منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الكتب الدينية (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=56)
-   -   كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=272536)

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 04:46 PM

كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
سفر النشيد هو سيمفونية حب تطرب بها النفس العابدة، التي انطلقت متحررة من قيود العالم، بعد أن تحررت من سلطان فرعون الروحي أي إبليس، لتتمتع بحرية مجد أولاد الله. لهذا لا يتحدث هذا السفر عن وصايا وتعاليم، بل عن سرّ الحب الأبدي، والحياة مع العريس السماوي..
هكذا كتب المتنيح الأنبا يوأنس أسقف الغربية في مقدمته للتأمل في هذا السفر الرائع، الذي يفهمه غير الروحيون بصورة خاطئة.. لذا رأينا أن نوجِّه مقالًا خاصًا للأخوة المسلمون للحديث عن لغة سفر النشيد، وطريقة تعبيراته، وأمثلة حول نفس الأسلوب من كتاب القرآن الكريم، وبعض أسفار الكتاب المقدس الأخرى..

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 04:47 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
عنوان سفر نشيد الأنشاد وكاتبه





https://st-takla.org/Pix/Coptic-Archi...dox-Church.jpg
سُمىّ نشيد الأناشيد لوجود أناشيد كثيرة في أسفار العهد القديم، لكن من جهة الأفضلية هو أفضلها وأسماها وأهمها.. على نحو ما نقول "ملك الملوك، ورب الأرباب، وقدس الأقداس، وسبت السبوت، وسماء السموات، وباطل الأباطيل، وعبد العبيد.. إلخ". أما عن كاتبه فهو سليمان بن داود.
سليمان هو كاتب سفريّ النشيد والجامعة.. في سفر الجامعة يظهر حقيقة العالم والحياة الأرضية وبطلانها "باطل الأباطيل الكل باطل" (جا 1: 2).. لكنه في سفر النشيد يتحدث عن الحياة السماوية.. في سفر الجامعة يعلن أنه لا شبع للنفس من خلال كثرة المعرفة "في كثرة الحكمة كثرة الغمّ. والذي يزيد علمًا يزيد حزن" (جا 1: 18). أما في سفر النشيد فيعلن أن النفس راحتها الحقيقية في محبة الله.
و سفر النشيد سفر رمزي هكذا فهمه اليهود، وهكذا فهمه آباء ومعلمو المسيحية الأوائل.. إنه يمثل العلاقة القائمة بين الله كالعريس وبين الكنيسة كعضو في الكنيسة كالعروس. والحديث الذي يدور بين العروس والعريس والعكس فهو يرمز إما إلى الكنيسة في علاقتها بالله، والنفس البشرية في اتحادها بالله، كما يقول العلامة أوريجينوس وهو صاحب المدرسة الرمزية في الكنيسة المسيحية.

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 04:47 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
العلامة أوريجينوس وهذا السفر



يرى أوريجينوس أن النفس البشرية المؤمنة التي تسير من قوة إلى قوة في طريقها إلى أورشليم السمائية، تُسَبّح سبعة أناشيد:
(أ‌) النشيد الأول تُنْشده النفس وهى خارجة من جُرن المعمودية على مثال ما فعله بنو إسرائيل بعد عبورهم البحر الأحمر.. تقول "أرنم للرب لأنه قد تعظم. الفرس وراكبه طرحهما في البحر. الرب قوّتي ونشيدي وقد صار لي خلاص" (خر 15: 1).. ولذلك جعلت الكنيسة هذا النشيد جزءً من التسبحة اليومية (الهوس الأول).. إنها بذلك تريد أن يتذكر أولادها كل يوم عبورهم من عبودية الخطية وتمتعهم بنعمة التبني من خلال المعمودية، وتتأكد غلبتهم على قوات الظلمة..

https://st-takla.org/Pix/People-Celeb...--Origanos.jpg
العلامة أوريجانوس أدامانتيوس أو أوريجينوس، أوريجن
(ب‌) والنشيد الثاني في الرحلة الروحية تترنم به النفس عندما تأتى إلى البئر التي حفرها الرؤساء في البرية "حيث قال الرب لموسى اجمع الشعب فأعطيهم ماء.. حينئذ ترنم إسرائيل بهذا النشيد. اصعدي أيتها البئر أجيبوا لها. بئر حفرها رؤساء حفرها رؤساء حفرها شرفاء الشعب بصولجان بعصيهم" (عدد 21: 16-18).. إنها تمثل أنشودة النفس التي تتقبل من الله نفسه خلال الكنيسة التي يمثلها الرؤساء ينابيع الماء الحية.
(ج) والنشيد الثالث حين نقف مع موسى على ضفاف الأردن، ونسمعه يترنم في مسامع الشعب قبيل رحيله (تث 32).. وهى تمثل أنشودة النفس التي تدرك رعاية الله وسط برية العالم يرافقها كما يرافق الأب ابنه مسيرة الطريق كله.
(د) أما النشيد الرابع يمثل جهاد النفس على نحو ما حاربوا تحت قيادة يشوع لكي تمتلك الأرض المقدسة "أنا أنا للرب أرنك. أزمّر للرب.. تزلزلت الجبال من وجه الرب" (قض 5).
(ه) أما النشيد الخامس فهو الذي ترنم به داود حين هرب من أيدي أعدائه إذ قال "الرب سند لي، قوتي وملجأي ومخلصي". هكذا تملك النفس مع داود حين تتحطم قوى الشيطان عدوها بالله سندها وقوتها وملجأها. وكما ورث داود شاول، نرث نحن أيضًا مركز إبليس قبل سقوطه.
(و) وإذ تكتشف النفس أسرار الملكوت، تنشد مع الأنبياء النشيد السادس قائلة "لأُنْشِدَنَّ عَنْ حَبِيبِي نَشِيدَ مُحِبِّي لِكَرْمِهِ.." (سفر إشعياء 5: 1).
(ز) والنشيد السابع تنطق به النفس وهو سفر نشيد الأناشيد ترنم به إلى الأبد حين تدخل إلى حضرة عريسها، وتبقى معه في حِجاله السماوي.

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 04:49 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
ملخص لسفر نشيد الأناشيد



النفس ترنم النشيد الأول وهى خارجة من المعمودية بعد أن نالت التبني والثاني وهى تشرب من ينابيع الحياة التي تفيض في الكنيسة والثالث وهى تتلمس رعاية الله المستمرة في برية العالم والرابع تسبحة جهادها والخامس تترنم به كلما حظيت بالنصرة فتملك مع الرب والسادس تُنشده مع الأنبياء حين تتحسس أسرار الأبدية والأمور السماوية السابع في حضرة العريس..

ملاحظات:
+ كان سفر نشيد الأناشيد يُقرأ في اليوم الثامن من الاحتفال بعيد الفصح بكونه نشيد الحب الأبدي المقدم لله، والذي يربط الله بأولاده المؤمنين الذين ينعمون بخلاصه.. فاليوم الثامن يشير إلى ما بعد أيام الأسبوع (7 أيام) أي يشير إلى الحياة الجديدة، والحياة الأخرى التي ننعم بها خلال المسيح فصحنا الحقيقي.. وكأنه النشيد يحمل نبوة عن الفصح الحقيقي، الذي ينقذنا من الموت، ويدخل بنا إلى حجا له "سماء السموات"، عروسًا عفيفة متحدة به اتحادًا أبديًا.
+ سفر النشيد هو سيمفونية حب تطرب بها النفس العابدة، التي انطلقت متحررة من قيود العالم، بعد أن تحررت من سلطان فرعون الروحي أي إبليس، لتتمتع بحرية مجد أولاد الله. لهذا لا يتحدث هذا السفر عن وصايا وتعاليم، بل عن سرّ الحب الأبدي، والحياة مع العريس السماوي.. يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص:

