![]() |
كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي مقدمة من الأمور الجميلة في الكتاب المقدس؛ إن شخصيات الكتاب المقدس لا تعطينا فكرة عن الشخصية في حد ذاتها فقط، ولا تعطينا فكرة عن معاملات الله مع الناس فقط، ولكن كثير من حوادث الكتاب المقدس؛ بل كثير من شخصيات الكتاب المقدس؛ بل أقول لا توجد شخصية في الكتاب المقدس لا ترتبط بقضية الفداء والخلاص.. كثير من الشخصيات ترمز من جانب أو آخر إلى شخص السيد المسيح. طبعا لا تكون الشخصية مطابقة للمسيح في كل شيء، وإلاّ معنى هذا أن هذه الشخصية جمعت كمالات السيد المسيح وصفاته وهذا مستحيل. لأجل هذا نريد أن نعيش أحداث الكتاب المقدس في العهد القديم، نرى صورة الفادي، نرى صورة السيد المسيح معلقًا على الصليب مخَلِّصًا للبشرية "لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً" (1كو2: 2)، هذا هو الهدف الذي كان يسعى إليه كل الأنبياء ليُظِهروا ماذا أعد الله من أجل خلاص البشرية "فَإِنَّ شَهَادَةَ يَسُوعَ هِيَ رُوحُ النُّبُوَّةِ" (رؤ19: 10). وحديثنا هو عن آدم والسيد المسيح والعلاقة الوثيقة التي تربطهما معًا. وإن كان آدم رأس الجنس البشرى، لكن في وجود السيد المسيح يختفي هذا الرأس تمامًا، فإذ دخل المسيح إلى جنس البشر أصبح تلقائيًا هو رأس الجنس البشرى كله. و"كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ" (1كو15: 22). الرب يبارك كل دراسة كتابية لمجد اسمه القدوس بصلوات أبينا صاحب القداسة البابا شنودة الثالث أطال الرب حياة قداسته. بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ والبراري ورئيس دير القديسة دميانة بالبراري |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
بين آدم الأول وآدم الثاني في حديثنا عن آدم والسيد المسيح والعلاقة الوثيقة التي تربطهما معًا، نذكر أولاً آدم بصفته رأس الجنس البشرى... |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
آدم الرأس.. أول ما نذكر بل وأهم ما في الأمر هو آدم بصفته رأس الجنس البشرى، بل نقول بكل وضوح إن آدم هو أب الجنس البشرى، وممكن أن يعتبر أنه أصل الجنس البشرى، لكنه الأصل الثانوي وليس العلة الأولى، لأن الأصل الأول والعلة الأولى هو الله نفسه، الذي هو أصل وعلة كل شيء في الوجود. آدم هو أصل الجنس البشرى إذ جبله الله أولاً من التراب. ولما أراد الله أن يخلق حواء، أخذ ضلعًا من جنب آدم وخلق حواء، أو جبل حواء وأحضرها إلى آدم. فإذن حواء هي من جسد آدم، وبذلك يكون آدم وحواء جسدًا واحدًا. وفى سر الزيجة نذكر تعبير إن الرجل والمرأة جسد واحد كما يقول الكتاب: "مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا" (أف5: 31)، وهذا التعبير مقتبس أصلاً من وحدانية حواء مع آدم لأنها مأخوذة من جنبه،والنسل الذي سيأتي منهما له نفس الطبيعة، ولذلك فآدم هو أصل الجنس البشرى كله، والبشرية هي جسده. والمرأة عضو منه أو جزء من كيانه، والنسل الذي يأتي منهما كلاهما يكون كيان واحد متصل بهما. بذلك نستطيع أن نعتبر إن البشرية كلها جسد واحد وآدم هو الرأس. |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
طبيعة واحدة أم مشابهة؟ إذا خلق الله كائنًا شبيهًا بآدم في كل صفاته، أي في الشكل، في التكوين، في كل شيء يشبه آدم، هل هذا الشخص أو هذا الكائن أو هذا المخلوق يعتبر عضوًا في جسد آدم؟ أي إذا خلقه الله منفردًا وليس من نسل آدم ولا من جنب آدم، هل يعتبر عضوًا في جسده؟ هل يعتبر من نفس طبيعته؟ بالطبع، لا يعتبر مثل هذا الكائن إنه يحمل طبيعة آدم، يمكن أن نعتبره طبيعة مشابهة. فهناك فرق بين طبيعة واحدة وطبيعة مشابهة. وفرق أن يكون جنسًا واحدًا أو جنسًا مشابهًا. بل هناك فرق بين أن يكون عضو في جسد أو يكون عضو شبيه. فرق كبير جدًا. مثال لذلك إذا كان لأحد ولد يشبه ابنك، هل يمكن أن تقول إن هذا الولد عضو فىَّ خارج منى أو جزء من كياني-إلا بالنظرة الأولى إننا كلنا من الأصل الواحد الذي هو آدم- أما أن نعتبره كعضو في عائلتك أو الأسرة.. مستحيل مهما كان يشبه ابنك. الله بالتدبير وضع أن يكون الجنس البشرى كله جسدًا واحدًا عامًا، وهذا يؤكد الوحدانية التي في قصد الله، فالله لا يريد الانقسام. وكل الانقسامات التي حدثت بين البشر بعضهم مع بعض بعد ذلك كانت بسبب الخطية، لكن في الأصل لم يكن هكذا. في البدء لم يكن هكذا، كان الكل جسدًا واحدًا عامًا وكيانًا واحدًا عامًا. |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
