسير وأعصب الجريح وأُبيد السمين والقوى وأرعاها بعدل" (حز34: 15، 16). ** الخادم لا يتحرك مِن ذاته:لا بد أن تكون دعوة الخادم مِن الله، وليست من ذاته، أو تحت تأثير أي اندفاع أو تهور. فهكذا كانت إرسالية كُل الرسل والأنبياء، لا أحد يتحرك مِن نفسه. فقد نبًه الرب الرسل بعد قيامته قائلاً لهم: "وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا أورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه منى.... لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لى شهوداً في أورشليم وفى كُل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض" (أع1: 4، 8). وهكذا صار مع صموئيل النبي وناداه ثلاثة مرات، ثم قال صموئيل: "تكلم يا رب لأن عبدك سامع" (1صم3: 9). وهكذا عمل الرسل إذ: "وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس أفرزوا لى برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه. فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادى ثم أطلقوهما" (أع13: 2، 3). والرب دائماً يسأل: "مَنْ أُرسل ومَنْ يذهب مِن أجلنا" (أش6: 8). لأن: "الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون. فأطلبوا مِن رب الحصاد أن يُرسل فعلة إلى حصاده" (مت9: 37، 38). ** دعوة الأمم:"هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكي لا يهلك كُل منْ يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لأنه لمْ يُرسل الله إبنه ليدين العالم بل ليُخلٍص العالم" (يو3: 16، 17). الله لا يُفرق بين إنسان وإنسان، بل يشتهى أن يؤمن الكل به فيخلصون. وقد وقع اليهود في الخطأ حينما تصوروا أنهم فقط شعب الله المختار، وأن الله يرفض الأمم. مع أن الذي حدث: "أن (المسيح) جاء إلى خاصته وخاصتهُ لم تقبله. أما الذين قبلوه فأعطاهم سُلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه" (يو1: 11، 12). وكما قال بولس الرسول: "لأنكم جميعاً أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع. لأن كُلكم الذين إعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح. ليس يهودي ولا يونانى. ليس عبد ولا حُر. ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعاً واحد في المسيح يسوع. فإن كُنتم للمسيح فأنتم إذاً نسل إبراهيم وحسب الموعد ورثة" (غل3: 26- 29). هروب يونان وهياج البحر:"فقام يونان ليهرب إلى ترشيش مِن وجه الرب فنزل إلى يافا ووجد سفينة ذاهبة إلى ترشيش فدفع أجرتها ونزل فيها ليذهب معهم إلى ترشيش مِن وجه الرب. فأرسل الرب ريحاً شديدة إلى البحر فحدث نوء عظيم في البحر حتى كادت السفينة تنكسر. فخاف الملاحون وصرخوا كُل واحد إلى إلههِ وطرحوا الأمتعة التي في السفينة إلى البحر ليُخففوا عنهم. أما يونان فكان قد نزل إلى جوف السفينة وإضطجع ونام نوماً ثقيلاً. فجاء إليه رئيس النوتية وقال له ما بالك نائماً. قُم أصرخ إلى إلهك عسى أن يفتكر الإله فينا فلا نهلك. وقال بعضهم لبعض هلم نُلقى قُرعاً لمعرفة بسبب منْ هذه البلية. فألقوا قرعاً فوقعت القرعة على يونان. فقالوا له أخبرنا بسبب منْ هذه المصيبة علينا. وما هو عملك ومِن أين أتيت. ما هي أرضك ومنْ أي شعب أنت. فقال لهم أنا عبرانى وأنا خائف مِن الرب إله السماء الذي صنع البحر والبر. فخاف الرجال خوفاً عظيماً وقالوا لهم لماذا فعلت هذا. فإن الرجال عرفوا أنه هارب مِن وجه الرب لأنه أخبرهم. فقالوا له ماذا نصنع بك ليسكُنَ البحر عنا. لأن البحر كان يزداد إضطراباً. فقال لهم خذونى وإطرحونى في البحر فيسكُن البحر عنكم لأننى عالم أنه بسببى هذا النوء العظيم عليكم. ولكن الرجال جدًفوا ليُرجعوا السفينة إلى البر فلم يستطيعوا لأن البحر كان يزداد إضطراباً عليهم. فصرخوا إلى الرب وقالوا آه يا رب لا نهلك مِن أجل هذا الرجل ولا تجعل علينا دماً بريئاً لأنك يا رب فعلت كما شئت. ثم أخذوا يونان وطرحوه في البحر فوقف البحر عنْ هيجانه. فخاف الرجال مِن الرب خوفاً عظيماً وذبحوا ذبيحة للرب ونذروا نذورا. وأما الرب فأعد حوتاً عظيماً ليبتلع يونان. فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلث ليالٍ" (يون1: 3- 17). لقد كانت العثرة أمام يونان في دعوة الرب له، أنه دعاه لكي يذهب إلى مدينة مِنْ الأمم، وهو يهودي، علاوة على أنه كان يعلم تاريخ هذه الأمة وملوكها وكيف سبًبوا من الآلام لبنى اليهود، وبحسه البشرى كان يتمنى لهم الهلاك، فكيف يذهب ليُنبههم. فلم يجد حلاً إلا أن يهرب مِن وجه الرب، واختار مكاناً بعيداً جداً عنْ وطنه (ترشيش)، ولعله فكر في نفسه أنه لنْ يرى الرب هناك، مع أنه لو كان تذكر كلمات داود النبي القائل: "أين أذهب مِن روحك ومِن وجهك أين أهرب. إن صعدت إلى السموات فأنت هناك. وإن فرشت في الهاوية فها أنت. إن أخذت جناحى الصبح وسكنت في أقاصى البحر فهناك أيضاً تهدينى يدُك وتُمسكنى يمينُك" (مز139: 7- 10). لكان قد عرف أن الله مالئ السموات والأرض.. ** هياج البحر: لكن الله يُريد خلاص يونان وخلاص نينوى أيضاً، ولذلك استخدم الطبيعة ليُحاصر يونان، ويحميه مِن خطأه، ويُساعده على تتميم الرسالة التي دعاه إليها. واستخدم الرب كُل ما هو جميل مِن صفات الملاحين، بالرغم مِن أنهم أناس غير يهود، إلا أنهم كانوا ذو ضمير صالح، إذ اتجه كُل واحد إلى إلهه يستنجد به، في الوقت الذي نزل فيه يونان إلى قاع السفينة ونام نوماً ثقيلاً. وكانوا أيضاً غير مُتعصبين، إذ تركوا كُل واحد يصرخ إلى إلهه، بل وأيقظوا يونان ليصرخ هو أيضاً إلى إلهه. وكانوا أيضاً ذو قلب حنون، إذ أنهم بعد أن عرفوا أن هياج البحر عليهم كان بسبب يونان، وأن يونان أعطاهم الحَل بأن يُلقوه في البحر لكي يهدأإلا أنهم رفضوا ذلك في البداية وجدًفوا كثيراً ليُرجعوا السفينة إلى البر ولم يستطيعوا، وبعد أنْ تأكدوا أنْ ليس أمامهم طريق سوى أن يُلقوا بيونان في البحر، صرخوا إلى الله لكي لا يجعل الله عليهم دماً بريئاً، إنهم مملؤون بمخافة الله حتى وهم غير مؤمنين به. فليتنا نتعلم منهم عدم التسرع بحلول سريعة غاضبة لكي نُنجى أنفسنا، وننسى أن هناك أطرافاً أخرى قد تتأذى مِن تصرفنا، ليتنا نطلب أولاً نجاتنا ونجاة منْ معنا في طريق الحياة ولا نتصرف بأنانية تجعلنا نخسر كُل شيء. ** حوت يونان:وما زال الرب يُحلٍق حول يونان لكي يُنجيه مِن نفسه، فأعد حوتاً عظيماً ليبتلع يونان. ** بين يونان النبي والسيد المسيح:"وكان يونان في بطن الحوت ثلثة أيام وثلث ليال". صار يونان بتمرده وهروبه مِن وجه الرب، آية للمؤمنين جميعاً، إذ قال السيد المسيح: "لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلثة أيام وثلاث ليالِ. هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلثة أيام وثلاث ليالِ. رجال نينوى سيقومون في الديًن مع هذا الجيل ويدينونه لأنهم تابوا بمناداة يونان. وهوذا أعظم مِن يونان ههُنا" (مت12: 40، 41). لقد أعلن السيد المسيح للجموع عنْ دفنه في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليالِ. وكما خرج يونان من بطن الحوت حياً، هكذا قام السيد المسيح مِن بين الأموات بعد ثلاثة أيام. ** صوم يونان(1):https://st-takla.org/Gallery/var/resi...to-the-sea.jpg يقع صوم يونان دائماً قبل بدء الصوم المقدس الكبير بأسبوعين. مدة هذا الصوم حسب طقس الكنيستين السريانية والقبطية هو ثلاثة أيام. أما الأرمن فيصومونه خمسة أيام، ولا تعرفه الكنيسة اليونانية. دخل هذا الصوم إلى الكنيسة القبطية في أيام البابا إبرام بن زرعة (976- 979م.) البطريرك الـ62، وذلك في القرن العاشر. وقد ورد في قطمارس الصوم الكبير katameooc هكذا: [... ومِن أمره (أي البابا إبريم) أنه لم يرغب في البداية أن يصوم أسبوع هرقل(2) الجاري مُمارسته عند الأقباط. ولكنه صامه في مُقابل كونه فرض على الشعب القبطي أن يصوموا ثلاثة أيام على اسم يونان النبي، ونظراً لتقواه قبل الأقباط ممارسة هذا الصوم بغير تردد. وتُشير المصادر السريانية أن هذا الصوم يرجع إلى ما قبل القرن الرابع الميلادي، ونستدل على ذلك مِن ميامر مار إفرام السرياني وأناشيده. وكان عدد هذا الصوم قديماً ستة أيام، أما الآن فهو ثلاثة أيام فقط. وقد أُهمل هذا الصوم عبر الأجيال. ويذكر مار ديونيسيوس بن الصليبي (1171 م.) أن ماروثا التكريتي (649 م.) هو الذي فرضه على كنيسة المشرق في منطقة نينوى أولاً. ويقول ابن العبري نقلاً عنْ الآخرين أن تثبيت هذا الصوم جرى بسبب شدة طرأت على الكنيسة في منطقة الحيرة (وباء خطير فتك بالأهالي) فصام أهلها ثلاثة أيام وثلاث ليال إتماماً لوصية أسقفهم (مار سوريشو مطران) الذي أراد تقليد أهل نينوى لعل الله يستجيب ويُخلصهم مِن الوبأ، وبالفعل نجاهم الله مِن تلك التجربة. ومِن ثم ظلْ هذا الصوم يتأرجح حيناً مِن الوقت، إلى أن وجدناه قد صار صوماً مُستقراً في الكنيسة في قوانين ابن العسال في القرن الثالث عشر، حيث يقول: [والأصوام الزائدة على ذلك المُستقرة في البيعة القبطية. منها ما يجرى مجرى الصوم الكبير في التأكيد وهى جمعة هرقل مقدمة الصوم الكبير، وصوم أهل نينوى ثلاثة أيام]. كما ذكر هذا الصوم أيضاً ابن كبر (1324 م.) كصوم مُستقر في الكنيسة. ولما جاء البابا غبريال الثامن (1587- 1603 م.) البطريرك 97، أمر بألا تُصام أيام نينوى الثلاثة، ولكنه لم يجد صدى لأمره مِن جهة الناس. _____ الحواشي والمراجع: (1) أثناسيوس المقاري، "الدرة الطقسية للكنيسة القبطية": صوم نينوى والصوم المقدس الكبير، دار مجلة مرقس 2009م. ص 19- 56. وأيضاً القمص كيرلس كيرلس،:أصوامنا بين الماضي والحاضر"، كنيسة مارجرجس بخماروية، سنة 1982 م.، ص 136. (2) جاء في كتاب قطمارس الصوم الكبير حسب طقس الكنيسة القبطية ما يلي: [والأصوام الزائدة المُستقرة في البيعة القبطية منها ما يجرى مجرى الصوم الكبير في التأكيد وهى جمعة هرقل التي صارت مُقدمة الصوم الكبير... وذلك أنه لما رجع هرقل ملك الروم على بيت المقدس فوجده خراباً وقد هدم اليهود الكنائس والقبر المقدس وغيرها وأحرقوا النصارى بالنار، وطلب منه أهل القدس قتل اليهود، اعتذر لأنه أعطاهم الأمان واليمين، أي أقسم لهم، أما الأمان فقد علمه كُل أحد منهم احتالوا عليك فيه، وأما اليمين فنحن وجميع النصارى بكُل الأقاليم نصوم عنك أسبوعاً في كُل سنة على ممر الأيام وإلى انقضاء الدهر...] وكتب البطاركة والأساقفة إلى جميع البلاد بصوم هذا الأسبوع الأول مِن الصوم الكبير. |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
يونان 2 - تفسير سفر يونان
"فصلى يونان إلى الربٍ إلههِ مِن جوف الحوت وقال. دعوت مِن ضيقى الرب فإستجابنى. صرخت مِن جوف الهاوية فسمعت صوتى. لأنك طرحتنى في العمق في قلب البحار. فأحاط بى نهر. جازت فوقى تياراتك ولججك. فقلتُ قد طُردت مِن أمام عينيك. ولكننى أعود أنظر إلى هيكل قدسك. قد إكتنفتنى مياه إلى النفسِ. أحاط بى غمر. إلتف عُشب البحر برأسى. نزلت إلى أسافل الجبال. مغاليق الأرض علىً إلى الأبد. ثم أصعدت مِن الوهدة حياتى أيها الرب إلهى. حين أعيت فىً نفسي ذكرت الرب فجاءت إليك صلاتى إلى هيكل قدسك. الذين يُراعون أباطيل كاذبة يتركون نعمتهم. أما أنا فبصوت الحمد أذبح لك وأوفى بما نذرته. للرب الخلاص. وأمر الرب الحوت فقذف يونان إلى البر" (يون2). ** استيعاب يونان للدرس:"حين أعيت فىً نفسي ذكرت الرب"، يبدو أن يونان أخيراً تذكر صلاة داود النبي القائل: "فى ضيقى دعوت الرب وإلى إلهى صرخت. فسمع مِن هيكله صوتى وصراخى قدًامه دخل أذنيه" (مز18: 6). إن الرب واقف على الباب ويقرع، مُنتظراً أن نفتح له، والضيقة تُساعدنا لكي نرفع عيوننا نحو الرب الذي منه وحده الخلاص، فقد شهِد عنه أيوب البار: "وأيضاً يقودك مِن وجه الضيق إلى رحب لا حصر فيه ويملأ مؤونة مائدتك دُهناً" (أى36: 16). ليتنا نتعلم أن لا نهرب مِن وجه الرب، بل نطلب معونته التي تُدركنا في حينه، وأشعياء النبي شهِد عن تدخلات الرب الكثيرة في حياة شعبه فقال: "فى كُل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصًهم. بمحبته ورأفته هو فكًهم ورفعهم وحملهم كُل الأيام القديمة" (أش63: 9). ويقول بطرس الرسول: "فلا يتألم أحدكم كقاتل أو سارق أو فاعل شر أو مُتداخل في أمور غيره. ولكن إن كان كمسيحى فلا يخجل بل يُمجد الله مِن هذا القبيل... فإذاً الذين يتألمون بحسب مشيئة الله فليستودعوا أنفسهم كما لخالق أمين في عمل الخير" (1بط4: 15، 16، 19). ** الإيمان باستجابة الصلاة:لقد شعر يونان بأن الرب سمع صلاته واستجاب لها، وهو ما زال في بطن الحوت، فيقول: "دعوت في ضيقى الرب فإستجابنى صرخت مِن جوف الهاوية فسمعت صوتى". نحن نحتاج أن لا نخرج مِن حضرة الرب إلا ونحن شاعرين ومؤمنين أن صلاتنا دخلت إلى حضرته وأنه سيستجيب في الوقت المناسب. لا نفرض على الرب حلولاً مُعينة، ولا وقتاً مُحدداً للاستجابة. لنتعلم انتظار الرب، وإليك مثال حبقوق النبي الذي رأى مذلة شعب الله وانتصار الشرير على البار وصلى للرب وعرض عليه الأمر ووقف مُنتظراً أن يسمع صوت الرب، فقال: "على مرصدى أقف وعلى الحصن أنتصب وأُراقب لأرى ماذا يقول لى وماذا أُجيب عنْ شكواى" (حب2: 1). دائماً هناك وقت وزمن بين إعطاء الوعد بالخلاص وبين تتميم هذا الوعد في الحاضر. يونان شعر باستجابة الرب لصلاته في الحال، ولكنه لم يخرج مِن بطن الحوت إلا بعد ثلاثة أيام. وإبراهيم أب الآباء أخذ وعداً مِن الرب بولادة إسحق، ولكن الوعد لم يتحقق إلا بعد 25 سنة، والرب أعطى لآدم الوعد بالخلاص مِن لحظة سقوطه، ولكن الخلاص لم يتم إلا في ملء الزمان. ليتنا نستودع أمورنا في يد الرب ونثق أنه سيستجيب في الوقت المُناسب، ونؤمن أن للرب الخلاص، وكما يقول المزمور: "انتظر الرب. ليتشدًد قلبك وانتظر الرب" (مز27: 14)، وأيضاً يقول: "نصيبى هو الرب قالت نفسي. مِن أجل ذلك أرجوه. طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه. جيد أن ينتظر الإنسان ويتوقع بسكوت خلاص الرب" (مراثى3: 24- 26). ** يونان النبي يعرض حاله أمام الرب:لقد أقر أمام الرب بكُل ما يشعر به:" طرحتنى في العمق في قلب البحار. فأحاط بى نهر. جازت فوقى جميع تيارتك ولججك. فقُلت قد طُردت مِن أمام عينيك..... قد اكتنفتنى مياه إلى النفس. أحاط بىً غمر. إلتف عُشب البحر برأسى. نزلت إلى أسافل الجبال. مغاليق الأرض علىً إلى الأبد" حقيقة الرب يعرف كُل هذا، ولكنه يُريدنا أن نتحدث معه، فقد طلب هذا قائلاً: "هلُم نتحاجج يقول الرب. إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج. إن كانت حمراء كالدودى تصير كالصوف" (أش1: 18). ويقول أيضاً: "ذكٍرنى فنتحاكم معاً. حَدٍث لكي تتبرر" (أش43: 26). |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
يونان 3 - تفسير سفر يونان
"ثم صار قول الرب إلى يونان ثانية قائلاً: قُم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة وناد لها المناداة التي أنا مُكلمك بها. فقام يونان وذهب إلى نينوى بحسب قول الرب. أما نينوى فكانت مدينة عظيمة لله مسيرة ثلثة أيام. فإبتدأ يونان يدخل المدينة مسيرة يوم واحد ونادى وقال بعد أربعين يوماً تنقلب نينوى" (يون3: 1-4). ** الله يدعو يونان ثانية ليُتمم رسالته:"لأن السيد لا يرفض إلى الأبد. فإنه ولو أحزن يرحم حسب كثرة مراحمه" (مراثى3: 31). "بل طوبى للرجل الذي تُؤدبه يا رب وتُعلٍمه مِن شريعتك" (مز94: 12). بعد أن حوًط الرب يونان مِن كُل جهة، ولو بأمور مُحزنة، أبقاه ليأخذ بركة الخدمة التي سبق ودعاه إليها، فهو الذي قال "هلُم نتحاجج يقول الرب. إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيًض كالثلج. وإن كانت حمراء كالدودى تصير كالصوف" (أش1: 18). فإن أخذتك أفكارك وخططك بعيداً عن الرب، فلا تتردًد في الرجوع إليه، لأنك ستجده فاتح أحضانه ومُنتظرك بإشتياق، وستسمعه يقول لك: "أخرجوا الحلة الأولى وألبسوه وإجعلوا خاتماً في يده وحذاء في رجليه. وقدموا العجل المُسمن واذبحوه فنأكُل ونفرح. لأن إبنى هذا كان ميتاَ فعاش وكان ضالاً فوُجد" (لو15: 22- 24). توبة أهل نينوى:"فآمن أهل نينوى بالله ونادوا بصوم ولبسوا مُسوحاً مِن كبيرهم إلى صغيرهم. وبلغ الأمر ملك نينوى فقام عن كُرسيه وخلَع رداءه عنه وتغطى بمِسح وجلس على الرماد ونودى وقيل في نينوى عنْ أمر الملك وعظمائه قائلاً لا تذُق الناس ولا البهائم ولا البقر ولا الغنم شيئاً. لا ترعى ولا تشرب ماء. وليتغطً بمسوح الناس والبهائم ويصرخوا إلى الله بشدة ويرجعوا كُل واحد عنْ طريقه الرديئة وعنْ الظلم الذي في أيديهم. لعل الله يعود ويندم ويرجع عنْ حُمو غضبه فلا نهلك. فلما رأى الله أعمالهم أنهم رجعوا عنْ طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه" (يون3: 5- 10). ** التوبة معناها تغيير الاتجاه:لا بد أن يُرافق مشاعر التوبة والندم على الضعف تغيير السلوك والعادات. لذلك نادى الملك على الشعب قائلاً: "يرجعوا كُل واحد عنْ طريقه الرديئة وعنْ الظُلم الذي في أيديهم". فإن كُنت أخطأت في حق أحد، اذهب إليه واعتذر له. وإن ظلمت أحدًا، احرص أن ترفع عنه أسباب الظُلم. وإن سلبت حق أحد، أسرع برده إليه.... "لنفحص طُرقنا ونمتحنها ونرجع إلى الرب. لنرفع قلوبنا وأيدينا إلى الله في السموات" (مراثى3: 40، 41). ** التوبة يصحبها أعمال أخرى:الصوم، والصراخ إلى الله، مع التذلل والخضوع، وساعتها سوف نسمع الرب يقول: "حوٍلى عنى عينيك فإنهما قد غلبتانى" (نش6: 5)، فالعين المملوءة دموع واتضاع تجعل قلب الرب يرحم. ألم يبكى مُتأثراً ببكاء مريم ومرثا على أخيهم لعازر، ألم يتحرك ويُدافع عنْ المرأة الخاطئة التي بللت قدميه بدموعها وغفر لها خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيراً. ألم ينظر إلى اهتمام زكا العشار وطلوعه على الشجرة مِن أجل رؤياه وتحنن عليه وقال له اليوم أكون في بيتك. ألم يستمع لصراخ المرأة نازفة الدم وأعطاها الشفاء. إن الرب قريب مِن أنات قلوبنا، فقط يُريد أن نُعلن عن احتياجنا له. ** ندم الله على الشر:نحن نعلم أن "الله غير مُجرٍب بالشرور وهو لا يُجرٍب أحداً. ولكن كُل واحد يُجرًب إذا إنجذب وإنخدع مِن شهوته" (يع1: 13). أما إذا سمح بالشرور، مثلما حدث مع يونان، فهو يقصد بذلك أن يحميه مِن نفسه ولكي يرده إليه. والله في محبته لبنى البشر حينما يرى رجوعهم إليه يُسرع ويتحنن عليهم، فيقول المزمور: "هوذا عين الرب على خائفيه الراجين رحمته" (مز33: 18). |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
يونان 4 - تفسير سفر يونان
