منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الكتب الدينية (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=56)
-   -   كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=275887)

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:35 PM

كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية
الأسقف الأنبا إيسوذورس
إعداد أ. أمير نصر

مقدمة

يعتبر القديس العظيم مارمرقس الرسول قيمة عالية جدًا وفائقة للغاية. فهو الذي ولدنا في المسيح يسوع ربنا، وإليه يعود إيماننا الأقدس كقول الكتاب: "أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل" (1كو4:15). وكما يقول قداسة البابا شنوده الثالث أدام الرب حياته: "إننا مدينون لهذا القديس العظيم الذي كرز في بلادنا باسم المسيح، وسفك دمه الطاهر على أرضنا من أجل توصيل كلمة الرب إلينا".

ومن ثم أصبح القديس مار مرقس هو الأب الأول لنا في الإيمان بالمسيح إلهنا وفادينا ومخلصنا، وهو الذي سعى بنا نحو الأبدية، وهو الذي أدركنا به ملكوت السموات، وهو الذي أعطانا خبز الحياة النازل من السماء كقول رب المجد يسوع المسيح "من يأكل جسدي ويشرب دمى فله حياة أبدية... يثبت فىّ وأنا فيه... فمن يأكلني فهو يحيا بى..." (يو6: 54-57).
والقديس مار مرقس هو النور الذي أضاء علينا، وبدد الظلمة التي كنا نعيش فيها. فصار نوره نهارًا مقدسًا ندركه ونحيا فيه. نهار الإيمان بالمسيح إلهنا وفادينا ومخلصنا. نهار الحياة الأبدية. لذلك فالقديس مارمرقس هو عطية الله لنا، وهو النعمة التي نتمتع بها على الدوام. القديس مار مرقس هو سر وجودنا في المسيح يسوع.. وهو سر الحب المتدفق في قلوبنا نحو الله إلهنا.
القديس مارمرقس هو كاروز مصر ومدبرها الأول. هو مؤسس كنيستنا القبطية الأرثوذكسية، كنيسة الإسكندرية المجيدة بكل حياتها وتاريخها المقدس، وبكل عمقها الروحي السمائي، بكل آبائها وقديسيها الموجودين فيها.
القديس مارمرقس ضرورة تاريخية بل وحتمية في تاريخ كنيستنا المقدسة، لأنه هو الذي صنع وصاغ هذا التاريخ المقدس منذ بدايته. لأنه في البدء جاء القديس مرقس إلى مصر. جاء بنوره ليشرق علينا.. جاء بإيمانه ليمكث فينا.. جاء بعمله الرسولي ليثبت عندنا ويكون مركز كرسيه لدينا.. جاء بإنجيله لنستنير.. جاء بتعليمه لنثبت.. جاء بأبوته لنصير رعيته ونصبح أولاده، جاء وبذل كل الجهد وكل التعب في الكرازة والبشارة والخدمة وتأسيس الكنيسة حتى نال إكليل الشهادة بسفك دمه الطاهر على أرض مصر التي حولها من أرض الفراعنة إلى أرض القديسين.
بهذا صنع القديس مارمرقس تاريخه الخاص به وسجله بحروف من نور. فهذا تاريخ مار مرقس، وهذه قصة مارمرقس ناظر الإله الإنجيلي والطاهر والشهيد.
ولكن في نفس الوقت هذا التاريخ المقدس الذي لأبينا القديس مارمرقس هو جزء من تاريخ كنيسة الإسكندرية المصرية. فلا يمكن أن نكتب تاريخ كنيستنا، أو نسجل أحداثها إلا ولابد أن نذكر القديس مارمرقس فيها، ودوره في تأسيس كرسى الإسكندرية الرسولي... بحق إن تاريخ القديس مارمرقس الخاص والذي صنعه شخصيًا هو نفسه تاريخ كنيسة الإسكندرية.
ومن هنا كان القديس مارمرقس ضرورة تاريخية في حياتنا الكنسية، وحتمية لتاريخ كنيستنا المقدس.. وهكذا يتبارك ويتقدس ويتأصل تاريخ الكنيسة عندما يسجل في أول تاريخه سيرة وحياة وأعمال القديس العظيم مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية.

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:36 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
الكُتَّاب الذين سجَّلوا تاريخ مار مرقس

ومن الثابت تاريخيًا أن القديس البابا يوليانوس البطريرك الحادى عشر لكنيستنا (178-188) هو الذي بدأ هذا التقليد الكنسى عندما كتب سير وتاريخ الآباء البطاركة القديسين السابقين له. من أول كاروز مصر العظيم القديس مارمرقس الإنجيلي، حتى البطريرك العاشر القديس البابا إغريبينوس (166-178)، وذلك لكى يعرف المؤمنون تاريخ كنيستهم وتاريخ آبائهم، ويتعلمون منه ويستفيدون لحياتهم ومستقبلهم...
ولذلك يمكن أن نقول أن البابا يوليانوس الحادى عشر يعتبر بحق هو (أبو التاريخ الكنسى القبطى) لأن من بعده نجد كُتاب تاريخ الآباء البطاركة من الأقباط، ومنهم بطاركة وأساقفة وكهنة وشمامسة، اهتموا بكتابة هذا التاريخ المقدس للكنيسة والذي يبدأ بتاريخ القديس مارمرقس الرسول. وجيد أن نذكر الكُتاب الذين سجلوا تاريخ أبينا القديس مارمرقس الرسول.
1 مينا الكاتب: الذي كتب سير الآباء البطاركة من القديس مار مرقس 1 (61-68) إلى القديس البابا ديسقورس 25 (444-454).
2 يوحنا أسقف نيقيوس: المؤرخ الشهير من القرن السابع، والذي وضع كتابًا في تاريخ العالم من زمن الخليقة وحتى دخول العرب مصر عان 641م. كما كتب اخبار الآباء البطاركة من القديس مارمرقس إلى عهد البابا بنيامين الأول 38 (632-662).

3 الشماس يحنس: تلميذ القديس مويسيس أسقف أوسيم (إمبابه الجيزة) الذي عاش في القرن الثامن. وقد كتب سير الآباء البطاركة من القديس مارمرقس إلى البابا خائيل 46 (743-767).
4 البابا أبرآم بن زرعة 62 (975-978): وهو الذي تمت في عهده معجزة نقل جبل المقطم (وسينشر الناشر قريبًا بإذن الله كتاب "بلوغ المرام في ترجمة سمعان الخراز والأنبا أبرآم وأعجوبة نقل الجبل المقطم "للأسقف إيسوذورس). وقد اهتم قداسته بكتابة تاريخ أسلافه من الآباء البطاركة السالفين له من القديس مارمرقس إلى البابا مينا الثانى 61 (956-974).
5 الأنبا ساويرس أسقف نستروه: (نستروه مدينة فيما بين دمياط ورشيد، بالقرب من بحيرة البرلس بالدلتا)، وقد عاش الأنبا ساويروس في زمن كل من البابا ياكوبوس 50 (819-830) والذي في عهده سرق البنادقة جسد القديس مارمرقس نحو 828 م. والبابا سيمون الثانى 51 (830 م) وقد وضع الميمر في الأصل باللغة القبطية وترجمه إلى العربية الأنبا مرقص أسقف سخا والمحلة. وتوجد نسخة لهذا الميمر كتبت سنة 1548 ش/1882 م.
6 الأنبا ساويرس أسقف الأشمونين: وهو من علماء الكنيسة في النصف الثانى من القرن العاشر وأوائل القرن الحادى عشر، وقد عاصر حكم دولتى الأخشيديين (935 969) والفاطميين (969-1711). وله رصيد كبير من المؤلفات في العقيدة الأرثوذكسية والطقس الكنسى وتاريخ الكنيسة بلغت 83 مؤلفًا غير ما لم نستطع الوصول إليه. وقد كتب باللغة العربية هذه المؤلفات، ويعتبر أول مؤرخ قبطى يجمع سير وميامر تاريخ الآباء بطاركة الإسكندرية في كتاب تحت عنوان "تاريخ بطاركة الإسكندرية" (هذا الكتاب وكز عليه الباحثون في تاريخ الكنيسة القبطية سواء من المصريين أو الأجانب، وقد نشرته جمعية الآثار القبطية بعد تحقيق علمى، وذلك منذ عام 1943م. كما إهتم بنشره المتنيح الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر السابق (1992-2003)، وأيضًا قام الأستاذ عبد العزيز جمال الدين بدراسة تاريخ مصر من خلال هذا الكتاب ونُشر في خمسة مجلدات عام 2006) من القديس مارمرقس إلى البابا زخارياس 64 (1004-1032). وقد جمع وإعتمد على ما كتبه الأقباط قبله من مينا الكاتب إلى البابا إبرآم بن زرعه، من أصول المخطوطات والمصادر السابقة كانت مكتوبة باللغة اليونانية واللغة القبطية والتي كان يجيدهما ساويرس مع اللغة العربية. وقد وجدها في دير القديس أبو مقار بشهيت، ودير نهيا في غرب القاهرة، ودير تاودروس بالفيوم، ودير الأنبا شنوده رئيس المتوحدين الأبيض بسوهاج، مع أديرة أخرى. وقد ساعده في هذا العمل الكثيرون منهم الأنبا ميخائيل أسقف تنيس (بدمياط).
7 الشيخ موهوب بن منصور بن مفرج الإسكندرانى: وهو من رجال الكنيسة في القرن الحادى عشر، وأحد أعيان الأقباط الذي إحتفظ برأس القديس مارمرقس في بيته (راجع كتاب "مرقس الرسول "لقداسة البابا شنوده الثالث ص78). وقد إهتم بكتابة سير الآباء البطاركة من القديس مارمرقس إلى البابا كيرلس الثانى 67 (1078-1092).
8 الأنبا يوساب أسقف فوة: من آباء الكنيسة في القرن الثالث عشر، وقد كتب تاريخ البطاركة من القديس مارمرقس إلى البابا يؤانس السادس 74 (1189-1216). ثم كتب بالتفصيل تاريخ البابا كيرلس بن لقلق الثالث 75 (1235-1243) والذي قام بسيامته على مدينة فوة (من البلاد القديمة بالغربية). وأيضًا تاريخ البابا أثناسيوس الثالث 76 (1250-1261) حيث شارك في إختياره وسيامته بطريركًا للكنيسة.
9 أبو البركات المعروف بإبن كبر: من القرن الرابع عشر والذي سجل في كتابه الشهير "مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة "مختصر تاريخ الآباء البطاركة من أول القديس مارمرقس إلى البابا مرقس الرابع 84 (1348-1363).

