![]() |
كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث قانون الإيمان (دستور الإيمان) هو أساس عقيدتنا المسيحية. وتؤمن به كل الكنائس المسيحية في العالم أجمع.. والذين لا يؤمنون به لا يعتبرون مسيحيين، كشهود يهوه والسبتين. ومن اهتمام الكنيسة بقانون الإيمان، جعلته جزءا في كل صلوات الأجبية بالنهار و الليل. لآن الإيمان هو عنصر أساسي في حياتنا الروحية وليس فقط في معتقداتنا لذلك رأينا أن نصدر هذا الكتاب، ليكون تفسيرا موجزا ومركزا لقانون الإيمان يدرس في الكلية الإكليريكية بكل فروعها في مصر والمهجر, ويدرس في مدارس اجتماعات الشباب. وقانون الإيمان يشمل عقائد متعددة: مثل التثليث والتوحيد ولاهوت الابن ولاهوت الروح القدس، والتجسد والفداء، المعمودية، وحياة الدهر الآتي. وبهذا فإن الدارس له يكون مستوعب عددا كبيرا من العقائد الإيمانية. وكانوا يدرسونه قديما لفصول قبل عمادهم. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
قانون الإيمان مقدمة الحقائق الإيمانية الأساسية في قانون الإيمان موجودة من قديم الزمان. عاش المسيحيون بها في الأجيال الثلاثة الأولى. ووجدت صيغ منها في قوانين الرسل، أبو ليدس، وبعض أقوال الآباء الأول. وأهمية قانون الأيمان هو أن جميع كنائس العالم المسيحي تؤمن بقانون إيمان واحد تقره جميع الكنائس ولذلك كان لابد أن يضعه مجمع مسكوني يضم ممثلي كل الكنائس المسكونة. القانون الذي بين أيدينا صيغ في مجمع نيقية المسكوني سنة 325م وهو أول المجامع المسكونية، وذلك ردا على البدعة الأريوسية التي أنكرت لاهوت المسيح. وكان يمثل الكنيسة القبطية في ذلك المجمع البابا ألكسندروس بابا الأسكندرية التاسع عشر. ومعه شماسه أثناسيوس الذي قام بصياغة كل بنود القانون وأضيف الجزء الخاص بلاهوت الروح القدس في مجمع القسطنطينية المسكوني الذي عقد سنة 381 م. ردًا على مقدونيوس الذي أنكر لاهوت الروح. كل كنائس العالم -وإن اختلفت في بعض العقائد- تؤمن بكل بنود قانون الإيمان. هذا وأية طائفة لا تؤمن بكل ما في قانون الإيمان لا تعتبر مسيحية. مثل شهود يهوه والسبتيين، الذين يؤمنون بالكتاب المقدس بعهديه (حسب ترجمه خاصة بهم). ولكنهم لا يؤمنون بكل العقائد المسيحية التي وردت في قانون الإيمان. ويشمل قانون الإيمان الحقائق الإيمانية الأساسية وهي:
|
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
بالحقيقة نؤمن والإيمان يشمل الاعتقاد و الثقة والاقتناع القلبي والتسليم الكامل عقلا وقلبًا. وقد عرفه القديس بولس الرسول بأنه الثقة بما يرجى، والإيقان بأمور لا ترى" (عب 11: 10). فنحن نؤمن مثلا بالمعجزة. وليست هى ضد العقل، بل هى مستوى أعلى من مستوى العقل. و سميت معجزة لأن العقل يعجز عن تفسيرها إلا بأن الله صانعها. إنه يقبلها، حتى إن كان لا يفهمها. وفي حياتنا العملية، من جهة العلم مثلا ومخترعاته الحديثة: توجد أشياء يقبلها العقل وإن كانت كثير من عقول الناس لا تفهمها ولا تستوعبها. ليس كل إنسان يفهم مثلا ما هى الكهرباء واللاسلكي. ولكنة يقبل ذلك دون أن يفهمه. ولا كل إنسان يفهم كيف يعمل على الكومبيوتر. ولكنه يقبله.. الإيمان لا يتعارض مع العقل. ولكنه مستوى أعلى منه. فنحن جميعا نؤمن بوجود الروح كسبب لحياة الإنسان، دون أن نراها. فإذا حدث أن إنسانا فارقته روحه يموت. العقل يقبل هذا، ولكنه لا يدرك كنه الروح. ولا يستطيع أن يعرف كل التفاصيل الخاصة بها. مثل شكلها ومعرفتها ومصيرها. ولكنه يقبل ما يقوله الإيمان عنها. قيامة الأجساد نقبلها بالإيمان. دون أن يدرك العقل كيف تتم؟ وكيف تعود الأجساد بعد أن تتحول إلى تراب. لا نفهم ذلك. وليس من المهم أن نفهم. إنما المهم أن نقبل ذلك بالإيمان. العقل يقبل ما يسلمه الإيمان لنا. الإيمان يوصلنا إلى مرحلة أعلى من العقل. ثم يأخذ العقل هذه المرحلة ويشرحها. والأمور التي هى فوق العقل، يتسلمها الإيمان من الوحي، من الكتب المقدسة، حسبما كلم الله الأنبياء. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
نؤمن أي أنه ليس مجرد إيمان ورثناه عن آبائنا لأنهم كانوا مؤمنين، ولا عن أمهاتنا. وإنما نحن نؤمن بالحقيقة، باقتناع قلوبنا. بكل حق وبكل صدق. والإيمان يحتاج إلى تسليم، وبساطة. بعض الناس كبرت عقلياتهم ففقدوا بساطة الإيمان! الطفل يؤمن، لأنه لم يصل إلى مرحلة الشك التي تسأل عن كل شيء، وتجادل في كل شيء. تعلمه الصلاة فيصلى معك، و يكلم الله في صلاته، دون أن يسألك: من هو هذا الإله الذي أكلمه وأنا لا أراه لذلك أنا أتعجب من البروتستانت الذين يقولون: لا نعمد الطفل لأنه غير مؤمن. ليتكم لكم إيمان الأطفال!! عجيب أن ينمو العقل على حساب الإيمان. و كلما ينمو، يشك ويناقش.. لذلك من الأفضل أن نغرس كل قواعد الإيمان في نفس الطفل منذ حداثته. الطفل الذي يكون الإيمان عنده أقوى من العقل، أو الإيمان عنده يسبق العقل في درجاته. مسكين العقل الذي يعيش بدون إيمان. في إحدى المرات كان أحد الفلاسفة الملحدين سائرًا، فمر على مزرعة، ورأى فلاحًا راكعا على الأرض ورافعا يديه إلى فوق، يصلى بكل حرارة. فتعجب الفيلسوف وقال: أنا مستعد أن أتنازل عن فلسفتي، لمن يعطيني إيمان هذا الفلاح البسيط، الذي يكلم كائنا لا يراه.. ! وبكل حرارة ومن كل قلبه.. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
نؤمن بإله واحد إننا نؤمن بالثالوث القدوس، ومع ذلك نؤمن بإله واحد. وحينما نقول "باسم الأب والابن والروح القدس، نقول بعدها "إلهٌ واحد أمين" والإيمان بإله واحد، هو في أول وصية من الوصايا العشر، إذ يقول الرب " أنا الرب إلهك.. لا تكن لك آلهة أخرى أمامي" (خر20:3) (تث5: 6،7). وما أكثر الآيات الخاصة بوحدانية الله في سفر أشعياء النبي، إذ يقول" أنا الرب وليس غيري. قبلي لم يصور إله، وبعدى لا يكون" (أش 44: 6،9) (أش 46: 9) (أش 48: 12). و العهد الجديد يتحدث أيضا عن التوحيد. فيقول "الذين يشهدون السماء هم ثلاثة: الآب والكلمة والروح القدوس. وهؤلاء واحد" (1يو 5:7). وفي رسالة يعقوب الرسول "أنت تؤمن بإله واحد. حسنا تفعل، والشياطين أيضا يؤمنون و يقشعرون" (يع 2: 19). ويقصد هنا الإيمان العقلي وليس القلبي والفعلي. فالذي لا يؤمن بإله واحد هو في مستوى من الإيمان أقل من الشياطين! والسيد المسيح حينما قال ".. وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدوس" (مت 28: 19)، قال باسم وليس بأسماء.. نحن لا نؤمن بتعدد الآلهة، إنما بإله واحد. فإن قال أحد كيف يكون الثلاثة واحدا؟! أليس الحساب يقول إن 1+1+1=3 وليس واحدا. نقول: ولكن 1 ×1×1 =1 وليس ثلاثة. فالابن مثلا يقول أنا في الآب والآب في (يو10: 14) ويقول "أنا و الآب واحد" (يو10: 30) نحن لا نشرك بالله. لا نجعل له شريكا في لاهوته والثالوث القدوس لا يعنى تعدد الآلهة. وإنما يعنى فهم التفاصيل في الذات الإلهية الواحدة. فالله له ذات إلهية، وعقل، وروح. والله بعقله وروحه كيان واحد. كما أن الإنسان الذي خلق على صورة الله، له ذات بشرية وعقل وروح، والثلاثة واحد. كذلك النار: نلاحظ فيه ذات النار، وما يتولد منها حرارة وما ينبثق منها من نور. والنار وحرارتها ونورها كيان واحد. وكذلك الشمس بحرارتها ونورها كيان واحد. الآب هو الذات الإلهية، والابن هو عقل الله الناطق، أو نطق الله العاقل، هو حكمة الله (1كو23، 24). والروح القدس هو روح الله. وواضح أن الله وروحه كيان واحد. والله وعقله كيان واحد.. والذي يؤمن بتعدد الآلهة، يتعارض مع المنطق في فهم اللاهوت. فإن كان هناك عدد من الآلهة، فمن منهم الأقوى. إن كان واحد منهم أقوى يكون هو الله، والباقيان ليسا إلهين. وإن كان الكل في قوة واحدة، يكون كل منهم محدود بقوة الآخرين. أي يقوى على كل الكائنات، ما عدا من يشاركه في الألوهية. وهكذا لا يكون أحد من هذه الآلهة إلهًا، لأنه لا يوجد واحد منهم قادرًا على كل شيء. ونفس الوضع بالنسبة إلى الخلق: إن وجد عدد من الآلهة، فمن منهم الخالق؟ إن كان واحد منهم هو الخالق وحده، يكون هو الله، والخليقة كلها تتبعه لأنه هو خالقها، ولا تكون الآلهة الأخرى آلهة.. وإن كان هذا الخالق هو خالق الكل، فهل خلق باقي الآلهة؟ إن كان قد خلقهم، لا يكون آلهة. وإن كان لم يخلقهم، تكون قدرته على الخلق محدودة بباقي الآلهة. وإن كان هو محدودًا، لا يكون إلهًا. وهكذا في تطبيق باقي الصفات الإلهية.. ونخرج بنتيجة منطقية حتمية، وهي الإيمان بإله واحد. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
الله الآب هنا يبدأ قانون الإيمان في التحدث عن كل أقنوم على حدة من الثلاثة أقانيم للثالوث القدوس. ويبدأ بالله الآب. الله الآب، هو آب في الثالوث القدوس، وهو أب لكل المؤمنين به. هو الذات الإلهية الذي لم يره أحد. فقد ورد في (يو1: 18) "الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبر"، أي أعطى خبرًا عنه. فنحن لا نرى الأب، إنما نراه في ابنه الذي تجسد وصار في الهيئة كإنسان في شبه الناس (في 2: 7، 8) ولذلك فإن كل الظهورات في العهد القديم، كانت للابن. لأن الآب لم يره أحد قط. قد يخطئ البعض ويظن أن الله أعطانا البنوة في العهد الجديد فقط. أما في العهد القديم سيدًا لا أبًا. و هذا خطأ. فالله في العهد القديم أعلن لنا أبوته أيضا. فهو يقول في سفر إشعياء النبي "رَبَّيت بنين ونشأتهم. أما هم فعصوا على" (أش1: 2) والمؤمنون به قالوا له "والآن يا رب أنت أبونا. نحن الطين وأنت جابلنا" (أش 64: 8) بل قبل قصة الطوفان مباشرة يقول الكتاب: "رأى أبناء الله بنات الناس أنهن حسنات" (تك 6: 2). فأبناء شيث دعوا أبناء الله، تميزًا لهم عن نسل قايين، الذي دعيت بناته بنات الناس.. وفي سفر الأمثال يقول الرب "يا ابني أعطني قلبك" (أم 23:26) الله في العهد القديم كان سيدا وأبًا. وفي العهد الجديد كان كذلك أيضًا. هو هو لم يتغير علاقته بالبشر.. على أن أبوته لنا، غير أبوته لأقنوم الابن في الثالوث القدوس، كما سنشرح عندما نتعرض لعبارة (الابن الوحيد) وما دام هو أب لنا يعاملنا كما يعامل الأب أولاده، كذلك يجب أن نعامله كأب بكل حب واحترام وخضوع.. إنه أب لنا منحنا البنوة له حينما ولدنا له في الماء والروح " بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس" (تي3: 5) إنه الله الآب ضابط الكل. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
