منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   كتب البابا شنودة الثالث (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=253990)

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:07 PM

كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث

ليست هذه دراسات في العهد القديم، ولا هى مقدمات لأسفاره،
إنما هي تأملات روحية، تقدم منهجًا تأمليًا فى الكتاب.
الكتاب المقدس – كما قدمه الرب لنا – روحًا وحياة..
وهذا ما أريد أن أقدمه لك، أيها القارئ العزيز.
وأود من أجلك، أن أتابع نشر هذه المجموعة، التي أحب أن تحتفظ بها معك، كاملة..
وثق أنك سترى حياتك الخاصة، من خلال شخصيات الكتاب..
فالنفسية البشرية هى، منذ آدم، وحواء إلى يومنا هذا..

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:12 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
شخصيات الكتاب المقدس 1
* قدم لنا الكتاب المقدس ألوانًا متنوعة من "أناس الله القديسين ":
إنها صور متعددة من قديسين، كل منهم له طابعة الخاص، يختلفون في العمر والجنس والوظيفة والحياة الاجتماعية والأسلوب الروحي.

وذلك لكي نتعلم أن القداسة ملك للكل، وليست وقفًا على فئة معينة من الناس دون غيرها..
فلم يقدم لنا الكتاب حياة القداسة أو حياة الكمال، قاصرة على الأنبياء والرسل مثلًا، أو على الكهنة ورؤساء الكهنة، أو على صانعي العجائب والمعجزات، إنما هي للكل، وهى بإمكان كل أحد
* قدم لنا الكتاب المقدس قديسين في مراحل متفاوتة من العمر:
منهم الأطفال مثل صموئيل، ومنهم الصبيان مثل داود وأرمياء. ومنهم الشباب مثل يوسف الصديق، ويوناثان، و مارمرقس ويوحنا الحبيب. منهم الرجال الناضجون مثل موسى وبطرس، ومنهم الشيوخ مثل نوح وأخنوخ وإبراهيم.. وسمعان الشيخ.
* قدم لنا رجالًا ككل هؤلاء. كما قدم لنا نسوة قديسات.. مثل مريم العذراء، وحنة النبية، وسارة، وراعوث، إستير، واليصابات، ومريم أخت لعازر.. وغيرهن كثيرات.
* وكما قدم لنا قديسين متفاوتين في العمر، قدم لنا أيضًا قديسين متفاوتين في المركز الاجتماعي، وفي الغنى والفقر: فالمسألة أولًا وأخيرًا مسألة قلب مستعد لعمل النعمة فيه، أيًا كان مركزه أو وضعه المالي أو وظيفته في المجتمع.
وهكذا قدم لنا الكتاب قديسين أغنياء جدًا مثل أيوب الصديق، وأبينا إبراهيم، ويوسف الرامي. كما قدم لنا فقراء مثل الأرملة التي دفعت من أعوازها فلسين في الصندوق، ومثل أرملة صرفة صيدا التي استضافت إيليا النبي، ومثل لعازر المسكين الذي كان يستعطى، وكانت الكلاب تلحس قروحه.
قدم لنا الكتاب رعاة غنم مثل داود وإسحق ويعقوب، وصيادي سمك مثل بطرس وإندراوس وعشارين مثل متى وزكا، وملوكًا مثل داود ويوشيا، ووزراء مثل دانيال ويوسف، وأسرى حرب مثل الثلاثة فتية، وأبطالًا مثل شمشون، وقضاة مثل جدعون، وطبيبًا مثل لوقا، وكاتبًا مثل عزرا، وخادمًا مثل لعازر الدمشقي..
* قدم لنا الكتاب أيضًا قديسين متفاوتين في ثقافتهم وعلمهم:
فبينما نرى موسى الذي "تهذَّب بكل حكمة المصريين"، وبولس الذي كان من علماء عصره، وسليمان الذي كان أحكم أهل الأرض في زمانه، نرى أيضًا جُهَّال العالم الذين اختارهم الله ليخزى بهم الحكماء..
* كذلك قدم لنا الكتاب أمثلة متفاوتة في البتولية والزواج والترمل، وكلها كانت حياة مقدسة طاهرة أحبها الرب..
قدم لنا بتوليين قديسين مثل إيليا واليشع ويوحنا المعمدان ويوحنا الحبيب، ومتزوجين قديسين مثل نوح البار، وبطرس الرسول، وأخنوخ أبى الآباء الذي رفعه الله إليه.. كما قدم لنا من عاشوا حياة مقدسة في الترمل مثل حنة النبية، ومن تزوجوا بعد ترملهم مثل راعوث، ومن تزوجوا بأكثر من واحدة مثل إبراهيم وموسى وداود..
وعلى جبل التجلي، ظهر السيد المسيح، محاطًا بإيليا البتول، وبموسى المتزوج، والكل يحيط بهم نور عجيب. وحول الصليب، كانت مريم العذراء ويوحنا البتول، ومريم زوجة كلوبا التي أنجبت عددًا كبيرًا من البنين والبنات..

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:13 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
شخصيات مختلفة من الكتاب 2
* قدم لنا الكتاب من عاشوا حياة مقدسة منذ البدء، ومن جاءوا إلى الرب أخيرًا، ورحمهم الله وقبلهم إليه:
قدم لنا قديسين من بطون أمهاتهم، مثل يوحنا المعمدان الذي من بطن أمه امتلأ من الروح القدس. كما قدم لنا قديسين وقديسات عاشوا في عمق الخطية قبل لقائهم بالرب مثل اللص اليمين، والمرأة التي بللت قدميّ الرب بدموعها، ومثل راحاب الزانية، وقدم لنا الكتاب أشخاصًا عاشوا من قبل بعيدين عن الله، مثل مريم المجدلية التي أخرج منها الرب سبعة شياطين، المرأة الكنعانية التي كانت من شعب ملعون أممي..

وقدم لنا قديسين من مضطهدي الكنيسة، مثل شاول الطرسوسي، ومثل الجندي الذي طعن المسيح بالحربة.
* قدم لنا الكتاب المقدس شخصيات تحمل ألوانا من الروحيات، متنوعة، ومتغايرة ولكننا نراها كلها متكاملة:
قدم لنا إيليا الشديد الناري، الذي أغلق السماء ثلاث سنين وستة أشهر فلم تمطر، والذي قتل المئات من أنبياء البعل وأنبياء السواري، وانتهر آخاب الملك، وقال لتنزل نار من السماء، وإرميا النبي الذي سكب دموعه ومراثيه.
وأرانا الكتاب كيف أن الله عمل في الشخصية النارية، كما عمل في الشخصية الباكية. وأستخدم الاثنتين في بناء ملكوته. فليس المهم هو نوعية الشخص، إنما تسليمه لإرادته في يد المشيئة الإلهية.
في الكتاب نرى شخصية بطرس الرسول المملوءة غيرة وتسرعًا واندفاعًا، مع شخصية توما المملوءة حرصًا وشكًا وتريثًا وحبًا للفحص وبعدًا عن الاندفاع. وكلاهما في يد الرب، يعمل بهما. ونرى في الكتاب كيف استخدم الله أناسا كما هم، بينما غير البعض فحول يوحنا ابن الرعد، تلميذ المعمدان إلى قلب كله حب..
* وكل فضيلة تعجبنا، نرى شخصيات في الكتاب تمثلها:
نرى أيوب يمثل الصبر، وسمعان الشيخ يمثل الرجاء والانتظار. نرى داود يمثل التوبة والانسحاق وإبراهيم يمثل الطاعة والإيمان. نرى يعقوب الهادئ المحتمل، ويوحنا المعمدان المشهور بالصمت والتأمل..
إنها باقة من الفضائل متنوعة الأزهار والألوان والعطور:
يقدمها الكتاب المقدس، في أشخاص أتقنوها عمليًا، وتركوها لنا كقدوة ومثال. بحيث أننا إن أردنا صفة ما، أو فضيلة ما، سنجد حتمًا الشخص الذي يعطى لها صورة مثالية. وهكذا يكون الكتاب جامعاُ لكل ما نريد.
* لذلك لا ييأس أحد مفتكرًا أن حالته لا تناسب دعوة الله:
فالله مستعد أن يدعوك كما أنت، أيًا كانت حالتك، أو ثقافتك، أو سنك، أو مركزك، أو وضعك الاجتماعي.. إنه " الداعي الكل إلى الخلاص".. ولعلك تجد مثيلًا لك في الكتاب المقدس، قد عمل الله فيه وبه..
لا تقل إذن " لست أصلح". فليس المهم هو صلاحيتك، إنما المهم هو عمل الله معك. والله قادر أن تعمل مع الكل. قل له إذن "مستعد قلبي يا الله، مستعد قلبي" (مز 56)
* ومن الأمور المعزية أيضًا في الكتاب أنه قدم لنا مثاليات مثلنا، لقديسين كانت لهم ضعفاتهم ونقائصهم وسقطاتهم:
ولكن روح الله قد عمل فيهم، وأوصلهم إلى درجات عليا في القداسة، على الرغم من هذه الطبيعة التي يمكن أن تضعف أحيانًا، وتسقط.. وما أعمق وأصدق قول الكتاب:
" إيليا كان إنسانا تحت الآلام مثلنا.." (يع 5: 17، 18).
ومع أنه كان تحت الآلام مثلنا، إلا أنه "صلى صلاة". واستطاع أن يغلق السماء وأن يفتحها.
قدم لنا الكتاب إبراهيم الذي خاف أن يقتلوه، فقال عن زوجته سارة إنها أخته. ويعقوب الذي خدع أباه، وسرق بركة أخيه. وشمشون الذي أغرته دليلة، فكسر نذره. ونوحًا الذي سكر وتعرى، وداود الذي زنى وقتل، وتوما الذي شك، وبطرس الذي أنكر..
لم يقدم لنا الكتاب قديسين معصومين، أو بشرًا من نوع الملائكة، إنما قدم بشرًا مثلنا، واقعًا لا خيالًا.. قدم النفس البشرية التي نعرفها، والتي اختبرناها، "الأواني الخزفية" السهلة الكسر، التي عمل فيها الخزاف العظيم، وصنع منها أواني للكرامة، وجعلها رائحة بخور ذكية، أمام الملائكة والبشر.. وكان " فضل القوة لله وليس لنا" (2كو 4: 7). أما عن الحروب الروحية التي تعرض لها هؤلاء، فيعزينا الكتاب بقوله: "الحرب للرب. والرب قادر أن يغلب بالكثير وبالقليل.
قدم لنا الكتاب المقدس عينات من قديسين، من نفس نوعنا، يمكن أن تضعف، ويمكن أن تسقط، ويمكن أن تخطئ وأن تزل..