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:38 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
العلاّمة الأسقف إيسوذورس

وفى العصر الحديث يأتى الأنبا إيسوذورس أسقف دير البراموس السابق (1897-1942) أول من إهتم بكتابة تاريخ الكنيسة وتاريخ الآباء بطاركة كرسى الإسكندرية وعنه أخذ الكثيرون من المؤرخين وكُتاب التاريخ الكنسى الذين جاءوا من بعده. بمعنى أن كتابات الأسقف إيسوذورس التاريخية وغيرها من الكتابات اللاهوتية والعقائدية والكنسية، تعتبر مصدرًا أساسيًا ومرجعية هامة لكل من يهتم بالدراسة والبحث والكتابة في تاريخ الكنيسة. ولذلك يطيب لنا أن نلقب هذا الأسقف الجليل والعلامة الأرثوذكسى أنه "أبو التاريخ الكنسى المعاصر".
لقد كان إهتمام الأسقف إيسوذورس بالكتابة التاريخية يُمثل إهتمامًا خاصًا له، لأن دراسة تاريخ الكنيسة، وتقديمه كان من أحب الأعمال إلى قلبه، بذل فيه الجهد والتعب والسهر والوقت والمال كل سنوات عمره. وكم نذكر له التدعيم الأدبى والمادى الذي قدمه إلى لجنة التاريخ القبطى التي تأسست عام 1917م، وكان أحد أعضائها البارزين المؤرخ الأستاذ كامل صالح نخله الذي كان صديقًا للأسقف إيسوذورس. وذلك من أجل نشر تاريخ الكنيسة وتاريخ الأقباط والكتب الدينية والطقسية. وقد كتب الأستاذ كامل في مقدمة كتابه الهام "تاريخ وجداول بطاركة الإسكندرية "الصادر عام 1943م كلمة وفاء للأسقف إيسوذورس وإهتمامه بتاريخ الكنيسة وعلاقته بلجنة التاريخ القبطى (راجع: كامل صالح نخله: تاريخ وجداول بطاركة الإسكندرية.1943م - كتابنا: العلامة الأرثوذكسى الأسقف إيسوذورس. إصدار دير السيدة العذراء برموس، 2001م.).
حيث كتب قائلًا: [إن الأنبا إيسوذورس أسقف دير البرموس ورئيس مدرسة البابا كيرلس الخامس للرهبان سابقًا، وصاحب مجلة صهيون كان نيح الله نفسه صديقًا للجنة التاريخ القبطى منذ تأسيسها، وكان دائمًا يشجعها في عملها ويثنى عليها، فكان متصلًا باللجنة إتصالًا علميًا يستعير من مكتبتها التاريخية المؤلفات العديدة في كل صيف عند قيامه برحلاته السنوية للصعيد، وكانت علاقته باللجنة حسنة وعلاقة اللجنة به كانت منزهة عن كل غرض،كما كانت صلته الشخصية بحضرات أعضائها صلة ود ومحبة وإخلاص وتقدير.. وكان نيافته قبل وفاته وهب للأمة القبطية بالقاهرة مبلغ خمسة الأف جنيه مما جمعه في حياته من مؤلفاته العديدة، وإشتراكات مجلته الدينية، وقد خصص لجنة التاريخ القبطى خمسمائة جنيه للقيام بنشر تاريخ الكنيسة المرقسية وتاريخ الأمة القبطية، والكتب الدينية والطقسية إستئنافًا لمجهوده في هذا المضمار، وتخليدًا لذكراه.وقررت اللجنة إحياء لذكرى فقيد الكنيسة وإعترافًا له منها بالفضل أن تكون باكورة ثمرة هذه الهبة نشر كتاب سير بابوات الكرسى الإسكندرى وجداول بطاركته الأطهار من وضع وتحقيق وتأليف الأستاذ كامل صالح نخلة عضو اللجنة، ولهذه المناسبة الكريمة وضع حضرة العضو المؤلف مختصر تاريخ حياة هذا البطل الأرثوذكسى لنشره في مقدمة الكتاب المُشار إليه إعترافًا بفضله].

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:39 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
الأنبا إيسوذورس وتاريخ مار مرقس

كان باكورة أعماله التاريخية كتاب "الخريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة "الجزء الأول الذي صدر في طبعته الأولى عام 1891م، وهو راهبًا بدير البراموس بإسم أفرايم البرموسى، إذ سبق وترهب بالدير عام 1885م. (راجع: كامل صالح نخله: تاريخ وجداول بطاركة الإسكندرية.1943م - كتابنا: العلامة الأرثوذكسى الأسقف إيسوذورس. إصدار دير السيدة العذراء برموس، 2001م. - ص 21)... ثم أصدر الجزء الثانى في طبعته الأولى في عام 1892م...وفى عام 1905 م أصدر الطبعة الثانية بعد إضافة بعض الموضوعات مع التنقيح أيضًا. وفى عام 1923م أصدر الطبعة الثالثة للكتاب بجزئيه (بعد نياحة الأسقف إيسوذورس إهتم القمص ارسانيوس عطاالله المحرقى بنشر كتاب الخريدة النفيسة بجزئيه عن النسخة الأصلية (طبعة 1923م) في عدة طبعات ليكون موجودًا بالمكتبة القبطية وفى متناول الجميع من الباحثين والدارسين في تاريخ الكنيسة).
في الجزء الأول من كتاب الخريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة (الطبعة الأولى 1891م) كتب الأسقف إيسوذورس (وهو راهبًا) نصًا مختصرًا لسيرة وكرازة القديس مار مرقس الرسول. يتناسب حجمًا مع مادة الكتاب التاريخية، فكان أول من كتب عن أبينا القديس مرقس، حيث كان يشعر بالحب والارتباط والانتماء له، وأنه يعمل ويحفظ على غرس مار مرقس (كتب يومًا يقول: "أنا ربيب الأرثوذكسية ومولودها الذي يبكى لبكائها، ويحزن لحزنها، ويفرح لفرحها.، أنا ربيب هذا الشيخ الكريم الوقور غبطة ولى نعمتى الأنبا كيرلس الخامس.. ومعلمى القمص أشعياء (كان خاله) الذي إستسلم للإستشهاد في الثغر الإسكندرية في حوادث العُرابية. ولم يدع أيدى العبث والفساد والنهب والسلب والنار تصل إلى غرس يدى مارمرقس وأملاكه وأنا أنحو نحوه، وأحذو حذوه، وأضرب بقضيب من عاج أبيض رأسه من حديد على أنامل من يحاول أن يعبث بهذه الغرسة المباركة. راجع مجلة صهيون 1926م). وهذا هو النص الأول الذي كتبه

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:42 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
أنبا إيسيذورس ومارمرقس