https://st-takla.org/Pix/Saints/08-Co...f-Sebastea.jpg
"يأمرنا الكلمة في سفر النشيد ألا نفكر فيما هو للجسد حتى ونحن بعد في الجسد. بل نرتفع إلى الروح، فنحول كل تعبيرات الحب التي نجدها هنا كتقدمات طاهرة غير مدركة، نقدمها للرب الصالح الذي يفوق كل فهم، والذي فيه وحده نجد كل عذوبة وحب ومُشتهى".
+ إن هذا السفر الذي يتغنى بالحب يسميه العلامة أوريجينوس "سفر البالغين".. "أما الطعام القوى فللبالغين.. الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدرّبة.. وأما الأطفال في الإيمان فلهم في كلام الله غذاء يجدونه في الأسفار الأخرى".
+ ويقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص عن هذا السفر "إنني أتحدث عن سفر نشيد الأناشيد معكم أنتم جميعًا يا من تحولتم إلى ما هو إلهي.. تعالوا أدخلوا إلى حجرته الزيجية غير الفاسدة، يا من لبستم ثوب أفكار النقاوة والطهارة الأبيض. فإِن البعض لا يرتدى ثوب الضمير النقيّ اللائق بعروس إلهية، ومن ثم يرتبكون بأفكارهم الذاتية، وينحدرون بكلمات العريس النقية إلى مستوى الذات البهيمية. وهكذا يبتلعون في خيلات مُشينة".
+ أما الناسك المصري الأب بفنوتيوس، فيرى في كتب سليمان الحكيم درجات النسك الثلاثة التي ترتفع بالإنسان إلى حياة الحب والاتحاد بالله في سفر النشيد.. يقول "سفر الأمثال يقابل النوع الأول من النسك. فيه نقمع شهوات الجسد والخطايا الأرضية. والنوع الثاني يمثله سفر الجامعة حيث يعلن أن كل ما يحدث تحت الشمس هو باطل. وأما النوع الثالث فيطابقه سفر نشيد الأناشيد، وفيه تسمو النفس فوق كل المنظورات، مرتبطة بكلمة الله بالتأمل في الأمور السماوية".
+ وقد فهم أنبياء العهد القديم أن العهد الذي كان بين الله وشعبه هو بمثابة عهد زواج. يقول إشعياء "لأن الرب يُسرّ بكِ.. كفرح العريس بالعروس يفرح بكِ إلهك" (إش 62: 4، 5).. ويقول هوشع "ويكون في ذلك اليوم يقول الرب إنك تدعيني رجلي.. وأخطبك لنفسي إلى الأبد. وأخطبك لنفسي بالعدل والحق والإحسان والمراحم. أخطبك لنفسي بالأمانة فتعرفين الرب" (هو 2: 14 20) [ أنظر خروج 45 ؛ أرميا 2: 2 ؛ حزقيال 16: 7 14 ].
+ إن سفر النشيد هو سفر العرس السماوي، فيه تتحقق إرادة الله الأزلية من نحو الإنسان.. هو نبوة لسرّ الزفاف الاسخاتولوجى حيث تزف الكنيسة الواحدة الممتدة من آدم إلى آخر الدهور عروسًا مقدسة.. هذا العرس رآه يوحنا المعمدان بالروح فقال "من له العروس فهو العريس" (يو 3: 19).. هو غاية كرازة الرسل فيعلن بولس ذلك بقوله "فإني أغار عليكم غيرة الله، لأني خطبتكم لرجل واحد، لأقدم عذراء عفيفة للمسيح" (2 كو 11: 2). وفى سفر الرؤيا يقول يوحنا "و أنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله مُهيأة كعروس مزينة لرجله" (رؤ 21: 2).. "قد ملك الرب الإله.. لأن عرس الخروف قد جاء. وامرأته هيأت نفسها، وأعطيت أن تلبس بزا نقيا بهي" (رؤ19: 6 8)
+ ولما كان هذا السفر هو الزيجة الروحية التي تربط المسيح البتول بكنيسته البتول، لهذا رأى بعض آباء الكنيسة في هذا السفر أنه "سفر سرّ البتولية"، حيث تشبع النفس البتول بعريسها البتول، فلا يعوزها شيء، حتى ولا إلى الزيجة الجسدية.. ومن هؤلاء القديس جيروم.. لقد ربط بين الإنجيل والبتولية، كما ربط بين الناموس الموسوي وعفة الزواج.. وهو يرى أن هذا السفر يعلن أن وقت الشتاء قد مضى، أي كمل زمان الناموس الذي يحث على العفة من خلال الزواج المقدس، وجاء وقت الربيع حيث تظهر زهور البتولية ويمدحها.
أما فيما يختص باستخدام بعض أعضاء الجسد في هذا السفر للتعبير عن دلالات روحية، فيقول العلامة أوريجينوس في تعليقه على سفر النشيد:
"في مستهل كلمات موسى النبي حيث يصف خلق العالم نجد إشارة إلى خلقة رجلين: الأول خلق على صورة الله وشبهه (تك 1: 26)، والثاني خلق من تراب الأرض (تك 2: 7).. لقد عرف بولس الرسول هذا حق المعرفة، وكان يملك فهمًا واضحًا لكل هذه الأمور. كتب في رسائله بصراحة ووضوح أن كل إنسان هو إنسانان مختلفان.. "أن كان إنساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يومًا فيوم" (2 كو 4: 16).. وأيضًا "فإني أُسرُّ بناموس الله بحسب الإنسان الباطن" (رو 7: 22).. كما كتب فقرات كثيرة جدًا مثل هذه.. وعلى هذا الأساس لا أظن أن أحدًا الآن يخالجه شك في أن موسى في مستهل التكوين كتب عن خلق وتشكيل إنسانين مختلفين.. وهو يذكر أن أحدهما ألا وهو الإنسان الباطن يتجدد يومًا فيومًا. ولكنه يؤكد أن الآخر الإنسان الخارج في القديسين يفنى ويضمحل".
و يمضى أوريجانوس ويقول "و ما نريد أن نبيّنه على هذا الأساس هو أنه في الأسفار المقدسة بالدلالات المماثلة وأحيانًا بالكلمات نفسها نرى أعضاء الإنسان الخارج وأجزاء الإنسان الباطن يقارن أحدهما بالآخر، ليس فقط من جهة الدلالات، بل أيضًا من ناحية الواقع ذاته. وعلى سبيل المثال يمكن أن يكون بعض الناس حسب السنّ ولدًا من جهة الإنسان الباطن، وفى مقدوره أن ينمو حتى يبلغ سن الشباب. وهكذا ينمو باطراد حتى يصل إلى إنسان كامل (أف 4: 13). وما يلبث أن يصير أبًا..!! نرى يوحنا الرسول يكتب قائلًا "أكتب إليكم أيها الأولاد لأنكم قد عرفتم الآب. أكتب إليكم أيها الآباء لأنكم قد عرفتم الذي من البدء. كتبت إليكم أيها الأحداث لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير" (1يو 2: 13، 14).. إني لا أظن أن أحدًا يخالجه شك في أن يوحنا يستعمل هذه المصطلحات: أولاد، أحداث وشبان، وآباء بحسب سن النفس وليس الجسد..".
"يقول بولس في أحد المواضع "لم أستطيع أن أكلمكم كروحيين بل كجسديين، كأطفال في المسيح، سقيتكم لبنًا لا طعام" (1 كو 3: 1،2). إنه يستخدم مصطلح "طفل في المسيح" ليوضح عمر النفس وليس عمر الجسد. ويقول في موضع آخر "لما كنت طفلًا كطفل كنت أتكلم وكطفل كنت أفطن وكطفل كنت أفتكر. ولكن لما صرت رجلًا أبطلت ما للطفل" (1كو 13: 11). وفى موضع آخر يقول "إلى أن ننتهي.. إلى إنسان كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح" (أف 4: 13). لأنه يعلم أن كل من يؤمن سينتهي إلى إنسان كامل إلى قياس قامة ملء المسيح"..
"وكما أن أسماء الأعمار التي تكلمنا عنها تنطبق بنفس الدلالات على كل من الإنسان الباطن والخارج، كذلك أسماء أعضاء الجسد، فإنها تطلق على أعضاء النفس، وبالأحرى تطلق على قوة النفس ورغبتها. وهذا ما يعبر عنه في سفر الجامعة "الحكيم عيناه في رأسه" (جا 2:14). وفى الإنجيل "من له أذنان للسمع فليسمع" (مر 4:9). وأيضا في الأنبياء "الكلمة التي تكلم بها الرب على يد أرميا النبي وأي نبي آخر" (أر 50: 1 ؛ إش 20: 2).. ومثل ذلك قول الحكيم "احفظ الرأي والتدبير فيكونا حياة لنفسك ونعمة لعنقك. حينئذ تسلك في طريقك آمنًا ولا تعثر رجلُك" (أم 3: 21 23). وأيضًا "أما أنا فكادت تزل قدماي" (مز 73: 2). وقول إشعياء "حبلنا، تلوينا كأننا ولدنا ريح" (إش 26: 18). وواضح أن النبي يعنى رحم النفس. وكيف يستطيع أي إنسان أن يشك في هذا الأمر حين يقول الكتاب "حلقهم قبر مفتوح" (مز 5: 9). وأيضًا "أهلِك يا رب، فرّق ألسنتهم" (مز 55:9). وأيضًا قوله "هشّمت أسنان الأشرار" (مز 3: 7). وأيضًا "أحطم ذراع الفاجر والشرير" (مز 10: 15").
"وعلى أساس الأدلة التي سقناها يتبين بوضوح أن هذه الأسماء للأعضاء لا يمكن بأيّ حال أن تنطبق على الجسم المنظور، بل تشير إلى أجزاء النفس غير المنظورة وقواها. والسبب أن كليهما يحمل دلالات مماثلة. ولكن الأمثلة المعطاة تُعَبّر بوضوح ودون إبهام قط عن معان لا تنطبق على الإنسان الخارج، بل على الإنسان الباطن.. إن هذا الإنسان المادي الذي يدعى الإنسان الخارج له طعام وشراب يناسبان طبيعته الخاصة الجسدية والأرضية. وشبيهه بهذا الإنسان الروحي المدعو الإنسان الباطن وله أيضًا طعمه الخاص ذلك الخبز الحيّ الذي نزل من السماء (يو 6: 33، 41) ؛ وشرابه من ذلك الماء الذي وعد به يسوع حسن قال "من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد" (يو 4: 14). وهكذا يطبق تشابه في الدلالات على كل شيء بحسب كل من الإنسانين.. بهذا المعنى نفهم قول الكتاب "العاقر ولدت سبعة وكثيرة البنين ذبلت" (1 صم 2: 5). وكما قيل في بركة الرب لشعبه قديمًا "لا تكون مُسْقِطة وعاقر في أرضك" (مز 23: 26).
أما فيما يختص بالحب الجسداني والمحبة الروحية فيقول أوريجينوس:
"إن قيل إن هناك حب جسدي الذي يطلق عليُه الشعراء أيضًا "حب" فتبعًا لذلك فلإنسان الذي يحب هذا الحب يزرع للجسد. كذلك هناك حب روحي، وطبقًا له فالإنسان الباطن إذا أحب يزرع للروح (غل 6: 8). وبوضح أكثر نقول إذا كان هناك إنسان ما لا يزال يلبس صورة الترابي طبقًا للإنسان الخارج، فإنه ينقاد بشهوة أرضية وحب جسدي. ولكن الإنسان الذي يلبس صورة السماوي طبقًا للإنسان الباطن، فإنه ينقاد برعبة سماوية وحب (1 كو 15: 49). إن النفس تُهوى بحب سماوي ورغبة حينما تدرك جمال كلمة الله وعظمته. إنها تقع في حب جلاله. وبهذا تحصل منه على بعض سهام الحب وجراحه، لأن الكلمة (اللوغوس) هو صورة الله غير المنظور وبهاؤه، بكر كل خليقة. الذي فيه خُلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى (كولوسى 1: 15 ؛ عب 1: 3).

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 04:49 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
نشيد الأناشيد الذي لسليمان




https://st-takla.org/Pix/Christian-Sy...y-Spirit-2.jpg
"نشيد الأنشاد الذي لسليمان"
اهتم الروح القدس بذكر اسم كاتب هذا السفر "الذي لسليمان".. إن سليمان اسم عبري معناه "رجل سلام". وهو بذلك يرمز إلى شخص المسيح المبارك "ملك السلام"، الذي لابد وأن يملك ملكًا مجيدًا وحقيقي..
لقد تنبأ إشعياء النبي قبل المسيح بنحو سبعة قرون قائلًا " لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنًا وتكون الرياسة على كتفه. ويدعى اسمه عجيبًا مشيرًا. إلهًا قديرًا. أبًا أبديًا. رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية، على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر" (إش 9 : 6، 7)..
وما كان يليق بغير سليمان أن يكتب هذا السفر، لأن الله قد أعطاه قلبًا حكيمًا ومميزا حسبما طلب حتى أنه لم يكن مثله قبله ولا يقوم بعده نظير (1مل 3: 12).. ومن ذا الذي يوازي سليمان الحقيقي – ربنا يسوع المسيح" الذي صار لنا حكمة من الله وبرًا وقداسة وفداء" (1 كو 1: 30).

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 04:50 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
ليقبلني بقبلات فمه



هذه الكلمات تعبر عن شوق متأجج في قلب العروس المخطوبة نحو عريسها الشريف. لقد اقتبلت منه هدايا كثيرة، فهي لا تشتاق إلا إلى شخصه!! هي تفعل كل ما في إمكانها لتراه ولتتمتع بحبه.. وهي حين ترى ذاتها غير قادرة على التحرر من سلطان محبتها لعريسها، ولا إشباع ما فيها من رغبة، فإنها تعمد إلى الصلاة وتستسلم لها، وتقدم توسلات لله التي تعلم أنه أبو عريسها، رافعة أيادي طاهرة بدون غضب ولا جدال.. في ثياب حشمة مع أتضاع وتعقل (1تي 2: 8)، مزينة بأفضل الزينات التي تليق بعريس شريف، وملتهبة بالشوق لعريسها، وتقول "ليقبلني بقبلات فمه".. لكن ما هو المعنى وراء هذه الكلمات " ليقبلني بقبلات فمه "

https://st-takla.org/Gallery/var/albu...Praying-01.gif
سبق أن قلنا إن سفر النشيد يرمز إما إلى الكنيسة في علاقتها بالله، والنفس البشرية في اتحادها بالله كما يقول العلامة أوريجينوس.. الكنيسة في شوقها إلى عريسها تهتف بما ختم به يوحنا سفر الرؤيا " آمين تعال أيها الرب يسوع" (رؤ 22: 20).. والنفس البشرية في شوقها لعريسها تهتف مع القديس بولس " لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح" (في 1: 23).. إنها لا تنسى قبلات الآب الذي وقع على عنقها وقبلها حينما كانت تشرد وتعود تائبة (لو 15: 20).
والكنيسة في شوقها للاتحاد بالمسيح، هي جماعة قديسين، وهي كشخصية متحدة تقول لعريسها: لقد شبعت من الهدايا التي اقتبلتها في فترة خطوبتي قبل زواجي. لأنه منذ القديم حينما كنت أستعد لزفافي لابن الملك (أنظر مت 22: 1-4 بالمقارنة مع رؤ 19: 6-9).. لقد وضع ملائكته القديسون في خدمتي، وأحضروا لي الناموس كهدية خطوبة، لأنه مكتوب عن الناموس إنه مرتب بملائكة في يد وسيط (غل 3: 19).. كما خدمني الأنبياء الذين نطقوا بكل ما يجب أن يقال لي، ويشير إلى كل ما يختص بابن الله.. هذه كلها تعتبر هدايا خطوبة.. وهؤلاء الأنبياء -حتى ما يشعلوا نار أشواقي أكثر للعريس- أعلنوا بصوت نبوي عن مجيئه. وإذ امتلئوا بالروح القدس سبقوا وأنبأوا عن أعمال قوته التي لا تحصى. كما وصفوا جماله ولطفه وعاطفته، حتى ما ألتهب بمجيئه..
لكن لما كان الزمان قد قارب على الانتهاء ولم يحضر العريس بعد، وأرى فقط خدامه يترددون علىّ. من أجل هذا أتقدم بتوسلي إليك يا أبا العريس حتى ما تترأف على محبتي وترسله حتى ما لا يعود فيما بعد يكلمني بواسطة خدامة الملائكة والأنبياء، لكن ليأتي ويقبلني بقبلات فمه.. أي يضع كلمات فمه في فمي حتى ما أسمعه يتكلم بذاته وأراه وهو يعلّم!!
لقد وهب المسيح كنيسته حينما أتى بالجسد قبلاته.. لقد كان بنفسه يكلمها بكلمات الإيمان والحب والسلام حسب وعد إشعياء، الذي حينما أرسل قبلًا للعروس قال إنه ليس برسول وملاك بل الرب نفسه هو يخلصنا (إش 33: 22)
والآن ننتقل إلى العروس كالنفس البشرية، التي رغبتها الوحيدة أن تتحد بكلمة الله (اللوغوس) وتصبح في شركة معه، وتدخل أسرار حكمته وعلمه، كما لو كان إلى الحجال السمائي – حجرة الزيجة السمائية.. هذه النفس قد اقتبلت هدايا الخطوبة مثل الناموس الطبيعي والعقل والإرادة الحرة.. لقد اقتبلت التعليم من المعلمين. لكن لما لم تجد فيها الاكتفاء والشبع الكاملين لشوقها وحبها، فلتصلي حتى ما يستنير عقل بتوليتها النقي بالاستنارة التي يُقدمها كلمة الله من خلال افتقاده..لأنها حينما لا تنال هذه الاستنارة بواسطة خدمة أي من البشر والملائكة، حينئذ تؤمن أنها اقتبلت قبلات كلمة الله نفسه!! وفضلًا عن ذلك فإن استخدام كلمة قبلات بصيغه الجمع حتى ما نفهم أن توضيح كل معنى غامض بفعل الروح القدس إنما هو قبلة لكلمة الله تُمنح للنفس المكملة. وربما أشارت إلى ذلك كلمات النبي " فتحت فمي واجتذبت لي روحًا" (مز 119: 131).
يقول أوريجينوس " ليتنا نفهم أن فم العريس يعني القوة التي بها يستنير العقل كما بكلمة محبة توجه إلى العروس.. إن القبلة المقدسة التي نعطيها بعضنا لبعض في الأسرار المقدسة إنما هي رمز لذلك " هكذا يقول أوريجينوس (القداس الإلهي وبعض الأسرار في الطقوس القديمة – ورد ذلك في الدفاع الأول ليوستينوس الشهيد).