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:16 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
شخصيات أخطأت وتابت
* ولكنه قدم لنا في هؤلاء القديسين الذين أخطأوا، صورًا رائعة من التوبة. نصف الحقيقة أنهم أخطأوا، والنصف الآخر، الأروع، أنهم تابوا..
إن الكتاب المقدس صريح وواقعي. إنه يقدم لنا قديسين من نفس طبيعتنا، التي يمكن أن تخاف، وأن تشتهى، وأن تقتر، وأن تهرب، وتختبئ من الله.. حتى السبعة ملائكة الذين للسبع كنائس في آسيا، نراهم من نفس الطبيعة البشرية العادية:
لذلك حينما ندرس هؤلاء الرعاة، الذين وصفهم الكتاب بأنهم ملائكة، لا ننسى أن واحدًا منهم كان فاترًا، لا هو حار، ولا هو بارد، وكان الله مزمعًا أن يتقيأه (رؤ 3: 16). ونرى واحدًا آخر منهم، على الرغم من تعبه وكده لأجل الله، عاد وترك محبته الأولى، وأرسل له الله قائلًا "أذكر من أين سقطت وتب" (رؤ 2: 5). ونرى ملاكًا ثالثا من ملائكة هذه الكنائس السبع، يقول له الرب "إن لك اسمًا إنك حي وأنت ميت" (رؤ 3: 1)


إنها نفس الطبيعة البشرية التي لباقي لناس.. والكتاب المقدس لا يكلمكم من وحى الخيال، ولا يصور لكم قديسين لهم أجنحة من نور ونار، ويطيرون في السماء، ويسبحون في أجواء القداسة العليا.
ولكن بعمل الله القوى الذي عمل فيهم، بنعمته التي دخلت إلى قلوبهم، بروحه القدوس الذي أرشدهم وقواهم وأشترك في العمل معهم.. بهذا قد وصلوا إلى ما وصلوا إليه.. وتغيروا.
بطرس الذي خاف ذات مرة أمام جارية وأنكر المسيح، وتحول إلى القديس بطرس الجبار العنيف، الذي وقف أمام ولاة وملوك، وقال للشيوخ ولرؤساء الكهنة "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع 5: 21).. جاهر بالإيمان، وتعب لأجله، وصار شعلة من نار، وصلب، ومات شهيدًا.
ما هذا يا أبى القديس بطرس؟ يجيب: لقد كنت ضعيفًا مثلك، وخائفًا مثلك. لكن الله عمل في ضعفي، وروحه قواني وشددني، فشهدت له أمام الكل..
إذن، حينما نجد القديس بطرس الرسول قد ملأ الدنيا تبشيرًا، لا نقول إنه من طبيعة أخرى سامية غير طبيعتنا.. كلا، إنه مثلنا. ولكنه فتح قلبه لعمل الله، وسلم مشيئته لمشيئة القدوس
وإن رأينا إنسانًا مثل القديس بولس الرسول، قد تعب أكثر من جميع الرسل، وكرز في كل أرجاء الأرض، فلا نظن أنه قد ولد هكذا.. وإنما هو نفسه يعترف ويقول: "أنا الذي كنت من قبل مجدفًا ومضطهدًا للكنيسة، ولكنني رحمت لأنني فعلت ذلك بجهل" (1تى 1: 13)..
وإن عرفنا جبارًا من جبابرة الروح والرعاية مثل القديس موسى النبي، الذي أجرى الله على يديه معجزات في أرض مصر، وشق البحر بعصاه، وضرب الصخرة ففجر منها الماء، أنزل من السماء المن والسلوى.. فلا نظن أنه قد ولد هكذا.. بل أنه عاش في مبدأ حياته كأمير في قصر فرعون، بكل ما تحمل الإمارة من رفاهية وتنعم وكبرياء، معتدًا بنفسه، يضرب المصري فيقتله. ولكن الله أمسك به، علمه طريقه. أمسكه "ابن النجار"، بالفارة والمنشار، وأزال نتوءاته وصنفره، وعمل فيه، حتى صار قديسًا عظيما ً لا نستحق التراب الذي يدوسه بقدميه.. "وصار الرجل موسى حليمًا جدًا، أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض" (عد 12: 3)
هذه عينات من الناس، أخذها الله كما هي، وعمل فيها، وعمل معها، صارت له، وأخذت من بهائه، ومن قوته.
وبالنسبة إليك، لا تشابه القديسين في ضعفاتهم، وإنما في طهرهم.
لا تتهاون معتذرًا بأن القديسين أنفسهم قد أخطأوا، إنما أنظر إلى توبتهم وأعماقها العجيبة، والتصاقهم الطبيعي بالله.
* وحينما نقول إنهم أخطأوا، فلا نعنى أن حياتهم كلها كانت خطية. بل السقطات كانت الوضع العابر الطارئ في حياتهم. أما القداسة فكانت الوضع الطبيعي الدائم.
إذا عرفنا أن داود في وقت ما، قد زنى وقتل. فليس معنى هذا أن حياته كلها كانت زنى وقتلا وليس معنى هذا أن يتطاول بعض الوعاظ على هذا القديس العظيم، ولا يتحدثون إلا عن خطيئته بلون من الاستصغار!! وينسون أنه رجل الصلاة والتسبيح والمزامير، رجل المزمار والقيثار والعشرة الأوتار، رجل الإيمان والوداعة، الذي قال عنه الرب بنفسه "فحصت قلب داود، فوجدته حسب قلبي".
إن الشر لم يكن طبيعة في هذا البار، الذي حل عليه روح الرب، والذي هزم جليات، واحتمل شاول وغفر لشمعى بن جيرا، وسبح للرب تسابيح جديدة.. إنما هي صفات طارئة، سمح بها الرب ليعطى قديسه انسحاقًا ودموعًا، ويصيره درسًا في التوبة، كما كان درسًا في الصلاة، وفى الوداعة، وفي الشجاعة.
وبنفس الوضع حينما نذكر خوف أبينا إبراهيم، وقوله عن امرأته سارة إنها أخته.. لا ننسى أبدًا إيمان الرجل، ونسكه وشجاعته، وكرمه، وطاعته للرب حتى رفع السكين ليقدم وحيده المحبوب محرقة.. ولا ننسى تَرْكَهُ لأهله وعشيرته وسعيه وراء الرب.
* كذلك في حديثنا عن قديسي الكتاب، ليس المهم نقطة البدء في حياتهم، فربما بدأ البعض منهم كأشخاص عاديين . إنما المهم هو ما انتهوا إليه..
لقد كانت حياة هؤلاء القديسين، مجرد مجال عمل فيه الله. نحن نهتم بهذه النقطة بالذات في حياة قديسي الكتاب.. يهمنا جدًا دور الله في حياتهم. كيف كانت معاملة الله لقديسيه، وكيف كانت معاملته للأشرار؟ ومعاملته للساقطين والتائبين وللقائمين..
إن الكتاب هو سجل جميل لمعاملة الله مع الناس..
ومن واقع هذه المعاملة نأخذ فكره عن صفات الله الجميلة، وعن حبه وطول أناته، وحكمته وصلاحه، وقوته وقدرته.. ونأخذ من كل هذا درسًا لأنفسنا ومجالًا لتأملاتنا.
* وفي سير قديسي الكتاب، لا نريد أن ندرس تاريخًا، إنما أن نمتص حياة..
فالكتاب المقدس لم يقصد به أن يكون كتاب تاريخ، إنما هو كتاب إيمان، وكتاب حياة. وهذا هو الفرق بين دراستنا للكتاب، ودراستنا لكتب التاريخ. التاريخ يذكر أحداثاُ، ولكننا هنا لا نفحص الأحداث، بقدر ما نفحص حالة القلب.
إننا من خلال الأحداث، ندرس النفس البشرية، في كل مشاعرها وأحاسيسها وتصرفاتها. ندخل إلى أعماق النفس، وندرس حروبها الروحية، وندرس علاقاتها مع الله ومع الناس ومع ذاتها. ومن كل ذلك نتعلم..
والكتاب المقدس صريح جدًا في كشف النفس البشرية. ونحن نريد أن نتناول هذه النفوس، لكي نحللها، ونفهمها، ونرى فيها صورتنا نحن، وما ينبغي أن نفعل. وفيما ندرس هذه الشخصيات، ندرسها لكي نحيا نحن..
نحيا من خلال حياة هؤلاء، ونستفيد من تجاربهم، ومن خبراتهم، ونستفيد من سقوطهم أيضًا ومن قيامهم. وإن تعرضنا لأخطائهم، فنحن لا ندينهم عليها. إنهم آباؤنا ومعلمونا، بل هم أيضًا مثلنا العليا. وهم أحباء الله الذين نرجو شفاعتهم وبركتهم..
والأخطاء التي نكشفها، إنما تكشف لنا ضعف طبيعتنا، وليس ضعفًا لأولئك القديسين الذين لا نستحق أن نقبل التراب الذي داسوه بأقدامهم الطاهرة..
بركة هؤلاء جميعًا، فلتكن معنا، آمين..