الله ضابط الكل أي أنه يضبط كل الكائنات. لا يخرج شيء عن رقابته وعن تدبيره. وعبارة (الكل) تشمل السمائيين والأرضيين، سواء كانت الكائنات العاقلة أو الجامدة، الكل تحت ضبطه. كما تشمل أيضا الملائكة والشياطين. و لكن الله من فرط رحمته و حنانه، وهبنا حرية الإرادة. و بحرية الإرادة يمكننا أن نطيع أو نعصي وصاياه. ولكن أعمالنا كلها تحت ضبطه، مكتوبة أمامه في سفر التذكرة (مل 3: 16) وسوف يحاسبنا عليها يوم يأتي ليجازى كل واحد حسب أعماله (مت16:27). وقد يجازى عليها علي الأرض أيضا، كما سجل لنا الكتاب عقوبات كثيرة لله، منها عقوبة الطوفان (تك6) وعقوبة سادوم وعمورة (تك 19). ومعاقبة قو رح وداثان وأبيرام (عد16) ومعاقبته لفرعون مصر بضربات كثيرة، ثم بالغرق في البحر الأحمر (خر16). بل ذكر الكتاب أيضا معاقبة الله لأحبائه الذين أخطأوا مثل عقوبته لداود (2صم12). الشيطان أيضا ليس إلها للشر، بل هو مخلوق تحت سيطرة ضابط الكل. إن أراد الله أن يوقفه عن العمل، أو يضع له حدودا لا يتجاوزها فإنه يستطيع ذلك. وفي قصه أيوب الصديق، نجد الشيطان يأخذ إذنا بتجربة أيوب. ولا يجرب أيوب إلا في الحدود التي يسمح بها الله. ففي التجربة الأولي سمح له الله أن يمد يده إلي مال أيوب وبيته، فلم يتجاوز ذلك (أي1). وفي التجربة الثانية سمح له أن يمد يده إلي جسد أيوب، ولكن لا يمس نفسه (أى 2: 6). وكان كذلك. في قصه لجيئون، طلب الشياطين من الرب أن يأذن لهم بالدخول في الخنازير " فأذن لهم (مر 5: 12، 13). إذن لم يكن في سلطانهم حتى أن يدخلوا في الخنازير إلا بإذنه. ويحكي لنا سفر الرؤيا أن الله أرسل ملاكه فقيد الشيطان ألف سنة وبعدها حله من سجنه (رؤ20: 2، 7). و نري أن الرب أعطي تلاميذه السلطان أن يخرجوا الشياطين (مت 10:1). وفرح التلاميذ قائلين له "حتى الشياطين تخضع لنا باسمك" (لو 10:17). وقد أعطانا الرب "السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو" (لو 10: 19). و المقصود بالعدو هنا: الشيطان. إذن لا نخاف من الشيطان، مادام تحت سيطرة ضابط الكل. و لكن لعل إنسانا يسأل: إن كان الله ضابط الكل، فلماذا تحدث كل المتاعب والأضرار في الكون؟! ولقد سأل ارميا النبي سؤالا مشابها، فقال للرب "أبر أنت يا رب من أن لأخاصمك. ولكني أكلمك من جهة أحكامك. لماذا تنجح طريق الأشرار؟! اطمأن كل الغادرين غدرا" ( أر 12: 1). أو كما قال جدعون للملاك " أسألك يا سيدي: إذا كان الرب معنا فلماذا أصابتنا كل هذه؟! (قض6: 13). نقول إنه ربما تكون للرب حكمة في ذلك، ليعطي البعض بركة من التجربة أو نعمة الاحتمال فيسمح بالتجربة ويكون معنا فيها، كما حدث ليوسف الصديق.. هنا ونقول: إن هناك فرقًا بين إرادة الله وسماحه. إرادة الله هي خير مطلق. ومع ذلك فهو يسمح للكائنات العاقلة بحرية التصرف في حدود. وقد يخطئون ويسببون أضرارا، وهذا كله بسماح من الله وفي كل ذلك فإن الرب يرقب كل تصرفاتهم، و يحاسب ويعاقب كضابط للكل. ويصحح. وقد يطيل أناته عليهم. وقد يتدخل الله، ويوقف عمل الأشرار. فحرية الإرادة الممنوحة لهم ليست حرية مطلقة بل هي حرية تحت رقابة ضابط الكل الذي صرخ إليه داود وأصحابه مرة قائلين "حمق يا رب مشورة أخيتوفل" (2صم 15: 31). وفعلا بطلت مشورة أخيتوفل. وقد تدخل الرب مرارًا فأنقذ قديسيه من مؤامرات الأشرار. وقد تغني داود بهذا فقال "لولا أن الرب كان معنا -حين قام الناس علينا- لابتلعونا و نحن أحياء.. نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ أنكسر ونحن نجونا. عوننا من عند الرب الذي صنع السماء والأرض" (مز124). لقد تدخل الرب ونجي داود من مؤامرات شاول الملك، ونجي مردخاى من مؤامرة هامان (أش 7: 10). ونجي الكنيسة كلها من الدولة الرومانية. وأمثلة تدخل الله لإيقاف مؤامرات الأشرار. كثيرة، سواء في الكتاب أو التاريخ. الله يسمح للظالم أن يظلم. و مع ذلك لا يفلت الظالم من يده. والرب يحكم للمظلومين. سمح الله لشاول الملك أن يظلم داود ولم يفلت شاول من قضاء الله فمات هو وبنوه في جبل جلبوع وقطعوا رأسه، ونزعوا سلاحه. وسمروا جسده علي سور بيت شان (1صم 31: 8- 10). وأبشالوم ظلم داود أباه. ولم يفلت أبشالوم من قضاء الله. ففي الحرب تعلق شعره بالبطمة. وضربه موآب بثلاثة سهام في قلبه وهو بعد حي وأحاط به. عشرة غلمان حاملوا سلاح يوآب بثلاثة وضربوا أبشالوم ومات ((2صم 18: 9- 15)) لقد سمح الله أن يقوم قايين علي أخيه هابيل ويقتله. ومع ذلك لم يترك الله قايين بدون عقاب، فلعنه وتركه تائهًا وهاربًا في الأرض. كل من وجده يقتله ((تك 4: 10-14)). لو قرأنا عن نهاية مضطهدي الكنيسة، لرأينا عجبًا.. الله ضابط الكل، لا يفلت أحد من مراقبته ومن معرفته. ولا يفلت أحد من سلطانه ومن دينونته ومعاقبته ومن معرفته. ولا يفلت أحد من سلطان ومن دينونته ومعاقبته.. إنه يضبط كل شيء، ليس الأفعال فقط، بل أيضًا الأفكار والنيات. يضبط حتى الجنين في بطن أمه يضبط الخفيات والظاهرات، ما يري وما لا يري فلا تحزن لأجل ضيقات حلت بك. الله لابد سيتدخل ويقيم العدل علي الأرض ويحكم للمظلومين. أنه هو الذي عاقب آخاب وايزابل علي قتل نابوت اليزر عيلي (1مل 21). ومع ذلك فإن ضيقات كثيرة وبلايا وتجارب وأضرارًا، منعها الله عنا قبل وصولها إلينا، ونحن لا ندري. إننا للأسف نشكر فقط علي المتاعب المرئية التي ينقذنا الله منها. ولكننا لا نشكر علي منعه للمتاعب غير المرئية قبل وصولها إلينا، وربما تكون أكثر. منعها عنا ضابط الكل. أما التجارب والمتاعب التي يسمح بها، فلعله ينطبق عليها قول الكتاب ((كل الأشياء تعمل معًا للخير، للذين يحبون الله)) ((رؤ 8: 28)) أو قول الكتاب أيضًا "احسبوه كل فرح يا أخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة" (يع 1: 2). فإن عرفت أن الله ضابط الكل، اعرف أنه ليس فقط يضبط ما يحدث لك، وإنما أيضًا ما يحدث منك: إنه يقرأ أفكارك. ويفحص قلبك، يعرف نياتك، وكل مشاعرك. وليس شيء خافيًا عليه الذي قال لكل واحد من ملائكة (رعاة) الكنائس السبع ((أنا عارف أعمالك)) ((رؤ 2، 3)) إن عرفت هذا، لابد أن يدركك الاستيحاء من كل عمل خاطئ تعمله، ومن كل فكر في قلبك الله عالم به وهكذا تخجل من الله ضابط الكل، خالق السماء والأرض. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
الله خالق السماء والأرض كلمه (خالق) هى صفه لله وحده. وتعني أنه يوجد مخلوقات من العدم، من اللاموجود. أقصى ما يصل إليه العقل البشرى أن يكون صانعًا لا خالقًا. نعم، هذا الإنسان في قمة ذكائه وعمله ومعرفته. هذا الذي صنع سفن الفضاء ووصل بها إلى القمر، والذي نبغ في التكنولوجيا إلى أبعد الحدود. إنه مجرد صانع لا خالق. صنع كل ما اخترعه، من المادة التي خلقها الله. وصنع الإنسان كل ما صنع، بعقل خلقه الله. لذلك إن أثبتنا أن السيد المسيح خلق أشياء، إنما بهذا نثبت لاهوته. لأنه لا يوجد خالق إلا الله وحده. وهنا نسأل: حتى في بدء قصه الخلق (في تك1، 2) من الذي خلق هذا الكون؟ هل هو الآب أم الابن؟ ونجيب: الآب خلق كل شيء بالابن. مادام الابن هو عقل الله الناطق، أو نطق الله العاقل، ومادام هو حكمه الله وقوه الله(1كو1: 23،24) إذن الله قد خلق كل شيء بعقله بنطقه بكلمته بحكمته، أي بالابن. وهكذا يقول القديس بولس الرسول عن الابن "الذي به أيضا عمل العاملين" (عب 1:2) "الكل به وله قد خلق" (كو1: 16) ويقول القديس يوحنا في بدء إنجيله " كل شيء به كان. وبغيره لم يكن شيئا مما كان" (يو1: 3) أليس هو عقل الله الناطق. والله وعقله كيان واحد.. فأنت مثلا إن حللت مشكله، هل تكون أنت الذي حللت أم عقلك؟ أنت حللت المشكلة، وعقلك حلها. وأنت حللتها بعقلك. مادام الله قد خلق كل شيء فكل شيء تحت سلطانه وطبعا الذي خلق من العدم يمكنه أن يقيم من الموت. لقد خلق الله السماء والأرض منذ البدء (تك 1: 1) |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
السماء والأرض السماء لغة هى كل ما يسمو، أي ما يرتفع. وقد أطلقت اصطلاحا علي أعلى ما ترتفع إليه أبصارنا.. وهنا نسأل: هل هناك سماء واحدة أم عدة سماوات؟ ورد في أول آية في الكتاب المقدس "في البدء خلق الله السماوات والأرض" (تك 1: 1). أي أن هناك سموات ونحن نصلى ونقول" أبانا الذي في السموات" (مت6: 9) ويحكي لنا القديس بولس الرسول إنه "أختطف إلى السماء الثالثة" (2كو12: 2). وذكر أن هذه السماء الثالثة هي الفردوس (2كو12: 4). إن كانت الفردوس هى السماء الثالثة، فما هى السماء الأولى والثانية؟ السماء الأولي هي هذا الغلاف الجوى المحيط بالأرض. نسميها سماء الطيور أي التي تسبح فيها الطيور كما قيل "كالنسر يطير نحو السماء "(أم23:5). وكذالك الطائرات التي تمخر عباب السماء. أما السماء الثانية فهي الفلك الذي توجد فيها الشمس والقمر والنجوم والمجرات وسائر الكواكب. ولا تستطيع طائره أن تقترب من الشمس، وإلا فإنها تحترق. وإن كانت سفن الفضاء استطاعت أن تصل إلى القمر، فإن مناطق عديدة جدًا في الفلك لا يستطيع الإنسان أن يصل إليها. والحديث عن النجوم والشهب والمجرات، هو حديث مذهل ومبهر، مع أن الإنسان لم يصل إلا إلى قليل من المعرفة في هذا المجال. فوق هذه السماوات الثلاث توجد "سماء السموات". وهي التي يوجد فيها عرش الله. وعنها قال السيد الرب "لا تحلفوا ألبته: لا بالسماء لأنها كرسى الله" (مت5: 34) أي عرشه. وهى التي قال عنها لنيقوديموس " ليس أحد صعد إلي السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو 3: 13). لقد صعد إيليا إلي السماء. ولكن ليس إلي هذه "سماء السموات "، الخاصة بالله وحده.. وقد ذكر سليمان الملك سماء السموات في صلاته يوم تدشين الهيكل. فقال للرب "هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك. فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت" (1مل 8: 27). وهنا نذكر سماء السموات في التسبحة. فنقول مع داود النبي في المزمور "سبحوا الرب من السموات، سبحوه في الأعالي.. سبيحه يا سماء السموات.." (مز148: 1، 4). ومع كل هذه، أطلق علي كل هذه السموات، لقب سماء. لسموها كلها وارتفاعها. وهكذا قيل في الوصايا العشر عن الراحة في اليوم السابع: "لأنه في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها. واستراح في اليوم السابع" (خر 20: 11). وقيل عنها (صنع). لأنه خلق أولا المادة. ومنها صنع هذه السماء التي نراها،وهذه الأرض التي نسكنها.. وعبارة "خلق الله السموات والأرض" تعني خلقها وكل سكانها تعني أنه خلق السماء وكل الملائكة والأجناد السماوية، وكل صفوفها وطبقاتها وطغماتها.. الملائكة، ورؤساء الملائكة، والأرباب والعروش والسلاطين" (كو1: 16). والشار وبيم و السارافيم وكل الجمع غير المحصي الذي للقوات السمائية. (وخلق الأرض) تعني أيضا كل ما عليها. خلق الكل "ما يري وما يري" (كو 1: 16) |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