كنا في صُلب آدم بما إنني خرجت من آدم وأنت خرجت من آدم، إذن كلنا كنا في آدم؛ موجودين في صُلبه،ومن الكتاب المقدس الدليل على أنه من الممكن أن يكون الإنسان موجودًا في صُلب شخص قبل أن يولد عندما قال: "حَتَّى أَقُولُ كَلِمَةً إِنَّ لاَوِي أَيْضًا الآخِذَ الأَعْشَارَ قَدْ عُشِّرَ بِإِبْرَاهِيمَ! لأَنَّهُ كَانَ بَعْدُ فِي صُلْبِ أَبِيهِ حِينَ اسْتَقْبَلَهُ مَلْكِي صَادِقَ" (عب7: 9، 10). ومن هو لاوي؟ وابن من هو؟ لاوي هو ابن يعقوب، ويعقوب ابن إسحق، وإسحق ابن إبراهيم. فبقوله إن لاوي -قبل أن يولد أو أن يكون له أي ذكر- قدّم العشور لملكي صادق. كيف قدّمها؟ عندما قدّم إبراهيم العشور لملكي صادق إذ أعطاه عُشرًا من كل شيء، كان لاوي موجودًا اعتباريًا داخل إبراهيم، أو كان في صُلب إبراهيم. كلمة "في صُلب" معناها إن إبراهيم لأنه هو أب العائلة كلها التي خرجت منها كل هذه الفروع، فهو الجزع الأصلي التي تجتمع إليه كل الفروع. وكل عمل قام به إبراهيم، فمن خلاله قام به لاوي. |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
في آدم مات الجميع وكما يقول الكتاب أيضًا: "لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ" (1كو15: 22). أنا كنت داخل آدم لأنني جزء من جسده وكيانه. كنت داخله في الوقت الذي فيه أخطأ. ففي الوقت الذي اختطف قضية الموت، أنا أخذتها تلقائيًا معه. وباقي الآية تقول "هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ"، وهذا سوف يكون حديثنا في فقرة لاحقة. وهكذا اجتاز الموت إلى الجميع، بخطية إنسان واحد دخل الموت إلى العالم، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، وذلك على الذين لم يخطئوا على شبه تعدى آدم كما ذكر بولس الرسول في رسالته إلى رومية: "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ... لَكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى وَذَلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي" (رو5: 12-14). ما معنى هذا الكلام؟ |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
الخطية الجِدية أي أن الجنس البشرى كله دخل إلى حالة الموت في شخص آدم. ولذلك فقد قَبِلت الطبيعة البشرية كلها الموت، واجتاز الموت من آدم إلى الجميع، حتى الذين لم يخطئوا على مثال تعدى آدم أي الأطفال مثلاً اجتاز إليهم الموت. هذه التي نسميها }الخطية الجِدية{؛ وهي أن يرث الإنسان طبيعة محكومًا عليها بالموت، طبيعة ساقطة خاطئة، هذه الطبيعة لا يتوقف الموت الذي فيها على أن الإنسان يفعل نفس الفعل. كيف ذلك؟ إذا كان هناك إنسان ارتكب أبوه جريمة قتل ولكن هو نفسه لم يقتل، لماذا لم يرث من أبيه خطية القتل كما ورث الخطية الجديّة من آدم؟ ذلك لأنه وارث طبيعة مائتة تحمل جميع أنواع الخطايا والشرور كامنة في داخلها. فلماذا يرث القتل مادام هو قد ورثه أصلاً عن آدم؟ وإلا فمن أين أتى قايين بالقتل عندما قتل أخاه هابيل؟! من الممكن أن يرث شيئًا، إذا كان هذا الشيء جديدًا لم يرد على طبيعته. أي إذا كان أبوه ارتكب خطية ليس لها وجود على الإطلاق داخل طبيعة الجنس البشرى -وهذا مستحيل- ممكن أن يأخذها منه؛ ولكن قبل المعمودية طبعًا.. |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
اجتاز الموت إلى الجميع عندما أخطأ آدم، فإنه أدخل معرفة الشر إلى الطبيعة البشرية بكل أنواعها وصورها، فهناك خطايا عملها آدم، وخطايا أخرى عملها أولاده. لكن سواء كان هو الذي ارتكبها بينما هم لم يعملوها، أو هو لم يرتكبها وهم الذين عملوها، فإن الكيان البشرى كله قد سقط ودخل في شركة مع إبليس وتحت سلطانه، وتدنست الطبيعة وأصبح فيها إمكانيات الشر والخطية، وأصبحت في وادي ظل الموت. فإن الذي لم يقتل لديه القوة الغضبية الكامنة فيه، وإمكانيات الحقد والكراهية تجعل الكتاب يقول "كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ" (1يو3: 15)،ليس من الضروري أن يقتل بالسلاح الفعلي، لكن ممكن أن تُعتبر الكراهية نفسها قتل، وأعتقد إن كل إنسان فينا ممكن جدًا بإنسانه العتيق أن يكره، ويكره بشدة، لأن موضوع الكراهية سهل جدًا على الإنسان، فبما أن استعداد الكراهية موجود؛ إذن استعداد القتل أيضًا موجود... فحتى إذا لم يقتل الإنسان؛ لكن طبيعته طبيعة قاتلة، هو -في هذه الحالة- لم يكن قاتلاً بالمعنى الظاهر الخارجي، إنما طبيعته قاتلة. ومادامت طبيعته قاتلة فهي تستوجب الموت، حتى لو لم يقتل فعليًا... وهذا هو معنى قوله "وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ... عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي" (رو5: 12-14). |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
