منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الكتب الدينية (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=56)
-   -   كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=297769)

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 03:49 PM

كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
مقدمة

إن معظم الدراسات التي قام بها الأثريون والمهتمون بالآثار القبطية تركزت حول منطقة أديرة وادي النطرون، أما أديرة الفيوم فقد مر عليها العلماء والمؤرخون -رغم أهميتها البالغة فيما نلقيه من ضوء على الأحوال الدينية والاجتماعية والطقسية القبطية- مرورًا عابرًا ولم يذكروا عنها إلا النزر (القدر) اليسير، ولابد أن يأتي الوقت المناسب بمشيئة الله لهذا النوع من الدراسة.
وفي هذا البحث الذي تجده بين دفّتيّ هذا الكتاب يتضح أن أديرة الفيوم بلغت نيفًا وثلاثين ديرًا لها شأن يذكر في بسط (نشر) الحالة الدينية والاجتماعية للرهبان القديسين في أزمنة مختلفة، وهو العنصر الهام الذي يدور في إطاره نهج الكتاب.
و قد رجعنا إلى ما كتبه المؤرخون والأثريون من مصريين وأجانب، وترجمنا ما استطعنا الحصول عليه في نطاق بحث هؤلاء العلماء الذين توفروا على دراسة الآثار والتنقيب عن معالم حضارتنا القبطية المدفونة في الأطلال الدارسة ضمنوها (تضمنتها) أبحاثهم وأودعوها المكتبات الكبرى في شتى أنحاء العالم، مع التحليل والمقارنة بما يسمح به المقام.
كما نقلنا إلى العربية لأول مرة الكثير من آرائهم في أبحاثهم النادرة في هذا الشأن، مع بعض التعليقات للتوضيح كما أبدينا رأينا في بعض ما كتبوه، وبالأخص ما كتبه "نابيا أبت" وسنعود في الطبعة التالية إن شاء الرب وعشنا إلى إعادة درس موضوع أديرة الفيوم المتشعب النواحي والجدير بالبحث الطويل العميق لأهميته..
ولقد ظلت أديرة الفيوم قرونا طويلة عامرة بالرهبان وكان لها أهميتها كسائر الأديرة الأخرى ولكنها اندثرت ودُكَت معالمها.

وفي هذا الكتاب سيرة القديس أنبا صموئيل المعترف (الشهداء هم الذين سفكوا دمائهم من أجل السيد المسيح وماتوا قتلا بالسيف أو الحريق..الخ، أما المعترفون فهم الذين نالوا تعذيبات مريرة في الاضطهادات مثل قطع الأيدي أو الأرجل أو فقأ العينين كما حدث للقديس، هؤلاء مع الشهداء تكرمهم الكنيسة بالغ التكريم) الذي ذاق صنوف الاضطهادات والأتعاب من أجل السيد المسيح. وقد فصلنا سيرته وأتينا بأقواله ومواعظه الشهيرة ومعجزاته الكبيرة من مصادرها.
ذلك هو القديس الذي تعرفه البرية، وديانها (جمع وادي) وبراريها، كنائسها وأديرتها، رهبانها ومتوحديها في كل العصور. فترى كيف أتى المقوقِس إليه وكيف كان شأن القديس معه وكيف حطم آمال الخلقيدونيين بثباته وإيمانه وشجاعته وذكائه، وكيف سباه البربر وماذا كانت سيرته في السبي عند ذلك البربري الذي تولى أمره.. وغير ذلك من روائع الأعمال التي تدل عليها الآثار وبقايا الأطلال، ولم نترك ذلك مصدرا أو مرجعا هاما إلا واسترشدنا به أو نقلنا عنه أو ترجمناه إلى العربية، فلم تكن كثير من النقاط الهامة في هذا البحث نقلت إلى العربية رغم مرور الزمن الطويل ورغم أن سيرة القديس ملازمة لتاريخ الأديرة والكنائس بالفيوم.
فضلا عن ذلك ترى كيف نجا من الأسر فإن يد الخالق العظيمة وقدرته الأزلية ظاهرة في حياة القديس سواء في القيادة الروحية أو الخلاص من الشدة أو تدبير أبنائه أو معجزاته.
هذا القديس القوي دافع عن الإيمان المستقيم، حارب بدعة لاون ومجمع خلقيدونية، شجع الرهبان على احتمال كل ما يصادفهم من شدة وضيق، دخل آتون التجارب -وهو في السبي- التي لا يستطيع إنسان أن يصف قسوتها وخطرها المدمر على حياته الروحية، فلم يكتف القساة بالتعذيبات الجسدية بل تجاوزوها إلى أعنف التعذيبات الروحية، وهذه واضحة في قصة ربطه مع جارية حتى يرتكب الخطية، وخرج من كل هذه التجارب كما يخرج الذهب الخالص من بوتقة النار أكثر لمعانًا وبريقًا.
كان القديس أنبا صموئيل محبًا للطهارة منذ صباه، ميالا للهدوء والوحدة والاختلاء بالله، ولفرط حبه للعبادة اشتاق إلى الاندماج في سلك الرهبنة،انطلق بادئ الأمر إلى برية القديس مكاريوس الكبير وهناك تتلمذ للقديس أغاثون حوالي ثلاث سنوات، وبعد نياحته بفترة من الزمن رُسم قسًا على كنيسة القديس مكاريوس.
أثار الشيطان الحرب على الكنيسة وامتدت الحروب حتى أن الأديرة لم تسلم منها، فلما تولى المقوقِس الحكم من قِبًل الدولة الرومانية أرسل القائد إيريانوس وجنوده إلى برية شيهيت، دخل القائد كنيسة القديس مكاريوس وطلب الاجتماع بالشيوخ، وأمرهم بالخضوع للقرارات الخلقيدونية وإلا كانت عاقبتهم الموت الزؤام، فثار أنبا صموئيل ضده وشجع الرهبان على ألا يعترفوا إلا بالإيمان المستقيم، فأمر الوالي بتعذيبه وأوسعه الجنود ضربا في حنق وغيظ وصادفت الضربات إحدى عينيه ففقأتها وتدلت على خده، وعندئذ كف الجنود عن ضربه وأخرجوه من شيهيت.
أمره ملاك الرب أن ينطلق إلى منطقة الفيوم ناحية دير القلمون ويسكن هناك، فمضى إلى جبل القلمون وتتلمذ له كثيرون وعكفوا على الصوم والصلاة والعبادة الحارة، وإذ كان محبًا للوحدة بنى له مغارة على بعد ميل من الدير.
عاد المقوقِس مرة أخرى للاضطهاد فقصد جبل القلمون، فلما علم القديس أنبا صموئيل بذلك هرب مع جمع من تلاميذه، ولما وصل جنود الوالي لم يجدوا فيه أحدا سوى قيّم الكنيسة فأخذوا في تعذيبه حتى أقر باختفاء القديس أنبا صموئيل، ولما بثوا العيون في كل مكان بحثاَ عنه ووجدوه أوسعوه ضربا حتى يعترف بالمجمع الخلقيدوني ولكنه أصر على الإنكار فأبعدوه عن منطقة الفيوم.
ومرة أخرى عاد القديس إلى جبل القلمون، وكان عدو الخير يسهر حاسدًا فلم يدعه في سكون، فلما هجم البربر على الجبل -وكانوا يغيرون كثيرًا على البرية- قبضوا على القديس وسبوه إلى كورة بعيدة حتى كانت أيامه كلها تعذيبات وإهانات.
لكن الرب المتحنن دبر له من يعزيه إذ تقابل مع القديس أنبا يحنس القمص الذي كان في السبي قبله وقد مكث فيه زمانا طويلا.
وفي السبي نال القديس أعظم تجربة روحية مدمرة إذ ربطوه مع جارية نجسة وشريرة لإثارة شهواته وإرغامه على الخطية، لكن يسوع المخلص الذي يعطي مع التجربة المنفذ والذي لا يدعنا نُجرب فوق ما نحتمل، خلصه منها وضرب المرأة بالجُذام.
وقد منح الرب القديس مواهب شفاء عديدة، وشفى امرأة رئيسه في السبي فضلا عن العديد من المعجزات التي أجراها فأطلقه سيده مكرمًا يذهب حيثما يشاء.
عاد القديس إلى ديره بالقلمون وقضى فترة من الهدوء فيها بنى كنيسة باسم السيدة العذراء وديرًا، وتكاثر عدد تلاميذه جدًا وكان أشهرهم يسطس وأبوللو.
ولم يُنعم الرب عليه بمواهب الشفاء فحسب بل بموهبة إقامة الأموات أيضًا، وهكذا ذاع صيته في كل مكان حتى تنيح بسلام في شيخوخة صالحة بعد أن عاش ثمان وتسعين سنة وكانت نياحته في يوم 8 كيهك.
ومما هو جدير بالذكر أن المصدر الرئيسي للمعلومات عن أنبا صموئيل وتاريخ حياته بالكامل هو في مجموعة Morgan.. وقد ذكر ذلك "Evelyn White" في كتابه عن أديرة وادي النطرون، وهذه المجموعة اكتُشِفَت في صحراء الفيوم سنة 1910م، وتوجد نسخ منها بمكتبة المتحف القبطي وهي تقع في 56 مجلد ضخم باللغة القبطية باللهجة الصعيدية تتضمن أقوال وعظات وتراجم وتفاسير لم يسبق نشرها ونحتاج لفك ختومها إلى سنين طويلة وأزمنة مديدة من العارفين باللغة القبطية (نشرت من هذه المجموعة سيرة الشهيد إبيما وتطلب من مكتبة الشهيد مار جرجس باسبورتنج).
هذا والقديس أنبا صموئيل يذكر اسمه في مجمع القداس وفي التسبحة وهو من مشاهير القديسين في الكنيسة القبطية وديره لا يزال عامرًا إلى يومنا هذا بركة صلواته تكون معنا آمين.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 03:56 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
الرهبنة في أديرة الفيوم



إن تاريخ الرهبنة المصرية في عصورها الأولى كان ولم يزل موضوع دراسات مستفيضة، وشملت هذه الدراسات أديرة نتريا (وادي النطرون) والأسقيط، أما أديرة الفيوم فقد مر عليها المؤرخون مرورًا عابرًا ولم يذكروا عنها إلا النزر (القدر) اليسير، مع أن المسيحية وجدت طريقها إلى الفيوم في نفس الوقت الذي دخلت فيه إلى الوجه البحري أو بعده بقليل.
وإذا نظرنا إلى هذه المنطقة من الناحية الجغرافية من حيث الموقع وكثافة السكان نجد أن نسبة عدد المسيحيين كانت قليلة بالقياس إلى منطقة الدلتا أو في شواطئ النيل، وبالتالي كان الرهبان والمتوحدون أقل نسبيًا، وثمة (هناك) سبب آخر وهو أن الوثائق المتصلة بأديرة الفيوم لم تظهر إلى النور سواء عن طريق شرائها أو اكتشافها، بسبب تدهور الحالة الاقتصادية لإقليم الفيوم في العصور الوسطى التي كان لها رد فعل على الأديرة، فأخذ سراجها يخبو تدريجيًا، حتى الأديرة الغنية كانت مسرحا للنهب ولهجمات الغارات.
فضلا عن ذلك فإن الفيوم لم يكن لها نصيبها من الرحالة الأجانب الذين زاروا المناطق الأخرى حتى يقدموا لنا إيضاحات ومعلومات غنية عن هذه الأديرة.
قد تكون هذه بعض العوامل عن غموض تاريخ كنائس وأديرة الفيوم والحاجة إلى الكتابة حوله، وإننا إذ قنعنا بهذا فسوف لا يظهر إلى النور تاريخ هذه البقاع وينكشف، كما أن ما سبق نشره وهو ما يحتاج إلى تحقيق والوثائق سواء بالقبطية أو العربية المتفرقة في المكتبات الأجنبية المختلفة وفي المتاحف تنتظر ولا ريب من يفك ختومها فيكتب تاريخ هذه المناطق كما ينبغي أن يُكتب.
_____
(عن كتاب The Monasteries of the Fayum "Nabia Abbot" والفيوم مأخوذة من كلمة إفيوم القبطية معناها البحر وورد في كتاب The churches and Monasteries of Egypt B.T.A Evetts 1895 ص49 أن الفيوم كان اسم أحد أولاد قفط بن مصرايم Al Fayum was the name of one of the sons of Kift, the son of Misraim who built it for one of his daughters …)

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 03:57 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
أثر انتشار الأديرة في الفيوم



إنه مما لا شك فيه أن هذه الأديرة كانت مزدهرة جنبًا إلى جنب أديرة باقي القطر المصري، كما قضت عليها نفس العوامل التي قضت على باقي الأديرة.
بدأت أديرة الفيوم في الانتشار منذ القرن الثالث ابتداءً من أسقفية "Nepos" أسقف الفيوم في النصف الأول من القرن الثالث الذي كانت كتابته مشهورة ومنتشرة في أيام أوسابيوس - وتأييد ذلك بوثائق البردي الفيومية التي أشارت إلى اضطهاد "داكيوس" للمسيحيين في سنة 250 م. أما عن اضطهادات الإمبراطور دقلديانوس واستشهاد المسيحيين فإنها قد عمّت أنحاء القطر كله وشملت الفيوم كما شملت سائر المناطق لكن التاريخ سجّل لنا القليل عن هؤلاء الشهداء.
من بين هؤلاء الشهداء ثيوفيلس وزوجته باتريكيا Patricia من مدينة الفيوم، وقد استشهدا على يد Antihipotos الحاكم لرفضهما التضحية لچوبتر وبرثلماوس وزوجته من أهالي الفيوم قد استشهدا أو دفنا أحياء.
وكما قلنا أن الرهبنة والتوحد لم تكن اعتكافا في كل الظروف فقد خرج عمالقة الرهبان إلى العالم لتثبيت قواعد الإيمان ولتشجيع المتضايقين في الاضطهادات وللاستشهاد، ليس من الرجال فقط بل من النساء أيضًا ولنا في الشهيدة القديسة دميانة خير مثال.
ولما كانت الرهبنة استشهاد لأنها موت عن العالم، فإذا دعا داعي الاستشهاد في الاضطهادات لم يقف أمامهم حائل.
ومن أمثلة الرهبان الشهداء من إقليم الفيوم في أيام دقلديانوس الأب نهرو Nahrau من مدينة داويت Dawit بالفيوم، الذي ترك تلميذه في الفيوم وانطلق للاستشهاد بعيدا في إنطاكية حيث قابل دقلديانوس نفسه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فأمره بعبادة الأوثان وترك إيمانه ولما رفض ذلك عُذب كثيرا ثم استشهد وكان ذلك سببا لاعتناق الكثيرين المسيحية، وقد أُرسل جسده إلى بلدته في الفيوم حيث كان موجودا بها وقتئذ "يوليوس" كاتب سير الشهداء.
هناك راهب آخر يدعى الأنبا كاو Kaw (بالقبطية كاڨ)هذا الذي أغراه كلكيانوس بعبادة الأوثان وأن يترك الديانة الحقيقية وأن يشفق على شيبته فقد كان راهبا متقدما في السن، وإذ رفض أُرسل إلى البهنسا، وقد لقى عذابات كثيرة ثم استشهد ونُقل جسده إلى مغارة قرب بلدته "Bimay" وهى بلدة قريبة من الفيوم وبنيت كنيسة على اسمه، ثم نُقل جسده إلى دير النقلون بالفيوم.
ومما يلي تستطيع أن تتبين انتشار الرهبنة والتوحد في منطقة الفيوم وبالأخص في جبل القلمون الذي كان عامرًا بالمتوحدين في القرن الثالث.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:01 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
باناين وباناو



باناين وباناو Banine and Panaw
أرادا أن يسلكا الحياة الرهبانية وفي الطريق ظهر لهما ملاك الرب في هيئة راهب وأرشدهما إلى ثلاث قديسين في جبل القلمون وهم القديسون تيموثيئوس وثيئوفيلس وخرستوذورس Timothy - Theophilus - Christodorus وكان ذلك في حكم دقلديانوس (284 - 305 م.).
ويذكر القديس أثناسيوس أيضًا أن القديس أنطونيوس زار منطقة Arsinoc الفيوم الحالية، ولما أراد عبور قناة الفيوم ليزور الإخوة وجدها ملأى بالتماسيح.
وجاء في Patr. Orient. XI - 663 (من الواضح أنها مخطوطة) أنه بعد انقضاء عشرين عامًا لتوحد القديس أنطونيوس، شعر بالحاجة لزيارة الإخوة بالفيوم ليشجعهم ويعزيهم في الحياة النسكية.
وذكر أبو صالح الأرمني في كتابه: The Churches and Monasteries of Egypt and some Neighbouring Countries دير Naghin وهو أقدم دير بالفيوم ويبعد 15 كم جنوب الفيوم وذكره المقريزي واختص جبل النقلون بأهميته.
وعلى مر الوقت تضاءلت أهمية جبل النقلون وحل محله جبل القلمون وابتدأت تظهر أهميته منذ القرن السابع الميلادي.
إن فكرة الرهبنة المسيحية وانتشارها ترجع إلى عوامل متعددة منها الميل للنسك كما ورد في حياة الأنبا بولا (228-343 م.) والأب آمون (275-327 م.)، وقد أصبح آمون أبا للرهبنة المسيحية، وهكذا نشأت الحاجة إلى نظام لمجتمع الرهبان، وكان من نتيجة ذلك أن تأسس دير أنبا بولا ودير أنبا أنطونيوس في الصحراء الشرقية، وظهرت جماعات الرهبان في نتريا وشيهيت وكان كل هذا في النصف الأول من القرن الرابع.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:02 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
النهضة الديرية وأثرها



وفي عهد قسطنطين الملك (324-337 م.) وعهد ثيؤدوسيوس الأول (379-395 م.) نَعِم المسيحيون بالحرية وتقدمت المسيحية ودعا هذا إلى نمو وازدهار الرهبنة..
ولذلك كانت تنشأ الأديرة في الفيوم في ذلك العهد حيث كانت مميزات المؤسسات الديرية طيبة في الفيوم كما كانت في نتريا ووادي هبيب - وكانت هذه الأديرة في بقاع نائية ومتحررة من القيود من جانب السلطات المدنية أو البطريركية في الإسكندرية.
فضلًا عن هذا كانت في الفيوم جبال بها كهوف عديدة،كذلك كانت هناك عيون ماء وقنوت قريبة منها. وكان هذا تقريبًا أكثر ما تحتاج إليه أية وحدة ديرية.
ومن ناحية أخرى فإن المتاعب في الفيوم كانت أقل منها في البقاع الشمالية إذ أنه لم يكن من السهل وصول حملات المغيرين عليها. ولو أنها لم تسلم منها كليةً.
وتدل الدلائل على إنشاء الأديرة في ذلك العهد وما كان من التشجيع الشخصي لها من جانب القديس أنطونيوس - فكان القديس أنطونيوس يجوب البقاع الصحراوية ويقيم الرهبان ويثبتهم ويعبر نهر النيل مرات عديدة في أثناء تجواله من الصحراء الشرقية إلى وادي النطرون مما مكنّه أن يُقدر الموقف والاحتمالات المقبلة. وقد ذكر التاريخ أن القديس أنطونيوس بعد أن قضى في حياة النسك عشرين عامًا أحس بحافز يدفعه إلى أن يؤدي عملا نافعا وأن يعلم الناس خوف الله وعبادته. لذلك توجه إلى الفيوم ليقوي الإخوة هناك ثم عاد إلى ديره.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:04 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
شواهد زيارة القديس أنطونيوس للفيوم وأهميتها

