![]() |
كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث تصدير الطبعة الأولى لنيافة الأنبا غريغوريوس تصدير الطبعة الأولى لنيافة الأنبا غريغوريوس قال نيافته في مقدمة الكتاب سنة 1967: هذا البحث الذي كتبه نيافة الأنبا شنوده أسقف المعاهد الدينية والتربية الكنسية، بحث يمتاز بالوضوح والدقة والشمول، في موضوع من أهم الموضوعات التي تشغل أذهان المؤمنين في كل العصور، لأنه يتصل بقضية (الخلاص) وهى غاية الإيمان، وتاج الرجاء المسيحي.. فيه ترى التعليم الأرثوذكسي القويم، مؤيدا بمنطق سليم واستخدام صحيح للنصوص المقدسة، كاشفا الأغاليط.. إنني أشهد أن هذا الكتاب القيم أمكن أن يعالج موضوع (الخلاص) لأول مرة معالجة وافية، تكفي لن تعطي صورة مشرفة صادقة لتعليم كنيستنا الأرثوذكسية في مشكلة الخلاص. غريغوريوس بنعمة الله أسقف عام للدراسات العليا متوسط الثقافة القبطية متوسط البحث العلمي |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
خطورة استخدام الآية الواحدة في موضوع الخلاص أيها الإخوة -كما في أي موضوع آخر- احترسوا جدًا من خطورة استخدام واحدة من الكتاب المقدس. إن الكتاب المقدس ليس هو مجرد آية أو آيات، وإنما هو روح معينة تتمشى في الكتاب كله. الشخص الجاهل يضع أمامه آية واحدة، أو أجزاء من آية، فاصلا إياها عن ظروفها وملابساتها وعن المعنى العام كله، أما الباحث الحكيم، الذي يتوخى الحق فانه يجمع كل النصوص التي تتعلق بموضوع بحثه، ويرى على أي شيء تدل.. وفى موضوع الخلاص، ترى أمثلة من خطورة الآية الواحدة: آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك (أع 16: 31)هذه الآية يتخذها البعض برهانا على الخلاص بالإيمان فقط!! لأن فيها يقول بولس الرسول لسجان فيلبي: (آمن.. فتخلص..) (أع 16: 31) وينسى الذين يستخدمون هذه الآية عدة أمور هي: لمن قيلت..؟ وتكلمت الآية..؟ وماذا حدث بعدها..؟ والآيات الأخرى المتعلقة بالموضوع. 1- أولا: قيلت هذه الآية لرجل أممي، غير مؤمن، مهما فعل من أعمال صالحة فلن تجديه شيئا بدون الأيمان بالمسيح!! لذلك كان لابد من لرشاده إلى الخطوة الأولى التي بدونها لا يمكن أن ينال شيئًا من الخلاص. فإذا خطا هذه الخطوة، يمكن إرشاده إلى ما يتلوها من خطوات.. لم يكن مناسبا أن يكلم الرسولان هذا السجان عن أهمية الأعمال الصالحة، لأنها بالنسبة إليه لا يمكن أن تفيده وهو غير مؤمن.. والوضع السليم أن يتدرجا معه خطوة خطوة، حتى يصل. 2 – والخطوة الأولى تستخدم أحيانا في الكتاب المقدس للدلالة على العمل كله الذي يبدأ بتلك الخطوة. مثال ذلك قول سمعان الشيخ عندما حمل المسيح الطفل بين ذراعيه: (الآن يا رب تطلق عبدك حسب قولك بسلام، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك..) (لو 2: 28-31) بينما أن سمعان الشيخ لم يبصر خلاص الرب الذي لم يتم إلا بدم المسيح على الصليب عندما دفع الرب ثمن الخطيئة بموته عنا!! ولكن سمعان أبصر فقط تجسد الرب وميلاده. ولما كان تجسد الرب هو الخطوة التنفيذية الأولى التي تؤدى إلى الخلاص، لذلك قال سمعان الشيخ في ثقة: (لأن عيني قد أبصرتا خلاصك..) وبهذا الأسلوب تقريبا، تتحدث بولس وسيلا مع سجان فيلبي ليس عن أن إيمانه فقط هو الذي سيخلصه ويخلص أهل بيته، وإنما على أنه الخطوة الأولى التي تؤدى إلى خلاص البيت.. 3 – وأكبر دليل على أن المقصود بهذا الخلاص هو الخطوة الأولى المؤدية إليه، هو قول الرسول لهذا السجان: (فتخلص أنت وأهل بيتك). اذ كيف يمكن أن يخلص أهل بيته بمجرد إيمانه؟! هل إيمان إنسان يخلص شخصا آخر؟! ولكن الوضع السليم هو أن إيمان هذا الشخص هو مجرد الخطوة الأولى التي ستقوده إلى الخلاص عندما يعتمد باسم يسوع المسيح، وأيضا سيقنع أسرته بالإيمان ويكون فاتحة خير للأسرة، وهكذا يخلص هو وأهل بيته.. 4- ولذلك نرى أن هذه الآية كان لها تكملة، إذ يقول الكتاب أن بولس وسيلا (كلماه وجميع من في بيته بكلمة الرب.. واعتمد في الحال هو والذين له أجمعون). 5- ونحن إذا أخذنا هذه الآية: (آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك). إنما يجب أن نضع إلى جوارها آيات أخرى لنكمل فهم الموضوع، وسأذكر لكم مثالا بسيطا له دلالته القوية: تقدم شاب إلى السيد المسيح ليسأله: (أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية؟) (مت 19: 16) فلم يقل له السيد المسيح: (آمن فتخلص) وإنما قال له: إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا). هل نجرؤ نحن ونقول أن مجرد حفظ الوصايا كاف للخلاص، بدون إيمان، وبدون معمودية، وبدون أسرار؟ كلا إننا لا يمكن أن نخطئ إلى أنفسنا ولا إلى الناس ولا إلى الإيمان ذاته باستخدام الآية الواحدة.. في هذا المثال أيضا نجد أن الشاب عندما قال عن الوصايا: (هذه حفظتها منذ حداثتي، فماذا يعوزني بعد؟) حينئذ قال له ربنا يسوع (إن أردت أن تكون كاملا، فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني) هنا أيضا لم يحدثه السيد المسيح عن الإيمان. ولا عن النعمة.. فهل نستخدم هذا المثال لنقلل من قيمة الإيمان، إذ لم يرد له ذكر في حديث الرب عن نوال الحياة الأبدية؟! كلا، حاشا لنا أن نفعل هذا ونستخدم الآية الواحدة، فلكل مجال الكلام اللائق به وفي هذا المثال كلم الرب الشاب الغنى بما يناسب حالته وبما يعالج أمراضه الداخلية الأصلية.. نتناول آية أخرى من التي يستخدمها البروتستانت ومن يجرى في مجراهم.. (فإذا قد تبررنا بالإيمان، لنا سلام مع الله) (رو 5: 1)يأتيك إنسان من الذين يهتمون بالآية الواحدة، ويقول لك: هوذا أمامك آية صريحة تقول ان تبررنا بالإيمان، فلا داعى لأن تجادل أو تفتح فمك! هل تنكر الآية أو تعارض كلام الله..! لا يا أخى، نحن لا ننكر الآية، ولا نعارض كلام الله. ولكننا نضع إلى جوار هذه الآية أخرى من نفس رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية، ونرى ماذا يمكن أن نفهمه من الآية. يقول الرسول: (لأن الذين يسمعون الناموس هم أبرار عند الله، بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون) (رو 2: 13) هنا كلام عن تبرير من يعمل بالناموس، هل نسمح لأنفسنا أن نخطئ ونستخدم الآية الواحدة، ونقول أن الأعمال وحدها هى التي تخلص معتمدين على قول الرسول: (بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون)؟! كلا، بل نحن نضع الآيتين معا (رو 2: 13)، (رو 5: 1). ونخرج بتعليم صحيح يتفق مع كلام الله، وهو أن عمل الايمان في التبرير لا ينكر أهمية الأعمال، ولزوم الآعمال لتبرير لا ينكر قيمة الايمان.. هذه الآية التي تقول (اذ قد تبررنا بالايمان) نضع إلى جوارها آية أخرى هى (ترون اذن أنه بالأعمال يتبرر الإنسان، لا بالايمان وحده (كذلك راحاب الزانية أيضًا، أما تبررت بالأعمال، اذ قبلت الرسل وأخرجهم في طريق آخر) (يع 2: 24، 25). نأخذ آية أخرى: (وأما الذي لا يعمل، ولكن يؤمن بالذى يبرر الفاجر، فايمانه يحسب له برا) (رو 4: 5)فهل تعنى هذه الآية أن الله يبرر الفاجر إذا ثبت في فجوره دون عمل التوبة؟! حاشا. إذن لكي نفهم هذه الآية فلنضع أمامها آيات أخرى توضحها. ولنبدأ بآية من نفس الرسالة إلي رومية حيث يقول الرسول (1: 18) (لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وأثمهم) تضيف إليها آية أخرى من الرسالة الثانية لبطرس الرسول: (واذ رمد مدينتى سدوم وعمورة، حكم عليهما بالانقلاب، واضعا عبرة للعتيدين أن يفجروا) (2 بط 2: 6) وهكذا أظهر لنا الرسول أن الفاجر يشترك في مصير سدوم وعمورة. وهذا أيضا يشرحه معلمنا يهوذا الرسول اذ يقول: وتنبأ عن هؤلاء أيضا أخنوخ السابع من آدم) قائلا: (هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه ليصنع دينونة على الجميع، ويعاقب جميع فجورهم، على جميع أعمال فجورهم التي فجروا بها) (يه 14، 15). لا يمكن أن نفهم اذن من الآية التى قالها بولس الرسول أنه يكفى للفاجر أن يؤمن فقط لكي يخلص، بقائه في فجوره. فان بولس نفسه أنذرنا في صراحة تامة قائلا: (لا تضلوا. لا زناة، ولا عبدة أوثان، ولا فاسقون، ولا مأبونون، ولا مضاجعو ذكور.. يرثون ملكوت الله) (1كو 6: 9، 10). أما عبارة (لا يعمل) فلعل المقصود بها هنا أعمال الناموس الطقسية، كالختان بالذات كما يظهر من باقى النص (رو 5: 6-12). لا يصح مطلقا أيها الأحباء أن نسير بطريقة الآية الواحدة، فهى طريقة خاطئة وخطر وغير أرثوذكسية. أن أتاك أحد في يوم من الأيام بآية من الآيات، مهما كانت صريحة وواضحة، فقل له: أنا لا تنفعنى الآية الواحدة (لنضع أمامنا جميع النصوص التي تتعلق بهذا الموضوع، ثم نتفاهم معا (احترسوا من أن تخدعكم الآية الواحدة، فربما لها مناسبة معينة، وربما لها تكملة، وهذه التكملة هى التي توضح معناها |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
آيات تكملتها توضحها يقول بولس الرسول في رسالته إلى أفسس (2: 9): (لأنكم بالنعمة مخلصون، بالإيمان. وذلك ليس منكم، هو عطية الله. ليس من أعمال كي يفتخر أحد).هذه آية تبدو صريحة ولكن تمهل قليلا واقرأ الآية التي بعدها مباشرة (أفسس 2: 10)، يقول: (لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعده لكي نسلك فيه ) إذن لا يليق أن نخطف آية ونجرى قائلين في خفة: إن الموضوع قد انتهى. · لنأخذ مثالا آخر. يقول بولس الرسول: (فان كان بالنعمة، فليس بعد الأعمال، وإلا فليست النعمة بعد نعمة (رو 11: 6) ما أجمل أن نتروى قليلا، ونتابع ما يقوله الرسول في نفس الأصحاح، حيث يستطرد: (.. أنت بإيمان (لا تستكبر بل خف (لأنه إن كان الله لا يشفق على الأغصان الطبيعية، فلعله لا يشفق علينا أيضا. فهوذا لطف الله وصرامته، أما الصرامة فعلى الذين سقطوا. وأما اللطف فلك، إن ثبت في اللطف، وإلا فأنت أيضًا ستقطع). (رو 11: 10 – 22) ما معنى هذا الكلام..؟ معناه أنك نلت خلاصا بدم المسيح. ولكن جب أن تثبت فيه، وإلا فانك ستفقده إذا لم تعمل أعمالا تليق بالتوبة. لأن الغصن الذي يقطع من الشجرة يهلك ويموت. · مثال آخر؟ يقول بولس الرسول: فأين الافتخار..؟ قد انتفى، بأي ناموس، أبناموس الأعمال..؟ كلا، بل بناموس الإيمان.إننا نحسب أن الإنسان يتبرر بالإيمان دون أعمال الناموس) (رو 3: 27، 28). ان قرأنا آية مثل هذه، فلا يصح أن نتسرع، بل نتابع القراءة لنرى ماذا يقول الرسول بعدها.. انه يستطرد قائلا بعد هذه الآية مباشرة: (أفنبطل الناموس بالإيمان حاشا، بل نثبت الناموس) (رو 3: 31) · مثال آخر، يقول بولس الرسول: (ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه، لا بأعمال في بر عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس..) (تى 3: 4 –6).لاحظوا أن هذه الآية بالذات تتحدث عن الخلاص بالمعمودية وعمل الروح القدس. أما من جهة الأعمال، فإننا إذا. أكملنا ما يقوله الرسول نجده يستطرد مباشرة (صادقة هي الكلمة، وأريد أن تقرر هذه الأمور لكي يهتم الذين آمنوا بالله أن يمارسوا أعمالا حسنة. فان هذه الأمور هي الحسنة والنافعة للناس) (تى 3: 8). إنني أيها الإخوة الأحباء لست في المقدمة أناقش الإيمان والأعمال، فموعده في هذه المحاضرة لم يأت بعد. إنما أريد فقط أن أوجه الاهتمام إلى هذه القاعدة وحدها وهى خطورة استخدام الآية الواحدة. ونحن أنفسنا، لا نسمح لذواتنا بتاتا أن نستخدم هذه الطريقة الخطرة الضارة. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
إننا لا نستغل الآية الواحدة لصالحنا فمثلا إن وجدنا يوحنا الرسول يقول: *(إن علمتم أنه بار هو، فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه) (1 يو 2: 29). إن قرأنا مثل هذه الآية وحدها، وإنما مع هذه الآية نذكر الإيمان والمعمودية وأسرارالكنيسة التي لم تتضمنها الآية مطلقا من حيث اللفظ. وبالمثل أيضا إذا قرأنا ليوحنا الرسول قوله: *(نحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة، لأننا نحب الإخوة) (1يو 3: 14) فلا يمكن أن نتخذ هذه الآية دليلا على أن المحبة وحدها كافية لتخليص الإنسان، ونقله من الموت إلى الحياة!! وكذلك بنفس الأسلوب لا يمكن أن نستعمل الآية التي تقول: *(الله محبة. ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه) (1 يو 4: 16). وبنفس الأسلوب لا يمكن أن نستغل أية آية من الآيات التي تتحدث عن الأعمال وأهميتها، مثل قول السيد المسيح للشاب الغنى: *(إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا) (مت 19: 17). هل مجرد حفظ الوصايا وحده يكفى، بدون إيمان وبدون معمودية؟! بلا شك. أما الآية فتفهم آخر يتفق مع الملابسات التي أحاطت بها. وهكذا أيها الأحباء، علينا أن نتذكر باستمرار -في تعرفنا على الإيمان السليم- تلك الآية الجميلة التي تقول: * (لا الحرف بل الروح. لأن الحرف يقتل، ولكن الروح يحيى) (2 كو 3: 6).فلنبحث إذن عن مفهوم الخلاص مقتادين بروح الكتاب، لا بحرفه، محاولين أن نجمع في صعيد واحد النصوص المتعددة التي تتناول الموضوع. لنطرق موضوعنا من جميع نواحيه لا من زاوية واحدة فقط، ولا من ملابسة معينة فقط. ونصيحتي لكم أن تبعدوا عن قراءة الكتب الغربية، التي تبعدكم عن الإيمان السليم. ونصيحتي أيضا أن تبحثوا الموضوع في تواضع كثير، لأن الاعتداد بالذات، في الأمور اللاهوتية، قاد كثيرين إلى الهرطقة. بعد هذه المقدمة الوجيزة نتحدث عن الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي ووسائطه. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