النفس التي تخطئ هي تموت أشار القديس كيرلس الكبير إلى مسألة المسئولية الشخصية في ضوء الآية التي تقول "اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ، وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ، وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ" (حز18: 20). ولماذا اجتاز الموت من آدم إلى جميع البشر مع أنهم لم يكونوا موجودين وقت سقوطه، ولا اشتركوا بالإرادة الشخصية حينما فعل في ذلك الحين، فقال القديس كيرلس الكبير: {نعم النفس التي تخطئ هي تموت، لكننا بهذه الطريقة صرنا خطاة بواسطة عصيان آدم،آدم كما ترون خُلِقَ لعدم الفساد والحياة. علاوة على ذلك فإن الحياة التي كان يحياها في فردوس النعيم كانت تليق بالقديسين؛ فقد كان عقله مشغولاً برؤية الله، وجسده في سلام كامل. كل الشهوات الدنيئة في سكون، لأن العواطف غير اللائقة لا تزعجه. لكن حينما سقط تحت الخطية وغرق في الفساد؛ حينئذ غزت الشهوات النجسة الطبيعة الجسدية، ونبت ناموس الخطية التي تضطرم في أعضائنا. لذلك تعاقدت الطبيعة البشرية مع مرض الخطية خلال معصية إنسان واحد وهو آدم. وبهذه الطريقة صار كثيرون خطاة، ليس كأنهم تعدوا مع آدم (لأنهم لم يكونوا موجودين)، ولكن لأنهم من طبيعته التي سقطت تحت ناموس الخطية.. مرضت الطبيعة البشرية بالفساد في آدم بسبب عصيانه وبهذا دخلت الشهوات} |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
الكل كيان واحد وحدانية الجنس البشرى في المفهوم الكتابي الآبائي الكنسي قد أعطى مساحة لإحساس الإنسان بارتباطه العام بجماعة المؤمنين من آدم إلى الآن. بحيث يعبِّر الواحد عن الجماعة وتعبِّر الجماعة عن الواحد. دون أن يلغى ذلك مصير كل إنسان حسب إيمانه وعمله شخصيًا ومسئوليته الشخصية. فما هو الدليل؟ يقول القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات في القداس الإلهي مخاطبًا الابن الكلمة: }غَرْسٌ واحدٌ نهيتني أن آكل منه فأكلتُ بإرادتي وحدي... أنا اختطفتُ لي قضية الموت... أنت يا سيدي حوّلت لي العقوبة... أنا الذي سقطتُ... أنت الذي أرسلت... من أجلى أنا المريض... لما خالفتُ ناموسك{ نلاحظ أن القديس غريغوريوس تكلم بلسان الإنسان من آدم إلى مجيء المخلّص عبورًا بعهد الناموس والأنبياء وكأنه هو نفسه آدم! وكأنه هو نفسه إنسان عهد الناموس، وهو نفسه إنسان العهد الجديد، بينما هو لم يعِش في كل تلك العصور! ولكنه عاش في عهد النعمة فقط. ويتضح نفس هذا الأسلوب في طريقة التعبير في رسالة بولس الرسول لأهل رومية فإنه يتكلم بلسان إنسان ما قبل الناموس وإنسان ما بعد الناموس، ثم يتكلم بلسان إنسان عهد النعمة فيقول متدرجًا: "أَمَّا أَنَا فَكُنْتُ بِدُونِ النَّامُوسِ عَائِشًا قَبْلاً. وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَتِ الْوَصِيَّةُ عَاشَتِ الْخَطِيَّةُ فَمُتُّ أَنَا" (رو7: 9). |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
كلنا أعضاء في جسد واحد ومجمل القول هو إنه من خلال أبوة آدم لنا، يكون الجنس البشرى كله جسدًا واحدًا رأسه هو آدم. ونحن كلنا أعضاء في جسد واحد، كلنا أخطأنا في شخص آدم لأننا كلنا كنا موجودين فيه. وكما ذكرنا إنه عندما قدّم إبراهيم العشور؛ قدّم لاوي أيضًا إذ كان في صلبه. كذلك آدم عندما أخطأ؛ نحن أخطأنا معه. لا يقدر أحد أن يقول إذا كان آدم أخطأ فما هو ذنبي أنا؟ يستطيع أن يقول هذا مَنْ كان مِن طبيعة أخرى أو مخلوق آخر، ولكنه كإنسان فإنه يحمل نفس طبيعة آدم، وهو جزء من كيانه. هل يمكن إذا استخدم الإنسان أصبع السبابة في خزق عين آخر، يدَّعى أصبع الإبهام أن لا ذنب له فيما حدث؟!! السبابة والإبهام كلاهما أعضاء في جسد واحد. أو إذا ضربه برأسه هل يدَّعى أن يده لا ذنب لها؟! الكل جسد واحد وكيان واحد إذا أخطأت الرأس فقد أخطأت الأعضاء كلها معها. ولكن بمقدار ما كانت هذه المسألة محزنة ومأساوية بمقدار ما هي مفرحة في شخص السيد المسيح. بمعنى أن رغم المأساة الفادحة التي جلبت الحزن والضيق، نجد في المقابل نعمة غنية؛ بل بالعكس ليس في المقابل فقط بل يقول: "وَلَكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هَكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ" (رو5: 15). |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
ليس كالخطية هكذا الهبة أي أن النعمة التي في المسيح يسوع تفوق النقمة التي حلّت علينا بسبب خطية آدم. فالمشكلة محلولة؛ بمعنى إنه مهما تأزمت الأمور، فالسيد المسيح بحسب غناه في المحبة رفع عنا هذه البلية. لكن لابد أن نفهم المأساة بأبعادها الحقيقية لنعرف مقدار العطية الممنوحة لنا في المسيح. يقول القديس أثناسيوس الرسول: {لأنه مثلما سقط آدم في العصيان؛ فإن الخطية اجتازت إلى جميع الناس (رو5: 12). وهكذا حينما صار الرب إنسانًا وحطّم الحية؛ فإن قوته العظيمة هذه قد انتقلت إلى جميع الناس} (الرسالة الأولى ضد الأريوسيين فقرة رقم 51). وقال أيضًا: {لأننا لم نعُد نموت بحسب بدايتنا الأولى في آدم، بل بسبب أن بدايتنا وكل ضعفات الجسد قد انتقلت إلى الكلمة، فنحن نقوم من الأرض، إذ أن لعنة الخطية قد أُبطلت بسبب ذاك الذي هو كائن فينا} (الرسالة الثالثة ضد الأريوسيين الفقرة رقم 33). من هذا المنطلق نفهم أنه يشترط في مسألة الموت النيابي أن الذي يموت عن الجميع؛ الذي يموت عن الكل يكون هو الرأس. لذلك لما أخطأ آدم -لأنه أصل البشرية كلها- فيه مات البشر كلهم "لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ" (1كو15: 22). ونفس المبدأ ينطبق على أعضاء جسد المسيح " فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ" (1كو15: 22). |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
