![]() |
كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك للبابا أثناسيوس الرسولي ترجمة أ. بولين تودري مقدمة هذا العمل كتبه البابا أثناسيوس الرسولي، بسبب كثرة الكتابات اللاهوتية الكاذبة، ليثبت فكرة وحدانية الثالوث القدوس، وأيضًا لكي يكون هذا العمل سلاحًا في يد الرهبان، يرشدهم به إلى جمال حياة البتولية، ويعلمهم قوانين الحياة الرهبانية. وإن كان هذا العمل يصلح أيضًا لعامة الناس، لأنه يتطرق إلى مواضيع كثيرة تهم الكل، وليس الرهبان فقط، مثل ضرورة صلوات الأجبية، وأهمية اليقظة في الكنيسة لكل ما يقرأ فيها، وأهمية الجهاد، وغيرها الكثير. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
الله واحد مثلث الأقانيم، وهو خالق الكل بداية كلمة الخلاص تجاه البتولية. أول الكل الإيمان بالله الآب الضابط الكل، وبأعماله المرئية وغير المرئية. وبابنه، الوحيد الجنس، يسوع المسيح، الذي هو بالحقيقة في غنى الآب، ومساو للآب في القوة، وهو كائن في الآب منذ الأزل. وبالروح القدس الذي هو كائن في الآب والابن، والذي أرسل من قبل الآب، ووُهب بواسطة الابن. الآب والابن والروح القدس ثلاثة أقانيم، إله واحد، قوة واحدة، نأخذه في المعمودية. وهو الذي زين السماء بالشمس والقمر والنجوم الجميلة، وثبت الأرض بلياقة فوق المياه، وبترتيب غطاها بالنباتات والأشجار. وبأمره فاضت الأنهار والينابيع على الأرض بنظام إلى الأبد. وخلق كل أجساد الحيوانات لتعمل في الأرض كل حسب جنسها، وطيور السماء بحسب جنسها. وأمر الكائنات المائية أن تتحرك في المياه، وعمل الحيتان العظيمة (تك 1: 20، 21). وآخر الكل عمل الإنسان ووهبه كل شيء لخدمته. كما قال الرب الإله بابنه:" نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" (تك 1: 26)، " وجبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض" (تك 2: 7)، ووضعه في الفردوس ليتمتع "وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقًا. ووضع هناك آدم الذي جبله" (تك 2: 8) " فأوقع الرب الإله سباتًا على آدم فنام. فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحمًا. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم. فقال آدم: هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمى. هذه تدعى امرأة لأنها من أمرء أخذت. لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدًا واحدًا" (تك 2: 21- 24). |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
الفرح بالعريس السماوي استمع، يا عبد المسيح، أنت وكل الذين يريدون الخلاص، والذين يصغون إلى أقوال فمي، ولتفتحوا آذانكم للكلمات الموحى بها من الله "لأن هذا السر عظيم" (أفس 5: 32) كما قال المبارك بولس. "فإن كل من اتحد بامرأة، فإنهما يصيران الاثنان جسدًا واحدًا، كما أن الرجل أو المرأة إذا التصق بالرب فهو يصير روحًا واحدًا" (1كو 6: 17). أما هؤلاء الذين يتشبثون بالعالم ويشبعون من الأب والأم، فإنهم يتشبثون ببشر قابلين للفناء، فبالأحرى البتول كم ينبغي أن يكون عفيفًا ويترك كل شيء أرضى تمامًا، ويكون ملتصقًا بالرب وحده، ويكون في شركة معه! ويشهد الرسول على كلامي بقوله: "غير المتزوجة تهتم فيما للرب لتكون مقدسة جسدًا وروحًا. وأما المتزوجة فتهتم فيما للعالم كيف ترضى رجلها" (1كو 7: 34). هذا الكلام معناه أن أي عذراء أو أرملة يجب أن تكون عفيفة تمامًا. أما إذا اهتمت بهذا العالم فهي تهتم برجلها، وتهتم بالمقتنيات، وتتمسك بما تملكه، وهذا الاهتمام يلوث بصيرتها. لأنه عن طريق الرجل يتدنس الجسد، وهكذا تمسك النفس بالأمور الدنيوية، وأيضًا تشبثها بالجسديات يدنسها ولا تكون مقدسة جسدًا وروحًا. ولكن النفس التي تفكر في أعمال الله، يكون المسيح عريسها. أما إذا ارتبطت برجل فإن أعمالها ستتبع إرادة الرجل، لذلك قال: "ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل" (1كو 7: 4). وأيضًا "كما تخضع الكنيسة للمسيح كذلك النساء في كل شيء" (أفس 5: 24). وبسبب هؤلاء الدنيويون، فنحن نفضل أن ترتفع أذهاننا إلى فوق، ونتشبث بعريسنا السماوي، الذي هيأ لنا هذا العرس بحسب مشيئته. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
