![]() |
موسوعه كاملة عن كل ما يخص الرهبنه
كيف يعرف الأنسان أنة مدعو للرهبنة أو للتكريس ؟ لكى مانجاوب على مثل هذا السؤال : * 1- أن تجد فى نفسها أستعدادآ للزهد وعدم التعلق بالأموال والمناصب والمراكز والصيت والشهرة متذكرة قول القديس ( إن أردت أن تكون معروفآ من الله فحاول أن لا تكون معروفآ من الناس ) . * 2- وأن تجد فى نفسها أستعدادآ للزهد فى التعلق العاطفى وروابط اللحم والدم مع الأهل والأقارب والأصدقاء مفضلة محبة المسيح والعيشة معة عن كل ماعداها متذكرة قول الرب ( من أحب أبا أو أما أكثر منى فلا يستحقنى و من أحب أبنا أو أبنة أكثر منى فلا يستحقنى ) (مت 10 : 37 ) وقول الشيخ الروحانى ( محبة المسيح غربتنى عن البشر والبشريات ) . * 3- أن تجد فى نفسها أستعدادا ومحبة للتأمل والصلاة والخلوة والهدوء ، لتتمتع بالرب يسوع فى حب وأنطلاق ، معتبرة أن أحسن وقت هو الذى تقضية فى شركة ومناجاة حلوة مع حبيبها الرب يسوع الذى يملأ عليها كل حياتها متذكرة قول مار أسحق ( من يحب المسيح يحب الحبس والجلوس فى القلاية ) . * 4 - أن تجد فى نفسها إستعدادا وحبا للصمت والهدوء وقلة الحركة بدون داعى وعدم الخلطة الكثيرة مع الناس وتضيع الوقت فى الكلام والحكايات غير النافعة . * 5- أن تجد فى نفسها استعدادا للأ حتمال والصبر وسعة الصدر ، وفى العالم تنفذ وصية المحبة الخادمة الباذلة ، متذكرة قول الرب ( من اضاع حياتة من أجلى يجدها . ( مت 10 : 38 ) وقولة أيضآ ( بصبركم أقتنوا أنفسكم ) ( لو 21 : 19 ) . وقول الحكيم ( يأبنى أن تقدمت لخدمة الرب فهىء نفسك للتجارب ) . * 6- أن تجد فى نفسها إستعدادآ لطاعة فى كل أمر والمشورة قبل كل عمل وسرعة الأعتذار اذا وقعت فى أى خطأ وأن تتحلى بالتواضع . * 7- أن تجد فى نفسها أستعدادا للنسك والصوم وعدم التلذذ بالمأكل والمشارب ، محبة للتقشف وعدم القنية ولسان حالها يقول مع الرسول بولس : ( ان كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما ) ( 1تى 6 : 8 ) . |
البعد الروحى فى حياة المكرسة المكرسة هى عذراء متفرغة للخدمة ، مكرسة فكرآ و جسدآ و وقتآ و خدمة ، مخصصة لربنا فى كل شئ . و حينما نتكلم عن البعد الروحى فى حياة المكرسة ، نبدأ بالتوبة لأنها هى الأساس كما قال معلمنا بولس الرسول ( لنتقدم إلى الكمال غير واضعين أيضآ أساس التوبة من الأعمال الميتة والإيمان بالله ) ( عب 6 :1 ) . فالتوبة هى خلع الخطايا من الداخل و التخلص منها بالجهاد و النعمة ، فكثيرآ ما تحارب المكرسة بأنها قد تخطت مرحلة التوبة ، و هذا ليس صحيحآ ! و علاج هذا أن نحاسب أنفسنا فى حضرة ربنا يسوع المسيح ، لأننا بدون الإحساس بحضرته سنحزن من أجل خطايانا ، و نبتلع من الحزن و نيأس ، فالتكريس هو طريق خلاص ، و ليس طريق تميز عن باقى الناس ، هو طريق خلاص يحتاج أن نسير فيه بخوف و إنكسار ، و نقدم لله توبة دائمة ، و محاسبة للنفس . كقول قداسة البابا شنودة * حاسب نفسك بعد أن تخطئ ، و أجمل من ذلك حاسب نفسك قبل أن تخطئ *... ثم بعد لابد للمكرسة أن تحرص على الأتصال المستمر بالله ، و تذكر نفسها بأستمرار بصلاة يسوع لأنها تدريب قبطى قديم ، كان العظيم القديس أنبا أنطونيوس يوصى به أولاده ، إذ كان يقول لكل راهب **صلى قائلآ يا ربى يسوع المسيح ارحمنى ، يا ربى يسوع المسيح أعنى ، أنا اسبحك يا ربى يسوع المسيح ** فهو تدريب مأخوذ من صلاة العشار ، هذه الصلاة السهمية تنتقل من اللسان إلى الفكر . و من الفكر إلى القلب . ثم تخزن فى داخل القلب ، و هذه الصلاة إنذار فى لحظات الخطأ ~~~ و سند للمكرسة فى لحظات الجفاف.... فتكريس القلب بالكامل للسيد المسيح مهم جدآ فى حياة المكرسة ، و معلمنا بولس الرسول يقول ( إن غير المتزوج يهتم فيما للرب كيف يرضى الرب ) ( 1 كو 7 : 32 ) فالمكرسة لديها فرصةغير متاحة للمتزوجين فهم لديهم أرتباطات و مسئوليات ... لكن المتبتلة المسيح هو عريس نفسها ، فإن لم تقترن النفس المكرسة بالمسيح ، ستبحث عن تعزيات أخرى . كما قال أحد الآباء * يا إبن الملك لماذا تشحذ كسرة خبز * فالذى دخل إلى خدمة التكريس بدون الإقتران بالمسيح ، لن يجد تعزية ، لا فى الخدمة و لا فى الناس من حولها ، لذلك يجب أن يكون السيد المسيح هو الكل فى حياة المكرسة ، * و لابد أن أنحل من الكل و أرتبط بالواحد و هذا هو جوهر البتولية * |
الرهبنة و التكريس من الكتاب المقدس إن كان الكتاب المقدس لم يذكر صراحة كلمة ( رهبنة ) ذلك لأن الفكرة لم تكن تبلورت بالمعنى المفهوم حاليآ ، لكن الكتاب المقدس قدم لنا بعض الأبطال الذين قدموا حياتهم كلها كذبيحة حية مرضية على مذبح العبادة و النسك ، أحبوا الصلاة و حولوها إلى حياة ، عشقوا حياة الهدوء و السكون و حياة الألتصاق بالله ، كما عاشوا بالبتولية و الطهارة كل أيام حياتهم ، و هذه الفضائل هى من أهم مقومات الرهبنة و التكريس و أركانهما الأساسية ..... و إذا أخذنا أمثلة من العهد االقديم و العهد الجديد نجد الكثير ، و لكن نأخذ أولآ مثال و هى أم العذارى *القد يسة الطاهرة مريم العذراء * الحمامة الحسنة الهادئة اليمامة النقية الطاهرة ، فيخبرنا تاريخ حياتها أن والديها قدماها إلى الهيكل عندما أصبح سنها ثلاث سنوات ، و مكثت بالهيكل عابدة بأصوام و صلوات فى وداعة و هدوء ، و ظلت هكذا إلى أن أصبح سنها أثنتى عشرة سنة ، فسلمها الكهنة الى يوسف النجار كخطيبة له ، و ظلت العذراء مريم فى بيت يوسف النجار الفقير بتولآ طاهرة هادئة عابدة الى أن بشرها الملاك بميلاد مخلص العالم منها ، و نلاحظ فى الصور و الأيقونات التى تمثل لحظة البشارة أن القيسة مريم كانت واقفى تصلى ، كانت فى وضع صلاة حين دخل إليها الملاك و بادرها بالتحية العجيبة قائلآ ( السلام لك أيتها الممتلة نعمة ، الرب معك ، مباركة أنت فى النساء ) ( لو : 1 : 28 ) و التسبحة التى قالتها العذراء فى بيت زكريا الكاهن خير دليل على روح الصلاة و العبادة و الأتحاد بالله التى كانت تتمتع به ، و حينما لدت العذراء طفلها الإلهى العجيب . لم يحل ميلاده بتوليتها ، كما تقول قسمة الميلاد ( ولدته و هى عذراء و بتوليتها مختومة ) و ذلك تقديرآ من الرب للبتولية ، و ظلت محتفظة بصمتها و هدوئها ، مصلية شاكرة الرب و يخبرنا عنها الكتاب المقدس ( و كانت أمه تحفظ جميع هذه الأمور متفكرة بها فى قلبها ) ( لو 2 : 52 ) ... فكانت تعيش مع الرب حوادثه متألمة ، و كانت وقتها كله تستغرقه فى لذة تأمل و متابعة أحداث الخلاص المجيد، و لم يبق لديها وقت تتكلم فيه أو تحدث الناس عن نفسها ، و حتى بعد صلب المخلص و قيامته من الأموات و صعوده إلى السموات و حلول الروح القدس عليها و على بقية التلاميذ للكرازة و التبشير، أما هى فبقيت فى بيت يوحنا هادئة عابدة مصلية متأملة إلى أن تنيحت بسلام و أنتقلت إلى الأمجاد السماوية ..... هكذا كانت حياة القد يسة العذراء مريم ... و لنا فى المرات القادمة أمثلة أخرى من العهد الجديد |
العفة وحياة التكريس * العفة * فى التكريس تقوم على محبة المسيح ، و هذه المحبة هى سر القدرة على حياة البذل و التضحية و العطاء . شخص المسيح هو حجر الزاوية فى حياة العفة ، فلا يمكن أن تقوم عفة بدون محبة خالصة للرب ، فالسيد المسيح هو الذى يلهب القلب بمحبة العفة ، فالعفة هى عمل من صميم أعمال الروح القدس فى حياة الإنسان الذى يريد أن يعيش مع المسيح و يلتصق به و يعرفه معرفة أختبارية . و تقول إحدى القسم عن السيد المسيح أنه ( معلم الطهارة .. مؤسس الدهور قابل الصلوات النقبة ) فالتكريس كطريق عظيم للخلاص تضم فى رحابها البتولين الذين لم يتزوجوا قط و إكتفوا بالمسيح عريسآ لنفوسهم ، و قدموا له بتوليتهم ذبيحة حب على مذبح الطهارة و التكريس و ذلك حسب وصية معلمنا بولس الرسول ( انى أريد أن يكون الجميع كما أنا ) * بتوليين * و قوله ( غير المتزوج يهتم فيما للرب كيف يرضى الرب ) ( 1 كو 7 ) . فالذين أرادوا حياة التكريس هم الذين احتوى حب المسيح حياتهم و انشغلوا به عن ذواتهم ، فصار الجلوس عند قدمية موضوع سرورهم ،و مشاركتهم عمله مصدر فرحهم و نبع النمو فيهم ، فالبتولية التصاق بالرب من كل القلب و تفرغ للسيد و انسكاب على حبه فى فرح و بذل كاملين ، فحياة المكرسة شعلة من الحب نحو الله . من أجل هذا يقولون عن البتوليين اللاتى غلبن شهواتهن و انتصروا فى جهادهم ضد ميول الجسد أنهم ملائكة أرضيون و بشر سمائيون .... و هناك بعض اقوال الآباء فى العفة و البتولية * فيقول القديس موسى الأسود ( الذى يتهاون بعفة جسده يخجل فى صلاته ) .. و يقول القديس غريغوريوس الثيئولوغوس ( هذه الأشياء الثلاثة يطلبها الله من كل إنسان من بنى المعمودية و هى : ايمان مستقيم من كل القلب . و صدق اللسان . و طهر الجسد و عفته ) و هكذا يضع القديس طهارة الجسد وعفته فى صف و أهمية الإيمان |
تكريس القلب
القلب هو باطن الإنسان ، أو ما يسمى ( بالداخل ) و إذ لابد أن يتكرس القلب بالكامل . قال السيد المسيح فى الوصية ( تحب الرب إلهك من كل قلبك ) ( مت 22 : 37 ) و القلب المكرس فى حياة المكرسة بالذات لا مكان فيه سوى الله و هذا لا يأتى إلا بحياة السهر و الجهاد ، لكى لا يضيع هذا الأمر وسط مشاغل الخدمة و الأنشغال بالأخرين ، و الحفاظ على تكريس القلب يأتى بالصلاة المستمرة و السهر ، فلا نترك فرصة لعدو الخير لأن يلقى زوانه فى حقل قلوبنا مكتوب ( فوق كل تحفظ احفظ قلبك ، لأن منه مخارج الحياة ) ( أمثال 4 : 23 ) . ليكن السيد هو وحده فى هيكله يطهر و يجلس و يملك إلى الأبد . قال القديس أغسطينوس مناجيآ * أنت ينبوع بهجه قلبى ، لتمتلكة يا رب و تسكن فيه .. اعترف لك أن مسكن قلبى ضيق .. اجعله أكثر اتساعآ .. أصلحه أنت يا رب بحكمتك *. فالمكرسة لها علاقة حب وثيقة مع عريسها السماوى فابالعاطفة تعرفه و تخنبرة و تحبه ، و على عرش القلب تملكه و تخضع له . فالقلب كما يقول الرسول بولس هو وسيلة الإيمان ، تأمل : ( القلب يؤمن به للبر ) ( روميه 10 : 10 ) . يقول المزمور عن الإنسان التقى : ( قلبه ثابت ... قلبه ممكن ) ( مز 112 : 7 ، 8 ) . فما أجمل تأملات القديس مارإفرام السريانى إذ يقول * النفس هى هيكل الله ... و القلب هو المذبح المقدس الذى نقدم عليه ذبائح التسبيح * القلب المكرس قلب قد ختن بختان المسيح . أو ختنه السيد المسيح ختانآ أبديآ معلنآ إنه صار مقدسآ له . فالمكرسة تحرس بأستمرار على تحويل ما فى القلب لحساب المسيح ، فالقلب المكرس له ميل طبيعى للحديث المستمر مع السيد المسيح . لأن نصيبه هو الرب ، قلب يعيش بلا شهوة لأن الرب يسوع هو شهوته . أخيرآ تكون الخدمة المثمرة للنفوس هى ثمرة طبيعية لتكرس القلب بالكامل لله تحت قيادة الروح القدس . |
البتولية والسلوك العذراوى ينظر القديس ميثوديوس للبتولية على أنها ( شئ عظيم وفائق عجيب ومجيد ) فهى جذر الأبدية وأيضآ زهرتها وأولى ثمرتها ، ولكنها تتطلب طبيعة قوية تعبر فوق بحر الشهوات وتوجة سفينة الروح الى أعلى بعيدآ عن الأرض حتى تعلو فوق العالم وتتأمل بنقاوة فى الأبدية نفسها.ويوضح القديس ميثوديوس أن البتولية لاتعنى فقط حفظ الجسد بلا دنس بل ( يجب أن لا نفكر فى الهيكل أكثر من صورة الله ) . وهويقصد (بالهيكل ) الجسد و(بصورة الله ) الروح فنزين الروح بالبر والتقوى لأنها تاج الجسد ومتى فعلنا هذا تصير أجسادنا خادمة لأرواحنا ، عندما نجاهد بلا كلل من أجل التمتع بالكلام الإلهى ، فتكون المكافأة (معرفة الحق ) . و يشبة القديس عمل و أثر التعليم الإلهى فى القضاء على شهوات الجسد بالملح الذى يحفظ الطعام من الفساد ، ( فالنفس التى لا تنثر عليها كلمات المسيح مثل الملح ، تفسد ، كما صرخ داود النبى : قد أنتنت قاحت جروحى ) فهو لم يملح نفسه بالتدربيات اللأئقة كى يخضع شهواته الجسدية و يقمعها بل أ نجذب لشهواته و أهوائه ...و التأمل الإلهى فى الكتاب المقدس هو الملح الذى أعطى لنا ، و الذى بالرغم من ملوحته يطهر و ينقى النفس و يحفظ ، و بدونه ( مستحيل أن تحضر النفس إلى الله ، لأن الرب قال لرسله : أنتم ملح الأرض ) .. أما عن محبة الترف و الكسل ، فيحذر منها القديس ميثوديوس العذارى و يحثهن على محبة الأشياء الكريمة و التقدم فى طريق الحكمة و عدم الأهتمام بأى شئ فيه كسل أو ترف ، و يجب أن تتأمل العذارى فى الأمور الأئقة بحياة البتولية و تبتعدن عن فساد الترف لئلا ( ينتج بعض الفساد الخفى دود الزنا ، لأن المبارك القديس بولس الرسول يقول : ( غير المتزوجة تهتم فيما للرب لتكون مقدسة جسدآ و روحآ ) . |
ما هى الرهبنة ؟ الرهبنة هي البعد عن العالم وهي ترك ما في العالم من ضوضاء و تعب ورياء .. الرهبنة هى العفة والطهارة .. الرهبنة هي البعد الاختياري والنهائي عن العالم .. الرهبنة هي الطاعة وهي من اهم صفات الرهبنة .. الرهبنة هي الفقر الاختياري و يجب التاكد والشعور من داخل اعماق القلب ان الانسان الذي يفكر في الرهبنة لا تعرقلة خطية ولا تستعبدة اي علاقة و ان المسيح هو الهدف .. و يقول احد الاباء ان اراهب لكي يتعلم اي شئ يجب ان يجلس في قلايتة وهي تعلمة كل شي .. والرهبنة هي الشعور بان الانسان ليس لة مكان في هذا العالم من الان .. بل المسيح هو الحياة .. هو الغني .. هوالحب ... وكما علمنا الكتاب المقدس ( ليس حب اعظم من هذا ان يضع احد نفسة لاجل احبائة ) ...ويجب علي الانسان الذي يفكر في الرهبنة ان يتاكد من عدم وجود اي التزامات او اي مسوليات تجاهة في العالم ... وكما علمنا السيد المسيح ( ان كل من يترك اب او ام او اخ او اخت او حبيب او حبيبة او مال او ارض او اي شئ لاجلي اعطية اضعاف اضعاف في السماء ) .. الرهبنة هي التاكد من ان لا يوجد احد نخدمة سوي المسيح ولا احد نكرمة سوي المسيح ...وكما يقولون عن الرهبان بانهم الملايكة الارضيين او البشر السمائيين .. وكما يقول قداسة البابا الأنبا شنودة الثالث في قصيدتة : (غريبا عشت في النيا نزيلا مثل ابائي .. غريبا في اساليبي وافكاري واهوائي .. غريبا عشت في الدنيا نزيلا مثل ابائي ... تركت مفاتن الدنيا ولن احفل بناديها .. ورحت اجر ترحالي بعيدا عن ملاهيها خلي القلب لا اهفو بشي من امانيها .. نزية السمع لا اصغي الي ضوضاء اهليها ) .. اخيرا الرهبنة هي الخلوة بالخالق |
العذراء مريم دائمة البتولية **العذراء مريم رأى الوحى الإلهى مسبقآ فقال ( نساء كثيرات نلن فضلآ أما انت ففقت عليهن جميعا ) (أم 31 : 29 ) هذا التفوق كان معلومآ عند الله ، و لذلك حينما ظهر لها الملاك حياها بتحية هى نفسها تعجبت لها . و لقد راها النبى فقال ( كل مجد ابنة الملك من داخل ) ( مز 45 : 13 ) أى مجد السيدة العذراء لا يرجع إلى خارج من حيث نسبها و لا إلى انتمائها لعائلة غنية ، فقد كانت فقيرة ، لا شئ يرجع إلى خارج ، و إنما مجدها من داخل ، و حتى فى تسبيحتها عندما قالت ( لأنه نظر إلى أتضاع أمته ) فأتضاع أمته يشير إلى أنها امرأة تحس أنها فقيرة و أنها صغيرة . و العذراء مريم تسمى سماء ثانية لأن السيد المسيح حل فى بطن العذراء مريم صارت السماء هى بطن العذراء ، و أيضآ تسمى المنارة لأنها حاملة النور ، و نصلى فى قطع باكر، انها أم النور المكرمة من مشارق الشمس إلى مغاربها يقدمون لك تمجيدات يا والدة الإله.. و ترجمة كلمة تمجيد بالقيطى تعنى ( ذكصولوجية ) و تعنى كلمة ذكصولوجية* تحية * ذوكصا : مجد أو كرامة ، و لوجية تعنى : كلام ، فالتمجيدات هى كلمات المديح ، و نحن نمدح العذراء لأن من يمدح العذراء يمدح الفضيلة نفسها ، نحن تمدح القديسين لأن فيهم تتمثل الفضيلة . و هى زهرة نيرة تظل جميلة منورة لا تذبل ... و هذا رمز لبتوليتها الدائمة ، لم تتغير .. لم تفقد بتوليتها رغم ولادتها للسيد المسيح .بحق هى غير متغيرة دائمة البتولية ، و الأم الباقية عذراء و هذا هو العجب فى كل تاريخ الإنسانية لم يحدث أن تكون واحدة أمآ و تبقى عذراء ... إلا العذراء مريم كما قال حزقيال النبى ( هذا الباب يكون مغلقآ لا يفتح و لا يدخل منه إنسان لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقآ ) ( حز 44 : 2 ) نعم عذراء و ام نتعجب كل العجب و نفرح بها لأنها أم لجميع العذارى المتبتلات اللأتى يشتقن لحياة البتولية ، نطلبها و نتشفع بها فى صومها المقدس لتعين ضعفنا ، نعم انتى الأم و العذراء معآ دائمة البتولية تظل هذه معجزة الأجيال . |
