منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الكتب الدينية (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=56)
-   -   كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=268040)

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:32 PM

كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
مقدمة


شخصية داود النبي مدرسة عجيبة جدًا في كثير من الأمور, فإن كنا نقرأ عن سير قديسين في العهد القديم وفي العهد الجديد، لكن شخصية داود يقف أمامها الإنسان مبهورًا. ربما يعترض أحدكم قائلاً: وماذا عن خطيته التي أخطأها؟!
لكن ليس حسنًا أن نركز ذهننا في موضوع خطيئة داود التي أخطأ بها وتاب عنها، فلم تكن كل حياة داود هي هذا الخطأ الذي ذكره الكتاب المقدس.

لقد اختار الرب داود لأن قلبه كان يحب الله بصورة عجيبة جدًا... إن الهدف في حياتنا هو مقدار المحبة في قلوبنا، فإن كنا نجاهد في صوم وفي صلاة وفي عبادات، كل هذا يؤدى إلى هدف واحد هو أن يمتلئ القلب بمحبة الله، فالهدف من كل شيء نصنعه في حياتنا مع الله هو أن نترك فرصة للحب الإلهي أن يسكن ويملأ القلب.
وسوف يعيش الإنسان معذباً في صراع مع الخطية إلى أن تدخل محبة الله وتملأ قلبه، فليست علاقتنا مع الله مجرد ممارسات وعبادات وفروض،فمهما مارس الإنسان من العبادة ولم تكن في قلبه محبة الله فإنه إن دخل إلى قلبه أي حب آخر فسوف يسبيه بعيداً عن الحياة مع الله.
فإن كان داود النبي قد أخطأ، ولكن لأن محبته لله كانت قوية جدًا فإنه لم يحتمل أن يبقى في الخطية. وكانت دموع التوبة كأنهار غزيرة.. ليست المسألة إن كان الإنسان قد أخطأ أو لم يخطئ. لكن المسألة هي: هل قلبه ممتلئ بمحبة الله أم لا؟. الإنسان الذي يمتلئ قلبه بمحبة الله لا يفقد علاقته بالروح القدس... علامة محبتنا لله إننا إذا أخطأنا نسرع إليه ونتوب...
وسوف لا نتعرض في هذا الكتاب لخطية داود وتوابعها التي تاب عنها والتي احتمل بسببها متاعب كثيرة لأن هذه المسألة تحتاج إلى كتاب خاص بعنوان "داود الملك التائب". ربما نتمكن من إصداره في وقت لاحق إذا سمحت مشيئة الرب.
أما عن شخصية داود فهي في الحقيقة شخصية يقف أمامها الإنسان مبهورًا، وسوف نستعرض معًا بعضًا من لمحات في حياة داود لنعرف كم تكون هذه الشهادة هي حق... هذا الرجل هو شخص عجيب يندر أن يوجد مثله إنسان على الأرض!!
ولا يفوتنا أن ننوه أن لقداسة البابا شنودة الثالث -أطال الرب حياته- تأملات كثيرة عميقة عن شخصية داود النبي وحياته.. الرب ينفعنا ببركة صلوات قداسة البابا.

بيشوى
مطران دمياط وكفر الشيخ والبراري
ورئيس دير القديسة دميانة

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:35 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
مسح داود ملكًا

كان لداود أخوة أكبر منه، وطلب الله من صموئيل أن يذهب ليختار من أولاد يسى البيتلحمى واحدًا ويمسحه ملكًا هكذا قال له الرب: "امْلأ قَرْنَكَ دُهْنًا وَتَعَالَ أُرْسِلْكَ إِلَى يَسَّى الْبَيْتَلَحْمِيِّ، لأَنِّي قَدْ رَأَيْتُ لِي فِي بَنِيهِ مَلِكًا" (1صم16: 1)، كان لداود سبعة إخوة وهو الثامن؛ فهو أصغرهم، ولما ذهب صموئيل إلى بيت لحم طلب من يسى أن يحضر أولاده، فنسى يسى داود لأنه قال إن داود مازال صغيرًا وليس من المعقول أن يختاره الله ملكًا.
كان إخوة داود الكبار جبابرة بأس؛ فمنهم من يجيد ضرب السيف، ومنهم من هو متقدم في ضرب الرمح، ومن له جسم قوى وعضلات مفتولة، كل واحد فيهم ينظر إليه أبوه على أنه يصلح أن يكون ملكًا لسبب من الأسباب، أحدهم شخصيته قوية، وآخر عنده شجاعة، آخر يجيد ركوب الفرس.. سبعة أولاد كل واحد فيهم يرى أبوه فيه أنه يصلح أن يكون ملكًا من زاوية ما.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:35 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
ليس كما ينظر الإنسان

بعد أن قدّم صموئيل الذبيحة لله، مثلما نرفع صلاة القداس الإلهي لنختار كاهنًا أو نختار شمامسة، ومن فوق المذبح نعرف اختيار الله. قدّم صموئيل الذبيحة للرب، ووقف أولاد يسى أمامه، فأحضر يسى لصموئيل أولاً ابنه البكر، ورأى صموئيل الابن الأول أليآب ذا هيئة حسنة، طويل ومنظره مهيب.
فقال صموئيل إن أمام الرب مسيحه، وأشار على أليآب الذي وقف في زهو، فكلم الرب صموئيل وقال له إنك يا صموئيل ترى حسب نظرتك أنت، أنت تنظر المنظر الخارجي فقط، أما أنا فلا يعنيني المنظر الخارجي، أنا يهمني القلب من الداخل، هكذا يقول الكتاب:
"فَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: لاَ تَنْظُرْ إِلَى مَنْظَرِهِ وَطُولِ قَامَتِهِ لأَنِّي قَدْ رَفَضْتُهُ. لأَنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَنْظُرُ الإنْسَانُ. لأَنَّ الإنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا الرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى الْقَلْبِ" (1صم16: 7).
فطلب صموئيل من يسى أن يأتي بابنه الثاني، فأوقفه أمامه ولكن أيضًا لم يختَره الرب، وهكذا عبّر يسى أولاده الواحد تلو الآخر سبعة أبناء عبروا أمام صموئيل، أمر يحير!!
مر البنون كلُّهم ولم يختَر الرب منهم أحدًا!! ولا يوجد في البيت بنون بعد!! لدرجة أن صموئيل ظن إنه لن ينجح في مأموريته!! ثم عاد يراجع نفسه ربما نسى يسى أحد البنين، فسأله: يا يسى هل كملوا الغلمان، ألم يوجد أحد آخر في مكان آخر هنا أو هناك؟!
وهنا تذكّر يسى وقال له: نعم، هناك غلام صغير يرعى الغنم في الحقل، فقال صموئيل في نفسه هذا هو آخر أمل، لكن لعله يصلح ولا يُرفَض مثل باقي إخوته. وطلب من يسى أن يرسل ليأتي به، تعجب يسى كيف يمكن لشاب صغير السن أن يصلح ليكون ملكًا!! فقال له صموئيل لترسل وتأتى به فقط والرب هو الذي يختار لنفسه من يريد.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:36 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
قم امسحه لأن هذا هو

أرسل يسى الغلمان ليأتوا بداود، فوجدوه يرعى الغنم ماسكًا مزماره يعزف على المزمار والقيثارة، وبينما إخوته في البيت كل واحد فيهم يريد أن يصير ملكًا، كان داود لا يفكر في هذا الأمر إطلاقًا، كان داود يفكر في حياة الهذيذ والتأمل، يسبح الله بالمزامير، مع محبته واهتمامه بتلك الغنيمات الصغيرة التي له.
أرسل يسى وجاءوا بداود، أتى داود متعجبًا ماذا يريدون منه في هذا الوقت؟! ولم يكن يعلم أن الرب قد اختاره ليصير ملكًا على شعبه؛ هكذا يقول الكتاب:"فَأَرْسَلَ وَأَتَى بِهِ. وَكَانَ أَشْقَرَ مَعَ حَلاَوَةِ الْعَيْنَيْنِ وَحَسَنَالْمَنْظَرِ. فَقَالَ الرَّبُّ: قُمِ امْسَحْهُ لأَنَّ هَذَا هُوَ" (1صم16 :12).
فأخذ صموئيل قنينة الدهن وصبها على رأسه، ومسحه في وسط إخوته، ياللعجب!! وسط إخوته الذين أراد كل منهم أن يكون الملك. مُسح داود وسطهم، مثل العروس التي في زفافها بثياب العرس وسط إخوتها الصغار الذين يقفون حولها، هكذا وقف إخوته حوله، وهو الصغير في وسطهم. أين رجال العضلات والبطولة والشهامة والفروسية، كل هذا ليس له قيمة عند الرب. كلهم واقفون حوله كالحاشية، وداود هو الملك في وسطهم.
هذا هو داود، هذا من يريد الله أن يكرمه، عندما يريد الله أن يكرم أحدًا لا تكون طريقته مثل طريقة العالم... فليتبكت أولئك الذين كل همهم في المظاهر العالمية، والمجد العالمى، ويا لخجلهم في السماء عندما يرون الذين كانت قلوبهم متقدة بمحبة الله، فإنهم سوف يقفون مثل الجوارى أو الوصيفات حول النفس التي عرفت أن تجعل قلبها مسكنًا للروح القدس. الله ينظر إلى القلب، لكن الإنسان ينظر إلى العينين، أنت لا ترى إلا المنظر الخارجي.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:37 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
وحل روح الرب عليه