السيد المسيح مثال لنا في حياتنا لم تكن إرادة المسيح مطلقًا، حينما وهب لنا هذا العالم أن نفكر في الأرضيات، بل أن نتحد به ونفكر فقط في الصليب الذي صلب عليه واحتمله، وأن نتمسك بالاهتمام بالليل والنهار بالتسبيح والتمجيد والترتيل له بدون توقف، لكي تستطيع العين أن تستنير بالبصيرة، ونعرف مشيئته، وأعماله، ونحتفظ بقلب بسيط، وفكر نقى. وكما عطف علينا، وكان متحننًا وشفوقًا معنا، هكذا نتبعه نحن أيضًا إلى النهاية. وكما كان وديعًا وهادئًا وصبورًا، ولم يُجازِ الشر بالشر، واحتمل إهانات كثيرة، وصبر على كبرياء اليهود، هكذا نتبعه نحن أيضًا إلى النهاية. فقد تحمل ضربات وعذابات، واجتاز هذه الآلام بنفسه، فقد لطم من عبد رئيس الكهنة ولم يفعل شيء، بل قال فقط: "إن كنت قد تكلمت رديًا فاشهد على الرديء وإن حسنًا فلماذا تضربني" (لو 18: 23)، فهو لم يأمر الأرض بقوته أن تفتح فاها وتبتلعه، كما حدث مع داثان وأبيرام في القديم (عد 16)، ولم يفترس اليد التي صفعته مع أنه هو خالقها، بل بطول أناة، "لأنكم لهذا دعيتم فإن المسيح أيضًا تألم لأجلنا تاركًا لنا مثالًا لكي تتبعوا خطواته" (1بط 2: 21). وأنت أيضًا، أيها الإنسان، لا تتألم حينما تتضرر من أحد أفراد عائلتك، متمثلًا بسيدك. فإن الله ذاته تحمل الإهانة من الإنسان الخاطئ من أجلك وأنت تغضب لأنك تشبه في إنسانيتك الإنسان الذي أهانك، وتطلب مجازاته؟ يا لهذه الجهالة والغباوة العظيمة!. وبسبب هذا أعد لنا العقاب، وأضرمنا نحن النار لأنفسنا. وتخيلنا أن العقاب يكون للكائنات الحية غير العاقلة. وقد دخل هذا التفكير الخاطئ إلى العالم، وأصبح الغنى في فقر مدقع بسببنا، حتى نصير نحن أغنياء بفقره، "أنه من أجلكم افتقر وهو غنى لكي تستغنوا أنتم بفقره" (2كو 8: 9). والله قد صار إنسانًا من أجلنا، وولد من مريم والدة الإله لكي يحررنا من سلطان إبليس. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
ضرورة الإنصات إلى الله لذلك فإن من ينشد عمل الخلاص لنفسه وهو في هذا العالم فهو أحمق وغبي، لأن الحكيم هو بإنصاته لله. لأن هؤلاء البشر الفاهمين والذين نالوا الموهبة والفداء، وأعلنوها وتاجروا فيها، وامتنعوا عن الاقتراب من الطمع بل ذادوا في العمل عن الفلسين، فهؤلاء هم الذين أظهروا حكمتهم. أما الله فهو ينادى على البشر الأغبياء والحمقى والخطاة. فاستمع إلى ما قاله الله بواسطة أرميا النبي القائل: "لأن شعبي أحمق. إياي لم يعرفوا. هم بنون جاهلون وغير فاهمين. هم حكماء في عمل الشر ولعمل الصالح ما يفهمون" (أر 4: 22). وقول الطوباوي بولس: "لأن حكمة هذا العالم هي جهالة عند الله" (1كو 3: 19). وأيضًا: "إن كان أحد يظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر فليصر جاهلًا لكي يصير حكيمًا" (1كو 3: 18)، وأيضًا قال: "أيها الأخوة لا تكونوا أولادًا في أذهانكم بل كونوا أولادًا في الشر. أما في الأذهان فكونوا كاملين" (1كو 14: 20). لأن الله يريد من الحمقى الذين ينغمسون في الأرضيات أن يهتموا بالسمائيات. والله أيضًا هو الذي يقاوم معنا إبليس الذي هو حكيم في الشر. فيجب علينا أن نقترب بحكمة لكي نغلب به المؤامرات والمكائد. لأن المخلص قال في البشائر: "ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب. فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام" (مت 10: 16). فان الصلاح هو في القرب من حكمته -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- وهو الذي يجعلنا حكماء وعاملين بحسب مشيئة الله، وحافظين لوصاياه. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
بركة الاتضاع والعلاج العظيم يكون بالخلاص من الأفكار السيئة، لأن رئيس الشياطين يسرق منا السمائيات بالكسل أو بأفكار الزنا أو النجاسة، وأيضًا بالكبرياء الذي طرحه بالأكثر في الهاوية. لأنه هكذا قال عنه: "وأنت قُلت في قلبك أصعد إلى السموات أرفع كرسي فوق كواكب الله وأجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال. أصعد فوق مرتفعات السحاب. أصير مثل العلى" (أش 14: 13، 14). وبهذا الكلام طُرح في الهاوية وصار ميراثه في النار الأبدية. أما الكبرياء الذي كان فيه إبليس، كان بسبب تفكيره الخاطئ في المسيح، لذلك قال السيد الرب: "من أراد أن يكون فيكم عظيمًا فليكن لكم خادمًا. ومن أراد أن يكون فيكم أولًا فليكن لكم عبدًا" (مت 20: 26، 27). لأن الله يكون في المتواضعين. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
بركة الصوم إننا سوف نحب الصوم كثيرًا، لأننا نحتمي جدًا بالصوم والصلاة والصدقة، فإنهم ينقذون الإنسان عند موته. لأنه بواسطة التمرد على الطعام طرد آدم من الفردوس، ولذلك فمن يرغب في الدخول إلى الفردوس فعليه الخضوع والتذلل بالصوم. فإنه بواسطة هذه الفضيلة ينصلح جسدك، وبتوليتك تحملك عريسًا إلى السماء. لأن الذين يتشبثون بالعالم وأطيابه وعطوره، ويزينون أجسادهم بالذهب وبالملابس الفاخرة فإنهم يتجردون من إنسانيتهم، ويكونون غير حاملين لقوة الله. وأيضًا المسيح لا يحتاج إلى كل هذا منك، بل يحتاج إلى قلب نقى وجسد غير مدنس قد تعب من الصوم. والبعض منهم يأتون ويكلمونك، بأن لا تصوم كثيرًا، أو على الأقل لا تصوم لكي لا يصير جسدك أكثر ضعفًا. لا تصدق هؤلاء ولا تطيعهم مطلقًا، لأن العدو هو الذي يثيرهم عليك. بل اهتم بالمكتوب، حينما سبى نبوخذ نصر ملك بابل، دانيال والثلاثة فتية مع غيرهم، ووضع لهم الملك نظامًا لكي يأكلوا من مائدته ويشربوا من خمره، ولكن دانيال والثلاثة فتية رفضوا أن يتنجسوا من أطايب الملك، بل قالوا للخصي الذي استلمهم: "أعطونا من بذور الأرض لنأكل" (دا 1: 12). ولكن الخصي قال لهم: "إني أخاف سيدي الملك الذي عين طعامكم وشرابكم، فلماذا يرى وجوهكم أهزل من الفتيان الذين من جيلكم فتدينون رأسي للملك" (دا 1: 10، 11). فقال له دانيال "جرب عبيدك عشرة أيام فليعطونا القطاني لنأكل وماء لنشرب، وحينما أدخلهم قدام الملك، فقد رأى منظرهم أفضل من الفتيان الذين أكلوا من أطايب الملك" (دا 1: 11، 12). |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