مقومات الجماعة التكريسية
إن الجماعة التكريسية تحتاج أن يكون كل عضو فيها إيجابيآ ، بمعنى أ ن يساهم فى بناء نفسة وبناء الجماعة 0 فالعضو فى الجماعة التكريسية لة دور هام لذلك فمن المهم جدآ نتكلم عن الأستعداد الروحى لأنفسنا أن نتكلم من منطلق شخصى وكذلك من منطلق جماعى 0 فكل عضو فى الجماعة التكريسية لة دور تجاة نفسة، ودور آخر تجاة الجماعة ، وكل خطأ لفرد ينسب للجماعة ، كما يقول الكتاب خاطئ واحد يفسد خيرآ جزيلآ (جا 9 : 18 ) والجانب الروحى - والجانب الدراسى فكل منهما مهم وأساسى فى حياة الجماعة التكريسية 0 والجانب الروحى إحدى مقومات الجماعة التكريسية ويتكون من : أولآ: البعد الروحى فحينما نبنى أنفسنا روحيآ نبدأ بأساس التوبة ثم الشبع ، ثم الخدمة ، وأخيرآ تكريس القلب 0 هذة تقريبآ رباعية البناء الروحى 000 1- أساس التوبة التوبة هى الأساس كما قال بولس الرسول لنتقدم الى الكمال غير واضعين أيضآ أساس التوبة من الأعمال الميتة والايمان بأللة (عب 6 :1 ) فالتوبة هى خلع الخطايا من الداخل والتخلص منها بالجهاد والنعمة 0 التكريس هو طريق خلاص ، وليس طريق تميز عن باقى الناس ، وكأننا أبرار وقديسون! 0 هوطريق خلاص يحتاج أن نسير فية بخوف وأنكسار ، ونقدم للة توبة دائمة ومحاسبة للنفس 0 2- الشبع هو العلاقة المستمرة مع الله وذلك من خلال : القانون الجماعى - القانون الفردى - الأتصال المستمر بالله0 3- الخدمة يوجد خدمات للمكرسات لاحصر لها يجب ان يقمن بأدائة بروحانية وبخشوع وتواضع فهذا وسوف يكون بركة كبيرة للكنيسة0 4- تكريس القلب وسبق وكتبت مقالة بهذا الجزئية ثانيآ : البعد الدراسى للمكرسة هناك ثلاثة مقومات لهذا البعد فى حياة المكرسة 1- الثقافة الكتابية 2- الثقافة الكنسية 3- الثقافة العامة 0 فالمكرسة يجب أن تكون كثيرة القراءة 0 الثقافة الكتابية : وهى القراءة فى الكتاب المقدس ، والكتب التفسيرية لقراءة ودراسة كلمة الله 0000 الثقافة الكنسية قرأ ة وعرض فصول الكتاب 0 وأمامنا موسوعات فى العقيدة والطقس والاهوت وأقوال الأباء 000 بحر لاينتهى من الكتب 0 الثقافة العامة هامة جدآ للمكرسة لأنها تعيش فى حياة الخدمة أن يكون لها دراية بالأمور العامة |
نشأة الرهبنة نشأت الرهبنة المسيحية فى مصر حيث بدأت فكرة العبادة النسكية فى البرارى والقفار منذ زمن سحيق فى تاريخها , ونحن لانعلم كثيراً عن الرهبنه فى مصر قبل أنتشار المسيحية فيها , ولكن لنبدأ بالمسيحية , أنه من المعروف أن الذى بشر مصر هو مرقس رسول المسيح , وكان مرقس شاباً ولم يتزوج حتى قطع الوثنيين راسه فى الأسكندرية وقال المؤرخ القس منسى (1) : " لما كان مرقس الرسول متحلياً بالطهر والعفاف وبث روح الفضيلة فى قلوب كثير من المصريين فإعتزلوا الخلق ولجأوا إلى الكهوف والمغائر عاكفين على تسبيح الخالق والتغنى بذكره الأقدس فتحولت القفار القاحلة إلى رياض يانعة تنبت النفوس وتثمر الكمال " وظهرت فى مصر مجموعة من النساك ويعتقد أنهم طبقوا الفكر الكتابى فى المعيشة مشتركه كما ذكر سفر أعمال الرسل (2) : " ِإذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجًا، لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ كَانُوا أَصْحَابَ حُقُول أَوْ بُيُوتٍ كَانُوا يَبِيعُونَهَا، وَيَأْتُونَ بِأَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ، 35 وَيَضَعُونَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ، فَكَانَ يُوزَّعُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ كَمَا يَكُونُ لَهُ احْتِيَاجٌ." وعنهم قال يوسابيوس القيصرى (3) : " وكان جمهور المؤمنين رجالاً ونساء , الذين اجتمعوا هناك فى البداية وعاشوا حياة الزهد الفلسفية المتطرفة , كثيرون جداً , حتى أن فيلوا وجده أمراً جديراً بالأهتمام أن يصف جهادهم وأجتماعاتهم وتسلياتهم وكل طرق معيشتهم " ولما كان مرقس من اصل يهودى فقد كان غالبية الفئة التى مارست النسك والعبادة وأفردت مجتمعاً قائماً بذاته منعزلاً كانوا من اليهود الذين أستوطنوا مصر وقد ذكر فيلو عباره تدل على ذلك فقال (4) : " ويبدو أنهم كانوا من أصل عبرانى , ولذلك كانوا يراعون معظم عوائد الأقدمين حسب طريقة اليهود " ومن المعتقد أيضاً أن هذه المجتمعات المغلقة التى أنضمت إلى المسيحية كانت تمارس أنظمتها اليهودية قبل المسيحية بدليل مجتمع وادى القمران فى الجبال الذى وجدت فيه مخطوطات العهد القديم وقال فيلوا (5) عن وجود كتب وقوانين تحدد نظم هذه المجتمعات النسكية فقال : " ولديهم أيضاً كتابات من القدماء مؤسسى جماعتهم الذين تركوا آثاراً كثيرة رمزية , وهؤلاء يتخذونهم قدوة لهم ويقلدون مبادئهم " وقال كاسيانوس وهو كاتب كنسى : " إن التقليد القديم يشهد بأن رهبان وادى النطرون متناسلون من المتأملين فى الإلهيات " أ . هـ ويقول المؤرخ القس منسى يوحنا (6) : " وقيل أن اول دير مسيحى تأسس كان فى سنة 151 م حيث عزم فرونتيوس على ترك العالم زهداً فى الدنيا وملاذها فجمع إليه جماعة من الأخوة وسار بهم إلى وادى النطرون وإلى منطقة الجيزة وهناك قضوا بقية حياتهم بالنسك والتعبد فى بعض الكهوف الصخرية " |
الرهبانية الراهب أو الراهبة هو أنسان أمتلئ وجدانه بالحب الإلهى عاشق للمسيح لسان حاله يقول : " معك يارب لا أريد شيئاً " , هؤلاء الناس هم الذين تركوا كل شئ وتبعوا المسيح , لا يريدون شيئاً غير التسبيح والكلام مع الرب الإله , لا يستريح هؤلاء إلا أن يجدوا راحة للرب ومسكناً للإله يعقوب فى حياتهم , هؤلاء الناس قال لنا عنهم السيد المسيح فى أمثاله فقال عنهم أنهم وجدوا جوهرة غالية الثمن فباعوا كل شئ وتبعوه . وعندما يسلك هؤلاء فى سلك الرهبنة فلهم نظام تعبدى لأن لهم هدف واحد هو العيش بعيداً عن ضوضاء العالم فى عزلة عن الحياة العاملة وصخبها وشرورها , يهب حياته للصلاة العميقة الطويلة والتعبد بغير شاغل أو عائق . ويتدرج الراهب فى العبادات ويتقوى بالإيمان ويرتقى فى النعمه بالرغم من المحاربات الشيطانية وعندما يغلبر بتواضعه يحصل على مقامات روحانية عالية فينكشف أمام عينية مفاهيم عميقة ما كان يصل مستواها من غير تلك العزلة وتكريس حياتهم للخالق . |
معنى كلمة راهب يقول المتنيح العلامة الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا الدير المحرق تاريخه ووصفه وكل مشتملاته , ألأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمى إيداع رقم 4676/ 1992 ص26: " لعل التعبير العربى "رُهْبان" هو جمع " راهِب " مشتق من الرٌهبْة أو الجزع الذى يتولى ذلك الطراز من عًباد الرب , عندما يدخل فى مرحلة فحص الضمير وإمتحان النفس ومعرفتها على حقيقتها خصوصاً عندما يصل إلى بعض الإشراق الباطنى ويشرف على مرحلة الشخوص فى الأنوار العليا فتتولاه الرهبة وجزع " . والرهبة والجزع عبر عنها أشعياء النبى عندما وصل إلى لحظات الإشراق فقال : " ويل لى إنى هلكت لأنى أنسان نجس الشفتين وأنا مقيم بين شعب نجس الشفتين , لأن عينى قد رأتا الملك ربٌ الجنود ( أشعياء 6: 5) وفى اللغة القبطية يقول الأنبا غريغوريوس : " أن التعبير القبطى يستخدم للدلالة على كلمة راهب هو موناخوس ومنها أشتقت الكلمة اللاتينية Monachus والإنجليزية Monk والفرنسية moine وغيرها من اللغات الأخرى " . وكل الكلمات فى اللغات السابقة معناها " المتوحد" وذلك لأن المتوحد هو إنسان إعتزل الناس ليحيا بمفرده من غير زوجه وأولاد بعيداً عن المجتمع , فيتوفر له الوقت الكافى لينموا با طنياً وروحياً ونفسياً . والإنعزال عن المجتمع البشرى ليس أمراً سهلاً كما يبدو بل يمكن القول أنها مستحيله ولهذا قال أرسطو الفيلسوف : " لا يمكن لأحد من الناس أن يعيش بعيداً عن المجتمع إلا من كان دون الطبيعة البشرية أو فوق مستواها " وعندما نتعمق فى كلمات أرسطوا يتضح لنا سمو الإتجاه الرهبانى فى الإنعزال بسمو الهدف وهذا ما أكده لنا تاريخ العلم الرهبانى : 1- أن هذه العزلة ممكنة لقلة ممتازة ومتميزة من الناس , قد أرتفعت فوق السلوك البشرى , وسمت بمستواها فوق سلوك الغريزة البشرية , لنوال النعمة الإلهية الكاملة وهنا يتحقق قول أرسطو هو أن هذه المجموعة هى فوق مستوى الطبيعة البشرية . 2- والعزلة ليست غاية إنما هى وسيلة من ضمن وسائل عديده للرهبان لبلوغهم الهدف , هذا الهدف هو بلوغ المستويات الروحية والعلمية فى القداسة والنعمة . 3- والعزلة ليست إنفصال عن المجتمع الإنسانى الكبير بل أنه يساهم بطريقة أو اخرى فى تمريض وعلاج النفس البشرية المتعبة حينما يتجه ألاف المتعبين إلى الأديرة طلباً لراحه النفس بعيداً عن قلق العالم كما يساهم الرهبان فى الإنتاج الإقتصادى بطريقة بسيطة فالراهب حسب قوانين الرهبنة يأكل من تعب يديه , فهو إذاً ليس عبئاً على المجتمع , وفى النهاية يرفع هؤلاء الرهبان الصلوات للكنيسة وشعبها أمام الرب الإله . |
عناصر الرهبانية الثلاث أولا : إعتزال العالم للتعبد الرهبنة ليست هربا من مسئوليات الحياة , أو هرباً من المواقف الإنفعالية التى تواجه الشخص فى العالم , وليست الرهبنة نوعاً من السلوك السلبى وإلا كانت الرهبانية سلوكاً مرضياً . الرهبنة هدفها العمل الناجح والتفرغ للتعبد وإنقطاع الإنسان للرياضيات الروحية والعقلية , هى أنصراف للتأمل والتصوف , وخلود إلى السكون , والوجود الدائم فى حضرة الرب الإله والتفكير الدائم فيه والإتحاد به وفى إرضاؤه والتفكير فى عمل الخير دائماً . ثانياً : نذر التبتل للرب يقتضى من طالب الرهبنة نذر التبتل للرب , والبتوليه هى حياة العزوبة الإختيارية مدى الحياة . وهذا النذر ليس هرباً من مسؤوليات الزواج , ولا كراهية للمرأة أو الأولاد , ولكن إيثارا وطلباً منه لحياة أفضل , لكى لا يكون منشغلاً عن الرب ومنفصلاً عنه بهموم العالم ومشاكله لكى يكون مقدساً للرب نفساً ووجداناً وروحاً . وذلك حسب قول السيد المسيح نفسه : " لأن من الخصيان من وُلدوا كذلك من بطون أمهاتهم , ومنهم من خصاهم الناس , ومنهم من خصوا انفسهم من أجل ملكوت السماوات , فمن إستطاع أن يحتمل فليحتمل ... وكل من ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو أماً أو إمرأة أو بنين أو حقولاً لأجل إسمى , يأخذ مائة ضعف ويرث الحياة الأبدية (إنجيل متى 19: 12- 29) وأيضاً : " فإن غير المتزوج يهتم فيما للرب وكيف يرضى الرب , أما المتزوج فيهتم للعالم كيف يرضى إمرأته , إن بين الزوجة والعذراء فرقاً , غير المتزوجة تهتم فيما للرب لتكون مقدسة فى الجسد وفى الروح , واما المتزوجة فتهتم فيما للعالم كيف ترضى رجلها (كورنثوس الأولى 7: 32- 34) وليس نذر البتوليه هو القضاء على الجنس البشرى لأن هذا الطريق هو طريق ضيق جداً ويسميه القديسين طريق القلة وهذا واضح من قول السيد المسيح : " ليس الجميع يحتملون هذا الكلام إلا الذين وهب لهم (متى 19: 11) . إختيار حياة الفقر قال الرب يسوع : " لأ يقدر أحد أن يخدم سيدين الرب والمال " وملخص الخبرة الإنسانية أن محبة المال هى أصل لكل الشرور لهذا إشترطت قوانين الرهبنة إختيار العيش فى حياة الفقر طواعية ويقنع الإنسان بحياة الكفاف مكتفياً بالضروريات فقط ويأكل من عمل يدية , ولهذا تشترط قوانين الرهبنة قبل الإعتزال فى الدير تنفيذ وصية الرب القائلة : " إن كنت تريد أن تكون كاملاً فإذهب ويع كل شئ لك وإعطيه للمساكين فيكون لك كنز فى السماء وتعال وأتبعنى ( متى 19: 21) . وإذا حدث أن توفر المال للراهب من عمل يديه فقد نصت قوانين الرهبنة أن يصير هذا المال ملكاً للدير أو الكنيسة من بعد حياته طبقاً للفكر الرهبانى : " أنه إذا كان الراهب قد مات عن طلب الحياة فى العالم بإيثاره وإختياره , فمن كان ميتاً لا يرث ولا يورث , بل أنه لا يملك لنفسه شيئاً لأنه قد وهب حياته كلها للرب " ويحكى أن ذهب أقرباء راهب إليه فى ديرة يخبرونه أن قريباً له قد مات فله أن يرثه .. فأجاب متسائلاً : " ومتى مات ؟ " فقالوا له : " منذ سنة " فقال الراهب : " ولكنى مت عن العالم منذ سنوات طويلة , فكيف لميت أن يرث ميتاً " وليس معنى إختيار الفقر طواعية أن الرهبنة هى طريق الفقراء الذين لجأوا إلى الدير هرباً من أعباء الحياة أو ليتخلصوا من دفع الجزية .. فتاريخ الرهبنة طويل ينبئنا عن أعداد لا حصر لها من ذوى الثراء ومن كانوا فى منصب عليا , ومع ذلك تركوا كل شئ وتبعوا السيد المسيح الذى ليس له مكان ليسند راسه , فآثروا الفقر والتعبد على الغنى والجاه وهم فى ثقة أن المناصب الرفيعة إنما هى نفاية من أجل ربح المسيح . وعلى سبيل المثال لا على سبيل الحصر , القديس أنطونيوس الكبير أبو الرهبان كان يملك 300 فدان من أجود الأراضى باعها ووزع ثمنها على الفقراء , القديس باخوميوس "أبو الشركة" كان قائداً فى الجيش إعتزل منصبه الكبير وترهب , القديس أرسانيوس كان " معلم لأولاد الملوك" وكان ابن لأحد قضاة روما وأستاذاً خاصاً لأركاديوس ابن الإمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير وكان يحيا فى قصر الإمبراطور حياة القصور فى بذخ وترف ونعيم , ولكنه زهد فيها حاسباً عار المسيح أعظم من خزائن الملك , القديس مكسيموس وأخوه دوماديوس كانا " أبنا لأمبراطور الروم فالنتيان الأول ( 364- 375م) وكانا أبوهما فى أوج عظمته وقوته وغناه ولكنهما تركا قصره ليعيشا حياة التعبد , والقديس مار مينا العجائبى كان ابنا لحاكم مريوط , والقديس يوحنا صاحب الإنجيل المذهب كان ابنا لملك , القديسة دميانة كان ابوها حاكماً لأقليم البرلس .. هؤلاء وغيرهم تركوا الغنى والجاه والسلطان ونعيم الحياة وترفها وآثروا حياة الزهد والنسك والتعبد , سكنوا فى البرارى وشقوق الأرض من اجل عظم محبتهم فى المسيح . |
نظم الرهبانية أولاً : نظام العباد المتوحدين بدأ نظام الرهبنة بنظام التوحد وأول نظام أتبع فى الرهبنة وسار عليه أول من ترهب مثل الأنبا بولا السائح والأنبا أنطونيوس , وهذ النظام الرهبانى هم الرهبان الذين يعيشون متفرقين منفردين كل واحد فى مغارة أو كهف فى الصحارى والجبال , ويتبعون نظاماً خاصاً فى صلاته وصومه وعبادته وتأملاته , وحتى الأنبا باخوميوس الذى وضع نظام الشركة للرهبان الكثيرين الذين تبعوه , عاش هو نفسه على نظام العباد المتوحدين وكانت له مغارته البعيدة عن الدير , وعاش المتوحدين بالقرب من أديرتهم فى مبانى خاصة فيما بعد عرفت هذه المبانى بالمنشوبيات وفى نظام التوحد لا يضم المغارات ولا الكهوف ولا المنشوبيات سور واحد , وما كان على الأنبا أو اب الدير أو رئيسه يتفقد الرهبان واجداً واحداً يرشدهم ويوجههم ويسأل عن سلامتهم وإحتياجاتهم ويجيب على أسئلتهم والدير بهذا المعنى يسمى موناستيريون .. ومعناه المكان يضم مجموعة مغارات متناثرة كل منها مونا مستقلة بذاتها . ثانياً : نظام الشركة أو الرهبانية الإشتراكية بداية نظام الشركة الأنطونى بدأ نظام الشركة فى الرهبنة عندما أجتمع حول القديس أنطونيوس عدد كبير من الشباب يريدون أن يتبعوا طريقه فى الرهبنة ولكنه تجاهلهم لمدة 20 سنة (7) , ولما بلغ بهم الضيق اقتحموا بابه عنوة فإضطر يخرج إليهم , وكان على أنطونيوس حينئذ " أن ينتقل دائماً كأب بين جماعات أولاده من مكان إلى مكان " وعلى هذا المنوال تكون اول نموذج نظام الرهبانى القبطى : " أب يرعى أسرة روحية من ألأبناء المحبوبين المخلصين للطريق " وهكذا تكون أول تظام الرهبنة الأنطونية تلقائياً , إنما بتمهيد روحى لا يعرف سر بدايته وسر نموه إلا من عاشه " أصل كلمة " كينوبيون " تعنى كلمة " كينوبيون " تعنى حياة مشتركة وهى من مقطعين = مشترك و = حيــاة , وتنطق " كينوبيوس " أو " :ينوبيون " وتعنى : " مؤسسة أو مكان به قلالى كثيرة أصحابها متحدون فى نظام الحياة " وترادف فى المعنى الوصفى تماماً كلمة موناستيرن وهى أصلاً من كلمة أى " يعيش بمفرده أو يحيا وحيداً " فكلمة موناستيرون تعنى : " مكان يحبا فيه الناس حياة منفردة " وهذه الكلمة , طبعاً , أنحرف معناها , وتطورت لتشمل معنى الدير بوصفة الحالى , وهو جماعة يعيشون معاً حياة غير توحدية على الأطلاق . نظام الشركة الباخومى نظام الشركة الباخومى هو صورة منظمة متقدمة فقد وضع هذا النظام الأنبا باخوم بكتابة قوانيين ولهذا عرف هذا النظام باسمه " النظام الباخومى" وتغير أسم الأنبا باخوم وأطلق عليه أسم "أبى الشركة" وهذا النظام فى الحقيقة يرجع إلى النظام الإشتراكى المسيحيى الذى وضعته الكنيسة الأولى حسب ما جاء نصه : " وكان جميع المؤمنين معاً وكان كل شئ مشتركاً بينهم ( أعمال الرسل 2: 44) " وكان كل شئ مشتركاً بينهم .. ولم يكن فيهم محتاج لأن كل الذين كانوا يملكون ضياعاً أو بيوتاً كانوا يبيعونها ويأتون بأثمانها .. فيوزع لكل واحد حسب إحتياجاته ( أعمال الرسل 4: 32- 34) وقد وضع الأنبا باخوم قوانين لهذا النظام الإشتراكى ويسير الرهبان فى خضوع لنظام صارم دقيق موحد : فى يقظتهم ونومهم وصلواتهم , وأصوامهم , وطعامهم , وإجتماعاتهم وعملهم , وللدير وظائف فنية وإدارية وهندسية .. ألخ يعهد بها للرهبان الأكفاء وعلى الباقيين التعاون معه لأجل إكمال هذا النظام فى تواضع وبذل آخذين نظامهم من المعيشة المشتركة التى كان التلاميذ يحيونها مع المسيح , وهذا النظام ألإشتراكى التعاونى البسيط وكل واحد له حقوق وعليه إلتزامات , ولا يسمح لأحد الخروج على النظام العام المرسوم ومن يخرج عليه توقع عليه عقوبة صارمة رادعه . وقد نقل الغرب هذا النظام وهذا النظام يمثل طريقاً وسطاً بين الحياة العامة ونظام التوحد المطلق , كما يعد ممراً لكلا الإتجاهين , وفى الغالب يكون الإتجاه نحو التوحد فى تدرج الطبيعى دون إفتعال أو عنف كبير , فيتدرج تحت إرشاد الشيوخ المتوحدين إلى أن يصل أن يكون هو معلماً لطريق الوحده للآخرين . |
درجات الرهبانية الرهبنة طريق جهاد طويل ومنظم تحت إرشاد معلم وصل إلى الفضيلة يتدرج مع الراهب من خطوة إلى أخرى وتختلف مدة إكمال كل خطوه والإنتقال إلى الثانية طبقاً لعوامل عديده منها إستعداد الراهب وتحمسه , مدى طاعته , قدرته على تنفيذ تعليمات مرشده , ودرجه جده وإجتهاده 1- تلميذ الرهبنة وتعنى هذه الدرجه مؤمن 2- راهب 3- عابد 4- ناسك 5- متوحد وهو يعيش منفرداً بعيداً عن الناس , , وكلمة " أنا خوريتيس " تعنى إنساناً إنعزل وتخلف عن الحياة مع الناس . 6- سائح والسواح المجاهدين هم رهبان أحياء وصلوا إلى درجة السياحه تزداد محبتهم للصلاة حتى يصيروا كما قال الكتاب : " أما أنا فصلاة" , ومن فرط تعلقهم بالتأملات العالية وتعلقهم بالسمائيات وإنبهار عقولهم بالإلهيات تقل حاجتهم إلى الطعام والنوم فيقنعون بالقليل من عشب البرية والنباتات التى تنموا على الجبال والصحارى , فتتلاشى رغبات الجسد وتسموا أرواحهم وتستنير نفوسهم , وتسهل إنتقالهم من مكان إلى آخر بما يعرف بالإختطاف . وعندما تشتد رغبة السياح لصلاة القداس يختطفون من أماكنهم النائية ويجتمعون فى غير أوقات الصلاة العامة ويصلون فى كنيسة قديمة أو مهجورة حيث يتوافر لهم الهدوء والسكون وينصرفون قبل أن يراهم الناس ويرجع كل إلى مكانه البعيد فى قلب الصحراء وعلى رؤوس الجبال . راجع كتاب الأنيا غرغوريوس عن الدير المحرق - وقد سمعت العديد من افواه الكهنة أنهم فى بعض الأحيان يجدون أدوات المذبح فاطرة وهو التعبير الشائع حينما تستخدم أدوات المذبح فى الصلاة وهذا معناه أنها أستخدمت فى قداس سابق ولا يجب ان تستخدم فيستخدمون غيرها - وذكر لى أحد الأصدقاء أنه أثناء صلاة التسابيح فى إحدى كنائس مصر القديمة أن كثير من الأرائك القديمة الموجوده فى الكنيسة صدر عنها صوت دليل على وجود ناس فى الكنيسة فى الوقت الذى لا يوجد غيره وأثنين آخرين وقال لى أن شعر راسه وقف من الرهبه التى أحس بها وقد اسرع فى الإنتهاء من التسابيح وترك الكنيسه بسرعه - وقد تعجبت لأن صديقى كان عملاقا وكان لا يهاب أحداً لأنه كان مصارعاً . 7- الرؤيا وهى مرحله نادره لا يصلها إلا القلائل وهى مرحلة الشخوص فى الرب والإتحاد به |
لا شيء اعظم من الرهبنة
أتي للقديس مكاريوس يوما احد كهنة الاصنام ساجداً له قائلا: من اجل محبة المسيح عمدني ورهبني. فتعجب الاب من ذلك وقال له: أخبرني كيف جئت الي المسيح بدون وعظ؟! فقال له كان لنا عيد عظيم وقد قمنا بكل ما يلزمنا ومكثنا نصلي الي منتصف الليل حتي نام جميع الناس, وفجأة رأيت داخل احد هياكل الاصنام ملكا عظيما جالسا وعلي رأسه تاج كبير وحوله أعوانه الكثيرون فاقبل اليه واحداً من غلمانه فقال له الملك من اين جئت ؟ فأجاب من المدينة الفلانية. قال وأي شيء عملت؟ قال القيت في قلب امرأة كلمة صغيرة تكلمت بها الي امرأة اخري لم تستطع احتمالها فأدي ذلك الي مشاجرة كبيرة بين الرجال تسبب عنها قتل كثيرين في يوم واحد . فقال الملك : ابعدوه عني لانه لم يفعل شيئا. فقدموا له واحد اخر فقال له : من اين جئت؟ قال من بلاد الهند . قال وماذا عملت ؟أجاب: دخلت دارا فوجدت نارا سقطت من يد صبي فاحرقت النار الدار , ثم وضعت في قلب شخص أن يتهم شخصا اخر وشهد عليه كثيرون زورا بأنه هو الذي احرقها . قال: في اي وقت فعلت هذا؟ قال في نصف الليل. فقال الملك ابعدوه عني خارجا . ثم قدموا اليه ثالثا, فقال له: من اين جئت؟ أجاب: كنت في البحر وأقمت حربا بين الناس فغرقت سفن وتطورت الي حرب عظيمة ثم جئت لاخبرك فقال الملك: ابعدوه عني. وقدموا له رابعا وخامسا, وهكذا أمر بابعادهم جميعا بعد ان وصف كل منهم انواع الشرور التي قام بها حتي أخر لحظة. أخيراً تقدم اليه واحداً منهم, فقال له: من اين جئت. قال: من الاسقيط. قال له: وماذا كنت تعمل هناك ؟ قال: لقد كنت اقاتل راهباً واحداً , ولي اليوم اربعون سنة , وقد صرعته في هذه اللحظة واسقطته فجئت لاخبرك, فلما سمع الملك ذلك قام منتصبا وقبله ونزع التاج من علي رأسه والبسه أياه وأجلسه مكانه, ووقف بين يديه وقال: حقا لقد قمت بعمل عظيم . فلما رأيت أنا كل ذلك وقد كنت مختبئا في الهيكل , قلت في نفسي : ما دام الامر كذلك فلا يوجد شيء اعظم من الرهبنة وللوقت خرجت وجئت بين يديك. فلما سمع الاب مكاريوس منه هذا الكلام عمده ورهبنه , وكان في كل حين يقص علي الاخوة أمر هذا الرجل الذي اصبح بعد ذلك راهباً جليلاً. بستان الرهبان اخواتى ......دعونا نتعلم منهم كيف نستر عيوب الاخرين اخواتى اجمل ما فى قصص الرهبان اننا بتتعلم منهم احلى المبادى والاخلاق منهم بنتعلم...... التسامح والمغفره ومنهم بنتعلم ....ستر العيوب والكتمان ومنهم بنتعلم ......الحب والحنان النهارده قصتى معاكم قصه علمها لنا .....ابينا الراهب الصامت الراهب اللى رفض ان يكشف سر لص حاول سرقته بل بالعكس نبهه الى ما سيلم به وما سيحدث له نعم..نعم هو هو الراهب الصامت ابينا يسطس الانطونى اللى راح يستلم فلوس كسوته السنويه وتبعه احد العمال فى الحديقه وفجاه فجاه وفجاه لقى وراءه العامل وخطف منه المبلغ كله اللى كان ماسكه فى ايده تتوقعوا اخواتى؟؟؟؟ ماذا يفعل الراهب الصامت؟؟؟؟ يصرخ ؟ينادى احد ينقذه؟؟؟يجرى؟؟؟ ولا يحكى ويقص ما حدث لباقى الرهبان والعمال؟؟؟ لا.......... اخواتى مجرد وقف ونادى عل اللص:بقولك هتموت بقولك هتموت وقف باقى الرهب ينظرون للراهب الصامت وهو يصرخ بقولك هتموت ويندهشون من تلك التى ستموت ولماذا ينادى على عامل ولكن الراهب الصامت لا يتكلم والعامل مشى ولم يعود والرهبان يسالون ولكن الراهب الصامت لا يجيب وبعد ايام قليله فوجى الرهبان بالعامل يدخل الدير مره اخرى وفى لحظه لقوا ابونا يسطس امامهم يحدث العامل:مش قلتلك هتموت؟؟؟؟اهى ماتت....كويس كده؟؟؟؟؟؟ وهنا اخواتى ندم العامل ووقف يقص ويحكى ما رفض ذكره الراهب الصامت اخذ يصرخ امام الجميع:لقد طمعت فى اموال ابونا يسطس اللى هيجيب بيها ملابسه السنويه وخطفتها من يده وجريت لعلمى انه ذاهد فى الدنيا واثناء سرقتى المبلغ وجدته ينادينى(بقولك هتموت)هتموت لم اكن اعلم عن ماذا يتكلم واسرعت اشترى عجله بكل الفلوس ولم تمضى ايام قليله الا ووجدتها تموت امام عينى فقررت اعود ثانيه للعمل بالدير وعندئذ رايت ابونا يسطس اللى فكرنى وقالى:مش قلتلك هتموت انا لم اكن اعلم انه يتحدث عن عجلتى التى اشتريتها بامواله سامحونى انا لم اكن اقصد سرقه راهب سامحونى سامحونى ارايتم اخواتى!!!!!!!!!!! لقد علم الراهب الصامت بافكاره ونيته قبل ان يفعلها وعلم ايضا ما ينوى شرائه وحذره بانها ستموت لم يفضحه ولم يحكى لاحد بل نبه السارق الى ما سيتم ارايتم اخواتى انهم يكتمون عيوب الاخرين انهم يتسترون على اخطاء الاخرين ويرحمونهم ليتنا اخواتى نتعلم ان نكتم عيوب الاخرين وننظر الى اخطائنا اولا ليتنا نتعلم كيف ننظر الى عيوبنا اولا وعندئذ لن ننظر الى عيوب غيرنا هولاء هم قادتنا ورهباننا ليتنا نتعلم منهم معنى الحب والرحمه هولاء قدوتنا ليتنا نتعلم منهم مبادى واخلاق المسيحيه |
الرهبنة القبطية فى عصر البابا أثناسيوس بمصر تاريخ الكنيسة بدأ كما نعرف قبل تاريخ الرهبنة ، وكان هناك بطاركة وأساقفة متزوجين قبل بداية الرهبنة فى مصر ، إلى أن سيطر الرهبان على مركز البطاركة والأساقفة بعد قرار أحد المجامع المسكونية بتخصيص هذه المراكز للبتولين ، والبتول هو الشخص الذى لم يتزوج , والأشخاص الذين لم يتزوجوا إما أن يكونوا فى العالم ونذروا حياتهم لخدمة الرب أو ذهبوا إلى الصحراء وترهبوا فى الأديرة ، ولكن ينص قرار إنتخاب البطرك القبطى أنه يختار فقط من بين الرهبان وأهمل البتوليين الذين يعيشون فى العالم وإندمجوا مع الناس والرؤساء وعرفوا كيفيه التعامل معهم هذا للتوضيح فقط . والرهبان الأقباط للحق حملوا مشعل الإيمان الكنسى والتنوير ، ولما كان الرهبنة فى حقيقتها عزلة وإنقطاعاً عن العالم إلا أنها فى صلة قوية لا تنقطع مع الكنيسة ، فهم يستمدون نشاطهم من عزلتهم فى جو روحى مسيحى نقى ، وتؤدى الرهبنة واجبها الإيمانى والكنسى بالصلاة عن بعد أما إذاء مشاكل الرؤساء فيظهر الرهبان فى العالم أثناء محنة الكنيسة بقوة كما فعل الأنبا أنطونيوس الذى ذهب إلى الإسكندرية فى زيارة خاطفة خصيصاً ليساند البابا أثناسيوس ضد الأريوسيين ، وقد كان الرهبان فى بداية نشأتهم مستقلين عن الكنيسة ولكن سرعان ما ألتحموا معها وتبوأوا مراكز القيادة فيها ، والرهبنة لم تكن قوية دائماً ولكن سادها فترات ضعف فضعفت الكنيسة القبطية أيضاً لأنهم قادتها وتلاحظ هذه الفترات بصورة واضحة أيام الإحتلال الإسلامى ، وعلى أى حال ليس هذا موضوعنا لأننا نتكلم عن أقوى زمن كانت فيه الرهبنة القبطية فى ذروتها وهو عصر البابا أثناسيوس الرسولى حيث قام الرهبان بدور خطير فى محنة الكنيسة أثناء إضطهاد الأريوسيين حيث كانت الكنيسة بدون رآسة البابا الذى كان يقضى فترة نفيه الثانية والتى دامت 90 شهراً . وكانت هناك تجمعات رهبانية مشهورة فى مصر هى : 1) التجمع الرهبانى فى نتريا فى اقصى الشمال بقيادة آمون . 2) والتجمع الذى قاده الأنبا انطونيوس أب رهبان العالم وكان فى وسط الوادى . 3) والتجمع الثالث كان فى طبنسين فى اقصى الجنوب بقيادة الأنبا باخوم أبو الشركة . وقد أنتزعج الأريوسيين من هذه الحصون الإيمانية الثلاثة الثابتة فقد كانوا يلهجون فى الكتب المقدسة ليلاً ونهاراً وكانوا من الكثرة بحيث أنهم كانوا قوة لا تقهر من المعرفة الكنسية والإيمانية والإستنارة القلبية والعملية ، وقد حاول الأريوسيين أستعمال كل الأساليب الملتوية لتحطيم وحدتهم ، فإستخدموا الرهبان والأساقفة المنحازين لهم ليقتحموا هذه الحصون المنيعة فى حرب لتضليل وزعزعة الإيمان ومسخ التقليد ، ولكن باءت محاولاتهم بالفشل وذابت هذه العناصر الدخيلة وسط خضم من بحر الحب الذى أحتواهم فى داخل إيمانهم الروحانى القوى (3) وقد وضع رهبان هذه المناطق على كاهلهم التغذية الروحية المسيحية للمناطق الشعبية التى ضعف إيمانها من اقصى شمال وادى النيل إلى اقصى جنوبه ماراً بوسطه ، فإنطلق الرهبان لمساندة الكنائس فى اثناء محنة الإضطهاد الأريوسى فكسروا حدة الموجة الأريوسية التى أعد لها الأريوسيين وخططوا بالسياسة والقوة العسكرية والتزييف الدينى . وكان ظهور الرهبان وسط الشعب بمنظرهم البسيط وسلوكهم الروحانى العالى وتمثلهم بقديسى العصور الأولى أثراً روحياً ليس له مثيل ، وأحس البابا اثناسيوس بتأثيرهم القوى فى مساندة الكنيسة وشعبها فى مواجهة هذا الغزو الأريوسى الداخلى وسانده هو شخصياً سوا أكان عملياً بمؤاذرتهم له أو روحياً بصلواتهم ، وقد استعان البابا أثناسيوس بالرهبان فى قضاء الكثير من المهام الخطيرة التى كانت فيها خطر على حياتهم فقاموا بها ، فقاموا بها مستصغرين الموت فقد تركوا العالم وأعتبروا أمواتاً ، فأظهرت هذه المهام الطبيعة الفدائية التى إكتسبها الرهبان فى حياتهم الروحية واضعين عنوانها " لى أشتهاء أن انطلق " ولى حياة هى المسيح " وكان البابا أثناسيوس يعتقد فى طقس البتولية وخاصة للعذارى هو طقس ملائكى ، له كرامة كنسية خاصة وله عمل سرى لدرجة أنه كان يقول : " إن المدينة إذا كان يوجد بها عذراء نقية متبتله للمسيح ، فإن الرب يحفظ هذه المدينة بلا سوء بسبب هذه العذراء (4) فشجع البابا أثناسيوس حياة الرهبنة فى عظاته أو مؤلفاته وكتب الكثير من المقالات النسكية عن النسك والرهبنة والبتولية بحماس شديد ، حتى ألهب الروح النسكية عند الشباب والشابات فبدأ الكثيرين منهم يدخلون من باب الرهبنة فأصبحوا يحملون روح المسيحية الحقيقية فأبهروا العالم كله بنسكهم وروحانياتهم العالية التى لا تزال تقرأها حتى اليوم فى موسوعات العالم وكلماتهم وأعمالهم سجلت فى كثير من المراجع العالمية فى ألاباء ما قبل نيقية وما بعدها ( وهى عدة كتب موجودة باللغة على شبكة المعلومات العالمية المعروفة بالنت ويمكن تحميلها على الكمبيوتر ) وفيما يلى تسجيل من تاريخ حياة باخوميوس يسرد أبعض الأحداث التى ذكرناها : [ وأتصلت اخبار الب باخوميوس برجل أسمه تادرس من ذوى مراتب الكنيسة العظمى بمدينة الإسكندرية ، وكان فاضلاً فى سيرته متقشفاً فى عيشته يلازم النسك ، ... مستقيم الديانة صحيح الأمانة كان قريباً وملازماً لينبوع الحياة الأب أثناسيوس رئيس أساقفة الإسكندرية ، ومنه سقى أرضه ورواها وأتى بأثمار الفضائل ، فقبله الأب فى الحين بفرح كثير وأحصاه فى جملة الأخوة ، ورسم له المقام عند شيخ من القدماء الأفاضل يحسن اللغتين اليونانية والقبطية ، لأن تادرس هذا كان لا يحسن إلا اليونانية ، فكان الشيخ يعلمه القبطية ... وهذا كان بكر الإسكندريين فى هذا الدير ، لأنه قدم منهم جماعة وأقتدوا بسيرته ، ومن جملتهم أكسونيوس ، وناون ، والروميان فيرمى وروميلس والعجيب دومنوس الملقب بالأرمنى وبقية القديسين الكواكب الزاهرة ، بعضهم أدرك باخوميوس فى حياته وبعضهم لم يدركه ( قبل عام 346م وبعد 346 م ) . ] (5) وفى سيرة القديس أمونيوس الذى ترهب فى أديرة الباخوميين على يدى تادرس تلميذ باخوم (15مارس 351م ) بعد نياحة القديس باخوم بست سنوات وأكمل رهبنته فى نتريا قال أنه : " تقبل الفكرة الرهبانية على أثر موعظة من عظات القديس أثناسيوس ، وكان عمره آنئذ 17 سنة " (6) ويخبرنا القديس الغربى الشهير جيروم أن أثناسيوس عالج موضوع البتولية مرات كثيرة ، ولا تزال كثير من عظاته ومؤلفاته عن البتولية موجودة ، بعضها تحقق بصفة مؤكدة أنها بقلم القديس أثناسيوس أو من أقواله ، وبعضها لا يزال العلماء مترددين فى صحة نسبتها إليه 7 |
