![]() |
كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح ردًا على كتاب شفرة دافنشي القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير الفصل الأول: الرواية:- موضوعها وهدف نشرها (1) 1) مقدمة عامة: تعتبر مريم المجدلية من أكثر الشخصيات المسيحية التي روى الغرب عنها روايات وأساطير، بل وصارت هذه الأساطير مثل غيرها من الأساطير التي كانت تعج بها أوربا في العصور الوسطى، خاصة فيما بين القرن العاشر والقرن الخامس عشر، قبل عصر التنوير والنهضة. هذه الفترة التي انتشرت فيها الأساطير والخرافات، بل وتميزت بانتشار كم كبير من الكتب المزيفة والمنحولة، والتي كتب عنها علماء الغرب الذين تخصصوا في آداب العصور الوسطى، والتي ألمحنا إليها في الفصول الأولى من كتابنا؛ " إنجيل برنابا هل هو إنجيل صحيح؟ "، والتي كتب عنها كثيرا الأستاذ حسن عثمان في مقدمة ترجمته لرائعة دانتي الشهيرة " الكوميديا الإلهية "، والتي عبرت بصورة قوية عن فكر هذه العصور وما سادها من أساطير ومنحولات. وفي الفترة الأخيرة صدرت روايتان أدبيتان تنسجان الأساطير من جديد حول شخصية مريم المجدلية وهما، "الدم المقدس - الكأس المقدسة"، والتي نشرت سنة 1982م، ثم " شفرة دافنشي " التي نشرت سنة 2003م، والتي نحن بصددها الآن، والتي اعتمدت بشكل رئيسي على ما جاء في الرواية الأولى، بل وانتحلت منها الكثير، كما قال أحد مؤلفي الرواية الأولى في حديث تليفزيوني!! وسنقوم بدراسة الثانية وتحليلها علميًا وكتابيًا وتاريخيًا ولاهوتيًا، مع مراجعة لأهم ما جاء في الأولى، "شفرة دافنشي"، والتي اعتمدت عليها الثانية. وما يهمنا هنا هو إثبات عدم صدق وحقيقة كل ما جاء في كليهما. وقد ترجمت هذه الرواية، " شفرة دافنشي "، إلى ثمانين لغة منها اللغة العربية، وما يعنينا هنا هو إيضاح أن بعض الكتاب العرب الذين كتبوا عن هذه الرواية، كتبوا ما تصوروا وزعموا أنه حقائق تمس جوهر العقيدة المسيحية، وقد التقوا مع فكر الكاتب الأصلي في نقطتين؛ الأولى هي الزعم بأنه كان يوجد عشرات الكتب التي كتبها تلاميذ المسيح، وقد رفضتها الكنيسة وأبقت فقط على الأناجيل الأربعة، وبقية أسفار العهد الجديد القانونية، لأنها تؤيد وجهة نظرها في عقيدة لاهوت المسيح. والثانية هي القول بأن المسيح كان مجرد نبي عظيم فقط وبشر فان وأنه ليس إلهًا، كما تؤمن بذلك المسيحية. ومن هنا رأى كلاهما في أسطورة مريم المجدلية والادعاء بأن المسيح تزوج بها وأنجب منها نسلًا ما يبرر هذه المزاعم!! ونشرت جريدة "الدستور" القاهرية في عددها الصادر بتاريخ 28/12/2005م مقالين عن هذا الموضوع؛ الأول بعنوان: " الكتاب الذي أزعج العالم وقرأه 25 مليون شخص ب80 لغة "، والثاني، والذي حمل نفس عنوان الصفحة الأولى والرئيسية للجريدة وهو: " هل تزوج المسيح؟ وهل أنجب؟ وهل تعيش ذريته حتى اليوم؟". ويقدم المقال الأول ملخصًا وافيًا للرواية، في حين يقدم الثاني بدرجة أكبر رؤية الكاتب نفسه من خلال حديثه عن الرواية التي اعتبرها قنبلة في وجه الكنيسة الكاثوليكية، وأن كان ما يكتبه موجه للعقيدة المسيحية بصفة عامة. وقبل الدخول في التعليق على الموضوع نقدم هنا المقالين كما هما، إلى جانب إضافة فقرات من الرواية نفسها، مع التركيز على الفصول من 58 إلى 60 التي لخص فيها الكاتب جوهر أفكاره عن المسيح والمسيحية والأسفار القانونية والكتب الأبوكريفية، حتى تكون الصورة واضحة تمامًا للقاريء. ##هذا هو نص مقال نشر في أحد الجرائد وليس ردنا - الرد يبدأ من الفصل الثاني## 1 – المقال الأول: " الكتاب الذي أزعج العالم وقرأه 25 مليون شخص ب80 لغة ": تلقى الفاتيكان هذا العام ضربه محسوسة، كما يسميها الإنجليز، وتمثلت هذه الضربة في صورة رواية من القطع المتوسطة تقارب الـ500 صفحة، وتحمل اسم " شفرة دافنشي". تلك الرواية التي قامت لها الدنيا ولم تقعد، ليس لأنها من كلاسيكيات الأدب، ولا لأهمية كاتبها الأمريكي (دان براون)، الذي كان متوسط الشهرة ليصبح على رأس قائمة أهم رجال 2005، بل لأن هذه الرواية تتحدث في تفاصيل خاصة جدا في الديانة المسيحية يعتبرها المسيحيون مسلمات بديهية لا يجوز المساس بها أو مناقشتها. اليوم سنتناول ما ورد في هذه الرواية والجدل الذي سببته وسنحاول معا فهم الصورة كاملة علنا نحظى بإجابات للأسئلة التي لا تنتهي. تبدأ الرواية بـ " جاك سونيير " مدير متحف اللوفر، وهو يجرى داخل المتحف هاربا من شخص يحاول قتله، وهو ينجح في هذا بالفعل، إذ يطلق رصاصة تخترق معدة جاك سونيير ثم يتركه يصارع الموت، وكل ما أمامه هو 15 دقيقة لينقل السر قبل موته،.. أي سر؟.. يحقق في القضية النقيب " بيزوفاش "، وهو شخصية مسطحة، يقرر بدوره الاستعانة ببطل الرواية " روبرت لانجدون "، أستاذ علم الرموز الدينية في جامعة هارفارد، والواقع أن هناك سببين لاستدعائه؛ أولهما: انه كان على موعد مع القتيل وثانيهما: وهو وضع جثة سونيير المذهل الذي عثروا عليه فيه عاريا ممددا بصورة عجيبة على نجمة خماسية رسمها على الأرض. وبعد كثير من الاستنتاجات المعقدة والتي تساهم في حلها " صوفي نوفو " حفيدة سونيير والتي تعمل كخبيرة حل شفرات نفهم جميعا أن جاك سونيير كان القائد السري الحالي لجماعة "سيون" التي فقدت هذه الليلة أربعة من قادتها كلهم ماتوا قرر تصفية قادة جمعية " سيون " ليحصل منهم على السر الكأس المقدسة. ومع أحداث الرواية تتضح التفاصيل أكثر وأكثر، أن جاك سونيير يحمل فعلا مفتاح الطريق إلى الكأس المقدسة، لكنه استعان بشفرات دافنشي العجيبة ليحميه وهى شفرات لا يقدر على حلها سوى صوفي وروبرت لانجدون مجتمعين وكلما انتقلنا من نقطة إلى نقطة وجدنا شفرات العبقري " دافنشي " تنتظرنا بغموضها وسخريتها الرهيبة، بعقولنا على لسان لانجدون نعرف بعض الأسرار الطريقة، ومنها ما يؤكد أن دافنشي كان عضوا نشيطًا في جماعة سيون وانه كان من عبدة الإله الأنثى ويستخدم لوحة الموناليزا فائقة الشهرة لإثبات نظريته. بداية من اسمها ذاته والذي هو مزيج خبيث لكلمتي " آمون " و " إيزيس "، أي المزج بين الإله الذكر والأنثى، والمساواة بينهما في الأهمية، على عكس ما تؤمن به بعض المعتقدات الكاثوليكية، التي تقلل من أهمية الأنثى وتتهمها أنها اصل كل البلاء. لقد كان دافنشي عبقريا، وكانت موهبته في الشفير لا حد لها، لهذا سخر موهبته لحماية أسرار جمعية سيون، ولهذا استعان بها قادة الجمعة من بعده ولهذا حملت الرواية هذا الاسم الغربي لكن هذا ليس كل شيء دعنا نعود إلى التاريخ البعيد لنتعرف على جماعة سيون أكثر، فهذه الجمعية التي تأسست عام 1099 على يد " جودوفرادي بويون "، أول ملك للقدس اللاتينية، وكان الغرض منها حماية أسرار عائلة بويون ذاته، حتى سمع أعضاء هذه الجمعة بوجود وثائق سرية تحت أنقاض معبد هيروديت، المبنى بدوره على هيكل سليمان، فأنشئوا فرقة عسكرية للبحث عن هذه الوثائق، وأسموها باسم " فرسان الهيكل". استمر الحفر والبحث لتسع سنوات كاملة، ثم عثر فرسان الهيكل على الوثائق ليعودوا بها إلى أوروبا، لمنحهم البابا اينوسنت الثاني سلطة مطلقة وصلاحيات لا حد لها، حتى قرر البابا كليمنت التحالف مع ملك فرنسا (فيليب الرابع) للتخلص منهم، وفي يوم الثالث عشر من أكتوبر لعام 1307، تم اغتيال معظم أعضاء فرسان الهيكل، لكن السر بقى مع الأعضاء الذين نجوا بفضل السرية المطلقة التي كانت تغلقهم، وفقا لأحداث الرواية يتمكن لانجدون. وصوفي من الحصول على مفتاح السر من خزانة جاك سونيير في البنك ثم يلجان سويا إلى الصديق لانجدون المؤرخ الديني (لاي تيبينج)، لنعرف هناك أن السر الذي كان سونيير يحميه هو وجميع أعضاء جماعة سيون على مر كل هذه السنوات، هو خريطة تقود إلى الكأس المقدسة. التي يبحث عنها الجميع وهى قبر مريم المجدلية ذاته. ونتعرف أيضا على معتقدات جمعية سيون والذين - وفقا لأحداث الرواية - يقدمون لنا حقيقة المسيحية الحقيقية! بالنسبة لأعضاء جمعية سيون، فان المسيح كان بشرا عاديا، ولم يكن إلها كما يحلو للفاتيكان أن يروج، واكبر دليل على بشريته هو انه.. تزوج مريم المجدلية!! ومرة أخرى نعود إلى دافنشي، والى ثان اشهر لوحاته على الإطلاق وهى لوحة العشاء الأخير لنرى أن من يجلس جوار المسيح هي مريم بشعرها الأحمر وملابسها المتماثلة في ألوانها مع ملابس المسيح كدلالة على أهميتها. ولأن هذه اللوحة غير كافيه، نعرف على لسان تبينج، كيف تحولت الأنثى على يد قسطنطين وأتباعه إلى رمز لكل الشرور، وهى حرب كان الغرض منها تحويل الوثنية الأنثوية إلى مسيحية ذكورية، بالتالي يستحيل معها تقبل فكرة أن يتزوج المسيح من مريم المجدلية، وبالتالي تتأكد صورة كونه إلها وليس مجرد بشر عادى تتواصل المفاجآت عبر أحداث الرواية، حتى نصل إلى المفاجأة الأخيرة، وهى أن للمسيح نسلا يعيشون بيننا حتى الآن، وأن جمعية سيون تسعى للحفاظ على سرية هويتهم، لمنع الفاتيكان من الوصول إليهم والتخلص منهم. وتنتهي الرواية ولا ينتهي الجدل فكل التفاصيل التي وردت فيها يقول المؤلف أنها حقيقية وأنها موثقه بمراجع لا تقبل الشك كما أن موقف الفاتيكان المتخاذل من الرواية مثير للشك فهي لم تطلب منع تداولها إلا بعد صدورها بعدة أشهر باعت فيها الرواية ما يقارب العشرة ملايين نسخة. ثم أن السرية التي يحيط بها الفاتيكان نفسه، والتي هاجمها "دان براون" في روايته السابقة (ملائكة وشياطين Angels and Demons) أصبحت تثير سخط البعض وشكوك البعض الأخر. والعجيب هنا هوان معظم ما قدمته الرواية نوقش من قبل في كتاب "الدم المقدس والكأس المقدسة"، الذي صدر عام 1982، ليحقق أرقاما قياسية في المبيعات، لكن هذه المرة تغلف المفاجآت والأسرار بقالب بوليسي خصب ممتع، ليقدم ما فيه إلى جميع الأعمار في صورة ممتعة، وليست متخصصة. ليس هذا فحسب بل أن المخرج الشهير " رون هاورد " انتهى من تحويل الرواية إلى فيلم من بطولة "توم هانكس" و"جان رينو"، على أن يعرض في مايو المقبل، وهنا يجب أن ننتبه إلى نقطة مهمة وهى انه أن كان هناك 25 مليون قارئ للراوية فلنا أن نتوقع أن يكون هناك 100 مليون مشاهد للفيلم على الأقل، أي أن الجدل لن يتوقف بل ربما سيزيد. |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
الفصل الأول: الرواية:- موضوعها وهدف نشرها (2) 2 – المقال الثاني: " هل تزوج المسيح؟ وهل أنجب؟ وهل تعيش ذريته حتى اليوم؟ ": ##هذا هو نص مقال نشر في أحد الجرائد وليس ردنا - الرد يبدأ من الفصل الثاني## لم يكن الراوئي دان براون هو من أول أطلق هذه القنبلة في وجه الكنيسة الكاثوليكية بل ولم يكن ما كتبه هو الأعمق أو الأشمل في هذا الموضوع الشائك. ومع ذلك تمكنت رواية " شفرة دافنشي. بشهرتها المدوية ونجاحها منقطع النظير من توجيه ضربة قاسية للكنيسة الكاثوليكية وإصابتها بأذى لم تتمكن عشرات الكتب والأبحاث الرصينة قبل ذلك من فعله. والسبب أنها وصلت إلى الملايين في صورة بسيطة مشوقه مليئة بالحياة والحركة، وقدمت ما يشبه الحقيقة للملايين في أنحاء العالم في روايته التي تمزج الواقع بالخيالي والتاريخي بالشائعات، قدم براون القضية ببساطة مطلقة وبروية تختلف تماما عما يعتقد فيه الملايين من أتباع الكنيسة الكاثوليكية حول العالم، قال براون انه خلال القرون الأولى المسيحية لم يكن هناك اعتقاد بألوهية المسيح، ولكن كانت النظرة له انه نبي عظيم وقائد فذ وبشر فان، وان قرار ألوهية المسيح اتخذ على يد البشر في القرون اللاحقة، أثناء تأسيس الكنيسة نفسها بشكلها الذي عرفه العالم، وربما أن المسيح كان إنسانا عاديا في المقام الأول فقد أحب وتزوج "مريم المجدلية "، وهى نفسها السيدة التي وصمتها الكنيسة في مراحل متأخرة أيضا أنها " زانية". وقال براون أيضا أن المسيح أنجب ذرية ذات دم مقدس عندما رحلت المجدلية إلى فرنسا بعد صلبه وقيامته وهناك أنجبت ابنتهما "ساره". الفكرة المزلزلة التي قدمها براون في روايته لم يكن هو صاحبها الأول ولا الوحيد، بل على العكس فقد قام ببناء روايته والأفكار الواردة فيها على أعمال الآخرين؛ مثل كتاب "الكأس المقدسة، الدم المقدس" الصادر عام 1982، وكذلك بعض الأفكار المتواترة القديمة التي أكد الباحثون من خلالها أن الكنيسة الكاثوليكية قامة بأكبر خدعة في التاريخ عندما أزاحت المجدلية ودورها المحوري في المسيحية وألقت بها في غياهب النسيان بل وكللتها بالعار الأبدي لسبب بسيط وهو حاجة الكنيسة لإقناع العالم بألوهية المسيح ولذلك كان يجب حذف واستبعاد أي أناجيل أو شخصيات تعطى المسيح سماته البشرية العادية وعلى رأسها زواجه وإنجابه. ولبحث هذه القضية الملتبسة، علينا أن نبحث أولا في تاريخية وجود المجدلية وعلاقتها بالمسيح، ومدى المعلومات التي نعرفها عنها، والحقيقة أن معظم الدارسين يؤكدون وجود عدد كبير من الأناجيل كتبها أتباع أو حواريون المسيح، ورغم وجود هذا العدد الكبير من النصوص، ذات الأهمية التاريخية والقداسة، فان الكنيسة اعتمدت أربعة فقط من هذه الأناجيل كتبها متى ومرقص ولوقا ويوحنا تمثل فيها بينها ما اصطلح على تسميته "العهد الجديد"، والأعجب أن الإنجيل كما نعرفه اليوم تم جمعه على يد الإمبراطور الروماني الوثني قسطنطين العظيم الذي اعتنق المسيحية وهو على فراش الموت، ومنحها الاعتراف الرسمي في الإمبراطورية الرومانية، وفي الأيام الأولى لتشكيل المسيحية في صورتها الرسمية تم اقتراح فكرة المسيح ابن الرب والتصويت عليها بين أعضاء المجلس النيقاوي لتسود فكرة ألوهية المسيح وان أتباعه لا يمكنهم التحرر من خطاياهم إلا عبر طريق وحيد يمر بالكنيسة الكاثوليكية الرومانية. في العهد الجديد أو الإنجيل الرسمي المعتمد لا توجد معلومات كثيرة عن المجدلية، ولكن في كل الأحوال ذكرت بالاسم 12 مرة، وكانت بين قلة قليلة من أتباع المسيح الذين شهدوا عملية صلبه، كما أنها الشخص الأول الذي ذهب إلى القبر الذي دفن فيه المسيح بعد صلبه، وشهدت قيامته من الموت، وكانت أول شخص تقع عليه عين المسيح بعد القيامة. وهذه المعلومات الرسمية المعتمدة من الكنيسة تظهر الدور المهم الذي لعبته هذه السيدة في المرحلة المبكرة للدعوة، وظهور الدين بغض النظر عن موضوع اقترابها الحميم من المسيح والذي يحيطه الجدل. أما الصورة الأخرى للمجدلية التي يعرفها العالم، وأنها كانت العاهر التي أنقذها المسيح من الموت لتتوب على يديه وتتبعه حتى النهاية، فهي صورة متأخرة نسبيا، يعود السبب الرئيس فيها للبابا جريجورى في القرن السادس الميلادي، حيث قام بالخلط بين ثلاث نساء مختلفات ذكرن في الأناجيل وحملن اسم مريم، ليؤكد أنهن جميعا شخص واحد، هو مريم المجدلية، ويقول الخبراء أن رواية جريجورى سادت عمدا بهدف تحطيم سمعة المجدلية ووصمها بعار الدعارة لقطع الطريق على أي حديث عن دور هذه السيدة في قيام المسيحية الأولى. ما فعله البابا جريجورى من وصم المجدلية بالعهر لتلاحقها هذه التهم لمدة زادت على 14 قرنا تالية، كان هو الخطوة الأولى الحاسمة لإنكار أي حديث عن زواج المسيح منها، وبالتالي إنكار وجود ذرية مقدسة من نسلها، وبالطبع فإذا كان هذا الزواج حقيقة فمن الوارد جدا أن يكون قد أثمر عن أبناء. المدهش أن الكنيسة الكاثوليكية نفسها، وبعد هذه الفترة الطويلة من الاتهامات للمجدلية، أصدرت قرارًا في عام 1996 أبطلت فيه تعريف البابا جريجورى للمجدلية كعاهرة، ولكن هذا التصويب المتأخر جدا لم يفلح على الإطلاق في التأثير على الصورة التي انطبعت في أذهان رواد الكنيسة من أن المجدلية هي نفسها العاهرة التائبة المذكورة في الأناجيل. العلاقة الحميمة والغامضة بين المجدلية والمسيح، لم تطرح على مائدة البحث او تعود إلى الأضواء إلا منذ سنوات قليلة نسبيا، والسبب الرئيسي لهذا التغير، هو ظهور مجموعات جديدة من النصوص الرسمية المعتمدة منذ قرون، فعندما وضع قسطنطين أسس المسيحية الرومانية، واعتمدت الأناجيل الأربعة الرسمية تم إهمال وإحراق باقي الكتب والأناجيل المتداولة، ولكن بعض هذه الأعمال افلت من المصير المحتوم، ليظهر في النصف الأخير من القرن العشرين ويعيد فتح كل الملفات المغلقة. في عام 1945 عثر محمد على السمان، وهو فلاح مصري من قرية حمرة دوم التابعة لنجع حمادي بمحافظة قنا، على كنز أثري لم يتمكن من تقدير قيمته بطبيعة الحال، ولكن هذا الكشف أحدث زلزالا بين الباحثين والخبراء، حيث وجد الرجل المصري اثنتين وخمسين وثيقة قديمة، مكتوبة بالقبطية والآرامية، في حقله، كانت عبارة عن مجموعات من الأناجيل القديمة التي لم تعتمدها الكنيسة الكاثوليكية على الإطلاق، وأطلق الخبراء عليها اسم الأناجيل الغنوصية " Gnostic Gospels "، نسبة إلى مجموعه مسيحية قديمة، كانت تنكر الطبيعة الإلهية للمسيح، وترى أن الوصول إلى معرفة الروح الإلهية الحقة أن يكون بمعرفة الإنسان لنفسه، وهو الأمر الذي يهدم فكر الكنيسة الكاثوليكية من الأساس، باعتبارها الطريق الوحيد لوصول الإنسان إلى الله. عبر هذه الأناجيل المجهولة، أمكن للمرة الأولى، منذ قرون بعيده، الاستماع إلى أصوات لم تكن مسموعة من قبل، وهى أصوات توماس وفيليب ومريم المجدلية، التي قدمت في الأناجيل المنسوبة لها صوره مختلفة للسيد المسيح وعلاقته بأتباعه وحورايه، وعلى رأسهم المجدلية نفسها. أحد هذه الأناجيل -التي ترفضها الكنيسة- وهو إنجيل فيليب تحدث أكثر من غيره عن علاقة المسيح بالمجدلية، ويقول فيه بالنص: " ورفيقة المخلص هي مريم المجدلية أحبها أكثر من كل التلميذين واعتاد أن يقبلها من فمها. وقد أثار هذا الأمر ضيق باقي التلميذين وعبروا عن استيائهم وقالوا له: لماذا تحبها أكثر منا؟". بالطبع يكتسب هذا النص بالتحديد معنى واضح وأهمية استثنائية، عندما نعلم أن كلمة رفيقة باللغة الآرامية تعنى حرفيا الزوجة، أما الإنجيل المنسوب للمجدلية نفسها، والذي كان ضمن وثائق نجع حمادي، فقد عرض بصورة أوضح الخلاف بينها وبين بطرس، الذي يقال انه الصخرة التي بنى عليه المسيح كنيسته، وفي هذا الإنجيل يقول بطرس: "هل قام المخلص فعلا بالتحدث مع امرأة دون علمنا؟ وهل سينصرف عنا؟ وهل سنضطر جميعا للانصياع إلى أوامرها؟ هل فضلها علينا؟.. وأجابه ليفي: بطرس لقد كنت دائما حاد الطباع، وارى أنك الآن تعارضها وكأنك خصمها. إذا كان المخلص قد جعلها شخصية مهمة فمن أنت لترفضها؟ من المؤكد أن المخلص يعرفها حق المعرفة. لذلك فهوا يحبها أكثر منا". هذه النصوص تعرض بشكل واضح، وللمرة الأولى، الدور الكبير الذي كانت المجدلية تلعبه وسط التلميذين وتفضيل المسيح لها عن باقي أتباعه، وربما تثبت ملامح الغيرة من باقي الأتباع لإدراكهم أن المسيح يضعها في منزلة أعلى منهم، وأنها بالتالي مرشحة لخلافته بعد فترة صلب المسيح وقيامته رصد بعض المؤرخين والكتاب حياة المجدلية وكتبت " لين بينكت " في كتابها " مريم المجدلية " أن السيدة رحلت إلى فرنسا، التي كانت تسمى بلاد الغال وقتها، ولا يعرف الكثير عن فترة وجود المجدلية في فرنسا، وان كانت الحكايات المتواترة هي، أنها وضعت هناك ابنتها من المسيح، ولكن الحقائق المؤكدة تقول انه بحلول القرن الثاني عشر والثالث العشر الميلادي - كما رصدت سوزان هيسكنز في مؤلفها حول المجدلية – قد زادت بشكل ملحوظ أعداد الحاج الذاهبين لزيارة ضريح مريم المجدلية في فيزالى بجنوب فرنسا، والمثير أن العديد من الرسائل البابوية من الفاتيكان، والتي أصدرها الباباوات لوشيوس الثالث وأوربان الثالث وكليمنت الثالث قد أكدت جميعها بشكل رسمي، أن جسد المجدلية مدفون بالفعل في فيزالى، إلا أن احد منهم لم يفسر على الإطلاق كيف استقرت جثة المجدلية هناك إن لم تكن قد عاشت في فرنسا في المقام الأول. الجدل الصاخب حول هذه القضية دفع محطة التليفزيون ABC الأمريكية الشهيرة لتقديم برنامج خاص حمل اسم المسيح، مريم، دافنشي "، استضاف فيه الأب ريتشارد ماكبرين، أستاذ اللاهوت بجامعة نوتردام، الذي قال فيه أن الكنيسة صورت على إنها عاهرة طول هذه السنوات لأنها لم تحتمل فكرة أن التابع الرئيسي للمسيح كان امرأة، وأنها كانت صديقه مقربة على الأقل، وأكد ماكبرين انه لو كان المسيح تزوج بالفعل فلا بد أن زوجته هي مريم المجدلية ولا احد سواها، خاصة، أنها على العكس من أتباعه الذكور الذين انسحبوا من مشهد النهاية، بقيت بجواره في كل اللحظات، كما أنها تبعا للعهد الجديد، المعتمد رسميا من الكنيسة، كانت الشخص الذي رآه يقوم من الموت، ولذا فهي أهم شخصية ارتبطت بعلاقة مع المسيح، حتى أن لم تكن بينهما علاقة زواج، وقال الرجل، أن الرفض القاطع للكنيسة لفكرة زواج المسيح مرجعها الأساسي نظرة الكنيسة الصارمة تجاه الجنس، وانه لو ثبتت هذه الحقيقة فأن قرونا من أفكار الانحياز ضد العلاقات الحميمة سيتم تقويضها على الفور. انتهت شهادة رجل اللاهوت، ولم تنته ثورة الكنيسة الكاثوليكية على هذه الأفكار، ولكنها في كل الأحوال وتحت أي ظرف من الظروف قضية العام الضخمة التي فجرتها رواية خيالية مثيرة وأصابت شظاياها اكبر مؤسسة دينية في العالم. |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