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 04:52 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
لأن حبك أطيب من الخمر



النفس البشرية والكنيسة كجماعة مؤمنين قديسين تناجي عريسها قائلة "لأن حبك أطيب من الخمر".. إن الحب يسكر النفس، فكم وكم إذا كان حب العريس السمائي!! وحينما تسكر بهذا الحب تنسى كل ما هو أرضي وتهيم في حب الله وحده!! وهو حب أطيب من الخمر، لأن الخمر وإن كان يفرّح لكنه يُذهب العقل، أما خمر الحبيب فيعطي صحوة للنفس..

https://st-takla.org/Pix/Jesus-Christ...f-Jesus-24.jpg
في معجزة تحويل الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل – وهي أولى المعجزات التي صنعها المسيح – لما ذاق رئيس المتكأ الماء المتحول خمرًا ولم يكن يعلم من أين هو، دعا رئيس المتكأ العريس وقال له " كل إنسان إنما يضع الخمر الجيدة أولًا، ومتى سكروا فحينئذ الدون. أما أنت فقد أبقيت الخمر الجيدة إلى الآن" (يو 2: 9، 10).. إن الخمر التي صنعها الرب يسوع كان لها خاصية إفاقة من يشربها. لقد أفاقت رئيس المتكأ، وعلم أنها خمر من نوع فريد، وأن ما عداه هو الدون!! هكذا حب العريس السماوي ربنا يسوع يسكر النفس، ويعطي نشوة للعقل، لكن في صحوة ويقظة روحيتين!! وفي الترجمة السبعينية جاءت كلمة " ثدياك " بدل كلمة " حبك " وكأن المؤمنين يجدون في اللبن الإلهي المنحدر من ثديي الله عذوبة وفاعلية وقوة أكثر مما للخمر.. واللبن هو طعام الأطفال. ويقول المسيح " الحق أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت 18: 3).. وكأن النفس تعود إلى بساطة الطفولة تتعلق به وبصدره على نحو ما يفعل الطفل مع أمه..
كان الخمر يقدم قديمًا للضيوف وفي مناسبات الأعياد والفرح وعند تقديم الذبائح (خر 29: 40؛ لا 23: 13؛ عدد 15: 5).. لكن حب المسيح يهب فرحًا لا يعُبر عنه، ولا يستطيع العالم أن ينزعه من النفس " لا ينزع أحد فرحكم منكم" (يو 16: 22).
كانت هناك طريقة قديمة لعصر العنب لينتج خمرًا، وذلك بسحقه ودوسه بالأقدام في المعصرة (نح 13: 15).. فيسيل عصير العنب الأحمر وهو الخمر. ويخرج الرجال من عملية العصير وثيابهم محمرة.. ولقد رأى إشعياء النبي المسيح عظيمًا في القوة، بهيًا في الصورة، يجتاز المعصرة بثياب محمرة من أجل عروسه، فقال متسائلًا:
" من ذا الآتي من آدوم بثياب حُمر من بُصرة. هذا البهي بملابسه المتعظم بكثرة قوته. أنا المتكلم بالبر، العظيم للخلاص. ما بال لباسك مُحمّر، وثيابك كدائس المعصرة. قد دست المعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي أحد" (إش 63: 1-3).
هذا هو الحب الفريد الأطيب من الخمر. فقد اجتاز الرب المعصرة وحده، لا ليقدم خمرًا أرضية، بل دمه الزكي الكريم سر حياتنا وقوتنا!!

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 04:54 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
لرائحة أدهانك الطيبة




https://st-takla.org/Pix/Church-Tools...tic-Church.jpg
" لرائحة أدهانك الطيبة، اسمك دهن مهراق. لذلك أحبتك العذارى" (1: 3)
يا لها من حقائق سامية وثمينة قد اكتشفتها العروس.. لم تدرك فقط أن محبة عريسها أطيب من الخمر، بل أدركت أيضًا بأن كل صفة من صفاته هي كالدهن الطيب " كل ثيابك مرّ وعود وسليخة" (مز 45: 8).. لكن متى أدركت ذلك؟! لقد أدركته من خلال هذه الخمر الجديدة، وخلال حب عريسها الذي هو أطيب من الخمر!! إذن من خلال الحب تشتم النفس المؤمنة رائحة أدهان المسيح الطيبة، وترى اسمه دهنًا مهراق..
على الصليب سكب المسيح للموت نفسه (إش 53: 12).. إن هذا يذكرنا بالمرأة في بيت سمعان الأبرص التي كسرت قارورة الطيب وسكبته على رأسه (مر 14: 3)، فامتلأ البيت من رائحة الطيب (يو 12: 3).. على الصليب سكب الرب كمال حبه، فملأ المسكونة كلها برائحته..
فاحت رائحة طيب العريس فأدركت العروس -الكنيسة- أنه هو عينه المسيح الممسوح من الله من أجل خلاصنا.. هكذا شهد النبي في المزمور " أحببت الحق وأبغضت الإثم. من أجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك" (مز 45: 7، عب 1: 9).. وأكد الرب أن هذه النبوة قيلت عنه، وذلك حينما قرأ سفر إشعياء في المجمع اليهودي بالناصرة " روح الرب علىّ، لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي المأسورين بالإطلاق والعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرية، وأكرز بسنة الرب المقبولة"، عندئذ قال لهم "إنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم" (لو 4: 16 – 21، إش 61: 1، 2).
وبعد معجزة شفاء الأعرج من بطن أمه رفعت كنيسة الرسل صلاة إلى الله قائلة " لأنه بالحقيقة اجتمع على فتاك القدوس يسوع الذي مسحته هيرودس وبيلاطس البنطي مع أمم وشعوب إسرائيل" (أع 4: 27). في العهد القديم كان بحسب الشريعة يمسح الكهنة والملوك والهيكل وكل ما بداخله وأواني الخدمة، كانت جميعها تمسح بمسحة مقدسة.. هذه المسحة للأشخاص يعني تكريسها وتخصيصها للرب (خر 40: 15، 1صم 10: 1)، فلا يمارس الأشخاص أعمالًا دنيوية، ولا تستخدم الأواني في غير الأغراض المقدسة التي كُرست لأجلها في خدمة الرب.. والمسيح يقول " من أجلهم أقدس أنا ذاتي لكي يكونوا هم أيضًا مقدسين في الحق" (يو 17: 19).
هذه المسحة التي مسح بها الله الآب ابنه الوحيد الجنس فاحت رائحتها في السماء فاشتمها الآب رائحة رضا، إذ حملت رائحة طاعة الابن الحبيب الذي أطاع حتى الموت موت الصليب، وهي التي حولت رائحة الخطية النتنة التي عاش فيها البشر إلى رائحة المسيح الذكية (2 كو 2: 15).

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 04:56 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
لأن اسمك دهن مهراق




https://st-takla.org/Gallery/var/albu...f-Jesus-02.jpg
" لأن اسمك دهن مهراق "
لم تكن أدهان العريس الطيبة هي التي جذبت العروس لكن اسمه الذي هو كدهن مهرق.. فاسم " يسوع " معناه يهوه المخلص.. وهذا الاسم حلو مرتبط بحضور الله وسط البشر " عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا".. هذا الدهن الطيب الذي يسيل من هذا الاسم الكريم قد أريق وانسكب على الصليب.. ولقد دخل الرب يسوع بهذا الدهن إلى القبر حتى ما يتنسّم الأموات رائحة الطيب عوض الفساد " ذهب فكرز للأرواح التي في السجن" (1 بط 3: 19).. وبقيامته قدم للعالم هذا الدهن المهرق الطيب..
وإذ أهرق هذا الاسم الذي هو دهن مهرق على الصليب فاحت رائحته في العالم. فلم يعد اسم الله معروفًا لليهود وحدهم بل لكل الأمم والشعوب.. وهكذا فإن البشرية تعرفت على اسم يسوع المخلص على الصليب..
يقول إشعياء " إلى اسمك، وإلى ذكرك شهوة النفس بنفسي اشتهيتك" (إش 26: 8، 9). هذا هو العريس المبارك الذي " ليس بأحد غيره الخلاص لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغي أن نخلص" (أع 4: 12).
لقد كان أسمه قبل عهد النعمة كالدهن المحفوظ داخل قارورة مختومة، ولم يعرفه إلا القليلون معرفة جزئية من وراء ظلال الطقوس والفرائض، أما الآن فشكرًا له لأنه قد تنازل بملء نعمته الغنية وأعلن لنا اسمه المبارك وشخصه الحبيب.

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 04:56 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
لذلك أحبتك العذارى




https://st-takla.org/Gallery/var/albu...f-Jesus-03.jpg
" لذلك أحبتك العذارى "
من اللائي أحببن العريس؟ العذارى.. ليس كل الناس، كما يقول الرسول بولس " لأننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون، وفي الذين يهلكون. لهؤلاء رائحة موت لموت ولأولئك رائحة حياة لحياة" (2 كو 2: 15، 16).. إن هذه الكلمات تحمل معنى النبوة. ليس جميع البشر سينجذبون لمحبة المسيح، لكن العذارى وحدهم (انظر مثل العذارى في متى 25 ) اللائي جعلن كل همهم إرضاء الرب (1 كو 7: 32).. من هم العذارى؟!
العذراوية هنا ليست عذراوية الجسد بل عذراوية الروح، وعذراوية النفس. والنفس العذراء هي التي لم تتزوج العالميات. وهي التي حفظت نفسها بكرًا من العالم. " لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم، إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب" (1 يو 2: 15).

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 04:57 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
اجذبني وراءك فنجري




https://st-takla.org/Pix/Cross/www-St...c-Cross-01.jpg
" أجذبني ورائك فنجري" (نش 1: 4)
ما أشد حاجة المسيحي الحقيقي إلى سكب قلبه أمام الرب والتوسل إليه بهذه الطلبة اجذبني.. نحن لا نقدر أن نأتي إلى المسيح بقوتنا الذاتية "لا يقدر أحد أن يُيقبل إلىّ إن لم يجتذبه الآب" (يو 6: 44).. هكذا لا نستطيع كمؤمنين أن نركض وراءه إن لم يجتذبنا هو.. لقد عرفت العروس حقيقة ذاتها وإنه بدونه لا تقدر أن تفعل شيئًا (يو 15: 5)، وأن ليست فيها القوة للجري والركض ما لم يجذبها هو وراءه، فضلًا عن وجود عوامل جذب مضادة. لذا كانت طلباتها دائمًا " اجذبني، حتى جاء الوقت وقال الرب قبيل آلامه " وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليّ الجميع. قال هذا مشيرًا إلى أيه ميته كان مزمعًا أن يموت" (يو 12: 32، 33). هذه هي الجاذبية التي خلقها الصليب في أعماق الإنسان المؤمن، فلا يجري خلفه وحده بل يجتذب معه آخرين يركضون بفرح.. هذا هو سر الصليب. إنه يحمل قوة الشهادة وسر الفرح.. لقد انجذب زكا العشار للسيد المسيح، فجمع الخطاة والعشارين ليلتقوا بالرب ويفرحوا به، والسامرية تركت جُرتها وذهبت إلى مدينتها لتقول لأهلها. هلموا أنظروا إنسانًا قال لي كل ما فعلت. ألعل هذا هو المسيح. فخرجوا من المدينة وأتوا إليه (لو 19، يو 4: 29).. وكانت السامرة هي أول مكان في العهد الجديد دُعي فيه المسيح مخلص العالم

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:17 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أدخلني الملك إلى حجاله. نبتهج ونفرح بك. نذكر حبك أكثر من الخمر. بالحق يحبونك



" أدخلني الملك إلى حجاله. نبتهج ونفرح بك. نذكر حبك أكثر من الخمر. بالحق يحبونك" (نش 1: 4).
طلبت العروس إلى العريس أن يجذبها وراءه. وكانت النتيجة أنه أمسك بها وأدخلها إلى حجاله الروحي في أبهى وأبهج لقاء!!
يرى العلامة أوريجينوس في تفسيره أن الدخول إلى الحجال هو الانتقال من تفسير كلمة الله تفسيرًا حرفيًا إلى التفسير الروحي العميق، والدخول بعمل الروح القدس إلى أسرار كلمة الله.. ويرى البعض أن الحجال الإلهي هو سر المعمودية المقدس.. تلتقي النفس في جُرن المعمودية بالمسيح عريسًا، ويلبس الإنسان الجديد، وتلبس النفس المسيح كثوب أبيض للعرس الأبدي، تلبسه كثوب برّ وقداسة، تتزين به وتحيا إلى الأبد.. يقول بولس الرسول "لأن كلكم الذين اعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح" (غل ٣: ٢٧).

https://st-takla.org/Gallery/var/albu...-Martha-03.jpg
وماذا في هذا الحجال..؟! هناك تنبهر أبصار العروس بطلعة العريس البهية.. هناك تتمتع النفس بالشركة الهادئة والمناجاة الحِبيّة في تلك الغرفة السرية.. هناك السعادة الحقيقية التي تنشدها كل نفس "لأن يومًا واحدًا في ديارك خير من ألف" (مز ٨٤: ١٠).. "واحدة سألت من الرب وإياها ألتمس أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي لكي أنظر جمال الرب" (مز ٢٧: ٤).
ثم أن العروس تعترف أن العريس هو الذي أدخلها إلى حجاله "ليس أننا كفاة من أنفسنا أن نفتكر شيئًا كأنه من أنفسنا بل كفايتنا من الله" (٢كو ٣: ٥).. "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيء".. إننا كحمامة نوح التي أطلقها ليعزف حالة الأرض بعد توقف الطوفان. لما لم تجد مقرًا لرجلها عادت إلى الفلك. ولكنها لم تستطع الدخول وحدها "فمد نوح يده وأخذها وأدخلها إلى الفلك" (تك ٨: ٩).
لقد أدرك داود هذه الحقيقة وهى أنه من ذاته لا يستطيع الدخول إلى حجال الملك ولذا قال "واحدة سألت من الرب وإياها ألتمس أن أسكن في بيت الرب..".
العريس هو الذي أدخلها، ولكنه في نفس الوقت هو الملك.. هذا هو الذي أتى المجوس من المشرق ليسجدوا له وهم يتساءلون "أين هو المولود ملك اليهود؟"!!
"نبتهج ونفرح بك"
على الرغم من أن العروس دخلت حجال الملك ولا شك أن هذا الحجال كان فيه من الأمور التي تبهر النفس لكن موضوع بهجة العروس وفرحها هو العريس ذاته "نبتهج ونفرح بك"..
إن مريم المجدلية وهى عند قبر المخلص، رأت ملاكين بثياب بيض. لكن منظرهما لم يشغل قلبها وفكرها لأن هدفها الأوحد كان هو السيد نفسه "من لي في السماء ومعك لا أريد شيئًا في الأرض" (مز ٧٣: ٢٥).