لا خلاص إلا بدم المسيح وحده لا إيمان ولا أعمال بدون هذا الدم. إن الإيمان هو إيمان بدم المسيح، والأعمال هي أعمال مؤسسة على استحقاقات دم المسيح. وكما يقول الرسول بولس: (بدون سفك دم لا تحدث مغفرة) (عب 9: 22). فما هو اذن مركز دم المسيح في قضية الخلاص؟ وما هو مركز الإيمان..؟ وما هو مركز الأعمال؟ الأعمال بدون دم المسيح لا يوجد خلاص إلا بدم المسيح، جميع الأعمال الصالحة مهما سمت، مهما علت، مهما كملت، لا يمكن أن تخلص الإنسان بدون دم المسيح. لذلك فان الأبرار الذين أرضوا الرب بأعمالهم الصالحة في العهد القديم، انتظروا هم أيضا في الجحيم إلى أن أخرجهم منه السيد المسيح بعد صلبه. ان الأعمال الصالحة وحدها لا يمكن أن تخلص الإنسان بدون الإيمان بدم المسيح وإلا كان الوثنيون ذوو الأعمال الصالحة يخلصون بأعمالهم !! حاشا. وكقاعدة عامة أقولها لكم: جميع الآيات التي وردت في الكتاب المقدس تهاجم الأعمال، هي عن الأعمال وحدها بدون دم المسيح، أو عن أعمال الناموس (الخاصة بشريعة العهد القديم). لذلك عندما يقول الرسول: (لا بأعمال في بر عملناها) (تى 3: 5)، أو عندما يقول: (ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد) (أف 2: 9) إنما يقصد الأعمال وحدها بدون دم المسيح. وهكذا إن وجد إنسان يعمل أعمالا صالحة، وهو غير مؤمن، فان بر الناموس هذا لا يفيده شيئًا وأعماله الصالحة وحدها لا تخلصه بدون الإيمان. مثل هذا الشخص غير المؤمن، تقول له: أن أعمالك كلها لا تكفئ آمن بالرب يسوع فتخلص. هناك فرق جوهري أساسي بين الكلام الذي يقال للمؤمن، والكلام الذي يقال لغير المؤمن. في حديثك مع غير المؤمن، يجب أن تحطم جميع الأعمال، كلها بدون دم المسيح لا تفيد شيئا، مثل هذا تقول له: أن أعمالك لا تخلصك.. الذي يخلصك هو دم المسيح. إن دم المسيح هو نقطة البدء في موضوع الخلاص. ولكن بعد أن يؤمن، ينبغي أن تحدثه عن الأعمال الصالحة التي تليق بإيمانه، لأن الإيمان بدون أعمال ميت. (يع 2: 20) لماذا لا يكون الخلاص إلا بدم المسيح..؟1- الخطية هي عصيان لله، وتعد على حقوقه، وعدم محبة له.. والله غير محدود، إذن فالخطية غير محدودة لأنها موجهة ضد الله غير المحدود. ومهما عمل الإنسان فان أعماله محدودة، لذلك لا تغفر الخطية إلا كفارة غير محدودة.. ولا يوجد غير محدود إلا الله. لذلك لم يكن هناك حل لمغفرة الخطية سوى أن يتجسد الله ذاته ويموت. ويكون موته كفارة غير محدودة، توفى عدل الله غير المحدود، في الاقتصاص من الخطية غير المحدودة. الموجهة ضد الله غير المحدود. 2- هذا الكلام ينطبق على خطيئة آدم كما ينطبق على خطية أي إنسان، لأن الخطية هي الخطية، وعدل الله هو هو، وعقاب الخطية تفتقدنا، وقد افتقدنا فملا وخلصتنا بدم المسيح الذي به وحده الخلاص. 3-من أجل هذا قال معلمنا بولس الرسول: (متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح، الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السابقة) (رو 3: 25 ). وقال أيضًا: (الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة، لا بمقتضى أعمالنا، بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا) (2 تى 1: 9). وقال أيضا: (لا بأعمال في بر عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس) (تى 3: 4، 5). وقال أيضا: (لأنكم بالنعمة مخلصون، بالإيمان. وذلك ليس منكم، هو عطية الله. ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد) (أف 2: 8). وقال أيضا: (فان كان بالنعمة، فليس بعد بالأعمال، وإلا فليست النعمة بعد نعمة) (رو 11: 6). إننا نورد هذه الآيات التي يستخدمها البروتستانت، ولا نخبئها، لأننا لا ننكر نعمة الله علينا، ولا ننكر خلاص الله المجاني الذي أعطاه لنا، ولا ننكر أننا كنا كلنا (أمواتا بالذنوب والخطايا (أف 2: 1). ولولا دمه الأقدس لهلكنا جميعًا. ولكننا نضع هذه الآيات في موضعها الحقيقي، ونعترف أننا خلصنا بدم المسيح. 4- ولكننا نقول أن دم المسيح شيء، واستحقاق دم المسيح ش آخر. إن دم المسيح كاف لمغفرة خطايا العالم كله، فهل حظى العالم كله بالغفران؟! لقد (أحب العالم حتى بذل ابنه الوحيد) (يو 3: 16) فهل خلص العالم كله بهذا البذل، أم خلص فقط (كل من يؤمن به)؟ إذن فدم المسيح موجود، مستعد، مستعد أن يخلص، وكاف للخلاص، ولكن للخلاص شروطا يجب أن تستوفى حتى يكون الخاطئ مستحقا لهذا الدم الذي به الخلاص. وهكذا أيضا يقول يوحنا الحبيب في رسالته الأولى عن المسيح أنه (كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضا) (1 يو 2: 2) كفارة المسيح إذن غير محدودة تكفى لمغفرة جميع الخطايا لجميع الناس في جميع الأجيال، في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل. ولكن مع وجود دم المسيح هناك أشخاص هلكوا، وأشخاص يهلكون، وأشخاص سيهلكون! ذلك لأن استحقاقات دم المسيح لها شروط معينة. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
شروط الخلاص بدم المسيح أريد من جهة هذه الشروط أن أضع أماكم أربعة أمور جوهرية جدًا وهى: 1- الإيمان 2- المعمودية 3- الأسرار الكنسية اللازمة للخلاص 4- الأعمال الصالحة |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
شرط الإيمان والإيمان شرط أساسي لاستحقاق دم المسيح. وهكذا قال السيد المسيح عن نفسه: (.. لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية) (يو 3: 16). وتظهر أهمية هذا الشرط لاستحقاق دم المسيح، من قول الكتاب في نفس الإصحاح من فم السيد المسيح نفسه: (الذي يؤمن به لا يدان. والذي لا يؤمن قد دين، لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد) (يو 3: 18). ويظهر هذا الشرط أيضا من قول يوحنا الرسول في خاتمة إنجيله: (.. وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح هو ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه) (يو 20: 31). هناك شرط إذن وهو أن الخلاص يكون لكم إذا آمنتم. وبهذا وعظ بولس الرسول في أنطاكية قائلا: (.. انه بهذا ينادى لكم بغفران الخطايا. وبهذا يتبرر كل من يؤمن..) (أع 13: 38، 39). وقد وضح ربنا يسوع المسيح أنه بدون شرط الإيمان هذا لا يمكن أن يكون خلاص بقوله لليهود: (إن لم تؤمنوا إني أنا هو تموتون في خطاياكم) (يو 8: 24). ما أخطر هذه العبارة (تموتون في خطاياكم) ! دم المسيح موجود، قادر أن يخلص. ولكنه لا يمكن أن يخلصك بدونك. يجب أن تقدم شرط الإيمان، لكي تخلص بدم المسيح. إنه الشرط الأول، ولكنه ليس الشرط الوحيد. إنه الخطوة التي تؤهلك للمعمودية. شرط الإيمان هذا ورد في قول بولس وسيلا لحافظ السجن (آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك) (أع 16: 31). |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
ما هو الإيمان؟ إن كلمة الإيمان كلمة واسعة جدًا جدًا، تدخل فيها أمور كثيرة. وإن كان بولس الرسول قد قال أننا (قد تبررنا بالإيمان) (رو 5: 11) فماذا يقصد بهذا الإيمان قد تبررنا به؟ لذلك يضع بولس الرسول أمامنا سؤالا خطيرًا جدًا في موضوع الإيمان. إذ يقول (جربوا أنفسكم، هل أنتم في الإيمان..؟ امتحنوا أنفسكم) (2 كو 13: 5) إذن لابد أن نختبر أنفسنا ونرى هل نحن حقا في الإيمان أم لا. ما هو هذا الإيمان..؟ إيمان حي..إن الإيمان اللازم للخلاص لابد أن يكون إيمانًا حيًا. وهذا الأمر وضحه على أكمل وجه معلمنا يعقوب الرسول إذ قال: (إن الإيمان بدون أعمال ميت) (يع 2: 20) وكرر هذا المعنى قائلا: (لأنه كما أن الجسد بدون الروح ميت، هكذا الإيمان بدون أعمال ميت) (يع 2: 26). ومثل هذا الإيمان الميت، أي الخالي من الأعمال، لا يقدر أن يخلص أحدا. وهكذا يقول معلمنا يعقوب الرسول: (ما المنفعة يا إخوتي إن قال أحد أن له إيمانا ولكن ليس له أعمال؟! هل يقدر الإيمان أن يخلصه؟!) (يع 2: 14). حقا أن الرسول قد قال إننا قد تبررنا بالإيمان. ولكن هذا الإيمان له صفتان هامتان. إيمان حي وإيمان عامل. وفى هاتين الصفتين كلتيهما نرى الأعمال الصالحة. ولا نظن أحدًا من البروتستانت -مهما أنكر الأعمال- يستطيع في أمر الخلاص أن يعلم بالإيمان غير العامل. فالرسول يقول: (أن الشياطين يؤمنون ويقشعرون) (يع 2: 19). فهل تقصد بالإيمان أيها الأخ إيمانًا من نوع إيمان الشياطين الذين ليست لهم أعمال صالحة، وإنما هم يؤمنون، ويقشعرون من هول شرورهم وفسادهم؟!! إن عبارة الحي العامل قد تتسع في مداها حتى تشمل الحياة الروحية كلها. كيف يمكن أن تشمل الحياة الروحية كلها..؟ أميلوا آذانكم أيها الإخوة الأحباء إلى قول الرسول. الإيمان العامل بالمحبة..قال بولس الرسول: (لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئًا ولا الغرلة بل الإيمان العامل بالمحبة) (غل 5: 6) فماذا تعنى صفة (العامل بالمحبة) ما هي هذه المحبة، وكيف تكون؟ إن هذه المحبة شرحها بولس الرسول، مستدلا عليها بجمهرة من الأعمال الصالحة، إذ قال: (المحبة تتأنى وترفق. المحبة لا تحسد. المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ، ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها، ولا تحقد، ولا تظن السوء، ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق، وتحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء) (1 كو 13: 4-7). فإذا كان الإيمان هو هذا الإيمان العامل بالمحبة، فانه سيشمل ولا شك هذه هذه الصفات كلها، وكلها أعمال. هنا تبدو المسيحية في جوهرها، أنها ليست مجرد آية، وإنما هي روح وحياة (يو 6: 63) حقًا كما قال الكتاب أن الحرف يقتل ولكن الروح يحيى.. الحرف يقول لك أن هناك شيئا اسمه الإيمان. وأما الروح فيشرح لك كنه الإيمان وانه يشمل الأعمال الصالحة كلها. فهل إخوتنا المعارضون يقصدون الإيمان بهذا المعنى الواسع الذي يشمل الحياة الروحية كلها. الذي أشار إليه بولس الرسول في الأصحاح الحادي عشر من الرسالة إلى العبرانيين عند حديثه عن رجال الإيمان..؟ أم هم يقصدون مجرد الإيمان خلوا من صفاته السابق ذكرها!؟ إن كان الأمر هكذا فلنتناقش، لكي ما نرى هل يقدر هذا الإيمان أن يخلصهم حسبما تعجب يعقوب الرسول. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
الإيمان والمحبة إن الذين يقولون أن الإيمان وحده هو الذي يبرر الإنسان، ويوقفون الإيمان كعنصر قائم بذاته بعيدا عن الأعمال، هؤلاء لا أوقفهم أنا، بل يوقفهم بولس الرسول أمام آية جبارة هي قوله: (أن كان لي الإيمان حتى أنقل الجبال وليست لي محبة فلست شيئا) (1 كو 13: 2).. فهل تريدون إيمانا أكثر من هذا..؟ وأنت أيها الأخ، مهما ارتفعت في الإيمان، ما هي أقصى درجة ستصل إليها..؟ هل ستصل إلى كل الإيمان الذي ينقل الجبال..؟ صدقني، حتى لو وصلت إلى هذه الدرجة أيضا، وليست لك محبة، فلست شيئًا! لا يستطيع هذا الإيمان أن يخلصك أنت....! إن كان بولس الرسول بكل إيمانه ليس شيئًا بدون المحبة، فكم بالأولى أنت. لهذا فان الرسول وضع المحبة في درجة أعظم من الإيمان. إذ قال: (أما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة، هذه الثلاثة وأعظمهن المحبة) (1كو 13: 13). |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