"فغم ذلك يونان غماً شديداً فاغتاظ وصلى إلى الرب وقال آه يا رب أليس هذا كلامى إذ كُنت بعد في أرضى. لذلك بادرت إلى الهرب إلى ترشيش لأنى علمت أنك إله رؤوف ورحيم بطئ الغضب وكثير الرحمة ونادم على الشر. فالآن يا رب خُذ نفسي مِنى لأن موتى خير مِن حياتى. فقال الرب هل اغتظت بالصواب" (يون4: 1- 4). لقد اغتم يونان لتوبة أهل نينوى، ولقبول الرب لتوبتهم، وهذه مشاعر مريضة لا يجب أن تكون عند خادم الرب. أما الخادم الأمين فهو يفرح لرجوع الخاطي، كما قال السيد المسيح عنْ نفسه: "أنا هو الراعى الصالح. والراعى الصالح يبذل نفسه عنْ الخراف. وأما الذي هو أجير وليس راعياً الذي ليست الخراف له فيرى الذئب مُقبلاً ويترك الخراف ويهرب. فيخطف الذئب الخراف ويُبدٍدها. والأجير يهرب لأنه أجير ولا يُبالى بالخراف. أما أنا فإنى الراعى الصالح وأعرف خاصتى وخاصتى تعرفنى" (يو10: 11- 14). فإن يونان تصرف كأجير وليس كراع صالح. الخادم الأمين مثل سيده يفرح برجوع الخاطي، بل يُجاهد بأصوام وصلوات ودموع كثيرة أمام الله لكي يرجع الخطاة إلى حظيرة الخراف، كما قال بولس الرسول عن نفسه: "كُنت معكم كُل الزمان أخدم الرب بكُل تواضع ودموع كثيرة وبتجارب أصابتنى بمكايد اليهود. كيف لم أؤخر شيئاً مِن الفوائد إلا وأخبرتكم وعلمتكم به جهراً وفى كُل بيت" (أع20: 19، 20)، ويقول أيضاً: "لذلك اسهروا مُتذكرين أنى ثلاث سنين ليلاً ونهاراً لمْ أفتر عنْ أن أنذر بدموع كُل واحد" (أع20: 31). يونان شرقيّ المدينة:"وخرج يونان مِن المدينة وجلس شرقى المدينة وصنع لنفسه هناك مظلة وجلس تحتها في الظل حتى يرى ماذا يحدث في المدينة. فأعد الرب الإله يقطينة فارتفعت فوق يونان لتكون ظلاً على رأسه لكي يُخلصه مِن غمٍه. ففرح يونان مِن أجل اليقطينة فرحاً عظيماً. ثم أعدً الله دودة عند طلوع الفجر في الغد فضربت اليقطينة فيبست. وحدث عند طلوع الشمس أن الله أعد ريحاً شرقية حارة فضربت الشمس على رأس يونان فذبُل فطلب لنفسه الموت وقال موتى خير مِن حياتى" (يون4:5- 8). الله يُريد خلاص يونان كما فرح بتوبة نينوى، لذلك أعد له اليقطينة التي أدخلت البهجة لنفسه، ثم أعد الدودة التي أكلت اليقطينة، وسمح بهبوب الريح لتموت اليقطينة، لكي يُعلم يونان درساً مُهماً في العناية بالنفوس. اليقطينة ما هي إلا المواقف المختلفة التي تمر بنا في حياتنا اليومية، ويستخدمها الله لكي يتكلم مِن خلالها إلينا ويُعلمنا. فليتنا نبدأ يومنا بقلب مفتوح ونقول له: "تكلم يا رب لأن عبدك سامع" (1صم3: 9). ونقول مع داود النبي: "طريق وصاياك فهمنى فأُناجى بعجائبك... فهمنى فأُلاحظ شريعتك وأحفظها بكُل قلبى.... إلى الدهر فهمنى فأحيا" (مز119: 27، 34، 144). ودانيال النبي يقول: "الفاهمون يُضيئون كضياء الجلد والذين ردوا كثيرين إلى البر كالكواكب إلى أبد الدهور" (دا12: 3). وهوشع النبي يقول: "منْ هو حكيم حتى يفهم هذه الأمور وفهيم حتى يعرفها. فإن طُرق الرب مُستقيمة والأبرار يسلكون فيها. وأما المُنافقون فيعثرون فيها" (هو14: 9). فليتنا نفتح قلوبنا للرب مع كُل صباح ونكون مُستعدين لكي نتعلم منه. الرب يُبرٍر ليونان أسباب غفرانه لأهل نينوى: "فقال الله ليونان هل إغتظت بالصواب مِن أجل اليقطينة. فقال اغتظت بالصواب حتى الموت. فقال الرب أنت شفقت على اليقطينة التي لمْ تتعب فيها ولا ربيتها التي بنت ليلة كانت وبنت ليلة هلكت. أفلا أُشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة التي يوجد فيها أكثر مِن اثنتى عشرة ربوة مِن الناس الذين لا يعرفون يمينهم مِن شِمالهم وبهائم كثيرة" (يون4: 9- 11). الله يقول على نينوى أنها مدينة عظيمة قالها بعد توبتها، وقالها أيضاً قبل توبتها، لذلك اهتم أن يُرسل لها منْ يُنبهها ويرُدها إليه. أليس هو الراعي الصالح الذي قيل عنه: "الله بيًن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا. فبالأولى كثيراً ونحن مُتبررون الآن بدمه نخلُص به مِن الغضب. لأنه إن كُنًا ونحن أعداء صوُلحنا مع الله بموت إبنه فبالأولى كثيراً ونحن مُصالحون نخلُص بحياته" (رو5: 8- 19). فمهما كان حجم ضعفاتك وسقطاتك تأكد أنك عند الله مثل مدينة عظيمة، ولا تتردًد أبداً في الرجوع إليه، بل تأكد أنه ينتظرك فاتحاً أحضانه ومُستعداً للحوار معك وقادراً على تغيير كُل حياتك إلى الخير والفرح والسلام. |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
تفسير سفر ميخا - المقدمة 1- النبي ميخا ميخا النبي، وميخا هو اختصار ميخائيل، وهو اسم عبري معناه"مثل الله". *ميخا النبي قرويًا ساذجًا من سلالة وضيعة غير معروفة، وهو من سبط يهوذا، ومن قرية لا شأن لها بين المدن، وهى مورشت جت، كما جاء في (مي1:1). لذلك لُقب "بميخا الموريشتى". وهى قرية من منبطحات اليهودية تبعد عن أورشليم، وقريبة من جت. *كان معاصرا للأنبياء أشعياء ويوئيل وهوشع وعاموس. وأسلوبه في الكتابة يشبه اسلوب أشعياء النبي. وقد تجد ميخا وأشعياء استخدموا عبارات واحدة فمثلا: (أش 2: 2، 3) تقول:"ويكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون ثابتا في راس الجبال ويرتفع فوق التلال وتجرى اليه كل الأمم. وتسير شعوب كثيرة ويقولون هلم نصعد إلى جبل الرب إلى بيت إله يعقوب فيعلمنا من طرقه ونسلك في سبله لأنه من صهيون تخرج الشريعة ومن أورشليم كلمة الرب". وتجد ميخا يقول نفس الكلمات في (مى4:1، 2). وأيضا (اش 41: 15) تقول:"هأنذا قدجعلتك نورجًا محددًا جديدًا ذا أسنان. تدرس الجبال وتسحقها وتجعل الآكام كالعصافة". وتجد ميخا يستخدم نفس المعنى في (مى 4: 13). *نبوة اشعياء كانت عن يهوذا وأورشليم، أما نبوة ميخا فهى عن السامرة (عاصمة إسرائيل) وعن أورشليم (عاصمة يهوذا)، لأن ميخا وهو فلاح يظن أن قمة الفساد مُتركزة في العاصمة. وقد بدأ ميخا نبوته بعد نبوة أشعياء بحوالي 17 أو 18 سنة، واستمرت نبوته حوالي 60 عاما (758-698 ق. م).2- زمن كتابة السفر: تنبأ ميخا في وقت يوثام وآحاز وحزقيال ملوك يهوذا، كما جاء في (مى1:1). وكان ملوك إسرائيل في ذلك الوقت هم: فقح بن رمليا وهوشع بن إيلة. ويمكنك متابعة الجدول التالي: المملكة الشمالية وعاصمتها السامرة مملكة يهوذا وعاصمتها أورشليم فقح بن رمليا حكم 16 سنة مع آخرين وحكم 4 سنين بمفرده من (734-730ق. م.). هوشع بن ايلة حكم 9 سنين (730-722ق. م.. ثم جاءت نهاية المملكة الشمالية سنة 722ق. م. على يد شلمناصر ملك أشور. وأحداث خراب وسبى إسرائيل جاء في (2مل17: 4- 6)، وقد تنبأ ميخا عن هذا الخراب والسبي في (مى1: 5- 7). يوثام حكم 16 سنة (751- 736ق. م.) آحاز حكم 16 سنة (736- 721ق. م..حزقيا حكم 29 سنة (721- 693ق. م.. سلسلة نسب يوثام وآحاز وحزقيا موجودة في (1أخ2: 1- 16، 3: 1- الخ). ونهاية مملكة يهوذا كانت في سنة 587ق. م. وبهذا يكون قد رأى ميخا فعلا خراب مملكة إسرائيل، وتنبأ عن خراب يهوذا. والأحداث التي تمت وحالة إسرائيل ويهوذا في زمن ملوكهم (أى زمن كتابة سفر ميخا) تجدها مكتوبة فى: (2مل 15- 20)، (2أخ 26-32). وتوجد اخبار عن آحاز في (أش7: 1- 16). وتوجد أخبار عن حزقيا في (أم 25: 1)، (أش 36-39). 3- قانونية السفر:ما يؤيد قانونية السفر أنه تم الاستشهاد بما جاء فيه في عدة أماكن في الكتاب المقدس، فمثلا: https://st-takla.org/Gallery/var/albu...micah-1671.jpg ا- استشهد شيوخ الأرض في يهوذا بما قاله أرميا عن خراب يهوذا، عندما أراد رؤساء الشعب والكهنة والأنبياء أن يقتلوا أرميا لأنه تنبأ بالخراب على يهوذا. وقالوا:"ان ميخا الموريشتى تنبا في أيام حزقيا ملك يهوذا... هل قتلا قتله حزقيا... الم يَخف الرب وطلب وجه الرب عن الشر الذي تكلم به عليهم" ويمكنك قراءة القصة كاملة في (أر 26). ب- قد تكلم سفر ميخا عن ميلاد السيد المسيح حيث قال: "أما أنتِ يا بيت لحم أفراتة وأنت صغيرة أن تكونى بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لى الذي يكون متسلطًا على اسرئيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل" (مى 5: 2). وقد استشهد رؤساء الكهنة وكتبة الشعب ردًا على سؤال هيرودس الملك "أين يولد المسيح؟" (مت 2: 4- 6)، فأجابوا بنفس كلمات ميخا النبي، وقالوا: (لا زلنا نرى أن كل الأنبياء يشهدون له). ج- نجد أن أشعياء النبي نطق بنفس الكلمات التي نطق بها ميخا بخصوص إسرائيل. قارن بين: (أش 2: 2، 3) مع مي 4: 1، 2)، (أش 41: 15 مع مي 4: 13). 4- أقسام السفر: (مى 1-3) سرد لخطايا يهوذا وإسرائيل، وقضاء الله لهم. (مى 4، 5) الرجاء في المخلص الرب. (مى 6، 7) عتاب الرب لشعبه. 5- معانى الكلمات الصعبة في السفر:
|
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
ميخا 1 - تفسير سفر ميخا نبوة ميخا بالدمار على إسرائيل ويهوذا:"قول الرب الذي صار إلى ميخا المورشتى في أيام يُوئام وآحاز وحزقيا ملوك يهوذا الذي رآه على السامرة وأورشليم اسمعوا أيها الشعوب جميعكم أصغى أيتها الأرض ولؤها وليكن السيد الرب شاهدًا عليكم السيد من هيكل قدسه. فإنه هوذا الرب يخرج من مكانه وينزل على شوامخ الأرض. فتذوب الجبال تحته وتنشق الوديان كالشمع قدام النار كالماء المنصب في منحدر. كل هذا من أجل إثم يعقوب ومن أجل خطية بيت إسرائيل. ما هو ذنب يعقوب. أليس هو السامرة. وما في مرتفعات يهوذا. أليست هى أورشليم. فأجعل السامرة خربة في البرية مغارس الكروم وأُلقى حجارتها إلى الوادى وأكشف أُسسها. وجميع تماثيلها المنحوتة تُحطم وكل أعقارها تُحرق بالنار وجميع أصنامها أجعلها خرابًا لأنها من عُقر الزانية جمعتها وإلى عُقر الزانية تعود. من أجل ذلك أنوح وأولول. أمشى حافيًا وعريانًا. أصنع نحيبًا كبنات آوى ونوحًا كرعال النعام. لأن جراحاتها عديمة الشفاء لأنها قد أتت إلى يهوذا وصلت إلى باب شعبى إلى أورشليم" (مى 1:1-9). الرب يشهد بنفسه على أعمالنا:اسمعوا أيها الشعوب جميعكم أصغى أيتها الأرض وملؤها وليكن السيد الرب شاهدًا عليكم السيد من هيكل قُدسه. فإنه هوذا الرب يخرج من مكانه وينزل ويمشى على شوامخ الأرض، فتذوب الجبال تحته وتشق الوديان كالشمع قدام النار. كالماء المُنصب في منحدر" (مى 1: 2- 4). يقول ميخا النبي أن الرب شاهدًا على الناس من هيكل قُدسه، وحينما يتحرك الرب فإن الجبال تذوب خوفًا من وجههِ، وتنشق الوديان كالشمع أمام النار، أي لا توجد. إن موقف الرب دائمًا هو موقف الرحمة وإعطاء الفرصة بالتوبة، طالما نحن نعيش في هذا الجسد، ولكن بعد انتهاء العمر يكون الله شاهدًا على أعمالنا، ويفرز الشرير والصالح منها. وكثيرين من الأنبياء والرسل أكدوا هذا، فمثلا نجد: *داود النبي يقول: "لك يا رب الرحمة لأنك أنت تُجازى الانسان كعمله" (مز 62: 12) ويقول أيضًا: "الشاهد في السماء أمين" (مز 89:37). وأيضا يقول عن الرب: "المصور قلوبهم جميعًا. المنتبه لكل أعمالهم" (مز 33: 15). * أما يوحنا الحبيب فيقول:"ان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد " (1 ىو 5: 7). يقول أيضًا: "يسوع المسيح الشاهد الأمين البكر من الأموات ورئيس ملوك الأرض" (رؤ 1: 5). * ويستنجد أيوب بالرب من ظُلم أصدقائه، ويقول: "هوذا في السموات شهيدى وشاهدى في الأعالى" (أى 16: 19). * وتكلم الرب يسوع ذاته بأمثال كثيرة عن أعمال الناس الصالحة والشريرة، في مثل الزارع (مت 13:1-23)، ومثل الزرع والزوان (مت 13: 24 -30). ومثل العذارى الحكيمات والجاهلات (مت:25: 1- 13)، ومثل الوزنات (مت 25: 14- 30). وتكلم عن الحساب في اليوم الأخير في: (مت 25: 31 -الخ)، حيث يَجمع الخراف عن اليمين والجداء على اليسار، ويقول للذين عن يمينه: "تعالوا يا مباركى ابي رثوا الملكوت المُعد لكم منذ تأسيس العالم"، ويقول أيضا للذين على اليسار: "اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المُعدة لإبليس وملائكته". * إن "رأس الحكمة مخافة الرب" (مز111: 10)، ومن يحتفظ بمخافة الرب في قلبه، يتحفظ في كل أعماله، ويسلك بحسب المثل القائل: "الفطنة الجيدة تمنح نعمة. أما طريق الغادرين فأوعر. كُل ذكى يعمل بالمعرفة والجاهل ينشر حمقًا" (أم 13: 15، 16)، " فليمتحن كل واحد عمله وحينئذ يكون له الفخر من جهة نفسه فقط لا من جهة غيره. لأن كُل واحد سيحمل حمل نفسه" (غل 6: (4، 5). *الكنيسة أيضًا تشهد على أعمالنا من خلال كلمة الله المقروءة علينا فيها. فخيمة الاجتماع في العهد القديم والتي ترمز للكنيسة في العهد الجديد، سُميت بخيمة الشهادة (2 أي 24: 6). وسُمى تابوت العهد الذي يحتوى على"لوحى الشريعة" بتابوت الشهادة، وتابوت العهد هذا هو الذي يوضع في قدس الأقداس، ويرمز للسيد المسيح على المذبح (خر 30: 6، 39: 5). ولوحى الشريعة اللذين استلمهما موسى من الرب سُميا "لوحى الشهادة" (خر 31: 18، 32: 15، 34:29). فكُل واحد منًا يجب عليه أن يُقَيٍم أعماله في ضوء كلمة الله ووصاياه. فلا يُقارن نفسه بالآخرين، "لنفحص طُرقنا ونمتحنها ونرجع إلى الرب لنرفع قلوبنا وأيدينا إلى الله في السموات" (مراثى 3: 40، 41). وأيضًا الله يشهد في القلب من خلال ضمائرنا وقلق أرواحنا. فهو الذي قال: "ليس سلام قال الهى للأشرار" (أش 48:22). *ويقول ميخا النبي:"هوذا الرب يخرج من مكانه". فكثرة الشر تجعل الرب يتحرك ليفعل شيئًا. فحينما رأى الرب شر الناس قد زاد في الأرض، تحرك وأرسل الطوفان. يوجد أناس قلوبهم قاسية، فلا يفهمون تحذيرات الله التي تأتيهم بطرق لطيفة، فيضطر الله أن يتحرك بنفسه، مثلما فعل مع شاول الطرسوسى، وسدوم وعمورة حيث أحرقها بالنار، وغضبه الشديد على شاول الملك حينما لجأ إلى العرافة لتحُضر له روح صموئيل النبي لكي يستشيره في أمور مهمة. أصحاب هذه القلوب القاسية، إما أن يكونوا بعيدين كُل البعد عن الله، فلا يهتمون أو ينتبهون لأصوات الله الخفيفة التي تهمس لهم. وإما أنهم متدينون جدًا فلا يقبلوا التوجيه ظانين أنهم يعرفون الله أكثر من غيرهم فلا يقبلوا الإرشاد ولا يحتملوا التأنيب، مع أن روح التلمذة وقبول التعليم يجب أن تُلازمنا طول العمر. أما "ذوبان الجبال أمام الرب"، تجعلنا نفهم أيضًا أن أي خطية مهما عظمت وأي تقصير مهما طال، إذا وُضع أمام الرب في الصلاة، فالرب قادر أن يُذيبه من داخلنا، ويمحو كُل آثاره السيئة فينا. ميخا النبي يبكى بسبب خطايا إسرائيل ويهوذا:"كُل هذا من أجل إثم يعقوب، ومن أجل خطية بيت إسرائيل. ما هو ذنب يعقوب؟ أليس هو السامرة؟ وما هي مُرتفعات يهوذا؟ أليست هى أورشليم؟ " فأجعل السامرة خربة في البرية للكروم، وأُلقى حجارتها إلى الوادى، وأكشف أُسسها. وجميع تماثيلها المنحوتة تُحطم وكل أعقارها تُحرق بالنار، وجميع أصنامها أجعلها خراباَ لأنها من عُقر الزانية جمعتها وإلى عُقر الزانية تعود". من أجل ذلك أنوح وأولول أمشى حافيًا وعريانًا. أصنع نحيبًا كبنات آوى، ونوحًا كرعال النعام. لأن جراحاتها عديمة الشفاء، لأنها قد أتت إلى يهوذا، وصلت إلى باب شعبى إلى أورشليم". يخص النبي أورشليم والسامرة بالخطايا الكثيرة، لأنهما المدينتان الكبيرتان في إسرائيل ويهوذا. ولهاتين المدينتين أكبر الأثر على البلاد كلها من خلال تمركز السلطان فيهما. فقد اشتهرت السامرة بالوثنية وكثرة بنائها للتماثيل على المرتفعات، لذلك تنبأ عليها ميخا النبي قائلا: "جميع تماثيلها المنحوتة تُحطم"، "وجميع أصنامها أجعلها خرابًا"، وقد حدث ذلك بالفعل بواسطة جيش آشور، فقد أخرب سنحاريب السامرة وكل أصنامها (أش 10: 11)، وقد القى بكُل آلهتها إلى النار لأنها لم تكن آلهة (أش 37: 19). ويبكى ميخا على يهوذا أيضًا، لأن آثام السامرة وصلت إلى يهوذا وصلت إلى باب شعبى إلى أورشليم. فقد وصلت المرتفعات إلى أورشليم أيضًا، حتى لو كانوا لم يعبدوها الا أنهم سمحوا بوجودها وسطهم، لأنها ممكن تبُعدهم عن الههم (1 مل 14: 4). لذلك قال بولس الرسول: "المعاشرات الردىئة تفسد الأخلاق الجيدة" (1 كو 15:33). *ويقول ميخا النبي "جميع أصنامها أجعلها خرابًا لأنهامن عُقر الزانية جمعتها وإلى عُقر الزانية تعود" (مى 1: 9). ويقصد أن أورشليم والسامرة جمعوا لأنفسهم ثروة بتحالفهم مع الشعوب الوثنية الذين أغروهم لعبادة الأصنام. وكل هذه الثروة تنهبها الأمم الوثنية أيضا (المتمثلة في ملك آشور)، وبهذا تكون من عُقر الزانية جُمعت والى عُقر الزانية تعود. *ان ميخا النبي يُعبٍر عن حزنه على حال أورشليم والسامرة بالنحيب كبنات آوى ورعال النعام، وهى حيوانات ضارية تتقابل ليلًا وتُصدر أصوتًا مزعجة، وكل ذلك لأن حالة البلاد ميؤوس منها، إذ أن " جراحاتها عديمة الشفاء". صلاة: يا رب لا تجعلنى أصل في بُعدى عنك إلى هذا الحال، إلى أن تصير أخطائي وعاداتي بلا شفاء من كثرة ما تأصلت فىً مع طول الزمن. قوتك يا رب تُذيب الجبال، وقادر أن تمحو كل ضعف يُبعدنى عنك، فأسرع ورُدنى إلى خلاصك. ميخا النبي ينادى بلاد متعددة في يهوذا للنوح والبكاء:"لا تُخبروا في جت لا تبكوا في عَكاء تَمرغى في التراب في بيت عَفرة أُعبرى يا ساكنة شافير عُريانة وخجلة الساكنة في صانان لا تخرج. نوح بيت هأيصل يأخذ عندكم مَقامة، لأن الساكنة في ماروث آغتمت لأجل خيراتها، لأن شرًا قد نزل من عِند الرب إلى باب أورشليم. شُدى المركبة بالجواد با ساكنة لاَخيش، هى أول خطية لإِبنة صهيون، لأته فيك وُجدت ذُنُوب إسرائيل. لذلك تُعطين إطلاقًا لِمُورشة جَت تصير بيوت اُكزيب كاذبة لملوك إسرائيل. آتى إليك أيضًا بالوارث يا ساكنة مَريشة يأتى إلى عَدُلام مجد إسرائيل كُونى قَرعاء وجُزى من أجل بَنى تَنعُمك. وسعى قَرعتك كالنسر، لأَنهم قد انتفوا عنك" (مى 1 10: 16). واضح أن النبي من شدة حزنه على حال يهوذا، فهو يدعو بلادها كلها للنوح. انه يرى بعين النبوة الخراب الآتي على يهوذا بسبب خطاياه. من كثرة الخراب، يدعو النبي يهوذا أن لا يصل بكاؤها إلى جت (جت بلدة في فلسطين) حتى لا يشمت فيهم الفلسطينيون. "لا تُخبروا في جت، لاتبكوا في عكاء". جت وعكا هى بلاد كبيرة في فلسطين، وهاتان البلدتان سيفرحون في بلية إسرائيل، لذلك يقول لهم النبي "لا تخبروا في جت لا تبكوا في عكاء ". يدعوا ميخا النبي يهوذا قائلا: "تمرغى في التراب"، فهو بعين النبوة يرى أنها ستُهدم كلها وتصير ترابًا. وهى دعوة للتذلل، لعل الله يُدركهم بمراحمهِ، كما فعل مع أهل نينوى حينما تابو. "أُعبرى يا شافير عريانة وخجلة". شافير (جبل جنوب قادش، وهى بلدة في يهوذا)، "والساكنة في صانان لاتخرج". صانان بلدة في يهوذا كثيرة السكان، وسُكانها لن تخرج لأن البلية سوف تُداهمهم، ومن كثرة الحزن على ما يحدث لها لن تخرج. وأيضًا يزداد على حزنهم، حزن هأيصل (مدينة جنوب يهوذا، وقريبة من صانان)، لذلك يقول النبي: "نوح بيت هأيصل يأخذ عندكم مقامه"، أي سكان صانان سيحزنون على ما يحدث في هأيصل. ويدعو النبي سكان لاخيش إلى الهروب، حيث يقول لهم "شدى المركبة بالجواد"، أي أسرعى بالفرار، لأن سنحاريب ملك آشور سوف يُحاصرها (اش 36: 1، 2). وذلك لأنها أدخلت الأصنام في بلدها متمثلة بإسرائيل، لأنهم كانوا جيرانهم المباشرين. وتُحاول لاخيش أن تُعطى هدايا لمورشة جت (وهى بلدة فلسطينية) لكي تُساعدهم ضد سنحاريب، ولكن مورشة جت سوف تأخذ منهم الهدايا وتخذلهم. لذلك سوف تخرب موريشة أيضًا، حيث يقول الوحى: آتى اليك بالوارث يا ساكنة موريشة". "يأتى إلى عدلام مجد إسرائيل". عُدلام مدينة مشهورة، واستمرت شُهرتها إلى أيام ميخا النبي، وبالرغم من هذا المجد، فإن ملك أشور سوف يصل اليها، ويزول مجد إسرائيل. ويدعو النبي عدلام قائلًا: "كونى قرعاء وجُزى من أجل بنى تنعمك. وسعى قرعتك كالنسر لأنهم قد انتفوا عنك"، أي اجلسى واحزنى وابكى لأن مجدك سوف يزول عنك. انها دعوة للتوبة من النبي لكُل بلدان يهوذا للتذلل والاتضاع أمام الرب. دعوة للبكاء والنحيب على خطاياهم وتهاونهم. التوبة تحتاج قلبًا متضعًا:"قريب هو الرب من منسحقى القلب. ويُخلص المتواضعين بالروح" (مز 34: 18) " القلب المنكسر يا الله لاتحتقره" (مز 51: 17)، ويقول سليمان الحكيم "مكرهة الرب كل متشامخ القلب" (أم 16: 5). وقال السيد المسيح لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار ويحتقرون الآخرين مثل الفريسى والعشار (لو 18:9- 14)، وأراهم كيف أن العشار نزل إلى بيته مُبررًا دون ذاك الفريسى. وعلًق السيد المسيح قائلا:"لأن كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع". ويوصينا بطرس الرسول قائلا:"تسربلوا بالتواضع لأن الله يقاوم المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة " (1 بط 5: 6). ويقول صفنيا النبي: "اطلبوا التواضع. لعلكم تُسترون في يوم سخط الرب" (صف 2: 3). * التوبة يصحبها دموع:الدموع نعمة يمنحها الرب للقلب التائب. الدموع تعبير صادق عن شدة احتياجنا للرب. الدموع تغسل النفس من خطاياها. الدموع أيضًا تُعبٍر عن فرحنا بالرب ونحن في حضرته. العيون المملؤة دموع يتأثر بها الرب جدًا، فهو يقول لعروس النشيد: "حَولى عنى عينيك فإنهما قد غلبتانى" (نش 6: 5). -لذلك تجد ميخا النبي يبكى وينوح، ويدعوا يهوذا وإسرائيل لكي يبكوا ويضعوا أنفسهم في التراب من أجل خطاياهم الكثيرة. -وأرميا النبي يبكى على أورشليم ويقول: "يا ليت رأسى ماء وعينى ينبوع دموع فأبكى نهارًا وليلًا قتلى بنت شعبى" (أر 9: 1). ويدعوا أورشليم لتبكى على نفسها قائلًا: "يا سور بنت صهيون اسكبى الدمع كنهر ليلًا ونهارًا. لا تُعطى ذاتك راحة. لا تكف حدقة عينك. قومى اهتفى في الليل في أول الهُزُع. اسكبى كمياه قلبك قُبالة وجه السيد ارفعى اليه يديك لأجل نفس أطفالك المغشى عليهم من الجوع في رأس كل شارع " (مراثى 2: 18، 19). -نتذكر معًا المرأة الخاطئة التي علِمت أن السيد المسيح مُتكئ في بيت الفريسي، فجاءت ووقفت عند قدميه من وراءه باكية، وابتدأت تبل قدميه بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها. ومن أجل دموعها الكثيرة غفر لها الرب خطاياها الكثيرة (لو 7: 36-50). - ونتذكر معًا داود النبي الذي كان يتذكر خطاياه دائمًا، ومن أجلها يقول: "أُعوم في كُل ليلة سريرى بدموعى أُذوب فراشى (مز 6: 6). ويحكى اختباره على نفع الدموع، ويقول: "الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج " (مز 126: 5). - ويُخبرنا بولس الرسول عن بكاء السيد المسيح نفسه كحامل لخطايا البشرية كلها، قائلًا: "الذى (يسوع) في أيام جسده إذ قدًم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يُخلصه من الموت. وسُمع له من أجل تقواه " (عب 5:7). - أما السيد الرب فلا يقف مكتوفًا أمام العيون الباكية، " يَمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه " (أش 25: 8). - ولأن دموعنا محفوظة في زقِ عند الرب، كما يقول داود النبي (مز 6: 7)، فهو الذي سوف يمسحها بيده في أورشليم السمائية: "بعد هذا نظرت وإذا جمع كثير لم يستطع أحد أن يَعده، مِن كُل الأُمم والقبائل والشعوب والألسنة، واقفون أمام العرش وأمام الخروف مُتسربلين بثياب بيض وفى أيديهم سعف النخل. وهُم يصرخون بصوت عظيم قائلين: "الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف". وجميع الملائكة كانوا واقفين حول العرش والشيوخ والحيوانات الأربعة وخروا أمام العرش على وجوههم وسجدوا لله قائلين: " أمين البركة والمجد والحكمة والشكر والكرامة والقدرة والقوة إلى أبد الآبدين. أمين". وأجاب واحد من الشيوخ قائلًا لى:"هؤلاء المتسربلون بالثياب البيض، مَن هُم؟ ومِن أين أتوا؟ ". فقلت له" يا سيد أنت تَعلم". فقال لى: " هُم الذين أتوا من الضيقة العظيمة وقد غسًلوا ثيابهم وبيًضوا ثيابهم في دم الخروف من أجل ذلك هُم أمام عرش الله ويخدمونه نهارًا وليلًا في هيكله والجالس على العرش يَحِل فوقهم لن يجوعوا بعد ولن يعطشوا بعد ولا تقع عليهم الشمس ولا شيء من الحر لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية ويمسح الله كُل دمعة مِن عيونهم" (رؤ:9-17). |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