الله خالق ما يُرى وما لا يُرى عبارة "ما يُرى" سهلة الفهم. فماذا تعني عبارة ما لا يرى"؟ المقصود بعبارة ما لا يرى، الذي لا يرى بواسطتنا نحن، بحواسنا البشرية. لذلك لأن حواسنا البشرية ترى المادة فقط أما ما يخرج عن نطاق المادة فلا نراه. 1- فمثلا من ضمن "ما لا يُرى" الأرواح. ومن الأرواح: الملائكة (مز104: 4). فملائكة كثيرون يحيطون بنا ونحن لا نراهم. ولكن إذا اتخذ الملاك شكلا، فنحن نرى هذا الشكل. أما الملاك من حيث طبيعته كروح، فإننا لا نراه. و بنفس الوضع: الشياطين لأنها هي أيضا أرواح، أرواح شريرة، أو أرواح نجسة (مت10: 1، 8). فهي تحاربنا ولكننا لا نراها. أما إذا ظهر الشيطان في شكل معين، فإننا نراه في هذا الشكل. ولكننا لا نراها بطبيعته كروح أنت أيضا كإنسان: فيك ما يرى وهو الجسد، وما لا يرى أي الروح التي لا نراها وهى تخرج من الجسد وقت الموت. أما إذا ظهرت لنا روح قديس (في معجزه مثلا). فلابد أن يتخذ القديس شكلًا تدركه حواسنا المادية.. 2-هناك أيضا أشياء دقيقة جدا أو بعيدة جدا، لا تستطيع أبصارنا المادية أن تراها، ولكنها ترى بأجهزة. مثال ذلك الميكروبات التي لا ترى بالعين المجردة، ولكن يمكن أن نراها بالميكروسكوب أو بأجهزة أخرى. نشكر الله أن بصائرنا لا تراها، وإلا ما كنا نستطيع أن نعيش، وبخاصة في أجواء يكثر فيها التلوث. حتى الهواء مملوء بذرات. من حسن حظنا أننا لا نراها. أشياء أخرى بعيدة، لا نراها بسبب بعدها. ولكن يمكن رؤيتها بأنواع من التيلسكوبات. وبخاصة بالنسبة إلي الأجرام السماوية وما فيها. ومركبات الفضاء استطاعت أن ترى في رحلاتها ما لم يكن يرى من قبل ولكن ما رأته الأقمار الصناعية ومكوكات الفضاء هو شيء ضئيل جدا جدا من عالم الفلك الذي تدخل تفاصيله في نطاق ما لا يرى. 3- هناك أشياء أخرى لا ترى حاليا، لأنها مخفاة. ولكن بعضها يمكن أن نراه بطرق الكشف: مثال ذلك كل ما يوجد في باطن الأرض من المعادن، التي بعض منها أمكننا أن نراه بوسائل الاستكشاف العديدة والحفر. وهكذا أمكننا أن نستخرج من باطن الأرض ومن صخورها الذهب والنحاس والمنجنيز والماس، وما إلى ذلك مما كان لا يرى من قبل. يضاف إلي ذلك ما كشف عنه البحث من آبار البترول والغاز الطبيعي. كذلك ما لم يكن يرى في أعماق البحار، وأمكن استخراجه. وأصبح الآن يرى. وكان قبل ذلك لا يرى. يمكننا أن نضيف إلي هذا البند أيضا أشياء كانت في جوف الإنسان لا ترى. أصبحت ترى بواسطة الأشعة والكاتسكان والـMRI وغير ذلك من الأجهزة الطبية. 4- هناك خواص أوجدها الله في طبيعة الإنسان، وهي لا ترى. ولكن عملها يظهر. مثال ذلك العقل: أنت لا تراه، ولكن عمله يظهر ويدل عليه. والضمير أيضًا لا نراه، ولكن عمله يدل عليه. 5- كذلك المواهب التي يمنحها الله للإنسان. أنت لا ترى الموهبة، ولكنك ترى عملها.. فالله قد يهب بعض الناس الحكمة أو الإيمان (1كو 12) ونحن لا نرى الحكمة ولا الإيمان. ولكن نرى عملهما الذي يدل علي وجود كل منهما.. إلى هنا ينتهي الجزء الخاص بالآب في قانون الإيمان. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
نؤمن برب واحد ويبدأ بعد ذلك الكلام عن الابن. وأول ذلك: نؤمن برب واحد يسوع المسيح. كلمه رب معناها سيد، و معناها إله، مثلما نقول في صلواتنا يا رب بمعني يا الله.. وقد استخدمت كلمه رب في قانون الإيمان بمعني إله والسيد المسيح أطلقت عليه كلمه (رب)، في الإنجيل المقدس بتعبير يدل علي لاهوته. مثال ذلك قوله عن يوم الدينونة الرهيب: "كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: يا رب يا رب، أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين ، وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟! فحينئذ أصرح لهم إني لم أعرفكم قط. اذهبوا عنى يا فاعلي الإثم" (مت7: 22، 23) واستخدم نفس اللقب (يا رب) في الدينونة واضح في (مت25: 37، 44). قيل له ذلك وهو جالس علي كرسي مجده ليدين (مت25: 31) كذلك قال له القديس اسطفانوس في وقت استشهاده أيها الرب يسوع إقبل روحي (أع7: 59). وكذلك استخدم لقب (رب) في مجال الخلق تعبيرا عن لاهوته. فقال الرسول "ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء ونحن به" (1كو 8: 6). وقيل أيضا إنه "رب السبت" (مت 12: 8) وقيل أيضا أنه "رب المجد" (1كو 2: 8). واستخدم لقب (رب) بالنسبة إلي السيد المسيح في مجالات المعجزة.ومن أجمل ما يقال في هذا المجال أن ربنا يسوع المسيح لم يلقب بكلمة رب فقط، إنما أيضا رب الأرباب (رؤ 19: 16). وتكرر ذلك أيضا في (رؤ17: 4) "رب الأرباب وملك الملوك" وهذا اللقب خاص بالله وحده. كما قيل في سفر التثنية " لأن الرب إلهكم، هو إله الآلهة، ورب الأرباب، الإله العظيم الجبار المهوب" (تث10: 17) ولئلا يظن البعض أن استخدام كلمة (رب) بدلا من كلمة (إله) هو أن السيد المسيح أقل من الآب!! نرد قائلين: 1- قانون الإيمان ذكر اللقبين بالنسبة إلي السيد المسيح: رب وإله. فكما قيل "نؤمن برب واحد يسوع المسيح" قيل بعدها "إله حق من إله حق". وهذا يذكرنا بقول القديس توما له بعد القيامة "ربى وإلهي" (يو 20: 28). 2- كما أن كلمة (رب) أطلقت علي كل من الأقانيم الثلاثة: كما أطلقت علي الابن أطلقت أيضًا على الآب وعلى الروح القدس فعن الآب قيل "فدخل الملك داود وجلس أمام الرب وقال.. يا رب من أجل عبدك داود وحسب قلبك فعلت كل هذه العظائم. يا رب ليس مثلك، ولا إله غيرك" (1 أي 17: 16، 19، 20). وقيل عن شاول الملك "وذهب روح الرب من عند شاول. وبغتهُ روح رديء من قبل الرب" (1صم 16: 4). أنظر أيضا (أش 61: 1). وفي قانون الإيمان قيل أيضا عن الروح القدس "الرب المحيي". إن كل واحد من الأقانيم الثلاثة رب وإله. 3- عبارة "نؤمن بإله واحد: الله الآب" يمكن أن تفهم بأننا نؤمن بإله واحد، الذي هو الثالوث القدوس: ثم بعد ذلك يدخل قانون الإيمان في تفاصيل الثالوث. فيقول الله الآب، ثم بعد ذلك رب واحد يسوع المسيح.. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
نؤمن برب واحد يسوع المسيح كلمه يسوع معناها مخلص. وقد قيل في البشارة بميلاده "وتدعو أسمه يسوع، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم" (مت 1: 21) أما كلمه المسيح فتعني رسالته باعتباره ملكا وكاهنا ونبيا. وقد ورد عنه في نبوءة أشعياء "روح السيد الرب علي. لأن الرب مسحني لأبشر المساكين. أرسلني لأعصب منكسري القلوب. لأنادى للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق" (أش 61: 1 ) وكلمة (مسيح) كانت تطلق علي كل من يمسح بالزيت المقدس بواسطة الأنبياء. سواءً كان كاهنًا أو ملكًا أو نبيًا. فهارون رئيس الكهنة مسح كاهنا بواسطة موسى النبي حسب أمر الرب له "وتلبس هرون الثياب المقدسة وتمسحه وتقدسه ليكهن لي. وتقدم بنيه وتلبسهم أقمصة، وتمسحهم كما مسحت أباهم ليكهنوا لي" (خر 40: 13، 14) وهكذا فعل موسى " صب من دهن المسحة علي رأس هرون ومسحه لتقديسه" (لا8: 12) وكان الملوك أيضا يمسحون بدهن المسحة. كما مسح صموئيلشاول ملكا، فحل عليه روح الرب" (1صم 10: 1، 10) وكما مسح أيضا داود ملكا، فحل عليه روح الرب كذلك (1 صم 16: 13 ) ومن أمثله مسح الأنبياء أمر الرب لإيليا النبي " وامسح أليشع.. نبيا عوضا عنك (1مل 19: 16). وكان كذلك. وكل من هؤلاء الممسوحين كان يدعى مسيح الرب. ولما اضطهد شاولالملك داود و أراد أن يقتله. ثم وقع في يد داود. وأشار أصحاب داود عليه أن يقتل شاول، امتنع عن ذلك وقال " حاشا لي من قبل الرب أن أعمل هذا الأمر بسيدي مسيح الرب فأمد يدي إليه. لأنه مسيح الرب هو" (1صم 24: 6). والسيد الرب لقب هؤلاء بكلمة (مسحائي) وهكذا قال الرب "لا تمسوا مسحائي"، ولا تسيئوا إلي أنبيائي" (مز105: 15) أما ربنا يسوع المسيح، فلم يكن مجرد مسيح، أي أحد المسحاء. بل كان المسيح. وكانوا يسمونه أيضا (المسيا). وهكذا قالت المرأة السامرية "أنا أعلم أن المسيا الذي يقال له المسيح يأتي. فمتي جاء ذاك يخبرنا بكل شيء ( فقال لها: أنا الذي أكلمك هو) (يو4: 25، 26). ثم قالت المرأة لأهل السامرة "هلموا انظروا إنسان قال لي كل ما فعلت. ألعل هذا هو المسيح" (يو4: 29). ولما استمع إليه أهل السامرة قالوا "نحن قد سمعنا ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم" (يو4 :42) والسيد المسيح تميز عن كل أولئك المسحاء بأنه "مسح بزيت البهجة أفضل من رفقاءه" (عب 1: 9). وبأنه جمع الوظائف الثلاثة الخاصة بالمسحاء فكان ملكًا وكاهنًا ونبيًا في نفس الوقت. كما أنه كان المسيح يسوع أي مخلص العالم. اليهود كانوا ينتظرون المسيا (المسيح المخلص). وهكذا أراد القديس يوحنا الرسول بمعجزاته التي انفرد بها أن يثبت أن يسوع هو المسيح. فقال في أواخر إنجيله "وآيات آخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح. ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه" (يو 20: 30، 31). وطبعًا هذا المسيح الذي ينتظرونه هو الذي تتركز فيه كل نبوءات العهد القديم ورموزه... نلاحظ أن السيد المسيح لم يلقب نفسه باسم يسوع المسيح، إلا في يوم خميس العهد، في حديثه الطويل مع الآب قبل ذهابه إلي بستان جثسيماني (يو 17: 3) أما الآباء الرسل، فقد كرروا هذا اللقب كثيرا في الحديث عنه فكانوا يقولون " يسوع المسيح ربنا" (رو1: 4) " نعمه ربنا يسوع المسيح.. تكون مع جميعكم" (2كو 13: 14) " يسوع المسيح له المجد إلي الأبد آمين" (رو16: 27 ) " بولس الرسول يسوع المسيح" (2كو 1: 1). والأمثلة كثيرة جدا، لا داعي لحصرها. عجيب أن البعض لا يدعو السيد الرب إلا بكلمة (يسوع) ناسيا لاهوته وأمجاده كلها، وربوبيته، وأنه المسيح. ولكن الرسل كرروا كثيرًا عبارة "ربنا يسوع المسيح" ونحن نقول في مقدمة قراءة الإنجيل في الكنيسة "ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كلنا. ربنا يسوع المسيح الذي له المجد إلي الأبد، آمين لذلك نرجو إجلالا للرب أننا لا نستخدم مجرد كلمة يسوع. نتابع قانون الإيمان إذ يقول: نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