جاء في السنكسار الحبشي cuna[arion بشأن هذا الموضوع ما يلي: ".. وقد توجه القديس أنطونيوس إلى الفيوم ورسم رهبانًا كثيرين وثبتهم في ناموس الرب - وكانت هناك أديرة كثيرة مملوءة بالرهبان والمحاربين الروحيين.
ويذكر ايفاجريوس يونتيوس في صحيفة 356 ما يدل على اهتمام القديس أنطونيوس المباشر بالفيوم ويشير إلى رسالة من أنبا أنطونيوس إلى أرسينوى (الفيوم) ومقار كنائسها. ومن المحتمل جدًا أن هذه الرسالة جاءت عقب زيارة أنبا أنطونيوس الشخصية لهذه الجهات بعد قضائه سنين طويلة في النسك وتأسيسه الدير المسمى باسمه في سنة 305 م.
يتبين من كل هذا أن جماعات الرهبنة على أساس النظام الذي وضعه أنبا أنطونيوس كانت موجودة في العصور الأولى ابتداء من العشر السنوات الأولى للقرن الرابع.
إزاء هذه الوقائع فإنه من المثير أن نجد أن تأسيس أقدم دير معروف في الفيوم وهو دير "نقلون" المذكور في المخطوط العربي رقم 2 للمعهد الشرقي أمر يحيط به الغموض ولا يُلقي الضوء عليه إلا بعض القصص.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:05 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
عن تأسيس الكنيسة بدير النقلون

وصلتنا قصة "أور" (القديس أور: اسم "أور" جدير بالاهتمام، إذ يوجد عدة أشخاص بهذا الاسم في أجزاء أخرى من مصر منهم "أنبا هور" بصحراء نيتريا والذي زارته ميلانيا والذي قيل أنه تنيح قبل سنة 390 م. ولم يعرف عنه الكثير إلا أنه كان معروفًا أن الفضيلة الأساسية التي اتصف بها كانت فضيلة الاتضاع. وهناك قديس آخر باسم "هور" من Thebaid بالوجه القبلي، وكثيرًا ما كان الناس يخلطون بينه وبين "هور" السابق ذكره. ولو أن هذا كان لا يزال حيا سنة 394 م.، وقد زاره في ليكوبوليس سبعة من الآباء الرهبان، وذكر عنه أنه كان يتنقل في الصحراء وأنه أسس عدة أديرة في Thebaid) التي وُجد منها نسختان، نسخة قبطية ونسخة عربية قام بنسخهما راهبان من دير السريان سنة 1493 م.
ويقول أبو صالح الأرمني أن "أور" قد أسس الكنيسة الموجودة في هذا الدير في عهد الأسقف أنبا اسحق حوالي القرن الرابع..
وقد كُرِسًت الكنيسة بواسطة أسقف الفيوم أنبا اسحق. وفي الوقت نفسه رسم "أور" قسًا. وبعد نياحة أنبا اسحق طُلب رسامة "أور" أسقفًا لكن "أور" عاد للإقامة في جبل نقلون وبنى مساكن وقلالي لعدد كبير من الرهبان. وقرب نياحة "أور" طلب المتوحد يوحنا وروى له قصته.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:05 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
تاريخ إنشاء الأديرة بالفيوم

يرجع انتشار حياة النسك ووجود الأديرة بالفيوم إلى القرن الرابع. وإن انتشار الديرية في الفيوم بالذات وموقعها الجغرافي الذي دعا لضرورة تأثيرها بالديرية الأنطونية وبنظام نيتريا في الشمال، وموقع جبل نقلون ذاته على مسافة ساعتين من الفيوم، والشهادة غير المباشرة لأبي صالح والمقريزي الذين وضعا دير نقلون في المقدمة عند سرد تاريخ أديرة الفيوم. كل هذه أدلة تشير إلى صحة التاريخ عن وجود الأديرة منذ القرن الرابع وحياة النسك فيها.
وإذا صح المصدر الذي يقول بأن دير نقلون أنشئ في القرن الرابع، فيجب أن يعزى إليه الفضل في نمو الديرية في الفيوم في زمن "سيرابيون" أسقف الأديرة في منطقة أرسينوى (الفيوم) المشرف على شئون عشرة آلاف من الرهبان الذي كان يمدهم بما يحتاجون اليه بعناية فائقة، والذي كان اجتهاده من أسباب القضاء على الفقر في المنطقة وإرسال المعونة للمحتاجين في الإسكندرية (هيرونيموس - تاريخ الرهبان الفصل 29 - فردوس الآباء القديسين "Budge"، لندن 1907 جزء 1 ص 380).
ويشهد بترونيوس الذي زاره بين سنتي 385، 394 م بصحة هذه الوقائع (قاموس قصص القديسين الجزء الرابع ص 613).
ويبدو أن عدد الرهبان والأديرة في مصر العليا كان كبيرًا جدا في القرن الرابع وما بعده.
ويروي روفينوس أنه وجد في المنطقة حول ارسينوى عشرة آلاف راهبا في أوكسيرينكوس (البهنسا حاليًا). وقد قدر الأسقف عدد الرهبان بعشرة آلاف وعدد الراهبات بعشرين ألفًا. وكان بالمدينة نفسها ما لا يقل عن عشر كنائس، وقد زادت عدد القلالي عن عدد منازل السكنى.
وفي الواقع أن الأرض قد امتلأت بالرهبان حتى أن ترانيمهم وأناشيدهم ليلًا ونهارًا قد جعلت البلاد جميعها كنيسة لله (بتلر Butler الكنائس القبطية القديمة - أكسفورد سنة 1884 م.).

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:06 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
دير النقلون والقلمون بصحراء الفيوم

نجد في القرن الخامس إشارة مرة واحدة إلى أديرة الفيوم، ولكنها إشارة لها أهميتها، فحوالي سنة 444 م. أرسل البطريرك كيرلس الكبير (412-444 م.) إلى كالوزيريس أسقف الفيوم خطابًا ليُقرأ في كل الأديرة خاصة في دير واقع على جبل منعزل يسمى قلمون لمقاومة بعض الأفكار الخاطئة عند بعض الآباء الرهبان بهذا الدير. وبناء على هذا فإن الفيوم كانت منذ أيام نيبوس Nepos قد اشتركت في أنشطة ذلك العصر وتأثرت بها، وقد كان لهذه الحقيقة صدى في الأديرة في الفيوم ونتريا وجماعات أخرى من الرهبان، إذ كان هناك توجيه بشأن بعض الاتجاهات المخالفة (عند تلك الفئة المذكورة).
ومجمل القول أنه بالنسبة للموضوع الذي نحن بصدده لا يمكن معرفة على وجه التحقيق التاريخ الذي أصبح فيه دير قلمون مهجورا بعد سنة 444 مربما يكون قد غزاه البربر في هذه السنة ذاتها عندما حصل الهجوم على شيهيت (نابيا أبوت - وهوايت 2 ص 164) وربما حلت به الكوارث حوالي سنة 570 م عند حدوث الغزو الرابع بشيهيت (ايبيد ص 249). وقد جاء في تاريخ حياة الأنبا صموئيل مع ذلك أنه عندما ذهب إلى قلمون للمرة الأولى كان الدير مهجورا مدة طويلة وكانت الكنيسة قد دخلت إليها الرمال (كاونبرج ص 109).

وتشير الرسالة رقم "83" للقديس كيرلس الكبير إلى دير قلمون وقد زار بانين وباناو هذا الجبل سنة 300 م.، ومنذ سنة 444 لم يوجد ذكر لنقلون أو قلمون حتى جاء أنبا صموئيل وربط بين هذين الديرين القديمين - وكان غزو البربر من العوامل المختلفة التي ساعدت على فترة الصمت الطويلة.
ولا ندع هذه النقطة تمر بدون تحقيق لما لها من الأهمية في إلقاء الضوء على القلمون ونقرر الآن بصفة قاطعة أن الدير الذي أسسه أنبا صموئيل هناك لم يكن أول دير أنشئ في قلمون.
وقد ذكر في تاريخ حياته أنه عندما ذهب إلى قلمون كان يسكن في كنيسة صغيرة مهجورة حيث أُخذ أسيرا وأنه عندما عاد من الأسر سكن هذه الكنيسة ذاتها والقلالي المحيطة بها.
وتبين المصادر التاريخية أنه ابتداء من منتصف القرن السابع بدأت شهرة دير القلمون تزيد عن شهرة دير نقلون وفاقتها.
وهدفنا الآن أن نذكر موجزا التاريخ دير القلمون الذي كان متصلا بحياة أكثر رؤساء الأديرة شهرة في الفيوم وهو الأنبا صموئيل.
ولدى الرجوع إلى الصفحات 100-114 كاونبرج Cawenburg (دراسات في أديرة مصر - نابيا أبوت) والى بدج Budge الجزء الثاني ص 341 من السنكسار الحبشي cuna[arion نجد أن كلا من كاونبرج والسنكسار الحبشي يخلط بين إقامة أنبا صموئيل في نقلون أو إقامته في قلمون ثم يصحح كاونبرج رواية أخذه من الكنيسة التي في صحراء قلمون ويذكر عودته إليها من الأسر.
وأن سنكسار الإسكندرية جزء 1 ص 142 PO. (جزء 3 - 406 - 8) لا يذكر نقلون Naqlun ولكنه يذكر قلمون فقط - وقد يكون ذلك نظرًا لأن قلمون ونقلون ليسا بعيدين الواحد عن الآخر.
كما أن المصادر العربية تذكر قلمون على أنه الدير الذي طرد منه أنبا صموئيل، والمصادر القبطية تذكر هذا الدير على أنه نقلون - والمصادر الحبشية تخلط بين الأثنين - كذلك اميلينو في مبدأ الأمر خلط بين الاثنين باعتبارهما ديرًا واحدًا قارن الجريدة الآسيوية Journal Asiatique عدد نوفمبر وديسمبر 1888 ص 398.
وأن هجوم البربر من الصحراء الليبية لم تصل فقط إلى مساكن نتريا التي نهبت على الأقل ثلاث مرات في النصف الأول من القرن الخامس (408 و410 و444) ولكنها تعدتها إلى وادي النيل، ومن المحتمل جدًا أن تكون قد وصلت إلى الفيوم كما حدث مع أنبا صموئيل الذي من القلمون الذي أخذ في الأسر مدة ثلاث سنوات حوالي سنة 635 م. - وسنأتي على تفصيل ذلك فيما بعد (المراجع: 1- نابيا أبوت. 2- دراسة كاونبرج ص 46 - 50، 88 - 122. 3- سنكسار Alex. 141-143 P.O III 405 - 407. 4- ايفيلين هوايت II ص 252 - 255. 5- اميلينو في الجريدة الآسيوية نوفمبر - ديسمبر سنة 1888م ص 261 - 410. 6- مذكرات بعثة الآثار الفرنسية بالقاهرة 1888 516-20-770-89).
هذا وإن المجادلات الدينية والغزوات الأجنبية والتدهور الاقتصادي في العصر البيزنطي كان لها أثرها في الفيوم، ودراسة كاونبرج التي تقتصر على هذه المدة (451-640 م.) تشرح هذه الظروف بالتفصيل، وفي حديثه عن رهبان شيهيت ومجمعات الفيوم يبين الصلة الوثيقة بينهم.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:07 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
الأنبا صموئيل

ولد القديس صموئيل بين 598، 603 م. وعاش إلى سن 98 سنة، وكان عمره ثمانية عشر عاما عندما انضم إلى دير أنبا مكاريوس بشيهيت وبقى ستة عشر عاما، ثم ترك شيهيت تحت ضغط الاضطهاد العنيف الذي قام به المقوقِس في العشر السنوات من 631-641 م. بصفة خاصة لمقاومته للتعاليم الخلقيدونية ورفضه الاشتراك في كتاب لاون ثم اتجه نحو الجنوب مصحوباُ بأربعة من تلاميذه إلى دير قلمون في الفيوم حيث أقام مدة ثلاث سنوات ونصف، وكان أثره عظيما على ما يبدو على السكان هناك، وعندما اقترب المقوقِس أقنع أنبا صموئيل العلمانيين هناك وكان عددهم مائتي نسمة والرهبان وكان عددهم 120 راهبًا أن يهربوا إلى الجبال ويختبئوا فيها.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:07 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
تألب المقوقِس (قيروس) على الأنبا صموئيل

عندما وصل المقوقس إلى الدير تخطى سخطه كل الحدود. ولما عاد إلى الفيوم أمر بإحضار أنبا صموئيل أمامه واستجوبه استجوابًا دقيقًا وكان على وشك أن يأمر بجلده علنا لولا أن أنقذته بعض الجهات لدى المقوقس.
ويذكر كاونبرج أيضا عن دراسته عن أديرة مصر أنه طرد من ديره (كاونبرج ص 15 رقم 3 - ويحدد و10 كرام مخطوط قبطي أحضر من الفيوم لندن 1893 رقم 47 موقع هذا الدير في الفيوم أو بالقرب منها - أما اميلينو جغرافيا.. ص 121 فيحدد الموقع على أنه في البهنسا.) نقلون، أما المخطوطات فتذكر أنه دير القلمون، وأنه ذهب إلى دير تاكيناش حيث أقام ستة شهور ثم أخذه البربر أسيرا مدة ثلاث سنوات بعد أن أغاروا على وادي القلمون. ثم في كنيسة صغيرة مهجورة كان ملحقا بها بعض القلالي.
ولما أطلق سراحه بعد أن شفى بمعجزة زوجة الشخص الذي أسره، عاد إلى واديه واستدعى تلاميذه وبدأ في تأسيس ديره.
وبعد نحو سنتين بلغ عدد الرهبان بهذا الدير 41 راهبًا منهم 14 جاءوا من دير نقلون المجاور وخمسة من دير تاكيناش و17 من الرهبان الجدد.
وكسبت هذه الجماعة الجديدة محبة الشعب الذي ساهم بسخاء في معونتها. وقد زار أنبا غريغوريوس أسقف القيس (أنظر سيرته في كتابنا القديس أنبا اسحق البطريرك 41.) "مركز بني مزار" أنبا صموئيل الذي شفاه من مرض خطير، وأرسل بعدئذ أسقف القيس هدايا كثيرة من المؤن وبعض الماشية للدير، وبعد قليل تجمعت أموال كافية لبناء كنيسة جديدة قام بتكريسها أنبا يوسف أسقف الفيوم.
وقد قضى أنبا صموئيل 57 سنة من حياته في هذا الدير الذي زادت شهرته وبلغ عدد الرهبان به 120 راهبًا عند نياحته.
وقد انتخب أحد هؤلاء الرهبان واسمه اسطفانوس أسقفًا على البهنسا (كاونبرج ص 117) التي كان يقع فيها أو بالقرب منها دير تاكيناش.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:08 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
القيادة الروحية

هذا وأن القوى الروحية والقيادة الحكيمة لأنبا صموئيل قد أكسبته مكانة ممتازة جعلته يُذكر بين كواكب الأديرة القديسين (أنطونيوس ومكاريوس وباخوميوس وشنوده) ولقد ساعدت شهرته على الاحتفاظ بسمعة ديره حتى استطاع أن ينافس ويتفوق على دير نقلون.
وعبر القرون التالية لفت هذان الديران القديمان أنظار الكُتّاب والسياح في مبدأ الأمر ثم استقل كلاهما باهتمام الواحد بعد الآخر.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:09 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
منطقة القلمون

- منطقة القلمون
حدود موقع جبل قلمون (يبدو أن هناك عدة أديرة باسم قلمون وقد خلط الناس بين بعض هذه الأديرة والبعض الآخر. فبالإضافة إلى دير أنبا صموئيل بالقلمون كان هناك دير آخر في فلسطين بالقرب من نهر الأردن، ودير ثالث جنوب الإسكندرية، وقد أطلق الكُتّاب المسيحيون الأولون هذا الاسم على أماكن في سينا وبالقرب من سالونيك، كما كانت هناك قرية في الواحة الداخلة بهذا الاسم. والاسم يوناني ومعناه البوص والبوص هو نبات البردي الذي كانت تعمل منه أقلام البوص ومنها الكلمة العربية قلم. كاونبرج ص 110 ف.، هـ.1. وبلوك الواحة الداخلة نيويورك سنة 1936 ص 37 - 39، ص 1 P.I.) في الجزء الجنوبي الغربي من الفيوم وقد ذكره المقريزي على أنه جبل الغرق، وهذا الرأي يتفق مع رأى أبي صالح الذي يذكر أن جبل قلمون يقع أمام جبل ريان.
وتفيد المعلومات التي وردت بصفة رئيسية عن طريق الرحالة الغربيين في الفيوم في القرن الماضي أن منطقة القلمون هي وادي الموالح (الوادي المالح) (الجمعية الملكية الجغرافية بمصر - نشرة 18/ 1932" جنوبي وادي الريان المعروف جيدا.
والدير ذاته يقع شمال هذا الوادي على بعد نحو 34 كيلومترًا إلى الجنوب الغربي من "تاليت".
ويقع القلمون على بعد 50 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من نقلون وكان نقلون هذا يقع بالقرب من الفيوم على السفح الغربي لجبل سِدمنت على مسافة سفر ساعتين من الفيوم.
ويَذكرا كاتريميير في كتابه "ملاحظات على بعض موضوعات جغرافية مصر (باريس 1814) ص 27". أن الجبل يقع غرب بحيرة الغرق (يوجد أتوبيس من الفيوم للغرق يقطع المسافة في حوالي الساعتين ومن الغرق يقطع الزائر صحراء الفيوم راكبًا حوالي عشر ساعات حتى يصل لدير أنبا صموئيل الحال ويوجد طريق أخر من الزور مركز مغاغة).