ميخا 2 - تفسير سفر ميخا سرد لبعض أخطاء الشعب:" ويل للمفتكرين بالبُطل والصانعين الشر على مضاجعهم في نور الصباح يفعلونه لأنه في قُدرة يدهم فإنهم يشتهون الحقول ويغتصبونها، والبيوت ويأخذونها ويظلمون الرجل وبيته والإنسان وميراثه لذلك هكذا قال الرب: "هأنذا أفتكر على هذه العشيرة بِشر لا تُزيلون منه أعناقكم ولا تسلكون بالتشامخ لأنه زمان ردىء "فى ذلك يُنطق عليكم بِهجو ويُرثى بِمرثاة ويُقال: خَربنا خرابًا بَدل نصيب شعبي كيف ينزعه عنى؟ يَقسٍم للمُرتد حُقولنا". لذلك لا يكون لك مَن يُلقى حَبلًا في نصيب بين جماعة الرب" (مى 2: 1- 5). 1- تفشى الظلم بين الناس:"فإنهم يشتهون الحقول ويغتصبونها والبيوت ويأخذونها ويَظلمون الرجل وبيته والانسان وميراثه ". إنهم يُمارسون هذا الظلم "لآنه في قدرة يدهم"، أي أنهم أغنياء وأصحاب سلطان. هكذا فعل آخاب الملك، حينما اشتهى حقل نابوت اليزرعيلى (1 مل 21: 1-16)، آخاب ملك وعنده الكثير ولكنه اشتهى هذا الحقل الصغير المجاور لحقوله، انه استخدم سُلطانه في الايقاع بنابوت حتى يرث حقله. وهكذا فعل داود الملك حينما اشتهى امرأة أوريا الحثى (2 صم 11). داود ملك ولديه زوجاته، ولكنه اشتهى امرأة رجل فقير من رعيته. السُلطان يُقوى قلب الأغنياء، ويدفعهم لظلم الآخرين. مع أن الكتاب يقول: "ظالم الفقير يُعير خالقه. ويُمجده راحم المسكين" (ام 13: 31). والرسول بولس يقول: "أما الظالم فسينال ما ظلم به وليس محاباة " (كو 3: 25). ويقول أيضًا: "أم لستم تعملون أن الظالمين لايرسون ملكوت الله " (1 كو 6:9). *بداية الظلم تأتى في الفكر:والحقيقة ليس بداية الظلم فقط تأتى من الفكر، بل أي خطية عادة تبدأ بالفكر، كما أوضح ميخا النبي: " ويل للمفتكرين بالبُطل والصانعين الشر على مضاجعهم". تبدأ الخطية في الفكر، حينما يشتهى الفرد ما عند الآخرين، ثم يُترجمها في الفعل ن كما يقول يعقوب الرسول: "الله غير مُجرِب بالشرور وهو لا يُجرِب أحدًا. ولكن كل واحد يُجرًب إذا انجذب وانخدع من شهوته، ثم الشهوة اذا حبلت تلد خطية والخطية اذا كمُلت تُنتج موتًا (يع 1 13-15). لذلك يطلب داود النبي من الرب أن يكون فكره مرضيًا أمامه: "ليكن أقوال فمى وفكر قلبى مرضية أمامك يارب صخرتى ووليى " (مز 19:14). لذلك فإن مراجعة أفكارنا وفحصها وتنقيتها من كل شر مُهم جدًا، فأرميا النبي يقول: " لنفحص طرقنا ونمتحنها ونرجع إلى الرب" (مراثى 3: 40). وسليمان الحكيم يقول:"منْ يُغمض عينيه ليُفكر في الأكاذيب ومنْ يعض شفتيه (من الغضب والغيظ) فقد أكمل شرًا" (أم 16: 30). ليتنا نتعلم أن نفكر في الخير والصلاح لأنفسنا ولغيرنا. ليتنا نشغل فكرنا بالسيد المسيح الذي احتمل الصليب من أجلنا مُستهينًا بالخزى. فلنستمع لما يقوله الرسول "كل ما هو حق. كل ما هو جليل. كل ما هو عادل. كل ما هو طاهر. كل ما هو مُسر. كُل ما صيته حسن. إن كانت فضيلة وإن كان مدح. ففى هذه افتكروا" (فى 4: 8). *الجرأة في فعل الشر:فيقول ميخا النبي أن الشعوب تجرأوا جدًا في فعل الشر، لدرجة أنهم:"فى نور الصباح يفعلونه ". إنهم يُفكرون بالشر على مضاجعهم، ومجرد أن يُشرق نور الصباح يفعلونه. إن التعود على فعل الخطأ، يصل بالإنسان إلى أن يفعله بلا خجل على الملأ. الله شاهد بنفسه على أعمال الظلم ويحاسب أصحابها:فيقول:"هأنذا أفتكر على هذه العشيرة بشرٍ". لقد لمس الرب كبرياؤهم وتعاليهم على الآخرين، ولن يعودوا يسلكون بالتشامخ بسبب الخراب الذي يحل بهم. بل أيضًا:"سوف يَنطق عليكم بهجو"، أي أنهم سوف يكونون عُرضة للسخرية والذم، عندما يعاقبهم الله على ظلمهم لغيرهم. فحتى ما حصلوا عليه بالظلم سوف يُنزع منهم: "فيقول خربنا خرابًا. بدل نصيب شعبى. كيف ينزعه عنى". " يقسم للمرتد حقولنا"، أي يأخذ ما عندهم وما جمعوه بالظلم ويُعطيه لآخرين. بل أكثر من هذا، لا يكون لهم نصيب في أرض الله المقدسة بل يُطردون منها، " لا يكون لك من يُلقى حبلًا في نصيب بين جماعة الرب"، الحبل يُستخدم لقياس الأرض. ألم أقل لكم أن "الظالمين لا يرثون ملكوت السموات". خطايا أخرى:"يتنبأون قائلين:"لاتتنبأوا". لايتنبأون عن هذه الأمور العار. أيها المسمى بيت يعقوب هل قصرت روح الرب أهذه أفعاله؟" أليست أقوالى صالحة نحو من يسلك بالاستقامة؟ ولكن بالأمس قام شعبى كعدو تنزعون الرداء عن الثوب من المجتازين بالطمأنينه ومن الراجعين من القتال تطردون نساء شعبى من بيت تنعمهن تأخذون عن أطفالهن زينتة إلى الأبد. قُوموا واذهبوا لأنه ليست هذه هى الراحة. من اجل نجاسة تُهلِك والهلاك شديد لو كان أحد وهو سالك بالريح والكذب يكذب قائلًا:أتنبأ لك عن الخمر والمسكر لكان هو نبى هذا الشعب". (مى 2:6- 11). 1- رفض النبوة:أو رفض كلمة الله، التي تهديهم وتردهم عن طرقهم الشريرة. فهم يمنعون الأنبياء أن يتنبأوا على أعمالهم الشريرة، "يتنباون قائلين لا تتنبأوا. لا يتنبأون عن هذه الأمور لا يزول العار". انهم لا يريدون من يُنبههم على أخطائهم. لقد انطبق عليهم قول السيد المسيح:"يا أورشليم... كم مرة أردت أن أجمع فراخك تحت جناحى ولم تريدوا. هوذا بيتكم يترك لكم خرابًا (لو 13: 34). "هكذا قال الرب:قفوا على الطرق وانظروا واسألوا عن السبل القديمة أين هو الطريق الصالح وسيروا فيه فتجدوا راحة لنفوسكم. ولكنهم قالوا لانسير فيه.... اسمعى أيتها الأرض هأنذا جالب شرًا على هذا الشعب ثمر أفكارهم لأنهم لم يصغوا لكلامى وشريعتى رفضوها " (أر 6: 16- 19). إنهم فعلوا مثل الفريسيين الذين قال عنهم السيد المسيح:"رفضتم وصية الله لتحفظوا تقليدكم" (مر 6:9). ويتنبأ عنهم هوشع النبي قائلًا:"يرفضهم الهى لأنهم لم يسمعوا له. فيكونون تائهين بين الأمم" (هو 9: 17). وينطبق عليهم كلمة الله على فم بولس الرسول:"كما لم يستحسنوا أن يُبقوا الله في معرفتهم. أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق" (رو 1: 28). مع أن: "كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومُميزة أفكار القلب ونياته (عب 4: 12). ومنْ يستمع إلى كلمة الله في كل يوم تستنير نفسه، ويتدرب على فحص أعماله في ضوء كلمة الله الحية والفعالة. ولكنهم لم يكتفوا بصد الأنبياء الذين يُحاولون هدايتهم بنبواتهم الصحيحة، بل تمادوا بأن تبعوا أنبياء مولعين بالربح ويتنبأوا لهم بما يُحبون أن يسمعوه، فيقول ميخا النبي: "لوكان أحد وهو سالك بالربح والكذب يكذب قائلًا أتنبأ لك عن الخمر والمُسكر لكان هو نبى هذا الشعب ". لذلك يدعوهم الرب: "أيها المسمى بيت يعقوب"، أي أنتم أبناء يعقوب أب الآباء، ولكن السيد المسيح رد عليهم قائلًا: ان الله قادر أن يُقيم من هذه الحجارة أولاد لابراهيم. كثيرون يعتبرون أنفسهم أولاد الله، ويمكن يكونوا متواجدين دائما في الكنيسة الا أن أعمالهم بعيدة تمامًا عن وصايا الله. 2- ظلمهم لفقراء الشعب:فكانوا يُجردون المسافرين من ثيابهم، "تنزعون الرداء عن الثوب من المجتازين بالطمأنينة ومن الراجعين من القتال ". كانوا يقومون بعمليات سلب ونهب. وأكثر من هذا كانوا يأخذون النساء الحرائر من بيوتهن ويستعبدوهن "تطردون نساء شعبى من بيت تنعمهن". بل ويأخذون الأطفال الأبرياء من بيوتهم ويبيعونهم عبيد. ** لهذا كله قال عنهم الرب بفم النبي: "من أجل نجاسة تَهلك والهلاك شديد"، فإنهم يظنون بقسوتهم وسلطانهم يعيشون في رغد وراحة، ولكن الرب يقول لهم: "ليست هذه هى الراحة ". على مثل هؤلاء الناس الظالمين قال عاموس النبي"هل تركض الخيل على الصخر؟ أو يحرث عليه بالبقر؟ حتى حولتم الحق سُمًا وثمر البر أفسنتينًا أنتم الفرحون بالبُطل، القائلون: (أليس بقوتنا اتخذنا لأنفسنا قرونًا). (لأنى هأنذا أقيم عليكم يا بيت إسرائيل يقول الرب إله الجنود أُمة فيضايقونكم مِن مدخل حَماة إلى وادى العربة) ". (عا 6:12- 14). فإن الغِنى والسلطان والجاه، "ليست هى الراحة"، لأنها كلها أمور زائلة بل السيد المسيح قال:"من وجد حياته يُضيعها. ومن أضاع حياته من أجلى يجدها" (مت 10- 39). هذه هى الراحة الحقيقة، أن تكون حياتنا كلها لمجد المسيح وبنيان ملكوته، "ومن لا يأخذ صليبه ويتبعنى فلا يستحقنى" (مت (10: 39)، هذا ما قاله السيد المسيح وأكده قائلًا: "إن أراد أحد أن يأتى ورائى فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعنى" (لو9: 23). **فقوموا وإذهبوا تاركين الراحة الزائلة الكاذبة واطلبوا باب التوبة، اذهبوا بعيدا عن أماكن الإثم وأعمال الظلمة، قوموا من نوم الأفكار الخاطئة، قوموا من الكسل وعدم الجهاد، قوموا من خطاياكم واذهبوا إلى بركة سلوام واغتسلوا مع المولود أعمى فتستنير عيونكم وتتطهرون من خطاياكم. ولكن يوجد رجاء:"إنى أجمع جميعك يا يعقوب أضم بقية إسرائيل أضعهم معا كغنم الحظيرة، كقطيع في وسط مَرعاة يَضج مِن الناس قد صعد الفاتك أمامهم يقتحمون ويعبرون من الباب ويخرجون منه ويجتاز مَلكهم أمامهم والرب في راسهم" (مى 2: 12، 13). إن الله لا يقف مكتوف الأيدى حينما يرى شعبه يتشتت ويضيع ويُقهر من العدو، "لأن السيد لايرفض إلى الأبد. فإنه ولو أحزن يرحم حسب كثرة مراحمه. لأنه لايُذل من قلبه ولا يُحزن بتى الإنسان" (مراثى 3: 31- 33). فهو الذي يجمع بنفسه يعقوب وإسرائيل ويردهم من الشتات، وهذا حدث بالفعل حينما رجعوا من السبى، "فقد صعد الفاتك أمامهم"، وردهم إلى أورشليم، بل وصاروا أقوياء به: "يقتحمون ويعبرون من الباب ويخرجون منه ويجتاز ملكهم أمامهم والرب في رأسهم". لقد وعدهم الرب بأن يقودهم بنفسه، لقد أعاد لهم مجد الماضى حينما "كان الرب يسير أمامهم نهارًا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق وليلًا في عمود نار ليُضىء لهم. لكي يمشوا نهارًا وليلًا. لم يبرح عمود السحاب نهارًا وعمود النار ليلًا من أمام الشعب" (خر 13: 21، 22). هذا حدث بالفعل حسب نبوة ميخا حينما ردهم الرب من سبيهم. ولكن نبوة ميخا النبي تشير أيضًا إلى معركة الخلاص من الخطية، حينما نزل الابن "الفاتك" من السماء وتجسد، وتألم نيابة عنا، وصُلب حاملًا خطايانا عوضًا عنا، ومات وقُبر وقام، وصار باكورة الراقدين، وفتح باب النصرة لكل من يؤمن به، رد آدم وبنيه إلى الفردوس الذي سبق وطُردوا منه، وترك لنا جسده ودمه لكي نحيا بهما ونأخذهما قائدًا لحياتنا، كما يقول الرسول: "أحيا لاأنا بل المسيح يحيا فى". وأعطانا نعمة الروح القدس "لكى نستطيع أن نُجاوب كل واحد عن سبب الرجاء الذي فينا" (1 بط 3: 15). الروح القدس: "الذى يشفع فينا بأنات لا يُنطق بها" (رو8: 26). الروح القدس الذي يأخذ مما للآب ويُعطينا (يو16: 15). فهو بالحقيقة: "صعد الفاتك أمامهم. يقتحمون ويعبرون من الباب ويخرجون منه ويجتاز ملكهم أمامهم والرب في رأسهم". "فشكرًا لله الذي يقودنا في موكب نُصرته في المسيح كل حين ويُظهر بنا رائحة معرفته في كُل مكان. لأننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون وفى الذين يهلكون. لهؤلاء رائحة موت لموت ولأولئك رائحة حياة لحياة" (2 كو2: 14- 16). |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
ميخا 3 - تفسير سفر ميخا نبوات ميخا النبي على قادة الشعب وأنبيائه:"وقلت"اسمعوا يا رؤساء يعقوب وقضاة بيت إسرائيل أليس لكم أن تعرفوا الحق؟ المُبغضين الخير والمُحبين الشر النازعين جُلُودهم عنهم ولحمهم عن عظامهم والذين يأكلون لحم شعبى ويكشطون جلدهم عنهم ويُهشمون عظامهم ويُشققون كما في القِدر وكاللحم في وسط المِقلى"حينئذ يصرخون إلى الرب فلا يُجيبهم بل يستر وجهه عنهم في ذلك الوقت كما أساءوا أعمالهم. هكذا قال الرب على الأنبياء الذين يضلون شعبى الذين ينهشون بأسنانهم ويُنادون "سلام" والذى لا يجعل في افواههم شيئًا، يفتحون عليه حربا ً"لذلك تكون لكم ليلة بلا رؤيا ظلام لكم بدون عِرافة وتغيب الشمس عن الأنبياء ويُظلم عليهم النهار فيخزى الراؤون ويخجل العرافون ويُغطون كلهم شواربهم لأنه ليس جواب من الله". لكننى أنا ملآن قوة روح الرب وحقا وبأسًا لأُخبر يعقوب بذنبه وإسرائيل بخطيته. اسمعوا هذا يا رؤساء بيت يعقوب وقضاة بيت إسرائيل الذين يكرهون الحق ويُعوجون كل مستقيم الذين يَبنون صهيون بالدماء وأورشليم بالظلم رؤسائها بالرشوة وكهنتها يُعلمون بالأُجرة وأنبيائها يعرفون بالفضة وهم يتوكلون على الرب قائلين: "أليس الرب في وسطنا؟ لا يأتى علينا شر". لذلك بسببكم تُفلح صهيون كحقل وتصير أورشليم حِربا وجبل لبيت شوامخ وَعر" (مى: 3). هذا الأصحاح كله موجه إلى رؤساء يهوذا وأنبياؤه، والخراب الذي يقصده النبي هنا هو خراب يهوذا وكان هذا الكلام في أيام حزقيا الملك، أي بعد سبى أسباط إسرائيل العشرة إلى بابل. أخطاء رؤساء الشعب وقضاتهم:1- الظلم والقسوة في التعامل: إن النبي يستغرب تصرفاتهم، فيقول: "أليس لكم أن تعرفوا الحق"، أي كان المفروض منكم أن تتصرفوا بالحق، ولكنكم سلكتم بالظلم. بل والقسوة أيضًا: "النازعين جلودهم عنهم ولحمهم عن عظامهم"، وقد حدث ذلك بأن فرضوا على الشعب جزية بالإضافة إلى غرامات وعقوبات جسدية، "ويكشطون جلودهم عنهم ويهشمون عظامهم". ظُلم وقسوة الرؤساء للشعب، ربما كانت السبب في أن يتعلم الشعب ظلم بعضهم البعض. 2- محبة المال: بدل من أن يحكم الرؤساء والقضاة بالحق، انقلبوا وصاروا يكرهون الحق ويُعوجون كل مستقيم. "الذين يبنون صهيون بالدماء وأورشليم بالظلم". رؤساؤها يقضون بالرشوة. فقد جعلوا حُكمهم متوقف على مقدار ما يُدفع، فصاروا يُعوجون كل مستقيم. لذلك السيد المسيح في عظته على الجبل قال: "لايقدر أحد أن يخدم سيدين... لاتقدرون أن تخدموا الله والمال" (مت 6: 24). لذلك يُوصى بولس الرسول في رسالته للعبرانيين قائلًا: "لتكن سيرتكم خالية من محبة المال. كونوا مكتفين بما عندكم لأنه قال لا أهملك ولا أتركك. حتى إننا نقول واثقين الرب معين لى فلا أخاف ماذا يصنع بى الإنسان" (عب 13: 5، 6). جزاء هذه الخطايا:الرب يقول للرؤساء والقضاة الظالمين على فم ميخا النبي: "حينئذ يصرخون إلى الرب فلا يُجيبهم بل يستر وجهه عنهم في ذلك الوقت كما أساءوا أعمالهم". أما الذين أحبوا الرشوة، فقال لهم: "بسببكم تُفلح صهيون كحقل وتصير أورشليم خِربًا وجبل البيت شوامخ وعَر". وهذا قد تم حرفيًا عند خراب أورشليم على يد الرومان. أخطاء الأنبياء والكهنة:حتى الأنبياء والكهنة في يهوذا قد سلكوا طرق الضلال. فالأنبياء قد تجبروا على الشعب، "والذى لا يجعل في أفواههم شيئًا يفتحون عليه حربًا"، لذلك سوف يحرمهم الرب من الرؤى الحقيقية. "لذلك تكون لكم ليلة بلا رؤيا. ظلام لكم بدون عرافة. وتغيب الشمس عن الأنبياء ويُظلم عليهم النهار. فيخزى الراؤون ويخجل العرافون ويُغطون كلهم شواربهم لأنه ليس جواب من الله". هذه هى النبوات الصعبة التي قالها ميخا النبي عن أنبياء يهوذا الذين صاروا يرعون أنفسهم، فحُرموا من روح النبوة الحقيقية التي من عند الله. أما ميخا النبي فهو يقول لهم أنه مختلف عنهم لأنه ما زال روح الله معه، لأنه يسير بالإستقامة أمامه، لذلك بكل قوة يقول لهم: "لكننى أنا ملآن قوة روح الرب وحقًا وبأسًا لأُخبر يعقوب بذنبه وإسرائيل بخطيته". أنبياء يهوذا لأنهم كانوا مملوئين عيوبًا، فكانوا يخافون أن يتنبأوا للشعب بالحقيقة أو يُواجهوا الشعب بعيوبه فكانوا: "ينادون بالسلام"، أي اطمئنوا. أما ميخا النبي الذي فيه قوة روح الرب استطاع أن يُخبر يهوذا بذنبه وإسرائيل بخطيته. وحتى كهنة يهوذا ضلوا: "كهنتها يُعلمون بالأجرة وأنبياؤها يعرفون بالفضة". لقد تاه الكل وراء محبة المال. والغريب أنهم متكلين على أن الرب في وسطهم، لأنهم الكهنة، فكانوا مطمئنين اطمئنانًا باطلًا ويظنون: "لا يأتى علينا شر". لقد قال عنهم الرب بفم حزقيال النبي: "وكان إلى كلام الرب قائلا يا ابن آدم تنبأ على رُعاة إسرائيل، تنبأ وقل لهم: هكذا قال السيد الرب للرعاة ويل لرعاة إسرائيل الذين كانوا يرعون أنفسهم ألا يرعى الرعاة الغنم؟ تأكلون الشحم وتلبسون الصوف وتذبحون السمين ولا ترعون الغنم المريض لم تُقووه والمجروح لم تَعصبوه والمكسور لم تجبروه والمطرود لم تستردوه والضال لم تطلبوه بل بشدة وعنف تسلطتم عليهم فتشتت بلا راع وصارت مأكلًا لجميع وحوش الحقل وتشتت. ضلت غنمى في كل الجبال وعلى كل تل عال وعلى كل وجه الأرض تشتت غنمى ولم يكن مَن يسأل أويُفتش. "فلذلك أيها الرعاة اسمعوا كلام الرب حى أنا يقول السيد الرب من حيث إن غنمى صارت غنيمة وصارت غنمى مأكلًا لكل وحش الحقل إذ لم يكن راع ولا سأل رُعاتى عن غنمى ورعى الرعاة أنفسهم ولم يرعوا غنمى، فلذلك أيها الرعاة اسمعوا كلام الرب هكذا قال السيد الرب: هأنذا على الرعاة وأطلب غنمى من يدهم وأكفهم عن رعى الغنم أنفسهم بعد فأُخلص غنمى من أفواههم فلا تكون لهم مأكلًا" (حز 34: 1- 10). أما ميخا النبي بقوة روح الله التي فيه قال لهم: "بسببكم تُفلح صهيون كحقل وتصير أورشليم خربًا. وجبل البيت شوامخ وعر" أصعب تجربة تمر على شعب الله، أن يفقد قادتها من أنبياء وكهنة وخدام ضمائرهم. إذا أخطأ الشعب، فهناك أمل أن يُصلح القادة أخطاء الشعب، أما خطية القادة فهى تُدمٍر الاثنين معًا. لذلك نجد الرب يسوع يقول: "لأجلهم اُقدس أنا ذاتى ليكونوا هم أيضًا مقدسين في الحق" (يو 17:19). أي يجب على الخادم أن يحفظ نفسه في طريق القداسة، اذا أراد أن تتقدس رعيته، أي عليه أن يبدأ بنفسه. المطلوب خدامًا مُختبرين ومملوئين بقوة روح الرب، لكي يكونوا قدوة حقيقية صالحة أمام المخدومين. مطلوب خدامًا مملوئين سلام من الرب، سلام حقيقى، فيفيض هذا السلام الحى على المخدومين. مُحتاجين خدامًا قنوعين راضين عن حياتهم، يعرفون أن يستخلصوا الصالح من كل شيء فيروا الشر خيرًا في يد الرب. مثل هؤلاء الخدام حتى لو لم يُخبروا أحدًا بأخطاءه، فإن سيرتهم القنوعة الراضية والمملوءة سلامًا وفرحًا من عند الرب، فسوف تشد وتجذب الخطاة والمتعبين وتكرز بالإيمان العامل بالمحبة. ونجد بولس الرسول يحث أهل فيليبى أن يكونوا قدوة للآخرين، كما كان هو قدوة لهم: " كونوا متمثلين بى معًا أيها الأخوة ولاحظوا الذين يسيرون هكذا كما نحن عندكم قدوة" (فى3:17). ويوصى تلميذه تيموثاؤس لكي يكون قدوة للآخرين: "لا يستهين أحد بحداثتك بل كُن قدوة للمؤمنين في الكلام في التصرف في المحبة في الروح في الايمان في الطهارة" (1 تى 4: 12). ويؤكد نفس الكلام لتلميذه تيطس قائلًا: "عِظ الأحداث أن يكونوا متعقلين مقدمًا نفسك في كل شيء قدوة للأعمال الحسنة ومُقدمًا في التعليم نقاوة ووقارًا واخلاصًا وكلامًا صحيحًا غير ملوم لكي يُخزى المُضاد إذ ليس له شيء ردىء يقوله عنكم" (تى 2: 6- 8). أما الفريسيين لأنهم كانوا قادة غير أمناء قال عنهم السيد المسيح: "هم عميان قادة عميان. وإن كان أعمى يقود أعمى يسقطان كلاهما في حفرة" (مت 5: 14). أما المؤمنين الأمناء فعليهم ألا ينقادوا وراء أي فساد، حتى لو كان هذا الفساد من الأنبياء أو الكهنة، فالرسول بطرس يُحذرنا قائلًا: "أيها الأحباء إذ قد سبقتم فعرفتم. احترسوا من أن تنقادوا بضلال الأردياء فتسقطوا من ثباتكم. ولكن انموا في النعمة وفى معرفة ربنا يسوع المسيح. له المجد الآن وإلى يوم الدهر آمين" (2 بط 3: 17، 18). |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
