![]() |
كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي مقدمة تعتمد المسيحية إلى جانب كبير على التلمذة، ويوصى معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين قائلاً: "اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ. انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ" (عب13: 7). أي أن الإنسان يحتاج أن يرى أمامه مثالاً أو قدوة ليقتدي بها.. والسيد المسيح هو مثلنا الأعلى، وأيضاً القديسون يقدمون لنا أمثلة رائعة للحياة مع الله تساعدنا لكي نشعر أن القداسة شيء ممكن، ليس فقط السيد المسيح هو قدوس القديسين، ولكن أيضًا القداسة شيء ممكن في حياة البشر. أريد أن أتأمل معكم في قصة اثنين من الأنبياء؛ أحدهما كان تلميذًا للآخر لنرى كيف استطاع التلميذ أن يأخذ بركة معلمه الذي اعتبره مثالاً وقدوة له، وقد كان من المهم جدًا أن يلازمه في ساعات حياته الأخيرة، بل أهم من ذلك أن يثبت نظره عليه في لحظات انتقاله من هذا العالم. من أجل ذلك فإننا نهتم جدًا في سير القديسين بيوم نياحتهم أو يوم استشهادهم، ونكثف تأملاتنا حول الساعات الأخيرة من حياتهم؛ فنعطيها أهمية خاصة، وبالأخص اللحظات الأخيرة ليس فقط الساعات الأخيرة، حيث تكون هي أقدس لحظات في حياة الإنسان هي لحظات خروجه من هذا العالم. عندما يقول الكتاب "انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ (عب13: 7)، عليك أن تطلب أن نفس الروح والقوة التي رافقت هؤلاء القديسين أن ترافق مسيرة حياتك. بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ والبراري ورئيس دير القديسة دميانة |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
التلمذة في المسيحية نقرأ في سير الآباء والقديسين أنه عند انتقال أحد الآباء في البرية، كان يجتمع كثير من الرهبان حوله في لحظة خروج نفسه من جسده، طالبين منه البركة والصلاة من أجلهم،وأب الآباء يعقوب في وقت انتقاله من هذا العالم جمع أولاده وقال لهم: "اجْتَمِعُوا لأُنْبِئَكُمْ بِمَا يُصِيبُكُمْ فِي آخِرِ الأَيَّامِ" (تك49: 1)، وابتدأ يخبر كل واحد منهم بكلماتٍ معينة، فمن كان يستحق بركة أعطاه إياها. وبالفعل تحققت كل هذه الكلمات التي نطق بها هذا القديس. فى سفر الملوك الثاني الأصحاح الثاني نقرأ "وَكَانَ عِنْدَ إِصْعَادِ الرَّبِّ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ أَنَّ إِيلِيَّا وَأَلِيشَعَ ذَهَبَا مِنَ الْجِلْجَالِ. فَقَالَ إِيلِيَّا لأَلِيشَعَ: امْكُثْ هُنَا لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَى بَيْتِ إِيلَ. فَقَالَ أَلِيشَعُ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ. وَنَزَلاَ إِلَى بَيْتِ إِيلَ. فَخَرَجَ بَنُو الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ إِيلَ إِلَى أَلِيشَعَ وَقَالُوا لَهُ: أَتَعْلَمُ أَنَّهُ الْيَوْمَ يَأْخُذُ الرَّبُّ سَيِّدَكَ مِنْ عَلَى رَأْسِكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنِّي أَعْلَمُ فَاصْمُتُوا. ثُمَّ قَالَ لَهُ إِيلِيَّا: يَا أَلِيشَعُ، امْكُثْ هُنَا لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَى أَرِيحَا. فَقَالَ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ. وَأَتَيَا إِلَى أَرِيحَا. فَتَقَدَّمَ بَنُو الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ فِي أَرِيحَا إِلَى أَلِيشَعَ وَقَالُوا لَهُ: أَتَعْلَمُ أَنَّهُ الْيَوْمَ يَأْخُذُ الرَّبُّ سَيِّدَكَ مِنْ عَلَى رَأْسِكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنِّي أَعْلَمُ فَاصْمُتُوا. ثُمَّ قَالَ لَهُ إِيلِيَّا: أُمْكُثْ هُنَا لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَى الأُرْدُنِّ. فَقَالَ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ. وَانْطَلَقَا كِلاَهُمَا. فَذَهَبَ خَمْسُونَ رَجُلاً مِنْ بَنِي الأَنْبِيَاءِ وَوَقَفُوا قُبَالَتَهُمَا مِنْ بَعِيدٍ. وَوَقَفَ كِلاَهُمَا بِجَانِبِ الأُرْدُنِّ. وَأَخَذَ إِيلِيَّا رِدَاءَهُ وَلَفَّهُ وَضَرَبَ الْمَاءَ، فَانْفَلَقَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ، فَعَبَرَا كِلاَهُمَا فِي الْيَبَسِ. وَلَمَّا عَبَرَا قَالَ إِيلِيَّا لأَلِيشَعَ: اطْلُبْ مَاذَا أَفْعَلُ لَكَ قَبْلَ أَنْ أُوخَذَ مِنْكَ..." (2مل2: 1- 9). أول الأمر قال إيليا لأليشع: امكث هنا لأن الرب قد أرسلني إلى بيت إيل فقال له لن أتركك ولكنني أرافقك "حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ" ولم يكن الحلفان في العهد القديم خطية، ولكنه الآن لا يجوز... |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