كم هي عظيمة قوة الصوم هل اكتشفتم فعل الصوم؟ فهو يشفى الأمراض، ويطفئ الحركات الجسدية، ويطرد إبليس وكل أفكاره الشريرة، ويجعل الذهن أكثر إشراقًا، ويطهر القلب، ويقدس الجسد، ويجعل الإنسان كله عرشًا مكرسًا لله. كما أنه أيضًا عدم التعود على التفكير ببساطة وإخلاص، وعدم التمسك بما جاء في الأناجيل بما قاله المخلص لتلاميذه حينما سألوه: يا رب، فسر لنا ما هو الأسلوب الذي يطردون به الأرواح الشريرة. فقال لهم الرب: "هذا الجنس لا يخرج إلًا بالصلاة والصوم" (مت 17: 21). فإن كل من يتعذب من الأرواح الشريرة، فعليه أن يفكر ويستخدم هذا العلاج، لذلك قال بالصوم يحد عمل الروح الشرير ويرحل خائفًا منه. كما أن الشياطين تفرح بالإسراف في شرب الخمر، وبالسكر إلى أن ينحل الجسد. كم هي عظيمة قوة الصوم، وسمو الازدهار التي يصير فيها المتمسك بالصوم. وإلا من أي مصدر صار للبشر قوة عظيمة وتحققت بواسطتهم المعجزات، وشفاء الأمراض التي منحها لهم الله، إذا لم يطردوا الأفكار الشريرة بواسطة النسك وعاشوا بالمحبة؟ لأن الصوم هو رسالة الحياة، ومن فائدته أنه يحفظ النفس في نظام ملائكي. وأيضًا لا أتصور أن تكون محبتكم بإخلاص وببساطة إلا بالصوم. وأيضًا الصائمين عن الطعام عن الطعام فقط لا يحققون أي نجاح، بل يجب أن تفكر في الصوم على تجنب كل عمل شرير. فإنه بالصوم وحفظ فمك عن أن يتكلم بالشر، وابتعادك عن حدة الطبع والكذب والقسم كذبًا، وتشويه السمعة، والابتعاد عن كل ما يخرج من الفم أثناء الصوم فبدون هذا سوف تفقد كل جهاد وتعب. لأنك أنت، عبد للمسيح. وكل من ينشدون الخلاص، فعليهم بالصوم، وليطهروا نفوسهم من كل محبة للمال، لأن محبة المال لا تتفق مع محبة الله، " لأن محبة المال أصل لكل الشرور" (1تى 6: 10). |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
بعض من فخاخ العدو أهرب أنت بقوة من الزهو والمجد الباطل. لأنها حينما تثير أفكارك، فهي تدعوك كثيرًا لتبتعد عن الفضيلة، ولا تؤمن بها، لأن العدو يعيق الفضيلة. وعندما يثير فيك أفكار المجد الباطل، فهو لن يكل من مدحك بالكلام، وإثارة فكرك قائلًا: لا تتوقع الخلاص بقوة من جهادك الشاق بهذه الصورة، فلا تستمع له، لأن العدو بهذا يثير فيك الأخلاق الفاسدة وقلة الاعتناء. أما أنت فاطرد هذه الأفكار من حياتك بقوة. وكثيرًا ما ترفعنا أفكار العدو هذه لكي نكون عبيدًا لله. فهو يثير البشر في البداية بأن يمدحهم بالكلام إلى أن يجعلهم يتعالوا بقلوبهم، وأنت لا تكتشف هذا المجد البشرى. وماذا لو قال لك: أنت مطوب، فقل له: حينما أخرج من هذا الجسد تمامًا بخير، حينئذ سوف أكون مطوبًا. وساعتها لن تصدق نفسك بأنك مطوب. ولأن البشر، مثل الريح، هكذا نتغير في أفكارنا. فمرات كثيرة يثيرك العدو لكي لا تبالي بالأكل وتحتقره، فلا تصدقه لأنه غريب وأصغر من الأصغر في أفكاره (رو 14: 3) ولكنه يفعل هذا لكي يكسر الكثيرين من ملكوت السموات ومن مجد الله. والعدو أيضًا يثيرك لعمل تداريب ونسكيات كثيرة حتى يضعف الجسد وتكون أعماله غير نافعة. فتمسك أنت بمقدار معين من الصوم. لأن الصوم طول السنة ليس ضروريًا للكل، فالصوم يكون إلى الساعة التاسعة في النهار مع أتمام التسابيح والصلوات، ثم تتناول الخبز مع الخضار المعمول بالزيت، فكل هذه الأكلات غير الدسمة، لا حيوية فيها. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
اهرب من المجد الباطل وأنت، أيها البتول، لا تجعل العدو يعلم شيء عن نسكك، ولا تتأمل فيما يخص أقرباؤك، ولكن إذا عملت أي شيء، فاعمله في الخفاء، "فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية" (مت 6: 4). لأن إعلانك عن أعمالك في الحياة يضرك ويوصلك إلى المجد الباطل، حتى ولو وجدت نفسك في آلام شديدة تشبه آلام الله، أكتشف هذا السر الموجود في الألم فقط حيث لا يوجد مجد باطل. وأؤكد لك أن خلاص النفس تنال عليه أجر كثير، إذا حافظت عليه في نفسك. والله لا يتكلم إلى هؤلاء الذين يحتفظون باشتياقاتهم إلى سماع كلمات المنفعة، وهم يسمعون ولا يفعلون. لأن الرب قال: "لا تعطوا القدس للكلاب ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير" (مت7: 6). لأن الكلاب والخنازير يصدون دعوة المسيح مزدرين بها، وهم غير مثمرين في الحياة، والجواهر الثمينة هي كلام الله الذي يمنحه للمستحقين فقط. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