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:09 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
وصف دير النقلون في القرن الثاني عشر

يشير أبو صالح الأرمني إلى الدير كما كان في سنة 1178م ويذكر في إيجاز أن له سورًا ويضم حدائق مزدهرة، وأنه كانت به اثنتا عشر كنيسة - وكان بالدير في ذلك الوقت مائة وثلاثون راهبا (يذكر كانريميير أن العدد كان 200 راهبًا).
والمرة الثانية التي جاء ذكر الدير فيها -وكانت على جانب من الأهمية- كانت عن طريق المقريزي سنة 1443 م، ويفهم منها أن الدير كان في أيامه في طريق الاضمحلال.
وقد ذكر المقريزي أن الدير كان لا يزال محاطا بسور وكانت به حدائق، ولم يرد ذكر الاثنتيّ عشر كنيسة.. لكن ورد ذكر بئرين واحدة داخل الدير والأخرى خارجه.
وهناك دليل آخر على شهرة الدير وهو تكريم الشخصيتين البارزتين من أعلام الدير وهو الأنبا صموئيل رئيس الدير، والأنبا ميصائيل السائح. وكان ذلك عن طريق عمل رسم كبير لهما في لوحة بهيكل السواح أو النساك بدير الأنبا مكاريوس بوادي النطرون،وهذه اللوحة المتعددة الألوان بها تسع صور للتسعة السواح المشهورين الذين سميت الكنيسة باسمهم. وكان أولهم من اليمين إلى اليسار الأنبا صموئيل وكان الثامن أنبا ميصائيل.
وقام برسم هذه اللوحة قس حبشي اسمه تكلا في سنة 1517م.
في عهد البطريرك أنبا يوحنا الثالث عشر (1482-1524 م.) حتى تحل بركة هؤلاء السواح ويكون الدير محروسًا وقائمًا بصلواتهم وتضرعاتهم (هوايت جزء 2 68-71).

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:10 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
المصادر التاريخية عن القلمون


من ذلك التاريخ إلى وقتنا الحاضر تقريبا لم يضف الكُتاب الشرقيون والغربيون إلا قليلا من المعلومات عن هذا الدير المشهور.
وقد استقى ولكنسون وكرزون واميلينو وكاتريمييو وبتلر وعلي باشا مبارك معلوماتهم عن أبي صالح والمقريزي.
ومعظم الرحالة في القرن التاسع عشر الذين يذكرون هذا الدير يقولون أنه كان مجموعة خرائب.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:11 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
المستندات عن جبل النقلون

أول إشارة وردت في المستندات عن دير نقلون بعد زمن أنبا صموئيل هي ما وردت في مستند المعهد الشرقي الذي أدى إلى هذه الدراسة، ومنها يرى أن الدير كان قد حصل على أرض مملوكة، متوسطة المساحة، واقعة في بولجوسون ومسجلة على أنها هدية من "توسانا" ابنة "بيسِنتي" ولكن هذه الملكية مهداه إلى ديرين: "نقلون وشالا" ويثير هذا الموضوع الصلة بين هذين الديرين (أنظر الفصل الرابع - في هذا الكتاب).
هل كان دير شالا يدار من دير نقلون - أو هل كان دخل الملكية المهداة مفروض توزيعه على الديرين؟
ويمكن الاستنتاج أن دير شالا كان أصغر من دير نقلون إذ أنه اضمحل واختفى تمامًا خلال القرون الثلاثة التالية.
ولم يكن موقعه بعيدا عن دير نقلون (المقريزي جزء 2 ص 55 عن أبي صالح ص 303) وفي الأغلب كان إلى الجنوب والغرب وربما كان أمام بحر الغرق حيث أنه كان واقعا في وادي بحر الطنبطاوي وعلى مرأى نفس الجبل الذي كان دير نقلون واقعًا عليه (أنظر الخريطة).

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:11 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
وثائق أثرية لها صلة بأديرة الفيوم

في مجموعة Moritz التي حصل عليها معهد الدراسات الشرقية بجامعة شيكاغو ثلاث وثائق بالعربية ترجع إلى القرن العاشر، اثنتان منها خاصتان ببيع عقار، أما الوثيقة الثالثة فهي عبارة عن هبة لدير الفيوم، ويبدو أن مثل هذه الوثائق المتصلة بالهبات للأديرة قليلة جدًا بالنسبة للوثائق الأثرية الأخرى.
إن هذه الوثائق الثلاثة خاصة بممتلكات تقع في بلد، "Buljusuk"، جنوبي الفيوم شمال ناحية "الغرق".
في الوثيقة الأولى وهى أقدم الوثائق "مرفورة" ابن خائيل ببيع بعض ممتلكاته إلى توسانة Tusanah بنت بسنتى، وفي الثانية وهى محررة بعد مضى ثمانية شهور من الوثيقة الأولى، ببيع أيضًا باقي ممتلكاته إلى كلبش Kalbash بن بقطر.

أما في الوثيقة الثالثة وقد حررت بعد الثانية بثلاثة شهور ففيها توسانة بنت بيسنتى تهب بعض ممتلكاتها لديرى "النقلون"و"شالا" في صحراء الفيوم في شمال شرقي Bursk - Buljusuk وننشر هنا نص الوثيقة الثالثة التي لها صلة بأديرة الفيوم.
نص الوثيقة
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تصدقه (تصدقت) به توسانة ابنة بسنت "سدقهد" (يبدو انه لقب كان مستخدمًا في المحررات القديمة ومن الصعب تفسيره) على كنيسة دير القلمون وميكائيل شلا الديرين الذين في الصحراء وهما يعرفان بالنقلون وشلا (شلا دير غير معلوم إلا انه يقبع Buljusuk) من كورة الفيوم، العرفة التي طباق قصر دركن (أي الخصبة المجاورة لقصر الرئيس ودركن تكتب أحيانًا طرخون وهي مأخوذة من الكلمة "أرخون" أي الرئيس) ابنت بسنت بحده وحدوده ونقضه (أي الأنقاض الخشب) وبنائه وأبوابه وجنينته وجميع مرافقه وطرقه وجميع حقوقه كلها وعلوه، وما اشتملت عليه حدوده وأحاطت به جدرانه صدقة لوجه الله عز وجل، قيمة بتلا (إضافة جرت إضافتها في المحررات الرسمية لا نستطيع أن نعرف معناها) لا تريد بذلك شكورًا إلا من الله وحده لا شريك له.
شهد على إقرار توسانة ابنة بسنت، بجميع ما في هذا الكتاب شهودًا يعرفونها نفسها واسمها، وإنها في صحة من عقلها وبدنها وجواز من أمرها، وهي صدقة مقبوضة محوزة لهذين الديرين تبة بتلا لا رجعة لتوسانة ابنت بسنت في هذا الصدقة ولا مثنوية (المقصود بها بدون شروط أو تحفظات بشأنها) إلا وهذه العرفة (بقعة الأرض الخصبة) وعلوها صدقة لوجه الله لهذين الديرين، تبة بتلا، شهد على اقرار توسانة ابنت بسنت سدفهد في صحة من عقلها وبدنها وجواز من أمرها طائعة طالبة راغبة غير مكرهة ولا بجبرة بلا علة بها من مرض ولا غيره وذلك في شهر جمادى الأول من سنة ست وثلاثين وثلثماية شهد على ذلك، شهد بولس بن اسمعيل على جميع ما في هذا الكتاب وكتب شهادته بخطه، شهد يوسف بن اسمعيل على إقرار توسانة ابنت بسنت بجميع ما في هذا الكتاب وكتب شهادته بخطه وحسبه الله ونعم الوكيل.
صح هذا الوثيقة بحضرة محمد بن عبد الله وذلك في شهر شوال من سنة ثلاثين وثلثماية هـ.
وهناك وثيقة أخرى وجدت في خطاب باللغة القبطية كتبه شماس مكاريوس يبدو انه ترك وحيدًا في نقلون،فقد أرسل له "مكروبيوس" حمارًا وطلب منه أن يعرج إلي الشمال ويبقى هناك حتى يتم البناء وطلب إليه أن يحضر معه بعض المؤن والغطاء ينام عليه.
ولم يكتب أي تاريخ على الخطاب ولكن حيث أنه يحتوى على كلمة "أمير" فانه في الغالب كتب في العصر العربي..
واللهجة البحرية للخطاب والإشارة إلى الشمال قد تفيد أيضًا أن "مكروبيوس" كتبه من "نتريا".

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:12 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
أقوال المؤرخين عن دير نقلون

كتب أبو صالح عن دير نقلون وبالمقارنة بروايته لدير "قلمون" يتضح بسهولة أن دير نقلون ولو انه كانت له شهوة قديمة إلا انه كان أصغر من دير قلمون.
وكان بدير النقلون كنيستان وبرج واحد بينما أن دير قلمون كان به أثنتا عشر كنيسة وبرجان. وكانت الكنيستان على أسمي ميخائيل وغبريال، الأولى داخل سور الدير والثانية خارجه، ولم يذكر شيء عن دخل الدير أو أملاكه أو عدد رهبانه.

ويذكر المقريزى أن دير غبريال كان معروفًا أيضًا بدير الخشب وأن أحد الاحتفالات بالدير كان يجذب إليه الكثير من مدينة الفيوم وأماكن أخرى - وكان الدير واقعًا على طريق يؤدى إلى مدينة الفيوم ولم يكن هذا الطريق يستخدم إلا قليلا.
وهناك إشارة أخرى لدير نقلون بدون تاريخ وجدت في السنكسار الحبشي cuna[arion، يرجع تاريخ كتابتها إلى المدة بين حياة أبي صالح وحياة المقريزي، وتذكر أن جسد أنبا كو Kaw كان في دير نقلون. وقد كان "كو" راهبًا استشهد في اثناء اضطهاد دقلديانوس ودفن في مدينة "بيماى" التي ولد فيها حيث بنيت كنيسة على اسمه.
أما عن زمن نقل جسده إلى نقلون وعن السبب في هذا فيمكن استنتاجه - فالأنبا "كو" الراهب المشهور بالفيوم، فالمرجع أن جسده نقل إلى مقر راحته الأبدي في ديره.
ودير نقلون مثل دير قلمون قد ذكر بين الثلاثة عشر ديرًا التي كانت بالفيوم والتي أشار إليها المؤرخون.
وهناك إشارة أخرى مهمة لدير نقلون يرجع الفضل فيها إلى ملاحظات "فانسليب" التي أبداها في أثناء زيارته للدير سنة 1672 م.،فقد كان أول من اكتشف مخطوطا عربيا لقصة "أور" ومنه استنتج ما رواه عن أصل كنيسة الدير. (راجع أيضًا الفصل الأول).
وجد "فانسليب" الدير تقريبًا مخربًا تمامًا إلا أن الكنيستين التابعتين له كانتا لا تزالان قائمتين. ولو انه لم يصف كنيسة الملاك ميخائيل إلا انه وصف كنيسة الملاك غبريال على أنها جميلة جدًا، وكانت جميع جدرانها مزدانة برسوم، وكان البهو الرئيسي بها مرتكزًا على أعمدة يتكون كل عمود من عدة أجزاء.
ويوجد غطاء مقبرة في دير الملاك مكتوب عليه:
"أيها المسيح الرب أعط راحة لنفس عبدك خرستوذورس- رقد في 25 برمودة".
هل يمكن أن يرجع تاريخ هذا القديس إلى عهد مكسميانوس او دقلديانوس وتبعًا لذلك يكون هو خرستوذورس الذي ارتبط اسمه بتيموثاؤس وثيؤفيلس والذي كان متصلا بدير قلمون حيث أن الثلاثة القديسين معروفون بأنهم قديسو الصحراء؟

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:13 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
أوراق البردي اليونانية عن أديرة الفيوم

وكانت هناك سبعة اديرة على جبل "لابلا" بالفيوم، ووجدت في القرن السادس ورقتان من أوراق البردي اليونانية في الفيوم وتاريخهما ما بين سنتي 512 و513م. (عن Nabia Abbot - مجلة الدراسات اليونانية جزء"3" 1800 (131 - 144) هـ، أ.، بل، لندن 1924 ص 42).
وفي كل من المستندين جاء ذكر اولوجيوس الذي كان راهبًا ميليتيًا، وكان يبيع الأديرة، وكان مركز الميليتيين عظيمًا في الفيوم إلى حد أن واحدًا منهم أصبح أسقفًا للإقليم سنة 227م (قاموس بوديبارت جزء 76104 ص 375،25).
وتبين هذه المستندات ان هذا المذهب كان قائمًا في الإقليم وفي البلاد بوجه عام.
وقد استمر هؤلاء في انقسامهم عن الكنيسة وكان بعضهم في الأديرة والبعض الآخر في الصحارى إلى عهد البطريرك ميخائيل الأول (744 - 768 و).
والأديرة التي كان اولوجيوس يبيعها كانت تقع على جبل لابلا.
ويقع جبل لابلا على حدود مدينة الفيوم.

وهذه هي حدود الدير الأول الذي بيع: إلى الجنوب جبل ودير القمص اندراوس والى الشمال دير القس "نهراوس"، والى الشرق الجبل، والى الغرب الطريق العام الذي يمر بدير بطرس الشماس.
وفيما يلي حدود الدير الثاني:
إلى الجنوب دير مجهور: إلى الشمال دير القس "نهراوس" والى الشرق الجبل (وكذلك الطريق من الدير ذاته واليه) والى الغرب الطريق العام الذي يمر بدير بطرس الشماس.
بهذا ذكرت ثلاثة أسماء لأديرة: اندراوس ونهراوس وبطرسن وهناك ثلاثة أديرة لم تذكر أسماؤها: الدير المهجور والديران اللذان قد بيعا.
وهناك دير سابع في هذه المجموعة وهو الدير الذي سمى دير "لابلا" الذي اشترى رهبانه ممتلكاته من اولوجيوس.
وهناك دير ثامن وهو دير الارثوذكسى "ماكروفيون" وهو الذي من اجله ترك اولوجيوس الدير الميليتى "لابلا" وهذا الدير الثامن أيضًا يقع على حدود مدينة الفيوم.
ويقول Nabia Abbot: وحيث أننا لا نجد وسيلة نستطيع بها أن نحدد موقع "لابلا"و"ماكروفيوس" فإننا لا نستطيع تبعًا لذلك إن نحدد موقع الواحد منها بالنسبة للآخر.
أسئلة تطرح نفسها للبحث:
ما مساحة هذه الأديرة، وأين كانت تقع الأديرة السبعة على جبل "لابلا" بالنسبة لبعضها البعض؟ هل كان دير "لابلا" ذاته هو الدير الرئيسي؟ (قد يكون شراؤه للديرين الآخرين دليلا على التقدم والازدهار) وهل كان متصلا اتصالا فعليلا بالأديرة الأخرى..؟ وهل اشترى رهبان هذا الدير "لابلا" الدير المهجور كذلك؟
هذه أسئلة لا نستطيع الإجابة عليها بصفة قاطعة ولكن من المحتمل أن توصل الأبحاث المستقبلة إلى بعض النتائج.
يقول (نابيا ابوت) انه يكاد يكون من المستحيل وجود سبعة أديرة لها مساحات معقولة على جبل واحد بالقرب من المدينة،ومساحة الديرين اللذين بيعا ربما يدل على مساحة الأديرة الأخرى، وأولها وصف على انه يتكون من الدير بأكمله مع جميع القلالي التابعة له وامتداد الأرض الواقعة أمام هذه القلالي، وحدد الثاني على انه الدير بأكمله مع كل القلالي التابعة له.
ويوحي هذا الوصف بأن الدير كان عبارة عن مجموعة من القلالي "Laura" أي الدير مكون من مجموعات أو صفوف من القلالي للرهبان النساك.
هكذا كان الوضع الديري في الفيوم من القرن الرابع إلى القرن السادس.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:14 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
أديرة الفيوم: مجد قديم اندثر

يذكر أبو صالح الأرمني انه كان هناك خمسة وثلاثون ديرا في الفيوم ومن المعروف انه في كل إقليم كان عدد الكنائس يزيد كثيرًا عن عدد الأديرة به.
وبدأت أديرة الفيوم تلعب دورا مهما في اختيار البطاركة، لكن أديرة نتريا ووادي هبيب كانت الأولى في تقديم مرشحين للبطريركية، فقد انتخب البطريرك "يوحنا الثالث" البطريرك الأربعون (677-686 م.) بعد نياحة البابا اغاثو من بين رهبان دير سيلا في الفيوم.
وفي الانتخابات البطريركية التي كانت عليها منافسة سنة 744 م.، قام الأنبا ابرآم أسقف الفيوم مع بعض الأساقفة في انتخاب الأنبا خائيل (744-768 م.) وهو احد رهبان دير القديس مكاريوس.
وبعد نياحة البابا يوحنا السادس (1216 م) كانت فترة فراغ الكرسي البطريركي مدة عشرين عاما اشتد فيها الخلاف بسبب من يخلفه. وعلى الرغم من المقاومة الكبيرة فقد ولى الكرسي المرقسي داود من الفيوم ورسم باسم كيرلس الثالث (1235-1243 م.).
كذلك انتخب البطريرك الـ88 أنبا غبريال الخامس (1409-1428 م.) من رهبان دير القلمون بالفيوم،وفي مدة رياسته فرغت خزينة البطريركية حتى انه كان يعتمد في المصروفات الضرورية على ما يجمعه من أولاده، وكانت الكنيسة الحبشية ترسل إعانة للكنيسة القبطية وفي عهده قطعت عنه، وكان إذا أراد أن ينتقل من مكان إلى آخر يسير على قدميه.
ودير أنبا شنودة وأنبا باخوميوس هما الوحيدان اللذان لم ينتخب من بين رهبانهما أيًا من البطاركة.
واستؤنفت حركة ترميم وبناء الأديرة على نطاق واسع في عهد بطريركية الأنبا مرقس الثالث (799-819 م.)، والأنبا يعقوب البطريرك الخمسين (819-830 م.)، وقد زار أديرة الوجه القبلي ويرجح انه زار أيضًا أديرة الفيوم، كذلك في عهد الأنبا يوساب (830-489 م.)..