بدأت الرحلة من الجلجال بدأت الرحلة من الجلجال.. الجلجال هو المكان الذي عبر فيه شعب إسرائيل نهر الأردن، وقد اسماه يشوع بن نون الجلجال؛ لأن هناك دحرج الرب عار مصر عنهم عندما ختن كل الذكور حسب الشريعة الموسوية، فكان الغير مختتن مثله مثل الأمم، أما المختتن فقد دخل في عهد مع الله، فالختان هو العهد الذي أعطاه إياه الله لإبراهيم، لذلك كان من الواجب أن يختتن كل الشعب عند دخولهم أرض الميعاد، والختان هو رمز للمعمودية. أخذ يشوع اثني عشر حجرًا من قاع النهر على عدد أسباط إسرائيل الاثني عشر، وبنى مذبحًا للرب هناك في الجلجال، وقدّم ذبائح للرب وختن كل الشعب في ذلك المكان (يش4، 5). الجلجال؛ يحمل ذكريات العبور إلى أرض الميعاد، وأيضًا يحمل ذكريات الدخول في عهد مع الرب. وعمومًا عبور إسرائيل لنهر الأردن في المفهوم الروحي عند كل المفسرين يرمز إلى الانتقال من هذا العالم، كيف ذلك؟! ذلك لأنهم عبروا من أرض الغربة إلى أرض الميعاد، فاجتياز نهر الأردن ودخول كنعان رمز إلى كنعان السمائية أي رمز إلى الانتقال من هذا العالم؛ أي العبور من العالم الحاضر إلى الحياة الأخرى. واقترن العبور بالختان؛ لأن الختان رمز للموت، وهو أيضًا رمز للمعمودية، بل العبور نفسه هو رمز للمعمودية حيث نُدفن مع المسيح وننتقل من العبودية إلى حياة أولاد الله، ونأخذ البنوة فنكون بذلك مستحقين للميراث "إِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا.." ( رو8: 17). بدأت رحلة إيليا مع أليشع من الجلجال مع ذكريات معاني العبور، ومعاني الموت، ومعاني الانتقال من العالم الحاضر إلى حياة الدهر الآتي، لأن الرحلة نفسها كانت رحلة عبور من الأرض إلى السماء، ورحلة انطلاق من هذا العالم. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
إلى بيت إيل باب السماء بعد ذلك قال إيليالأليشع: الرب أرسلني إلى بيت إيل امكث أنت هنا لأنطلق إلى بيت إيل، أجابه سوف أذهب معك.. وهناك في بيت إيل ذكريات أخرى. "بيت إيل" هو المكان الذي فيه رأى يعقوب السلّم منصوبًا على الأرض ورأسها يمس السماء، وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها. وهوذا الرب واقف عليها.. (انظر تك28: 10-15). "بيت إيل" أيضًا يشير إلى الانطلاق من الأرض إلى السماء، حيث إن السلّم دائمًا يستخدم للصعود. كان إيليا سوف يصعد إلى السماء لذلك أرسله الرب في رحلته إلى بيت إيل إشارة إلى هذا الصعود الذي كان مزمعًا أن يكون،"بيت إيل" هو بيت الله؛ معناه بيت الله، وعندما رأى يعقوب الرؤيا أخذ الحجر وصب عليه زيتًا ودشّنه قائلاً "مَا أَرْهَبَ هَذَا الْمَكَانَ! مَا هَذَا إلاَّ بَيْتُ اللهِ وَهَذَا بَابُ السَّمَاءِ!" (تك28: 17) لذلك كان "بيت إيل" هو باب السماء، من أجل ذلك من يريد الدخول إلى السماء عليه أن يعبر أولاً ببيت إيل. هذا ما يحدث في طقس الكنيسة حيث توضع المعمودية بالجانب الشمالي الغربي من الكنيسة، ويتجه الإنسان إلى الغرب ليجحد الشيطان ثم يتجه ناحية الشرق قائلاً: أعترف لك أيها المسيح إلهي، كما يقول قانون الإيمان، ثم يدخل إلى الكنيسة. من يريد الدخول إلى السماء عليه أن يمر أولاً بالكنيسة، والكنيسة تمنحه نعمة المعمودية التي كان الختان رمزًا لها، كما كان عبور نهر الأردن أيضًا رمزًا للمعمودية، وفي الكنيسة يحيا مع الله ويتذوق المن السماوي خبز الله النازل من السماء، ويحيا في شركة مع الملائكة كما رآهم يعقوب صاعدين ونازلين على السلم. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
من يخدمني فليتبعني في كل مكان يذهب إليه إيليا كان يسأل أليشع أن يمكث ويتركه ينطلق إلى حيث دعاه الرب، ولكن أليشع لم يتركه بل التصق به.. هذه هي حياة التلمذة الحقيقية. قال السيد المسيح: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ" (يو12: 26)، وقال أيضًا: "إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي" (مت16: 24).. هذه هي حياة التلمذة، لا يليق أن يحيا الإنسان يومًا مع الله ويومًا مع العالم، لا يليق أن يسير يومًا في حياة البر ويومًا في حياة الخطية.. يجب أن يلازم الله كما قال أليشعلإيليا: "حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ" (2مل2: 2). |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