الفصل الثاني: الكاتب ومصداقيته:- هل روى حقائق أم إدعاءات وأكاذيب؟! (1) يقول الكاتب في بداية روايته: "أن وصف كافة الأعمال الفنية والمعمارية والوثائق والطقوس السريّة في هذه الرواية هو وصف دقيق وحقيقي". فهل هذا الكلام حقيقي أم مجرد ادعاء في غير محله؟! عندما سُئل دان بروان عن ديانته في موقعه الشخصي على الانترنت وقيل له: "هل أنت مسيحي؟". أجاب مراوغًا: "ربما ليس بالمعنى التقليدي للكلمة.. أنا اعتبر نفسي دارسًا لأديان كثيرة، وكلما تعلمت كثير كان لدي أسئلة أكثر، وبالنسبة لي فالبحث الروحي سيكون عملًا متقدمًا طويل العمر". كما وصف الأديان جميعًا بالكذب والتلفيق (الفبركة)، فقال: "كل إيمان في العالم مبني على تلفيق (فبركة- fabrication). هذا هو تعريف الإيمان – قبول لما نتخيل أنه حقيقي, والذي لا يمكن أن نبرهن عليه" (ص341). "هؤلاء الذين يفهمون حقًا إيمانهم يفهمون القصص بشكل مجازي الرمزية الدينية أصبحت جزءًا من الحقيقة الملفقة. والعيش في هذه الحقيقة يساعد الملايين من الناس على حل مشكلاتها وبطريقة أفضل" (ص342). وهو بذلك قد عبر عن نفسه خير تعبير، فمن خلال روايته التي مزج فيها الحقيقة بالأكاذيب، والخيال بالواقع، نجده يمزج بين المسيحية والوثنية والعقيدة بالأسطورة، والتاريخ يحوله إلى أسرار ورموز وألغاز، وفي ذروة حماسه لأفكاره راح يكيل الاتهامات للكنيسة الكاثوليكية في عقائد لا تخص الكاثوليكية وحدها، بل تخص جميع الطوائف المسيحية من أرثوذكس وبروتستانت وإنجليكان، كما راح في تصويره للتاريخ وكأنه مجموعة من الألغاز، يمحور الكنيسة في دائرة الفاتيكان، ويصور الفاتيكان وكأنه خزانة للأسرار التي يغلفها الغموض وتخفي حقائق التاريخ وأسراره!! كما زعم أن كل الأديان تتكون من الأكاذيب الكثيرة والملفقة، ونسب لأشخاص ما لم يكن لهم، وبدلًا من أن يتحرى الحقائق راح يجرى وراء القصص والروايات والأساطير المنحولة والمزيفة وأدعى أنها حقائق دامغة!! وما نقوله هذا ليس تجني بل هو ما سنثبته، حالًا بالبراهين الساطعة والأدلة الدامغة، أدبيًا وعلميًا وتاريخيًا وجغرافيًا ودينيًا، ولم نعتمد في دراستنا هنا إلا على أدق المراجع والموسوعات العلمية وعلى رأسها: "Encyclopedia Britannica 2004"، و"Encarta Encyclopedia Deluxe 2004"، وأوسع موسوعة عالمية على الانترنت وهي: "en.wikipedia.org". |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
أسطورة الكأس المقدسة والدم الملكي والنسل المزعوم: تقول هذه الأسطورة، أسطورة الكأس المقدسة (Holy Grail)، أنها الكأس الذي استخدمها يوسف الرامي ليجمع فيها دم المسيح التي تساقط من جسده على الصليب. هذه الكأس كانت لها قوة إعجازية كبيرة، ثم حملها يوسف الرامي وذهب بها إلى بريطانيا، وهناك أسس سلالة من الحراس لحمايتها. وكان العثور على هذه الكأس هو هدف فرسان الدائرة المستديرة التي كونها الملك آرثر الذي حكم بريطانيا في نهاية القرن الخامس الميلادي وبداية السادس، والذي دارت حوله الأساطير الكثيرة. وفي فرنسا دونت الأسطورة في شكل قصيدة غير كاملة ودخلت الأدب الأوربي لأول مرة عن طريق الكاتب الفرنسي Chrétien de Troyes كريتيان دي تروي(1180-1219 م.)، أدعى أنه أخذها من كتاب حقيقي أعطاه له رئيسة الكونت Philip of Flanders. ثم ترجمت إلى بقية اللغات الأوربية التي أضافت إليها عناصر جديدة. ثم تم ربطها بأسطورة أخرى، هي أسطورة الكأس التي استخدمها الرب يسوع المسيح في العشاء الأخير (Holy Chalice)، وقالت أن يوسف الرامي استخدم كأس العشاء الرباني في جمع دم المسيح من على الصليب، ثم أُلقي يوسف في السجن، وهناك زاره المسيح وكشف له أسرار هذه الكأس المقدسة، وبعد أن خرج من السجن أخذ أنسباءه وأتباعه الآخرين وسافر إلى الغرب، وهناك أسس سلالة حراس الكأس المقدسة. وفي القرن التاسع عشر انتشرت هذه الأسطورة بصورة كبيرة وكتب عنها الكثيرون من الكتاب، وفي القرن العشرين تم تصويرها في كثير من الأفلام الروائية. وأخيرا صدرت في كتاب روائي باسم: " الدم المقدس، الكأس المقدسة " سنة 1982م. وفي هذا الكتاب قدم مؤلفوه الثلاثة الأسطورة بأسلوب تقديم الحدث التاريخي في صورة رموز وألغاز وأسرار، وحولوا دم المسيح إلى نسل للمسيح والكأس إلى رحم مريم المجدلية، الذي حمل نسل المسيح، دم المسيح. وزعموا أنه من المحتمل أن يكون المسيح قد ذهب بعد الصلب مع مريم المجدلية وأطفالهما، التي تخيلوا أنه يمكن أن يكون قد تزوجها، إلى ما يعرف الآن بجنوب فرنسا، وأسسوا هناك سلالة ملكية، هي الميروفينجيان Merovingian's، الذين حكموا المنطقة التي تعرف الآن بفرنسا وألمانيا من القرن الخامس الميلادي إلى القرن الثامن، وكان يشار إليهم أحيانا بالملوك ذوي الشعر الطويل. وزعم الكتاب أنهم توصلوا من خلال بحثهم في أسطورة الكأس المقدسة في قصر رينيه بجنوب فرنسا، إلى وجود جمعية سرية تدعى "أخوية سيون" ترجع إلى زمن الحروب الصليبية (حروب الفرنجة)، وزعموا أنها بدأت مع تكوين فرسان الهيكل، لحماية هذا النسل الملكي الذي قد ينتمي إلى المسيح والمجدلية، أو على الأقل ينتمي لداود الملك والنبي ورئيس الكهنة هارون. كما ادعوا أن الكنيسة الكاثوليكية حاولت قتل كل بقايا هذه السلالة وحراسها، وكذلك حراس الهيكل (هيكل سليمان)، لكي تستمر في سيطرتها من خلال تتابع التسليم الرسولي عن بطرس الرسول وليس مريم المجدلية، التي زعموا أن المسيح أراد أن يضعها على رأس الكنيسة بدلًا من بطرس الرسول!! ولكن كُتّاب رواية " الدم المقدس، الكأس المقدسة " كانوا أكثر مصداقية وأمانة من مؤلف " شفرة دافنشي"، الذي أنتحل أفكارهم وأضاف إليها في روايته، فقد اعترفوا بأن ما وضعوه في روايتهم ما هو إلا أساطير لا دليل على صحتها، أو أنها كاذبة، بل قال ريتشارد لي أحد المؤلفين الثلاثة في حديث تليفزيوني: أنهم قدموا افتراضات وليس حقائق " ولكنهم لم يؤمنوا قط أنها حقيقة". ما وضعه مؤلفو رواية " الدم المقدس، الكأس المقدسة " أنتحله دان براون مؤلف " شفرة دافنشي وأضاف إليه الكثير من أساطير أخرى إلى جانب أفكاره الخاصة. فقام مؤلفو الرواية الأولى باتهام دان براون بالانتحال على أساس أنه استخدم ما جاء في رواياتهم بكثرة شديدة (بكثافة)، وسجل هو ذلك في روايته، في الفصل 60، بقوله: " وهنا المجلد الأكثر شهرة.. كتب على غلافه: " الدم المقدس, الكأس المقدسة "، الكتاب الرائع الأكثر مبيعًا في العالم.. وقد أثار الكتاب ضجة لدي صدوره في الثمانينات, إذا أردت رأيي الشخصي, فقد بالغ مؤلفوه قليلًا في تحليلاتهم, لكن الفكرة الأساسية كانت صحيحة وبفضلهم تم إحياء إثارة فكرة سلالة المسيح وطرحها على الملأ". أنتحل براون ما جاء في رواية " الدم المقدس، الكأس المقدسة "، وزعم أن الشخص الجالس على يمين المسيح في لوحة العشاء الأخير لليوناردو دافنشي، والذي يفترض أنه القديس يوحنا الرسول، قام ليونادرو دافنشي برسمه، بشفرة متعمدة، على أنه مريم المجدلية؛ " كان ذلك الشخص ذا شعر احمر كثيف ويدين ناعمتين مطويتين وصدر صغير. لقد كان الشخص دون أي شك.. امرأة "، وزعم أنها كانت زوجة للمسيح وأنها كانت حامل منه، وقال أنه لم يرسم الكأس في اللوحة على افتراض أنه كان يعرف أن المجدلية هي نفسها الكأس المقدسة، حاملة دم المسيح، أي النسل الملكي!! يقول في الفصل 58: " أن قصة الكأس هي قصة الدماء الملكية, فعندما تحدث عن قصة الكأس المقدسة، الكأس التي حملت دم المسيح.. هي في الحقيقة تتحدث عن مريم المجدلية - الرحم التي حملت سلالة المسيح الملكية". وزعم أنه أيد ذلك بوجود ما يشبه حرف M الذي رسم للموقع الجسماني لكل من المجدلية والرسول الذكر القديس بطرس الذي تنحي إليه المجدلية. وأن حرف M كما جاء في الرواية: " يرمز إلي كلمة ماتريمونيوم (Matrimonium) – زواج – أو مريم المجدلية". وزعم أن غياب القديس يوحنا، مع وجود يهوذا واكتمال عدد التلاميذ الـ12 تُرك بدون تفسير. وزعم أن ملابس المسيح متبادلة مع ملابس المجدلية ومعكوسة الألوان دلالة على الاتحاد الكامل بينهما. كما زعم أن اقتراب كل من المسيح والمجدلية من الأسفل، عند الورك، يمثل حرف V الذي يرمز إلى الكأس، رحم الأنثى: " لاحظي أن يسوع وعروسه يبدوان وكأنهما متصلين عند الورك, ثم يبتعدان عن بعضهما في الطرف العلوي وكأنهما بهذه الوضيعة يرسمان شكلًا واضحًا ألا وهو الكأس..". " رأت صوفي شكل V الواضح تمامًا في مركز اللوحة بالضبط, حتى قبل أن يمر وقت قليل كناية عن الكأس المقدسة، الكأس.. رحم الأنثى "!! كما زعم أن التعبير الفرنسي القديم للكأس المقدسة هو San Greal وأن ذلك تبادل لفظي مع San real والذي يعني " الدم الملكي ": " وكلمة سان جريل أتت من سان san و Grail أي الكأس المقدسة. وقد أتت من كلمتين قديمتينً لكن من مكان مختلف Sang Real.. سان جريل كانت تعني حرفيًا الدم المقدس". وما زعمه الكاتب هنا أعترف من قبله مؤلفو رواية " الدم المقدس، الكأس المقدسة " أنه مجرد افتراضات وتخمينات لا يؤمنون بها على الإطلاق وأنها لا سند كتابي أو تاريخي أو ديني لها، فلا مثيل لها لا في الكتاب المقدس ولا في كتب آباء الكنيسة ولا في الكتب الأبوكريفية، كما سنرى، بل هي مجموعة من الأساطير تشابكت معًا وصيغت بأسلوب وضع التاريخ في صورة ألغاز ورموز، وضعها كاتب لا يؤمن لا بالمسيحية ولا بالأديان، بل يرى أن الأديان مليئة بالأكاذيب، بل أن أسلوب التشفير المنسوب لليوناردو دافنشي لا يوافق عليه معظم علماء الفن والمؤرخين. بل وكل ما قيل عن وجود صلة بين أخوية سيون أو فرسان الهيكل هو محض ادعاءات وأكاذيب، كما سنرى في الصفحات التاليةً. وأدعى أن من يدقق في اللوحة سيجد أن التلميذ الثالث على يسار المسيح مرسوم بشكل أقرب للأنثى مثل صورة القديس يوحنا التي يزعم الكاتب أنها للمجدلية، فهل كان دافنشي يرمز لزوجة أخرى للمسيح أو لأحد التلاميذ؟!! وهذا يكذبه علماء الفن الذين يقولون أن الرسامين في فترة دافنشي اعتادوا على رسم الشباب بهذا الشكل. واللوحة هنا لا تصور العشاء الرباني، بل عشاء الفصح، والفارق بين عشاء الفصح والعشاء الرباني هو أن الرب يسوع المسيح تناول مع تلاميذه الفصح أولًا، وكان عشاء الفصح، حسب العادة في عصره، يتكون من خروف الفصح إلى جانب نوع الحساء (الطبيخ) المصنوع من البلح والتين والذي كانوا يضعونه في أطباق ويغمسون منه، مع وجود أربعة كؤوس يشرب فيها الجالسون الخمر على أربعة مراحل، مع التسابيح والصلوات والشكر، بينما كان العشاء الرباني يتكون من خبزة واحدة وكأس واحدة ترمزان إلى جسد المسيح ودمه. وفيما هم يأكلون الفصح قال الرب لتلاميذه: " الحق الحق أقول لكم أن واحدا منكم سيسلمني. فكان التلاميذ ينظرون بعضهم إلى بعض وهم محتارون في من قال عنه. وكان متكئا في حضن يسوع واحد من تلاميذه كان يسوع يحبه. فأومأ إليه سمعان بطرس أن يسأل من عسى أن يكون الذي قال عنه. فاتكأ ذاك على صدر يسوع وقال له يا سيد من هو. أجاب يسوع هو ذاك الذي اغمس أنا اللقمة وأعطيه. فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الإسخريوطي" (يو13 :21-26) نلاحظ هنا أنه في العشاء كان أمامهم أطباق يغمسون منها، وهذا هو عشاء الفصح. وبعد أن خرج يهوذا يتكلم الكتاب عن العشاء الرباني فيقول: " وفيما هم يأكلون اخذ يسوع خبزا وبارك وكسر وأعطاهم وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي. ثم اخذ الكأس وشكر وأعطاهم فشربوا منها كلهم. وقال لهم هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا" (مت26 :26-28)، ويصور عادة بمائدة تحوي كأس واحدة وخبزة واحدة. ومن المفيد هنا أن نوضح أن لوحة دافنشي أسمها العشاء الأخير وليس العشاء الرباني، وهناك فرق كبير بين هذا وذاك، فقد رسم دافنشي لوحة للعشاء الأخير، أي الفصح الأخير للمسيح والذي كان يتكون من طبيخ التين والبلح وأربعة كؤوس للخمر، وليس العشاء الذي تكون من كأس واحد وخبزة واحدة. ومن هنا لم يرسم الكأس وكان عليه أن يرسم أربعة كؤوس، ولكن لأنه لم يكن لها دور في الفصح من جهة موضوع دم المسيح، ولا يمكن أن نفترض هنا أنه تعمد عدم رسم الكؤوس الأربعة لأنه رمز بذلك لشيء ما!! فما الذي كانت تشير إليه أربعة كؤوس تملأ بالخمر الذي لا صلة له بدم المسيح، والذي بنيت الأسطورة عليه؟!! كما تظهر في الصورة يد القديس بطرس في الهواء والتي يُزعم أنها تبدو بحركة تشبه التهديد بالذبح تعبيرا من الفنان لرؤيته الصراع بين بطرس والمجدلية!! ولكن ما عبر عنه الفنان هنا هو إشارة إلى تحول القديس بطرس ليسأل القديس يوحنا عن شخص الخائن، فأصبعه يتجه إلى المسيح وليس ليوحنا، المزعوم أنها المجدلية. |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
مملكتي ليست من هذا العالم قال الكاتب أن المسيح من نسل داود الملكي وأنه وريث عرش داود بمعني دنيوي حرفي، كما زعم أن المجدلية من سبط بنيامين ومن سلالة ملكية: "كانت من عائلة بنيامين؟"، "نعم", قال تيبينج "كانت مريم المجدلية من سلالة ملكية"!! وهذا يدل على جهل الكاتب بالكتاب المقدس حيث لم يكن هناك سلالة ملكية من سبط بنيامين في إسرائيل على الإطلاق، فقد كان أول ملك على إسرائيل هو شاول البنياميني، والذي رفضه الرب بسبب خطاياه، ولم يخرج من نسله أي ملك بعد ذلك بل صارت الملكية فقط في بيت داود النبي والملك إلى أن جاء المسيح من نسله. وقد كذب المؤرخون الزعم بأنها من سبط بنيامين، بل كانت من مجدل والتي كانت تقع في شمال إسرائيل في حين أن قبائل بنيامين استقرت جنوبًا. كما كان القديس بولس من سبط بنيامين ومع ذلك لم يشر بالمرة إلى المجدلية ولا إلى موطنها. كما يزعم الكاتب أن فكرة الزواج المزعوم للمسيح والمجدلية تخلق اتحاد ملكي سياسي يطالب بعرش إسرائيل، فيقول: " أن يسوع كان من عائلة داوود, وهو سليل الملك سليمان - ملك اليهود, وبزواجه من عائلة بنيامين ذات النفوذ, يكون قد وحد بين سلالتين ملكيتين بشكل يتم فيه خلق اتحاد سياسي قوى مع إمكانية المطالبة شرعًا بالعرش وإعادة سلالة الملوك كما كان الأمر في عهد سليمان". وهذا يعني أنه لو طهرت هذه السلالة المزعومة ستملك على إسرائيل، وبالتالي تسود إسرائيل على العالم كله، بحسب ما يتوقع اليهود في مسيحهم المنتظر، وهذه فكرة صهيونية مرفوضة مسيحيا وعربيًا وإسلاميًا. كما أكد الرب يسوع المسيح نفسه في الإنجيل القانوني الموحى به، بأوجهه الأربعة، أنه ليس ملكًا أرضيًا، وأن مملكته ليست من هذا العالم: " مملكتي ليست من هذا العالم... ولكن الآن ليست مملكتي من هنا" (يو18 :36) والكتب الأبوكريفية تصور المسيح كابن الله الوحيد المولود (المنبثق) من الآب، الإله السامي غير المرئي وغير المدرك، وأنه كائن روحاني نوراني، وليس له جسد مادي بل ظهر كشبح وخيال. كما وصفت رسالته بأنها خلاص الروح، وليس الجسد، بل خلاص الروح من الجسد الشرير الذي وضعها فيه إله هذا العالم، وذلك بالمعرفة، معرفة الإنسان لذاته ومعرفته للإله السامي عن طريق الابن، المسيح. وهذا ينفي فكرة أن يحكم المسيح أو أن تكون له سلالة ملكية تحكم حكمًا دنيويًا. |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