فى عام 1897م (فى 17 أكتوبر 1897 سيم القمص أفرايم البرموسى أسقفًا لدير السيدة العذراء البرموس بيد البابا كيرلس الخامس (1874-1927) بإسم إيسوذورس) أصدر القمص أفرايم البرموسى كتابًا جديدًا في تاريخ الكنيسة وهو كتاب "كتاب حُسن السلوك في تاريخ البطاركة والملوك "وفى هذا الكتاب وضع تاريخ الآباء البطاركة من القديس مارمرقس الرسول إلى البابا أنسطاسيوس 36 (589-611) بمقدمة رائعة وهامة جاء فيها: [...... فلما كان التاريخ أفيد شىء للأمة ومعرفة واجبة على كل فرد، وكان تاريخ بطاركة طائفتنا القبطية يشتمل على حوادث الكنيسة المصرية الداخلية بأجمعها، رأيت أنه من أنفع الكتب فعزمت على جمع شتاته وتنظيم متفرقاته وتهذيب كلماته وعباراته، فعرضت هذه الخواطر السائحة على غبطة سيدنا البطريرك (البابا كيرلس الخامس) فسر بها غاية السرور، وأظهر لى أنا الحقير من التشجيع ما سهل أمامى الصعاب وذلل المشاكل والصعاب، وأشار إلىّ وإشارته حكم أن أوجز فيه على قدر الإمكان بشرط أن لا أترك حادثة كبيرة أو صغيرة إلا وإلا أذكرها بأجلى بيان، وأذكر من حوادث باباوات رومية وبطاركة القسطنطينية وأنطاكية مما له علاقة مع كنيستنا، وأسرد مع تراجم بطاركة كل جيل ما جرى من الحوادث السياسية الشهيرة في مدة حكم الملوك المعاصرين لهم حتى يكون تاريخنا القبطى بمثابة كتاب جامع لتاريخ الكنيسة المسيحية والمملكة على وجه العموم، والكنيسة القبطية على وجه الخصوص. فقوى هذا التشجيع همتى، وبعد أن كنت أقدم رجلًا وأؤخر أخرى شحذت غرار عزيمتى وشرعت في العمل بعد الإتكال على العزيز الحكيم الذي فوق كل ذى علم عليم.. ومما يجب علىّ أن أنبه الأذهان إليه هو أننى جمعت هذا الكتاب من مصنفات الكنيسة القبطية.
غاية الأمر كما قلت هذبت عباراته وأضفت عليه ما سبقت الإشارة إليه، ولم أؤلف فيه حرفًا واحدًا.] (أحد رهبان دير السيدة برموس في برية أنبا مقاريوس: كتاب حُسن السلوك في تاريخ البطاركة والملوك. الطبعة الأولى 1897م.)
فى هذا الكتاب كتب هذا المؤرخ الجليل سيرة تفصيلية عن القديس مارمرقس الرسول بمعلومات كثيرة ذكرها عن حياة وكرازة وأعمال القديس مارمرقس وبالأخص تأسيسه لكنيسة الإسكندرية واستشهاده بمصر، وبهذه الإضافات التاريخية التي تزيد عن النص الأول الذي كتبه وضع نصًا كاملًا وواضحًا عن كاروز مصر العظيم القديس مارمرقس، يعُتبر في حد ذاته مرجعية تاريخية هامة عن أبينا القديس، وقد وضع هذا النص في كتابه "الخريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة" في الطبعتين الثانية (1905م) والثالثة (1923م).
فى عام 1897م أيضًا قام بتأسيس مجلة "الحق "مع الأستاذ يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية القبطية الأرثوذكسة (راجع كتابنا: العلامة الأرثوذكسى الأسقف إيسوذورس ص77).... وفى العدد الثالث بتاريخ 1 بشنس سنة 1613ش، 8 مايو سنة 1897 م كتب سيرة القديس مار مرقس تحت عنوان "ترجمة مارمرقس الرسول البطريرك الأول "وهو نفس النص الذي سبق وكتبه في كتاب حُسن السلوك في تاريخ البطاركة والملوك.

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:43 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
سيرة مرقس الرسول من مجلة صهيون | القديس مارمرقس رسول مصر والبطريرك الإسكندري الأول

وعندما أسس مجلته الشهيرة "صهيون "عام 1900م (راجع كتابنا: العلامة الأرثوذكسى الأسقف إيسوذورس ص78)، نشر الأسقف إيسوذورس في العددين 21 و22 ملخصًا لتاريخ القديس مارمرقس تحت عنوان "القديس مارمرقس رسول مصر والبطريرك الإسكندرى الأول" (راجع مجلة صهيون: العدد الحادى والعشرون من السنة الثانية بتاريخ 10 نوفمبر 1901م , والعدد الثانى والعشرون بتاريخ 13 ديسمبر 1901م) وهذا هو النص:
[ لما رحل أبوا يوحنا من أعمال الخمس مدن الغربية من أفريقيا وآتيا إلى أورشليم كان حينئذ يسوع قد بدأ يظهر إلى عالم الوجود وأقلقت أخبار ولادته العجيبة أفكار من سمعها وأنتظر ماذا عسى أن يكون أمره وعلى نوع خاص كبار اليهود.
فان هيرودس ملكهم خاف وإرتاع حين سمع من المجوس خبر ولادة الماسيا التي كانت في سنة 42 من ملك أغسطس قيصر إمبراطور روسية وسنة 752 من تأسيس هذه المدينة وسنة 5501 من خلقة العالم على مقتضى حسابنا وسنة 5508 على مقتضى حساب الروم و4504 على مقتضى حساب اللاتين وإشترك بهذا الخوف والقلق سكان أورشليم أيضا.

من الذين تبعوا آثار المسيح وصاروا من أنصار دعوته سمعان الذي دعاه بطرس هذا كان تزوج بإبنة برنابا أخى أرسطوبولس والد يوحنا أي مرقس فلذلك كان هذا القديس يتردد كثيرا إلى بيت بطرس فلما أمن بطرس بالمسيح أمن معه وجذب أباه أيضا إلى دين معلمه الطاهر بمعجزة أظهرها الله على يده وهي أنهما كانا يسيران في طريق الاردن طلع عليهما أسد ولبوة وأخذ يزمجران ويزأران فايقن أرسطوبولس بالهلاك وبدأ يتوسل إلى مرقس أن يهرب من أمامهما وينجو بنفسه ويدعه عرضة لهما فرثى القديس لضعف أبيه وطمن خاطرة وقال له (أيقن فإن المسيح الذي بيده نسمة كل منا لا يدعهما يفعلان بنا ضرا ثم تنحى قليلا عن أبيه وجثا عل ركبتيه وبسط يديه ورفع نظره إلى السماء وصاح داعيا المسيح بحرقة ودموع قائلا أها المسيح ابن الله الحى الذي نؤمن به نجنا من هذه الشدة وكف عنا شر هذين الوحشين الكاسرين ورد شرهما على رأسهما واقطع أثرهما من هذه البرية قال ذلك والتفت إلى الوحشين وإذا بهما قد إنطرحا على الأرض وماتا فمجد الله وأسرع إلى أبيه وبشره بالنجاه فلما رأى أبوه هذه الأعجوبة أمن للوقت بالمسيح.
وقد انتخب المسيح إثنى عشر تلميذا واثنين وسبعين مبشرا فكان للقديس مرقس واحدا من هذه العدة الأخيرة وقد لقب بالتوفوروس أي حامل الإله ومن بعد صعود الرب إلى السماء اصطحب مع برنابا ابن عمه وشاركه في مهام الخدمة الإنجيلية وشاطره أتعاب الإنذار باسم المسيح وكان شاول الذي هو بولس ثالثهما.
لكن مرقس خلف عن رفيقيه في برجة بمفيليا من أعمال أسيا الصغرى وعاد إلى أورشليم فشق ذلك على بولس وإغتاظ من تركه لهما ولما قصد أن يشترك معهما مرة أخرى في عمل البشرى ورفض بولس قبوله ورضى به برنابا فوقع النزاع بينهما وإشتد الخصام حتى إفترق أحدهما من أخيه إلى قبرس وأخذ بولس سيلا وسار إلى سوريا.
فيشهد إذا الإنجيل صريحا بأن مرقس أشترك مع هذين الرسولين في عمل البشرى ولم يشهد كذلك أنه رافق القديس بطرس كما ذهب قوم إلا إذا كان المراد ببابل المذكورة في رسالة (1بط 5: 12) بقوله تسلم عليكم التي في بابل المختارة معكم ومرقس إبنى هي رومية كما يحاول أن يثبت ذلك دكاترة اللاتين (راجع وجه 802 من كتاب تيسير الوسائل في تفسير الرسائل تأليف الخورى يوسف العلم المارونى) فإذا كانت بابل هي رومية فيكون جميع ما قاله أخصام اللاتين بخصوص رومية وصاحبها البابا الرومانى مطابقا لما قاله عنها الروح القدس للرسول يوحنا في (رؤ 18).
والذين ذهبوا إلى أن مرقس ذهب إلى رومية قالوا أن بطرس رسمه أسقفا وأرسله للتبشير في أكويلاسا من أعمال البندقية، ولما عاد إلى رومية لم يجد فيها بطرس فطلب إليه أهلها أن يكتب لهم ما بشرهم به هو والقديس بطرس فلبى طلبهم وكتب لهم إنجيله باللغه اللاتينية سنة 45م وظل يدبر كنيسة رمية مدة طويلة إلى أن عاد إليها بطرس فأطلعه على إنجيله فأعجبه ومدحه كثيرًا ثم كتبه مرقس باللغه اليونانية وجاء به إلى أفريقيا سنة 58.
والجميع إتفقوا على أنه كتب إنجيله باللغتين في ذاك التاريخين وجاء إلى أفريقيا من بعد الصعود بخمسة وعشرين سنة وأنه بشر في بلاد الخمس مدن الغربية أولا وأذاع في مسقط رأسه قبل غيره بشرى الخلاص وجذب الكثيرين من تلك الأصقاع إلى الإيمان بقدوته الصالحه وفعل المعجزات.
ثم إنتقل إلى ليبيا ثم بلاد الصعيد حيث بشر بالمسيح وهدى الكثيرين إلى طاعته وسنة 61 قصد الإسكندرية التي كانت يومئذ قصبة الولاية المصرية مريدا أن يجعلها مركز ولايته الرسولية جريا على عادة أصفائه وإخوته الرسل الذين كانوا ينتخبون كل مركز مدنى مركزا لهم بقصد أن يخضعوا ويجذبوا الرأس قبل الأطراف التي تبقى تنجذب بطبيعة الحال وقبل أن يدخل المدينة صلى إلى الله أن يكلل مشروعه بالنجاح ثم دخل المدينة وسار في أزقتها، وبتدبير الله أن حذاءه كان قد تقطع وإحتاج إلى التصليح فعرج على دكان إسكاف إسمه إنيانوس وطلب إصلاحه فأخذه الإسكاف منه وبدأ يصلحه وجلس الرسول ينتظره فحدث أن الإسكاف بينما آخذا في ترميم الحذاء دخل المخرز في أصبعه وأدماها فتأوه من شدة الألم صارخا (يا الله الواحد) فبادر القديس إلى جانب من طين الأرض وطلى به الجرح فكف الدم وإرتفع الوجع حالا وشفى الجرح فإندهش الإسكاف من هذه القوة الفعالة.
كما أن القديس تعجب من كونه يدعو إلها يجهله فقال له إذا كنت تيقن أن الإله هو واحد ماذا حملك على أنك تعبد آلهه لا عدد لها.
فلم يقدر أن يجيب على هذا السؤال وأظهر العجز مسلما بإحتجاج رجل الله ثم إقتاده إلى منزله حيث قصد أن يصلح له طعاما ويقبله ضيفا ذلك النهار مقابل معروفه معه فقبل الرسول هذه الدعوة مسرورا وإنطلق معه إلى منزله فلما دخل المنزل دعا الإسكاف أهله وأقاربه وجيرانه وقص عليهم ما جرى فإنتهز الرسول فرصة إجتماعهم ووقف في وسطهم خطيبا وفاه فمه جداول مياه التعليم المسيحى الحية.
وبينما كان القديس يلقى على الجمهور مبادىء التعليم المسيحى بعبارة مؤثرة وقف إنيانوس وهتف قائلا قد قبلت البشرى وأمنت وأطلب اليك أن تمنحنى الصبغة المقدسة وتحسبنى واحدا من عبيد سيدك وتبعه الحاضرون وقالوا بقوله فعمدهم الرسول فكرس لهم مكانا للعبادة ولم تمض مدة حتى ذاع خبر أمر هذه الكنيسة الجديدة في أنحاء المدينة كلها وسبب ذلك هو أن هؤلاء المؤمنين بدأوا يتميزون في التصرف والأخذ والعطاء خشية من أنه بالإختلاط مع الوثنيين فكان ذلك داعيا إلى ظهورهم.
ذلك ما دعى كهنة الأوثان أن يتعقبوا خطوات الرسول ويشددوا في طلبه لينتقموا منه فلما شعر بذلك إحتفل بالقداس ورسم سبعة شمامسة وثلاثة قسوس وحث أعضاء كنيسته على الثبات في الإيمان وكرس إنيانوس اسقفا وسلمه هذه الكرمة ليسقيها ثم بارح المدينة وكان ذلك سنة 64م.
فطاف بلاد الخمس مدن الغربية وليبيا والصعيد مرة ثانية وشدد كنائسها وثبت اعضائها وعاد إلى الإسكندرية وإستعد للجهاد ولمقاومة قوات الجحيم ولقبول الشهادة فوجد فروع كرمته ممتده وأغصانها مثمرة وأسقفها الجليل إنيانوس إتخذ له مركزًا مشتهرًا في جانب البحر كان معروفا من قديم بمكان مرعى البهائم خصص محلا للعبادة وإبتنى عدة غرف لأعضاء رعيته فسر الرسول بهذا التقدم.
وكان حينئذ إسم الجليلى موضوع مقت الحكومة الرومانية وتشآمها لأنها كانت تظن أن الجليليين عاملون على إغتصاب المملكة فلما شعرت الحكومة بعودة التلميذ الجليلى إلى المدينة أمروا بالقبض عليه ولما كان القديس يرفع القربان المقدس يوم عيد الفصح المجيد الواقع في 29 برمودة ورعيته مجتمعة معه وإتفق أن ذلك اليوم كان عيد سيرابيس الوثنى فهجمت عصابة من الوثنيين على معبد القديس المسيحين وشتتوا شملهم وقبضوا على مرقس وأوثقوه برجليه وجعلوا يسحبونه في ساحات المدينة حتى تقطعت لحمان جسمه وسالت دمائه وكان يغنون ويهللون وهم يجرونه قائلين (جروا التين من دار البقر) يعنون بذلك أنهم وجدوا القديس في المكان الذي يدعى مرعى البقر.
ولما صار المساء وضعوه في سجن مظلم وفى نصف الليل ظهر له السيد ووعده بإكليل الجهاد وفى اليوم التالى الذي هو 30 برمودة سنة 68م أخرجوه من السجن وجعلوا يفعلون به كالأول حتى أسلم روحه بيد سيده فجمعوا كومة حطب والقوا الجسد المقدس في أعلاها وأوقدوا فيها النار فحدثت بروق ورعود وأمطرت السماء حتى أطفأت النار فهرب الوثنيون وجاء تلاميذ الرسول ورفعوا الجسد إلى حيث الكنيسة ووضعوه في تابوت.
قال الشيخ الفاضل شمس الرئاسة الأب أبو البركات ابن كبر في كتاب مصباح الظلمة "إن جسده كان لا يزال مدفونا بالبيعة الشرقية التي على شط البحر بالإسكندرية إلى أن تخيل بعض رهبان الإفرنج وسرقوه وتركوا الرأس وتوجهوا بالجسد إلى البندقية في النمسا (إيطاليا) وهو فيها الأن ونقلت الرأس إلى دار في الإسكندرية تعرف بدار أولاد السكرى وهي بها إلى يومنا هذا].