ميخا 4 - تفسير سفر ميخا الأصحاح الرابع والخامس كله تعزيات ونبوات عن خلاص الرب الذي أعده لبقية إسرائيل ويهوذا. *ميخا النبي يتكلم بروح الرب في الأصحاحين الثاني والثالث ويُبرز العقاب الذي سوف يقع على إسرائيل ويهوذا بسبب خطاياهم. ولكن في الأصحاحين الرابع والخامس يتحدث ميخا النبي بروح الرب أيضًا عن الخلاص الذي يُرتبه الرب للبقية الباقية من إسرائيل ويهوذا. وبهذا يوضح لنا بروح النبوة أن الرب لا يكره الخاطئ، بل يشتهى أن يحيا، لكن بعد أن يُبيد منه الخطية، فالرب يُريده نقيًا بلا عيب أمامه. لذلك تجده يُوجه كلامه إلى ملاك كنيسة اللاودكيين الذي كان يظن في نفسه أنه صالح وليس بحاجة لأى تعليم، فقال له: أشير عليك أن تشترى منى ذهبًا مُصفى بالنار لكي تستغنى. "وأكتب إلى ملاك كنيسة اللاودكيين هذا يقوله الشاهد الأمين الصادق بِداءة خليقة الله أنا عارف أعمالك أنك لست بارد أوحار هكذا لأنك فاتر ولست بارد ولا حار أنا مزمع أن أتقيأك من فمى لأنك تقول: إنى غنى وقد استغنيت ولا حاجة لى إلى شيء ولست تعلم أنك أنت الشقى والبئس وفقير وأعمى وعريان. أُشير عليك أن تشترى منى ذهبًا مُصفى بالنار لكي تستغنى وثيابًا بيضًا لكي تلبس فلا يظهر خزى عُريتك. وكحل عينيك بكُحل لكي تبصر. إنى كل من أُحبه أُوبخه وأؤدبه فكن غيورًا وتُب. هأنذا واقف على الباب وأقرع إن سمع أحد صوتى وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معى. من يغلب فساُعطيه أن يجلس معى في عرشى كما غلبت أنا أيضًا وجلست مع أبى في عرشه من له أُذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس" (رؤ 3:14- الخ). هكذا يقول الرسول:"لأن الذي يُحبه الرب يؤدبه ويَجلد كل ابن يقبله. إن كنتم تحتملون التأديب يُعاملكم الله كالبنين فأى ابن لا يُؤدبه أبوه ولكن إن كنتم بلا تأديب. قد صار الجميع شركاء فيه فأنتم نُغُول لا بنون ثم قد كان لنا آباء أجسادنا مُؤدبين وكنا نهابهم أفلا نخضع بالأولى جدًا لأبى الأرواح، فنحيا؟ لأن أُولئك أدبونا أيامًا قليلة حَسب استحسانهم وأما هذا فلأجعل المنفعة لكي نشترك في قداسته ولكن كل تأديب في الحاضر لا يُرى أنه للفرح بل للحزن وأما أخيرًا فيُعطى الذين يتدربون به ثمر بِر للسلام لذلك قَوموا الأيادى المسترخية والركب المُخلعة واصنعوا لأرجلكم مَسالك مستقيمة لكي لا يَعتسف الأعرج بل بالحرى يَشفى. اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب" (عب 12: 6- 14). *ويوضح لنا ميخا النبي أيضًا في هذه الأصحاحات أنه بجانب أن الرب لم يرفض شعبه إلى النهاية، إلا أنه بخطيتهم وإذلالهم بسببها، يمكن أن يجذب نفوس الأمم الأخرى، فيقول: "تسير أمم كثيرة ويقولون هلم نصعد إلى جبل الرب" (مى 4: 2). وكما يقول بولس الرسول: "فإنى لست أريد أيها الإخوة أن تجهلوا هذا السر. لئلا تكونوا عند أنفسكم حكماء. أن القساوة قد حصلت جزئيًا لإسرائيل إلى أن يدخل ملؤ الأمم. وهكذا سيخلص جميع إسرائيل. كما هو مكتوب سيخرج من صهيون المنقذ ويرد الفجور عن يعقوب. وهذا هو العهد من قِبلى لهم متى نَزَعت خطاياهم... فإنه كما كنتم أنتم (إسرائيل) مرة لا تطيعون الله ولكن الآن رُحمتم بعصيان هؤلاء (الأمم). هكذا هؤلاء أيضًا الآن لم يُطيعوا لكي يُرحموا أيضًا برحمتكم. لأن الله أغلق على الجميع معًا في العصيان لكي يرحم الجميع" (رو 11: 25- 32). ما هو الخلاص وماذا يُقدم لنا: " ويكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون ثابتًا في رأس الجبال ويرتفع فوق التلال وتجرى إليه شعوب وتسير اُمم كثيرة ويقولون: (هلم نصعد إلى جبل الرب وإلى بيت إله يعقوب فيُعلمنا مِن طرقه ونسلك في سبله). لأنه من صهيون تخرج الشريعة، ومن أورشليم كلمة الرب فيقضى بين شعوب كثيرين يُنصف لأُمم قوية بعيدة فيطبعون سيوفهم سِككًا ورماحهم مَنَاجل لا ترفع أُمة على أُمة سيفًا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد بل يجلسون كل واحد تحت تينته ولا يكون مَن يُرعب لأن فم رب الجنود تكلم لأن جميع الشعوب يَسلكون كل واحد باسم إلهه. ونحن نسلك باسم الرب إلهنا إلى الدهر والأبد. (فى ذلك اليوم، يقول الرب، أجمع الظالعة وأضم المطرودة والتي أضررت بها وأجعل الظالعة بقية والمُقصاة أُمة قوية ويَملِك الرب عليهم في جبل صهيون مِن الآن إلى الأبد وأنت يا برج القطيع أكمة بنت صهيون إليك يأتى الحكم الأول مُلك بنت أورشليم" (مى4: 1- 8). https://st-takla.org/Gallery/var/albu...micah-1684.jpg *الوعد بالكنيسة كمكان للخلاص: "ويكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون ثابتًا في رأس الجبال ويرتفع فوق التلال وتجرى إليه شعوب"، ثبات بيت الرب على رأس الجبال يأتي من الإيمان بالمسيح وأنه ابن الله المتجسد الذي أتى لخلاص العالم، كَما شهد بطرس وقال: "أنت هو المسيح ابن الله الحى. فأجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان بن يونا. إن لحمًا ودمًا لم يُعلن لك لكن أبى الذي في السموات. وأنا أقول لك أيضًا أنت بطرس وعلى هذه الصخرة (الإيمان) أبنى كنيستى وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" (مت 16: 16- 18). في الكنيسة نأخذ التعليم الصحيح: "هلم نصعد إلى جبل الرب وإلى بيت إله يعقوب فيُعلمنا من طرقه ونسلك في سبله. لأنه من صهيون تخرج الشريعة ومن أورشليم كلمة الرب". فيقول الرسول: "لا تُساقوا بتعاليم متنوعة وغريبة" (عب 13:9)، ويقول سليمان الحكيم: "اسمعوا أيها البنون تأديب الأب واصغوا لأجل معرفة الفهم. لأنى أعطيكم تعليمًا صالحًا فلا تتركوا شريعتى" (أم 4: 1، 2). فتجد في الكنيسة قداس الموعوظين، ويشمل على قراءات كثيرة من الكتاب المقدس. بل وأيضًا صلاة القداس نفسها، كل جزء فيها له مرجعية من الكتاب المقدس. " فمن صهيون تخرج الشريعة". الكنيسة تصير محط أنظار الكثيرين: "وتسير أمم كثيرة ويقولون هلم نصعد إلى بيت الرب". تتسع الكنيسة لكل من يؤمن بأن يسوع المسيح هو ابن الله الحي. ويعُم السلام على الجميع: "فيطبعون سيوفهم سككًا ورماحهم مَنَاجل. لا ترفع أمة على أمة سيفًا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد". ويملك الرب على الكل في صهيون: ففى الكنيسة يجمع الرب الكل العرجاء والمطرودة وكُل نفس مكسورة، فهو لا يُقصى أحدًا، فالكل مقبول عنده. فيقول بولس الرسول: "لتعلموا... ما هى عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل قوته. الذي عمله في المسيح اذ أقامه من الأموات وأجلسه عن يمينه في السماويات... وأخضع كل شيء تحت قدميه وإياه جعل رأسًا فوق كل شيء للكنيسة. التي هى جسده ملء الذي يملأ الكل في الكل" (أف 1: 18-23). لذلك يفرح الشعب ويقول: "لأن جميع الشعوب يسلكون كل واحد بإسم الهه ونحن نسلك باسم الرب الهنا إلى الدهر والأبد". لذلك تسمع الكاهن يُنادى على الشعب في نهاية القداس "بخرستوس بينوتى- المسيح الهنا"، والشعب يرد "آمين أساشوبى- أمين يكون" أي أننا نشهد أن المسيح الهنا الذي هو رأس الكنيسة، هو يبقى الرأس والقائد لنا في كل أمور حياتنا اليومية. فالله هو الذي يجمع شتات النفس، مهما تعرضت لظلم، أو شعرت أن ليس لها رجاء في الحياة فالرب ينظر إلى هذه النفوس ويتذكرها جيدًا، ويحرص على أن يُفرحها. هكذا شهد ميخا النبي في الآيات 6، 7. وهكذا شهد صفنيا النبي أيضًا فقال: "ترنمى يا إبنة صهيون اهتف يا إسرائيل افرحى وابتهجى بكل قلبك يا ابنة أورشليم قد نزع الرب الأقضية عليك. أزال عدوك. ملك إسرائيل الرب في وسطك. لا تنظرين بعد شرًا. في ذلك اليوم يُقال لأورشليم: (لا تخافى يا صهيون. لا ترتخِ يداك. الرب الهك في وسطك جبار. يُخلٍص. يبتهج بك فرحًا. يسكت في محبته يبتهج بك بترنم). (أجمع المحزونين على المَوسم. كانوا مِنك حاملين عليها العار. هأنذا في ذلك اليوم أُعامل كُل مُذلليك. واُخلص الظالعة. وأجمع المنفية، وأجعلهم تسبيحة واسمًا في كل أرض خِزيهم. في الوقت الذي فيه آتى بكم وفى وقت جمعى إياكم. لأنى أُصيركم إسمًا وتسبيحة في شعوب الأرض كلها. حين أرُد مسبييكم قُدام أعينكم. قال الرب (صف 3: 14- 20). بل هكذا صلى ربنا يسوع المسيح في صلاته الأخيرة في جسثيمانى، حيث قال: "أيها الآب القدوس احفظهم في اسمك الذين أعطيتنى ليكونوا واحدًا كما نحن. حين كنت معهم في العالم كنت أحفظهم في اسمك الذين أعطيتنى حفظتهم ولم يهلك منهم أحد" (يو 17: 11، 12). نبوة عن مجىء المسيح لخلاص العالم: "وأنت يا بُرج القطيع أكمة بنت صهيون اليك يأتى. ويجىء الحكم الأول مُلك بنت أورشليم" (مى 4: 8). برج القطيع: البرج كان يُبنى في قديم الزمان على أسوار المُدن لدفع العدو عنها عند هجومه على المدينة. ويُعتقد أن برج القطيع هذا كان مُقامًا على باب أورشليم المُسمى باب الضأن (نح 3: 27، 32)، وكانت خراف الهيكل (التي تُعد لتكون في الهيكل) كانت ترعى هناك ثلاث مرات في السنة. ويُقال أن هذا المكان هو الذي ظهرت فيه الملائكة للرعاة تُبشرهم بميلاد المسيح. ويرمز هذا البرج إلى صهيون وأورشليم، بل وإلى بيت لحم نفسها (مى 5: 2). وفى هذه الآية يُريد النبي أن يقول أن أمجاد أورشليم سترجع حصونها وروحانياتها مرة أخرى. وهو نفس المعنى المقصود "بالحكم الأول" أي مجد أيام داود وسليمان سوف تأتى على أورشليم مرة ثانية. ولقد تمت بالفعل نبوة ميخا هذه، وعاد المجد لأورشليم، في أيام زربابل الملك حيث رجع اليهود من السبي أول مرة بقيادته (عز 2:2)، وتم بناء المذبح، وتنظيم العبادة في الهيكل (عز 3: 1- 9)، وقد تسلم زربابل الأنية المقدسة الخاصة بالهيكل من يد كورش الملك، حيث ردها إلى أورشليم ووضع أساس الهيكل (زك 4: 6- 10)، ويرجع لزرُبابل الفضل في إعادة الطقوس الدينية للهيكل، ولذلك عُرف الهيكل بإسمه "هيكل زربابل"، وقد أكمل بناءه سنة 505 ق. م. وظل هذا الهيكل قائمًا إلى سنة 20 ق. م. وقد كانت حماسة زربابل في بناء الهيكل سببًا للنبى حجى أن يرى فيه شخصية المسيا المنتظر (حج 2: 21- 23). ولكن كل هذا المجد الذي عاد في أيام زرُبابل، يُعتبر رمزًا لمجد المسيح الذي عشنا فيه. وقد تم فعلًا عندما أعطى الله لربنا يسوع "كرسى داود أبيه" (لو 1: 32)، وأقامه ملكًا على صهيون (مز 2: 6، 8)، والسيد المسيح قد شهد لنفسه أنه أعظم من سليمان (لو 11: 31)، وهذا كله يُشير إلى رغبة الرب أن يُعيد لنا مجدنا. آلام ونصرة:" الآن لماذا تصرخين صُراخًا؟ أليس فيك مَلك أم هلك مُشيرك حتى أخذك وجع كالوالدة لأنك الآن تخرجين من المدينة وتسكنين في البرية وتأتين إلى بابل هناك تُنقذين. هناك يفديك الرب من يد أعدائك. والآن قد اجتمعت عليك أُمم كثيرة الذين يقولون (لتتدنس ولتتفرس عيوننا في صهيون). وهم لا يعرفون أفكار الرب ولا يفهمون قصده إنه قد جمعهم كحزم إلى البيدر (قومى ودوسى يا بنت صهيون لأنى أجعل قرنك حديدًا وأظلافك أجعلها نُحاسًا فتسحقين شعوبًا كثيرين وأُحرم غنيمتهم للرب وثروتهم لسيد كل الأرض" (مى 4: 9- 13). آلام كثيرة تعرض لها شعب يهوذا وإسرائيل، عبًر ميخا النبي عن هذه الآلام بقوله: "تصرخين صراخًا... حتى أخذك وجع الوالدة". حقيقى أن شعب إسرائيل ويهوذا كان هو نفسه سببًا لهذه الآلام، حينما ابتعد عن الرب، وعبد آلهة أخرى غريبة. إنه عمل مثل الابن الضال الذي أخذ ميراث أبيه وراح ضيعه في عيش مُسرف (لو 15:11- 31). ولكن زادت على هذه الآلام، أنها سقطت في يد سنحاريب ملك آشور وسُبيت إلى بابل. فقد خرجت من بيتها وهيكلها ومجدها (الذى سبق ورفضته) إلى الذل والعبودية والغربة في بابل، حيث عبًر الوحى قائلًا: "الآن تخرجين من المدينة وتسكنين في البرية ونأتين إلى بابل". واستمروا في هذا السبي سبعين سنة. وقد عبر داود النبي بروح النبوة عن هذه المشاعر قائلًا: "ارحمنى يا رب لأنى في ضيق خَسفت من الغم عينى، نفسى وبطنى. لأن حياتى قد فنيت بالحزن وسنينى بالتنهد ضعفت بشقاوتى قُوتى وبليت عظامى عند كل أعدائى صرت عارًا وعند جيرانى بالكلية ورُعبًا لمعارفى الذين رأونى خارجًا هربوا عنى نُسيت من القلب مثل الميت صرت مثل إناء مُتلف. لأنى سمعت مذمة من كثيرين الخوف مُستدير بى بمؤامرتهم معًا علىً تفكروا في أخذ نفسى" (مز31:9- 13). ونُصرة كبيرة: الغريب والغير متوقع أن تأتيهم النصرة والتعزية وهم في أرض السبي، حيث يقول: "الآن تخرجين من المدينة وتسكنين في البرية وتأتين إلى بابل. هناك تُنقذين. هناك يفديك الرب من يد أعدائك". أليس هذا هو ما حدث مع يوسغ البار، الذي حسده إخوته، وباعوه عبدًا، ولكن في أرض الغربة والوحدة افتقده الرب وجعله الرجل الثاني في مصر بعد الفرعون، وكانت غربته سببًا في خلاص العالم كله من المجاعة. إن كل ما يحدث في حياتنا هو بحكمة الهية عالية. فقد قال الرب بفم ميخا النبي: "قد اجتمعت عليك أمم كثيرة. الذين يقولون لتتدنس ولتتفرس عيوننا في صهيون. وهم لا يعرفون أفكار الرب ولا يفهمون قصده. إنه قد جمعهم كحزم إلى البيدر". إنه قد جمعهم ليُبيدهم، ولكن لا بد أن تتألم إسرائيل بهم فترة لكي تتطهر من خطاياها، ثم يُخلصها الرب ويفديه. أليس هذا ما قاله بولس الرسول: "يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه. ما أبعد أحكامه عن الفحص وطُرقه عن الاستقصاء. لأنه منْ عرف فطر الرب أو من صار له مشيرًا" (رو 11: 33، 34). قومى ودوسى يا بنت صهيون لأنى أجعل قرنك حديدًا وأظلافك أجعلها نحاسًا فتسحقين شعوبًا كثيرين". لقد أدركنا المخلص وجعل لنا سلطانًا أن ندوس على الحيات والعقارب وكل قوات العدو. فهو الذي رفع عنا خطايانا وحملها في جسده، كما يقول النبي: "لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها" (أش 53: 4). وحقيقى: " السيد لا يرفض إلى الأبد. فإنه ولو أحزن يرحم حسب كثرة رحمته" (مراثى 3: 32). فلنتذكر دائمًا كلمات بطرس الرسول القائلة: "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولَدنا ثانية لرجاء حى بقيامة يسوع المسيح من الأموات لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لأجلكم أنتم الذين بقوة الله محروسون. بإيمان لخلاص مُستعد أن يُعلن في الزمان الأخير الذي به تبتهجون مع أنكم الأن -إن كان يجب- تُحزنون يَسيرًا بتجارب متنوعة لكي تكون تزكية إيمانكم وهى أثمن من الذهب القانى مع أنه يُمتحن بالنار توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح الذي وإن لم تروه تُحبونه ذلك وإن كنتم لا ترونه الآن لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد نائلين غاية إيمانكم خلاص النفوس" (1 بط 1: 3- 9). |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
ميخا 5 - تفسير سفر ميخا مجىء المخلص: "الآن تتجيشين يا بنت الجيوش قد اقام علينا مِترسة يضربون قاضى إسرائيل بقضيب على خده أما أنت يا بيت لحم أفراتة وأنت صغيرة أن تكونى بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لى الذي يكون مُتسلطًا على اسرائىل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل لذلك يُسلمهم إلى حينما تكون قد وَلَدت والدة ثُم ترجع بقية إخوته إلى بنى إسرائيل ويقف ويرعى بقدرة الرب بعظمة إسم الرب إلهه ويثبتون لأنه الآن يتعظم إلى أقاصى الأرض ويكون هذا سلامًا إذا دخل أشور في أرضنا وإذا داس في قُصورنا نقيم عليه سبعة رعاة وثمانية من أُمراء الناس فيرعون أرض أشور بالسيف وأرض يَمرود في أبوابها فينقُذ من أشور إذا دخل أرضنا وإذا داس تُخومنا" (مى 5: 1- 6). حالة شعب إسرائيل قبل مجىء المخلص كانت سيئة جدًا، وكانوا في ضيقة شديدة، لذلك تقول نبوة ميخا: "الآن تتجيشين يا بنت الجيوش"، أي يقوم أعداء على إسرائيل وفى الغالب هم أشور والكلدانيين. ويقول النبي باسم سكان أورشليم: "قد أقام علينا مِترسة"، أي أن العدو أقام حصارًا على بنى إسرائيل فكانوا في ضيق وذل، فقد حاصرهم ملك أشور وملك بابل، وقد كان النجاح حليف الأعداء، وكان ذلك بسبب شر قضاة وكهنة إسرائيل وأيضًا بسبب خطية الشعب (كما ذكرنا في الأصحاح الثالث)، لذلك حلت عليهم هذه الإهانة بسبب سوء استخدامهم لقوتهم، وهذا ما قصده النبي بقوله:"يضربون قاضى إسرائيل بقضيب على خده". https://st-takla.org/Gallery/var/albu...micah-1685.jpg الله ينظر من السماء: كما يقول داود النبي:"فنظر (الرب) إلى ضيقهم إذ سمع صراخهم". (مز 106: 44). *هذا حدث مع بنى إسرائيل حينما أذلهم فرعون مصر، إذ قيل: "استعبد المصريين بنى إسرائيل بعُنف. ومرروا حياتهم بعبودية قاسية في الطين واللبن وفى كل عمل في الحقل. كُل عملهم الذي عملوه بواستطهم عنفًا" (خر 1: 13، 14). ومن ذلك العنف صرخ بنى إسرائيل إلى الرب: "فسمع الله أنينهم" (خر 2: 24)، وبدأ يُرتب لهم ميلاد موسى النبي الذي سوف يقودهم في الخروج من عبودية المصريين. *لقد نظر الرب إلى دم هابيل الذي سُفك ظلمًا، وطلب مجازاة قايين إذ قال له: "صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض" (تك 4: 10). *ونحن ندعوه مع داود قائلين: "اختبرنى يا الله واعرف قلبى. امتحنى واعرف أفكارى. وانظر أن كات في طريق باطل واهدنى طريق أبديًا" (مز 139: 23). فنحن لا ننتظر حتى نتوه تمامًا، بل نطلبه في كل حين لكي يُنبهنا إن كان في طريق باطل ويهدينى إلى الصلاح. ولذلك علينا دائمًا: "لنفحص طرقنا ونمتحنها ونرجع إلى الرب " (مراثى 3:40). نبؤة عن مجيء المخلص: " بيت لحم" أي " بيت الخبز"، وهو اسم على مُسمى، لأن منها يخرج "خبز الحياة" ربنا يسوع المسيح. بيت لحم هذه قرية صغيرة بين الوف عشائر يهوذا وليس لها اعتبار سواء من جهة عدد السكان أو من جهة مظهرهم، لكن من هذه البلدة الصغيرة "يخرج لى الذي يكون مُتسلطًا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل". فالله يُدبٍر خلاصًا لبنى إسرائيل، أما المخلص فيصفه ميخا النبي بعدة صفات: https://st-takla.org/Gallery/var/albu...micah-1686.jpg -يُولد في بيت لحم، القرية الصغيرة، يخرج منها الذي يكون مُتسلطًا على إسرائيل. إنه ملك، لكنه يُحب أن يتراءى في القلوب المتضعة، كما يقول المرنم: "لأن الرب عال ويرى المتواضع. أما المتكبر فيعرفه من بعيد" (مز 136:6). ويقول أيضًا بطرس الرسول: " تسربلوا بالتواضع. لأن الله يُقاوم