المؤمنون و المُختارون قلنا إن الإيمان ينبغي أن يكون إيمانًا حيًا وإيمانًا عاملًا بالمحبة ولكن البعض يبالغ أحيانًا في تعريف كلمة المؤمنين، حتى ترادف كلمة (المختارين). وهكذا ينادى أمثال هؤلاء بأن المؤمن لا يمكن أن يهلك، وإذا سمعوا أو قرأوا عن مؤمن قد هلك يقولون أن هذا لم يكن مؤمنا حسب مفهموهم الخاص!! لا شك أن المختارين لا يمكن أن يهلكوا. ولكن من قال أن المؤمنين هم المختارين؟! إن الكتاب المقدس أعطانا معاني كثيرة لكلمة الإيمان: فذكر مرة: الشياطين يؤمنون ويقشعرون (يع 2: 19 ). وقال بولس الرسول في تعريفه للإيمان أنه هو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى (عب 11: 1). وقد شرح لنا الكتاب أن هناك نوعا من الإيمان الميت. ومع انه ميت إلا أن الرسول سماء إيمانًا. كما أعطانا مثلًا عن الإيمان الخالي من الأعمال الذي لا يقدر أن يخلص أحدًا، ألا أن الرسول سماء إيمانًا. وقد ذكر الكتاب أن الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله (رو 3: 12) فهل الجميع لم يكونوا مؤمنين، وقد خلت الأرض من الإيمان؟! أم أن الله أطلق لقب الإيمان حتى على الذين يخطئون وهم مؤمنون. أن أمثال هؤلاء الخطاة لم يحرمهم الرب من لقب المؤمنين. فقد قال الرب على لسان أرميا النبي (شعبي عمل شرّين: تركوني أنا ينبوع المياه الحية، لينقروا لأنفسهم آبارًا، آبارًا مشققة لا تضبط ماءًا.. شعبي قد نسيني أيامًا بلا عدد) (أر 2: 13، 22) ومع كل هذا سماهم شعبه. كما قال على لسان إشعياء النبي: (ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا على) (أش 1: 2) فعلى الرغم من عصيانهم سماهم بنين. ويذكرنا هذا بما قاله عن الابن الضال (ابني هذا كان ميتا فعاش وكان ضالًا فوجد) (لو 15: 24). فعلى الرغم من ضلاله وموته الروحي سماه ابنا. ويقول الرسول (وان كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال وليست لي محبة فلست شيئًا) (1 كو 13: 2) دليل آخر على إطلاق حالة الإيمان على الإنسان الخالي من المحبة الذي هو ليس شيئًا . بل إن الرب أطلق لقب المؤمنين على الذين يشبهون البذار التي سقطت على الصخر ولما نبتت جفت. فقال: (والذين على الصخر هم الذين على الصخر ولما نبتت جفت. فقال: (والذين على الصخر هم الذين متى سمعوا يقبلون الكلمة بفرح وهؤلاء ليس لهم أصل، فيؤمنون إلى حين، وفى وقت التجربة يرتدون) (لو 8: 6، 13). وطبعا هؤلاء المرتدين لا يمكن أن نسميهم مختارين مع أن السيد المسيح له المجد فيهم بأنهم كانوا مؤمنين إلى حين. ويشبه هؤلاء طبعًا الذين قال عنهم الرسول: (ولكن الروح يقول صريحا أنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحا مضلة وتعاليم شياطين) (1تى 4: 1). وطبعا هؤلاء لا يمكن أن نسميهم مختارين مع أنهم عاشوا في الإيمان قبل أن يرتدوا. لعله قد وضح الآن كثيرًا بأن هناك فرقا بين الكلمتين. إن كل المختارين مؤمنون ولكن ليس كل المؤمنين مختارين، إذ قد يرتد بعضهم عن الإيمان تابعين أرواحا مضلة وتعاليم شياطين. على أن هذه النقطة أيها الأحباء لنا رجعة إليها بعد حين، نتركها الآن قليلًا لكي نتحدث عن الشرط الثاني للخلاص والمدخل الأساسي له وهو المعمودية. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
أهمية المعمودية للخلاص تظهر أهمية المعمودية من قول السيد المسيحلنيقوديموس (الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق، لا يقدر أن يرى ملكوت الله) (يو 3: 3). وقد شرح معنى هذه الولادة، فأجاب على سؤال نيقوديموس بقوله (الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله) (يو 3: 5). وهذه آية صريحة تعنى أنه بدون المعمودية لا يقدر الإنسان أن يدخل الملكوت، ولا يقدر أن يعاينه. وبهذا يكون الخلاص عن طريق المعمودية التي يمهد لها الإيمان. وهكذا قال السيد المسيح في صراحة ووضوح (من آمن واعتمد خلص) (مر 16: 16) وهكذا أيضا عندما أرسل تلاميذه لنشر ملكوته على الأرض قال لهم (فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به). (مت 28: 19، 20) وهذه الآية تدل على أن الخلاص يلزمه الإيمان الذي يأتي بالتلمذة، والمعمودية تدل على أن الخلاص يلزمه الإيمان الذي يأتي بالتلمذة، والمعمودية التي هي الباب المباشر، والأعمال الصالحة بحفظ الوصايا. فلو كانت المعمودية غير لازمة للخلاص، لكان يكفى أن يقول الرب لتلاميذه: (اذهبوا وبشروا بالإيمان) بدون ذكر للمعمودية.. ومعلمنا بولس الرسول يشرح كيف أن الخلاص يكون بالمعمودية، وكيف أنها هي الميلاد الثاني، بقوله في رسالته إلى تلميذه تيطس أسقف كريت، حيث يقول (ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه، لا بأعمال في بر عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس) (تى 3: 4، 5). |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
ممارسة المعمودية منذ البدء هذا المبدأ أسسه السيد المسيح (من آمن واعتمد خلص) اتبعته الكنيسة منذ البدء، ففي يوم الخمسين بعد أن وقف بطرس الرسول رافعا صوته بكلمة الإيمان، ونخس السامعون في قلوبهم، (قال لهم بطرس: توبوا ليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس) (أع 2: 37، 38) وهذه الآية صريحة في أنه يكون بالمعمودية مغفرة الخطايا. وكيف يخلص الإنسان بدون مغفرة خطاياه؟! إذن فالمعمودية لازمة لخلاص الإنسان، فبها تغفر خطاياه. وبها يمهد لقبول الروح القدس. وعطية الروح القدس، ننالها في السر الثاني من أسرار الكنيسة، سر المسحة المقدسة، أو سر الميرون. والآية السابقة تدل على هذه المعاني كلها. فى يوم الخمسين بعد أن تكلم بطرس عن المعمودية (قبلوا كلامه بفرح، واعتمدوا، وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة ألاف نفس) فلو كان الإيمان وحده يخلص الإنسان ماذا كانت الحاجة إلى أن يعتمد في يوم واحد 3000 نفس؟! ما كان أسهل أن يقول لهم الرسل: (ما دمتم قد آمنتم أيها الأخوة، فاذهبوا على بركة الله، هذا يكفى، لقد خلصتم وانتهى الأمر..)!! وهكذا نرى أيضا أن الخصي الحبشي بعد أن آمن على يد فيلبس، قال له مباشرة ماذا يمنع أن أعتمد؟) (أع 8: 36). وهكذا نزل به فيلبس إلى الماء فعمده.. وذهب في طريقه فرحًا. وسجان فيلبي الذي آمن على يدي بولس وسيلا (اعتمد في الحال هو والذين له أجمعي) (أع 16: 33). وكرنيليوس أيضا الذي ظهر له ملاك الله، وقال له صلواتك وصدقاتك صعدت تذكارا أمام الله، هو أيضا بعد أن كلمه بطرس بكلمة الحياة، وبعد أن حل الروح القدس على جميع الذين كانوا يسمعون الكلمة (حينئذ أجاب بطرس: أترى يستطيع أحد أن يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس كما نحن أيضا وأمر أن يعتمدوا باسم الرب) (أع 10: 47، 49). وليديا بائعة الأرجوان، لما آمنت على يد بولس الرسول (اعتمدت هي وأهل بيتها) (أع 16: 15) جميلة تلك العبارة التي قالها بولس الرسول عن العماد (لأن كلكم الذين اعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح) (غلا 3: 27). إذن في المعمودية يلبس الإنسان المسيح. أي خلاص أعظم من هذا.. أن المعمودية هي الباب الذي يدخل منه الإنسان إلى الخلاص، والإيمان تمهيد لها. نقول هذا لأن كثيرًا من البروتستانت يظنون أن الإنسان يكفيه أيمانه ليخلصه..! أو يظنون أن الميلاد الثاني يأتي بالإيمان وليس بالمعمودية! لا يرون أن المعمودية هي الميلاد الثاني، على الرغم من صراحة الآية بغسل الميلاد الثاني (تى 3: 5)!! وأيضا على الرغم من قول الرسول في رسالته إلى أفسس (أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها، لكي يقدسها مطهرًا إياها بغسل الماء بالكلمة، لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها) (أف 5: 25، 26). (لكي يقدسها مطهرًا إياها بغسل الماء بالكلمة).. والبروتستانت العبارة معناها يقدسها بالكلمة! تاركين ومن إليهم يدعون أن هذه عبارة غسل الماء كأن لا معنى لها.. إن (الكلمة) هنا تعنى التبشير. فماذا تعنى عبارة (غسل الماء)؟ تعنى المعمودية التي يصل إليها الإنسان بالتبشير أي بالكلمة. وهكذا تنطبق وصية السيد المسيح (تلمذوهم.. وعمدوهم..). (تلمذوهم) بالكلمة. (وعمدوهم) بغسل الماء. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
شرح "أهمية المعمودية" لاهوتيًا ما هو جوهر التعليم المسيحي عن المعمودية كوسيلة للخلاص. لماذا هي لازمة للخلاص؟ ولماذا لا يمكن لأحد أن يخلص بدونها؟ المسألة واضحة جدًا، نشرحها فيما يلي: يقول الكتاب (أجرة الخطيئة هي موت) رو 6: 23) إذن لابد من الموت، ولابد أن طريق الخلاص يبدأ بالموت.. ويستمر الخلاص بالموت.. وآخر مرحلة للخلاص تأتى بالموت. يبدأ الخلاص بالموت، وينتهي بالموت، ويستمر بالموت، لأن أجرة الخطيئة هي موت. فما معنى هذا الكلام؟
|
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
بدأ الخلاص بالموت بدأ الخلاص بموت المسيح على الصليب، حيث دفع ثمن الخطيئة، واشترانا بدمه. وكيف يصل إليك الخلاص؟ يصل إليك بالموت. وكيف ذلك..؟ المسيح بموته أعطى الخلاص. ولكي يكون لك أنت نصيب في هذا الخلاص، لابد أن تشترك مع المسيح في موته: تموت مع المسيح، وتقوم معه، لكي تتمجد معه. ولذلك يقول بولس الرسول (لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه، متشبها بموته) (فى 3: 10). إن لم تدخل في هذا الموت، يلحقك الموت الثاني الذي هو العذاب الأبدي في بحيرة النار (رؤ 20: 14) وكيف تدخل في هذا الموت؟ كيف تشترك مع المسيح في موته؟ إن ذلك يتم بالمعمودية. ولهذا يقول بولس الرسول (أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح، اعتمدنا لموته. فدفنا معه بالمعمودية للموت.. (رو6: 3، 4). وموتنا مع المسيح، ودفننا معه، هو الذي يجعلنا نشترك معه في أمجاد قيامته. ولذلك يقول بولس الرسول (لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته، نصير أيضا بقيامته.. فان كنا قد متنا مع المسيح، نؤمن أننا سنحيا أيضا معه) (رو 6: 8). نلخص الموضوع إذن في الكلمات الآتية: أجرة الخطيئة هي موت. فلابد أن يموت الإنسان ويدفن.. ولكن المسيح قد مات عنا. وعلينا أن نشترك معه في موته، حتى لا نكون بعيدين عن استحقاقات موت المسيح. لا يجوز أبدًا أن نترك المسيح يموت وحده عنا، دون أن نشترك معه في موته، أو على الأقل نتشبه بموته، ندخل في شركة آلامه متشبهين بموته) وهكذا قال الرسول: (متنا معه.. . دفنا معه.. قد صرنا متحدين معه بشبه موته.. إنساننا العتيق قد صلب معه.. فان كنا قد متنا مع المسيح نؤمن أننا سنحيا أيضا معه) (رو 6: 3-8). وهذا الموت شرحه الكتاب أنه يتم بالمعمودية. نغطس فيها تماما كأننا ندفن في جرن المعمودية، كما قال بولس: (دفنا معه بالمعمودية للموت) (رو 6: 4). ثم نقوم من هذا الماء في جدة الحياة) (عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صلب ليبطل جسد الخطيئة). المعمودية إذن لازمة للخلاص، لأنها شركة في موت المسيح، لأنها إيمان بالموت كوسيلة للحياة، واعتراف بأن أجرة الخطيئة هي موت. إن الذين يقولون أن الخلاص يتم بمجرد الإيمان وحده، بدون معمودية، لم يفهموا بعد ما هو الإيمان. فلنحاول أن نناقش الأمر معا لنفهمه. ما هو الإيمان..؟ هو أن تؤمن أن الخطيئة أجرتها الموت، وتؤمن أن المسيح قد مات عنك، وتؤمن أنك يجب أن تموت معا لتحيا أيضًا معه.. وهكذا يقودك الإيمان إلى ما قلناه: قلنا أن الخلاص قد بدأ بالموت. موت المسيح. هذا هو الخلاص الذي قد قد دفع ثمنه، وقلنا أننا بدأنا أن نحصل على هذا الخلاص بالموت، إذ متنا مع المسيح ودفنا معه بالمعمودية. هذا هو الخلاص الذي نلناه. نقول أيضًا أن هذا الخلاص يستمر بالموت. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
