منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   كتب البابا شنودة الثالث (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=252441)

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 04:53 PM

كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
لقداسة البابا شنودة الثالث

نقدم لأبنائنا الخدام والخادمات الجزء الثاني من مجموعة (الخدمة الروحية والخادم الروحي) للتعرف بطبيعة عملهم في الخدمة، وما ينبغي أن تكون عليه حياتهم في قوتها وتأثيرها.
1- ما هي الخدمة روحيًا. وقد تشمل هذا الموضوع 16 نقطة.
2- مركز الله في الخدمة. وقد اشتمل علي 7 نقاط.
3- التواضع في الخدمة.
4- مقاييس الخدمة ونجاحها.

5:8- الخادم الروحي. وقد اشتمل هذا البند علي أربعة موضوعات.
9- العمل الجواني.
و في هذا الجزء الثاني من مجموعة الخدمة نحدثك عن:
1- الخدمة: أهميتها – مجالتها - فاعليتها
2- قوة الخدمة.
3- النمو في الخدمة.
4- التعب في الخدمة.
5- "مسحني لأبشر المساكين.. "
6- الذين ليس لهم أحد يذكرهم.
7- "يهيئ للرب شعبًا مستعدًا".
9- الخادم داخل الأسرة.
و الجزء الثالث من سلسلة الخدمة والخادم نحدثك فيه عن:
1- العمل الإيجابي.
2- العمل الفردي.
3- التشجيع.
4- لاحظ نفسك والتعليم.
5- كثيرون سقطوا داخل الخدمة، وبعضهم هلكوا.
6- الجدية في الخدمة.
7- الخادم في المجتمع.
8- موضوعات أخري.
و بعد ذلك الجزء الرابع بمشيئة الله.
مايو 1994
البابا شنوده الثالث

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 04:55 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
أهمية الخدمة

https://st-takla.org/Pix/Holy-Bible-C...y-Budapest.gif

تحدث القديس بولس الرسول عن المواهب المتنوعة "كما قسم الله لكل واحد مقداراً من الإيمان"، "بحسب النعمة المعطاة لنا"، فقال "أنبوة فبالنسبة إلي الإيمان. أم خدمة. أم المعلم ففي التعليم. أم الواعظ ففي الوعظ. المعطي فبسخاء المدبر فباجتهاد" (رو 12 ك3- 8).



و هكذا جعل الخدمة في مقدمة هذه المواهب المتنوعة، لكي يرينا بهذا أهميتها..

ربنا يسوع المسيح نفسه، قال عن ذاته "إن ابن الإنسان لم يأت ليخدم، ويبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مر 10: 45). فإن كان السيد المسيح قد جاء ليخدم، فماذا نقول نحن، وأية كرامة تكون للخدمة إذن؟ إن كان السيد المسيح أخذ شكل العبد ليخدم البشرية، فماذا يفعل البشر؟

و كما جاء المسيح ليخدم، هكذا رسله أيضاً كانوا خداماً..

سواء من جهة الخدمة الروحية، أو الخدمة الاجتماعية.. من الناحية الروحية، قالوا عن أنفسهم لما أقاموا الشمامسة السبعة. "و أما نحن فنعكف علي الصلاة وخدمة الكلمة" (أع 6: 4). ويقول القديس بولس الرسول عن هذه الخدمة الروحية.. وأعطانا خدمة المصالحة.. نسعي كسفراء عن المسيح، كأن الله يعظ بنا. نطلب عن المسيح، تصالحوا مع الله" (2 كو 5: 18، 20). ويقول لتلميذه تيموثاوس "أعمل عمل البشر، تمم خدمتك" (2 تي 4: 5). وفي هذه الخدمة، قال عن القديس مرقس إنه "نافع لي للخدمة" (2 ت 4: 11). أما من جهة الخدمة الأخري، فيقول القديس بولس أيضاً:

" إن حاجاتي وحاجات الذين معي، خدمتها هاتان اليدان" (أع 20: 34).

و يمدح العبرانيين فيقول "لأن الله ليس بظالم، حتي ينسي عملكم وتعب المحبة.. إذ قد خدمتم القديسين وتخدمونهم" (عب 6: 10).

إن الآباء لم تكن لهم روح السيطرة، بل روح الخدمة.

كانوا يخدمون الناس، ويبذلوا أنفسهم عنهم. وفي الكهنوت. كان كل من يرسم علي كنيسة، يعتبر نفسه خادماً لهذه الكنيسة. يخدم السرائر المقدسة، ويخدم الله، والشعب.. إن القديس أوغسطينوس أسقف هبو، لما صلي لأجل شعبه، قال "أطلب إليك يا رب، من أجل سادتي، عبيدك". فاعتبر أن أفراد هذا الشعب، الذي يخدمه كأسقف، هم سادته.

و لم تكن كلمة (خادم) مجرد لقب، وإنما حقيقة واقعة.

و كان الاباء يتعبون في هذه الخدمة، إلي اَخر نسمة..

" في أسفار مراراً كثيرة.. في جوع وعطش.. في برد وعري، في تعب وكد.. في أسهار، في أصوام" (2 كو 11: 26، 27) يسهرون لأجل النفوس، كأنهم سوف يعطون حساباً" (عب 13: 17). كانوا مثل الشموع، التي تذوب، لكي تعطي نوراً للآخرين. وما أجمل قول الشيخ الروحاني في الخدمة "في كل موضع مضيت إليه، كن صغير أخوتك وخديمهم".. إن نزعة العظمة، ليست دليلاً علي القوة، بل هي حرب.

أما القوي، فهو الذي يدرب نفسه، علي أن يكون خادماً.

القديس الأنبا صرابامون أبو طرحة، كان وهو أسقف، يحمل الطعام إلي بيوت الفقراء، في الليل في الخفاء، ويقرع أبوابهم، ويترك ما يحمله أمام الباب ويمضي، وهو سعيد بخدمته.
. والأنبا موسي الأسود، كان يحمل الماء إلي قلالي الرهبان. والقديس بينوفيوس، كان يدرب ذاته علي أن يقوم في الدير بالخدمات الحقيرة التي لا يقبل عليها الكثيرون، مثل تنظيف دورات المياه وكنس الدير، وحمل القاذورات خارجاً، وسائر عمليات التنظيف..

و الآباء كانوا يقومون بهذه الخدمات في فرح، بلا تذمر..


بل كانوا يتطوعون لهذه الخدمة، دون أن يطلبها منهم أحد.. وكانوا يقومون بها بكل تواضع قلب، سعداء بخدمة اخوتهم. قديس يري رجلاً مجذوماً، فيحمله إلي قلايته، ويخدمه وينفق عليه مدة ثلاث اشهر، لكي ينال بركة خدمته. وما أكثر الآباء، الذين بصبر كثير، فرغوا أنفسهم فترات طويلة لخدمة المرضي، وخدمة الشيوخ، كما فعل يوحنا القصير، مع ابيه الشيخ الأنبا بموا، في احتمال عجيب، حتي تنيح بسلام، ونال بركته. وقال عنه الأنبا بموا "هذا ملاك لا إنسان". وكان الآباء، إن رأوا أحداً مرهقاً في عمل، يمدون أيديهم في محبة ليحملوا العبْ عنه، كما قال الرب "تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (مت 11: 28)

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:00 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
محبة الخدمة


و في الخدمة نراعي أمرين: محبة الخدمة، وروح الخدمة.
فمن جهة محبة الخدمة، يحب الشخص أن يعين كل من هو في حاجة، ولا يستطيع أن يقوم بنفسه. ومع محبة القلب لكل المحتاجين والاستعداد لمعونتهم، قد يوجد تخصص في الخدمة: فهناك من يجد لذة في خدمة الأيتام بالذات، وإعطائهم ما فقدوه من حنان الأبوة أو الأمومة. وهناك من يجد لذة في خدمة المرضي، أو العجائز، أو المسنين، أو أطفال الحضانة، أو المصدورين، أو العائلات الفقيرة، أو الطلبة المتغربين، أو الفتيات المعرضات للضياع أو للانحراف..
ومحبة الخدمة تلازمه في بيته وفي عمله، وفي كل مكان.


إن جلس علي المائدة ليأكل، يطمئن أن الجالسين معه لا ينقصهم شيء، فيحضر لهذا كوب ماء. وبقرب من ذاك الملح أو الخبز.. وإذا انتهي الطعام يساعد في ترتيب المائدة وحمل الأواني، ولا يتركها ثقلًا علي الوالدة أو الأخت أو الزوجة. كذلك إن قام من فراشه، يرتبه، وإن خلع ملابسه، لا يتركها مبعثرة هنا وهناك في انتظار من يجمعها.
لأن هناك من له خطأ مزدوج: فهو من ناحية لا يخدم غيره. ومن ناحية أخري يترك نفسه ثقلًا علي الآخرين ليخدموه.
و الخادم الحقيقي إنسان حساس نحو احتياجات الناس: يجلس ويدرس ويتأمل، ماذا يحتاج غليه الغير، وكيف يدبر لهم احتياجاتهم. وهذا أيضًا هو عمل الراعي النشيط والخادم الروحي الناجح، الذي يدرس ما يحتاج إليه الناس، يدبر المشروعات والأنشطة التي تفي بكافة احتياجاتهم روحية ومادية، دون أن يطلبوا منه ذلك.
كثير منا من ينتقد الآخرين، وقليلون من يهتمون بإصلاحهم.
النقد سهل يستطيعه كل أحد. ولكن إصلاح هؤلاء المخطئين، هو العمل الروحي، المملوء من المحبة العملية، النافع للملكوت، لأنه لا يحتاج الأصحاء إلي طبيب بل المرضي.
سهل أن تطرد ولدًا شاذًا من فصلك. والمطلوب إصلاحه.
و لا شك أنها خدمة عميقة ولازمة، أن يتفرغ البعض لخدمة الأطفال والطلبة الشواذ. ما أعظم أجر هذه الخدمة عند الله! ما أجمل أن تخدم الأماكن التي لا يوجد فيها اسم المسيح علي الإطلاق، أو أن تخدم الذين يسخرون من الدين والتدين! أو الذين لا يخدموا الكنيسة قبلًا، ولا يريدون..غالبية الخدام يبحثون عن الخدمة السهلة المعدة، وأن يدخلوا علي ما لم يتعبوا فيه، ويبنوا علي أساس وضعه آخر.. أما المجاهدين الكبار، فهم الذين يتعبون في تأسيس خدمات غير موجودة، ولا مانع أن يدخل خدام آخرون علي تعبهم.. فهكذا فعل السيد المسيح، وترك لنا مثالًا لنعمل. قال الرب: الحصاد كثير، والفعلة قليلون. أطلبوا من رب الحصد أن يرسل فعلة لحصاده. وفي كل مكان نجد هذا الاحتياج. ولعلنا نقول: كان الفعلة قليلين في ذلك الزمان يا رب. أما الآن فلنا عشرات الآلاف من الخدام يعملون في كرمك. فهل مازالت تنطبق علينا عبارة "الفعلة قليلون"؟!
نعم. الفعلة الذين لهم قوة الروح في الخدمة قليلون.
أقصد الفعلة الذي يعمل فيهم روح الله بقوة، الذين لخدمتهم تأثيرها العميق وثمرها المتكاثر. لا شك في أن هؤلاء قليلون. فالمسألة ليست مسألة عدد، وإنما المهم هو وجود الخدام الذين لهم فاعلية وتأثير، وقوة وروح. الذين في أفواههم كلمة الرب الحية الفعالة.