أهمية الاستماع إلى كلمة الله أيتها النفس المباركة، بأي طريقة تستمعي إلى الكلمات المكتوبة في هذا الإنجيل! وإلى أي حد تشهدين لكل إنسان بهذه الكلمات، وبأن اسمه سوف يكتب في سفر الحياة، كما جاء في:" (لو 10: 20، رؤ 3: 5، 13: 8، 21: 27)، وأنه سوف يكون في المرتبة الثالثة مع الملائكة. ولو أنه قد تخلى بنفسه عن ما سمعه من قراءات علنية وعن الصلاة بالمزامير فلا تستمع له. وأنت إذا لم تكن وحدك في الصلاة، بل كان اجتماعك مع واحد أو اثنين من الرهبان، فإن المسيح يقول لك: "إذا اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي. فهناك أكون في وسطهم" (مت 18: 20). ولا تجعل التفكير في النساء يبعدك عن الله، بل تمسك بالشجاعة وكن رجلًا. لأنه في ملكوت السموات ليس ذكر ولا أنثى، بل المختارين الذين أرضوه من الرجال والنساءواقبل بكرامة السيدة التي تدعى أرملة، والبعيدة عن التصرفات الصبيانية، لأن القديس بولس قال: "ولكن التي هي بالحقيقة أرملة ووحيدة فقد ألقت رجاءها على الله وهى تواظب الطلبات والصلوات ليلًا ونهارًا. وأما المتنعمة فقد ماتت وهى حية. فأوصى بهذا لكي يكن بلا لوم. وإن كان أحد لا يعتني بخاصته ولا سيما أهل بيته فقد أنكر الإيمان وهو شر من غير المؤمن. لتكتتب أرملة ان لم يكن عمرها أقل من ستين سنة امرأة رجل واحد مشهودًا لها في أعمال صالحة. وأن تكن ربت الأولاد أضافت الغرباء غسلت أرجل القديسين ساعدت المتضايقين اتبعت كل عمل صالح. أما الأرامل الحدثات فارفضهن لأنهن متى بطرن على المسيح يردن أن يتزوجن. ولهن دينونة لأنهن رفضن الأيمان الأول" (1تى 5: 5-12). |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
مواصفات الزى الرهباني | بعض الأعمال النسكية وأنت، لا تسلك سلوكًا صبيانيًا، ولا تستمع للشبان، بل استمع لدعوة الشيخ المسن، حتى تأخذ قيمة المسن. وثيابك الأساسية لا تكن ثمينة للغاية، ورداؤك الخارجي ليكن أسود اللون، ولا تضيف له صبغة الألوان، واجعله يغطى الجسم والأظافر، والأكمام تغطى الأذرع إلى أصابع اليدين، وتغطى شعر الرأس المنسدل بغطاء من وبر، وتربط الشعر المنسدل برباط يغطيك إلى الأكتاف، حتى إذا ما تقابلت مع أي شخص يكون الوجه مغطى، وتشير له من تحت البرقع، ولا ترفعه من على وجهك لأي إنسان، إذا لم تكن منفردًا مع إلهك. وعندما تقف للصلاة فقم بخلع الحذاء من قدميك. ولأن الرداء مقدس، فلا تتعرى من ثيابك في الليل أو النهار بل تجعله يستر جسدك. ولا تجعل امرأة تنظر إلى جسدك عاريًا البتة، بدون أي ضرورة، وأيضًا لا تجعلها تنظر إليك وأنت تكشف جسدك. وحتى تكون عفيفًا لله، فيجب أن يكون جسدك طاهرًا ومكرسًا كهيكل الله. ولا ينبغي أن يكون هيكل الله مكشوفًا لأي أحد. ولا تذهب إلى الحمام العمومي بدون اضطرار حقيقي، ولا تغمر جسدك كله في الماء مطلقًا، لأنه مقدس للرب الإله، فلا تدنس جسدك بأباطيل عالمية، بل أغسل وجهك فقط ويديك ورجليك. وعندما تغسل وجهك فلا تغسله بيديك الاثنتين، ولا تغسله بالصابون ولا بأي من الأشياء المشابهة، لأن العالميون يفعلون هذا، بل اغسله بالماء النقي فقط. ولا تؤذى الأغنام بمظهرك وشكلك، ولا تبصق البتة على الأماكن المزروعة. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
نصائح في المرض وعن صلاة الأجبية ولا تدهن جسدك بالعطر الثمين، ولا تجعل على ثيابك أطياب ثمينة. وإن صار جسدك أكثر ضعفًا أو مرضًا فاستعمل خمرًا قليلًا لأنه مفيد للمعدة (1تى 5: 23). وإذا لم يتسبب أحد في تعرضك للمعاناة أو الظلم، فاسعي إليها من نفسك، ولا تعطى فرصة للكلام مع الناس، لأنه من خلال هذا النسك نفسه سوف تحدث المعاناة. وحتى إن قال لك البعض: اهتم بنفسك كي تشفى بسرعة، وساعتها أكمل قانونك. استمر أنت كل أيام حياتك في الأصوام والصلوات وعمل الخير والصدقات. فمطوب هو من يسمع هذا الكلام ويعمل به. لا يبرح كلام الله من فمك في الليل والنهار (يش 1: 8). فإن الله يعمل فيك من خلال التأمل في كل الكتب الإلهية. تمسك بمكانك في التسبيح، وتعلم من المزامير. ومع إشراقة الشمس يحذرك الكتاب من الفتور بعد إتمام طقس الساعة الثالثة، لأن هذه الساعة تأتى بك إلى خشبة الصليب. وبالمثل تمم الساعة السادسة بصلواتها ومزاميرها مع التضرع والبكاء لأنه في هذه الساعة صُلب ابن الله على الصليب. وأيضًا في الساعة التاسعة تمم التسابيح والذكصولوجيات مع التضرع بدموع إلى الله والاعتراف بآثامك، لأنه في هذه الساعة أسلم السيد الروح على الصليب. وبعد أن تتم الساعة التاسعة كُل خبزك مع تقديم الشكر لله الذي رتب لك هذه المائدة قائلًا: مبارك الله الذي رحمنا وأطعمنا في شبابنا "الذي يعطى خبزًا لكل بشر" (مز 136: 25)، فإن تتميم كل هذا يمنح قلوبنا فرحًا وسرورًا "فالله قادر أن يزيدكم كل نعمة لكي تكونوا ولكم كل اكتفاء كل حين في كل شيء تزدادون في كل عمل صالح" (2كو 9: 8)، في المسيح يسوع ربنا، الذي يليق به المجد والقوة وكرامة العبادة مع الروح القدس إلى أبد الآبدين، آمين. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