يسوع المسيح ابن الله الوحيد عبارة (الوحيد) لتمييزه عن بنوتنا نحن لله. فهو الوحيد الذي هو ابن الله من نفس طبيعته وجوهره ولاهوته. وقد وردت عبارة ابن الله الوحيد في الآيات الآتية: (يو 1: 18) "الآب لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خَبَّر. أي أعطي خبرًا عنه. أي عرفنا به، إذ يقول "من رآني فقد رأي الآب" (يو 14: 9). (يو 3: 16) "هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد. لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية". (يو 3: 18) "الذي يؤمن به لا يدان. والذي لا يؤمن به قد دين، لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد" (1 يو 4: 9) "بهذا أظهرت محبة الله فينا: أن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلي العالم لكي نحيا به (يو 1: 14) " و الكلمة صار جسدا وحل بيننا. ورأينا مجده كما لوحيد من الأب مملوءًا نعمة وحقًا"، أي باعتباره وحيدًا للآب. عبارة (ابن الله الوحيد) تميزه عن جميع البشر الذين دعوا أبناء الله، وهم ليسوا من طبيعته.. فنحن أبناء الله بمعني المؤمنين به. كما قيل في بدء إنجيل يوحنا "وأما كل الذين قبلوه، فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه" (يو 1: 12). أو دعانا الله أبناء له، من فيض محبته لنا. وهكذا يقول القديس يوحنا الرسول "انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعي أولاد الله" (1 يو 3: 1) أو أن بنوتنا لله هي نوع من التبني. كما قال القديس بولس الرسول "ولما جاء ملء الزمان، أرسل الله أبنه مولودًا من امرأة، مولودا تحت الناموس، ليفتدى الذين تحت الناموس، لننال التبني" (غل4: 3، 5). أنظر أيضا (رو8: 23) ولكننا لسنا أبناء من طبيعة الله ولسنا من جوهره. الوحيد الذي هو من طبيعة الله ومن جوهره ومن لاهوته هو ربنا يسوع المسيح. لذلك دعي أيضا (الابن). مجرد كلمة (الابن) تعني ابن الله الوحيد.. وهكذا قيل في إنجيل يوحنا "الله يحب الابن، وقد دفع كل شي في يده. الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية. والذي لا يؤمن بالابن، لن يري حياة بل يمكث عليه غضب الله" (يو 3: 35، 36). وقيل في نفس المعني "لأن الأب لا يدين أحدا بل قد أعطي كل الدينونة للابن. لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب" (يو 5: 22، 23). وقيل أيضا "كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي، كذلك الابن أيضا يحيي من يشاء" (يو 5: 2). وكلها - كما هو واضح - آيات تدل علي لا هوت الابن. يؤكد نفس المعني بلاهوته (عن طريق عبارة الابن) قول الرب في حواره مع اليهود " إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارا (يو 8: 36 ). وقيل أيضًا "من له الابن، فله الحياة. ومن ليس له ابن الله، فليست له الحياة" (1 يو 5: 12) وهكذا قال الرب عن نفسه "كل شيء دفع إلي من أبي. ليس أحد يعرف من هو الابن إلا الآب ولا من هو الآب إلا الابن، ومَنْ أراد الابن أن يعلن له" (لو 10: 22). وبهذا استخدمت عبارة (ابن الله) للدلالة علي ربنا يسوع المسيح وحده. كما ورد في (1 يو 5: 12). وكما ورد في سؤال السيد المسيح للمولود أعمي "أتؤمن بابن الله؟" فأجاب "مَنْ هو يا سيد لأؤمن به؟" فقال له "قد رأيته والذي يتكلم معك هو هو". فقال الرجل "أؤمن يا سيد وسجد له" (يو 9: 35 -38). هذه إذن بنوة تستدعي الإيمان والسجود، وليست بنوة عادية كباقي المؤمنين. إنها بنوة من جوهره، بنوة الابن الوحيد.. وكان الجميع يفهمون وصفه ابن الله بهذا المعنى. ولذلك في معجزات الصلب، من حيث أن "حجاب الهيكل انشق، والأرض تزلزلت والصخور تشققت.. قيل" وأما قائد المئة والذين معه.. فلما رأوا الزلزلة وما كان. خافوا جدًا وقالوا: حقًا كان هذا ابن الله" (مت 27: 51 -54). وطبعًا ما كانوا يقصدون بنوة عامة كسائر البشر، إنما بنوة إلهية، تعني أيضا ابن الله الوحيد. وبسبب هذا طوب الرب اعتراف بطرس الرسول. لما سأل الرب تلاميذه قائلًا "وأنتم من تقولون إني أنا؟ " فأجاب سمعان بطرس وقال "أنت هو المسيح ابن الله الحي". فطوبه الرب قائلًا "طوبى لك يا سمعان بن يونا. إن لحمًا ودمًا لم يُعْلَن لك لكن أبي الذي في السموات وأنا أقول لك أنت بطرس. وعلي هذه الصخرة أبني بيعتي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" (مت 16: 13-18) أي علي صخرة الإيمان بأنني ابن الله. حتي الشيطان نفسه كان يعرف معني عبارة (ابن الله). وكان يدرك تماما أنها لا تدل مطلقا علي بنوة عامة كبنوة سائر المؤمنين، إنما هي بنوة فيها قوة المعجزات. لذلك قال له في التجربة علي الجبل " إن كنت ابن الله، فقل أن تصير هذه الحجارة خبزا" (مت 4: 3) ونفس أعوان الشيطان من الأشرار كانوا يفهمون عبارة (ابن الله) بنفس هذا المعني اللاهوتي المعجزي. وهكذا قيل له أثناء صلبه".. إن كنت ابن الله، فانزل عن الصليب" (مت 27: 40) ونفس هذه الحقيقة هي التي قصدها مجمع السنهدريم. <FONT size=6>حيث أجتمع <SPAN lang=ar-sa> |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
المولود من الآب قبل كل الدهور سنحاول أن نتبع هذا الأمر بشيء من التبسيط فنقول إنه قال لليهود ".. قبل أن يكون إبراهيم، أنا كائن" (يو 8 :56). فهو لاهوتيًا كان قبل إبراهيم من جهة الزمن. ومع أنه قد قيل عنه بالجسد إنه ابن إبراهيم بن داود"، إلا إنه قال "أنا أصل وذرية داود" (رؤ 22: 16). فهو أصله من جهة لاهوته. وهو ذريته من جهة الناسوت.. إذن لاهوتيا كان قبله. بل أنه قال للآب في مناجاته معه التي سجلت في (يو 17): "مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك، بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم" (يو 17: 5) وكونه كان قبل كون العالم، هو أمر طبيعي، لأن "العالم به كُوِّن" (يو 1: 10). بل إن "كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يو 1: 3). وقال عنه بولس الرسول إن الآب "كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه.. الذي به أيضا عمل العالمين" (عب 1: 2). فخالق العالمين (أي السماء والأرض)، لابد أنه كان قبل كل الدهور. أي كان منذ الأزل. وعن ذلك قال الرب في سفر ميخا النبي عن بيت لحمأفراته: "منك يخرج لي الذي يكون متسلطا علي إسرائيل. ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل. (مي 5: 2). يخرج من بيت لحم في ميلاده الجسدي. ولكنه مولود من الآب قبل كل الدهور، منذ أيام الأزل.. و هو الذي قال عنه دانيال النبي "تتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة.. سلطانه سلطان أبدى، ما لن يزول. وملكوته ما لا ينقرض" (دا 7: 14). |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
نور من نور نور بالمعني اللاهوتي، وليس بالمعني المادي. قال عن نفسه "أنا نور العالم. من يتبعني لا يمشي في الظلمة، بل يكون له نور الحياة". وطبعا المقصود بالنور هنا تعبير غير مادي. وقيل عن الله "أن الله نور" (1 يو 1: 5). وقيل أيضا عن الآب "ملك الملوك ورب الأرباب.. ساكنًا في نور لا يُدني منه، الذي لم يره أحد من الناس.." (1 تي 6: 15، 16). إذن الآب نور. والابن المولود منه نور من نور. ولعل البعض يسأل: لقد قال الرب "أنتم نور العالم" (مت 5: 14)، كما قال عن نفسه "أنا نور العالم" (يو 8: 12). فما الفرق إذن في المعني؟ الفرق يظهر كما في مثال الشمس و القمر. وقيل عنهما في قصة الخليقة " فعمل الله النورين العظيمين: النور الأكبر لحكم النهار، والنور الأصغر لحكم الليل" (تك 1: 16). هما الشمس و القمر. ولكن الشمس نور بذاتها. والقمر ليس له نور في ذاته إنما هو ينير بانعكاس نور الشمس عليه. هكذا السيد المسيح هو "النور الحقيقي الذي يُنير كل إنسان" (يو 1: 9). أما نحن فنصير نورا بقدر ما نأخذ منه.. بنوره نعاين النور هو ينيرنا فننير.. وهكذا قيل عن يوحنا المعمدان "هذا جاء للشهادة ليشهد للنور، ليؤمن الكل بواسطته. لم يكن هو النور بل ليشهد للنور" (يو1: 7، 8) ونحن - في صلاة باكر - نقول للرب "أيها النور الحقيقي الذي ينير لكل إنسان آت إلي العالم"، ونقول أيضًا "أنر عقولنا وقلوبنا وأفهامنا يا سيد الكل".. الرب بطبيعته "نور لا يُدني منه" ولكنه لما أخذ جسدا وحل بيننا، استطعنا أن نقترب إليه. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