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:01 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
فاعلية الخدمة

إن الاثني عشر لم يبدأوا الخدمة إلا بعد أن حل الروح القدس عليهم ونالوا قوة (أع 1:8)، ولبسوا قوة من العالي (لو 24:49). حينئذ "إلي أقاصي المسكونة بلغت أصواتهم "وفي كل الأرض خرج منطقهم" (مز 19: 4).. إسطفانوس الشماس، لأنه كان مملوءًا من الروح القدس والحكمة، لذلك لما وقفت أمامه ثلاثة مجامع فلسفية "لم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به" (أع 6: 10). وبفاعلية عمل الروح في العصر الرسولي "كانت كلمة الرب تنمو، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا في أورشليم.." (أع 6: 7) "كان الرب كل يوم يضم إلي الكنيسة الذين يخلصون" (أع 2: 47) "والكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة، كان لها سلام، وكانت تبني وتسير في خوف الرب. وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر" (أع 9: 31).
أما نحن فلنا عشرات الآلاف من المدرسين، ولكن الخدام العاملين بالروح قليلون..

تأملوا خادمًا واحدًا مثل بولس الرسول.. لاشك أن اختياره كان حادثًا خطيرًا في الكنيسة. لقد تعب أكثر من جميع الرسل (1كو 15: 10). وتألم وجاهد أكثر من الكل "عدا الاهتمام بجميع الكنائس "وغيرته التي يقول فيها "من يعثر، وأنا لا ألتهب؟!" (2 كو 11: 28، 29). هذا الذي دعي "رسول الأمم". ووصلت خدمته من أورشليم إلي أنطاكية إلي قبرص، ثم إلي آسيا الصغرى وبلاد اليونان، وإلي رومه.. وكتب 14 رسالة، وكرز وهو في السجن.
أننا مستعدون أن نستغني عن عشرات الآلاف من الخدام الذين معنا، في مقابل بولس واحد..
و ستكون خدمته أكثر فاعلية من الآلاف.. ربما نجد في أحد فروع الخدمة خمسين خادمًا، ولكن بلا حرارة في خدمتهم. ثم يلتحق بالخدمة خادم جديد، فيحول الخدمة إلي لهيب نار بقوة الروح الذي فيه.. إن ألسنة النار التي حلت علي التلاميذ في يوم البندكستي، أعطتهم لسانًا ناريًا وكلمات نارية، وخدمة لها لهيب وفاعلية، وحرارة في الروح، وحرارة في الصلاة، وحرارة في الحركة والأسفار..
إنها جمرات نار، ظل العالم يتقاذفها، حتى أشتعل العالم كله نارًا، ألهبت القلوب بالإيمان..
أنظروا ماذا فعل أوغسطينوس مثلًا، حينما دخل في محيط الخدمة..وكيف أن تأثيره لم يقتصر فقط علي جيله، وإنما حتى الآن مازلنا نستفيد من تأملاته.. وتادرس تلميذ باخوميوس، لما صار راهبًا، كم كان أعمق التأثير الذي أحدثه في الحياة الرهبانية في جميع الأديرة. وكذلك يوحنا القصير الذي قيل عنه إن الإسقيط كله كان معلقًا بإصبعه..
حقًا، هناك أشخاص في كل جيل، مميزون في خدمتهم. خدام من طراز خاص. كل منهم "مُعْلَمٌ بين ربوة" (نش 5: 10).
أما نحن الآن: فلنا خدام يخدمون الفصول العادية. ولكن الذين لهم قدرة علي خدمة اجتماعات الشبان والشابات، والأسرات الجامعية، وإعداد الخدام، أو الذين يتكلمون في مؤتمرات الخدمة. فلا شك أنهم قليلون..
و العجيب، أنه علي الرغم من احتياج الخدمة، نجد خدامًا يتشاجرون ويتنافسون في مكان للخدمة، تاركين ميادين عديدة غير مخدومة.
في تشاجرهم وتنافسهم، لا يعطون مثالًا عن روحانية الخدام، بل يكونون عثرة، إذ يفقدون روح المحبة والتعاون وإنكار الذات. وفي نفس الوقت توجد مجالات عديدة تستوعب كل طاقة مستعدة للخدمة، وهم يتجاهلونها، من أجل محبتهم لمكان أو وضع بالذات، دون محبة النفس البشرية أينما كان موضعها..

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:02 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
مجالات الخدمة

إننا لو أحببنا النفوس المحتاجة في كل مكان، ما تنافسنا مطلقًا على خدمة. فالميادين واسعة. والخدمة بذل وليست تنافسًا.
الذي يتنافس في الخدمة، إنما تهمه ذاته وليس الخدمة. فإن كانت الخدمة تشغل كل قلبه، فإنه يعمل على نجاحها بأية الطرق، وعلى يد أي شخص غيره. فالمهم هو نجاح الخدمة.
والذي يحب الخدمة، لا يشكو إن ثقلت أعباؤها عليه.
بل هو على العكس يفرح بنمو الخدمة، ويجد لذة في أن يحمل أثقال الناس، كما حمل المسيح أثقال العالم كله. ولذلك فإن هذا الخادم لا يرفض أية خدمة تعرض عليه، ولا يفضل خدمة على أخرى، فيقبل هذه ويرفض تلك. .‍.
لأن هنا يبدو المزاج الخاص، وليس الاهتمام باحتياج الآخرين إن الخدمة تتسع للجميع. كل من يريد، يجد مجالًا.
ما أجمل أن نجد مجالًا في الخدمة للأشخاص الفاضلين الذين ‍"يحالون إلى المعاش" مستفيدين من وقت الفراغ الذي لهم، ومن وقار السن، ومن خبرة الحياة، ومن مواهبهم ومقدراتهم المتعددة. كما أن الخدمة تعطيهم حيوية ونشاطًا، وتشعرهم بأن رسالتهم في الحياة لم تنته، وأن الكنيسة والمجتمع لا يستغنيان عنهم. فالخدمة تستفيد منهم، وهم أيضًا يستفيدون منها.
كذلك توجد مجالات واسعة لخدمة النساء في الكنيسة.
سواء في مدارس الأحد، أو الخدمة الاجتماعية، أو الإشراف علي نظافة الكنيسة، وعلي تنظيم النساء فيها.. والمرأة يمكن أن تكرس للخدمة، وتعمل عمل الشمامسة. وفي هذا المجال يمكن أن تشرف علي خدمات معينة، مثل دور الحضانة، وخدمة المشاغل، وترتيب النساء في التناول، وأثناء المعمودية. كما تخدم في افتقاد العائلات، وفي زيارة المرضي، وفي مجال العزاء، وفي الإشراف علي بيوت الطالبات، وعلي بيوت المغتربات..
حقًا كما قال الرب: في بيت أبي منازل كثيرة.
ليس فقط في البداية، وإنما علي الأرض أيضًا، يوجد منازل ومنزلة لكل أحد في بيت الله..

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:03 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
مميزات الخدمة الروحية

1- حرارة الخدمة والتهابها:
إنها الخدمة الباذلة التي لا تقف عند حد.. مثلها قول الرسول "إذ الضرورة موضوعة علي، فويل لي إن كنت لا أبشر.. استعبدت نفسي للجميع، لأربح الكثيرين.. صرت للضعفاء كضعيف، لأربح الضعفاء. صرت للكل كل شيء، لأخلص علي كل حال قومًا".. (1كو 9: 16 – 22).
2- الافتقاد في الخدمة:
آباؤنا الرسل لم يؤسسوا خدمات ويتركوها بلا متابعة. بل علي العكس، كانوا يتابعون خدمتهم ويفتقدونها بشتى الوسائل: بالرسائل، بتلاميذ من قبلهم، كما كان بولس يرسل تيطس أو تيموثاوس، وكثيرًا ما كانوا يفتقدونهم بزيارات خاصة، كما قال القديس بولس عبارته المملوءة محبة "لنرجع ونفتقد أخوتنا في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب كيف هم" (أع 15: 36).
3- خدمة مملوءة بالروح القدس:
و ما أجمل قول الكتاب في ذلك "وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع. ونعمة عظيمة كانت علي جميعهم" (أع 4: 33). من طبيعة الخدمة الروحية أنها قوية، لأنها بالروح.. ولأن كلمة الرب "حية وفعالة، وأمضي من كل سيف ذي حدين.." (عب 4: 12). ولذلك فإنها "لا ترجع فارغة، بل تعمل كل ما يسر الرب به، وتنجح فيما يرسلها له (أش55: 11).
4- خدمة مملوءة حبًا:
السيد المسيح "أحب خاصته.. حتى المنتهي" (يو 13: 1). وبنفس الحب خدمة الرسل. فلم تكن مجرد خدمة رسمية..

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:05 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
قوة الخدمة

إن قوة الخدمة تكمن في عمق تأثيرها، وليس في كثرة المخدومين.
ليس المهم عدد السامعين، بل عدد التائبين منهم.
نعم، قوة الخدمة ليست في عدد التلاميذ، إنما في عمق الإيمان الذي فيهم.. إن العظة قد يسمعها عدد كبير من الناس. ولكننا لا ندري كم هم الذين تأثروا بها، وكم هم الذين حولوا هذا التأثير إلي حياة. وتحسب قوة العظة بمقدار الذين حولتهم إلي الحياة مع الله. واجتماع الخدام لا تحسب قوته بعدد المحاضرات أو الخدام الحاضرين.
إنما قوة اجتماع الخدام هي في عدد ما ينتجه من المكرسين.
والكنيسة التي لا تقدم مكرسين للخدمة، أو للكهنوت أو للرهبنة، بلا شك خدمتها ضعيفة. لأن الخدمة القوية هي خدمة ولود.. وهناك ملاحظة، وهي أن الخدمة قد لا تاتي بنتيجة سريعة‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!
و لكنها لابد أن تأتي بنتيجة، ولو بعد حين..

القديس بولس الرسول بكل عظمته الروحية، وبكل قوته في الخدمة: لما تكلم في أثينا عاصمة اليونان استهزأوا به، وتهكموا عليه قائلين "ماذا يريد هذا المهزار أن يقول؟!" (أع 17: 18).. ولم يخرج بنتيجة إلا بشخص واحد هو ديونسيوس الأريوباغي الذي صار أسقفًا لأثينا فيما بعد.. ولكن ما لبثت أثينا أن صارت كلها مسيحية بعد حين. السيد المسيح كانت له خدمة عامة وسط الجموع والآلاف. وكانت له أيضًا خدمة وسط سبعين رسولًا.
و لكن كانت هناك خدمة مركزة وسط الاثني عشر. وهذه ظهرت قوتها العظيمة في نشر الإيمان.
هؤلاء الذين لا قول لهم ولا كلام، إلى أقصي المسكونة بلغت أقوالهم (مز 19). وعلي أيديهم كان ملكوت الله قد أتى بقوة.. ومعهم أيضًا كانت القوة التي عمل بها القديس بولس بحسب النعمة الممنوحة له. هذا الذي قال "قد تعبت أكثر من جميعهم. ولكن ليس أنا، بل نعمة الله العاملة معي" (1 كو 15: 10). أتذكر إنني حينما كنت طالبًا في الكلية الإكليريكية، وكانت دفعتنا خمسة طلبة، أن وقف أحد الأساتذة في حفل التخرج وقال:
نحن لا ندرس خمسة طلبة في الكلية، وإنما خمس مدن.
كان يعتبر كل طالب منا مدينة، أي أنه بعد التخرج سيتكرس خادمًا للرب يتولي رعاية إحدى المدن. وللأسف لم يتكرس من دفعتنا سوي طالب واحد.. نعود إلي خدمة الآباء الرسل فنقول إن خدمتهم لم تكن تقاس بعدد الذين يسمعونهم، وإنما يقول الكتاب في ذلك:
"وكان الرب في كل يوم يضم للكنيسة الذين يخلصون" (أع 2: 47).
نعم، الذين يخلصون، وليس كل الذين يسمعون.. هنا قوة الكلمة التي تفتح الطريق إلي الخلاص.. وهكذا عندما توليت مسئوليتي الحاضرة، بدأت بتقسيم الإيبارشيات لكي يكون كل أسقف مسئولً عن منطقة محددة يستطيع فيها أن يخدم منطقة مركزة، تكون خدمته فيها قوية ومثمرة..وقد كان.. في القديم كان المطارنة مسئولين عن إيبارشيات واسعة جدًا، لا يقوي المطران علي رعايتها كلها. أما الآن فكل أسقف يستطيع أن يزور كل مدينة وكل قرية في إيبارشيته، ويرعي الجميع..
ونفس الوضع نقوله بالنسبة إلى كل كاهن في كنيسته..
لم يكن صالحًا أن يكون أب كاهن وحده في كنيسته، يقوم برعاية عدة ألاف، يبلغون في بضع الكنائس خمسة عشر ألفًا أو أكثر. فكان لابد من سيامة كهنة جدد في الكنائس تتوزع عليهم الخدمة، فيقومون بها بجدية، يهتمون بكل فرد ويقودونه إلى حياة التوبة والنقاوة.
فليست قوة الخدمة في عدد التابعين لك، وإنما في عدد الذين توصلهم إلى معرفة الله ومحبته
بعض الطوائف قد يكثر عدد الحاضرين في اجتماعاتها، بسبب المعونات المادية التي تقدم لهم، بينما لا يكون الإيمان ثابتًا في قلوبهم، فإن توقفت المعونات، توقف الحضور إلى الكنيسة ‍‍‍!! فهل ندعو هذه خدمة؟!.
وهناك كنائس تهتم بالأنشطة وليس بالروحيات!!
فتجد في الكنيسة المشغل والمعرض لعمل السيدات، وتجد النادي للشباب، وبيتًا للمغتربين. وكذلك تجد بيتًا للمسنين، مع عدد آخر من المشروعات، دون الاهتمام بالحياة الروحية. ولكن حسنًا قال الرب "وكان ينبغي أن تفعلوا هذه ولا تتركوا تلك" (مت 23: 23).
أما الخدمة الروحية، فهي الخدمة القوية في تأثيرها.