حل روح الرب على داود من ذلك اليوم فصاعدًا، صار الروح القدس مثل المظلة الروحانية تحيط بداود النبي وتظلله. حل عليه روح القوة، روح المشورة والحكمة، أمر عجيب جدًا!! فإذا كان هناك إنسان يصاحبه ملاك مثلاً، أو أن ملاكًا يسير جانبه، ويسأله في كل أموره ويحفظه في كل خطواته، كم يكون هذا الإنسان عظيمًا؟! فكم بالأحرى إذا كان الذي يصاحب الإنسان هو روح الله؟!
ولماذا حل عليه روح الرب؟ حل عليه ليجعله قائدًا ومدبرًا وملكًا وحاميًا وقاضيًا لشعبه.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:37 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
لماذا اختار الرب داود؟

لماذا اختار الرب داود الفتى الصغير الذي كان مع الغنيمات؟ اختار الرب داود لأن قلب داود كان يحب الله بصورة عجيبة جدًا، لدرجة إن روح الله كان هو نفسه يشتاق أن يأتي ويحل على داود!! مثلما يقول المزمور عن النفس التي تحب الله مثل مريم العذراء القديسة "اِسْمَعِي يَا بِنْتُ وَانْظُرِي وَأَمِيلِي أُذْنَكِ وَانْسَيْ شَعْبَكِ وَبَيْتَ أَبِيكِ. فَيَشْتَهِيَ الْمَلِكُ حُسْنَكِ لأَنَّهُ هُوَ سَيِّدُكِ فَاسْجُدِي لَهُ" (مز44: 10، 11).
بعد أن انتهى صموئيل النبي من مسح داود ملكًا، وانتهى الحفل الذي أقامه صموئيل، بعد أن قدم الذبيحة ومسح داود ملكًا وسط إخوته الذين كانوا متعجبين، كيف رفضهم الرب بينما اختار ذلك الصبي الصغير للمُلك!!
ولم يجلس داود على العرش، ولم يتسلط على إخوته أو يلزمهم بالخضوع له كملك، إنما في اتضاع أخذ جرابه وعصاه وخرج إلى الحقل حيث غنيماته الصغيرة، وإخوته ينظرون إليه في تعجب أين الملك؟!! ورجع داودلغنيماته في الحقل وكأن شيئًا لم يحدث!!

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:38 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
في حربه مع جليات

ضرب البوق، وأُعلنت الحرب، وجمعوا الرجال الأشداء، أما داود فلم يلتفت إليه أحد أو يعتبره. أخذوا إخوته الكبار للجيش، فلبسوا ملابس الجندية ونظروا إلى داود باحتقار، فمن هو داود هذا الشاب الصغير لكي يصلح للحرب.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:40 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
افتقد سلامة إخوتك



https://st-takla.org/Gallery/var/resi...nd-Goliath.jpg
كان جليات الجبار الوثني الفلسطيني يتقدم ويقف صباحًا ومساءً أربعين يومًا. فقال يسىلداود ابنه خذ لإخوتك بعضًا من الطعام وافتقد سلامة إخوتك. وكان شاول وهم وجميع رجال إسرائيل في وادي البطم يحاربون الفلسطينيين، فذهب داود إلى هناك ولما رآه أخوه الأكبر أليآب قال له لماذا نزلت، قال له إن أبى أرسلني ببعض الأطعمة لكم ولرئيس الألف وأعطاه إياها.
وبعد ذلك رأى داودجليات الفلسطينى صاعدًا من صفوف الفلسطينيين يزأر مثل الأسد، وقال لهم اختاروا لأنفسكم رجلاً ولينزل إلىَّ، فإن قدر أن يحاربني ويقتلني نصير لكم عبيدًا، وإن قدرت أنا عليه وقتلته تصيرون أنتم لنا عبيدًا وتخدموننا.
التفت داود حوله وجد أن الجنود مرتعبون وخائفون، فكلم داود الرجال الواقفين معه قائلاً ماذا يُفعَل للرجل الذي يقتل ذلك الفلسطيني ويزيل العار عن إسرائيل، أجابوه وقالوا له إن الرجل الذي يقتله يغنيه الملك غنى جزيلاً ويعطيه ابنته زوجةً، ويجعل بيت أبيه حرًا في إسرائيل.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:44 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
ماذا عملت؟ أما هو كلام؟

سمع أليآب كلام داود مع الرجال فحمى غضب أليآب على داود. فأمسكه وانتهره وقال له ماذا تقول؟! هل تذهب أنت لتقاتل جليات؟! لماذا نزلت وعلى من تركت تلك الغنيمات القليلة في البرية، ارجع لغنيماتك واعرف إنك صغير. أجابه داود: ماذا عملت أما هو كلام؟ فقال له أليآب: أنا علمت كبرياءك وشر قلبك لأنك إنما نزلت لكي ترى الحرب، وتظن في نفسك إنك تستطيع أن تحارب!
أما داود هذا الإنسان الممسوح ملكًا والممتلئ من روح الله. هذا المتواضع القلب، فلم يغضب من كلام أخيه. كان أقل شيء في تصوري عندما قال أليآب هذا لداود؛ إنه كان من الممكن أن يعاتبه داود قائلاً: لا يصح يا أليآب أن تعاملني بهذا الاحتقار، هل نسيت أن صموئيل النبي مسحني ملكًا قدامك؟! لكن في الحقيقة إن داود لم يكن لديه وقتٌ يضيعه في هذه المشاحنة، أو أن يدخل مع أخيه في معركة جانبية كلامية إذ كانت أمامه المعركة الأساسية أن ينتصر على عدو الله الحقيقي.
من أجل هذا فإن الإنسان الذي يسعى من أجل خلاص نفسه وخلاص الآخرين يعرف عدوه الحقيقي الذي هو الشيطان، فليس له عدو من البشر الضعفاء الذين من الممكن أن يخطئوا. لكن القصد الأساسي هو الصراع مع إبليسجليات الحقيقي هذا هو العدو الخفي.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:46 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
احتدت روحه فيه

بدأ الروح القدس الذي في داود يتحرك، قال للرجال الواقفين حوله أنا أشتاق أن آخذ هذه المكافأت التي تقولون عنها.. ماذا يا داود؟! كيف ذلك وأنت مازلت شابًا صغيرًا أشقر مع حلاوة العينين. أجاب: كلا.. من هو هذا الفلسطيني الأغلف حتى يعيّر صفوف الله الحي؟! إذ أكلته الغيرة المقدسة. وكان يقول هذا ليس لاشتهائه المكافأة، لكن ليشعل حرارة الغيرة المقدسة في نفوس المحيطين ويبث في الجنود الحماس للتقدم، وكان كما أراد إذ تهلل الجند عندما سمعوا مثل هذا الكلام وأخبروا الملك به.
بدأ الروح القدس الذي فيه يتحرك، مثلما حدث لبولس الرسول عندما دخل أثينا فوجد المدينة كلها مملوءة أصنامًا (أع17)، ما معنى أصنام؟ أي آلهة على هيئة تماثيل، إله للحرب، وإله للجمال، وإله للحب، وإله للخير، وإله للعواصف، وهذا معبد الإله فلان، وذاك معبد الإله فلان، وهذا له شعبه، وآخر له رواده، الآلهة تزدحم بها المدينة وهذا الشعب الذي خلقه الله لا يعرف الله!
فاحتدت روحه فيه، التهب قلبه من الداخل.. لماذا؟ لأنه كان مملوءًا من الروح القدس،أين الله في وسط هؤلاء الناس؟ قليلون من يلتهب قلبهم من أجل محبة الله، هكذا كان داود يحب الله ويغير غيرة مقدسة.
وإن كان داود أمام احتقار الآخرين لم يبالِ، ومن ازدرائهم لم يعبأ، عندما احتقروه كملك لم يهمه شيئًا. وإذ لم يعتبره أحد، ولم يعطوه حقوق الملك فلم يهتم. إنما بالنسبة لما يتعلق بالله ومجده.. حاشا، لن يقف صامتًا، فمن هذا الذي يعيّر صفوف الله الحي..؟!