إله حق من إله حق إله حق، أي له طبيعة الله بالحق. وليس مثل الذين دعوا آلهة بمعني سادة، وليسوا هم آلهة بالحقيقة. * مثل موسى النبي الذي قال له الله " جعلتك إلها لفرعون" (خر 7: 1) كلمة إله هنا لا تعني أنه خالق، أو أنه أزلي، أو أنه قادر علي كل شئ!! كلا، بل إن موسى قال عن نفسه " لست أنا صاحب كلام، لا اليوم ولا أمس ولا أول من أمس.. أنا ثقيل الفم واللسان" (خر 4: 10) وقال "أنا أغلف الشفتين. فكيف يسمع لي فرعون؟!" (خر 6: 30). فقال له الرب " جعلتك إلها لفرعون" (خر 7: 1) بمعني سيدا له ومتسلطا عليه. وليس بمعني أنه إله حقيقي. * وبنفس الوضع قال الرب لموسى الثقيل الفم واللسان. إنه قد أعطاه هرون أخاه، ليكون له فما. فقال له: " تكلمه وتضع الكلمات في فمه. وأنا أكون مع فمك ومع فمه.. هو يكلم الشعب عنك. هو يكون لك فما. وأنت تكون له إلها" (خر 4: 15، 16). تكون له إلها، بمعني أن توحي إليه بما تريد أن تقول. وليس بمعني إله حقيقي يخلق. فهرون كان أكبر سنا من موسى. وكان موجودا قبل موسى. كذلك استخدمت كلمة (آلهة) عن آلهة الأمم، وعن كثير من البشر الذين دعوا أبناء الله. فقيل في مزمور 82 "الله قائم في مجمع الآلهة. في وسط الآلهة يقضى. إلي متي تقضون ظلمًا وترفعون وجه الأشرار"؟! ولاشك أن هؤلاء الظالمين لم يكونوا آلهة حقيقيين!! ولكنهم تصرفوا كما لو كانوا آلهة! ويقول في نفس الإصحاح "ألم أقل إنكم آلهة وبني العلي تدعون. ولكنكم مثل البشر تموتون، وكأحد الرؤساء تسقطون" (مز 82: 6، 7) وطبعا الذين يموتون ويسقطون، ليسوا هم آلهة بالحقيقة، ولكنهم دعوا كذلك. أيضا قيل في المزامير "الرب إله عظيم، ملك كبير علي كل الآلهة" (مز95: 3) أي من يسميهم الأمم آلهة، وهم ليسوا آلهة حقيقيين. وأيضًا قيل "الرب عظيم وممجد جدًا، مهوب من كل الآلهة. لأن كل آلهة الأمم شياطين" (مز 96: 4، 5). وقيل في ترجمه أخري "لأن كل آلهة الشعوب أصنام"، ومع ذلك أخذوا لقب آلهة ليسوا آلهة حقيقيين.. ولكن السيد المسيح هو إله حق، أي له كل صفات الألوهية: فهو أزلي خالق، قادر علي كل شيء، موجود في كل مكان، غير محدود.. فاحص القلوب والكلى، قدوس، رب الأرباب، غافر الخطايا.. إلي آخر كل تلك الصفات الخاصة بالله وحده. وأحيل القارئ في هذه النقطة إلي كتابنا لاهوت المسيح المنشور هنا في موقع الأنبا تكلا. وذلك حتى لا أكرر الكلام. و حيث تثبت للسيد كل هذه الصفات الإلهية، سواء ما ذكر عنها الإنجيل، أو ما برهنت عنه أعماله إلهية.. أنظر كمثال ( رو9: 5)، (يو 1: 1)، (1تي 3: 16)، (أع 20: 28) وما قيل عنه من حيث هو الأول والأخر (رؤ 1: 8، 11، 17).. الخ. إله حق من إله حق. أي أنه إله حق، مولود من الآب الذي هو أيضًا إله حق. فكلًا من الآب والابن إله حقيقيي له كل صفات الألوهية، وكل قدراتها، وكل المجد والقدرة، إلي أبد الآبدين. وليست كلمة (إله) هنا مجرد لقب كما قيل عن آلهة الأمم أو كما قيل عن بعض البشر. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
مولود غير مخلوق السيد المسيح -كما قال القديس أوغسطينوس- له ميلادان: ميلاد أزلي من أب بغير أم، قبل كل الدهور. وميلاد آخر في ملء الزمان من أم بغير أب. هو مولود من الآب، غير مخلوق، إذ أن له ميلاد أزليًا "لا بداءة أيام له، ولا نهاية حياة" (عب7: 3). ومادامت ليست له بداية أيام، إذن هو غير مخلوق. لأن كل مخلوق له بداية، وهي يوم خلقه. هنا قانون الإيمان يُعطي التعليم السليم، الذي هو ضد تعليم الأريوسيين. إنه مولود من الآب كما يولد الفكر من العقل، وكما يولد الشعاع من الشمس.. لذلك قيل بعد ذلك في قانون الإيمان |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
مساوٍ للآب في الجوهر إنه رد علي الأريوسية التي لم تفهم معني قول الرب "أبي أعظم مني" (يو 14: 28). فالآب ليس أعظم من الابن في الجوهر، لأن الابن له نفس طبيعة الآب، ونفس جوهره ونفس لاهوته: فهو مساو له في كل شيء. ولكن عبارة "أبي أعظم مني" قيلت عن حاله إخلاء الذات في التجسد. كما قيل إنه "إذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله. لكنه أخلي نفسه آخذا صورة عبد، صائرا في شبه الناس. وإذا وجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (في2: 6-8). حاله الإخلاء هذه هي التي قيل عنها "أبي أعظم مني"، أي من صورة العبد التي أخذتها، مع بقاء جوهر اللاهوت كما هو. أعظم من صورة الآلام والصليب. في كل ما تحمله الابن في تجسده من إهانات. أما جوهر اللاهوت المتحد بهذا الناسوت، فهو كما هو، لم ينقصه تواضع الناسوت شيئًا. وهكذا استطاع في ناسوته أن يقول ويعمل ما يناسب لاهوته الذي يتساوى فيه مع الآب. فقد قال "أنا والآب واحد" (يو 10: 30) "من رآني فقد رأى الآب" (يو 14: 9) "أنا في الأب والآب فيَّ" (يو 14: 10). وقال "لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب" (يو 5: 23).كما أنه في تجسده قال للمفلوج " مغفورة لك خطاياك" (مر2: 5، 10). وقال نفس العبارة للمرأة الخاطئة التي بللت قدميه بدموعها (لو 7: 48). وفي تجسده مشي علي الماء (مت 14: 25)، وانتهر الريح والأمواج فسكنت وهدأت (مر 4: 29). وفي تجسده خلق مادة جديدة في معجزة الخمس خبزات والسمكتين (مت 14: 17)، وفي تحويل الماء إلي خمر في عرس قانا الجليل (يو2). وفي منح البصر للمولود أعمى (يو 9) وعمل أعمالا كثيرة تدل على لاهوته.. كذلك قيامته والقبر مغلق، ودخوله العلية والأبواب مغلقة (يو 20: 19). وصعوده إلي السماء. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
الذي به كان كل شيء هنا يتحدث قانون الإيمان عن الابن كخالق، خلق كل شيء كما ورد في إنجيل يوحنا: "كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يو 1: 3). وأيضا كما ورد في الرسالة إلي كولوسي "الكل به وله قد خلق" (كو 1: 16) وهنا نسأل: من خلق العالم؟ أهو الآب أم الابن؟ ونجيب: الآب خلق كل شيء بالابن. "فإنه فيه خلق الكل: ما في السموات، وما علي الأرض. ما يُرى وما لا يُرى: سواء كان عروشًا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين" (كو 1: 16). هو عقل الله الناطق. والله خلق كل شيء بعقله ونطقه. وهو " قوة الله وحكمة الله" (1 كو 1: 24). والله خلق كل شيء بقوته وحكمته. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
هذا الذي من أجلنا نحن البشر، ومن أجل خلاصنا إن الابن كانت له أعمال كثيرة إلي جوار الغرض الأساسي من التجسد، أعني الفداء. * فهو قد أعاد إلي الإنسان الصورة المثالية التي خلق عليها كان الإنسان قد خلق علي صورة الله ومثاله (تك 1: 26، 27) ولكنه بخطيئته فقد هذه الصورة الإلهية. فأتي السيد المسيح ليعيد هذه الصورة الإلهية مرة أخري بحياته المثالية في كل شيء. * كذلك جاء يقدم للناس التعليم السليم، ويصحح المفاهيم الخاطئة التي انتشرت نتيجة لتفسير القادة الجهال، الذين أغلقوا ملكوت الله أمام الناس. فلا هم دخلوا، ولا تركوا الداخلين يدخلون (مت 23). لذلك تكررت في عظته علي الجبل عبارة: "سمعتم أنه قيل للقدماء.. أما أنا فأقول لكم.." (مت 5). وهكذا كانوا يسمونه (المعلم الصالح).. * كذلك جاء يعطي الناس فكرة سليمة عن الله من حيث هو الآب السماوي الذي يحبهم. * وجاء يؤدي رسالة نحو المساكين المحتاجين، كما قيل عنه في نبوة أشعياء النبي ".. مسحني لأبشر المساكين. أرسلني لأعصب منكسري القلوب. لأنادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق" (أش 61:1). وهكذا قدم للعالم صورة الراعي الصالح، كما جاءت في سفر حزقيال النبي (حز 34:15) "أنا أرعى غنمي وأربضها -يقول السيد الرب- وأطلب الضال، وأسترد المطرود، وأجبر الكسير، وأعصب الجريح". ومع هذا كله، كان العمل الأساسي للسيد الرب في تجسده، هو الخلاص والفداء. فنزل من السماء من أجلنا ومن أجل خلاصنا. لو أنه لم يعمل شيئًا سوى الفداء والخلاص، لكان هذا يكفي ولكن من الناحية العملية كان لابد أن يؤدى المسيح رسالة قبل أن يقوم بعمل الفداء.. لكي يعرفه الناس. ولأنه لا يمكن أن يبقي بلا عمل. وهكذا أدى رسالة كمعلم وكراعي للخراف الضالة، وكصورة مثلي أمام الناس، وكقلب مملوء بالحب. من أجل خلاصنا نزل من السماء. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
نزل من السماء وهذا يعني أن موطنه الأصلي هو السماء. كما قيل " من عند الآب خرجت، و أتيت إلي العالم. وأيضا أترك العالم، وأذهب إلي الآب" (يو 16: 28). و قال أيضًا.. "فإن رأيتم ابن الإنسان صاعدا إلي السماء إلي حيث كان أولا" (يو 6: 62). إذن هو كان أولا في السماء ونزل منها. ولذلك قال لنيقوديموس "ليس أحد صعد إلي السماء، إلا الذي نزل من السماء: ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو 3: 13). سكناه في السماء أولا، دليل علي لاهوته. فهو - كما يقول القديسون - ليس إنسانًا صار إلها بل هو إله صار كإنسان أخلى ذاته وأخذ شكل العبد، وصار في الهيئة كإنسان.. وفعل ذلك لأجل خلاصنا. لأجل الخلاص كان لابد أن يموت الإنسان المحكوم عليه بالموت منذ أكل من الشجرة. فمات المسيح ليفدى الإنسان. عبارة (نزل من السماء) لا تعني تركه للسماء. فهو نزل من السماء إلي الأرض، واستمر باقيًا في السماء، لأنه موجود في كل مكان، ولا يخلو منه مكان. و لذلك قال لنيقوديموس "ليس أحد صعد إلي السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو 3: 13). فهو نزل من السماء، وهو في السماء. عبارة "نزل من السماء" تعني إخلاءه لذاته من ناحية (في 2: 7)، وظهوره لنا من ناحية أخرى. نزل، أي تنازل "أخذ شكل العبد، وصار في الهيئة كإنسان، ووضع ذاته حتى الموت موت الصليب" (في 2: 7-9). وعبارة (نزل من السماء) تعني لنا، بصورة مرئية، في الجسد. كما قال الرسول "عظيم هو سر التقوى، الله ظهر في الجسد.." (1 تي 3: 16). وهكذا غير المرئي صار مرئيًا. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء كلمة (تجسد) تعني أنه أخذ جسدا. وبالقبطية أي أخذ جسدًا.. أي اتحد بهذا الجسد. اتحدت به الطبيعة اللاهوتية. ولكن كيف أخذ هذا الجسد؟ من أي مصدر؟ لذلك قيل بعد ذلك: من الروح القدس ومن مريم العذراء: العذراء وحدها ما كان ممكنا أن تلد طفلا "وهي لا تعرف رجلا" (لو 1: 34). لذلك قال لها الملاك مفسرا الأمر "الروح القدس يحل عليك، وقوة العلي تظللك" (لو 1: 35) حلول الروح القدس في بطنها، كان حلولًا أقنوميًا. إنها حالة استثنائية. فالبشر لا يحل عليهم الروح القدس حلول أقنوميًا. وقد حل الروح القدس علي مريم العذراء لسببين: أولًا لكي يكون في بطنها جسد المسيح بدون زرع بشر. وثانيا لكي يقدس مستودعها، بحيث أن المولود منها لا يرث الخطية الأصلية. وهكذا صار حبلها بالسيد المسيح حبلا بلا دنس. وفي هذا المعني قال الملاك المبشر "الروح القدس يحل عليك.. لذلك القدوس المولود منك يدعي ابن الله" ( لو 1: 35). هو إذن قدوس "شابهنا في كل شيء ما عدا الخطية (القداس الغريغورى) حتى أنه إذا مات، لا يموت عن خطية له، إذ هو بلا خطية. بل يموت عن خطايا الغير عبارة (تجسد) لا تعني فقط أنه أخذ جسدًا بشريًا، بل طبيعة بشرية كاملة، من جسد وروح.. لذلك لم يكتف قانون الإيمان بكلمة تجسد، إنما أضاف عليها (وتأنس) أي صار إنسانًا. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