بطرس الرسول بعظة واحدة في يوم الخمسين، قد جذب إلى الإيمان ثلاثة آلاف نفس (أع 2). وهذه القوة التي تميزت بها العظة، كان سببها أن قائلها كان ممتلئًا بالروح القدس.
لم يقل الكتاب أن الناس تابوا نتيجة لعظته، وإنما نخسوا في قلوبهم وقبلوا الإيمان، واعتمدوا. بينما وعاظ كثيرين يلقون آلاف العظات، ولا يدخل في الإيمان شخص واحد..
بولس الرسول -وهو أسير- حينما كان يتكلم عن البر والدينونة والتعفف، ارتعب فيلكس الوالي (أع 24: 25).
السيد المسيح قال كلمة واحدة، جعلت سامعها يترك كل شيء ويتبعه.
كان متى جالسًا في مكان الجباية، فقال له السيد "اتبعني". فترك مكان الجباية وتبعه. ولم يقل له محاضرة في التكريس، وإنما كلمة واحدة، ولكنها قوية في تأثيرها وفي روحها جعلته يترك كل شيء ويتبعه.. وهكذا حينما قال لسمعان بطرس وأندراوس أخيه "هلما ورائي، فأجعلكما صيادي الناس".
المهم هو عمق الكلمة، وقوة تأثيرها.
وليس عدد العظات أو عدد المؤلفات، أو كثرة الأنشطة أو كثرة المؤسسات.. هذه هي الخدمة التي نريدها: أشخاص لهم قوة الروح، يكرزون كرازة لها قوة التأثير، وكلمتهم لا ترجع إليهم فارغة، بل تأتى بثمر، وثمر كثير..

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:06 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
عناصر القوة في الخدمة

ما هي إذن عناصر القوة في الخدمة؟
هي مقدار ما في الخدمة من عمق، ومن حب وبذل. وأيضًا ما فيها من تأثير، ومن قدرة على تغيير النفوس إلى أفضل.
ومن الأمثلة على القوة في العمل، ذهاب أبينا إبراهيم ليقدم ابنه الوحيد إسحق محرقة حسب أمر الرب له..
لاشك أن أبانا إبراهيم قدم ذبائح لا نستطيع أن نحصيها، في كل مكان يذهب إليه. ولكن هذه الوحيدة هي التي لا يمكن أن تنسى وسط جميع ذبائحه. مع أنه كانت بمجرد النية ولم تتم!!
كانت هذه الذبيحة (بالنية) أعظم من جميع ذبائحه التي تمت فعلًا.
بل كانت أعظم من جميع الذبائح التي قدمها الناي طوال عصور التاريخ. وقد سجلها الكتاب، كدرس للأجيال، لأنها تحمل قوة لا يعبر عنها في الحب والبذل، وفي الطاعة والإيمان، وفي ضبط النفس.. عمل آخر له قوته، هو تقديم الأرملة للفلسين. إنه مبلغ بسيط، ولكنه كان من أ‘وازها. لذلك امتدحها الرب، واعتبر إنها قد أعطت أكثر من الجميع. القوة هنا هي نوعية العمل، وليس في كميته.. لأنها أعطت من أعوازها، وهي محتاجة وفقيرة وأرملة.
و يمكن أن توجد للأرملة التي أعطت الفلسين، أمثلة في الخدمة.

منها ذلك الخادم، الذي لا يمكن أن يعتذر عن الخدمة، وهو في أيام الامتحانات، مع احتياجه لكل دقيقة للمذاكرة والمراجعة والاستعداد للامتحانات.. ولكنه يذهب إلي الخدمة. ولا ينسي له الله ذلك أبدًا. لأن الوقت الذي أعطاه للخدمة، قد أعطاه من أعوازه.. ومثله الذي يذهب إلي الخدمة. وهو مريض، ومحتاج إلي الراحة. ولكنه يبذل من هذه الراحة التي هي من أعوازه، ويقدمها للخدمة. وبالمثل الموظف الفقير المحتاج، الذي كل مرتبه لا يكفيه. ومع ذلك يقدم العشور، وربما يكون مديونًا وقتذاك.
إن العطاء من الأعواز، يدل علي حب وإيمان:
حب للذين يعطيهم، ولله الذي أعطي الوصية. وإيمان بأن الله لابد أن يعوض، ويبارك القليل. كما يدل هذا العطاء أيضًا علي الاهتمام بالغير أكثر من الذات، ففيه إذن إنكار للذات. وهكذا فعلت أرمله صرفة صيدا، حينما قدمت قليل الدقيق والزيت الذي عندها لإيليا النبي، أثناء المجاعة..
قوة العمل تظهر أيضًا في قصة داود أمام جليات..
إن حروبًا كثيرة عرفها العالم وسجلها التاريخ. ولكن لا يوجد فيها كلها ما يماثل جرب داود مع جليات.. كان داود طفلًا بالقياس لذلك الجبار. لم تكن له قوته ولا أسلحته، ولا خبرته في الحروب، ذلك الذي خاف منه كل الجيش..
و لكن قوة داود كانت في غيرته وفي إيمانه..
غيرته في قوله "من هو هذا الأغلف حتى يعير شعب الله؟! "وأيضًا في قوله "أنا أذهب وأحاربه".. أما إيمانه ففي قوله لذلك الجبار "اليوم يحبسك الرب في يدي"، "أنت تأتيني بسيف ورمح، وأنا آتيك باسم رب الجنود.. "من أجل قوة داود -في غيرته وإيمانه- هتفت النسوة قائلات "ضرب شاول ألوفه، وداود ربواته".. فما هي تلك الربوات؟
كانت هذه المرة الوحيدة في حروب داود تساوي ربوات..
كم من حرب خاضها داود، وكم كانت له من انتصارات، فيما بعد وهو قائد عظيم. ولكنها كلها لا تقاس بتلك الحصاة الملساء التي ارتكزت بإيمانه في رأس جليات.. كانت تساوي ربوات، غذ كان لها عمق معين، في غيرته التي لم تقبل تعييرات ذلك الجبار.كذلك كان هناك عمق آخر في عدم خوفه، وعدم رهبته للموقف، بل تقدمه للصفوف بمقلاعه وحصوته بكل إيمان أن الله سيدفع الجبار إلي يده، إلي يده الصغيرة الملساء مثل حصاته..! حقًا هذه قوة.. ليست مجرد العمل، بل القوة التي فيه، الإيمان الذي فيه..
قوة الخدمة قد تظهر أيضًا في نتائجها:
مثل قوة القديس أثناسيوس الرسولي في الدفاع عن الإيمان. وكيف أنه استطاع أن يحول دفة الموقف كله. وكما قال عنه القديس جيروم: "مر وقت كاد فيه العالم كله أن يصبح أريوسيًا، لولا أثناسيوس".. وبالمثل نقول عن قوة حياة القديس أنطونيوس الكبير، التي جذبت بتأثيرها الكثيرين، حتى انتشرت تلك الحياة الملائكية في العالم أجمع..
هناك خدمة قوية، ولا يلاحظها الناس، لأنها في الخفاء.
قد يكون هناك اجتماع ناجح، وتلقي فيه عظة قوية لها تأثير عميق. وربما يكون سبب هذا النجاح كله، اجتماع صلاة من اجل الاجتماع. ركب منحنية أمام الله تصلي من أجل أن يمنح الله كلمة للواعظ واستجابة من المستمعين.. هؤلاء المصلون لا يراهم أحد، ولكنهم يمثلون قوة في الخفاء..
الناس يعجبون بالنجف الساطع الضياء، ولا يرون الموتور المولد للكهرباء!
و يمتدحون الضياء الذي يرونه، ولا يذكرون إطلاقًا المولد الكهربائي الذي هو سبب القوة. لكنه يعمل في الخفاء. إنها خدمة الأساس المخفي وليس البناء الظاهر. وكم من خدمات قوية جدًا تعمل في الخفاء، ولا يراها أحد، مثل إرجاع مرتد إلي الإيمان، أو هداية فتاة منحلة، أو مصالحة أسرة متخاصمة. إنها خدمة في الخفاء، ولكنها قوية. وقد تكون وراءها خدمة أخري قوية، وفي الخفاء. وهي قداس مرفوع لأجلها، وله قوته..
هناك نوع آخر من الخدمة القوية غير الظاهرة وهي الخدمة الفردية.
الناس دائمًا يمتدحون الاجتماعات العامة القوية. ونادرًا ما يلتفتون إلي الخدمة الفردية التي قد تكون أكثر وقعًا وتأثيرًا وتأتي بنتيجة قوية في القيادة إلي الملكوت. وتدخل فيها أيضًا خدمة الافتقاد، والجلسة الروحية بين أحد الآباء الكهنة وأسرة من رعيته. تري لو خيرت بين إلقاء عظة في اجتماع يحضره المئات، وخدمة فردية لشاب ضال، أيهما تختار؟ لعازر الدمشقي سافر في خدمة هامة لاختيار زوجة لإسحق أصبحت جدة للمسيح. وقد يسر الله طريقه. ولاشك أن أبانا إبراهيم كان يصلي بحرارة من أجل ذلك. وهناك نسأل:
أكان نجاح المهمة بسبب صلاة أبينا إبراهيم، أم بإخلاص لعازر الدمشقي؟
قطعًا كان النجاح بكليهما: بالعمل الظاهر للعازر في أمانته ومحبته لسيده، وفي العمل المخفي لإبراهيم. وقبل كل شيء لنعمة الله الذي "يسر طريقه، تتحد قوة العمل وقوة الصلاة.
هناك نوع آخر من الخدمة القوية، وهو خدمة القدوة والبركة.
خدمة القدوة هي خدمة صامته، ولكنها ذات تأثير أقوي من خدمة الكلمة، لأنه تقدم النموذج العملي للحياة الروحية، وهو بلا شك أقوي من مجرد الكلام عن تلك الحياة.. أما خدمة البركة، فتتجلي في حياة أولئك الذين كانوا بركة في أجيالهم، وقال الرب أثناء شفاعة إبراهيم في مدينة سادوم "إن وجد عشرة (أبرار)، لا أهلك المدينة من أجل العشرة" (تك 18). لم يقل إن صلي هؤلاء العشرة من أجل المدينة، وإنما إن وجدوا، مجرد وجودهم هو خدمة كبيرة لأجل المدينة.. لا يهلكهم الرب لأجلهم.. كان إيليا بركة في بيت أرملة صرفة صيدا. وكان أليشع بركة في بيت. وكان يوسف الصديق بركة في أرض مصر. بل كان نوح بركة للعالم كله. من اجله استبقي الله
حياة للبشر استمرت علي الأرض.