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:18 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم، كخيام قيدار، كشقق سليمان



"أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم كخيام قيدار tents of Kedar كشقق سليمان" (نش ١: ٥).
لقد بدأت العروس نشيدها بالتغني بالعريس ومحبته وأنها أطيب من الخمر، وبجلال اسمه وبهاء حجاله.. هناك في جو الشركة المقدسة معه، وفى بهاء نوره قد أدركت حقيقة ذاتها، وما هي بحسب الطبيعة.. وهذا الاختبار لا يمكن أن يدركه المؤمن إدراكًا صحيحًا إلا في نور الله أما المسيح.. فهناك داخل حجال الملك تكشفت أما العروس حقيقة ذاتها وأنها "سوداء"..

https://st-takla.org/Gallery/var/resi...hepherd-20.jpg
هذا عين ما أدركه إشعياء النبي، فإنه إذ رأى السيد الرب جالسًا على كرسي عالٍ ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل والسيرافيم يعلنون قداسته قال "ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين، أنا ساكن بين شعب نجس الشفتين. لأن عيني قد رأتا رب الجنود" (إش ٦: ٥).. إن النبي لم يعرف ذاته المعرفة الحقيقية ويدرك أنه إنسان نجس الشفتين إلا عندما أبصر الملك القدوس في جلاله..
وهذا هو عين إحساس سمعان بطرس بعد معجزة صيد السمك الكثير.. "خرّ عند ركبتى يسوع قائلًا أخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطئ" (لوقا ٥: ٥ ٩).
وشاول الطرسوسي الذي اضطهد كنيسة الله بإفراط وكان يخربها، لم يعرف حقيقة ذاته إلا بعد أن "أبرق حوله نور من السماء" وسمع صوت الرب وتحادث معه.. ومن ثم كان يعلن ضعفه "أنا الذي كنت قبلًا مجدفًا ومضطهدًا ومفتري".
إن العروس تعترف بضعفها الذاتي، لكنها تعلن عن جمالها الذي اقتنته من خلال اتحادها بالمسيح يسوع ربها قائلة "أنا سوداء يا بنات أورشليم كخيام قيدار".. وقيدار منطقة صحراوية بسوريا حاليًا، اسمها يكشف عن سواده.. فقيدار هو من نسل إسماعيل (تك ٢٥: ١٣) ومعناه الأسود.. وهو من نسل الجارية الذي يعتبر صورة للخطية الساكنة في الإنسان. وكان بنو قيدار حيثموا حطوا رحالهم يسكنون خيامًا سوداء..
"سوداء وجميلة" سوداء كخيام قيدار وجميلة "كشقق سليمان" الناصعة البياض.. هاتان الصفتان المتضادتان تبينان حالة الإنسان المؤمن. فهو بحسب طبيعة وارث لطبيعة آدم الساقطة "ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح" (رو ٧: ١٨)، لكنه في المسيح إنسان جديد، ابن الله وشريك الطبيعة الإلهية (رسالة بطرس الرسول الثانية 1: 4)..
يقول القديس أغسطينوس "كان الرسول بولس قبلًا مجدفًا ومضطهدًا وضارًا. كان فحمًا أسود غير متّقد. لكنه إذ نال رحمة التهب بنار من السماء. لقد ألهبه صوت المسيح نارًا، وأزال كل سواد كان فيه. لقد صار ملتهبًا بحرارة الروح. حتى ألهب آخرين بذات النار الملتهبة فيه". هكذا الإنسان قبل اتحاده بالمسيح.
يقول القديس أمبروسيوس أسقف ميلان "إذ لبست النفس تلك الثياب في جُرن المعمودية، تقول في نشيد الأناشيد: أنا سوداء وجميلة (كاملة) يا بنات أورشليم. إني سوداء حسب الضعف البشرى، كاملة حسب سرٌ الإيمان" (في الأسرار ٧).
ويقول أيضًا "الكنيسة سوداء بخطاياها، كاملة بالنعمة. إنها سوداء بالطبع البشرى، كاملة بالخلاص.. سوداء بأتربة الجهاد، كاملة عندما تتكلل بحلى النصرة" (الروح القدس ١١٢).
ومهما يكن الأمر، فنحن نجد في هذه العبارة "أنا سوداء وجميلة" علاجًا روحي.. فحينما يُحارَب الإنسان بالبرّ الذاتي يذكر "أنا سوداء"، وحينما يُحارَب بصغر النفس يذكر قول العروس "أنا سوداء وجميلة".
وللعلامّة أوريجانوس تفسير خاص لعبارة "سوداء وجميلة".. إنه يفسر بنات أورشليم على أنهم اليهود والسوداء على أنها كنيسة الأمم.. ويقول:
"تتكلم العروس مرة ثانية. ولكنها في هذه المرة لا تتوجه بكلامها إلى العذارى اللاتي ركضن معها، لكن إلى بنات أورشليم اللاتي اتهمنها بالقبح. فهي تجيب قائلة أنا حقًا سوداء بحسب طبيعتي، ولكن إن أمعن أحد النظر في ملامحي الداخلية فأنا جميلة. لأن خيام قيدار سوداء"..
"من جهة المعنى السري. إن هذه العروس التي تتكلم تمثل كنيسة الأمم. لمن بنات أورشليم اللاتي توجه كلامها إليهن هنّ نفوس الذين يوصفون بأنهم أحباء من أجل الآباء من جهة الاختيار، ولكنهم أعداء من جهة الإنجيل (رو 11:28). هؤلاء إذن هم بنات أورشليم الأرضية، الذين ينظرون إلى كنيسة الأمم فيحتقرونها ويذمونها بسبب مولدها وأصلها الوضيع لأنه لا يجرى فيهم دماء إبراهيم واسحق ويعقوب.
لأجل كل هذا هي تنسى شعبها وبيت أبيها وتأتى للمسيح (مز 45: 11").
" إن بنات الشعب الأول يتهمنها بهذه التهم ولذلك يدعونها سوداء لأنها لم تَستنير بتعاليم الآباء. وتجيب على اعتراضهم: أنا حقًا سوداء يا بنات أورشليم. أنا في هذا لا أدعى انحداري عن رجال مشاهير. ولا أنا اقتبلت الاستنارة بناموس موسى. لكن لي جمالي الخاص. يوجد في الجمال الأول صورة الله التي خلقت عليها حينما أتيتُ الآن إلى كلمة الله (اللوغوس) نلت جمالي بسبب سواد لونى تقارنونني بخيام قيدار. ولكن حتى قيدار انحدر من إسماعيل، وإسماعيل كان له نصيب فىّ البركة المقدسة (تك 25:13 ؛16: 11).. أنا سوداء بسبب أصلى الوضيع ولكنى جميلة من خلال التوبة والإيمان، لأني اتخذت لنفسي ابن الله. لقد أخذت الكلمة الذي صار جسدًا. أنا أتيت إلى ذاك الذي هو صورة الله بكر كل خليقة الذي هو بهاء مجده ورسم جوهره (يو1:14 ؛ كو1:15 ؛عب 1: 3)."..
ثم يعرض أوريجانوس إثباتاُ لرأيه لبعض أحداث العهد القديم وما ورد فيه من عبارات فيها إشارة إلى دعوة الأمم (السوداء) ودخولها في الإيمان المسيحي:
(أ‌) زواج موسى النبي بالمرأة الكوشية (الحبشية) ذات البشرة السوداء، الأمر الذي أثار أخته مريم فتكلمت ضده، لهذا ضربت بالبرص (عدد 12: 110).. إن هذا صورة رمزية لاتحاد المسيح بكنيسة الأمم الذي أثار اليهود حتى رفضوا الإيمان به، وصاروا يعيرون الأمم بماضيهم..
(ب‌) قصة ملكة سبأ التي جاءت لتسمع حكمة سليمان (1مل 10)، حملت رمزا لكنيسة الأمم، وقد أشار المسيح إليها وهو يوبخ اليهود "ملكة التيمن (الجنوب سبأ) ستقوم في يوم الدين مع هذا الجيل وتدينه لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان. وهوذا أعظم من سليمان ههنا "(مت 12: 42).
لقد جاءت ملكة سبأ إلى سليمان وتكلمت معه بكل ما في قلبها (1مل 10: 2), وامتحنته بأسئلة والغاز ظنت أنها بلا إجابة.. لكن سليمان الحقيقي ربنا يسوع المسيح حل كل ما عسر عليها فهمه وأعلن لها معرفة الإله الحقيقي، وأوضح لها خلود النفس والدينونة الأخيرة.. الأمور التي عجز الفلاسفة أن يوضحوها للأمم بالحق.
حين رأت الملكة ما لسليمان من مجد وعظمة "لم يبق فيها روح بعد"(1مل 10:5). والكنيسة إذ تكتشف أسرار مسيحها المتألم تذوب حبًا، ولا تطيق البعد عنه، بل تشتهى أن تكون معه.
لقد قدمت ملكة سبأ للملك سليمان مئة وعشرين وزنة دهب (1مل 10:10) وهو ما سمح به الرب أن يكون عمر الإنسان زمن نوح (تك 6: 3) وهى سني حياة موسى النبي (تث 34:7).. والمعنى أن كنيسة الأمم أرادت أن تقدم كل عمرها كوزنات ذهبية، أي تحمل الطبيعة السماوية.
قدمت أيضًا أطيابًا كثيرة (1مل10:10)، وهى تقدمة الحب التي يتقبلها المسيح من الخطاة التائبين.
(ج) يقول داود بروح النبوة "يأتي شرفاء مصر. كوش تسرع بيدها إلى الله. يا ممالك الأرض غنّوا لله، رنموا للسيد. للراكب على سماء السموات القديمة" (مز 68: 3133)..إنها نبوة عن كنيسة الأمم التي تبسط يدها لله فتصير جميلة. ومن خلالها ينطلق لسان ممالك الأرض بالتسبيح لله.
(د) ويقول صَفَنْيا بروح النبوة "فانتظروني يقول الرب .. لأني حينئذ أحول الشعوب إلى شَفَةٍ نقية ليدعوا كلهم باسم الرب، ليعبدوه بكتف واحدة. من عبر أنهار كوش المتضرعون إلىّ. متبددىّ يقدمّون تقدمتي" (صفنيا 3:8 10).. إنها نبوءة عن تحول الشعوب الأممية إلى شفاه تسبيح نقية، وتعتبر أنهار كوش أي تترك سوادها والظلمة التي تعيشها لتعبد الله الحيّ وتقدم ذبيحة المسيح .
و في الكتاب أقوال كثيرة تشهد لهذه السوداء الجميلة وتؤكد أنها سوداء كخيام قيدار، لكنها جميلة كشقق وستائر سليمان في بيت الرب.
و ثمة ملاحظة أخرى.. على الرغم من أن المتكلم يبدو كشخصية واحدة. إنها تبدو تشبه نفسها بخيام قيدار (بصيغة الجمع) وبشقق سليمان بصيغة الجمع أيضًا. وهذه إشارة أن المتكلم هو مجموعة كنائس الأمم المنتشرة بالعالم.