أهمية الصلاة قبل الأكل وحينما تجلس على المائدة، وتبدأ في كسر الخبز، فارشم عليه بإشارة الصليب ثلاث مرات، وصلى شاكرًا هكذا: نشكرك يا أبانا من أجل قيامتك المقدسة، التي أظهرتها لنا بواسطة ابنك يسوع، وبارك على هذا الخبز الموضوع على هذه المائدة الذي نجتمع حوله، واجعله يجمعنا مع كنيستك في ملكوتك في نهاية هذه الأرض، لأن لك القوة والمجد إلى أبد الآبدين آمين. وبعد هذه الصلاة والأكل بسرور من الخبز المكسور، قل في الختام، كما جاء في الصلاة المكتوبة "مبارك الله الذي أطعمنا وأقام لنا هذه المائدة". ثم عبر عن التزامك، واترك المائدة سريعًا، واجلس لأخذ المشورة من الأب. وإذا كان حاضرًا معك على المائدة اثنين من الرهبان أو ثلاثة، فقدموا الشكر وصلوا معًا على الخبز. وحينما تجلس إلى المائدة، لا تجتمع للصلاة مع غير المؤمنين، ولا تجلس مطلقًا لتأكل خبزك مع امرأة، وأيضًا لا تجلس لتأكل خبزك مع نساء مهملين ومسرفين في الضحك بدون اضطرار، لأنك أنت مقدس في الرب إلهك، وأكلك وشربك مقدسًا بواسطة الصلوات والقراءات المقدسة التي تقدسه. الرهبان يأكلون معك بخشوع ومهابة للهفلا تأكل مع نساء متكبرين في زهو، ولا تحتفظ مطلقًا بصداقة امرأة متفاخرة. لأنه قال في الكتاب الإلهي "من لمس القبر لصق به، ومن عاشر المتكبر يتشبه به" (يشوع بن سيراخ 13: 1). وإذا جلست معك على المائدة امرأة غنية، فعرفها بامرأة فقيرة وادعوها للأكل، ولا تخجل من الغنية. ولا تجعل محبتك لمجد الناس أكثر من محبتك لمجد الله، لأن الله مع المساكين والمزدرى بهم. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
بخصوص العذارى https://st-takla.org/Gallery/var/resi...-Daughters.jpg صورة تلوين للقديسة صوفيا وبناتها العذارى الشهيدات بيستس ، وهلبيس، وأغابى النفس المباركة تحفظ هذه التعاليم. من غير المفيد أن ترافق العذراء الصغيرة (الحدث) من هي أصغر منها، إلا في عمل الخير والصلاح، وإلا في حالة أن ترفض أن تسمع من الأخرى، وأيضًا إذا لم تخرج عن الصواب مع الأخرى. بل إن الأحدث أو الأصغر تكون تحت إرشاد واحدة مسنة وصالحة. لأن المسنة لن تنساق وراء رغبات الأصغر. واأسفاه على العذراء التي لا تخضع للقوانين، لأنها تكون مثل السفينة التي بلا مرشد، وقليل من التشامخ لا يجعلها تحتفظ بدليل، وتجعل الأمواج تقذف بها من هذا الطريق إلى هناك، إلى أن تصطدم بصخرة، وتهلك سريعًا. هكذا تكون أي عذراء لا تملك أي شيء من التقوى. العذراء المطوبة تكون تحت قانون لأنها بهذا تكون مثل شجرة مثمرة في الفردوس، والكرام يظهر نقاوتها إلى الأغصان الصغيرة، ويرويها، ويزيل الأعشاب الضارة من حولها. ويمنحها في الوقت المناسب ثمرًا غاليًا عوضًا عن تمسكها بهذه الأتعاب. ولتحرصي على عمل التمجيد على مائدة الطعام لكي يكون طعامك وشرابك مقدسًا. وعندما تقومين من على المائدة تقدمين الشكر ثلاث مرات قائلة: "حنان ورحيم هو الرب. أعطى خائفيه طعامًا" (مز 111: 4، 5). المجد للآب والابن والروح القدس من الآن وكل أوان وإلى الأبد. وبعد هذا التمجيد تكملين صلاتك قائلة: "يا الله الضابط الكل، وربنا يسوع المسيح، الذي اسمه فوق كل اسم. نشكرك ونسبحك، لأنك جعلتنا مستحقين أن ننال من خيراتك الصالحة لغذاء أجسادنا. نتضرع إليك ونطلب معونتك يا رب، لكي تمنحنا الطعام السماوي، وتعطينا أن نخاف ونرتعد من اسمك المكرم المخوف، ولا تجعلنا نرفض وصاياك، ولا نتجاهل التعليم من وصاياك التي توضع في قلوبنا، قدس أرواحنا وأنفسنا وأجسادنا، بابنك الحبيب يسوع المسيح ربنا، الذي يليق بك معه المجد والقوة والكرامة والسجود إلى أبد الآبدين آمين. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
إكرام الله يكون بالكلام والعمل إن أكثر الأناس العالميين حمقى جدًا، وكأن الحياة تطعمهم بالجهل. فإنهم يقومون مبكرًا يبحثون عن ما يشتهونه، وما يملكونه لكي ينقضوا عليه ويملأوا بطونهم بالخزي. هؤلاء لم يختبروا تمجيد الله على المائدة. وبولس اللاهوتي يقول عن هؤلاء: "هم أعداء صليب المسيح. الذين نهايتهم الهلاك الذين إلههم بطنهم ومجدهم في خزيهم الذين يفتكرون في الأرضيات. فإن سيرتنا نحن هي في السموات" (فى 3: 18-20). وهؤلاء يكونون أكثر قساوة من الأفاعي والحيات، لأن الحيوانات والأفاعي تعرف أن الله خالقها وتقدم الحمد له، والبشر الذين خلقهم الله على مثاله أكثر قساوة ولم يقدروا خلقته لهمبل يشكرونه بأفواههم وينكرونه بأعمالهم: "أنت تؤمن أن الله واحد. حسنًا تفعل. والشياطين يؤمنون ويقشعرون.. ولكن الإيمان بدون أعمال ميت" (يع 2: 19، 20). لأنه ما الفائدة من اعتراف الإنسان بالله، وهم يجحدونه بأعمالهم الشريرة؟ وكيف تتمسك بالاعتراف بالسيد، وأنت لا تخضع له؟ العبيد يعرفون الأسياد في الأسواق ويكرمونهم، ونحن نخطئ في إكرام الرب، ليس بالكلام فقط بل بالعمل أيضًا. وربنا يسوع المسيح نفسه، يشهد في الإنجيل قائلًا: "ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات. بل الذي يفعل إرادة أبى الذي في السموات" (مت 7: 21)، وأيضًا: "لا تنطق باسم الرب إلهك باطلًا" (خر 20: 7). وأيضًا قال لنا: "ليتجنب الإثم كل من يسمى اسم يسوع" (2تى 2: 19). فهل ترغب أنت في المعرفة، بأن الحيوانات والأفاعي تعرف الله وتمجده؟ استمع إلى نصائح الروح القدس في التماجيد (الأفاعي وكل الحيوانات تسبح الرب). إنهم حقًا يمجدونه، ويأتمرون بأمره. وهؤلاء ليسوا فقط الذين يمجدون الله، بل تمجده كل الخليقة الظاهرة والخفية ويشكرونه باستمرار. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
بركة صلاة الساعة الثانية عشر وأنت، يا عبد الله، سواء في القيام أو الجلوس، بل سواء في عمل أي شيء، في الأكل، سواء وأنت ذاهب إلى فراشك وقبل النوم، أو عند قيامك، لا تتنازل عن تسبيح الله بشفتيك. الآذان المباركة توافق على هذا الكلام. وعندما تدخل إلى صلاة الساعة الثانية عشر أكملها، والأعظم كثيرًا أن تشترك فيها مع الرهبان الذين لهم نفس روحك. وإن لم تكن مع آخرين، فأكملها وحدك، فإن الله يكون حاضرًا ويسمعك. ومن الخير والصالح أن تسكب الدموع في حضور الله. وتذكر عند الساعة الثانية عشر، إننا فيها نتبع ربنا إلى الجحيم، ونتذكر أن الجحيم ارتعد منه، وانطق بالكلمات اللائقة: منْ هو الذي له السلطان والعظمة والقوة حتى يهبط إلى الجحيم؟ منْ هو الذي سحق أبواب الجحيم وكسر المتاريس الصلبة النحاسية (مز 107: 16)؟ ومنْ هو الذي نزل بنفسه وقهر الموت وجعله بلا سلطان؟ ومنْ هو الذي فك القيود بسلطانه؟ ومنْ هو الذي نقض الموت عنى بموت نفسه؟ |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
موهبة الدموع وبسبب خطايانا التي صنعناها، فإننا نطلب معونة الرب بدموع في الليل في هذه الساعة الثانية عشر. يا لعظمة فضيلة الدموع، فإنها تؤدى إلى غلبة عظيمة، فبواسطة الدموع تمحى خطايا كثيرة وأعمال مخالفة كثيرة. فهي تشهد لي كما جاء في الإنجيل المقدس. فعندما سلم المخلص لليهود، أقسم بطرس ثلاث مرات وأنكره قبل صياح الديك. ولكن الرب التفت ونظر إلى بطرس، فتذكر بطرس وصية الرب، حيث قال له: "قبل صياح الديك. تنكرني ثلاث مرات" (مت 26: 34)، وأيضًا "فخرج إلى خارج وبكى بكاء مرًا" (مت 26: 75). انظروا إلى الشفاء بالدموع، تأمل وانظر نتيجة المخالفة. ما هو أردأ من هذا الشر، لأنه ثلاث مرات يحلف وينكر سيده بنفسه، إنها مخالفة كبيرة تحتاج إلى الدموع. وأنظر إلى عظم تمسكنا بقوة بالدموع. هذه النصيحة مكتوبة لكي نتبعها نحن كل يوم، ونكتسبها طوال حياتنا. كثيرون لا يمتلكون موهبة الدموع، ولكن من لهم الفكر السامي، ومن يهملون الأرضيات، ومن لهم بصيرة في الجسد لا يهملون موهبة الدموع، فكثيرين لا يتطلعون البتة إلى ما في العالم، وكثيرون يبكون بصوت عال على الذين يهتمون بالأرض، فإن دموع الحزن تُمنح لمثل هؤلاء فقط. لأن هؤلاء يحتفظون بنقاوة الفكر ويتمتعون بالبصيرة، لأنهم وهم موجودين على الأرض يبصرون العذابات في الجحيم، والآلام الشديدة في الأبدية، التي يُجازى بها الخطاة، ويرون النار الأبدية والظلمة الخارجية والبكاء وصرير الأسنان في الجحيم. ويبصرون أيضًا النعم السماوية التي يمنحها الله للقديسين ويرون الأكاليل والأمجاد والثياب الملوكية المعدة للقديسين، ويرون المخادع التي تمتلئ نورًا، والنعم التي يعبر عنها في الحياة الأبدية. وماذا بعد ذلك لم يقال؟ إنه ما هو أكثر من كل العجب، لأن الاحتفاظ بفكر طاهر وآذان نقية عن الله في داخلهم، كيف لا يشاؤون البكاء والنحيب مع كل هذا الذي يرونه؟ إنه يبكى ويحزن لكي يعتق وينقذ من الدينونة الرهيبة، وأيضًا يبكى ويطلب صلوات القديسين لكي يكون مستحقًا لهذه الخيرات السمائية. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
أهمية الجهاد وبسبب الاضطهادات التي عانى منها القديسون في هذا العالم، فقد عرفوا ما هي الخيرات التي سوف يرثونها. ولذلك من يتمسك بالراحة في هذا العالم فلن يكون له رجاء في الراحة الأبدية. لأن ملكوت السموات لن يكون للمستريحين في هذا المكان، بل لأولئك الذين يعيشون بضيقات كثيرة وتمزقهم المحن في هذه الحياة. وهم لم يأخذوا هذه النعمة لأنهم مختارين، بل اكتسبوها بجِهادات عظيمة وعرق جعلتهم أهلًا لها. ولم يبالوا في أنفسهم بمقدار الجهاد ههنا، ومن أجل أن ينضموا إلى السماء، نسوا آلامهم وأوجاعهم، وبقدر آلامهم في هذا العالم الباطل وهبت لهم راحة عظيمة لا يعبر عنها. ما قولك أيها الإنسان؟ ها قد ظهر أمامك طريقان، الحياة والموت، أيهما تريد أن تسلك! وأيضًا النار والماء، أيهما تريد أن تمد إليه يدك! بخصوص ما هو لك من مقتنيات في الحياة، وأيضًا بخصوص ما تتمناه، سيأخذه الموت. الموت هو العالم، والحياة هي البر، العالم بعيد جدًا عن البر، بقدر بُعد الموت عن الحياة. ومن يسلك في العالم، في الموت يسلك ويتحول بعيدًا عن الله، بحسب ما كتب في الكتاب الإلهي. ومن يسلك بالبر فهو يسلك في الحياة، ولن يلفه الموت مطلقًا. لأنه ليس موت للأبرار بل انتقال. والرجل البار ينتقل من هذا العالم إلى موضع الراحة الأبدية، وكما يحمى أي واحد من الداخلين، هكذا القديسون يخرجون من ضيقات هذه الحياة إلى الخيرات المعدة لهم "ما لم تره عين. ولم تسمع أذن. ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه" (1كو 2: 9). أما الخطاة فإنهم يشقون هنا بالشر، وهناك أيضًا بالنار المعدة لهم.على مثل هؤلاء أن يبكوا مرتين، لأنهم هنا يكونون في ضيق، وهناك لن يكونوا في رحب. من أجل هذا قال الكتاب الإلهي: "من يتبع الشر فإلى موته" (أم 11: 19) لأن ضيقاته تكون من كل جهة، هناك آلام وهنا شدة ومحن. والإنسان الذي لم يتعب في ضيق شديد في هذه الحياة، فقيرًا أو غنيًا، عبدًا أو حرًا، خاطئ أم بار، الكل عليهم نفس الجهاد، فعند اللقاء بالكل سوف يحدث، للخاطئ وللبار، بحسب ما كان عليه في هذا العالم. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
بين الخاطئ والبار فرقًا في الأبدية هناك لن يكون هكذا، بل أمر آخر ونظام مختلف. لأن جهاد البار في هذا العالم شيء، والخاطئ شيء آخر. لأن البار في جهاده لم يشبع البطن، ولم يهتم بالعالم في أعماله مطلقًا، ولم يفكر في لباس الجسد، بل كان يجاهد الليل والنهار باحثًا عن الله، ومرات كثيرة لم يشبع من النوم، ولم يسر نفسه بالخبز والماء، وقد تاه في البرية القفرة، وأرهق جسده بأتعاب كثيرة، لكي ينال الإكليل الذي لا يفنى المحفوظ له. أما الخاطئ فلم يتعب بضيقات شديدة من أجل البر، بل كان تعبه لأجل هذا العالم البائس الشقي، وبسبب النساء بل لم يكتفِ بكل هذا، بل قضى وقته في الحسد والشر. فهؤلاء لم يتعرفوا على الأناس المهتمين، بل صاروا عميانًا بانشغالهم بأمورهم الدنيوية، وبالتفكير الكثير في العالميات، وتاهوا، ورتبوا لأنفسهم جنديًا بلا شفقة (أي الملاك الذي يأخذ نفوس البشر)، ولم يندهشوا من منظره، ولم ينالوا نعمة البتة. نفوسهم انقادت في الحياة بملائكة قاسية، وقد قبلوا أن يسلبوهم من الله. ولأنهم حمقى فقد عملوا بتعب شديد في هذا العالم الأرضي، وبسبب هذا وصلوا إلى هلاكهم الروحي. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
نظام صلاة نصف الليل وفى نصف الليل، انهض وسبح الرب إلهك. لأنه في هذه الساعة قد قام ربنا من الموت، مُمجدًا للآب. لهذا رتبت هذه الساعة لنا لتسبيح إلهنا. وعند وقوفك في الصف قل: "في نصف الليل أقوم لأحمدك على أحكام برك" (مز 119: 62)، وكرر هذا عند بداية الصلاة بكل مزمور من الخمسين (وهو عدد مزامير الثلاث خدمات) إلى نهايتها. ويكون وقوفك هذا كل يوم بحسب الطقس. وعند قولك لكل هذه المزامير قف مخلصًا بقدر قوتك، واتبع المزمور بمجموعة السجدات المفروضة عليكمع تمسكك بالدموع من أجل خطاياك لكي تكون مستحقًا أن يغفرها لك الرب. وبعد كل ثلاثة مزامير قل، هلليلويا. وإذا كان معك رهبان، فتتبادلون المزامير واحدًا فواحدًا إلى النهاية. وعند الفجر تقولون هذا المزمور: "يا الله إلهي إليك أبكر. عطشت إليك نفسي" (مز 63: 1)، وأيضًا: "نمجدك يا رب على كل أعمالك" (دانيال)، وأيضًا: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لو 2: 14). وبعد ذلك تقول: نسبحك، نمجدك، ونسجد لك. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
محبة الله ومحبة الناس ولنحفظ المحبة، التي هي أعظم من كل شيء، لأنه قال: "تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الأولى والعظمى. والثانية مثلها. تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء" (مت 22: 37- 40). " فهذه هي محبة الله" (1يو 4: 8)، أنه هو الذي أحب الإنسان أولًا، وأسلم نفسه لأجلنا، لكي يعتقنا من كل خطية. وإذا كان الرب بذاته مات، لأجلنا، فنحن مديونين بأن نسرع بأنفسنا إلى محبة بعضنا البعض، "ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا" (1يو 4: 16). لأنه هو قال: "بهذا يعرف العالم أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضًا لبعض" (يو 13: 35). فمهما تعب الإنسان وجاهد، ولم تكن له محبة للقريب، فإن تعبه يكون باطلًا وبلا جدوى. وإظهار المحبة للقريب، ليست بالكلام فقط بل بالعمل أيضًا. فلا تحتفظ بالشر في قلبك نحو البعض وإلا فأنه لن تصعد صلاتك نقية إلى الله، "لا تغرب الشمس على غيظكم" (أفس 4: 26). تمسك بالوداعة والصبر وطول الأناة وبراءة الأطفال. لأن الرب قال: "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت 18: 3). |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