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:08 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
النمو في الخدمة

في الواقع أن النمو هو شرط أساسي من شروط الخدمة الناجحة. فالخدمة الروحية هي خدمة دائمة النمو. ونمو الخدمة له مظاهر متعددة. فهو نمو في العدد، سواء بالنسبة إلي الخدام أو المخدومين. وكذلك في تفاصيل الخدمة وفي نوعيتها. كما أنه أيضًا نمو في الروح. ولنبدأ بالنمو في العدد:
النمو في العدد:
و لعل أبرز مثال لذلك هو خدمة السيد المسيح ورسله القديسين.
بدأ السيد المسيح باثني عشر تلميذًا (مت 10) ثم بسبعين آخرين (لو 10) نسمع عم مائة وعشرين يوم اختيار متياس (أع 1: 15). ونسمع أيضًا عن أكثر من خمسمائة أخ ظهر لهم السيد دفعة واحدة بعد قيامته (1 كو 15: 6). كم نعرف أنه كانت تزحمه الجموع، وآلاف كانوا يسمعونه (يو 6: 10).

وازداد العدد، فاعتمد ثلاثة آلاف في يوم الخمسين (أع 2: 41)
وبعد شفاء الرجل الأعرج علي باب الجميل، اَمن كثيرون "وصار عدد الرجال نحو خمسة اَلاف" (أع4: 4). واستمر النمو حتى يقول الكتاب فيما بعد "وكان مؤمنون ينضمون إلي الرب أكثر، جماهير من رجال ونساء" (أع 5: 14).
بل في كل يوم، كان ينضم إلي الكنيسة مؤمنون جدد.
وفي ذلك يروي سفر أعمال الرسل فيقول "وكان الرب في كل يوم يضم إلي الكنيسة الذين يخلصون" (أع 2: 47). ويتطور الأمر حتى قيل وقت اختيار الشمامسة السبعة "وكانت كلمة الرب تنمو، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا في أورشليم، وجمهور كثير من الكهنة يطيعون الإيمان" (أع 6: 7)؟
ثم بعد ذلك نسمع عن انضمام مدن وشعوب.
ليس فقط في أورشليم، وإنما أيضًا في كل اليهودية والجليل والسامرة. حتى الذين تشتتوا من جراء الاضطهاد، "جالوا مبشرين بالكلمة" (أع 8: 4). وإذا بالسامرة قد آمنت، وأرسل إليها مجمع الرسل بطرس ويوحنا لكي يمنحاهم الروح القدس بعد أن اعتمدوا (أع 8: 14-17). ويسجل سفر أعمال الرسل عبارة جميلة جدًا عن هذا النمو يقول فيها:
"وأما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة، فكان لها سلام، وكانت تبني وتسير في خوف الرب. وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر" (أع 9: 31).
وانتقل العمل الكرازي إلي "فينيقية وقبرص وأنطاكية"، "واَمن عدد كثير ورجعوا إلي الرب"."واجتمع برنابا وشاول في الكنيسة في أنطاكية سنة كاملة، وعلما جمعًا غفيرًا. ودعي التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولًا" (أع 11: 19-26). وبنشاط القديس بولس الرسول ومساعديه ازداد نمو الكنيسة، وانظم إليها كثيرون من بلاد اليونان، في مكدونية، في تسالونيكي، وفيلبي، وبيريه، وغير ذلك "فاَمن كثيرون منهم، ومن النساء اليونانيات الشريفات، ومن الرجال عدد ليس بقليل" (أع 17: 12). ثم انتقل الإيمان إلي أثينا (أع 17).
وانتقل الإيمان إلي رومه، حيث ذهب إليها القديس بولس وبشرها.
و هناك "أقام بولس سنتين كاملتين في بيت استأجره لنفسه. وكان يقبل جميع الذين يدخلون إليه، كارزًا بملكوت الله، ومعلمًا بأمر الرب يسوع المسيح، بكل مجاهرة بلا مانع" (أع 28: 30، 31). وذهبت الكرازة إلي مصر والشرق، وهكذا ازداد النمو عدديًا وجغرافيا، وتحققت فيهم نبوءة المزمور:
"في كل الأرض خرج منطقهم، وإلي أقصي المسكونة كلماتهم" (مز 19: 4).
و استطاعت كنيسة الرسل في حوالي 35 سنة بعد القيامة، أن تنفذ وصية السيد المسيح الذي قال لتلاميذه "وتكونون لي شهودًا في أورشليم، وفي كل اليهودية والسامرة، وإلي أقصى الأرض" (أع 1: 8). وأيضًا قوله لهم "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم.." (مت 28: 19). "اذهبوا إلي العالم أجمع، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر 16: 15).
و قد نجحوا في ذلك، علي الرغم من كل المقاومات..
سواء مقاومات اليهود ومؤامراتهم، وإلقائهم في السجون، أو مقاومات مجامع الفلاسفة (أع 6: 9).. أو محاكمات الدولة الرومانية. وعلي الرغم من الاضطهادات المريرة وعصور الاستشهاد القاسية، وعلي الرغم أيضًا من قلة الإمكانيات التي كانت لهم. نقول هذا لنعاتب، ليس فقط الذين توقف نموهم، بل نقص عددهم في بعض المناطق بنمو عمل الطوائف الأخرى وأنشطتهم وإغراءاتهم .
كل من تقابله، كلمه لتجذبه إلي الله أرثوذكسيًا كان أو غير ارثوذكسي.
اذهب والق بذارك علي كل أرض، كما في مثل الزراع الذي ألقي البذار، ليس فقط علي الأرض الجيدة، وإنما حتى علي الأرض المحجرة والأرض المليئة بالشوك، والأرض التي ليس لها عمق (مت 13:3 –9). وفي عملك كخادم، اذكر الرمز في كلمة الرب التي قالها منذ بدء الخليقة، وفي ايام نوح:
"أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض، واخضعوها" (تك 1: 28). (تك 9: 1).
و لا تؤخذ هذه الآية من الناحية الجسدانية أو المادية فقط..، وإنما بمعناها الروحي أيضًا.. وعبارة "اخضعوها" في (تك 1: 28). تعني من الناحية الروحية "اخضعوها لكلمة الله، أو لوصيته. وهكذا نصلي كل يوم قائلين في المزمور "فلتعترف لك الشعوب يا الله، فلتعترف لك الشعوب كلها.. ليعرف في الأرض طريقك، وفي جميع الأمم خلاصك" (مز 67: 2، 3). والعجيب أن داود النبي صلي هذا المزمور في وقت كان اليهود فيه ينادون بأنهم شعب الله المختار‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍، ولكنه صلي من أجل الشعوب، ومن أجل خلاص الأمم كلها.. ألعلها كانت نبوءة عن خلاص الأمم؟ أو هي معرفة نبوية بمحبة الله لكل الشعوب، وانتشار الإيمان بين الكل..

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:09 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
أمثلة للنمو

* أعطانا الرب فكرة عن ذلك في مثل "حبة الخردل"، إذ قال: "يشبه ملكوت السموات حبة خردل. أخذها إنسان وزرعها في حقله. ولكن متى نمت، فهي أكبر البقول، وتصير شجرة. حتى أن طيور السماء تأتي وتتآوى في أغصانها" (مت 13: 31، 32).
إن مثل البذرة النامية يبكتنا كثيرًا في خدمتنا.
كيف أن بذرة صغيرة تصير شجرة عظيمة، بنموها.. وأنت أيها الخادم، هل نموت وزدت نموًا حتى تآوت الطيور في أغصانك؟ أم لا تزال بذرة في الأرض؟

* مثال آخر قال الرب في (مر 4: 26 – 28):" هكذا ملكوت الله: كأن إنسانًا يلقي البذار علي الأرض. وينام ويقوم، ليلًا ونهارًا، والبذار يطلع وينمو، وهو لا يعلم كيف؟ لأن الأرض من ذاتها تأتي بثمر "أولًا نباتًا، ثم سنبلًا، ثم قمحًا ملآن في السنبل" (مر 4).. فهل خدمتك التي بدأت كحبة قمح، أصبحت سنابل ملآنة، وأنت لا تعلم كيف، لأن روح الله قد عمل فيها بعد أن ألقيت بذارك، وأصبح النبات ينمو من ذاته ويأتي بثمر.
*مثال ثالث هو الزرع الجيد، الذي أتي بثمر، ثلاثين وستين ومائة (مت 13: 23). أما مرقس الرسول فيقول عن هذا النوع من الزرع "وسقط آخر في الأرض الجيدة، فأعطي ثمرًا يصعد وينمو، فأتي واحد بثلاثين، وآخر بستين، وآخر بمائة" (مر 4: 8). جميلة هنا عبارة "أعطي ثمرًا يصعد وينمو"..
* مثال رابع هو زنابق الحقل (مت 6: 28، 29). لست أتكلم هنا عن جمال زنابق الحقل، التي ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. ولست أقصد التركيز علي الإيمان في كيف أن الله قد ألبسها هذا الجمال، إنما ألفت النظر هنا إلي قول الرب عن هذه الزنابق:
"تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو.." (مت 6: 28).
ألا نأخذ درسًا من هذه الزنبقة البسيطة، كيف تنمو فنتمتع نحن بجمالها ورائحتها..بل ليست الزنبقة فقط، إنما كل شجرة تنمو، سواء الجزء الظاهر لنا منها فوق سطح الأرض، بل أيضًا جذورها المخفاة تنمو.. وهنا نقول لك ملاحظة أخري، إلهية وكتابية، وهي:
كلما تنمو وتأتي بثمر، ينقيك الرب لتأتي بثمر أكثر.
و هكذا يقو الرب عن الكرمة والأغصان "أنا الكرمة وأبي الكرام. كل غصن في لا يأتي بثمر ينزعه. وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر" (يو 15: 1، 2).
* مثال آخر في النمو هو النخلة والأرز، حيث يقول الكتاب:
" الصديق كالنخلة يزهو، كالأرز في لبنان يعلو" (مز 92: 12).
هل رأيت النخل والأرز، كيف ينمو، ويزهو، ويعلو؟ إن كنت صديقًا فافعل هكذا، سواء في روحياتك أو في خدمتك.. هنا ننتقل إلي نوع آخر من النمو، هو النمو الروحي.

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:10 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
النمو الروحي

يقول الأب الكاهن في أوشية الاجتماعات في القداس الإلهي "وأما شعبك فليكن بالبركة ألوف ألوف، وربوات ربوات، يصنعون مشيئتك"..
ليس المهم هو الألوف والربوات، وإنما عبارة "يصنعون مشيئتك".
و لسنا نقصد بنمو الخدمة مجرد النمو العددي، إنما بالحري النمو الروحي. وهكذا في بدء كنيسة الرسل نري هذا المبدأ واضحًا في قول الكتاب "وكان الرب في كل يوم يضم إلي الكنيسة الذين يخلصون" (أع 2: 47).. إذن ليس مجرد انضمام أشخاص جدد هو الذي يمثل عضوية الكنيسة، إنما الذين يخلصون. لهذا جاهدوا من أجل النمو في الخدمة، واذكروا قول الرسول "إذن يا إخوتي الأحباء، كونوا راسخين غير متزعزعين، مكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلًا في الرب" (1 كو 15: 58).
النمو في الخدمة هو إذن وصية إنجيلية.