قوانين العذارى وعبارات البابا عن الرهبنة وكثير من كتابات أثناسيوس الرسولى عن قوانين للعذارى وأخرى صلوات لهن تقال فى مناسبات كثيرة ، وكذلك على الأغابى التى تصنعها العذارى ، وطريقة سلوكهن وأكلهن ولبسهن وسهرهن الروحى .. ألخ كما نجد أيضاً فى كتاباته إصطلاحات وعبارات ذكرت لأول مرة وأستمر إستعمالها حتى الآن فيقول عن الرهبنة مثلاً : " الطقس الملائكى " وأن " العذارى هن عرائس المسيح " .. و " أنهن ختمن عقداً مع المسيح يدوم حتى الموت " .. " يمارسن الصمت والقراءة فى الأسفار المقدسة ويرتلن المزامير ويعملن بأيديهن ولكن يعشن عيشة الفقر الإرادى " (8) وقد عثر العالم "لوفر" فى الدير الأبيض على مخطوطات بها اجزاء من عظات البابا أثناسيوس كان يستخدمها الأنبا شنودة فى تعليم الرهبان ورد فيها ايضاً بعض العبارات والأسماء أطلقها البابا على الرهبنة أو البتولية مثل " موهبة إلهية " ويسميها أيضاً " غنى الكنيسة " ، " عطية البذل المحفوظة للرب " و " العذراء تعيش حياة غير مائتة فى جسد مائت " (9) أفكار البابا أثناسيوس عن الزواج والبتولية أرسل البابا اثناسيوس خطاباً إلى آمون أب رهبان إقليم نتريا عن الزواج والبتولية إحتوى هذا الخطاب تبجيله الفائق للحياة الرهبانية فقال : [ لأنه يوجد طريقان فى الحياة بخصوص هذا الأمر : واحد الأكثر إعتدالاً والعادى أقصد الزواج .. والآخر ملائكى ولا يفوق عليه شئ وهو البتولية ، والآن إذا إختار الإنسان طريق العالم أى الزواج فلا يلام ، غير انه لا يستطيع أن يحصل على مواهب كبيرة كالآخر .. فهو سيحصل على ثمر بمقدار ثلاثين ، ولكن إذا تقبل الرجل الطريق المقدس غير الأرضى ، فبموازنته مع الأول فهو وإن كان خشنا وشاقاً فى تكميله إلا أن ثماره أكثر وأعجب ، لأن فيه تنمو الثمار الكاملة بمقدار المائة .. فقوى ايها ألاب قطيعك الذين تحت تدبيرك ، عظهم بالكتابات الرسولية ( الرسائل) وقدهم بالأنجيل وإرشدهم بالمزامير ] (10) أثناسيوس يعيش بروح انطونيوس الرهبانية ذكر المؤرخين ان البابا أثناسيوس تلقى من الأنبا أنطونيوس الروح النسكية فى شبابه ، وظل يعيش بروح انطونيوس الرهبانية ، فتكنت الرهبانيه منه فراح يذيعها فعلم اوربا الرهبنة أثناء نفيه الثانى الذى أمتد إلى 90 شهراً وما زال كتابه الشهير الذى أنتشر فى أوربا عن " حياة أنطونيوس " يأتى بثماره حتى الآن وبدأت ثماراً فورية فى الغرب ونشأت جماعات رهبانية هناك وكان رؤسائها يرسلون للبابا المصرى أثناسيوس رسائل يستفسرون عن النظم الرهبانية المصرية وسلوك النسك فيها ، وعندما رجع إلى مصر بعد نفيه الثانى بث روح النسك والرهبنة التى أنتشرت فى صدور شباب مصر وفتياتها حتى صارت جموع الرهبان تعد بعشرات الألوف ، فى نتريا والقلالى وشيهيت وطيبة .. وفى كل صعيد مصر من منف حتى أسوان . وقد كان لهذه الطغمة الملائكية إستقلالها عن الكنيسة شديدة فى بداية نموها تعمل كدعامات لها خارجية قوية ، وأحس أثناسيوس أنه جزء منهم وفى نفس الوقت هو راس الكنيسة ، فإهتم بهم وأعتمد عليهم لأنهم كانوا جيشاً قوياً ضد الأريوسيين .. ونشأت صداقة حميمة بين البابا اثناسيوس ورؤساء الجماعات الرهبانية مع : أمونيوس فى نتريا ، وأنطونيوس فى بسبير ، وباخوم فى طبنسين كان لهذه الصداقة اثر عميق هدفها عدة أسس هى : *** توجيه الحياة الرهبانية وحفظها على مستوى من النسك العالى وتنميتهم فى الفضائل الروحية . *** تعليم الرهبان ألاراء الفكرية والفلسفية المختلفة فصارت الأديرة مدارس فكرية تنشر التعليم المسيحى الأرثوذكسى الصحيح . *** تطهير الفكر الرهبانى من الاراء المخالفة الأريوسية وسائر الهرطقات والإنحرافات الفكرية الأخرى . ومن الخطابات القليلة التى أحتفظ لنا بها التاريخ خطابات أرسلها لآمون رئيس نتريا .. ولآمونيوس تلميذ تادرس الباخومى الذى عاش فى نتريا ، ولأورسيزيوس فى طبنسين أو لرؤساء أو لجماعات رهبان صغيرة متناثرة فى الوادى لم يذكر أسمائهم ، وكان وسيلة أتصاله بهم هو أما أنهم كانوا يزورونه او أو يراسلونه على الدوام يسألونه عن كل شئ من الرأى اللاهوتى حتى دقائق الأمور النسكية التى كانت تصعب عليهم فهمها أو الأمور التى كان يصعب عليهم ةإعطاء تعليم بشأنها ، والتاريخ يثبت ذلك عندما أرسل آمون يسأله بشأن : الإحتلام الليلى ، والأفكار ، والمناظر الليلية الخارجة عن حدود الطهارة والتى كانت تعثر الرهبان فى حياتهم الرهبانية . (1) |
الرهبنة القبطية محاضرة للبابا شنودة الثالث
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين الرهبنة أيضاً، فيه نقطة اللى عايزكوا تفحصوها ، رهبنة البنات، تاريخها وأمكنتها وقديساتها ، اعملوا بحث زى ما انتوا تعوزوا ، الرهبنة عموماً وإن كانت ظهرت فى أواخر القرن الثالث، وازدهرت فى القرن الرابع والخامس، لكن لها جذور قديمة ، الرهبنة كحياة وحدة وسكنى الجبال وكحياة بتولية وكحياة صلاة وتأمل كل هذه المبادئ كانت موجودة قبل الأنبا أنطونيوس وكانت لها جذور أيضاً فى العهد القديم، كما وجد فى حياة إيليا النبى وتوحده على جبل الكرمل وكذلك مدرسة الأنبياء وظهورها خصوصاً فى أيام إليشع وما بعده حياة الصلاة فى الجبال كانت موجودة أيضاً وحياة البتولية كانت موجودة أيضاً. نجد هذا كذلك فى حياة يوحنا المعمدان وفى حياة حنة النبية التى عاشت 84 سنة فى حياة العبادة والتأمل والتوحد، إذاً مقومات الرهبنة كانت موجودة ، لكن كل هذه الأشياء لكى تجتمع معاً ولكى تأخذ شكلها المتكامل كانت فى أيام القديس الأنبا أنطونيوس وقبله فى حياة الأنبا بولا ورهبنة البنات كانت موجودة فى بيوت العذارى، ولذك القديس الأنبا أنطونيوس أرسل أخته إلى إحدى بيوت العذارى وهؤلاء العذارى كانت موجودة حياتهم وأنظمتهم منذ حياة الرسل ، ومكتوب عن ذلك فى رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس فى حياة العذارى ، وكن يتعبدن هناك ، بقى بعد هذا أين توجد هذه البيوت ، ماكنتش حياة العذارى فى الجبال أو فى البرية خوفاً عليهن من الاعتداء على عذراويتهن من الأشرار أو من البدو أو من البربر أو إلخ ، كانت بيوت العذارى قريبة من المدن ، فهل هناك بيوت أخرى قريبة من أديرة العامرة للرهبان وهنا نبحث أيضاً مثال الدير الذى أتته الراهبة التى سميت بالهبيلة أو التى تظاهرت بالجهل والهبل وكيف أن القديس الأنبا دانيال قمص شيهيت كان يفتقد هذا الدير ويزور الراهبات اللى فيه ويأخذ اعترافاتهم، دى كلها كانت موجودة برضة ، مفيش شك ما كانتش فى المدينة ، نوع أيضاً من رهبنة البنات الراهبات اللائى أتين فى زى الرجال وترهبن على أنهن رجال مش نساء ، وعاشوا فى أديرة الرجال وأمثلة هذا الراهبة مارينا التى اتهمت كرجل أنها أخطأت مع بنت وهى كانت بنت الخ، او راهبات كن يعشن فى الجبل تحت رعاية أب روحى على اعتبار أنهن رجال أيضاً مثل القديسة أناسيمون ، فاللى كان فى الوقت دى بيخللى الشئ ده مقبول إن بعض الخصيان كانوا يترهبون وطبعاً ما كنتش ليهم لا لحية ولا حاجة ، فكانوا بيفتكروا إن البنات دية رهبان خصى ، راهبات كانت لهن أديرة فى بيت لحم أورشليم مثل الراهبات اللائى ترهبن تحت إشراف القديس جيروم مثل القديسة يستخيوم وأمها القديسة باولى فى رسالة كتبها القديس جيروم إلى يستخيوم ، فاكر إن أنا ترجمت الرسالةدى زمان قبل ما أبقى أسقف وبعدين لقيتها مترجمة فى سبورتنج تحتى عنوان رسالة إلى الشباب قلت طب كويس للقديس جيروم بدأها بقوله لها من عبارة المزمور 45 اسمعى يا ابنتى وانسى شعبك وبيت أبيك فإن الرب قد اشتهى حسنك لأنه هو ربك وله تسجدين، من الراهبات أيضاً المشهورات القديسة سارة والقديسة سفرنيكى برضة كل الحاجات دى عايزين نجمعهم ويا ريت يتعمل فيه بحث عن رهبنة الراهبات وبيوت العذارى ، ولو استطاع دير من الراهبات إنه يقوم بالوضع ده يبقى كويس ، لو أنتم كطلاب علم وبحث ولكم خبرة فى هذه الامور قمتم بهذا العمل يبقى كويس، الرهبنة فى أديرة الرجال أيضاً تحتج إلى بحث طويل لأن كانت الأيرة منتشرة من الفيوم حتى جبل القلمون حتى النقلون وكان عشرة الأديرة ورهبنات أيضاً فى الصحراء الغربية ، ورهبنات كانت فى منطقة برنوك ومنطقة كليا ومناطق المتوحدين وأديرة أخرى انتشرت من أديرة الأنبا باخوميوس فى إسنا وامتدت جنوباً فى أقصى الصعيد ، الفيوم كان يوجد فيها عدد كبير من الأديرة فى أيام القديس الأنبا أنطونيوس الكبير كتب رسالته رقم 20 للقديس الأنبا ببنودة رئيس أديرة الفيوم كام دير من أديرة الفيوم هناك ، إحنا بدأ نعترف بالبعض، لكن هناك أديرة، اعترفنا بدير الملاك وفيه دير هناك اسمه دير الأمير تادرس فيه أديرة فى نواحى إيبارشية بنى سويف، زى دير سدمنت ، كل هذا يحتاج أن يبحث من الناحية التاريخية والأثرية ومن ناحية القديسين الذين عاشوا فى هذه المنطقة أو الراهبات اللائى عشن فى هذه المنطقة أديرة جبل النقلون وجبل القلمون إحنا المشهور عندنا دير الأنبا صموئيل لكن فيه أديرة تانية، يا ريت اللى يخشوا فى هذا الموضوع أن يقرأوا كتاب الأربعين خبراً لمعرفة أخبار المتوحدين وأخبار السواح الذين عاشوا فى تلك المناطق ولا توجد معلومات كثيرة عنهم، لكن كتبا الأربعين خبر اتكلم كلام كتير عنهم، الدياكون رشدى بيقول كان لى زميل فى تسالونيكى اسمه دكتور سعيد حكيم رسالة الماجستير اللى قدمها إلى جامعة أرسكوا عن الرهبنة النسائية ولا نعرف عنه شئ ما دى خطر الذين يبحثون وينشرون بحوثاً دون اتصال بالكنيسة ودون طلب إنها تنشر فى محيط الكنيسة، أيضاً أنا لا أعرف ماذا فعله هذا الباحث وهل بحثه عن الرهبنة النسائية القبطية أم عن الرهبنة النسائية بصفة عامة ، يعنى قلت لكم الأديرة اللى كانت تحت إشراف القديس جيروم كانت فى الأراضى المقدسة ، فى فلسطين لكن ماكنتش فى مصر دى عن الأديرة النسائية فى مصر، فيه نوع آخر من الرهبنة ربما أنتم ما قرأتوش عنه كتير وهو نوع العموديين مثل القديس سمعان العمودى ، كان الإنسان يترهبن على مرتفع فوق عمود ولا يتحرك من هناك وكانت حياة شظفة وصعبة ، بعض من هؤلاء العموديين نشرت عنهم مجموعة أورينتاليس وبعضهم من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، إحنا برضه يهمنا فى موضوع الرهبنة لما ندرسها أن ندرس ليس فقط الرهبنة القبطية إنما الرهبنة عند اخوتنا السريان أيضاً واخوتنا الأرمن فى العالم الأرثوذكسى الشرقى ، وأيضاً الرهبنة بوجه عام وكيف انتشرت مش بس الرهبنة القبطية وهتلاقوا سير قديسين حياتهم مملوؤة بالفضيلة والأعمال الطيبة، يعنى منين فيكم بيدرس سيرة القديس أوكيم والقديس إيلاريون وبلاد العراق وسوريا ويعتبروا من الآباء الكبار هناك مين فيكم بيدرس سيرة مار أفرام السريانى؟ قديس من القديسين الكبار، برضه فيه حاجات لازم ندرسها ، ممكن إن احنا هنا نديكم فكرة عامة عن هذه الموضوعات وأيضاً تبحثوا عن مراجعها، وإن معرفتوش نشوف لكم ، ويا ريت تفكرونا أفتح لكم المكتبة. |
بستان الرهبان الانبا مقاريوس قيل عن الأب مقاريوس إنه كان يوصي تلاميذَه بأن لا يقتنوا مقتنياتٍ البتة. فقد كان يخاطبهم بقوله: «إن الراهبَ له جبة مع أنه لا يساوي عند نفسِه جبة». وكان يقول أيضاً: «إن محبي المسيح الذين أرادوه قد تركوا نعيمَ الدنيا ولذَّاتها. وصارت منزلةُ العالمِ عندهم كمنزلةِ العُوَيْد الصغير، فلم يتألموا على فقدِ شيءٍ منه. إن الإنسانَ الذي يأسف على فقدان شيءٍ منه فليس بكاملٍ بعد. فإن كنا قد أُمرنا أن نرفضَ أنفسَنا وأجسادَنا فكم بالحري المقتنيات. إن الشياطين تحترقُ بهذه الفضيلةِ وأمثالها عندما يرون إنساناً غيَر ملتفتٍ إلى الأشياءِ وليس بمتأسفٍ عليها إذا فقدها، لا سيما إذا علموا أنه يمشي على الأرضِ بغيرِ هوىً أرضي. إن نيَّاتِ الناسِ مختلفةٌ حتى أنه يمكن لإنسانٍ بنيةٍ نشيطةٍ وحارةٍ أن يتقدمَ في ساعةٍ واحدةٍ ما لا يمكن لغيرهِ أن يتقدَّمه في خمسين سنةً إذا كانت نيَّتهُ متوانيةً. والشياطينُ إذا رأوْا إنساناً قد شُتم أو أُهين أو خسر شيئاً ولم يغتم، بل احتمل بصبرٍ وجَلَدٍ فإنها ترتاع منه، لأنها تعتقد وتعلم بأنه قد سلك في طريقِ اللهِ». وحدث مرةً أن أرسلَ شيوخُ الجبلِ إلى الأنبا مقاريوس يقولون له: «سِرْ إلينا لنشاهدَك قبل أن تنصرفَ إلى الربِّ ولا تضطرَّ الشعبَ إلى المجيءِ إليك». فلما سار إلى الجبلِ اجتمع إليه الشعبُ كلُّه. وطلب إليه الشيوخُ قائلين: «قل للشعبِ كلمةً أيها الأب». فقال: «يا أولادي الأحباء، عظيمٌ هو مجدُ القديسين، فينبغي أن نفحصَ عن تدبيرِهم الذي نالوا بواسطتهِ هذا المجدَ، وبأي عملٍ وفي أي طريقٍ وصلوا إليه. وقد علمنا أنهم لم يشتروه بغنى هذا العالم ولا حصَّلوه بصناعةٍ ما أو بتجارةٍ ما. ولا اقتنوه بشيءٍ مما يملكون، إذ أنهم تمسكنوا وتغربوا عن هذا العالمِ، وجالوا جياعاً فقراءَ، فعلى ما أراه أجدُ أنهم نالوا ذلك المجدَ العظيمَ بتسليمهم ذواتهم وتدبيرِ أمورِهم ونيَّاتهم للهِ، فأخذوا إكليلَ المجدِ السمائي، فما الذي كان لهم وليس هو لنا سوى أنهم تركوا أهويتهم كلَّها من أجلِ الربِّ وتبعوه حاملين الصليب؛ ولم يفصلهم حبُّ شيءٍ آخر عن محبتهِ تعالى. لأنهم لم يحبوه أكثرَ من الأولادِ فقط مثل إبراهيم، بل وأكثر من ذواتِهم أيضاً، كما يقول بولس الرسول لا شيء يستطيعُ أن يفصلَه عن حبِّ الله. الراهب شهيد الراهب شهيد حى لكن بدون مجد العالم الزائل...شهيد لم تمزقة انياب السباع. لكن شهيد عشق الهى صوفى عميق...شهيد صلاة يريدها فعالة تستجاب...شهيد العزلة والسهر والدموع فى مناجاة حب روحانى جارف لايمكن ايقافة ...شهيد الساعة الاخيرة من العمر.ومن اجل الرب يموت كل يوم . الراهب هو صورة المسيح المتالم فى هذا العالم لا يرى نفسة الا معلقا على خشبة الصليب . الى ان يرتاح جسدة الترابى فى الارض...فهو يختبر كل يوم لحظات يوم الجمعة العظيمة ويترقب يوم احد القيلمةبرجاء.الراهب هو ذاك المستعد المتأهب لاعتقال كل فكر لطاعة المسيح.والملتهب الدائم بحرارة الروح القدس.والرائى فى ليللا يملك احد فية رؤية الراهب ات من سفر بعيد محفوف بالمخاطر والالام. ات ليستريح مع الرب وفى الرب جميع ايام حياتة .فى هذا الطريق الصعب.يسير الرب بالراهب باسطا جناحية علية.ليدخل البابويختفى تحت ظل القدير |