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:47 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
قلب اختاره الله ليسكن فيه

من هذا ندرك لماذا استمر التعيير في المحلة؟ ذلك لأن داود لم يكُن حاضرًا، وبقى العار قائمًا إلى أن وصل داود إلى المحلة، لماذا؟ لأن محبة داود لله، وغيرة داود من أجل الله هي التي بها استطاع أن ينزع العار عن إسرائيل... هذا هو معنى الكلمة التي ذكرناها سابقًا إن الروح القدس اشتهى أن يسكن في قلب داود، حقًا كما قال الكتاب عن النفس التي تتشبه بنفس العذراء القديسة مريم: "لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَ صِهْيَوْنَ. اشْتَهَاهَا مَسْكَنًا لَهُ. هَذِهِ هِيَ رَاحَتِي إِلَى الأَبَدِ. هَهُنَا أَسْكُنُ لأَنِّي اشْتَهَيْتُهَا" (مز132: 13، 14).
وكأن الله يقول له: أنا قد اخترتك يا داود، واخترت قلبك لأسكن فيه، وكذلك داود يصلى ويقول لله: "َرُوحَكَ الْقُدُّوسَ لاَ تَنْزِعْهُ مِنِّي" (مز51: 11)، فهو يعرف قيمة الروح القدس الساكن فيه، يعرف أن الروح القدس يشتاق أن يسكن في هذا القلب الذي كان مملوءًا بمحبة الله.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:48 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
شركة الروح القدس

لكى تدوم سكنى الروح القدس في الإنسان إلى الأبد، لابد أن تتوفر المسببات التي تؤدى إليه؛ فالروح القدس فيما يشتاق إلى قلب الإنسان، يشتاق هذا القلب إلى سكنى الروح القدس، فيدخلان في شركة مع بعضهما البعض، مثل اثنين يحب أحدهما الآخر. لا يصح أن يكون الحب من طرف واحد لكي تدوم الشركة بينهما. ولذلك في الزواج نقول عن الطرف الآخر إنه شريك الحياة. ويمنح الكاهن البركة للشعب في القداس الإلهي قائلاً: }شركة وموهبة وعطية الروح القدس تكون معكم{.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:50 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
مع الأسد والدب
سمع شاول الملك ودعا داود، فدخل داود قدام الملك فقال له شاول لا تستطيع أن تذهب لهذا الفلسطيني لتحاربه لأنك غلام وهو رجل حرب منذ صباه. قال له داود: عبدك كان يرعى الغنم وخرج أسد ودب وخطف إحدى الغنيمات، فخرجت بنعمة الرب وقوته وقتلت الأسد والدب وخلصتها من فمهما. وهذا الفلسطيني الأغلف يكون كواحد منها وسوف يدفعه الرب بيدي في هذا اليوم."وَقَالَ دَاوُدُ: الرَّبُّ الَّذِي أَنْقَذَنِي مِنْ يَدِ الأَسَدِ وَمِنْ يَدِ الدُّبِّ هُوَ يُنْقِذُنِي مِنْ يَدِ هَذَا الْفِلِسْطِينِيِّ" (1صم17: 36).
تعجب الملك وصار مذهولاً إذ لم يرَ أحدًا في مثل هذه الجرأة، وأبصر في عيني داود الثقة والإيمان، فقال له مبارك يا ابني ليكن لك كما تريد، أنا لا أقدر أن أمنعك مادام لديك كل هذا الإيمان؛ لا أقدر أن أمنعك أن تحارب حروب الرب اذهب وليكن الرب معك.
ثم قال له شاول: انتظر لتلبس ثياب الحرب التي لي لئلا يفتك بك هذا الجبار، وألبس شاول داود ثيابه وجعل خوذة من نحاس على رأسه وألبسه درعًا. فتقلد داود بسيفه فوق ثيابه وعزم أن يمشى لأنه لم يكن قد جرب، ولكنه لم يتمكن. فقال داود لشاول أرجوك يا سيدي الملك لا أقدر أن أمشى بهذه لأني لم أجربها، ليتك تتركنى أحارب بالطريقة التي اعتدت عليها فوافقه الملك.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:51 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
أنا آتِ باسم رب الجنود

نزع داود عنه الدرع والخوذة وثياب الحرب، وأخذ عصاه بيده وانتخب له خمسة حجارة ملس من الوادي وجعلها في كنف الرعاة الذي له أي في الجراب ومقلاعه بيده وتقدم نحو الفلسطيني.
ولما نظر الفلسطيني ورأى داود استحقره لأنه كان غلامًا وأشقر جميل المنظر. فقال الفلسطينيلداود ألعلى أنا كلب حتى إنك تأتى إلىَّ بعصى ولعن الفلسطينيداود بآلهته.
فقال داودلجليات: "أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ. وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ. هَذَا الْيَوْمَ يَحْبِسُكَ الرَّبُّ فِي يَدِي فَأَقْتُلُكَ وَأَقْطَعُ رَأْسَكَ. وَأُعْطِي جُثَثَ جَيْشِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ هَذَا الْيَوْمَ لِطُيُورِ السَّمَاءِ وَحَيَوَانَاتِ الأَرْضِ. فَتَعْلَمُ كُلُّ الأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ لإِسْرَائِيلَ" (1صم17: 45، 46).

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:51 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
فتمكن داود من الفلسطيني!!

"فَتَمَكَّنَ دَاوُدُ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّبِالْمِقْلاَعِ وَالْحَجَرِ، وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيَّ وَقَتَلَهُ. وَلَمْ يَكُنْ سَيْفٌ بِيَدِ دَاوُدَ. فَرَكَضَ دَاوُدُ وَوَقَفَ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّ وَأَخَذَ سَيْفَهُ وَاخْتَرَطَهُ مِنْ غِمْدِهِ وَقَتَلَهُوَقَطَعَ بِهِ رَأْسَهُ. فَلَمَّا رَأَى الْفِلِسْطِينِيُّونَ أَنَّ جَبَّارَهُمْ قَدْ مَاتَ هَرَبُوا" (1صم17: 50، 51).
ليتنا كنا في ذلك اليوم الذي انتصر فيه داود على جليات.. وماذا عن أليآب في هذه اللحظات، ماذا كان حاله وهو يرى داود الصغير يحمل رأس جليات في يده؟! لنقف ولو إلى دقائق نتأمل ذلك المنظر العجيب!!

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:52 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
انظروا لا تحتقروا هؤلاء الصغار

هذا يعلمنا أن لا نحتقر أي صغير، ولا نستخف بأحد مهما كان صغيرًا. فمن هم صغار في أعيننا ربما يكونون جبابرة بأس يستطيع الرب أن يصنع بهم عجبًا... من الممكن أن يكون طفل صغير في مدارس التربية الكنسية عنده ثقة في الله وعنده حب شديد للسيد المسيح، يمكنه أن يحرك قلب الله فيتحنن على مدينة بأكملها!!
كان قداسة البابا شنوده الثالث -أدام الله حياة قداسته- في سنة 1972 أو 1977م يصلى قداسات بعد الظهر وأوصى بصوم لأجل مواضيع ومشاكل. فكان قداسته يصلى القداس كل يوم ويبدأ حوالي الساعة الرابعة أو الخامسة مساءً، وينتهي حوالي السابعة والنصف مساءً. ويكون الظلام قد حل لأنها كانت أيام خريف وشتاء. كنا نرى أطفال صغار شمامسة يحضرون في القداس، والكنيسة الكاتدرائية في القاهرة كانت مزدحمة لآخرها.