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:17 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
بهاؤهما الأول

يحسن بنا أن نبدأ تأملاتنا في شخصيات الكتاببأبوينا الأولين، آدم وحواء، ونرى كيف خلقا وكيف كانا، وميزات طبيعتهما الأولى في عمق بهائها ومجدها، وكيف قادهما الضعف البشرى، وتطور بهما من سقطة إلى أخرى، حتى كثرت خطاياهما جدًا، وفسدت طبيعتهما البشرية.

1-كانا مخلوقين، غير مولودين، لم يرثا فسادًا من طبيعة سابقة:
آدم وحواء، لم يولدا من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل.. لم يأتيا من زرع بشر، ولم يرثا طبعًا فاسدًا من طبيعة سابقة عليهما، إنما خلقهما الله، شيئًا جديدًا لم يتلوث من قبل، وبالطريقة التي أرادها الرب لهما.

2-خلقهما الله على صورته ومثاله. ولا يمكن أن يوجد أعظم من هذا، أن يكون آدم وحواء على شبه الله..
وفي ذلك يسجل سفر التكوين "وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا.. فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه. ذكرًا وأنثى خلقهم" (تك 1: 26، 27).
وما أكثر تأملات الآباء القديسين وتفسيراتهم، الخاصة بخلق أبوينا الأولين على صورة الله..
* قيل إن الله خلقهما على صورته في البر والقداسة، في وضع فائق للطبيعة.. وهكذا كان كلاهما بارًا بلا خطية حينما خلقهما الله متسربلين بالقداسة..
* وقيل على صورته في الجمال والبهاء والمجد، أي أعطاهما قبسًا من بهاءه، فكانا في منتهى الجمال، جسدًا ونفسًا وروحًا.. وقيل إن الله خلق الإنسان على صورته في الخلود، إذ وهب لهما حياة خالدة، نفخها في أنف آدم، نسمة حياة، فصار آدم نفسًا حية (تك 2: 7).
* وقيل إن الله خلقهما على صورته في حرية الإرادة.
* وقيل أيضًا إن الإنسان خلق على صورة الله في التثليث والتوحيد: ذاتًا، لها عقل ناطق، ولها روح. والذات والعقل والروح كائن واحد: كالذات الإلهية، لها عقل، ولها روح، والثلاثة كائن واحد.. إنما الله غير محدود في كل شيء، والإنسان محدود..
* وقيل إن الله خلقهما على صورته في الملك والسلطة. فكانا ملكين على الأرض، وممثلًا للخليقة الأرضية كلها..
* وقيل إن الله كان يعرف مسبقًا بسقوط الإنسان، وبأنه سيخلى ذاته ويتجسد لكي يخلصه. فخلق هذا الإنسان على الصورة التي كان الله مزمعًا أن يتجسد بها، على شبهه ومثاله..
3-وكان آدم وحواء يتصفان بالبساطة والبراءة:
ما كانا يعرفان الشر إطلاقًا. كانا يعرفان الخير فقط، ولا شيء سوى الخير. لذلك لم يفكرا وقت التجربة أن الحية يمكن أن تخدع وأن تكذب. فعبارات الكذب والخداع لم تكن موجودة في قاموسهما في ذلك الحين.
وفي بساطتهما وبراءتهما، ما كانا يعرفان بعضهما من الناحية الجنسية، بل كطفلين ساذجين - ما كانا يفهمان الفروق العضوية في تركيب جسديهما. وكما ذكر سفر التكوين "وكانا كلاهما عريانين، آدم وامرأته، وهما لا يخجلان" (تك 2: 25).
4-وقد باركهما الله معًا، بنفس البركة، وأعطاهما سلطانًا على الأرض كلها بجميع كائناتها، نفس السلطة لكليهما..
وفي ذلك يذكر سفر التكوين "وقال الله نعمل الإنسان كصورتنا، فيتسلطون على سمك البحر، وعلى طير السماء، وعلى البهائم، وعلى كل الأرض، وعلى الدبابات التي تدب على الأرض" (تك 1: 28). وهكذا عاش الاثنان، ولهما هيبة وسلطة، على الأرض ومخلوقاتها. ما كانا يخافان الوحوش أو دبيب الأرض، بل عاشا وسط الأسود والنمور والفهود والحيات والثعابين وما أشبه، في حياة من الألفة والسلام، لهما سلطان على كل هؤلاء. ترى الوحوش فيهما صورة الله فتعاملهما بالمهابة اللائقة بهما.
وآدم هو الذي سمى كل الحيوانات وكل ذوات الأنفس بأسمائها "وكل ما دعا به آدم ذات نفس حية، فهو اسمها. فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء، وجميع حيوانات البرية" (تك 2: 19، 20).

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:23 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
الطبيعة قبل السقوط
5- وكان آدم وحواء اجتماعيين، يتعاونان معًا..
حينما كان آدم وحده في الجنة، وجد التعاون والألفة بين جميع حيوانات الأرض " وأما لنفسه، فلم يجد معينًا نظيره" (تك 2: 21). وصعد هذا الاشتياق، أو هذا الاحتياج إلى الله " فأرقع الرب الإله سباتًا على آدم فنام. فأخذ واحدة من أضلاعه، وملأ مكانها لحمًا. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة، وأحضرها إلى آدم" ( تك 2: 21، 22).
وشعر آدم بهذه الرابطة القوية التي تربطه بحواء، إنها جزء منه، بينهما رابطة دم ولحم وعظم. " فقال آدم: هذه الآن عظم من عظامي، لحم من لحمى. هذه تدعى امرأة، لأنها من امرء أُخِذَت" (تك 2: 23).


6- ونحن نعجب من هذه المعرفة التي كانت لآدم:
* كيف عرف أن حواء، قد أخذت من لحمه ومن عظامه، بينما كان في سبات..؟! هل أخبره الله بما حدث، في ظل علاقة المحبة بينه وبين الله؟ أم كان هذا اللون من المعرفة، من ضمن مواهبه في ذلك الوقت، الذي خلق فيه بوضع فائق للطبيعة..؟!
* كما أننا نعجب بآدم إذ أنه أعطى حواء اسمًا له دلالة وله عمق، فسماها امرأة، أنها من امرء أخذت.
وفيما بعد.. بعد الخطية، حينما ولدت امرأته ابنًا، أعطاها اسمًا آخر: "ودعا آدم اسم امرأته حواء، لأنها أم كل حي" (تك 3: 20). إنها حكمة اتصف بها آدم في إطلاق الأسماء. ولعله استخدام هذه الحكمة ذاتها في تسمية الحيوانات والطيور وكل ذوات الأنفس الحية.
ليت أحد المتخصصين في علوم اللغات، يبحث مع بعض المتخصصين في علوم الحيوان، السر الذي يكمن وراء أسماء الحيوانات، والحكمة التي بها أطلق آدم كل اسم على صاحبة..
* كان آدم أيضًا يعمل في الجنة ويحفظها (تك 3: 15). فمن أين أوتى آدم هذه المعرفة بشئون كل النباتات الموجودة في الجنة، أتراه أيضًا لون من الكشف الإلهي، أو كانت معرفة آدم من نوع فائق لمعرفتنا؟!
7-وقد خلق آدم وحواء بعد أن أعد الله لهما كل شيء.
خلقهما في اليوم السادس، كقمة لمخلوقاته كلها. وخلقهما بعد أن خلق من أجلهما كل شيء كما في القداس الغريغوري. من أجلهما أعد السماء لهما سقفًا، ومهد لهما الأرض كي يمشيا عليها . رتب لهما قوانين الفلك، ووضع لهما الشمس لضياء النهار، القمر لإضاءة الليل . ونظم لهما الطبيعة وأجواءها، وخلق لهما النبات لطعامهما، والحيوانات لخدمتهما. وأخيرًا خلقهما، ليتمتعا بهذه الطبيعة كلها.
وعندما تنتهي فترة إقامة البشرية على الأرض، ويأتي الرب على السحاب، ليأخذ باقي البشر، ويسكن الإنسان في الأبدية، حينئذ ستزول هذه الأرض وهذه السماء اللتان خلقهما الله، لراحة الإنسان ههنا. إذ سيزول غرضهما بانتقال الإنسان إلى جوار الله في أورشليم السمائية.
ما أعظم قيمة هذا الإنسان، الذي من أجله خلق الله كل شيء. آدم صورة الله، أعظم كائن على الأرض في أيامه، نائب الله، المسلط منه على كل الخليقة الأرضية..
8-وكان آدم وحواء سعيدين، يعيشان في جنة:
خلق الله جنة جميلة، لكي يحيا فيها هذا الإنسان سعيدًا " غرس الرب الإله جنة في عدن شرقًا. ووضع هناك آدم الذي جبله" (تك 2: 8). ويشرح سفر التكوين بعض تفاصيل هذه الجنة، فيقول "وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل، وشجرة الحياة في وسط الجنة، وشجرة معرفة الخير والشر. وكان نهر يخرج من عدن ليسقى الجنة" (تك 2: 9، 10).
كان آدم سعيدًا هو وحواء داخل الجنة. لم يكن هناك ما ينقصهما، ولم يكن هناك ما يعكر صفوهما كان كل شيء حولهما جميلًا وعاشا في اليوم السابع، اليوم الذي قدَّسه الرب، واتخذه للراحة، له ولهما.
وهذه الطبيعة الجميلة الهادئة النقية التي خلقها الله لآدم وحواء، يقول عنها الكتاب " ورأى الله كل ما عمله، فإذا هو حسن جدًا" (تك 1: 31).