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:20 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
لا تنظرن إليَّ لكوني سوداء، لأن الشمس قد لوَّحتني


"لا تنظرن إلىّ لكوني سوداء، لأن الشمس قد لوّحتني. بنو أمي غضبوا علىّ. جعلوني ناطورة الكروم. أما كرمي فلم أنطره" (نش 1:6)
كان حريًا باليهود الذين عرفوا الإله الحيّ أن يكرزوا للأمم بهذا الإله في ظل اليهودية لكن المسيح يوبخهم بقوله "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيين المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السموات قدام الناس فلا تدخلون انتم ولا تدعون الداخلين يدخلون.. ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تطوفون البحر والبرّ لتكتسبوا دخيلا واحدًا.
و متى حصل تصنعونه ابنًا لجهنم أكثر منكم مضاعف" (مت 23:13،15)..

https://st-takla.org/Gallery/var/albu...Grape-Vine.gif
وأود أن أشير هنا إلى ما جاء بمثل الابن الضال بإنجيل معلمنا لوقا (15:1132) فإلى جانب أن هذا المثل يتكلم عن محبة المسيح للخطاة نجد أن الابنان يشيران للعالم في ذلك الوقت الذي كان منقسما إلى يهود وأمم. فالابن الأكبر يشير إلى اليهود لأن معرفتهم لله والوحدانية سابقة لمعرفة الأمم (الابن الأصغر). ونلاحظ كلمات الابن الأكبر حينما عاد. وشعوره من نحو أخيه "فدعا واحد من الغلمان وسأله ما عسى أن يكون فقال له أخوك جاء فذبح أبوك العجل المسمن لأنه قبله سالمًا، فغضب ولم يرد أن يدخل"(15:26 28). ثم يأتي حديثه مع أبيه "لما جاء ابنك هذا (ولم يقل أخي) الذي أكل معيشتك مع الزواني ذبحت له العجل المُسمن" هذا بالرغم من أن السيد المسيح لم يذكر أنه أكل معيشته مع الزواني بل "بذر أمواله بعيش مسرف" (15: 13) فهذا يمثل شعور اليهود (الابن الأكبر) من جهة الأمم. وهذا يظهر روح الكبرياء والغطرسة والازدراء.
كان خليقًا باليهود المتنصرين أن يسندوا الأمم ويكرزوا لهم بالصليب، لكنهم عوض الكرازة وقفوا يعيرونهم بالسواد وبوضاعة أصلهم وشرورهم السابقة بسبب الوثنية..
أما الأمم فأجابوا بأن سوادهم لم يجبلوا إليه، ولا يرجع إلى أنهم من طينة غير طينة اليهود لكن لأنهم نزلوا تحت الشمس فلوّحتهم!!
يقول أوريجانوس "صارت سوداء لأنها نزلت (تحت الشمس)، لكنها حالما بدأت تطلع (نش 8: 5 – من هذه الطالعة من البرية مستندة على حبيبها) مستندة على ابن أختها (الذي جاء من نسل داود حسب الجسد) وملتصقة به، ولا تسمح بشيء يفصلها عنه، حتى صارت بيضاء وجميلة. إن سوادها يتبدد تمامًا وتضئ بأشعة النور المحيط بها. هكذا تعتذر كنيسة الأمم لبنات أورشليم (اليهود) عن سوادها قائلة: لا تحسبن يا بنات أورشليم أن السواد الظاهر على وجهي طبيعي، لكن لتفهمن أنه قد حدث بسبب تجاهل شمس العدل (البرّ) لي. فإن "شمس العدل" لم يصوب أشعته علىّ مباشرة، لأنه وجدني غير مستقيمة. أنني شعب الأمم الذي لم يتطلع إلى شمس العدل ولا وقفت أمام الرب.. فأنني إذ لم أومن في القديم اختارك الله ونلت أنت رحمة واهتم بكِ "شمس العدل"، بينما تجاهلني أنا، ولّوحني بسبب عصياني وعدم إيماني. أما الآن فإنك إذ صرتِ غير مؤمنة وعاصية، صار لي رجاء أن يتطلع (شمس العدل) إلىّ أنا فأجد رحمة".
إن هذا يوضح ما قاله الرسول بولس "إن القساوة قد حصلت جزئيًا لإسرائيل إلى أن يدخل ملء الأمم.. فأنه كما كنتم أنتم مرة لا تطيعون الله ولكن الآن رحمتم بعصيان هؤلاء" (رو 11: 25، 30) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا).. كان الأمم في القديم مثقلين بشمس التجارب، محرومين من شمس العدل (البر)، فأعطيت الفرصة لإسرائيل أن يختاروا وينعم عليهم بالرحمة. أما الآن إذ رفض اليهود المسيح شمس البر وسقطوا تحت العصيان وعدم الإيمان، تمتعت كنيسة الأمم بالمسيح شمس البرّ.. لقد زال عنها سوادها القديم بإشراق شمس البّر عليها. ولم تعد شمس الخطية تقوى عليها كما يقول المرتل "لا تحرقك الشمس بالنهار ولا القمر بالليل" (مز 121: 6).

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:21 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
بنو أمي غضبوا عليَّ. جعلوني ناطورة الكروم. أما كرمي فلم أنطره



https://st-takla.org/Gallery/var/albu...Grape-Vine.gif
"بنو أمي غضبوا عليّ. جعلوني ناطورة الكروم. أما كرمي فلم أنطره"
من هم بنو أمي.. أمي هنا تشير إلى اليهود، لأن اليهود والأمم من أم واحدة. أما بنو أمي فيشيرون إلى الرسل.. لكن كيف "غضبوا عليّ"؟.. إن هؤلاء الرسل لم يكفوا عن العمل بين الأمم الوثنية معلمين ببطلان عبادة الأوثان هادمين كل أبراج الشر وحصون التعاليم الخاطئة والمعتقدات الخرافية.. وعوض تغلغل الفساد بين الأمم، فبإيمانهم صاروا حارسين لكرم الرب وحفظة للناموس والأنبياء.. أما "كرمها الخاص" أي تعاليمها الوثنية فلا تعود تحفظها وتحرسها.

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:22 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أخبرني يا مَنْ تحبه نفسي




https://st-takla.org/Pix/Cross/www-St...y-Cross-01.jpg
"أخبرني يا من تحبه نفسي أين ترعى أين تُربض عند الظهيرة. لماذا أنا أكون كمُقَنعة عند قطعان أصحابك" (نش 1: 7).
رأينا المسيح في حديث العروس عريسًا ثم رأيناه ملك.. لكن ليس ملكًا كسائر الملوك، لكن كما يقول النبي قديمًا "قولوا بين الأمم إن الرب قد ملك على خشبة" (مز 96: 10 الترجمة القبطي).. والخشبة هي خشبة الصليب فهو ملك لكن ملكه ليس من هذا العالم..
لقد تعاملت العروس معه أولًا كالعريس وهنا إظهار للحب – ثم تعاملت معه كالملك الذي جذبها بمحبته التي أظهرها من خلال آلامه – والآن تتعامل معه كالراعي وهنا تظهر عنايته ورعايته للعروس..

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:22 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
يا من تحبه نفسي
يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص "هذا هو الاسم الذي أدعوك به (يا من تحبه نفسي)، لأن اسمك فوق كل الأشياء، وهو غير مدرك حتى بالنسبة لكل الخلائق العاقلة. هذا الاسم يعلن عن صلاحك، ويجذب نفسي إليك. كيف أقدر ألا أحبك، يا من أحببتني هكذا وأنا سوداء. فبذلت ذاتك من أجل القطيع الذي هو موضوع رعايتك" (تفسيره على النشيد).

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:23 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أين ترعى؟ أين تربض عند الظهيرة؟



"أين ترعى أين تُربِض عند الظهيرة"
عندما تستبد المخاوف بالإنسان يبحث عن الراعي الذي يرعاه ويحميه.. هذا ما فعله داود حين اشتدت عليه التجارب فقصد بيت الله وهتف بالمزمور الخالد "الرب نوري وخلاصي ممن أخاف.." (مز 27).
إن موضع الراحة بالنسبة للنفس المتعبة هو بيت الله حيث تلتقي فيه بالرب الراعي والمخلص.. ففي بيته نلنا نعمة النبوة ونغتذي على جسده ودمه الأقدسين ونستظل – لا في ظل القدير – لكن تحت صليبه.

https://st-takla.org/Pix/Jesus-Christ...hepherd-10.jpg
العروس تسأله "أين تربض" أين تستريح؟ لأنها تريد أن تستريح فيه، ويستريح هو فيها "الله المستريح في قديسيه".
لكن ماذا عن وقت الظهيرة؟
حيث تكون الشمس في قوته.. هكذا رآه يوحنا في الرؤيا "ووجهه كالشمس وهي تضئ في قوتها" (رؤ1: 16).. ولا يتمتع أحد بالشمس هكذا إلا إن كان ابن النور وابن النهار (1تس 5: 5).. إن الشمس في قوتها تشير إلى شمس البّر وهو في كمال بهائه.. إن العروس تريد أن تلتصق بالرب حبيبها وهو في ملء عظمته.
وأيضًا لماذا اللقاء وقت الظهيرة؟!
(1) كان لقاء إبراهيم بالسيد الرب ومعه ملاكين وقت الظهيرة (تك 18: 1) وفيه كان الوعد بأن يكون لسارة ابن تتبارك فيه جميع قبائل الأرض.. كان مستودع سارة ميتًا، وكان إبراهيم شيخًا متقدمًا في السن.. إن إنجاب اسحق يمثل القيامة من الموت (مستودع سارة الميت).. لقد أقام الرب من موت إبراهيم وسارة حياة. هكذا بالحب نختبر قوة القيامة فينا.
(2) وفي وقت الظهيرة التقى يوسف بأخيه الأصغر بنيامين (تك 43: 16)، وفي هذا اللقاء أنّت أحشاؤه، ودخل إلى المخدع وبكى.. إن كلمة بنيامين تعني "أبناء اليمين" هكذا في لقاء العريس والراعي كأبناء اليمين تحن أحشاؤه علينا.
(3) ووقت الظهيرة التقى الرب يسوع بشاول الطرسوسي (أع 26: 13) معلنا عن حبه، فاكتشف الراعي الحقيقي الحّي الذي لا يموت، وصار إناءً مختارًا يحمل اسم المسيح لكثيرين.
(4) وفي هذا الساعة التقى المسيح بالمرأة السامرية وما كان من أمر إيمانها هي وأهل بلدتها.
(5) ووقت الظهيرة يذكرنا بالساعة السادسة واليوم السادس حيث صلب المخلص من أجل خلاصنا والعالم كله، مدفوعًا بمحبته لجبلته الساقطة.
إن العروس في سؤالها أين ترعى أين تُربِض، تدل على أنها تريد أن تعرف الطريق لئلا تضلّ إلى طريق أخرى.. لأن في الطريق الحقيقي تتقابل النفس مع المسيح..
لماذا أنا أكون كمقنعة عند قطعان أصحابك؟
مقنعة أي محجبة تضع قناعًا وحجاب.. ويرى القديس جيروم أن هذا القناع يشير إلى "برقع الشريعة القديمة".. فالعروس إذ تلتقي براعيها عند الصليب وقت الظهيرة لا تعود تلبس قناعًا (حجابًا) لقد انشق حجاب الهيكل، وأصبحنا ننظر مجد الرب بوجه مكشوف (2كو 5: 18).. إن ذلك يشير إلى الدالة والحب.. لا نحتاج إلى برقع مثل موسى، بل ندخل إلى أسرار الله ونكون في حضرته.

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:24 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
إن لم تعرفي أيتها الجميلة بين النساء


"إن لم تعرفي أيتها الجميلة بين النساء فاخرجي على آثار الغنم، وارعي جداءك عند مساكن الرعاة"
(نش 1: 8).
هذا أول كلام للعريس في سفر النشيد.. أنه ينادي العروس بقوله "أيتها الجميلة بين النساء".. إن لها جاذبية عظمى عنده لأنه صار موضوع محبتها وإعزازها: [يا من تحبه نفسي..].. إن المحبة هي قوة الجذب الكبيرة سواء بالنسبة لله وللمؤمنين من أولاده.. إذ من لا ينجذب بل يذوب من محبة الرب له "الذي أحبني وبذل ذاته لأجلي.." وبالمثل الله "إن أعطى الإنسان كل ما له عوض المحبة تحتقر احتقارًا"، "الذي يحبني يحبه أبي، أنا أحبه وأظهر له ذاتي" (يو 14: 21).. أنها ليست جميلة بل "الجميلة بين النساء" رغم سوادها كخيام قيدار، فقد صارت من فرط نعمته جميلة كشقق سليمان "بنات كثيرات عملن فضلًا، أما أنتِ فقد فقتِ عليهن جميعًا" (أم 31: 29)..