بعض النصائح لا تحزن مطلقًا على أي شيء صعب يصيبك، ولا تحزن وتتضرر من أي خسارة "لأن حزن العالم ينشئ موتًا" (2كو 7: 10). احزن فقط من أجل خطاياك، ولا تحزن من أجل أي أمر آخر صغير. ولا ترفع صوتك بالغضب على أي أحد لأنك خادم الرب ولا ينبغي أن تتشاجر. ولا تخرج لعنة أو شتيمة أو كلام سيء من فمك، لأن فمك مكرس للتسابيح وتمجيد الله. ولا تذهب مسبقًا إلى وضع أفضل من ذاتك، إلا عند الضرورة الشديدة. وكن في سلام المحبة بقدر قوتك. ولا تهمل الخضوع لله، ولا يمحى هذا من قلبك. وإذا دخل رجل صالح إلى سكنك، فأقبله كأنه ابن الله، لأن سيدنا يسوع المسيح قال: "من يقبلكم يقبلني. ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني" (مت 10: 40). فإذا دخل رجل صالح إلى سكنك قابله بخوف ورعدة، واسجد بقدميك على الأرض أمامه، لأن سجودك ليس له، بل لله الذي أرسله. وخذ من الماء واغسل قدميه، وبكل خشوع استمع إلى كلماته. ولا تتجاسر البتة في عقلك، لكي لا تسقط، بل خف، لأنه بقدر ما يكون خوفك، فإنك لن تسقط البتة. ومن الأنفع أن تأكل الخبز منفردًا بضبط النفس. ولكن إذا نزلت إلى مائدة الرهبان، فالكل يتجاورون ليأكلوا مع بعضهم. ولا تكن شرهًا، لكي لا تدان منهم. ولا تخبر عن نسكك. وإن شربوا خمرًا (عصير العنب)، فلا تمتنع عن الشرب، ولكن اشرب قليلًا من أجلهم. وإذا كنت في وسط مسنات عظيمات، والحوا عليك بأن تشرب أكثر، فلا تسمع لهن، بل قل لهن: أنتم تعبتم في شبابكم في نسك شديد، وأنا لم أبلغ بعد إلى مكانتكم. وبخصوص إضافة الغرباء وعمل الخير فأنت غير محتاج للنصيحة، لأنك تعملها من نفسك. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
كن يقظًا في الكنيسة اصمت في الكنيسة ولا تتكلم، بل كن يقظًا فقط للتعلم. وإذا خطر على فكر قلبك عمل أي شيء آخر، فلا تفعله بتهور أو اندفاع، لكي لا يستهزئ بك العدو، وليكن هدفك أعظم من أي عمل تعمله. وعند الصلاة بالمزامير لا تسمح الأفكار الغريبة أن تدخل إلي قلبك. وأنصحك بمحبة، كن يقظًا واستمع إلى الوصايا المكتوبة في هذا الإنجيل. ولا تتعلم من الوصايا الظاهر للعين فقط، بل ما في داخلها. وكن يقظًا لكل تعليم، واعمل به، لأن حفظ الوصية يجعلك مستحقًا لعرس الملك. ولا تقول في قلبك، كيف أستطيع أن أفعل هذا؟ ولا تقبل أن يدخل الخوف إلى فكرك، بل بكل نشاط احفظ هذاوتأكد من أنك تحارب بالله. فوصايا الله لن ترهقك ولن تشعرك بالخوف من الله. ولا تقصر عن إضاءة مصباحك بالزيت في كل ساعة، لئلا يدخل العريس ويجده مطفأ. ولأنك لا تعرف في أي وقت يأتي العريس، في أول الليل أم عند الفجر. فكن مستعدًا، لكي عندما يأتي تستقبله مع الحكيمات (مت 25)، محتفظًا بالزيت في مصباحك، وهذا يكون بأعمالك الصالحة. وفي كل ساعة من النهار تذكر ساعة موتك قبل أن ترى الموت، وتذكر ما يجب أن تكون عليه حينما تقف أمامه. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
جمال البتولية، وحلاوة العفة النسك شاق، وضبط النفس حمل ثقيل، ولكن لا شيء أكثر منهم حلاوة عند العريس السماوي. هنا نتعب قليلًا في حياتنا، وهناك نستردها حياة أبدية. والقديس بولس قال: "فإني أحسب أن آلام هذا الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا" (رو 8: 18). فالهروب من الناس هنا صالح، فلننفرد مع المتوحدين. ضبط النفس فضيلة عظيمة، والطهارة كم هي عظيمة الافتخار، فهي مجد عظيم للبتولية. أيتها البتولية، كم أنت غنى لا يمكن وصفه! أيتها البتولية، الإكليل غير المضمحل! أيتها البتولية، هيكل الله ومسكن الروح القدس! أيتها البتولية، جوهرة ثمينة لا ترى من كثيرين، وقليلون فقط هم الذين يجدونها. أيتها العفة، المحبة لله، تمجيدك عند القديسين! أيتها العفة، المكروهة من كثيرين، والمعروفة من المستحقين! أيتها العفة، بك نهرب من الموت في الجحيم وننقاد إلى الخلود وعدم الموت! أيتها البتولية، فرح الأنبياء وفخر الرسل! أيتها العفة، إكليل البشر القديسين وحياة الملائكة! مطوب هو من ينقاد بك، مطوب هو من يلازمك بالصبر، لأنه بتعب قليل سوف يفرح بك كثيرًا. مطوب ومبارك من يصوم كل الوقت هنا، لأنه فوق سوف يستوطن في أورشليم، ويفرح ويسبح مع الملائكة، ومع الأنبياء القديسين، ومع الرسل دائمًا. |
رد: كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك
تحذير أنا قد كتبت هذا إليكِ، أيتها الأخت المحبوبة، لتكن شركتك مع المسيح بثبات، ولمنفعة نفسك. فلا تبتعدي يمينًا أو يسارًا عن هذا الكلام. ومن يستمع إلى هذا الكلام ويسخر منه، فإنه سيكون دينونة عظيمة له. أما أنتِ، أيتها الأخت فأكرمي هذا الكلام جدًا. لأن الكتاب المقدس قاطع في هذا، فقد وهبها لك الله لكي تحفظيها في سلوكياتك، فتأتى بك إلى نور البصيرة، وطهارة الفكر، وتمنحك عيون مستنيرة بالفهم، حتى تنالي الإكليل غير المضمحل، والله يكون مسئولًا عنك وعن الذين يحبونه بواسطة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، الذي له المجد إلى أبد الآبدين، آمين. |
الساعة الآن 02:04 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025