طقس تكريس المكرسة بعد ذكصولوجيات باكر وقبل رفع البخور تقرأ المتقدمة للتكريس التعهد المناسب لها وهو أحد ثلاثة أنواع من التعهد، وتقف أمام الهيكل مطأطئة الرأس فى انسحاق. وبعد الصلاة الربية وصلاة الشكر يتلو عليها الأسقف الصلوات الآتية: تعهــــد المكرســــــة أنا الضعيفة........................................... ........... إذ ألتمس قبولى فى طريق التكريس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أتعهد أمام مذبح الله، وأمام أبينا قداسة البابا شنوده الثالث / نيافة المطران / الأسقف، أن ألتزم بوصايا الكتاب المقدس، والعقيدة القبطية الأرثوذكسية، وممارسة الإعتراف والتناول، وجهادات الحياة الروحية، والأمانة فى المسئولية، وحسن التعامل مع الغير والخضوع للرئاسة الكنسية ممثلة فى قداسة البابا شنودة الثالث /نيافة المطران/ الأسقف. وأنى إذ أنال بركة ارتداء زى............... اليوم الموافق........... م .................. ش أتعهد أن يكون استمرارى فى ارتدائه مشروطاً بالتزامى بطريق التكريس إلى النهاية بنعمة الله. أرجو أن تصلوا من أجلى. ها ميطانية. حاللنى وباركنى يا سيدى قداسة البابا / نيافة المطران / الأسقف. تقال أبانا الذى............ وصلاة الشكر ثم يتلو عليها الأب الأسقف الصلوات التالية : يقول الأسقف : "أيها الرب الحكيم فى مشورته الذى خلق الإنسان على صورته ومثاله، ذكراً وأنثى خلقهما على صورته ومثاله، ومنحهما البركة نسألك يارب اسمعنا وارحمنا... (يارب ارحم) "يارب يا من منحت النبوة لمريم أخت موسى وهارون، ولدبورة وخلدة وحنة إبنة فنوئيل، وسمحت أن يكون لفيلبس المبشر بنات عذارى يتنبأن، نسألك يارب اسمعنا وارحمنا... (يارب ارحم) "يا من أفضت روحك القدوس على الرجال والنساء معاً وأعطيتهم مواهب الروح... نسألك يارب اسمعنا وارحمنا... (يارب ارحم) "يارب يا من سمحت أن ترسل مريم المجدلية لتخبر رسلك القديسين بقيامتك المجيدة، ويامن سمحت أن تكون فيبى شماسة فى كنيستك المقدسة... كما سمحت يارب فى القديم إسمح أمامك اليوم، أن تشترك (هذه) أو هؤلاء فى خدمتك، واجعلنا مستحقين أن نكمل هذه الخدمة بغير وقوع فى دينونة أمامك، وأفض نعمة روحك القدوس عليهن بالنعمة والرأفات... "أيها الرب الإله الذى لا ترفض النساء اللاتى يقدمن أنفسهن، بإتفاق المشيئة الإلهية ليخدمن بنية صالحة، بل سمحت أن تدعوهن خادمات لك، أعط نعمة الروح القدس (لإمائك هؤلاء) (اللاتى) يرغبن فى أن يقدمن أنفسهن لك، ليتممن خدمتك، كما منحت نعمة هذه الخدمة لعبدتك فيبى التى دعوتها للعمل فى كنيستك، فكانت معينة لعبدك بولس الرسول... أفض عليهن مواهبك المقدسة بالنعمة والرأفات...". "أيها الرب الأزلى أبو ربنا يسوع المسيح أنظر الآن إلى إمائك هؤلاء اللاتى دعين لخدمة التكريس. أعطهن نعمة الروح القدس وطهرهن من كل دنس الجسد والروح، لكيما بإستحقاق يتممن العمل الذى تعهد به إليهن". لك المجد والسجود مع ابنك الوحيد والروح القدس إلى أبد الأبدين أمين. "أيها الرب الإله القدوس القادر على كل شئ، يا من قدست النساء بميلاد إبنك الوحيد من العذراء القديسة مريم حسب الجسد. نسألك يارب...." (يارب ارحم) "يا من أعطيت نعمة الروح القدس ليس للرجال فقط وإنما للنساء أيضاً. الآن يارب انظر إلى إمائك هؤلاء، أدعوهن للخدمة وأفض عليهن موهبة روحك القدوس، إحفظهن فى الإيمان الأرثوذكسى، متممات خدمتك باستمرار بلا لوم حسب مسرتك، لأن لك كل المجد وكرامة وسجود أيها الآب والإبن والروح القدس". (يارب ارحم) "يا الله القدوس العلى الناظر إلى المتواضعات، يامن إختار الضعفاء والأقوياء وكرّم - اللواتى هن فى إتضاع. أرسل يارب نعمة روحك القدوس على إمائك هؤلاء. قوَهن ببرك، فإذا عملنّ بوصاياك، وخدمنّ فى بيت قدسك كنَّ لك آوان مكرمة لتمجيدك. إعطهن يارب قوة لكى يسلكنّ بإبتهاج، حسب تعاليمك التى رسمتها قانوناً لخدمتهن، هبَهن يارب روح التواضع والقوة والتسبيح والإحتمال والصبر، فإذا حملن نيرك بفرح، وصبرنّ على الجهاد تكون لهن أكاليل الخدمة".. "نعم أيها الرب العارف بضعفنا، كمل إماءك وليقمن بخدمة النساء، ويفتقدن المريضات والغائبات عن الكنيسة، ويقمن بخدمة الفقيرات والمحتاجات، ويساعدن فى يوم عماد النساء الكبيرات، ويعلمن الموعوظات، ويرتبن النساء فى الكنيسة. قوهّن للبنيان والمثال الصالح. قدسهَن.. أنرهَن.. أعطهنَ حكمة.. لأنك مبارك وممجد أيها الآب والإبن والروح القدس". (يارب ارحم) "استمع يارب صلواتنا وأرسل عليهنَ بركة من الروح القدس، لكى يتمَمن خدمتك بغير وقوع فى دينونة، ويقدمَن مثالاً للحياة المقدسة. باركهَن يارب هؤلاء اللاتى اشتريتهنَ بالدم الثمين...". (يارب ارحم) يقول الشماس : من الرب نطلب... ويكمل الأب الأسقف الصلاة قائلاً : عن سلام الكنيسة المقدسة الجامعة الرسولية: من الرب نطلب.... (يارب ارحم) عن خدمة النساء فى الكنيسة، وعن الفقيرات، والمريضات، والموعوظات: من الرب نطلب... (يارب ارحم) عن هؤلاء المتقدمات إلى خدمة التكريس بتزكية من قدموهنَ، لكيما يمنحهنَ الرب نعمة وقوة، ويبارك خدمتهَن، كما بارك خدمة فيبى من قبل: من الرب نطلب.... (يارب ارحم) أخيراً اجعلنا مستحقين أن نقول بشكر: أبانا الذى فى السموات... بعد ذلك يرشمهن الأسقف بالصليب الرشومات الثلاثة المعروفة (بدون وضع يد) وهو يقول فى كل مرة: (فلانة) مكرسة فى كنيسة الله المقدسة القبطية الأرثوذكسية. (خين إفران....). ثم يبارك على الملابس الخاصة بالخدمة (يرشمها بالثلاثة رشومات) ليلبسنها. ثم بعد ذلك تقرأ لها الوصية التالية : الوصية الخاصة بالمكرسة "اعلمى أيتها الإبنة المباركة أن الرب قد اختارك لخدمة التكريس بالكنيسة المقدسة. فإحفظى الوصية، وإحرصى أن تكونى بلا لوم وأن تحفظى ثوب التكريس بلا عيب. إملئى فمك من التسبيح، وكونى دائماً فى ملء النعمة بوسائط الأسرار المقدسة. وأسلكى فى الطاعة لأبيك الأسقف ولمن يرشدك فى طريق الله. وإحفظى الأمانة فى العقيدة، وفى الخدمة التى إئتمنت عليها من قبل الكنيسة، وليهبك الرب القوة بنعمته، ويحسبك من العذارى الحكيمات عرائس المسيح المباركات". |
الراهب توما السريانى معطلات الرهبنة تتحقق كانت نصائح نيافة الأنبا شنودة أسقف التعليم للمهندس مكرم في محلها، فكانت كسراج منير كشف له الطريق، لأنها نابعة عن مرشد ماهر، وخبير محنّك بالأمور الرهبانية... وسنري أنه قد تم بالضبط كل ما قاله له... أولاً: دعوة رسمية للتكريس بمجرد عودة المهندس مكرم من مقابلته مع الأنبا شنودة في دير السريان إلي دير الأنبا بيشوي المجاور، أن تقابل هناك في نفس الصباح مع أحد أصدقائه وهو الدكتور ماهر جورجي من دمياط، فتحدث معه بشأن رغبة الأنبا أغابيوس أسقف ديروط المتنيح، أن يكون عنده مكرسين بالمطرانية، وربما عرض له الدكتور ماهر إسم المهندس مكرم، حيث أنه كانت هناك فكرة عن تكريسه بدمياط... وقال له الدكتور ماهر أنه قد وقع الإختيار عليك وطبعاً إعتذر المهندس مكرم ولم يتم ذلك. ثانياً : دعوة للزواج قُدّمت له دعوة للزواج حتي يتيسر له الكهنوت بل عرض عليه نوع من الزواج البتولى، وفعلاً جهزوا له زوجة ترغب أيضاً في البتولية... ولكنه لم يقبل. ثالثاً : دعوة للكهنوت عرض عليه أولاً دعوة للكهنوت بسوهاج عن طريق أبونا ميخائيل سعد كاهن كنيسة سموحة المتنيح الذي رشحه لذلك وتكلم معه ولكنه اعتذر. وكانت دمياط في أشد الإحتياج إلي كاهن آخر...فقاموا بترشيح المهندس مكرم إسكندر نقولا، وقوبل الموضوع بإرتياح كبير من الشعب... وكتبوا تزكية لتقديمها لنيافة الأنبا تيموثاوس مطران الدقهلية ودمياط ودير القديسة دميانة ودير مارجرجس الدمسيسي وكان بعدما أنهي دراسته للماچستير وفي إنتظار إقرار مجلسي الكلية والجامعة لها. رحلة إلى دير دميانة بعد ذلك طلب المتنيح الأستاذ ألفونس نقولا مع القمص بيشوي عبد المسيح ولجنة الكنيسة منه أن يحضر إلي دمياط لنهضة روحية لإلقاء عظات... وبعد إستشارة أب إعترافه نصحه بالذهاب إلي النهضة الروحية مع الإحتراس من قبول السيامة الكهنوتية ولما حضر إلي دمياط وألقى العظة في النهضة وجد أن لجنة الكنيسة مع الكاهن قد أعدّوا لرحلة في الصباح التالي إلي دير القديسة دميانة، فحاول أن يتخلّص منهم، لولا أن عمه الأستاذ ألفونس أظهر غضبه الشديد، مما جعله يُحرج ويضطر للمضي معهم. ويضيف لنا نيافة الأنبا بيشوي ما حدث بالضبط عندما وصل إلي الدير... فقال: عندما وصلنا إلي دير القديسة دميانة، تركت الجميع وإنسحبت وأسرعت بالدخول إلي قبر القديسة دميانة... وهناك صليت وقلت لها... ساعديني يا قديسة لكي أصل إلي الرهبنة، لأن المعطلات بدأت تعمل..!! مقابلة نيافة الأنبا تيموثاوس ... وبعد إلحاح من الكاهن... ومن الأستاذ ألفونس دخلنا لمقابلة الأنبا تيموثاوس مطران الإيبارشية. وكان المهندس مكرم محترساً جداً في المقابلة، وخاف أن يضع المطران يده عليه ويرسمه كاهناً، علي غير رغبته، فكانت المقابلة حذرة جداً. ونترك المجال لنيافة الأنبا بيشوي لكي يصف لنا دقائق المقابلة التي كنا حاضرين فيها بكاملها... قال نيافته: «لما تقابلت مع نيافة الأنبا تيموثاوس وبعد أن تسلّم من الحاضرين تزكيتي للكهنوت في دمياط، عرض علىّ السيامة في الكهنوت فإعتذرت له بأني غير مستحق لهذه الرتبة الجليلة والمسئولية الكبيرة وبعد محاولات كثيرة قال لي : إنت ناوي تترهبن؟! فقلت له: بصلوات نيافتك جايز... فقال لي : تعالي أصلي لك فقلت: لاداعى... لأني غير مطمئن إلي نوع الصلاة التي ستصليها لئلا تكون من نوع الرسامات الكهنوتية!! فتكلمت مع أبونا بيشوي عبد المسيح الذي كان حاضراً معنا فقال لى: لاتخف أنت لم تتزوج بعد، ولايمكن أن تتم سيامتك كاهناً إلا بعد الزواج... حينئذ ركعت أمام المطران وصلى لى... وقمت بعدها مستريحاً، لأنه قال لي «أنت ناوي تترهبن». ثم رجعت إلي دمياط بعدما فشلت المساعي لسيامتي كاهناً. فى الطريق إلى الدير (للرهبنة) دراسة الدكتوراة رجع المهندس مكرم إلي الأسكندرية، وذهب إلي مقر عمله بكلية الهندسة، وأثناء إلقائه محاضرة لطلبة الهندسة... دخل موظف يطلب منه التوقيع علي ورقة تفيد بأنه توجد بعثات للخارج لطلبة الدكتوراة، وهو أحد المرشحين لها... فوقع عليها بالعلم!!! ولكنه كان ينوي الخروج إلي البرية... الحادثة التى عجلت بذهابه للدير بعد أن وافق مجلس الجامعة يوم 28 مايو 1968 علي حصول المهندس مكرم علي درجة الماچستير في الهندسة الميكانيكية وبينما هو مستعد للسفر إلي الدير للرهبنة بعد بضعة أيام، مضي كاهن دمياط إلي والدته في بورسعيد يطلب منها مساعدته في التأثير عليه ليقبل الكهنوت في دمياط... وفوجئ برفضها الشديد لمجرد الفكرة وغضبت وقالت أن ابنها سيكمل دراسته في الجامعة ويصير أستاذاً بها. ولسبب رد الفعل الذي أبدته والدته، إضطر الكاهن إلي الإنسحاب والإعتذار. ولما رجع إلي دمياط إتصل علي الفور تليفونياً بالمهندس مكرم في بيت عمه بالأسكندرية يخبره بما حدث، ويعلمه أن والدته غضبت للموضوع وقررت الذهاب إلي الأسكندرية خلال أيام لمقابلته... وطلب إليه أن يحاول أن يريحها وألا يتضايق لما حدث وكان المهندس مكرم يزور عمه الدكتور يوسف نقولا الأستاذ بجامعة الأسكندرية بقصد التوديع، وعلى أثر هذه المكالمة التليفونية قرر المهندس مكرم الذهاب إلي الدير فوراً، قبل أن تصل والدته إلي الشقة التي كان يقطن فيها الأسكندرية ويصبح من العسير أن يأخذ كتبه الروحية ويسافر إلي البرية... وكانت هناك متعلقات، كلّف أحد أصدقاؤه بإنجازها، ومتابعة هذه الأمور. وبعدما سلّم عهدته بالكلية سافر إلي الدير، وكان في يوم عيد الصعود، 30 مايو 1968م. مقابلة مع نيافة الأنبا ثيئوفيلس قال المهندس مكرم: كنت قد نذرت نذراً للأنبا بيشوي عند قبولي للرهبنة، فإشتريت شمعاً وبخوراً وأخذته معى، ثم مررت علي دير الأنبا بيشوي لأوفي النذر، وبعدها مضيت إلي دير السريان فوجدت نيافة الأنبا ثيئوفيلس جالساً بالحديقة العلوية للدير، فجلست بجواره علي الأرض... فقال لي: ما هو سبب حضورك في هذا الوقت بالذات أليس لديك مراقبة إمتحانات؟! فقلت له: أنا إعتذرت عنها، ففهم إني قد حضرت للرهبنة... فقال لي: إذهب قابل الأنبا شنودة... وكان في بيت الخلوة وقد حضر من المغارة لتسليم بعض فصول من كتابه (القديس مرقس الرسول). فجلست معه، وقصيت عليه كل ما حدث... وقلت له: إن كلام نيافتك لي قد تحقق بالضبط... ومن دعوة للتكريس، إلي دعوة للكهنوت، إلي دعوة للزواج، إلي دعوة لدراسة الدكتوراة بالخارج، إلي ضغوط من الأسرة... وأشكر الرب بصلواتك تخطيت كل هذه العقبات، وقررت أن أعيش حياة الرهبنة، وها قد حضرت إلي الدير لهذا الغرض. شهادة الأنبا ثيئوفيلس حضرت والدة المهندس مكرم إلي الدير وتقابلت مع نيافة الأنبا ثيئوفيلس رئيس الدير وسألته عن ضرورة بقاء الراهب مدة لاتقل عن ثلاث سنوات يختبر فيها قبل سيامته راهباً فقال لها: أنا لدي هنا بالدير ما لا يقل عن مائة راهب، لكن إبنك هذا ناضج أكثر من جميعهم. ولم يعلم المهندس مكرم بما قاله الأنبا ثيئوفيلس عنه إلا منذ فترة وجيزة. ذهاب لجنة من دمياط إلى الدير إستقل عمه الأستاذ ألفونس مع كاهن دمياط القمص بيشوي عبد المسيح وبعض الإخوة، من أراخنة الكنيسة عربة وذهبوا إلي دير السريان، وهناك تقابلوا مع نيافة الأنبا ثيئوفيلس.. وقالوا له: نحن حزنا جداً في دمياط، لأننا كنا ننتظر أن يرسم المهندس مكرم كاهناً على كنيسة دمياط ليساعد عمه في الخدمة. فأجابنا وهو ينظر إلي الكاهن وقال: «إنت كنت عايزه قسيس معاك، ماتزعلش بكرة يرجع لك مطران فوقك». ولم يعلم المهندس مكرم بهذا الحديث إلا بعد سيامته أسقفاً. وهكذا تمت بالفعل رهبنته بإسم الراهب توما السرياني في 16 فبراير 1969م بدير العذراء الشهير بالسريان. رسامته قساً بالدير وقد تمت سيامته قساً بعد ذلك بإسم القس توما، وكان ذلك في أحد التناصير سنة 1970م بعدما كان رافضاً فكرة نيله رتبة كهنوتية بالدير... لكنه فوجئ يوماً بمجئ نيافة الأنبا ثيئوفيلس بالكنيسة وضغطه عليه لكي يقبل هذه الرسامة... لدرجة أنه جري وراءه في الكنيسة... ولما أراد الهروب من كنيسة العذراء المغارة... فوجئ أن باب الخورس مقفول، وفي الوقت نفسه وجد أبونا فلتاؤس واقفاً في وسط البابا القبلي بحيث لايمكن أن يدخل منه أحد أو يخرج. فاضطر لقبول الرسامة التي بدأها المتنيح الأنبا ثيئوفيلس بالرشومات عند الباب الغربي للكنيسة ... ثم رُقي إلي درجة القمصية في 17 أغسطس 1972م وذلك عندما قبل بعد أحداث كثيرة أن يصير أسقفاً لدمياط وكفر الشيخ والبراري. |
بستان الرهبان 0013 شرف الرهبنة +آتى للأنبا مقاريوس يوما أحد كهنة الأصنام ساجدا له قائلا : من أجل محبة المسيح عمدنى ورهبنى فتعجب الأنبا مقاريوس من ذلك وقال له : اخبرنى كيف جئت بدون وعظ ، فقال له : كان لنا عيد عظيم ، وقد قمنا بكل ما يلزمنا ، ومازلنا نصلى الى منتصف الليل حتى نام الناس ، وفجأة رايت داخل احد هياكل الأصنام ملكا عظيما (الشيطان) جالسا وعلى راسة تاج جليل وحوله اعوانة الكثيرون فاقبل إليه واحد من غلمانه فقال له الملك : من اين جئت فأجاب : من المدينة الفلانية ، وقال : واى شئ عملت ؟ قال : القيت فى قلب امراة كلمة صغيرة تكلمت بها الى امراة اخرى لم تستطع احتمالها فأدى ذلك الى قيام مشاجرة كبيرة بين الرجال تسبب عنها قتل كثيرين فى يوم واحد . فقال الملك : ابعدوه عنى لأنه لم يعمل شئ . فقدموا له واحد اخر فقال له : من اين أقبلت ؟ قال : من بلاد الهند . قال : وماذا عملت اجاب وقال : دخلت دارا فوجدت نارا قد وقعت من يد صبى فأحرقت النار الدار فوضعت فى قلب شخص ان يتهم شخصا اخر وشهد عليه كثيرون زورا بانه هو الذى احرقها قال : فى اى وقت فعلت ذلك ؟ .... قال : فى نصف الليل فقال الملك : ابعدوه عنى خارجا . ثم قدموا إليه ثالثا ، فقال له : من اين جئت ؟ أجاب وقال : كنت فى البحر واقمت حربا بين بعض الناس فغرقت سفن وتطورت الى حرب عظيمة ئم جئت لأخبرك ....... فقال الملك : أبعدوه عنى . وقدموا له رابعا وخامسا وهكذا امر بابعادهم جميعا بعد ان وصف كل منهم أنواع الشرور التى قام بها حتى اخر لحظة . الى ان اقبل ايه اخيرا واحد منهم . فقال له الملك : من أين جئت ؟ فاجابه : من الأسقيط . قال له : وماذا كنت تعمل هناك ؟ قال : لقد كنت أقاتل راهبا واحدا ولى اليوم أربعون سنة وقد صرعته فى هذه اللحظة وأسقطته فى الزنا وجئت لأخبرك . فلما سمع الملك ذلك قام منتصبا وقبله ونزع التاج من على رأسه وألبسه اياه واجلسه مكانه ووقف بين يديه وقال : حقا لقد قمت بعمل عظيم فلما رايت انا ذلك يا ابى مقاريوس وقد كنت مختبا فى الهيكل ، قلت فى نفسى : مادام الأمر كذلك فلا يوجد شئ أعظم من الرهبنة . وللوقت خرجت وجئت بين يديك . فلما سمع الأنبا مقاريوس منه هذا الكلام عمده ورهبنه وكان فى كل حين يقص على الأخوة امر هذا الرجل الذى اصبح بعد ذلك راهبا جليلا . + ان الرهبنة بالفعل شرف لا يعادله اى شرف ولا شك ان فئة الرهبان من اكثر الفئات القريبة إلى قلب الله . فإن كانت لك اشتيقات من جهتها ودعيت لها اسلك بسرعة ومبكرا. خسارة أن تضيع يوما واحدا بعيدا عن الرهبنة. أما إن اشتقت وجاهدت ولم تجد الدعوة، فبلا عناد ولا تردد لا تلح في الرهبنة فربما خلاصك في طريق البتولية والخدمة. وإن لم تكمل أشواقك بالرهبنة فكن صديقا للرهبنة والرهبان. ابحث عن احتياجاتهم واشترك في تدبيرها وتوفيرها. اسندهم بالصلاة واطلب سند صلواتهم في زيارات روحية لا زيارات ترفيهية لإجهادهم بل للخلوة والتعلم من الرهبنة والرهبان. شجع الآخرين على الرهبنة ولا تكن معوقا لإنسان يسلك هذا الطريق، بل ساعد كل من ترى فيه الاشتياق والدعوة متوفران لكي يهرب من هذا العالم الفاسد لأن + الكل قد زاغوا معا فسدوا ليس من يعمل صلاحا ليس و لا واحد ( مز 14 : 3 ) . جاء في بستان الرهبان انة كان يوجد شخص مجربا بحرب الشهوة ، فطلب من شيخ أن يصلي لاجلة . فظل الشيخ يصلي عنة . وبعد مضي سبعة أيام التقي بة ، فسألة عن حالة ، فأجابة انة لا يزال يتألم من التجربة كما كان ، فتعجب الشيخ بذلك !! واذا بالشيطان يظهر لة في حلم ليلا قائلا : أما انا فمن اليوم الاول من صلاتك عنة ، قد أبتعدت عنة ، ولكنة هو الذي يحارب نفسة ، لانة ياكل ويشرب كثيرا لان اهتمام الجسد هو موت ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام ( رو8:6 ) |
الرهبنة فى سوريا والعراق