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:44 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
بيان المتنيح حبيب جرجس عن صدور كتاب مارمرقس

كان الأسقف إيسوذورس يؤمن أن تاريخ القديس العظيم مارمرقس يعتبر ضرورة وحتمية في حياة الكنيسة، وفى حياة كل أولاده، وفى كثير من المواقف كان يؤكد على هذا المبدأ الهام، نذكر منها إهتمامه الخاص بنشر بيان لجنة مدارس الأحد في مجلته صهيون والخاص بصدور كتاب عن القديس مارمرقس، وهو الكتاب الذي أعده المتنيح الأرشيدياكون حبيب جرجس ليكون من ضمن الكتب الأساسية مع العقيدة الأرثوذكسية وشرح الكتاب المقدس، في خدمة مدارس الأحد. وهذا نص البيان (مجلة صهيون: العدد الأول من السنة الرابعة والأربعين 1654ش، 1938م):
[يسر لجنة مدارس الأحد القبطية الأرثوذكسية أن تساهم في إعلاء مجد الكنيسة، وتربية النشىء على أفضل المُثل العُليا، ومن ضمن الوسائل التي تأخذ بها اللجنة في نشر الثقافة الدينية، تأليف كتب دينية يجد فيها القارىء لذة وعبرة. أما اللذة فناشئة عن الإستمتاع بمطالعة تاريخ القديسين الذين جاهدوا في تدعيم الإيمان المسيحى، وتوطيد العقيدة الأرثوذكسية القويمة،أما العبرة فأساسها تحليل شخصيات فذة يخرج القارىء من مطالعتها بدروس في الفضائل السامية. دروس في الشجاعة الأدبية والنصيحة، وعلو الهمة، ومضاء العزيمة، وصدق القول، والإخلاص في العمل
وكتاب "القديس مرقس الإنجيلي" الذي نشرته اللجنة يحقق الأغراض السالفة الذكر. فقد عنيت اللجنة بتدقيق الحوادث، وتحليل شخصية الرسول العظيم، وإحصاء بعض مناقبه السامية. كما أنها زينت الكتاب بصور أثرية عدة من كنائس وتحف فنية. ولكى يتسنى الإنتفاع بهذا الكتاب الثمين جُعل ثمنه زهيدًا فلا يزيد على خمسة وعشرين مليمًا (قرشين ونصف)، والأمل كبير في الإستفادة بسلسة الكتب الدينية التي عزمت اللجنة بإذن الله على نشرها، ويُطلب هذا الكتاب من اللجنة العامة لمدارس الأحد بالمدرسة الأكليريكية بالقاهرة بمهمشة، ومن مكتبى المحبة القبطية الأرثوذكسية بشارع جزيرة بدران بشبرا بمصر، ومن المكاتب القبطية بالقاهرة.]

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:44 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
اهتمام البابا شنوده الثالث بتاريخ مار مرقس

في هذا السياق نجد مدى إهتمام وحرص قداسة البابا شنوده الثالث أدام الرب حياته، أن يكون تاريخ القديس مارمرقس في متناول الجميع، فاصدر كتابه القيم والهام "ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول الطاهر والشهيد "عام 1968م بمناسبة عودة رفاته المقدس وإفتتاح الكاتدرائية المرقسية الجديدة بالأنبا رويس بالقاهرة. وهذا الكتاب يعتبر بحق أهم المراجع التاريخية التي نعتمد عليها في دراسة تاريخ القديس مارمرقس. وقد أصدر قداسته عدة طبعات من هذا الكتاب لضمان إستمراره في أيدى أولاده من أجل منفعتهم.
فى عام 1909 م قامت بكل إهتمام {جمعية الرابطة المسيحية} بنشر ما كتبه الأسقف إيسوذورس عن القديس مارمرقس في كتاب خاص من أجل أن يعرف الأقباط سيرة أبيهم الكاروز العظيم الذي أسس كنيستهم. وهو نفس النص الذي سبق وكتبه في كتابه "حُسن السلوك في تاريخ البطاركة والملوك "مع بعض إضافات جديدة عن الفن والقديس مارمرقس، وقد نشر الكتاب بإسم "صاحب مجلة صهيون "لأن نيافته كان ينشر أغلب كتبه ومقالاته بهذا الإسم.
وفى عام 1930م قام مرقس أفندى جرجس صاحب المكتبة الجديدة بشارع كلوت بك، وصديق الأسقف إيسوذورس. بنشر هذا الكتاب وهو نفس الكتاب الذي ننشره وبين أيديكم.
وإننى إذ نضع هذا الكتاب بين يدى الله أشكر من أعماق قلبى أبى الحبيب صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا إيسوذورس أسقف ورئيس دير السيدة العذراء البرموس على أبوته ومحبته وإهتمامه بمراجعة هذا الكتاب، ونشر تراث الأسقف الطوباوى والعلامة الأرثوذكسى الأنبا إيسوذورس.
الرب إلهنا القدوس يبارك في هذا الكتاب ليكون منفعة للجميع بشفاعة أمنا القديسة الطاهرة والدة الإله مريم العذراء وأبينا القديس العظيم مارمرقس كاروز مصر ومدبرها الأول، وصلوات الأسقف إيسوذورس، وبركة وصلوات أبينا الحبيب وراعى الرعاة حبيب المسيح قداسة البابا شنوده الثالث أدام الرب حياته.
ولإلهنا المجد والإكرام والسجود إلى الأبد أمين.
أمير نصر
11 طوبة 1727ش
19 يناير 2011
تذكار نياحة الأسقف إيسوذورس