مفاهيم عجيبة جدًا!! لكي يأتي علىَّ شيء كنتيجة لعمل إنسان آخر، أو إذا كان هذا الإنسان يعمل نيابة عنى لابد أن أكون أنا منه. فإذا لم أكن منه لا يمكن أن أرث أو لن يرجع إلىَّ أثر الفعل الذي فعله. بل أكثر من هذا لابد أن أكون أنا فيه، أنا منه أو أنا فيه. ومعلمنا بولس الرسول يقول عن علاقته بالسيد المسيح "وَأُوجَدَ فِيهِ" (في3: 9). والسيد المسيح يقول "مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ" (يو6: 56). مفاهيم عجيبة جدًا!! بمعنى أنه لابد أن أكون أنا في آدم لكي آخذ وأرث طبيعته وفعله، وآخذ استحقاقاته؛ إذا كانت حياة؛ آخذ حياة، وإذا كان موت؛ آخذ موت. يقول: "لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ" (1كو15: 22). لماذا؟ لأني كنت في آدم.. هل أنت متيقن أنك كنت في آدم وهو في الفردوس؟ إذا كنت متيقن حقًا أنك كنت فيه لأنك منه، ستفهم لماذا أثَّر فعل آدم على كيانك وعلى مصيرك. لكن طبعًا أشكر الله بالمسيح يسوع ربنا كما يقول معلمنا بولس الرسول "إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (رو8: 1). |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
ما أبعد أحكامه عن الفحص ربما يشكو الإنسان: لماذا يا رب سمحت أن أولد من طبيعة آدم؟ لماذا لم أُولد من طبيعة أخرى بعيدًا عن هذه القضية الصعبة؟ لماذا لم أُولد من أي جنس آخر؟ أو لماذا لم أكن ملاكًا من الملائكة بعيدًا عن هذه الأحكام المحزنة؟. لماذا يا رب سمحت أن أولد من هذا النسل المحكوم عليه بالموت؟ بالطبع سيجيب ربنا ويعدد أسبابًا كثيرة جدًا؛ بعضها نعرفه وبعضها لا نعرفه "يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاِسْتِقْصَاءِ!" (رو11: 33). "شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ" (يع1: 18). يجب علينا أن نشكر الله بالحرى.. ولكن دعنا نستمع إلى الإجابة: |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
مولودون من الله!! يقول لك الله:- وإن كنتُ لم آخذ برأيك في أن تولد من نسل آدم، هذا حق. لم يستشيرك أبواك أن تولد منهما بموافقتى، أو بسماح منى. ولا أنا أخذت برأيك أن تكون إنسانًا، ولو أنك بالطبع إنسان بحكم التسلسل الطبيعي الذي بحسب الناموس الطبيعي، والوضع الأصلي الذي وضعته في آدم وحواء عندما قلت لهم: "أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ" (تك1: 28). لكن وإن كنت أنا لم آخذ برأيك في هذا، لكنى سأمنحك نعمة تغطى على الأولى وتزيد، فلا تحتج فيما بعد بأني لم آخذ برأيك... - ما هي يا رب؟ - يقول أترضى أن تولد منى أنا في الميلاد الثاني الجديد، أترضى بذلك؟ "إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللَّهِ" (يو3: 3). "اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ" (يو3: 6)،إن كنتَ حزينًا لأنك وُلدت من نسل خاطئ وجنس خاطئ محكوم عليه بالموت، فهل ترضى أن تولد منى أنا ميلادًا جديدًا سماويًا. لا تولد من جنس الملائكة، إنما أنا مستعد أن أعطيك نعمة البنوة والتجديد؛ تصير شريك الطبيعة الإلهية في الصفات والحب والعمل بصورة نسبية. وبفرح الرجاء تجيبه: ليتك تحقق لي هذا الوعد وإن كنتُ أنا غير مستحق... وفي فرحك تسأله: - إذا كنتُ حزينًا إنني وُلدت من نسل آدم وحواء، هل تعطيني أن أكون ابنك أنت؟! وكل الماضي يُمحَى؟ - نعم. - وكأن لم يحدث شيء؟! - نعم نعم، وكأن لم يحدث شيء. ويشهد على ذلك قول بولس الرسول: "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ" (أف1: 3، 4). |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
اختارنا في المسيح اختارنا في المسيح قبل تأسيس العالم؛ قبل أن يخلق آدم وقبل أن يخلق حواء. وقبلما يخطئ الجنس البشرى. اختارنا نحن لنكون أبناء له. لماذا أبناء؟ لأنه يقول اختارنا في المسيح أي أنه رأى المسيح الذي فينا، رأى المسيح الذي فيك فأحبك من قبل أن يخلق العالم كله؛ وهذا الأمر يفرحه، ومن أجله خلق آدم. ربما تتساءل لماذا خلق آدم، وهو يعرف أنه سيسقط؟ كلا... لا يليق أن نقول مثل هذا الكلام، لقد رأى الله القديسين وفرح بهم من قبل أن يوجدوا؛ رأى بطرس الرسول ورأى يوحنا الرسول الإنجيلي ورأى مارجرجس ورأى أنبا بيشوي، رأى هذا وذاك... ورأى العذراء مريم والقديسة دميانة وكل هذه المناظر في عينيه لأنه هو عالم بكل الأشياء قبل كونها، فيقول "كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ" (اف1: 3 ،4). |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