يستمر الخلاص بالموت وهكذا يقول بولس الرسول: (كذلك أنتم أيضًا، أحسبوا أنفسكم أمواتًا عن الخطيئة، ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع.. إذن لا تملكن الخطيئة المائت لكي تطيعوها في شهواته) (رو 6: 11، 12). هذا الكلام جميل جدًا، يشرح لنا الإيمان الأرثوذكسي تمامًا (لا تملكن الخطيئة في جسدكم المائت). لقد دخلنا الخلاص بالموت. ولابد أن يستمر جسدنا مائتًا عن الشهوات العالمية. وطالما هو مائت، فان الخلاص يسرى فيه. أما أن بدأت شهوات الجسد تقوم من هذا الموت وتتحرك، فإننا نكون حينئذ عرضة لأن نفقد الخلاص، لأن الخلاص لا يتم إلا بالموت. لذلك فإننا نصلي إلى الله في قطع الساعة التاسعة ونقول: (أمت حواسنا الجسمانية أيها المسيح إلهنا ونجنا). ولعل هذا تنفيذ لقول الكتاب: (ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون) (رو 8: 13). ألا يقول بولس الرسول: (إذن الموت يعمل فينا) (2كو 4: 12). وهكذا يقول بولس الرسول أيضا (لأننا نحن الأحياء نسلم دائما للموت من أجل يسوع، لكي تظهر حياة يسوع أيضا في جسدنا المائت) (2 كو 4: 11). ويقول أيضا ً: (إن كان المسيح فيكم فالجسد ميت بسبب الخطيئة،وأما الروح فحياة بسبب البر) (رو 8: 10). كما يقول أيضًا: أننا من أجلك نُمات كل النهار. قد حسبنا مثل غنم للذبح) (رو 8: 36). وهكذا نعيش (حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع، لكي تظهر حياة يسوع أيضًا في جسدنا) (2 كو 4: 10). إذن طالما نسير في طريق الخلاص لابد أن يكون الجسد ميتًا عن الخطيئة، لابد أن يعمل الموت فينا. إنسان يقول إنه قد خلص، وهو يحب العالم أو الأشياء التي في العالم، هذا بالحقيقة واهم (لأن محبة العالم عداوة لله) (يع 4: 4). إن الخلاص يستمر بالموت، موت أعمال الجسد، موت شهوات الجسد،؟ موت عن العالم والمادة وطلباتها المحاربة للروح. ما معنى (نخلص بحياته)..؟هنا تقف أمامنا الآية التي تقول: (لأنه إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه، فبالأولى كثيرًا ونحن مصالحون نخلص بحياته) (رو 5: 10). ما معنى (نخلص بحياته)؟ أما أن يكون معناها أننا نخلص بحياته كشفيع، ككاهن إلى الأبد على طقس ملكي صادق (يقدر أن يخلص أيضا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله، إذ هو حيّ كل حين ليشفع فيهم) (عب 7: 25). فنحن نخلص بحياته كشفيع. لأننا باستمرار نخطئ. وإن أخطأنا (فلنا شفيع عند الآب، يسوع المسيح البار) (1 يو 2: 1). ونلاحظ هنا أن استمرار شفاعة المسيح فينا، معناه استمرار احتياجنا إلى الخلاص في كل حين، واستمرار عمل الخلاص فينا. على أن هناك معنى جميلا ً آخر لعبارة نخلص بحياته. وهو قول بولس الرسول: (مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ) (غلا 2: 20) يقول: (مع المسيح صلبت)، هذا هو الموت (صلب الجسد مع الأهواء والشهوات) كما يقول الرسول (غل 5: 24). بهذا نخلص، عندما يكون المسيح هو الذي يحيا فينا. وعبارة (أحيا لا أنا) معناها تسليم الإرادة تسليمًا كاملًا للرب. بحيث يقول الإنسان باستمرار: (لتكن لا إرادتي بل إرادتك). يكون كأنه ميت، غير موجود، يحيا لا هو، بل المسيح هو الذي يحيا فيه. يقول للمسيح: إنني أخلص بموتك، وأخلص بحياتك في) وهذه هي الفكرة السليمة عن الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي: نحن قد خلصنا بموت المسيح عندما متنا معه في المعمودية. ونخلص أيضًا بحياة المسيح فينا، بتسليمنا الكامل لمشيئته في حياتنا، قائلين مع الرسول: (أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ). |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
يتم الخلاص بالموت قلنا أن الخلاص يبدأ بالموت في المعمودية، ويستمر بالموت عن شهوات العالم. فإلى متى..؟ يقول الكتاب: (كن أمينًا إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة) (رؤ 2: 10). وهكذا يستمر فيك، حتى يموت الجسد فعلا. طالما أنت تميت أعمال الجسد، فأنت ما تزال سائرًا في الخلاص. ومتى تصل إلى نهاية الطريق..؟ تصل إليها عندما تموت، وتنقل إلى العالم الآخر. أنت إذن ما تزال سائرًا في الطريق. فهل تقف في نصفه وتصيح قائلًا (قد خلصت)؟! تواضع يا أخي، واستمع إلى قول الرسول: (انظروا إلى نهاية سيرتهم) (عب 13: 7). لا تفتخر باطلًا، فكثيرون قد بدأوا بالروح وكملوا بالجسد (غل 3: 3). على أننا سنعرض لهذا الموضوع بالتفصيل إن شاء الله عندما نتكلم على اتمام الخلاص. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
الأسرار اللازمة للخلاص هناك أسرار قد لا تلزمك شخصيًا لخلاصك. فأنت لا تتزوج، وإن كنت ثمرة لزواج. وقد لا تصاب بمرض تحتاج فيه إلى سر مسحة المرضى. وقد لا تصير كاهنًا وإن كنت تحتاج لسر الكهنوت ليقدم لك عمل الروح القدس في الأسرار اللازمة لك شخصيًا لخلاصك. فأنت يلزمك بلا شك سر المعمودية، وقد تحدثنا عنه – كذلك يلزمك سر مسحة الروح القدس (الميرون)، وسر التوبة، وسر الافخارستيا (التناول). وسنتكلم الآن عن أهمية كل من هذه الأسرار على حدة:
|
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
سر المسحة المقدسة ولما دعا بطرس اليهود للمعمودية، قال لهم: (توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس) (أع 2: 38). فما هي عطية الروح القدس هذه..؟ وهل هي لازمة في حياتنا للخلاص وما أهميتها وهل يمكن أن نخلص بدونها. لا يمكن إطلاقًا أن نخلص بدونها، لأن حياتنا الروحية كلها هي عبارة عن استجابة إرادتنا لعمل الروح القدس فينا. وإن كنا لا نأخذ عطية الروح القدس، فباطلة وهالكة هي حياتنا عن هذه النعمة التي أخذناها من سر المسحة المقدسة نصرخ باستمرار ونقول: (روحك القدوس لا تنزعه منا،) وإلا هلكنا. إن حياتك الروحية لا تعتمد مطلقا على ذراعك البشرى، وإنما هي شركة الروح القدس كما سنشرح في الفصل الخاص بالجهاد والنعمة. لابد إذن من سر المسحة المقدسة، تلك التي تكلم عنها يوحنا الرسول فقال: (وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء) (وأما المسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم، ولا حاجة بكم إلى أن يعلمكم أحد، بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء، وهى حق) (1 يو 2: 20، 27). لكي تعرف أهمية الروح القدس لخلاصك، نسأل سؤالا وهو: هل تستطيع أن تحيا حياة روحية بدون عمل الروح القدس فيك..؟ هل تستطيع أن تسير في طريق الخلاص بدون عمل الروح القدس معك..؟ لا يمكن. إذن لابد من المسحة. لذلك أهتم الرسل بعطية الروح القدس للمؤمن، وكانوا ينالونها في بادئ الأمر بوضع أيدي الرسل، قبل أن يستخدم الميرون. نرى ذلك واضحًا في قصة إيمان السامرة، حيث اعتبرت مكملة للإيمان والعماد، يقول الكتاب: (ولما سمع الرسل الذين في أورشليم أن السامرة قبلت كلمة الله، أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا، اللذان لما نزلا صليا لأجلهم لكي يقبلوا الروح القدس؟ لأنه لم يكن قد حل بعد على أحد منهم، غير أنهم كانوا معتمدين باسم الرب يسوع. حينئذ وضعا الأيادي عليهم، فقبلوا الروح القدس) (أع 8: 14-17).. إذن لم تكن المعمودية كافية لأهل السامرة، بل كان لابد لهم أن يقبلوا الروح القدس. نفس الكلام أيضًا. يمكن أن يقال عن إيمان أهل أفسس. لما ذهب بولس هناك وجد تلاميذ. فقال لهم: (هل قبلتم الروح القدس لما آمنتم..؟ قالوا له ولا سمعنا أنه يوجد الروح القدس) (أع 19: 2، 3) إذ كانوا قد اعتمدوا بمعمودية يوحنا فقط. فلما كلمهم بولس: (اعتمدوا باسم الرب يسوع. ولما وضع بولس يديه عليهم. حل الروح القدس عليهم). إننا بالمعمودية نشترك مع المسيح في موته، وننال البنوة. وبالروح القدس نحيا الحياة اللائقة بنا كبنين وكلا الأمرين لازم لخلاصنا. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
سر الإفخارستيا | التناول لكي ندرك أهمية التناول من جسد الرب ودمه، يكفى من باب الاختصار أن نذكر قول المسيح: (الحق الحق أقول لكم! إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه، فليس لكم حياة فيكم. من يأكل جسدي ويشرب دمى، فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير.. من يأكل جسدي ويشرب دمى يثبت في وأنا فيه) (يو 6: 53-58). هنا نرى الحياة الأبدية متعلقة بالتناول من جسد الرب، بحيث أن الذي لا يتناول لا تكون له حياة، أي يهلك.. أتسأل بعد هذا عن لزوم التناول للخلاص؟ ! إن كنا أرثوذكسي ونؤمن بالإيمان الأرثوذكسي، فنحن إذن نؤمن بما نقوله في القداس الإلهي عن جسد الرب الذي نتناوله: (يعطى عنا خلاصًا وغفرانا للخطايا، وحياة أبدية لكل من يتناول منه) أيسأل أحد ويقول: (هل ممكن الخلاص بدون تناول؟ أقول كلا، لا يمكن. لأن جسد الرب يعطى عنا خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه. فكيف نشرح هذا من الناحية اللاهوتية..؟ إن المعمودية قد خلصتك من الخطيئة الأصلية، وهذا هو الخلاص الأول الذي نلته. والمعمودية قد صيرتك ابنا لله وجعلتك مستحقًا لنوال استحقاقات الدم. ولكنك في كل يوم تخطئ، وتحتاج أن تمحى خطيئتك بالدم (إن قلنا أنه ليس لنا خطيئة، نضل أنفسنا وليس الحق فينا) (1يو 1: 8) أنت إذن في كل يوم تخطئ وتحتاج إلى جسد المسيح المذبوح عنك. تحتاج إلى الذبيحة المقدسة كفارة لخطاياك. وما الذبيحة المقدسة في سر الافخارستيا سوى امتداد لذبيحة المسيح. لذلك لا يمكن أن تخلص من خطاياك بدونها، هذه التي تعطى عنا خلاصًا وغفرانا للخطايا. كما أن بها نثبت في الرب كما قال. قد يأتيك إنسان ويقول لك: أتريد أن تخلص..؟ اطرح نفسك تحت قدمي المسيح، وقل له: اقبلني يا يسوع!! هذا الكلام يا إخوتي يحتاج إلى إجراءات تنفيذية.. أتريد أن يقبلك المسيح..؟ هناك طريق للخلاص يقبلك به: تموت مع المسيح وتدفن معه بالمعمودية فيقبلك. تمسح بالروح القدس فيقبلك. تأكل جسده وتشرب دمه لكي تثبت فيه وهذا يقبلك. تعترف بخطاياك فيقبلك.. هذا هو الطريق العملي الذي يقبلك بها الرب. أما أن تطلب منه قبولك دون أن تسير في طريقه الذي رسمه، فهذا كلام لائق. وبالمثل نقول عن عبارة (سلم حياتكم ليسوع)..! ما أسهل أن يلفظ إنسان مثل هذا الكلام، وما أصعب أن ينفذه..! هل تظنون تسليم الحياة شيء هين؟! إن كل جهادنا الروحي يتركز في هذه العبارة (تسليم الحياة)! ففيها يسلم الإنسان إرادته للرب، ويسلم قلبه وعواطفه، ويسلم الإنسان إرادته للرب، ويسلم قلبه وعواطفه، ويسلم عزيمته، ويسلم فكره.. أي يعمل أعمالًا تليق بالتوبة. وإن كنا نتكلم عن سر الافخارستيا فلابد أن نسبقه بكلام عن سر التوبة. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
سر التوبة هل تلزم التوبة للخلاص..؟ نعم بل انه بدون التوبة لا يكون لك خلاص.. لعلك تسأل: كيف هذا..؟ إنني آمنت وتعمدت وتبررت.... نعم انك قد تعمدت، ونجوت من الخطيئة الأصلية، ولكن ماذا عن خطاياك الفعلية التي ترتكبها كل يوم، أين تهرب منها؟ وكيف تهرب منها؟ هل الإيمان والمعمودية يجعلانك لا تخطئ بعدهما أبدأ؟! كلا بلا شك. هوذا يوحنا الرسول يقرر بأنه (إن قلنا إنه ليس لنا خطيئة نضل أنفسنا وليس الحق فينا) (1 يو 1: 8). وذلك لأنه (ليس أحد صالحًا إلا واحد وهو الله) (مت 19: 17). لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنا) (يع 3: 2) وليس أحد لا خطيئة ولو كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض كما نصلى في أوشية الراقدين.. فماذا نقول عن هذه الخطايا كلها..؟ كيف يخلص منها الإنسان..؟ أليس بالتوبة..؟ لعل أحد يهمس في أذنك قائلا: (آمن فقط.. آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك).. ! إن هذه الآية أيها الأخ الحبيب قد قلناها فيما مضى قبل المعمودية. أما عن خطاياك بعد المعمودية فينصحك بخصوصها يوحنا الرسول قائلًا ك (إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم) (1يو 1: 9). وعنها يقول الكتاب: (من يكتم خطاياه لا ينجح.. ومن يقر بها ويتركها يرحم) (أم 28: 13).. من أجل هذا وضعت لنا الكنيسة المقدسة سر التوبة. فما دام الإنسان المؤمن معرضًا للسقوط في كل وقت، ومعرضًا للهلاك بخطيئته على الرغم من إيمانه، وما دام الإنسان في حرب دائمة ضد الخطيئة كثيرًا ما يزل فيها ويعثر ويسقط كل يوم، لذل وضع الله لنا التوبة نتجدد بها ونتطهر ونغتسل من خطيتنا. والتوبة عمل لا ينكر أحد من البروتوستانت أهميته ولزومه ويدخل في التوبة الندم والنوح والاعتراف والعزيمة على ترك الخطيئة، وكلها أعمال. لا أقول أنه بالتوبة وحدها يخلص الإنسان، فالتوبة بدون دم المسيح لا فائدة منها. ولكنى أقول أن التوبة تجعل الإنسان مستحقًا لأن يغتسل وتطهر بدم المسيح فيخلص. دم المسيح مثل كنز عظيم، ولكننا نقترب إليه بالتوبة، ونأخذ منه فنغتني. أما إذا لم نستعمل التوبة، فان الكنز يبقى كنزا محتفظًا بقيمته، ونبقى نحن بعيدين عنه، فقراء نهلك جوعًا. حنان الأب موجود، والثوب الجديد موجود والعجل المسمن موجود، ولكن على الابن الضال أن يقترب إلى الآب بالتوبة ليحظى بكل هذه.. فلنعترف إذن بأن: (الله أعطى الأمم التوبة للحياة) (أع 18). إن أهمية التوبة يوضحها قول السيد المسيح له المجد: (إن لم تتوبوا، فجميعكم كذلك تهلكون) (لو 13: 3). فهذه الآية تدل على أن التوبة وسيلة للخلاص تنجى من الهلاك، وتدل أيضا على أنه بدون التوبة يهلك الإنسان الخاطئ. (فالله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضيًا عن أزمنة الجهل) (أع 17: 30). وليس أن يتوبوا فقط، وإنما يتبع ذلك أيضًا أن يعملوا (أعمالا تليق بالتوبة) (أع 26: 20). هذه التوبة ينادى بها الرسل والقديسين كوسيلة للخلاص من الهلاك المعد للخطاة. فبطرس الرسول يقول عن الله أنه (يتأنى علينا، وهو لا يشاء أن يهلك أناس، بل أن يقبل الجميع إلى التوبة ) (2 بط 3: 9) فهنا مقابلة بين التوبة والهلاك، تعنى أن من يقبل إلى التوبة يخلص وينجو من الهلاك، والعكس بالعكس.. وبولس الرسول يشرح الغضب المعد لغير التائبين الذين يتعرضون لدينونة الله العادلة فيقول: (أم تستهين. بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته، غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة. ولكنه من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضبا ليوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة الذي سيجازى كل واحد حسب أعماله) (رو 2: 4-6). هذه التوبة لم يطلبها الله من الأمم فقط ومن غير المؤمنين، وإنما طلبها أيضا في سفر الرؤيا من ملائكة كنائس آسيا. فقال لملاك كنيسة أفسس (فاذكر من أين سقطت وتب، واعمل الأعمال الأولى. وإلا فإني آتيك عن قريب وأزحزح منارتك من مكانها إن لم تتب) (رؤ 2: 16) وقال لملاك كنيسة ساردس: (فاذكر كيف أخذت وسمعت واحفظ وتب. فإني إن لم تسهر أقدم عليك كلص، ولا تعلم أية ساعة أقدم عليك) (رؤ 3: 3). وقال أيضًا لملاك كنيسة لاوديكيا: (كن غيورًا وتب ) (رؤ 3: 19). لا تظن يا أخي إن خطية آدم وحده هي التي كانت تستحق الموت. وإنما عموما أجرة الخطيئة هي موت. وكل خطية ترتكبها بعد معموديتك يمكن أن تكون سببًا في هلاكك إن لم تتب. وسر التوبة في الكنيسة يسمى أيضا سر الاعتراف. فأنت تحتاج أن تأتى وتقر بخطاياك لكي تأخذ عنها حلًا من الكاهن فتغفر لك. وقد مارست الكنيسة المقدسة سر الاعتراف منذ البدء. ففي أيام الرسل يقول الكتاب: (كان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم) (أع 19: 18) وحتى قبل الرسل يقول الكتاب عن يوحنا المعمدان: (واعتمدوا منه في الأردن معترفين بخطاياهم، (مت 3: 6). في طريق خلاصك إذن، ليتك تستفيد من قول السيد المسيح لتلاميذه: (.. اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أمسكت) (يو 20: 22، 23). |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