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:26 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
فاخرجي على آثار العنم

"فاخرجي على آثار الغنم"
"إن لم تعرفي.." عبارة يرددها العريس للعروس في صيغة التوبيخ اللطيف لأنها كانت يجب أن تعرف أين يرعى وأين يُربض وقت الظهيرة!!
"فاخرجي على آثار الغنم".. يقول رب المجد "إن دخل بي أحد فيخلص. ويدخل ويخرج ويجد مرعى" (يو 10: 9).. فلا يكفي أن ندخل فقط إلى حجاله ومراعيه حيث التمتع بالحبيب وحيث الشبع والأمن والسلام، لكن علينا أن نخرج للجهاد "فلنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا" (عب 12: 1).. قد يكون الخروج مؤلما لأنه يحرم من اللذة والمتعة الروحية، لكن يكفينا أن الرب خرج سابقًا لنا أولًا، فقد سار كالشاهد الأمين في طريق الآلام تاركًا لنا مثالًا لكي نتبع خطواته "فلنخرج إذًا إليه خارج المحلة حاملين عاره" (عب 13: 13).
"على آثار الغنم".. ماذا يعني بآثار الغنم؟ إن هذه تشير إلى الآباء القديسين السابقين والمجاهدين الذين ما زالوا يسيرون مسيرة الجهاد.. هكذا يدعونا الرسول "اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله. أنظروا إلى نهاية سيرتهم وتمثلوا بإيمانهم" (عب 13: 7).. "كونوا متمثلين بي كما أنا أيضًا بالمسيح" (1كو 11: 1).. "وأنتم صرتم متمثلين بنا وبالرب" (1تي 1: 6).. "كونوا متمثلين بي معًا أيها الأخوة ولاحظوا الذين يسيرون هكذا كما نحن عندكم قدوة" (في 3: 17). وتبارك إلهنا المبارك الذي ترك لنا آثار الغنم حية باقية في كتابات الآباء القديسين وسيرهم وجهادهم وأعمالهم.
ولعل هذا يوضح لنا قيمة وأهمية الكنائس القديمة التي اتبعت التقليد القديم متمسكة بتراث الآباء "مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية" (أف 2: 20).

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:26 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
وارعي جداءك



هناك أقوال كثيرة فيمن ترمز إليهم الجداء، لكننا نعتقد أنهم إما المؤمنين اسمًا وغير الصالحين البعيدين عن الله، وإما غير المؤمنين على الإطلاق على نحو ما جاء في كلام المسيح عن الدينونة الأخيرة "يقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار" (مت 25: 33).. أنه تحذير لنا من الرب. فيجب أن نهتم بأخوتنا سواء البعيدين وغير المؤمنين.. يجب أن تتملكنا الغيرة بالنسبة للذين لم يتذوقوا حلاوة الرب "الكآبة ملكتني من أجل الخطاة الذين لم يحفظوا ناموسك" (مز 118).
أنه يقول لها "جداءك".. إن هذا يُشعر بالمسئولية وإحساسنا أن هؤلاء المعتبرين جداء هم مسئوليتنا، وعلينا أن نقدم لهم المسيح المخلص – ولو بدون كلمة – (1بط 3: 1).. إن إنجيل المسيح هو قوة الله للخلاص لكل من يؤمن (رو 1: 16).

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:28 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
عند مساكن الرعاة
والمقصود بمساكن الرعاة الكنيسة وفيها الرعاة الذين أقامهم الرب لرعاية خرافه الناطقة – أولئك الذين يكتب إليهم بطرس الرسول "ارعوا رعية الله التي بينكم نظارًا لا عن اضطرار بل بالاختيار، ولا لربح قبيح بل بنشاط. ولا كمن يستولى على ميراث الله، بل صائرين أمثلة للرعية. ومتى ظهر رئيس الرعاة تنالون إكليل المجد الذي لا يبلى" (1بط 5: 2 – 4).

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:29 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
لقد شبَّهتك يا حبيبتي بفرس في مركبات فرعون



"لقد شبهتك يا حبيبتي بفرس في مركبات فرعون"
(نش 1: 9).
عرف سليمان أن جياد الخيل لا توجد إلا في مصر، حتى أنه وجميع ملوك الحيثيين وملوك آرام كانوا يشترونها من هناك (1مل 10: 28، 29؛ 1أي 9: 25، 28).. وإذا كانت أجود الخيل هي خيول مصر، فمن غير شك كان فرعون ينتقى أفضله.. "فرس في مركبات فرعون"!! ومما لا ريب فيه فأن تلك الخيل كانت مدرّبة للسير معًا وهي تجر المركبات في توافق وانسجام تامين!! إن في هذا مغزى جميل. فمن واجبنا كمؤمنين أن ندرب أنفسنا على خدمة سيدنا وملكنا والعيشة مع أخوتنا في وفاق وانسجام "مفتكرين فكرًا واحدًا. ولكم محبة واحدة بنفس واحدة، مفتكرين شيئًا واحدًا" (في 2: 2).

https://st-takla.org/Pix/Egypt/www-St...an-Chariot.gif
لقد شُبهت الكنيسة في سفر الرؤيا بفرس أبيض والجالس عليه معه قوس وقد أُعطي إكليلًا وخرج غالبًا ولكي يغلب (رؤ 6: 2).. ودُعي الرب رب الكنيسة "الجالس على الفرس" (رؤ 19: 19، 21).
وتستخدم الخيل في اللغة للتعبير عن القوة والقدرة في المعارك الحربية. كما يشير الخيل إلي قوة الله السماوية العلوية..
وإيليا أصعد إلي السماء في مركبة نارية يجرها خيل..
وبينما كان ملك ارام يحارب ملك إسرائيل، كشف الله عن عيني جيحزي تلميذ أليشع " أبصر وإذا الجبل مملوء خيلا ومركبات نار حول أليشع" (2 مل 6: 8).
أما قوله "فرس في مركبات فرعون"، ربما ليؤكد أنه وإن صار المؤمنون كخيل للرب يحملون السمة السماوية، لكنهم في نفس الوقت "مركبات فرعون" أي يعيشون علي الأرض في مصر – رمز الغربة..
يتكلم بولس الرسول عن المؤمنين والحرب الروحية فيقول " لسنا حسب الجسد نحارب. إذ أسلخة محاربتنا ليست جسدية، بل قادرة بالله علي هدم حصون. هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله، ومستأسرين كل فكر إلي طاعة المسيح" (2كو 10: 3- 5).
والعروس تري في سفر النشيد مرارا في زي حربي، وفي صورة الجهاد. فهي "مرهبة كجيش بألوية" (نش 6 ك 4، 10)
هذه هي الحالة التي يجب أن يكون عليها المؤمن، فلا يكفي أن يعرف أنه عروس المسيح ولكن عليه أن يعرف أن يكون جنديا صالحا ليسوع المسيح، وعليه أن يجاهد تحت لواء القائد الأعلي الرب يسوع المسيح.

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:30 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
ما أجمل خديك بسموط وعنقدك بقلائد. نصنع لك سلاسل من ذهب مع جمان من فضة


" ما أجمل خديك بسموط وعنقك بقلائد. نصنع لك سلاسل من ذهب مع جمان من فضة"
(نش 1: 10، 11)
السموط هي صفوف الجواهر -والجمان هر اللؤلؤ- أي حبات من فضة كاللؤلؤ.
جمال خدي العروس وعنقها ليس طبيعيا. لأن العريس هو الذي خلعه عليها. وهذا هو الذي أكسبها جمال.. هكذا نحن الذين بالإثم حبل بنا وبالخطية ولدتنا أمهاتنا – ليس فينا جمال.. وهل كان لأعناقنا شيء من الجمال ونحن غلاظ الرقاب. لكن شكرا لإلهنا الذي ألبسنا ثياب الخلاص وكسانا رداء البر مثل عروس تتزين بحليها (إش 61: 10)، ومن أجل " زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام الله كثير الثمن" (1 بط 3: 4).

https://st-takla.org/Pix/Things-Tool-..._Gold-bars.gif
إن العريس هو الذي زين عروسه وجملها بالفضائل فلم يبق فيها أمام عينيه ما يشينها "كلك جميل يا حبيبتي ليس فيك عيبة" (نش 4: 7)..إن العريس في إعجابه بعروسه – مع أنها لا تزال في البرية – يراها كاملة في كماله هو، كما أن رفقة كانت قد ازدانت بجواهر اسحق قبل أن تصل إليه!!
إذ رأي العريس أن السموط والقلائد الذهبية قد زينت العروس وجعلتها جميلة في عينيه، قصد في نعمته الغنية أن يزينها أكثر، فكشف لها عما يخلج نفسه بقوله " نصنع لك سلاسل من ذهب مع جمان من فضة".. إنه هو الذي ابتداء فيها عملا صالحا، لابد وأن يكمل إلي يوم مجيئه..
إن رب المجد يريد أن يكون المؤمن متحليا ومزينا بالفضائل المسيحية، ناميا دائما في النعمة وفي معرفته، لأن المعرفة "هي خير من الذهب المختار وكل الجواهر لا تساويها". ولابد أن يأتي سريعا ذلك العريس المبارك -الذي من أجل حبه لنا كلل بإكليل الشوك- ويصنع بيده المباركة إكليلًا مرصعًا -لا بالجمان والفضة- بل بالمجد الذي لا يبلي ولا يتدنس ولا يضمحل!!
نلاحظ هنا كلمة "نصنع" بصيغة الجمع. إن في ذلك إشارة إلي عمل الثالوث القدوس، علي نحو ما قيل عند بدء الخليقة " نعمل الإنسان علي صورتنا كشبهنا" (تك 1: 26)..
إن في سلاسل الذهب والجمان من الفضة صورة رمزية للنعمة والبر الإلهيين.. إن الذهب يرمز إلي كل ما هو إلهي والفضة ترمز إلي الفداء (1 يط 1: 8).

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:31 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
مادام الملك في مجلسه، أفاح نارديني رائحته



" ما دام الملك في مجلسه أفاح نارديني رائحته"
(نش 1: 12).
المعني الحرفي لهذه الآية هو "مادام الملك جالسا ومتكئا علي مائدته فالناردين الذي لي تفوح رائحته الذكية".

https://st-takla.org/Pix/Jesus-Christ...f-Jesus-15.jpg
هنا نري مشهدا جديدا، إنه ليس مشهد الراعي وقطيعه، ولا هو مشهد الحرب و الجهاد. لكن الروح القدس يأتي بنا إلي الأقداس حيث "الملك جالسا علي مائدته"، وهذا يقودنا إلي الوصف الرائع لمائدة سليمان الملك.. "وكان طعام سليمان لليوم الواحد ثلاثين كر سميذ وستين كر دقيق وعشرة ثيران مسمنة وعشرين ثورا من المراعي ومئة خروف ما عدا الأيائل والظباء واليحامير والأوز المسمن".. وهذه الأطعمة الفاخرة كانت " للملك سليمان ولكل من تقدم إلي مائدة الملك سليمان" (1 مل 4: 22، 23، 27". وكان طعام مائته من بين الأمور التي أدهشت ملكة سبأ حتى لم يبق فيها روح بعد (1 مل 10: 5)..
ولكن المسيح يقول عن ذاته "وهوذا أعظم من سليمان ههنا".. إن ربنا يسوع المسيح هو الملك الحقيقي، بل ملك الملوك ورب الأرباب.. وفي أي وقت نقترب إليه ونلتف حوله كخاصته المحبوبة نجده متكئا علي مائدته مهيئا طعاما دسما لأن " أمامه شبع سرور وفي يمينه نعم إلي الأبد" (مز 16: 11).. ومع أننا نسير في غربتنا في أرض مقفرة ومكان بلا ماء، إلا أنه "يرتب قدامنا مائدة تجاه مضايقينا" (مز 23: 5) فنأكل ونشبع ونرتوي "كما من شحم ودسم وتشبع نفسي وبشفتي الابتهاج يسبحك في" (مز 63: 5).. نعم إننا إذ تتغذي نفوسنا به، تفيض في حضرته قلوبنا بأغاني الحمد والتسبيح وتنسكب عواطفنا بالسجود والتعبد له فتنتعش نفسه برائحة الناردين الخالص الكثير الثمن.
" أغني للرب في حياتي. أرنم لإلهي ما دمت موجودًا، فيلذ له نشيدي" (مز 104: 33، 34) إن كلمات العروس تذكرنا بما حدث في بيت عنيا بعد إقامة لعازر من الأموات فقد عمل للرب يسوع عشاء، وكان لعازر أحد المتكئين معه وأما مرثا فكانت كعادتها تخدم، بينما كسرت مريم قارورة طيب خالص كثير الثمن ودهنت به قدميه ومسحتهما بشعرها. ويعتبر لعازر صورة للمؤمنين الحقيقيين الذين صارت لهم شركة مع المسيح بعد أن أقيموا روحيا. ومرثا تعتبر صورة للخدام النشطين، أما مريم فتقدم صورة للقديسين الذين امتلأت قلوبهم بمحبة الرب وتكرست له ولعبادته!!!
" نارديني"!!
و مع أن العروس في ذاتها لا تملك شيئا، وليس الناردين الذي معها إلا من هباته له ومن " ثمر الروح " الساكن فيها، إلا أنها تعتبر أن هباته صارت ملكا لها!! ومع ذلك تعود وتقدمها له " لأن منك الجميع، ومن يدك أعطيناك" (1 أي 29: 14).