المستكبرين. وأما المتواضعون فيُعطيهم نعمة. فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه. مُلقين كل همكم عليه. لأنه هو يعتنى بكم" (1 بط 5: 5- 7). لذلك قيل عن العذراء مريم، الفتاة الصغيرة الوحيدة، "أنه (الرب) نظر إلى اتضاع أمته" (لو 1: 48)، وصارت مُطوبة من كل الناس. وساعتها سبحت العذراء قائلة: " شتت المستكبرين بفكر قلوبهم. أنزل الأعزاء عت الكراسى ورفع المتضعين" (لو 1: 51، 52). -والمخلص أيضًا: "مخارجه منذ القديم. منذ أيام الأزل". أي أن الذي سيولد في ملء الزمان ليُخلص بنى إسرائيل، هو موجود منذ الأزل، هو الإبن المولود من الآب قبل كُل الدهور، وبه كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان. الذي قال عنه بولس الرسول: "الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديمًا بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرةفى ابنه. الذي جعله وارثًا لكل شىء. الذي به أيضًا عمل العالمين" (عب 1: 1، 2). -"ويكون مُتسلطًا على إسرائيل"، إنه ملك ولكن مُلكه ليس من هذا العالم، فهكذا أجاب يسوع على بيلاطس حينما سأله "أنت ملك اليهود"، فأجابه "مملكتى ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتى من هذا العالم لكان خُدامى يُجاهدون لكي لا اُسلم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتى من هنا" (يو 18: 36). فهو ملك الملوك ورب الأرباب، كما قال بولس الرسول: "لا أزال... ذاكرًا إياكم في صلواتى. كى يُعطيكم إله ربنا يسوع المسيح، أبو المجد، روح الحكمة والاعلان في معرفته. مُستنيرة عيون أذهانكم. لتعلموا ما هو رجاء دعوته.... الذي عمله في المسيح. إذ أقامه من الأموات. وأجلسه عن يمينه في السماويات. فوق كل رئاسة وسلطان وقوة وسيادة. وكل اسم يُسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل أيضًا. وأخضع كل شيء تحت قدميه. وإياه جعل رأسًا فوق كل شيء للكنيسة. التي هى جسده. ملء الذي يملأ الكل في الكل" (أف 1: 16- 23). -ولكن ينبغى أن ينتظر بنى إسرائيل ملء الزمان، كما قال ميخا النبي: "لذلك يُسلمهم إلى حينما تكون قد ولدت والدة. ثم ترجع بقية اخوته إلى بنى إسرائيل. ويقف ويرى بقدرة الرب. بعظمة إسم الرب إلهه". إن ميخا النبي يتنبأ عن مجيء المخلص مولودًا من إمرأة. وهكذا قال بولس الرسول: "ولكن لما جاء ملء الزمان. أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة. مولدًا تحت الناموس. ليفتدى الذين تحت الناموس لننال التبنى" (غل 4:4، 5). فكان الإنتظار لملء الزمان ضرورة لبنى إسرائيل حتى يتم الخلاص. وانتظار الرب لكي يتدخل في ظروف حياتنا فضيلة مهمة، ولكنه انتظار برجاء أن الرب آت بالضرورة. https://st-takla.org/Gallery/var/albu...micah-1687.jpg ففى فضيلة الانتظار يقول أرميا النبي: "جيد أن ينتظر الإنسان ويتوقع بسكوت خلاص الرب" (مراثى 3:26). وأيضًا يعقوب الرسول: "فتأنوا أيها الاخوة إلى مجىء الرب. هوذا الفلاح ينتظر ثمر الأرض الثمين. متأنيًا حتى ينال المطر المبكر والمتأخر. فتأنوا أنتم وثبتوا قلوبكم. لأن مجىء الرب قد اقترب" (يع 5: 7، 8). ويتغنى المرنم: "انتظرتك يا رب. انتظرت نفسى. وبكلامه رجوت. نفسى تنتظر الرب أكثر من المراقبين الصُبح. اكثر من المراقبين الصُبح. ليرجُ إسرائيل الرب. لأن عند الرب الرحمة وعنده فِدى كثير. وهو يفدى إسرائيل من كل أثامه" (مز 130: 5- 7). فانتظر الرب في كل أمورك، تقو وليتشدد قلبك وانتظر الرب، فهو لا بد آت في الوقت المناسب. -" ويكون هذا سلامًا". لأن المخلص هو ملك السلام، فإن حضوره يملأ الأرض سلامًا. "فإذا دخل أشور في أرضنا. واذا داس في قصورنا. نُقيم عليه سبعة رعاة وثمانية من أمراء الناس. فيرعون أرض أشور بالسيف. وأرض نمرود في أبوابها. فيَنقُذُ من أشور إذا دخل واذا داس تخومنا". إن ميخا النبي يتنبأ عن سلام عم على بنى إسرائيل في أيام حزقيا الملك حيث هدده سنحاريب ملك أشور لكي يستسلم إليه وعايره بإلهه، وأنه لن يقدر أن يخلصًه. أما حزقيا الملك فدخل إلى الهيكل والقى بخطابات التهديد التي جاءته من سنحاريب وطلب معونة الرب. وبالفعل تدخل الرب وخلص حزقيا الملك، يمكنك قراءة هذه القصة بالكامل في (2 مل 18: 13 - 19: 37). ولكن هذا الخلاص الذي تم في أيام حزقيا، ما هو إلا رمز إلى خلاص أكبر من عدو الخير، وخلاصنا من سلطان الخطية بعمل يسوع المخلص الذي خلصًنا من كل الشرور، بل وأعطانا سلطانًا أن ندوس على الحيات والعقارب. "صادقة هى الكلمة ومستحقة كل قبول. أن المسيح إلى العالم ليُخلص الخطاة الذين أولهم انا" (1 تى 1:15). "لأن ابن الإنسان قد جاء ليُخلص ما قد هلك" (مت 18: 11). ثمر الخلاص في المؤمنين: "وتكون بقية يعقوب في وسط شعوب كثيرين كالندى من عند الرب، كالوابل على العشب الذي لا ينتظر إنسانًا ولا يصبرلبنى البشر. وتكون بقية يعقوب بين الأمم في وسط شعوب كثيرين كالأسد بين وحوش الوعر، كشبل الأسد بين قُطعان الغنم الذي إذا عبر يدوس ويفترس وليس مَن يُنقذ لِترتفع يدك على مُبغضيك وينقرض كل أعدائك" (مى 5: 7- 9). الخلاص حينما يتمتع به المؤمن يجعله شخصًا آخر، أي يجعله صاحب مواهب وملكات جديدة، مثل: *يصير المؤمن مصدر سلام لكل منْ يتقابل معهم: فيقول النبي: " تكون بقية يعقوب في وسط شعوب كثيرين كالندى من عند الرب. كالوابل على العشب الذي لا ينتظر إنسانًا ولا يصبر لبنى البشر". كما أن الندى الكثير رمز البركة للزروع، هكذا يكون المؤمنين بركة لجيلهم وللكنيسة بل وبركة للعالم كله. فالله عندما دعى ابراهيم أب الآباء للخروج وراءه، قال له: "اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أُريك. فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك. وتكون بركة. وأبارك مُباركيك. ولاعنك ألعنه. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض" (تك 12: 1- 3). العذراء أم النور كانت مباركة في حياتها الخاصة وأمينة مع الله، لذلك نطقت اليصابات بالروح القدس حينما زارتها العذراء قائلة: "مُباركة أنت في النساء ومباركة هى ثمرة بطنك" (لو 1- 42). فالبركة تظهر على وجوهنا نحن المخلصين بقوة الله "لأن إهتمام الجسد هو موت. ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام" (رو 8: 6). فكل من يهتم ببناء حياته الروحية بالشبع من كلمة الله، والتغذى بجسد الرب ودمه دائمًا، وحرصه على الأعمال الصالحة، فهو يكون سلامًا وكالندى البارد مع كُل من يتقابل معهم. *يتعامل المؤمن بقوة الهه: فيقول النبي: "وتكون بقية يعقوب بين الأمم في وسط شعوب كثيرين كالأسد بين وحوش الوعر، كشبل الأسد بين قطعان الغنم الذي اذا عبر يدوس ويفترس وليس من يُنقذ. لترتفع يدك على مُبغضيك وينقرض كُل أعدائك". المؤمنين وإن كانوا هادئين ومملوئين سلامًا، إلا أنهم في الحق جسورين وفى الحق قادرين. إن نبوة ميخا تتمثل في دمار أشور وبابل، وهما كانتا أعظم الأعداء قاطبة لشعب الله، وتدميرها رمزًا على وضع أعداء المسيح تحت موطىء قدميه. فيقول أشعياء النبي: "أما عرفت أم لم تسمع؟ إله الدهر الرب خالق أطراف الأرض لا يكل ولا يعيا. ليس عن فهمه فحص. يُعطى المُعيى قدرة. ولعديم القوة يُكثر شدة. الغلمان يتعبون ويعيون والفتيان يتعثرون تعثرًا. وأما مُنتظروا الرب فيجددون قوة. يرفعون أجنحة كالنسور. يركضون ولا يتعبون. يمشون ولا يعيون" (أش 40: 28-31). قوة المؤمن الجبارة التي تهزم كل الأعداء، مُستمدة من الرب ذاته، لذلك نسمع بولس الرسول يرسم لنا طريق النصرة فيقول: "أخيرًا يا إخوتى تقووا في الرب وفى شدة قُوته البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس. فإن مُصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء، مع السلاطين، مع ولاة العالم على ظُلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات. من أجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير، وبعد أن تُتمموا كل شيء أن تثبتوا. فاثبتوا مُمنطقين أحقاءكم بالحق، ولابسين درع البر وحاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تُطفئوا جميع سهام الشرير المُلتهبة وخذوا خوذة الخلاص، وسيف الروح الذي هو كلمة الله. مُصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح. وساهرين لهذا بعينه بكل مُواظبة وطلبة لأجل جميع القديسين ولأجلى لكي يعطى لى كلام عند افتتاح فمى، لأُعلم جِهارًابسر الإنجيل. الذي لأجله أنا سفير في سلاسل، لكي أُجاهر فيه كما يجب أن أتكلم. (أف 6: 10- 20). ما يفعله المخلص في الأعداء: "ويكون في ذلك اليوم، يقول الرب، أنى أقطع خيلك مِن وسطك، وأُبيد مَركباتك وأقطع مُدن أرضك وأهدم كل حصونك وأقطع السحر من يدك ولا يكون لك عائفون وأقطع تماثيلك المنحوتة وأنصابك مِن وسطك، فلا تسجد لعمل يديك في ما بعد. وأقلع سَوَاريك من وسطك وأُبيد مُدُنك وبغضب وغيظ أنتقم من الأمم الذين لم يسمعوا" (مى 5: 10- 15). في الآيات (مى 5: 7- 9) تنبأ ميخا النبي عن البركات التي سوف تعم على أولاد الله، بعد أن أذلهم العدو، وخلصهم الرب. أما في هذه الآيات يتنبأ ميخا النبي عن حال العدو الذي يتطاول على شعب الله. هذا العدو يعتمد على خيله ومركباته، وأن سُلطانه على مُدن كثيرة، وأنه يتحصن بحصون قوية، ويعتمد على السحرة والعُرفاء الذين يتنبأون له بالمستقبل، وطبعًا تنبؤات مُضللة، ويعتمدون أيضًا على عبادتهم لتماثيل من عمل أيديهم. لذلك جاءت رسالة الرب لهم أنه سوف يُبيد كل ما يتكلون عليه. لذلك يُعلمنا داود النبي أن نصرخ للرب حينما يقوى علينا العدو: " يا رب. طأطىء سمواتك وأنزل. المِس الجبال فتُدخن. أبرق بروقًا وبددهم. أرسل سهامك وأزعجهم. أرسل يدك من العلاء. انقذنى ونجنى من المياه الكثيرة. من أيدى الغرباء الذين تكلمت أفواههم بالباطل. ويمينهم يمين كذب" (مز 144: 5- 8). فليس أقوى من الرب لنتحصن به من أعدائنا، سواء كان هذا العدو هو ابليس واغراءاته، أو معاشرة أناس خطاة، أو من عاداتى التي لا يرضى عليها الله. كُل هذه الحروب الرب قادر على إبادتها، فقط على أن أطلبه من كل القلب، فالسيد المسيح نفسه قال: "اسألوا تعطوا. اطلبوا تجدوا. اقرعوا يُفتح لكم. لأن كل من يسأل يأخذ ومن يطلب يجد. ومن يقرع يُفتح له" (مت 7: 7، 8). ويقول أيضًا: " إلى الآن لم تطلبوا شيئًا باسمى. اطلبوا تأخذوا. ليكون فرحكم كاملًا" (يو 16: 24). والأجمل لو كانت طلباتنا تهتم بحياتنا الروحية ونموها، فيقول الرسول: "إن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق. حيث المسيح جالس عن يمين الله. اهتموا بما فوق لا بما على الأرض. لأنكم قد متم وحياتكم مع المسيح في الله. متى أُظهر المسيح حياتنا. فحينئذ تُظهرون أنتم أيضًا معه في المجد" (كو 3: 1- 4). أما بعد كل هذه المحاولات من الله لكي تنتبه الأمم لخطأها وتترك مُتكلها من خيول وحصون وعُرفاء، فيقول الرب: " وبغضب وغيظ أنتقم من الأمم الذين لم يسمعوا". فيحذرنا بولس الرسول: "اتبعوا السلام مع الجميع. والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب. ملاحظين لئلا يخيب أحد من نعمة الله. لئلا يطلع أصل مرارة ويضيع انزعاجًا. فيتنجس به كثيرون. لئلا يكون أحد زانيًا أو مستبيحًا كعيسو. الذي لأجل أكلة واحدة باع بكوريته. فإنكم تعلمون أنه أيضًا بعد ذلك. لما أراد أن يرث البركة رُفض. إذ لم يجد للتوبة مكانًا. مع أنه طلبها بدموع" (عب 12: 14-17). |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
ميخا 6 - تفسير سفر ميخا عتاب الله لشعبه: "اسمعوا ما قاله الرب:قُم خاصم لدى الجبال ولتسمع التلال صوتك اسمعى خصومة الرب أيتها الجبال ويا أُسس الأرض الدائمة فإن للرب خُصومة مع شعبه وهو يُحاكم إسرائيل. يا شعبى، ماذا صنعت بك وبماذا أضجرتك؟ اشهد على إنى أصعدتك من أرض مصر، وفككتك من بيت العبودية وأرسلت أمامك موسى وهارون ومريم يا شعبى اذكر بماذا تآمر بالاق ملك موآب وبماذا أجابه بلعام بن بعور، مِن شِطيم إلى الجلجال لكي تعرف إجادة الرب" (مى 6: 1- 5). إن الرب في هذه الآيات، وهو يُعاتب الشعب، فهو يُشهِد بينه وبينهم الطبيعة (الجبال والتلال)، بل يُشهد الشعب ذاته غلى نفسه، "اشهد أنت على"، واضطر في النهاية أن يُذكٍر الشعب بكل الحسنات التي صنعها معه الرب. https://st-takla.org/Gallery/var/albu...micah-1688.jpg أنا أرى في تدرج هذا الحوار، أن الرب وكأنه يترجى شعبه لكي يفيق منْ غفوته ويرجع إلى أحضانه، وهلم نبحث هذه المواقف بالتفصيل: شهادة الطبيعة: أليست هذه الجبال والتلال التي كانت تُبنى عليها الهياكل، أماكن عبادة الله؟، ولكن الشعب بدًلها بأن جعل عليها معابد للأصنام المصنوعة بالأيدي. وكأن الرب يقول اشهدي أيتها الجبال والتلال على جحود شعبي وضلالهم. وربما يقصد بالجبال والتلال مظاهر الطبيعة المختلفة، التي كانت من المُفترض أن تساعد شعبه على معرفة الله، كما قال: "السموات تُحدث بمجد الله والفلك يُخبر بعمل يديه" (مز 19:1). فاشهدي أيتها الطبيعة على شعب لم يتعرف منك على الخالق المُبدع. شهادة الشعب على نفسه: "اشهد على"، لو حاول الانسان أن يتذكر في حياته عن " كم صنع الرب بك ورحمك" (مر5: 19). في مواقف كثيرة، لأدرك أن الرب صالح وأمين وصادق، لذلك تجد داود يُرنم قائلًا: "احمدوا الرب لأنه صالح. لأن إلى الأبد رحمته. ليقُل إسرائيل: إن إلى الأبد رحمته. ليقُل بيت هارون: إن إلى الأبد رحمته ليقُل مُتقو الرب: إن إلى الأبد رحمته" (مز 118: 1- 4). شهادة أعمال الرب مع شعبه: إذا لم يستطع الإنسان أن يتذكر احسانات الرب معه، فالله يُفكٍره بها، إما عن طريق أناس شاهدين على عمل الله معه، أو عن طريق قصص أولاد الله في الكتاب المقدس، أو..... هنا الله يُذكره بنفسه: فهو الذي أخرجهم من أرض مصر وعبودية فرعون، إذ قد سمع لأنينهم عندما صرخوا إليه (خر 1- 15). https://st-takla.org/Gallery/var/albu...micah-1689.jpg "أرسلت أمامك موسى وهارون ومريم". أي أعطيتك أنبياء يقودونك في الطريق، ولم أتركك وحدك. موسى النبي وهارون الكاهن هما رمزًا للسيد المسيح الكاهن والنبى الذي سيفدى شعبه من خطاياهم ويفتح طريق أورشليم السمائية أمام كل المؤمنين باسمه. أما مريم النبية أخت موسى وهارون، فهي ترمز لكنيسة العهد الجديد التي يتحصن بها المؤمنين إلى أن يصلوا إلى ملكوت السموات. يقول الرب لقد أحسنت اليك وحفظتك، حينما تآمر عليك بالاق ملك مؤآب، واستدعى عليك بلعام النبي لكي يلعنك حتى يتمكن من النصرة عليك، ولكن أنا الذي جعلت بلعام بن بعور ينطق عليك بالبركة بدلًا من اللعنة (يمكنك قراءة القصة كاملة في (عد 22- 24). وأنا الذي كنت معك من شطيم (آخر مكان لهم في البرية) والجلجال (أول مكان لهم في أرض الميعاد). وكأنه يُريد أن يقول لهم، كُنت أمينًا معكم طوال ترحالكم في البرية، وحتى وصلتم بأمان إلى أرض الميعاد، الأرض التي تفيض لبنًا وعسلًا. إن أمانة الرب هذه الآن أيضًا كما كانت في القديم، بل أكثر جدًا من القديم: "لأننا ورثة الله ووارثون مع المسيح " (رو 8: 17). الإنسان ما زال يُخطئ في فهم كيف يُرضى الله: "بِم أتقدم إلى الرب وأنحنى للإله العلى؟ هل أتقدم بمحرقات، بعجول أبناء سنة؟ هل يُسر الرب بألوف الكباش بربوات أنهار زيت؟ هل أُعطى بِكرى عن معصيتى، ثمرة جسدى عن خطية نفسى؟ قد أُخبرك أيها الإنسان ما هو صالح وماذا يطلبه منك الرب. إلا أنْ تصنع الحق وتُحب الرحمة وتسلك مُتواضعًا مع إلهك (مى 6: 6- 8). https://st-takla.org/Gallery/var/albu...micah-1690.jpg لقد تردد سؤال في قلب الانسان بعد أن كشف الله له في عتاب رقيق عن مجالات تقصيره. فتساءل الإنسان: بم أتقدم إلى الرب وانحنى للإله العلى؟ فحسنًا عمل الابن الضال حينما راجع نفسه وأدرك أنه أخطأ في حق أبيه وفكر في الرجوع عن خطأه والعودة إلى أحضان أبيه (لو 15: 11- 32). وكما يقول الرب بفم النبي: "ارجعوا إلى فأرجع اليكم" (مل 3:7). وكما قال بطرس الرسول: "لأنكم كنتم كخراف ضالة. لكنكم رجعتم الآن إلى راعى نفوسكم وأسقفها" (1 بط 2: 25). ولكن الحقيقة أن الشعب فكر في تقديم ذبائح كثيرة بالألوف، وربوات أنهار زيت كتقدمة. بل فكر الانسان أن يُقدم بكره فداء عن نفسه، مع أن الله يكره تقدمة الذبائح البشرية. لقد احتار الإنسان ماذا يُقدم للرب عن خطاياه الكثيرة؟ مع إنهم كانوا يعرفون كلمات صموئيل النبي التي قالها لشاول الملك:"هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح. كما باستماع صوت الرب؟ هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة. والإصغاء أفضل من شحم الكباش" (1صم 15- 22). بل: " طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار. وفى طريق الخطاة لم يقف. وفى مجلس المستهزئين لم يجلس. بل في ناموس الرب مسرته" (مز 1- 1، 2). ولذلك رد عليهم ميخا قائلا: " قد أخبرك أيها الإنسان ما هو صالح. وماذا يطلبه منك الرب. إلا أن تصنع الرحمة. وتسلك متواضعًا مع الهك". كما قال السيد المسيح بوضوح: " تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكمط (مت 11: 29). ما يطلبه الرب منا: -"وأنت فأرجع إلى إلهك. احفظ الرحمة والحق. وانتظر الهك دائمًا" (هو 12: 6). https://st-takla.org/Gallery/var/albu...micah-1691.jpg -"وهكذا قال رب الجنود:إن صوم الشهر الرابع وصوم الخامس والسابع وصوم العاشر يكون لبيت يهوذا ابتهاجًا وفرحًا وأعيادًا طيبة. فأحبوا الحق والسلام" (زك 8: 19). أي الالتزام بالصلوات والأصوام التي تُرتبها الكنيسة تكون مصدر فرح لنا. -" أخيرًا أيها الإخوة. كُل ما هو حق. كُل ما هو جليل. كُل ما هو عادل. كُل ما هو طاهر. كُل ما هو مُسر. كُل ما صيته حسن. إن كانت فضيلة وإن كان مدح. ففى هذه افتكروا" (فى 4: 8). -" فارق خطاياك بالبر. وآثامك بالرحمة للمساكين. لعله يُطال اطمئنانك" (دا 4: 27). -" لأنه هكذا قال العلى المرتفع. ساكن الأبد. القدوس إسمه: في الموضع المرتفع المقدس أسكن. ومع المنسحق والمتواضع الروح. لأُحيى روح المتواضعين. ولأحيى قلب المنسحقين" (أش 57: 15). قرار الرب حيال شعبه: " صوت الرب يُنادى للمدينة، والحكمة ترى اسمكك (اسمعوا للقضيب ومَن رَسَمه أفى بيت الشرير بعد كنوز شر وإيفة ناقصة ملعونة؟ هل أتزكى مع موازين الشر ومع كِيس مَعَايير الغش؟ فإن أغنيائها ملآنون ظُلمًا، وسكانها يتكلمون بالكذب، ولسانهم في فمهم غاش. فأنا قد جعلت جُروحك عديمة الشفاء، مُخربًا مِن أجل خطاياك. أنت تأكل ولا تشبع، وجوعك في جوفك وتُعزل ولا تُنجى، والذى تُنجيه أدفعه إلى السيف أنت تَزرع ولا تَحصد. أنت تَدوس زيتونًا ولا تَدهن بزيت، وَسُلافة ولا تَشرب خمرًا. وتُحفظ فرائض: عمرى وجميع اعمال بيت: آخاب، وتسلكون بمشوراتهم، لكي أُسلمك للخراب، وسكانها للصفير، فتحملون عار شعبى" (مى 6: 9- 16). https://st-takla.org/Gallery/var/albu...micah-1692.jpg يبدو أنه بعد هذا العتاب الذي جاء في أول الأصحاح، وبعد أن أعلن الرب عن رغبته في طلب الرحمة والحق والإتضاع. يبدو أن الشعب لم يفعل كما أراد الرب منه، لذلك أكمل النبي أصحاحه بسرد خطايا الشعب صراحة وعقابهم. -يقول النبي: "هوذا صوت الرب يُنادى للمدينة". فحينما يُعاتب الرب في رقة وفى صوت هادئ، ولا تسمع النفس، فإن الرب يضطر إلى أن يُنادى على الملأ. فسيأتى وقت تُعلن فيه خطايانا على الملأ أمام الكل، لو لم نفحص أنفسنا الآن ونُقر بخطايان. -"الحكمة ترى اسمك". صوت الرب يُنادى مَنْ عنده حكمة ويطلب الرب، لأنه: "بدء الحكمة مخافة الرب. ومعرفة القدوس فهم" (أم 9: 10). -"اسمعوا للقضيب ومنْ رسمه". القضيب هو الرب يسوع المسيح، فهكذا تنبأ يعقوب أب الآباء عن الرب يسوع الذي سوف يأتى من نسل يهوذا، قائلًا: "لا يزول قضيب من يهوذا ومُشترع بين رجليه حتى يأتى شيلون وله يكون خضوع الشعوب" (تك 49: 10). وهكذا تنبأ بلعام بن بعور قائلًا: " أراه ولكن ليس الآن. أُبصره ولكن ليس قريبًا. يبرز كوكب من يعقوب. ويقوم قضيب من إسرائيل. فيُحطم طرفى موآب. ويهلك كل بنى الوغى" (عد 24- 17). ويقول أشعياء النبي أيضًا: " ويخرج قضيب من جزع يسى. ويثبت غصن من أصُوله. ويحل عليه روح الرب. روح الحكمة والفهم. روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب" (أش 11: -1). أى أن مَنْ سيُدين الجميع في النهاية هو الرب يسوع ذاته الذي سوف يجمع الخراف عن يمينه ويدخل بهم ملكوت السموات، ويجمع الجداء عن يساره حيث يذهبون إلى الجحيم والنار الأبدية. (مت 13: 24- 30، 36- 43). أما عن خطايا الشعب فكانت: -" في بيت الشرير كنوز شر". أي أن الشرير جَمع ثروته من طريق شرير. -" إيفة ناقصة ملعونة". أي كانوا يُكيلون بمكيال ناقص ويبيعونه للفقراء. https://st-takla.org/Gallery/var/albu...micah-1693.jpg -" موازين الشر وكيس معايير الشر". أي مجموعة أوزان مغشوشة. -أغنياؤهم ظالمين وكذابين وغشاشين. أما عن العقاب فكان: -"جروحه تكون عديمة الشفاء"، لأنه قد قسى قلبه. "الخراب سوف يحل عليه"، بسبب إصراره على الخطية. "يأكل ولا يشبع"، أي لا يشعر بالخير الذي بين يديه. "جوعك في جوفك". أي أن النكبات تأتى من داخلك، وليس من أعداء خارجين، فالشرير تخرج من داخله الشرور: الكذب، الحسد، الغيرة، الظلم...... -"يُحاول أن ينجو بنفسه" من شر أعماله، ولكن الرب يُسيج حوله حيث لا يجد نجاة، بل يدفعه إلى السيف لعله يرتدع ويتوب. يُسيج الرب حولهم في الإثم فيتبعون أعمال آخاب الملك الشرير. كما يقول بولس الرسول: " وكما لم يستحسنوا أن يُبقوا الله في معرفتهم. أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق..... وكما لم يستحسنوا أن يُبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق مملوئين من كل إثم وزنًا وشر وطمع وخُبث مشحونين حسدًا وقتلًا وخِصامًا ومكرًا وسوءًا نمامين مُفترين، مبغضين لله ثالبين مُتعظمين مُدعين مبتدعين شرورًا، غير طائعين للوالدين بلا فهم ولا عهد ولا حُنُو ولا رِضى ولا رحمة. الذين إذ عَرفوا حُكم الله أن الذين يعملون مثل هذه يستجوبون الوت، لا يفعلونها فقط، بل أيضاَ يُسرون بالذين يَعملون " (رو 1: 28- 32). وكما قال المرنم: "قال الجاهل في قلبه: (ليس إله). فسدوا ورجوا بأفعالهم. ليس منْ يعمل صلاحًا. الرب من السماء أشرف على بنى البشر. لينظر: هل مِنْ فاهم طالب الله؟" (مز 14: 1، 2). |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