هل يمكن أن يكون المسيح قد تزوج؟ زعم الكاتب ذلك وبني زعمه وادعاءه على نقطتين هما: (1) الأولى هي ادعاؤه: " أن يسوع كان يهوديًا.. وقد كان العرف الاجتماعي في ذلك العصر يحرم تمامًا علي الرجل اليهودي أن يكون أعزبًا, كما أن الامتناع عن الزواج كان ذنبًا يعاقب عليه بحسب التقاليد اليهودية, وكان واجب الأب اليهودي أن يجد زوجة مناسبة لابنه, فلو كان المسيح أعزبًا, لكان ذلك قد ذكر في احد الأناجيل وتم تفسير حالة عدم زواجه غير المألوفة علي الإطلاق "!! (2) والثانية هي فهمة الخاطئ لعبارة " رفيقة " والتي وردت في الكتاب الأبوكريفي المسمى بالإنجيل بحسب فيليب، وقوله أن المسيح كان يقبل المجدلية، وخاصة كلمة " في فمها " والتي لم توجد أصلا في المخطوطة القبطية للكتاب. وللإجابة على ذلك نوضح: أولًا: لم يذكر العهد الجديد في أي موضع مطلقًا أن المسيح كان متزوجًا، هذا بافتراض ناسوته، كإنسان، ولم يكن من ضمن رسالته ذلك، ولم يكن من ترتيبه ذلك. ولم يمهد لخلافة تكون من نسله أبدًا. فقد جاء الرب يسوع المسيح لنشر ملكوت السموات في العالم أجمع، وقد أعد لذلك تلاميذه ليكونوا شهودا له ولعمله الفدائي ولرسالته ككل "ثم دعا تلاميذه الاثني عشر وأعطاهم سلطانا على أرواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف. وأما أسماء الاثني عشر رسولا فهي هذه" (مت10 :1و2)، "وبعد ذلك عيّن الرب سبعين آخرين أيضا وأرسلهم اثنين اثنين أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا أن يأتي" (لو10:1). وفي لحظات صعوده قال لهم: " لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى أقصى الأرض" (أع1 :8). ولو كان في نيته الزواج وإنجاب نسل ملكي، كما هو مزعوم، لكان قد أعلن عن ذلك، بل وكان قد جهز نسله الملكي المقدس لهذه المهمة. ولو افترضنا جدلًا أنه كان يقصد ملكوتا دنيويًا، فسيكون ملكه في أورشليم، أي سيكون ملكًا لليهود، وهذا لم يتحقق، وإذا تخيلنا أن ذلك يمكن أن يتحقق عندما يكتشف العالم حقيقة سر الدم المقدس والنسل الملكي للمسيح، فهذا يعني أن ملكوته سيكون في إسرائيل ولصالحها ويجعلها سيدة العالم!! وهذه فكرة صهيونية بحتة تنفي عن مسيح المسيحية عقيدة مجيئه الثاني في نهاية العالم، وتنكر ما جاء في الفكر الإسلامي عن نزول المسيح آخر الزمان وكونه علامة للساعة "وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا" (الزخرف:61). كما ظهر مع المسيح أمه العذراء القديسة مريم وأخوته أكثر من مرة؛ " فقال له واحد هوذا أمك وإخوتك واقفون خارجا طالبين أن يكلموك" (مت12 :47). ولم يذكر أن له زوجة مطلقًا. وعند الصليب سلم المسيح أمه لرعاية تلميذه الحبيب يوحنا " يا امرأة هوذا ابنك. ثم قال للتلميذ هوذا أمك. ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته" (يو19 :27). وإذا كان له زوجة فلماذا يتركها دون أن يسلمها ليوحنا مع أمه لتكون تحت رعايته ورعاية أمه؟ وإذا كان قد أعدها لقيادة الكنيسة فلماذا لم يحدث ذلك؟ كما دافع القديس بولس عن حقه في الزواج لو كان قد أراد ذلك فيقول " ألعلنا ليس لنا سلطان أن نجول بأخت زوجة كباقي الرسل وأخوة الرب وصفا" (1كو9 :5). فإذا كان قد استشهد بزوجات الرسل، أخوة الرب وبطرس، فلماذا لم يستشهد بالمسيح أيضًا لو كان قد تزوج قبل الصلب والقيامة والصعود. كما أن زعمه بأن كل رجل يهودي، حسب العرف الاجتماعي في ذلك العصر، لابد أن يتزوج فهذا ادعاء كاذب وباطل؛ فقد كان هناك عدد كبير من الأنبياء غير متزوجين مثل ارمياء النبي ويوحنا المعمدان، بل وكانت هناك جماعات من اليهود ترفض الزواج مثل جماعة الآسينيين في قمران، زمن المسيح. وكان الرب يسوع المسيح نفسه عريسًا، ولكن عريسًا للكنيسة، فهو رأس الكنيسة " لان الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضًا رأس الكنيسة. وهو مخلّص الجسد" (أف5 :23)، وعريسها السمائي " لنفرح ونتهلل ونعطيه المجد لان عرس الحمل (المسيح) قد جاء وامرأته (الكنيسة) هيأت نفسها. وأعطيت أن تلبس بزا نقيا بهيا لان البزّ هو تبررات القديسين. وقال لي اكتب طوبى للمدعوين إلى عشاء عرس الحمل" (رؤ19 :7-9) ثانيًا: فهمه الخاطئ لما جاء في الإنجيل الأبوكريفي بحسب فيليب، حيث يقول: " ورفيقة المخلص هي مريم المجدلية, أحبها المسيح أكثر من كل التلاميذ واعتاد أن يقبلها في معظم الأحيان من فمها. وقد تضايق باقي التلاميذ من ذلك وعبروا عن استيائهم. وقالوا آه،" لماذا تحبها أكثر منا؟". " بالعكس " قال تيبينج بالفرنسية ثم ابتسم مشيرًا إلى السطر الأول: إذا سألت أي عالم باللغة الآرامية فسيقول لك أن كلمة رفيقة في تلك الأيام كانت تعني حرفيًا الزوجة"!! وهذا الزعم كاذب ومجرد ادعاء بلا دليل، لأن النسخة التي عثر عليها من هذا الكتاب في مكتبة نجع حمادي مكتوبة بالقبطية وليس الآرامية، ويرى العلماء أن الكتاب والذي كتب أصلًا في القرن الرابع كتب باليونانية، ولو افترضنا أن الكلمة اليونانية كانت تعني زوجة لترجمت " زوجة " وليس رفيقة. فمن أين أتى الكاتب بالمعنى من الآرامية والكتاب لم يكتب بها؟! بل ويرى هذا الكتاب الأبوكريفي الزواج كنوع من الدنس، فيقول " قال البعض: " أن مريم حبلت بالروح القدس "، أنهم مخطئون، أنهم لا يعلمون ماذا يقولون. فمنذ متى تحبل المرأة من امرأة؟ إن مريم هي العذراء التي لا قوة تدنسها, أنها لعنة عظيمة على العبرانيين, الذين هم الرسل والتلاميذ. هذه العذراء التي لا قوة تدنسها [000] القوى تدنس نفسها". بل ويرى المسيح كروح محض يظهر في أشكال مختلفة: " يسوع أخذهم سرا, لأنه لم يظهر كما كان, ولكن لكي يستطيعوا أن يروه. ظهر لهم جميعهم. ظهر للعظماء كعظيم. ظهر للصغير كصغير. ظهر للملائكة كملاك, وللإنسان كإنسان, لهذا السبب, الكلمة تخفي نفسها من الجميع. وبالفعل, فقد رآه معتقدين أنهم رأوا أنفسهم, لكنه حين ظهر لتلاميذه بمجد على الجبل, لم يكن صغيرا. أصبح عظيما, وقد جعل التلاميذ عظماء, لكي يستطيعوا إن يروه بعظمة". وبالتالي فكيف يتزوج وينجب وهو روح؟! وهذا الفكر يوجد ما يماثله عند بعض الكتاب المسلمين مثل الصوفي الشهير ابن العربي والكاتب المصري أحمد بهجت والكاتب اللبناني محمود شلبي: قال ابن العربي: " وتمثل لها جبريل أو الملك بشرًا سويًا وقال لها أنا رسول ربك لأهبك غلامًا زكيًا فوهبها عيسى عليه السلام فكان انفصال عيسى عن الملك المتمثل في صورة الرجل ولذلك حرج على صورة أبيه ذكرًا بشرًا روحًا فجمع بين الصورتين اللتين كان عليهما أبوه الذي هو الملك فأنه روح من حيث عينه بشر من حيث تمثله في صورة البشر "(1). وقال الأستاذ محمود شلبي: " فالسر الأعظم.. أن النسبة الروحية في عيسى أضخم من المعتادة في الناس.. فغلبت فيه صفات الروح.. على صفات الجسد.. فجاء عيسى.. وفيه صفات أعلى نوع من الأرواح.. الذي يفعل ما شاء.. وهذا هو سر الطلسم في عيسى.. فهو يُحيي الموتى .. ويمشى على الماء.. ويمشي في الهواء.. ويخلق الطير فيكون طيرًا.. ويبرئ الأكمه والأبرص.. بمجرد اللمس.. ولا يحتاج إلى طعام أو شراب.. لأن الروح لا تطعم ولا تشرب.. فكيف بنفخة الروح القدس.. وهو آخذ من مرتبته.. 0 وهو يستطيع أن يتمثل فيما شاء من الهيئات والصور.. لأن هذا من صفات الأرواح.. وقد ثبت هذا عنه في أكثر من موضع.. أن هيئته كانت تتغير إلى هيئة أخرى.. وهو ينبئهم بما يأكلون وما يدخرون.. وهذه صفة من صفات الأرواح. تعلم من الغيوب إلى مسافات بعيدة في المكان والزمان.. فجاء جسده مجرد غلاف لطيف تتستر به.. روحه العلوية الُقدسية.."(2). وقال الأستاذ أحمد بهجت في تعليقه على قوله " إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ. وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ" (آل عمران: 45 و46): " زادت دهشة مريم.. قبل أن تحمله في بطنها تعرف اسمه.. وتعرف أنه سيكون وجيهًا عند الله والناس، وتعرف أنه سيكلم الناس وهو طفل وهو كبير.. وقبل أن يتحرك فم مريم بسؤال آخر.. رأت الروح الأمين يرفع يده ويدفع الهواء في اتجاه مريم.. وجاءت نفخة الهواء مضيئة بنور لم تره " مريم " من قبل.. وتسلل هذا النور إلى جسد مريم وملأه فجأة.. لم تعد وحدها، وهي تحس أنه (الملاك) لم يتركها وحيدة.. حركت يده دفعة ملأتها من النور.. هذا النور يتحول داخل بطنها إلى طفل.. طفل سيصبح عندما يكبر كلمة الله وروحه التي ألقاها إلى مريم.. كان حملها يختلف عن النساء.. لم تمرض ولم تشعر بثقل ولا أحست أن شيئًا زاد عليها ولا أرتفع بطنها كعادة النساء.. كان حملها به نعمة طيبة "(3). أما عبارة " واعتاد أن يقبلها في معظم الأحيان من فمها "، فهي عبارة غير دقيقة، لأن المخطوطة التي وردت بها قديمة وبها أجزاء تالفة ولم ترد فيها كلمة " فمها " على الإطلاق، فقد وردت هكذا " واعتاد أن يقبلها في معظم الأحيان من [.. ] "، ولم ترد كلمة معينة هنا،بل فراغ، وقد وضع بعض المترجمين كلمة من فمها لسد هذا الفراغ، ولكن هذا غير علمي، فيمكن أن توضع كلمات مثل " يدها أو وجهها " مثلًا، أو يترك الفراغ كما هو. كما لا يعني التقبيل هنا الجنس، فبحسب مفهوم إنجيل فيليب نفسه فالمسيح روح محض، ولا يمكن أن تعني قبلته سوى علامة حب روحي لا أكثر ولا أقل. كما أن بقية النص يقول: " وقد تضايق باقي التلاميذ من ذلك وعبروا عن استيائهم. وقالوا آه،" لماذا تحبها أكثر منا؟". والسؤال هنا هو، لو كانت المجدلية هي زوجته فهل كان التلاميذ يسألون مثل هذا السؤال؟ فهل يسأل معلم لماذا يحب زوجته أكثر من تلاميذه؟ والرب يسوع المسيح نفسه يقول، وينقل عنه القديس بولس قوله: " من اجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا" (مت19 :5، أف5 :31). لقد تضايقوا، بحسب مفهوم الكاتب، بسبب تفضيل وليس بسبب زواج. |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
من هو رأس الكنيسة؟ يزعم الكاتب أن المسيح كان يعد المجدلية لتكون هي قائدة الكنيسة ورأسها، فيقول: "وفي تلك الفترة حسب ما يذكر الإنجيل, يشعر يسوع بأنه سوف يتم القبض عليه وصلبه قريبًا, لذا فهو يقوم بإعطاء مريم المجدلية تعليمات حول كيفية متابعة كنيسته بعد أن يموت. ونتيجة لذلك يعبر بطرس عن استيائه حول قيامه لامرأة تحتل البطولة, يمكنني القول إن بطرس كان متعصبًا للرجال". كانت صوفي تحاول استيعاب ما قاله". هذا الذي تتحدث عنه هو القديس بطرس، الصخرة التي بني عليها كنيسته؟". " هو بذاته, إلا أن هناك خطا بسيطًا, فبحسب هذه الأناجيل غير المحرفة, لم يكن بطرس هو التلميذ الذي أعطاه المسيح تعليمات تتضمن كيفية تأسيس الكنيسة المسيحية, بل كانت مريم المجدلية.. كان يريد لمستقبل كنيسته أن يكون بين يدي مريم المجدلية؟". وبترجمة أدق " الصخرة التي بني يسوع كنيسته عليها.. لم تكن بطرس بل مريم المجدلية "!! ولا تؤمن الكنائس الأرثوذكسية والبروتسانتية والإنجليكانية بأن القديس بطرس هو هذه الصخرة التي بنيت عليها الكنيسة، بل الكنيسة الكاثوليكية فقط هي التي تقول بذلك بناء على مفهومها الخاص لقول الرب يسوع المسيح " أنت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي". والمعنى الصحيح هنا لا يفهم إلا من خلال الحوار الذي دار بين الرب يسوع المسيح وتلاميذه كاملًا: " ولما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلا من يقول الناس أني أنا ابن الإنسان. فقالوا. قوم يوحنا المعمدان. وآخرون إيليا. وآخرون ارميا أو واحد من الأنبياء. فقال لهم وأنتم من تقولون أني أنا. فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح ابن الله الحي. فأجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان بن يونا. أن لحمًا ودمًا لم يعلن لك لكن أبي الذي في السموات. وأنا أقول لك أيضا أنت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات. فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطا في السموات. وكل ما تحله على الأرض يكون محلولا في السموات" (مت16:13-18). من هذا الحوار يتضح أن الصخرة هنا هي الإيمان بأن يسوع هو " المسيح ابن الله الحي". كما أن بطرس نفسه مشار إليه في هذه الآية بضمير المخاطب " أنت "، أما الصخرة فبضمير الغائب " هذه الصخرة". كما أن بطرس باليونانية المستخدمة في هذه الآية " Πέτρος – Petros "، مذكر، أما كلمة صخرة فهي " πέτρα – petra "، مؤنث. كما أن نفس السلطان الذي أعطاه الرب لبطرس هو نفس السلطان الذي أعطاه لبقية التلاميذ: " الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطا في السماء. وكل ما تحلّونه على الأرض يكون محلولا في السماء" (مت18 :18) وعندما كان معظم الرسل يكرزون بالإنجيل في جميع كان هناك في الكنيسة في أورشليم ثلاثة من التلاميذ وصفهم الكتاب بالأعمدة، يقول القديس بولس بالروح: " فإذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا (بطرس) ويوحنا المعتبرون أنهم أعمدة أعطوني وبرنابا يمين الشركة" (غل2 :9). أي كان بطرس واحدًا من أعمدة الكنيسة وليس رأسها. أما رأس الكنيسة فكان هو الرب يسوع المسيح نفسه " لان الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضا رأس الكنيسة. وهو مخلّص الجسد" (أف5 :23)، " وهو رأس الجسد الكنيسة. الذي هو البداءة بكر من الأموات لكي يكون هو متقدما في كل شيء" (كو1 :18). ومن ثم لم يسلم المسيح الكنيسة لأي إنسان مهما كان بل أعد تلاميذه ورسله وقادهم وقادة الكنيسة بالروح القدس، ومن ثم يستخدم الكتاب عبارات: " قال الروح القدس" (أع2:13)، " أرسلا من الروح القدس" (أع4:13)، " رأى الروح القدس ونحن" (أع28:15)، " منعهم الروح القدس" (أع6:16)، " قبلتم الروح القدس" (أع2:19)، " الروح القدس يشهد في كل مدينة قائلا" (أع23:20)،" أقامكم الروح القدس" (أع28:20)، " هذا يقوله الروح القدس" (أع11:21)، " كلم الروح القدس" (أع25:28)، " فقال الروح" (أع10:6؛19:10؛12:11)، " أشار بالروح" (28:11)، " فلم يدعهم الروح" (أع7:16)، " مقيدا بالروح" (أع22:20)، " يقولون … بالروح" (أع4:21). |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
جماعة أخوية سيون: "رمز جماعة أخوية سيون" أدعى الكاتب أن جماعة " أخوية سيون "، والتي أعطى لها أهمية خاصة في روايته، أنها منظمة قديمة ترجع لسنة 1099م! وهذا الكلام ثبت بالدليل القاطع وباعتراف موثق أنه غير صحيح بالمرة! فقد تأسست هذه الجماعة أصلًا سنة 1956م، وقد أسسها في فرنسا بيير بلانترد Pierre Plantard وأندرى بونهوم Andre Bonhomme, وتبين أن ما كل ما نسب إليها، وخاصة ما سمي بـ Les Dossiers Secrets، ليعطيها أهمية ومكانة قديمة، بنى عليها الكاتب جزءًا كبيرًا من حبكته، كان تزييفًا زيفه الكاتب الفرنسي الساخر والممثل فيليب دي كريزى Philippe de Chérisey (1923 - 1985)، المشهور بخلق وتزييف الوثائق عن جماعة " أخوية سيون". وقد أعترف تحت القسم أنه الموضوع كله من تزييف وفبركة. |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
الشكينة زعم الكاتب أن قدماء المصريين عبدوا الإلهة " شكينة " كمساوية ليهوه!! وهذا يدل على جهله بالكتاب المقدس والأديان القديمة!! فكلمة شكينة في العبرية هي؛ " שכינה - Shekinah "، وتعني " سكن "، وتشير إلى لمعان أو مجد محضر الله الساكن في وسط شعبه. وقد استخدمها الترجوم ومعلمو اليهود في الإشارة إلى الله نفسه، لأنهم كانوا لا يستسيغون أن ينسبوا لله صورة أو عاطفة. ولا ترد كلمة " شكينة " في الكتاب المقدس، فقد ظهرت بعد عصور الكتاب، لكن مضمونها يشيع في كلا العهدين القديم والجديد، فهي تتضمن معنى سكنى الله في وسط شعبه (خر 25: 8، 29: 45و46)، ففي هذه العبارات وأمثالها تتردد كلمة " أسكن " التي منها جاءت كلمة " شكينة". ويستخدم الترجوم عبارات " شكينة الله "، و" مجد الله " و "كلمة الله" كمترادفات، بل يستخدمها في الواقع للدلالة على الله نفسه. ويستخدمها اليهود والمسيحيون للدلالة على حضور الله بصورة ظاهرة كما في ظهور بهاء مجد الله بين الكروبيم فوق غطاء التابوت (خر 25: 20-22، 40: 34-38) انظر خر 33: 14-23) (4). |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
الفاتيكان أشار الكاتب مرات عديدة للفاتيكان كمركز القوة الدينية في الكنيسة الكاثوليكية، بل ويرى البعض، خاصة من غير المسيحيين، في كلمة الفاتيكان إشارة إلى كل ما هو مسيحي، بل ويراها البعض كخزانة للأسرار ويرجع بتاريخها للعصور الأولى للمسيحية، ويتصور البعض أن الأسفار المقدسة مخبئة فيها، وأن الكنيسة تخفي فيها كل ما لا تريد للناس أن يعرفوه، منذ أقد عصور المسيحية!! وزعم الكاتب أن الفاتيكان هي التي حرّمت الكتابات الغنوسية في القرن الرابع!! ولكن هذا عكس الحقيقة تمامًا؛ أولًا؛ لأن الكاثوليكية ليست هي كل المسيحية، بل هناك الأرثوذكسية وهي الكنيسة الأقدم والتي كانت مركزًا للمسيحية قبل ظهور قيادة روما للكاثوليكية بأكثر من 200 سنة، وقبل ظهور الفاتيكان بمئات السنين، وكانت أهم كراسيها الرسولية في الإسكندرية وإنطاكية بسوريا وأورشليم والقسطنطينية. وثانيًا؛ لأنه لم يكن للفاتيكان في القرن الرابع الميلادي أي دور قيادي، بل كان في ذلك الوقت مجرد كنيسة صغيرة ومقبرة على الطريق (اقرأ مقالًا آخراُ عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وكان القصر البابوي في روما في كاتدرائية جون لاتيران Basilica of St. John Lateran، ولم يكن هناك أي مجال رسمي للفاتيكان في الكنيسة قبل القرن الخامس عشر. |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
اسم الله القدوس يهوه زعم دان براون أن اسم الله القدوس يهوه (יהוה) المكون من أربعة حروف والمسمى في اليونانية ( τετραγράμματον – Tetragrammaton)، أي الاسم الذي من أربعة حروف (YHWH)، مأخوذ من اسم Jehovah المخنث والذي يتضمن الذكورة والأنوثة معًا (اقرأ مقالًا آخراُ عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)!! والمكون من اتحاد المذكر Jah والاسم السابق للعبرية Eve فصار Havah !! وهذا في حد ذاته يدل على جهلة الفاضح، ومدى الفبركة والتلفيق في ادعاءاته!! فاسم يهوه في العبرية كما يتفق العلماء، الآن، وبصفة عامة، مشتق من الأصل العبري، في شكله القديم " هايا، هاياه –hayah, haya "(5)، ويعنى " أكون –Etre, to Be، يصير –become، يحدث – happen"(6). والاسم في المضارع يعنى " هو الذي يكون –He Who is، أي " الموجود الذاتي "، " الموجود بذاته "، وفى المستقبل يعنى " هو الذي يستمر كائنًا –He who will continue to be "(7)، أي الدائم الوجود، الموجود أبدًا، الكائن الذي يكون الدائم الوجود وواجب الوجود، الكائن المطلق، الإله المطلق، الموجود بذاته والذي له حياه جوهرية في ذاته، الموجود الدائم، الحي الذي له الحياة في ذاته، الموجود بلا مُوجد، الموجود المطلق. ويحدد أحد العلماء (Newbery) مغزى الاسم بقوله: " الذي كان دائمًا والذي يكون دائمًا والذي يأتي أبدًا "(8). أما كلمة Jehovah من الكلمة اللاتينية Iéhova هي مجرد بديل لفظي، دخل في القرن الثامن عشر لكلمة يهوه (יְהֹוָה) والذي كان محرما علي اليهود نطقه، وتقول دائرة المعارف البريطانية؛ أن كلمة " Jehovah "، هي نطق حديث للاسم العبري، وقد نتج من جمع الحروف الساكنة للاسم (Jhvh,) مع الحروف المتحركة لكلمة رب العبرية التي استبدل بها اليهود نطق يهوه وهي (أدوناي - adonay)، وبجمع الحروف المتحركة في هذه الكلمة مع الأربعة حروف (Jhvh,) تكونت كلمة (Jehovah) لتكون بديلًا لكلمة " يهوه – יהוה – YHWH " العبرية(9). فهي مجرد بدل لفظي لا أكثر ولا أقل. |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
الموناليزا وآمون وإيزيس أدعى براون أن الإله آمون اليوناني والإلهة المصرية إيزيس كانا يمثلان زوج إلهي في الأسطورة المصرية!! وهذا كلام لا يعقله طالب في المرحلة الثانوية، فقد كانت زوجة آمون في الديانة المصرية القديمة هي " موط - Mut "، وكانت إيزيس زوجة لأوزوريس (إله العالم السفلي). كما يقول أن ليوناردو دافنشي رسم لوحة الموناليزا كرسم ذاتي عبر به عن نفسه، وليشير بها للإله المصري آمون والإلهة إيزيس، ويقابل بين Mona Lisa و Amon and Isis !! وهذا الكلام مجرد ادعاء لفكرة عامة وربط غير علمي!! فليس هناك من يعرف من هي الموناليزا، وهناك مصادر قالت أنها ليزا جيرارديني (Lisa Gherardini)، كما أن اسم الموناليزا لم يكن من اختيار أو تسمية ليوناردو ، بل طُبق عليها فقط في القرن التاسع عشر، أي بعد ليوناردو (1452-1519 م.) بثلاثة قرون بل كان اسمها الأكثر شهرة هو الجيوكوندا (Giocondo). أما اسم موناليزا فهو مكون من " Mona " وهي اختصار لكلمة "madonna"، أي سيدة، وليزا (Lisa) وهي اسم معظم الموضوعات المثيلة التي كانت تُرسم. |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