ذكريات في أريحا عاد إيليا ليقول لأليشع امكث هنا لأن الرب قد أرسلني إلى أريحا.. ولأريحا ذكريات.. عند دخول بني إسرائيل أرض الميعاد كانت أريحا في طريقهم ، فقال الرب ليشوع بن نون اجعل الكهنة يحملون تابوت العهد وتدورون دائرة المدينة حول المدينة مرة واحدة هكذا تفعلون ستة أيام، وفي اليوم السابع تدورون دائرة المدينة سبع مراتٍ.. (انظر يش6) أمره أن يدوروا ستة أيام رمزًا لأيام الأسبوع وعمل الإنسان كل أيام حياته، وفي اليوم السابع يدوروا سبع مراتٍ ويضربون بالأبواق والكهنة حاملين التابوت، فتسقط أسوار أريحا. هذا الموقف الذي لم يستخدموا فيه فأسًا أو مرزبة أو أي شيء من الأدوات ولكنهم أسقطوا أسوار أريحا، هو إشارة إلى الانتصار الساحق على مملكة الشيطان،هذا ما عمله السيد المسيح حيث إنه لما صلب على الصليب في يوم الجمعة العظيمة، ثم نزل إلى الجحيم من قبل الصليب، ومكث في القبر يوم السبت، ودمّر مملكة الشيطان وقام في يوم الأحد الذي هو اليوم الثامن. فهو قد صلب في اليوم السادس وقام في اليوم الثامن، وحيث استراح الإنسان بعمل السيد المسيح فكان اليوم السابع في وسطهما رمزًا لليوم الذي فيه استراح الرب من جميع عمله الذي عمل (تك2: 2)، أما اليوم الثامن فهو رمز للحياة الجديدة والحياة المتحررة تمامًا من كل سلطان الموت. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
وأعمالهم تتبعهم الإنسان في مسيرة حياته يجب أن يكون لديه قوة الغلبة الروحية، لكي عند رقاده يكون كما قال الكتاب "طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ- نَعَمْ يَقُولُ الرُّوحُ، لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ" (رؤ14: 13)، ففي لحظة انتقال الإنسان من هذا العالم يجب أن يحمل تابوت عهد الرب مع هتاف الأبواق؛ أبواق النصرة الروحية التي يمكنه أن يحققها بعد أن يكون قد أكمل جهاده بسلام في الستة أيام التي عاشها التي هي حياة الجهاد الروحي. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
أما النصرة فمن الرب لكن لعلنا نلاحظ في قصة أريحا أمرًا في غاية الأهمية.. وهو أن الذي أسقط أسوار أريحا هو هتاف الأبواق وليس معاول الهدم، أي أنه ليس بقوتهم إنما بقوة الله تم هذا الانتصار، فالستة أيام تشير إلى حياة الجهاد التي يحياها الإنسان، أما انهيار الأسوار فيشير إلى عمل الرب العظيم في النفس المؤمنة التي تكون متسلحة بقوة الإيمان، وهذا ما يعطيها النصرة في لحظات انطلاقها من هذا العالم. يستريحون من أتعابهم وأعمالهم تتبعهم.. كلمة يستريحون من أتعابهم تكمن في رقم "سبعة"، وأعمالهم تتبعهم يكمن في رقم "ستة"، أعمالهم أو العمل يرمز إليه الرقم "ستة"، ويستريحون يرمز إليه الرقم "سبعة"،لكن ليس هناك من لديه القوة والمقدرة على هدم أسوار أريحا إلا من اقتنى لنفسه هذه المسيرة التي فيها يقول: "هُوَذَا تَخْتُ سُلَيْمَانَ حَوْلَهُ سِتُّونَ جَبَّارًا.. كُلُّهُمْ قَابِضُونَ سُيُوفًا وَمُتَعَلِّمُونَ الْحَرْبَ. كُلُّ رَجُلٍ سَيْفُهُ عَلَى فَخْذِهِ مِنْ هَوْلِ اللَّيْلِ" (نش3: 7، 8). فان لم يكن الإنسان قد جاهد الجهاد الحسن فلن يكون لديه هذه القوة التي بها يحطم مملكة الشيطان في يوم انتقاله من هذا العالم. أريحا ليست هي نهاية المطاف لكن بعدها تشترك النفس مع المسيح في الأبدية.. أي أن القديس بعد انتقاله من هذا العالم ينتظر إلى قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي والانطلاق إلى أمجاد الملكوت. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
عند نهر الأردن أخذ إيليا رداءه عند نهر الأردن وضرب الماء فانشق وعبر هو وأليشع على اليابس، "وَلَمَّا عَبَرَا قَالَ إِيلِيَّالأَلِيشَعَ: اطْلُبْ مَاذَا أَفْعَلُ لَكَ قَبْلَ أَنْ أُوخَذَ مِنْكَ. فَقَالَ أَلِيشَعُ: لِيَكُنْ نَصِيبُ اثْنَيْنِ مِنْ رُوحِكَ عَلَيَّ. فَقَالَ: صَعَّبْتَ السُّؤَالَ. فَإِنْ رَأَيْتَنِي أُوخَذُ مِنْكَ يَكُونُ لَكَ كَذَلِكَ، وَإِلاَّ فَلاَ يَكُونُ" (2مل2: 9، 10) هذا يذكرنا بما حدث بعد قيامة السيد المسيح، حيث أخذ تلاميذه على جبل الزيتون وصعد إلى السماء، رفع يديه وباركهم وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وأصعد إلى السماء. وفيما هو صاعد إلى السماء كانوا مثبتين نظرهم عليه أثناء صعوده. يقول الإنجيل بحسب القديس لوقا "وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي. فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي. وَأَخْرَجَهُمْ خَارِجًا إِلَى بَيْتِ عَنْيَا وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَبَارَكَهُمْ. وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ. فَسَجَدُوا لَهُ وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ. وَكَانُوا كُلَّ حِينٍ فِي الْهَيْكَلِ يُسَبِّحُونَ وَيُبَارِكُونَ اللهَ" (لو24: 49-53). فالقديس لوقا كتب ما حدث باختصار حيث تكلم عنه بالتفصيل في سفر أعمال الرسل إذ كان يخاطب نفس الشخص الذي كتب له الإنجيل فقال: "اَلْكَلاَمُ الأَوَّلُ أَنْشَأْتُهُ يَا ثَاؤُفِيلُسُ عَنْ جَمِيعِ مَا ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ. إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ بَعْدَ مَا أَوْصَى بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الرُّسُلَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ. الَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيّاً بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ. وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ بَلْ يَنْتَظِرُوا «مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي. لأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ لَيْسَ بَعْدَ هَذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ". ثم يقول "وَلَمَّا قَالَ هَذَا ارْتَفَعَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَأَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ. وَفِيمَا كَانُوا يَشْخَصُونَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِذَا رَجُلاَنِ قَدْ وَقَفَا بِهِمْ بِلِبَاسٍ أَبْيَضَ. وَقَالاَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هَذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هَكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاءِ» (أع1: 1-11)،حينئذ رجعوا إلى أورشليم وصعدوا إلى العلية وانتظروا حلول الروح القدس. القصة كما حدثت مع السيد المسيح وتلاميذه هي تعتبر ما كان يرمز إليه ما حدث بين إيليا وأليشع، حيث صعد إيليا أمام عينيَّ أليشع فقال له ماذا تطلب؟ أجاب أريد نصيب اثنين من روحك علىَّ. أي أريد قوة الروح التي فيك.. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
روح إيليا وقوته كان إيليا نبيًا ناريًا، وقال عنه الملاك عندما بشر زكريا بميلاد يوحنا المعمدان "وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ" (لو1: 17)؛ هذه الروح هي التي طلبها أليشع. فقال له إيليا صعَّبت السؤال، ورغم أن الرب قال لإيليا اذهب امسح أليشع نبيًا عوضًا عنك، وقد حدث بالفعل ومسحه ولكن أليشع هذا الممسوح نبيًا كان يريد أن يكون مثل معلمه، كان يريد أن يكون له نفس القوة والمواهب الروحية التي لإيليا. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
لماذا طلب نصيب اثنين؟! طلب أليشع أن يكون له نصيب اثنين من روح إيليا. هل ما كان يكفيه أن يكون كمعلمه، له روح إيليا وقوته؟! لماذا طلب نصيب اثنين..؟ نصيب اثنين كان له معناه في العهد القديم، حيث كان الابن البكر دائمًا يأخذ نصيب اثنين من الميراث، لأنه كان يعتبر رئيس العائلة بعد أبيه لذلك يأخذ نصيب اثنين (انظر تث21: 17).. هذا ما كان يعنيه أليشع عندما طلب من إيليا أن يكون له نصيب اثنين أي نصيب البكر وما يتضمنه من أخذ البركة الخاصة به. كما ابتاع يعقوب البركة من أخيه عيسو، فلما بارك إسحق يعقوب، وجاء عيسو قال له جاء أخوك وأخذ البركة، فصرخ عيسو وبكى وقال له ألك بركة واحدة يا أبى، أجابه لقد جاء أخوك وأخذ البركة بدلاً منك، ثم أردف بعبارة مسجلة في سفر التكوين حيث قال "نَعَمْ وَيَكُونُ مُبَارَكًا!" (تك27: 33)، فهو قد أخذ البركة، والبركة لا تُرَد، نعم ويكون مباركًا. عيسو احتقر البكورية حيث باعها بأكلة عدس، ثم عاد ليبكى ويصرخ من أجل البكورية!! كان يريد من البكورية بركاتها المادية من غنم وبقر وماعز، أما يعقوب فكان يريد البركة بمعنى آخر؛ كان يريد البركة ليكون هو الوارث للوعد؛ الوعد بميلاد المخلص، أي أن يأتي السيد المسيح من نسله. فمفهوم البكورية في العهد القديم كان يقال عنه هكذا، يأخذ نصيب اثنين أي يأخذ نصيب البكر.. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