وهنا كلمني قداسته قائلاً: }لو ما كانش علشان البابا والأساقفة والإكليروس وكل الشعب ده كله، إن ماكانش ربنا يستجيب عشان دول كلهم أقل ما فيها علشان الأطفال الصغيرين دول اللى جايين يصوموا معانا للساعة سبعة ونصف بالليل، وهما مش عارفين احنا صائمين ليه، لكن جايين يشاركوا الكنيسة بروح الحب والوفاء والإخلاص{ قال لي: }من أجل هؤلاء الأطفال ممكن أن يستجيب الله..{. وأستطيع أن أقول إن الله قد استجاب فعلاً.
لا يصح أن نستخف أو نحتقر أحدًا من الصغار، بمعنى إن كنت في مشكلة أطلب من أولادك الصغار أن يصلوا من أجلها،إن كانت مشكلة صعبة، جيد أن توصى الأسقف وتوصى الكاهن، لكن إن طلبت من ابنتك الصغيرة أن تصلى معك وأنت واثق أن الله من أجل قلب نقى سليم مثل هذا يصنع عجبًا... فإن الله يستجيب!. لا تستخف بأقل إنسان في الكنيسة.
من أجل ذلك الكنيسة تعلّم الشعب كله أن يصلّوا... يصلّوا باستمرار. في كل مرة يقول الشماس: صلّوا من أجل رئيس كهنتنا البابا الأنبا شنودة الثالث... لماذا يقول الشماس صلّوا من أجل رئيس كهنتنا؟! هل هي مجرد نغمات حلوة أو تتميم لطقس القداس فقط؟ أو هي تكريمًا للبابا أو للأسقف؟ لماذا تقال هذه الطلبة؟ ليس فقط لأن الكتاب المقدس أوصانا أن نصلي "فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ أنْ تُقَامَ طِلْبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ، لأَجْلِ الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ، لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ" (1تى2: 1، 2)، ولكن أيضًا لأن الرعاة محتاجون لصلاة الرعية. محتاجون لصلاة كل إنسان. والكنيسة لا تصلى فقط من أجل البابا والأساقفة إنما يصرخ الشماس أيضًا ويقول: صلوا من أجل الإنجيل المقدس!.. أي من أجل انتشار بشارة الخلاص بالإنجيل.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:53 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
مع شاول الملك

موقف آخر من حياة داود، جبار البأس هذا الذي خرج ليقاتل جليات الفلسطيني الوثني وقطع رأسه. في يوم المعركة معه، وانتصار داود عليه، صنع الرب خلاصًا عظيمًا بواسطة داود. وفرح شاول في بدء الأمر، لأنه كان كقائد للجيش يواجه خطرًا شديدًا جدًا من جيش الفلسطينيين.
لكن في رجوعهم من المعركة منتصرين، استقبلتهم النسوة اللاتي كن يغنين قائلات: "ضَرَبَ شَاوُلُ أُلُوفَهُ وَدَاوُدُ رَبَوَاتِهِ" (1صم18: 7)، فتذكر شاول وقال في نفسه إن داود هو الشخص الذي قال عنه صموئيل النبي إن الرب يعطيه المُلك عوضًا عنى، فبدأ قلب شاول يتغير من ناحية داود بعدما كان مسرورًا به أولاً.
ولم يفكر شاول في فضل داود عليه؛ وكيف كان يهدأ ويستريح من الروح الشرير عندما كان داود يضرب على القيثارة، لم يفكر أن هذا هو داود الشخص الوحيد في كل بني إسرائيل الذي استطاع أن ينتصر على جليات، لم يفكر أن هذا هو داود الذي ألبسه ملابس الحرب التي له لكي ينزل ويقاتل جليات ولو أنه لم يستعملها، لم يفكر أن هذا هو داود الذي تعلقت نفس ابنه يوناثان بنفسه وأعطاه سلاحه ورداءه الملوكي... هذا الإنسان هو الشخص الذي سبق الرب وأعلمه به. لكن للأسف حاول شاول الملك مرات عديدة أن يقتل داود!!

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:53 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
من يقدر أن يقاوم مشيئته؟!

كيف يكون هذا يا شاول، وقد عرفت أن هذا هو الذي اختاره الرب.. أتريد أن تقتله.. كيف ذلك إن كان الله قد اختاره وعيّنه ليكون ملكًا؟!. فإن كنت تريد أن تقتله؛ هذا يعنى أنك تفترض أن إرادتك أقوى من إرادة الله، وهذا نوعٌ من الحماقة الشديدة "لأَنْ مَنْ يُقَاوِمُ مَشِيئَتَهُ؟" (رو9: 19).
فى حماقته ظن أنه سوف ينتصر.. وهكذا يفعل الشيطان. فالشيطان يعرف جيدًا أن الله أقوى منه، ومع ذلك لا يكف عن أن يقاوم عمل الله!! الشيطان يعرف أن الله لابد أن يأخذ الجولة الأخيرة، ومع ذلك أيضًا يحارب الله!! الشيطان يعرف أن السيد المسيح يعمل بقوة إلهية؛ ومع ذلك يحاول أن يصلبه ويتخلص منه؛ لأن السيد المسيح أخفى لاهوته عن الشيطان إذ أخلى نفسه مخفيًا مجده الإلهي المنظور!! هذا هو أسلوب الشيطان وأسلوب أولاده الصانعين مشيئته.
هذا ما رأيناه أيضًا في هيرودس الملك الذي إذ سمع أن المسيح قد وُلد، وجاء المجوس وقالوا "أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ..؟" (انظر مت2: 2- 8)، وافتكر هيرودس بحماقته أنه يستطيع أن يتخلص منه رغم النبوات المسجَّلة في الكتب التي أخبره عنها من سألهم!! هل يستطيع أن يغيِّر التدبير الإلهي من أجل خلاص البشرية؟!

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:54 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
لتكن مشيئتك

ليتنا نأخذ درسًا من موقف شاول الملك، إننا عندما نتأكد من إرادة الله في أمر ما، وأن هذه هي مشيئته، لا نحاول أن نقاوم، لأن من يقدر أن يقاوم مشيئته؟
إن وافقنا مشيئته سوف نأخذ بركة ونعمة ورضى، وإذا قاومنا مشيئته سوف نحصد الندم والمرار والحسرة، نفس المرارة والحسرة التي حصدها شاول الملك، يوم أن قُتل في معركة على جبل جلبوع، وصار داود من بعده ملكًا. ونفس الحسرة التي شعر بها هيرودس عند موته بعدما قتل أطفال بيت لحم. ومن بعده هيرودس الصغير الذي قطع رأس يوحنا المعمدان بغواية شريرة.
بل نفس الحسرة التي صارت للشيطان لما صلب السيد المسيح، ثم وجد نفسه أصبح مربوطًا ومقيّدًا وأسيرًا بين يدي ذلك الجبار الذي داس الموت وانتصر عليه، وقيده وأنهى سلطانه، "إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ أشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ" (كو2: 15) أي في الصليب. لا تحاول أن تقاوم إرادة الله، فلتكن حكيمًا وافهم أنه عندما يقول الله كلمة لابد أن تُجرى، والأحرى بك أن تقول "لتكن مشيئتك".

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:55 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص!!

لما عرف داود أن شاول ينوى على قتله قرر أن يهرب. أما يوناثان ابن شاول فقد كان يحب داود جدًا ويدافع عنه ويقول لأبيه: إن داود يحبك وليس فيه أي عيب لماذا تريد أن تقتله. واغتاظ شاول من ابنه يوناثان وشتمه وشتم أمه وقال له أنت اليوم تدافع عن داود وهو سوف يأخذ منك المملكة.
انظروا كيف أن يوناثان يمثل الصديق المخلص المحب. شاول أبوه يريد أن يقتل داود ليكون هو الملك وليصير المُلك ليوناثان من بعده. ويوناثان يقف ضد أبيه شاول متنازلاً عن المُلك محبة لداود. شتّان بين الاثنين: أحدهما يريد أن يقتل داود لكي يستحوذ على المُلك له ولنسله من بعده. والآخر يدافع عن داود متنازلاً عن المُلك ولسان حاله يقول "يَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ" (يو3: 30).

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:56 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
صديق ألصق من الأخ

جاء يوناثان إلى داود وقال له أبى يريد أنك تأتى لتحضر الحفل الذي يقيمه في رأس كل شهر، وقد وعدني أنه لن يصنع بك أي شر. قال له داود: إن أباك قد علم أني وجدت نعمة في عينيك فقال في نفسه لا يعلم يوناثان هذا لئلا يغتم.
وقال داود ليوناثان إذا افتقدني أبوك وسألك عنى، قل له قد طلب منى داود أن يذهب إلى بيت لحم مدينته لأن هناك ذبيحة سنوية لكل العشيرة. فإن سكت ولم يحتد نعلم أن لي سلام ولن يعمل لي شرًا فيمكنني الحضور. لكن إن اغتاظ غيظًا فأعلم أنه قد أُعد الشر عنده. فتعمل معروفًا معي وتخبرني.
وأعطى يوناثان لداود علامة بينهما لكي يخبره، فقال أنا أرمى السهام كأني أرمى غرضًا، ثم أرسل الغلام ليلتقطها، فإن قلت له هوذا السهام خذها وتعالَ، علمت أنه سلام فتأتى إلى الوليمة، وإن قلت للغلام اصعد واذهب، علمت أن الشر أُعد لك فانطلق واهرب... وغضب شاول عندما علم أن داود لن يحضر الحفل وثار، وإذ علم داود هرب.
هكذا إذ بدأ شاول يعلن الحرب ضد داود، اضطر داود -الذي مُسح ملكًا من قبل الرب- أن يهرب.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:57 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
داود عند أخيمالك

ذهب داود إلى المكان الذي فيه خيمة الاجتماع التي فيها تابوت العهد وقدس الأقداس، وفيها رئيس الكهنة. دخل داود وقال لرئيس الكهنة أخيمالك أعطِنا خبزًا لنأكل لأن الملك قد أرسلني في أمر عاجل ولم نتمكن من أخذ حاجتنا. فأجاب رئيس الكهنة لا يوجد عندي سوى خبز التقدمة الذي لا يحل أكله إلا للكهنة فقط، ولكن إن كان الغلمان قد حفظوا أنفسهم لاسيما من النساء يمكنهم أن يأكلوا منه. ولما علم أنهم أطهار أعطاهم من خبز التقدمة.
وقال داود لأخيمالك هل لديك سلاح آخذه لأني لم آخذ سيفى عندما خرجت إذ كان أمر الملك معجلاً. فقال له ليس عندي سوى سيف جليات الفلسطينى الذي قتلته أنت، فقال له اعطنى إياه لا يوجد مثله، فأعطاه السيف، فقام داود وهرب. (انظر 1صم21).