و تأنس صار إنسانًا كاملًا، له طبيعة ناسوتية. لذلك قال الرسول "يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس: الإنسان يسوع المسيح.." (1 تي 2: 5). ذلك لأن الحكم صدر ضد الإنسان. فيجب أن الذي يموت يكون إنسانا من نسل ذلك الإنسان. فإن لم يكن إنسانًا كاملًا، لا يكون قد شابهنا في كل شيء. ولا يكون قد أخذ طبيعتنا المحكوم عليها بالموت. نقول هذا لأنه قامت هرطقة تقول أن السيد المسيح لا يحتاج إلي روح إنسانية يحيا بها. يكفي أنه يحيا بلاهوته المتحد به. يحيا بالروح القدس المتحد به أقنوميًا وليس بروح بشرية!! وقد حرم المجمع المسكوني الثاني المنعقد في القسطنطينية سنه 381 م هذه الهرطقة (هرطقة أبوليناريوس)، لأنها تقلل من ناسوت المسيح. فلا تجعل له ناسوتًا كاملا بل مجرد جسدا!! وأصبحت عبارة "تجسد وتأنس" تتلي في قانون الإيمان، ونصليها أيضا في القداس الإلهي.. اعترافا بناسوت المسيح الكامل، الذي ناب عن البشر مقدما نفسه ذبيحة عن خطايانا. وهكذا قال الرسول "وسيط واحد بين الله والناس: الإنسان يسوع المسيح، الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع" (1 تي 2: 5، 6). وبهذا كان السيد المسيح يتمسك بلقب (ابن الإنسان)، ويكرره كثيرا، لأنه يمثل نيابته عن الإنسان عموما في موته عن الخطية.. وبالقبطية تأنس أي صار إنسانا. صار الإنسان القدوس. الذي اتحد به اللاهوت داخل بطن العذراء منذ أول لحظة للحبل المقدس لما حل عليها. أما القديسة مريم فقد حبل بها حبلًا عاديًا. لذلك تحتاج إلي الخلاص كباقي البشر وهكذا قالت في تسبحتها".. وتبتهج روحي بالله مخلصي" (لو 1: 47). |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
و صُلِبَ عنّا "وصلب عنا علي عهد بيلاطس البنطي". عبارة "صلب عنا" تعني نيابة عنا أو بدلًا منا. نحن الذين كنا مستحقين الموت، لأننا أخطأنا و"أجرة الخطية هي الموت" (رو6: 23). "بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم، وبالخطية الموت. وهكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس إذ أخطأ الجميع" (رو 5: 12). ثم جاء المسيح الذي بلا خطية تستحق الموت، لكي يموت عن الخطاة الذين هو تحت حكم الموت. بهذه الشهادة دافع عنه اللص اليمين، فقال لزميله المجدف "أما نحن فبعدل (جوزينا) لأننا ننال استحقاق ما فعلنا. وأما هذا فلم يفعل شيئًا ليس في محله" (لو 23: 41) وأيضا بيلاطس الذي حكم أخيرا بصلبه، قال لرؤساء اليهود الذين قدموه للموت "إني لم أجد علة للموت" (لو 23: 22،14). وقال أيضا " إني برئ من دم هذا البار" (مت 27: 24) وهكذا صلب هذا البار، نيابة عنا نحن المستحقين الموت. "كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلي طريقه. والرب وضع عليه إثم جميعنا" (أش53: 6). إذن مات عنا لكي يفدينا بموته. والفداء يعني أن بارا يموت عن مذنب. فالخاطئ يموت بسبب خطيئته. أما البار -في الفداء- فيموت عن خطيئة غيره، ليفدى هذا الغير من حكم الموت. ولم يكن هناك بار ولا واحد. بل المسيح هو الوحيد البار "الجميع زاغوا معًا وفسدوا. وليس من يعمل صلاحًا، ليس ولا واحد" (مز 14: 3). أما المسيح فهو القدوس، الذي يمكنه أن يموت عن غيره. في البشارة بميلاده، قال الملاك جبرائيل للقديسة العذراء "القدوس المولود منك يدعي ابن الله" (لو1: 35). والقديس بطرس الرسول لما وبخ اليهود علي صلب المسيح، قال لهم "أنتم أنكرتم القدوس البار، وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل" (أع 3: 14). وقال عنه القديس بولس الرسول "كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا، قدوس بلا شر ولا دنس، قد انفصل عن الخطاة، وصار أعلي من السموات" (عب 7: 26). إنه قدوس، ولكنه حمل خطايانا. في صلبه: لم يكن خاطئًا، إنما حامل خطايانا. حامل خطايا غيره خطايا العالم كله، خطايا الماضي والحاضر والمستقبل. قال القديس يوحنا الرسول".. إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب: يسوع المسيح البار. وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كل العالم أيضا" (1 يو 2: 1، 2). وقال عنه القديس يوحنا المعمدان: هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يو1: 29). إنه يذكرنا بذبائح ومحرقات العهد القديم التي كانت ترمز إليه: في العهد القديم، كان الخاطئ يأتي بذبيحة كفارة عن خطاياه. يأتي بحيوان برئ ويضع يده عليه. ويقر بخطاياه علي رأس الذبيحة. وكان وضع يده علي رأس الذبيحة، إشارة إلي قبوله لأن تنوب عنه وأيضا إشارة إلي انتقال خطاياه إليها، حتى تحملها وتموت نيابة عنه. وهذه الحيوانات البريئة التي كانت تذبح وتموت، لم تكن خاطئة، وإنما حاملة خطايا، تحمل خطايا الذين يؤمنون بالكفارة والفداء، ويقبلونها عنهم. قيل عن ذبيحة الخطية إنها قدس أقداس (لا 6: 25). وتكرر هذا التعبير أيضا " إنها قدس أقداس" (لا6: 29). ولذلك كانت تذبح في المكان الذي تذبح فيه المحرقة، وقيل عن المحرقة أنها "رائحة سرور للرب" (لا1: 9،13،17). كذلك قيل عن تقدمة الدقيق أنها "رائحة سرور للرب" قدس أقداس من وقائد الرب" (لا2: 2، 3، 9، 10). كذلك قيل عن ذبيحة الإثم قدس أقداس. في المكان الذي يذبحون فيه المحرقة، يذبحون ذبيحة الإثم" (لا7: 1، 2). و هكذا كان المسيح: ذبيحة خطية وذبيحة إثم، وقدس أقداس فيما يحمل خطايا العالم، وكان رائحة سرور للرب. كانت هذه الذبائح التي تحمل الخطايا، "تحرق أجسادها خارج المحلة" (عب13: 11). وهكذا المسيح أيضًا "لكي يقدس الشعب بدم نفسه، تألم خارج الباب"، صلبوه خارج المحلة، لأننا نحن كخطاة، كنا معتبرين خارج المحلة.. فخرج هو خارج المحلة نيابة عنا، لكي بذلك يدخلنا إلي داخل المحلة. صلب عنا ومات عنا، لكي نحيا نحن بموته. لقد تحدوه قائلين " لو كنت ابن الله، انزل من علي الصليب" ( مت27: 40) "فلينزل الآن علي الصليب فنؤمن به" (مت27: 42) (مر15: 32).. ولكنه لم يفعل ذلك لأنه أراد أن يموت عنا، لكي نخلص نحن بموته. ولكن لماذا اختار الموت مصلوبًا. أولا: لأنه كان أكثر أنواع الموت آلامًا. تنزف فيه كل دمائه وتتمزق فيه كل أعصابه إلي جوار الآلام بسبب احتكاك المسامير بجسده. ثانيا: لأن آلام الصلب تستمر مدة أطول. ربما قطع الرأس لا يأخذ سوى لحظة. وكذلك آلام الحرق تستمر لحظات، وأيضا الشنق. وباقي أنواع الإعدام قد لا تقضي سوي دقائق. أما صلبه فقد استمر ثلاث ساعات. من السادسة إلي التاسعة، يضاف إليها عملية الاستعداد لصلبه. ثالثا: لأن الصليب فيه تشهير به وإعلان لعقوبته. فالصليب في مكان مرتفع يراه الجميع. وكثير من أهل المدينة وخارجها يرونه. رابعا: لأن الموت صلبا، كان يعتبر لعنة في العهد القديم، في ناموس موسى (تث21: 22، 23). " لأنه مكتوب: ملعون كل من علق علي خشبة" (غل 3: 13). فالسيد المسيح بصلبه " افتدانا من لعنه الناموس " باحتماله لها بدلًا منا.. ولأن موت الصليب موت وعار، لذلك قيل عنه " وإذ وجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب " (في 2: 8). لقد ناب في الصلب والموت و العار واللعنة. وليس في هذا كله فقط: عندما صام، صام عنا. وما كان محتاجًا مثلنا إلي الصوم. وحينما دخل في معمودية التوبة، إنما دخلها نيابة عنا لأنه ما كان محتاجًا إلي المعمودية، ولا إلي توبة. وكذلك في طاعته لكل وصايا الناموس "لكي يكمل بر" (مت3: 15)، إنما خضع للناموس نيابة عنا. حيث قدم لله الآب صورة عملية للإنسان الكامل، في وقت لم يوجد فيه الكمال علي الأرض. إذ الجميع ضلوا وزاغوا، وأعوزهم مجد الله. قدم له ناسوتًا كاملًا بلا خطية يفعل في كل حين ما يرضيه (يو8: 29). لقد صلب المسيح عنا. ولكن لماذا قيل قانون الإيمان: صلب عنا بيلاطس البنطي. إنها حادثة تاريخية، أراد قانون الإيمان أن يثبت زمنها أيضا من الناحية التاريخية بالضبط، في عهد أي وال من ولاة الرومان. وذكر أيضا إنه "صلب عنا وتألم". |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
و صُلِبَ عنّا "وصلب عنا علي عهد بيلاطس البنطي". عبارة "صلب عنا" تعني نيابة عنا أو بدلًا منا. نحن الذين كنا مستحقين الموت، لأننا أخطأنا و"أجرة الخطية هي الموت" (رو6: 23). "بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم، وبالخطية الموت. وهكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس إذ أخطأ الجميع" (رو 5: 12). ثم جاء المسيح الذي بلا خطية تستحق الموت، لكي يموت عن الخطاة الذين هو تحت حكم الموت. بهذه الشهادة دافع عنه اللص اليمين، فقال لزميله المجدف "أما نحن فبعدل (جوزينا) لأننا ننال استحقاق ما فعلنا. وأما هذا فلم يفعل شيئًا ليس في محله" (لو 23: 41) وأيضا بيلاطس الذي حكم أخيرا بصلبه، قال لرؤساء اليهود الذين قدموه للموت "إني لم أجد علة للموت" (لو 23: 22،14). وقال أيضا " إني برئ من دم هذا البار" (مت 27: 24) وهكذا صلب هذا البار، نيابة عنا نحن المستحقين الموت. "كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلي طريقه. والرب وضع عليه إثم جميعنا" (أش53: 6). إذن مات عنا لكي يفدينا بموته. والفداء يعني أن بارا يموت عن مذنب. فالخاطئ يموت بسبب خطيئته. أما البار -في الفداء- فيموت عن خطيئة غيره، ليفدى هذا الغير من حكم الموت. ولم يكن هناك بار ولا واحد. بل المسيح هو الوحيد البار "الجميع زاغوا معًا وفسدوا. وليس من يعمل صلاحًا، ليس ولا واحد" (مز 14: 3). أما المسيح فهو القدوس، الذي يمكنه أن يموت عن غيره. في البشارة بميلاده، قال الملاك جبرائيل للقديسة العذراء "القدوس المولود منك يدعي ابن الله" (لو1: 35). والقديس بطرس الرسول لما وبخ اليهود علي صلب المسيح، قال لهم "أنتم أنكرتم القدوس البار، وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل" (أع 3: 14). وقال عنه القديس بولس الرسول "كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا، قدوس بلا شر ولا دنس، قد انفصل عن الخطاة، وصار أعلي من السموات" (عب 7: 26). إنه قدوس، ولكنه حمل خطايانا. في صلبه: لم يكن خاطئًا، إنما حامل خطايانا. حامل خطايا غيره خطايا العالم كله، خطايا الماضي والحاضر والمستقبل. قال القديس يوحنا الرسول".. إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب: يسوع المسيح البار. وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كل العالم أيضا" (1 يو 2: 1، 2). وقال عنه القديس يوحنا المعمدان: هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يو1: 29). إنه يذكرنا بذبائح ومحرقات العهد القديم