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:45 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
نص الكتاب
كتاب
تاريخ وترجمة مار مرقس الرسول
كاروز الديار المصرية والنوبة وليبيا والخمس مدن الغربية

صاحب مجلة صهيون
  • بداية مرقس
  • مرقس رفيق برنابا وبولس
  • مرقس الرسول في مصر
  • استشهاد الرسول مرقس، ومصير جسده
  • هيئة مرقس الإنجيلي | صور وتماثيل مارمرقس
  • ذِكْر مارمرقس في الإنجيل
  • مرقس وبابل
  • مرقس في الكتاب المقدس | كاتب الإنجيل
  • بقايا جسم القديس مرقس الرسول

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:46 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
بداية مرقس

مرقس الرسول هو الذي ذكر إسمه في (أع12:12) وهو الذي أشار إليه المسيح بقوله للتلميذين "إذهبا إلى المدينة فيلاقيكما إنسان حامل جرة ماء أتبعاه" (مر14: 13). فكان بيته محط رحال السيد ورسله قبل الصلب وبعده. ومن أمره أن أباه أرسطوبولس وأمه مريم كانا من أبرياتولوس من أعمال الخمس المدن من شمالى قارة أفريقيا من بنى إسرائيل، وكانا شديدى التمسك بديانة آبائهما، ومحافظين على الشريعة بكل دقة ومواظبين على عبادة الله، وكانا على جانب عظيم من الثروة، ولكنهما فقداها بعد حين وإفتقرا بداعى أن قبيلة متوحشة غزت مدينتهما ونهبتهما، فأقعدتهما هذه النكبة على بساط الفقر المدقع، وإحتاجا أن يهاجرا من هذه البلاد مع نفر ليس بقليل إلى أورشليم وطن أسلافهما العزيز.
إن الذين قبلوا دعوة السيد، سمعان الذي دعاه بطرس كما في ترجمته، وهذا الرسول كان تزوج بإبنة برنابس أخى أرسطوبولس. فلما آمن بالسيد أقتفى أثره، وبعد حين جذب أباه إلى الإيمان وسببه هو أنه بينما كان مرقس يسير في عرض البرية مع والده أقبل عليهما أسد ولبؤة يزأران فأيقن أبوه بورود الهلاك العاجل، وأشفق على مرقس فأمره قائلًا: أن أنج بنفسك هاربًا ودع الوحشين يلهوان ويتعللان بى عنك فطمئن القديس والده قائلًا: أيقن أن المسيح الذي بيده الحياة والموت قادر أن يحولهما عنا، قال ذلك وتنحى قليلًا وجثا على ركبتيه وبسط يديه إلى السماء، وصرخ بحرقة وبكاء مر داعيًا بإسم السيد بقوله: أيها المسيح ابن الله الحى الذي نؤمن به نجنا من هذه النكبة وكف شر هذين الوحشين الكاسرين ورده على رأسيهما وأقطع أثر جنسهما من البرية. قال هذا والتفت إلى الوحشين فرآهما قد سقطا على الأرض ينازعهما الموت، فمجد الله وشكر إحسانه الجزيل.
أما والده فقد راعه الأمر وخشع وعلم أن إبنه على صلاح وهدى فدان للوقت بدينه مؤمنًا بالمسيح.

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:47 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
مرقس رفيق برنابا وبولس

لما إصطفى السيد السبعين مبشرًا كان صاحب الترجمة (مرقس) أحدهم، وقد لُقب بالتاوفورس أي حامل الإله، وكان رفيق برنابا ابن عمه في أسفاره. شاركه في مهام الكرازة، وكان بولس الثالث، ولكن لما تخلف مرقس عن رفيقيه وعاد إلى أورشليم (أع13: 13) شق ذلك على بولس، ولما رغب أن يصطحب مرة ثانية معهما (أع15: 2) رفض قبوله، وحدث بسبب ذلك بينه وبين برنابا مشاحنة وإفترقا عن بعض.
فالإنجيل يشهد صريحًا بإشتراك الرسول مرقس مع بولس وابن عمه برنابا في البشارة، ولم يشهد كذلك بإشتراكه مع بطرس ما عدا إذا كانت بابل التي ذكرها بطرس بقوله: "تسلم عليكم التي في بابل المختارة معكم ومرقس إبنى" (1بط5:13) هي رومية كما يزعم اللاتين (وجه 208 من كتاب تيسير الوسائل تأليف الخورى يوسف المعلم) فإن كانت بابل هي رومية على حد ما يزعمون فيكون جميع ما أراده أخصامهم بما أوحاه الروح القدس وكشفه في (رؤ18) عن بابل رومية هو في محله، والحقيقة أن تلك بابل هي بابل مصر.
والذين ذهبوا إلى أن مرقس ذهب إلى رومية من دعاة البابا قالوا أن بطرس رسمه أسقفًا وأرسله التبشير في أكيلاسا من أعمال البندقية، وقولهم هذا محض كذب أن المسيح هو الذي عين مرقس البشير كما عين زملاءه من التلاميذ السبعين. ثم قالوا ولما عاد مرقس إلى رومية لم يجد بطرس فيها فطلب إليه أهلها أن يكتب لهم الإنجيل فكتبه باللغة اللاتينية سنة 45م (وتاريخ هذه السنة غير صحيح، راجع ترجمة بطرس في تاريخنا الكنسى) (كتابه: الخريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة الجزء الأول) وبقى يدبر الكنيسة الرومانية حتى وافى بطرس فأراه إنجيله فأعجب به بطرس ومدحه كثيرًا، ولما عزم مرقس التوجه إلى مصر سنة 58م نسخه باللغة اليونانية.

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:47 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
مرقس الرسول في مصر