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:15 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
ملاحظات عن الأديرة بالفيوم وتاريخها


في القرنين التاسع والعاشر كتب المؤرخون تاريخ الأديرة ووصف الحياة الديرية. ومن بين هؤلاء أبو الفرج الأصفهاني الذي كتب كتابًا عن الأديرة والشباشني الذي كتب كتابًا بنفس العنوان سنة 1014 م.
وهناك مذكرة قبطية كتبها شماس اسمه يوسف في سنة 1014 م. يقول فيها أنه هرب إلي دير القديس مكاريوس لأنه لم يكن هناك أمن إلا في هذا الدير (ص345 Evelyn white II).
وكتب أبو صالح الأرمني كتابه الذي يتضمن معلومات قيمة عن أديرة الفيوم.
يذكر أبو صالح الأرمني أنه كانت هناك ثمانية أديرة بالفيوم في زمنه:
* نقلون.
* قلمون.
* اسحق الدفراوي في اللاهون وكانت به كنيسة تشبه كنيسة قلمون.
* دير الإخوة في سيلا، الذي منه دعي أنبا يوحنا الثالث للبطريركية.
* دير السيجة العذراء في سيلا.
* دير الصليب في فانو
* دير تبودور.
* دير الرسل في افلاح الزيتون
وحيث أن كلا من القديسين اسحق الدفراوي وتيودور قد استشهد في عهد دقلديانوس فربما كان يرجع تاريخ هذين الديرين إلي أزمنة قديمة.
ودير العذراء كان في الغالب مطابقًا تمامًا لدير الإخوة في سيلا.
ودير الإخوة في أفلاح الزيتون ودير الصليب في جهة فانو هما الديران الوحيدان من بين الثمانية الأديرة، ليس لهما ما يبين زمن إنشائهما - ولكنهما كانا بلا شك ضمن ال35 ديرًا.
أما أبو عثمان النابلسي الشافعي من القرن العاشر للشهداء فقد ذكر 13 ديرًا وهي:
* دير أبي اسحق بجوار اللاهون
* دير سيلا قبلي سيلا
* دير العامل قبلي المدوة
* دير النقلون ويقال له دير الخشبة أو دير الملاك
* دير دموسيه
* دير بمويه
* دير فانو
* دير سنورس
* دير دسيا
* دير أنبا شنوده
* دير الصفا
* دير سدمنت علي اسم مارجرجس (ومنه بطرس السدمنتي)
* دير أنبا صموئيل
ومن الوصف الذي قدمه "جورج سالمون" يمكن أن نذكر 12 ديرًا،38 كنيسة - سبعة منها مخربة بدلا من الثلاثة عشر ديرًا والخمس وعشرين كنيسة،وخمس من هذه قد ذكرها كل من أبي صالح والنابلسي وهي أديرة:
* نقلون
* قلمون
* انبا اسحق في اللاهون
* دير الصليب في جهة فانو (المسمس دير فانو)
* أحد ديري سيلا (المشار إليه فقط بدير سيلا)
ولابد أن يكون أحد ديري سيلا اللذين ذكرهما أبو صالح قد اندثر.
و السبعة الأديرة الباقية من الاثني عشر أو الثمانية من الثلاثة عشر كما جاء في بيان النابلسي - من المحتمل أنها كانت قائمة في زمن أبي صالح ولكنها لم يكن لها أهمية في اعتباره كالسبعة أديرة التي ذكرها - وهذه الأديرة السبعة الإضافية هي:
* دير سدمنت
* دير سيمنوريس
* دير ديموشيه كان كل منهما بالقرب من قرية تحمل ذات الاسم
* دير بامويا
* دير دسيا
* دير الميل في العدوه
* دير الأنبا شنوده في منشأة أولاد عرفه.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:16 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
دراسة بيانات أبي صالح والنابلسي عن أديرة الفيوم

إن البيانين المشتركين لأبي صالح والنابلسي يقدمان لنا 15 ديرًا مختلفًا.
و يمكن أن نضيف إلي هذه الأديرة الدير المشار غليه في المستند رقم 3 أي دير "شالا" الذي لم يذكره أبو صالح، ولكن النابلسي ذكره ضمن بيان الأماكن الخربة والمهجورة - ولهذا فإنه من المحتمل أن يكون قد خرب قبل زمن أبي صالح.
وفي مجال النفوذ والسلطة الكنسية فإن الفيوم قد قدمت خلال هذه المدة شخصية بارزة هي شخصية بطرس أسقف البهنسا الذي ذكره أبو صالح أربع مرات علي أنه اشترك في تكريس الكنائس والأديرة في فسطاط مصر وبالقرب منها.
وكان أول ظهوره في سنة 1183 م. حين ذكر أنه احتفل بافتتاح دير كان خاصًا بالنسطوريين قبل ذلك ولكنه تحول غلي الجانب الأخر حيث أنه لم يتبق هناك من النسطوريين في مصر سوي واحد أو اثنين (أبو صالح)..
ولاضطهاد المماليك وانتشار وباء الموت الأسود سنة 1348 م. والمجاعة في سنة 1374 م. فقد شهد القرن الرابع عشر قلة المخزون بالأديرة المصرية جميعها ومنها أديرة وادي النطرون.

ويبدو أن أديرة وادي النطرون صمدت في الاضطهادات في أوائل القرن الرابع عشر أيام بطريركية يوحنا الثامن (1300-1320 م.)، ويوحنا التاسع (1320-1327 م.)..
وليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن كنائس وأديرة الفيوم نجت من الاضطهاد العنيف في سنة 1321 م. الذي كان من نتائجه تخريب عدد كبير من الأديرة والكنائس في جميع أنحاء مصر، وكذلك في أيام البابا مرقس الرابع البطريرك الرابع والثمانين..
ذكر "فانسليب" اثنين من الأديرة هما دير أبو لقلح الواقع في الصحراء شمال بحيرة قارون ودير العزب في منتصف الطريق بين مدينة الفيوم ونقلون.
و الدير الأخير مدفون في كنيسته جسد القديس العظيم أنبا ابرآم أسقف الفيوم (تنيح في 10/9/1914 م.).
"طوباك أيها البار أنبا ابرآم، وطوبي لمن يذكر اسمك في وقت الشدة والضيق، فإن طلباتك مقبولة أمام الرب يسوع.
ويذكر "كلارك" كنيسة للعذراء في دير العزب.
ويبدي "بوكوكي" ملاحظاته عن حالة الأديرة المهجورة بوجه عام فيقول أنه كان يسكنها قس أو اثنان من الكهنة المتزوجين ولكنه لم يذكر شيئًا عن الأديرة المعروفة حتى دير نقلون أو قلمون، ومع ذلك فهو يذكر ديرين في الإقليم الشمالي الغربي للفيوم،الأول يسمس "دير تحرك المياه" ويقع شمالي بحيرة قارون وقد بدا له المبني كأنه من البقايا الأثرية التي حولت إلي دير.
ويقول Nabia Abbot (17 لندن 1743 وصف الشرق).
من الصعب أن نقرر أن هذا الدير ودير أبي لقاح هما اسمان لدير واحد أو لديرين مختلفين، والدير الثاني ذكره بوكوكي وهو دير خرب مبني من اللبن علي بعد غلوتين أو ثلاث جنوبي قصر قارون علي بعد ستة أميال.
وجاء في الوصف ذكر دير آخر خرب هو دير زكاوه جنوبي شرقي مدينة الغرق.
وأخيرًا يضيف "فليندرز بتري" ديرا آخر إلي بيان الأديرة وهو دير "الحمام" علي بعد ثلاثة أميال شمال اللاهون - ويقول إن الدير قد أعيد بناؤه منذ عدة قرون ولكن هناك آثار لدير آخر.
ويذكر "جوهان جورج" ضمن الثلاثة الأديرة الصغيرة بالفيوم أيضًا (دير الحمام) وقد زارها سنة 1927-28- إذ أن الرحلة إلي الحمام قد قام بها في السنة التالية. وكان الدير عندئذ خربًا تمامًا.. وكان هيكل الدير مغلقًا.
ولكن روايته -مثل رواية بتري- تدل علي قدم الدير لأنه يذكر نقوشًا لأحد الأبواب تاريخها حوالي سنة 500م، كما يذكر نقوشًا من القرن السادس، ويذكر أن الكنيسة بنيت من نحو ألف سنة.
وكتب المتنيح القمص عبد المسيح المسعودي في كتابه تحفة السائلين ص 158.
"دير العذراء مريم ويعرف بدير "الحمام" (لابد أن هناك أسبابًا لتسمية هذا الدير دير الحمام خصوصًا وأن العذراء تسمي الحمامة الحسنة) بجهة جبل ناحية اللاهون وذكر في سجل الكنائس في كرسي الفيوم".
هذا وان الثلاثة أديرة التي ذكرها جوهان جورج: العزب والملاك (نقلون) والحمام، قال عنها أنها أديرة بدون رهبان ولكن كنائسها لا تزال قائمة.
كما أن "كلارك" يقرر أن هناك كنيستين فقط من الثلاثة كنائس: غبريال في نقلون، وكنيسة العذراء في العزب، وهما اللتان ذكرا في البيان الذي أعطاه له البطريرك كيرلس الخامس (1874-1927 م.).

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:17 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
بحث علي باشا مبارك عن أديرة الفيوم


هناك مؤرخ آخر خلاف المقريزي وأبو صالح هو علي باشا مبارك الذي خصص مكانًا كبيرًا للكنائس وأديرة مصر - ويذكر هذا المؤرخ تسعة أديرة:
* النقلون
* القلمون
* سدمنت
* الصليب في فانو
* العذراء
* الإخوة في سيلا
* اسحق في اللاهون
* تيودور
* الرسل
ويختلف عن أبي صالح الذي يحدد موقع الديرين الأخيرين أنهما في أفلاح الزيتون، ويحدد علي مبارك دير تيودور علي أنه في أفلاح الزيتون، ودير الرسل في مدينة الفيوم..
ويبدو أن علي مبارك لم يفرق بين كنائس مدينة الفيوم وكنائس وأديرة أفلاح الزيتون..
ويلقي المتنيح القمص عبد المسيح المسعودي في كتابه تحفة السائلين طبعة سنة 1922 م.، الضوء علي هذه الأديرة في منطقة الفيوم وقد ورد ذكرها في سجل الكنائس وأن عددها كان ستًا فيقول عنها:
* دير النقلون

ويقال له دير الخشبة ودير الملاك غبريال، وليس فيه الآن رهبان.. وذكره المقريزي ص 505 وقال "دير النقلون ويقال له دير الخشبة ودير غبريال ملاك وهو تحت مغارة في الجبل الذي يقال له طارف الفيوم.
ثم يقول المسعودي أن لعض رهبان الأديرة قد ذهبوا وتوحدوا مؤقتًا بجانبه في مغائر الجبل وقد زرناه وهو جنوبي مدينة الفيوم بعيدًا.
* دير السيدة العذراء مريم
بناحية العزب بمحافظة الفيوم وفيه كنيسة علي اسم العذراء وكنيسة علي اسم الشهيد مرقوريوس (أبو السيفين)، وفي هذا الدير يحتفلون بالقديس أنبا ابرآم أسقف الفيوم حيث دفن جسده الطاهر.
* دير داخله كنيسة باسم الشهيد تاوضروس بناحية دسيا بمحافظة الفيوم.
* دير داخله كنيسة باسم الشهيد "أبو السيفين" بناحية فديمين.
* دير داخله كنيسة باسم الملاك ميخائيل بناحية سنورس بالفيوم.
* دير العذراء مريم ويعرف بدير الحمام - بجهة اللاهون.
هذا وكانت الجيزة ملحقة بكرسي الفيوم وفصلت سنة 1929م، وذكر المتنيح القمص المسعودي في كتابه السالف الذكر ص 158-159 ديرين في الجيزة كانا يتبعان أسقفية الفيوم هما دير نهيا بالجبل الغربي وهو خرب الآن - ولم يذكر في سجل الكنائس (الذي عمل سنة 1887 م وسنة 1893 المحفوظ بالدار البطريركية بالقاهرة).
ويقول المسعودي أن البعض قد رآه وحدثنا عنه -وذكره المقريزي في ص 504 وقال "نهيا بالجيزة وديرها من أحسن الأديرة وأنزهها وأطيبها موضعًا وأجلها موقعًا -عامر برهبانه وسكانه، وكان له في فيضان النيل منظر عجيب، لأن الماء يحيط به من جميع جهاته، فإذا انصرف الماء وزرعت الأرض وأظهرت أراضيه أصناف الزهور، وهو من المنتزهات الموصوفة والبقاع المستحسنة وقد خرب هذا الدير.
ودير العذراء بناحية العدوية بالجيزة علي شاطئ النيل الأيمن وفيه كنيسة يصلون فيها وذكر هذا الدير في سجل الكنائس تبعًا لكرسي أسقفية الفيوم لأنه قبلًا كانت لها بلاد في الجيزة خارجًا عن الفيوم ولذلك كان يدعي أسقفها أسقف الفيوم والجيزة (ورد في ص 159 من تحفة السائلين ذكر دير الشهيد مارجرجس بطره، فيه كنيسة علي اسم مارجرجس، يصلي فيه الآن قسوس علمانيون،ذكر في سجل الكنائس تبعًا لكرسي الفيوم. وعلي الجبل شرقي طره يشاهد دير القصير من بعد وقد ذكره المقريزي وقال أن اسم دير القصير أي يحنس القصير، ودير البغل، وأنه كان عامر بالرهبان، وقد سمي أيضًا دير هرقل لما صار بيد الملكية وخربه الحاكم بأمر الله سنة 1010 م. ودير الشهيد مرقوريوس ويسمس أيضًا دير أنبا برسوما العريان واقع إلي الجنوب بين القاهرة وطرة عند بلدة المعصرة - كان قبلًا عامرًا بالرهبان، وأما الآن ففيه كنيسة يصلي فيها قسوس علمانيون، وذكر في سجل كنائس الفيوم. كما ذكر في سجل الكنائس تبعًا لكرسي الفيوم أيضًا دير القديس مرقوريوس "أبو السيفين" بناحية طره وليس فيه رهبان الآن بل كنيسة يصلي فيها قسوس علمانيون، وذكره المقريزي باسم دير طمويه. ودير القديسين قزمان ودميان بناحية منيل شيحه بمحافظة الجيزة، شمال دير أبو السيفين طموه، والشهداء هم قزمان ودميان وأخوتهما اكليموس ولاونديوس وايرابيوس وأمهم تاودوره.)
وهناك ديران آخران بمحافظة الجيزة هما:
دير الرسولين بطرس وبولس قبل أطفيح محافظة الجيزة وفيها كنيسة.
ودير فيه كنيسة باسم الأمير تادرس بناحية منا الأمير محافظة الجيزة.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:18 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
لمحة عن تاريخ دير انبا صموئيل منذ إنشائه حتى القرن 19


دير أنبا صموئيل القلموني هو الدير الباقي للآن من مجموعة الأديرة العديدة التي كانت بمنطقة الفيوم والتي بلغ عددها 35 ديرًا.
وقد ورد في سيرة أنبا محائيل البطريك 46 (743-767 م) "كان عند ابراهام أسقف الفيوم في كرسيه خمسة وثلاثون ديرًا بالفيوم وهو المتولي عليها". ويقع على بعد 85 كيلو مترًا جنوب غربي القاهرة. أما عدد الكنائس فكان يربو عن هذا العدد كثيرًا.
مما لاشك فيه أن منطقة صحراء الفيوم بما فيها جبل القلمون كان بها عدد كبير من النساك المتوحدين منذ القرن الرابع شأنها شأن سائر المناطق الرهبانية الأخرى في القطر المصري.
ورأينا أن أقدم دير في أديرة صحراء الفيوم هو النقلون (Naqlun) الذي كان يقع حوالي 15 ك. م. جنوب مدينة الفيوم، ويرد ذكره كثيرًا مع دير القلمون.
كان القديس أنبا صموئيل في القرن السابع، ولم يكن هو آبا أديرة الفيوم، لكنه كان مجددًا لدير القلمون وأمكنه أن يضم الرهبان تحت لو أنه بالقلمون، وكان مجمع الرهبان يضم 41 راهبًا، 14 منهم أتو إلى دير القلمون، وقرب نياحة القديس أنبا صموئيل يلغ عدد رهبان دير القلمون 120 راهبًا - وظل عامرًا بالرهبان إلى القرن التاسع.
كان بالدير قصران مبنيان بالحجارة وهما قصران كبيران متسعان، وبداخله ينبوع ماء، وينبوع ماء خارج الدير وكانت منطقة الدير تحوى أماكن كثيرة للعبادة، وكان بخارجه ملاحة، إذ كان الدير يبيع الملح، وداخله كان يكفى لسد الكثير من احتياجاته.

وفى القرن الثاني عشر كان بالدير حدائق مزدهرة واثنتا عشرة كنيسة وأربعة أبراج لها سور عالية منها بستطاع مراقبة الزائرين.
وقال ياقوت الرومي المؤرخ الشهير (القرن 13) في قاموسه الجغرافي:
إن دير القلمون كان شهيرًا ومعروفًا للناس.
ومن القرن الخامس عشر حتى القرن التاسع عشر فإنه من الصعب تحديد الزمن الذي فيه كان الدير خاليًا من الرهبان، لكن هناك دليلًا غير مباشر عن تدهور الأديرة في الفيوم يمكن أن نراه في عدم وجود أساقفة معرفين وفي خلو الكرسي لفترات طويلة من الأساقفة.
وروى فانسليب Vansleb سنة 1672 م. عند زيارته أنه كان على المسيحيين بالفيوم أن يتوجهوا إلى قرية " ديسيا" القرية القريبة منهم للصلاة، وكيف أنه لم يكن بالمنطقة كلها سوى كنائس قليلة وفقيرة.
وقد أمكن البطريرك غبريال السابع ال95 (1526-69 م.) تخصيص جزء كبير من وقته وماله لإعادة بناء الأديرة - وقد بدأت فترة ثانية للبناء امتدت إلى عهد البطريرك يوحنا السادس عشر 103 (1676-1718 م.).
أما في القرن التاسع عشر فقد زار الدير كثيرون من الرحالة الأجانب وكتبوا عنه. زاره:
Jiovani B.Belzoni & Frederic Cailiaud، كذا منطقة أديرة الفيوم وذلك في سنة 1819 م قال جيوفانى، في هذا المكان وجدت كنيسة كبيرة وديرًا ونقوش الحوائط محفوظة وثابتة وبالأخص نقوش الرسل الاثني عشر بالمذبح، وأن النقوش الذهبية لا تزال ترى، وقد كتب أن الدير لم يكن به رهبان.
وقد وصف الثاني حوائط الدير وقال أنه وجد ماء حلوًا لكن الدير كان خربًا متهدمًا وكان من الغريب أن نرى معالم الأبنية القديمة وآثارها.

جهود القديس العظيم أنبا ابرآم أسقف الفيوم (المتنيح سنة 1914) في إحياء الدير

بعد خراب هذا الدير زمانًا طويلًا حدث في أيام بطريركية أنبا كيرلس الخامس (1874-1927 م) وبفضل جهود القديس برياسة القمص النشط اسحق البرموسى قاموا بتعمير دير أنبا صموئيل في آخر القرن التاسع عشر - في سنة 1896 م.، وهكذا ابتدأت الحياة تدب في الدير.

مغارة أنبا صموئيل

كان رهبان جبل القلمون يقطنون في مغائر. ويذكر أبو صالح الأمني مغارة خارج الدير كان يقطنها راهب يسمى (مهنا) ولم يتركها قط نهارًا أو ليلًا، وكان يصوم طوال الأسبوع، وكان الرهبان يذهبون إليه لنوال بركته. وكان حول مغارته بعض النخيل المثمر. وكانت تقترب إليه وحوش البرية ولا تؤذيه، بل كانت تأنس إليه حتى أنه كان يطعمها بيده. وكانت الشياطين أيضًا تظهر له ولكنها لا تقترب إليه..
وقد قيل أن القديس أنبا صموئيل كان يصلى على الجبل بجهة الريان قبالة الدير.
وكانت مغارة أنبا صموئيل أهم المغارات وتقع على مسافة أربعة أو خمسة كيلومترات شرقى الدير.