التفتوا إليَّ في صعود إيليا قال لأليشع إن لم ترَني في انطلاقي لن تأخذ ما طلبته، وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار قد فصلت بينهما، هذا ما حدث بالتمام في صعود السيد المسيح كما هو مكتوب " انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ" (لو24 :51). صعد إيليا في العاصفة إلى السماء، وكان أليشع يرى وهو يصرخ "يَا أَبِي يَا أَبِي، مَرْكَبَةَ إِسْرَائِيلَ وَفُرْسَانَهَا" (2مل2: 12) الجميل في الأمر هنا؛ أنه لم ينشغل بالمركبة النارية ولا بالفرسان النارية، لكنه قال يا أبى يا أبى يا مركبة إسرائيل وفرسانها، أنت بالنسبة لي أهم من المركبة النارية أو الخيل النارية، لأن الروح الناري الذي فيك أهم عندي من هذه المناظر الجذابة، هكذا ظل أليشع مثبتًا نظره نحو إيليا متذكرًا ما قاله له: إن رأيتني أؤخذ منك، لا يشغلك شيء. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
اهتموا بما فوق قال السيد المسيح لتلاميذه ماذا تريدون أن أعطيكم؟ هل تريدون موعد الآب؟ هل تريدون الروح القدس؟ إن كان الأمر هكذا فهناك شرط، وما هو..؟ لا تبرحوا أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي، والشرط الآخر هو أن ترونني وأنا صاعد إلى السماء. لذلك كان كثيرًا يوصيهم ويعرفهم مكان مقابلته إياهم. ففي خلال الأربعين يومًا بعد قيامته لم يمكث معهم بصورة دائمة، لكنه في كل مرة يظهر لهم يشير إليهم إلى مكان اللقاء القادم، فعندما ظهر للمريمات قال لهن أن يخبرن التلاميذ أن يسبقوه إلى الجليل هناك يرونه، أنا سوف أظهر لهم عند بحر الجليل. وفى يوم صعوده إلى السماء تجمّع التلاميذ كلهم، وابتدأ يكلمهم قائلاً "هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ. وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ. وَأَنْتُمْ شُهُودٌ لِذَلِكَ. وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي. فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي. وَأَخْرَجَهُمْ خَارِجًا إِلَى بَيْتِ عَنْيَا وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَبَارَكَهُمْ. وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ" (لو24: 46-51). هذا ما حدث بين إيليا وأليشع حيث قال له صعَّبت السؤال، فإن رأيتني أؤخذ منك يكون لك كذلك وإلا فلا يكون،لابد أن تراني في صعودي لكي تأخذ ما طلبته. هكذا يقول بولس الرسول: "فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ" (كو3: 1)، ما معنى ذلك؟ أي من يريد أن يأخذ النعمة والبركة في حياته عليه أن يثبت نظره نحو السماويات. لكن من ينظر إلى الأرض لن يأخذ البركة "أَنْتُمُ الَّذِينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ بَيْنَكُمْ مَصْلُوبًا!" (غل3: 1). من ينظر للسيد المسيح معلقًا على الصليب يكون ناظرًا إلى السماء، كل من يقف تحت الصليب يرى السيد المسيح، ولكي يرى يسوع عليه أن ينظر إلى فوق. من أجل ذلك لم يمت السيد المسيح مذبوحًا كالخروف على الأرض، لكنه ذُبح معلقًا، وكأنه يقول من يريد أن يأتي إلىَّ فأنا هو الطريق (انظر يو14: 6)، عليه أن يرفع عينيه إلى فوق، كما نقول في ألحان الكنيسة }هذا الذي أصعد ذاته على الصليب ذبيحة مقبولة عن خلاص جنسنا{. فحتى وهو على الصليب كان الصعود واضحًا إذ كان معلقًا بين السماء والأرض. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
كن ساهرًا ربما تتساءل ماذا يعنى بقوله "إِنْ رَأَيْتَنِي أُوخَذُ مِنْكَ" (2مل2: 10)، إذ أنه كان سائرًا معه طوال الطريق، سوف تكون له فرصة أن يراه منطلقًا وهذا أمرٌ طبيعي، ولكن ليس الأمر كذلك. فيمكنه أن يسير معه خطوة خطوة لكن ربما ينشغل نظره بما حوله أو بما تحته في الأرض. لذلك أوصاه أنه في اللحظة الأخيرة التي ينطلق فيها، إن تشاغلت بأي شيء ولم ترَني أثناء انطلاقي لن تأخذ طلبتك.. هذا إشارة إلى أن الإنسان في حياته مع الله مطالب بأمرين.. مطالب أن يتبع السيد المسيح ويسير في طريقه، ولكن هذا لا يكفى، إنما عليه أن يكون في حالة يقظة وسهر مستمر،ولقداسة البابا شنودة الثالث -أطال الله حياة قداسته- قول كان يعلمنا إياه عندما يصلى الإنسان يقول: }ما تأخدنيش يا رب في ساعة غفلة{ ما معنى ذلك؟ يمكن أن يشرد ذهن الإنسان في أي فكر شرير أو أمر غير لائق، وفي هذه اللحظة ربما صدم في حادثة وانتهت حياته حتى ولو كان في طريقه إلى الكنيسة. إذن لابد أن يكون كالعذارى الحكيمات الساهرات. النفس الساهرة لا يمكن أن يجذب انتباهها أي شيء بعيدًا عن شخص المخلّص. إيليا هنا كان رمزًا للسيد المسيح، وأليشع يرمز إلى تلاميذ الرب. لا شيء يشغلنا عن السيد المسيح أبدًا. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