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:58 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
داخل المغارة

في أحد المرات التي فيها كان داود هاربًا من شاول الملك، إذ أخذ شاول ثلاثة آلاف جندي منتخبين وذهب يطلب داود. واستمر يطارده في البرية فأحس داود بأنه يتبعه فدخل واختبأ في مغارة في الجبل.
استمر شاول يبحث عن داود كل النهار، ولما حمى النهار وجد مغارة فدخل شاول ليستريح واتكأ ونام فيها، والجيش والعسكر خارجًا، وكان داود مختبئًا في الداخل في نفس المغارة.
وعندما تثقل شاول بالنوم قال رجال داود له هذه هي فرصتك، هوذا اليوم الذي قال لك عنه الرب هأنذا أدفع عدوك ليدك، ها هو الملك الذي يريد أن يقتلك، وأنت الملك الحقيقي الذي مسحه الرب ملكًا على إسرائيل، هيا أخرج لتقضى عليه، وسوف يعلن كل هذا الجيش الذي في الخارج ولاءه لك كملك.
"فَقَالَ لِرِجَالِهِ: حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أَعْمَلَ هَذَا الأَمْرَ بِسَيِّدِي بِمَسِيحِ الرَّبِّ، فَأَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ لأَنَّهُ مَسِيحُ الرَّبِّ هُوَ" (1صم24: 6)،لقد مسحه صموئيل النبي ملكًا. حقيقةً إن الرب رفضه لكن إن كان الله يريد أن يُسلّمني المملكة فهو الذي يعمل ما يريد لكن أنا لا أقتل ملك إسرائيل؛ إنه مسيح الرب.
ويُفهم أنهم قالوا له: لقد دفعه الرب ليدك، وها أنت منذ سنين كثيرة مطارَد في البرية لا تستقر في مكان واحد، ولم نهنأ يومًا لنبيت في مكان، في الليل في النهار مطاردين في الحر في الجوع في العطش في القفار في المغائر في شقوق الأرض، هل ستظل مطارَدًا طول حياتك بهذه الصورة؟! فأجابهم داود لا يمكن «حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أَعْمَلَ هَذَا الأَمْرَ بِسَيِّدِي بِمَسِيحِ الرَّبِّ، فَأَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ لأَنَّهُ مَسِيحُ الرَّبِّ هُوَ».
وفى هدوء تقدم داود وقرب من شاول وهو نائم، وقطع طرف جبة شاول وأخذ قطعة القماش.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:59 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
وراء من خرج ملك إسرائيل؟!

ثم خرج شاول بعد أن استراح ونام وقام وخرج من الكهف وذهب في طريقه، وكان داود مازال مختبئًا. وما أن ابتعد شاول بالجيش عنه، حتى خرج من الكهف، ونادى وراء شاول "يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ. وَلَمَّا الْتَفَتَ شَاوُلُ إِلَى وَرَائِهِ خَرَّ دَاوُدُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ" (1صم24: 8).
وقال داودلشاول: وراء من خرج ملك إسرائيل..؟ من هو الذي أنت تطارده يا سيدي الملك..؟! وراء برغوث واحد..؟! من رأى ملكًا يجرى في الصحراء وراء برغوث أو وراء كلب ميت..؟! من أنا لتتعب لهذا الحد من أجل مطاردتي بهذه الصورة؟! وتمررت روحك وأنت تجرى ورائي.. لكن، انظر طرف جبتك، ألم تكن هي هذه التي في يدى؟!
لقد دفعك الرب اليوم إلى يدي فلماذا لم أقتلك؟! لماذا تصدق الناس الذين يريدون العداوة بينى وبينك، ويقولون إني أريد أن أقتلك لكي أكون أنا الملك وآخذ منك المملكة؟ هذا هو الدليل؛ دليل براءتي.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 04:59 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
يقضى الرب بيني وبينك

وكان لسان حال داود يقول أنا كنت أمينًا لك في كل خدمتي، ضحيت بحياتي من أجلك؛ في يوم جليات الفلسطيني نزعت العار عن إسرائيل. وفي كل حرب مع الفلسطينيين الوثنيين كنتَ تضعني في مقدمة الجيش لكي تتخلص منى، ولكنى كنت أتقدم وأحارب لأدافع عن ملكك، وأرجع لك بكل انتصار. وقدمت لك البرهان واحدًا تلو الآخر. لكن كانت مكافأتي منك، أنك في كل مرة كنت تحاول أن تقتلني!! ماذا صنعت لك؟! لكن من أجل أمانتي "يَقْضِي الرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ..." (1صم24: 12).
وفى هذه اللحظات اكتشف شاول الملك حقارة نفسه فقال شاول لداود: "أَهَذَا صَوْتُكَ يَا ابْنِي دَاوُدُ؟" (1صم24: 16) أنت أبر منى من أجل ذلك أنا واثق أن الله سيكافئك على أمانتك، تقدم إلىَّ ولا تخف ولتكن المحبة بيننا (انظر1 صم26: 21) حينما تكررت الأمور بعد ذلك في واقعة مشابهة "فَقَالَ شَاوُلُ: قَدْ أَخْطَأْتُ. ارْجِعْ يَا ابْنِي دَاوُدُ لأَنِّي لاَ أُسِيءُ إِلَيْكَ بَعْدُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ نَفْسِي كَانَتْ كَرِيمَةً فِي عَيْنَيْكَ الْيَوْمَ. هُوَذَا قَدْ حَمِقْتُ وَضَلَلْتُ كَثِيرًا جِدّاً". وكان لسان حال داود يقول: كلا، لقد سمعت كثيرًا منك مثل هذا الكلام من قبل، وكثيرًا ما كنتُ أصدقك، ولكنك كنت تحاول أن تقتلني.
ليسر كل واحد منا في طريقه، وسوف يعطى الله كل واحد حسب قلبه. أما من جهتي أنا، فليس في قلبي أي بغضة من ناحيتك، ولا أضمر لك لا كراهية ولا بغضة، لكن أيضًا ليس من الحكمة أن أضع رقبتي في يدك لأنك لم تكن أمينًا في وعودك،"يَقْضِي الرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَيَنْتَقِمُ لِي الرَّبُّ مِنْكَ، وَلَكِنْ يَدِي لاَ تَكُونُ عَلَيْكَ" (1صم24: 12)، لن أقتلك أنا بيدي يا سيدي الملك، لكن الرب يعرف كيف يأخذ لي حقي... هكذا يذكر الكتاب هذا اللقاء العجيب في (1صم24: 9-22).

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:00 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
رجل حسب قلبي

فى سياق قصة هذا الحدث قال شاول لداود أنا أعرف أنك سوف تكون الملك، لأني رأيت أمانتك وحبك وغفرانك، لكن ليتك تحلف لي بالرب (كان في ذلك الزمان مصرح بالحلفان، أما في العهد الجديد فالحلفان خطية) قال له احلف لي بالرب إنك عندما تصير ملكًا لا تبيد نسلى، بل ليتك تجعل اسمي باقٍ في إسرائيل، فحلف داود لشاول..
عجيب داود إنه حتى الطلب الذي طلبه منه شاول لم يرِد أن ينصرف عنه وقلبه مكسور، فحلف له إنه لن يبيد نسله ولا يقطع اسمه من الأرض!! هذا هو داود النبي الذي استحق من أجل ذلك أن يقول عنه الرب "وَجَدْتُ دَاوُدَ بْنَ يَسَّى رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِي الَّذِي سَيَصْنَعُ كُلَّ مَشِيئَتِي" (أع13: 22).