الأعمال الصالحة https://st-takla.org/Pix/Christian-Sy...-to-Heaven.jpg تكلمنا الآن عن الخلاص بدم المسيح، وكيف أن استحقاق دم المسيح يلزم له الإيمان، والمعمودية، وسر المسحة المقدسة، وسر التوبة، وسر الافخارستيا. وبقى أن نتحدث عن الأعمال ومركزها في قضية الخلاص. وقد أفردنا لهذا الموضوع فصلا خاصًا لأهميته |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
أهمية الأعمال في موضوع الخلاص أعمال الإنسان أما صالحة وأما شريرة. فالأعمال الشريرة تهلك الإنسان وتفقده خلاصه. أما الأعمال الصالحة فهي لازمة للخلاص. عدم وجودها يدل على أن الإيمان ميت، وعلى أنه لا ثمرة له. ولكن الأعمال الصالحة وحدها لا تكفى للخلاص بدون إيمان وبدون معمودية وبدون استحقاقات دم المسيح. هذه الأعمال الصالحة هي ثمرة الإيمان وبرهان على وجود الإيمان، وبها نكمل الإيمان، كما سنشرح ذلك بالتفصيل فيما بعد. وقد طلب الله هذه الأعمال الصالحة وأمر بها، وحدد عقوبات على من يهملها. وستكون الدينونة في اليوم الأخير بحسب الأعمال. إن الأعمال الصالحة لا يتم الخلاص بسببها، ولكنه لا يتم بدونها. فالخلاص لا يكون إلا بدم المسيح وحده، ولكن الأعمال تؤهل لاستحقاق هذا الدم. على أنه يلزمنا أن نوجه الانتباه إلى أمر هام جدًا وهو أن أعمال الإنسان الصالحة تحتاج إلى مؤازرة من النعمة. فقد قال المسيح له المجد: (بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئًا) (يو 15: 5) فأعمالنا الصالحة هي نتيجة لاشتراك إرادتنا مع عمل الروح القدس فينا. إن نصوص الكتاب المقدس التي تقلل من قيمة الأعمال، هذه أما أن يكون المقصود منها هو أعمال الناموسكالختان والممارسات الطقسية وحفظ الأيام والشهور وما إلى أن يكون المقصود منها هو مهاجمة الأعمال غير المبنية على دم المسيح وفدائه. كأعمال غير المؤمنين والوثنيين.. الخ.. أما أعمال بدون إيمان. أو أعمال سابقة على الإيمان. وسنحاول أن نتناول هذه النقاط جميعًا واحدة فواحدة حسبما تعطى نعمة الرب من معونة. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
الأعمال الشريرة تؤدي إلى الهلاك وهذا أمر طبيعي. لأن الله كما انه كامل في رحمته، كذلك الأمر هو أيضًا كامل في عدله. وما دامت (أجرة الخطيئة هي موت) (رو 6: 23). فلابد أن ينال الخاطئ عقوبة خطيئته. حقيقي أن المسيح قد مات عنا، ولكن لا يتمتع باستحقاق موت المسيح سوى التائبين. وإلا كان هذا الخلاص المجاني بابًا مفتوحًا للاستهتار والفساد، وتصريحًا بارتكاب الخطيئة دون خوف من عقوبتها، اعتمادًا على دم المسيح وكفارته التي وفت كل شيء!!! لذلك يقول بولس الرسول في هذا المعنى: "فماذا نقول..؟" أنبقى في الخطيئة لكي تكثر النعمة؟! حاشا. نحن الذين متنا عن الخطيئة، كيف نعيش بعد فيها؟! إّن لا تملكن الخطيئة في جسدكم المائت لكي تطيعوها في شهواته) (رو 6: 10-12). ويتابع بولس الرسول في حديثه فيقول: فماذا إذن أنخطئ لأننا لسنا تحت الناموس بل تحت النعمة؟! حاشا. ألستم تعلمون أن الذي تقدمون ذواتكم له عبيدًا للطاعة أنتم عبيد للذي تطيعونه. أما للخطيئة للموت أو للطاعة للبر) (رو 6: 15، 16). وفى هاتين الآيتين بين لنا الرسول أننا لو أطعنا الخطيئة -ونحن تحت النعمة- فإنها تكون طاعة للموت. وما دامت للموت، فمعناها فقداننا للحياة الأبدية التي لنا في المسيح يسوع. ما أهم هذه الآيات، وخاصة لأنها كلام الوحي على لسان بولس الرسول الذي هو أكبر رسول يعتمد عليه البروتستانت في موضوع النعمة والتبرير بالإيمان. وأيضًا لأنها آيات من الرسالة إلى رومية وهى الرسالة الأولى والأساسية التي يعتدون عليها في هذا الموضوع (انظر أيضًا غلا 2: 17). |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
نصوص حول الأعمال الشريرة من رسائل بولس الرسول ما أكثر نصوص الكتاب التي تدل على أن الأعمال الشريرة تؤدى إلى الهلاك. · (غل 5: 19 – 21): (وأعمال الجسد ظاهرة التي هي زنا، عهارة، نجاسة، دعارة، عبادة الأوثان، سحر، عداوة، خصام، غيرة، سخط، تحزب، شقاق، بدعة، حسد، قتل، سكر، بطر، وأمثال هذه التي سبق فأقول لكم عنها كما سبقت فقلت أن الذين يفعلون هذه لا يرثون ملكوت الله). إذن فالإيمان مع مثل هذه الأعمال الشريرة – لا يفيد شيئًا ولا يخلص وحده الإنسان.. · (أف 5: 5، 6): (فإنكم تعلمون هذا، إن كل زان أو نجس أو طماع الذي هو عابد للأوثان، ليس له ميراث في ملكوت المسيح والله. لا يغركم أحد بكلام باطل، لأنه بسبب هذه الأمور يأتي غضب الله على أبناء المعصية). · (1كو 6: 9، 10): (2م لستم تعلمون أن الظالمين لا يرثون ملكوت الله لا تضلوا. لا زناة، ولا عبدة أوثان، ولا فاسقون، ولا مأبونون، ولا مضاعجو ذكور، ولا سارقون، ولا شتامون، ولا خاطفون، يرثون ملكوت الله. · (عب 13: 4): (أما العاهرون والزناة فسيدينهم الله).. هذه آيات صريحة يقدم بها بولس الرسول ما يزيد عن عشرين عملا تغلق ملكوت الله أمام المؤمن اذا أخطأ.. ويتحدث بولس الرسول -رسول النعمة والتبرير- بعنف شديد في رسالته إلى العبرانيين فيقول: (فانه ان أخطانا باختيارنا بعدما أخذنا معرفة الحق، لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا، بل قبول دينونة مخيف، وغيرة نار عتيدة أن تأكل المضادين). (فكم عقابًا أشر تظنون أنه يحسب مستحقًا من داس ابن الله وحسب دم العهد الذي قدس به دنسًا، وازدرى بروح النعمة. فاننا نعرف الذي قال لي الانتقام أنا أجازى يقول الرب، وأيضًا الرب يدين شعبه. مخيف هو الوقوع في يدى الله الحى). ونفس المعنى الموجود في الآيتين الأولين يقول في شدة ما يشبهه في موضوع آخر من الرسالة (عب 6: 4-8): · (رو1: 8) (لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس واثمهم). (كو 3: 5، 6) (فأميتوا أعضاءكم التي على الأرض: الزنا، النجاسة، الهوى، الشهوة الرديئة، الطمع الذي هو عبادة الأوثان. الأمور التي من أجلها غضب الله على أبناء المعصية). · (2تس 1: 8، 9): (.. معطيًا نقمة للذين لا يعرفون الله، والذين لا يطيعون انجيل ربنا يسوع المسيح، الذي سيعاقبون بهلاك أبدى من وجه الرب). نلاحظ هنا أنه جعل الهلاك الأبدى عقوبة للأمرين معًا: ترك الإيمان، وترك الأعمال. فعبارة (الذين لا يعرفون الله) خاصة بعدم الإيمان، وعبارة (الذين لا يطيعون الانجيل) خاصة بترك الأعمال. · (رو 2: 8-10): (وأما الذين هم من أهل التحزب ولا يطاعون للحق بل يطاعون للاثم، فسخط وغضب. شدة وضيق على كل نفس إنسان يفعل الشر، اليهودى أولا ثم اليونانى. ومجد وكرامة وسلام لكل من يفعل الصلاح، اليهودى أولا ثم اليونانى) نلاحظ هنا أيضًا ليس فقط عقوبة الأعمال الشريرة، بل أيضا مكافأة الأعمال الصالحة. تعليقأوردنا فيما سبق آيات من عقوبة الخطيئة، وكيف أن المؤمن إذا أخطأ يهلك بخطيئته. وإن الأعمال الشريرة تجعل الذي يخطئ لا يرث ملكوت الله، ويقع عليه غضب الله، ويعتبر من أبناء المعصية، ويتعرض لدينونة مخيفة، وغيرة نار تاكله، ويعاقب بهلاك أبدى من وجه الرب، وتقع على نفسه شدة وضيق، ويدينه الله. وكل هذا ذكره بولس الرسول، الذي تحدث باسهاب عن النعمة والتبرير بالإيمان. وقد بدأنا وذكرنا هذه الآيات حتى على ضوئها نفهم الآيات الخاصة بالنعمة والإيمان التي ذكرها بولس الرسول نفسه.. حتى لا يبدو لأحد أن لبولس الرسول تعليمًا آخر، وإنما هو أيضًا علم -في كل رسالة تقريبًا- بأن الخطايا تغلق ملكوت السموات.. بل أنه علم كذلك بأن الأعمال الشريرة تلغى عمل الإيمان، فقال في رسالته إلى تيطس: (يعترفون بأنهم يعرفون الله، ولكنهم بالأعمال ينكرونه، إذ هم رجسون غير طائعين ومن جهة كل عمل صالح مرفضون). |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
نصوص حول الأعمال الشريرة من رسائل الكاثوليكون نصوص أخرى من غير رسائل بولس الرسول: · (2 بط 2: 4 – 22): (لأنه إن كان لم يشفق على ملائكة قد أخطأوا. بل في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم وسلمهم محروسين للقضاء، ولم يشفق على العالم القديم.. يلم الرب أن ينقذ الأتقياء من التجربة، ويحفظ الأثمة إلى يوم الدين معاقبين. ولا سيما الذين يذهبون وراء الجسد في شهوة النجاسة.. فسيلكون في فسادهم، آخذين أجرة الإثم.. الذين قد حفظ لهم قتام الظلام إلى الأبد.. لأنه إن كانوا بعدما هربوا من رجاسات العالم بمعرفة الرب والمخلص يسوع المسيح، يرتبكون أيضًا فيها فينغلبون، فقد صارت لهم الأواخر أشر من الأوائل. لأنه كان خيرًا لهم لو لم يعرفوا طريق البر، من أنهم بعدما عرفوا يرتدون عن الوصية المقدسة المسلمة لهم. قد أصابهم ما في المثل الصادق: (كلب قد عاد إلى قيئه، وخنزيرة مغتسلة إلى مراغةالحمأة) واضح من النصوص الأخيرة أنه يتكلم عن مؤمنين يهلكون. · (1بط 4: 17، 18) (.. فما هي نهاية الذين لا يطيعون إنجيل الله..؟ وإن كان البار بالجهد يخلص، فالفاجر والخاطئ أين يظهران) · (أع 5: 9): (فقال لهما بطرس ما بالكما اتفقتما على تجربة روح الرب (هوذا أرجل الذين دفنوا زوجك على الباب وسيحملونك خارجًا. فدخل الشباب ووجدوها ميتة، فحملوها خارجًا ودفنوها بجانب رجله) أن هلاك حناينا وسفيرا دليل على أن العمل الشرير يهلك، وإن الإيمان وحده لا يكفى. فقد كان الاثنان مؤمنين بالمسيح، ولكن قلبهما لم يكن مستقيمًا فهلكا. ويقول الكتاب انه بعد موتهما: (صار خوف عظيم على الكنيسة، وعلى جميع الذين سمعوا بذلك) · (رؤ 21: 8): (وأما الخائفون، وغير المؤمنين، والرجسون، والقاتلون، والزناة، والسحرة، وعبدة الأوثان، وجميع الكذبة، فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني). · (رؤ 18: 7) (بقدر ما مجدت نفسها وتنعمت، بقدر ذلك أعطوها عذابا وحزنًا) *(1يو 3: 15): كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس. وأنتم تعلمون أن كل قاتل نفس ليست له حياة أبدية ثابتة فيه).· (يع 3: 1، 2): (لا تكونوا معلمين كثيرين يا إخوتي، عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم، لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنًا) · (يع 5: 1، 9): (هلم الآن أيها الأغنياء ابكوا مولولين على شقاوتكم القادمة.. لا يئن بعضكم على بعض أيها الأخوة لئلا تدانوا. هوذا الديان واقف قدام الباب). تعليق:رأينا من النصوص السابقة أن خطايا كثيرة تسبب الهلاك، وتلقى في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت، وتجلب العذاب والحزن، وتحرم من الحياة الأبدية، وتلقى إلى الشقاء، وإلى الدينونة، سواء منها الخطايا التي تبدو خطيرة، أو الخطايا التي يستهين بها البعض مثل التعليم الكثير، والغنى الزائد وبخس الأجراء، وبغضة الأخ.. الخ. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