المسيح وفىَّ دين الخطية يقول لك: أترضى يا حبيبي أن تولد من فوق؛ تأخذ الطبيعة الجديدة وتصير ابنًا للملكوت ووارثًا للحياة الأبدية وشريكًا مع المسيح في مجده؟ سوف تجيبه: نعم، طبعًا أنا أتمنى. فيقول لك: مادمت موافق ليكن لك، لكن من خلال إيمانك بأن محبة المسيح الغامرة دفعت عنك دين الخطية. لأنه لا يليق طبعًا أن تولد من فوق وأنت حامل حكم الموت. ومن هنا جاء موضوع الكفارة وكيف إنه من الضروري أن تأخذ الخطية قصاصها العادل، والمسيح وفىَّ دين الخطية الذي علينا. وفي كتاب تجسد الكلمة للقديس أثناسيوس قال عن السيد المسيح: {فإنه قدّم ذبيحته عن الجميع فأسلم هيكله للموت عوضًا عن الجميع.. لكي يبررهم ويحررهم من المعصية الأولى} (تجسد الكلمة- فصل 20- فقرة2). الخطية طبعًا إهانة موجهة ضد الله فلابد أن تكون الكفّارة تليق بهذا الإله غير المحدود. ومن خلال إيماننا بذبيحة الصليب والفداء، وبإعلان حب الله وأبوته، نقبل نعمة البنوة وحميم الميلاد الجديد بالمعمودية.. بذلك نستطيع أن نفهم قيمة المعمودية بصورة واضحة جدًا. |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
أخذ طبيعتنا وجعلها واحدًا مع لاهوته لكي يموت المسيح نيابة عنى كأحد أفراد العهد الجديد؛ لابد أن أصير أنا فيه بالمعمودية لكي أتحد معه بشبه موته وأصير أيضًا بقيامته. وقد ذكرنا في البداية أن الله هو العلة الأولى الأصلية وآدم هو العلة الثانوية. فعندما يتجسد السيد المسيح كعضو في الجنس البشرى ويدخل إلى جسم البشرية العام نفسه، دخل لجسم بشريتنا وأخذ طبيعتنا بلا خطية وجعلها واحدًا مع لاهوته. فأصبح يجمع بين الصفتين؛ صفة أنه مشترك معنا في طبيعتنا كما قال بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين: "فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ فِيهِمَا..." (عب2: 14)، والصفة الأخرى هو إنه أصل كل الخليقة. وباجتماع الصفتين معًا في شخصه الواحد أصبح الكلمة المتجسد هو رأس الكنيسة ورأس آدم نفسه الذي رقد على رجاء الخلاص. |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
المسيح رأس كل خليقة بذلك أصبح الجنس البشرى المتحد بالرأس أي المسيح لازال محتفظًا أنه جسم واحد عام وكيان واحد -كما قلنا- والمسيح له المجد اشترك معنا في هذا الكيان ليس فقط بصورة مشابهة لنا، لكن بنفس طبيعتنا بلا خطية، لكنه ينفرد ويسمو جدًا لأنه هو رئيس الرؤساء وملك الملوك ورب الأرباب (انظر رؤ19: 16) وأصل كل خليقة. هو بدخوله إلينا وإلى طبيعتنا محتفظًا بوضعه أنه هو أصل ورئيس الخليقة كلها ورئيس الحياة قال عنه بطرس الرسول: "وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذَلِكَ" (أع3: 15). فإذن وإن كان آدم رأسًا؛ لكن في وجود السيد المسيح يختفي هذا الرأس تمامًا، لأنه إذا سطعت الشمس تختفي كل النجوم.. مثال لذلك إن كان واحد ضابط في الجيش برتبة مُقَدِم، فهو يعتبر قائد الكتيبة إلى أن يأتي رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وفي وجوده يصير الكل مرؤوسين،إذا جاء قائد اللواء ودخل وسط الكتيبة، وعمل لنفسه خيمة وسكن في وسطها، من هو الذي سوف يقود الكتيبة في وجود الرئيس الأعلى؟ لذلك يقول معلمنا بولس الرسول عن الآب والابن: "وَإِيَّاهُ جَعَلَ رَأْسًا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ، الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ، مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ" (أف1: 22، 23). شيء واضح ومنطقي جدًا أنه إذا دخل المسيح إلى جنس البشر يصبح تلقائيًا هو رأس الجنس البشرى المرتبط به بالميلاد الجديد. من أجل هذا قالها وذكرها ولم يتركها لاستنتاجنا؛ وقال: "أَنَا أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ. كَوْكَبُ الصُّبْحِ الْمُنِيرُ" (رؤ22: 16). بمعنى أن الرب يسوع يقول إني أنا الأصل وإن كنت أنا من نسل آدم ومن نسل داود إنما أنا الأصل. بذلك يكون الكيان لازال أيضًا متكاملاً، لا وجود لكيان غريب، لم يدخل علينا عضو من جنس آخر، إنما من نفس جسم البشرية أصبح هناك رأس جديد؛ هذا الرأس الجديد قادر أن يلد بالروح القدس- بقوة روح الله- أبناء لله في المعمودية من خلال الإيمان بذبيحة الصليب كقوله: "مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ" (مر16: 16). |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