من سيفصلنا عن محبة المسيح في الكنيسة مثلاً ونحن نتشفع بالسيدة العذراء أو بالقديسين، نتشفع بهم على اعتبار أنهم يشفعون لنا أمام السيد المسيح، أو يطلبون من أجلنا من السيد المسيح. ليس معنى هذا أننا ننشغل بهم وننسى السيد المسيح، كلا. إنما كل هذه الأمور تقوى رجاءنا وتدعم طلبتنا، بل تؤازرها وتعضدها، ولذلك يقول معلمنا بولس الرسول: "مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ. وَلَكِنَّنَا فِي هَذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ ولا أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً. وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا" (رو8: 35-39). إذا كان هناك شخص يبنى كنيسة، فإن انشغل بمباني الكنيسة أكثر من انشغاله بالمسيح، لم يستفِد شيئاً؛ لماذا؟ لأن السيد المسيح يجب أن يكون هو الهدف. شيء جميل أن تبنى الكنيسة، لكن ما هو الهدف الأساسي؟ هو المسيح،إنسان يتصادق مع الملائكة، لماذا؟ لكي يرتبط بقوة بالعالم الروحاني، ويكون السيد المسيح هو محور الاهتمام. كما يقول الكتاب "مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمّاً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي" (مت10: 37)، ولكن ماذا عن "أكرم أباك وأمك.." أكرم أباك وأمك أمر جميل ولائق، ولكن ليس على حساب ارتباطك بالمسيح. نعم يمكنك أن تكرم والدتك في يوم عيد الأم مثلاً، ولكن هل صورة السيد المسيح ستغيب في هذه المناسبة؟ إنسان يريد أن يحتفل بأي مناسبة سواء تذكار ميلاد أو زواج، هل في هذه المناسبات يكون السيد المسيح هو محور الاهتمام..؟ هذا ما يقوله بولس الرسول: "لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ ولا أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً. وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا" (رو8: 38-39). |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
ولا ملائكة.. ولا خليقة أخرى عندما رأى أليشع المركبة النارية، لم يفزع ولم يخَف ولم يشغله منظرها عن شخص معلمه الذي أوصاه قائلاً: "إِنْ رَأَيْتَنِي أُوخَذُ مِنْكَ يَكُونُ لَكَ كَذَلِكَ"؛ يكون لك نصيب اثنين من روحي عليك.. هكذا إن سمعنا ولو تسابيح الملائكة، لمن تسبح الملائكة؟ تسبح السيد المسيح. وإن رأينا مناظر ملائكة، فلمن تخدم هؤلاء الملائكة؟ تخدم السيد المسيح. نحن نحب القديسين، فلماذا نحبهم؟ لأنهم أحبوا السيد المسيح من كل قلوبهم، من أجل ذلك نحن نحبهم، فمحبتنا لهم هي أساسًا لشخص السيد المسيح. لماذا نحب السيدة العذراء؟ لأنها والدة الإله، لذلك في الطقس الأرثوذكسي لا يليق أن نصور أو نرسم أيقونة للسيدة العذراء بدون السيد المسيح، بل دائمًا ترسم حاملة المسيح على ذراعها أو واقفة بجوار الصليب، فلا يليق بنا أن نصورها وحدها لأن العذراء هي السماء الثانية، تُرى من الذي يسكن في السماء، هل يمكن أن تكون سماء بدون الرب الساكن فيها؟! |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
إن كنا أولادًا فإننا ورثة صعد إيليا إلى السماء وحل الروح على أليشع، وصعد السيد المسيح إلى السماء وحل الروح القدس على التلاميذ في يوم الخمسين، وأخذت الكنيسة الموعد؛ وأخذت نصيب البكر لأنه يقول: "فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ" (رو8: 17)، فالسيد المسيح هو الخير كله كبكر من حيث إنه رأس الكنيسة اعتبر هو البكر.. لقد أضاع آدم بكوريته فجاء السيد المسيح يصلح ويردّه مرة أخرى، فالسيد المسيح هو البكر الذي قد أرضى قلب الآب كنائبٍ عن البشرية، هكذا قدّم للكنيسة كل الخير الذي أخذه لها، إذ قد أخذ من الآب كل النعمة والبركة التي يستحقها البكر، وقال للكنيسة أنا سوف أعطيكِ هذا الخير لأن هذا هو موعد أبى. كل ما يقال عن إيليا في هذه القصة هو رمز للسيد المسيح، بل إن سبب صعود إيليا إلى السماء هو ليكون رمزًا لصعود السيد المسيح، . حيث إن العهد القديم يمتلئ بالرموز الكثيرة، وبالإضافة إلى ذلك هو إن كان الناس يحيون في تلك الأيام على الأرض، فهم محتاجون أن يشعروا أنه يوجد عالم آخر أفضل، فلا يكون اهتمامهم أرضيًا، لذلك كان من الضروري أن يعطيهم الرب أمثلة. أخنوخ صعد إلى السماء كما صعد إيليا إلى السماء لكن سوف يأتي كلاهما، ويستشهدان في أورشليم في أيام الوحش الذي هو ضد المسيح، يأتيان ليبشران بالمسيح ويصيران شهيدين في أورشليم، لأن الكتاب يقول "وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّيْنُونَةُ" (عب9: 27) لذلك لا يمكن أن ينتهي العالم إلا عندما يموت الاثنان. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