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:01 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
داود الإنسان المتواضع

كثير من القديسين يسلكون مثل هذا السلوك حتى مع الشياطين؛ فنسمع في سيرة القديس الأنبا أنطونيوس، عندما كانت تحاربه الشياطين كان يقول لهم }يا أقوياء لماذا تقومون علىَّ وتكثرون وأنا أضعف من أصغركم{، فكان يتواضع أمام الشياطين ويقول لهم أصغركم يكفيني ويكفى لمحاربتي. ولا يلزم كل هذه الجيوش الجرارة، بهذا الاتضاع كان يغلب الشياطين.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:01 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
نشيد القوس

نشيد القوس
بعد أحداث أخرى مماثلة أو لسبب مخالفة شاول للأوامر والوصايا الإلهية؛ قُتِل شاول في الحرب، وقُتِل يوناثان ابنه أيضًا. فماذا عمل داود؟!
نظم داود مرثاة عجيبة جدًا لشاول ويوناثان!! بل وطلب أن يتعلم شعب إسرائيل هذا النشيد ويرددوه، وسماه نشيد القوس. وجعله أغنية مثل النشيد الوطنى، يردده شعب إسرائيل من أجل مجد الله، لأن شاول كان يحارب حروب الرب..
وماذا يقول النشيد:
"كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ! لاَ تُخْبِرُوا فِي جَتَّ. لاَ تُبَشِّرُوا فِي أَسْوَاقِ أَشْقَلُونَ، لِئَلاَّ تَفْرَحَ بَنَاتُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، لِئَلاَّ تَشْمَتَ بَنَاتُ الْغُلْفِ" (2صم1: 19، 20)
لا تبشروا أن شاول قُتل ولا تبشروا أن ملك إسرائيل مات، احذروا حتى لو كنت أنا الملك بعده، لكن لا تبشروا لئلا تفرح بنات الفلسطينيين ولئلا تشمت بنات الغلف.
"يَا جِبَالَ جِلْبُوعَ لاَ يَكُنْ طَلٌّ وَلاَ مَطَرٌ عَلَيْكُنَّ وَلاَ حُقُولُ تَقْدِمَاتٍ، لأَنَّهُ هُنَاكَ طُرِحَ مِجَنُّ الْجَبَابِرَةِ، مِجَنُّ شَاوُلَ بِلاَ مَسْحٍ بِالدُّهْنِ" (2صم1: 21)

جلبوع هو الجبل الذي كانت عليه المعركة، قال: الجبل الذي قُتل عليه شاول ويوناثان لن أقبل منه أبدًا زرعًا يكون حنطة أو أي تقدمة تقدم في بيت الرب. إن أثمر فيه زرع، وأحضر منه أحد العشور أو البكور أو أي تقدمات، لن أقبل أبدًا بأي حال هذه التقدمة لأن هذا الجبل قد سُفك عليه دم ملك إسرائيل.
انظروا مشاعر داود... يقول في النشيد: لأنه هناك طُرح مجن الجبابرة مجن شاول بلا مسح بالدهن، هنا يشير إلى أنه كان مسيحًا للرب. (ولكن شاول حينما عصى أوامر الرب؛ فارقه روح الرب وبغته روح ردىء من قِبل الرب أي بسماح من الرب)، لم ترجع قوس يوثانان إلى الوراء وسيف شاول لم يرجع خائبًا، حتى وإن كانا قد قُتلا، لكن الأسلحة التي لهما لم ترجع خائبة، وحاربا حروب الرب وقاتلا ببأس.
كل ما قاله سابقًا ربما يكون مناسبًا ومنطقيًا، لكن ما قاله بعد ذلك هو يفوق العقول، فماذا قال؟!!
"شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ الْمَحْبُوبَانِ وَالْحُلْوَانِ فِي حَيَاتِهِمَا لَمْ يَفْتَرِقَا فِي مَوْتِهِمَا. أَخَفُّ مِنَ النُّسُورِ وَأَشَدُّ مِنَ الأُسُودِ" (2صم1: 22، 23).
شاول ويوناثان المحبوبان والحلوان في حياتهما.. ماذا يا داود؟! هل تقول عن شاول الذي كان يطاردك طول حياتك، وحتى بعد ما تركته حين وقع في يدك رجع يطاردك مرة تلو الأخرى؛ ولم يرخِ يده عنك إلى أن مات، تقول عنه المحبوبان والحلوان؟!!
يقول داود: أنا لا أنسى أيام العشرة الحلوة القديمة قبلما يقوم علىَّ شاول وينقلب علىَّ، كان لنا عِشرة معًا حينما كنت أعزف له على القيثار وأرتل المزامير فيهدأ عنه الروح الشرير الذي بغته بعد مخالفته لوصايا الرب،وكان لنا صداقة قبل أن يقولوا له إن داود يريد أن يأخذ منك المُلك. أقل ما فيها إنه والد يوناثان؛ يوناثان حبيب عمري القديس الذي أنقذ حياتي من والده، فشاول هو أبوه. ولا أقدر أن أنسى فضل الأبوة. ثم يقول: "أَخَفُّ مِنَ النُّسُورِ وَأَشَدُّ مِنَ الأُسُودِ. يَا بَنَاتِ إِسْرَائِيلَ، ابْكِينَ شَاوُلَ الَّذِي أَلْبَسَكُنَّ قِرْمِزًا بِالتَّنَعُّمِ، وَجَعَلَ حُلِيَّ الذَّهَبِ عَلَى مَلاَبِسِكُنَّ" (2صم1: 24).
يقول لهم: ابكوا يا بنات إسرائيل على شاول الذي كان يلبسكن الذهب والمطرز. أين هذا الذهب يا داود؛ وهو الذي لم ينفك عن مطاردتك وقد جعل حياتك ممتلئة بالمخاوف والأحزان؟!!.. هذا هو داود في وفائه واتضاعه.
"كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ فِي وَسَطِ الْحَرْبِ! يُونَاثَانُ عَلَى شَوَامِخِكَ مَقْتُولٌ. قَدْ تَضَايَقْتُ عَلَيْكَ يَا أَخِي يُونَاثَانُ. كُنْتَ حُلْوًا لِي جِدّاً. مَحَبَّتُكَ لِي أَعْجَبُ مِنْ مَحَبَّةِ النِّسَاءِ. كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ وَبَادَتْ آلاَتُ الْحَرْبِ" (2صم1: 25-27).
هذا النشيد إن كنا نقرأه اليوم، لكن ليس مثلما نقرأه كما كتبه داود، فقد كتبه شعرًا ولحَّنه بلحن جميل، لحن كأعظم موسيقى ممكن أن يعزف بها إنسان. موسيقى عزفها داود الذي هو حسب شهادة الكتاب نفسه"َمُرَنِّمِ إِسْرَائِيلَ الْحُلْوِ" (2صم23: 1)..
لذلك من يسمع هذا النشيد لابد أن يجهش بالبكاء، لابد أن يخفق قلبه، لابد أن تفيض مشاعره بأحاسيس عجيبة تتناسب مع وقع هذا اللحن العذب والعميق.
لم يكن في ذلك الزمان كما هو الآن جهاز تسجيل يسجل لنا هذا النشيد سواء فيديو أو كاسيت، إذ لو تم تسجيله لكنا قد تمتعنا بموسيقى هذا النشيد والشعر الذي فيه، وإن كنا لن نفهمه لأنه باللغة العبرية. لكن على أي الأحوال بالرغم من اختفاء الموسيقى واختفاء الشعر، لكن نستطيع بعمل الروح فينا أن نرى ونحس ما في هذه الكلمات من موسيقى روحية تسمو على الموسيقى المسموعة بالأذن العادية.
من يقرأ هذا النشيد بروح التأمل يشعر أنه صادر من عمق قلب داود، وصار جزءًا لا يتجزأ من أسفار الكتاب المقدس..

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:02 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
داود مع ابنه أبشالوم

كان أبشالوم ابن داود قد ارتكب خطأ كبيرًا جدًا، فقد قتل أخاه غير الشقيق أمنون دون أن يحتكم إلى مجلس القضاء رسميًا، بعد أن اغتصب أمنون ثامار شقيقة أبشالوم، وحزن داود لفعله وغضب عليه. واختبأ أبشالوم ثلاث سنوات خارج أورشليم، ولم يستطِع مواجهة أبيه. ثم أرسل أبشالوم يوآب رئيس الجيش يكلم داود ليلتمس عفوه. وطلب يوآب إليه أن يسامح أبشالوم وسأله أن يسمح له أن يأتي ويعتذر إليه، فقال داود ليوآب اذهب ورد الفتى أبشالوم. وجاء أبشالوم إلى أورشليم واعتذر لأبيه فقبل اعتذاره (انظر 2صم14).
كان أبشالوم رجلاً جميلاً جدًا وحسن المنظر، فكما كان داود جميلاً، كان أبشالوم أيضًا لأن والدته أيضًا كانت جميلة، فلذلك كان لأبشالوم جمال عجيب يقول عنه الكتاب:
"وَلَمْ يَكُنْ فِي كُلِّ إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ جَمِيلٌ وَمَمْدُوحٌ جِدّاً كَأَبْشَالُومَ، مِنْ بَاطِنِ قَدَمِهِ حَتَّى هَامَتِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَيْبٌ. وَعِنْدَ حَلْقِهِ رَأْسَهُ، إِذْ كَانَ يَحْلِقُهُ فِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ، لأَنَّهُ كَانَ يَثْقُلُ عَلَيْهِ فَيَحْلِقُهُ، كَانَ يَزِنُ شَعْرَ رَأْسِهِ مِئَتَيْ شَاقِلٍ بِوَزْنِ الْمَلِكِ" (2صم14: 25-27)؛ جمال عجيب.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:03 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
أبشالوم يسترق قلب الشعب