الذين قبلوه صاروا أعضاءه لكن هنا طاعة الإنجيل في الإيمان بالمسيح، وفي قبول المخاض الروحي في المعمودية الذي هو حميم الميلاد الجديد هو الشرط لنصير أعضاءً في جسد المسيح. ولذلك بالرغم من أننا نقول إنه هو رأس الجنس البشرى، لكن المقصود هم جماعة المؤمنين لأن الأعضاء التي تنتسب إليه وتنال شرف العضوية في جسده هم المؤمنون باسمه، من أجل هذا يقول: "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ الَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ" (يو1: 12، 13). وكما يقول القديس أمبروسيوس؛ وفعل المعمودية ومغفرة الخطايا والآثام والذنوب والتجديد بواسطة الروح القدس، فقد شدد القديس على ضرورة المعمودية معلنًا إنه إن لم يُعَمَد الإنسان باسم الآب والابن والروح القدس لا يمكن أن يقبل غفران خطاياه، ولا يسكن فيه الروح القدس، ولا ينمو في النعمة الروحية،ويشدد إنه لا يمكن دخول ملكوت الله إلا من خلال المعمودية حتى الأطفال كذلك، مع ملاحظة أن الشهداء ينالون المعمودية بالدم إن لم يكونوا قد اعتمدوا قبل شهادتهم. وبالرغم من أن السيد المسيح قد أصبح رأس الجنس البشرى إلا أنه رأس اختياري يتوقف على قبول الإنسان أن يولد منه. أي أن هذا الرأس بالرغم من أنه هو الرأس الحقيقي، لكنه يبقى منتظرًا قبول الإنسان أن يوجد عضوًا فيه، كما قلت سابقًا يسألك الله: هل تحب أن تولد منى؟ مستعد. لأن ربنا لا يرضى أبدًا أن يفرض نفسه على أحد. |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
الله لا يُرغم أحدًا العذراء مريم عندما أراد أن يتجسد منها، أرسل إليها ملاك لكي يستأذن منها أولاً "فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ" (لو1: 30 ،31). وعندما سألت كيف يحدث هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟ فَأَجَابَ الْمَلاَكُ: "اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ" (لو1: 35). ولما قالت له: "هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ" (لو1: 38). حينئذ تجسد الله الكلمة منها. لكن إذا لم توافقه، لن يقبل أن يدخل في أحشائها غصبًا. فطريقة ربنا إنه دائمًا يقرع على الباب؛ قبل أن يدخل يستأذن، وها هو يقول: "هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي" (رؤ3: 20). |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
المسئولية الشخصية حقًا، وإن كان السيد المسيح هو الرئيس الأعلى وهو الرأس الأعظم إنما يترك حرية الاختيار لك في إما أن تتبعه وتأخذ أوامرك منه، أو تظل مرتبطًا بالرأس الأول الذي هو آدم الأول، كما تريد وكما ترغب. أردت أن تعيش الحياة الجديدة في المسيح... مرحبًا بك، أما إن أردت أن تعيش كمولود بالجسد "اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ" (يو3: 6). فإذا كانت المسئولية الشخصية لأبناء آدم لم تدخل في الخطية الأصلية وقد ورثوا حالة الخطية التي سقط فيها آدم مع حواء، لكن لديهم الفرصة أيضًا مع آدم أن يختاروا طريقة الخلاص وينالوا البنوة لله بقبول عطية الله في المسيح. مسئولية الإنسان الشخصية هي التي تحدد مصيره. وحتى الذين آمنوا بالمسيح؛ فإن هناك أناس اختاروا طريق الشركة مع إبليس إذ رفضوا الإيمان الأول، وهناك آخرون اختاروا طريق الشركة مع الله، وظلّوا ثابتين إلى النهاية. |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
آدم الذي هو مثال الآتي نستطيع أن نفهم الآن معنى ما قاله معلمنا بولس الرسول إن "آدَمَ الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي" (رو5: 14)، هذا التعبير هو ملخص كل ما سبق وتحدثنا عنه؛ عندما قال إن "آدَمَ الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي" يقصد أنه لما خلق الله آدم، وجعله رأسًا للجنس البشرى، وأعطاه أن يثمر ويكون له أولاد، وأولاده يرثون طبيعته ويأخذون ميراثه و.. و.. إلى آخره؛ كل هذه القصة تشير إلى ما سوف يعمله السيد المسيح عندما يصير هو رأس لنا ويعطينا الميراث الأبدي، ونصير كلنا أعضاء في جسده وهكذا... وطبعًا لكي نأخذ استحقاقات السيد المسيح لابد أن نكون ثابتين فيه باستمرار، وكيف ذلك؟ نحن نثبت فيه بتناولنا من جسده المقدس ودمه الكريم. |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
في المسيح سيحيا الجميع في قوله: "فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ، بِإِنْسَانٍ أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ. لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ" (1كو15: 21، 22). كما ورثنا موت آدم كذلك نحن نرث قيامة السيد المسيح، وكما ورثنا خطية آدم أمكننا أن نرث أيضًا بر السيد المسيح، بل إن موت السيد المسيح أيضًا أمكننا أن نرثه، كيف ذلك؟ إن موت المسيح كنائب عنا يحسب لنا كقول معلمنا بولس الرسول: "إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هَذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ. فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا" (2كو5: 14). ونحن نتحد مع المسيح بشبه موته بالمعمودية كما قال بولس الرسول: "فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ بِمَجْدِ الآبِ هَكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ" (رو6: 4 ،5). كما أنك مُتَ في آدم لما مات، فالمسيح على الصليب مات بالجسد، ويمكنك أنت أن تموت في المسيح بعمل الروح القدس في المعمودية، عمل الروح القدس يأخذ مما للمسيح ويعطيك (انظر يو16: 14). وكما تأخذ موت المسيح كذلك قيامة السيد المسيح تأخذها أيضًا. |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