أنتم شهودي رفع أليشع رداء إيليا الذي سقط عنه ورجع ووقف على شاطئ الأردن، وأخذ رداء إيليا الذي سقط عنه وضرب الماء وقال أين هو الرب إله إيليا، ثم ضرب الماء أيضًا فانفلق إلى هنا وهناك وعبر أليشع. والكنيسة بعد صعود السيد المسيح إلى السماء وحلول الروح القدس عليها، خرجت لتشهد بقيامة السيد المسيح من الأموات، فكانت قوة الشهادة للمسيح. وقف بطرس مع يوحنا على باب الجميل، ورأى الأعرج يسألهما صدقة "فَتَفَرَّسَ فِيهِ بُطْرُسُ مَعَ يُوحَنَّا وَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْنَا. فَلاَحَظَهُمَا مُنْتَظِراً أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا شَيْئاً. فَقَالَ بُطْرُسُ: لَيْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ وَلَكِنِ الَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ: بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ، وَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَهُ فَفِي الْحَالِ تَشَدَّدَتْ رِجْلاَهُ وَكَعْبَاهُ. فَوَثَبَ وَوَقَفَ وَصَارَ يَمْشِي وَدَخَلَ مَعَهُمَا إِلَى الْهَيْكَلِ وَهُوَ يَمْشِي وَيَطْفُرُ وَيُسَبِّحُ اللهَ" (أع3: 4-8). لذلك قال أليشع أين هو الرب إله إيليا وضرب الماء بالرداء فانشق الماء. ترك السيد المسيح للكنيسة أن تشهد لقيامته من الأموات، وحتى الكفن الذي لف به جسده في القبر انطبعت عليه صورته في لحظة القيامة ليكون شاهدًا للأجيال أن المسيح قام من الأموات، ولا يزال الكفن إلى الآن وعليه صورة المسيح وبه الجراحات كلها. وهذا أيضًا شاهد من شهود القيامة. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
وسجدوا له إلى الأرض ولما رآه بنو الأنبياء الذين في أريحا قبالته قالوا قد استقرت روح إيليا على أليشع، فجاءوا للقائه وسجدوا له إلى الأرض، وهذا السجود ليس سجود العبادة إنما سجود الاحترام، كما سجد يعقوبلعيسو أخيه عندما جاء ليسترضى وجهه إذ سجد له سبع مراتٍ (انظر تك33). وأيضًا إبراهيم أب الآباء سجد لبنى حث عندما أعطوه مغارة حقل المكفيلة ليدفن سارة امرأته (انظر تك23)، سجد لهم سجود الشكر. هناك سجود الشكر، وسجود الاعتذار، كما أن هناك سجود الاحترام، فسليمان الملك وهو جالس على عرشه عندما دخلت أمه؛ قام وسجد أمامها وأجلسها عن يمينه وسألها ماذا تطلب (انظر 1مل2).. هكذا عندما رأى بنو الأنبياء أليشع وقد استقرت عليه روح إيليا جاءوا للقائه وسجدوا له إلى الأرض، وقالوا له: "هُوَذَا مَعَ عَبِيدِكَ خَمْسُونَ رَجُلاً ذَوُو بَأْسٍ، فَدَعْهُمْ يَذْهَبُونَ وَيُفَتِّشُونَ عَلَى سَيِّدِكَ، لِئَلاَّ يَكُونَ قَدْ حَمَلَهُ رُوحُ الرَّبِّ وَطَرَحَهُ عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ أَوْ فِي أَحَدِ الأَوْدِيَةِ. فَقَالَ: لاَ تُرْسِلُوا. فَأَلَحُّوا عَلَيْهِ حَتَّى خَجِلَ وَقَالَ: أَرْسِلُوا. فَأَرْسَلُوا خَمْسِينَ رَجُلاً، فَفَتَّشُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَجِدُوهُ. وَلَمَّا رَجَعُوا إِلَيْهِ وَهُوَ مَاكِثٌ فِي أَرِيحَا قَالَ لَهُمْ: أَمَا قُلْتُ لَكُمْ لاَ تَذْهَبُوا؟" (2مل2: 16-18). |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
خمسين رجلاً ليفتشوا عليه!! أرسلوا خمسين رجلاً مسحوا المنطقة كلها ليفتشوا ظانين أنه ربما وقع إيليا من المركبة التي صعد فيها، ولعل الله سمح بهذا لئلا يقول قائل إن أليشع يدّعى أن إيليا قد صعد أو هذه القصة قد اختلقها دون أن يكون إيليا قد صعد بالفعل، ربما تكون الحقيقة أنهما فيما هما سائران وقع إيليا ميتًا فادّعى أليشع أنه قد صعد إلى السماء.. أرسلوا الخمسين رجلاَ ليمسحوا المنطقة كلها في ثلاثة أيامٍ، بينما ما حدث بين إيليا وأليشع لم يستغرق أكثر من يومٍ واحد، إذ قال بنو الأنبياء لأليشع: "الْيَوْمَ يَأْخُذُ الرَّبُّ سَيِّدَكَ مِنْ عَلَى رَأْسِكَ" (2مل2: 3)، فمن الجلجال إلى بيت إيل إلى أريحا إلى نهر الأردن، وكل هذه البلاد مناطق قريبة بعضها من بعض. ثم عبرا الأردن وبعد قليل صعد إيليا. أما أولئك الخمسون فبحثوا وفتشوا في ثلاثة أيام، وبالتأكيد رأوا آثار الأقدام على الرمال؛ وجدوا آثار أقدام لشخصين سائرين ثم لم يعد يظهر سوى آثار أقدام لشخص واحد، ومن هنا كان يمكنهم أن يحددوا المكان الذي فيه صعد إيليا، ورغم كل هذا فقد مسحوا المنطقة كلها في خلال ثلاثة أيام ولم يجدوا أي أثر لإيليا النبي. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