وقد إتفق عموم المؤرخين على كتابته للإنجيل وعلى كرازته في مصر، وجانب من البلاد المجاورة لها كالخمس المدن التي وطىء أرضها قبل سواها، وتلمذ كثيرين من أهلها للإنجيل بقدوته الصالحة وأعماله الفاضلة والخوارق والأشفية التي كانت تجر بواسطة صلواته المتواترة وتقربه من العزة الإلهية.
ثم إنتقل إلى بلاد ليبيا وبلاد الصعيد فأذاع في أرجائها بشرى الخلاص وهدى جمعاُ غفيرًا إلى طاعة الحق الإلهى.
وفى سنة 61م قصد الإسكندرية التي كانت يومئذ قصبة ولاية مصر فأراد أن يجعلها مركز أعماله جريًا على عادة الرسل الذين كانوا يتخذون عاصمة كل جهة مركزًا لهم بقصد أن يجذبوا في الأول الرؤوس ليتسنى لهم جذب الأطراف، فإن الرأس إذا إستقامت إستقام معها ما يتعلق بها وبالعكس إذا كانت معوجة فإن كل ما يتصل بعا يكون حينئذ غير معتدل بل معوج وملتو.
وقبل أن يدخل مرقس أبواب الإسكندرية صلى صلاة طويلة إذ كان مزمعًا أن ينزل إلى ميدان الكفاح ليحارب العبادة الوثنية، ويستأصلها من قلوب بنى الإنسان، ويغرس بدلها عبادة المسيح، وطلب منه الأرفاد. ودخل المدينة،وجعل يجول في أزقتها ويتأمل أحسن الأماكن ليلقى عصا ترحاله فيه. فأدت به خاتمة المطاف إلى إسكاف يدعى إنيانوس، وذلك أن حذاءه تقطع وإحتاج التصليح. فعرج عليه وطلب إليه، وجلس بإزائه ينتظر ذلك. فحدث أن الإسكاف بينما كان يشتغل بهذا الحذاء دخل المخراز في يده فأدماها حالًا، فصرخ لوقته من شدة الألم قائلًا: يا الله الواحد. فبادر الرسول إلى طينة وتناولها من الأرض ووضعها على الجرح فكف عنه الوجع للحال وشفى الجرح. فبعت الرجل متعجبًا من تأثير هذا العلاج الإلهى. كما أن الرسول تعجب أيضًا لما سمعه يدعو الإله الواحد فقال: له ماذا يحملك على عبادة آلهة لا عدد لها ما دمت تعرف وتيقن أن الإله واحد لا أكثر.فلم يجد جوابًا للإعتذار،وبدا ذلك دعاه إلى منزله.فقبل الدعوة مسرورًا،ولما شاهد جماعة من أقاربه طفق يخاطبهم من أجل ملكوت السموات، وبشرهم بالخلاص شارحًا لهم تعليم الإنجيل. فأمنوا بالمسيح وفى مقدمتهم رب المنزل.
فلما إعتمدوا جميعًا وشاع أمرهم في المدينة، وأمسى موضوع حديث العامة والخاصة،لأن هؤلاء المؤمنين ظهروا بمظهر جديد وشكل غريب في التصرف والمعاملة والصداقة والعفة والقناعة. الأمر الذي لم يكن مألوفًا أومعروفًا بين سكان المدينة أصحاب اللهو والمجون والقصف واللعب والطرب. فحسدوا سيرة هؤلاء الغروس الإنجيلية، وشكوهم لولاة الأمور بداعى كونهم يشتمون الألهة، فقصدوا معاقبة الرسول الذي هو السبب في تغيير ديانة أولئك القوم، وجعلوا يترصدون خطواته مفتشين عليه في كل مكان، فلما شعر بقصدهم الردىء جمع أعضاء الكنيسة ورسم لهم ثلاثة قسوس وسبعة شمامسة، وكرس إنيانوس أسقفًا وسلمه تدبير البيعة. وكان ذلك في سنة 64م. ثم بارح الثغر قاصدًا أن يفتقد رعاياه في البلاد التي طافها أولًا كارزًا ومُعلمًا.
وقد ذهب البعض إلى أن الدين المسيحى دخل الثغر الإسكندرى قبل هذا الوقت. أولًا بداعى قرب المكان من بلاد فلسطين، وقد يوجد فيه أحياء لليهود وعلاقتهم كانت متصلة دائمًا مع يهود بيت المقدس. وثانيًا بدليل كون لوقا كتب إنجيله إلى أحد أشراف الإسكندرية المدعو تاوفيلس. لكن لم يستقم لهم الحال إلا بعدما وافى الرسول.
ثم أن الرسول بعد أن طاف بلاد كرازته ووجد غروسها نامية ومفرعة تستقى من المياه الإنجيلية عاد إلى مركزه الرسولي، وفى يقينه أنه مزمع أن يعانق آلة العذاب.، ويموت شهيدًا. وكانت حينئذ كنيسة إنيانوس قوية الجانب، وقد شاد لها مركزًا بجانب البحر في المكان المعروف بمرعى البهائم، وخصص جانبًا للعبادة والباقى جعله مساكن للفقراء والغرباء وقيل أن عشية أعضاء هذه الكنيسة كانت روكية، وكانوا يتناولون الطعام كل يوم مرة واحدة بعد الغروب، وبعضهم كلن يصوم ثلاثة أيام،وكانوا يأكلون خبزًا ويشربون ماء فقط.

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:48 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
استشهاد الرسول مرقس، ومصير جسده

وكانت الحكومة قد إزداد كرهها للجليليين الذين بداعى نموهم ظنت أنه سوف يأتى يوم تستأصل هذه الشيعة الحكومة، وتحل محلها. فكان هذا الوهم يزيد الحقد ويبعث الغيظ في صدور ولاة الأمور وقادة الجمهور، ويحملهم على تعقب خطوات المسيحيين والتنكيل بهم.
فلما إنتشر خبر عود الرسول في أرجاء المدينة ونواديها، وسمع الأعيان أنه عامل على إبادة عبادة الأصنام. إشتعلوا بنار الغيظ وحرضوا الرعاع على مسكه. فلما كان يوم 29 برموده يصلى عيد الفصح، وإتفق عيد سيرابيس أحد الألهة. هجمت عصابة على الكنيسة وبددت شمل أعضائها، وقبضت عليه ووضعت حبلًا في عنقه وجعلت تسحبه وهي تقول:
(جروا التنين في دار البقر). وطافت به على هذه الصفة شوارع المدينة حتى تقطعت لحمان جسمه وتخضبت بدمه. وفى المساء القته في سجن مظلم فإستضاء بنور المسيح لأن ملاك الرب ظهر للمجاهد وطيب خاطره ووعده بالجزاء الحسن عوض صبره. وفى اليوم التالى شرع الوثنيون يعيدون الكرة فلم يمض وقت من النهار حتى أسلم الروح وذلك في 30 برموده سنة 68م.
فلم تقنعهم وتكفهم هذه المعاملة الوحشية بل جمعوا كومة حطب وأشعلوها ووضعوا جسده فيها فزجرتهم الطبيعة على هذا الصنيع إذ أحدثت برقًا ورعودًا هائلة وأحدرت مطرًا غزيرًا أطفأت النار وجعلتهم يفرون هاربين، فوجد المسيحيون الجسد سالمًا من ضرر النار فكفنوه بكرامة ووضعوه في صندوق.
قال الشيخ الفاضل شمس الرئاسة الأب أبو البركات ابن كبر في كتابه مصباح الظلمة (أن جسده إستمر مدفونًا في البيعة الشرقي التي على شط البحر بالإسكندرية إلى أن تحيل بعض الأفرنج وسرقوا الجسد وتركوا الرأس، وتوجهوا بالجسد إلى البندقية وهو بها الآن، ونقلت الرأس إلى دار في الإسكندرية تُعرف بدار أولاد السكرى وهي بها إلى يومنا هذا)

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:49 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
هيئة مرقس الإنجيلي | صور وتماثيل مارمرقس

وقد رأينا في كتاب المسيو بدج الذي طبع فيه ميمر القديس مرقس الإنجيلي كما وضعه ساويرس أسقف نسترو وصفًا لهيئة الرسول ننقله هنا عن الفرنسية قال:
(ولم يكن طويل القامة ولا قصيرها بل كان معتدل القوام. وكان شعره أبيض ناصعًا يكلل هامته كالتاج. ولم يكن أنفه قصيرًا وغليظًا بل كان طويلًا ورفيعًا. فكانت بذلك تقاطيع وجهه جميلة متناسبة وكانت حواجبه مائلة إلى الجهة الداخلة ومقوسة. وكانت لحيته طويلة وكثيفة والرأس صلعاء وتظهر على وجهه سمات البُشر والسرور. وكان متصفًا بوداعة الخُلق حيث كان يُظهر الإهتمام والإعتبار لكل من يقابله فجمع بذلك محاسن الخُلق) (هذا الوصف يعطى فكرة عن تقدم القديس مار مرقس في العمر أثناء وجوده بمصر. وهذا لا يتفق مع نأخذ به من أن كاروزنا العظيم لم يكن كبيرًا في عمره، ولذلك لا نرسمه في أيقونته كرجل كبير السن).

وتوجد صور وتماثيل كثيرة بأوروبا للقديس مرقس، وأهمها ما له علاقة بالبندقية حيث إتخذوا كاروز الديار المصرية كبطل لبلادهم، ولهم عن القديس رويات نأتى عليها فيما يأتى.
ومثل غيره من القديسين يُصور مرقس الإنجيلي حاملًا كتابًا مفتوحًا أو غير ذلك، وفى بعض الأحيان ماسكًا قلمًا. وتلازمه صورة الأسد وكثيرًا ما يُرسم بلحية غليظة وجبهة صلعاء. وعلى هذا الشكل ترى صورته بين الثلاثة رسل أصحاب البشائر في الألبوم المشهور الموجود بمتحف ميونخ الذي رسمه البرت دوريه المصوراتى الشهير.
ويُرسم الأسد بجانبه دلالة على حمايته لجماعة البندقيين حيث كانت علامة وطنهم المميزة لهم شكل أسد ذى أجنحة والحقيقة ما ذكره الخورى يوسف الياس الدبس في صفحة 691 و692 من تفسيره للأربعة الأناجيل حيث قال: (قد أعتبر كثير من الآباء والعلماء أن يوحنا هو المرموز عليه بالنسر من الحيوانات الأربعة التي رآها حزقيال تحمل كرسى الله (ص1 من نبوته) وذكرها يوحنا في ص4 من حليانه) وهي النسر والإنسان والأسد والثور، يوحنا بالنسر لأنه تسامى بما كتبه،وكأنه طار إلى السماء خاصة عندما قال: في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله والله هو الكلمة. وشبه متى بالإنسان لأنه أفتتح إنجيله بذكر نسب المسيح من حيث الجسد الإنسانى. ومرقس بالأسد لأنه أفتتح بشارته بصراخ يوحنا المعمدان في البرية كالأسد. ولوقا بالثور لأنه إستهل في إنجيله بذكر زكريا وكهنوته المستلزم ذبح الثيران وتقدمة القرابين).
ومن يتوجه إلى الدار البطريركية بالقاهرة يجد بجانب باب الهيكل المقدس صورة للقديس مرقس الإنجيلي بهذا الوضع. إلا أنهم في مواضع متعددة أعتادوا رسم القديس مرقس موشحًا بكثير من أنواع الحرير والديباج مزخرفة لدرجة يصعب تطبيقها على رجل رأينا من أمره أنه جاء إلى الإسكندرية في بدء العمل ولم تطأ قدماه هذه الأرض حتى إنقطع حذاؤه مما يدل على منتهى الحقارة ما كان يتخذ من الملبس.
وفى لوحة بمتحف اللوفر توجد صورة للقديس مرقس منسوبة إلى ج. بينيه G.Penez المصوراتى أحد تلامذة دوريه. والقديس مصورًا فيها جالسًا مائلًا نحو كتاب بين يديه مفتوحًا وموضوعًا على طاولة فوقها مرملة وزهرية بها بعض الأزهار، وبيده اليمنى ورقة إحدى طرفيها ملفوفًا وموضوعة على طاولة غير الأولى، وبجانبها جمجمة ميت ومحبرة وريشة وزوج نظارات، وخلف القديس صورة الأسد وفى وجهة أخرى شباك مطل على القرية.
ويوجد بمتحف مونتبليه Monte Peller بفرنسا صورة للقديس مرقس مرسومًا فيها ماسكًا كتابًا مفتوحًا وبيده قلمًا وعيناه شاخصتان إلى السماء.
ويوجد بأكاديمية الفنون الجيلة بالبندقية صورة بديعة للقديس رسمها بونوفازيو، وقد رسم الأسد بجواره فيها.
ويوجد بمتحف مدريد عاصمة أسبانيا لوحة من عمل ريبلتا رسم فيها القديس مرقس والقديس لوقا كما لو أنهما يتناقشان في عبارة إنجيلية.
ويوجد بمتحف البندقية صورة للقديس جالسًا على كرسى بين أندراوس وبرنابا، وهي من عمل أندريا بوزاتى.
وقد عملت تماثيل كثيرة للقديس مرقس، وأهمها عمل البرية وفوياتييه، وعدد كبير منها موجود بالبندقية.
وقد عرض لويس بونلاجييه سنة 1835م صورة للقديس مرقس تمثله وهو يكتب إنجيله على أطلال الوثنية.
ويوجد بالكنيسة المسماه على إسمه بالبندقية أشكال بديعة بصناعة دقيقة منها ما يمثل رفع جثة القديس مرقس من قبرها بكنيسة الإسكندرية، ومنها ما يمثل حكام وقضاة البندقية يؤدون شعائر التجلة والإحترام للقديس مرقس.
وتوجد صورة أيضًا بالبندقية تمثل إستشهاد القديس مار مرقس، وغير ذلك كثير وبأوضاع مختلفة وذلك موجود بمتاحف أوروبا.
ويوجد بالبندقية بهيكل الكنيسة المشيدة على إسم مار مرقس منبر يقولون بأنه كرسى مار مرقس، وهو عبارة عن قطعة من الحجر مربعة الشكل، وعلى الوجه الأمامى لها مرسوم رجل ماسكًا كيسًا يقول عنه الأب سكى Secchi بأنه متى الإنجيلي الذي يمارس وظيفة جابى العشور قبل دخوله في عداد المبشرين، وفى مواضع أخرى توجد كتابات عبرية يُقال أنها من تعاليم مار مرقس.
ويوجد بمتحف الكتبخانة بالقاهرة صورة للقديس مار مرقس وهو يُعمد إنيانوس.