وماذا عن آباء العهد القديم؟! وربما تسأل: هل آدم وإبراهيم وسائر الآباء الذين رقدوا على رجاء الخلاص قد دُفنوا معه مثلنا نحن الذين دُفنا معه في المعمودية للموت؟ ونجيب ونقول: نعم.. وإن كانوا لم يُدفَنوا معه بل بالحرى هو الذي دُفن معهم!! من أجل ذلك قال: "لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ" (مت12: 40). لماذا؟ لأنه يريد أن يُدفَن بالجسد مع آدم ومع إبراهيم وإسحق ويعقوب وكل الذين رقدوا على رجاء الخلاص، ويقول لهم سوف آتى إليكم في الجحيم بنفسي، كقول معلمنا بطرس الرسول عن موت السيد المسيح "مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلَكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ، الذِي فِيهِ أَيْضًا ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ" (1بط3: 18، 19). فكما نتحد نحن معه بشبه موته في المعمودية، فإن السيد المسيح قد اتحد معهم بشبه موته بنزوله إلى القبر وإلى الجحيم ليس كمعاقَب محبوس ولكن كمحرِر من الحبس ومخلِّص وكارز بالخلاص،وهنا ينطبق قول بولس الرسول: "لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ" (رو6: 5). إذن تتضح المسئولية الشخصية هنا سواء في العهد القديم للذين رقدوا على رجاء الخلاص، أو في العهد الجديد للذين نالوا البنوة والتجديد الذي ناله آباؤنا حين نزل إليهم المسيح في الجحيم ورفعهم معه وأدخلهم الفردوس، لدرجة أنه "قَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ. وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ" (مت27: 52، 53)، بمعنى إنه لم ينقل أرواحهم إلى الفردوس فقط، ولكنه أقامهم بعد قيامته وأرسلهم إلى مدينة أورشليم كشهود ليشهدوا أن الفداء قد تم. |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
بالمعمودية نرث مجد الملكوت بعد أن قال فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، يكمل ويقول: "حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ بِمَجْدِ الآبِ هَكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ" (رو6: 4). ثم يقول إن أعضاءنا تصير آلات بر لله لأننا نرث بره "وَلاَ تُقَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ آلاَتِ إِثْمٍ لِلْخَطِيَّةِ بَلْ قَدِّمُوا ذَوَاتِكُمْ لِلَّهِ كَأَحْيَاءٍ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْضَاءَكُمْ آلاَتِ بِرٍّ لِلَّهِ" (رو6: 13). لأننا نرث بره أي نأخذ قوة قيامته ونأخذ بالنعمة البر الذي للمسيح على قدر استطاعتنا، كما نأخذ استحقاق الحياة الأبدية وميراث مجد الملكوت الأبدي. إذن من خلال ولادتنا منه في المعمودية نأخذ كل الاستحقاقات التي تجسد السيد المسيح ليهبها لنا. |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
نِعم ننالها في المعمودية من ضمن الِنعم التي نأخذها؛ قوة الانتصار على الشيطان، ونعمة البنوة لله، والاستنارة، وفهم مقاصد الله، واستحقاق معاينة الملكوت، وصيرورتنا أعضاء مع أهل بيت الله كأولاد لله، ونُختَم بسِمة أبدية وختم إلهي لا يُمحى، كل هذه النعم ننالها في المعمودية. ونلبس ثياب العرس لنستحق دخول الملكوت. |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
آدم الثاني أعظم من الأول بقى أن نوضح بالأكثر قوله "وَلَكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هَكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ" (رو5: 15). "لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً هَكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا" (رو5: 19). لماذا لا تؤمن أنه لما مات المسيح من أجلك على الصليب ممكن أن يغفر خطايا العالم كله؟ إذا كان إنسان واحد ارتكب خطية واحدة في الفردوس جاء للبشرية بكل هذه البلية. كل البشر صاروا تحت حكم الموت بسبب خطيته، فبالأولى كثيرًا جدًا الأعمال العظيمة التي قام بها السيد المسيح. إذا كان آدم الأول أخطأ فجلب هذه الويلات كلها على البشرية، فآدم الثاني الأخير الذي هو أعظم من آدم الأول إذ أطاع الآب طاعة كاملة حتى الموت وبذبيحة قيمتها لا نهائية لسبب إتحاد طبيعته الإنسانية بلاهوته، وإذ صنع كل مسرة الآب، هل كل هذا لا يكفى لأجل تلك الخطية الذي صنعها آدم الأول؟! بمعنى إن الذي عمله آدم الجديد بالنسبة لما عمله آدم الأول عظيم جدا،ً ولا يقاس على الإطلاق. من أجل ذلك يقول: "لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً هَكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا" (رو5: 19). إن النعمة والعطية والهبة التي في المسيح يسوع فاقت بكثير جدًا المأساة والخطية والغضب الإلهي المعلن بسبب خطية الإنسان، ونقول جميع الخطايا لجميع البشر في جميع الأزمنة لكل من يؤمن، إن المسيح إلهنا له المجد قد وفي خطية البشرية، بل إنه أرضى قلب الآب السماوي من ناحية الإنسان بصورة فاقت كل غضب الله بسبب خطية الإنسان،أي أن صورة الإنسان في نظر الله من خلال المسيح أصبحت محبوبه جدًا جدًا جدًا لدرجة إنها غطت أضعاف مضاعفة بما لا يقاس على خطايا البشر لذلك قال: "وَلَكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هَكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ" (رو5: 15). |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