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:24 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
حواء وآدم في الجنة
9- وعاش آدم أيضًا في عشرة الله..

لم تكن سعادة هذا الإنسان الأول، من مجرد خلقه في طبيعة ممتازة، أو من سلطته على هذه الطبيعة أو من حياته في جنة جميلة، إنما لعل السبب الأول في سعادته، أنه كان يحيا في عشرة الله.. الله كان يظهر له، وكان يكلمه، وكان يباركه، وكان يعلمه بنفسه ويقدم له الوصايا النافعة له. كانت له علاقة مباشرة مع الله، يشرحها سفر التكوين "نفخ في أنفه نسمة حياة"، "وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن" وأحضر الحيوانات إلى آدم ليرى ماذا يدعوها، "وباركهم الله وقال لهم: أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض"، "وأوصى الرب الإله آدم قائلًا: من جميع شجر الجنة تأكل أكلًا. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها".
10-وقد عاش آدم وحواء في الجنة نباتيين..
* إن أكل اللحوم لم يسمح به الله إلا في أيام نوح، بعد خروجه وأسرته من الفلك، إذ يذكر سفر التكوين إن الله بارك نوحا وبنيه بنفس بركة آدم وحواء، تقريبًا، وقال لهم "كل دابة حية تكون لكم طعامًا. كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع، غير أن لحمًا بحياته دمه لا تأكلوه" (تك 9: 3، 4).
أما ما قبل فلك نوح، فلم يكن مصرحًا بغير النبات.. وهذا ما يذكره سفر التكوين:
* لما خلق الله آدم وحواء، سمح لهما بأكل الفاكهة والبقول، أي ثمار الأشجار، وذلك بقوله "إني قد أعطيتكم كل بقل يبذر بذرًا على وجه كل الأرض، وكل شجر فيه ثمر شجر يبذر بذرًا، لكم يكون طعامًا". "ولكل حيوان الأرض، وكل طير السماء وكل دبابة على الأرض فيها نفس حية، أعطيت كل عشب أخضر طعامًا، وكان كذلك". (تك 1: 29، 30).
* إذن لم يكن الإنسان وحده نباتيًا في الجنة، وإنما حتى الحيوانات أيضًا بكل أنواعها كانت نباتية: للإنسان الثمار والبقول، وللحيوان العشب الأخضر. لم يكن هناك افتراس. لا الإنسان يأكل الحيوان، ولا الحيوان يأكل الإنسان، ولا الحيوان يأكل بعضه بعضًا.
* وبعد السقوط في الخطية: لما حدث أن الإنسان، كالحيوان اشتهى أن يأكل، أعطاه الله الطعام المخصص للحيوان، عشب الأرض. فقال الرب للإنسان بعد السقوط "تأكل عشب الأرض" (تك 3: 18)، و كان العشب مخصصًا للحيوان من قبل (تك 1: 30).
بقى الإنسان بعد السقوط نباتيًا، يأكل ثمار الشجر والبقول والعشب، بعد طرده من الجنة، دون أن يأكل اللحوم، التي لم يصرح له بعدها، إلا بعد فلك نوح (تك 9: 3).
* ومع ذلك كانت الأعمار طويلة جدًا، في تلك الفترة من آدم حتى نوح، كما يشرح الإصحاح الخامس من سفر التكوين :
عاش آدم 930 سنة (تك 5: 5)، وعاش نوح 950 سنة (تك 9: 29). وعاش متوشالح 969 سنة (تك 5: 27)، وهو صاحب أطول عمر في كل أجيال البشرية وكان نباتيًا.
* لماذا إذن صرح الله بأكل اللحوم بعد فلك نوح؟
يقول الكتاب: قبل الطوفان مباشرة: "ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم، فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض" (تك 6: 5، 6) وهكذا أغرق الرب العالم بالطوفان. وأبقى الرب بقية من البشرية. وسمح لها بأكل اللحوم، لأن مستوى البشر لم يكن يحتمل غير هذا..

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:26 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
خطايا عديدة لأبوينا الأولين


كانت طبيعتهما سامية جدًا، ولكنهما كانا يتمتعان في نفس الوقت بحرية الإرادة، وبالحرية توجد إمكانية السقوط.
العجيب أن كثيرًا من الكتاب يتحدثون عن خطية آدم أو حواء، كما لو كانت خطية واحدة لا غير!!
بينما وقع أبوانا في عديد من الخطايا، نذكر منها هنا 27 خطية، بنوع من التحليل، لكي نتعلم نحن أيضًا التدقيق في محاسبتنا لأنفسنا..


فما هي هذه الخطايا؟
  1. العصيان أو المخالفة
  2. المعاشرات الرديئة
  3. خطية الشك
  4. خطية الانقياد
  5. ضعف الإيمان
  6. الاستهانة وعدم مخافة الرب
  7. خطية الشهوة
  8. خطية الكبرياء
  9. المعرفة المُخَرِّبة
  10. مشكلة الثنائية وفقدان الثقة
  11. طلب المعرفة من غير الله
  12. حفظ الوصية عقلًا لا عملًا
  13. الانحدار إلى المستوى الجسداني
  14. عدم القناعة
  15. إعثار الآخرين
  16. تغطية الخطية بأوراق التين
  17. الهروب من الله
  18. الخوف
  19. الخروج من محبة الله
  20. عدم السعي إلى الخلاص
  21. الجهل بالله وقدرته
  22. عدم إدانة النفس
  23. محاولة تبرير النفس
  24. إلقاء التبعة على الآخرين
  25. خطية ضد محبة القريب
  26. الاختفاء وراء امرأة
  27. عدم اللياقة في الحديث

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:28 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
العصيان أو المخالفة

وهذه هي الخطية الواضحة للكل. إن الله أمر أبانا آدم قائلًا: "من جميع شجر الجنة تأكل أكلًا. وأما من شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. أنك يوم تأكل منها موتًا تموت" (تك 2 : 16، 17).
الوصية واضحة، وقد سمعها آدم بنفسه من فم الله. وكانت تحفظها حواء (تك 3: 2). ومع ذلك خالفها آدم وخالفتها حواء.
لو لم ينذر الله آدم وحواء من قبل، لقلنا إنها كانت خطية جهل. ولكن من الواضح أنها خطية معرفة.

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:29 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
المعاشرات الرديئة

بدأت سلسلة الخطايا التي وقع فيها آدم وحواء بخطية:
"المعاشرات الرديئة التي تفسد الأخلاق الجيدة" (اكو 15 : 33) Evil company corrupts good habits.
فجلست أمنا حواء مع الحية "وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله" (تك 3: 1).
وحتى إن كانت أمنا حواء، بنقاوة قلبها وبساطتها، لا تدرك ما في الحية من خبث، فإنه كان يجب عليها أن تتنبه، حينما أخذت الحية تكشف أوراقها، وتقول كلامًا عكس ما قاله الله نفسه لهما
ولكن أمنا القديسة بدلًا من أن تتنبه، وقعت في خطية الانقياد، ووقعت أيضًا في خطية الشك.
وقادتها هاتان الخطيتان إلى سقطات أخرى كثيرة.