ميخا 7 - تفسير سفر ميخا الحالة المؤسفة التي عمت إسرائيل:"ويل لى. لأنى صِرت كَجَنى الصيف كَخُصاصة القِطاف، لا عُنقود للأكل ولا باكورة تينة اشتهتها نفسى قد باد التقىمة من الأرض وليس مُستقيم بين الناس جميعهم يَكمنون للدماء، يصطادون بعضهم بعضًا بشبكة. اليدان إلى الشر مُجتهدتان الرئيس طَالِب والقاضى بالهدية، والكبير مُتكلم بِهوى نَفسه فيُعكشونها. أحسنهم مثل العوسج، وأَعدلَهُم من سياج الشوك يوم مُراقبيك عِقابك قد جاء. الآن يكون ارتباكهم. لا تأمنوا صاحبًا. لاتثقوا بصديق احفظ فَمك عَن المُضطجعة في حِضنك. لأن الابن مُستهين بالأب والبنت قائمة على اُمها والكنة على حماتها، وأعداء الإنسان أهل بيته" (مى7: 1- 6). إن ميخا النبي يصف أزمنة شريرة وفساد زاد وسط بنى إسرائيل. ويعتقد البعض أن النبي يتنبأ عن ما سوف يكون في أيام منسى الملك (ويمكن قراءة هذه الأحداث في (مل 21: 1- 18، 2 أخ 33: 1- 20). -"ويل لى لأنى صرت كجنى الصيف. كخصاصة القطاف. لاعُنقود للأكل ولا باكورة تينة اشتهتها نفسى. قد باد التقى من الأرض. وليس مستقيم بين الناس". إنه يعنى من هذا النحيب كله أنه من العسير في ذلك الزمان وجود رجل تقى، كما أنه من العسير وجود شيء من فاكهة الصيف. فقد اشتهى النبي أن يرى رجال أتقياء كما تتميز باكورات الفاكهة الكاملة النضج. -" جميعهم يكمنون للدماء. يصطادون بعضهم بعضًا بشبكة. اليدان إلى الشر مجتهدتان". فإنهم يعملون الشر بكلتا يديهم، أي بكل قوتهم. ويتصيدون الأخطاء لبعضهم البعض. والكل مستعد حتى لسفك الدماء إذا تضاربت المصالح. -" الرئيس طالب والقاضى بالهدية. والكبير مُتكلم بهوى نفسه فيعكشونها. أحسنهم مثل العوسج. وأعد لهم من سياج الشوك. يوم مراقبيك. عقابك قد جاء الآن يكون ارتباكهم ". تحولت القيادات (الرئيس والقاضى والكبير) عن عملها للبنيان إلى عدو يصطاد ويُهلك لأجل نفسه، فصاروا يعكشونها أي يفسدونها في الأرض. -" لا تأتمنوا صاحبًا. لا تثقوا بصديق. احفظ أبواب فمك عن المضطجعة في حضنك. لأن الابن مُستهين بالآب. والبنت قائمة على أمها. والكنة على حماتها. وأعداء الانسان أهل بيته". لم يعد أحدًا يأمن لأحد. وربما كان هذا الجزء من النبوة يُشيرإلى أيام وجود السيد المسيح على الأرض في الجسد، اذ نطق بنفس الكلمات: " لا تظنوا أنى جئت لألقى سلامًا على الأرض. ما جئت لألقى سلامًا بل سيفًا. فإنى جئت لأفرق الانسان ضد أبيه. والإبنة ضد أمها. والكنة ضد حماتها. وأعداء الانسان أهل بيته " (10: 34- 36). الرجاء في الرب وحده:"ولكنى أُراقب الرب، أصبر فله خلاصى. يسمعنى إلهى لاتشمتى بى يا عدوتى. إذا سقطت أقوم. إذا جلست في الظلمة فالرب نور لى. أحتمل غضب الرب لأنى أخطأت إليه، حتى يُقيم دعواى ويجرى حقى. سيُخرجنى إلى النور سأنظر بره. وترى عدوتى فيُغطيها الخزى القائلة: (أين هو الرب إلهك؟) عيناى ستنظران إليها الآن تصير للدوس كطين الأزقة. يوم بناء حِيطانك ذلك اليوم يَبعُد الميعاد هو يوم يأتون إليك من أشور ومدن مصر ومن مصر إلى النهر. ومن البحر إلى البحر. ومن الجبل إلى الجبل ولكن تصير الأرض خربة بسبب سكانها، من أجل ثمر أفعالهم " (مى 7:7- 13). حينما رأى النبي حال شعب الله المُتردي، ارتعب ولم يجد أمامه سوى الصراخ للرب. لقد علًمنا النبي أن نصلى صلاة قلبية بشفاه مغلقة، وصمت كامل أمام الله الذي يطلب القلوب لا الكلمات. وعلمنا أن نصلى في الخفاء، أي لا نكشف أمورنا إلا لله وحده حتى لا تستطيع القوات المضادة (الشياطين) أن تكشفها، لأنهم يراقبوننا وبالأخص وقت الصلاة. لقد علًمنا النبي أن الفساد العام لا يُبرٍر انزلاقنا في الشر. فقد قال: "ولكننى أراقب الرب. أصبر لإله خلاصى. يسمعنى الهى. لاتشمتى بى يا عدوتى. إذا سقطت أقوم. اذاجلست في الظلمة فالرب نور لى ". الجميع زاغوا وفسدوا، "أما أنا فأُراقب الرب. وأصبر لإله خلاصى"، وأنا أثق أن الله سيسمعنى. فقد قدًم الينا داود النبي اختباره في انتظار الرب، فقال: "انتظارًاانتظرت الرب. فمال إلى وسمع صراخى. وأصعدنى من جب الهلاك. مِنْ طين الحمأة. وأقام على صخرة رجلى. ثبت خطواتى. وجعل في فمى ترنيمة جديدة تسبيحة لإلهنا" (مز 40: 1- 3). ويُوصينا بولس الفرسول قائلًا: "لا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة. لأنكم تحتاجون إلى الصبر. حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد " (عب 10: 35، 36). وعلًمنا النبي أيضًا أن نحتمل تأديب الرب. الذي يأتي علينا بسبب خطايانا، فقال:"أحتمل غضب الرب لأنى أخطأت إليه. حتى يُقيم دعواى ويُجرى حقى ". جميل أن يعترف الإنسان بأخطاؤه أمام نفسه أولًا ولا يلجأ إلى إيجاد مبررات وأعذار لأعماله. الإعتراف بالخطأ يجعل الرب يتقدًم ويرحمنى، كما يقول أشعياء النبي: " حقى عند الرب. وتعبى عند الهى " (أش 49: 4). إن النبي يُصلى إلى الله، وهو واثق أنه سيستجيب له، فيقول: " سيُخرجنى إلى النور. سأنظر بره. وترى عدوتى فيُغطيها الخزى. القائلة لى: أين هو الرب الهك ". كثيرون يحرصون أن يُلقوا الشك في قلوبنا حينما يروننا صابرين ومنتظرين تدخلات الرب في الوقت المناسب، يُحاولون قطع رجاؤنا في الرب، وأحيانًا يتهكمون علينا. ولكن السيد المسيح قال: " إنكم إن ثبتم في كلامى فبالحقيقة تكونون تلاميذى. وتعرفون الحق والحق يُحرركم (يو 8: 31، 32). وبعد هذا الصبر الجميل، يقول النبي: "ترى عدوتى فيُغطيها الخزى.... عيناى ستنظران اليها. الآن تصير للدوس كطين الأزقة". ويبدو أن النبي كان يرى بعين النبوة الخلاص الذي سيأتي لشعب الله على يد كورش الملك الذي خلصًهم من سبى بابل وحُكم نبوخذ نصر. وحينئذ سوف يُعاد بناء أورشليم ومدن يهوذا، " يوم بناء حيطانك ". وكل الذين تشتتوا من شعب الله في بلاد كثيرة سوف يرجعون إلى أورشليم ومدن يهوذا: "يأتون إليك من أشور ومدن مصر. ومن مصر إلى النهر. ومن البحر إلى البحر. ومن الجبل إلى الجبل". هذا رجاء كل إنسان ينتظر خلاص الرب، بعد أن يخضع لتأديباته بسبب خطاياه. إذ ينظر الرب صبر النفس وثقتها فيه، يمد يد العون ويبنى حيطان (سياج) معونة لهذه النفس، وفى نفس الوقت يعدها بأن كل الأشرار يفتقرون ويلجأون للنفس الصابرة للرب. صلاة وتسبيح:"ارع بعصاك شعبك غنم ميراثك ساكنة وحدها في وعر في وسط الكرمل. لترع في باشان وجلعاد كأيام القدم. (كأيام خروجك من أرض مصر أُريه عجائب). ينظر الأمم ويخجلون من كل بطشهم. يضعون أيديهم على أفواههم، وـتصُم آذانهم. يَلحسون التراب كالحية، كزواحف الأرض. يخرجون بالرعدة من حصونهم، يأتون بالرعب إلى إلهنا ويخافون منك. من هو إله مِثلك غَافر الإثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه. لا يحفظ إلى الأبد غضبه، فإنه يُسر بالرأفة. يعود يرحمنا، يدوس آثامنا، وتُطرح في أعماق البحر جميع خطاياهم. تصنع الأمانة ليعقوب والرأفة لإبراهيم، اللتين حَلفت لآبائنا مُنذ أيام القِدم. (مى 7: 14-20). يرجع النبي ويرفع صلاة جميلة إلى الرب (الآيات 14- 17)، يطلب ويستحث الرب أن يرعى شعبه وغنم ميراثه وينظر إلى ذُلهِ ومسكنته من كثرة الشرور التي صنعها فيه العدو. يطلب النبي من الرب أن يُخرج الشعب من الأرض الوعرة مثل الغابة المملوءة وحوشًا، ويجعله يرعى فرحًا مرة أخرى في باشان وجلعاد، بل يكون مع الشعب مثل القديم: "وكان الرب يسير أمامهم نهارًا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق. وليلًا في عمود نار ليُضىء لهم. لكي يمشوا نهارًا وليلًا. لم يبرح عمود السحاب نهارًا وعمود النار ليلًا من أمام الشعب " (خر 13: 21، 22). يطلب النبي أن يصنع الرب عجائب مع شعبه التائب الصابر لخلاصه، عجائب ينظر إليها الأمم ويرتعبوا، إذ كانوا يظنون أن بطشهم لا توجد قوة على إيقافه، من كثرة عجائبك يا رب يضع العدو يده على فمه ويسُد آذانه، يخرجون مرتعدين من حصونهم، ويخافون من الرب إلهنا، بعدما كانوا يعيروننا: " أين هو الرب الهك ". هكذا ترنم أشعياء النبي قائلًا: "ترنمى أيتها السموات لأن الرب قد فعل. اهتفى يا أسافل الأرض. أشيدى ايتها الجبال ترنمًا. الوعر وكل شجرة فيه. لأن الرب قد فدى يعقوب. وفى إسرائيل تمجد " (أش 44: 23). إن صلاة ميخا النبي وفرح أشعياء النبي، كان حقيقة بسبب رؤيتهم بعين النبوة خلاص شعب الله ورجوعهم من عبودية السبى. ولكنه أيضًا كان نبوة عن الخلاص الأعظم للإنسان من عبودية عدو الخير، بتجسد المسيح وموته وقيامته وصعوده، ولذلك قال السيد المسيح: " أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل. أنا هو الراعى الصالح. والراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف " (يو 10:10-11). ويقول أيضاَ:"خرافى تسمع صوتى. وأنا أعرفها فتتبعنى. وأنا أُعطيها حياة أبدية. ولن تهلك إلى الأبد. ولا يخطفها أحد من يدى. أبى الذي أعطانى إياها هو أعظم من الكل. ولا أحد يقدر أن يخطف من يد أبى أنا والآب واحد" (يو 10: 27 -30). ويقول أيضًا: "إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارًا لايحتاجون إلى التوبة " (لو 15: 7). ويُكمل النبي بتسبيح رائع (الآيات 18- 20). يمدح فيه الرب ويقول له:ليس إله مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه، لأنه إله محب وغافر للخطايا، وأنه هو قوتنا التي تُخلصنا، وأنه إلى النهاية. فليس إله مثله لا يحفظ غضبه إلى الأبد، بل يعود ويرحمنا، ويُلقى بآثامنا في أعماق البحار. ويذكر دائمًا وعوده لآبائنا إبراهيم واسحق ويعقوب، لذلك هو يُخلصنا لأنه أمين. وأن غفرانه للخطايا وعدم حفظه لغضبه إلى الأبد، فهي تنبع من داخله لأنه: "يُسر بالرأفة"، وما يُسره هو خلاص الخطاة وليس موتهم أو إدانتهم، لذلك، " من هو إله مثلك ". ويمكنك التمتع بتسبيحات رجال الله، مثل:داود النبي: "أُحبك يا رب يا قوتى الرب صخرتى وحصنى ومنقذى. إلهى صخرتى به أحتمى تُرسى وقرن خلاصى وملجأى. أدعو الرب الحميد فأتخلص من أعدائى. اكتنفتنى حبال الموت وسيول الهلاك أفزعتنى. حبال الهاوية حاقت بى أشراك الموت انتشبت بى. في ضيقى دعوت الرب. وإلى إلهى صرخت فسمع من هيكله صوتى وصراخى قدامه دَخَل أُذنيه فارتجت الأرض وارتعشت، أُسُس الجبال ارتعدت وارتجت لأنه غضب..... أرعد الرب من السموات. والعلى أعطى صوته بردًا وجمر ونار. أرسل سهامه فشتتهم، وبروقًا كثيرة فأزعجهم فظهرت أعماق المياه، وانكشف أُسُس المسكونة من زَجرك يا رب من نسمة ريح أنفك. أرسل من العلى فأخذنى. نشلنى من مياه كثيرة. أنقذنى من عدوى القوى، ومن مُبغضى لأنهم أقوى منى. أصابونى في يوم بَليتى، وكان الرب سندى. أخرجنى إلى الرحب. خلصنى لأنه سُر بى. يُكافئنى الرب حسب بِرى. حسب طهارة يدى يَرد لى. لأن جميع أحكامه أمامى، وفرائضه لم أُبعدها عن نفسى. وأكون كاملًا معه وأتحفظ من إثمى. فَيرد الرب لى كَبرِى، وكطهارة يدى أمام عينيه" (مز 18: 1- 7، 13-24). وأشعياء النبي "وقالت صهيون: (قد تركنى الرب، وسيدى نسينى). (هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟ حتى هؤلاء يَنسين، وأنا لا أنساك. هوذا عل كفى نقشتك. أسوارك أمامى دائمًا. قد أسرع بَنوك هادموك ومُخربونك مِنك يخرجون. ارفعى عينيك حواليك وانظرى. كُلُهم قد اجتمعوا، أتوا إليك. حى أنا، يقول الرب، إنك تَلبسين كُلُهم كَحُلى، وتتنطقين بهم كعروس إ ن خِربك وبراريك وأرض خَرابك إنك تكونين الآن ضيقة على السكان، ويتباعد مُبتلعوك. يقول أيضًا في أُذنيك بنو ثُكْلِك ضيق على المكان وَسَعى لى لأسكن فتقولين في قلبك مَن وَلَد لى هؤلاء وأنا ثكلى، وعاقر مَنفية ومطرودة؟ وهؤلاء مَن رباهم؟ هأنذا كنت متروكة وحدى. هؤلاء أين كانوا؟). هكذا قال السيد الرب: (ها إنى أرفع إلى الأمم يدى وإلى الشعوب أُقيم رايتى، فيأتون بأولادك في الأحضان، وبناتك على الأكتاف يُحملن. ويكون الملوك حاضنيك وسيداتهم مُرضعاتك. بالوجوه إلى الأرض يَسجدون لك ويلحسون غُبار رجليك، فَتَعلمين أنى أنا الرب الذي لا يَخزى مُنتظروه. هل تُسلب مِن الجبار غنيمة؟ وهل يُفلت سَبى المنصور؟. فإنه هكذا قال الرب: (حتى سبى الجبار يُسلب، وغنيمة العاتى تُفلت، وأنا اُخاصم مُخاصمك واُخلص أولادك، واُطعم ظالميك لحم أنفسهم، ويسكرون بدمهم كما من سُلاف، فيعلم كل بشر أنى أنا الرب مخلصك، وفاديك عزيز يعقوب) " (اش 49: 14- 26). صلاة حنة أم صموئيل: "فصلت حَنة وقالت: (فرح قلبى بالرب ارتفع قرنى بالرب. اتسع فمى على أعدائى لأنى قد ابتهجت بخلاصك. ليس قدوس مثل الرب، لأنه ليس غيرك، وليس صخرة مثل إلهنا. لا تُكثروا الكلام العالى المُستعلى، ولتبرح وقاحة من أفواهكم لأن الرب إله عليم، وبه تُوزن الأعمال. قِسى الجبابرة تحطمت، والضعفاء تمنطقوا بالبأس. الشباعى آجروا أنفسهم بالخبز والجياع كفوا. حتى أن العاقر وَلَدت سبعة، وكثيرة البنين ذَبَلت الرب يُميت ويُحيى. يُهبط إلى الهاوية ويُصعد. الرب يُفقر ويُغنى. يضع ويرفع. يُقيم المسكين من التراب. يرفع الفقير من المزبلة للجلوس مع الشرفاء ويُملكهم كرسى المجد. لأن للرب أعمدة الأرض، وقد وضع عليها المسكونة. أَرجُل أتقيائه يحرس والأشرار في الظلام يَصمتون. لأنه ليس بالقوة يَغلب إنسان. مُخاصموا الرب ينكسرون. من السماء يُرعد عليهم. الرب يَدين أقاصى الأرض، ويُعطى عِزًا لِمَلكه، ويرفع قرن مسيحه" (1 صم 2:1 -10). تسبحة العذراء: " فقالت مريم (تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مُخلصى، لأنه نَظَر إلى اتضاع أمته. فهوذا مُنذ الآن جميع الأجيال تُطوبنى، لأن القدير صنع بى عظائم، واسمه قدوس، ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه. صنع قوة بذراعه. شتت المستكبرين بفكر قلوبهم. أنزل الأعزاء عن الكراسى ورفع المتضعين. أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين. عضد إسرائيل فتاة لِيَذكر رحمة، كما كلم ابائنا. لإبراهيم ونسله إلى الأبد) " (لو 1: 46- 55). |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
تفسير سفر حجي - المقدمة
هو حجي النبي، حجي اسم عبري معناه "عيد" أي مولود في يوم عيد. أن الأنبياء حجي وزكريا وملاخي تنبأوا بعد رجوع اليهود مِنْ سبى بابل، ونبواتهم تنطوي على أمرين مهمين: *تجديد الهيكل، وإعادة نظام أمة اليهود، وتقرير شرائعهم اليهودية الخصوصية. *البشارة بمجيء المسيح القريب، والحصول على البركات الإنجيلية الموعود بها. حجي هو الأول مِن هؤلاء الأنبياء الثلاثة. وقيل أن مولده كان في بابل أثناء السبي، وأنه صعد إلى أرض يهوذا مع زربابل في الرجوع الأول لليهود سنة 536 ق.م. (عز2: 1-الخ). وهو قام نبيًا في السنة الثانية لداريوس نحو سنة 520 ق.م.، قبل زكريا مُعاصره بشهرين، كما هو مُدون في أول السفرين. 2- زمن النبوة وموضوعها:مدة النبوة أربعة شهور كما يتضح مِن مُقارنة الشاهدين (حجى1:1، 2: 18) حيث تقول الآيات: "فى السنة الثانية لداريوس الملك في الشهر السادس في أول يوم مِن الشهر كانت كلمة الرب عنْ يدِ حجي النبي إلى زربابل بن شالتئيل والى يهوذا وإلى يهوشع بن يهوصادق الكاهن العظيم"، "إجعلوا قلبكم مِن هذا اليوم فصاعدًا مِن اليوم الرابع والعشرين مِن الشهر التاسع مِن اليوم الذي تأسس هيكل الرب". أما موضوع النبوة فكانت بخصوص العمل في بناء بيت الرب الذي كان قد توقف مدة 14 سنة، بأمر من أحشويرش الملك بسبب نميمة أعداء اليهود (والتى ذُكرت بالتفصيل في سفر عزرا أصحاح 4). وبعد زوال هذه الموانع، حدث أن اليهود أصابهم الفتور وظنوا أن وقت إتمام الهيكل لم يحضر بعد. وإنهمكوا في بناء بيوتهم وتزيينها وأهملوا هذا العمل العظيم بالكُلية. فأقام الله النبيين حجي وزكريا لكي يُوبخاهم ويحُثاهم على بناء بيت الرب، كما جاء في (عز5: 1، 2، 6: 14). ومِن خلال قراءة السفرين نجد أن النبيين قد نجحا في هذا، لأنهم حصلوا على أمر مِن داريوس بالبنيان، وتمموا العمل في فترة قليلة، كما جاء في (عز6). 3- أقسام السفر:1-الآيات (1: 1- 11): توبيخ الرب لليهود على يد حجي النبي، لتكاسلهم في بناء الهيكل، مع إعلان غضب الله عليهم، وتقديم النصيحة لهم لاستئناف عملهم. 2-الآيات (1: 12- الخ): سماع الشعب لصوت النبوة وتحركهم للعمل. 3-الآيات (2: 1-9): تعزية الرب للشعب على يد حجي النبي، لأنه حزِن بسبب عدم بهاء الهيكل من الخارج عندما قارنوا بينه وبين الهيكل القديم. 4-الآيات (2: 10-19): الرب يقبل الشعب ويغفر لهم خطية تكاسلهم في البناء. 5-الآيات (2: 20- الخ): الرب يُكافئ زربابل ويجعله عظيمًا في ملكوته، مِن أجل غيرته وحماسه وحثه للشعب على العمل. 