اطلب ماذا أفعل لك أحس بنو الأنبياء بالتغيير الذي حدث لأليشع، وما هو سر هذا التغيير؟ قال إيليالأليشع أطلب ماذا أفعل لك قبل أن أؤخذ منك. والسيد المسيح يقول: "اسْأَلُوا تُعْطَوْا. اطْلُبُوا تَجِدُوا. اقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ" (مت7: 7)، وقال أيضًا: "اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللَّهِ وَبِرَّهُ.." (مت6: 33)، "أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ يَهَبُ خَيْرَاتٍ للَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ" (مت7: 11). الله يريدك أن تطلب، حقًا إن الطلب له شروط لكن لابد أن تطلب. عندما يقول الكتاب "انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ (عب13: 7)، عليك أن تطلب أن نفس الروح والقوة التي رافقت هؤلاء القديسين؛ ترافق مسيرة حياتك. تقول له يا رب أريد قوة الشهادة التي للشهيد سيدهم بيشاى أن تكون في حياتي، أريد أن الروح التي كانت لبولس الرسول أن تكون في حياتي، أريد قوة الطهارة والعفة التي كانت في حياة السيدة العذراء والشهيدة دميانة أن تكون في حياتي.. اطلب، ماذا تريد؟ اطلب ما تريده "اسْأَلُوا تُعْطَوْا. اطْلُبُوا تَجِدُوا. اقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ" (مت7: 7). كثيرًا ما تكون طلبات الإنسان مادية؛ يطلب النجاح في امتحان، يطلب الشفاء من مرض، يطلب أن يسهل له الرب مأمورية،لكن ما نهاية كل هذه الطلبات. هل أنت تطلب أن تصير شهيدًا؟ وإن كنت تخاف من هذا فعلي الأقل اطلب أن تصير قديسًا، ليس لكي تأخذ كرامة من الناس كالقديسين، إنما تكون قديسًا لكي تؤهل لميراث ملكوت السموات، لكي تفرّح قلب السيد المسيح. |
رد: كتاب إيليا وأليشع - الأنبا بيشوي
امتلئوا بالروح الطلبة من أجل قوة الامتلاء الروحي شيء أساسي جدًا.. ربما يعترض أحد ويقول وما أهمية هذا بعد أن مُسحنا بالميرون؟ فإن رجعنا لِما حدث مع إيليا وأليشع، تجد أن إيليا قد مسح أليشع نبيًا حسب وصية الرب وحل عليه الروح القدس، لكن لماذا قال له؛ أريد نصيب اثنين من روحك علىَّ.. لقد مُسحت حقًا بالميرون؛ لكن هل أنت ممتلئ من الروح القدس؟ ما معنى هذا؟ يقول سفر الأعمال "امْتَلأَ بُطْرُسُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَقَالَ لَهُ.." (أع4: 8)، فما الداعي ليمتلئ من الروح القدس بعد أن حل عليه يوم الخمسين؟! ولكي أقرب لكم هذا المفهوم أعطيكم مثلاً من حياتنا اليومية؛ أي شخص يقول أنا وصّلت لمنزلي الماء؛ أي أن المواسير وصلت إلى المنزل. لكن لابد أن تفتح الصنبور لكي تحصل على الماء بالفعل وتملأ ما تريده من أوانٍ. لا يكفى أن تكون توصيلة المياه، حقًا بدون هذه التوصيلة لن تنال شيء وهذا يبين أهمية مسحة الميرون المقدس، لكن هناك فرق بين كونك ممسوحًا وأن تصير ممتلئاً. الامتلاء ليس له حدود، فهو بحسب ما يطلب الإنسان من الله، كما يقول الرسول: "حَارِّينَ فِي الرُّوحِ عَابِدِينَ الرَّبَّ" (رو12: 11)، "وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ" (أف5: 18)، لابد أن تمتلئ من الروح القدس. الامتلاء من الروح القدس.. عندما تصلى؛ تمتلئ من الروح القدس، عندما تقرأ الكتاب المقدس بروح التأمل والخشوع؛ تمتلئ من الروح القدس، عندما تتناول من جسد الرب ودمه؛ تمتلئ من الروح القدس وتخرج فرحًا، ولماذا تفرح؟ لأن "ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ.." (غل5: 22)، عندما تعترف بخطاياك وتأخذ الحل، تمتلئ من الروح القدس، إذا تألمت من أجل المسيح؛ تمتلئ من الروح القدس "إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ" (1بط4: 14). من أجل هذا خرج الرهبان إلى البراري وعاشوا في الصحارى وفي شقوق الأرض لكي يمتلئوا من الروح القدس، فكل إنسان لابد أن يمتلئ من الروح القدس، هكذا أخذت العذارى الحكيمات مصابيحهن ممتلئة زيتًا. ليتك كلما تذكرت سيرة قديس من القديسين تطلب منه قائلاً ليكن نصيب اثنين من روحك علىَّ أريد قوة الشهادة، قوة الامتلاء، قوة القداسة تعمل في حياتي بنعمة السيد المسيح الذي له المجد إلى الأبد، آمين. |
الساعة الآن 07:58 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025