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:33 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
خطية الشك

قالت الحية في خبث وهى تبذر بذور الشك "أحقًا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟!".. أحقًا أن الله الرحيم الطيب يمنعكما عن الأكل من كل الشجر؟ وماذا يضيره لو جعلكما تأكلان؟ أي شر في هذا؟
فلما أجابت المرأة حسنًا، أخذت الحية تتعمق في إلقاء بذور الشك، فقالت "كلا، لن تموتا، بل الله عالم إنكما يوم تأكلان تتفتح أعينكما، تكونان مثل الله عارفين الخير والشر".. إذن الله خائف من أن تصيرا مثله، لذلك يمنعكما..
ليس حبًا منه لكما، أو حرصًا عليكما، إنما خشية من المنافسة..
هذا هو الشك الذي ألقته الحية في نفس حواء:
الشك في صدق كلام الله، والشك في حب الله للبشر، بل الشك أيضًا في إنذار الله لهما بالموت. فهما -حسب كلام الحية- لن يموتا، بل ستتحسن أحوالهما.. واستسلمت حواء إلى هذا الشك، فسلمها إلى خطيئة أخرى

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:34 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
خطية الانقياد

انقادت -وهى صورة الله ومثاله- إلى الحية ومشورتها. فبدلًا من أن تنتهر الحية على التشكيك في كلام الله، أطاعتها، وبهذا فقدت شخصيتها أمام الحية، بينما كان الله قد أعطاها سلطانًا على جميع حيوانات الأرض وعلى ما يدب على الأرض، فكانت الحية بذلك تحت سلطانها، وكانت تملك أن تخضعها، حسب قول الرب عن هذه الكائنات وأخضعوها" ( تك 1: 28). فبدلًا من إخضاعها. خضعت لها.
ونفس هذا الانقياد الخاطئ، الذي وقعت فيه حواء، حدث بالنسبة إلى أبينا آدم من جهة امرأته حواء، بينما الرجل رأس المرأة. وكان يجب على آدم أن يقود حواء إلى الخير، ويرفض أن يأكل الثمرة المحرمة من يدها، ولكنه انقاد هو أيضًا وأطاع. ووقع في نفس ضعف الشخصية الذي وقعت فيه حواء.
لذلك فإن الله لم يقبل من حواء عبارة "الحية أغرتني". ولم يقبل من آدم عبارة "المرأة أعطتني".
كان يجب على كل منهما أن يكون قوى الشخصية، ولا يقبل من غيره أية نصيحة أو أي توجيه ضد وصية الله الواضحة. وكان انقياد حواء للحية، يحمل داخله خطية أخرى هي: ضعف الإيمان.

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:35 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
ضعف الإيمان

انقياد حواء للحية، معناه أنها قبلت كلامها أكثر من كلام الله، أو قل إنها صدقت الحية وكذبت الله. الله يقول عن ثمر الشجرة:
"لا تأكلا منه ولا تمساه، لئلا تموتا" (تك 3: 3).
والحية تقول " كلا، لن تموتا".
والمرأة تقبل كلام الحية، وتميل إليه بقلبها، تترك كلام الله، لا تخشاه، ولا يتعبها إنذاره..
إذن فهذا ضعف إيمان بالله وبكلمته وبإنذاره.
بل هو عدم إيمان بصدق الله..
وضعف الإيمان هذا، قادها إلى خطية أخرى

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:36 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
الاستهانة وعدم مخافة الرب

بدأت حواء تستهين بحكم الله وبتهديده وعقوبته، ولم تخف إطلاقًا من أن تمد يدها وتأخذ، كما لو كانت عبارة "موتًا تموتا" لا تهز لها جفنًا، ولا تحرك ضميرها أو قلبها..!
على أن إغراء الحية وحديثها، قاد المرأة إلى خطية أخرى، دنست قلبها الطاهر، وهى خطية الشهوة.

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:37 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
خطية الشهوة

نظرت المرأة إلى الشجرة، فإذا هي "جيدة للأكل، وبهجة للعيون، وإذا الشجرة شهية للنظر".. فاشتهتها..
كانت شجرة معرفة الخير والشر في وسط الجنة، وربما كانت حواء تمر عليها كل يوم وتراها.
وكانت نظرتها إليها بسيطة، لا تحمل شهوة..

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:39 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
خطية الكبرياء

" يوم تأكلان منها تتفتح أعينكما وتصيران مثل الله..".
هنا الإغراء الجبار "تصيران مثل الله" أو تصيران إلهين..!!
إن كان الأمر هكذا، فلماذا نرضى ونكتفي بالمستوى البشرى؟!
ولماذا نأخذ من الله موقف الطاعة، بدلًا من موقف المساواة؟!
وعصفت شهوة الألوهية بهذه الإنسانة المسكينة فدخلها الكبرياء.
واستطاعت هذه الكبرياء أن تحطمها، كما حطمت الشيطان من قبل لأنه أراد أن يقع الإنسان في نفس السقطة التي وقع فيها.. وماذا كانت سقطته؟ يحكيها سفر أشعياء النبي فيقول:
" كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم؟ وأنت قلت في قلبك:
أصعد إلى السموات، أرفع كرسي فوق كواكب الله.. أصعد فوق مرتفعات السحاب، أصير مثل العلى. ولكنك انحدرت إلى الهاوية، إلى أسافل الجب" (أش 14: 12-15).
إن عبارة "أصير مثل العلى" التي قالها في قلبه، هي نفس عبارة " تصيران مثل الله "التي أغرى بها حواء..
إن خطية الكبرياء هي التي أسقطت الشيطان، وهى التي أسقطت الإنسان الأول. وكما قال أحد القديسين:
إن حواء اشتهت مجد الألوهية، ففقدت ما كان لها من مجد البشرية.
على أن هذه السقطة، وهذه الكبرياء، كانت تحمل في داخلها شهوة أخرى

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:41 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
المعرفة المُخَرِّبة

"تصيران مثل الله، عارفين الخير والشر"، "تنفتح أعينكما".. لقد قدم الشيطان للإنسان هذا الإغراء، إغراء المعرفة.. إلى متى تظل مقفل العينين لا تعرف؟ ليتك تأكل لكي تنفتح عيناك المغمضتان، وتذوق الدنيا وتعرفها..
إلى متى يغلق الله عليكما في هذه البساطة أو السذاجة، التي يسمونها النقاوة أو البراءة!! فتظلان هكذا لا تدريان ولا تفهمان الجمال الموجود في الدنيا، واللذة الموجودة في الثمرة ؟!
أية معرفة يقصدها الشيطان؟ لقد وهبهما الله فضل معرفته، وجعلهما يعرفان الخير والبر ويذوقان ما في هذه المعرفة من لذة. يجيب الشيطان إنهما حرما من معرفة الخير والشر.
وهنا تبدو الخدعة الكبرى التي انطلت على حواء.. فما هي؟
إنهما يعرفان الخير فقط. والشيطان يريد لهما الآن "معرفة الخير والشر"، أي أن تضاف إلى معرفتهما النقية، معرفة الشر..!
يا للخدعة الخبيثة، التي قال عنها الحكيم "الذي يزداد علمًا، يزداد غمًا" (جا 1: 18)، يقصد المعارف التي تشوه نقاوة الإنسان، أو تربك سلامة فكره..
وأكل الإنسان من شجرة المعرفة، فصار جاهلًا.. لأنه أخذ معرفة الشر إلى جوار معرفة الخير، وماذا أصابه أيضًا؟

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:43 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
مشكلة الثنائية وفقدان الثقة

ومن ذلك اليوم، والإنسان يعيش معذبًا، يسبح في بحر العالم، يحيطه شاطئان:
وللأسف، فإن معرفة الشر عند كثيرين، ارتبطت بشهوة الشر، أو على الأقل ارتبطت بالصراع بين الخير والشر.
وعاش الإنسان حياته في هذا الصراع، وتشوهت أفكاره بمعرفة الشر، وجلبت له هذه المعرفة الظنون والأفكار،
ووضعت في عقله الواعي أو عقله الباطن صورًا متعبة، تظهر أحيانًا كشكوك وظنون، وأحيانًا كإدانة للآخرين، أو كاشمئزاز من وضع معين، أو كخوف من سقوط.. أو أرتياب في نقاوة.
ولما أكلت حواء من شجرة المعرفة هذه، بدأت ترى آدم رجلًا يختلف عن أنوثتها.
وبدأ آدم يراها أنثى تختلف عن رجولته. وبدأ الجنس يفتح أبوابه.
وكان أول باب هو الخجل.
وأحس آدم وحواء أنهما عريانان، فكرا كيف يستران عريهما..
وفقد الاثنان بساطتهما الأولى..
ما كان أغناهما عن هذا كله، لو أنهما لم يطلبا هذه المعرفة، أو على الأقل طلبا المعرفة من الله وحده.