القديس بولس الرسول يقول "مكثرين في عمل الرب كل حين "والسيد الرب نفسه يقول "اثمروا واكثروا واملأوا الأرض" وأيضًا "أكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها". فما مدي مساهمتك في نمو هذه الخدمة؟ لتكن خدمتك إذن نامية عدديًا وجغرافيًا وروحيًا. إن لم تزد خدمتك في العدد، فلا تجعلها تقل. وأعطها عمقًا روحيًا في العدد القليل، حتى لو كان مجرد أفراد أسرتك. قل حينئذ مع يشوع النبي "أما أنا وبيتي، فنعبد الرب" (يش 24: 15)
إذن لا يكفي نمو عدد الذين يدخلون إلي الكنيسة، بل يجب أن ينمو عدد الذين يتوبون ويعترفون ويتناولون.
لا تفرح فقط بازدياد عدد الذين ينضمون تلاميذ إلي فصلك، بل بالحري الذين ينضمون منهم إلي ملكوت الله.
ولا تفرح فقط بالذين يستمعون إلى دروسك، بل بالحري الذين يعملون بها وينفذون وصايا الله.كما قال السيد المسيح في خاتمة عظته على الجبل "من يسمع أقوالي ويعمل بها، أشبه برجل عاقل بنى بيته على الصخر.." (مت 7: 24). ولذلك نصلى نحن في أوشية الإنجيل ونقول للرب "أجعلنا كلنا يا سيدنا أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة.. "
إن النمو في المعرفة لا يكفى، بل يجب أن يكون النمو في العمل بالأكثر.
لقد قال أيوب الصديق للرب "بسمع الأذن قد سمعت عنك. والآن رأتك عيناي" (أي 42: 5). إذن لا نقف عند عبارة "سمعت عنك"، إنما يجب أن نتدرج منها إلي عبارة "رأتك عيناي "أو إلي قول المرتل في المزمور "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مز 34: 8).
هنا في النمو الروحي لمخدوميك، ينتقلون من السمع إلي الرؤية إلي المذاقة.

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:12 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
مجالات النمو في الخدمة

النمو في الخدمة له مجالات متعددة جدًا، وخصائص يمكن أن نعرض لها، ونلخصها في بعض نقاط:
مجالات النمو:
1- نمو في عدد التلاميذ والفصول، وقد تحدثنا قبلًا عن النمو العددي.
2- نمو في الافتقاد، بحث يشمل كل أحد. ويتدرج من افتقاد الغائبين، إلي افتقاد حالات المخدومين في احتياجاتهم المادية والروحية. ومن افتقاد الطلبة في مدارس الأحد، إلي تحويل عائلاتهم إلي أن يفتقدهم الأب الكاهن.

3- نمو في تنظيم الخدمة. ويمكن في ذلك استخدام الكمبيوتر.
4- نمو في انتشار الخدمة بحيث تشمل القرى، والأحياء الفقيرة والمساكن العشوائية. ذلك لأن كثيرًا من الفروع تهتم بالعواصم والمدن، ولا تعطي نفس الاهتمام للريف وللمجتمعات الجديدة ولأحياء أخري مهملة. أو قد تهتم بمنطقة الكنيسة، دون المناطق الأخرى المجاورة..
5- النمو في خدمة كل النوعيات:
فلا تكتفي مدارس التربية الكنسية بخدمة طلبة المدارس، إنما ينبغي أن تتدرج الخدمة حتى تشمل طبقات من العمال والصناع، وتوجد برامج خاصة بهم. وكذلك خدمة الأميين والذين لم يكملوا تعليمهم. مع خدمة البعيدين تمامًا عن الكنيسة، والذين ليس لهم أحد يذكرهم.
6- النمو في استخدام وسائل الإيضاح:
و نقصد كل ما يمكن استخدامه من الوسائل السمعية والبصرية.. فنحن لا ننكر أهمية المسرحيات والأفلام الدينية، ومدي تأثيرها علي الشباب بل وعلي الكبار أيضًا. وقد بدأت هذه الحركة الفنية، وصدرت بعض أفلام عن حياة قديسين وقديسات. ولكن المر يحتاج إلي اهتمام أكبر. ويمكن تصوير كل المسرحيات الدينية الناجحة التي تقوم بها بعض الفروع، ثم نشرها وتعميم استخدامها. ثم نشر فكرة هذه المسارح في كافة الإيبارشيات. وضم هذه الرسائل التعليمية في خدمة القرى والأحياء الفقيرة. ويستحسن تكوين لجنة خاصة بهذا النشاط.
7- النمو في الاهتمام بالمكتبات:
لقد تأسست مكتبات للخدمة في كافة الكنائس تقريبًا. ولكن غالبيتها خاص بالكبار فقط. ويجب أن نمو هذه المكتبات لنشر المعرفة الدينية لكل من مراحل السن، وبخاصة مرحلة الطفولة التي تحتاج إلى مكتبة خاصة في كل كنيسة.
وأتذكر أنني في سنة 1953 كنت قد أصدرت مجلة للأطفال باسم (مجلة مدارس الأحد المصورة). ثم ترهبنت في العام التالي. وإذا بتلك المجلة قد تحولت إلى مجلة للكبار. وتوقف ذلك العمل التربوي الهام. وأرجو بنعمة الله أن أعيده للصدور مرة أخرى بالاستعانة بعدد كبير من المهتمين بالكتابة للأطفال، وبتأليف القصص والأناشيد لهم.
هذا وقد افتتحنا مكتبة للأطفال في المقر البابوي بالقاهرة، أحب أن يكون لها مثيل في كل إيبارشية. لأن مرحلة الطفولة هي المرحلة التأسيسية في حياة كل إنسان، ويجب أن نهتم جميعا بها..
8- النمو في العناية بالخدام أنفسهم وبفصول إعداد الخدام.
إنه أمر خطير، أن يبدأ الخدام عملهم في الخدمة بدون أعداد كاف. ويحتاج الأمر إلى أن تنمو الكنيسة في إعداد خدامها، بحيث يكون إعداد الخدام شاملا إلى نواح إيجابية تختص بالعقيدة والكتاب والطقس والروحانية والمعلومات التربوية، وكذلك الرد على السلبيات التي توجه إلى هذا كله بحيث يعرف الخادم الرد على كل شك وكل بدعة.
و حتى الخدام الذين يخدمون حاليا يحتاجون إلى تنشيط معلوماتهم بمناهج تسمى refreshing courses. مع مناهج أخري أعلي advancing courses وتستمر هذه المناهج، بحيث لا يفقد الخادم روح التلمذة عنده.
9- كذلك ينبغي أن يدرك النمو اجتماعات الخدام.
إذ أن بعض الفروع تجعل اجتماعات الخدام بهدف تعليمات للخدام عن أنشطة معينة، أو أخبار رحلات أو حفلات وما أشبه. أو تصبح اجتماعات الخدام مجالًا للحوار والنقاش الذي لا يفيد بل قد يعثر. يجب أن تنمو هذه الاجتماعات في الروح وفي المعرفة، بحيث تفيد كل خادم، القديم والجديد، وتكون منشطة لهم روحيًا وعلميًا. هذا وقد أصدرنا لكم حتى الآن ستة كتب في الخدمة. وأرجو أن أتابع الكتب الخاصة بالخدمة.
10- النمو في العناية بالشباب.
لأن ظاهرة واضحة توجد في كثير من الفروع. وهي أن عدد الطلبة الذي يكون كبيرًا بشكل واضح في فصول المرحلة الابتدائية، يظل يتناقص بالتدريج في المرحلتين الإعدادية والثانوية. ويصبح قليلًا جدًا بالنسبة إلي شباب ثانوي وشباب الجامعة.وهذا أمر له خطورته، ويحتاج بلا شك إلي علاج.. وربما من الأسباب، ضعف المعلومات التي تقدم لتلك المرحلة، أو إلي عدم كفاية المدرسين الذين يشبعون تلك السن.. ولقد أصدرت اللجنة العليا للتربية الكنسية منهجًا مناسبًا للمرحلة الثانوية، وزودته بالكتب المنهجية لمنفعة المدرس من جهة، ولتوحيد الفكر التعليمي من جهة أخري. وبقي موضوع المدرسين والمتكلمين.
11- النمو في الاهتمام بإعداد المتكلمين.
كلما ينمو الإنسان في السن والمعرفة، يحتاج إلي مستوي من التدريس أعلي وأعمق، يمكنه أن يعطيه ما ليس عنده، وما يحتاج إليه من معرفة. ومن هنا كنا نحتاج إلي مستوي عال من المتكلمين لاجتماعات الأسرات الجامعية، ولفصول ثانوي وجامعة في مدارس الأحد. ولإعداد هؤلاء اهتممنا بالقسم الليلي الجامعي في الكلية الإكليريكية، وقد ازداد عددهم جدًا، فوصلوا إلي المئات في الإكليريكية الأم بالقاهرة، بالإضافة إلى مئات أخري في فروعها بالوجهين القبلي والبحري. بالإضافة إلى ما تقوم به أسقفية الشباب بمؤتمراتها وخدامها وأنشطتها. والمر يحتاج إلى مزيد من الاهتمام بموضوع المتكلمين وإعدادهم. ويجب علي المتكلمين المعروفين أن يزدادوا في معرفتهم. وكذلك أن يكون عندهم الالتزام الكافي في الحضور وعدم التغيب، وفي إعداد موضوعاتهم. ومن اجل الاهتمام بالمتكلمين، والنمو بالمعرفة عمومًا، قمنا بمشروع جديد:
12- مشروع الميكروفيلم والميكروفيش:
أنشأنا هذا المشروع بنعمة الله الذي كلفنا حتى الآن أزيد من نصف مليون جنيه. ومن فوائده في الخدمة أنه يمكننا به أن ننتج كميات من الميكروفيلم والميكروفيش لجميع مخطوطاتنا في الأديرة، وفي الكنائس القديمة، وفي مكتبة البطريركية، وغير ذلك.. ولكي نزود بنسخ منها مكتبات أديرتنا، ومعاهدنا الدينية، وكنائس المهجر، وبعض الكنائس الكبيرة، ومكتبات المطرانيات في كل إيبارشية. وبهذا تصبح المراجع موجودة ومتوفرة لدي كل دارس، بهدف نمو معرفته وتعمقها، مع نشر المعرفة القبطية في كل كنائسنا بالمهجر ولاشك أن هذا نمو جديد في نشر المعرفة الدينية. كما أننا بهذا، يمكننا تبادل الميكروفيلم والميكروفيش مع مكتبات العالم وجامعاته التي تحتفظ هي أيضا بعدد كبير من مخطوطاتنا القبطية.
13- النمو في أنشطة الخدمة:
توجد فروع للخدمة تقتصر علي التدريس فقط. وفروع أخري لها أنشطة كثيرة. وهدف النمو في الخدمة هو نشر أنشطتها في كل مكان. وقد توجد فروع لها الروح والرغبة، وليست لها الإمكانيات التي تساعدها علي تنشيط الخدمة. وهذا الأمر يحتاج إلي افتقاد الفروع، وإلي معرفة احتياجاتها، وتوفير هذه الاحتياجات لها. وبنعمة الله سوف أعمل على تكوين لجنة من الخدام المعروفين لافتقاد فروع الخدمة، مع تحديد موعد شهري للالتقاء بالخدام في النقر البابوي لأدرس معهم شئون الخدمة واحتياجاتها، والعمل على نموها ونهوضها.
14- البحث عن المفقودين:
سواء من المخدومين أو الخدام، والبحث عن أسباب فقدهم، وعمل كل ما يمكن من أجلهم.
15- النمو في روحيات الخدام:
ذلك لأنه كلما نما الخادم روحيًا، علي هذا القدر تنمو أيضًا روحيات المخدومين معه. وكلما هبط مستواه، يحدرهم معه إلي أسفل. هذا الأمر يعالجه الخادم مع نفسه ومع أب اعترافه. كما أن كل فرع خدمة ينبغي أيضًا أن يراعي روحيات خدامه. فللخادم شروط روحية يجب أن يتصف بها كل خادم. وعلي الكنيسة أن تراقب هذا الأمر. وعلي كل الكنيسة أن تراقب هذا الأمر. وعلي كل خادم وكل فرع، أن يقوم بتقييم خدمته evaluation ويدرس عوامل الضعف، أو مظاهره، لكي يتفاداها فتنمو خدمته.
16- النمو في التكريس:
التكريس هو مقياس آخر من مقاييس النمو في الخدمة. وكلما دخل الإنسان في مجال محبة الله وخدمته، كلما ازدادت رغبته في توفير وقت أزيد للخدمة. وغذ ما نما في ذلك، كلما اتجه إلي تقديم وقته كله للرب. وهكذا يدخل في نطاق التكريس. سواء كخادم أو كاهن أو راهب.. ومع حاجة الكنائس إلي عدد كبير من الكهنة يسامون لخدمتها، نلاحظ أن بعض فروع الخدمة لا يوجد فيها من يصلح لتقديمه لخدمة الكهنوت! وهذا أمر يؤسف له جدًا، لأنه يدل علي أن النمو قد توقف فيها عند حد مدرسي الفصول..!! هذه الفروع بالذات تحتاج إلي عناية خاصة، وإلي تقييم خدمتها ومعرفة أسباب توقف نموها، وعلاج ذلك.