التي كانت ترمز إليه: في العهد القديم، كان الخاطئ يأتي بذبيحة كفارة عن خطاياه. يأتي بحيوان برئ ويضع يده عليه. ويقر بخطاياه علي رأس الذبيحة. وكان وضع يده علي رأس الذبيحة، إشارة إلي قبوله لأن تنوب عنه وأيضا إشارة إلي انتقال خطاياه إليها، حتى تحملها وتموت نيابة عنه. وهذه الحيوانات البريئة التي كانت تذبح وتموت، لم تكن خاطئة، وإنما حاملة خطايا، تحمل خطايا الذين يؤمنون بالكفارة والفداء، ويقبلونها عنهم. قيل عن ذبيحة الخطية إنها قدس أقداس (لا 6: 25). وتكرر هذا التعبير أيضا " إنها قدس أقداس" (لا6: 29). ولذلك كانت تذبح في المكان الذي تذبح فيه المحرقة، وقيل عن المحرقة أنها "رائحة سرور للرب" (لا1: 9،13،17). كذلك قيل عن تقدمة الدقيق أنها "رائحة سرور للرب" قدس أقداس من وقائد الرب" (لا2: 2، 3، 9، 10). كذلك قيل عن ذبيحة الإثم قدس أقداس. في المكان الذي يذبحون فيه المحرقة، يذبحون ذبيحة الإثم" (لا7: 1، 2). و هكذا كان المسيح: ذبيحة خطية وذبيحة إثم، وقدس أقداس فيما يحمل خطايا العالم، وكان رائحة سرور للرب. كانت هذه الذبائح التي تحمل الخطايا، "تحرق أجسادها خارج المحلة" (عب13: 11). وهكذا المسيح أيضًا "لكي يقدس الشعب بدم نفسه، تألم خارج الباب"، صلبوه خارج المحلة، لأننا نحن كخطاة، كنا معتبرين خارج المحلة.. فخرج هو خارج المحلة نيابة عنا، لكي بذلك يدخلنا إلي داخل المحلة. صلب عنا ومات عنا، لكي نحيا نحن بموته. لقد تحدوه قائلين " لو كنت ابن الله، انزل من علي الصليب" ( مت27: 40) "فلينزل الآن علي الصليب فنؤمن به" (مت27: 42) (مر15: 32).. ولكنه لم يفعل ذلك لأنه أراد أن يموت عنا، لكي نخلص نحن بموته. ولكن لماذا اختار الموت مصلوبًا. أولا: لأنه كان أكثر أنواع الموت آلامًا. تنزف فيه كل دمائه وتتمزق فيه كل أعصابه إلي جوار الآلام بسبب احتكاك المسامير بجسده. ثانيا: لأن آلام الصلب تستمر مدة أطول. ربما قطع الرأس لا يأخذ سوى لحظة. وكذلك آلام الحرق تستمر لحظات، وأيضا الشنق. وباقي أنواع الإعدام قد لا تقضي سوي دقائق. أما صلبه فقد استمر ثلاث ساعات. من السادسة إلي التاسعة، يضاف إليها عملية الاستعداد لصلبه. ثالثا: لأن الصليب فيه تشهير به وإعلان لعقوبته. فالصليب في مكان مرتفع يراه الجميع. وكثير من أهل المدينة وخارجها يرونه. رابعا: لأن الموت صلبا، كان يعتبر لعنة في العهد القديم، في ناموس موسى (تث21: 22، 23). " لأنه مكتوب: ملعون كل من علق علي خشبة" (غل 3: 13). فالسيد المسيح بصلبه " افتدانا من لعنه الناموس " باحتماله لها بدلًا منا.. ولأن موت الصليب موت وعار، لذلك قيل عنه " وإذ وجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب " (في 2: 8). لقد ناب في الصلب والموت و العار واللعنة. وليس في هذا كله فقط: عندما صام، صام عنا. وما كان محتاجًا مثلنا إلي الصوم. وحينما دخل في معمودية التوبة، إنما دخلها نيابة عنا لأنه ما كان محتاجًا إلي المعمودية، ولا إلي توبة. وكذلك في طاعته لكل وصايا الناموس "لكي يكمل بر" (مت3: 15)، إنما خضع للناموس نيابة عنا. حيث قدم لله الآب صورة عملية للإنسان الكامل، في وقت لم يوجد فيه الكمال علي الأرض. إذ الجميع ضلوا وزاغوا، وأعوزهم مجد الله. قدم له ناسوتًا كاملًا بلا خطية يفعل في كل حين ما يرضيه (يو8: 29). لقد صلب المسيح عنا. ولكن لماذا قيل قانون الإيمان: صلب عنا بيلاطس البنطي. إنها حادثة تاريخية، أراد قانون الإيمان أن يثبت زمنها أيضا من الناحية التاريخية بالضبط، في عهد أي وال من ولاة الرومان. وذكر أيضا إنه "صلب عنا وتألم". |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
تألم أهمية إثبات الألم هام جدًا، فلماذا؟ لئلا يظن البعض أن اتحاد اللاهوت بالناسوت في السيد المسيح قد حمي الناسوت من الألم!! وهنا تكون مسألة الصلب شكلية بحتة! ولا يكون المسيح قد دفع ثمن الخطية للعدل الإلهي حاشا!! إن آلام الصلب حقيقة ثابتة. وعنها تنبأ إشعياء النبي فقال: "رجل أوجاع ومختبر الحزن.. أحزاننا حملها، وأوجاعنا تحملها. ونحن حسبناه مصابًا ومضروبًا من الله ومذلولًا. وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا.. أما الرب فَسُرَّ أن يسحقه بالحزن، أن جعل نفسه ذبيحة إثم" (أش 53: 3-10). ومن شدة ألمه علي الصليب، قال "إلهي إلهي لماذا تركتني" (مر 15: 34). ومن شدة ما نزل منه عرق ومن دم، قال "أنا عطشان" (يو 19: 28). لقد تألم السيد المسيح آلاما حقيقة مبرحة. وقد تركه الآب للألم، وسر أن يسحقه بالحزن. وعبارة " لماذا تركتني " لا تعني انفصاله عنه، حاشا. إنما تعني تركه للألم، دون أن يمنع الألم عنه. لذلك تحتفل الكنيسة سنويا بأسبوع الآلام. وتصوم كل يوم جمعة تذكارا لألم المسيح.. إن السيد المسيح لم يستخدم لاهوته أبدا من أجل راحة ناسوته. ليس ذلك في وقت الصلب بل طوال فترة تجسده علي الأرض.. حينما هرب من سيف هيرودس إلي مصر. كان يستطيع بقوة لاهوته أن يضرب هيرودس ضربة لا قيام بعدها، لكنه لم يفعل، ولم يستخدم لاهوته. وفي صومه علي الجبل، كان بإمكان لاهوته أن يحمي جسده من الجوع. ولكنه لم يفعل، بل قيل عنه أنه "جاع أخيرًا" (مت 4: 2) هكذا احتمل الجوع، ولم يستخدم لاهوته لراحة جسده. وأيضا لم يحول الحجارة إلي خبز حسب اقتراح الشيطان!! وطوال فتره تجسده علي الأرض، كان يجوع ويعطش، ويتعب ويتألم. ولم يستخدم لاهوته لمنع شيء من هذا عن نفسه. و في أثناء حمله للصليب إلي الجلجثة (يو 19: 17)، من فرط التعب وقع. وحمله عنه سمعان القيراونى (مر 15: 21). وكان يمكنه بقوة لاهوته أن يحمل الصليب بدون القيراونى! كذلك لم يستخدم لاهوته في منع أو إيقاف كل الذين أهانوه و لطموه (مت 27: 29-31). وهو نفسه تنبأ -قبل الصلب- عن هذه الآلام: فقال لتلاميذه "إنه ينبغي أن يذهب إلي أورشليم، ويتألم كثيرًا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة وفي اليوم الثالث يقوم" (مت 16: 21) "وابتدأ يعلمهم أن ابن الإنسان ينبغي أن يتألم كثيرًا، ويُرْفَض من الشيوخ ورؤساء الكهنة ويقتل. وبعد ثلاثة أيام يقوم" (مر 8:31). "وكيف هو مكتوب عن ابن الإنسان أن يتألم كثيرا ويرذل" ( مر 9: 12) (لو 9: 22). وكررها مرة أخرى فقال كذلك أيضا يكون ابن الإنسان في يومه. ولكن ينبغي أولًا أن يتألم كثيرًا، ويرفض من هذا الجيل" (لو17: 25). كذلك بعد القيامة، ذكر أن آلامه قد تحدث عنها الأنبياء من قبل، فوبخ تلميذي عمواس قائلًا لهما "أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء. أما كان ينبغي أن المسيح يتألم ويدخل إلي مجده" (لو 24: 25، 26). وقال لتلاميذه أيضًا "هكذا مكتوب، وهكذا كان ينبغي: أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث" (لو 24: 46). آلام المسيح كانت ترمز إليها الذبائح في العهد القديم: خروف الفصح مثلًا، كان يرمز إلي السيد المسيح، إذ قيل "لأن فصحنا أيضًا، المسيح قد ذبح لأجلنا" (1كو 5: 7). هذا الفصح قيل عنه إنه قيل عنه أنه يكون "مشويًا بالنار" (خر 12: 8). وهذا الشيء رمز للآلام. والمحرقة التي كانت ترمز للمسيح في وفاء العدل الإلهي، وأنها رائحة سرور للرب (لا 1: 9). قيل في شريعتها: "تكون علي الموقدة فوق المذبح كل الليل حتى الصباح.. والنار علي المذبح تتقد عليه. لا تطفأ.. نار دائمة علي المذبح، لا تطفأ" (لا 6: 9 - 12). كل هذه النيران رمز للعدل الإلهي الذي يأخذ حقه من المحرقة، حتى تتحول إلي رماد (لا 6: 10).. أي آلام أكثر من هذه في تحقيق الرمز..! ومما يعبر عن آلامه في الصلب، ما قيل عنه في المزمور: "ثقبوا يدي وقدمي، وأحصوا كل عظامي" (مز 22: 16). كل هذا المزمور عن آلام الصلب التي وجهت إلي الجسد والنفس. يقول "صار قلبي كالشمع. ذاب في وسط أمعائي. يبست مثل شقفة قوتي، ولصق لساني بحنكي.." (مز 22: 14 ، 15). |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
و قُبِرَ أي وضع في قبر. هذا هو الذي حدث بعد أن كفنه يوسف الرامي ونيقوديموس " فأخذا جسد يسوع ولفاه بأكفان مع الأطياب كما لليهود عادة أن يكفنوا. وكان في الموضع الذي صلب، فيه بستان. وفي البستان قبر جديد لم يوضع فيه أحد قط. فهناك وضعا جسده"(يو 19: 40-42). ونساء كثيرات نظرن القبر وكيف وضع جسده" (لو 23: 55). والقبر الذي دفن فيه السيد، كان منحوتًا في صخرة. ولما وضعه فيه يوسف ، دحرج حجرًا علي باب القبر" (مر 15: 46) " وكانت مريم المجدلية ومريم أم يوسي، تنظران أين يوضع (مر 15: 47). هذا القبر أتي رؤساء الكهنة والفريسيون - بالاتفاق مع بيلاطس - مضوا إلي القبر و ضبطوه بالحراس، وختموا الحجر. وذلك لخوفهم من أن يأتي التلاميذ ليلًا ويسرقوا الجسد، ويقولوا للشعب إنه قام من الأموات" (مت 27: 62-66). وملخص الموضوع أن يوسف الرامي ونيقوديموس كفنا جسد المسيح، ووضعوه في قبر جديد منحوت في صخرة، ودحرجا حجرًا علي فم القبر، ونسوة كثيرات رأين ذلك. ثم أن رؤساء الكهنة والفريسيين ضبطوا القبر بالحراس، وختموا الحجر الذي علي فم القبر. وكل ذلك ساعد إثبات القيامة. لأنه كيف يستطيع التلاميذ أن يسرقوا الجسد، مع وجود الحراس، ووجد الحجر الذي يسد باب القبر، والحجر عليه الختم. يضاف إلي هذا أن السبت قد حل مساؤه (مر 15: 42) واستراح الناس حسب الوصية (لو 23: 56). وعلي الرغم من كل ذلك قام السيد المسيح. وكان القبر الفارغ دليل قيامته. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