كنائس الدير الحالية

والدير الآن به ثلاث كنائس القديمة الأنبا صموئيل، والكنيسة الجديدة وكنيسة السيدة العذراء - ويوجد في المنطقة الواقعة شمال غربي الدير كنيسة باسم الأنبا ميصائيل..

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:19 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
القديس أنبا صموئيل القلموني


حياته الأولى
ذكر كاتب سيرته القديس أنبا ايساك في المخطوطة الموجودة بدير البراموس التي يرجع تاريخها إلى سنة 299، ش وهى أنفس ما حفظه التاريخ عن حياته المقدسة أن مرارًا كثيرة هزته خواطره وخشية قلبه هزة روحانية جعلته يجتهد في تذكار سيرة القديس أنبا صموئيل المجاهد في الرهبنة، الكامل في الأعمال الفاضلة. أبى مجمع دير سيده " القلموني " من أعمال الفيوم، فكان ينظر إلى سعيه الروحاني وسيرته الفاضلة الملائكية ويتأمل بعظم اشتياق إلى سيرته، فالذين عاينوه وسمعوه شهدوا له بجميع أعماله البارة..

ثم يقول: لذا أنا الحقير أصدق وأحدث بما شهد لي به آبائي من أجل أبينا أنبا صموئيل البار الذي نعيد له اليوم (8 كيهك) لأني سمعت منهم عظيم فضائله وجهاده العجيب، هذا الذي تشبه سيرته سيرة العظيم انطونيوس، إذ سمعت نسكه وجهاده الحسن وشجاعته في الجهاد وسيرته المضيئة كنجوم السماء تحير في قلبي وأنا أقدم على كتابة سيرة المصباح المضيء خادم الرب أنبا صموئيل.
هذا القديس من الوجه البحري من قربة تدعى دقلوبه أو تكليو Tekylo بالقرب من مدينة تسمى بيلهيب Pelhip (ذكرت مخطوطة البرموس أنه من قرية تدعى أدكله "أي فلة") وهذه القرية هى مليج النصارى الآن مركز شبين الكوم، وسابقًا من كرسي مصيل. ولد سنة 597 أو سنة 598 م. (ايفلين هوايت) كان والده قسًا محبًا لله يدعى سيلاس وأمه تدعى فسميانه، وكانا غنيين في هذا العالم سالكين بالروح مثل رئيس الآباء إبراهيم لأنهما كانا محبين للفقراء والغرباء، وكان بابهما مفتوحا لكل أحد. وخصص بمسكنهما مكان للمرضى وذوى الأسقام والأرامل والأيتام يوفرون لهم فيه سبل العناية والعلاج والراحة، وكانوا يخدمونهم باجتهاد من أجل عظم محبتهم في السيد المسيح.
وكان والد القديس وزوجته قد طعنا في السن ولم يكن لهما ولد سوى أنبا صموئيل، ولما بلغ من العمر اثنتي عشرة سنة، وكان قد تربى تربية حسنة وأعطاه الله حكمة ومعرفة وكان يصوم كل يوم إلى المساء مواظبًا على الصلوات الليلية والنهارية رسم قارئًا، ولما بلغ من العمر ثمانية عشر عامًا رسم شماسًا وأصبح مسئولا عن كنيسة بناها أبوه.
ولما كبر أراد والده أن يزوجاه لكنه رفض ولم يوافقهما بل صارحهما بأنه يريد أن يكون راهبًا. وكانا إذا ألحا عليه يبكى قائلًا: "اتركوني وشأني فيما اخترته ولا تضيقوا على الخناق لئلا انطلق ولا ترونني..".
ولما كان أبواه يخافان الله بالحقيقة فإنهما سرًا بهذه الرغبة ولم يقاوما إرادته ولم يعودا يذكرا له شيئًا يتعلق بأمر زواجه وتهلل قلبهما لأنه سوف يكون لهما غرس مبارك في الحياة الأخرى.
تنيحت أم القديس فاهتم به والده وكان يصلى ليعرفه الله حقيقة أمر واله، وفيما يصلى ذات يوم ظهر له ملاك الرب وأعطاه السلام وطمأنه قائلًا: "صموئيل ابنك سيصير راهبًا مختارًا، ويكون عظيمًا أمام الله، ويقبل آلا مًا كثيرة من أجل أسمه، ويكون له أولاد كثيرون، والرب الإله يبارك زرعه ويكون تذكاره إلى جيل الأجيال"،وأوصاه أن يستعد لملاقاة الرب بعد أيام. ففرح والد القديس بالرؤيا وأطمأن قلبه من أجل ابنه. (من مخطوطة بدير السريان، والكرازة أكتوبر ونوفمبر سنة 1966 م.).
وهكذا افتقد الرب والده وانتقل من هذا العالم إلى نياح الأبرار في شيخوخة صالحة وكان عمر القديس صموئيل وقتئذ حوالي 22 عامًا.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:20 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
انطلاق الأنبا صموئيل إلى برية شهيت ورهبنته ورسامته قسًا

إنه وإن كان والداه قد سرًا برغبته المقدسة في الانطلاق إلى البرية إلا أنهما لم يكونا راغبين في أن يفارقهما ابنهما الوحيد الحبيب، وهكذا أقام معهما حتى انتقالهما من هذا العالم وبعد هذا عزم القديس على التوجه إلى برية شيهيت، ففرق أمواله على الفقراء والمساكين وخرج من هذا العالم باختياره -حوالي سنة 615 م. أو سنة 619 م.- قبل أن يخرج منه قسرًا، وتوجه إلى جبل شيهيت. كان يصلى متضرعا قائلا: "أطلب إليك يا رب أن ترشدني وتسهل طريقي لأكمل إرادتك " فأرسل الرب له ملاكًا نورانيًا في شبه شيخ راهب ليوصله إلى البرية وأعطاه السلام، فقد سأله: "أين تتوجه أيها الأخ " قال: إني قاصد جبل شيهيت بمشيئة الرب لأصير راهبًا فعزاه الملاك وقواه وسار معه نحو الجبل المذكور، ولما قربا للبرية تركه الملاك، وكان في ذلك الزمان راهب يدعى أنبا أغاثون يقيم في مغارة فظهر له ملاك الرب قائلا، هوذا يقبل إليك شاب يدعى صموئيل فاقبله بفرح وسيره راهبًا فإنه سوف يكون إناء مختارًا وسيبلغ خبر نسكه إلى جميع الأقاليم.

فقام القديس أنبا أغاثون لوقته والتقى بالقديس أنبا صموئيل وتبادلا السلام بقبلة مقدسة وقبله الشيخ قائلًا: "حسن قدومك يا ابني صموئيل، الرب قد أرسلك إليَّ لتكون لي معينًا عند شيخوختى. فانحنى له القديس قائلا لتدركني صلاتك يا أبى وتصيرني راهبًا، فوعظه وعزاءه وعلمه طريق الرهبنة، وهكذا لبس إسكيم الرهبنة المقدس ونفذ كل قوانين الرهبانية في طاعة كاملة، ملازمًا الأصوام والصلوات والتقشف والنسك، وكان يخدم الآب اغاثون في شيخوخته ويعتني به في محبة كاملة وعناية فائقة..
ويقول في ذلك Evelyn White إن القديس أنبا صموئيل ذهب إلى شيهت في 615 م. أو سنة 619 م. وأرشده شيخ مسن في الصحراء إلى دير القديس مكاريوس، ومن أعلى تل عال بين دير مكاريوس الكبير المحاط بالقلالي ودير القديس أنبا يحنس القمص أشار الشيخ إلى كهف في صخرة يسكن فيه راهبًا ناسك عظيم أسمه أغاثو ذهب صموئيل إلى هذا الكهف واستقبله أغاثو استقبالا طيبًا، وبارك الشيخ المسن الملابس وغطاء الرأس والحزام المصنوع من الجلد وألبس صموئيل إياها قائلا: إله آبائنا القديسين مكاريوس وأنطونيوس ليكن معك ولتكن أنت تلميذًا لهؤلاء، ثم علمه التواضع والصمت والمحبة والصدقة ودوام الصفح والمغفرة للمسيئين..
كان دائمًا ينظر إلى سيرته ويقتفي أثره متشبهًا به في جهاده ونسكه وكان يسوم مرتين في الأسبوع ولا يأكل الخبز في الصيام الكبير ويتناول العشب وازداد في نسكه وجهاده مما كان له أبلغ الأثر على زملائه الرهبانوقد رسم قسًا على كنيسة الأنبا مكاريوس وصار مرشدًا وأبًا لجماعة من الرهبان.
وبعد ثلاث سنوات مرض الآب أغاثو زهاء ثلاث شهور وهكذا تنيح أبوه الروحاني.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:21 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
موقف المقوقس إزاء أنبا صموئيل



https://st-takla.org/Gallery/var/albu...nfessor-14.jpg
ولما تولى المقوقس حكم مصر من قبل الدولة الرمانية أيام رئاسة البطريرك 38 أنبا بنيامين (622-611 م.) أخذ في اضطهاد الأرثوذكسيين في كل مكان لإجبارهم على الخضوع لقرارات مجمع خلقيدون المنعقد سنة 451 م، ولطومس لاون ولم تسلم البرية من الأذى، وكان عدد الرهبان قليلا إذ لم يكن قد مضى زمن طويل على الدمار الذي الحقة البربر في هجومهم الرابع. وكان البابا بنيامين الثامن والثلاثين قد ترك أديرة وادي هبيب وذهب إلى مصر العليا واختبأ في دير صغير في البرية حتى تم انقضاء عشر سنوات كما قال له الملاك.
أرسل المقوقس قائدًا يدعى أريانوس، وكان القديس أنبا صموئيل بلغ 34 عامًا عندما دخل المقوقس الإسكندرية ليطارد البطريرك القديس أنبا بنيامين. وكان مع المقوقس مائتان من الجنود. توجه القائد إلى الكنيسة الكبيرة التي للقديس مكاريوس الكبير ببرية شيهيت، وأمر جميع رهبان الجبل المقدس أن يجتمعوا ومعهم أنبا يحنس قمص البرية، ولكنهم لم يجده لأنه كان قد هرب إلى الصحراء الداخلية ليخفى كنوز الكنيسة وفاجأه البربر وأسروه وأخذوه إلى بلادهم.
ثم جمع رسول المقوقس الإخوة وأمر أن تتلى عليهم رسالة المقوقس لقبول طومس لاون، ثم أمر شماسًا أن يوجه للرهبان السؤل التالي:
"أتؤمنون هكذا كالمكتوب في رسالة الإمبراطور لاون" أما هم فسكتوا، فكرر عليهم القول، وفي ثالث مرة لم يجيبوا بشيء. فأغتاظ القائد وجنوده وصاح: "أما تتكلمون بشيء أيها الرهبان العصاة؟ وللوقت نهض القديس أنبا صموئيل مؤثرًا تقديم نفسه للموت وقال بشجاعة: "ماذا تريد من الرهبان، لن نقبل قرارات مجمع خلقيدونية ولا طومس إمبراطور، وليس لنا بطريرك إلا أبينا القديس أنبا بنيامين،. ثم أنه طلب الرسالة ولما أعطيت له وجه حديثة إلى الرهبان قائلا: "يا آبائي لا تخافوا ولا تقبلوا هذا الطومس، محروم مجمع خلقيدونية، ومحروم "لاون " المخالف، ومحروم كل من يؤمن بأمانته " ثم أنه أسرع ومزق المكتوب الذي أرسله المقوقس فاستشاط القائد وجنوده غيظًا، وأمر بتعذيبه بوحشية بأقسى ألأنواع العذاب فانهالوا عليه ضربا بالسياط، وفي أثناء تعذيبه أصابت إحدى الضربات عينه اليمن ففقاتها، وكانت الدماء تسيل منه بغزارة على الأرض، وكان يتحمل كل هذه الآلام بصبر جزيل.
ولما رأى القائد ذلك هدأت أعصابه وخفت غضبه وأمر الجنود أن يكفوا عن ضربه وقال له: "اعلم فقأ عينك هو الذي خلصك من الموت إني لمكتف بذلك"،وللوقت أمر اثني عشر جنديا أن يخرجوه وتلاميذ من جبل شيهيت فحمله تلاميذه بين حي وميت ولجأوا إلى الجبل فوضعوه على الأرض، وكان تلاميذه يبكون لكثرة الآلام التي يحس بها القديس أنبا صموئيل وكان على حافة الموت. كانوا يبكون قائلين، الويل لنا عما قليل سوف يسلم أبونا الروح..
ولما انتصف الليل إذا ملاك الرب قد ظهر وهو يلمع بالنور وأمسك الملاك بيد القديس وقواه وعزاه وشفاه من أوجاعه، وللوقت ردت إليه قوته وقال له الملاك: "قم وامضي إلى إقليم الفيوم واسكن في الدير المسمى القلمون، هوذا قد نلت إكليلًا لأجل جهادك على حفظ الإيمان المستقيم وسوف يكون لك إكليلان آخران، أحدهما في إقليم الفيوم ولآخر في كورة بعيدة وبعدئذ تنال الفرح الدائم في ملكوت السموات ويدوم تذكارك". ثم اختفى عنه الملاك.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:23 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
القديس أنبا صموئيل في جبل القلمون

طابت نفوس تلاميذه بسبب هذه الرؤية، ولما رأوا معلمهم قد شفى قاموا بصحبته وكانوا يسيرون بإرشاد الرب إلى منطقة الفيوم وهم يرتلون تحت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصياد، الفخ انكسر ونحن نجونا بعون الرب خالق السماء والأرض. وكان التلاميذ هم أنبا يعقوب وأنبا يوساب وأنبا سلون وأنبا سلوانس.
مضى جميعهم إلى إقليم الفيوم وسكنوا في دير القلمون المقدس، وهناك كانوا يواظبون على تلاوة المزامير والتسابيح ويقطعون سكون الليل في التراتيل الروحية.
مواهب الشفاء وتوحد القديس
ولما رأى جميع الإخوة الذين في الدير (ذكرت مخطوطة دير البرموس.. فلما رأى جميع الإخوة الذين في دير "النقلون" بدل القلمون حيث جسدت خلط بين الديرين السابق الكتابة بشأنهما".) هدوءهم وسكونهم مجدوا الله قائلين لقد استحق ديرنا كرامة عظيمة بحضور هذا القديس وأولاده الروحانيين، وقد منحه الرب مواهب الشفاء فكانوا يأتون إليه بالمرضى يشفيهم حتى ذاع صيته ليس في جبل القلمون (المخطوطة ذكرت النقلون) فحسب بل في منطقة الفيوم كلها. فكل من كان به مرض أو سقام كانوا يأتون به إليه، وكان يشفيه باسم الرب يسوع الإله الحقيقي..
ولما رأى كثرة الناس المحيطة به رغب في التوحيد ليتفرغ للاختلاء بالله -رغب في الابتعاد عن الكل ليلتصق بالواحد- فصنع له مغارة شرقي الجبل من الناحية البحرية تبعد عن الدير نحو ميل واحد ولم يكن يعرفها أحد، وصار يختلي فيها طوال الأسبوع عدا يوميّ السبت والأحد حيث كان يحضر إلى كنيسة الدير لتناول الأسرار المقدسة. كان يعمل بتعب في صنع الشباك وكان إذا حضر إلى الدير يحد كثيرين مجتمعين عند باب الدير.
المقوقس يتعقب رهبان الفيوم

بعد كمال سنة وكان الهدوء يرفرف على الدير وساكنيه وإذا المقوقس يجد في طلب الآب البطريرك أنبا بنيامين 38، ويتعقب الرهبان ليجبرهم على الاعتراف برسالة لاون والمجمع الخلقيدوني.

وانطلق المقوقس إلى إقليم وهناك أمر بنشر القرار الخلقيدوني وتلاوته في المدينة، ثم انتقل إلى الأديرة. ولما رأى القديس أنبا صموئيل ذلك جمع رهبان دير القلمون وكانوا نحو 260 راهبًا (مائتان وستون) ومكث وقتًا طويلًا يخاطبهم بكلام الله ويعلمهم بما فيه منفعة النفس وطلب إليهم باتضاع قلب قائلًا:
"أطلب إليكم يا آبائي وأخواتي الأحباء الذين أحبهم بالحق أن تطيعوا كلامي وتستمعوا إلى تعليمي ومشورتي، فلنطاق كل واحد منكم إلى حيث يشاء وتختفي أيامًا قليلة حتى ينجينا الرب يسوع من الاعتراف الرديء لمجمع خلقيدونية، وأنا أؤمن أنه إن أطعتم فإن الرب سوف يديركم ويظلل على مساكنكم بسلام.
أطاع الرهبان قوله وودعهم بسلام، واختفى هو أيضًا مع تلاميذه، وفي صباح اليوم التالي إذا طلعت الشمس هرع ثلاثة من الجنود إلى دير القلمون لكي يمهدوا الطريق للمقوقس، فلم يجدوا أحد من الرهبان في الدير سوى البواب فقط فأخذه الجند وانطلقوا به إلى المقوقس وأخبروه أننا لم نجد أحدًا في الدير سوى هذا الراهب البواب فأتينا به،سأله المقوقس عن الرهبان وسبب هروبهم واحتفائهم فلم يرد أن يقر بشيء في بادئ الأمر، فأمر بضربه إلى أن يخبره بالحقيقة ومن شدة العذابات التي لاقاها روى قصة هروب أنبا صموئيل ورهبان الدير، وكيف أن القديس جمعهم ووعظهم وحثهم على الفرار ففعلوا كذلك.
ولم يكن هناك يد من مغادرة الجنود لمنطقة دير القلمون، وعاد القديس أنبا صموئيل والإخوة بعدئذ إلى ديرهم بسلام. لكن المقوقس ورجاله كانوا يضمرون السوء الرهبان وعلى رأسهم أنبا صموئيل، ووصلوا إلى مدينة الفيوم وهناك بث العيون في كل مكان وطلب المقوقس ضرورة إحضار أنبا صموئيل فورًا أنما وحد مكبلًا بالأغلال. فاقتادوا القديس كمجرم وطوق اليدين إلى خلف وفي عنقه سلسة، وسار معهم وكان وجهه يتلألأ بالنور السمائي وكان يقول " لعلى في هذا اليوم أكون مستحقًا لسفك دمى على اسم يسوع".
ولما مثل القديس أمام المقوقس اشتد حنقه وغيظه عليه وأمر الجند أن يضربوه بعنف وضراوة إلى أن تشرب الأرض من دمه وكان يخاطبه بتهكم "أنت صموئيل الغير ناسك، مَنْ الذي أقامك مدبرًا على الأديرة؟ ومَنْ أمرك أن تعلم الرهبان أن يختفوا من الدير ولا يخضعوا لأوامر الإمبراطور".
حينئذ رد القديس على الفور يجب أن يطاع الله أكثر من الناس وينبغي لنا نطيع رئيس أساقفتنا أنبا بنيامين من أن نطيع تعاليمك فأمر أن يضرب على فمه وقال له سوف أؤدبك وأعلمك أن تتكلم حسنًا لأنك لا تكرم السلطان. فلم يعره القديس التفاتا وحينئذ عذبه الجند عذابًا شديدًا وأمر بإخراجه من جبل القلمون (ذكرت المخطوطة جبل النقلون) وقال له مادمت لا تخضع لأوامري فاخرج من أديرة هذه الأقاليم.
وبينما القديس أنبا صموئيل في ضعف كثير إذا ملاك الرب ظهر له وابرأ جميع جراحاته وقال له قم وأصعد إلى جبل "دقناش" وأقم هناك مع تلاميذك، وهكذا خرج من جبل القلمون وكان سائرًا وهو يرتل ويصلى، وكان يعزى تلاميذه قائلا جيد لنا أن نقيم زمان حياتنا كلها متعبين مع الأمانة المستقيمة التي لآبائنا الأرثوذكسيين من أن نتركها ونشارك مخالفي الإيمان.
ولما سكنوا في جبل دقناش كانوا في هدوء عظيم متفرغين للصلاة والصوم وتلاوة المزامير والسهر بلا كلل أو ملل.
وكان القديس أنبا صموئيل في كل وقت يعظ ويعلم أن الصلاة والصوم هما خلاص النفس، وهما خصومة الخطية، وهما مطهران من الخطايا، وأنهما سلاح المجاهدين وسيرة الملائكة، بهما يطردان الشياطين حسب المكتوب أن هذا الجنس لا يخرج إلا بالصوم والصلاة. الصوم والصلاة جعلا موسى يخاطب الله فمًا لفم، وبهما سار إيليا وإليشع على مياه الأردن. وخلص بولس من غرق البحر وهو ماض إلى رومة وظهر له ملاك الرب وعزاه وقواه.
وكل من يريد أن يحيا حياة الرهبنة الصحيحة فليطهر نفسه بالصلاة والصوم، وبغير الصلاة والصوم لا يخلص الراهب من الخطية.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:23 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
رحيل القديس صموئيل إلى أحد الوديان القريبة

حدث بعد هذا أن سمع صوتًا أرشده إلى الوادي الذي يسكنه، هتف به أن أخرج من هنا واترك تلاميذك واصعد إلى البرية التي أريك إياها فأسرع القديس ملبيًا النداء بعد أن قال لتلاميذه إني منطلق إلى البرية وسوف أتغيب عنكم زمانًا يسيرًا فأقيموا أنتم في هذا الجبل وانتظروني إلى أيام البصخة المقدسة التي لمخلصنا الصالح فإني آت إليكم بإرادة الرب وسترونني، وإن لم آت فلا تدخلوا البرية طلبًا للبحث عنى لسبب أو آخر.