انتقلت مبادىء الرهبنة من مصر إلى سوريا بواسطة (هيلاريون) أحد أهالي فلسطين، الذي تخرّج في مدارس الإسكندرية، وكان تلميذاً للقديس أنطونيوس. ولما عاد إلى بلاده سنة 310م اتخّذ له منسكاً بقرب غزة تقاطر إليه الناس من فلسطين وسوريا، وبلغ عددهم نحو ثلاثة آلاف راهب. وكانت نياحته سنة 356م. وكذلك انتقلت الرهبنة إلى العراق بواسطة (أوجين)، الذي كان تلميذاً للقديس باخوميوس. وقد اشتهر في هذه الجهات بالراهب (إبرآم السرياني) الذي وُلد بنصيبين في أوائل القرن الرابع. وكان في صغره طائشاً يظن أن الأمور تجري في العالم بطريق الصدفة. وقد خرج يوماً إلى حقل، ورأى هناك بقرة لفقير فطاردها إلى أن اختفت وأكلتها الذئاب. ولما قابله صاحبها وسأله عنها رد عليه رداً جافاً. وبعد نحو شهر من هذه الحادثة، تأخّر عن منزله واضطرته الحال إلى أن يبيت عند أحد الرعاة، الذي كان سكراناً من الخمر، فنام نوماً عميقاً، وهجمت الذئاب، فأكلت الأغنام، ولما جاء صاحب الغنم صباحاً ليتفقدها وجدها بهذه الحال. فقُدم الراعي وإبرآم إلى القاضي، الذي أودعهما السجن تحت المحاكمة. وتصادف أن كان معهما في السجن إنسان متهم بالقتل وآخر بالزنى وهما بريئان أيضاً مما نُسب إليهما. وبعد أسبوع ظهر ملاك الرب لإبرآم في السجن وسأله عن سبب وجوده فيه، فأظهر براءته، ولكن الملاك أوضح له أن ما عمله مع بقرة الفقير هو السبب في وجوده داخل السجن. وأن زميليه في السجن قد ارتكبا خطايا في ظروفٍ أخرى؛ فكل الأمور مدبّرة بحكمةٍ من الله. ثم حان اليوم المحدّد، لنظر هذه القضايا. فحكم القاضي على بعضهم بالجلد الشديد ثم أودعهم السجن، فتأثّر إبرآم من ذلك، وصلّى لكي يُنجيه الله من هذه الضربات الشديدة، ووطّد عزمه على أن يعيش لله. وبعد نحو شهرين من سجنه ظهر له الملاك ثانيةً في حلمٍ وأنبأه، أنه سينجو من الجلد بشرط أن ينفذ ما تعهّد به. وفعلاً صدر حكم القاضي ببراءته. فذهب إلى القديس يعقوب أسقف نصيبين، الذي أرشده إلى حياة التنسّك. ثم ذهب إلى الجبال القريبة من نصيبين للتعبّد، وانطلق منها إلى برية مقاريوس بمصر؛ حيث بقى هناك ثماني سنوات. ومنها انتقل إلى كبادوكية حيث رسمه باسيليوس الكبير شماساً. وبعد سيامته ذهب إلى بلدة الرُها، وصلى لله لكي يرزقه بمن يقدم إليه نصيحة روحية. فقابل في أثناء دخوله إمرأة – تلبس لباساً فاضحاً – تنظر إليه فسألها عن سبب ذلك. فقالت له: "إن المرأة قد أُخذت من الرجل، فيحق لها أن تنظر إلى أصلها، ولكن الرجل قد أُخذ من التراب، فينبغي أن ينظر إلى أصله الذي أُخذ منه". فتعزى بهذا الكلام وأخذ ينظر دائماً إلى الأرض أثناء سيره. ثم سكن منزلاً يقابله آخر تسكنه إحدى النساء. فانتظرته مرةً وهو يطل من نافذته وطلبت منه البركة، فقال لها: "إنني محتاج" فأجابته "إنني مستعدة لطلبك" فأجابها: "أحتاج إلى بعض الطوب والطين، لأسد هذه النافذة" ولكن هذا الرد الجاف لم يصدها، فكاشفته بما تريد وإلا فضحته. فقال لها: "ليس هنا بل في مكان آخر" ثم أخذها إلى سوق البلدة حيث طلب تنفيذ ما أرادت. فأجابته: "إنها لا تستطيع هذا في السوق أمام نظر الناس" فقال لها: "أتخافين من هؤلاء ولا تخافين من الله الذي يخترق نظره القلوب ويكشف السرائر؟" فتأثّرت بكلامه وطلبت منه أن يرشدها إلى طريق الخلاص. فعلمها كيف تعيش طاهرة. ثم أتى بها إلى منزل المتبتلات.. ولما اشتد الغلاء في المدينة كان يجول ملتمساً عطايا الأغنياء ليوزعها على الفقراء. ثم تنيَّح بسلام نحو سنة 372م وترك عظات عديدة. |
الأنبا يوساب الأبح اسقف جرجا واخميم ولد الطفل يوسف 1735م من أبوين بارين أمام الله وكان والده من أغنياء قرية النخيلة –أسيوط. عندما بلغ يوسف 25 عام أرادا آن يزوجاه فرفض معلنا لهما اشتياق قلبه لحياة الرهبنة. فقصد دير الأنبا أنطونيوس . اخذ على عاتقه الجهاد الروحي وخدمة الرهبان في طاعة كاملة وحب ووداعة قلب فزكوه للرهبنة فرسم راهبا باسم يوسف الأنطوني عاش حياته في أصوام ونسكيات وكان يعكف علي دراسة المخطوطات وكل الكتب الكنسية واللاهوتية فأزداد علم على علمه . اختاره البابا يوأنس ال18 تلميذا له ثم رسمه أسقف علي كرسي جرجا و أخميم 1791م .اشتهر بعظاته ومقالاته و إرشاداته التي كانت سبب في استقرار الارثوذكسية في قلوب المؤمنين .لقب بالأبح لأنه كان يصاب ببحة في صوته لكثرة عظاته اليومية تنيح الأنبا يوساب بعد شيخوخة صالحة عن عمر يناهز 91عاما بركة صلواته تكون معنا ولربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين |
بالاديوس القديس يعتبر من أهم مؤرخي الرهبنة القبطية، زار منطقة نتريا والقلالي، وعاش كصديقٍ للقديس مقاريوس الإسكندري، لكنه كان بفكره أكثر قربًا للقديس أوغريس البنطي بل يُحسب تلميذًا له، إذ تلاقيا خلال محبتهما لفكر أوريجينوس من جهة الاتجاه العقلي التأملي عوض الحياة الرهبانية البسيطة، فأقاما أشبه بمدرسة رهبانية داخل الحياة الرهبانية المصرية، ضمت أنصار الفكر الأوريجيني، الأمر الذي سبب شرخًا وانقسامًا في رهبنة نتريا على وجه الخصوص. نشأته ورهبنته وُلد في غلاطية سنة 363 أو 364م، وتثقف ثقافة عالية. لا نعرف عن عائلته الكثير، إنما نفهم من كتابه "التاريخ اللوزياكي Lausiac History" أن والده كان عائشًا حتى سنة 394م، وأن أخته وأخوه كرسا حياتهما، وإن كان كتابه "حوار بخصوص حياة القديس يوحنا الذهبي الفم" يكشف عن أن أخاه Brisson عاد وترك هذا العمل الديني بكامل حريته ليفلح بستانه الصغير بنفسه. إذ بلغ القديس بالاديوس من العمر 23 عامًا دخل الحياة الديرية في جبل الزيتون بأورشليم ليتتلمذ على يديْ إينوسنت، كما أقام فترة صغيرة مع البيديوس بالقرب من أريحا. وفي حوالي سنة 388م أراد أن يلتقي بمتوحدي مصر ويتعرف عليهم ويتتلمذ على أيديهم، فذهب إلى الإسكندرية وبقي فيها قرابة ثلاث سنوات. التقى بالقديس إيسيذورس الذي كان يدير دار الضيافة بالبطريركية، وهذا سلمه للقديس دورثيؤس الطيبي أو الصعيدي الذي كان يسكن في مغارة تبعد حوالي خمسة أميال من الإسكندرية، وإذ كانت معيشة هذا المتوحد تفوق احتمال القديس بالاديوس تركه وانطلق إلى نتريا ومنها إلى منطقة القلالي ليقيم فيها تسع سنوات حتى إذ اعتلت صحته اضطر إلى العودة إلى الإسكندرية للعلاج. في نتريا والقلالي بقى في نتريا سنة واحدة أو أقل وفي سنة 391م ذهب إلى القلالي ورافق القديس مقاريوس الإسكندري حتى تنيح عام 394م فانضم إلى القديس أوغريس أو إيفاجريوس البنطي ليتتلمذ على يديه حيث كان الاثنان يحبان أوريجينوس. التصق أيضًا بمحبي أوريجينوس مثل أمونيوس وإخوته الطوال القامة. كان ينتقل من القلالي إلى شيهيت خلال التسع السنوات التي قضاها في منطقة القلالي، كما ذهب خلال هذه الفترة إلى أسيوط (ليكوبوليس) ليزور القديس يوحنا الحبيس الأسيوطي الذي تنبأ له أنه سيصير أسقفًا. وقد حضر نياحة معلمه أوغريس سنة 399م. سيامته اسقفًا قلنا إنه ذهب إلى الإسكندرية للعلاج، لكن الأطباء أشاروا عليه أن يذهب إلى فلسطين كتغيير للجو عام 399م. ذهب من هناك إلى بثينية حوالي عام 400م، حيث سيم أسقفًا على هلينوبوليس Helenopolis كما تنبأ له القديس يوحنا الأسيوطي. دخل في الصراعات الخاصة بالحركة الأوريجينية، وقد ظهر مع القديس يوحنا الذهبي الفم سنة 403 في مجمع السنديان حيث وقف ليناصر القديس يوحنا. وفي سنة 405م سافر إلى روما ليشفع في القديس يوحنا. وفي السنة التالية نفاه الإمبراطور أركاديوس إلى صعيد مصر حيث بقى هناك إلى سنة 412م يتنقل في منطقتي طيبة وأسوان، من بعدها عاد إلى غلاطية كأسقف على Apsuna، وقد تنيح قبيل انعقاد المجمع المسكوني بأفسس سنة 431م. كتاباته 1. لعل أعظم ما قام به هو كتابه "التاريخ اللوزياكي Lausiac History"، وقد سُمي هكذا نسبة إلى لوسياس Lausus رئيس حجاب بلاط الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني، إذ أهداه إليه، كتبه حوالي عام 419/420م، يصف فيه الحركة الرهبانية في مصر وفلسطين وسوريا وآسيا الصغرى في القرن الرابع، ويعتبر من أهم مصادر تاريخ الرهبنة الأولى بعد كتاب "حياة أنطونيوس" بقلم البابا أثناسيوس الرسولي. 2. "حوار عن حياة القديس يوحنا ذهبي الفم"، كتبه في أسوان حوالي سنة 408م، إذ كان منفيًا هناك بسبب التصاقه ودفاعه عن هذا القديس. وقد جاء هذا العمل هامًا في الكشف عن حياة يوحنا ذهبي الفم لكنه أظهر تحاملاً شديدًا وبلهجة قاسية ضد البابا ثاوفيلس الإسكندري الذي لا ننكر خطأه في تورطه في قضية القديس يوحنا ذهبي الفم، ويُقال أنه ندم على ذلك قبل نياحته. 3. "عن شعب الهند والبراهمة"، مقال صغير ينقسم إلى أربعة أجزاء، غالبًا الجزء الأول للقديس بالاديوس دون بقية الأجزاء. ملاحظة حدث خلط بين كتاب بلاديوس وكتاب آخر وضع حوالي سنة 400م عن "تاريخ رهبان مصر" يحوي ذات محتويات كتاب بالاديوس بواسطة كاتب مجهول |
الاباء السواح
إن الأنبا ببنودة بعد أن تقابل مع الأنبا نفر السائح، وكفن جسده، التقى بآباء سواح آخرين فقال: بعد أن كفنت جسد القديس أبا نفر السائح مشيت أيضاً أربعة أيام بلياليها بعد ذلك رأيت مغارة أخرى على الجبل، قرعت الباب فلم يرد أحد، فلما جلست عندها حوالي ساعة فكرت في قلبي وقلت لعل الذي كان في هذه المغارة قد تنيح..فلما فكرت في هذا إذ بالقديس صاحب المغارة قد أقبل، وهو حسن المنظر ذو لحية طويلة ويلبس ثوباً من ليف النخل، فلما أبصرني قال لي أنت الأخ ببنودة الذي وارى جسد القديس أبا نفر السائح.. أما أنا فخررت للأرض أمامه.. قأقامني وقال لي قم يا أخي الحبيب لأن الرب أعلمني انك ستأتي إلي في هذا اليوم وكنت منتظراً رؤياك ولي اليوم ستون سنة لم أرى فيها وجه انسان ههنا، إلا الآباء السكان معي في هذا الجبل. وبينما أتكلم معه إذ بثلاثة أباء قد أتوا إلي وقالوا لي أيضاً أنت الأخ ببنودة صاحبنا في العمل، لأن الرب أعلمنا انك ستأتي إلينا في هذا اليوم، ولنا ستون عاماً لم ننظر فيها إنساناً ههنا سواك أنت.. وبعد تمام كلامهم رأيت خمسة خبزات ناضجة، وكأنها خرجت للوقت من التنور فصلينا، ثم جلسنا نأكل معاً.. وقالوا لي أننا طيلة هذه السنوات تأتي إلينا أربع خبزات فقط من عند الرب كل يوم ، والآن لما جئت إلينا أحضر الرب نصيبك أيضاً.. ولما فرغنا من الطعام أقمنا الليلة كلها في الصلاة إلى باكر وكانت ليلة يوم الأحد.. ثم سألتهم لكي أمكث معهم حتى نهاية عمري فأجابوا أن هذا الأمر ليس معداً لك من قبل الرب، ولتمض إلى أرض مصر وتتكلم بما نظرته عيناك فيكون ربحاً للسامعين.. وسألتهم أن يعرفوني أسمائهم فلم يريدوا ذلك ، بل قالوا لي أن الذي يسمى كل واحد بأسمه هو الذي يعرف اسماءنا فاذكرنا يا أخانا إلى أن ننظرك في ملكوت السموات، ولا تدع العالم يغلبك لانه قد أضل كثيرين ، ولما فرغوا من كلامهم هذا باركوا علي، وأعلموني عما حدث معي في الطريق وما سيحدث لي، وفارقتهم بسلام. ثم أقمت ماشياً عدة أيام فرأيت ينبوع ماء وشجراً ونخلاً كثيراً جلست عنده لأستريح، وكنت أتأمل تلك الأشجار وأتعجب من ثمارها متفكراً ترى من زرع هذه الأشجار ههنا؟ وكانت ذو أنواع كثيرة، وثمارها حلوة كالشهد.. وفي وسطها شجرة تفوح طيباً كالمسك ، وينبوع الماء يفيض فيروي الجميع.. فقلت بالحقيقة أنه فردوس الله.. وبينما أنا جالس إذ بأربعة رجال صغار أقبلوا من بعيد بمنظر حسن ويلبسون جلوداً.. فاقتربوا مني وقالوا أنت الأخ ببنوده، وللوقت خررت ساجداً فأقاموني وسلموا علي وصلينا جميعاً ثم جلسنا نتحدث معاً بعظائم الله... لقد فرح قلبي بهم ، وقبلوني بفرح عظيم ثم سألتهم متى أتيتم إلى ههنا، وكيف، ومن أرشدكم إلى هذا المكان؟... فقالوا نحن من مدينة البهنسا وكنا عند معلم واحد، فلما أكملنا تعليمنا قلنا نحن الأربعة معاً لأنه كما تعلمنا حكمة هذا العالم الفاني يجب علينا أن نتعلم حكمة العالم الباق، وكنا كل يوم نفكر في هذا الفكر الصالح الذي يعمل في الإنسان الجواني.. فقمنا جميعاً ولأتينا إلى البرية، وكان معنا قليلاً من الخبز والماء، .. وبعد أيام أبصرنا إنساناً منيراً جداً قائماً أمامنا فأخذ بأيدينا، وأتى بنا إلى هذا المكان الذي نحن به منذ سنين كثيرة... ولما جئنا إلى هنا وجدنا رجلاً قديساً عظيماً قد سلمنا الملاك إليه فأقمنا لديه سنة كاملة علمنا خلالها عبادة الله واتمام وصاياه.. وعند كمال السنة تنيح ذلك الشيخ الطوباوي فحضرنا بمفردنا في هذا المكان ولا نأكل سوى ثمار هذه الأشجار، وفي نهاية كل أسبوع نجتمع معاً ونصل معاً.. ثم قال الأنبا ببنودة لقد أقمت عندهم إلى اليوم السابع، وعندما سألتهم عن أسمائهم قال الأول اسمي يوحنا والثاني اندراوس أم الاثينين الآخرين فلم يخبراني عن اسمهما، ثم ودعوني وساروا معي نحو ستة أميال، وفارقوني بعد أن أخذت بركتهم ، ومضيت متوجع القلب لأجل فراقهم... وأقمت سائراً عدة أيام إلى أن وصلت إلى الدير فأخبرت الأخوة محبي الإله بسيرة أبا نفر السائح والآباء السواح الذين تقابلت معهم ... بركة صلواتهم تكون معنا جميعاً. ولإلهنا ينبغي المجد والاكرام والسجود إلى دهر الداهرين آمين. |
زهور من بستان الرهبان 1 زار أحدُ الإخوةِ الأب سلوانس في جبل سينا، فلما رأى الإخوةَ منكبِّين على العملِ، قال للشيخِ: «لا تعملوا للطعامِ البائد أيها الأب، لأن مريمَ اختارت لها الحظَّ الصالح». فقال الشيخُ لتلميذِه: «أعطِ الأخَ مصحفاً (أي إنجيلاً) وأدخله في قلايةٍ فارغةٍ». ففعل. فلما حانت ساعةُ الأكلِ بقي الأخُ منتظراً على البابِ مترقباً وصول من يسأله المجيء إلى المائدةِ. فلما لم يدعُهُ أحدٌ، نهض وجاء إلى الشيخِ وقال له: «أما أكل الإخوةُ اليوم يا أبانا»؟ فأجابه: «نعم». فقال له: «ولماذا لم تدعُني للأكلِ معهم»؟ فأجابه الشيخُ: «ذلك لأنك رجلٌ روحاني، لستَ في حاجةٍ إلى طعامٍ، وأما نحن فجسديون نحتاجُ إلى طعامٍ ولذلك نمارسُ الأعمالَ. أما أنت فقد اخترتَ النصيبَ الصالح، تقرأ النهارَ كلَّه، ولا تحتاج إلى أن تأكلَ طعاماً». فلما سمع الأخُ هذا الكلامِ خرَّ ساجداً وقال: «اغفر لي يا أبانا». فأجابه الشيخُ: «لا شكَّ أن مريمَ تحتاجُ إلى مرثا، لأن مريمَ بمرثا مُدحت». وحدث في بعضِ الأوقاتِ أن سُئل الأب سلوانس: «أيَّ سبيلٍ سلكتَ حتى حصلتَ على هذه الحكمةِ»؟ فأجاب وقال: «إني ما تركتُ في قلبي قط فكراً يُغضبُ اللهَ». سُئل أحدُ الشيوخِ: «أيُّ الوصايا يقتنيها الإنسانُ حتى يستطيعَ بواسطتها الخلاص»؟ أجاب وقال: «إنها أربعُ فضائل يلزم للإنسانِ اقتناؤها: الصوم، الطلبة إلى الله، العمل بيديه، عفة جسمه. فالشيطان يعمل ضد هذه الأربعة، فإنه أخرج آدم من الفردوس أولاً إذ خدعه بالمأكلِ، وأضلَّه ثانياً بالهربِ فلم يَدَعه يطلب من الله غفرانَ خطيئته، كذلك احتال عليه بواسطة البطالةِ لما طُرد من الفردوس، فرماه في كثرة الشبقِ والتهور باللَّذة، حتى صيَّره أسيراً بالكليةِ. فلِعلم السيد محبّ البشر بسوءِ أعمال المحتال، أعطى آدم عملاً يشتغلُ به حتى لا يتسلَّط عليه المحتال بواسطة البطالة والفراغ، قائلاً له: اعمل الأرضَ. لذلك يعمل الشيطان على إبطال الصوم لأن به يتذلل الجسدُ ويتلطف العقلُ ويستنير، كما يحرص على إبطال الصلاة لأن بها يدنو الإنسانُ من الله، كما أنه يعمل كذلك على إبطال العمل لأن العمل يمنع شرورَ المحتالِ ويُعين على حفظِ العفةِ التي بها يتَّحدُ الإنسانُ بالله، فإذا أحكم الإنسانُ اقتناء وممارسة هذه الأربع فضائل، أمكنه بواسطتها الحصول على باقي الفضائل». قال أحدُ الآباءِ: «اهتم بعمل يديك ومارسه إن أمكنك ليلاً ونهاراً. لكي لا تُثقل على أحدٍ. وحتى يكون لك ما تعطي المسكين، حسب ما يأمر به الرسول، ولكي ما تصرع شيطانَ الضجر، وتُزيل من نفسِك بقيةَ الشهوات، لأن شيطانَ الضجرِ منكبٌ على البطالةِ وهو في الشهواتِ كامنٌ». قال القديس نيلس: «إن البطالةَ هي مصدرُ رداءةَ الأعمالِ، لا سيما من أولئك الذين قد عدموا الأب. لأن اليهودَ لما لم يكن لهم في البريةِ عملٌ يشتغلون به، خرجوا من البطالةِ إلى عبادة الأوثان. فعلينا ألا نفارق عملَ اليدين، لأنه نافعٌ جداً ومهذِّبٌ». وقال أيضاً: إن إنساناً كسلاناً بلغني عنه أنه أخذ من خزانتِه الإنجيلَ من الساعةِ السابعة إلى غياب الشمس، ولم يستطع أن يفتحَه البتة، وكأنه كان مربوطاً بالرصاصِ. أما أنطونيوس فإنه لم يفعل هكذا، بل عمل كما أراه الملاك؛ فتارةً كان جالساً ولعملِه ممارساً، وتارة أخرى كان قائماً وللصلاةِ ملازماً. فكان يؤدي ذلك، ولا يترك تلك. فحظيَ بنورٍ فائق الحدِّ. حتى أنه قال لأحدِ فلاسفة زمانه: «إني كما في لوحٍ أتأمل طبيعةَ المخلوقات دائماً، وذلك بتلاوةِ أقاويل الربِّ حتى ولو في ظلمةِ الليل الحالكة». بهذا المقدار فإنه كان يتصل بالله، فكان ليلُه نهاراً مضيئاً. كما هو مكتوبٌ: «إنَّ كلامَك سراجٌ منيرٌ والليلَ يضيءُ مثل النهار». وقال أيضاً: «يجب أن تكون أعمال يديك إلهيةً لا أرضية. ولتكن أثمانُها مشاعةً بينك وبين المساكين». قال ما أفرآم: «فاتحةُ العجرفةِ هي عدم مشاركة الراهب الإخوة في العمل حسب قدرتهِ، وإذا ما جئنا إلى العمل فلا نُكثر الكلامَ بل ليكن اهتمامُنا وتفكيرُنا في الهدفِ الذي من أجلهِ خرجنا». سأل أخٌ القديسَ يوسف قائلاً: «ماذا أعملُ فإنه لا يمكنني أن أتعبَ أو أعملَ أو أتصدق»؟ فقال الشيخُ: «إن لم يمكنك العملَ فاحفظ قلبَك ونيَّتك من كلِّ ظنِ سوءٍ بأخيك فتخلص، لأن اللهَ يريدُ النفسَ ألا تكون خاطئةً». قال أحدُ القديسين: «إن الآباءَ قد سلموا إلينا هذه الطريق، وهي: أن نعملَ بأيدينا، وأن نلازمَ الصمتَ، وأن نبكي على خطايانا». قال القديس مرقس: «لا تكن من القومِ البطالين الذي يؤثِرون الاغتذاءَ من وجوهٍ سمجةٍ لا سيما من النساءِ، وإذ لك يدان فاعمل وكُلْ، لأنه أوفق لك أن تتشاغل بعملِ اليدِ من أن تُصرع بأعمال الخطية. لأن العمّال لا يقبل البطالةَ لئلا يسقط كمن يظن أنه منكبٌ على عملٍ روحاني ولا يسير فيه كما ينبغي». أخبرنا يوحنا الخصي أنه سأل في شبابهِ شيخاً قائلاً: «كيف استطعتم أن تعملوا عملَ الله بنياحٍ، مع أننا لم نستطع أن نعملَه نحن حتى ولو بالتعبِ»؟ فقال الشيخُ: «نحن إنما أمكننا ذلك لأن عملَ الله كان رأسَ مالِنا، وحاجة الجسد كانت في المرتبةِ الثانية. أما أنتم فحاجةُ الجسد عندكم هي رأسُ مالِكم، وعملُ الله في المرتبةِ الثانية، من أجل ذلك فإنكم تكلِّون وتخورون، وبخصوص ذلك قال مخلصنا لتلاميذِه: يا قليلي الإيمان اطلبوا أولاً ملكوتَ اللهِ وبرَه، أما هذه الأشياء فتُزاد لكم». فسأل الأخُ الشيخَ قائلاً: «زدني إيضاحاً». فقال له: «ها أنت تسمع عني أني مريضٌ ويجب عليك افتقادي، فتقول في نفسِك: إذا ما فرغتُ من عملي أمضي إليه وأفتقده، ويتفق أن يعوقك عائقٌ ما فلا تجيء إليَّ بالكليةِ، وبذلك تكون قد جعلتَ عملَ السيد الذي هو رأسُ المال وحياةُ النفس في المرتبةِ الثانية. كذلك ربما يطلب إليك أخٌ آخر قائلاً: تقدم يا أخي وساعدني في هذا الأمر. فتقول في نفسِك: أأترك عملي وأذهب معه؟ فتكسر وصيةَ المسيح التي تتعلق بالعمل الروحي، وتعكُف على عملك الذي ينبغي أن تجعله في المرتبةِ الثانية». سأل أخٌ الأب بيمين قائلاً: «قل لي كلمةً». فأجابه قائلاً: «واظب على عمل يديك ما استطعت، وذلك لتعمل منه صدقةً، لأنه مكتوبٌ: إن الرحمةَ تُطهِّر الخطايا». قال الأب لوط: «الراهب الذي لا يمارس عملاً يُدان كإنسانٍ نهمٍ مغتصب». قال الأب بيمين: «ثلاثةُ أعمالٍ رأيناها للأب بموا: صومٌ إلى المساءِ كلَّ يومٍ، وصمتٌ دائم، وعمل اليدين». وقيل عن الأب بموا أيضاً لما حضرته الوفاة، أن سأله الآباءُ قائلين: «قل لنا كلمةً». فقال: «إني منذ دخولي هذه البرية وبنائي القلاية وسكناي فيها، ما انقضى عليَّ يومٌ واحدٌ بدونِ عمل، ولا أتذكر أني أكلتُ خبزاً من إنسانٍ، وإلى هذه الساعةِ ما ندمتُ على لفظٍ واحد تلفظتُ به، وها أنا منطلقٌ إلى الربِّ كأني ما بدأتُ بشيءٍ يرضيه بعد». وقال أحدُ الآباء: إذا قمتَ باكر كلِّ يومٍ، خاطب نفسَك قائلاً: «يا نفسي استيقظي لترثي مُلك السماءِ». ثم خاطِب جسدَك قائلاً: «وأنت يا جسمي اعمل لتغتذي». سُئل أحدُ الآباء: «أيُّ شيءٍ يلزم لمن يريد الخلاصَ»؟ وإذ كان الأبُ ملازماً العمل لا يرفع رأسَه عنه، أجاب: «هذا هو ما تراه». قال الأب إشعياء: «اِغصب نفسَك على العملِ، وخوفُ اللهِ يحلُّ عليك». جاء أحدُ المتوحدين إلى غديرٍ فيه قصب، فجلس هناك وصار يقطعُ من حشائشِ النهر ويضفِّر ويرمي الضفيرةَ في النهرِ لأنه لم يكن يعملُ لاحتياجٍ، بل لكي لا يكون بطالاً، فكان يُتعب جسدَه، ولم يزل هكذا حتى قصده الناسُ، فلما رآهم تحول عن ذلك المكان». سأل أخٌ شيخاً قائلاً: «إن اتفق لي تحصيل حاجاتي من حيثما اتفق، فهل يليقُ بي أن لا أعمل بيدي»؟ أجاب الشيخُ: «حتى ولو اتفق من حيثما اتفق، فلا تترك العملَ، اعمل بكلِّ جهدك». قال الأب لوقيوس: «أنا عبدٌ وسيدي قال لي: اعمل عملاً وأنا أعولك بالطريقة التي أراها؛ فإن أنا استجديتُ واقترضتُ، فليس هذا من شأنك، فقط اعمل أنت، وأنا أقوم بأَوَدك». جاء قومٌ إلى الأب شوشاي ليسمعوا منه قولاً. فلم يخاطبهم بشيءٍ ولم يزد عن: «اغفروا لي». ولما رأوا عنده زنابيل قالوا لتلميذهِ: «ماذا تعملون بهذه الزنابيل»؟ قال لهم: «إن الشيخَ يفرِّقها هنا وهنالك». فلما سمع الشيخُ قال: «إن شوشاي من هنا ومن هنالك يغتذي». فلما سمعوا ذلك انتفعوا جداً. قال مار أفرآم: «إن أحدَ الإخوةِ قال: طلبتُ من اللهِ أن يعطي عمل يدي نعمةً كي أعولَ جميعَ من هم في الكنوبيون، لأني بذلك أفرحُ». قال أحدُ القديسين: إذا باشرت عملاً في قلايتك وحانت ساعةُ صلاتك، فلا تقل: «أفرغ من هذا القليل الذي بيدي وبعد ذلك أقوم»، بل بادر للوقتِ وأوفِ الصلاةَ لله في وقتِها في كلِّ حين، لئلا تعتاد نفسُك تدريجياً إهمالَ الصلاةِ. |
زهور من بستان الرهبان 2 قال قاسيانوس الرومي: إنه لأمرٌ فظيع وقبيح بنا أن يتعبَ العلمانيون ويعملون ويعولون أولاداً ونساءً، ويدفعون خِراجاً وضريبةً، ويُحسنون إلى فقراءٍ ومحتاجين حسب طاقتهم، ويحملون إلى بيتِ الله باكوراتٍ وقرابين، أما نحن فلا نقتني من أتعابنا حتى ولا حاجاتنا اللازمة لنا، بل نحبس أيدينا داخل ثيابنا، ونستجدي أتعابَ غيرنا، ولا نُصغي إلى الرسولِ القائل: «إن هاتين اليدين قد خدمتا حاجاتي وحاجات الذين هم معي». وقوله: «إن الربَّ أعطى الطوبى للمعطي أكثر من الآخذ». وقوله أيضاً: «نحن نوصيكم يا إخوتنا باسم ربنا أن تتجنبوا كلَّ أخٍ عديم النظام، لا يسلك حسب التقليدِ الذي سلمناه لكم، لأننا ما أسأنا إلى النظامِ بينكم، ولا أكلنا من أحدٍ خبزاً مجاناً، بل كنا نتعب ونكد عاملين ليلاً ونهاراً لئلا نُثقل على واحدٍ منكم. ليس لأنه لا سلطان لنا، بل لنعطيكم أنفسَنا مثالاً. لأني وقت أن كنت عندكم، قد أوصيتُكم بهذا: إن من لا يشاء أن يعمل عملاً فلا يأكل، والآن فقد سمعنا أن فيكم قوماً يسيرون بعدمِ نظامٍ ولا يمارسون عملاً. فنحن نوصي هؤلاء ونسألهم باسم ربنا يسوع المسيح أن يعملوا عملَهم بسكونٍ، ويأكلوا خبزَهم». أسمعتم كيف أن الرسولَ بحكمةٍ يزيل عِللَ الصلفِ. ويدعو الذين لا يعملون عادمي النظام. وبهذا أرانا رذيلةً كبرى شريرة. لأن البطَّال غيرُ نافعٍ في أيِّ أمر. وهو مهيأٌ للغضبِ، وغيرُ موافقٍ للسكوتِ، وعبدٌ للضجر ومنغمسٌ في الشهوات، كما أنه متهجمٌ في أقوالهِ فاعلٌ الرذائل الأخرى كلَّها. أما قوله: «أنهم لا يسلكون بحسب الوصية التي أخذوها منا»، فيقصد به أنهم متوانون ومتكبرون معاً، ومبطلون للوصايا. كذلك قوله: «لم نأكل منكم خبزَ البطالةِ»، فيؤنِّب به الذين لا يعملون بأنهم يأكلون خبزَ البطالةِ أي أنهم يُعالون بغير واجبٍ. ولذلك كان الآباءُ بإسقيط مصر لا يسمحون للرهبان لا سيما الشبان منهم بأن يتفرَّغوا من عملٍ، لا صيفاً ولا شتاءً حتى ولا إلى لحظةٍ من الزمان، لأن الذي يمارس العملَ يتخلَّص من الضجرِ ويتحصل على ما يقتاتُ به ويسعفُ منه المحتاجين. قيل إن أحدَ الرهبانِ كان يشتغلُ في عيدِ شهيد. فلما أبصره آخر هكذا، قال له: «أيجوز اليومَ العملُ»؟ فأجابه: «إن الشهيدَ فلان قد عُذب في هذا اليوم، وجُلد وتجشم أتعاباً كثيرةً حتى الموت، ألا ينبغي لي أن أتعبَ ولو قليلاً في عمل يدي». قيل: إنه حضر إلى الأب لوقيوس رهبانٌ من أولئك الذين يُدعَون مصلين، فسألهم عن عمل أيديهم، فقالوا له: «نحن لا نهتم بعمل اليدين. إنما نهتمُ بالصلاةِ الدائمة كقولِ الرسول». فقال لهم الشيخُ: «أما تأكلون وتنامون»؟ قالوا: «نعم». فقال لهم: «فإذا ما جلستم تأكلون أو إذا نمتم فمن يصلي عنكم»؟ فلم يكن لهم ما يجيبونه به. فقال لهم: «اغفروا لي، فإن عملَكم ليس كقولِكم، لكني أُريكم كيف إني أمارسُ عملَ يدي وأصلي دائماً. وذلك بأن أجلسَ بعونِ الله وأبلَّ خوصاً وأضفِّر الضفيرة، وأقول: ارحمني يا الله كعظيمِ رحمتك وككثرة رأفاتك امحُ إثمي. أفما يُعتبر ذلك صلاةً»؟ أجابوه: «نعم». قال لهم: «وإذا مكثتُ هكذا طولَ النهار أعمل وأصلي فيكون لي عن عملي كلّ يومٍ ستة عشر فلساً، فأعطي منها على الباب فلسين، وآكل بالباقي. فيصبح آخذ الفلسين مصلياً عني في وقتِ أكلي وفي وقتِ نومي، وبنعمةِ الله تكمُل لي الصلاةُ الدائمة كأمرِ الرسول. وإذ أمارسُ عملي فبذلك أقهر شيطانَ المللِ والشهوةِ. لأن المللَ يؤدي إلى البطالة، والشهوةُ كائنةٌ في البطالة. والطريق التي سلمها لنا جماعةُ الآباءِ هي هذه: «إنه يلزمنا أن نشتغلَ بأيدينا ونصوم طول النهار، ونقتني صمتَ اللسان، ونبكي على خطايانا». وبخصوص الصلاة، قال القديس برصنوفيوس: «الصلاةُ الكاملة هي أن تخاطب الله بلا طياشةِ عقلٍ ولا سجس العالم. لأن المصلي الكامل قد مات عن العالمِ. إن إمساك البطن هو أن تُقلّل من شبعك قليلاً، وإن كان عليك قتالٌ فاترك قليلاً أكثر، أما إمساك العقل والقلب فهو أن يكون متيقِّظاً. لا تتهاون بأفكارِك، وإذا قاتلك العدو بالفكرِ فلا تلتفت إلى قتالهِ لأنه يريد بذلك أن يشغلَك عن مخاطبةِ الله». قال القديس أوغريس: «تغافل عن ضروريات الجسد عند وقوفِك للصلاة، حتى ولو لدغك برغوثٌ أو بعوضة أو ذبابة أو أحدُ الهوام فلا تنشغل بها لئلا تخسر الربحَ العظيم الذي للصلاةِ. وقد حكى لنا آباؤنا القديسون عن أحدِهم كان الشيطانُ يحاربه إلى درجةٍ كبيرةٍ عند وقوفهِ للصلاة. وذلك أنه عندما كان يبسط يديه للصلاة كان الشيطانُ يغيِّر شكلَه قدامه بهيئة أسدٍ، ويشبك رجليه الاثنين في رجلي القديس وينتصب قبالته. ثم يجعل مخالبه في حَقويْ المجاهد من هنا وهنا. فلا يرجع عنه حتى يُنزل يديه، ولم يكن المجاهد يُنزل يديه حتى يُكمل صلاتَه كعادته. كذلك عرَّفونا أيضاً عن آخر أنه كان منفرداً في جبٍ جاف، وكان اسمُه يؤنس الصغير، ولو أنه في الحقيقةِ كبيرٌ عظيمٌ في الرهبانِ جداً. هذا قيل عنه أنه كان بغير انزعاج في مخاطبة الله بالصلاةِ، وكان الشيطانُ يظهر له في هيئة تنينٍ عظيمٍ يطوِّقه حول حلقهِ وينهش في لحمِه وينفخ في وجهِه بغير شفقةٍ. فإذا وقفتَ للصلاة قدام ضابط الكلِّ الخالق صانع الخير لكلِّ البريةِ، لماذا تُظهر ذاتك أمامه باحتقارٍ فتخاف من البعوضِ والذباب؟ أما سمعتَ القائل: إن الربَّ إلهك هو الذي يُخاف منه؟ ويقول أيضاً: إن كلَّ الأشياءِ تخاف وترتعد من قدام وجه قوتِه». «قرأتُ في سيرةِ رهبان دير تاسا ما هو مكتوبٌ عنهم هكذا: إنه بينما كان القديسُ باخوميوس يتكلم مع الإخوةِ دفعة بكلامِ الله، إذ بحيتيْن قد جاءتا والتفتا حول رجليه. أما هو فلم يقلق ولكنه تظاهر كأنه يطرح حُلَّته تحت رجليه حتى فرغ من حديثهِ بكلمة الله، وحينئذ أعلم الإخوة بهما». «كذلك قرأنا عن أخٍ روحاني أنه فيما هو يصلي مرةً جاءت أفعى وحكّت رجليه وهو يصلي، فلم يبالِ بالكليةِ حتى أكمل صلاتَه كالمعتاد، ولم يُؤذَ بالكليةِ. ذلك لأنه كان يحبُ الله أكثر من جسدِ لذاتهِ. اقتنِ لك عيناً غيرَ متشاغلةٍ وقتَ الصلاةِ، واجحد ذاتك واطلب الله بكلِّ قلبك». «وآخر أيضاً من القديسين الذين يصلُّون كما ينبغي كان منفرداً في البريةِ، هذا وقف قدامه الشياطين مقدار أسبوعين وهم يلكمونه ويُحَلّقون به في الجوِ ويقطعون عليه الحصير، وبرغم هذا كلِّه لم يستطيعوا بالجملةِ أن يخطفوا عقلَه ولو كان في صلاةٍ قليلةٍ بحرارةٍ مع الله. اجتهد أن توقف عقلَك كمن هو أطرش وأخرس في وقتِ الصلاة، وهكذا تستطيع أن تصلي. إن كنتَ تريد أن تصلي جيداً ويصير لك افتخارٌ قدام الله، فاجحد ذاتَك في كلِّ حينٍ وفي كلِّ ساعةٍ. الصلاةُ هي بابُ الفرجِ والشكر. الصلاةُ هي دواءُ الأحزانِ وضيقِ الصدر، لا تصلِّ بالشكلِ الظاهر فقط ولكن بمخافةِ الله ورعدةٍ وخشوع مع الالتفات بعقلِك نحو المعقولات. الصلاةُ هي فهمٌ للعقلِ، الصلاةُ ترفعُ العقلَ إلى الله، الصلاةُ هي عملٌ يليقُ برتبةِ العقلِ وبطبيعتهِ الفاضلة». وقال أيضاً: «فالواجب علينا أن نفحصَ السُبلَ التي سلك فيها الرهبان الذين تقدَّمونا ونستقيم مثلهم، فنجد أموراً كثيرةً جداً قالوها وصنعوها، لأن واحداً منهم قد قال: إن الأكلَ بضيقٍ، والحياةَ بغير تلذُّذٍ إذا اقترنا بالمحبةِ فإنهما يوصلان الراهبَ بسرعةٍ إلى ميناءِ عدمِ الأوجاع، وقد شَفيا فعلاً أحدَ الإخوةِ من خيالات الليل التي كان يقلق منها، ولما أُمر أن يخدم المرضى وهو صائمٌ خفَّت عنه، وحينئذ قال: إن أمثال تلك الأعراض لا يستطيع أحدٌ اجتنابها إلا بالرحمةِ». تقدم أحدُ الحكماءِ في ذلك الزمان إلى القديس أنطونيوس وقال له: «كيف أنت ثابتٌ في هذه البريةِ وليس لديك كتبٌ تتغذى بها»؟ فأجابه قائلاً: «أيها الحكيم، إن كتبي هي شكل الذين كانوا قبلي، أما إن أردتُ القراءةَ، ففي كلامِ الله أقرأ». وقال أيضاً: مضيْتُ دفعة إلى الأب مقاريوس بالنهارِ ظهراً، وقد عطشتُ لدرجةٍ كبيرةٍ جداً، فطلبتُ منه قليلَ ماءٍ لكي أشرب، فقال لي: «يكفيك ذلك الظل الذي أنت واقفٌ فيه، لأنّ كثيرين الآن في المسالكِ والوهاد في العراءِ، لا يجدون ظلاً مثل هذا». فسألتُه بعد ذلك أن يقول لي كلمةً عن النسكِ، فقال لي: «قوِّ قلبَك يا ابني فإني أقمتُ عشرين سنةً لم أشبع من خبزٍ ولا من ماءٍ ولا من نومٍ، وكنتُ آكل خبزي بقانون، أما من جهة النوم فإني كنتُ أستند على الحائطِ وأختطف يسيراً منه». أُخبر أحدُ الرهبان أن أباه قد مات، فأجاب الذي أتاه بالخبرِ قائلاً: «كُف عن التجديف، فإن أبي لا يموت». قال أحد الرهبان: «لأجل هذا تركتُ عني إرادتي لكي ما أنزع معها مسببات الغضب الذي يحارب الإرادةَ في كلِّ حينٍ، ويُقلق العقلَ ويطرد المعرفةَ». قال أحد الشيوخ: «إن المحبَّ للهِ لا يحفظ ملاذَّ الأطعمة ولا المال». كما قال أيضاً: «إني لا أتذكر أن الشياطين أطغوني مرتين قط في أمرٍ واحدٍ». |
الرهبنة فى أوروبا
انتقلت الرهبنة من مصر إلى أوربا بالوسائل الآتية: 1- بواسطة الرهبان السوريين والفلسطينيين والعراقيين الذين مارسوها في مصر، ونقلوها إلى بلادهم ثم إلى القسطنطينية ثم أوروبا. 2- بواسطة القديس باسيليوس الكبادوكي (بآسيا الصغرى) وغريغوريوس الثيؤلوغوس: اللذين تركا بلادهما – آسيا الصغرى – ومارس أولهما الرهبنة في مصر في وادي النطرون. وتعلم ثانيهما في مدرسة الإسكندرية. ثم أقيم الأول أسقفاً على الكبادوكية والثاني على القسطنطينية. ومنهما انتقلت الرهبنة إلى أوروبا. 3- بواسطة القديس أثناسيوس الرسولي. وقد ذهب إلى روما مع فريق من الرهبان المصريين حاملاً سيرة القديس أنطونيوس التي كتبها. وتأثّر بها القديس بندكت (480-543م). ومن المقارنة بين الرهبنتين يظهر انطباقهما تمام الانطباق. 4- بواسطة الرهبان المصريين الذين خرجوا مبشرّين في القرن الرابع إلى جنوب فرنسا وانجلترا وأيرلندا، ومازالت أيرلندا تذكر للآن الرهبان المصريين السبعة الذين زاروها وبشّروها بالإيمان المسيحي. |