وقف أبشالوم في باب القصر، وكل صاحب دعوى آتٍ إلى الملك يسأله ما هي شكواك، فيجيبه إن لي خصومة مع إنسان ظلمني، ولذلك جئت للملك لكي أشكو له. فيقول له ليس من يسمع لك عند الملك، بل الملك يطرد الناس ولا يسمع لأحد. فيقول له وماذا أعمل؟ يقول له أبشالوم قل لي أنت ما هي مشكلتك وأنا أحل لك المشكلة. كل واحد داخل يجذبه إليه ويكدر نفسيته من ناحية داود النبي والملك، ويستميل هذا الشخص إليه.
واستمر على هذا الحال إلى أن أصبح له شعبية كبيرة جدًا في وسط شعب إسرائيل، وداود بسلامة قلب لم يشك فيه بل كان يقول أبشالوم هو ابني ولا يمكن بحال من الأحوال أن يخونني. هكذا أعطى داودلأبشالوم الأمان والثقة والسلطة، كما أعطاه فرصة أن يتصل بالشعب ويعمل ما يريد، ويدخل ويخرج مادام سامحه وانتهت المشكلة.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:03 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
الابن يقوم على أبيه!!

وبعد عدة سنين أتى من يخبر داود أن أبشالوم قام بثورة ضده. وأمال الشعب وراءه وعمل جيشًا ضخمًا جدًا. قال أنا سوف أعزل الملك لأن الملك لا يصلح للمملكة، ونادى بنفسه ملكًا على إسرائيل، وجمع جيشًا ضخمًا وزحف على أورشليم. فقام داود وجميع بيته وترك القصر، وخرج وكل رجاله وراءه وترك المملكة. وبعدما هرب دخل أبشالوم العاصمة واستولى على المملكة وجلس على العرش وأعلن نفسه ملكًا على إسرائيل!!
فبعض من الرجال الأمناء للملك -الممسوح من قِبَلْ الله- ومن الرجال المستقيمين في المملكة؛ لم يرضوا بهذا الوضع الغير لائق، ولم يوافقوا على هذا التصرف واغتصاب المملكة بهذه الطريقة. واستنكروا خيانة الابن لأبيه بهذه الصورة المزرية، وانضموا إلى داود وتجمعوا حوله فكان معه الحرس الملكي ومنهم يوآب ابن صروية قائد الجيش قريب داود النبي، وأخوه أبيشاى، مجموعة كانوا معًا وكوَّنوا جيشًا قويًا للمقاومة، وابتدأوا في محاولة إرجاع داود للمُلك مرة أخرى.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:04 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
ترفقوا بالفتى أبشالوم!!

وكان لما خرج الجيش الملكي ليحارب جيش الثورة التي عملها أبشالوم. وقف داود في باب المدينة، وأخذ يوصى العسكر عند خروجهم واحدًا فواحدًا ويقول لهم ترفقوا لي بالفتى أبشالوم ابني، لا تنسوا إنه ابني، فتعاملوا معه برفق. إن كنتم تريدون إرجاع المملكة لي لكي ترجعوا المُلك للمَلك الممسوح من الله، لكن ليس معنى ذلك أن تقاتلوا وتثوروا. فإن أمسكتموه فليحضر أمامي حيًا، وتنتهي المشكلة.

وجلس داود في باب المدينة ينتظر نتيجة المعركة، وفي المعركة كان القتال منتشرًا وهناك مقتلة عظيمة. وصادف أبشالوم عبيد داود فهرب وكان راكبًا على بغل فدخل البغل تحت أغصان شجرة البطمة ولأن شعره طويل فتعلق رأسه بالبطمة وصار معلقًا بين السماء والأرض والبغل الذي تحته مرَّ وذهب.
فجاء واحد من الجنود وأخبر قائد الجيش يوآب وقال له لقد رأيت أبشالوم معلقًا برأسه في البطمة. فقال له لماذا لم تضربه بسهمين أو ثلاثة لتقضى عليه؟ قال الرجل ليوآب هل نسيت وصية الملك داود الذي قال لنا: إياكم والفتى أبشالوم؟ كيف أستطيع أن أرفع وجهى أمام الملك كل أيام حياتي إن كنت أقتل ابن الملك؟ قال له إنه ابن خائن اقتله. قال له لا، لا أستطيع. قال له يوآب إني لا أصبر هكذا أمامك، وأخذ ثلاثة سهام بيده ونشبها في قلب أبشالوم وهو حى في قلب البطمة (انظر 2صم18).
وكان داود جالسًا في الباب ينتظر النتيجة، ورجع الجيش من المعركة منتصرًا، وكل جيش أبشالوم عندما رأوا أن ملكهم المزعوم قد مات رجعوا كل واحد إلى بلده وإلى بيته،فرجع جيش داود منتصرًا وفرحًا، وواحد من الجيش سبق بسرعة، فنادى الرقيب الواقف على السور من فوق وأخبر داود إن رجلاً يجرى من بعيد، فقال له إذا كان قد جاء ووجهه فرحًا سيكون حاملاً أخبارًا سارة. ودخل المرسال، سلّم على الملك، قال له الملك: ماذا عملتم؟ أجابه: الله يصنع بأعداء الملك كما حدث للقوم الذين ثاروا عليك، وبدأ داود يقلق على ابنه، ثم جاء مرسال آخر قال له ليكن كالفتى أعداء سيدي الملك وجميع الذين قاموا عليك للشر، أي أن أبشالوم قد مات. "فَانْزَعَجَ الْمَلِكُ وَصَعِدَ إِلَى عِلِّيَّةِ الْبَابِ وَكَانَ يَبْكِي وَيَقُولُ وَهُوَ يَتَمَشَّى: يَا ابْنِي أَبْشَالُومُ، يَا ابْنِي يَا ابْنِي! أَبْشَالُومُ، يَا لَيْتَنِي مُتُّ عِوَضًا عَنْكَ! يَا أَبْشَالُومُ ابْنِي يَا ابْنِي" (2صم18: 33).

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:05 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
صارت الغلبة مناحة!!

جاء يوآب قائد الجيش ودخل فرحًا مفتخرًا فوجد الملك يبكى وينوح. وتسلل العسكر ورجال الحرب للدخول إلى المدينة بسكوت عندما سمعوا أن الملك يبكى وينوح. دخلوا كما يتسلل القوم الخجلون عندما يهربون في القتال، وكانوا خائفين لئلا يقع بهم داود أو يعاقبهم من أجل مقتل ابنه. فدخل قائد الجيش، وقال له: ما الذي فعلته؟! قال له ابني مات، قال له ابنك هذا خائن وقد رأيت كيف قام بثورة عليك، قال له داود: لكن هل نسيت إنه ابني؟!
أجابه يوآب وقال: قد أخزيت اليوم وجوه جميع عبيدك منقذي نفسك وأنفس بنيك وبناتك وكل من لك..! وقد رأيت كيف خاطر كل منا ووضع روحه على كفه، وضحى بحياته من أجل ملكك ومن أجل كرسيك وعرشك وتاجك. فالآن قم وأخرج وطيّب قلوب عبيدك وأشكرهم على ما صنعوه، لأنه إن لم تخرج لا يبيت أحد معك هذه الليلة، ويكون ذلك أشر عليك من كل شر أصابك منذ صباك إلى الآن.
فقام داود وغسل وجهه، ولبس ملابسه، وتحامل على نفسه، وجلس على الكرسي، وابتدأ يستقبل التهاني وقلبه يتمزق من الداخل ويقول في قلبه أبشالوم يا ابني يا ليتني مُت عوضًا عنك.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:05 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
ليتنى مُت عوضًا عنك!!