تعليم المسيح عن الأعمال الشريرة والهلاك وهذا الأمر هو تعليم السيد المسيح نفسه: · (يو 5: 28، 29) (فانه تأتى ساعة يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة). · (مت 13: 40-42) (فكما يجمع الزوان ويحرق بالنار، وهكذا يكون في انقضاء العالم. يرسل ابن الإنسان ملائكته، فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم، ويطرحونهم في أتون النار. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان). · (مت 7: 19، 20): (كل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدا ًتقطع وتلقى في النار. فإذن من ثمارهم تعرفونهم) نلاحظ في كل النصوص السابقة انه لم يتكلم عن طرح غير المؤمنين في النار أو الدينونة وإنما (الذين عملوا السيئات) و(من لا يصنع ثمرًا جيدًا). والنصوص المقبلة تظهر بوضوح أن الإيمان وحده لا فائدة منه للخلاص إذًا لم يصحب بأعمال صالحة: · (مت 7: 21 – 23): (ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات، بل الذي يفعل إرادة أبى الذي في السموات. كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب، أليس تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات..؟ فحينئذ أصرح لهم إني لم أعرفكم قط اذهبوا عنى يا فاعلي الإثم). نلاحظ في هذه الآيات أن هؤلاء الهالكين لم يكونوا مؤمنين فحسب وإنما أيضًا أصحاب مواهب ومعجزات. · (مت 25: 41 – 46): (ثم يقول أيضًا للذين عن اليسار: اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته. لأني جعت فلم تطعموني،عطشت فلم تسقوني، كنت غريبًا فلم تأووني، عريانًا فلم تكسوني، مريضًا ومحبوسًا فلم تزوروني. حينئذ يجيبونه هم أيضًا قائلين يا رب متى.. فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدى، والأبرار إلى حياة أبدية). نلاحظ هنا أن هؤلاء الهالكين، لم يكونوا قتلة أو فسقة أو عبدة أوثان. وإنما مجرد عدم إطعام الجائع، ومجرد عدم زيارة المريض، كان سببًا في هلاكهم.. · (لو 13: 3، 5) (إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون). · (مت 5: 29، 30) (فان كانت عينيك اليمنى تعثرك، فاقلعها والقها عنك. لأنه خير لك أن يهلك احد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم، وإن كانت يدك اليمنى تعثرك..) نلاحظ هنا أن سبب الإلقاء في جهنم لم يكن عدم الإيمان، وإنما كانت خطية واحدة من خطايا الجسد، مثل شهوة العين التي تقود إلى الزنا، أو السرقة مثلا ً. · (لو 13: 24 – 28): (واجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق: فإني أقول لكم إن كثيرين سيطلبون أن يدخلوا ولا يقدرون، من بعد ما يكون رب البيت قد قام وأغلق الباب. وابتدأتم تقفون خارجًا وتقرعون الباب قائلين يا رب افتح لنا. فيجيب ويقول لكم لا أعرفكم من أين أنتم، تباعدوا عنى يا جميع فاعلي الإثم. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان..) (هنا يكلم مؤمنين يقولون له يا رب يا رب.. ولكنهم هلكوا لأنهم كانوا فاعلي إثم). · (مت 19: 24): (مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غنى إلى ملكوت الله) [ أي هناك من سيفقدون الملكوت، لا بسبب عدم إيمانهم بل بسبب مخاطر الغنى]. · (مت 12: 26) (ولكن أقول لكم ان كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حسابًا يوم الدين، لأنك بكلامك تبرر وبكلامك تدان) [إن ايمان الإنسان لا ينفى وقوعه في الدينونة بسبب كلامه]. هنا نتذكر قول معلمنا القديس باسيليوس الكبير: ماذا يفيدنى لو عملت كل البر، ثم أقول لأخى يا أحمق فأكون مستحقًا نار جهنم، لأن ربنا يسوع المسيح يقول: ومن قال لأخيه يا أحمق يكون مستحق نار جهنم) (متى 5: 22) |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
الدينونة حسب الأعمال هذه حقيقة واضحة تبين أهمية أعمال الإنسان. في العهد القديم يقول داود في المزمور (لك يا رب الرحمة لأنك تجازى الإنسان كعمله) (مز 62: 12)، ويقول سفر الجامعة (لأن لله يحضر كل عمال إلى الدينونة، على كل خفي أن كان خيرًا أو شرًا) (جا 12: 14). وفى العهد الجديد تأكدت هذه الحقيقة من فم السيد المسيح وأفواه رسله القديسين، وفي هذا يقول السيد الرب (فان ابن الإنسان سوف يأتي مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله) (مت 16: 27). كما قال أيضًا (فانه تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة لحياة، والين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة) (يو 5: 28، 29) لاحظوا أن يتكلم في هذه الآية عن الأعمال (الذين فعلوا الصالحات.. والذين عملوا السيئات). وليست الدينونة على الأعمال فقط، بل حتى على الكلام. ولذلك يقول (بكلامك تبرر وبكلامك تدان) (متى 12: 36). وهذا الأمر واضح واضح في سفر الرؤيا. إذ أن الرب أرسل إلى كل ملاك من ملائكة الكنائس السبع يقول له (أنا عارف أعمالك) (رؤ 1: 2، 3). كما قال الرب صراحة (وها أنا آتى سريعًا وأجرتي معي، أجازى كل واحد كما يكون عمله) (رؤ 22: 12). وقد قيل في هذا السفر (طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن نعم يقول الروح! لكي يستريحوا من أتعابهم، وأعمالهم تبعهم) (رؤ 14: 13). وقيل أيضًا (ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم) (رؤ 20: 12). وصورة الدينونة التي شرحها لنا الرب يسوع من حيث كلامه الذي قوله للذين عن اليمين، وكلامه للذين على اليسار، هي صورة دينونة حسب الأعمال. إذا أنه قال للذين عن اليمين (جعت فأطعمتموني عطشت فسقيتموني، كنت غريبًا فآويتموني..). وبناءًا على هذه الأعمال الصالحة قال لهم تعالوا يا مباركي أبى، رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم) (مت 25: 31-46)..وبالمثل فعل مع الأشرار، دانهم حسب أعمالهم. إذن يكفى أن يقصر الإنسان في إطعام الجياع أو زيارة المرضى، وإذ يخلو قلبه من هذه الرحمة يفقد الملكوت، مهما كان له من إيمان، ومهما كان له من ثقة جوفاء في داخله لا تغنيه شيئًا!! ما أخطر العبارة التي قالها معلمنا يعقوب الرسول (ما المنفعة يا أخوتي إن قال أحد أن له إيمانًا ولكن ليس له أعمال. هل يقدر الإيمان أن يخلصه؟!) (يع 2: 14). وكون الدينونة حسب الأعمال، حقيقة تكلم عنها بولس الرسول كثيرًا. فقال لأنه لا بد أننا جميعًا نظهر أمام كرسي المسيح، لينال كل واحد ما كان بالجسد يحسب ما صنع خيرًا كان أم شرًا (2 كو 5: 10). وقال أيضًا: (ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر نفسك غضبًا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة الذي سيجازى كل واحد حسب أعماله)" (رو 2: 5-7). وتلخيصًا للدينونة حسب الأعمال، قال بولس الرسول كذلك "فإن الذي يزرعه الإنسان، إياه يحصد أيضًا. لأن من يزرع لجسده، فمن الجسد يحصد فسادًا. ومن يزرع للروح يحصد حياة أبدية" (غل 6: 7، 8). كما قال "فعمل كل واحد سيصير ظاهرًا، لأن اليوم سيبينه وستمتحن النار كل واحد ما هو" (1 كو 3: 13). وقال أيضًا "كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه"، ولم يقل "بحسب إيمانه" أو "بحسب النعمة"... وعن الدينونة حسب الأعمال قال بطرس الرسول عن الأب "الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد، فسيروا زمان غربتكم بخوف" (1 بط 1: 17). فإن كانت الأعمال على هذه الدرجة من الخطورة -خيرًا كانت أم شرًا- بحيث يدان الإنسان بموجبها، فهل يجرؤ أحد أن يقلل من قيمة الأعمال وأهميتها؟! إن كان الله لا ينسى "كأس الماء البارد" فلا يضيع أجره، ولا ينسى أبدًا تعب المحبة، "إذن يا أخوتي الأحباء كونوا راسخين غبر متزعزعين، مكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلًا في الرب" (1 كو 15: 58). إن الأعمال هامة جدًا في طريق خلاصنا، وهامة في تحديد مصيرنا الأبدي، فلنتأمل إذن كم هي لازمة.... |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
الأعمال ثمار لازِمة للإيمان * الأعمال ثمار للإيمان، الإيمان الحي لا بد أن يثمر، وهو يثمر أعمالًا صالحة. هذه الأعمال دليل على وجود الإيمان وحيويته. وهى أيضًا ثمار لعمل الروح القدس فينا، وثمار لازمة لحياة التوبة التي نحياها. فهل يطلب الله هذه الأعمال؟ أو يطلب هذه الثمار؟ نعم يطلبها، ويشدد في ذلك... وقف يوحنا المعمدان ينادى قائلًا " اصنعوا ثمارًا تليق بالتوبة، ولا تبتدئوا تقولون في أنفسكم لنا إبراهيم أبًا..." (لو 3: 8). إن اختيار الله لكم، ليس معناه أن تخلصوا بدون الأعمال. لا بد أن تصنعوا ثمارًا تليق بالتوبة. وإن لم نصنع؟ إن لم تصنعوا ثمرًا فنهايتكم تكون الهلاك. وما الدليل؟ يستطرد يوحنا المعمدان – أعظم من ولدت النساء – فيقول " والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجرة. فكل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تقطع وتلقى في النار" (لو 3: 9) أي أن الذي لا يعمل أعمالًا صالحة يهلك. تحتج قائلًا أن لي إبراهيم أبًا، أنا مولود من الله، أنا تبررت وتقدست وتجددت. أقول لك " أصنع ثمارًا تليق بالتوبة". هذه الكلام لم يقله يوحنا المعمدان فقط، لكننا في العهد الجديد أيضًا نجد بولس الرسول يقول " أخبرت أولًا الذين في دمشق وفي أورشليم حتى جميع كورة اليهودية، ثم الأمم، أن يتوبوا ويرجعوا إلى الله، عاملين أعمالًا تليق بالتوبة" (أع 26: 20). وفى رسالته إلى تيطس يقول " صادقة هي الكلمة، أريد أن تقرر هذه الأمور لكي يهتم الذين آمنوا بالله أن يمارسوا أعمالًا حسنة". لماذا أيها القديس العظيم؟ يكمل معلمنا بولس كلامه فيقول"... وليتعلم من لنا أيضًا أن يمارسوا أعمالًا حسنة.... حتى لا يكونوا بلا ثمر" (تى 3: 8، 14). الأعمال إذن هي ثمرة الإيمان، إن كان لك إيمان، ولا يعطى ثمرًا فهو إذن إيمان ميت، لأنه لو كان حيًا لأعطى ثمرًا. وهذه المسألة يشرحها باستفاضة معلمنا يعقوب الرسول فيقول " ما المنفعة يا أخوتي إن قال أحد أن له إيمان ولكن ليس له أعمال. هل يقدر الإيمان أن يخلصه؟!" (يع 2: 14). أنت مؤمن بالمسيح وتقول أن دم المسيح قد طهرني وقد جددني وقد بررني، حسن هذا جدًا، ولكن إن لم تكن لك أعمال، فهل يقدر هذا الإيمان أن يخلصك؟! لأن يعقوب الرسول يثبت في صراحة تامة عجز الإيمان عن تخليص إنسان ليست له أعمال. فهل يعقوب الرسول هو الوحيد الذي هاجم مثل هذا الإيمان الميت؟ كلا، بل إن بولس الرسول قال أيضًا " إن كان لي الإيمان حتى أنقل الجبال، ولكن ليس لي محبة فلست شيئًا" (1 كو 13: 2) إن كنت حقًا ابنًا لله، وهيكلًا لله، والروح القدس يحيا فيك، فينبغي أن تكون لك أعمال هي ثمار الروح فيك. ومعلمنا بولس الرسول يشرح هذه الثمار فيقول: " وأما الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح إيمان، وداعة، تعفف" (غل 5: 22) فهل توجد فيك هذه الثمار؟ إن كانت لا توجد، فما الدليل على أن الروح القدس يعمل فيك؟! إن الشجرة التي لا تثمر، هي شجرة مائتة. وقد قال السيد المسيح له المجد " كل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا، تقطع وتلقى في النار، فإذن من ثمارهم تعرفونهم. ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات، بل الذي يفعل إرادة أبى الذي في السموات" (مت 7: 19- 21). وهنا نرى أن السيد الرب قد ربط بين الخلاص والثمر الجيد الذي يدل عليه عمل إرادة الآب. ولأهمية هذه الثمار قال الرب في توبيخه لليهود (لذلك أقول لكم ان ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثمارًا) (مت 21: 43). وقد شح لنا الرب كيف أنه أزمع أن يقطع التينة التي لم تصنع ثمرًا، فتوسل إليه الكرام قائلًا (يا سيد أتركها هذه السنة أيضًا حتى أنقب حولها وأضع زبلًا. فان صنعت ثمرًا والا ففيما بعد تقطعها) (لو 13: 6-9) فان كنت تخشى أيها الأخ على نفسك من هذا القطع، فاسرع الآن واعمل أعمالًا تليق بأبناء الله. لا تستهن بقيمة الأعمال، فقد وضعت الفأس على أصل الشجرة. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
الأعمال برهان على وجود الإيمان والولادة من الله الأعمال برهان على وجود الإيمان:يقول مار يعقوب الرسول (أرني إيمانك بدون أعمالك. وأنا أريك بأعمالي إيماني) (يع 2: 18). أي أن الأعمال تدل على وجود الإيمان. وهذا واضح من قول الكتاب (من ثمارهم تعرفونهم.. كل شجرة جيدة تصنع أثمارًا جيدة. وأما الشجرة الرديئة فتصنع أثمارًا ردية) (متى 7: 16، 17). الأعمال برهان على الولادة من الله: وذلك لأن الكتاب يقول (أن علمتم أنه بار هو، فأعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه) (1يو 2: 29). ويقول أيضًا (كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية) (1يو 3: 9). واعتبر أن هذا هو المميز لأولاد الله، فقال بعدها (بهذا أولاد الله ضاهرون، وأولاد إبليس (ظاهرون)) (1يو 3: 10). وهذا يشبه ما قاله الرب لليهود المفتخرين باطلًا ببنوتهم لإبراهيم: (لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون إبراهيم) (يو 8: 39). فاتخذ الأعمال دليلًا على البنوة. وقد دافع بولس الرسول أيضًا عن هذه النقطة فقال (لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أولاد الله) (رو 8: 14). إن كان أولاد الله هم هؤلاء الأبرار. فبماذا نسمى الخطاة؟ سماهم الكتاب (أولاد الأفاعي) (متى 3: 7). وسماهم (أولاد إبليس) (يو 8: 44، 1 يو 3: 10). وسماهم أيضًا (أبناء الغضب) و(أبناء المعصية) (أف 2: 2، 3) إن أتاك أحد إذن وقال لك إنني ابن لله، لأني تجددت وتبررت وتقدست. فقل له (من ثمارهم تعرفونهم) الأعمال إذن ثمرة للإيمان، وبرهان على وجود الإيمان وبرهان على البنوة لله. وماذا أيضًا؟ نقول كذلك. بالأعمال يكمل الإيمان: فهكذا قال الرسول (وبالأعمال أكمل الإيمان) (يع 2: 22). لقد بلغ الأمر بيعقوب الرسول أنه -عندما تكلم عن الديانة- قال (الديانة الطاهرة النقية عند الآب هي هذه: افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم، وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم) (يع 1: 27). وكل هذه أعمال ولا شك. ولكننا لا نستغل هذه الآية – كما يفعل البعض – وذلك لإيماننا بمبدأ (خطورة استخدام الآية الواحدة). مادامت الأعمال إذن بهذه الأهمية. فلنتذكر على الدوام قول مار يعقوب (فمن يعرف أن يعمل حسنا، ولا يعمل، فذلك خطية له) (يع 4: 16). |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