ابني الحبيب الذي به سررت الهبة التي في المسيح يسوع فاقت كل تصورنا وكل تقديراتنا على الإطلاق. من أجل ذلك قال الآب السماوي عن ابنه الوحيد المتجسد: "هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ" (مت3: 17). وقال بلسان أشعياء النبي: "هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ" (اش42: 1-4). في الحقيقة لو كنا نعرف قيمة العطية التي في المسيح يسوع، فلن نشعر بالخذلان أو بالضعف، لكن نشعر بمنتهى القوة. إن النعمة المعطاة لنا في المسيح فاقت خطية آدم بمراحل كثيرة. لذلك فإن النعمة التي ستعطَى للمفديين أعظم بكثير من حياة الخطية، أي الحياة الأبدية في ملكوت الله الذي يقول عنها: "تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ" (مت25: 34). الملكوت أعظم بكثير جدًا من الفردوس الأول. وكرامة الإنسان بعد مجيء السيد المسيح أعظم بكثير جدًا من كرامته أيام أن خلق الله آدم في الفردوس، يكفى أن السيد المسيح بجسده الممجد المتحد باللاهوت قائم عن يمين العظمة في الأعالي كقول الكتاب: "لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ" (فى2: 10،11). |
رد: كتاب آدم (بين آدم الأول وآدم الثاني) - الأنبا بيشوي
هل رد آدم إلى رياسته؟ فكون السيد المسيح ظهر في الجسد وبارك طبيعتنا فيه بهذه الصورة: معناها أنه قد أصبحت للإنسان كرامة تفوق بكثير الكرامة الأولى التي كانت له قبل السقوط. إذا كنا نقول إن المسيح رد آدم إلى رتبته مرة أخرى؛ ففي الحقيقة هذا تعبير يمكن أن نقول إنه مرحلي. بمعنى إنه ليس فقط رد آدم إلى رتبته مرة أخرى، بل إنه بدخول آدم إلى الملكوت بعد المجيء الثانيللسيد المسيح تكون مرتبته -في المسيح- قد فاقت بما لا يقاس المرتبة الأولى التي كان عليها، لذلك يقول: "وَلَكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هَكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ" (رو5: 15)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. أي أن العطية بسخاء جدًا تفوق كل ضعف الإنسان. ومن المعلوم طبعًا أن جسد القيامة الممجد سوف يكون في حالة أعلى بكثير من الحالة التي خُلق عليها أبونا آدم في الفردوس، والحالة التي آل إليها بعد السقوط. عن هذا يقول معلمنا بولس الرسول في حديثه عن القيامة في اليوم الأخير: "هَكَذَا أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ: يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ. يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضُعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ. يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيّاً وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيّاً. يُوجَدُ جِسْمٌ حَيَوَانِيٌّ وَيُوجَدُ جِسْمٌ رُوحَانِيٌّ. هَكَذَا مَكْتُوبٌ أَيْضًا: «صَارَ آدَمُ الإِنْسَانُ الأَوَّلُ نَفْسًا حَيَّةً وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا». لَكِنْ لَيْسَ الرُّوحَانِيُّ أَوَّلاً بَلِ الْحَيَوَانِيُّ وَبَعْدَ ذَلِكَ الرُّوحَانِيُّ. الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ. كَمَا هُوَ التُّرَابِيُّ هَكَذَا التُّرَابِيُّونَ أَيْضًا وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هَكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضًا. وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ. فَأَقُولُ هَذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لاَ يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللهِ وَلاَ يَرِثُ الْفَسَادُ عَدَمَ الْفَسَادِ" (1كو15: 42- 50). وبهذا نفهم أن السيد المسيح قد أخذ لقب "آدم الثاني" وأن جسد القيامة للأبرار سوف تكون له صورة سمائية لا صورة ترابية. وذلك عند قيامة الأموات في اليوم الأخير. وذلك بالرغم من أن الأجساد الأصلية لابد أن تقوم ولكنها ستتغير. ففي ضوء هذه المعاني أي أناس ينبغي أن نكون نحن بقوة العطية الممنوحة لنا في المسيح كأولاد الله مدعوين لميراث الحياة الأبدية ربنا يعطينا أن نكون أبناء حقيقيين له ثابتين في المسيح إلى النهاية |
| الساعة الآن 01:35 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025