4- شخصيات بارزة في السفر:* زرُبابل: اسم أكادى معناه "مولود في بابل"، وكان هو المتقدم في الدولة. ونستطيع أن نفهم مِن (1أخ3: 19) أن شالتئيل مات بدون ذرية، ولعل فدايا أخو شالتئيل تزوج بامرأته وأقام نسلًا لشالتئيل حسب الشريعة الموسوية (تث25: 5، 6)، فصار زربابل ابن شالتئيل. وهو مِن نسل داود، كما جاء في (مت1: 12، 1أخ3: 1، 19)، وكان يشغل مركزًا في مملكة فارس، وسُمى شيشبصًر رئيس يهوذا في عصر كورش ملك فارس، الذي سلمه آنية بيت الرب ليرجع بها إلى أورشليم ومعه كُل من يرغب في الرجوع مِن اليهود (عز1: 7-2: 2)، وكان عدد الآنية 5400 من ذهب وفضة (عز1: 11). وكان دوره الواضح هو تكميل بناء الهيكل في أورشليم، كما سيأتي مع دراسة هذا السفر، وبعد ذلك لا نقرأ أي شيء عن شخصية زربابل. إلا أنه ابن داود، فلذلك نجد شخصيته ترمز للسيد المسيح ابن داود الذي سيبنى هيكل العهد الجديد بهيكل جسده. *يهوشع بن يهوصادق: هو أول رئيس كهنة لليهود بعد الرجوع مِن السبي، رجع مع اليهود من بابل، ودَعى لكي يتشدًد زربابل والشعب لبناء الهيكل. وهو نفسه الذي يُدعى يشوع بن يهوصاداق في سفري عزرا ونحميا فاسم يهوشع هو نفسه اسم يشوع أو يسوع، ومعناه "الذي يُخلٍص" أو "الذي يُفسح مجالًا"، وقد اهتم مع زربابل ببناء الهيكل وإعادة إحياء الطقوس اليهودية. وقد رأى زكريا النبي يهوشع الكاهن العظيم: "واقفًا قُدام ملاك الرب والشيطان قائم عنْ يمينه ليقاومه. فقال الرب للشيطان لينتهرك الرب يا شيطان. لينتهرك الرب الذي إختار أورشليم.... وكان يهوشع لابسًا ثيابًا قذرة وواقفًا قدام الملاك. فأجاب وكلًم الواقفين قدامه قائلًا إنزعوا عنه الثياب القذرة. وقال له أنظر. قد أذهبتُ عنك إثمك وأُلبسك ثياب مزخرفة. فقلت ليضعوا على رأسه عمامة طاهرة. فوضعوا على رأسه العمامة الطاهرة وألبسوه ثيابًا" (زك3: 1-5). ومن هذه الآيات نفهم أن يهوشع الكاهن العظيم هو رمز لبنى إسرائيل الذين سوف يؤمنوا في آخر الأيام، كما ذكر بولس الرسول قائلًا على لسان أشعياء النبي: "وأشعياء يصرخ من جهة إسرائيل وإن كان عدد بنى إسرائيل كرمل البحر فالبقية ستخلُص"، وكما سبق أشعياء فقال:" لولا أن الرب أبقى لنا نسلًا لصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة" (رو9: 27، 29)، (أش1: 9). وأيضًا يهوشع الكاهن العظيم، بعد أن خلع عنه الرب الملابس القذرة وألبسه ثيابًا مُزخرفة ووضع عمامة طاهرة على رأسه، فهو يرمز لكُل مؤمن نزع الرب عنه خطيته وألبسه ثوب الخلاص بيسوع المسيح ربنا. يهوشع الكاهن العظيم وزربابل ممسوحين مِن الرب، للعمل على بناء الهيكل وإعادة شريعة اليهود. عملهما هذا وشخصياتهم لهما أيضًا معنى نبوي، لأنه مِن أورشليم بالذات سينبعث النبت (يسوع المسيح) الملك والكاهن، الذي سيحمل يومًا على عاتقه مُهمة كليهما، كما قال زكريا النبي: "هو يبنى هيكل الرب وهو يحمل الجلال ويجلس ويتسلط على عرشه. وككاهن يكون جلوسه، ويُمارس كلا الوظيفتين بتوافق تام" (زك3: 6-8). وبالفعل يجمع المسيح في شخصه وظيفة الملك والكاهن، غير أن الهيكل الذي يبنيه ليس مِن صُنع أيدي بشرية، "لأن بيته هو نحن" (عب3: 6)، والجماعة التي ينوى الله أن يؤسسها هي مجموعة مِن حجارة حية تؤلف بيتًا روحيًا، كما قال بطرس الرسول: "وكأطفال مولودين الآن إشتهوا اللبن العقلى العديم الغش لكي تنمو به. إن كُنتم قد ذقتم أن الرب صالح. الذي إذ تأتون إليه حجرًا حيًا مرفوضًا مِن الناس ولكن مُختار مِن الله كريم. كونوا أنتم أيضًا مبنيين كحجارة حية بيتًا روحيًا كهنوتًا مُقدًسًا لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح" (1بط2: 2-5). وفى شخصه الإلهي يتجلى مجد الله، وسيكون هو خيمة الشهادة الحية التي يظهر فيها الله للبشر، كما قال: "لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السموات. خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان" (عب8: 1، 2)، ويقول أيضًا: "وسمعت صوتًا عظيمًا مِن السماء قائلًا هوذا مسكن الله مع الناس وهو سيسكن معهم وهم يكونون له شعبًا والله نفسه يكون معهم إلهًا لهم" (رؤ21: 3، 4). 5- معاني الكلمات الصعبة في السفر:- المسطار (1: 11): الخمرة الجيدة، أول عصير العنب. - العرمة (2: 16): كومة من الحصيد بعد درسها في البيدر. - الفورة (2: 16): مكيال. اللفح (2: 17): هبة ريح حارة مُحرقة. اليرقان (2: 17): 1- مرض يُسبًب اصفرار الجلد. 2- آفة تُصيب المزروعات. الأهراء (2: 19): مخازن الحبوب. |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
حجي 1 - تفسير سفر حجي
فى السنة الثانية لداريوس الملك في الشهر السادس في أول يوم مِن الشهر كانت كلمة الرب عنْ يد حجي النبي إلى زربابل بنْ شالتئيل والى يهوذا وإلى يهوشع بنْ يهوصادق الكاهن العظيم قائلًا. هكذا قال رب الجنود قائلًا: هذا الشعب قال إن الوقت لم يبلغ وقت بناء بيت الرب. **جاءت رسالة حجي النبي إلى زربابل والى يهوذا وإلى يهوشع بن يهوصادق الكاهن العظيم، بالرغم مِن أن التقصير في بناء بيت الرب كان مِن جميع الشعب. ولكن جاءت كلمة الرب إلى الرجلين المسئولين عن الشعب، هم رجال صالحون، ولكن كان يجب حثهما للقيام بواجبهما عندما تهاونا. كما قال الرب: "كُل من أُعطى كثيرًا يُطلب منه كثير ومن يُودعونه كثيرًا يُطالبونه بأكثر" (لو12: 48). لذلك جاءت الرسالة لمنْ هم في المسئولية. كُل واحد منًا مسئول في مجاله (بيته، أولاده، ماله، حياته الروحية، جيرانه، أصدقاؤه، عمله، مواهبه....)، ومطلوب أن يكون أمينًا أمام الرب في كُل هذا، وأعطانا الرب أمثلة كثيرة عنْ ضرورة السهر، والمحافظة على الأمانة التي أوكلنا عليها [مثل العذارى الحكيمات (مت25: 1-13)، ومثل الوزنات (مت25: 14-30)، ومثل الخراف والجداء (مت25: 31- الخ.)]، لكي يفرح في النهاية بسماع صوت الرب القائل: "نعمًا أيها العبد الصالح الأمين. كُنت أمينًا في القليل فأقيمك على الكثير. أدخل إلى فرح سيدك" (مت25: 23). **وجاءت الرسالة مُنذرة لزربابل ويهوشع لأنهما في الأصل أُناس صالحين، وتاريخهم الطويل يدل على أمانتهم، لذلك كان الله حريصًا على تنبيههم حينما قصًروا أو تهاونوا. فالله يعرف النفوس الأمينة، ويُسمعها صوته عند اللزوم. خطية اليهود، وغضب الرب، والعلاج:فكانت كلمة الرب عن يد حجي النبي قائلًا:هل الوقت لكم أنتم أن تسكنوا في بيوتكم المُغشاة وهذا البيت خراب. والآن فهكذا قال قال رب الجنود. إجعلوا قلبكم على طُرقكم. زرعتم كثيرًا ودخلتم قليلًا. تأكلون وليس إلى الشبع. تشربون ولا تروون. تكتسون ولا تدفأون. والآخذ أجرة يأخذ أجرة لكيس منقوب. هكذا قال رب الجنود. إجعلوا قلبكم على طُرقكم. إصعدوا إلى الجبل وأتوا بخشب وإبنوا البيت فأرضى عليه وأتمجد قال الرب. إنتظرتم كثيرًا وإذا هو قليل ولما أدخلتموه البيت نفخت عليه. لماذا يقول رب الجنود. لأجل بيتى الذي هو خراب وأنتم راكضون كُل إنسان إلى بيته. لذلك مَنَعَت السموات مِن فوقكم الندى ومَنَعَت الأرض غلًتها. ودعوت بالحر على الأرض وعلى الجبال وعلى الحنطة وعلى المسطار وعلى الزيت وعلى ما تُنبته الأرض وعلى الناس وعلى البهائم وعلى كُل أتعاب اليدين" (حجى1: 3-11). خطية اليهود: "هذا الشعب قال أن الوقت لم يبلغ وقت بناء بيت الرب"، إنهم لم يقولوا لن نبنى بيت الرب، بل ليس الوقت مُناسب لبناء بيت الرب. إن خطية اليهود كانت هي التواني والتأجيل لعمل الصلاح. إنه نفس الشيء الذي فعلته عروس النشيد: "صوت حبيبى قارعًا. إفتحى لى يا أختى يا حبيبتى يا حمامتى لأن رأسى إمتلأ مِن الطل وقصصى من ندى الليل. "فأجابت قائلة" قد خلعت ثوبى فكيف ألبسه. قد غسلت رجلي فكيف أوسخهما" (نش5: 2، 3). ثم تقوم مُتباطئة وتقول: "فتحت لحبيبى لكن حبيبى تحول وعبر" (نش5: 6)، ساعتها ملأها الحزن لأنها لم تعرف زمان افتقادها من عند الرب. وأيضًا فيلكس الوالي عندما استحضر بولس من السجن ليسمع منه عن الإيمان بالمسيح، يقول الكتاب: "وبينما كان يتكلم (بولس) عن البر والتعفف والدينونة العتيدة أن تكون إرتعب فيلكس وأجاب: أما الآن فإذهب ومتى حصُلت على وقت أستدعيك" (أع24: 24، 25). لقد نُخس فيلكس في قلبه، ولكنه قال ليس الوقت بعد ليستجيب لهذا النداء. والرب يقول لكُل واحد فينا: "هنذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتى وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معى" (رؤ3: 20). فإن سمعت صوته فلا تقول الوقت لم يبلغ بعد للاستجابة. لذلك يُحذرنا بولس الرسول قائلًا: "يقول الروح القدس إن سمعتم صوته فلا تُقسًوا قلوبكم" (عب3: 7، 8). أشياء لا تنتظر الوقت المناسب:-** توجد أشياء كثيرة لا تنتظر الوقت المُناسب، بل كُل وقت هو مُناسب لها، مثل: 1- التوبة: فنسمع بطرس الرسول يقول: "لا يخفَ عليكم هذا الشيء الواحد أيها الأحباء أن يومًا واحدًا عند الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد. لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ. لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة. ولكن سيأتي كلص في الليل يوم الرب الذي تزول فيه السموات بضجيج وتنحل العناصر مُحترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها. فبما أن هذه كُلها تنحل. أي أُناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مُقدسة وتقوى مُنتظرين وطالبين سُرعة مجيء يوم الرب" (2بط3: 8-12). ويقول بولس الرسول: "أنتم تعلمون بالتحقيق أن يوم الرب كلص في الليل هكذا يجئ. لأنه حينما يقولون سلام وأمان حينئذ يُفاجئهم هلاك بغتة كالمخاض للحُبلى فلا ينجون. وأما أنتم أيها الإخوة فلستم في ظلمة حتى يُدرككم ذلك اليوم كلص. جميعكم أبناء نور وأبناء نهار. لسنا من ليل وظلمة. فلا نَنَمْ كالباقين بل لنسهر ونصحو" (1تس5: 2-6). ويقول مار إفرام السرياني: [ادفع الخطية بنفس الأعذار التي تدفع بها التوبة]. 2- الصلاة:"وقال "الرب يسوع" لهم أيضًا مثلًا في أنه ينبغي أنْ يُصلى كُل حين ولا يُمل" (لو18: 1)، وأكد هذا الكلام بولس الرسول حينما قال: "مواظبين على الصلاة" (رو12: 12)، وقال أيضًا لأهل فيلبى: "لا تهتموا بشئ بل في كُل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتُعلم طلباتكم لدى الله. وسلام الله الذي يفوق كُل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع" (فى4: 6، 7)، وبطرس الرسول يقول: "إنما نهاية كُل شيء قد إقتربت. فتعقلوا وإصحوا للصلوات" (1بط4: 7). داود النبي كان مُواظبًا على الصلاة، لدرجة أنك تسمعه يقول: "بدل محبتى يُخاصموننى. أما أنا فصلاة" (مز109: 4). ونستمع لكلمات كثيرة للآباء القديسين عن الصلاة: "إن كان أحد عُريانًا منْ الملابس الإلهية السمائية التي هي قوة الروح القدس كما قيل، إن كان أحد ليس فيه روح المسيح وعُدم أن يكون من خاصته، فليبكِ متوسلًا بالصلاة إلى الرب حتى يهبه اللباس الروحاني السمائي ليستر نفسه العارية مِن القوة الإلهية. لأنه مِن العار أن يكون غيره مكسوًا بالروح وهو مكسو بعيب الشهوات الدنيئة" (أنبا مقاريوس الكبير). "الصلاة سلاح عظيم، كنز لا يفرغ، غِنى لا يسقط أبدًا، ميناء هادئ وسكون ليس فيه اضطراب. الصلاة هي مصدر وأساس لبركات لا تُحصى، هي قوية وقوية للغاية... الصلاة مُقدمة لجلب السرور" (القديس يوحنا ذهبي الفم). 3- قراءة كلمة الله:ليس أفضل مِن كلمة الله ذاتها، التي تطلب أن نلهج في كلامه نهارًا وليلًا: "إسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد. فتحب الرب إلهك مِن كُل قلبك ومِن كُل نفسك ومِن كُل قوتك. ولتكن هذه الكلمات التي أوصيك بها اليوم على قلبك. وقصها على أولادك. وتكلم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشى في الطريق وحين تنام وحين تقوم. وأربطها علامة على يدك. ولتكن عصائب بين عينيك. وأكتبها على قوائم أبواب بيتك وعلى أبوابك" (تث6: 4-8). ويقول داود النبي: "أما رحمة الرب فإلى الدهر والأبد على خائفيه وعدله على بنى البنين لحافظى عهده وذاكرى وصاياه ليعملوها" (مز103: 17، 18). وأيضًا يقول: "طوبى للرجل المُتقى الرب المسرور جدًا بوصاياه. نسله يكون قويًا في الأرض. جيل المستقيمين يُبارَك. رغد وغنى في بيته وبره قائم إلى الأبد" (مز112: 1-3). ويتكلم الرب على لسان أشعياء النبي قائلًا: "ليتك أصغيت لوصاياى فكان كنهر سلامك وبرك كلجج البحر. وكان كالرمل نسلك وذرية أحشائك كأحشائه. لا ينقطع ويُباد إسمه مِن أمامى" (أش48: 18، 19). وقال رب المجد بنفسه: "كٌل منْ يسمع أقوالى هذه ويعمل بها أشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر. فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط. لأنه كان مُؤسسًا على الصخر. وكُل منْ يسمع أقوالي هذه ولا يعمل بها يُشبه برجل جاهل بنى بيته على الرمل. فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبًت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط. وكان سقوطه عظيمًا" (مت7: 24-27). كُلنا نميل إلى إساءة فهم المُعطلات التي تُصادفنا في الحياة والتي تسمح لنا بها العناية الإلهية، كأنها أقيمت لكي نتوقف عنْ تأدية واجباتنا مع أنها إنما قُصد بها امتحاننا وتدريب شجاعتنا وإيماننا. إن إهمالنا لواجباتنا أمر شرير، والأسوأ منه أن ندًعى بأن العناية الإلهية تؤيدنا في إهمالنا لها. توبيخ الله لهم على خطيتهم:"هل الوقت لكم أنتم أن تسكنوا في بيوتكم المُغشاة وهذا البيت خراب" (حجى1: 3، 4). ** النجاح العالمي والالتزامات المادية والاهتمام بشئون الحياة الحاضرة مهم، ولكنه لا يعفينا أمام الرب إذا أهملنا حياتنا الروحية، تقول ختام تسبحة نصف الليل، عنْ منظر اليوم الأخير: [يأتي الشهداء حاملين عذاباتهم. ويأتي الصديقون حاملين فضائلهم. ويأتي ابن الله في مجده ومجد أبيه ويُجازى كٌل واحد كأعماله]. هل سنكون في هذا اليوم العظيم حاملين في أيدينا ما يُفرح قلب الرب ونستحق عليه الدخول إلى فرح السمائيين؟! وبولس الرسول يقول: "ليس أحد منًا يعيش لذاته ولا أحد يموت لذاته. لأننا إن عشنا فللرًب نعيش وإن مُتنا فللرب نموت. إن عشنا وإن مُتنا فللرب نحن. لأنه لهذا مات المسيح وقام وعاش لكي يسود على الأحياء والأموات" (رو14: 7-9). ويقول أيضًا: "منْ سيفصلنا عنْ محبة المسيح. أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عُرى أم خطر أم سيف. كما هو مكتوب إننا مِن أجلك نُمات كُل النهار. قد حُسبنا مثل غنم للذبح. ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا. فإني مُتيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مُستقبلة ولا عُلو ولا عُمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عنْ محبة الله التي في المسيح ربنا" (رو8: 35-39). مُعاملات الرب معهم بسبب خطيتهم:"زرعتم كثيرًا ودخلتم قليلًا. تأكلون وليس إلى الشبع. تشربون ولا تروون. تكسون ولا تدفأون. والآخذ أجرة يأخذ أجرة لكيس مثقوب..... إنتظرتم كثيرًا وإذا هو قليل ولما أدخلتموه البيت نفخت عليه. لماذا يقول رب الجنود. لأجل بيتى الذي هو خراب وأنتم راكضون كُل إنسان إلى بيته" (حجى1: 6، 9-11). لقد اهتموا بأعمالهم وحياتهم أكثر من بناء بيت الرب، وأكثر من بناء الرب في داخل نفوسهم، لذلك حرمهم الرب مِن بركة أعمالهم، فأصبحوا يأكلون ولا يشبعون، يشربون ولا يرتوون، يكتسون ولا يدفأون. كُل هذا لأن الرب نفخ على كُل شيء بعدم البركة. نحن نعمل مثلهم في أوقات كثيرة: [لا أخدم طالما أنا في فتور. لا أتناول إلا إذا كُنت نقيًا تمامًا. لا أتوب إلى عندما تتحسن الظروف. لا أصلى إلا إذا توفر لي فائض من الوقت. لا أعطى المحتاج في أي وقت.....]. مع أن الرب يستخدم ظروفنا المادية والأسرية والاجتماعية ليُنبهنا لضعفنا في الحب تجاهه، كما قال: "لذلك مَنَعَت السموات مِن فوقكم الندى ومَنَعَت الأرض غلتها. ودعوت بالحر على الأرض وعلى الجبال وعلى الحنطة وعلى المسطار وعلى الزيت وعلى ما تُنبته الأرض وعلى الناس وعلى البهائم" (حجى1: 10، 11). إذا توقعنا الكثير مِن الخليقة فإن آمالنا قد تخيب في أحيان كثيرة، وعندما ننتظر الكثير يأتينا القليل، كُل هذا لكي يكون رجاؤنا في الله وحده الذي يُبارك كُل ما تمتد إليه أيدينا، ولأنه هو وحده الذي يُعطى أكثر مما ننتظر أو نفتكر. إن الله حريص أن يجعلنا نشعر بضرورة اعتمادنا الدائم عليه. إن خالقنا يجب أن يكون أعز حبيب لدينا، لكن إن أهملناه وجعلناه عدوًا لنا، فإننا أيضًا نجعل أعز أحبائنا بين المخلوقات أعداء لنا (لأن الكُل خاضعًا له). إن أردنا التمتع بدوام خيراتنا الزمنية، وجب علينا أن نُبقى على صداقتنا مع الله، لأنه إن باركها لنا صارت لنا بركة حقًا، أما إن نفخ فيها، لكي يُنبهنا عن تقصيرنا، فإننا لن نرجو أي خير منها. وهو يقول: "أطلبوا أولًا ملكوت الله وبره وهذه كُلها تُزاد لكم" "منْ وجد حياته يُضيعها. ومنْ أضاع حياته منْ أجلى يجدها" (مت10: 39). وحينما قال الرب لتلاميذه: "لا تحملوا كيسًا ولا مزودًا في الطريق" (لو10: 4)، قال لهم أيضًا: "لأن الفاعل مُستحق طعامه" (مت10: 10). وعندما طلب منًا قائلًا: "لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون" (مت6: 25)، قال أيضًا: "لأن أباكم يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كُلها. لكن أطلبوا أولًا ملكوت الله وبره وهذه كُلها تُزاد لكم" (مت6: 32، 33). والذي يسير مُستندًا على الله، تجد لسان حاله يقول: "كفقراء ونحن نُغنى كثيرين. كأن لا شيء لنا ونحن نملك كُل شيء" (2كو6: 10). تُلاحظ أيضًا أن البهائم تُضار من خطية الإنسان وتهاونه، لأن الإنسان هو تاج الخليقة وكاهنها، إذا ضعُف تأثرت الخليقة كُلها بضعفه، وإذا كان بركة تتبارك كُل الخليقة فيه. إذن ما هو الحل لصد غضب الرب:"إجعلوا قلبكم على طُرقكم"، أي افحصوا طُرقكم. وكما يقول أرميا النبي: "لنفحص طُرقنا ونمتحنها ونرجع إلى الرب. لنرفع قلوبنا وأيدينا إلى الله في السموات...... عينى تسكُب ولا تكُف بلا انقطاع. حتى يُشرف وينظر الرب مِن السماء" (مراثى3: 40، 49). "إعزلوا الخبيث مِن بينكم" (1كو5: 13). يجب أن نبزل كُل الجهد في فحص أنفسنا، ونتحدث في قلوبنا بصدد حياتنا الروحية، وبصدد خطايانا المستمرة، وبصدد واجبنا نحو المستقبل. يحرص الكثيرين على التجسس لمعرفة طُرق غيرهم، مع إنهم لا يُبالون بطُرقهم، مع أن الرب يسوع قال: "لماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك. وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها. أم كيف تقول لأخيك دعني أُخرج القذى مِن عينك وها الخشبة في عينيك. يا مُرائى أخرج أولًا الخشبة مِن عينك. وحينئذ تُبصر جيدًا أن تُخرج القذى مِن عين أخيك" (مت7: 3-5). "اصعدوا إلى الجبل. إئتوا بالخشب، ابنوا البيت"، لا يكفى مُحاسبة النفس ومعرفة نُقط الضعف، لكن يجب إصلاح الخطأ، كما يقول الكتاب: "عندي عليك أنك تركتك محبتك الأولى.أنظر مِن أين سقطت وتُب واعمل الأعمال الأولى. وإلا فإني آتيك عن قريب وأزحزح منارتك مِن مكانها إذا لم تتُب" (رؤ2: 4، 5). إن كان هناك واجب قد طال زمان إهماله، فهذا لا يُبرًر أن نُبقيه على حاله، فلماذا لا نؤديه الآن؟! هذا أفضل مِن عدم إتمامه نهائيًا. إذ يقول الكتاب:"أنها الآن ساعة لنستيقظ مِن النوم. فإن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنًا. قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور. لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر والسُكر لا بالمضاجع والعَهَر لا بالخصام والحسد. بل إلبسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرًا للجسد لأجل الشهوات" (رو13:12-14). "ابنوا البيت فأرضى عليه وأتمجد قال الرب"، الرب حنًان ورؤوف، طويل الأناة، ونادم على الشر، والأمثلة كثيرة لذلك: _ الله ندم لأنه أهلك العالم، بعد أن رأى صلاح نوح وسمع صلاته (تك8: 20-22). _ رجع الله عنْ غضبه حينما تاب أهل نينوى (سفر يونان). _ وفى هذا السفر يقول أنه مُستعد أن يرضى على شعبه، إذا رجعوا وبنوا له بيتًا في قلوبهم، واستطاع أن يجد له مكانًا يسند فيه رأسه في داخلنا. سماع زربابل لصوت الرب وقيامه بالعمل:"حينئذ سمع زربابل بن شالتئيل ويهوشع بن يهوصادق الكاهن العظيم وكُل بقية الشعب صوت الرب إلههم وكلام حجي النبي كما أرسله الرب إلههم وخاف الشعب أمام وجه الرب. فقال حجي رسول الرب برسالة الرب لجميع الشعب قائلًا أنا معكم يقول الرب. ونبه الرب روح زربابل بن شالتئيل والى يهوذا وروح يهوشع بن يهوصادق الكاهن العظيم وروح كُل بقية الشعب فجاءوا وعملوا الشُغل في بيت رب الجنود إلههم. في اليوم الرابع والعشرين مِن الشهر السادس في السنة الثانية لداريوس الملك" (حجى1: 13- الخ). # نجاح رسالة حجي النبي كانت لسببين:1- صوت الرب الذي حثهم على العمل عنْ طريق رسالة حجي. 2- القلوب المُستعدة لقبول هذا الصوت، إذ حينما سمعوا الصوت جاءوا وعملوا الشغل في بيت الرب. جميل أن يخضع زربابل ويهوشع وبقية الشعب لصوت الرب الذي جاءهم مُوبخًا تكاسلهم، ولم يتكبروا أو يُحاولوا إيجاد مُبررات لتكاسلهم. - هكذا كُل عظة نسمعها نستفيد منها إن كانت قلوبنا مُستعدة للفائدة. - جيد أن نقبل كُل شيء مِن يد الرب بعدم تذمر، لأن هذا سوف يُصلح مِن طباعنا كثيرًا. فقد أرسل الرب لبنى إسرائيل علامات زمنية كثيرة ليفهموا عدم رضاه (مثل منعه للندى، أمره بالحر)، ولكنهم لم يفهموا، ورغم ذلك لم يتركهم الرب بل أرسل لهم رسالة مُباشرة عنْ طريق حجي النبي. وقد قال الرب عنْ أورشليم: "يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المُرسلين إليها. كمْ مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تُريدوا. هوذا بيتكم يُترك لكم خرابًا. لأني أقول لكم إنكم لا ترونني مِن الآن حتى تقولوا مُبارك الآتي باسم الرب" (مت23: 37-39). ليتنا نُنصت لصوت الرب ونقوم للعمل ولا ندعه يتركنا بغير رجعة. - وأحيانًا لا نستطيع أن نفهم أو نُميٍز صوت الرب، وفى هذه الحالة علينا أن نلجأ لمنْ لهم خبرة عنًا، لنفهم منهم إرادة الله مِن حياتنا. - مطلوب أيضًا أن يملأ خوف الله حياتنا، لكي لا نتهاون في حقوقه ونتمادى في التكاسل. - ولنتذكر دائمًا مثل الوزنات (مت25: 14-30)، وما قاله الرب لصاحب الوزنة الواحدة الذي لم يُتاجر بها بل طمرها في الأرض حتى يُعيدها إلى سيده حينما يعود، فأجاب سيده وقال: "أيها العبد الشرير والكسلان..... كان ينبغي أن تضع فضتي عند الصيارفة. فعند مجيئ آخذ الذي لى مع ربا" (مت25: 26، 27). - "نبه الرب أرواحهم": يا ليتها تكون صلاة دائمة لنا، أن يُنبه الرب أرواحنا دائمًا ولا يتركنا لتكاسُلنا، نُصلى له أن يكشف لنا عن "الثعالب الثعالب الصغار المُفسدة الكروم" (نش2: 15). -الشعب أسرع للعمل، فقد ناداهم حجي في أول الشهر، وشرعوا في العمل في 24 مِن نفس الشهر. فبقدر إبطائنا وتكاسلنا في عمل الصلاح، بقدر ما يجب أن نُسرع في العمل حينما نُدرك جهالتنا. - الرب حنًان أيضًا، فهو يكون معهم، يصفح عنْ تقصيرهم، طالما قاموا للعمل. ويصُد عنهم أعدائهم لكي لا يُعطلونهم عن العمل مرة أخرى. ويُقويهم ليُتمموا العمل. ونحن مثلهم، لنْ نبنى بأنفسنا بل بالله الذي يُرافقنا، ويبنى لنفسه هيكلًا في داخل قلوبنا. كما تكلم المزمور: "إن لم يبنى الرب البيت فباطلًا يتعب البناؤون. إن لم يحرس الرب المدينة فباطلًا يسهر الحراس" (مز127: 1). |