أهمية السلوك والأعمال الصالحة ويقول البعض (ما علاقة الخلاص بسلوك الإنسان؟ إن المسألة مسألة إيمان، وليست مسألة سلوك أو أعمال صالحة)!! لذلك سنبين هنا أهمية السلوك وحفظ الوصايا. · يقول يوحنا الرسول: (إن قلنا أن لنا شركة معه، وسلكنا في الظلمة، نكذب ولسنا نعمل الحق ولكن إن سلكنا في النور كما هو في النور، فلنا شركة بعضنا مع بعض، ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية) (1 يو 1: 6، 7). اذن سلوكنا في النور له نتيجتان، هما الشركة والتطهير. سلوكنا في النور، يجعل لنا شركة مع الرب ومع بعضنا البعض. بعكس سلوكنا في الظلمة، فأنه يعطل شركتنا مع الله. وسلوكنا في النور يجعلنا مستحقين أن نتطهر بدم المسيح. لأنه يقول (إن سلكنا في النور.. دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية). (لأن سلكنا في النور). هنا شرط. إذن فاستحقاقات الفداء، والتطهير يستلزم منا أن نسلك في النور. ما أهم هذا السلوك إذن وما أخطر).. هذا السلوك الحسن ينجينا من الدينونة في اليوم الأخير. يقول الكتاب (إذن لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد، بل حسب الروح) (رو 8: 1). أنك بالمسيح يسوع تنجو من الدينونة، ولكن بشرط.. بشرط أن يكون سلوكك روحيًا. ونلاحظ هنا أن عبارة القديس بولس الرسول تشمل الناحيتين السلبية والايجابية. فمن جهة ينبغي أن يبعد المؤمن عن الشر، فلا يسلك حسب الجسد. ومن الجهة الأخرى ينبغي أن يثمر في الفضيلة، فيكون سالكًا حسب الروح. · لذلك ما أكثر وصايا آبائنا الرسل عن أهمية السلوك: يقول القديس بولس في رسالته إلى أهل غلاطية (إن كنا نعيش بالروح، فنسلك أيضًا بحسب الروح) (غل 5: 25). ويشدد على هذه النقطة (اسلكوا بالروح، ولا تكملوا شهوة الجسد) (غل 5: 16) ويأمر أن نسلك (في جدة الحياة) (رو 6: 4). ويرسل إلى أهل أفسس قائلًا (أسلكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يليق بالدعوة التي دعيتم إليها) (أف 4: 1). ويقول لهم أيضًا (انظروا كيف تسلكون بالتدقيق، لا كجهلاء بل كحكماء) (أف 5: 15) [انظروا أيضًا 1 تس 2: 12، 4: 1، 1 كو 1: 10، رو 13: 13]. · ومن ثم كان آباؤنا الرسل يمنعون الخلطة بالذين يسلكون بلا ترتيب لذلك يقول مار بولس في رسالته الثانية إلى تسالونيكى (ثم نوصيكم أيها الاخوة باسم ربنا يسوع المسيح، أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب حسب التقليد الذي أخذه منا) (2 تس 3: 6، 11 · ويرى أباؤنا الرسل أن السلوك الحسن هو علامة المحبة، والدليل على الثبات في المسيح. فيقول القديس يوحنا الرسول (وهذه هي المحبة أن نسلك بحسب وصاياه) ووصاياه ليست ثقيلة) (1 يو 5: 3). ولعل هذا هو ما قاله الرب نفسه (الذى عنده وصاياى ويحفظها، فهو الذي يحبنى (يو 14: 31). أما كونها دليل العلاقة به، فقد قال الرب أيضًا (من يصنع مشيئة أبى الذي في السموات، هو أخى وأختى وأمى) (متى 12: 50). · إن كان سلوك الإنسان على هذه الدرجة من الأهمية: تتوقف عليه شركتنا مع الله ومع الكنيسة، ويتوقف عليه تطهيرنا من خطايانا بدم المسيح، وبه تكون دينونتنا. وهو دليل على محبتنا لله، وتناتنا فيه وعلاقتنا به، فهل يصح أن يتجاهله أحد، قائلًا إن حياتنا ليست مسألة سلوك وإنما إيمان!! |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
الجهاد والنعمة معًا إن كانت الأعمال لازمة للخلاص فهل يخلص الإنسان بأعماله أم بنعمة الروح القدس العاملة معه؟ لقد تطرف كثيرون في التحمس لأحد الجانبين، فأخطأوا. وسنحاول في هذا المجال أن نجيب عن هذا السؤال الهام وهو كيف يخلص الإنسان؟ بالجهاد أم بالنعمة، أم بكليهما معًا؟ الجهاد والنعمة معًا لا يمكن للإنسان أن يخلص بجهاده وحده. فقد قال السيد المسيح له المجد (بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا) (يو 15: 15) إذن فذراعك البشرى وحده -بدون معونة من الله- لا يمكن أن يخلصك، مهما جاهدت ومهما تعبت. وأيضًا النعمة وحدها الجيش لا تشاء أن تخلصك بدون استجابة أراد تكبها. وما أجمل قول القديس يوحنا ذهبي الفم (إن الله يريدنا أن يكون مستلقين على ظهورنا ويعطينا الملكوت، لذلك فالنعمة لا تعمل كل شيء وحدها). فهي ليست مجالا للكسل والتهاون والتراخي. فلا تجلس كسلانًا، دون جهاد في حياتك، قائلًا في غير فهم: إني نارك نفسي للنعمة تعمل بي ما تشاء!! إن النعمة فيك يا أخي يسى معناه أن تنام وتتهاون في أداء واجباتك. مثال يشوع وموسى: كان يشوع بن نون يقود الجيش ويحارب عماليق، وفي نفس الوقت كان موسى النبي يقف على رأس التلة رافعًا يديه بالصلاة.. (خر 17: 11) فهل انتصر الشعب عن طريق جيش يشوع المحارب، أم عن طريق صلاة موسى؟ يخطئ من يركز على واحد من الأمرين ويهمل الآخر. لأن يشوع وحده حارب بدون صلاة موسى -أي بدون معونة من الله- ما كان ممكنًا أن ينتصر. وصلاة موسى وحدها لم يكن معناها مطلقًا تشجيع الخيش على أن يتراخى أمام العدو معتمدًا على صلاة موسى! الجهاد والصلاة معًا كانا سائرين جنبًا إلى جنب. هذا يجاهد في الحرب، والآخر يرفع يديه بالصلاة. الاثنان متلازمان. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
شركة الروح القدس * هناك عبارة جميلة، إن فهمناها فهمنا الكثير عن النعمة والجهاد. تقول البركة الرسولية " نعمة يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم" (2 كو 13: 14). فما معنى عبارة شركة الروح القدس؟ إنها شركة بين اثنين يعملان سويًا: الروح القدس والإنسان. فالروح القدس يقدر أن ينقذك وينجيك، ولكنه لا يشاء أن يفعل هذا بمفرده، وإنما يريدك أن تشترك معه في تدبير حياتك.... وهذه هي شركة الروح القدس. لعلك تحتج وتقول: كيف هذا! ألا يستطيع الروح القدس وحده أن يخلصني؟ نعم أنه يستطيع، ولكنه لا يشاء لأنه ليست في سياسة الله أن يرغمك على عمل الخير، لأن العمل الذي لا إرادة لك فيه لا يجوز مطلقًا أن تكافأ عليه. وأن الروح القدس هو وحده الذي يعمل، فلماذا إذن وجد أبرار وأشرار؟ لو أن الأمر يتلخص في عمل الروح القدس وحده، ما وجد خاطئ واحد على الأرض. أن الروح القدس يستطيع أن يجعل الخاطئ يتوب، ولكنه لا يشاء أن يفعل هذا ما لم تتحد إرادة هذا الخاطئ معه.. إنها شركة. أن مجرد وجود إنسان خاطئ واحد في العالم، لا يتوب، لهو دليل أكيد على أن النعمة وحدها لا تعمل كل شيء. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
هل عمل النعمة معناه إلغاء الحرية الشخصية؟! كلا فحريتك قائمة وإرادتك قائمة. تستطيع أن تستجيب لعمل الروح القدس فيك، وأن تشترك معه وتنقاد له. ويمكنك أيضًا أن توقف عمل الروح القدس فيك إذا أردت. ولذلك يحذرنا الكتاب المقدس قائلًا: " لا تطفئوا الروح" (1تى 5: 19)، ويقول أيضًا " لا تحزنوا روح الله القدوس" (أف 4: 30). النعمة واقفة على الباب تقرع.... " ها أنذا واقف على الباب وأقرع، إن سمع أحد صوتي وفتح الباب، أدخل إليه وأتعشى معه وهو معى" (رؤ 3: 20). وإن لم يفتح، فهو حر، يحدد مصيره كما يشاء. النعمة تعرض معونتها عليك. وأنت حر تقبل أو لا تقبل تعمل أو لا تعمل... إذا اشتركت مع الروح القدس في العمل، من أجل نفسك، تصل بنعمة الروح القدس إلى كمال القداسة، حسب درجة استجابتك وانقيادك. وإذا رفضت الاشتراك، فالنعمة لا تشاء مطلقًا أن ترغمك على الخير. يتطرق إلى كثير من الناس، لدرجة أن كلمة الجهاد الشخصي تبدو كما لو كانت هرطقة! كما لو كانت عملًا ضد الإيمان وضد معونة الله! وهذا كله خطأ. فالنعمة عبارة عن سلاح مقدم إليك، تستطيع أن تحارب به وتنتصر أن أردت، وتستطيع أن تهمله، وتقابل عدو الخير وأنت أعزل فتنهزم. وأنت كلا الأمرين حر تنفذ مشيئتك، ومن الخير لك أن تستخدم السلاح المقدم إليك من أجل خلاص نفسك. وكمثال لهذا الأمر نقول: لو أن جنودًا أخذوا من قيادتهم أثناء الحرب دبابات ومدافع وقنابل وأسلحة، وقاتلوا وانتصروا: فهل النصر راجع إلى بسالتهم أم إلى الأسلحة؟ أن بسالتهم وحدها – بدون أسلحة – ما كانت تكفى مطلقًا للانتصار، فالحرب تحتاج إلى سلاح. والأسلحة وحدها، بدون جنود مهرة في الحروب الروحية هي اشتراك بين إرادة الإنسان وأسلحة الروح. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
ضرورة الجهاد كثيرة هي النصوص المقدسة التي تشرح ضرورة الجهاد..نذكر من بينها قول الرسول (لذلك نحن أيضًا إذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا، لنطرح كل ثقل والخطيئة المحيطة بنا بسهولة، ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا) (عب 12: 1). يقول الرسول هذا ثم يوبخ العبرانيين قائلًا (لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطيئة) (عب 12: 4) فالمروض إذن أن نجاهد، وليس جهادًا عاديًا، إنما جهاد حتى الدم ضد الخطيئة. وإن سأل أحد: إلى متى هذا الجهاد؟ نقول إنه جهاد العمر كله. وكما يقول الكتاب (الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص) (مت 10: 22) ورسول الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان. وأخيرًا قد وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل) (2تى 4: 7، 8). إنه جهاد، ولكنه ليس جهادًا شخصيًا منفصلًا عن عمل الله فيه. بل انه يجمع الاثنين معًا إذ يقول عن كرازته (الأمر الذي لأجله أتعب أيضًا مجاهدًا، بحسب عمله الذي يعمل في بقوة) (كو 1: 29). ليس لمن يشاء ولا لمن يسعى: أما الذين يتطوفون في الحديث عن النعمة بحيث يحتقرون عمل الجهاد، فإنهم يعترضون بالآية التي تقول (ليس لمن يشاء ولا من يسعى، بل لله الذي يرحم) (رو 9: 16). فما معنى هذا؟ هل معناه أن رحمة الله تعطينا الخلاص المجانى، وتنقلنا إلى الملكوت، بدون سعى وبدون مشيئة صالحة؟! هل معنى هذا أن ينام كل إنسان ويكسل، ولا يسعى نحو الخير، ولا يريده، مكتفيا بأن يرحمه الله وهو في هذا التراخي؟! مستحيل أن يقصد الرسول. مستحيل أن يقصد هذا المعنى من قوله ولا لمن يسعى، بينما يقول (جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي..) ان الذي قال (ليس لمن يسعى)، قد أكمل السعي. ونال إكليل البر نتيجة لهذا السعي، ونتيجة لجهاده الحسن. إن الذي قال (ليس لمن يسعى)، هو الذي قال عن نفسه (ليس أنى قد نلت أو صرت كاملًا، ولكنى أسعى لعلى أدرك الذى لأجله أدركني أيضًا المسيح يسوع.. أيها الأخوة أنا لست أحسب نفسي قد أدركت، ولكنى أفعل شيئًا واحدًا، إذ أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام. أسعى نحو الغرض، لأجل جعالة دعوة الله العليا) (فى 3: 12-14). إن بولس نفسه يسعى لكي يدرك. فهل هذا هو مجرد اختبار خاص قد مر بك يا بولس؟ أبدًا.. أنه للكل. لذلك يتابع الرسول كلامه فيقول (فليفتكر هذا جميع الكاملين منا) (فى 3: 15). إن كنت كاملًا إذن عليك أن تسعى لكي تدرك. وبولس الرسول نفسه يدعونا جميعًا إلى هذا السعي وهذا الجهاد فيقول: (ألستم تعلمون أن الذين يركضون في الميدان جميعهم يركضون ولكن واحد يأخذ الجعالة، هكذا اركضوا لكي تنالوا) (1كو 9: 24) ما الذي تطلبه منا أيها الرسول العظيم؟! كيف نركض والأمر ليس لمن يشاء ولا لمن يسعى؟! ما الفائدة من أن نركض وأن نجاهد؟ كفانا أن نجلس كما نحن، وتأتينا النعمة من عند الله، فتنقلنا من الموت إلى الحياة، وتدخلنا مجانا إلى الملكوت، دون أن نشاء ودون أن نسعى..! أن بولس يكمل كلامه فيقول (وكل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء.. إذن أن أركض هكذا.... بل أقمع جسدي واستعبده، حتى بعدما كرزت للآخرين، لا أصير أنا نفسي مرفوضًا) (1كو 9: 25-27). إذن فهذا الركض وهذا السعي، ليس لنا فقط نحن المؤمنين الضعفاء وإنما هو للرسل أيضًا. فبولس نفسه يركض. بولس الذي كان ممتلئًا من الروح القدس، الذي كانت تعمل فيه النعمة أكثر من الجميع، هو أيضاَ كان محتاجًا أن يركض، وأن يسعى، وأن يكمل السعي، وأن يجاهد الجهاد الحسن.. ويدعونا معه أن نركض مثله لكي ننال.. بل أن بولس العظيم نراه يقمع جسده ويستعبده، حتى لا يصير هو نفسه مرفوضًا! فان كان بولس الرسول يجاهد ويخاف أن يرفض فماذا نفعل نحن؟ ما معنى إذن قوله (ليس لمن يشاء ولا لمن يسعى بل الله الذي يرحم)؟ معناه أن الملكوت لا تصل إليه بمجرد مشيئتك فقط، أو بمجرد سعيك فقط، بدون عمل الله معك، وبدون معونة من نعمته، وبدون شركة الروح القدس. فالجانب الأساسي في الموضوع يرجع إلى الله الذي يرحم. فالذي يعتمد على مشيئته وحده، وعلى سعيه وحده، هو مخطئ، فأنا أسعى والله يرحم. وعندما يبارك الله سعيي، أرجع الفضل إلى الله وليس إلى هذا السعي. حقيقي ليس لمن يشاء ولا لمن يسعى، ولكن الله الذي يرحم. ولكن من هو الذي يرحمه الله؟ يقول أحد القديسين (إن الله يرحم الذين يشاءون والذين يسعون). تذكرني هذه الآية بقول بولس الرسول أيضًا (إذن ليس الغارس شيئًا ولا الساقي بل الله الذي ينمى) (1 كو 3: 7). حقيقي أن الفضل لله الذي ينمى. ولكن الله ينمى الغرس الذي غرس وسقى. ليس معنى الآية أننا لا نغرس ولا نسقى. قائلين في أنفسنا ليس الغارس شيئًا ولا الساقي، ثم بعد ذلك في جهالة ننتظر أن الله ينمى!! بل أننا نغرس ونسقى، ونقول ليس الغارس شيئًا ولا الساقي بل الله الذي ينمى. تمامًا مثلما نشاء ونسعى، ونقول ليس لمن يشاء ولا لمن يسعى بل الله الذي يرحم. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