Mary Naeem 09 - 04 - 2014 05:32 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
صرة المر، حبيبي لي، بين ثديي يبيت




https://st-takla.org/Pix/Plants-Trees...Al-Morr-01.gif
"صرة المر، حبيبي لي، بين ثديي يبيت" (نش 1: 13) أن الوصف العريس بأنه " صرة المر " إنما يشير إلي أنه " رجل أوجاع ومختبر الحزن" (إش 53: 3).. كان الرب يسوع رجل أوجاع وآلام في حياته وفي مماته. وللمر علاقة به من بدء حياته بالجسد علي الأرض إلي خاتمها. فبعد ولادته قدم له المجوس هدايا من بينها المر. وعلي الصليب قال " أنا عطشان" فأعطوه خلا ممزوجا بمرارة.. وما أعمق التعبير " صرة المر " وكأن كل أنواع الآلام والأحزان اختبرها " مجربا في كل شيء مثلنا بلا خطية" (عب 4: 15).
و العروس وقد أدركت هذه الحقيقة، زادها ذلك تعلقا به لذا تقول عنه " صرة المر، حبيبي لي " أن أن هذا الحبيب هو حبيبها وقد امتلكته.
استخدمت عبارة " صرة المر " لأنه بحسب الشريعة كل شيء غير مربوط ومغلق يكون دنا (عدد 19: 15)، النفس التي تمس ما هو دنس تتدنس. أما الرب يسوع فليس فيه قط عيب، بل كل ما فيه طاهر ونقي. تتلامس معه النفس فتتقدس.
لم تقل " في قلبي يبيت " بل بين ثديي يبيت".. لعل هذا التعبير مأخوذ عن عادة قديمة حينما كانت الزوجة تعلق في عنقها ما يشبه السلسلة بها صورة صغيرة لزوجها الغائب علامة حبها وولائها له. وكانت هذه الصورة تستقر علي صدرها (بين ثدييها).
و للملك ثديان هما العهد القديم والعهد الجديد، بهما تتغذي الكنيسة، كذلك فإن عروسه لها ذات الثديان. فكتاب الله هو كتاب الكنيسة، يفرح الرب حين يجد كنيسته تقدم للعالم كلمته غذاء للنفوس.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 03:51 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
طاقة فاغية. حبيبي لي في كروم عين جدي




https://st-takla.org/Pix/Plants-Trees...Vector-Art.jpg
"طاقة فاغية. حبيبي لي في كروم عين جدي" (نش 1: 14)
طاقة فاغية أي عنقود حناء.. والمعني أن حبيبي لي كعنقود حناء في كروم عين جدي، (و عين جدي هي واحة علي الشاطئ الغربي للبحر الميت وتبعد 35 ميلا عن أورشليم). واستخدام الحناء للعرائس تقليد قديم وما زال شائعا بين العوام.. كانت العروس تضع الحناء في يديها طيلة الليلة السابقة لزفافها (ليلة الحنا، الحنة) فتصير يدها حمراء.
إن كان العريس وهو الملك يمسك بصليبه كصولجان ملكه، فإن العروس تمسك بعريسها في يدها وتطبق عليه فترتسم علامة ملكه عليه.. إنها تحمل اللون الأحمر، لون الدم.. إنها لن تكون له إلا إذا حملت علامات الصليب وتصير حمراء كعريسها.. إن هذا هو سر قوتها بل هو سر جمالها في نظر عريسها.
إن كان حبيبها لها كصرة المر وبين ثدييها يبيت، فهو أيضا حبيبها الذي لها كعنقود الحناء.. وما أجمل هذا الزهر فإن رائحته الذكية تنتشر فيعطر الهواء برائحته. وكم هو جميل أن تري العروس حاملة علي يديها " طاقة فارغة".. إن هذا رمزا للشهادة للرب، تعلن اسمه للجميع لا بالكلام فقط بي بإظهار صفاته في حياتها.
يقول البعض إن " صرة المر " تشير إلي الآم المسيح وموته، و" طاقة فاغية " تشير إلي المسيح القائم من بين الأموات.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 03:52 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
ها أنت جميلة يا حبيبتي، ها أنتِ جميلة. عيناكِ حمامتان



"ها أنت جميلة يا حبيبتي، ها أنت جميلة. عيناك حمامتان"
(نش 1: 15).
يري السيد المسيح في كنسيته جمالا سره يكمن في العينين الحمامتين بعد أن حل عليها الروح القدس الذي يظهر علي شكل حمامة، ووهبها استنارة داخلية.. ولماذا العينان حمامتان؟ لأنهما ينظران ويدركان بطريقة روحية.. إن العينين هنا يشيران إلي عيني القلب وليس إلي العينين الجسديتين.. وتشير العينان الحمامتان إلي النفس البسيطة التي سرعان ما تعترف بخطيتها، وتأتي إلي الرب في توبة صادقة كقول حزقيال النبي " يكومون كالحمام يهدرون كل واحد علي اثمه" (حز 7: 16)..

https://st-takla.org/Pix/Animals-Bird..._Pigeon-01.gif
والعينان البسيطتان تشيران إلي بساطة القلب في التعامل مع الاخرين كما يقول الرب " كونوا بسطاء كالحمام"..
يقول أغسطينوس " لاحظ كيف يحفظ الحمام حياة الحب، فإنه حتى إن تنازع، ففي بساطة لا يفترقون عن بعضهم البعض "
يقول القديس أنبروسيوس إن السيد المسيح يري كنيسته دائما كحمامة، إذ يراها في المعمودية تلبس الثوب الأبيض الذي بلا دنس، تحطم كل ظلمة في المياه وتصير عيناها حمامتين لأن الروح القدس ينزل من السماء علي شكل حمامة.
وإذ تصير عينا المؤمن في المعمودية كحمامتين، إنما تصير حياته كلها كحمامة، لأنه " إن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا. وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلما" (مت 6: 22، 23).. هكذا يستنير الجسد كله.
ثم هناك أمر هام في هذه الآية: أليس عجيبا أن يتغني العريس بجمال عروسه التي شهدت بأنها سوداء؟! ويقول لها " ها أنت جميلة يا حبيبتي، ها أنت جميلة". فمن أين أتاها هذا الجمال؟ هل ورثته عن أبويها " هأنذا بالإثم حبل بي وبالخطية ولدتني أمي".. أهو جمال طبيعي " كل الرأس مريض والقلب سقيم. من أسفل القدم إلي الرأس ليس فيه صحة بل جرح وإحباط وضربة طرية لم تعصر ولم تعصب ولم تلين بالزيت" (إش 1: 5،6).."فإني أعلم أنه ليس ساكن في أي في جسدي شيء صالح" (رو 7: 18).. إذن كيف يراها العريس جميلة؟
إنه يراها جميلة في شخصه، فلقد مات لأجلها وحمل خطاياها في جسده علي الخشبة ودمه طهرها " أحب المسيح أيضا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها مطهرا إياها بغسل الماء بالكلمة لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن وشيء من ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب" (أف 5: 25 – 27). والمسيح له المجد لأنه أحبنا وقد صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا لا يمكن أن يري فينا شيئا من صورتنا القديمة " الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدا" (2 كو 5: 17).
ثم غنه لا يقول لها ستكونين جميلة في المجد، ولكن ها أنت جميلة من الآن. صحيح إننا كنا أمواتا بالذنوب والخطايا التي سلكنا فيها قبلا، ولكن الله الغني في الرحمة أحيانا مع المسيح وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع (أف 2: 5، 6).. " لأنكم قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله" (كو 3: 3).. هذه هي الحالة التي صرنا فيها الآن أمام الله وبنعمته.. واضح إذن أن العروس أصبحت جميلة في عيني عريسها علي أساس عمله المبارك.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 03:53 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
ها أنت جميل يا حبيبي وحلو





https://st-takla.org/Pix/Jesus-Christ...f-Jesus-23.jpg
" ها أنت جميل يا حبيبي وحلو وسريرنا أخضر" (نش 1: 16)
في الآية السابقة سمعنا العريس الملك يقول " ها أنت جميلة يا حبيبتي، ها أنت جميلة " وهنا العروس لا تجد أفضل من كلمات عريسها تخاطبه بها فتقول له " ها أنت جميل يا حبيبي وحلو".. إن محبتنا مهما سمت وزادت عمقا فهي صدي لمحبته هو " نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولا".. إن هذه نتيجة حتمية للشركة العميقة بين العروس وعريسها " فلما رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا ووجدوا أنهما إنسانان عديما العلم وعاميان تعجبوا فعرفوهما أنهما كانا مع يسوع" (أع 4: 13).
إن كلمات العروس لم تستمدها من أي مصدر بل مصدرها الشركة الشخصية العميقة مع العريس. فالنفس التي تعرفت علي الرب تهتف قائلة " ها أنت جميل يا حبيبي وحلو".. "أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالًا مِنْ بَنِي الْبَشَرِ".. وفرق بين معرفة السماع ومعرفة الاختبار. ولكن النفس التي لم تتعرف عليه لا تجد فيه جمالا ولا حلاوة.. لقد كانت خيمة الاجتماع رمزا لربنا يسوع المسيح.. الكلمة الذي صار جسدا وحل بيننا.. فكل من دخل الخيمة ورأي محتوياتها من الداخل لا يسعه إلا أن يهتف "مساكنك محبوبة يا رب إله القوات".." واحدة سألت الرب وإياها ألتمس أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي لكي أعاين جمال الرب وأتفرس في هيكله المقدس " (مز 27). وأما من مر علي الخيمة من الخارج فلا يري فيها سوي جلود الكباش المحمرة وشعر المعزي وجلود التيس التي لا جمال لها أمثال هؤلاء يروا الرب " لا صورة له ولا جمال فننظر إليه ولا منظر فنشتهيه" (إش 53).. هذا كان لسان حال اليهود " أليس هذا هو ابن النجار " إنه ببلعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين.. إلخ

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 03:53 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
وسريرنا أخضر

ما هذا السرير الذي ينسب للعريس والعروس (سريرنا)، إلا الجسد الذي تستريح فيه النفس ويسكن الرب فيه وصار هيكلا مقدسا له.. فيه يلتقي الرب بالنفس البشرية وتنعم بالشركة معه، لذا دعي " أخضر " أي مثمر يانع.
ولم يقل "سريري" بل "سريرنا" فإن جسدها لم يعد ملكا لها بل ملك العريس – لذا دعا الرسول أجسادنا أعضاء المسيح (1كو 6: 15). إن أجسادنا تحمل انعكاسا للوحدة الداخلية بين الكلمة الإلهي والنفس.
و السرير الأخضر يرمز إلي "سر التجسد"، فالكلمة أخذ جسدا وكل ما لنا.. أخذ بشريتنا وحملنا فيها. هكذا نتطلع إلي جسده كسرير لنا نستريح فيه، ونري اتحادنا معه فيه!!

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 03:54 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
جوائز بيتنا أرز وروافدنا سرو




https://st-takla.org/Pix/Plants-Trees...rus-Libani.jpg
" جوائز بيتنا أرز وروافدنا سرو"
(نش 1: 17)
جوائز أي عوارض، والروافد هي الأسقف المائلة.
يري العلامة أوريجينوس أن الروافد أي الأسقف المائلة التي فوق المنزل والتي تحميه من حرارة الشمس والعواصف والأمطار إنما هم الأساقفة الذين يعملون بروح المسيح للحفاظ علي المؤمنين.. أما الجوائز أي العوارض التي خلالها يتماسك البيت كله فهم المهنة الذين يخدمون لبنيان أولاد الله.
بماذا يمتاز شجر السرو؟
تمتاز شجرة السرو بقوتها بقوتها العظيمة ورائحتها الجميلة (الأسقف يجب أن تتوفر فيه ناحيتان التقوى والسلوك الروحي والقدرة علي التعليم ونشر رائحة المسيح الذكية.. أي يخدم بحياته وتعليمه).. كما يمتاز بالعلو الشاهق إشارة إلي قلب الأسقف وعقله المرتفع إلي السمويات. وخشب الأرز المشبه الكهنة.. يمتاز باستقامته ورائحته الطيبة.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 03:55 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أنا نرجس شارون، سوسنة الأودية



في الأصحاح الأول رأينا العروس تجري وراء العريس " اجذبني وراءك فنجري" (1:4)، وتتبعه " أن لم تعرفي.. فاخرجي علي اثار الغنم" (1: 8)، وجالسة في محضره (1: 12 – 14)..
في الأصحاح السابق رأينا المسيح كعريس تمدح حبه، ورأيناه كالراعي الصالح، ثم الملك.. والان في هذا الاصحاح تجلس معه تناجيه بعيدة عن أي كلفة..