الاتحاد بين الذكر والأنثى يعتبر الموضوع الرئيس لهذه الرواية هو ما يمكن أن نسميه بلاهوت الأنثى، أو الاتحاد بين الذكر والاثني، كما صوره في ادعاءاته عن آمون وإيزيس، وفي ادعاءه عن كلمة Jehovah وزعمه أنها مكونة من اتحاد المذكر Jah والاسم السابق للعبرية Eve ، المؤنث فصار Havahوقوله عن دافنشي أنه رسم الموناليزا ليعبر بها عن الازدواجية في ذاته، أي دافنشي نفسه، وأخيرا في محاولته الأساسية في كل فصول الرواية لتصوير هذه الازدواجية في ادعاءه وجود علاقة بين المسيح والمجدلية!! وهذا ما برهنا على تلفيقه في الفصول التالية. وهناك الكثير مما لفقه، أو بلغته فبركه، لكثيرٍ من الشخصيات والأحداث والأماكن ليوصل أفكاره الهدامة والتي تطلب منا كشفها الرجوع للكثير من الموسوعات ودوائر المعارف العلمية والعالمية. |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
مريم المجدلية في الأناجيل القانونية والكتب الأبوكريفية تعتبر مريم المجدلية من أكثر وأهم الشخصيات النسائية التي وردت في العهد الجديد والكتب الأبوكريفية المسيحية، بل ومن أكثر الشخصيات التي نُسجت حولها الأساطير والروايات، في العصور الوسطى، لأنها كانت أكثر النساء التلميذات تعلقًا بشخص المسيح، وخاصة أنها الوحيدة التي يذكر الكتاب أنه أخرج منها سبعة شياطين، فكانت تدين له بالفضل والعرفان كثيرًا، كما كانت مع " يونّا امرأة خوزي وكيل هيرودس وسوسنة وأخر كثيرات كنّ يخدمنه من اموالهنّ"، وكانت واقفة عند الصليب كشاهد عيان لصلبه، وكانت مع أخر من تركنه بعد الدفن، فقد كانت تراقب القبر مع مريم أم يعقوب، وكانت مع أول من ذهب إلى القبر لتطييب جسده، وهناك رأت الملائكة المبشرين بقيامته، وكانت أول من شاهد المسيح بعد قيامته، وأرسلها الرب لتبشر التلاميذ بقيامته، فكانت كما دعاها العلامة هيبوليتوس؛ "رسولة للرسل"، وكانت أول من بشر الرسل، خاصة يوحنا وبطرس، بقيامته. ويقول تقليد الكنيسة الأرثوذكسية أنها ذهبت مع القديسة مريم العذراء إلى أفسس وهناك انتقلت من هذا العالم، وأن رفاتها نقلت إلى القسطنطينية سنة 886م. ويؤكد المؤرخ الروماني جريجوري أسقف تورز Gregory of Tours (538 -594 م)، والذي كان من الغال، فرنسا حاليًا، نفس هذا التقليد، في كتابه ((De miraculis, I, xxx) ويقول أنها ذهبت إلى أفسس ولم يذكر قط أنها ذهبت إلى فرنسا. مع ملاحظة أنه عاش في القرن السادس، أي أنه لم يكن لأسطورة ذهابها إلى فرنسا وما ترتب عليها من روايات أسطورية بعد ذلك أي وجود على الإطلاق!! وفي القرن الثالث ربطها البعض بمريم التي من بيت عنيا، أخت لعازر ومرثا، التي دهنت الرب بطيب ومسحت رجليه بشعرها: " وكانت مريم التي كان لعازر أخوها مريضا هي التي دهنت الرب بطيب ومسحت رجليه بشعرها" (يو11 :2)، " ثم قبل الفصح بستة أيام أتى يسوع إلى بيت عنيا حيث كان لعازر الميت الذي أقامه من الأموات. فصنعوا له هناك عشاء. وكانت مرثا تخدم وأما لعازر فكان احد المتكئين معه. فأخذت مريم منا من طيب ناردين خالص كثير الثمن ودهنت قدمي يسوع ومسحت قدميه بشعرها. فامتلأ البيت من رائحة الطيب" (يو12 :1-3). كما وصف البعض مريم أخت لعازر بأنها هي نفسها المرأة الخاطئة: " وإذا امرأة في المدينة كانت خاطئة إذ علمت انه متكئ في بيت الفريسي جاءت بقارورة طيب ووقفت عند قدميه من ورائه باكية وابتدأت تبل قدميه بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها وتقبل قدميه وتدهنهما بالطيب" (لو7 :42و43) . مع ملاحظة أن القديس لوقا ذكر، أيضًا، حادثة استضافة مريم ومرثا، التي ذكرها القديس يوحنا، أعلاه، بعد ذكر حادثة المرأة الخاطئة بعدة إصحاحات، وفي مناسبة أخرى غير المذكور فيها المرأة الخاطئة، ولم يربط بين الموقفين أو الشخصيتين نهائيًا: " وفيما هم سائرون دخل قرية فقبلته امرأة اسمها مرثا في بيتها. وكانت لهذه أخت تدعى مريم التي جلست عند قدمي يسوع وكانت تسمع كلامه. وأما مرثا فكانت مرتبكة في خدمة كثيرة. فوقفت وقالت يا رب أما تبالي بان أختي قد تركتني اخدم وحدي.فقل لها آن تعينني. فأجاب يسوع وقال لها مرثا مرثا أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة. ولكن الحاجة إلى واحد. فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها" (لو10: 38-42). وفي القرن الرابع أعتبر البعض المرأة الخاطئة هي نفسها المرأة الزانية التي أمسكت في ذات الفعل (يو8: 3). وفي القرن السادس ربط التقليد الكاثوليكي النسوة الثلاث معًا وذلك بناء على ما قاله البابا جريجوري الأول (591م) في عظته التي قال فيها: " أنها هي التي دعاها لوقا بالمرأة الخاطئة، وهي التي يدعوها يوحنا مريم [ التي من بيت عنيا ]، ونحن نؤمن أنها مريم التي أخرج الرب منها سبعة شياطين". والذين ربطوا بين المرأة الخاطئة والمرأة الزانية، ركزوا على عبارة " امرأة خاطئة "، وفهموها بمعنى زانية، مع أن الكلمة المستخدمة في قوله " امرأة خاطئة " هي " ἁμαρτωλός - hamartōlos " لا تفيد أنها زانية لأن الكلمة مستخدمة في العهد الجديد بمعنى الخاطئ أو الخاطئة بدون تحديد خطية معينة. وتبنت الكنيسة الكاثوليكية هذا التفسير منذ ذلك الوقت، والذي ساد منذ ذلك الوقت في الأوساط الدينية والفنية الأوربية، فراح الفنانون يرسمون المجدلية بشعر طويل أحمر وملامح تظهرها كزانية، وهكذا صورها فيلم آلام المسيح مؤخرًا، بسبب فكر مخرجة الكاثوليكي، وظلت هذه الصورة سائدة عند الكاثوليك إلى أن أعلن الفاتيكان مؤخرًا، أن المجدلية ليست هي المرأة الزانية!! وعند التدقيق في نصوص الإنجيل بأوجهه الأربعة، الموحى بها بالروح القدس، يتبين أنه لا يوجد أي صلة بين الثلاثة، بل الأربعة، فالمجدلية ذكرت باسمها تحديدًا، خاصة في الإنجيل للقديس لوقا والذي ذكر المرأة الخاطئة في نهاية الإصحاح السابع، ومريم أخت مرثا في الإصحاح العاشر، دون أي رابط بينهن، وذكر المجدلية معرفة بأنها التي أخرج منها الرب سبعة شياطين في بداية الإصحاح الثامن ولم يربطها بأي من المرأتين الأخريين مطلقًا. فلا يمكن أن تكون هي أخت لعازر فهي من مجدل، ومريم أخت لعازر من بيت عنيا، كما لا يمكن أن تكون إحداهن هي المرأة الخاطئة أو الزانية، فليس هناك أي إشارة أو تلميح لذلك، بل كل واحدة منهن مستقلة بذاتها. هذا ما ذكره الوحي الإلهي في الإنجيل بأوجهه الأربعة عن المجدلية، وأتبعه في ذلك التقليد الأرثوذكسي، حتى الآن، وما يقول به معظم البروتستانت، وعادت إليه الكنيسة الكاثوليكية مؤخرًا. ولا توجد أي علاقة بين ذلك وما نسج حولها من خرافات وراويات خيالية وأساطير، وما زعمه كُتّاب روايتي "الدم المقدس، الكأس المقدسة" و"شفرة دافنشي". أما الكتب الأبوكريفية فقد صورتها كشخصية محورية في بعض الكتب مثل إنجيل مريم المجدلية وإيمان الحكمة وإنجيل فيليب وحوار المخلص، وإنجيل توما، حيث تتحاور مع المسيح في الأمور الروحية والسمائية ويكشف لها أسرار الروحيات والسمائيات. وأنها دخلت الملكوت بتحولها إلى ذكر روحيًا. ولكنها لا تؤيد أي شيء آخر مما قيل عنها من خرافات، ولا علاقة لما جاء بهذه الكتب الأبوكريفية من فكر غنوسي وما نسج حول المجدلية من أساطير. |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
مريم المجدلية في العهد الجديد تُذكر مريم المجدلية في الإنجيل بأوجهه الأربعة التي للقديسين متى ومرقس ولوفا ويوحنا في الآيات التالية: (1) الإنجيل للقديس لوقا "وبعض النساء كنّ قد شفين من أرواح شريرة وأمراض. مريم التي تدعى المجدلية التي خرج منها سبعة شياطين ويونّا امرأة خوزي وكيل هيرودس وسوسنة وأخر كثيرات كنّ يخدمنه من اموالهنّ" (لو8 :1-3). وهنا نرى المجدلية وقد أخرج منها الرب يسوع المسيح سبعة شياطين، ثم صارت إحدى تلميذاته اللواتي كن يخدمنه من أموالهن، ليس وحدها بل مع "يونّا امرأة خوزي وكيل هيرودس وسوسنة وأخر كثيرات". ولا يوجد ما يميزها عنهن في شيء إلا كونها الوحيدة التي كانت تدين له بالفضل الكثير لإخراجه منه سبعة شياطين. وهذا ما يفسر تعلقها الكبير ووجودها بالقرب منه في أهم المواقف. (2) الإنجيل للقديس متى: "وكانت هناك نساء كثيرات ينظرن من بعيد وهنّ كنّ قد تبعن يسوع من الجليل يخدمنه. وبينهنّ مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسي وأم ابني زبدي.. فاخذ يوسف الجسد ولفه بكتان نقي. ووضعه في قبره الجديد الذي كان قد نحته في الصخرة ثم دحرج حجرا كبيرا على باب القبر ومضى. وكانت هناك مريم المجدلية ومريم الأخرى جالستين تجاه القبر" (مت27 :55-61). "وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر" (متى28: 1). (3) الإنجيل للقديس مرقس: " كانت أيضا نساء ينظرن من بعيد بينهنّ مريم المجدلية ومريم أم يعقوب الصغير ويوسي وسالومة. اللواتي أيضا تبعنه وخدمنه حين كان في الجليل. وأخر كثيرات اللواتي صعدن معه إلى أورشليم.. وكانت مريم المجدلية ومريم أم يوسي تنظران أين وضع" (مر15 :40و41). وهنا يؤكد كل من القديسين متى ومرقس وجودها عند الصليب، ليست وحدها بل ضمن نساء كثيرات كانت هي بينهن. بل وظلت مع مريم أم يوسى ويعقوب الصغير المعروف بأخي الرب (مر6 :3؛غل1 :19)، أي أخت العذراء، تتابعان الدفن حتى تم وضع الحجر على القبر. وفي يوم السبت كانت مع مريم أم يعقوب لتطييب جسد المسيح، كما كانت عادة اليهود. أي كانت مع النسوة عند الصلب واستمرت متابعة لعملية الدفن حتى انتهت، وكانت مع أول من ذهبن على القبر. وفي وصف القيامة يقول القديس متى: " وبعد ما مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطا ليأتين ويدهنّه. وباكرا جدا في أول الأسبوع أتين إلى القبر إذ طلعت الشمس. وكنّ يقلن فيما بينهنّ من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر. فتطلعن ورأين أن الحجر قد دحرج. لأنه كان عظيما جدا. ولما دخلن القبر رأين شابا جالسا عن اليمين لابسا حلة بيضاء فاندهشن. فقال لهنّ لا تندهشن. انتنّ تطلبن يسوع الناصري المصلوب. قد قام. ليس هو ههنا. هوذا الموضع الذي وضعوه فيه. لكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس انه يسبقكم إلى الجليل. هناك ترونه كما قال لكم. فخرجن سريعا وهربن من القبر لان الرعدة والحيرة أخذتاهنّ ولم يقلن لأحد شيئا لأنهنّ كنّ خائفات". أي أنها، المجدلية، شاهدت مع بقية النسوة، كل ظواهر القيامة وإعلاناتها؛ فقد شاهدت الملاكين وإعلانهما قيامته والتكليف بتبليغ التلاميذ خبر القيامة. ثم يكمل القديس مرقس: " وبعدما قام باكرا في أول الأسبوع ظهر أولا لمريم المجدلية التي كان قد اخرج منها سبعة شياطين. فذهبت هذه وأخبرت الذين كانوا معه وهم ينوحون ويبكون" (مر16 :1-9) وهنا يعلن أنها أول من شاهد المسيح بعد قيامته، وأنها هي التي بشرت التلاميذ والرسل بهذا الخبر السار، مع ذكر أنها التي أخراج الرب منها سبعة شياطين، أي أنها كانت معروفة بذلك وسطهم، ولو كان هناك أي فكر غير ذلك، مثل الزواج مثلًا، لكان قد أُعلن. (4) أما الإنجيل للقديس يوحنا فيشرح حادثة ظهور المسيح للمجدلية بالتفصيل: " وفي أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرا والظلام باق فنظرت الحجر مرفوعا عن القبر. فركضت وجاءت إلى سمعان بطرس والى التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه وقالت لهما اخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم أين وضعوه. فخرج بطرس والتلميذ الآخر وأتيا إلى القبر. وكان الاثنان يركضان معا. فسبق التلميذ الآخر بطرس وجاء أولًا إلى القبر وانحنى فنظر الأكفان موضوعة ولكنه لم يدخل. ثم جاء سمعان بطرس يتبعه ودخل القبر ونظر الأكفان موضوعة والمنديل الذي كان على رأسه ليس موضوعا مع الأكفان بل ملفوفا في موضع وحده. فحينئذ دخل أيضا التلميذ الآخر الذي جاء أولا إلى القبر ورأى فآمن. لأنهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب انه ينبغي أن يقوم من الأموات. فمضى التلميذان أيضا إلى موضعهما أما مريم فكانت واقفة عند القبر خارجا تبكي. وفيما هي تبكي انحنت إلى القبر فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحدا عند الرأس والآخر عند الرجلين حيث كان جسد يسوع موضوعا. فقالا لها يا امرأة لماذا تبكين. قالت لهما أنهم اخذوا سيدي ولست اعلم أين وضعوه. ولما قالت هذا التفتت إلى الوراء فنظرت يسوع واقفا ولم تعلم انه يسوع. قال لها يسوع يا امرأة لماذا تبكين. من تطلبين. فظنت تلك انه البستاني فقالت له يا سيد أن كنت أنت قد حملته فقل لي أين وضعته وأنا آخذه. قال لها يسوع يا مريم. فالتفتت تلك وقالت له ربوني الذي تفسيره يا معلّم. قال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم اصعد بعد إلى أبي. ولكن اذهبي إلى أخوتي وقولي لهم أني اصعد إلى أبي وأبيكم والهي وإلهكم. فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ أنها رأت الرب وانه قال لها هذا" (يو20:1-18). وبرغم أن القديس يوحنا ركز على المجدلية وحدها، هنا، إلا أنه أشار بشكل غير مباشر إلى أنها لم تذهب إلى القبر وحدها، وذلك في قولها: " اخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم أين وضعوه "، فهي تتكلم بصيغة الجمع " لسنا نعلم "، ولكن ذلك لا يقلل من قيمة أنه ظهر لها وحدها أولًا وطلب منها أن تبشر بقية الرسل بذلك، فصارت "رسولة للرسل". وفي كل الأحوال لا يوجد في نص الآيات ما يفيد غير أنها كانت إحدى تلميذات المسيح المقربات، وأنها كانت تمتلك المال لتصرف منه على خدمته مثلها في ذلك مثل امرأة خوزي والأخريات، إلى جانب تعلقها الشديد به لأنه أخرج منها سبعة شياطين، ولم يجعل منها مجرد إنسانة سوية فقط، بل إحدى تلميذاته اللواتي كن يخدمنه من أموالهن. كما تذكر دائمًا رقم واحد عند ذكر أسماء النسوة اللواتي كن يتبعنه ومن ضمنهن مريم أخت أمه، أم يعقوب أخو الرب، وسالومة أم يوحنا تلميذه الحبيب وأخيه يعقوب أبني زبدي. |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
مريم المجدلية في الكتب الأبوكريفية وعلى عكس الفكر الذي قال أن مريم هي نفسها المرأة الخاطئة، والذي تبرأ منه الفاتيكان مؤخرًا، فقد كانت المجدلية بالنسبة للفكر الأرثوذكسي، كما وصفها العلامة هيبوليتوس "رسولة للرسل"، في اللاتينية "Apostola Apostolorum"، لأن الرب يسوع المسيح طلب منها، بعد قيامته، أن تخبر تلاميذ المسيح ورسله بهذا الخبر السار وهو قيامته، كما بينّا أعلاه، فقد كانت هي أول شاهد عيان للقيامة. هذا الوصف الذي وصفت به المجدلية تضخم في الفكر الغنوسي فتحولت من مبشرة بقيامة المخلص في وسط دائرة محلية هي التلاميذ والرسل إلى مبشرة ورسولة بهذا الخبر السار للعالم بمعناه الواسع. وبناء على ذلك كتب الغنوسيين كتبًا، فيما بين 150 و450 م.، أسموها أناجيل ورؤى وأعمال نسبوها للرسل، من ضمنها ما سمي بالإنجيل بحسب مريم المجدلية، وتحولت من مبشرة إلى رائية للرؤى الإلهية ومحاورة للمخلص وحافظة لأسراره الروحية، بل ويقول هذا الكتاب الأبوكريفي؛ أنه كان يكشف لها ما لم يكشفه لغيرها من التلاميذ والرسل. وفيما يلي بعض ما جاء عنها في الكتب الأبوكريفية الغنوسية: (1) الإنجيل حسب رواية مريمالمجدلية: هذا الكتاب، الذي كتب فيما بين نهاية القرن الثاني وبداية الثالث، يصور المجدلية في صورة التلميذة المحبوبة من المخلص أكثر من غيرها، بل الأكثر شجاعة من التلاميذ والرسل جميعًا! والأكثر إدراكًا وحفظًا لكلامه، والتي سمعت منه ما لم يسمعه تلاميذه الآخرون من أسرار ملكوت الله، والرائية التي رأت المخلص في عالم النور والروحيات والسماويات، بل والأكثر ثقة وشجاعة من كل التلاميذ والرسل! ويزعم أنه بعد أن أمر المخلص تلاميذه بالكرازة في العالم أجمع حزنوا وبكوا!! فشجعتهم وطمأنتهم وشرحت لهم ما لم يشرحه المخلص لغيرها: " (1) لكنهم حزنوا. وبكوا بكاءً شديدا, قائلين كيف نذهب لغير اليهود ونبشر بإنجيل الملكوت بابن الإنسان؟ فإن لم يحفظوه كيف سيحفظوننا؟ (2) ثم وقفت مريم, وحيتهم جميعا. وقالت لإخوتها, لا تبكوا ولا تحزنوا ولا تتحيروا, لأن نعمته ستكون معكم بالكامل وستحميكم. (3) لكن بالحري, دعونا نمجد عظمته, لأنه أعدنا وجعلنا للناس. (4) وحين قالت مريم هذا. شعروا بالطمأنينة في قلوبهم, وبدأوا بمناقشة كلمات المخلص.(5) قال بطرس لمريم, أختاه نعلم أن المخلص احبك أكثر من أي امرأة أخرى. (6) قولي لنا كلمات المخلص التي تذكرينها وتعرفينها, ولم نسمعهامن قبل. (7) أجابت مريم وقالت, ما هو مخفي عليكم سأطالب به منأجلكم. (8) وبدأت تقول لهم هذه الكلمات: أنا, رأيت الرب في رؤيا وقلت له، يا رب لقد رأيتك اليوم في رؤيا, فرد قائلا لي، (9) مباركة أنت لأنك لمترتعشي لرؤيتي. لأنه حيث يكون العقل يكون الكنز.(10) قلت له, يا رب, كيف يرى الرؤيا من يراها, من خلال الروح أم من خلال النفس؟ (11) أجاب المخلص وقال، لا ترى من خلال الروح أو النفس, ولكن العقل الذي بين الاثنين هو الذي يرى الرؤيا وهي [000]. وفي فقرة أخرى يقول:".. هو.(10) والرغبة قالت, لم أراك تهبط, لكن الآن أراك تصعد. لماذا تكذب طالما أنت ملكي؟(11) أجابت الروح وقالت. أنا رأيتك ولم تريني ولا تعرفني علي. كنت كثوبك ولم تعرفيني.(12) حين قالت هذا, ذهبت " الروح " بعيدا بابتهاج شديد.(13) وثانية جاءت للقوة الثالثة, المسماة الجهل.(14) وسألت القوة الروح, قائلة, إلى أين أنت ذاهبة؟ بالشر مقيدة. ولكنك مقيدة لا تحكمي. (15) وقالت الروح. لماذا تحاكمينني, مع أني لم أحاكم؟ (16) كنت مقيدة, رغم أني لم أكن مقيدة. (17) لم يتم التعرف علي، ولكن عرفت أن الكل سيتلاشى. الأرضيات والسماويات معًا. (18) حين قهرت الروح القوة الثالثة، ذهبت للأعلى ورأت القوة الأربعة، التي أخذت سبعة أشكال. (19) الشكل الأول هو الظلام، الثاني هو الرغبة، الثالث هو الجهل، الرابع هو إثارة الموت، الخامس هو مملكة الجسد، السادس هي حماقة حكمة مملكة الجسد، السابع هي الحكمة الرعناء. هذه هي القوى السبع للغيظ." ويركز الكاتب في هذه الفقرة على سبع خطايا مميتة، من الوجهة الغنوسية، هي؛ (1) " الجهل" و (2) " الظلام " و (3) " الرغبة " و (4) " إثارة الموت" و (5) " مملكة الجسد " و (6) " حماقة مملكة الجسد " و (7) " الحكمة الرعناء". وهو تعليم غنوسي صوفي يعلي من قيمة المعرفة والتعفف وقهر الجسد. كما يبدو أن الكاتب قصد بالأشكال السبعة للخطايا الإشارة إلى الشياطين السبعة التي أخرجها منها الرب يسوع كما ذكرت الأناجيل القانونية الموحى بها. ثم يتحول الكتاب لتصوير أندراوس وبطرس، وبصفة خاصة بطرس، وكأنه لم يصدق إمكانية أن يكشف المخلص مثل هذه الأمور والأسرار الروحية لامرأة، فيتصدى له لاوي، والذي بحسب الإنجيل للقديس مرقس هو القديس متى الإنجيلي (مر2 :14)، مؤكدًا أن تمييز المخلص وحبه لها جاء نتيجة معرفته لها، باعتباره المخلص السمائي، كاشف الأسرار، كما يبدو في نصوص هذا الكتاب الأبوكريفي، وإذا كان المخلص أراد ذلك فمن يعرف أكثر منه أو يرده: (1) حين قالت مريم هذا، صمتت، لأن الكلام كان حتى هذه اللحظة كلام المخلص معها. (2) لكن (أندراوس) أجاب قائلًا للأخوة، قولوا ما تودون قوله عما قالته. فأنا أولًا وأخرًا لا أصدق أن المخلص قال هذا. ومن المؤكد أن هذه التعاليم أفكار غريبة. (3) أجاب بطرس متحدثًا بخصوص هذه الأمور. (4) وسألهم عن المخلص: هل حقًا تحدث مع امرأة وحيدين وليس علنًا أمامنا؟ هل سنستمع لها جميعًا؟ هل فضلها علينا؟ (5) فبكت مريم وقالت لبطرس، أخي بطرس ماذا تظن؟ هل تظن أنني ابتدعت هذا من تلقاء نفسي ومن قلبي، أو أنني أكذب فيما يختص بالمخلص؟ (6) أجاب لاوي قائلًا لبطرس: " بطرس أنت دائمًا سريع الغضب". (7) الآن أراك تنافس المرأة كعدو. (8) لكن إذا كان المخلص قد جعلها ذات قيمة، فمن أنت إذا حتى ترفضها؟ بالطبع فأن المخلص يعرفها بشكل جيد.(9) ولهذا أحبها أكثر منا. فبالحري يجب أن نخجل ونختار الرجل المناسب، ونفترق كما أمرنا وأن نبشر بالإنجيل، دون أن نضع شروطًا لم يضعها المخلص.(10) وحين سمعوا هذا بدأوا بالابتعاد للكرازة والتبشير". وهنا نص قاطع وهو ما نسب لبطرس أنه قال: "هل حقًا تحدث مع امرأة وحيدين وليس علنًا أمامنا؟"!! وهذا القول يؤكد بشكل قاطع أن المجدلية كانت بالنسبة لبطرس واليهود، في عصر كتابة هذا الكتاب الأبوكريفي، أجنبية، وبحسب الفكر اليهودي، كانت محرمة بالنسبة لهم، فهو ليس من محارمها، فهو ليس أبيها ولا أخاها ولا زوجها، بل أجنبية بالنسبة له!! وهذا له ما يشبهه في الإنجيل للقديس يوحنا، عندما رأي التلاميذ أن الرب يتكلم مع المرأة السامرية على البئر وحدهما، يقول الكتاب: " وكانوا يتعجبون أنه يتكلم مع امرأة. ولكن لم يقل احد ماذا تطلب أو لماذا تتكلم معها" (يو4 :27). وهذا يكذب فكر الكاتب ومن تبعه في ذلك بشكل مطلق، لأنها لو كانت زوجته كما زعمت الأساطير والأفكار الملفقة، لما أستغرب أحد لحديثه معها وهما وحدهما دون أن يكون معهما مِحِرم، أو أي إنسان آخر؟!! (2) إنجيل توما: وفي هذا الكتاب يرد النص التالي والذي يؤكد الفكر الغنوسي الذي يعتقد بالخلاص عن طريق المعرفة، معرفة الإنسان لنفسه، في جوهرها الروحي، ومعرفة الإله السامي عن طريق المسيح المنبثق منه، المولود منه، كنور من نور، والذي يدعو للنسك والتعفف عن العلاقات الزواجية، ويرى خلاص المجدلية في أن تكون روحًا حيًا يشبه الذكور، فيقول: " قال سمعان بطرس لهم: " لترحل مريم عنا لان النساء لا تستحق الحياة". فقال يسوع: " أنا سوف أقودها لأجعلها ذكرا حتى تصبح هي أيضا روحا حيا يشبهكم أيها الذكور، لأن كل امرأة تجعل نفسها ذكرا ستدخل ملكوت السموات". (3) الإنجيل بحسب فيليب: وفي هذا الكتاب الأبوكريفي وردت الفقرة التالية التي تقترب كثيرا مما جاء في الإنجيل القانوني الموحى به، والتي تصور مريم العذراء ومريم أم يعقوب ومريم المجدلية في مصاحبة الرب باستمرار، فيقول: " (1) كان هناك ثلاثة يسيرون دائما مع الرب: مريم، أمه وأختها والمجدلية والتي كانت تدعى مرافقته. (2) أمه وأختها ومرافقته كن يدعون مريم". وهذا يشبه ما جاء في الإنجيل للقديس يوحنا: " وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية" (يو19 :25). وقد شرحنا كلمة مرافقته أو رفيقته في الفصل السابق. وفي القفرة التالية والتي استعان بها دان بروان، وبعض الذين تعلقوا بفكره لأنه يناسب فكرهم وعقيدتهم من جهة شخص المسيح، والذين حذفوا الفقرة الأولى منها لأنها تقلب الموضوع رأسا على عقب، ففضلا عما أوضحناه في الفصل السابق نضيف هنا، أنه يصف المجدلية، إذا لم نضع في الاعتبار الفراغ [.. ] الناتج من تلف المخطوطة المنقول عنها، بأنها الحكمة العاقر أو العقيمة، والتي يصفها بشكل صوفي كأم الملائكة، ويقول أنها رفيقته، ثم يليها فراغ [.. ]، ثم يذكر مريم المجدلية، يليها فراغ [.. ]، ثم يتكلم عن حب المسيح لها، وحبه لمن كانت بهذه الصفات الروحية، وهو نفسه، حسب أوصاف نفس الكتاب الأبوكريفي، إنجيل فيليب، روح ونور، لابد وأن يكون حبًا روحانيًا، وقبلاته فيه لها مغزاها الروحي: " أما عن الحكمة والتي تدعى " العاقر " فهي أم الملائكة ورفيقة الـ[.. ] مريم المجدلية [.. ] أحبها أكثر من كل التلاميذ واعتاد أن يقبلها في معظم الأحيان في [.. ]. بقية التلاميذ [.. ] وقالوا له،" لماذا تحبها أكثر منا؟ فأجاب المخلص وقال لهم: لماذا أنا لا أحبكم مثلها؟ عندما يكون رجل أعمى وآخر مبصر كليهما معًا في الظلمة، فلا يختلف أحدهما عن الآخر، وعندما يأتي النور فالمبصر يرى النور والأعمى يظل في الظلمة". وهو يصفها، هنا، بالمبصر الذي يرى في النور. والأجزاء التي بين الأقواس هي أجزاء تالفة في المخطوطة ولا تظهر الكلمات التي كانت مكتوبة فيها تُركت عملية تكملتها لاجتهاد العلماء. (4) حكمة الإيمان (Pistis Sophia): وفي هذا الكتاب نجد تقارب كبير بين المجدلية والقديسة مريم العذراء من جهة البركة ووصف كليهما بالمباركة بركة تفوق الجميع، كما يتكون نص الكتاب كله من حوارات بين المخلص ومريم العذراء ومريم المجدلية يتعذر علينا، في أغلب الأحيان، أن نميز أن كانت المتكلمة أو المستمعة للمخلص هي مريم العذراء أم المجدلية. والكتاب كله حوارات وأحاديث روحية صوفية تتركز على عالم النور والروحيات، هذا العالم الذي يركز على الروح وعالم الروح وخلاصه من الجسد. ونختار الفقرة التالية التي يمكن أن نميز فيها اسم المجدلية بسهولة: " وصية السر الأول، أنا نظرت ثانية إلى عالم الجنس البشري، ووجدت مريم، تقدمت وأعطيت تفسيراتهم. " مريم، أم يسوع، جاءت متقدمة، أجابت هي، بل يسوع وقال: " أنت أيضا مريم، أنت تسلمت من الذين هم متقدين وأعطيتي تفسيراتهم". فتقدمت مريم أم يسوع، وأجابت هي، بل يسوع: " أنت أيضًا مريم، أنت تسلمت من التي هي عذراء النور بحسب النور، أنت ومريم الأخرى [ المجدلية ] المباركة". (5) إنجيل بطرس: أما هذا الكتاب، الذي كتب في القرن الثاني، كما يبدو واضحا أنه مكون من الأناجيل القانونية الأربعة الموحى بها، فهو أكثر مماثلة بها ولكنه يقدم الحدث بصورة غنوسية دوسيتية خيالية ويضيف تفاصيل كثيرة، ويعلن صراحة أن مريم كانت تلميذة للرب، ويصور ذهابها للقبر للبكاء وسكب الطيب على قبره: " وباكرًا في صباح يوم الرب ذهبت مريم المجدلية وهى تلميذه للرب. خوفًا من اليهود لأنهم كانوا متقدين بالغضب، ولأنها لم تفعل عند قبر الرب ما كانت النساء تريد أن يعملنه للموتى الذين يحبونهم وأخذت معها صديقاتها وجئن إلى القبر حيث وضع، 52 وخفن أن يراهن اليهود وقلن: على الرغم من أننا لم نستطع أن نبكى وننوح في اليوم الذي صلب فيه، فلنفعل ذلك الآن على قبره. 53 ولكن من سيدحرج لنا الحجر الذي وُضع على باب القبر، إذ يجب أن ندخل ونجلس بجانبه ونفعل ما يجب ؟ 54 لأن الحجر كان عظيمًا. ونخشى أن يرانا أحد. وإذا لم نستطع أن نفعل ذلك، دعونا على الأقل أن نضع على بابه ما أحضرناه لذكراه ولنبك وننوح حتى نعود إلى البيت ثانيه". ولا يوجد في النص ما يشير إلا إلى تلميذه حزينة على فقدان معلمها ومخلصها وشافي أمراضها. 5 – إنجيل مركيون (إنجيل الرب) : كان مركيون يعتقد بوجود إلهين الإله السامي غير المدرك وغير المعروف وإله اليهود الذي خلق العالم، وأن يسوع المسيح هو ابن الإله السامي وقد نزل من السماء ليخلص العالم من أعمال إله اليهود، الخالق، ويكشف للعالم عن حقيقة الإله السامي، الآب، ومن ثم فقد رفض العهد القديم وقبل 10 من رسائل القديس بولس، وحذف منها كل ما يختص بالعهد القديم، كما قبل الإنجيل للقديس لوقا فقط، ولكنه عدله بحسب فكره وحذف منه كل ما يختص بميلاد المسيح، وكل ما يشير للعهد القديم، وقال بنزول المسيح من السماء مباشرة في جسد شبحي، شبه جسد، ولذلك جاء كتابه، إنجيل مركيون، عبارة عن نسخة معدلة ومبتورة من الإنجيل للقديس لوقا. وفيما يلي نقتبس الفقرة التالية عن مريم المجدلية، والتي يضيف فيها شفاءها من ضعفات وأرواح شريرة: " وكان يسير في كل مدينة وقرية يكرز ويعلن ملكوت الله كالأخبار السارة، وكان الاثنا عشر معه وامرأة شفاها من أرواح شريرة وضعفات، مريم التي تدعى المجدلية التي خرج منها سبعة شياطين". والخلاصة التي نصل إليها هنا هي، أن ما جاء بالكتب الأبوكريفية يتفق مع بعض ما جاء في أسفار العهد الجديد القانونية، الموحى بها، ويختلف عنها في تصويره للمجدلية كرسولة للعالم ورائية ترى رؤى سماوية، وقريبة من فكر المسيح الروحاني النوراني، ومثيلة للعذراء القديسة مريم في القداسة، وأن المخلص جعلها كالذكر روحيًا لكي تدخل الملكوت. وهذا لا يفيد دان براون ولا غيره في أثبات أن المسيح قد تزوج وأنجب نسلًا، لأن ثمر الروح هو روح، وثمر الجسد هو جسد. وهذه الكتب تتكلم عن كائن روحاني نوراني من عالم النور والأرواح والكائنات النورانية الذي فيه " لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء" (مت22: 30) ونختم هذا الفصل بما قاله الروح بفم القديس بولس: " لأن من من الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه. هكذا أيضا أمور الله لا يعرفها احد إلا روح الله. ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله التي نتكلم بها أيضا لا بأقوال تعلّمها حكمة إنسانية بل بما يعلّمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات. ولكن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة. ولا يقدر أن يعرفه لأنه أنما يحكم فيه روحيا. وأما الروحي فيحكم في كل شيء وهو لا يحكم فيه من احد. لأنه من عرف فكر الرب فيعلمه. وأما نحن فلنا فكر المسيح" (1كو2: 11-16). |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
الكنيسة الأولى وإيمانها بلاهوت المسيح زعم دان براون وبقية نقاد المسيحية والكتاب المقدس، من لادينيين وملحدين ومسلمين، أن الكنيسة المسيحية الأولى لم تكن تؤمن بلاهوت المسيح!! وأن هذه العقيدة، عقيدة لاهوت المسيح، لم تثبت في الكنيسة المسيحية إلا في مجمع نيقية بتأثير من الملك قسطنطين، وأن المسيح لم يكن أكثر من مجرد نبي فان فيقول في الفصل الثامن والخمسين: " فأن الكنيسة كانت بحاجة لإقناع العالم بأن النبي الفاني يسوع المسيح كان كائنًا إلهيًا. ولهذا فان أي إنجيل من الأناجيل كان يتضمن في طياته وصفًا لمظاهر إنسانية فانية من حياة المسيح, كان يجب حذفه من الإنجيل الذي جمع في عهد قسطنطين "!! وهذا الزعم والذي رد عليه المئات من الكتاب في الغرب، هو زعم باطل. فجميع المظاهر التي تخص إنسانية المسيح موجودة كما هي في الإنجيل بأوجهه الأربعة. كما أن موضوع لاهوت المسيح موثق بصورة غير قابلة للجدل والشك في العهد الجديد تفصيلًا وكذلك في الكتب الأبوكريفية، وامتلأت به كتابات الآباء في القرنين السابقين لقسطنطين ومجمع نيقية. وسنركز هنا فقط على ما جاء في كتب الآباء في القرن الثاني فقط، بل وقبل ظهور قسطنطين بكثير. وهؤلاء الآباء آمنوا بنفس إيمان الرسل، الذي تسلموه منهم، وتكلموا عن الرب يسوع المسيح، عن لاهوته وكيفية تجسده، بنفس أسلوب الرسل وبساطته. وقاموا بدور حاسم في الرد على الأبيونيين، الذين قالوا أن المسيح إنسان فقط ولكنه ارتقى وسما وصار إلهًا بالتبني!! ثم زعموا أنه الملاك ميخائيل ورب كل خليقة!! والغنوسيين الذين ركزوا فقط على لاهوته وقالوا أن المسيح إله وقد نزل من السماء وظهر على الأرض في شبه وهيئة وشكل الإنسان في الظاهر فقط!! وقد كان أولئك وهؤلاء من خارج دائرة الكنيسة، والإعلان الإلهي، ولم يتعلموا على أيدي تلاميذ المسيح ورسله ولم يتسلموا التعليم الصحيح منهم، ولم يشكلوا خطورة تذكر على إيمان الكنيسة في المسيح. ومن ثم فقد شرح هؤلاء الآباء لاهوت المسيح وناسوته بدقة وبساطة، كالإله المتجسد، مؤكدين على أنه هو الإله الذي لا بداية له ولا نهاية، والذي كان غير مرئي ولكنه ظهر في الجسد الذي أتخذه من مريم العذراء. " لقد كان الفكر اللاهوتي - في فترة ما قبل نيقية - مركزًا على التعليم بأن المسيح هو الله المتجسد، والفادي للعالم. وكان هذا التعليم هو الأساس لكل العقائد المتعلقة بالتجديد بالمعمودية، بل وكان مطبوعا على الحياة العامة، فكان دستور عبادة الكنيسة الأولى. فلم يكن الأمر مجرد تأكيد الآباء على لاهوت المسيح في مواجهة الهراطقة، ولكن كما يقول " شاف " المؤرخ الكنسي كان هذا الإيمان يُعلن في العبادة اليومية والأسبوعية وفي الاحتفال بالعماد، وفي العشاء الرباني، وفي الأعياد السنوية، ولا سيما في عيد القيامة. وقد وجد هذا الإيمان مكانه في الصلوات والتسابيح.. وكانت الترانيم التي يكتبها الأخوة تشهد بأن المسيح هو " كلمة الله "، وكانوا يؤكدون على ألوهيته، وقد دفع كثيرون من المؤمنين حياتهم ثمنًا لشهادتهم بأن المسيح هو ابن الله.. فهم يرون أن المسيح سابق للوجود، فقد كان هو فكر الآب أو عقله الناطق "(1). (1) جاء في كتاب الدياديكية أو تعاليم الرسل الاثني عشر (كتب حوالي سنة 100 م.) أن المسيح هو ابن الله وهو الرب الذي سيأتي على السحاب ومعه الملائكة القديسون (7:16)، وكانوا يعمدون المؤمنين الجدد على اسم الثالوث الأقدس " وبعد أن تعلّموا كل ما سبق عمدوا كما يأتي "باسم الآب والابن والروح القدس بماء جار" (1:7)، كما قال الرب يسوع المسيح لتلاميذه " وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس" (مت18:28). (2) وجاء في رسالة برنابا (من 90-100 م. تقريبًا)، قوله "يا أخوتي إذا كان السيد قد احتمل أن يتألم من أجل نفوسنا وهو رب المسكونة وله قال الرب " لنصنعن الإنسان على صورتنا ومثالنا " فكيف قبل أن يتألم على أيدي الناس، فتعلموا أن الأنبياء بالنعمة التي أعطوها من عنده تنبئوا عنه. ولكي يبطل الموت ويبرهن القيامة من الأموات ظهر بالجسد وأحتمل الآلام" (5:4، 6)، ثم يضيف الكاتب "لو لم يأت بالجسد لما استطاع البشر أن ينظروا خلاصهم. إذا كانوا لا يستطيعون أن ينظروا إلى الشمس التي هي من أعمال يديه فهل يمكنهم أن يحدقوا إليه لو كان قد جاءهم بغير الجسد. إذا كان ابن الله قد أتى بالجسد فلأنه أراد أن يضع حدا لخطيئة أولئك الذين اضطهدوا أنبياءه" (10:4،11). ثم يشرح التجسد بأكثر دقة وتفصيل فيقول " للمرة الثانية يظهر يسوع لا كابن للبشر بل كابن لله ظهر بشكل جسديوبما أنه سيقال أن المسيح هو ابن داود فأن داود يسرع ويتنبأ قائلا " قال الرب لربي أجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئا لقدميك". خوفا من أن يسيء الخطاة فهم بنوة يسوع.. فهل رأيتم كيف يعطيه داود اسم الرب لا اسم الابن ؟" (10:12،11)((2). (3) ويقول القديس أكليمندس الروماني (30-110 م.)، كما يقول عنه يوسابيوس القيصري في تاريخه، أسقفا لروما ومساعدًا للقديس بولس، وقال عنه القديس جيروم سكرتير بابا روما (343-420 م.) ؛ " هذا هو الذي كتب عنه الرسول بولس في الرسالة إلى فيلبي "(3)، وقال عنه القديس بولس الرسول انه جاهد معه في نشر الإنجيل (في3:4)، والذي تعرف على الكثيرين من الرسل وتعلم منهم، يقول عنه القديس إيريناؤس أسقف ليون (120-202 م.) " أسس الرسل الطوباويون الكنيسة (كنيسة روما) وبنوها وسلموا الأسقفية للينوس.. ثم خلفه اناكليتوس، وبعده الثالث من الرسل صارت الأسقفية لأكليمندس. هذا الرجل رأى الرسل الطوباويين وتحدث معهم وكانت كرازتهم لا تزال تدوي في أذنيه وتقاليدهم ماثلة أمام عينيه. ولم يكن هو وحده في هذا لأنه كان يوجد الكثيرون الباقون من الذين تسلموا التعليم من الرسل "(4). كما قال عنه العلامة أوريجانوس (185-230-254) "أكليمندس الذي رأى الرسل حقًا"(5). عن لاهوت المسيح بنفس أسلوب وطريقة القديس بولس: … أن المسيح أخفى عظمته الإلهية وجاء متضعًا "أن صولجان جلال الله، الرب يسوع المسيح،لم يأت متسربلا بجلال عظمته - كما كان في استطاعته - بل جاء متواضعا كما تنبأ عنه الروح القدس" (ف 16). … وينقل نفس ما جاء في بداية الرسالة إلى العبرانيين " الذي هو بهاء مجده، صار أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث أفضل منهم. فقد كتب " الصانع ملائكته أرواحا وخدامه لهيب نار.ويقول الرب عن ابنه " أنت ابني أنا اليوم ولدتك.. ويقول له أيضا " اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك تحت قدميك" (ف36). … كما يشير إلى ملكوته السماوي فيقول " كل الأجيال من آدم إلى يومنا هذا قد عبرت، أما المتكلمون في الحب بالنعمة الإلهية فيجلسون في مجالس القديسين ويظهرون عند إعلان ملكوت المسيح" (ف50). … وأشار إلى عقيدة الثالوث، الآب والابن والروح القدس بأسلوب الرسل دون أن يقصد أي شرح، لأن هذا الموضوع لم يكن قد أثير بعد، فيقول " أليس لنا إله واحد، ومسيح واحد، وروح نعمة واحد سُكب علينا" (ف46)، " حيّ هو الله، حيّ هو يسوع المسيح ربنا، وحيّ هو الروح القدس" (ف58). … ويصف المسيح بابن الله الحبيب والوحيد " ابنه الحبيب يسوع المسيح.. بيسوع المسيح ابنك الوحيد.. أنك أنت هو الله ويسوع المسيح هو ابنك "(ف59). … ويختم رسالته بنفس أسلوب الرسل " نعمة ربنا يسوع المسيح تكون معكم ومع جميع الذين دعاهم لله في كل موضع بالمسيح الذي له ومعه المجد والكرامة والسلطان والعظمة والعرش الأبدي من جبل إلى جيل، آمين". (4) ويشرح القديس أغناطيوس(35-107 م.)، الذي كان أسقفًا لإنطاكية وتلميذًا للقديس بطرس الرسول، وقال عنه المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري " أغناطيوس الذي اختير أسقفًا خلفًا لبطرس، والذي لا تزال شهرته ذائعة بين الكثيرين "(6)، إيمان الكنيسة في عصره، فيوضح كيف أن الرب يسوع المسيح هو الله ولكنه، ظهر في الجسد، تجسد وصار إنسانا حقيقيا، هو الإله المتجسد " أنه المسيح المصلوب هو الإله المتجسد ": … فيقول في مقدمة رسالته إلى الرومان " تحية لا شائبة فيها في يسوع المسيح إلهنا". ويقول في نفس الرسالة أيضا " وإلهنا يسوع المسيح عاد إلى حضن أبيه وبذلك صار يتجلى لنا بمزيد من الوضوح" (ف 30: 3). ويقول في رسالته إلى أفسس " أنه حال فينا ونحن هياكله وهو إلهنا الساكن فينا" (أفسس 15: 3). … وفي رسالته إلى روما " وإلهنا كلنا يسوع المسيح" (روما53:3)، وفي رسالته إلى سميرنا " المسيح إلهنا" (سميرنا 1:107). ويختم رسالته إلى بوليكاربوس بقوله "وداعا في إلهنا يسوع المسيح" (بوليكاربوس1:1). … ويقول أيضا أنه الله الذي تجسد وصار إنسانا: " لقد صار الله إنسانا لتجديد الحياة الأبدية" (أفسس3:19). ووصفه بالإله المتجسد فيقول " لأن إلهنا يسوع المسيح قد حبلت به مريم حسب تدبير الله" (أفسس2:18). كما يصف الدم الذي سفكه المسيح بأنه دم الله فيقول " وقد أكملت عمل الأخوة حتى النهاية بدم الله" (أفسس1:1). وأن آلامه هي الآم الله " دعوني أفتدي بآلام إلهي" (روما 6: 3). … ويؤكد على حقيقة تجسده وكمال ناسوته فيقول: " أشكر يسوعالمسيح الإله.. الذي ولد حقا من نسل داود حسبالجسد" (ازمير1). … ويؤكد على حقيقة كونه إلهًا وإنسانًا في آن واحد " يوجد طبيب واحد هو في الوقت نفسه جسد وروح (إنسان وإله)، مولود وغيرمولود،الله صار جسدا، حياة حقيقية في الموت، من مريم ومن الله، في البدء كان قابلا للألم وأصبح الآن غير قابل للألم، هو يسوع المسيح ربنا" (أفسس8: 2) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا)، وأيضا " إيمان واحد بيسوع المسيح الذي من نسل داود حسب الجسد ؛ ابن الإنسان وابن الله" (أفسس20: 2)، وأيضا "يسوع المسيح الكائن قبل الدهور مع الآب وقد ظهر في ملء الزمان" (مغنيسيا 6: 1). وأيضًا "وليكن نظرك على من لا يتغير أي ذاك الذي يعلو الزمان ولا يرى وقد صار مرئيا لأجلنا، لا يلمس ولا يتألم ولكنه قد صار ملموسا ومتألما وأحتمل كل شيء لأجلنا" (بوليكاربوس 3: 2). وهكذا قدم لنا يسوع المسيح في لاهوته وناسوته، كالإله المتجسد، بصورة دقيقة ومتطابقة مع الكتاب المقدس تماما. وكان في أقواله هذه الرد الكافي والحاسم على كل من الأبيونيين والغنوسيين. (5) ويقول القديس بوليكاربوس أسقف أزمير (65-155 م.)