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:45 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
طلب المعرفة من غير الله

كان الله هو المعلم الأول الوحيد للإنسان، يعطيه من المعرفة ما يفيده وما يبقى على نقاوته.
ثم بدأ الإنسان يتخذ له مرشدًا غير الله، يشير عليه بما يفعل، ويعطيه معرفة أخرى.
وكان هذا المرشد للأسف، هو الشيطان الذي دخل الحية، وأرشد الإنسان إلى ما فيه هلاكه..
وشهوة المعرفة، بعيدة عن الله، ومن غير الله، ملأت الإنسان بمعارف ضيعته.
ومازال الإنسان يسعى إلى المعرفة منذ أكل من شجرة. وفي كل يوم تنفتح عيناه بالأكثر.. وتجمع له الحواس أحيانًا ما يضره..
ويستمر في ثنائية المعرفة، التي تشمل الخير والشر، إلى أن يهب له الله في الأبدية إكليل البر، فيتقيأ ما أكله من معرفة الخير والشر، ويعود لا يعرف غير الخير وحده، وينسى في النعيم الأبدي ما كان قد عرفه في العالم من شر. يمحو الله من ذاكرته ومن علمه ومعرفته كل معرفة الشر في الإنسان الجديد الذي يقوم من الأموات في نقاوة لا تعرف شرًا.
ويصير الجميع متعلمين من الله (يو 6: 45).
ولا يعود الشيطان يعلم ويرشد يلقى أفكاره في عقول الناس.. بل في الأبدية سنأخذ معرفة بديلة، هى معرفة الله الذي يكشف لنا ذاته. وكما قال ربنا يسوع المسيح لله الآب " هذه هي الحياة الأبدية، أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحده، ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو 17: 3).
حينئذ يكون الله هو مصدر معرفتنا، وقمة معرفتنا، وتبطل مشورة الشيطان الذي أسقط أمنا حواء في القديم، فأكلت.. وظهرت في أكلها خطيئة أخرى

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:45 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
حفظ الوصية عقلًا لا عملًا

كانت حواء تحفظ الوصية حفظًا عقليًا! لذلك عندما سألتها الحية:
"أحقًا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟".
وصححت لها حواء منطوق الآية، وذكرت تفاصيلها، فقالت للحية:
"من ثمر شجر الجنة نأكل. وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة، فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا".
إنه حفظ دقيق لم يكتف بالمنع عن الأكل، بل عن اللمس أيضًا..
والعجيب أنها في نفس الوقت الذي ذكرت فيه الوصية بهذه الدقة العجيبة، عادت وكسرت الوصية، ومدت يدها وقطفت وأكلت..!
لقد حفظت الوصية عقلًا لا عملًا.
إنها تذكرني بالشاب الغنى الذي كان يحفظ الوصايا، وقال عنها للسيد الرب:
"هذه حفظتها منذ حداثتي".
وفي نفس المناسبة مضى حزينًا، لأنه كان يعبد إلهًا آخر هو المال، بينما تقول الوصية الأولى " لا تكن لك آلهة أخرى أمامي" (خر 20: 3).
وفي الأكل من الشجرة، وقعت حواء، كما وقع آدم أيضًا في خطية أخرى

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:48 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
الانحدار إلى المستوى الجسداني

الأكل، شهوة الأكل، والنظر إلى الشجرة على أنها "جيدة للأكل".. كلها أمور جسدانية انحدر إليها آدم وحواء، بأسباب نفسانية، سقطا بها عن المستوى الروحي.
ولذلك أعتبر البعض أن الوصية الأولى التي أعطيت للإنسان، كانت وصية صوم، تشبه صومنا في هذه الأيام، نأكل من الكل ماعدا نوع واحد وهو الأطعمة الحيوانية.
كذلك أعطى لآدم وحواء أن يأكلا من الكل ماعدا نوع واحد هو ثمر هذه الشجرة.
ولكن آدم وحواء كسرا هذا الصوم، وأكلا من هذا الصنف المحرم. وبالأكل سقطا من المستوى الروحي إلى المستوى الجسدي.
وبهذا السقوط، استمرت معهما حروب الجسد فيما بعد. حتى أن بعض العقوبات التي فرضها الله عليهما، كانت تحمل إشارة إلى هذا المستوى الجسداني الذي هبطا إليه:
قال للمرأة " تكثيرا أكثر أتعاب حبلك. بالوجع تلدين أولادًا".
وقال لآدم "أنك سمعت لقول امرأتك، وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلًا لا تأكل منها، ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك.. بعرق جبينك تأكل خبزًا.. وتأكل عشب الأرض" (تك 3: 16-19).

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:50 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
عدم القناعة

الله أعطى أبوينا الأولين أن يأكلا من كل شجر الجنة، ماعدا واحدة. ولا شك أنه كانت توجد أثمار كثيرة جدًا في الجنة، بل كان فيها كل نوع ثمر..
ولكن هذا كله لم يقتنع به آدم وحواء ولم يكفيهما، بل أرادا الأكل من هذا النوع الواحد الناقص.
وهذا يدل على عدم القناعة.
ومازال مرض عدم القناعة موروثًا حتى الآن:
"العين لا تشبع من النظر، والأذن لا تمتلئ من السمع.
وكل الأنهار تجرى إلى البحر، والبحر ليس بملآن" (جا 1: 7، 7)
على أن حواء في أكلها من الثمرة المحرمة، لم تقع فقط في كل هذه الخطايا،
إنما أضافت إليها خطية أخرى

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:52 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
تغطية الخطية بأوراق التين

لما أكلا "انفتحت أعينهما، وعلما أنها عريانان"، إذ فقدا نقاوتهما، فقدا بساطتهما الأولى.
فبدلا من معالجة الخطية والتخلص منها، والرجوع إلى النقاوة الأولى، قاما بتغطية الخطية بأوراق التين.
وهكذا تغطى آدم وحواء، ولكن بقى القلب من الداخل غير سليم، والشعور كما هو..
وأصبحت أوراق التين ترمز إلى تغطية الخطية،
دون التخلص منها.
لهذا نرى أن الرب لم يوافق على فكرة أوراق التين.
"صَنَعَ الرَّبُّ الإِلهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا." (سفر التكوين 3: 21).
ومن أين أتت أقمصة الجلد؟
لعلها أتت من ذبيحة، سفك دمها لأجلهما، وتغطيا بجلدها.
وهنا بدأ الرمز العميق:
الخطية تعرى الإنسان وتخجله، والذبيحة تغطيه وتستره، بل وتطهره..
أنه معنى ربما يكونان قد عرفاه بسيطًا في بادئ الأمر،
وأتى التعمق فيه على الزمن فيما بعد.
بعد الخطية، شعر آدم وحواء بالعرى، وبالخزي، فاستترا بأوراق التين..
وماذا بعد؟
لقد وقعا في خطية أخرى كبيرة

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:53 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
إعثار الآخرين


لم يقتصر أمرها على كسر الوصية والأكل من الشجرة، وإنما يقول الكتاب إنها:
"أكلت، وأعطت رجلها أيضًا معها فأكل".
لقد قادَت آدم في الخطأ، وقادته إلى كسر الوصية، وكانت سببًا في ضياعه، ووضعت أول بذرة للعثرة، وإعثار الآخرين..
والعجيب أن البعض يظنون أن خطية آدم وحواء هي مجرد الأكل من الشجرة!
فعلى الرغم من كل الخطايا التي ذكرناها، توجد خطايا أخرى كثيرة أرتكبها أبوانا بعد الأكل من الشجرة.

Mary Naeem 10 - 02 - 2014 05:54 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
الهروب من الله

"سمعا صوت الرب الإله ماشيًا في الجنة، عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الله في وسط شجر الجنة" (تك 3: 8)
أصبح هناك تباعد بينهما وبين الله.. وجدت هوة فاصلة.. لم يعودا يفرحان بالوجود في حضرة الرب. فحالما سمعا صوته مقبلًا، هربا من وجهه واختفيا..
وصار الهروب من الله خطية موروثة في نسل آدم وحواء. فما أن يقع الإنسان في الخطية، حتى يبدأ في سلسلة من الهروب: يهرب من الصلاة، لأنه يخجل من الكلام مع الله وهو في الخطية! ويهرب من الكنيسة، ومن أب الاعتراف، ومن الاجتماعات الروحية، ومن الأصدقاء الروحيين، إلى أن يقطع كل صلة له بالله..!
ولعل الهروب من الله، بالنسبة إلى آدم وحواء، قد دفعت إليه خطية أخرى وهى الخوف.

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 02:18 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
الخوف

الخوف إن لم يكن خطية في حد ذاته، فعلى الأقل هو انحدار في المستوى، انحدار من مستوى الحب الإلهي الذي كانا يعيشان فيه. ويقول القديس يوحنا الرسول "لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ" (رسالة يوحنا الرسول الأولى 4: 18).
وواضح من إجابة أبينا آدم أنه خائف. ولا نقصد المخافة التي تحمل مهابة الله، وإنما الخوف بمعناه الحرفي، الذي يدعو إلى الهرب والاختفاء. وفي هذا يقول للرب "سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأني عريان فاختبأت" (تك 3: 10).
وبالنسبة إلى آدم وحواء، لا نقول فقط أنهما نزلا من مستوى الحب، بل عملا أعمالًا ضد محبة الله.

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 02:19 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
الخروج من محبة الله

* لا شك أن كسر الوصية كان عملًا ضد محبة الله. لأن الرب يقول:
"الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني" (يو 14: 21). ويقول القديس يوحنا الحبيب " من قال قد عرفته، وهو لا يحفظ وصاياه، فهو كاذب وليس الحق فيه. وأما من حفظ كلمته، فحقًا في هذا قد تكملت محبة الله" (1يو 3: 4).
إذن كسر الوصية ضد المحبة.
* ورغبة آدم وحواء في أن يصيرا "مثل الله" حسب إغراء الحية، كان عملًا آخر ضد محبتهما لله
* وتصديق كلام الحية، عكس كلام الله، كان أيضًا عملًا ضد محبة أبوينا الأولين لله.
* وفي مناقشتهما مع الله، كانت الطريقة لا تتفق والمحبة.
* وهروبهما من وجه الله، اختفاؤهما، كان عملًا رابعًا منهما ضد محبة الله.
كذلك في خوف أبوينا واختبائهما، وقعا في خطية أخرى، وهى عدم السعي للصلح مع الله.