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:50 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
ذِكْر مارمرقس في الإنجيل

* "فقال بطرس وهو قد رجع إلى نفسه الآن علمت يقينًا أن الرب أرسل ملاكه وأنقذنى من يد هيرودس، ومن كل انتظار شعب اليهود. ثم جاء وهو متنبه إلى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس حيث كان كثيرون مجتمعين وهم يصلون" (أع 12: 12).
* "فهذان إذ أرسلا من الروح القدس إنحدرا إلى سلوكية، ومن هناك سافرا في البحر إلى قبرص، ولما صارا في سلاميس ناديا بكلمة الله في مجامع اليهود وكان معهما يوحنا خادمًا" (أع 13: 4 و5).
* "ثم أقلع من بافوس بولس ومن معه، وأتوا إلى برجة بمفيلية. وأما يوحنا ففارقهم ورجع إلى أورشليم" (أع13: 13).
* "ثم بعد أيام قال بولس لبرنابا لنرجع ونفتقد أخوتنا في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب كيف هم. فأشار برنابا أن يأخذا معهما أيضًا يوحنا الذي يدعى مرقس، وأما بولس فكان يستحسن أن الذي فارقهما من بمفيلية ولم يذهب معهما للعمل لا يأخذانه معهما. فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق أحدهما الآخر، وبرنابا أخذ مرقس وسافر في البحر إلى قبرص" (أع15: 36-39).
* "يُسلم عليكم أرسترخس المأسور معي ومرقس ابن أخت برنابا الذي أخذتم لأجله وصايا. إن أتى إليكم فأقبلوه" (كو4: 10).
* "لوقا وحده معى. خذ مرقس وأحضره معك لأنه نافع لى للخدمة" (2 تى4: 11).
* "يُسلم عليكم أبفراس المأسور معي في المسيح ومرقس وأسترخس وديماس ولوقا العاملون معي" (فل24).

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:51 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
مرقس وبابل

* "تُسلم عليكم التي في بابل المختارة معكم ومرقس إبنى" (1بط5: 3).
قد إختلف المؤرخون في تعيين محل بابل المذكورة هنا. فمنهم من قال أنها بابل آشور، ومنهم من قال أنها رومية. أطلقت لفظة بابل عليها مجازًا إلا أنه يستبعد كثيرًا إستعمال لفظة بلدة مجازًا لأخرى إلا إذا كان ذلك الاستعمال صار مشهورًا. ولم يرد في كل الإنجيل ما يؤيد هذا القول، وليس هناك من داع على الإطلاق لأن يستعمل بطرس لفظة بابل على رومية مع علمه بوجود بلدة شهيرة أخرى في وقته بهذا الاسم عينه، ولا يرجح أيضًا أنه أراد بذلك مقابلتها مع بابل آشور لعدم الإشارة إلى شىء. من هذا القبيل فضلًا عن أن الأية التي وردت في نهاية الكلام حيث يؤثر عدم استعمال المجازات والألغاز، وما هو مشهور من اقتفاء بطرس الرسول خصوصًا في كتابته أثر الألفاظ البسيطة، ويستبعد إستعمال هذا المجاز.
ولما كانت بابل آشور في ذلك الوقت قرية صغيرة ضاع مجدها السابق فليس هناك ما يلجىء بطرس الرسول إلى الذهاب إليها وجعلها مركزًا يكتب منه رسائله، فيحتمل كثيرًا أن يكون المقصود بها هذه بابل مصر لأنها كانت في ذلك الوقت بلدة كبيرة آهلة بالسكان. فضلًا عن أن وجود مرقس معه في هذا الزمن يوافق زمن بشارته في مصر... وفى ختام هذه الأية يدعو بطرس مرقس بأنه إبنه دلالة على شدة الإلتصاق بينهما، وربما استعملت لفظة الإبن للتعبير عن شدة الارتباط مع مراعاة تفاوت السن.

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:54 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
مرقس في الكتاب المقدس | كاتب الإنجيل

وقد قال ساويرس ابن المقفع أنه (كان من جملة الخدام الذين إستقوا الماء الذي صيّره سيدنا خمرًا في قانا الجليل.. وهو الذي حمل جرة الماء في بيت سمعان القريانى وفى وقت العشاء السرى).
ومن الأعمال العظيمة التي قام بها مرقس الرسول آبان كرازته كتابته للإنجيل أحد البشائر التي قررت الكنائس الإجماع صحتها في أواخر القرن الرابع.
وقد إختلف جمهور المؤرخين في تعيين كاتب هذه البشارة. فقال البطريرك أنتوخيوس الإسكندرى الملكى أنه (فى عصر نيرون قيصر كتب بطرس رئيس الحواريين إنجيل مرقس بالرومية في مدينة رومية ونسبه إلى مرقس).
وقد نقل القديس كريستوم عن جمهور من المؤرخين أن القديس مرقس كتب إنجيله بمصر بعد إستشهاد بطرس سنة 66م.
وإنا لنستبعد كثيرًا أن يكتب مرقس الرسول هذا الإنجيل وينشره بلا إشارة إلى واضعه الحقيقى بطرس الرسول. لأن ذلك يُعد إختلاسًا لا يصح أن يُنسب إلى قديس بار مثله.على أن الواقف على دقائق هذه المسألة يرى أن هذا التلاعب بالحقائق من جمهور مؤرخى الكنيسة مرجعه إلى وجوب نسبة الإنجيل إلى أحد الرسل الإثنى عشر لكى يقولوا أن الذي وضعه شاهد عين على الأعمال التي أتاها المُخلص، كما أنهم ينسبون بشارة لوقا إلى بولس الرسول. والمسألة في كلتا الحالتين غريبة إذ ما هو الداعى أن لا يُكتب بطرس وبولس هذين البشارتين على إسمهما وليس هذا أول عهد لهما بذلك فهناك رسائلهما الكثيرة على اسمهما.
هذا وقد إختلف في محل كتابته وزمن ذلك. فقال البعض أنها كتبت في روما، والبعض في مصر سنة 63-68 م، وقالوا أنها كتبت في الأصل باللغتين اللاتينية واليونانية. وتمتاز هذه البشارة عن زميلاتها بأنها أوفاهنّ إعتناء بترتيب زمان الأحداث وزيادة الإيضاح في أعمال المسيح وتعاليمه مع زيادة بعض معجزات لم يذكرها غيره.