وهكذا صلى مع تلاميذه وفارقهم في السادس عشر من شهر مسرى يوم عيد صعود سيدتنا والدة الإله، وتقدم داخل البرية، وكان يسير ولا يعلم له مستقرًا ولكنه كان واثقًا بقدرة الله على كل شيء. وهكذا تشجع وتقوى بالرب وكان يصلى بلا فتور وهو فرح متهلل بالروح القدس مرتلا مع داود النبي قائلًا، عرفني يا رب الطريق التي أسلك فيها، وأيضًا نورك وعدلك هما يهدياني ويأتيا بي إلى جبل قدسك ومسكنك المعد.
واستمر سائرًا حتى بلغ واديًا فيه نخل كثير وبه كنيسة صغيرة فوقف يصلى هكذا قائلًا " أيها الرب الضابط الكل الكائن في النور الذي لا يدنى منه أسمع صلاتي واستجب طلبتي بحقك أنت الذي ظهرت لأبينا إبراهيم ووعدته باسحق.. ظهرت أيضًا لعبدك موسى بحبل حوريب وخاطبته قائلا: اخلع نعل رجليك لأن الأرض التي أنت واقف عليها أرض مقدسة، أعلمني يا رب ما أصنع وماذا ينبغي أن أعمله".
وفيما هو يصلى سمع صوتًا لا تخف فإني معك، هوذا إني معطيك هذه الأرض ميراثًا لك ولزراعك الروحاني من بعدك، وعوضًا عن العزاء بالبنين الجسدانيين يعطيك الرب شيوخًا أبرارًا.
دخل القديس الكنيسة الصغيرة وكانت مهجورة متراكمة عليها الرمال فأقام أيامًا كثيرة يجد في تنظيفها، ثم اكتشف مساكن قليلة حولها متهدمة مغطاة بالرمال، فشرع في تنظيفها أيضًا،وهكذا أقام القديس في الكنيسة الصغيرة وكان يرفع صلوات وطلبات كثيرة ويمجد الله الذي هيأ له مسكنًا في البرية وكان طعامه من ثمار النخل بالوادي.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:24 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
هجوم البربر وأسر القديس صموئيل

حسد الشيطان القديس على جهاده ومثابرته فوثب عليه قائلًا: "الغوث منك أيها الراهب.. تركت لك العالم ألم يكفك حتى أتيت إلى هذا المكان، لأحاربنك بكل عنف".
ثم هجم ليضربه بكل قوته فبسط القديس للحال يديه وصلى قائلًا: "الرب نورى وخلاصي ممن أخاف.." فاختفى عنه الشيطان.
وبعد أيام نزل قوم من البربر إلى الوادي من ناحية الغرب، ولما رآهم القديس قلق وأراد أن يختفي عن أبصارهم لكن الرب لم يسمح بذلك حتى يعظم أجره وإيمانه، وسمع القديس صوتًا: "لا تخف بل أدخل إلى الكنيسة واصمت فإني لا أدعهم يرونك، ففعل".
ثم دخل البربر إلى الكنيسة وفي أيديهم سيوف مسلولة وهم يصرخون، فما أن وقع بصر القديس عليهم حتى خاف. لكنه رأى جرأتهم في البيعة والمذبح المقدس فأخذته الغيرة المقدسة ووبخهم بشدة. أما هم فقالوا: "أتجلس هنا ولم نرك؟" ثم أمسكوه وسألوه عن آنية الكنيسة. أجاب وقال لهم لا توجد ههنا أوان ولا إنسان ولم يكن لي إلا وقت قصير قد سكنت في هذا المكان.
ولما سمعوا منه هذا القول ضربوه ضربا مبرحا وهم يسوقونه طالبين منه أن يسلم انية الكنيسة، ثم أرنقوه في عمود البيعة بمنتهى القسوة، وكانوا يعذبونه بضراوة حتى أشرف على الموت. ولما تعبوا من ضربه ولم يجدوا شيئًا حلوًا وناقة فسقط على الأرض ولم يستطيع القيام من كثرة الضرب، فأمسكوا برجليه وجروه بقساوة عظيمة إلى أن مضوا به حيث جمالهم، وحملوه على ناقة ليأخذوه ويسيروا به إلى كورتهم.
يا للأعجوبة التي حدثت فإن الناقة لم تتحرك من مكانها وكانت في حالة تهيج شديد وقطعت حبالها المقيدة بها، فتقدم إليها البربري وضربها كثيرًا لكنها لم تستطع بل رقدت على الأرض والقديس يمتطيها، فأنزلوه منها فعند ذلك وثبت قائمة وكانت تجرى.

ثم إنهم حملوا القديس أنبا صموئيل على الناقة ثانية فلم تمش وضربوها فلم تتحرك وغضب صاحب الناقة وأمسك بالقديس وطرحه أرضًا واستل سيفه ليقتله، فأمسك به أحد رفاقه قائلًا له: لا تصنع به ذلك بل اطرحه في هذه البرية وهو يموت وحده، وهكذا طرحوه في الجبل ومضوا إلى كورتهم.
وأصاب القديس أنبا صموئيل هزال شديد وتهشمت أعضاؤه عندما طرحوه عن الناقة، وظل يتحامل على نفسه وهو يسير حتى وصل إلى الكنيسة، ومع كل هذا كان قوى القلب شاكرًا الرب يسوع قائلًا مع بولس الرسول: من يفصلني عن محبة السيد المسيح أشدة أم ضيق أم اضطهاد.." أيضًا كما هو مكتوب إننا لأجلك نُمات كل يوم، وحسبنا كحملان للذبح.."
وهكذا أقام في الكنيسة وحده في عبادة حارة ونسك زائد،وفي ذلك الوقت كان البربر يجتازون في البرية يطوفون الأماكن وينهبون أموال الناس الذين يقطنون في الجهات القريبة منها ويسبون من يقدرون عليه إلى كورتهم..
وبينما كان البربر ماضين في طريقهم إذ بهم يصلون إلى جبل القلمون حيث كان القديس أنبا صموئيل بالحديقة قبلي الكنيسة ينظف النخل، فأحاطوا به وأمسكوه وضربوه ضربًا أليمًا وربطوه وحملوه ثانية وأخذوه إلى كورتهم أسيرًا.
يا لعظم الأتعاب التي يقبلها القديسون لأجل ملكوت الله.. ويا لعظم الانزعاج والشدائد التي صبر عليها القديسون من أجل المسيح..!! ويا لعظم التجارب والضيقات التي أحاطت بهم من كل ناحية..!!
ما أعظم مجد البطاركة والأنبياء والرسل والقديسين وما أجل كرامتهم.. أنهم يضيئون كالشمس في ملكوت أبيهم.. باعه البربر كعبد لأحد كبارهم، وبتدبير من الله اتفق أن يتم ذلك في طريق القرية التي بيع فيها أنبا يوحنا قمص شهيت فأرسل القديس أنبا صموئيل أيرعى الجمال.
وإذ كان يمضى إلى الحقل كان يجتمع مع أنبا يوحنا القمص وكانا يتحدثان بكلام الله ويعزيان بعضهما بعضًا عن الأتعاب التي قبلاها. وكانا يصليان صلوات كثيرة بطلبات وتسابيح روحية ويعطيان المجد السيد المسيح في كل وقت لأنه وجعلهما مستحقين أن يجتمعا في كورة بعيدة عابدة للأوثان. كان أنبا يوحنا يقول له: طالت مدة الأسر. كن في غاية التشدد والحفظ يا أخي لئلا يكلفك هؤلاء البربر بالسجود للشمس وكن قوى القلب وتشجع في كل ما سوف يصنعونه بك، لقد ضربوني ضربًا كثيرًا واحتملت عذابات مبرحة، وهذه هي عادتهم إذا ما رأوا طلوع الشمس يديرون وجوههم للشرق ويسجدون للشمس قائلين: حسنًا قدومك يا سيدنا الشمس لأنك أضاءت علينا من ظلمة الليل، وقبيل الغروب يديرون وجوههم إلى الغرب ويسجدون لها قائلين: "يا سيدنا الشمس تمضى وتتركنا في الظلمة الليل أسرع وأطلع وأضئ علينا.."

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:24 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
تجارب الأنبا صموئيل في الأسر

حدث بعد ذلك إن ملأ الشيطان قلب مولاه البربري وصار يرهق القديس بالأشغال المتعبة،وأصعده إلى سطح بيته وقت شروق الشمس وقال له: "تعال أنت أيضًا أسجد للشمس إله البربر". لكن القديس ثبت قلبه بإيمان عظيم بالله وقال له: لا أسمع لقولك ولا يكون لي هذا أن أسجد للشمس.
فغضب جدًا وأمسك بالقديس في عنف وأصر على ضرورة السجود للشمس. قال له القديس: لا أسجد للشمس التي خلقها الله لتضئ المسكونة والخدمة البشر، فشق أجد البربر ثيابه لما رأى تصميمه وقال لبربري أما ترى ذلك؟ فلطم القديس لطمات كثيرة وضربه وطرحه أرضًا مر يدًا قتله. لكن الرب الضابط الكل لم يسمح لهم بذلك بل قواه ثبته بيده العزيزة.

يا أبانا القديس أنبا صموئيل شهيد المسيح: "أنك استشهدت دفعات كثيرة من غير أن تنزع عنقك أيها المعترف والمجاهد على الأمانة الأرثوذكسية، نسأل ونتضرع إليك أن تسأل الرب عنا لكي يصنع معنا رحمة ويغفر لنا خطايانا".
وبعد الضرب الموجع أوثقوه في اسطبل الجمال وتركوه مربوطا مدة خمسة أيام دون طعام أو شراب، ولم يعد البربري الموكل به يكلفه السجود للشمس.
ولما رأى أنبا يوحنا قمص شيهيت تعاظم قوة ذلك البربري على أنبا صموئيل وانه قد ضعف جدًا في وثقه، قلق وحزن جدًا وتقدم إلى البربري (سيده) وألح عليه في السؤال أن يمضى إلى البربري الموكل بالقديس أنبا صموئيل، ثم أنه مضى إليه وسأله في أمر القديس فأطلقه إلى الحقل ليرعى الجمال، وأقام نحو أسبوعين في مكان القديس أنبا يحنس قمص شيهيت الذي كان يتوافر على خدمته بكل اجتهاد، وكانت يجسمه جراح من كثرة الضرب.. وأن الرب الرءوف المتحنن تراءف عليه وشفاء فتعزى قلبه من أجل راحة جسده وتقوى بالرب.
وكان القديسان يرعيان الجمال ويمجدان السيد المسيح نهارًا وليلا وبصلوات كثيرة مكملين الخدمة حسنًا وكأنهما من العبيد متممين قول الكتاب: العبيد فليطيعوا مواليهم بكل خوف ليس للأخيار فقط والرحومين لكن وللأخر المعوجين أيضًا..
ورغم احتمال القديس كل ما كان يصيبه من أذى في صبر كامل، فإن عدو كل بر لم يرقه ذلك لكنه كان يسهر حاسدًا لينزل بالقديس شر بلية، فطرح في قلب مولاه أن يدبر له أخطر تجربة ممكن أن تخطر له، وأشار عله أن يزوجه بأحد الجواري التي ترعى الغنم ليكون له منها عبيدًا، وطلبت هذه الفكرة الشريرة لقلب مولاه ودبر الخطة لذلك.
ولما آتى القديس من الحقل بعد رعى الجمال وعادت الجارية أيضًا من رعى الغنم وكانت شريرة وقوية في البنية حتى أنها كانت تحمل حمولة ضخمة من الحطب على رأسها إلى الكورة لا يقدر أقوى الرجال على حملها، دعا البربري القديس أنبا صموئيل وقال له: "خذ هذه لتكون امرأة ولك السلطة عليها فاصنع ما شئت ويكون لك بها عزاء في غربتك وتلد منها بنين"!!
استنكر القديس ذلك بكل قوته وقال: إني راهب ألبس إسكيمًا طاهرًا ولا أستطيع أن أنجس إسكيمي..
قال له البربري وهو يغمض عينيه ويحرك رأسه: "أيها العبد لسوء أتريد أن تخالفني أيضًا كما فعلت فيما مضى حين رفضت عبادة الشمس، أما تعلم أنى مولاك أصنع بك ما أريد؟ أطع قولي وإلا تموت موتًا رديئًا في يدي".
قال له القديس: "أنا عبد للمسيح وإني مستعد للموت والتعب وكل ما يأتي به على وأمامك النار والسيف وكل ما تريد أما أنا فلن أدنس جسدي..".
أجابه البربرى قائلًا: "بما انك تستعد للموت فلن ادعك تموت سريعًا وسوف أربطك في شجرة السنط وأتركك لتموت جوعًا وعطشًا إذا لم تحبرني بأنك تتزوج هذه الجارية، ثم ربطه بقسوة وتركه أيامًا كثيرة يعانى الجوع والعطش..
غير الشيطان شكله وصار في شبه شيخ بربري واجتاز وقت المساء كأنه ضيف عند ذلك البربري الذي يستعبد القديس وقال له " لم تركت الرجل مربوطًا إلى هذه السنطة وقد أشرف على الموت؟ " قال: "انه لا يطيعني ويتزوج الصبية الجارية، من أجل هذا صنعت به هذا الأمر لكي يموت".
قال له الشيطان " لا تقتله فتسخر ثمنه لكن اسمع منى مشورة نافعة واصنع به كما صنع غيرك بأحد العبيد وكان راهبًا أتوا به من ديار مصر،أراد أن يزوجه بامرأة كما أرادت أنت، ضربه ضربا قاسيا وحبسه معها في موضع واحد أياما كثيرة فلما لم يوافقه ولم يقدر عليه.. أخذ قيدًا من الحديد وجعله في رِجْل الجارية اليسرى وجَعَلَ رِجْل الراهب اليمن في القيد معها ورأسهما مربوطين إلى الحقل يرعيان الجمال، فيمشيان معًا ويرقدان والقيد لا يبارح رجليهما حتى حبلت الجارية..
فلما سمع البربري تلك المشورة سر كثيرًا وظن أنه شيخ يعلمه، فنفذ المشورة وجعل الحديد في رجل الجارية ورجل القديس وقال لهما امضيا وارعيا الغنم. وكانت الجارية تسحبه هنا وهناك وبعد أن أطلقوا الغنم إلى الحقل خرج قطيع آخر من البلد وراحا يختلطان جميعًا فأسرعت الجارية لتفرقهما وكان القديس لا يستطيع الجري معها بسبب ما أصابه من الوهن نتيجة العذاب والجوع والعطش عند ربطة في السنطة.. فلطمته بقوة -وكانت جارية شريرة فاجرة- وقالت له: تراني أجرى خلف الغنم، أما تجرى معي حتى لا يضيع الغنم ويعاقبنا سيدنا، وأخذت تقذفه بأبشع السباب وتسحبه بقساوة القلب..

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:26 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
معجزات الأنبا صموئيل المعترف في الأسر

إزاء هذه التجربة الخطرة والضيقة العظيمة التي وقع فيها قلق جدًا وكان يقول في نفسه: حقًا أن في هذا خزيًا عظيمًا لي، وكان يتأوه ويبكى بكاء مرًا ويمزق أعماق قلبه مصليًا هكذا: "اسمع يا رب صلاتي وأنصت إلى تضرعي، من أقاصي الأرض صرخت إليك عند حزن قلبي، اسمع يا رب تنهدي وصغر نفسي وخلصني من هذه التجربة الشريرة التي لا يقوى على خلاصي منها إلا ذراعك القوى وقوتك غير المغلوبة. أصنع معي معجزة وارحمني وخلصني.."
1. شفاؤه شاب مقعد وطفل
وبينما هو كذلك إذا ملاك الرب ظهر له قائلا: "لا تبك، في القرية التي تدخلها مقعد مولود من بطن أمه كذلك وأبكم، المقعد لم يمشى قط والأبكم لم ينطق قط، وسوف يطلبون إليك شفائهما فابسط يديك إلى الرب وابتهل لأجلهما والرب سيمنحهما الشفا ويتمجد بك في هذه المعجزة".
كان المقعد عمره 18 سنة يسأل صدقه وظهر له الملاك في هيئة إنسان وقال له امض إلى شرقي القرية تجد صموئيل عيد سكرادس ورجله في الحديد مع الجارية. هو يصلى لأجلك ويمنحك الشفاء بقوة الرب يسوع. فلما سمع المقعد ذلك فرح فرحًا شديدًا وأتى إلى القديس. حينئذ صلى القديس وأمسك بيد المقعد. فقام على رجليه وانطلق إلى داخل القرية فرحًا ممجدًا لله.
ثم أنت امرأة عجوز وعها طفل عمره ست سنوات وكانت أصابع يديه ملتصقة بعضها ببعض وهو أبكم لا يتكلم، وبصلاة القديس عاد الطفل صحيحًا معافى.