https://st-takla.org/Pix/Plants-Trees...-Sharon-01.jpg
" أنا نرجس شارون rose of Sharon، سوسنة الأودية" (2: 1)
النرجس زهر أبيض له رائحة ذكية، ينبت بين الصخور وشقوق الجبال الشامخة، والسوسنة هي الزنبقة، وشارون سهل في اليهودية، وهي منطقة خصبة جدا متوفرة المياه، لكنها لا تزرع لضيقها، فكان يستخدم هذا السهل كطريق بين مصر وسوريا.
و النرجس بالصورة السابقة يظهر دون أن يزرعه أحد.
بعض الناس يظنون أن المتكلم هنا هي العروس، لكننا نرجح أنه العريس الملك.
إنه يليق بالرب أن يشبه بالنرجس فهو يظهر دون أن يزرعه ويفلحه احد، هكذا المسيح ظهر في أرضنا دون أن يشترك أحد في تجسده " من الروح القدس ومن العذراء مريم".
لذلك فإن المن الذي كان ينزله الله من السماء في العهد القديم (خر 16: 4). كان رمزا للمسيح لأنه لم يشترك أحد في إعداده " أنا هو الخبز الذي نزل من السماء إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلي الأبد" (يو 6: 51) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا).
وهو سوسنة الأودية.. السوسنة تصعد مستقيمة إلي أعلا, وزهرتها في القمة بعيدة عن الأرض. وهذا يليق بالرب الذي جاء إلي أوديتنا القاحلة، حتى يرتفع بنا إلي فوق ويكون هو الزهرة السماوية.
و السيد المسيح هو زهرة الشعب اليهودي وهو سوسنة الشعوب الأممية، إنه مسيح العالم كله: اليهود والأمم.. ويري القديس جيروم أن سوسنة البرية والأودية هي رمز للمسيح الذي نبت في عصا هارون، الزهرة التي نبتت في القديسة مريم، التي وإن كانت في ذاتها لا تحمل حياة لكنها حملت الحياة ذاته.
و يقول أمبروسيوس "مريم هي العصا والمسيح هو الزهرة.. زهرة مريم التي تنتشر بها رائحة الإيمان الذكية في العالم كله، إذ ظهر كبرعم في الحشاء البتول".
و الزهرة تحتفظ برائحتها حتى إذا سحقت، بل إن عبيرها يزداد، هكذا أيضا المسيح بآلام الصليب زادت رائحة بره وإذ طعن بالحربة وسال منه الدم صار أكثر جمالا.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 03:56 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
كالسوسنة بين الشوك، كذلك حبيبي بين البنات




https://st-takla.org/Pix/Plants-Trees...__Lilly-01.jpg
"كالسوسنة lily بين الشوك، كذلك حبيبتي بين البنات" (2: 2)
إذ صار المسيح كسوسنة الأودية، كان ينبغي أن تصبح عروسه سوسنة مثله لكن بين الشوك "مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكرا بين أخوة كثيرين"..
وإذا كنا قلنا إن السوسنة تصعد مستقيمة إلي أعلا، فالنفس التي تتبعه يجب أن ترتفع إلي فوق حيث المسي..
إنها سوسنة بين الشوك، أي العالم وكل همومه، لكنه يصعد بها فوق هموم الحياة كلها.
لقد شبه المسيح المؤمن بالسوسنة أي الزنبقة الذي ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منه..
إن المسيح حينما يقول للنفس "كالسوسنة بين الشوك"، إنما هو لفت نزرها لحقيقة ذاتها وسط العالم، وهو تحذير لها من الأشواك..
"في العالم سيكون لكم ضيق". والسوسنة بين الشوك صورة للكنيسة وسط العال والهرطقات..
والسوسنة وسط الشوك تجسيد لمثل الزوان والحنطة!!!

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 03:57 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
كالتفاح بين شجر الوعر، كذلك حبيبي بين البنين




https://st-takla.org/Pix/Plants-Trees...e-Apple-01.jpg
"كالتفاح بين شجر الوعر، كذلك حبيبي بين البنين. تحت ظله اشتهيت أن أجلس وثمرته حلوة لحلقي"
(2:3).
هنا تتكلم العروس.. إن كانت العروس تعيش وسط الشوك " كالسوسنة بين الشوك " ولا تستطيع أن تصل إليه فهو يتنازل ويأتي إليها، ويصير كشجرة التفاح وهي رمز للتجسد الإلهي.. لقد حل بيننا.
نحن شجر الوعر الذي بلا ثمر وصار كواحد منا، لكن ليس بلا ثمر مثلنا، بل كشجرة التفاح الجميلة المنظر.. " حبيبي ": ليس لها سوي حبيب واحد " من لي في السماء ومعك لا أريد شيئا في الأرض".
إن الشوك الذي نعيش فيه هو أثر الخطية " شوكًا وحسكًا تنبت لك".

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 03:59 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
تحت ظله اشتهيت أن أجلس




https://st-takla.org/Pix/People-Chris...-Desert-01.gif
كان الشعب قديما يجلس في ظلال الموت " الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور" (إش 9: 2 – أنظر متى 4: 16).. وتمني داود أن يبيت في " ظل القدير" (مز 91: 1).
ما أكبر الفرق بين شهوة المؤمنين الأتقياء وشهوات غير المؤمنين. يقول الحكيم " شهوة الأبرار خير فقط.. أما نفس الشرير فتشتهي الشر" (أم 11: 32، 21:10).
طوبي للنفس التي تشتهي أن تتمتع بالرب وبالوجود قربه وتحت ظله "إلي اسمك وإلي ذكرك شهوة النفس. بنفسي اشتهيتك" (سفر إشعياء 26: 8، 9).
وهنا العروس تشتهي أن تجلس تحت ظله.. وطلب داود " بظل جناحيك استرني " (مز 17:8).." ارحمني يا الله ارحمني لأنه عليك توكلت نفسي وبظل جناحيك أعتصم إلي أن يعبر الإثم" (مز 57:1).. "يا الله إلهي إليك أبكر.. ذكرتك علي فراشي وفي أوقات الأسحار كنت أرتل لك. لأنك صرت لي معينا. وبظل جناحيك أبتهج" (مز 63).
الظل مريح ويتسابق إليه الناس، فكم وكم إذا كان هذا الظل هو ظل الله..!!

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:01 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
وثمرته حلوة لحلقي




https://st-takla.org/Pix/Plants-Trees...te-Stripes.jpg
ماذا تفعل النفس في الظل.. إن الله يطعمها.. هذا اختبار الصلاة وأوقات الصلاة، وأوقات الجلوس أمام كلمة الله.. فترات المثول ين يدي الله المليئة بالتعزيات.
القديسة مريم تمثل أعضاء الكنيسة جلست تحت ظل العلي خلال التجسد الإلهي كقول الملاك لها " الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك. فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعي ابن الله" (لو 1: 35). بهذا صار للمؤمن أن يجلس تحت ظل الرب ويأكل ثمرته الحلوة بعد أن تمرمر لسانه بسب الخطية.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:02 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أدخلني إلى بيت الخمر. وعلمه فوقي محبة. أسندوني بأقراص الزبيب. أنعشوني بالتفاح، فإني مريضة حبًا


بيت الخمر أي بيت الوليمة والحكمة.. يقول أوريجانوس "أما الخمر الذي يستخرج من الكرمة الحقيقية السيد المسيح فهو جديد علي الدوام، به يتجدد فهم المتعلمين للمعرفة الروحية والحكمة علي الدوام. لهذا قال يسوع لتلاميذه. سأشرب هذا الخمر معكم جديدا في ملكوت أبي (مت 26:29)، لأن فهم الخفيات وإعلان الأسرار يتجدد علي الدوام خلال حكمة الله. وذلك ليس فقط بالنسبة للبشر بل وأيضا بالنسبة للملائكة والقوات السمائية".. فالرب يدخل بالنفس المؤمنة إلي بيت محبته ويكشف لها أسرار حكمته الجديدة كل يوم، تتفهم المحبة كعلامة نصرة حبيبها وعريسها، فتقيم علم النصرة فوقها، قائلة " علمه فوقي محبة". لقد ملك عليها تماما بالحب.. إن هذا العلم المرفوع يلفت كل الأنظار إلي المحبة.. إنها مرتبطة بالملك بواسطة المحبة.
هناك تقول العروس " أسندوني بأقراص الزبيب، أنعشوني بالتفاح لأني مريضة حبا (مجروحة حبا)".. وذلك بعد أن دخلت بيت المحبة الإلهية، وتسلمت من الله تدبير الحب، إنها تعلن أنها مريضة بمرض اسمه الحب!! وهذا المرض دواءه الحب ومزيدا من الحب..
و المعني أن النفس داخل الكنيسة التي هي بيت المحبة تطلب من خدام المسيح أن يسندوها بأقراص الزبيب والتفاح التي هي التعاليم الإلهية المعزية التي تسكب وتضرم حب المسيح في الداخل.. إنها تطلب التفاح الذي هو رمز للتجسد الإلهي أي تطلب الجسد المقدس فهو سر انتعاشها الروحي.. إنه وحده يقدر أن يشبع القلب حبا.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:04 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
شماله تحت رأسي، و يمينه تعانقني




https://st-takla.org/Pix/Saints/The-T...tic-Icon-2.jpg
قالت العروس "إني مريضة حبا".. إن مرض الحب قد يحدث إعياء بسب فرط السعادة. هذا ما اختبره القديسون عندما بلغوا حد الإحساس الكامل بحضور الرب معهم. إن أفراح حضور الرب تفوق طاقة احتمال الإنسان الترابي. والإناء الخزفي ليست به قدرة طبيعية لاحتواء الرب ومجده، ومن ثم نحتاج إلي قوة من الرب لكي نستأهل للتمتع بحضوره المجيد.. هذا ما حدا بالعروس أنها من فرط سرورها شرعت تنادي من حولها ليساعدوها ويسندوه.. فاستجاب حبيبها نفسه لندائها واضعا ذراعه الحنونة حولها رافعا رأسها بيده.. إنها في حضنه تماما.
عندما كان يوحنا الحبيب أسيرًا منفيًا في جزيرة بطمس، ورأي الرب في جلاله سقط عند رجليه كميت فوضع يده اليمني عليه (رؤ 1: 17).. تلك هي اليد التي رآها يوحنا نفسه مثقوبة ومسمرة فوق الصليب، ورآها بعد ذلك مرفوعة بالبركة وقت صعوده إلي السماء. وإذ وضع يمينه عليه ملأ قلبه سلاما وبدد كل مخاوفه.. لقد اختبر يوحنا.. وهو التلميذ الذي كان يسوع يحبه.. اختبر قول العروس في النشيد " شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني "، حينما اتكأ وقت العشاء الأخير في حضن يسوع وعلي صدره (يو 13: 23 – 25). ونشكر الله أن له حتى الآن مكانا في حضنه لكل واحد ممن يجبونه.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:05 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أحلفكن يا بنات أورشليم بالظباء وبأيائل الحقول ألا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى يشاء




https://st-takla.org/Pix/Animals-Bird...le-Rhim-01.jpg
"احلفكن يا بنات أورشليم بالظباء وبأيائل الحقول ألا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى يشاء" (2:7)
تتكرر هذه العبارة في سفر النشيد ثلاث مرات (2: 7، 3: 5, 8: 3)
إن العروس بعد أن وجدت حبيبها قريبًا منها في حضنها بدأت تحرص ألا تدع شيئًا يقطع ويعكر صفو هذه الشركة الحلوة. وهنا نجد العروس تناشد المؤمنين الذين حولها – وكأنها تناشد نفسها – ألا يقلقوا حبيبه.. وكل من اختبر حلاوة الشركة مع المسيح وذاق مشاعر محبته لا يمكن إلا أن يرغب في استمرار هذه الافتقادات الإلهية المجيدة كما اشتهى بطرس ذلك فوق جبل التجلي "جيد يا رب أن نكون ههنا" (مت 17:4). لكن الرب في الوقت الذي يراه سيرفع هذه الافتقادات الإلهية والتعزيات (لا يمكن أن تستمر هذه التعزيات إلى ما لانهاية) – حكمة الله في ذلك..
وإذا كان هذا فيما يختص بالنفس البشرية غي علاقتها الودية مع الله إلا أنها تصور الكنيسة الأم التي تطلب من أبنائها "بنات أورشليم" أن يبقين في الأحضان الإلهية، ولا يزعجن الرب المستريح في قلوبهم بفعل الشر والخطية.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:06 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
صوت حبيبي

"صوت حبيبي, هوذا آتٍ ظافرًا على الجبال قافزًا على التلال. حبيبي هو شبيه بالظبي وبغُفْر الأيائل (الغزلان الصغيرة). هوذا واقف وراء حائطنا من الكوى يوصوص من الشبابيك (أي يظهر ذاته من خلف الشبابيك والستائر)" (2: 8، 9).
"صوت حبيبي".. إن ما يميز خراف المسيح عمن ليسوا من خرافة هو أنها "تعرف صوته" (يو10 :4)، ومن ثم تتبعه (يو10: 27)، وأما الغريب فلا تتبعه بل تهرب منه لأنها لا تعرف صوت الغرباء (يو10: 5).. وبمجرد أن تسمع العروس صوت عريسها تمتلئ فرحًا وتهتف "صوت حبيبي".. حقًا ما أغبط النفس التي تجلس عن قدميه لتسمع كلامه..
عندما ظهر الرب القائم من بين الأموات لمريم المجدلية التي كانت واقفة عن القبر تبكي،، قال لها "يا مريم" عرفته وعرفت صوته وقالت له "ربوني".. كذلك عندما أظهر ذاته لبعض تلاميذه عن بحر طبرية وتحدث إليهم قال يوحنا حبيب الرب "هو الرب" فما أحوجنا إلى شركة أعمق حتى تكون لنا (الحواس مدربة) على الإصغاء إلى صوت الحبيب، فبقدر ما تزداد شركة خاصته معه ومحبتها له تستطيع أن تقول بحق "صوت حبيبي".


الساعة الآن 02:20 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025