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 02:22 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
عدم السعي إلى الخلاص

إنهما إنسانان قد كسرا وصية الله، وأصبح محكومًا عليهما بالموت.
فماذا فعلا للتخلص من حكم الموت هذا؟ هل سعيا إلى الخلاص؟ هل بذلا جهدهما لكي يصطلحا مع الله ولكي يعودا إلى علاقة الحب الأولى؟ كلا.
لقد شل الخوف تفكيرهما، فلم يقوما بأي عمل من أجل نفسيهما الهالكتين، إنما أسرعا بالاختفاء من وجه الله.
وفي الاختفاء من وجه الله في وسط الشجرة وقعا في خطية أخرى وهى الجهل بالله وقدرته..

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 02:54 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
الجهل بالله وقدرته

إلى أين يهرب هذان المسكينان من وجه الرب؟
وأين يختفيان؟
لقد كان حفيدهما داود أكثر معرفة بالله حينما قال:
" أين أذهب من وجهك؟ ومن وجهك أين أهرب؟
إن صعدت إلى السموات فأنت هناك. وإن فرشت في هاوية فها أنت.." (مز 139: 7: 8)..
فما معنى الاختباء وسط الشجر إذن؟!
هل الشجر يخفيهما عن عين الله الفاحصة الخفيات والظاهرات؟ أم أنهما جهلا بقدرة الله على كل شيء.
حقًا إن الإنسان لما أكل من شجرة المعرفة صار جاهلًا، لقد وعده الشيطان وعدًا زائفًا لم يبر به..
وفى المناقشة بين الله وأبوينا الأولين، نرى في أجابتهما عددًا كبيرًا من الأخطاء

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 02:59 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
عدم إدانة النفس

إن كان هذا الإنسان قد أكل من شجرة المعرفة، وعرف الخير والشر، فعلى الأقل أصبح يعرف أنه قد أخطأ.
ولكن كلمة " أخطأت " لم يقلها آدم إطلاقًا، ولم تقلها حواء.
ولم يعترف أحد منهما بهذه الخطايا التي ذكرناها، ولا بشيء منها.
لم يقم أحد منهما بإدانة نفسه، ولم تكن لأي منهما حكمة القديس مقاريوس الكبير الذي قال: [أحكم يا أخي على نفسك، قبل أن يحكموا عليك]..
ويا ليتهما لم يدينا نفسيهما وصمتا، بل أنهما وقعًا في خطية أصعب، وهى محاولة تبرير النفس.

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 03:00 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
محاولة تبرير النفس

كل منهما حاول أن يبرر نفسه.
حاول أن يوجد لنفسه عذرًا يغطى به خطيته، أو يقلل من الجرم الذي وقع فيه.
ولم يقبل الله شيئًا من تبريراتهما وأعذارهما، لأن الخطية واضحة.
أمام الله يستد كل فم. وإن تكلم الإنسان، فإنما ليعترف ويدين نفسه ويطلب الرحمة، وليس غير.
أما محاولة تبرير النفس، فهي نوع من المكابرة والكبرياء.
وفي تبرير كل من آدم وحواء لنفسه، وقع في خطية أخرى وهى إلقاء التبعة على الآخرين.

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 03:03 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
إلقاء التبعة على الآخرين

حواء، تلقى التبعة على الحية فتقول "الحية أغرتني فأكلت". وآدم يلقى التبعة على حواء "المرأة أعطتني فأكلت"..
ولا يلقى أحد منهما بالتبعة على نفسه!
ولم يكن إلقاء التبعة على الآخرين عذراء مقبولًا:
فآدم كان يستطيع أن يرفض الأكل، ولا يسمع لحواء، بل كان يستطيع أن يوبخها، بل أكثر من هذا كان يمكنه أن ينصحها ويمنعها قبل الوقوع في الخطية.
أما أن تقدم له من الثمرة فيأكل دون تفكير، دون امتناع، ودون تذكر للوصية دون تذكر للعقوبة، فهذا أمر لا يقبله أحد.
وحواء بالمثل، كانت تستطيع أن ترفض إغراء الحية..
وحينما ألقى آدم بالتبعة على حواء، إنما وقع ضمنًا في خطية أخرى، تخدش المحبة التي بينهما.

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 03:04 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
خطية ضد محبة القريب

كما كسر آدم محبته لله، كسر أيضًا محبته للقريب.
والقريب الوحيد هنا كان حواء.
اتهمها أمام الله، وحملها تبعة سقوطه في الخطية.
وهكذا ألقى أول بذرة للخلافات الزوجية.
ونشكر الله أن حواء لم ترد على آدم، ولم تدخل معه في مناقشة، بل لزمت الصمت، ومرَّت المشكلة من جهتها بسلام.

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 03:05 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
الاختفاء وراء امرأة

ما كان يليق بأبينا آدم – الرجل الأول في البشرية أن يختفي وراء امرأة لكي ينجو!
يقدمها للاتهام، ويحملها المسئولية، لكي يتبرر هو!
الأمر المثالي، أن يتحمل أخطاءها، وينسبها لنفسه، كمسئول،
وينجيها من العقوبة، ويتصدر الموقف ويتركها تختفي وراءه.
ويحمل خطاياها، كما حمل المسيح خطايا عروسه الكنيسة..
لكن آدم فعل العكس.
لا أريد أن أعلق على الموقف بأكثر من هذا..

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 03:06 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
عدم اللياقة في الحديث

وفى دفاع آدم عن نفسه بإلقاء التبعة على المرأة، فقد اللياقة اللازمة في التحدث مع الله نفسه..!
فلم يكتف بقولة " المرأة أعطتني فأكلت " وإنما قال لله: "المرأة التي جعلتها معي، هي أعطتني".
كأنه بهذا يشرك الله في المسئولية، أو يجعل الله صاحب السبب في سقوطه، أنه أعطاه المرأة التي أعطته الثمرة..! وكان تعبيرًا غير لائق من جهة آداب الحديث مع الله. ولم يرد الله عليه.

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 03:08 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
سقطات أبوانا الأولان

من هذه السقطات التي وقع فيها أبوانا الأولان نستنتج:
* أن الخطايا ليست عواقر، وإنها تلد خطايا أخرى..
ويكفى أن يجر الإنسان أول الخيط، لكي ينساب كله، ويجد أن خطية تقوده إلى أخرى.. إلى غير انتهاء..
* كذلك نستنتج أنه يلزمنا التدقيق في محاسبتنا لأنفسنا وفي اعترافاتنا..
فربما نظن أننا اقترفنا شيئًا بسيطًا، بينما هذا الشيء يحوى العديد من الخطايا، التي ربما تخفى عن معرفتنا،
ولكننا بقليل من التحليل ندركها..
وها قد رأينا كيف سقط أبوانا آدم وحواء، وكيف بدأ الفساد ينخر في الطبيعة البشرية على مدى العصور، حتى أتلفها تمامًا.