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:14 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
التعب في الخدمة

و لسنا نقصد هنا تعب العالم الباطل، بل التعب لأجل الملكوت. أما تعب العالم الباطل، فهو يشبه تعب سليمان في أمور الرفاهية والغني، حيث قال بعد ذلك "ثم التفت أنا إلي كل أعمالي التي عملتها يداي، وإلي التعب الذي تعبته في عمله، فإذا الكل باطل وقبض الريح، ولا منفعة تحت الشمس" (جا 2: 11). أما التعب الذي تتعبه لأجل الله، فهو تعبك من أجل خلاص نفسك، ومن أجل بناء الملكوت. وسوف نركز الآن علي هذا التعب في الخدمة.
إن كل تعب تتعبه من أجل الله، هو محفوظ لك في ملكوته.
بقدر ما تتعب هنا، ترتاح في الأبدية. وبقدر ما تحتمل هنا سوف تتنعم هناك. وكما قال أيوب الصديق "هناك يستريح المتعبون" (أي 3: 17). وبحسب تعبك لأجل الله: علي الأرض يحسن مستواك الروحي، وفي الأبدية يحسن مصيرك. وهؤلاء الذين تعبوا في بناء ملكوته "يستريحون من أتعابهم، وأعمالهم تتبعهم" (رؤ 14: 13). وما أجمل قول القديس بولس الرسول عن التعب في الخدمة:
" إذن يا أخوتي الأحباء، كونوا راسخين غير متزعزعين، مكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلًا في الرب" (1 كو 15: 58).

ذلك "لأن الله ليس بظالم حتى ينسي عملكم وتعب المحبة الذي أظهرتموها نحو اسمه، إذ قد خدمتم القديسين وتخدمونهم" (عب 6: 10). نعم، هؤلاء سوف يستقبلهم الرب بعبارته المعزية "تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم" (مت 11: 28). أريحكم ليس علي الأرض فقط، بل في السماء أيضًا. علي الأرض ترتاح ضمائركم وقلوبكم. وفي السماء ترتاح أرواحكم.. قال بولس الرسول عن عمله في الخدمة "أنا غرست، وأبلوس سقي.. والغارس والساقي هما واحد. ولكن كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه" (1 كو 3: 6، 8).
إن الأنصبة في الملكوت ليست واحدة.
فكما يقول الرسول "لأن نجما يمتاز عن نجم في المجد" (1كو 15: 41) ومادام الله سوف يجازى كل واحد بحسب عمله" (مت 16: 27) إذن عليك أن تبذل كل جهدك في خدمة الله، أنت هنا على الأرض، عالما أن الله يرقب عملك ويحسب لك كل تعبك. كما قال لملاك كنيسة أفسس "أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك.. وقد احتملت ولك صبر، وتعبت من أجل اسمي ولم تكل" (رؤ 2: 2، 3).
إن تعبك يدل على مقدار محبتك لك وملكوته.
فالذي يحب الله، لا يسمح أن يعطى لنفسه راحة، بل يجاهد حتى يوصل كل إنسان إلى قلب الله. كما قيل عن داود النبي ونذره لإله يعقوب "إني لا ادخل إلى مسكن بيتي، ولا أصعد على سرير فراشي، ولا أعطى لعيني نومًا، ولا لأجفاني نعاسا.. إلى أن أجد موضعا للرب، ومسكنا للإله يعقوب" (مز 132: 2 – 5) فاسأل نفسك: ما هو مقدار تعبك من أجل الرب؟
هوذا بولس الرسول الذي تعب أكثر من جميع الرسل (1كو 15: 10) يشرح لنا بعضا من أتعابه في الخدمة، فيقول:
.. في الأتعاب أكثر، في الضربات أوفر، في السجون أكثر، في الميتات مرارًا كثيرة. من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلدة إلا واحدة. ثلاث مرات ضربت بالعصي. مرة رجمت.. بأسفار مرارًا كثيرة، بأخطار سيول، بأخطار لصوص، بأخطار من جنسي.. بأخطار من الأمم، بأخطار في المدينة، بأخطار في البحر، بأخطار من أخوة كذبة. في تعب وكد، في أسهار مرارًا كثيرة. في جوع وعطش.. في برد وعري. عدا ما هو دون ذلك: التراكم علي كل يوم، الاهتمام بجميع الكنائس.." (2 كو 11: 23-28).
و أنت يا أخي، ما هو تعبك في الخدمة، إذا قورن بكل هذا؟ أعرف أن كل ما تتعبه في خدمة، مسجل لك في سفر الحياة.
حينما تفتح الأسفار في يوم الدينونة، وحينما تكشف كل الأعمال، ستجد كل ما عملته مسجلًا لك.. حتى كأس الماء البارد الذي تقدمه لأجل الله، هذا أيضًا لا يضيع أجره (مت 10: 42). كل خطوة تخطوها إلي الكنيسة، أو في افتقاد إنسان، هذه أيضًا محسوبة لك، تنال أجرها في الملكوت.. كل حبة عرق تسكبها، كل كلمة تعزية تقولها.. كل ذلك مسجل لك في سفر الحياة.

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:15 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه

"كُلَّ وَاحِدٍ سَيَأْخُذُ أُجْرَتَهُ بِحَسَبِ تَعَبِهِ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 3: 8).
لا تقل أنا تعبان في الخدمة، ولا يشعر بي أحد!
كلا، فإن الله يقول لك تلك العبارة التي كررها لكل ملاك من ملائكة الكنائس السبع: "أنا عارف أعمالك" (رؤ 2، 3). حتى إن لم تجد تقديرًا علي الأرض، ستجد كل التقدير في السماء. والأعمال المخفاة سوف تظهر، وتنال عليها أجرًا أكبر.. بل صدقني، حتى أتعابك التي قد نسيتها أنت، هي نسيتها أنت، هي محفوظة عند الله. إنه يذكرها لك، لن ينساها. وسوف يقول لك في ذلك اليوم،، مع كل أخوتك الذين تعبوا مثلك وخدموا:
"تعالوا يا مباركي الرب. رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم" (مت 25: 34).
إن الله لا يمكن أن ينسي تعبك وخدمتك. بل أقول إنه حتى الرسل لم ينسوا أبدًا الذين تعبوا معه في الخدمة. هوذا بولس الرسول يقول في رسالته لأهل رومه "سلموا علي مريم التي تعبت لأجلنا كثيرًا.. سلموا علي تريفينا وتريفوسا التاعبتين في الرب. سلموا علي برسيس المحبوبة التي تعبت كثيرًا في الرب" (رو 16: 6، 12). وعندما أرسل إلي تلميذه تيموثاوس، أوصاه أن يقيم اعتبارًا حسنًا، فليحسبوا أهلًا لكرامة مضاعفة، ولاسيما الذين يتعبون في الكلمة والتعليم" (1 تي 5: 17).

فإن كان الرسول يذكر الذين تعبوا، فكم بالأكثر يذكرهم الله.
لذلك لا تفكر أبدًا أن تعطي نفسك راحة في خدمتك. بل اتعب في تحضير الدروس وفي الإطلاع، واتعب في الافتقاد وفي حل مشاكل الناس. واصبر في احتمال المقاومات التي تصادفك في الخدمة، ولا تترك خدمتك بسببها. اتعب في إعادة الشاردين من الله الرافضين التوبة، وكما قال الرسول "خلصوا البعض بالخوف، مختطفين من النار" (يه 23). واذكر قول الكتاب:
"من رد خاطئًا عن ضلال طريقه، يخلص نفسًا من الموت، ويستر كثرة من الخطايا" (يع 5: 20).
حقًا إن النفس الثمينة التي مات المسيح لأجلها، تستحق منك أن تبذل كل تعب في سبيل خلاصها. لذلك جاهد ولا تيأس، حتى إن تأخر ثمر تعبك في الظهور. استمر. لا تترك غيرك يتعب، وأن تدخل علي تعبه (يوم 4: 38). بل اشترك في التعب، أيًا كان الجهد الذي تبذله.
و لا تقف لتتفرج علي الذين يتعبون. فملكوت الله ليس للمتفرجين.
إنما الملكوت للذين يتعبون في بنائه. تأمل كيف تعب القديس اثناسيوس الرسولي في حفظ الإيمان وفي مقاومة الأريوسيين، حتى أنه نفي عن كرسيه أربع مرات. وتأمل كيف تعب بولس الرسول، واستطاع أن يقول أخيرًا:
"جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان. وأخيرًا قد وضع لي إكليل البر.." (2 تي 4: 7).. تأمل أيضًا كيف تعب نحميا كثيرًا يبني سور أورشليم. وكيف لاقي مقاومات، وصبر عليها حتى أكمله عمله..
واعلم أنك في خدمتك، سيشترك الله معك. ولن يتركك تتعب وحدك.
ونحن نصلي في الكنيسة ونقول للرب "اشترك في العمل مع عبيدك".والقديس بولس الرسول يقول عن نفسه وعن أبلوس "نحن عاملان مع الله" (1 كو 3: 9).. إن الله باستمرار يعين خدامه في خدمتهم: يعمل معهم، ويعمل فيهم، ويعمل بهم. لذلك في خدمتك، حاول أن تكون مجرد آلة في يد الله يعمل بها. وصل في قلبك هذا المزمور:
"إن لم يبن الرب البيت، فباطلًا تعب البناءون" (مز127: 1).
لذلك فالخدمة تحتاج أيضًا إلي تعب في الصلاة لأجلها، لكي يتولاها الله بعنايته، ولكي تشعر بيد الله فيها. لأنك ربما تفكر أن التعب في الخدمة، هو مجرد تعب ذراعك البشري. كلا. فقد قال الرب "بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئًا" (يو 15: 5). لذلك جاهد في أن تشرك الله معك في الخدمة، بصلوات، باصوام، بمطانيات، بصراع مع الله..
وحذار من أن تبحث عن الخدمات السهلة، أو تدخل إلي الخدمة من الباب الواسع!
ذلك لأن كثيرين من الذين لا يحبون التعب في الخدمة، يهربون من الخدمات التي تحتاج إلى جهد كبير، أو التي تصادفها بعض المشاكل! ولا يقبلون إلا الخدمة السهلة. وقد يبررون المر ببعض كلمات تواضع! كأن يقول الشخص "أنا أصغر من هذا الأمر. أنا لم أصل إلي مستوي هذه الخدمة. أنا ليست لي مواهب".. والرب يرفض كل هذه الاعتذارات. وقال لإرميا "لا تقل إني ولد. لأنك إلي كل من أرسلك إليه تذهب، وتتكلم بكل ما آمرك به" (أر 1: 7).
الخدمة الصعبة تظهر فيها يد الله، كما يظهر فيها بذل الإنسان وتعبه.
كما تظهر فيها محبته للملكوت، ومحبته لخلاص الناس، وعدم اهتمامه بنفسه وبراحته، واستعداده لحمل الصليب في الخدمة، وعدم تذمره علي الضيقات في الخدمة.. ومثل هذه الخدمة لها أجر كبير. وهي التي دعا إليها الرب تلاميذه، حينما قال لهم "ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب" (مت 10: 16).. ولم يهرب تلاميذ الرب من خدمه كهذه:
نعم، خير لنا أن نتعب لكي يستريح الناس.
لا أن نستريح نحن، ونتركهم يتعبون..