الحياة الرهبانية مقدمة تاريخية هل الرهبنة شذوذ؟وهل الرهبنة والنسك تطرف زائد عن العقول البشرية؟ من يجيبنا عن هذه الأسئلة أنت أم أنا أو لعل الرهبان أنفسهم يجاوبون عن هذه الأسئلة. الرهبنة والنسك قديمان من عصور ما قبل المسيح فقد كان لليهود رهبانهم ونساكهم كالقديس يوحنا المعمدان الناسك في برية الأردن ولنعلم أن الله هو مؤسس الرهبنة وهي من لدن الله خرجت لتعود بناظميها إلى لدن الله. صدرت آلاف الأفكار المعارضة من أشخاص ليس لديهم أدنى فكرة حول محور الرهبنة والمحزن أننا نجد بعض من يدعون ظلماً وتعسفاً بأنهم مسيحيون وهي منهم براء يروجون لأفكار الملحدين حول الرهبنة. ان المسيحي الحق ليحزن عندما يرى الجهالة تدوس لآلىء التقليد التي لا تقاس بثمن التي تسلمناها من الرسل ولكننا نعلم أن الجهل هو مصدر كل الشرور حسب تعليم الآباء الرهبان القديسين ويؤكد القديس مرقس الناسك أنها منبع الشر الرئيسي ويحدد آخر أن الجاهل يجهل جهالته ويكتفي بمعرفته. بداية كان الرهبان يتجمعون في المدن قرب الكنائس ودور المطارنة والبطاركة[1] ومن هؤلاء الرهبان رهبان القديس مرقس الإنجيلي أول بطريرك على الاسكندرية الذي عاشوا قرب الدار البطريركية. نجد في عدة سير قديسين من عصر الرسل وجوداً للنساك كالقديسة افجانية الشهيدة فوجد في مصر دير لبس فيه الأسقف الياس الثوب الرهباني. وفي سوريا القديسة افدوكيا التي عاشت في بعلبك فينيقيا اهتدت إلى المسيحية عن طريق رئيس دير وبعد ذلك عاشت في دير فيه 30 راهبة. وفي آخر سنين القرن الثالث أسس أنطونيوس الكبير أب الرهبان الرهبنة في الصحراء وأسس القديس باخوميوس حياة الشركة الرهبانية ونظمها القديس باسيليوس الكبير بعده, وأسس القديس مكاريوس الكبير الهدوئية في صحراء الاسقيط وصار مصدراً لكلمة Skite. انتقلت الرهبنة في القرن الرابع إلى الصحارى المهجورة غير أن الأديرة بقت في المدن ولكن مع الأسف كل تاريخ الكنيسة أُتلف في القرن السابع على يد العرب المسلمين.هاجرت الرهبنة بعد أن توقفت أعمال الاضطهاد ودافعت الدولة عن المسيحيين ونشرت التعليم المسيحي فلم يحافظ المسيحيون على تفاني أجدادهم بل صاروا يهتمون بأمور الجسد وشهواته فرأى المختارون الذين صاروا قلة بأن هذه الأعمال هي إنكار روحي للسيد له المجد لذلك أصبحت الصحراء ملجأً طبيعياً للباحثين عن الهدوء وسط ضوضاء العالم وهي مفيدة لحفظ قوة المسيحية الكاملة, بعد انتقالهم إلى الصحراء اعتمد الرهبان لباساً خاصاً لتمييزهم عن العلمانيين[2] وعانت رهبنتنا الشرقية بعد القرن السابع وهو وقت دخول العرب المسلمين إلى البلاد تفاوتاً في الازدهار فبعضها استمر واندثر آخرون نتيجة لمحاربة الإسلام للرهبنة وتحول العديد من المؤمنين الذين ليسوا بمختارين إلى الإسلام فهي قد اندثرت تماماً في القرن الرابع عشر ما خلا الرهبنات القائمة على مزارات تقليدية كدير السيدة في صيدنايا ودير مار تقلا في معلولا. ومؤخراً نتيجة لسفر بعض طلاب البلمند إلى اليونان وتعرفهم إلى الأب اسحق والأب باييسيوس الآثوسيين وإلى جبل آثوس وتراثه الروحي ورغبوا بنقل هذه الحياة الرهبانية إلى بلادنا الحبيبة فكانت نهضة روحية أعادت الرهبنة إلى أديار عديدة وبنت أديار جديدة عديدة. لن نتحدث عنها لكثرة ما قيل وكتب عنها ولكن نشكر الله الذي سمح بعودة الرهبنة إلى ديارنا ورهبنتنا حديثة لذلك تقل الخبرة الآبائية. |
الراهب لغوياً الراهب (Monachose), الدير, الرهبنة, جاءت كلها من كلمة يونانية (Monos) أي واحد فالراهب هو الشخص الذي يعيش لوحده في قلايته أو في الصحراء. الدير هو بيت منعزل والرهبنة هي الحياة المنعزلة وتختلف الحياة الرهبانية عن الحياة التي نعيشها في العالم. وهناك أنماط عديدة للرهبنة كحياة الشركة وحياة الاسقيط والنسك والحبس والذين يعيشون في البرية والذين لا ينامون. |
حياة الشركة: العيش المشترك لعدد غير قليل من الرهبان يشتركون في الأسرار وفي تناول الطعام واللباس والصلاة ويطيعون رئيساً واحداً. حياة الاسقيط: هي أن يحيا اثنان أو ثلاث رهبان في قلاية واحدة يستشيرون بعضهم بعضاً أو يسترشدون بالمتقدم بينهم ويشتركون بالطعام واللباس الواحد ويقومون بفروضهم خمسة أيام في قلايتهم ويومي السبت والأحد في كنيسة الاسقيط مع بقية الإخوة. الناسك: هو الراهب الذي يعيش منفرداً. الحبيس : هو الراهب الذي يعيش متوحداً في قلاية الدير دون أن يخرج منها. الناسك السائح: هو المتوحد الذي يعيش في برية خالية من السكان. الهدوئي: هو من يحيا في الهدوء في عزلة عن العالم ويكرس ذاته كلياً لله وجهاده هو أن يأتي بذهنه إلى قلبه. |
لباس الراهب يرتدي الراهب لباساً أسود اللون وصفه القديس يوحنا كاسيان في بداية كتابه حول الأنظمة الرهبانية. ويبدأ الزنار وهو رمز للعفة والطهارة (البتولية) وللتجنيد للمسيح الغمباز(الكولوبيوم) وهو القميص الأسود ويرمز إلى الانفصال عن العالم وإلى الحداد والموت بالنسبة للعالم. المانتيليون: وهو معطف بدون أكمام يربط عند الرقبة وقد تحول الآن إلى الجبة ويرمز إلى ارتداء المتوحد لمجد آدم الأول الذي نزع عنه بعد السقوط. الكوكلس: القبوعة وقد تحولت الآن إلى الكاميلافكيون ويرمز إلى براءة وبساطة الأطفال فالراهب المتوحد هو مولود جديد في المسيح. الأنالافون: الذي يرسم عليه الصليب ويحمله المتوحد على ظهره ليلاً ونهاراً يرمز إلى حقيقة صلب العالم للمتوحد والمتوحد للعالم. الحذاء: للتقدم والسير في طريق الإنجيل. المسبحة: سيف الروح وعلى المتوحد أن يحفظ اسم الرب يسوع عن طريقها. |
غاية الرهبنة في البدء كانت الحمية للرب تدفع الناس إلى عيش وصايا الإنجيل ولكن بعدما هدأ الاضطهاد صارت حميتهم أقل فصاروا يهتمون بأمور الجسد والشهوات مما اعتبره الآباء إنكاراً روحياً للمسيح. وبنتيجة ذلك صار الرهبان يهربون للحفاظ على حياتهم الهدوئية بعيداً عن ضوضاء العالم, نحو الاشتهاء الكامل فنحن كمسيحيين أولاً وأخيراً لا نشتهي إلا الرب يسوع ورؤيته وهو ما يتحقق لنا بالرهبنة ويمكن أن يتحقق في إطار الحياة العائلية وهما الطريقتان المؤديتان إلى الفردوس. هناك أناس قادرون على عيش وصايا الرب وهم في العالم وأولئك لمغبوطون ولكن أكثر الناس لا يقدر على ذلك في عالم مليء بالشهوة والإباحية والملذات الدنيوية كعالم اليوم فهؤلاء يهربون إلى الأديرة والبراري طلباً لرؤيا وجه الرب يسوع. فغاية الرهبنة هي نفس غاية الحياة المسيحية للإنسان ولا بد من الجهاد القاسي والقاسي جداً كي نصل إليها فطوبى لمن اختار الحياة الملوكية (الرهبنة) وطوبى لمن اختار الحياة الأميرية (الزواج) ولكن عند الإمبراطور (الرب) الملوك لأرفع من الأمراء ونستدل على ذلك من الحوار الذي دار بين كل من القديس باييسيوس الكبير حبيب الرب والقديس قسطنطين الكبير المتوج من الله أثناء ظهور ذاك الأخير له. غادر محبي الكمال العالم ونسكوا في الصحارى وعلى قمم الجبال وبين أغصان أشجار الأدغال, هرعوا إلى الصحراء المهجورة "ليصلبوا الجسد بكل ما فيه من أهواء وشهوات" (غلا 24:5) ابتكر الرهبان لأنفسهم طريقة حياة مختلفة, فيتحملون آلاف المحن, يصومون, يقاومون الشياطين, يرغمون جسدهم على مقاومة الأعداء غير المتجسمين كما يقول القديس يوحنا كولوفوس. إن الراهب يهرب بعيداً عن العالم لا كرهاً له بل حباً به وبهذا الأسلوب بصلاته سيساعد العالم في حل قضاياه التي لا تتم إلا بتدخل إلهي, فغاية الراهب ليست الاهتمام بالأعمال الكثيرة ولا امتلاك الأموال الطائلة لأن هذا انهيار روحي ولا يتركون البرية للذهاب إلى المشفى لأن هذا لعامة المؤمنين كما أن هؤلاء المؤمنين سيسألون عنه يوم الدينونة الرهيب. |
الرهبنة والاستشهاد: كلاهم لم يصنعهما بشر, فهما من أحكام الإنجيل خرجا, أسسهما الرب يسوع. فنحن نقرأ في سير كبار النسك كأنطونيوس وثيوذوروس ومكاريوس وباييسيوس حبيب الرب وجراسيموس الناسك الجديد ومريم المصرية والعديد من البطاركة الذين عاشوا رهباناً وقد كانوا قبل بطريركيتهم نساكاً كالقديس يوحنا الذهبي الفم وكثيرون غيرهم ممن كانت جهاداتهم تفوق الطبيعة أنهم كانوا بحاجة إلى نعمة الرب ومساندته لبلوغ النجاح وهذا ما نلمسه لدى قراءتنا سير كبار الشهداء كجيورجيوس المعظم في الشهداء وديمتريوس وبندلايمون وكاترينا وبربارة أيضاً. |
البتولية شرط الرهبنة ليست البتولية امتناعاً عن ممارسة الجنسية فقط فالقديس باسيليوس الكبير قال: "لست أعرف امرأة ومع ذلك فإني لست بتولاً". فالبتولية ليست بوضع خارجي بل هي حالة فهي ليست فضيلة بل واسطة نرتقي بها إلى سيء أعظم. إن غاية البتولية الرهبانية هي إعادة وحدة الطبيعة الإنسانية وكمالها لأن على الإنسان نفساً وجسداً أن يعمل من أجل الكمال والبتولية تجمع الإنسان في حب الله. الزواج لا يناقض البتولية ولا هي تناقضه فسر الزواج هو سر الطهارة ولكن الراهب هو إنسان لم يجد كماله في الزواج العادي بل وجده في الزواج الروحي أي أن يتحد بذاته مع المسيح لذلك الرهبان هم أفضل من فهموا سر الزواج واحترموه. والبتولية أخصب من الزواج فالراهب يعطي بصلاته أولاداً روحيين للكنيسة أكثر من الزواج, العفة في الزواج مغبطة فلكم هي أكثر مدعاة إلى الغبطة إن كانت حرة طليقة من رباط الوصال الجسدي وزاهدة متنسكة من تلك الرغبات التي يشتهي الكثيرون تلبيتها ولم يكتفوا بذلك بل تخطوها فمارسوا الشذوذ الجنسي مع المثيلين وغيروا جنسهم ومارسوا الجنس مع الحيوانات وهذا أقرف الأمور إلى نفس الإنسان الصحيح. فالبتولية قصة حب وهي المرافقة في السفر إلى الله فطوبى لمن عاش بتولاً وطوبى لمن عاش عفيفاً في زواجه ولمغبوط هو البتول ومن أكبر الأمثلة على ضرورة بتولية الراهب هي بتولية سيدتنا والدة الإله الدائمة القداسة الأم والبتول معاً (افرحي يا عروساً لا عروس[3] لها). فالراهب عليه أن يستمر في تحقيق بتولية كالعذراء مريم القديسة إلى أن يولد منه المسيح. البتولية الرهبانية هي الحكمة الكاملة بالنسبة للإنسان ويرمز إليها الزنار في اللباس الرهباني الذي يمنع هذه الحكمة من الهبوط من الأعلى إلى الأدنى فلقد مات البتول عن الأدنى وقام فنال بداية عدم الفساد. لحفظ البتولية لا بد من النسك والانضباط في الطعام وفي الكلام وفي الفكر ولكن الشرط الأساسي لحفظها هو الصلاة فالقلب المحب الطاهر الذي يتشوق إلى رؤية وجه الله هو من يحفظ البتولية فلا بتولية بدون حب. يرى البعض في الرهبنة جهاداً بطالاً وحياةً لا معنى لها ومناقضة للإنجيل, ولكن ما لا يعلمه أولئك أن ما يقومون به ويدَّعون أنه صالحات لا يقترب بهم حتى إلى باب الملكوت (والحكمة لله) ويجب ألا نتباهى بأعمالنا كالفريسي لأن الحياة الرهبانية تبدو غير نافعة لمن يتباهى بأعماله, ولكن وجهة النظر العالمية هذه عن الرهبنة تعبر عن نظرة خاطئة للمسيحية فالمسيح الرب بنفسه أظهر لنا الكمال المسيحي أساس الرهبنة. ويبدأ هذا الطريق بإتمام الأعمال الصالحة التي يتباهى بها العلمانيون[4] . ابحث عن المسيحية, فتكتشف أهمية الرهبنة وتكتشف مقدار الخطأ الجسيم الذي يرتكبه كل من يوجه الاتهامات والتجديفات للرهبان الذين يحاولون أن يطبقوا تعاليم الإنجيل السامية. فكل من رفض الرهبنة رفض السيد ذاته الذي أظهر لنا طريق الكمال وطلبَ ولم يفرض أن نسلكه. الجهاد لأجل التغلب على الطبيعة الساقطة يعود إلى حرب لا يدركها ساميعها, هذا الجهد يقترن بعدم التملك الذي يؤدي إلى التواضع. فالأرواح الشريرة تتعاون مع الطبيعة الساقطة لتبقي الإنسان داخل الحياة السابقة, فالورقة المشبعة بالزيت والموضوعة في الماء لا تعود تتشرب الماء لأن هناك مادة أخرى تغذيها, هكذا حياة البتولية كما يشبهها القديس إغناطيوس بريانتشانينوف ورُبَّ سائلٍ هل البتولية ضد الطبيعة البشرية ومستحيلة؟ كل مجهول يبقى دوماً مستحيلاً وكل ما نعمله شخصياً يبقى بنظرنا الأفضل ويجيب الآباء القديسون على ذلك بقولهم: إن البتولية غير طبيعية بالنسبة للإنسان الساقط لكنها طبيعية للإنسان قبل السقوط "كانا كلاهم عريانين, آدم وامرأته وهما لا يخجلان" (تك 25:2) فبعد أن أعادنا آدم الجديد إلى طبيعتنا المفقودة أعيدت لنا إمكانية حياة البتولية. البتولية أسمى من الزواج ولو كانت الحياة الزوجية سامية في المسيحية أكثر مما كانت عليه قبلها. الإله الإنسان عاش بتولاً ووالدته عذراء والرسل يوحنا اللاهوتي وبولس وغيرهم بقوا عذارى وبعد المسيحية أتى الكثير من العذارى رجالاً ونساءً ويقول القديس أمبروسيوس مفسراً ذلك: "نبشر بالعذرية بطريقة لا ترفض فيها الأرامل ونكرم الأرامل بطريقة يبقى فيها الزواج مكرماً". |
كيف نعرف دعوة الله لنا؟! عندما نريد نستطيع, البتولية تختار طوعاً ولا يفرضها أحد وهذه الهبة (الطهارة) مرسلة من الله وهي تغير وتجدد في الطبيعة الإنسانية وهكذا نجد إمكانية حصول كل إنسان على البتولية وفي النهاية يفرح "اطلبوا تجدوا" (متى 8:7) "هناك خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت الله" (متى 12:19) لنتفحص سير القديسين نجد أن حفظوا البتولية بواسطة الانتقال من استحالة البتولية في الطبيعة الساقطة إلى حالة الطبيعة الثانية حيث البتولية ممكنة وذلك بفضل جهاد مرير ضد رغبات الجسد وبمؤازرة النعمة الإلهية وكان سلاحهم الرئيسي (البكاء والصلاة) وفي الحاضر نجد العذارى يهربن من الزواج ويعود الخطأة والقتلة والزواني إلى الطهارة ومع ذلك كان القديس ايسيذوروس على حق في كتابه للقديس كيرللس: "ذو الرأي المسبق لا يرى واضحاً والكراهية عمياء". لكن حياة التوحد تأتينا من الله بثلاث أشكال: - النداء المباشر: كالقديس أنطونيوس الكبير الذي كان يوماً في الكنيسة وسمع مقطعاً من انجيل متى الإصحاح التاسع عشر "إذا كنت تريد أن تكون كاملاً فاذهب وبع كل شيء فأعطه للمساكين" فحركت قلبه وشعر بالدعوة المباشرة وبخصوصية الكلام له وتوحد في البراري. - النداء غير المباشر: نداء الله من خلال الكوارث والصدمات أو الظروف التي يرتبها الله للمرء حتى يأتي به إلى الحياة الرهبانية. - النداء العقلي البشري: الدعوة التي تجيء بالمرء إلى الدير كنتيجة لتفكير واستصواب من العقل دون حماسة كبيرة. |
كلمة لأهل العالم يظن البعض أن الرهبنة هي الطريق الوحيد للخلاص, كلا فهي ليست الطريق الوحيد ولكنها الطريق الأقصر والأسهل رغم كل جهاداتها القاسية فإن الرهبنة تضع الإنسان مقابل الله, ليس له عمل سوى الله بينما الإنسان الذي يعيش في العالم له أشغاله وأعماله التي قد تفصله عن الله – والله لا يطلب منَّا التفرغ لأجله – فاهتمامات الإنسان الدنيوية ليست بشيء سيء ولكن يجب ألّا تمنعه عن عبادة الله وهذا بالأمر الصعب فلذلك الرهبنة هي الطريق الأمثل والأقصر الأسهل لبلوغ الملكوت ولكن ليست أي رهبنة بل الرهبنة الحقيقية الهادفة إلى الثيوريَّا [5] ورؤية المجد السماوي الذي يتمتع به المختارون. لنشجع أولادنا للرهبنة ولنأخذهم في زيارات حج إلى الأديرة ولنأخذهم دائماً إلى الكنيسة ونأخذهم إلى جلسات ومحاضرات رغم صغر سنهم ولنقم بإلزامهم في الجلوس لفترة طويلة والرب سيكون معنا. |
حياة التوحد: هي حياة توبة وهي حياة امتداد إلى الأمام لا يعرف الوقوف لأن بلوغ الكمال سقوط مريع (القديس غريغوريوس النصيصي) الله هو الحقيقة والتوبة هي جوع وعطش إلى الله لا حد لهما فالنفس تريد الله فيجب عليها أن تفتش عنه لأنه إن لم تفتش عنه فتشت عن اللذة واستعبدت لها. فحياة الراهب ليست سوى تذوق مسبق لطعم الحياة الأبدية إذاً فعلى الراهب أن لا يقف أبداً في التقدم الداخلي ويروى عن القديس سيسوي الكبير أنه لما كان على فراش الموت والرهبان حوله لاحظوا أن وجهه أشرق واستنار فسألوه ما به؟ فأجابهم: إني أرى أبانا القديس أنطونيوس الكبير, ثم ازداد وجهه إشراقاً لأنه رأى الرسل القديسين الأطهار ثم أشرق إشراقاً بهياً جداً لأنه رأى العذراء القديسة ورأوه يتمم بشفتيه كأنه يتحدث إلى أحد ما, وكان يتحدث إلى العذراء ويتضرع إليها كي تشفع له لدى ابنها الإله كي لا يموت كي يبدأ بالتوبة. وعلى الراهب ألّا ينتظر مفعولاً أو نتيجة لجهاده حتى الموت. الشيخ بافنوتيوس المتوحد كان ذات مرة ماراً في قرية تكثر فيها حوادث الدعارة بلا خجل فوقع نظره على خطايا سكان القرية فما كان منه إلا أن بكى طالباً إلى الله أن يغفر خطاياه هو. وحياة التوحد هي حياة تمجيد لله كالملائكة فالرهبان هم الذين أوجدوا الذكسولوجيات والتسابيح والليتورجيات أي التمجيد السماوي على الأرض فالراهب لا يستطيع الامتناع عن التمجيد لأنه يرى الله. |
الساعة الآن 03:12 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025