، والذي كان تلميذًا للقديس يوحنا الرسول وبعض الرسل الذين أقاموه أسقفًا على أزمير بآسيا الصغرى، كما يقول إيريناؤس أسقف ليون والمؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري(7) والقديس جيروم(8)، والذي استلم التقليد الرسولي من الرسل. في رسالته القصيرة التي كتبها (فيما بين 108 - 110م)، " من لا يعترف بأن يسوع قد جاء في الجسد فهو ضد المسيح" (ف 7: 7). وهذا نفس ما قاله القديس يوحنا والذي رد به، بالروح، على الأبيونية والغنوسية معا. وكان هذا هو نفس إيمان رسل المسيح وتلاميذه والذي كان معروفا عنهم في القرن الأول الميلادي سواء من الوثنيين أو اليهود. فقد كتب بليني في رسالة له للإمبراطور تراجان " أن المسيحيين يعبدون المسيح كالله أو ابن الله "(9). وأيضا " عادة يجتمع المسيحيون قبيل الفجر في يوم محدد لإكرام المسيح إلههم بالترانيم "(10). (6) يوستينوس الشهيد(100 إلى 165 م.): عاش يوستينوس الشهيد في بداية القرن الثاني، وكرس حياته للدفاع عن المسيحية وكان أول المدافعين عنها، وقد بقى لنا من كتاباته دفاعان عن المسيحية وجههما للإمبراطور الروماني أنطونيوس بيوس (138-161 م.) والسانتوس الروماني(11)، وحوار مع الفيلسوف اليهودي فيلو والذي شرح فيه التسليم الرسولي، المسلم من رسل المسيح للكنيسة، فيقول " لأنه كما آمن إبراهيم بصوت الله وحسب له ذلك برا، ونحن بنفس الطريقة آمنا بصوت الله الذي تحدث لنا بواسطة رسل المسيح وأعلن لنا بواسطة الأنبياء حتى الموت لأن إيماننا تبرأ بكل ما في العالم "(12)، ويقول عنه الدارسون أنه يصف تكرارا التقليد كما تسلمه عن المسيح(13). وقد تكلم عن المسيح باعتباره كلمة الله الذي كان موجودا قبل كل خليقة وهو نفسه الله الذي ظهر للآباء البطاركة في العهد القديم وكلمهم باعتباره إله إبراهيم وإسحق ويعقوب، وأنه ابن الله الوحيد الذي من ذات الله وغير المنفصل عنه مثلما لا ينفصل نور الشمس عن الشمس، والذي صار إنسانا بولادته من عذراء وتألم في عهد بيلاطس البنطي لأجل خلاصنا. ومن أقواله، على سبيل المثال: … " مكتوب في مذكرات رسله (أي الأناجيل) أنه ابن الله، ولأننا ندعوه الابن، فقد أدركنا أنه ولد من الآب قبل كل الخلائق بقوته وإرادته.. وصار إنسانا من العذراء لكي يدمر العصيان الذي نتج بسبب الحية "(14). … " تعلمنا أن الخبز والخمر كانا جسد ودم يسوع الذي صار جسدًا "(15). … " يسوع المسيح هو الابن الوحيد المولود من الله لكونه كلمته (Logos - λογος) وبكره وصار جسدا بحسب إرادته "(16). … " نعبد ونحب الكلمة (Logos - λογος) الذي من الله غير المولود وغير المنطوق به، فقد صار بشرًا لأجلنا "(17). … " الكلمة ( Logos – λογος) ذاته الذي اتخذ شكلًا وصار بشرًا ودعي يسوع المسيح "(18). … " قال يسوع وليس أحد يعرف الابن إلا الآب ولا الآب إلا الابن، ومن أراد الابن يعلن له، لأن اليهود لم يعرفوا من هو الآب ولا من هو الابن.. والآن نقول، كما قلنا سابقا، كلمة الله هو ابنه "(19). وفي حواره الطويل مع تريفو الفيلسوف اليهودي يؤكد له أن الله والرب الذي ظهر للآباء البطاركة هو ابن الله نفسه، الرب يسوع المسيح، فيقول " تبين الأسماء المختلفة للمسيح، بحسب الطبيعتين أنه، هو الله الذي ظهر للآباء، وقد دعي مرة بملاك المشورة العظيم (ملا 1:3)، ودعي إنسانًا في حزقيال، ومثل ابن إنسان في دانيال، وولد في اشعياء، ودعاه داود مسيح وإله ومعبود.. هو الله ابن الله الغير مولود وغير المنطوق به، لأن موسى يقول الآتي في مكان ما في الخروج " تكلم الرب لموسى وقال له أنا الرب، أنا ظهرت لإبراهيم وإسحق ويعقوب بأني إلههم وأما اسمي فلم اكشف لهم، وقطعت عهدي معهم" (خر3:6). ويقول أيضا أن إنسانًا صارع مع يعقوب، ويؤكد أنه الله، رؤيا الله، فقد قال يعقوب " نظرت الله وجها لوجه ونجيت نفسي" (تك24:32-30)، ومكتوب أنه دعا اسم المكان الذي صارعه فيه وظهر له وباركه فيه وجه الله " فنيئيل".. ودعي بالكلمة لأنه يحمل الأخبار من الآب للبشر ولكنه غير منقسم أو منفصل عن الآب أبدا كما يقال أن نور الشمس الذي على الأرض غير منقسم وغير منفصل عن الشمس في السماء.. أنه مولود من الآب بقوته وإرادته ولكن دون انفصال"(20). … وقال عن ناسوته " دعا يسوع نفسه ابن الإنسان أما بسبب ولادته من خلال عذراء أو لأنه جاء من نسل داود والبطاركة "(21). (7) إيريناؤس (120-202 م.) أسقف ليون: كان إيريناؤس أسقف ليون بفرنسا حاليا أحد الذين تتلمذوا على أيدي تلاميذ الرسل، خاصة القديس بوليكاربوس، كما أكد هو نفسه، كما بينا أعلاه، وخلفائهم، ويضيف القديس جيروم "من المؤكد أنه كان تلميذًا لبوليكاربوس"(22). وكان حلقة وصل بين الآباء الرسوليين تلاميذ الرسل ومن جاءوا بعده. وقد كتب مجموعة من الكتب " ضد الهراطقة " دافع فيها عن المسيحية وأسفارها المقدسة ورد على هرطقة الغنوسيين وهرطقة الأبيونيين وشرح الإيمان المسيحي في عصره كما تسلمه من تلاميذ الرسل " الإيمان المسلم مرة للقديسين" (يه3). وأكد من خلال آيات الكتاب المقدس أن الرب يسوع المسيح هو ابن الله الوحيد، الله الابن، وكلمته وحكمته وقوته، الموجود مع الآب، في ذات الآب، بلا بداية، الذي خلق به كل شيء في الكون. كما أكد على حقيقة تجسده، اتخاذه جسدا، وكان من أوائل آباء الكنيسة الذين استخدموا تعبير " التجسد - sarkosis، σαρκσις أو ensarkosis، ενσαρκοσς"، أي اتخذ جسدا من تعبير القديس يوحنا " والكلمة صار جسدا - και ό λογος σαρκς εγενετο - kai ho logos sarx egeneto "(23). وأن المسيح بتجسده اتخذ الطبيعة الإنسانية الكاملة: " فهذا ما صار إليه كلمة الله متخذا لنفسه صنعة يديه وعلى هذا الأساس أعترف بنفسه كابن الإنسان "(24). وفيما يلي بعض من أقوله: … " تسلمت الكنيسة.. من الرسل ومن تلاميذهم هذا الإيمان [ فهي تؤمن ] بإله واحد الآب القدير خالق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها، وبيسوع المسيح الواحد، ابن الله الذي تجسد لأجل خلاصنا "(25). … " صار الله إنسانا والرب نفسه خلصنا معطيا لنا علامة العذراء "(26). … " كلمة الله ربنا يسوع المسيح الذي صار إنسانا بين البشر في الأيام الأخيرة ليوحد النهاية في البداية، أي الله بالإنسان "(27). …لأجل خلاصنا، يسوع المسيح ربنا "(28). … " كان الكلمة موجودا في البدء مع الله، وبه خلق كل شيء وكان دائما موجودا مع الجنس البشري، وحديثا جدا، في لحظة معينة من الآب، اتحد مع صنعة يديه وبه صار إنسانا خاضعا للألم "(29). وقد شرح القديس إيريناؤس التجسد ووحدة شخص المسيح الواحد، من خلال حديثه عن حلول الروح القدس على العذراء وولادة عمانوئيل الذي هو الله معنا منها، في مجمل رده على الغنوسيين " ولد ابن الله من عذراء، وهو نفسه المسيح المخلص الذي تنبأ عنه الأنبياء، ليس كما يقول هؤلاء الناس (أي الغنوسيين) أن يسوع هو الذي ولد من مريم ولكن المسيح هو الذي نزل من فوق". ثم يقول أن متى لم يقل " أما ولادة يسوع فكانت هكذا" (مت18:1) إنما قال " أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا "، " وهو عمانوئيل لئلا نتخيل أنه مجرد إنسان: لأنه ليس من مشيئة جسد ولا من مشيئة إنسان، بل بإرادة الله صار الكلمة جسدا. ويجب أن لا نتخيل أن يسوع واحد والمسيح آخر، ولكن يجب أن نعرف أنهما نفس الواحد"(30). … كما رد على الأبيونيين قائلا " وباطل أيضا الأبيونيين الذين لم يقبلوا الإيمان لنفوسهم في اتحاد الله والإنسان.. ولم يريدوا أن يفهموا أن الروح القدس حل على العذراء وأن قوة العلي ظللتها، ولذا فالذي ولد هو قدوس وابن الله العلي أبو الكل، ونتج التجسد "(31). … ومثل أغناطيوس الإنطاكي الذي شرح كيفية قبول المسيح للحدود البشرية " من لا يتغير، أي ذاك الذي يعلو الزمان والمكان ولا يرىولكن صار مرئيا لأجلنا، لا يلمس ولا يتألم ولكنه صار ملموسا ومتألما وأحتمل كل شيء لأجلنا "، فقال أن الرب يسوع المسيح من أجلنا قبل الحدود الجسدية والإنسانية، الذي كان غير مرئي صار مرئيا، غير المتألم صار متألما لأجلنا، غير المدرك صار مدركا، لأجلنا(32). وهكذا يتضح لنا بكل جلاء وبوضوح تام أن الكنيسة الأولى كانت تؤمن بلاهوت المسيح، منذ فجرها الباكر، وليس كما يزعم نقاد المسيح بلا برهان أو دليل. |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
كيف قُبلت الأناجيل القانونية ولماذا رُفضت الكتب الأبوكريفية؟
|
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
ما جاء بالكتب الغنوسية والفكر الغنوسي وموقف الكنيسة منها ألمح الكاتب "دان براون" على أن الأناجيل الأبوكريفية تنفي عن المسيح لاهوته وتصوره كمجرد إنسان ونبي فان!! برغم أنه وضع على لسان بطل قصته أن هذه الكتب كانت بين يديه في قوله: " لاحظت صوفي أن الكتاب كان يضم بين دفتيه صورًا بدت كأنها مقاطع مكبرة لوثائق قديمة أتضح أنها أوراق بردي ممزقة تحتوي علي نص مكتوب بخط اليد. لم تتمكن من التعرف علي اللغة القديمة, إلا أن الصفحات المقابلة حملت ترجمة مطبوعة لتلك النصوص. " هذه صور للفائف البردي التي عثر عليها في واحة حمادي وفي البحر الميت, التي قد حدثتك عنها ", قال تيبينج: " أنها السجلات المسيحية الأولي, والتي لا تتوافق معلوماتها للأسف مع الأناجيل التي جمع منها إنجيل قسطنطين". وقال كاتب مقالة جريدة الدستور الثانية: "الأناجيل القديمة التي لم تعتمدها الكنيسة الكاثوليكية على الإطلاق وأطلق الخبراء عليها اسم الأناجيل الغنوصية "Gnostic Gospels" نسبة إلى مجموعه مسيحية قديمة كانت تنكر الطبيعة الإلهية للمسيح وترى أن الوصول إلى معرفة الروح الإلهية الحقة أن يكون بمعرفة الإنسان لنفسه وهو الأمر الذي يهدم فكر الكنيسة الكاثوليكية من الأساس باعتبارها الطريق الوحيد لوصول الإنسان إلى الله". والسؤال هو هل قرأ كل من دان براون وكاتب جريدة الدستور هذه الكتب الأبوكريفية، بالرغم من أنها متاحة سواء على مواقع الانترنت أو ككتب؟ والإجابة القاطعة هي؛ كلا، فلم يقرأ هذا ولا ذاك هذه الكتب فكل منهما حكم بناء على تخمينات، مبنية مسبقًا، بسبب فكر الأول الإلحادي وعقيدة الثاني التي لا تؤمن بلاهوت المسيح!! ولو كانا قد قرآ هذه الكتب لما كتبا ما كتباه ولما قالا ما قالاه، ولعرفا أن فكر هذه الكتب الأبوكريفية هو فكر خيالي خليط بفكر وثني صوفي وفكر فلسفي. وسنوضح لهما وللجميع ما هو الفكر الغنوسي، كما درسه العلماء المتخصصين فيه، وما جاء في هذه الأناجيل وبقية الأسفار الأبوكريفية، تحت ثلاثة عناوين؛ هي: (أ) ما هي الغنوسية وما هو الفكر الغنوسي. (ب) الغنوسية وشخص المسيح. (ج) ملخص للفكر الغنوسي عن الله والمسيح. 1 – ما هي الغنوسية وما هو الفكر الغنوسي وكيف واجهته الكنيسة. الغنوسية هي فكر شبه واحد لفرق متعددة، وقد وُصف هذا الفكر بالفكر الدوسيتي، أي الخيالي، كما وُصفت هذه الفرق بالغنوسية، أي محبة المعرفة. ولذا سنعرف الدوسيتية، الفكر الدوسيتي أولًا، ثم نشرح الغنوسية. (1) الدوسيتية - Docetism: الدوسيتية كما جاءت في اليونانية " Doketai - δοκεται "، من التعبير " dokesis - δοκεσις " و " dokeo - δοκεο " والذي يعني " يبدو "، " يظهر "، " يُرى "، وتعني الخياليةPhantomism، وهي هرطقة ظهرت في القرن الأول، على أيام رسل المسيح وتلاميذه، وقد جاءت من خارج المسيحية، وبعيدًا عن الإعلان الإلهي، وخلطت بين الفكر الفلسفي اليوناني، الوثني، والمسيحية وقد بنت أفكارها على أساس أن المادة شر، وعلى أساس التضاد بين الروح وبين المادة التي هي شر، في نظرها، ونادت بأن الخلاص يتم بالتحرر من عبودية وقيود المادة والعودة إلى الروح الخالص للروح السامي، وقالت أن الله، غير مرئي وغير معروف وسامي وبعيد جدا عن العالم، ولما جاء المسيح الإله إلى العالم من عند هذا الإله السامي ومنه، وباعتباره إله تام لم يأخذ جسدا حقيقيا من المادة التي هي شر لكي لا يفسد كمال لاهوته، ولكنه جاء في شبه جسد، كان جسده مجرد شبح أو خيال أو مجرد مظهر للجسد، بدا في شبه جسد، ظهر في شبه جسد،، ظهر كإنسان، بدا كإنسان، وبالتالي ظهر للناس وكأنه يأكل ويشرب ويتعب ويتألم ويموت، لأن الطبيعة الإلهية بعيدة عن هذه الصفات البشرية. بدا جسده وآلامه كأنهما حقيقيان ولكنهما في الواقع كانا مجرد شبه(3). ولم يكونوا مجرد جماعة واحدة بل عدة جماعات، فقال بعضهم: 1 - أن الأيونAeon، إي الإله، المسيح، جاء في شبه جسد حقيقي. 2 - وأنكر بعضهم اتخاذ أي جسد أو نوع من البشرية على الإطلاق. أي كان روحًا إلهيًا وليس إنسانًا فيزيقيًا(4). 3 - وقال غيرهم أنه اتخذ جسدا نفسيا Psychic، عقليا، وليس ماديا. 4 - وقال البعض أنه اتخذ جسدًا نجميًا Sidereal. 5 - وقال آخرون أنه اتخذ جسدا ولكنه لم يولد حقيقة من امرأة(5). وجميعهم لم يقبلوا فكرة أنه تألم ومات حقيقة، بل قالوا أنه بدا وكأنه يتألم وظهر في الجلجثة كمجرد رؤيا. وكان أول من استخدم تعبير الدوسيتية "Doketai - δοκεται" هو سيرابيون أسقف إنطاكية (190 - 203 م.) في معرض حديثه عن إنجيل بطرس الأبوكريفي (6)، المنحول والمزور، ويقول عنه وعنهم " لأننا حصلنا على هذا الإنجيل من أشخاص درسوه دراسة وافيه قبلنا، أي من خلفاء أول من استعملوه الذين نسميهم دوكاتي " Doketai - δοκεται "، ( لأن معظم آرائهم تتصل بتعليم هذه العقيدة، فقد استطعنا قراءته ووجدنا فيه أشياء كثيرة تتفق مع تعاليم المخلص الصحيحة، غير أنه أضيف إلى تلك التعاليم إضافات أشرنا إليها عندكم "(7). كما أشار إليهم القديس أغناطيوس الإنطاكي (35-107)، وحذر المؤمنين من أفكارهم الوثنية قائلًا: " إذا كان يسوع المسيح -كما زعم الملحدون الذين بلا إله- لم يتألم إلا في الظاهر، وهم أنفسهم ليسو سوى خيالات (بلا وجود حقيقي) فلماذا أنا مكبل بالحديد "(8)، " وهو إنما أحتمل الآلام لأجلنا لكي ننال الخلاص، تألم حقا وقام حقا، وآلامه لم تكن خيالا، كما أدعى بعض غير المؤمنين، الذين ليسو سوى خيالات "(9)، " لو أن ربنا صنع ما صنعه في الخيال لا غير لكانت قيودي أيضا خيالا "(10). كما ذكرهم أيضا القديس أكليمندس الإسكندري مدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية سنة 216 م. وذكر مؤسسهم، كجماعة، في القرن الثاني بالقول أن شخص معين هو جولياس كاسيانوس (Julias Cassianus) مؤسس الخيالية(11). ويصفهم العلامة هيبوليتوس (استشهد سنة 235 م.) باعتبارهم فرقة غنوسية(12). وقال القديس جيروم (متوفى سنة 420 م.) عن بداية ظهورهم وفكره بأسلوب مجازي أنه " بينما كان الرسل أحياء وكان دم المسيح ما يزال ساخنًا (Fresh) في اليهودية، قيل أن جسده مجرد خيال "(13). (2) الغنوسية Gnosticism: كان الفكر الدوسيتي بالدرجة الأولى هو فكر الغنوسية الرئيسي، فما هي الغنوسية؟ ومن هم الغنوسيين؟ الغنوسية هي حركة وثنية مسيحية ترجع جذورها إلى ما قبل المسيحية بعدة قرون. وكان أتباعها يخلطون بين الفكر الإغريقي -الهيلينتسي- والمصري القديم مع التقاليد الكلدانية والبابلية والفارسية (خاصة الزردشتية التي أسسها الحكيم الفارسي ذردشت (630-553 ق.م.) وكذلك اليهودية، خاصة فكر جماعة الأثينيين (الأتقياء) وما جاء في كتابهم " الحرب بين أبناء النور وأبناء الظلام"، والفلسفات والأسرار والديانات الثيوصوفية(14). وذلك إلى جانب ما سمي بالأفلاطونية الحديثة، التي كانت منتشرة في دول حوض البحر المتوسط في القرن الأول. وكان الفيلسوف اليهودي فيلو من أكثر مناصريها، فقد أعتقد أن الله غير مدرك ولا يتصل بالمادة، وأن هناك قوة سامية " اللوغوس " التي خلقت العالم المادي، وهو كلمة الله أو عقل الله". وأن البشر يصارعون من أجل التحرر من سجن الجسد، وانه يمكن إعادة التجسد (التناسخ - أي تعود الروح في أجساد أخرى أكثر من مرة - Reincarnation) لأولئك الذين لم يتحرروا بالموت. بل ويرى بعض العلماء أن كل أصول الغنوسية موجودة عند أفلاطون (15) لذا يقول العلامة ترتليان "أنا أسف من كل قلبي لأن أفلاطون صار منطلق كل الهراطقة"(16). ومعنى الغنوسية "حب المعرفة" ومنها "Gnostic - غنوسي - محب المعرفة" من كلمة "ςισωνγ - gnosis" التي تعني "معرفة". وهي عبارة عن مدارس وشيع عديدة تؤمن بمجموعات عديدة من الآلهة. وكانت أفكارهم ثيوصوفية سرية. ولما ظهرت المسيحية خلط قادة هذه الجماعات بين أفكارهم، وبين بعض الأفكار المسيحية التي تتفق معهم!! وكانوا ينظرون للمادة على أنها شر! وآمنوا بمجموعة كبيرة من الآلهة، فقالوا أنه في البدء كان الإله السامي غير المعروف وغير المدرك الذي هو روح مطلق، ولم تكن هناك المادة، هذا الإله السامي والصالح أخرج، انبثق منه، أخرج من ذاته، عدد من القوات الروحية ذات الأنظمة المختلفة التي أسموها بالأيونات (Aeons)، هذه القوات المنبثقة من الإله السامي كان لها أنظمة مختلفة وأسماء مختلفة وتصنيفات وأوصاف مختلفة (17). وتكون هذه الأيونات مع الإله السامي البليروما (Pleroma)، أو الملء الكامل، دائرة الملء الإلهي. وأن هذا الإله السامي الذي أخرج العالم الروحي من ذاته لم يخلق شيئًا. وقد بثق من ذاته الابن، الوحيد الجنس، ثم مجموعة من الأيونات (العوالم الروحية – الحكام الروحيين + آلهة " ومن هذه الأيونات قامت الحكمة، صوفيا (Sophia)، الذي بثقت، أخرجت، من ذاتها كائن واعي، هو الذي خلق المادة والعوالم الفيزيقية، وخلق كل شيء على صورته، هذا الكائن لم يعرف شيء عن أصوله فتصور أنه الإله الوحيد والمطلق، ثم أتخذ الجوهر الإلهي الموجود وشكله في أشكال عديدة، لذا يدعى أيضا بالديميورج (Demiurge)، أي نصف الخالق. فالخليقة مكونة من نصف روحي لا يعرفه هذا الديميورج، نصف الخالق ولا حكامه(18). ومن هنا فقد آمنوا أن الإنسان مكون من عنصرين عنصر إلهي المنبثق من الجوهر الإلهي للإله السامي ويشيرون إليه رمزيا بالشرارة الإلهية، وعنصر مادي طبيعي فاني. ويقولون أن البشرية بصفة عامة تجهل الشرارة الإلهية التي بداخلها بسبب الإله الخالق الشرير وارخوناته (حكامه). وعند الموت تتحرر الشرارة الإلهية بالمعرفة، ولكن أن لم يكن هناك عمل جوهري من المعرفة تندفع الروح، أو هذه الشرارة الإلهية، عائدة في أجساد أخرى داخل الآلام وعبودية العالم(19). وأعتقد بعضهم بالثنائية (Dualism) الإلهية أي بوجود إلهين متساويين في القوة في الكون؟ إله الخير، الذي خلق كل الكائنات الروحية السمائية، وإله الشر الذي خلق العالم وكل الأشياء المادية!! وربطوا بين إله الشر وإله العهد القديم!! وقالوا أن المعركة بين الخير والشر هي معركة بين مملكة النور ضد مملكة الظلمة!! وأعتقد بعضهم أن إله الخير خلق الروح وقد وضعها إله الشر في مستوى أدني في سجن الجسد المادي الشرير. وهكذا فأن هدف البشرية هو الهروب من سجن الجسد المادي الشرير والعودة إلى اللاهوت أو التوحد مع إله الخير!! وقد فهموا خطأ قول القديس بولس بالروح " إذا أن كنتم قد متم مع المسيح عن أركان العالم فلماذا كأنكم عائشون في العالم تفرض عليكم فرائض لا تمسّ ولا تذق ولا تجس. التي هي جميعها للفناء في الاستعمال حسب وصايا وتعاليم الناس. التي لها حكاية حكمة بعبادة نافلة وتواضع وقهر الجسد ليس بقيمة ما من جهة إشباع البشرية" (كو20:2-23) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا). وآمن بعضهم بوجود مستويات روحية مختلفة للكائنات البشرية، وقالوا بالاختيار السابق وزعموا أن أصحاب المستوى الروحي الأعلى ضامنين للخلاص مستخدمين قول القديس بولس بالروح " لان الذين سبق فعرفهم سبق فعيّنهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكرا بين أخوة كثيرين. والذين سبق فعيّنهم فهؤلاء دعاهم أيضا. والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضا. والذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضا" (رو29:8-30). وأن أصحاب المستوى الروحي المنخفض ليس لهم خلاص، أما الذين في المنتصف فعليهم أن يجاهدوا للخلاص!! وآمنوا أنه يوجد حق مُعلن في جميع الأديان. والخلاص بالنسبة لهم ليس من الخطية بل من جهل الحقائق الروحية التي يمكن الوصول إليها بالمعرفة التي جاءت عن طريق رسل، خاصة المسيح كلمة (اللوجوس - λογος - Logos) الإله الحق. وليس بآلامه وتقديم ذاته للموت بل بتعليمه وكشفه للأسرار ومفهوم الخلاص. فالخلاص، من وجهة نظرهم، يتم فقط من خلال المعرفة (ςισωνγ - gnosis)، ومن ثم خلطوا بين أفكارهم القديمة وفهمهم الخاطئ لقول القديس يوحنا بالروح " وتعرفون الحق والحق يحرركم" (يو32:8) وأيضا " كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا. هذا جاء للشهادة ليشهد للنور لكي يؤمن الكل بواسطته. لم يكن هو النور بل ليشهد للنور. كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيا إلى العالم. كان في العالم وكوّن العالم به ولم يعرفه العالم. إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله. وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه. الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله "(يو6:1-13). وقالوا أن المسيح قد كشف المعرفة الضرورية للخلاص. ولذا فقد نادوا بوجود مجموعة من التعاليم السرية الخاصة جدًا والتي زعموا أن المسيح قد كشفها وعلمها لتلاميذه ربما لسوء فهمهم لآيات مثل " وبأمثال كثيرة مثل هذه كان يكلمهم حسبما كانوا يستطيعون أن يسمعوا. وبدون مثل لم يكن يكلمهم. وأما على انفراد فكان يفسر لتلاميذه كل شيء" (مر33:4-5) و"لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين ولكن بحكمة ليست من هذا الدهر ولا من عظماء هذا الدهر الذين يبطلون. بل نتكلم بحكمة الله في سرّ. الحكمة المكتومة التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا" (1كو6:6-8)(19). ومن ثم زعموا وجود مجموعة من التعاليم السرية التي كتبوها في كتب ونسبوها لرسل المسيح وتلاميذه وبعضهم نسب لقادتهم وذلك اعتمادا على ما جاء في الإنجيل للقديس يوحنا " وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه" (يو30:20و31)، و" وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع أن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة" (يو25:21)(20). يقول القديس إيريناؤس أسقف ليون بالغال (فرنسا حاليًا) " أولئك الذين يتبعون فالنتينوس (ق2م) يستخدمون الإنجيل للقديس يوحنا بوفرة لشرح أفكارهم التي سنبرهن أنها خاطئة كلية بواسطة نفس الإنجيل "(21). 2 – المسيح في اعتقاد الجماعات الغنوسية: واعتقدوا في المسيح اعتقادات كثيرة، وفيما يلي اعتقادات الجماعات التي كتبت الغالبية العظمى من الكتب الأبوكريفية: 1 – الاعتقاد العام، الدوسيتي، القائل أن المسيح أحد الآلهة العلوية وقد نزل على الأرض في جسد خيالي وليس حقيقي، أنه روح إلهي ليس له لحم ولا دم ولا عظام، لأنه لم يكن من الممكن، من وجهة نظرهم، أن يتخذ جسدا من المادة التي هي شر في نظرهم! لذا قالوا أنه نزل في صورة وشبه إنسان وهيئة بشر دون أن يكون كذلك، جاء في شكل إنسان دون أن يكون له مكونات الإنسان من لحم ودم وعظام، جاء في " شبه جسد " و" هيئة الإنسان "، وقالوا أنه لم يكن يجوع أو يعطش أو ينام، ولم يكن في حاجة للأكل أو الشرب.. الخ وأنه كان يأكل ويشرب وينام متظاهرا بذلك تحت هيئة بشرية غير حقيقية. وشبهوا جسده بالنور أو شعاع الشمس، فأن النور وشعاع الشمس يمكن لهما أن يخترقا لوحا من الزجاج دون أن يكسرا هذا اللوح". كان مجرد خيال(22). جاء في " أعمال يوحنا "(23) أحد كتبهم، أن المسيح عندما كان يسير على الأرض لم يكن يترك أثرا لأقدامه، وعندما كان يوحنا يحاول الإمساك به كانت يده تخترق جسده بلا أي مقاومة حيث لم يكن له جسد حقيقي. وكانت طبيعة جسده متغيرة عند اللمس، فتارة يكون لينًا وأخرى جامدًا ومرة يكون خاليًا تمامًا. كان بالنسبة لهم مجرد شبح وحياته على الأرض خيال. وكان يظهر بأشكال متعددة ويغير شكله كما يشاء وقتما يشاء!! ويبدو أنهم فهموا خطأ قول القديس بولس الرسول بالروح " الله أرسل أبنه في شبه جسد الخطية" (رو3:8)، " ولكنه أخلى نفسه أخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس وأذ وجد في الهيئة كإنسان" (في 7:2-8). 2 - فالنتينوس (حوالي 137م) ومدرسته: الذي ظهر في النصف الأول من القرن الثاني، يتكلم عن المسيح من زاويتين؛ الأولى هي ما قبل التجسد والثانية هي ما بعد التجسد. فيقول فالنتينوس وأتباعه، عما قبل التجسد، أن الكون وكل ما فيه من موجودات هو عملية انبثاقات لاحقة من اللاهوت (الآب)، ويقول بعض أتباعه أنه في البدء لم يكن هناك أي شيء قد خلق نهائيًا، وأن الآب كان مستقرًا في ذاته وخاملًا بلا فعل(24). ولم يكن للكون أي وجود فعلي إنما كان موجودًا كإمكانية، فقط، في فكر الله، ولكن لم يكن له أي وجود في الحقيقة. وتقول مراجعهم " أحتوى الموجود الذاتي في ذاته كل الموجودات التي كانت فيه في حالة عدم معرفة "(25). كما يقولون أن عملية الخلق استلزمت تقييد ذاتي من جهة اللاهوت، ولكي تبقى الموجودات التي وجدت فيما بعد منفصلة عن الآب خلق الآب حدًا أو فاصلًا(26). " وتدعم " قوة هذا الحد أو الفاصل " كل الموجودات وتحفظها خارج العظمة اللامتناهية(27). ودعوا هذا الحد أو الفاصل بالصليب، وكان له وظيفتان، فهو يفصل العالم الروحي (أو الملء) من الآب ويمد الموجودات بالقوة(28). وعندما أراد الآب أن يظهر نفسه لكي يكون مدركا بثق (ولد) من ذاته الابن. يقول ثيودوتس، أحد أتباع فالنتينوس " وبفكره كالواحد الذي يعرف ذاته ولد (الآب) روح المعرفة، الذي في المعرفة (الابن) المولود الوحيد "(29). هذا المولود من الآب " الابن المولود الوحيد " يضم في ذاته، مثل الآب، أبيه، الذكورة والأنوثة (Dyad)، فهو مزدوج الجنس. وقالوا أن الأيون المذكر في الآب هو الذي يشار إليه باعتباره المولود الوحيد والعقل وأب الكل. والايون المؤنث فيه يدعى الحق وأم الكل. ويقولون أن الحق يمكن أن يدرك فقط بالعقل الواعي الحقيقي. والابن بذاته هو بداية الموجودات التي وجدت بعده. ويشير أتباع فالنتينوس إلى الآب والابن أحيانا، بالأصل الرباعي، ويقولون أن كلًا من الآب والابن مزدوجا الجنس، ويضمان في ذاتهما العمق والصمت والعقل والحق. وأن الابن، وبمعنى آخر العقل والحق هو الصورة لصفات الله غير المدركة(30)، ومن خلال وساطته عند الآب فقط يمكن أن ندرك اللاهوت غير المدرك لأن " الذي ولد من المعرفة التي في فكر الآب صار هو نفسه المعرفة، أي، الابن لأنه من خلال الابن يًعرف الآب "(31). ويرون أن العلاقة بين الآب والابن يمكن أن تقارن بالعلاقة بين العقل في الإنسان والعقل الباطن، وأن الابن موجود في الآب، داخل الآب، محاط بالآب. ويقولون أنه بالتجسد أصبح يسوع قريبًا مباشرة من الإنسانية باتخاذه جسدًا بشريًا. وأصبح جسده البشرى يُرى كأنه من نفس جوهر الكنيسة, متخذًا من قول بولس المجازى أن الكنيسة هي جسد المسيح كما يقول Theodotus " كان الجزء الظاهر من يسوع هو الحكمة (Sophia) وكنيسة البذرة السامية التي ارتداها من خلال الجسد وكان الجزء الغير المرئي هو الاسم الذي هو الابن المولود الوحيد(32) والاستعارة المجازية الموصلة في " إنجيل الحقيقية " هي " الكتاب الحي " الذي يضم أسماء كل المخلصين الذين تبناهم الابن(33). ويقسم فلانتينوس الشخصية الإنسانية إلى ثلاثة أجزاء متميزة؛ هي؛chous الجسد المادي، والنفس psyche، والروح pneuma، والجسد المادي مرتبط بشكل وثيق بالجسد النفسي ويشمل السياق الفطري المأخوذ من الإرخاء الذاتي ويقال مباشرة انه مأخوذ من النقص والألم. وبتدبير خاص, ولد يسوع بدون Chous (الجسد المادي)، ولهذا السبب يقال عن جسده المادي أحيانا انه مرتبط مباشرة مع النفسي Psyche. وهكذا يصف فلانتينوس يسوع بأنه من جسم نفسي Psyche وليس جسم مادي(34). 3 - وقال سترنيوس (Saturnius): أن " الآب غير المعروف من الكل " خلق الملائكة ورؤساء الملائكة، الذين كانوا من سلالات شريرة وخيرة، وخلق الرياسات والقوات، ثم قام سبعة من رؤساء الملائكة بخلق الكون والبشرية أيضا. وقال أن إله اليهود هو أحد رؤساء الملائكة السبعة، هؤلاء الذين خلقوا الكون، وكان معاديا للآب، وقد جاء المسيح المخلص ليدمر إله اليهود هذا ويحارب الأرواح التي تؤيده مستشهدا بقول القديس يوحنا الرسول بالروح " لأجل هذا اظهر ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس" (1يو8:3)، لأنه اعتقد أن الشيطان هو إله اليهود، وأن المسيح كان كائنا روحيا وقد بدا وكأنه إنسان(35). وقال أن " المخلص كان بلا ميلاد وبلا جسد وبدون شكل وكان مرئيا افتراضا، وأنه جاء ليدمر إله اليهود، الذي كان واحدا من الملائكة، ويخلص الذين يؤمنون به "(36). 4 - وعلم مركيون، المولود حوالي سنة 120م، بوجود إلهين، الإله العظيم السامي أو الإله المحب، وهذا الإله كان غير معروف من العالم ومخفيا عن عينيه لأنه لا صلة له بالعالم وليس هو الخالق له. أما الإله الثاني فأقل من الأول درجة وهو إله عادل ولكن سريع الغضب ومنتقم يحارب ويسفك دم أعدائه بلا رحمة ولا شفقة، وهو الذي خلق العالم واختار منه شعبا هو شعب إسرائيل ليكون شاهدا له وأعطى له الناموس. وعاقب بشدة وصرامة الذين تعدوا على هذا الناموس، وترك بقية الشعوب الأخرى فريسة للمادة والوثنية. وكان هذا الإله، إله اليهود يجهل تماما وجود الإله السامي المحب الذي ظل غير معروف حتى ظهر المسيح في بلاد اليهودية في هيئة بشرية، وبدأ يعلن للبشر السر العظيم عن الإله السامي المحب الذي يجهله البشر وإله اليهود!!(37). وقال أن المسيح لم يولد من العذراء ولم يعرف ميلادا ولا نموا ولا حتى مظهر هذه الأحداث إنما ظهر بطريقة فجائية وفي هيئة بشرية احتفظ بها بحسب الظاهر إلى موته على الصليب(38)!! أي أنهم ركزوا على لاهوته فقط وتجاهلوا ناسوته تماما!! 3 - الأسطورة الغنوسية بشكل عام: ولكي تتضح الصورة أكثر نقدم صور كاملة للفكر اللاهوتي الغنوسي من خلال تقديم أسطورة الخلق كما آمن بها معظمهم، من خلال كتبهم وما كتبه معاصرهم القديس إيريناؤس أسقف ليون. يقول العلماء أن الغنوسيين أخذوا أسطورة الخلق والخليقة كلية من التفسير الأفلاطوني لأسطورة الخلق Timaeus لأفلاطون مع مزجها مع ما جاء في سفر التكوين. وهذا الفكر لم يكن جديدًا بل كان موجودًا لدى اليهود المتأثرين بالفكر الهيلينيستي (اليوناني) الموجود في الإسكندرية وخاصة لدي فيلو يودايوس (30 ق م. – حوالي 45 م.) والمعروف في الأوساط المسيحية بفيلو اليهودي. وكان هذا الفكر منتشرًا في الدوائر الأفلاطونية الوثنية في القرنين الأول والثاني الميلاديين وبعد ذلك. وتتكون هذه الأسطورة من أربعة فصول هي: 1 – الفصل الأول: تقول الأسطورة الغنوسية أنه يوجد مصدر إلهي كامل، مطلق، كلي القدرة، أو " مبدأ أول " لكل وجود، وكل وجود تالي له. هذا الكائن لا يوصف ويسمو على كل وصف ويفوق كل وصف ولا ينطق به. ويتشابه هذا الفكر، الغنوسي، مع المصدر الإلهي في الأسطورة الأفلاطونية، أسطورة الإله الموجود فلسفيًا والتي كانت موجودة في القرن الثاني الميلادي وما قبله. ولأسباب غير مدركة أو مفهومة، تقول الأسطورة، الغنوسية، أنه انبثق من هذا الإله غير المدرك، أو بثق هذا الإله الكلي القدرة، من ذاته، أقنومًا، أو كائنًا ثانيًا، ثم انبثق منه، في حقبات تالية، سلسلة أخرى من الكائنات تسمى أيونات (Aeons) والتي تعني مجالات (روحية)، كليات، دهور، أو عوالم روحية، كائنات روحية. هذه الأيونات، يقولون أنها أماكن وأزمنة ممتدة، وتجريدات بأسماء مثل " فكر سابق، عدم فساد، حياة أبدية..الخ وكان آخر هذه الأيونات أو الكائنات هي الحكمة (صوفيا)". وقد جاءت صفات هذا المبدأ الأول صورة طبق الأصل من الأسطورة الأفلاطونية: (1) المبدأ الأول هو؛ عقل منعزل وظيفته الوحيدة هي أن يفكر وموضوع فكره الوحيد الممكن هو نفسه، لأنه هو الموجود الوحيد. ولكن فعل التفكير فيه تموضع (Objectified) أو تشكل. وهذا التفكير هو المبدأ الثاني. (2) المبدأ الأول هو عين منعزلة؛ تطفوا في تأمل منير متوسط. وظيفته الوحيدة هي أن ينظر وكل ما يراه هو نفسه، أو انعكاس التفكير والتأمل في أن يرى، على أية حال، هو المبدأ الثاني. (3) المبدأ الأول هو نبع ماء؛ ينساب بلا توقف وكل وظيفته أن ينساب أو يفيض، وهذا الفيض هو المبدأ الثاني. وقد دعي المبدأ الثاني من غير الإغريق باربيلو (Barbelo) وأحيانا باربيرو (Barbero). وكانت هذه أسماء أخترعها القدماء لغرض خاص ودون الاهتمام بمعناها الذي كان يخمنه القارئ القديم. ومن هنا يمثل الاسم باربيلو صفة خاصة أساسية كان يعرفها القدماء وتذكر في كثير من الأساطير الغنوسية. (4) المسيح (أو الممسوح)؛ وهناك شخصية أخرى هامة جدًا في الفكر الغنوسي هو المسيح، وهو كائن ميتافيزيقي، موجود فيما وراء الطبيعة، تقول بعض أساطيرهم أنه نزل من عالم ما وراء الطبيعة (العالم الروحي غير المرئي) وتوحد مع يسوع الناصري، كما بينا أعلاه. (5) المنيرين الأربعة؛ وهناك المنيرين الأربعة؛ هارموزيل (Harmozel) وأورويائيل (Oroieal) وداوإيثاي (Daueithai) وإيليليث (Eleleth). وهم أيونات وكائنات روحية وفاعلون. وكعوالم روحية فهم الأماكن التي تقطنها النماذج الرئيسية (Geradama) أو آداماس، أي آدم السمائي؛ شيث الذي هو النموذج السمائي لابن آدم؛ الذرية السمائية لشيث، والذين هم نماذج الكنيسة الغنوسية على الأرض، والمجموعة الرابعة التي يتغير تطابقها من أسطورة إلى أسطورة. ويرى بعض العلماء أن الأسطورة الغنوسية تقسم التاريخ البشري إلى أربعة مراحل عظيمة توصل للمنيرين الأربعة وتعكس أنماطهم. ويرى هؤلاء العلماء أن المراحل الثلاث الأولى سابقة لعصر الطوفان، أما المرحلة الرابعة فتبدأ باسم نوح وتمتد لنهاية الكون المادي. هذا التاريخ له تاريخ موازي في الديانة الزردشتية في فارس والمتأثر به أصلًا. 2 – الفصل الثاني: خليقة الكون المادي؛ بعد اكتمال انبثاق الكون الروحي ولكي تستمر الخليقة فوق كل حدود الوجود الروحي وجد الصانع ( G.demiourgos - Demiurge- Demiure) وهو نص مجازى استخدمه أفلاطون ليصف به صانع الكون في روايته الأسطورية مخلق العالم بعنوان Timaeus. وكان القارئ الغنوسي المتعلم للأسفار المقدسة في القرنين الثاني والثالث يقارن يادابوس مع ديمورج صانع (Timaeus) في أسطورة أفلاطون. ثم يقولون أن صانع العالم، ويسمونه يادابوس، صنع كونًا مركبًا من أيونات (عوالم) مادية، أي كواكب ونجوم وسلاطين وقوات وأرواح وملائكة.. الخ. هذا الصانع للكون الذي يصفونه بأنه منقوص بالجهل والأنانية شعر بجاذبية طبيعية تجاه العوالم الروحية، ويقولون أن هذه الجاذبية أيضًا أختبرها كجهل وأنانية وشهوة شهوانية لامتلاك اللاهوت ليفسده(39). ووصفوا يالدابوس هذا وأتباعه من السمائيين " الحكام " بأنهم متملكين ومتعجرفين يحاولون السيادة على كل الأمور البشرية، وتقودهم رغبتهم للسيادة لخلق الشهوة الجنسية وقيد القدر (سيطرة النجوم) التي عن طريقها يريدون استعباد البشرية. 3 - الفصل الثالث : خليقة آدم وحواء وأبناءهم: وتقول الأسطورة أن الحكمة التي كانت تؤيدها الأيونات العليا للكون الروحي لتستعيد القوة المسروقة، ولكن هذه القوة المسروقة صارت مشتتة بعد خليقة آدم في الأجيال المتعاقبة, التي استعبدها نسل يلدابوس بخلق المقدر وروح الخداع البغيض. وتقترب عقيدة هذا الفصل من الدراما في قولهم أن قوة اللاهوت المسروقة والمشتتة استقرت في نسل شيث ابن آدم إلى هذا اليوم. الفصل الرابع : التاريخ التالي للسلالة البشرية : وبحسب فكر هؤلاء الغنوسيين يصل الفصل النهائي للدراما عندما يُرسل المخلص السمائي " ليوقظ " الإنسانية وليحرر نفوس البشر من المقدر ومن رباطات (عبودية) الجسد بالمعرفة، وهؤلاء المحررون هم الغنوسيون، محبو المعرفة. ويقولون أن كل نفس تستجيب وتكسب معرفة تتحرر من الجسد, أو أنها تهرب وتعود إلى الحق أو تصبح متجسدة في جسد آخر؛ خاص " عقاب أبدى " محفوظ للمرتدين عن الفرقة sect. وتصل هذه الدراما غايتها في المجيء النهائي للمخلص، المسيح، بدون تفصيلات تاريخية. وتقطن أخرى في وصف مستقبلي للدمار النهائي للحكام الأشرار والموت، وهكذا تضخم نتيجة مجىْ المخلص. وتظل بعض الطبقات veslione تشير إلى أحداث في التاريخ الكتابي الذي يرى المسيحيين غير الغنوسيين كأجزاء من خلفية التجسد (نوح والطوفان, سلسلة انساب الجنس البشرى, وأنبياء إسرائيل, ويوحنا المعمدان) وهكذا للحديث عن يسوع الناصري, وصلبه, وقيامته, وتعليم ما بعد قيامته أو صعوده وينتج دور يسوع الخاص في هذه الترجمات من كونه تجسد المسيح الموجود سابقًا, الكلمة الموجودة سابقًا. |