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:17 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
مسحني لأبشر المساكين

"مسحني لأبشر المساكين" (أش 61:1).
قيل عنه في تلك النبوءة "روح السيد الرب علي. لأن الرب مسحني لأبشر المساكين. أرسلني لأعصب منكسري القلوب. لأنادي للمسبيين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق.." (أش 61: 1). ولعلنا نسأل: من هم أولئك المساكين الذين قد جاء الرب ليبشرهم؟ إنهم كثيرون..
في مقدمتهم تلك البشرية المسكينة كلها، المحكوم عليها بالموت بسبب الخطية، وتحتاج إلي الفداء.
و لذلك قيل عن الرب إنه "جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك" (لو 19: 10). جاء يبشر كل هؤلاء بالفداء الذي سيقدمه عنهم، "لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3: 16). وهكذا وقف الملاك في يوم ميلاد الرب يبشر الرعاة قائلًا "ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. إنه ولد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب" (لو 2: 10، 11).
جاء السيد المسيح أيضًا لكي يبشر بالخلاص أبرار العهد القديم الذين رقدوا علي الرجاء.

أولئك الذين قيل عنهم إنهم "لم ينالوا المواعيد، بل من بعيد نظروها وصدقوها وأقروا أنهم غرباء ونزلاء علي الأرض" (عب 11: 13). جاء يبشرهم أن باب الفردوس الذي أغلق منذ خطيئة اَدم، سوف يفتح بعد الصليب، وسيدخل كل أولئك الأبرار في الفردوس.. وسوف يدخل معهم أيضًا اللص اليمين (لو 23: 43).
جاء يبشر البشرية التي أضلها القادة العميان من الكتبة والفريسيين (مت 23) بقدوم التعليم السليم.
فسوف يخرجهم من الحرفية التي نادي بها أولئك الذين جلسوا علي كرسي موسى، فأغلقوا باب الملكوت. لا هم دخلوا، ولا جعلوا الداخلين يدخلون (مت 23: 13). وهكذا جلس المعلم الصالح علي الجبل، وقال للجموع عظته العجيبة التي كرر فيها عبارة "سمعتم إنه قيل للقدماء.. أما أنا أقول لكم.." (مت 5).
جاء أيضًا يبشر البشرية التي فقدت الصورة الإلهية التي خلقت بها (تك 1: 27) بأن أعاد لهم تلك الصورة ليحاكوها.
و هكذا ترك لهم مثالًا في كل فضيلة وفي كل بر، حتى كما فعل هو يفعلون هم أيضًا (يو 13: 15). وهكذا نصح القديس يوحنا الرسول قائلًا "من قال إنه ثابت فيه، ينبغي أنه كما سلك ذاك، يسلك هو أيضًا" (1 يو 2: 6).
جاء الرب يبشر المساكين. وكان من قبل، حتى في العهد القديم، يهتم بالمساكين.
و هكذا قال الرب لموسى حينما دعاه إلي الخدمة "إني قد رأيت مذلة شعبي.. وسمعت صراخهم بسبب مسخريهم. إني علمت أوجاعهم، فنزلت لأنقذهم" (خر 3:7،. وهكذا فعل الرب أيضًا في عصر القضاة.. فأقام لهم القضاة.. وخلصهم من أيدي أعدائهم.. من أجل أنينهم بسبب مضايقهم وزاحميهم" (قض 2: 18). إنه الرب الذي باستمرار يعين المساكين..
و هكذا أيضًا وقف الرب مع يعقوب في مسكنته ضد أخيه عيسو المتجبر.
عيسو الذي قال "أقوم وأقتل يعقوب أخي" (تك 27: 41). ولكن الله ظهر ليعقوب أثناء هروبه وعزاه برؤيا السلم الواصل بين السماء والأرض. وقال له "ها أنا معك، وأحفظك حيثما ذهب، وأردك إلي هذه الأرض" (تك 28: 15). وكما وقف الله إلي جوار المساكين، وقف أيضًا ضد العتاة القساة.وقال لقايين أول قاتل من بني البشر "صوت دم أخيك صارخ إلي من الأرض.." (تك 4: 10). وفي كل هذا ما أجمل قول الكتاب:
"يقاوم الله المستكبرين. أما المتواضعين فيعطيهم نعمة" (يع 4: 6).
وقف الله مع إيليا النبي، لما كان في موقف المسكنة، هاربًا من بطش الملكة إيزابل، وهو يقول للرب".. تركوا عهدك، ونقضوا مذابحك، وقتلوا أنبياءك بالسيف. وبقيت أنا وحدي. وهم يطلبون نفسي ليأخذوها" (1 مل 19: 14). ووقف الرب مع داود الشاب في مسكنته، وهو هارب من شاول الملك الذي يطارده من مكان إلي أخ. ولكنه وقف ضد داود الملك لما تسلط وتقسي قلبه علي أوريا الحثي، فعاقبه (2 صم 12: 9- 12). ووقف الله مع ليئة الضعيفة العينين التي تفتقد محبة زوجها، وأعطاها نسلًا أكثر من راحيل المحبوبة المدللة، لأن الرب يبشر المساكين..
ووقف الله مع الأمم المحتقرين من إسرائيل.
الذين كانوا "بدون مسيح، أجنبيين عن رعوية إسرائيل، وغرباء عن عهود الموعد" (أف 2: 12). فقربهم إليهم، وطعمهم في الزيتونة الأصلية (رو 11) وقال "يأتون من المشارق والمغارب، ويتكئون في أحضان إبراهيم، بينما بنو الملكوت يطرحون في الظلمة الخارجية". ومدح الرب قائد المائة الأممي، وقال: لم أجد في إسرائيل كلها إيمانًا مثل إيمان هذا الرجل". ومدح أيضًا المرأة الكنعانية المتذللة قدامه..
و بشر الرب الخطاة المساكين، المذلين في توبتهم، وأدان الأبرار المتعجرفين في برهم.
فعل ذلك في مثل الفريسي والعشار. لم ينظر إلي الفريسي المتكبر، الذي وقف يصلي بانتفاخ قلب ويقول "أشكرك يا رب إني لست مثل سائر الناس الظالمين الخاطفين الزناة، ولا مثل هذا العشار. أنا أصوم يومين في الأسبوع، وأعشر جميع أموالي. بينما نظر الرب إلي العشار المسكين الذي في مذلة لم يستطع أن يرفع نظره إلي فوق، بل قرع صدره في انسحاق وهو يقول ارحمني يا رب، فإني خاطي". فخرج مبررًا دون ذاك (لو 18: 9 – 14).
كذلك فعل الرب مع الخاطئة التي بللت قدميه بدموعها، وفضلها علي الفريسي الذي أدانها (لو 7).
لقد بشر هذه المسكينة بالمغفرة، وقال لها "مغفورة لك خطاياك.. اذهبي بسلام".
و نفس الوضع فعله مع مسكينة أخري ضبطت في ذات الفعل، وأذلها القساة طالبين أن ترجم حسب الشريعة. ولكن الرب خلصها من بين أيديهم، وطلب منهم أن يلتفتوا إلي خطاياهم، قائلًا لهم "من كان منكم بلا خطية، فليرجمها بأول حجر" (يو 8: 7). وقال للمسكينة "وأنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضًا".
و قال الرب عن الخطاة "ما جئت لأدعو أبرارًا بل خطاة إلي التوبة.
و بشر كل أولئك بالخلاص عن طريق التوبة. وقال إنه يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب، أكثر من تسعة وتسعين بارًا لا يحتاجون إلي توبة" (لو 15: 7). وضرب في نفس الأصحاح ثلاثة أمثال لقبول التائبين، وفرح الرب بعودتهم إليه. هي مثل الابن الضال، ومثل الخروف الضال، ومثل الدرهم المفقود. وما أجمل حبوه في الشفقة علي أولئك الخطاة المساكين في عودتهم، حينما قال عن الخروف الضال: "وإذ وجده، حمله علي منكبيه فرحًا" (لو 15: 5).
و من المساكين الذي جاء الرب يبشرهم. المرضي والمصروعين من الشياطين.
و قد قيل عنه في ذلك إنه "كان يشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب.. فأحضروا إليه جميع السقماء المصابين بأمراض وأوجاع مختلفة، والمجانين والمصروعين والمفلوجين، فشفاهم" (مت 4: 23، 24) , هكذا كان اشفاقه علي المساكين من المرضي، وبخاصة الأمراض المستعصية التي يعجز أمامها الأطباء، أو التي تطول مدتها مثل مريض بيت حسدا الذي قضي في مرضه 38 سنة، وهو مسكين ليس له إنسان يلقيه في البركة (يو 5: 2-9). فتقدم الرب وشفاه.
إن هذا يعطينا درسًا في اٌلإشفاق علي المرضي.
إن كنا لا نستطيع أن نشفيهم، أو نساهم في علاجهم، فعلي الأقل نزورهم حسب وصية الرب (مت 25: 36)، ونقدم لهم كلمة عزاء، ونرفع من معنوياتهم، ولا ننساهم في آلامهم.
و مذل ذلك مرضي الروح أيضًا، الذين يئسوا من خلاصهم..
هم يحتاجون إلي من يبشرهم بالخلاص، إلي من يقول لهم ما قاله الرب لزكا العشار "اليوم حصل خلاص لأهل هذا البيت، إذ هو أيضًا إبن لإبراهيم" (لو 19: 9).
انظروا عمل الرب بعد القيامة: جاء يبشر بطرس الذي بكي بكاء مرًا بسبب إنكاره للمسيح وقت صلبه (مت 26: 75) فجاء يبشره في مسكنته ومذلة نفسه، ويقول له "أرع غنمي. أرع خرافي" (يو 21: 15، 16). كما جاء يفتقد توما في شكوكه ويعيد إليه الإيمان (يو 20: 27).
ما أجمل عبارته في تبشيره للمساكين:
" من يقبل إلي، لا أخرجه خارجًا".
هو جاء أيضًا يبشر المساكين من المحتاجين. ويقول لهم "اطلبوا تجدوا، اسألوا تعطوا، اقرعوا يفتح لكم" (مت 7: 7). ويعطينا بذلك مثالًا أن نعطي للمحتاجين ما يعوزهم، عالمين أننا في ذلك إنما نعطي الرب نفسه الذي قال: "مهما فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغِر، فبي قد فعلتم" (مت 25: 40). جميل أن نذكر هذا الأمر في مناسبة العيد، ونبشر المساكين وجميل أن نتذكر قول الرب في تبشيره للمساكين:
"تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقلي الأحمال، وأنا أريحكم" (مت 11: 28).
ليتنا نفعل مثله أيضًا، ونعمل بكل جهدنا علي إراحة المتعبين والثقلي الأحمال. وفي نفس الوقت نحترس من أن نزيد ثقلًا علي أحد، أو ننتقد إنسانًا في تعبه. وكذلك نشفق علي اليائسين الذين انقطع رجاؤهم. ويقول لكل منهم "أنا معك. لا يقع بك أحد ليؤذيك" (أع 18: 10). وبالنسبة إلي كل هؤلاء، يوصينا الرسول قائلًا:
"شجعوا صغار النفوس. اسندوا الضعفاء تأنوا علي الجميع" (1 تس 5: 14).
فليكن الرب مع كل هؤلاء، يقويهم، ويقودهم في موكب نصرته، ويبشرهم بالخلاص، له المجد من الآن وإلي الأبد اَمين.