Mary Naeem 23 - 04 - 2014 04:55 PM

رد: كتاب تاريخ وترجمة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية الأسقف الأنبا إيسوذورس
 
بقايا جسم القديس مرقس الرسول

لما إستولى المسلمون تحت قيادة عمرو بن العاص على الإسكندرية، دمروا أسوار المدينة وأشعلوا النيران في مُعظم الكنائس وبينها الكنيسة القديمة لمار مرقس حيث كانت رفات جسم القديس مدفونه. ويؤخذ من رواية الأنبا ساويرس أسقف الأشمونين أن رفات القديس خلصت بمعجزة إلهية لأنه بينما كانت النيران متأججة في الكنيسة دخل بحارة المراكب، ولما لم يجدوا هيكل جسمه في صندوقه رفعوا الأبسطة الثمينة الموضوعة عليه وفيها عثروا على رأس مار مرقس. والمؤرخ نفسه يقول بأن الذي أخذ رأس مار مرقس في أثناء الحريق نزل إلى البحر وأراد الإقلاع فلم يتيسر له ذلك، وعندما أدرك أن هذه معجزة إلهية فذهب إلى البطريرك بنيامين وأعطاه الرأس فأخذها بإحترام ووضعها في صندوق من الأبنوس. وقد جاء في تاريخ يوحنا السمنودى بطريرك الإسكندرية بأنه هو الذي شيد كنيسة مار مرقس ثانية، وأحضر لها لوازمها ومات في هذه المدينة سنة 686م ودفن في الكنيسة التي إنتشلها من الدمار.
وتحت حكم الحاكم أحد خلفاء الفاطميين وهو من الأمراء المُعادين للمسيحيين، وفى مدة البطريرك زكريا وجد أحد الأمراء الأتراك ولا يُعرف كيف رأس القديس مار مرقس. ولما سمع بأن المسيحيين يعلقون أهمية كبرى عليها ولكى يشتروها يعرضون فيها كل ما يمكنهم أن يقدموه.عزم على حملها إلى القاهرة. وقد حصل عليها عندئذ الشماس بيكيرا وكان أحد مستخدمى الحكومة وقتئذ مقابل 300 دينار. وذهب وقدمها للبطريرك حيث كان في دير القديس مقار مع كثيرين من الأساقفة وجم غفير من المسيحيين. هذه هي على الأقل رواية كّتّاب اليعاقبة (لأنه [قال الأب رينودوت].
لا يوجد شىء محقق روايات المؤرخين اليونانيين واللاتين بخصوص نقل بقايا القديس مار مرقس، وقد أحل كثيرون من العلماء رواية البندقيين بهذا الخصوص موضعًا من الشك).

وقد جاء في الكلام عن بطريركية كريستودول أن رأس القديس مرقس كانت محفوظة في منزل أبى يحيى بن زكريا، وقد مرض هذا مرضًا خطرًا فخاف المسيحيون بعد موته أن تأتى رجال الحكومة لوضع الأختام على بيته نظرًا لكونه أحد مستخدمى عز الدولة، لحفظ الأشياء الموجودة هنالك. ولذلك أخذوا الصندوق ليلًا وحملوه إلى بيت مجاور. وبعد مضى زمن رأوا أن المحل غير آمن فأرادوا نقله إلى بيت الأب مانهوب مؤلف هذا التاريخ، ولكن هذا الرجل الذي كان قبل ذلك بيسير من المقربين للسلطان رفض حفظ هذه الذخيرة الثمينة عنده التي عهدت حينئذ إلى قس يدعى سمعان. إلا أن رجلًا أفريقيًا إسمه على ابن بكير من أهالى برقة وقف على سرائر كل هذه المسألة ورفعها إلى الحاكم بخطاب فألقى كل الذين إشتركوا في هذا النقل في الحديد. ولما مثلوا أمام حاكم الإسكندرية كوكب الدولة أفهمهم أنه لابد لهم أن يردوا رأس القديس مرقس وأن يدفعوا مبلغ عشرة آلاف دينار التي كان يظن بحسب فكره أن اليونانيين كانوا مستعدين لدفعها ثمنًا لباقى الأعضاء.
وبد أن مكث أبو الفتح المؤلف 37 يومًا في الحبس مع الذين كبلوا في الحديد عزم أخيرًا على أن يدفع 600 دينار فأطلق سراحه بعد ثلاثة أيام، وردت بعدئذ رأس القديس إلى المسيحيين التي كانت موضع إحترام وتبجيل بطريركية سيريل لاكلاك (كيرلس لقلق) أيام حكم السلطان كامل.
رأس القديس مرقس وجدت في منزل أولاد السكرى حيث كانت قد أكتشفت من عدة سنين مضت.
وقد أخبرنا الأب فانسليب بأمور عجيبة تختص برأس القديس عند وصفه ممارسة تكريس بطاركة الإسكندرية قال: (بعد أن يعتلى البطريرك الجديد على كرسى البطريركية يُقدم هذه الرأس إلى الموجودين لتقبيلها، ويستمروا مُعيدين ثلاثة أيام بعد ذلك، ولما كان مركز الكرسى الإسكندرى في الإسكندرية كان يُعيد أول يوم بإحتفال كبير في كنيسة الرسل والثانى في كنيسة الملاك ميخائيل والثالث في كنيسة القديس مار مرقس وبعد إنتهاء القداس يأخذ البطريرك الجديد رأس القديس ويغطيها ببرقع جديد مُظهرًا بذلك أنه صار خلفه وهو مستعد لإتباع تعاليمه).
ثم قال: (وقد فقدوا هذه الرأس أيام أن سبى المدينة العرب تحت أمر عمرو بن العاص. لأن أحد البحارة دخل ليلًا في الكنيس وفتح الصندوق ظنًا منه بأنه يحتوى على حلى ثمين، فوجد الرأس وأخذها إلى مركبه. وبعد يومين رفعت مرساها للسفر مع بقية المراكب، ولكن تعذر إقلاعها مع أنها كانت كسائر المراكب الأخرى. ولما وصل الخبر إلى عمرو جاء إلى المركب ووجد بها هذه الرأس، وفى الحال أخذها إلى البر فسارت المركب. ولما ظهر للجميع بأن هذه البقايا هي التي كانت سببًا في ربط المركب، عاقب الأمير البحار بما يستحق لخيانته وكفره).
ثم قال: (وكتب الأمير خطابًا بعد ذلك إلى بنيامين بطريرك الأقباط وقتئذ وكان قد تقهقر إلى الصعيد خوفًا من العرب ينبئه فيه بالمجىء لرؤيته بعد أن أمنه على حياته. ولما حضر إليه القى بين يديه الرأس وقص عليه المعجزة التي حصلت، وأعطاه 10000 دينار مصرى تساوى 10000 دوكا ذهبية من عملة البندقية لكى يبنى كنيسة إحترامًا لهذه الرأس وسُميت بالمعلقة. وبعد ذلك الوقت كل البطاركة الذين رسموا أعتادوا على وضعها أمامهم وقت التكريس مغطاة ببرقع جديد وتقديمها للشعب لتقبيلها، ولكن في هذه الأيام لعدم وجود الرأس عندهم لم يمكنهم الإستمرار على هذه العادة).
وتجد في أحدث الكتب التاريخية البولاندية قطعة من الغرابة بمكان تخبرنا بأى طريقة وفى أي زمن نقلت بقايا القديس مرقس وهاك مُلخصها (الإمبراطور ليون الأرمنى الذي حكم من 813 لى 820 م منع رعيته من معاملة مدينة الإسكندرية تجاريًا نظرًا لمتلائها بالمسلمين أعداء اليونانيين واللاتينيين. ومع ذلك فبعض التجار البندقيين كانوا مُلزومين بحكم العواصف والرياح أن يلجئوا إلى ميناء الإسكندرية فيمضوا فيها بعض الزمن ريثما يتمكنوا من إستئناف المسير.
وفى ذلك الحين عزم سلطان مصر على تشييد قصر فخيم له في قاعدة مُلكه فأمر برفع العمدان والواح الرخام المزينة بها الكنائس وباقى الأثارات ليقيمها في قصره. وقد هدمت كنيسة مار مرقس الموجودة ببوكالى بالقرب من شاطىء البحر كغيرها، وأخذت أعمدتها وأحجار الرخام الموضوعة بها حول قبر الرسول، وأرسلت إلى مصر رغمًا عن معارضات وتوسلات البطريرك وإكليروس المدينة. وفى هذه الأثناء فكر التجار البندقيين في مشروع خطير وهو أخذ بقايا القديس الذي هو عندهم موضع إحترام وتبجيل كى يذهبوا كل يوم للسجود أمام قبره.
ولما رأوا أن في إستعمال القوة هياج الشعب المسيحى ضدهم عزموا على إرشاء حراس قبر القديس بقولهم أن يقاياه ستحفظ في بلد مسيحية وتكون موضع إحترام وتعظيم ساكنيها بدلًا من تركها في بلدة قد لا تمكث بها طويلًا بل تلعب بها أيدى الكفرة، وأما عندهم فيمكنهم أن يحرصوا في المحافظة على بقايا القديس حيث يكونون في مأمن من كل طارق. وقد أقتنع الحراس بهاته الوعود والأقوال، وسلموا بقاياه إلى هؤلاء التجار. ووضعوا جثة أحد القديسين مكانها فأقلع البندقيون بالجثة إلى إيطاليا، فعندما وصلوا إلى البندقية عرضوا الجثة على حاكم المدينة الذي وضعها في كنيسة قصره ريثما يتمكن من تشييد معبد يليق بهذه القديس العظيم. وهذه هي المدينة التي أُسعدت بإمتلاك تلك البقايا المقدسة. فكنيسة البندقية تحى ذكرى ذلك النقل في أوائل شهر فبراير. والشكر لله دائمًا سرمدًا.


الساعة الآن 08:10 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025