و قام من الأموات "وقام من الأموات في اليوم الثالث، كما في الكتب" أن قيامة المسيح تختلف عن كل شخص أخر عاد إلي الحياة في الأمور الآتية: 1 - إن السيد المسيح قد قام بذاته، ولم يقمه أحد. هناك ثلاثة عادوا إلي الحياة في العهد القديم: ابن أرملة صرفة صيدا، أقامه إيليا النبي (1مل 17: 22)، وابن المرأة الشونمية، أقامه أليشع النبي (2مل 4: 25). وثالث مات فطرحوه في قبر أليشع عاش وقام (2مل 13: 21). وهناك ثلاثة أقامهم السيد المسيح: ابن أرملة نايين (لو7: 15) وابنة يا يرس (لو 8: 55) ولعازر (يو11: 43، 44). وقد أقام بولس الرسول الشاب أفتيخوس (أع 20: 10) وأقام بطرس تلميذة أسمها طابيثا (أع9: 40). كل هؤلاء أقامهم غيرهم. أما السيد المسيح فهو الوحيد الذي قام بقوة لاهوته. هو قام، أما أولئك فأقيموا.. 2 - هو الوحيد الذي قام بحسد ممجد: والقديس بولس الرسول عندما تحدث عن أجسادنا في القيامة العامة، قال "ننتظر مخلصا هو الرب يسوع المسيح، الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون علي صورة جسد مجده" (في 3: 20، 21) هذا الجسد الممجد الذي للسيد المسيح، استطاع - في القيامة - أن يخرج من القبر وهو مغلق وعلي بابه حجر كبير. واستطاع أن يدخل علي التلاميذ في العلية، وكانت الأبواب مغلقة (يو 20: 19). واستطاع بهذا الجسد الممجد أن يصعد إلي السماء وأخذته سحابه والتلاميذ ينظرون (أع 1: 9، 10). أما إن كان قد أكل مع التلاميذ بعد القيامة، أو أراهم جروحه، فذلك لكي يثبت لهم قيامته، لأنهم ظنوه روحًا (لو 24: 37- 43). 3 - السيد المسيح هو الوحيد الذي قام قيامة لا موت بعدها. كل الذين أقيموا من قبل، عادوا فماتوا ثانيه وينتظرون القيامة العامة. سواء الذين أقيموا في العهد القديم، أو الذين أقامهم الرسل. أما السيد المسيح، فقد قام واستمر حيا، وهو حي إلي أبد الآبدين. لذلك ليس عجيبا أن يقسم البعض باسم المسيح الحي، أو أن يصلوا إلي المسيح الحي. وهكذا أطلق عليه القديس بولس لقب (باكورة الراقدين) (1 كو 15: 20). فهو البكر في القيامة من الأموات، أي أول شخص قام قيامة أبدية لا موت بعدها. وهو نفسه قال للقديس يوحنا في سفر الرؤيا "أنا هو الأول والآخر. والحي وكنت ميتا، وها أنا حي إلي أبد الآبدين آمين" (رؤ1: 17، 18). كانت قيامة المسيح أمرًا هامًا جدًا بشَّر به الرسل، وانزعج اليهود جدًا لذلك. يقول سفر أعمال الرسل " وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع. ونعمة عظيمة كانت علي جميعهم (أع4: 23). وانزعج رؤساء اليهود لهذا الأمر، لأن المناداة بقيامة المسيح تثبت لاهوته وبره، وتدل علي أن اليهود صلبوه ظلمًا، وأنهم مطالبون بدمه.. لذلك استدعوا الرسل وقالوا لهم "أما أوصيناكم وصية أن لا تعلموا بهذا الاسم. وها أنتم قد ملأتم أورشليم بتعليمكم وتريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان" (أع5: 27، 28).. وكان التوبيخ الذي سمعه اليهود من الرسل "أنتم أنكرتم القدوس البار، وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل. ورئيس الحياة قتلتموه" (أع 3: 14، 15). 4- وكانت قيامة المسيح تدل علي قوته وانتصاره. وبشرى لنا بأنه سيقيمنا معه. فهو الوحيد الذي انتصر علي الموت بقيامته، وداس الموت بقوته. وأعطانا الوعد أيضًا بالقيامة "فكما أنه في آدم يموت الجميع، هكذا في المسيح سيحيا الجميع.. " فإنه إذا الموت بإنسان، فبإنسان أيضًا قيامة الأموات"، "المسيح باكورة. ثم الذين للمسيح في مجيئه" ( 1كو 15: 21-23). هذا الرجاء في قيامة الأموات، سببه قيامة المسيح. وفي هذا يقول القديس بولس الرسول "إن لم تكن قيامة الأموات فلا يكون المسيح قد قام. وإن لم يكن المسيح قد قام، فباطلةٌ كرازتنا، وباطل أيضًا إيمانكم. ونوجد نحن أيضا شهود زور.. وإن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح، فإننا أشقى جميع الناس. ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات، وصار باكورة الراقدين" (1كو 15: 13- 20) ولو كان المسيح لم يقم، لأصبح مثل أي أنسان عادي. ويكون قد أنتصر عليه أعداؤه، وأنتصر عليه الموت أيضًا!! ولكنه قام "لأن فيه كانت الحياة" (يو 1: 4). ولأنه "رئيس الحياة" (اع 3: 15). لأنه هو القيامة و الحياة (يو 11: 25) كما قال لمرثا أخت لعازر قبل أن يقيمه.. قيامة السيد المسيح كانت أمرًا بشر به تلاميذه قبل صلبه: قال لهم انه "ينبغي أن يذهب إلي أورشليم، ويتألم كثيرًا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم" (مت 16: 21) (مر 8: 31). وكرر نفس هذا الكلام في (لو 9: 22). وبعد قيامته أخبرهم أن هذا الأمر وارد في أقوال الأنبياء: قال لهم "هكذا مكتوب. وهكذا كان ينبغي: أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث" (لو 24: 46). وكذلك فإن النسوة اللائي أتين إلي القبر حاملات حنوطًا، قال لهن الملاك: "لماذا تطلبن الحي بين الأموات. ليس هو ههنا ، لكنه قام. اذكرن كيف كلمكن وهو بعد في الجليل قائلًا إنه ينبغي أن يسلم ابن الإنسان في أيدي أناس خطاة، ويصلب، وفي اليوم الثالث يقوم، فتذكرن كلامه" (لو 24: 5-7). وكانت قيامة الرب في اليوم الثالث تطابق الرمز في سفر يونان: وهكذا عندما طلب اليهود منه آية، بعد آيات كثيرة صنعها، قال لهم موبخًا "جيل شرير وفاسق يطلب آية، ولا تعطي له آية إلا آية يونان النبي. لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال" (مت 12: 39، 40). مشيرًا بهذا إلي موته، وقيامته في اليوم الثالث. يقوم في اليوم الثالث كما في الكتب أي كما وردت أخبار هذه القيامة في الكتب المقدسة، وقد كان تسجيلها في الكتب المقدسة دليلًا علي أهميتها، وكذلك تبشير الرسل بها.. |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
و صعد إلى السموات |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
و جلس عن يمين أبيه |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
وأيضًا يأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
الذي ليس لمُلكه انقضاء |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
نعم نؤمن بالروح القدس |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
الرب المحيي |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
المنبثق من الآب وهذا واضح من قول الرب عن الروح القدس "روح الحق الذي من عند الآب ينبثق" (يو 15: 26). غير أن أخوتنا الكاثوليك أضافوا إلي قانون الإيمان كلمة Filioque ومعناها باللاتينية "ومن الابن". وهذه الإضافة كانت سببًا لانقسام في الكنيسة، ولا تزال. وإن كان السيد المسيح قد قال "المعزى الذي أنا أرسله إليكم من الآب" (يو 15: 26) وأيضًا "إن لم أنطلق، لا يأتيكم المعزى. ولكن إن ذهبت، أرسله إليكم" (يو 16: 7).. فمن المهم أن نعرف: إن هناك فرقًا لاهوتيًا كبيرًا بين الإرسال والإنبثاق. فالإرسال في حدود الزمن. أما الانبثاق فهو منذ الأزل. السيد المسيح أرسل الروح القدس للتلاميذ في يوم الخمسين. ولكن الروح القدس كان موجودًا قبل ذلك، لأنه روح الله. وقد قيل عنه في قصه الخليقة "في البدء خلق الله السموات والأرض. وكانت الأرض خربة وخالية، وعلي وجه الغمر ظلمة. وروح الله يرف علي وجه المياه "(تك 1: 1، 2). والكتاب المقدس يذكر لنا عمل الروح القدس في العهد القديم، وحلوله علي الأنبياء وبعض شخصيات الكتاب: يذكر كيف أن روح الله قد حل علي شاول الملك فتنبأ (1 صم 10: 10، 11) ثم كيف فارقه روح الرب (1صم 16: 14). ويذكر لنا أن روح الرب حل علي داود (1صم 16: 13)وأن روح الرب كان يحرك شمشون (قض 13: 25). وأن روح الرب قد حل علي شمشون (قض 14: 6). كما يحدثنا الكتاب عن عمل روح الرب مع حزقيال النبي، كما في (حز 37: 1). وما أكثر ما ورد عن روح الله في مزامير داود النبي. والحديث عن عمل روح الله في العهد القديم هو حديث طويل، كذلك فترة ما بين العهدين قبل ميلاد السيد المسيح. فقد قيل عن يوحنا المعمدان في البشارة به "ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس" (لو 1: 15). وقيل عن أمه أليصابات "وامتلأت أليصابات من الروح القدس" (لو 1: 41). وقيل عن زكريا الكاهن "وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس وتنبأ" (لو 1: 67). قيل أيضًا للسيدة العذراء في بشارتها بالسيد المسيح "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك.." (لو 1: 35). وقال ليوسف النجار عنها "أن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس" (مت 1: 20). وقيل عن سمعان الشيخ إنه "كان بارًا تقيًا ينتظر تعزية إسرائيل، والروح القدس كان عليه. وكان قد أوحي إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى المسيح الرب" (لو 2: 25، 26). إذن مسألة إرسال السيد المسيح للروح القدس علي التلاميذ في يوم الخمسين، لا علاقة لها مطلقًا بانبثاق الروح القدس من الآب منذ الأزل. فالروح القدس هو روح الله، وهو أقنوم الحياة في الثالوث القدس. والله حي بروحه. والروح القدس منبثق من الذات الإلهية منذ الأزل، قبل أن توجد خليقة. وقبل أن يوجد تلاميذ يرسله الرب إليهم. وكمثال نقول: كما أنه قيل عن تجسد الابن "ولكن لما جاء ملْ الزمان أرسل لنا الله ابنه مولودًا من امرأة، مولودًا تحت الناموس ليفتدى الذين تحت الناموس" (غل 4: 4، 5).. وعلي الرغم من إرسال الابن إلي العالم في ملء الزمان، ألا أن الابن كان مولودًا من الآب منذ الأزل. بل أن "كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يو 1: 3). فولادته الأزلية شيء، وإرساله في ملء الزمان شيء أخر.. هكذا الأمر مع الروح القدس: انبثاقه الأزلي من الآب شيء، وإرساله في يوم الخمسين علي التلاميذ شيء آخر. ولئلا يظن البعض أن الروح القدس أقل من الآب والابن!! باعتباره الأقنوم الثالث، أو لأن الابن قد أرسله من عند الآب، لذلك قيل في قانون الإيمان "نسجد له ونمجده مع الآب والابن". |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
نسجد له ونمجده |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
نسجد له ونمجده مع الآب والابن |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
الناطق في الأنبياء |
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
الكنيسة يقول قانون الإيمان "[نؤمن].. بكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية". فما هي الكنيسة التي يعنيها قانون الإيمان؟ كلمه (كنيسة) تدل علي ثلاثة أمور وهي:
|
رد: كتاب قانون الإيمان لقداسة البابا شنودة الثالث
مبنى الكنيسة من جهة دلالتها على مبنى الكنيسة: قول الرسول عن أكيلا بريسكلا "الكنيسة التي في بيتهما" (رو 16: 5). وقوله حين تجتمعون في الكنيسة، أسمع أن بينكم شقاقات" (1كو 11: 18) وقوله أيضًا "أعلم في كل مكان في كل كنيسة" (1كو 4: 17). وواضح في قانون الإيمان أنه لا يعني مبني الكنيسة. وإلا ما كان يقول "كنيسة واحدة". إنما يقصد الكنيسة العامة، كل جماعة المؤمنين. |
الساعة الآن 12:52 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025