للوقت انحل الحديد مثل الشمع على النار وسقط من رجل القديس. أما الجارية فإنها خرست ونزلت بها شدة عظيمة ولحق بها مرض عضال أفقدها قوتها حتى أن خوفًا عظيمًا اعترى أهل القرية كلها.
ولما بلغ الخبر رئيس القرية قال لكبرائه. أن كان هذا الإنسان جعل المقعد يمشى والأخرس يتكلم فهو يستطيع أن يصنع الشر بكورتنا، فلنرسله بسرعة إلى كورته ولا نعود نمضى إلى كورة مصر دفعة أخرى ولا نأتي بأحد منهم إلى ههنا.
2- شفاء الجارية
حينئذ أتى البربري الذي جعل القديس أنبا صموئيل عبدًا له هو وامرأته وعبيده جميعًا لكي ينظروا ما كان، فلما رأوا الأعجوبة أخذهم خوف عظيم، وأمسك البربري بيد القديس وأدخله إلى بيته ولم بعد يثقل عليه بشيء حتى كان يمضى من ذاته إلى الحقل يرعى الإبل.
وبعد أيام كثيرة والجارية مقعدة خرساء تتلوى من العذاب أيقنت أن ذلك الشر العظيم لم ينلها إلا بسبب القديس، فأتت إليه وأمسكت بقدميه وقبلتهما طالبة إليه ببكاء شديد لكي يشفيها، فصلى عليها وبصلاته أنعم عليها بالشفاء، فوقع على مولاه "سكرادكس" خوف عظيم هو وجميع بنيه وكان يقول هذا إنسان سمائي روحاني.
وهكذا خلص من التجربة العنيفة المدمرة ونجا من الجارية الشريرة التي حاربته كثيرًا وضربها الرب بالمرض.
إن الذين يسيرون مع الرب يسوع ويتمسكون بحب الطهارة ويحملون نيره الحلو يخلصهم من كل تجربة ويحفظهم من كل سوء كما يقول المرنم في المزمور "كثيرة هي أحزان الصديقين ومن جميعها ينجيهم الرب.." وكما يقول أيضًا، جزنا في الماء والنار وأخرجتنا إلى الراحة،وأيضًا قوله: .. الفخ أنكسر ونحن نجونا.
3- شفاء امرأة سكرادكس
وبعد أيام مرضت امرأة "سكرادس" وأنتاب جسدها قروح كثيرة وكانت تصرخ من شدة الألم، وكانت تحمل وتواضع "الشمس" لكي يبرئها ولم يحصل لها شيء من الراحة بل كانت تزداد ألمًا وكانت حالتها تنتقل من سيئ إلى أسوأ بسبب "الشمس" خاطبت زوجها قائلة: "لماذا لا نتبع هذا الرجل الروحاني لكي يشفيني أفضل من أن أظل هكذا حتى أهلك".
قال لها زوجها أنا أخشى سيدنا الشمس لئلا يغضب علينا وعلى جميع أولادنا. قالت: "ليتني أشفى من أوجاعي المرة وليأت ما يأتي" فاهتم بالأمر وأحضر القديس أنبا صموئيل إلى القرية وحين رأته امرأة سكرادكس صرخت ببكاء قائلة: حسنًا قدومك يا صموئيل الرجل الصالح، أشفى كما شفيت الأخرس. ابتدأ القديس في الصلاة لأجلها طالبًا من الرب يسوع شفاءها، وشفيت من جميع أسقامها وكمل المكتوب، يضعون أيديهم على المرضى فيشفون.
ولما نظر البربري ذلك وان امرأته شفيت من مرضها صرخ قائلا: "واحد هو إلهك وليس إله سواه وطلب إليه بحرارة أن يصفح عن كل ما صدر منه من إساءة".
واعترفت المرأة وقالت لا أعود أسجد للشمس لأنه لم يبرئني من مرضى وأشارت على زوجها أن يطلق سبيل القديس ليذهب إلى كورته.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:34 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
إطلاق أنبا صموئيل وعودته للدير

أخذت المرأة بعد شفائها تحدثه في أمر أنبا صموئيل والعجائب التي صنعها ليذهب إلى حيثما شاء وقالت له لئلا نجزيه فيغضب علينا ويهلكنا مع جميع أولادنا..
وقال البربري لأنبا صموئيل: "حقًا إن إلهك عظيم لأنه منذ أول يوم دخلت فيه إلى بيتي حلت فيه بركة عظيمة، جمالي وخيراتي وعبيدي قد كثرت.، ولآن لي طلبة واحدة، وهى أن تصلى لأجل امرأتي ليكون لها ولد لأنها عاقر ولم تلد قط، لنا هذا الغنى العظيم لكننا محرمون من النسل..
ثم أطلقه قائلا له فلتذهب بسلام إلى حيث تشاء، وإذا أحببت المضي إلى كورتك فأنا أعينك على ما تشاء.. ثم إن القديس أقام خمسة أسابيع أخر يرعى الإبل ويجتمع مع أنبا يحنس في الحقل نهارًا وليلًا ولم يشأ أن يفارقه ويتركه وحده في تلك الكورة، حتى قال له: "حيث أن الله عتقك أيها الأخ الحبيب فلا تمكث ههنا بسببي لكن اذهب إلى مكانك الذي أعده الرب لك، وصلى لأجلى فيه فقال له القديس أنبا صموئيل: "تَحَفَّظ يا أخي فإن كل ما حل بي سيحل بك، سيجعلون الحديد في يديك مع امرأة كما صنعوا بي أيضًا. تحفظ، لا تدع الشهوة تقوى عليك لكي تخلص، وسوف يأتي بعد ذلك رجل خلقيدونى ويبيعونك له" يأخذك ويمضى بك إلى إحدى المدن، وإن أنت صبرت على الأمانة فهو يطلقك بسلام.
ثم استودعه وقبلا بعضهما بعضًا والدموع تنهمر أنهارًا من أعينهما فعيا قليل يفترقان ولن يرى القديس صموئيل في الجسد.
ولما أخبر سكراديس البربري أن يرده إلى دير القلمون الذي كان فيه أرسل معه بعض عبيده الذين أوصلوه بسلام وعادوا إلى مولاهم بعد أن قطعوا سبعة عشر يومًا في الطريق (أرى الثقة موقع البربر The Mazices في واحة سيوه أو بالقرب منها، ويستند E.Amélineau في هذا الرأي إلى حد كبير على ما ذكر من أن رحلة الأنبا صموئيل من مكان الأسر إلى الفيوم استغرقت ستة عشر يوما وهى مدة تكفى للسفر بين المكانين،وهناك دليل آخر يذكر أن الغزاة الذين أغاروا على شيهيت في القرن السادس قد جاءوا على أي حال من الغرب وليس من الجنوب الغربي لأن الأسرى الذين أسروا في ذلك الزمان يبيعوا كعبيد في بلتابوليس (كلمة يونانية بنتا = خمس يوليس = مدن) والأقاليم الساحلية في شمال شرقي أفريقيا) وهكذا رجع القديس أنبا صموئيل إلى دير القلمون ولما دخل الكنيسة الصغيرة بسط يديه شاكرًا لله وصلى هكذا قائلا: "أشكرك أيها الرب الإله ضابط الكل إذ جعلتني مستحقًا أن أعود إلى هذا المكان دفعة أخرى ولا أموت بل أعيش وأحدث بعجائبك. إن إلى الأبد رحمتك. أدبا أدبني الرب وإلى الموت لم يلمني. تباركت أيها السيد أيها الممجد والقدوس في كل شيء لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الآبد آمين".

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:36 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
ظهور السيدة العذراء مريم للقديس الأنبا صموئيل وذيوع صيته

وفيما كان القديس يصلى وقع سبات ورأى رؤيا عظيمة. رأى السيدة العذراء الطاهرة مريم قائمة شرقي الكنيسة الصغيرة وبيدها اليمن قصبة من ذهب وحولها أناس يمجدونها، فقاست الناحية الشرقية ثم الغربية والقبلية والبحرية ثم رأى كرسيًا عظيمًا قد وضع هناك في موضع الذي قاست فيه، وأسرعت العذراء مريم وجلست على الكرسي وقالت هذا مسكني إلى الأبد أحل فيه لأني أحببته ومن الآن أضع لي مسكنًا في هذا الجبل فأحل فيه مع ابني صموئيل.. أنى أحببت المقام مع صموئيل من أجل طهارته وأبقى معه ههنا.
بعد ذلك سألها الرؤساء النابعين لها قائلين يا سيدنا أترى البربر يأتون إلى هنا دفعة أحرى؟ قالت: لا يكون ذلك بل ابني الحبيب يحفظ صموئيل ويثبته من أجل الأتعاب التي قبلها، قالت هذا ثم اختفت.
فرح القديس صموئيل بالرؤيا فرحًا عظيمًا وسبح قائلًا: "تمجيدات قيلت لأجلك يا مدينة الله إلهنا" ثم توجه إلى جبل "دقناش" الذي سكنه سابقًا وأتى بتلاميذه إلى المكان الذي أعده الرب له.

وأصلحوا الكنيسة الصغيرة والمساكن التي حولها واعتنوا بعيون الماء وزعوا قمحًا وحبوبًا وبارك الله الزروع وأقاموا زمانًا يعيشون من غلة زراعتهم، ولم ينزل أحد منهم إلى الريف لأجل حاجة يقضيها.
وذاع صيت قداستهم في المنطقة وفي الأقاليم المحيطة بهم وكانوا يقولون بعضهم لبعض إن نساكا كبارًا سكنوا في برية القلمون وحدود الفيوم، حتى أن الله منع مجيء البربر إلى الريف بسبب صلواتهم وعظيم إيمانهم.
وهكذا تطهرت الطريق إلى القلمون لكل أحد من المخاوف، وتكاثر تلاميذ القديس جدًا ومنهم يسطس وأبللو وقد ذكرنا طرفًا من أخباره.
وبنى الكنيسة باسم السيدة مريم في المكان الذي جددته له، وجدد ديره وكان فيه اثنتان عشر كنيسة وكانت مساحة مبانيه 12 فدانًا، كما اتخذ القديس له مغارة شرقي الدير للاختلاء فيها..
ولما بلغ خبر القديس أنبا صموئيل سكن "القلمون" انتقل أربعة عشر راهبًا وسألوه أن يقبلهم فقبلهم بفرح عظيم في الشركة كأولاده وكانوا خاضعين له في محبة روحية، وكانوا يطلبون خلاص نفوسهم.
وضع ملاحات ليعمل فيها الرهبان.
ثم أتى إخوة آخرين من جيل "دقناش" فقبلهم القديس في الشركة بفرح أيضًا،وسمع أنبا اغريغوريوس أسقف القيس وأنبا يعقوب تلميذه وأهل مدينته خبر القديس أنبا صموئيل فأقبلوا إليه لزيارته. ولما اجتمع الأسقف مع القديس وتحدث إليه رأى نعمة الله على وجهه ومحبة الله ظاهرة في هيئته وعاين سمو وداعته واتضاعه.. وكان الأسقف مريضًا لكنه ما أن قابل أنبا صموئيل حتى زال عنه المرض وشعر بعزاء النفس وفرح الشفاء وهكذا صارت له ثقة كبيرة في القديس، وكذلك أنبا يعقوب تلميذه.
أقام الأسقف أربعة أيام في الدير يتعزى بكلام الله وبعد انقضاء هذه المدة أنطلق إلى مدينته وأرسل هدايا كثيرة.
وكان الدير ينمو ويتقدم يومًا فيومًا.
وكان الرهبان يزدادون في خوف الله والمحبة الروحية وبصلوات وطلبات وتسابيح قديسيه، وكانوا يتمثلون بجهاده.
وترهب سبة عشر راهبًا دفعة واحدة وكانوا مختارين من الله، وعرفوا بالاجتهات في سيرة الرهبنة وبالأمانة العظيمة.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:37 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
بناء الكنيسة على اسم السيدة العذراء

كثر أبناء القديس أنبا صموئيل الروحيين ونموا في خوف الله وكان يجتمع إليه كل يوم جماعة، وكان الرب يبارك جهادهم كالمتوب، يباركنا الله بكل بركة روحية في السماويات.
وهيأ لهم كل ما يحتاجون إليه لعمارة الكنيسة وعضده أنبا يوساب في كل شيء، وهكذا ابتدأ بالبنيان، وكان الرب يقويهم ويعضدهم ويعد لهم كل ما يحتاجون إليه.
وكان أنبا أبللو في الريف يعاونه الإخوة الرهبان وكانوا يحملون إليهم ما يلزم على الجمال، وسمع أراخنة جميع الأقاليم أن القديس أنبا صموئيل شرع في بناء الكنيسة في وادي القلمون، من أجل ذلك كانوا يرسلون مع أنبا أبللو من المدن والقرى كل ما يلزم الكنيسة من أدوات البناء طالبين بعظم أمانة البركة وصلاة القديس أنبا صموئيل، حتى تحل بركة الرب في بيوتهم ومخازنهم ومواشيهم..
حدث بعد ذلك أن سمع "متى" رئيس مدينة "بلهيت" مسقط رأس قديس أنبا صموئيل"أنه شرع في بناء البيعة ففرح جدًا لأنه كان يحب القديس. فما كان منه إلا أن حمل المراكب بأدوات العمارة والبنيان وشحنها إلى الدير.

وشهد الآباء انه أحضر 100 دينارًا وأتى بها إلى الدير، وثيابًا وملابس برسم خدمة الهيكل ولم يزال مقيمًا عنده حتى تمم البناء..
واهتم الإخوة بتكريس البيعة على اسم القديس أنبا صموئيل، فلما بلغه ذلك أجابهم قائلًا لا يمكن هذا بل تكون على أسم سيدتنا والدة الإله العذراء مريم مع الكنائس الأخرى الصغار ليكرزوا على اسمها في جميع شركتنا.
صدقوني يا أولادي أنه بعد أربعة أجيال يقيم الله رئيسًا في هذا الدير وهو يبنى بيعة ويكزها على أسمى. ولما سمع الإخوة هذا الكلام من رجل الله سكتوا ومجدوا الله على ما سيكون بعد زمان.
ولما أكملوا بناء البيعة أرسلوا في طلب أنبا يوساب الأسقف لتكريس البيعة فأتى بفرخ وصحبه أراخنة مدينة الفيوم. ولما دخل الأسقف إلى البيعة ابتهج فرحًا قائلًا أن هذا هو موضع غفران الخطايا. ههنا محل الله وملائكته، هذا المسكن الذي قدسه الله وفي وسطنا لا يزاول. حقًا كما سمعنا كذلك رأينا في مدينة إلهنا رب القوات، ثم قدم الأراخنة والرؤساء هداياهم التي أحضروها.
للبيعة كالمكتوب إن أراخنة أتوا بقرابينهم غلى الرب، ثم أقام الأسقف قداسًا وكرس البيعة على أسم السيدة العذراء مريم.
و أمر للوقت أن يأتون إليه بالقديس أنبا صموئيل رغمًا عنه وكرسه قسًا (من مخطوطة البراموس لكن حسب السنكسار René Bassé س 330 كان قد رسم قسًا على كنيسة القديس مكاريوس،ويقول Evelyn white في كتابه أديرة وادي النطرون ص252 " During this period he (Samuel) gained a great influence over his fellow monks and according to the Synaxarium (Basset p.330) was ordained a priest of the church of Abba Macarius…")
كما رسم القديسون ابللو، وأنبا شيشاى وأنبا سلوانس وأنبا تادروس وزكريا شمامسة خلا ستة آخرين كانوا مكرسين، لأن الأب أنبا صموئيل طلب إلى أنبا يوحنا أسقف الفيوم تكريسهم.
وشهد عن أنبا تاوضروس انه خاطب العذراء دفعات كثيرة لأجل طهارة نفسه وجسده فاستحق ذلك، وكذلك زكريا الشماس من أجل سيرته الحسنة.
هكذا تم بناء البيعة بفرح عظيم..

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:38 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
معجزة السيدة العذراء بالقلمون

وردت في الكتاب:
The Miracles of the Blessed Virgin Mary (Walis B udge P. 75 - 83)
القصة التالية فترجمنا بعض أجزائها.
كان بدير الأنبا صموئيل كنيسة جميلة على اسم سيدتنا الطاهرة القديسة مريم وكان بالحائط الغربي منها صورة كبيرة عجيبة وقد عاش في الدير قديس يدعى شالورا، وكان قس الدير في ذلك الوقت القديس أنبا اسحق، قلبه ثابت في سلام رئيس الملائكة غبريال لسيدتنا القديسة مريم وما برح بردد دومًا ليلًا ونهارًا التطويبات لسيدتنا العذراء واضعًا ثقة فيها ويؤمن أنها تخلصه بشفاعتها المقدسة المقبولة أمام ابنها الحبيب.
كان منكرًا لذاته جدًا مبغضًا للسبح الباطل، لا يتظاهر بالصوم أو الصلاة أو أية فضيلة بل يتعمد أن يظهر ذاته كأنه محدد الفهم حتى لا يعرف الرهبان الآخرون أعماله وما في طوبة نفسية، واعتاد أن يتصرف بطريقة جعلت الرهبان الآخرين يعاملونه باحتقار.
وحينما كان الرهبان يغادرون الكنيسة كان يتناول الفورة بعض الأعشاب والحبوب. ليخفى محبته للصوم، وكان يصوم بعدئذ حتى نفس الوقت في اليوم التالي وهو الذي يأكل فيه في حضور الرهبان. وإذا كان الرهبان يرونه يفعل هكذا. كانوا في أشد الأسف لحاله.. وظنوا أنه يأكل ثانية في الأوقات العادية وأنه لا يحفظ قانون الرهبان، فتذمروا ضده فيما بينهم.