مُجمل القول إن داود كان هو الملك، أعطاه الله ملكًا ومسحه... وذاك الفتى أبشالوم اغتصب المُلك. ولأن المملكة هي من الله، فلم يقدر داود أن يمنع الشعب الوفي المخلص أن يحارب حروب الرب، ويرجع الملك إلى كرسيه. لكن في نفس الوقت عاطفة الأبوة التي له كانت شيئًا آخر. لذلك كان يقول يا ليتني أنا مُت عوضًا عن أبشالوم.
هذا هو داود، داود الذي في وقت ما كان -كما رأيناه- جبار بأس ويحارب الأسد والدب، لكن في وقت آخر كأب كانت مشاعر أبوته أقوى من كل طغيان الحرب، وسهام القتال، وصليل السيوف.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:06 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
المسيح مات عوضًا عنا

داود هنا كان بروح النبوة أو برمز النبوة يرمز على نحو ما إلى الله المحب. كيف ذلك؟ الإنسان أخطأ في حق الله، وكان مستوجبًا للموت... ولكن السيد المسيح على الصليب بذل حياته من أجل خلاصنا، وصلى طالبًا الغفران لصالبيه.
فكما كان داود يقول لأبشالوم يا ليتني مت عوضًا عنك، السيد المسيح أيضا يقول لكل إنسان خاطئ يا ليتني يا ابني مُت عوضًا عنك. وإن كان داود لم يقدر أن ينفذها لكن السيد المسيح نفَّذها فعلاً. لأن داود لو مات كان قد انتهى. لكن السيد المسيح إذ مات انتصر على الخطية وعلى الموت وقام ملكًا من الأموات منتصرًا وفاديًا لكل من يؤمن ويتوب.
كان عمل داود هنا-على نحو ما-رمزًا لعمل السيد المسيح كأب روحي وكمخلّص وكفادٍ.. كانت تتراءى لمحات من محبة الله في حياة داود تنعكس على حياته مثل الجوهرة التي تضوي في النور فتعكس الضوء ببريق عجيب.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:08 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
عند بيدر أرونة اليبوسي

موقف آخر في حياة داود.. عندما أخطأ الشعب، فهيج الرب عليهم داود لكي يحصى الشعب كما ورد في سفر صموئيل الثاني "وَعَادَ فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ فَأَهَاجَ عَلَيْهِمْ دَاوُدَ قَائِلاً: امْضِ وَأَحْصِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا" (2صم24: 1). ولكن ورد في سفر أخبار الأيام الأول تفسيرًا لهذا الأمر إذ قال "وَوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ" (1أى21: 1).
وليس هناك تناقضٌ بين السفرين لأن المسألة في حقيقتها أن نعمة الله عندما تتخلى عن أي إنسان في موقف معيَّن لتكشف له ضعفه مثل سقوطه في الكبرياء؛ فإن الشيطان يستغل الفرصة لغواية هذا الإنسان ويكون ذلك بسماح من الله مثلما ورد في سفر الأمثال "قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ" (أم16: 18)، فيقال إن الرب قد أهاج داود على شعب إسرائيل. ويقال أيضًا إن الشيطان قد وقف ضد إسرائيل وأغوى داود. وفي حقيقة الأمر أن الرب قد سمح للشيطان أن يفعل ذلك لتأديب شعب إسرائيل المخطئين ولتأديب داود على افتخاره في قلبه بعدد الشعب.
"وَضَرَبَ دَاوُدَ قَلْبُهُ بَعْدَمَا عَدَّ الشَّعْبَ. فَقَالَ دَاوُدُ لِلرَّبِّ: لَقَدْ أَخْطَأْتُ جِدّاً فِي مَا فَعَلْتُ، وَالآنَ يَا رَبُّ أَزِلْ إِثْمَ عَبْدِكَ لأَنِّي انْحَمَقْتُ جِدّاً. وَلَمَّا قَامَ دَاوُدُ صَبَاحًا كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى جَادٍ النَّبِيِّ رَائِي دَاوُدَ: اِذْهَبْ وَقُلْ لِدَاوُدَ: هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: ثَلاَثَةً أَنَا عَارِضٌ عَلَيْكَ، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ وَاحِدًا مِنْهَافَأَفْعَلَهُ بِكَ" (2صم24: 10- 12).

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:09 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
ثلاث عقوبات

كانت الثلاث عقوبات هي إما أن تأتى عليه سبع سنى جوع، أو أن يهرب ثلاثة أشهر أمام أعدائه، أو يكون ثلاثة أيام وبأ. وعاقب الرب الشعب حسب اختيار داود أن يكون ثلاثة أيام وبأ في الأرض..
فضرب الملاك المهلك من دان إلى بئر سبع، ضرب في يوم واحد سبعين ألف من شعب إسرائيل.. وإذ قرب من أورشليم فبسط الملاك يده على أورشليم ليهلكها.. "فَكَلَّمَ دَاوُدُ الرَّبَّ عِنْدَمَا رَأَى الْمَلاَكَ الضَّارِبَ الشَّعْبَ وقال: هَا أَنَا أَخْطَأْتُ وَأَنَا أَذْنَبْتُ، وَأَمَّا هَؤُلاَءِ الْخِرَافُ فَمَاذَا فَعَلُوا؟ فَلْتَكُنْيَدُكَ عَلَيَّ وَعَلَى بَيْتِ أَبِي" (2صم24: 17).
ظن داود أن الأمر خاص به وبخطئه في عد الشعب، لكن الأمر هو أن الشعب نفسه هو الذي أخطأ وأراد الرب تأديبهم. ولذلك أهاج عليهم داود ليحصيهم كما شرحنا، ثم عاقب داود لأنه أحصى الشعب ليفتخر به.. لكن في الحقيقة إن المقصود كان تأديب الشعب نفسه، فلم يظلم الله الشعب.
ولقد أحسن داود فيما اختار من العقوبات الثلاث، وهو أن يقع في يد الرب لأن مراحمه كثيرة ولا يسقط في يد إنسان.. هذه هي خبرات داود مع الله وحنانه.

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:09 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
صورة أخرى للفادي

وعندما قال داود إني أنا الذي أخطأت، كان ينسب خطأ الشعب إلى نفسه أي يحمل خطايا الشعب، وكان بذلك -جزئيًا- رمزًا للسيد المسيح الذي "حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ" (إش53: 12).

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:10 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
ندم الرب عن الشر!!

طبعًا الشر بالنسبة لله لا يعنى الخطية ولكن الأذية أي المعاقبة؛ للمخطئ والرب يتراجع عن ذلك إذا وُجد الفداء بواسطة الضحية أي الكفارة المقبولة. نقرأ هكذا في الكتاب المقدس: "وَبَسَطَ الْمَلاَكُ يَدَهُ عَلَى أُورُشَلِيم لِيُهْلِكَهَا، فَنَدِمَ الرَّبُّ عَنِ الشَّرِّ وَقَالَ لِلْمَلاَكِ الْمُهْلِكِ الشَّعْبَ: كَفَى! الآنَ رُدَّ يَدَكَ، وَكَانَ مَلاَكُ الرَّبِّ عِنْدَ بَيْدَرِأَرُونَةَ الْيَبُوسِيِّ" (2صم24: 16). وربما يتعجب البعض: أنت يا رب أمرت الملاك أن يهلك، فخرج وضرب في أول يوم سبعين ألفًا ووصل إلى أورشليم. وعند بيدرأرنان (أرونة) اليبوسى الذي أقام فيه داود مذبحًا للرب فيما بعد، ندم الرب على الشر.. فهل من المعقول أن يندم الرب؟! وهو الذي يقول عنه الكتاب "مَعْلُومَةٌ عِنْدَ الرَّبِّ مُنْذُ الأَزَلِ جَمِيعُ أَعْمَالِهِ" (أع15: 18)، ويعرف ماذا يفعل. شيء عجيب يحيّر العقل في فهمه.. لماذا ندم؟

Mary Naeem 25 - 03 - 2014 05:11 PM

رد: كتاب داود النبي والملك - الأنبا بيشوي
 
لماذا ندم الرب على الشر؟!

لقد رأى الله صليب المسيح في هذا المكان. أو رأى الهيكل الذي ستقدَم عليه الذبائح الرمزية في هذا الموضع.. فهذه الأرض هي موضع أحداث مقدسة في الحاضر أو في المستقبل.. في الحاضر أي في المستقبل القريب الذي سيحدث في أيام داود.
ندم الرب على الشر.. إن كان ملاك الرب قد مد يده ليهلك، فهذا رمز لإهلاك الجنس البشرى، إذ أن أورشليم هنا ترمز للبشرية. فإذا أهلك الملاك أورشليم فهذا يعنى هلاك الجنس البشرى كله، وهذا إشارة إلى الحكم الذي صدر ضد آدم وكل نسله.
ولكن من أجل صليب المسيح ومن أجل الفداء والخلاص، ندم الرب على الشر الذي كان سيصنعه بالجنس البشرى كله. ندم بمعنى أنه رفع العقوبة.. كما نصلي في قطع الساعة السادسة{صنعت خلاصًا في وسط الأرض كلها عندما بسطت يديك الطاهرتين على عود الصليب}.


الساعة الآن 11:55 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025