رد: كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح
الكتب الابوكريفية و لاهوت المسيح كما بينا في الفصل السابق، كيف أن نقاد المسيحية يزعمون، دون قراءة كتب الأبوكريفا، أنها تتحدث عن المسيح، فقط كنبي عظيم وإنسان فان، فهل ما يزعمونه صحيحًا، أم أنه مجرد كلام مبني على افتراض سابق، وفقا للهوى والعقيدة التي يؤمن بها كل منهم؟ وفيما يلي نقدم فقرات من هذه الكتب الأبوكريفية نؤكد من خلالها ما سبق أن أكدناه في الفصل السابق، أن كتاب هذه الكتب الأبوكريفية الغنوسية، كانوا يؤمنون بلاهوت المسيح بصورة مطلقة لا جدال فيها، وأن كان بصورة أسطورية تختلف عن مسيح المسيحية الحقيقي. فهذه الكتب كتبها زعماء وأفراد هذه الهرطقة وأعطوها أسماء رسل المسيح، وأسماء مستخدميها كإنجيل المصريين، وأسماء زعماء الغنوسية، كإنجيل مركيون. وبرغم أن هذه الكتب تحمل شهادة قوية للاهوت المسيح وصلبه وقيامته ألا أنها تمتلئ بالأفكار الهرطوقية الخيالية والأسطورية. فهي مزيج بين الفكر المسيحي واليهودي والوثني. (1) إنجيل المصريين اليوناني: ويرجع إلى القرن الثاني(1)، وكان أول من أشار إليه هو القديس أكليمندس الإسكندري(2) من القرن الثاني. وجاء فيه: " لأنه (يسوع) يقول: ليس كل من يقول لي، يا رب يا رب يخلص، بل الذي يفعل البر "(3). وقال القديس أبيفانيوس عن أصحاب هرطقة سابيليوس(4) أن " كل خطأهم وقوته هو أنهم يأخذون (يستخرجون) عقائدهم من بعض الأبوكريفا، خاصة المسمي إنجيل المصريين، كما يسميه البعض، لأنه مكتوب فيه مثل هذه الأشياء الناقصة كأنها جاءت سرا من المخلص، كالتي كشفها للتلاميذ أن الأب والابن والروح القدس واحد ونفس الشخص والأقنوم(5). (2) إنجيل المصريين القبطي: ويختلف عن اليوناني وقد اكتشف في نجع حمادي سنة 1945م. ويقول عن المسيح " القوة التي لا تقهر الذي هو المسيح العظيم". ويختم بالقول: " يسوع المسيح ابن الله "(6). (3) إنجيل بطرس: ويرجع إلى القرن الثاني وقد وجدت نسخته في أخميم في شتاء 1886-1887م، وهو الآن في متحف القاهرة. وفيه يوصف المسيح بالرب وابن الله " فلنسوق الآن ابن الله فقد أعطينا سلطانًا عليه000 فلنكرم ابن الله بمثل هذه الكرامة". " وفى الليلة التي بزغ فيها يوم الرب، بينما كان الحراس يحرسون حراساتهم، اثنين في كل ساعة، رن صوت عال في السماء ورأوا السموات مفتوحة ونزل منها رجلان في بهاء عظيم ونزلا مباشرة إلى القبر. وبدء الحجر الموضوع أمام القبر يتدحرج عن ذاته إلى جانب القبر، وفتح القبر، ودخل الشابان. وعندما رأى الجنود ذلك أيقظوا قائد المائة والشيوخ لأنهم كانوا أيضا هناك للمساعدة في الحراسة. وبينما كانوا يسترجعون ما حدث رأوا ثانية ثلاثة رجال خارجين من القبر.. والصليب يتبعهم.. وسمعوا صوتا خارجا من السماء يصيح: أنت بشرت الراقدين "(7). (4) إنجيل الحقيقة: ويرجع للقرن الثاني، وقد اكتشف في نجع حمادي سنة 1945، جاء فيه عن لاهوت المسيح: " إنجيل الحقيقة بهجة لأولئك الذين قبلوا من أبي الحقيقة هبة، معرفته خلال قوة الكلمة (المسيح) الذي جاء من البليروما (ملء اللاهوت - (أنظر كو2:9)، الواحد الذي في فكر الآب وعقله، الذي هو الواحد المخاطب بالمخلص الذي هو اسم العمل قام به الفداء أولئك الذين كانوا يجهلون الآب "(8). (5) حكمة يسوع المسيح: وترجع أقدم مخطوطاته إلى القرن الثالث أو بداية الرابع(9) ويبدأ هكذا: " بعد أن قام (يسوع) من الأموات تبعه تلاميذه الاثنا عشر وسبعة نساء اللواتي تبعنه كتلميذات، عندما جاءوا إلى الجليل.. وهناك ظهر لهم المخلص، ليس في شكله الأصلي ولكن في الروح غير المرئي، كان ظهور ملاك عظيم من نور. أما شكله فلا أستطيع وصفه.. وقال سلام لكم، سلامي أنا أعطيكم "(10). (6) حوار المخلص: وجدت هذه الوثيقة في اللغة القبطية الصعيدية فقط في مكتبة نجع حمادي 1945. وجاء فيها سؤال التلاميذ للمسيح، هكذا: " يا رب قبل أن تظهر هنا (علي الأرض) من كان هناك (في السماء) ليعطيك المجد ؟ لأنه فيك (خلالك) كل الأمجاد، ومن كان هناك ليباركك حيث منك تأتي كل البركة ؟ "(11). وجاء فيه هذه الطلبه: " استمع إلينا أيها الآب البار كما استمعت لابنك الوحيد وأخذته إليك "(12). (7) إنجيل فيليب: ويرجع إلى القرن الثاني وقد وجدت له مخطوطة ترجع إلى القرن الثالث ضمن مجموعة نجع حمادي مترجمة إلى القبطية الصعيدية. وجاء فيه قول منسوب للرب يسوع المسيح علي الصليب: " الهي الهي لماذا يا رب تركتني؟ قال هذه الكلمات علي الصليب، لأنه انقسم هناك.. قام الرب من الموت "(13). (8) إنجيل توما (مجموعة أقوال منسوبة للرب يسوع المسيح)(14): ويرجع إلى القرن الثاني وقد ذكره كل من القديس هيبوليتوس (230 م.) والعلامة أوريجانوس (233 م.)، وقد اكتشفت نصوصه كاملة ضمن مجموعة نجع حمادي. … جاء في القول: 28 (Logia 28) " أنا وقفت في وسط العالم وظهرت لهم في الجسد ووجدتهم كلهم سكارى ولم أجد بينهم أحد عطشان. وكانت نفسي حزينة علي بني البشر لأنهم عميان في قلوبهم لا يبصرن "(15). … وجاء القول:77 " قال يسوع أنا هو النور. أنا هو الكل. الكل جاء مني والكل يعود إلى. أشطر (قطعة) الخشب: أنا هناك. ارفع الحجر وستجدني هناك "(16). (9) أبوكريفا يوحنا: ويرجع إلى القرن الثاني (17)، وهو عبارة عن مجموعة أقوال جاء فيه أن أحد الفريسيين شكك يوحنا بن زبدي في حقيقة الرب يسوع المسيح، فمضي يوحنا حزينا إلى مكان منعزل في الجبل تدور في ذهنه أسئلة عديدة فرأي المسيح نازلا من السماء " وبدت الخليفة كلها في نور، ليس أرضيا، وبدأ العالم يضطرب كله " وقال له: يوحنا لماذا أنت في شك ؟ " أنا هو الذي معك دائما. أنا هو الآب، أنا هو الأم، أنا هو الابن، أنا هو الموجود الأبدي، غير الدنس "(18). (10) أبوكريفا يعقوب: وجد هذا العمل الأبوكريفي في نجع حمادي 1945 وقد جاء به: " سأحضر إلى المكان الذي منه جئت.. استمعوا إلى التسابيح التي تنتظرني في السموات لأني اليوم سآخذ مكاني علي يمين الآب.. مباركين أولئك الذين ينادون بالابن قبل نزوله "(19). (11) الإنجيل بحسب مريم المجدلية: ويرجع إلى القرن الثالث وتوجد له ترجمة إلى القبطية ترجع للقرن الخامس، ويوجد ضمن مجموعة جون رايلانذ بمنشتسر. وقد جاء فيه: " ولما قال الواحد المبارك (يسوع) هذا حياهم كلهم قائلا: سلام لكم، أقبلوا سلامي. اعلموا إذا أنه لن يضلكم أحد بالقول " انظروا هنا " أو " انظروا هناك " لأن ابن الإنسان داخلكم. اتبعوه. الذين يبحثون عنه سيجدونه "(20). أنظر ترجمته الكاملة في الفصل الخاص بمريم المجدلية. (12) حديث بعد القيامة (أو رسولة للرسل): Epistula Apostolorum ويرجع هذا العمل إلى القرن الثاني (21) (وقت المعركة بين المسيحية والغنوسية). جاء فيه ما يسمي بتعليم التلاميذ الاثني عشر فيما يختص بربنا يسوع المسيح: " نحن نعرف هذا، أن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح اله. ابن الله الذي أرسل من الله، حاكم العالم كله.. رب الأرباب وملك الملوك وحاكم الحكام. السماوي الذي هو فوق الشاروبيم والسرافيم ويجلس عن يمين عرش الأب "(22). (13) كتاب إيمان الحكمة: The Pistis Sophiaويرجع للقرن الثالث(23). يبدأ الكتاب الأول منه بالحديث عن قيامة السيد المسيح من الموت " بعد أن قام يسوع من الموت". ويتحدث في الثاني عن صعود السيد المسيح إلى السموات ويروي أفراح السماء بصعوده إليها واضطراب كل قوات السماء. ثم يتحدث عن ظهوره لتلاميذه " ثم انفتحت السموات.. ورأوا يسوع وقد نزل وبهاؤه (أشرافه) ساطع جدا وكان نوره لا يقاس.. ولم يستطع البشر في العالم أن يصفوا النور الذي كان عليه "، ثم يروي خوف التلاميذ واضطرابهم لرهبة هذا المنظر " ولما رأي يسوع، الرحيم والحنان أن التلاميذ في غاية الاضطراب.قال لهم: تهللوا أنا هو لا تخافوا.. ثم سحب بهاء نوره، عندئذ تشجع التلاميذ ووقفوا أمام يسوع وخروا معا وسجدوا له بفرح وابتهاج عظيم "(24). (14) اللوجوس العظيم:The Tow Books of Jeu: أو كتاب " اللوجوس العظيم بحسب السر " ويرجع للنصف الأول من القرن الثالث(25). وقد جاء فيه هذا الحديث: أجاب الرسل بصوت واحد.. قائلين: يا رب يسوع أنت الحي الذي أنتشر خلاصه علي الذين وجدوا حكمته وهيئته التي يضيء بها - أيها النور الذي في النور الذي يضيء قلوبنا حتى نأخذ نور الحياة - أيها الكلمة (اللوجوس) الحقيقي الذي بالمعرفة تعلمنا.. أجاب يسوع الحي وقال مبارك الرجل الذي يعرف هذا "(26). (16) إنجيل برثلماوس: ويسمي في النص القبطي " كتاب قيامته يسوع المسيح بحسب برثلماوس الرسول". جاء فيه هذه الصلاة " وسقط برثلماوس علي وجهه ونثر تراب علي رأسه ثم بدأ " أيها الرب يسوع المسيح، الاسم المجيد والعظيم. كل طبقات الملائكة تسبحك. وأنا أيضا، الغير مستحق بشفتي، أسبحك يا رب. استمع إلى أنا خادمك استمع إلى أيها الرب يسوع المسيح، وارحم الخطاة "(27). (17) إنجيل ماني "الإنجيل المتوافق": استخدم ماني الهرطوقي " المبتدع (28) الأناجيل الأربعة الصحيحة إلى جانب دياتسرون تاتيان (29) والأناجيل الأبوكريفية مثل إنجيل فيليب وكتاب طفولة الرب وجمعها في مجلد واحد، متوافق، شبيه بدياتسرون تاتيان، وهذه فقرة منه عن محاكمة السيد المسيح: " بالحقيقة هو ابن الله. وأجاب بيلاطس هكذا، أنا بريء من دم ابن الله.. "(30). (18) إنجيل ماني " الإنجيل الحي ": والي جانب الإنجيل المتوافق، كتب ماني كتابا أسماه " الإنجيل الحي " وأيضا " أنجيل الحي " و "الإنجيل العظيم "(31) وأدعي أنه نزل عليه من السماء، وقد جاء فيه " مسبح هو وسيكون مسبح ابن الحب العزيز " يسوع معطي الحياة.. أنا ماني، رسول يسوع الصديق (Friend) في حب الآب"(32). (19) مزامير المانيين: كان لأتباع ماني (المانيين) كتاب مزامير وتسابيح وترانيم جاء فيه: " يسوع هو الذي يعطي التوبة للذي يتوب. فهو يقف في وسطنا. هو الذي يومض لنا سرا قائلا: توبوا لكي اغفر لكم خطاياكم". " انه (يسوع) ليس بعيدا عنا يا أخوتي كما قال في كرازته: أنا أقرب منكم مثل ملبس جسدكم "(33). (20) كيريجماتا بطرس:The Kerygmata Petrou ، ويرجع حسب رأي غالبية العلماء إلى نهاية القرن الثاني (200م) أو بداية القرن الثالث(34). وقد جاء فيه هذا القول المنسوب للقديس بطرس: " أنى متيقن أن العيون المادية لا يمكن أن تري الكيان الروحي للآب والابن لأنه مغلف بنور لا يدني منه (1تي16:6).. والذي يراه يموت (خر21:33).. ولا يوجد من يقدر أن يري القوة الروحية للابن لما سأل الرب -ماذا يدعوه الناس- مع أنى سمعت الآخرين يعطوه اسما آخر – فقد ثار قلبي في الأقوال، ولا أعرف كيف قلت ذلك: أنت هو ابن الله الحي" (مت16:16و17)(انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا) (35). (21) الرسالة إلى لاوديكيا المنحولة: وترجع إلى القرن الثاني(36)وهي عبارة عن مجموعة من الفقرات المأخوذة من رسائل بولس، وخاصة الرسالتين إلى فيلبي والي غلاطية. وتبدأ هكذا: " بولس الرسول لا من الناس ولا بإنسان بل بيسوع المسيح إلى الإخوة الذين في لاوديكيا.. اشكر المسيح في كل صلاتي لأنكم ثابتون فيه ومحفوظون في عمله". ويختم بالقول " نعمة الرب يسوع تكون مع روحكم "(37). (22) رسالة تيطس المنحولة: وتنسب لتيطس تلميذ بولس الرسول وقد اكتشفت لها مخطوطة لاتينية ترجع للقرن الثامن، وهي مترجمة عن اليونانية، ومتأثرة بالكتب الأبوكريفية الأخرى، ومليئة بالاقتباسات المباشرة من العهد الجديد والعهد القديم. تبدأ بالقول: " يقول الرب في الإنجيل..". وتختم بالنص التالي المأخوذ عن إنجيل متى وسفر الرؤيا: " يقول المسيح الرب.. سأعطيهم نجم الصبح الأبدي (رؤ28:2).. وأيضا سيهب الغالبين أن يلبسوا ملابس باهية ولن يحذف اسمهم من سفر الحياة. فهو يقول سأعترف بهم أمام أبي وملائكته، في السماء (مت22:20). لذلك مباركين أولئك الذين يثابرون إلى المنتهي، كما يقول الرب: من يغلب فسأعطيه أن يجلس علي يميني في عرشي، كما غلبت أنا وجلست عن يمين أبي في عرشه كل الدهور (رؤ21:3) من الأبد والي الأبد "(38). (23) أعمال يوحنا: شهد لها أكليمندس الإسكندري في القرن الثاني وتوجد لها مخطوطات عديدة بلغات متعددة أخرها برديات البهنسا، يصف الكاتب تجلي الرب يسوع المسيح علي الجبل هكذا: " أخذني أنا ويعقوب وبطرس إلى الجبل حيث اعتاد أن يصلي ورأينا " عليه " نورًا لا يستطيع إنسان أن يصفه بكلام عادي ماذا كان يشبه.. ثم رأيت رجليه وكانت أبيض من الثلج حتى أنها أضاءت الأرض هناك، وامتدت رأسه إلى السماء، ولذا كنت خائفا وصرخت "(39). ويؤكد أن جسده كان مجرد خيال، فيقول: " أيها الإخوة, سوف أروى لكم مجدًا آخر. كنت أحيانًا حين أريد الإمساك به ألقى جسدًا ماديًا وصلبًا؛ إنما عندما كنت المسه في أحيان أخرى, كانت الماهية غير المادية, غير جسدية وكأنها غير موجودة كليًا " . " وحين كان يدعوه احد الفريسيين ويلبى دعوته. كنا نذهب معه وكان كل احد من بيننا يتسلم رغيفًا يوزعه المضيفون وهو أيضًا كان يتسلم واحدًا منها. وكان يبارك رغيفه ويقسمه في ما بيننا: بهذه القطعة الصغيرة, كان يشبع كل منا, وتلبث أرغفتنا كاملة, بحيث كان يصيب الذهول من دعوه . وغالبًا ما أردت, وأنا أسير معه, أن أرى ما إذا كان اثر خطوته مرئيًا على الأرض. فقد رأيت بالفعل انه كان يرتفع فوق التراب " والحال هذه لم أره أبدًا ."(40). (24) أعمال بطرس: وترجع إلى ما قبل سنة 190 م.، اقتبس منها أكليمندس الإسكندري وأوريجانوس ويوسابيوس القيصري. جاء فيها هذا القول منسوبا للقديس بطرس: " أيها الواحد الوحيد القدوس، أنت ظهرت لنا، أنت الإله يسوع المسيح، باسمك اعتمد هذا الرجل وتعلم بالعلامة (علامة الصليب) المقدسة "(41). وهذا الاعتراف قبل المعمودية " أؤمن بك يا ربي يسوع المسيح.. أؤمن باسمك القدوس لذا آخذ ماء في يدي وباسمك أنثر هذه الأحجار (الأوثان) "(43). وقول أريستون لبطرس: " أخي وسيدي وشريك الأسرار المقدسة ومعلم طريق الحق الذي في يسوع المسيح إلهنا "(44). (25) أعمال بولس: وترجع إلى القرن الثاني وقد أشار إليها العلامة ترتليان (198-200 م.). جاء فيها هذا القول منسوبا للقديس بولس " إلهي يسوع المسيح الذي خلصني من شرور كثيرة (2تي11:3) يهبني ذلك أمام أعين اريتميلا وايوبولا "(45). لانخاريس " أؤمن يا أخوتي انه لا يوجد اله آخر سوي يسوع المسيح ابن المبارك "(46). ولتريفاينا " إلهي وإله هذا البيت، حيث أضاء النور علي، المسيح يسوع ابن الله معيني في السجن ومعيني أمام الحكام، ومعيني في النار، ومعيني وسط الوحوش، أنت الإله ولك المجد إلى الأبد "(47). (26) أعمال توما: يقول تقليد أنها من أصل مانوي وقد أشار القديس أبيفانيوس (ق4) لاستخدام الشيع الغنوسية لها، كما أشار أغسطينوس إلى استخدامها بين المانيين(48). جاء فيها هذه الفقرة التبشيرية: " آمنوا يا أبنائي بهذا الإله الذي أنادي به، آمنوا بيسوع المسيح الذي أبشر به، آمنوا بمعطي الحياة ومعين خدامه، آمنوا بمخلص المتعبين في خدمته "(49). (27) أعمال بطرس وبولس: وترجع أقدم مخطوطات هذا العمل إلى القرن التاسع وأن كان الكتاب نفسه يرجع لتاريخ أقدم من ذلك فقد أشار أوريجانوس (185-245 م.) إلى إحدى قصصه، السيدة كوفاديس Domine quovadis(50). وقد جاء في نهايته انه لما أمر نيرون بقطع رأس بولس وصلب بطرس " ولما جاء بطرس إلى الصليب قال: لأن ربي يسوع المسيح الذي نزل من السماء إلى الأرض رفع علي الصليب ورأسه لأعلي، وتلطف ودعاني إلى السماء أنا الذي من الأرض، لذا يثبت صليبي ورأسي لأسفل لأوجه قدمي للسماء، لأني لست أهلا أن أصلب مثل ربي، فقلبوا الصليب وسمروا رجليه لأعلي "(51). (28) أعمال بولس وتكلا: أشار إلى هذا العمل ترتليان (145-220 م.) وقال إن كاتبه هو قس آسيوي كتبه تمجيدا للقديس بولس. جاء فيه إلى جانب اعتراف تريفاينا، السابق ذكره في أعمال بولس هذه الصلاة المنسوبة لبولس وتكلا " أيها المسيح المخلص لا تدع النار تلمس تكلا، بل قف إلى جانبها فهي لك. ووقفت هي إلى جواره وصاحت: أيها الآب يا من صنعت السماء والأرض، أبو ابنك القدوس، أباركك لأنك أنقذتني "(52). (29) أعمال فيليب: ذُكر هذا العمل في قانون البابا جلاسيوس ضمن الكتب الأبوكريفية، وترجع التقاليد عنه إلى تاريخ مبكر(53). جاء فيه أن فيليب " صلى قائلا: يا ربى يسوع المسيح، أبو الدهور وملك النور، الذي جعلتنا بحكمتك حكماء.. لم تتركنا في أي وقت أبدا.. أنت ابن الله الحي.. الذي توج هؤلاء الذين غلبوا العدو.. تعال الآن يا يسوع وأعطيني تاج النصرة الأبدي "(54). (30) أعمال أندراوس: أشار إليها أبيفانيوس (403 م.) وترجع إلى ما قبل ذلك، جاء فيها قول أندراوس لغريمه " أن أمنت بالمسيح ابن الله الذي صلب سأشرح لك كيف أن الحمل الذي ذبح سيحيا بعد أن صلب "(55). (31) أعمال أندراوس ومتياس: وترجع إلى عصر مبكر جدا من نفس المواد الحقيقية التي كتبت في العصر الرسولي(56). جاء فيه هذا القول لأندراوس عن الرب يسوع المسيح: " الحق يا أخي لقد بين لنا (يسوع) انه إله، لا تظن انه إنسان لأنه صنع السماء والأرض والبحر وكل ما فيها "(57). (32) رؤيا بطرس: وترجع إلى ما قبل 180م. جاء فيها إعلان المجيء الثاني هكذا: " أجاب ربنا (يسوع ) وقال:.. لأن مجيء ابن الله لن يكون مبينا ولكن مثل البرق الذي يظهر من الشرق إلى الغرب، هكذا سيأتي على سحاب السماء مع جمهور عظيم في مجدي، وصليبي ذاهبا أمام وجهي. سآتي في مجدي مع كل قديسي وملائكتي، عندما يضع أبى إكليلا على رأسي لأدين الأحياء والأموات وأجازى كل واحد بحسب أعماله "(58). (33) رؤيا بولس: ذكرت في قانون البابا جلاسيوس (496 م.) وأشار إليها القديس أغسطينوس (430 م.). جاء فيها " ثم رأيت ابن الله نازلا من السماء وإكليلا على رأسه وعندما رآه الذين وضعوا في العذاب، صرخوا جميعهم معا: ارحمنا يا ابن الله العلي ، فأنت الذي منحت الراحة للكل في السماء وعلى الأرض. ارحمنا نحن أيضا، فقد حصلنا على راحة منذ رأيناك. وجاء صوت الله في كل مكان في العذابات قائلا: ما الذي فعلتموه لتسألوني عن الراحة ؟ لقد سال دمى لأجلكم ولم تتوبوا. لبست تاجا من الشوك على رأسي لأجلكم. لأجلكم لطمت على خدي، ومع ذلك لم تتوبوا. علقت على الصليب وطلبت الماء فأعطوني خلا ممزوجا بمر، فتحوا جنبي الأيمن بحربة. لأجل أسمى قتلوا خدامي، الأنبياء والأبرار، أعطيتكم الفرصة في كل هذا للتوبة ولم تريدوا "(59). والخلاصة: هي أن هذه الكتب، جميعها، تؤكد على لاهوت المسيح وحقيقة كونه ابن الله، والإله الذي نزل من السماء وأن كان أغلبها بصورة دوسيتية تؤكد على أنه ظهر في هيئة وشكل الجسد ولكنه لم يتخذ الجسد، بل كان جسده خيالًا. ومثل العهد الجديد، فجميعها تقول أن المسيح كإله وابن الله ووحيد الآب أو أنه قوة علوية والحاكم علي كل مخلوقات الله. |
الساعة الآن 11:29 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025