رد: تفسير العهد القديم من الكتاب المقدس - الأستاذة بولين تُدري
حجي 2 - تفسير سفر حجي
تعزية الشعب مِن أجل قلة فخامة البيت: أخذ الشعب يعمل قرابة شهر في بناء الهيكل، تكبدوا فيه متاعب كثيرة، وأكثر شيء أثار حزنهم، أن البقية منهم الذين رأوا الهيكل القديم بفخامته، ونظروا إلى هذا الهيكل شعروا بالفرق، فأرسل لهم الرب هذه الرسالة على يد حجي النبي ليُعزيهم. أخذوا يعملون قُرابة شهر، لذلك استحقوا تعزيات في وسط الطريق، فيرجع الرب ويعدهم ثانية "إنى معكم"، "روحي قائم في وسطكم"، "تشدًد يا زربابل، تشدًد يا يهوشع، تشدًدوا يا بقية الشعب". ونحن أيضًا إذا استمر جهادنا، لا يدعنا الرب وحدنا، بل "لم تصبكم تجربة إلا بشرية. ولكن الله أمين الذي لا يدعكم تُجربون فوق ما تستطيعون بل سيجعل مع التجربة أيضًا المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا" (1كو10: 13). إن تعزيات الرب لنا وقت الجهاد والمحن هي عون عظيم للنفس، لذلك يقول داود النبي:" إذ قُلت قد زلت قدمى فرحمتك يا رب تُعضدنى.عند كثرة همومى في داخلي تعزياتك تُلذٍذ نفسى" (مز94: 8، 19). ويقول أيضًا "طوبى للحزانى الآن لأنهم يتعزون" (مت5: 4). ويُقدم لنا أشعياء النبي وعد الرب الأمين: "ومفديو الرب يرجعون ويأتون إلى صهيون بالترنم وعلى رؤوسهم فرح أبدى. إبتهاج وفرح يُدركانهم. يهرب الحزن والتنهد. أنا أنا هو مُعزيكم. منْ انتِ حتى تخافى مِن إنسان يموت ومِن ابن الإنسان الذي يُجعَل كالعُشب. وتنسى الرب صانعك باسط السموات والأرض وتفزع دائمًا كُل يوم مِن غضب المُضايق عندما هيأ للإهلاك. وأين غضب المُضايق. سريعًا يُطلق المُنحنى ولا يموت في الجُب ولا يُعدم خُبزه" (أش51: 11-14). -وأكثر مِن ذلك فإن الرب يرى أن مجد هذا البيت الأقل فخامة أكثر مِن مجد البيت الأول، ولك أمثلة كثيرة على هذا: 1 بطرس الرسول الذي خاف وأنكر، عندما رجع سلًمه الرب رعيته وقال له: "يا سمعان بن يونا أتُحبني أكثر مِن هؤلاء..... إرعى خرافي" (يو21: 15-17). 2 التلاميذ الذين هربوا بسبب الخوف مِن اليهود، دعاهم بعد قيامته وأرسلهم ليكرزوا لكُل المسكونة (مر16: 15). 3 توما الرسول شك في قيامة الرب، فجاء المسيح بنفسه إليه وبدًد شكوكه وأرسله للكرازة باسمه (يو20: 24-29). 4 شاول الطرسوسي هدًد كنيسته وقتل مؤمنيه، ولكنه بمحبة ظهر له وعلًمه كمْ ينبغي أن يتألم مِن أجل اسمه (أع9: 1-22). ** الآيات أيضًا مِن عدد 6-9 هي نبوة عن قُرب مجيء المسيح في الجسد، البهاء الحقيقي للهيكل. ومجيء المسيح تسبقه زلزلة ثم يأتي مُشتهى كُل الأمم. فمجيء المسيح تصحبه سعادة، لأنه "مُشتهى كُل الأمم"، فهل هو شهوتي ومصدر فرحى؟ هل إذا جاء يجد له مكانًا في داخلي ويجد موضع راحة له؟ أم يجد شهوات ومحبات كثيرة تملأ القلب؟ إن سُكنى الرب في القلب يُعطى بهاءًا ومجدًا للنفس لا يُضاهيه بهاء أو مجد. ومجيء المسيح يصحبه سلام، لأنه إله السلام، وهكذا سبحت الملائكة "وظهر بغتة مع الملاك جمهور مِن الجند السماوى مُسبحين الله وقائلين. المجد لله في الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لو2: 13، 14). فإله السلام ينتهر الرياح مِن حولنا، وهو الذي بدًد مخاوف التلاميذ بظهوره وسطهم بعد قيامته. ونحن أحيانًا نرتبك بسبب شرور الناس ومؤامراتهم ضدنا، ولكن في وسط كُل هذا نسمعه يقول: "الساكن في ستر العلى في ظل القدير يبيت. أقول للرب ملجأى وحصنى إلهى فأتكل عليه. لأنه يُنجيك مِن فخ الصياد ومِن الوبأ الخطر. بخوافيه يُظللك وتحت أجنحته تحتمى.... لا تخشى مِن خوف الليل ولا مِن سهم يطير في النهار..... يسقط عنْ جانبك ألف وعنْ يمينك ربوات. إليك لا يقرُب. إنما بعينيك تنظر وترى مُجازاة الأشرار" (مز91: 1-8). كانت قد مضت خمس حِقب في تاريخ شعب الله: مِن آدم إلى نوح، ومِن نوح إلى إبراهيم، ومِن إبراهيم إلى موسى، ومِن موسى إلى هيكل سُليمان، ومِن هيكل سُليمان إلى السبي، وبقيت حقبة واحدة هي مجيء المسيح في الجسد، الذي هو "مُشتهى كُل الأمم". ومجيء المسيح تصحبه زلزلة، لأنه يأتي ليدين العالم، بعد أن كان نائمًا في إثمه ولا يدرى. ومجيئه يُزلزل كيان الأسرة الواحدة، لأن واحدًا في الأسرة يؤمن به والآخر لا يؤمن، كما قال: "فإنى جئت لأفرق الإنسان ضد أبيه. والإبنة ضد أُمها والكنة ضد حماتها. وأعداء الإنسان أهل بيته" (مت10: 35، 36). والزلزلة أيضًا لأنه جاء لقيام وسقوط كثيرين، كما قال سمعان الشيخ للعذراء: "هذا قد وُضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل ولعلامة تُقاوم" (لو2: 34). وربما يُقصد بها الزلزلة التي حدثت عند قيامة الرب مِن الأموات "وإذا زلزلة عظيمة قد حدثت. لأن ملاك الرب نزل مِن السماء وجاء ودحرج الحجر عنْ الباب وجلس عليه" (مت28: 2). وأيضًا قد تكون الزلزلة التي حدثت عند موت الرب على الصليب، "فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح. وإذا حجاب الهيكل قد إنشق إلى إثنين مِن فوق إلى أسفل. والأرض تزلزلت والصخور تشققت. والقبور تفتحت وقام كثير مِن أجساد القديسين الراقدين. وخرجوا مِن القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين" (مت27: 50-53). "مجد الأخير يكون أعظم مِن مجد الأول"، ربما الهيكل الأول كانت تُمارس فيه كُل الطقوس جيدًا، أما الأخير فيه رجع الشعب بكُل قلبه. فالكتاب المقدس يقول الكثير في ذلك: "منْ يُحوٍل أُذنه عن سماع الشريعة فصلاته أيضًا مكروهة" (أم28: 9). ويقول على لسان أشعياء النبي: "لماذا لى كثرة ذبائحكم يقول الرب. إتخمت مِن مُحرقات كباش وشحم مُسمنات. وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أُسر. حينما تأتون لتظهروا أمامى مَنْ طلب هذا مِن أيديكم أن تدوسوا دورى. لا تعودوا تأتون بتقدمة باطلة. البخور هو مكرهة لى. رأس الشهر والسبت ونداء المحفل. لست أطيق الإثم والإعتكاف. رؤوس شهوركم وأعيادكم بَغَضتها نفسى. صارت علىً ثقلًا. مللت حملها. فحين تبسطون أيديكم أستر عينى عنكم وإن كثرتم الصلاة لا أسمع. أيديكم ملآنة دمًا. إغتسلوا تنقوا إعزلوا شر أفعالكم مِن أمام عينىً كُفوا عنْ فعل الشر تعلموا فعل الخير. أطلبوا الحق أنصفوا المظلوم إقضوا لليتيم حاموا عنْ الأرملة. هلُم نتحاجج يقول الرب. إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج. إن كانت حمراء كالدودى تصير كالصوف. إن شئتم وسمعتم تأكلون خير الأرض. وإن أبيتم وتمردتم تؤكلون بالسيف لأن فم الرب تكلم" (أش1: 10-20) إن الرب يُريد قلب نقى، وأعمال صالحة، ولا يُريد مُمارسات كثيرة جافة كما لقوم عادة. "فى الرابع والعشرين مِن الشهر التاسع في السنة الثانية لداريوس كانت كلمة الرب عنْ يد حجي النبي قائلًا: هكذا قال رب الجنود. إسأل الكهنة عنْ الشريعة قائلًا إن حمل إنسان لحمًا مُقدسًا في طرف ثوبه ومسً بطرفه خُبزًا أو طبيخًا أو خمرًا أو زيتًا أو طعامًا مًا فهل يتقدس. فأجاب الكهنة وقالوا لا. فقال حجي إن كان المُنجس بميت يمس شيئًا مِن هذه فهل يتنجس. فأجاب الكهنة وقالوا يتنجس. فأجاب حجي وقال هكذا هذا الشعب وهكذا هذه الأمة قُدامى يقول الرب وهكذا كُل عمل أيديهم وما يُقربونه هناك هو نجس. والآن فإجعلوا قلبكم مِن هذا اليم فراجعًا قبل وضع حجر على حجر في هيكل الرب. مُذ تلك الأيام كان أحدكم يأتي إلى عَرَمَة عِشرين فكانت عشرة. أتى إلى حوض المعصرة ليغرف خمسين فورة فكانت عشرين. قد ضربتكم باللفح وباليرقان وبالبرد في كُل عمل أيديكم وما رجعتم إلىً يقول الرب. فإجعلوا قلبكم مِن هذا اليوم فصاعدًا مِن اليوم الرابع والعشرين مِن الشهر التاسع مِن اليوم الذي فيه تأسس هيكل الرب إجعلوا قلبكم. هل البذر في الأهراء بعد. والكرم والتين والرمان والزيتون لم يَحمل بعد. فمن هذا اليوم أُبارك" (حجى2: 10-19). نسيان الله لتكاسلهم، ومُباركته لهم:** طلب الرب مِن حجي النبي أن يسأل الكهنة على الشريعة: حجي عمله التنبؤ، أما الكهنة فهم الذين عليهم أن يُعلموا الشعب الشريعة. فلكُل واحد في بيت الرب عمله وموهبته، كما قال الرسول: "فإنى أقول بالنعمة المُعطاة لى لكُل مَنْ هو بينكم أن لا يرتئى فوق ما ينبغي أن يرتأى بل يرتأى إلى التعقُل كما قسًم الله لكُل واحد مقدارًا مِن الإيمان. فإنه كما في جسد واحد لنا أعضاء كثيرة ولكن ليس جميع الأعضاء لها عمل واحد. هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح وأعضاء بعضًا لبعض كُل واحد للآخر. ولكن لنا مواهب مُختلفة بحسب النعمة المُعطاة لنا. أنبوة فبالنسبة إلى الإيمان. أم خدمة ففى الخدمة. أم المُعلم ففى التعليم. أم الواعظ ففى الوعظ. المُعطى فبسخاء. المُدبر فبإجتهاد. الراحم فبسرور" (رو12: 3-8). ويقول أيضًا: "أنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد. وأنواع خِدم موجودة ولكن الرب واحد. وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكُل في الكُل. ولكنه لكُل واحد يُعطى إظهار الروح للمنفعة. فإنه لواحد يُعطى بالروح كلام حكمة. ولآخر كلام عِلم بحسب الوح الواحد. ولآخر إيمان بالروح الواحد. ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد. ولآخر عمل قُوًات ولآخر نبوة ولآخر تمييز الأرواح. ولآخر أنواع ألسنة. ولآخر ترجمة ألسنة. ولكن هذه كُلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسمًا لكُل واحد بمفرده كما يشاء. لأنه كما أن الجسد هو واحد وله أعضاء كثيرة وكُل أعضاء الجسد الواحد إذا كانت كثيرة هي جسد واحد كذلك المسيح أيضًا. لأننا جميعنا بروح واحد أيضًا اعتمدنا إلى جسد واحد يهودًا كُنًا أم يونانيين عبيدًا أم أحرارًا وجميعنا سُقينا روحًا واحدًا..... فوضع الله أناسًا في الكنيسة أولًا رُسلًا ثانيًا أنبياء ثالثًا مُعلمين ثم قوات وبعد ذلك مواهب شفاء أعوانًا تدابير وأنواع ألسنة" (1كو12: 4-28). المُهم أن يكتشف كُل واحد موهبته التي ائتمنه الله عليها لكي يستثمرها، ولا يتعالى على الآخرين، بل ويُفسح المجال لغيره لكي يُقدموا مواهبهم أيضًا. ولا يظن أحد أنه يملك جميع المواهب. ** الشعب تنًجس بتكاسله: لقد سأل الرب سؤال: هل الإنسان إذا حمل شيء مُقدس ولمس أي شيء آخر، يتقدس هذا الآخر؟ وكانت الإجابة لا. وسأل سؤال آخر: هل الإنسان إذا تنجس بمسّ جسد ميت ولمس أي شيء آخر، يتنجس هذا الشيء الآخر؟ وجاءت الإجابة بنعم يتنجس. ونفهم مِن هذين السؤالين، أن النجاسة تنتقل بكيفية أسهل مِن القداسة، كما يقول الكتاب: "لا تضلوا. فإن المُعاشرات الردية تُفسد الأخلاق الجيدة" (1كو15: 33). ويُريد الرب مِن توجيه هذين السؤالين أن يقول للشعب، إن تقديمكم الذبائح على المذبح بدون الاهتمام ببنيان بيت الرب، لنْ يُقدسكم، بل بالعكس، أعمالكم كُلها تنجست بإهمالكم وتكاسلكم، حتى ذبائحكم التي تُقدموها على المذبح تنجست. والرب لا يُريد عبادة شكلية بل يطلب عبادة مِن كُل القلب. إنهم بتقديمهم الذبائح كانوا يظنون أنهم في جو مُقدس يحميهم مِن تكاسلهم. وكثير مِن الناس يظنون أن حياتهم وسط الصالحين يجعلهم مقبولين أمام الله، مع أن الله يعرف كُل واحد على حقيقته، ويُريد أن يتعامل معه على إنفراد. وقد قال يومًا عنْ شعبه: "يا مراؤون حسنًا تنبأ عنكم أشعياء قائلًا. يقترب إلى هذا الشعب بفمه ويُكرمنى بشفتيه وأما قلبه فمُبتعد عنى بعيدًا. وباطلًا يعبدوننى وهم يُعلمون تعاليم هي وصايا الناس" (مت15: 7-9 ، أش29: 3). ويقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس مُحذرًا: "إعلم هذا أنه في الأيام الأخيرة ستأتى أزمنة صعبة. لأن الناس يكونون مُحبين لأنفسهم مُحبين للمال مُتعظمين مُستكبرين مُجدفين غير طائعين لوالديهم غير شاكرين دنسين بلا حُنو بلا رضى ثالبين عديمى النزاهة شرسين غير مُحبين للصلاح خائنين مُقتحمين مُتصلفين مُحبين للذات دون محبة لله. لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها. فأعرض عن هؤلاء" (2تى3: 1-5). وأعطانا السيد المسيح نفسه مثل الفريسي والعشار، عن اثنين صعدوا إلى الهيكل ليصلوا، ولكن قُبلت صلاة واحد ورُفضت صلاة الثاني (لو18: 9-14)، وذلك لأن كُل منْ يرفع نفسه يتضع ومنْ يضع نفسه يرتفع. اليهود كانوا يعتبرون أنفسهم أصحاب المواعيد لأنهم أبناء إبراهيم بالجسد، ولكن الرب قال لهم أنه قادر أن يُقيم مِن هذه الحجارة أولادًا لإبراهيم. ويقصد بالطبع أولادًا يخدمونه بالروح والحق. والله قال عنْ نفسه: "أنا هو الألف والياء البداية والنهاية يقول الرب الكائن والذي كان والذي يأتي القادر على كُل شيء" (رؤ1: 8). فهو يُريد أن يكون الأول والآخر في حياتنا، ولا يقبل الفضلات بل يُريد أن نُعطيه مِن إعوازنا، يُريد البكور وليس النفايات، بكور وقتك وعواطفك واهتماماتك. الرب يُكرر عليهم أخطاؤهم:يُريد الرب أن يُذكرهم أنه وقت إهمالهم لبيت الرب، كانت البركات المادية غير موجودة. الرب يُذكرهم لأن الإنسان كثير النسيان، وحينما يأتي الفرج، يُنسى الألم. ويُذكرًهم أيضًا بأيام القحط وعدم الخير بسبب تكاسلهم، لكي يُقارنوا حالهم ساعتها بالخير الذي أنعم به عليهم حينما تابوا، فيحرصوا على الاحتفاظ بهذه البركة. يُذكرهم أيضًا لكي يعرفوا أن ما أتى عليهم مِن ضيقات كان بسبب تهاونهم وليس لأن الرب إله قاسِ. ويُباركهم:"اعلموا أنه مِن هذا اليوم الذي وضعتم في قلبكم أن تبنوا بيت الرب. فمن هذا اليوم أُبارك". فبالحقيقة: "بركة الرب هي تُغنى ولا يزيد معها تعبًا" (أم10: 22). وكما دعا الرب إبراهيم أب الآباء وقال له: "أخرج مِن أرضك ومِن عشيرتك ومِن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك. فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأُعظم اسمك. وتكون بركة. وأُبارك مُباركيك ولاعنك ألعنه. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض" (تك12: 1-3)، هذه البركة هي لكُل إنسان على إيمان إبراهيم. ويشهد داود قائلًا: "طوبى لكُل منْ يتقى الرب ويسلك في طُرقه. لأنك تأكل تعب يديك. طوباك وخير لك. امرأتك مثل كرمة مُثمرة في جوانب بيتك. بنوك مثل غروس الزيتون حول مائدتك. هكذا يُبَارَكُ الرًجُل المُتقى الرب. يُباركك الرب مِن صهيون وتُبصر خير أورشليم كُل أيام حياتك. وترى بنى بنيك. سلام على إسرائيل" (مز128). مُكافأة زربابل على حماسه:"وصارت كلمة الرب ثانية إلى حجي في الرابع والعشرين مِن الشهر قائلًا كلِم زربابل والى يهوذا قائلًا. إنى أُزلزل السموات والأرض وأقلب كُرسى الممالك وأُبيد قوة ممالك الأمم وأقلب المركبات والراكبين فيها وينحط الخيل وراكبوها كُلُ منها بسيف أخيه. في ذلك اليوم آخذك يا زربابل عبدى ابن شالتئيل يقول الرب وأجعلك كخاتم لأني قد إخترتك يقول رب الجنود" (حجى2: 20-23). "كلِم زربابل"، إن الرب في الآيات السابقة (حجى2: 10-19) طمئن الشعب عن ما يخصُهم مِن خيرات حياتهم اليومية مِن أكل ولبس ودفء. أما زربابل الوالي فتهمه الأمور على أوسع نطاق، فأرسل له الرب حجي النبي برسالة خاصة مُفادها، أنه ستأتي أيام صعبة على اليهود، ولكن سوف "أقلب كُرسى الممالك"، ربما يقصد الأحداث التي حدثت قبل مجيء السيد المسيح بالجسد، انقلاب اليونانيين على الفرس، والرومانيين على اليونانيين، وتموت مملكة يهوذا، (حيث خُربت بالفعل سنة 70 ميلادية)، ولكن في هذا الوقت سوف أحميك يا زربابل إذ أجعلك خاتم، لأني قد اخترتك وحفظت لك أمانتك وغيرتك على بيت الرب. وقد تكون هذه الآيات ترمز أيضًا إلى الانقلابات الكثيرة التي تسبق المجيء الثاني للسيد المسيح في آخر الأيام، وذلك عندما تخضع جميع ممالك العالم لربنا ومسيحه. كما قال دانيال النبي: "وفى أيام هؤلاء الملوك يُقيم إله السموات مملكة لن تنقرض أبدًا ومَلكها لا يُترك لشعب آخر وتسحق وتفنى كُل هذه الممالك وهى تثبت إلى الأبد" (دا2: 44). وفى سفر الرؤيا يقول: "ثم بوًق الملاك السابع فحدثت أصوات عظيمة في السماء قائلة قد صارت ممالك العالم لربنا ومسيحه فسيملك إلى أبد الآبدين" (رؤ11: 15). هذا هو الرب الحنون، الذي يفتقدنا في أوقات ضيقاتنا بتعزياته، بل أيضًا يستسمن أعمالنا الطيبة التي سبق وقدمناها، كما يقول المزمور: "يستجيب لك الرب في يوم الضيق. ليرفعك اسم إله يعقوب. ليُرسل لك عونًا مِن قُدسه ومِن صهيون ليُعضدك. ليذكر كُل تقدماتك ويستسمن مُحرقاتك. ليُعطك حسب قلبك ويُتمًم كُل رأيك. نترنم بخلاصك وبإسم إلهنا نرفع رايتنا. ليُكمل الرب كُل سؤلك. الآن عرفت أن الرب مُخلص مسيحه يستجيبه مِن سماء قُدسه بجبروت خلاص يمينه. هؤلاء بالمركبات وهؤلاء بالخيل. أما نحن فإسم الرب إلهنا نذكُر. هم جثوا وسقطوا أما نحن فقمنا وإنتصبنا. يا رب خلصٍ. يستجيب لنا الملك في يوم دُعائنا" (مز20)."وأجعلك خاتم"، معناها أن زربابل صار موضوع مسرة لله، وأيضًا تنُم على السُلطان الذي منحه الله إياه. وقد كان حماس زربابل لبناء الهيكل الذي سُمى باسمه، داعيًا لحجي النبي لكي يرى فيه شخصية المسيا المُنتظر. فبالفعل كما صار زربابل موضوع مسرة الله، كان السيد المسيح موضوع مسرة أبيه، حيث جاء الصوت مِن السماء وقت عماده قائلًا: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت" (مت3: 17). وأيضًا قد قيل عنْ السيد المسيح "قد اخترتك" كما جاء فى: "هوذا عبدي الذي أُعضده مُختاري الذي سُرت به نفسى. وضعت روحى عليه فيُخرج الحق للأمم" (أش42: 1). وقال أيضًا: "هنذا أضع في صهيون حجر زاوية مُختارًا كريمًا والذي يؤمن به لا يُخزى" (1بط2: 6). وأيضًا يرمز للسيد المسيح، الذي لا تقوى عليه كُل قوى الشر وسُلطان الظلمة. |
الساعة الآن 02:44 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025