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 03:10 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
اللعنة
* اللعنة لم تصب آدم وحواء لسببين:
أولا: لأن الله كان قد باركهما قبلًا (تك 1: 8) وهبات الله بلا ندامة (رو 11: 9)، ولا يرجع فيها مهما حدث. إنها لا تتوقف على أمانتنا، بقدر ما تتوقف على جوده هو وكرمه..
ثانيا: أنه لو لعن آدم وحواء، لكانت اللعنة قد أصابت الجنس البشرى كله، الموجود في صلبهما، كما لعن فيما بعد كنعان فلعن كل نسله ولا يمكن أن يلعن الجنس البشرى كله، ومنه سيأتي أنبياء وأبرار يباركهم الرب ويكونون بركة.. بل من نسل آدم سيأتي السيد المسيح -حسب الجسد- الذي سيسحق رأس الحية، وبه " تتبارك فيه جميع قبائل الأرض" (تك 22: 18).
* ولكن اللعنة أصابت الحية التي أغرت حواء بأكل الثمرة. كذلك أصابت اللعنة الأرض التي تخرج ثمرًا للأكل :
1-فقال الله للحية " ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية. على بطنك تسعين، وترابًا تأكلين كل أيام حياتك. وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها. وهو يسحق رأسك، ونلاحظ أن لعنة الحية، كانت تحمل عقوبة ضمنية للإنسان.
أصبحت هناك عداوة بينه وبين الحية، ولم توجد من قبل أية عداوة بينه وبين أحد من خليقة كلها. كما أن سلطانه على الحيوان قد اهتز، فصارت الحية تستطيع أن تسحق عقبه، وتؤذيه! وهو الذي كان ملكًا مسلطًا على كل أنواع الخليقة. وهكذا ضاع جزء من هيبته ومن سلطته..
على أن سلطان الحية قد اهتز عندما أعطانا السيد المسيح سلطانًا أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو. وانتهى حينما سحق المسيح رأس الحية.. وعبارة "وترابًا تأكلين كل أيام حياتك " فيها تعريض بالإنسان الذي قال له الرب في نفس المناسبة " أنت تراب وإلى التراب تعود" (تك 4: 19)
الإنسان البار، هو صورة الله ومثاله، أما الإنسان الخاطئ فهو تراب. وكتراب يصير طعامًا للحية، أنها تأكل ترابًا كل أيام حياتها.. هذا هو المعنى الرمزي كما تأمله القديس أوغسطينوس..
وفى داخل هذه العقوبة التي أوقعها الله على الحية، وضمنًا على الإنسان، كان يوجد الوعد بالخلاص.
وعد بأن نسل المرأة سيسحق رأس الحية. وهذه كانت أول نبوءة عن مجيء السيد المسيح لخلاصنا
ويظهر لنا هذا الوعد حنو الله على الخطاة، ويزيده عمقًا أنه وعد بالخلاص، وعد به الله فيما هو يعاقب ويقتص من الخطية. حقًا إن عدله مملوء رحمة، وأنه رحيم في عدله، وصفاته لا تنفصل عن بعضها البعض..
إن الله لم يلعن الإنسان، ولكنه لعن الحية التي أغوت الإنسان، كانت في لعنتها، عقوبة ضمنية للإنسان. كذلك لعن الله الأرض التي يعيش عليها الإنسان.
* وفي اللعنة التي أصابت الأرض، كانت توجد أيضًا عقوبة ضمنية موقعة على الإنسان نفسه:
كانت لعنة الأرض ضمن العقوبة التي أوقعها الله على الإنسان، إذ قال له "ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك. وشوكًا وحسكًا تنبت لك، حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها.." (تك 3: 17-19).
بهذه اللعنة بدأت الأرض تتمرد على الإنسان، كما أصبحت الحيوانات تتمرد عليه، ممثله في الحية، هكذا فقد الإنسان هيبته، فيما كانت تعده الحية بالإلوهية!!
أول تمرد للأرض، يكمن في عبارة "بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك". الأرض المباركة، لا يتعب فيها الإنسان. أما الأرض الملعونة فتتعبه. كان آدم قبل الخطية يعمل في الجنة، ولكنه كان عملًا مريحًا، ولم يذكر الكتاب مطلقًا إنه كان يتعب في عمله، أو أنه كان يتعب ليحصل من الأرض على أكله
هذه اللعنة نجدها واضحة في قول الرب لقايين، أول إنسان لعنة الله " متى عملت الأرض، لا تعود تعطيك قوتها " (تك 4: 12).
وتمرد الأرض يظهر أيضًا في عبارة "شوكًا وحسكًا تنبت لك".. لأول مرة نسمع عن الشوك والحسك، إذ لم يرد لهما ذكر من قبل في نباتات الأرض وحينما نظر الله إلى كل ما عمله فإذا هو حسن جدًا: إن الأرض العطشانة، والمحرومة من بركة الله وخيره، يمكن أن تنتج شوكًا وحسكًا وهى تحرم من بركة الله وخيره، بسبب خطية الإنسان. لذلك قال له الله " ملعونة الأرض بسببك "
إن الإنسان البار، به تتبارك الأرض، والإنسان الخاطئ بسببه تُلْعَن الأرض، كما ورد في سفر التثنية (تث 28).
يقول الرب لمن يحفظ وصاياه "مباركًا تكون في المدينة ومباركًا تكون في الحقل. ومباركة تكون ثمرة بطنك وثمرة أرضك.." (تث 28: 3، 4). وبعكس ذلك يقول الرب لمن لا يحفظ وصاياه " ملعونًا تكون في المدينة، وملعونًا تكون في الحقل.. ملعونة تكون ثمرة بطنك وثمرة أرضك" (تث 28: 16، 18). لما لعنت الأرض، قل خيرها، وأصبحت تنتج شوكًا وحسكًا.
وجاء المسيح الذي حمل خطايانا على الصليب، فحمل أيضًا على جبينه الشوك والحسك اللذين أنتجتهما خطية الإنسان .
قلنا إنه كانت من نتائج الخطية اللعنة.

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 03:11 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
الموت
"يوم تأكل منها موتًا تموت " (تك 2: 17).
كان الموت هو العقوبة الأساسية للخطية.
والكل قد خضع له، مات آدم وحواء، ومات كل نسلهما، وسيموت النسل الذي يولد فيما بعد. ويظل الموت إلى أن ينتهي هذا العالم.

ويقول الكتاب إن "آخر عدو يبطل هو الموت" (1كو 15: 26). يحدث هذا في نهاية العالم، حينما تتغير طبيعتنا في القيامة العامة ونلبس الحياة، أو كما يقول الرسول " هذا المائت يلبس عدم موت" (1كو 15: 53). عندئذ فقط نقول له " أين شوكتك يا موت؟!".. أما قبل هذه القيامة، فتظل شوكة الموت في أجسادنا جميعًا.. نتيجة لخطيئة آدم وحواء..
* ولكن لم يكن ممكنًا أن يموت أبوانا في التو واللحظة..
وإلا تكون البشرية كلها قد انتهت وزالت، ويكون الشيطان قد أنتصر في المعركة انتصارًا ساحقًا، ولا يكون هناك خلاص، الخلاص الذي أعده الرب لآدم وبنيه..
لذلك تأجل هذا الموت إلى حين، ريثما تلد حواء بنين وتربيهم. لأنه فيما بعد سيأتي من نسل المرأة من يسحق رأس الحية، ويطلب ويخلص ما قد هلك.
* ومع تأجيل هذا الموت الجسدي، كانت هناك أنواع أخرى من الموت، تم بعضها في التو واللحظة
هناك الموت الروحي، وكما قال القديس أوغسطينوس [موت الجسد هو انفصال الروح عن الجسد. أما موت الروح، يفهو انفصال الروح عن الله]..
ولهذا أعتبر الكتاب أن الخطية موت، فقال الأب عن ابنه الضال "ابني كان ميتًا فعاش" (لو 15: 24) . وقال الرب لملاك كنيسة ساردس " إن لك اسمًا إنك حي، وأنت ميت" (رؤ3: 1) . فالخطية موت روحي، لأنها تفصل الإنسان عن الله، لأنه لا شركة للظلمة مع النور..
* وآدم وحواء قد ماتا هذا الموت الروحي يوم أكلا من الشجرة، وماتا أيضًا موتًا آخر أدبيًا:
في هذا الموت الأدبي، ضاعت كرامة هذا الإنسان الأول، وفقد الحالة الفائقة للطبيعة التي خلق عليها كما سنشرح في النقاط المقبلة.. وأكبر تعبير على هذا الموت الأدبي، أن الله طرده من الجنة. وعبارة " طرد" تعنى كثيرًا من جهة الموتين الأدبي والروحي. على أنه من جهة هذين الموتين، ظل الله يعمل عملية إقامة من الأموات بالنسبة إلى آدم وبنيه، لكي يرجعهم إلى رتبهم الأولى، ولكي تتم مصالحة بينهم وبين الله. ولكن الأمر كان يتوقف على مدى الاستجابة الفردية لعمل النعمة في كل إنسان على حدة..
* بقى الموت الأبدي، وهو أخطر ما في حكم الموت: وهو الذي خلصنا منه المسيح بالفداء، حين مات عنا.
ولكن آدم وحواء وبنيهما جميعًا، ظلوا تحت حكم الموت في كل العصور السابقة للفداء. وكان كل الذين يموتون، يذهبون إلى الجحيم. والمؤمنون منهم، الراقدون على الرجاء، يرتلون مع داود " أنك لا تترك نفسي في الجحيم، ولا تدع قدوسك يرى فسادًا" (مز 15: 10)
ولأن الخطية حرمت الإنسان من الحياة، وأوقعته في الموت، لذلك رأينا أمرًا خطيرًا قد صدر من الله "وأقام شرقي جنة عدن الكاروبيم، ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة" (تك 3: 24)

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 03:12 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
فقدان الصورة الإلهية

في حالة البر الأولى، كان آدم على صورة الله، ومثاله، كما قال الله "نخلق إنساننا كشبهنا". أما في حالة السقوط، فقد فقد الإنسان هذه الصورة الإلهية.
وفساد الطبيعة البشرية، الذي سنتحدث عنه في النقاط التالية، لم يعد يتفق مع الصورة الإلهية التي كانت له يوم خلق.
ولهذا نجد الله يخاطبه بطريقة أخرى تتفق وصورته في الخطية، فيقول له "لأنك تراب، وإلى التراب تعود" كان صورة الله، فأصبح ترابًا. ننتقل إذن إلى النقطة الرابعة من نتائج الخطية

Mary Naeem 11 - 02 - 2014 03:31 PM

رد: كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
 
فساد الطبيعة البشرية

فقدت الطبيعة البشرية نقاوتها الأولى، وبساطتها الأولى، وعرفت الخطيئة، واختبرتها، ودخلت في ثنائية معرفة الخير والشر، وفي الصراع بين الجسد والروح، وهبطت إلى المستوى الجسدي أحيانًا كثيرة. أصبح من السهل أن نخطئ..
وقد رأينا فيما بعد، كيف انهارت هذه الطبيعة البشرية، وانحدرت إلى مستويات مؤسفة، وتوارثت ألوانا من الفساد، إلى أن وصلت إلى محبة الخطية، وإلى العبودية لها، وإلى إنكار الله، الجهل به.
وفقد آدم وحواء هيبتهما، سلطتهما على الطبيعة، وعلى الحيوان، فتمردت عليهما الأرض، وصارت تنبت لهما شوكًاوحسكًا، وتمرد عليهما الحيوان، وقامت عداوة معه..
وظهر فساد الطبيعة البشرية أيضًا في انحلالها، في تعب الجسد وتعب النفس، وستبقى في هذا الفساد إلى يوم القيامة حين "يلبس الفاسد عدم فساد" (1كو 15: 54)


الساعة الآن 11:42 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025