الحرب الروحية فلنتأمل شرح الرسول لهذه الحرب الروحية في الاصحاح السادس من رسالته إلى أفسس إذ يقول: أخيرًا يا أخوتي، تقووا في الرب وفي شدة قوته. البسوا سلاح الله الكامل، لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس. فان مصارعتنا. ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السمويات. من أجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل. لكي تقروا أن تقاوموا في اليوم الشرير. وبعد أن تتموا كل شيء، أن تثبتوا. فاثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق، ولابسين درع البر، وحاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله. مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة..) (أف 6: 10 – 18). هنا مصارعة، وهنا حرب روحية، وجهاد. السلاح هو سلاح الله الكامل. ولكن ليس معنى هذا أننا لا نجاهد. إنما يجب أن تجاهد، وتعتمد على الله في جهادك. لا تكن مثل شخص قدمت إليه أسلحة الله الروحية، ووقف صامتا لا يستخدمها، ولا يحارب بها الأسلحة موجودة، ولكن عليه أن يحارب. أسلحة الله لها قوتها، ولكن إن لم تستخدمها فستنهزم. إن الأشخاص الذين ذكرهم بولس الرسول باكيًا في (فى 3). كان بإمكانهم أن يستخدموا كل تلك الأسلحة، ولكنهم تركوها، ومالت نفوسهم نحو الخطيئة واستسلموا لها فهلكوا في خطاياهم. على أننا في تلك الأسلحة الروحية نلاحظ البر، والحق، وكلمة الله، والصلاة والطلبة، والسهر.. وكل هذه أعمال. ومعلمنا بطرس الرسول يتكلم أيضًا عن هذه الحرب الروحية فيقول (اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الإيمان..) (1 بط 5: 8، 9 ). أن إبليس عدونا مثل أسد زائر. فماذا نفعل إذن؟ (قاوموه).. أي جاهدوا واصمدوا واستبسلوا. ولكن ليس اعتمادا على ذراعكم البشرى، بل. قاوموه راسخين في الإيمان). هذه الآية تدل على الأمرين معًا: الجهاد في مقاومة الشيطان، والنعمة التي يعتمد عليها المجاهد بالإيمان. ومثل هذا الجهاد يدعو إليه بولس الرسول عندما يوبخ العبرانيين قائلا (لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطيئة) (عب 12: 4) هنا جهاد وهنا مقاومة. ولكننا لا نقاوم بقوتنا الخاصة وإنما بسلاح الله الكامل، راسخين في الإيمان. وهكذا يقول بولس الرسوللتلميذه تيموثيئوس (جاهد جهاد الإيمان الحسن). فهنا جهاد وهنا إيمان، والأمر أن يسيران معًا. ويتحدث بولس الرسول عن جهاده فيقول (جاهرنا في إلهنا أن نكلمكم بإنجيل الله في جهاد كثير) (1 تس 2:2). ويقول في رسالته إلى كولوسي (2: 1) (فإني أريد أن تعلموا أي جهاد لي لأجلكم). مثال داود وجليات:كيف انتصر داود على جليات؟ هل انتصر عليه بنعمة الله ومعونته؟ نعم بلا شك. لقد كان داود معتمدًا على الرب اعتمادًا كاملًا. ولذلك قال داود لجليات (أنت تأتى إلى بسيف وبرمح وبترس، وأنا أتى إليك باسم رب الجنود). (هذا اليوم يحسبك الرب في يدى، فأقتلك وأقطع رأسك.. وتعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس بسيف ولا برمح يخلص الرب، لأن الحرب للرب، وهو يدفعكم ليدنا) (1 صم 17: 45 – 47). عظمة داود في هذه الحرب أنه أدخل الله إلى ميدان القتال. قبل مجئ داود لم يكن هنا كلام عن الله. كان الكلام فقط عن الرجل الصاعد، الرجل الجبار، الذي يعير الجيش دون أن يهتم. وكان الكلام أيضًا عن مكافأة الملك لمن يقتل هذا الرجل (1صم 17: 25) أما داود فأدخل اسم الرب إلى ميدان (آتيك باسم الرب.. يحسبك الرب في يدي.. الرب الذي أنقذني من يد الأسد.. لأن الحرب للرب.. إلخ). ولكن هل اكتفى داود بأن أدخل اسم الرب إلى الميدان قال: بالإيمان سأقتل جليات، بدون عمل وبدون جهاد، لأن الحرب للرب وهو سيدفعه ليدنا..! بدون عمل وبدون جهاد، لأن الحرب للرب وهو سيدفعه ليدنا..! كلا، بل إن داود (انتخب خمسة حجارة ملساء من الوادي وجعلها في جرابه، وتقدم نحو الفلسطيني ومقلاعه بيده) (1 صم 17: 40). وكان لما تقدم جليات للقاء داود (أن داود أسرع وركض نحو الصف للقائه، ومد يده إلى الكنف، وأخذ منه حجرًا، ورماه بالمقلاع، وضرب الفلسطيني في جبهته، فارتكز الحجر في جبهته وسقط على وجهه إلى الأرض. فتمكن داود منه بالمقلاع والحجر وضربه وقتله. ولم يكتف بهذا، وإنما – إذ لم يكن له سيف – ركض ووقف فوق جليات، وأخذ سيفه واخترطه من غمده، وقتله وقطع به رأسه) (1 صم 17: 48 – 51) حقيقي أن الحرب للرب، وأن الرب هو الذي حبس جليات في يد داود، ولكن كان لابد لداود أن يحارب، وأن يتقدم الصف ويركض وينتخب حجارة معينة، وأن يضع الحجر في المقلاع،ويسدد بمهارة. وكان لابد أيضًا أن يخترط السيف، ويتمكن من الرجل ويقتله.. وكل هذه أعمال.. ومع كل هذه فنحن نرجع الفضل في هذا الانتصار إلى الله، وليس إلى داود. لأنه كان من الممكن أن الحصاة لا تأتى في موضع قاتل بالنسبة لجليات فلا يموت بها. ومع داود حارب بكل مهارة. وانتصر، فأننا مع ذلك نردد قول بولس الرسول (ليس لمن يشاء ولا لمن يسعى لله الذي يرحم). لابد من الجهاد والعمل، ومع الجهاد والعمل ننسب النصر لله. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
الإيمان والعمل معًا هكذا أيضًا في الجهاد الروحي.. هي حرب بلا شك. أنت تحارب بكل ما عندك من قوة، والقوة التي عندك هي من الله. تحارب بكل ما تملك من سلاح، وهذا السلاح هو سلاح الله الكامل. لا تقل: أنى أنام، وأسبح في الأحلام، وفي أحلامي أرى الله ينقذني بالنعمة..! إن الله لا ينقذ الكسالى، والنعمة ليست تشجيعًا على التراخي والتهاون. تلميذ لا يذاكر، ويذهب إلى الكاهن يطلب صلاته لكي ينجح، مؤمنًا بقوة الصلاة.. ما الحكم على هذا المثال؟ إن الإيمان بدون أعمال ميت. على التلميذ أن يذاكر، ويطلب الصلاة أيضا. وهكذا يتحد الإيمان والعمل معًا. يقول البعض أن الجهاد هو ذراع بشرى. (وملعون من يتكل على ذراع بشر). والحقيقة أن الجهاد يصبح ذراعًا بشريًا، لو اعتمد الإنسان على ذاته فقط، أي لو اعتبر أنه بمجرد جهاده يخلص دون عمل النعمة معه! هنا يقف أمامه قول السيد الرب (لأنكم بدوني لا تقرون أن تفعلوا شيئًا) (يو 15: 5). إن الحرب بدون سلاح لا تصلح. والسلاح وحده بدون حرب، وبدون إنسان يستعمله جيدًا، لا يمكن أن يجلب النصر. الاثنين متلازمان. وقد قال بولس الرسول (إن كان أحد يجاهد، لا يكلل إن لم يجاهد قانونيًا) (2تى 2: 5 ). إذن لابد أن تجاهد، وتجاهد جهادًا قانونيًا وبهذا تخلص. |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
جهاد الرسل والرعاة هل الرسل لم يجاهدوا ولم يتعبوا من أجل الإيمان؟ إن بولس الرسول نفسه يقول (أنا تعبت أكثر من جميعهم) (1كو 15: 10). كلهم تعبوا، وبولس تعب أكثر، تعبًا سجله في رسالته الثانية إلى كورنثوس (2 كو 11: 23 –33) فإذا كانت المسألة مجرد نعمة، لماذا يتعب بولس؟ وما لزوم الكرازة والوعظ والنصح والتبشير والرعاية والتعب؟ وما دامت النعمة تعمل كل شيء!! لماذا يتعب الراعي، ويرعى ويفتقد ويجاهد؟ أليس الله قادر أن يتكلم في قلوب الناس ويخلصهم وحده؟! ما لزوم الرسل إذن والرعاة والوعاظ؟! وما لزوم كل جهاد؟ وهل نسمى كل هذا ذراعًا بشرية؟ لو كانت النعمة تعمل وحدها كل شيء، فالكاهن إذن ينام، ويصلى في قلبه قائلًا: أنت يا رب الذي تتولى رعاية شعبك. من أنا حتى أجاهد وأرعى؟! أليس لمن يشاء ولا لمن يسعى بل لك أنت الذي ترعى الشعب!! والواعظ، لماذا يعظ؟ يكفيه أن ينام في البيت مستريحًا ويقول: نعمتك يا رب هي التي تتكلم في قلوب الناس وترشدهم وتخلصهم!! وأنت، لماذا تتعب نفسك في حياتك الخاصة، في الصلاة وفي الصوم وفي الجهاد. أستريح معتمدًا على أن النعمة تفعل كل شيء! |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
العمل مع الله ونقول هذا لأنه كم من أناس ضيعوا آخرين بنصيحة خاطئة يقولون فيها: لا تجاهد (لماذا تجاهد؟ إن الله لا يبدأ في العمل معك إلا عندما تقف أنت! فأبطل عملك لكي يعمل الله!! ما هذا لكلام العجيب القاتل؟ ما معنى أن تبطل عملك لكي يعمل الله؟! لماذا لا تشترك في العمل مع الله، فيعمل الله معك، ويعمل الله فيك. كما قال بولس عن نفسه وعن أبلوس (فإننا نحن عاملان مع الله) (1كو 3: 9). لماذا نفصل عملنا عن عمل الله؟ لماذا لا نعمل سويًا، نشترك معه وهو معنا. وهكذا يتكلم يوحنا الرسول عن الرب وعن (الشركة معه) (1 يو 1: 6) كما يتكلم بولس الرسول عن شركة الروح القدس. الله بنعمته، بقوته، بروحه القدوس، يقول لك: أنا أريد أن أعمل معك لتخليصك. فان قبلت العمل معي تخلص، وأن لم تقبل فانك تحرم نفسك من هذا الخلاص.. أنا واقف على الباب، أعرض نعمتي ومحبتي وقوتي ومعونتي وكل الإمكانيات اللازمة لخلاص النفس التي أقرع على بابها. ولكن.. إن فتح أحد الباب لي، أن قبل أن يعمل معي، إن سلمني أحد ذاته لكي أعمل فيها، أن استسلم أحد لعملي، حينئذ أشترك معه وهو معي. مثال من التطرف: من أسوأ ما قرأت في حياتي عن التطرف في إنكار قيمة الأعمال، ما كتبه ف. ب. ماير في كتابه (مخلصون ومحفوظون) إن أشد البرتستانت تعصبًا في محاربة الجهاد، يقولون أن للإنسان جهادًا واحدًا في حياته هو جهاد الصلاة. أما ف. ب. ماير هذا فانه يحارب أيضًا الجهاد في الصلاة. فيقول تحت عنوان (عندما كففت عن مجهوادتى): (ليس أمامك إلا أن تدرك هذه الحقيقة، وهى أنك طالما كنت تصارع مع الله فانك تخسر أثمن بركاتك! لقد صارع يعقوب مع الله طول الليل ولم تخسر أثمن بركاتك! لقد صارع يعقوب مع الله طول الليل ولم يتقدم خطوة واحدة. وعندما لم يستطيع أن يصارع بعد، لأن حق فخذه قد انخلع، وكان على وشك السقوط، نال البركة التي جعلته رئيسًا)!! ويستطرد ماير فيقول: (لقد تأوهت وجاهدت وتوسلت لكن بلا جدوى (والآن أصمت واسكت!! إن مجهوداتك الجبارة زارت أمورك تعقيدًا)!! ويظل هذا الكاتب البروتستانتى يحارب الصلاة والجهاد والتوسل والصراع مع الله، إلى أن يقول (أعلم أن الله قادر أن يخلصك.. لقد كان منتظرًا كل هذا الوقت الطويل ليخلصك، وحالما تنتهي مجهوداتك سيبدأ هو)!! وهكذا يدعو إلى أبطال السعي، قائلًا في باب عنوانه (لا نسعى بل نتقبل): (انك لن تحصل على البركة التي تتوق إليها بالكفاح والنضال بصرخاتك القوية وصلواتك، بمزيمتك ومساعيك. بل بأن تهدى نفسك أمام الله وتقبل النعمة). ثم شرح مثلًا لفشل مجهودات الصلاة، فروى قصة عن إنسان ظل يجاهد سنتين، رفع فيهما صلوات إلى الله ليهبه للتغلب على تجربته وبدا أن الصلوات لم تسمع. ولما يئس جدًا، ولما أبطل الصلاة، بدأ الله يعمل..!!! هل هذا تعليم يرضى ضمير أحد؟! والكتاب يدعونا في كل أسفاره، أن نجاهد في الصلاة وأن نصلى بلا انقطاع وأن نسهر ونصلى.. ولكنه التطرف البروتستانتى في إنكار قيمة الجهاد حتى في الصلاة!! |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
التداريب الروحية |
رد: كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث
الثقة وضمان الملكوت سؤالان يمران بالأذهان الكثيرين: 1- ما هي حدود الرجاء في مراحم الله؟2- هل يحق للمؤمن أن يعتبر نفسه ضامنا للملكوت؟ فما هي الإجابة عنهما؟ |
الساعة الآن 01:57 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025