ولما حان عيد ميلاد سيدتنا العذراء مريم، وكان يوم واحد أول الأسبوع اجتمع الرهبان في الكنيسة لكي يحضروا القداس ويحتفلوا بالعيد، وكان معهم الآب القديس أنبا اسحق وكان قس الدير وأبا الاعتراف.. ورأى الراهب الذي ذكرناه وعه القليل من الحبوب في يده كمن يريد أن يتناولها، فقال الآب اسحق للرهبان: "امسكوا هذا الراهب وخذوا منه البقول التي في يده واتركوه في الكنيسة".
أخذ الرهبان منه الحبوب في عنف طنًا منهم أنه مستهتر بالصوم وبقوانين الرهبنة وأمسكوه في قسوة، فقال لهم الراهب "يا سيدتي اقبلي صلاتي وطلبتي وخلصني، لقد وضعت ثقتي فيك، ومن وضع ثقته فيك لن يخزى أمام ابنك الحبيب، وخلع غطاء رأسه وألقى به في الكنيسة على الحائط الغربي.
وحدثت معجزة عظيمة وخرج الراهب إلى الصحراء عبر فتحة بالحائط وقد بقيت آثارها شهادة المعجزة التي صنعتها القديسة العذراء مريم.
ولما رأى الرهبان ما حدث تعجبوا عجبًا شديدا ثم خرج الرهبان لبحثوا عن الراهب في كل الأماكن الصحراوية، وفي المغائر ولكنهم لم يجدوه، وحزنوا حزنًا شديدًا وكانت قلوبهم متألمة، ووبخهم آب الدير كثيرًا لأنهم كانوا يحزنون الراهب كل حين في استهزاء وازدراء، حتى كان بعض الرهبان يتعدى عليه ويمعن في إهانته.
بعد أن رأوا هذه المعجزة اعترفوا باستقامته وانه كان يحب سيدتنا كلنا القديسة العذراء مريم ويضع ثقته فيها كما سمعوا منه حينما ذهب عبر الفتحة بالحائط. لقد علموا بالتأكيد أن للصلاة القلبية من نفس طاهرة مخلصة أفضل وأكرم من صلاة اللسان، كما قال الرب في الإنجيل المقدس: "متى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصلى في الخفاء، وأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية، ومعنى هذه الآية جمع العقل في الداخل، وفي هذا يقول أغلق بابك - يجب أن تغلق فمك وتصلى بقلبك، لأن صلاة القلب بنفس مخلصة منسحقة خير من صلاة اللسان حينما يكون العقل مشتتًا شاردًا.
الأفضل للإنسان أن يصلى بقلبه كما كان يفعل هذا الراهب في كل وقت، ولم يعلم بذلك أحد.
وقد ذهب الرهبان إلى الأسقف وأخبروه بكل هذه الأمور، ولما سمع الأسقف بدوره أعلم رئيس الأساقفة بما سمعه حين دفع الراهب بغطاء رأسه في الكنيسة وخروجه إلى الصحراء.
ولما سمع رئيس الأساقفة بهذه الأمور فرح كثيرًا وأرسل إلى دير الأنبا صموئيل بطلب غطاء الرأس لكي ينال بركة منه..
وكان الرهبان قد وضعوه في صندوق نمين بالكنيسة تذكارًا للمعجزة التي صنعتها القديسة العذراء مريم،وطلب أيضًا إلى الأسقف أن يتوجه إلى الدير بالقلمون ليبعث إليه به فأطاع وأخذ الغطاء من داخل الصندوق الذي تحفظ فيه كنوز الكنيسة وتبارك منه، ثم مضى إلى الحائط الذي انشق وأخذ بركة من الفتحة التي بقيت وسجد للرب يسوع محب البشر ثلاث سجدات وتبارك من الأيقونة المقدسة التي للسيدة العذراء، ومسح جبهته بزيت القنديل الذي كان مضيئًا باستمرار أمام الأيقونة وترك الدير..
وسمع الخبر في كل المدن والقرى التي حول الدير فمجدوا الله وطوبوا القديسة العذراء صاحبة هذه المعجزة إذا انشق الحائط دون معول وخرج منه الراهب إلى الصحراء.
شفاعات العذراء القديسة مريم تكون معنا آمين.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:38 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
معجزة أوعية الزيت للأنبا صموئيل

أخبرنا الآباء عن أرملة بمدينة البهنا تقيم مع ابنتيها العذارى كانت تهتم بإرسال ثلاثة أمطار زيت إلى البيعة كل عام.
وحدث مرة أثناء تقديمها الزيت كجاري عادتها أن تقدم الأب أنبا أبللو لحملها إلى المخزن. وبينما كان يضع الإناء وقع على آخر فانكسر الاثنان. حزن الأب أبللو جدًا وأسرع إلى أنا صموئيل وصنع له مطانية قائلا أغفر لي يا أبتاه القديس فقد أخطأت. قال له الشيخ القديس لا تحزن، الرب الذي أرسلها هو الذي يدبر، لكن اذهب واجمع الذي تجده، فأخذ أبللو معه اثنين من الإخوة ومضوا لحفظ الزيتفلما مضوا وجدوا الأوعية تفيض، فأتوا بأوعية أخرى فارغة فملأوها ببركة الرب وصلوات أنبا صموئيل.
وإن كان قوم لا يصدقون الأعجوبة فليسمعوا قول الكتاب عن إليشع النبي لأن أبانا أنبا صموئيل تنبأ أيضًا، فقد تقدمت إلى إليشع امرأة قائلة أعنى يا سيدي لأن رجلي توفى وعليه دين والمداين يأخذ أولادي ويجعلهم له عبيدًا. قال لها إليشع ماذا تريدين أن أصنع لك. وما في منزلك؟ قالت ليس لدى سوى قليل من الزيت في وعاء. قال لها اذهبي وخذي أوعية فارغة وادخلي إلى منزلك وصبى فيها الزيت الذي في إلى أن تمتلئ. فذهبت وصنعت كما قال لها النبي وملأت الأوعية، ثم أتت إلى النبي وأخبرته بما كان فقال لها اذهبي الآن وأفد أولادك وانفقي الباقي مع بنيك.
أرأيت الآن أن الذي عمل مع إليشع هو الذي عمل مع البار الأنبا صموئيل من أجل أن الله في كل حين يمجد في قديسيه.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:39 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
معجزة إقامة ميت للأنبا صموئيل

أرسل أنبا صموئيل بعض الإخوة إلى حصاد الحلفاء وصنعوا لهم خصًا صغيرًا في موضع عملهم. وكان في الدير أخوان توأمان وكانا طائعين لله ولأنبا صموئيل في شيء أحدهما هدره (تقول مخطوطة السريان أنه كان يقيم في الدير أخوان أحدهما يوحنا واسم الآخر اندراوس) والآخر هميسه، فأرسل هدره إلى حصاد الحلفاء ومن بعد أيام قلائل مرض، وكان الإخوة يرجون له الشفاء ويأملون أن يعافى اليوم أوفى غد، فلم يحضروا إلى الدير. ثم ثقل عليه المرض جدًا وأشرف على الموت فأخذ الإخوة دابة ليحملوه عليها إلى الدير فلم يستطيع الركوب من شدة المرض فتركوه وأرقدوه على حصيرة في الحصن. وأرسلوا أحد الإخوة ليخبر أنبا صموئيل بمرضه وأنه في حالة احتضار، فلما سمع الشيخ ذلك دعا أخاه وأخرين وأرسلهم إلى الريف قائلًا: قولوا للأخ هدره - يقول لك أبوك صموئيل قم احضر بسرعة لأراك لأني لا أشاء موتك خارج الدير.

خرج الإخوة من عند الشيخ، ولكن هدره تنيح في تلك الليلة التي خرجوا فيها، وكان القديس أنبا صموئيل يقيم صلوات وطلبات بدموع غزيرة ليلًا ونهارًا أمام الرب من أجله، وفيما هو قائم هكذا ظهرت له العذراء بشكل نوراني وقالت "لماذا أنت حزين القلب باكيًا؟ لقد تنيح هدره الذي قد سألت عنه فلتأيد قلبك وسيقوم ليأتي إليك ههنا وينظره جميع الإخوة - وبعد ذلك يتنيح بسلام فإني أكرمك كما مجدتني.
كلمته بهذا وصعدت إلى السماء بمجد عظيم، فلما فرغ القديس من الصلاة الشكر كان منتظرًا ما سيكون.. غسل الأخوة هدرا وأرقده منتظرين إذا بأخيه هميسه قد أتى والإخوة الذين كانوا معه، قدنا أخيه وقبل وجهه وبكى عليه بكاء كثيرًا قائلًا: ويلي يا أخي الحبيب لأن الآب قد أرسلني إليك لأوصلك إلى عنده، والآن قد وجدتك ميتًا،وفيما هو يقول ذلك فتح هدره عينيه وقال أدعاني أبى أنبا صموئيل؟ قال له نعم يا أخي هوذا هو يدعوك، وقفز للوقت قائمًا وكان كمن لم يمرض البتة. وابتدأوا يسيرون في الطريق التي أتى منها الإخوة، وكانوا يسألونه قائلين ماذا رأيت يا أخانا ومن الذي أقامك؟ قال لهم أخاف أن أظهر الأمر لئلا يغضب الرب.. ذهبت إلى مسكن عظيم وفيه كثير من القديسين..
قال له هميسه أخوه، ولماذا تركوك حتى رجعت إلينا، قال له أنبا هدره لأني حيث كنت هناك وجميع القديسين يفرحون معي، إذا إنسان مضيء مبجل صاح ثلاثة دفوع يا هدره هلم فإن أباك يدعوك، فتبعته وأنا فرح. فلما أخرجني إلى الباب رأيتك.
وفيما هم يتفاضون بذلك وصلوا إلى الدير، وكان أنبا صموئيل قد جمع الإخوة الذين بالدير لأنه علم بقدوم هدره.
فلما خرج الإخوة ونظروا هدره قبلوه جمعهم، فقال له أنبا صموئيل: حسن قدومك يا ابني المحب لله الذي اختاره الرب وقبله. ولما رآه هدره أسرع وصنع مطانية وقبله ثم اضطجع للوقت وأسلم الروح.
فدنا أنبا صموئيل من جهة هدره باكيًا قائلًا طوباك يا ابني لأنه قد فتحت لك المساكن العلوية.. طوباك لأنك صرت قربانا مقدسًا لله..
ثم أمر بتكفينه وأن يوضع في وسط البيعة، وأقاموا الليل كله يرتلون حوله. ولما كان الغد رفعوا عليه القربان وتقربوا ثم دفنوه وهم يمجدون الله على الأعجوبة التي كانت.

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:40 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
إقامة أبللو تلميذ الأنبا صموئيل مدبرًا

بعد ذلك كان الشعب يأتي من كل موضع ويتبارك من القديس أنبا صموئيل ويسألونه أن يعلمهم ما يجب أن يعملوه لأجل خلاص نفوسهم.
وكان يعلم الجميع كل واحد بما ينفع نفسه إلا أنه كان حزين القلب لكونهم لم يتركوه يتفرغ للاختلاء مع نفسه، وكانوا يتبعونه جدا لكن الروح القدس كان يرشده لما ينفع نفوسهم. ثم أتى القديس أنبا صموئيل بالآب أنبا أبللو في الوسط وأقامه على الدير مدبرا على جميع الإخوة وأعطاه سلطة لكي يصنع كل شيء مثله، وصار أبونا القديس صموئيل في هدوء عظيم منفردا مثل إيليا النبي حيث كان بجبل الكرمل، لأنه كان غربي الدير واد يدعى "نهر بوار" بعيدا عن الوادي الذي فيه الدير مقدار ست ساعات سيرًا على الأقدام.
نزل إليه أنبا صموئيل بعد أن أخذ معه قربانا ولم يكن يصعد إلى الدير سوى دفعة في كل ستة أشهر أو كل سنة.

واتفق في تلك الأيام أن صدر أمر من جهة السلطان أن يسخروا الجمال،فسخروا جمال الدير إلى مدة ستة شهور.
ومن أجل ذلك لم يقدروا أن يحملوا مؤونة الدير، ومن كثرة الجموع المترددة عليهم وكثرة الصدقات التي يعطونها احتاجوا إلى الخبز، ولم يبق عندهم إلا اليسير. فدعا أبللو الخازن وقال له امض واهتم بالإخوة الآتين إلينا لأنه تذكار سيدتنا والدة الإله القديسة مريم فيأتي إلينا الجموع فقال له الوكيل ليس هناك خبز لهذه الجموع وبالكاد يكفى اليوم. قال له الآب أبللو اذهب واحضر ما تجده والله تعالى بصلاة أبينا صموئيل يبارك في ذلك. وكان أنبا أبللو مكتئبا لأنه لم بجد أنبا صموئيل ليخبره بنفاذ الخبز إذ كان داخل البرية بسبب الجموع المتزاحمة.
وفى المساء قال أنبا أبللو للإخوة والوكيل اهتموا بالإخوة وأعدوا له ما يأكلون في هذا الوقت، وفي غد يكون تدبير الرب إذ نرسل الإخوة إلى الريف ليأتوا بما نقتات به فقال له الوكيل: "كيف استطيع ذلك؟" قال له اذهب إلى المخزن واجمع ما تجده واصنع طعاما يسيرا للإخوة مع قليل تمر ليأكلوه وابذل ما في وسعك للاهتمام بهم، وأنا أؤمن بالله وبصلوات أبينا أنبا صموئيل أن في الغد يتوفر لنا الخبز. فأطاع الخازن ومضى إلى المخزن وقد صلى أنبا أبللو هكذا قائلا: "يا إله القديس أنبا صموئيل استجب لي وأرسل إلينا اليوم بركتك، فإن نفسي قلقت جدًا من أجل الجموع الذين اجتمعوا في هذا الدير. وكما انك لم تتخل عن أبينا صموئيل فلا تتركني أنا أيضا من أجل خطاياي، لأنه مكتوب أن بركة الرب تغنى ولا يكون معها تعب. ولما دخل الخازن إلى المخزن وجد خبزا توفرا وقدم للإخوة.
ثم جاء في المخطوطة هذه النصيحة:
والآن اجتهدوا يا أولادي في صلواتكم وخدمتكم كل حين. أحبوا بعضكم بعضا بمحبة روحية فإن سيدنا يسوع المسيح له المجد يقول في إنجيله المقدس أطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذا كله تزدادونه..

Mary Naeem 11 - 07 - 2014 04:40 PM

رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
 
رعاية القديس لتلاميذه وتوجيهاته ووعظه

تقدم تلاميذ القديس في الفضيلة، وكان "أبللو" يقوم نصف الليل يملأ الماء ويكنس مساكن الإخوة، وهو الذي يحمل الجمال ويقودها، ويجمع عمل أيدي الإخوة ويبيعه، ويخدمهم في كل شيء باجتهاد، وبالجملة كان له اهتمام عظيم وغيرة في العمل بخوف الله والمحبة الإلهية.
وكان القديس أنبا صموئيل فرحا لنقدم أبللو الروحي ويباركه دفعات كثيرة..
وقيل أيضا عن ناسك كبير كان في الدير وكان يصنع عبادات وله أتعاب كثيرة. هذا شهد عنه أنه أقام عشرين سنة مداوما على النسك الزائد، وفي الآخر جاءه الشيطان لكونه لم يكن محصنا بالمشورة ولم يستشر إخوته المقيمين معه.. وأراد المضي إلى دير آخر لأنه كان يقول في نفسه أقمت زماني كله أتعب باطلا ولم آكل طعامي مثل الإخوة مع أن القديس بولس كان يوصى تلميذه ألا يشرب ماء لكن يستعمل القليل من الخمر لأجل مرضه وضعف معدته.

كان يحدث نفسه أنى لا استطيع أن أبطل النسك هنا فلأنتقل إلى دير غريب لا يعرفني أحد فيه. فدعا تلميذيه وطلب إليهما الاستعداد لمغادرة الدير حتى إذا كان منتصف النهار يخرج من الدير.
حينئذ علم القديس أنبا صموئيل بالروح وقام بسرعة وأخبر أنبا ابللو وقال له اذهب إلى باب الدير واجلس هناك إذا خرج الإخوة الثلاثة لا تدعهم يفعلون ذلك، عظهم من الكتب المقدسة بالكلام اللائق النافع لنفوسهم بما أظهرته لك.
ولما تهيأ الشيخ للخروج قال لأحد تلميذيه أخرج أولًا وأبصر إن أحد في الطريق قبل خروجنا. فلما خرج وجد أنبا أبللو راقدًا ووجهه مغطى فلم يعرفه ولم يكلمه، وعاد ليخبر أبيه قائلا هوذا إنسان راقد خارج الباب، فغضب الشيخ قائلا له لعلك لم تشأ المضي معي، لذلك تحتج بهذا. فصنع الأخ مطانية قائلا اغفر لي يا أبى إنني مستعد أن أمضى معك حيثما تذهب لكن اخرج فتبصر. فخرج الشيخ ووجد أبللو راقد مغطى الوجه فلم يعرفه وظن أنه علمانى. فتقدم إليه ورفع الغطاء عن وجهه. فقال له "أبللو" إلى أين تمضى أيها الأخ الحبيب، ألا تجد أحدا من الإخوة تكشف له أفكارك حتى تتبع هوى قلبك وحدك وتتلف جميع تعبك براحة وقتية.
إن كان القديس بولس قال لتلميذه اشرب يسيرا من الخمر فإنه قال أيضًا أن آلام هذا الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا وأيضا ما يزرعه الإنسان فإياه يحصد ومكتوب أن الذي يزرع بالبكاء يحصد بالفرح،أما قرأت هذا، بل تركت شهوة الأطعمة تقوى عليك.
فلما سمع الشيخ الناسك ذلك من الآب ابوللو ضرب له مطانية قائلا اغفر لي يا أبى لأنني أخطأت لتركي المشورة، لكن أسألك أن تخبرني بهذا القول بهذا القول الذي كتبه بولس الرسول إلى تيموثاوس قائلًا اشرب يسيرًا من الخمر لأجل ضعف معدتك وأمراضك الكثيرة. قال له القديس أنبا أبللو إني أخبرك بمعنى هذا الكلام كما يجيب الرب على فمي. لست تجهل أن بولس كتب لتيموثاوس مرارًا كثيرة قائلًا جاهد الجهاد الحسن، وأيضا أسرع لتقيم ذاتك صفيا لله عاملا لا يخزى. وأن القديس تيموثاوس جاهد الجهاد الحسن حتى أنه ظل أياما إذا تناول الطعام لا يستقر في معدته من أجل كثرة آلامه. كذلك إذا شرب الماء ما كان يصل إلى الأمعاء حتى يحصل له من ذلك ألم شديد فيصرخ من شدته، لذلك كتب له بولس الرسول قائلًا لا تشرب ماء لكن اشرب قليلا من الخمر لأجل معدتك وأسقامك الكثيرة، لأن الخمر تجرى دما في جسم الإنسان فهي ليست كالماء، وهكذا استراح قلب الشيخ الناسك من كلام أنبا أبللو، وابتدأ كما كان في عادة نسكه وأكمل جهادا حسنا بالدير المقدس ممجدا لله وقديسيه أنبا صموئيل وأنبا أبللو تلميذه.


الساعة الآن 05:45 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025