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:18 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
خدمة الذين ليس لهم أحد يذكرهم

في صلاة تحليل نصف الليل للآباء الكهنة طلبة عميقة جدًا ومؤثرة في معناها وهي:
" اذكر يا رب العاجزين والمنقطعين والذين ليس لهم أحد يذكرهم "نعم، هؤلاء الذين لم يجدوا أحدًا يهتم بهم، ولا حتى يذكرهم في صلاته هؤلاء الذين أهملهم الكل، وربما قد نسوهم أيضًا. لا شك، أنه يوجد أشخاص لا يحس أحد بآلامهم، ولا باحتياجاتهم، ولا بضياعهم. كأنهم ليسوا أعضاء في جسد الكنيسة. ولعله تنطبق عليهم تلك الأبيات التي وردت في قصيدة "النجم":
أنا ملقي في ضلالي ليس من أسقف يرعي ولا من مفتقد
فطريقي في ظلام دامس قد ضللت الله دهرًا لم أجد
ذلك الهادي الذي يهدي يدي
يذكرنا بهذا النوع أيضًا مريض بيت حسدا الذي قضي في مرضه 38 سنة دون معونة من أحد. قال للسيد المسيح عن حالته "ليس لي إنسان يلقيني في البركة" (يو 5: 7). إنها خدمة جميلة أن نخدم تلك النفوس المسكينة المحتاجة، التي لا تجد من يهتم بها ويفتقدها.

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:19 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
الأحياء غير المخدومة

هناك أحياء توجد فيها كنائس تخدمها، ويوجد فيها آباء كهنة روحيون ونشطاء يقومون بافتقاد كل بيت، وكل أسرة وكل فرد ويعرفون كيف يوفرون الخدمة اللازمة لكل أحد، يحلون الإشكالات، ويتلقون الاعترافات، ويحيطون أبناءهم بجو روحي.. إنها أحياء مخدومة.
ولكن ماذا نقول عن الأحياء والمدن والقرى غير المخدومة، التي لا تجد أحدًا يذكرها؟!
وماذا نقول عن الخدام الذين يفضلون أن يرسموا كهنة علي المدن الكبيرة والأحياء المخدومة، ويرفضون القرى والأحياء المحتاجة إلي خدمة؟!
هل هذا هو أسلوب السيد المسيح، الذي كان يترك التسعة والتسعين، وبحث عن الواحد الضال المحتاج إلي خدمة؟! نعم إنه الراعي الصالح، الذي كان "يطوف المدن والقرى كلها، يعلم في مجامعها ويكرز ببشارة الملكوت، ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب" (مت 9: 35).
نعم إنه المعلم الصالح الذي قال لتلاميذه:
"لنذهب إلي القرى المجاورة لأكرز هناك، لأني لهذا خرجت" (مر 1: 28).
إن الذي يفضل بهرجة المدينة علي حاجة القرية، إنما هو يفكر في ذاته، بطريقة علمانية، ولا يفكر في احتياج الآخرين وخدمتهم!
و نفس هذا الكلام نقوله عن: خدمة أولاد الشوارع.

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:20 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
خدمة أولاد الشوارع

اذكر أن هذا الأمر قد هز عاطفتي جدًا في الأربعينات، وأنا خادم.. وقلت في ذلك الوقت لزملائي: إننا نخدم الأطفال الذين في المدارس، والذين يلبسون ملابس نظيفة، وننسي خدمة الأولاد "الغلابة". وأتذكر إنني وقتذاك جمعت لنفسي فصلًا جديدًا لخدمته..
وكان فصلي هذا من أولاد الشوارع، ومن بائعي الليمون، وماسحي الأحذية، وأطفال آخرين يقفزون علي الشمال في الترام، وأحيانًا يقذفون الجمعية بالطوب.

واهتممت بهؤلاء الأولاد روحيًا، وكنت أحبهم جدًا.. وشاءت الظروف أن أنتقل إلي خدمة في منطقة أخري وهي أحد الأيام وأنا سائر بالقرب من "حكر عزت" قفز أحد الصبيان الصغار من محل ماسح أحذية وجري نحوي يسلم علي في محبة وهو يقول "أنا تلميذك".. اذكر هذه القصة فتنفعل مشاعري في داخلي.
ما أحوج هؤلاء إلي الفتات الساقط من خدمتك.. بينما آخرون متخمون بخدمات مركزة!!
إن الذين يعيشون في الحواري والأزقة والقرى، هم يحتاجون أكثر.. فالذي يسكن في الشارع الكبير قد يجد كثيرين يخدمونه، أما الذي يسكن في "العطفة"، الدرب، والزقاق، فربما يكون من الذين ليس لهم أحد يذكرهم..
لذلك ما أجمل ما فعله أخوتنا الذين كرسوا جهودهم لخدمة أحياء الزبالين، وبعض الأحياء الشعبية الأخرى في القاهرة.
وما أجمل الذين يجمعون الأطفال الفقراء من الطرقات، وأولاد الصناع والعمال والكنائس والذين لا عمل لهم ويوصلون إليهم كلمة الله التي يوصلوها إلي أولاد الأغنياء..
جميلة تلك العبارة التي وردت في الدسقولية عن الراعي أنه يجب أن "يهتم بكل أحد ليخلصه".
لذلك سررت لما قال لي أحد الآباء الكهنة إنه سيقيم قداسًا كل يوم اثنين فسألته لماذا؟ فقال "من أجل الحلاقين وأصحاب وظائف أخري.. عطلتهم هي في هذا اليوم. وآخرون من أصحاب النوبتجيات لا يجدون فراغًا إلا في يوم معين.
ومن المفروض في الكنيسة أن توفر الرعاية لكل أحد ومن بين هؤلاء، نذكر: خدمة الشباب المنحرف.

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:21 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
خدمة الشباب المنحرف

إننا – للأسف الشديد – نهتم فقط بالشباب الذي يأتي إلينا في الكنيسة في اجتماعات الشبان، أو مدارس التربية الكنسية، أو في الأنشطة والخدمات ونكتفي بهذا.
ويندر أن تكون لنا خدمة وسط الشباب الذي يتسكع في الطرقات، أو يضيع وقته في الملاهي وفي المقاهي والذي يدل شكله ولبسه وحديثه علي أنه بعيد تمامًا عن الكنيسة.
أمثال هذا الشباب، هو من النوع الذي ليس له أحد يذكره، بل بالأكثر قد يوجد متدينون يحتقرونه ويرفضون حتى الحديث معه.. كيف يخلص هؤلاء إذن؟ أليسوا هم أيضًا محتاجين إلي رعاية؟!
إن الأسقف حينما يرسم علي إيبارشية، إنما يرسم عليها كلها، وليس سيامته من أجل الصالحين فيها فقط، المترددين علي الكنيسة، إنما من أجل الكل.
عمله أن يطلب ويخلص ما قد هلك (لو 19: 10) كما فعل سيده وتحت عنوان ط ما قد هلك"، تدخل فئات كثيرة من الذين ليس لهم أحد يذكرهم: طلبة شطبهم خدام التربية الكنسية من قوائمهم لكثرة غيابهم. وعائلات أعتبرها الآباء الكهنة أنها ليست من أولاد الكنسية بسبب سلوكها. ألوان عديدة من المنحرفين الذين يفضل كل الخدام البعد عنهم خوفًا، أو حرصًا أو عجزًا، أو يأسًا..! ليس لهم أحد يذكرهم.
ما أخطر أن يوجد إنسان، تيأس منه الكنيسة، أو تنساه، أو تتجاهله أو تحتقره، أو تطرده، أو تعتبره من أهل العالم!

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:22 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
المنسيون في الافتقاد

قد توجد عائلات في الإسكندرية أو في القاهرة، تمر عليها سنوات عديدة لا يزروها أحد من الآباء الكهنة.

ولا تهتم الكنسية بهؤلاء، إلي أن يهتم بهم الشيطان ويفتقدهم!
وحينئذ تبدأ الكنيسة تتعرف إلي أحدهم في قضية طلاق، أو في حادث ارتداد. وكان السبب في كل هذا، أن هؤلاء ليس لهم أحد يذكرهم، مع أنهم ليسوا في قري فقيرة أو نائية، وإنما هم في القلب العاصمة!
نحن أحيانًا لا نهتم بالحالة، إلا بعد أن تصل إلى أسوأ درجاتها ولو ذكرناها في بادئ الأمر، ما كنا نحزن في نهايته..
لست اقصد بالذين ليس لهم أحد يذكرهم، المحتاجين إلي الرعاية في مجاهل أفريقيا، أو الهنود الحمر في أمريكا، مع حاجة كل هؤلاء بلا شك!
إنما اقصد "الهنود الحمر ط في قلب العاصمة، أو في قلب المدينة العامرة وربما قريبًا من الكنيسة!
إن التخصص في خدمة "الضالين "أمر لازم في الرعاية..
بلا شك كانت المرأة السامرية واحدة من الذين ليس لهم أحد يذكرهم، وكذلك زكا العشار، ومتي العشار، وآخرون وقد قال السيد المسيح "لا يحتاج الأصحاء إلي طبيب بل المرضي". فهل يمكن أن يتخصص بعض الخدام في مثل هذه الخدمة؟
هناك نوع من الخدام كنا نسميهم "خدام الحالات الصعبة".

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:23 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
الحالات الصعبة

كانوا يذهبون إلي الحالات التي تبدو معقدة، التي وصلت إلي أسوأ درجاتها. ومع ذلك لم يفقد الخادم الأمل منها.
الحالات التي قد لا تقبل الخدام وقد تطردهم، أو التي لا تقبل كلامًا ولا إقناعًا، وتصل إلي لون من الإصرار والعناد يدفع إلي اليأس..

هذه الحالات بالنسبة إلي كنائس أخري، كانوا يتركونها يائسين، وينفضون أيديهم منها، وتبقي ضمن الذين ليس لهم أحد يذكرهم..
أما خدام الحالات الصعبة، فكانوا يفتقدون هذه الحالات، ولو في آخر رمق، وهم متألمون لأن الحالة لم تكن قد افتقدت منذ البدء إن الخدمة الصعبة لها اجر أكبر عند الله، لن الخادم يتعب فيها، والله لا ينسي تعب المحبة..
دعوة يوسف الرامي لخدمة السيد المسيح أمر سهل، ولكن من الصعب أن تدعو رجلًا كزكا. فرق بين أن تدعو إنسانًا كيوحنا الحبيب إلي اجتماع، أن تدعو آخر كشاول الطرسوسي..
سهل أن تفتقد العائلات المنحلة والتعب في حل مشاكلها ومصالحة المتخاصمين فيها.
إن الأجر الكبير ليس لمن يزرع الأرض الجيدة، إنما لمن يستصلح الأراضي البور والأراضي المالحة، ويحولها إلي أرض زراعية جيدة.
فتلك الأراضي البور ربما كانت لمدة طويلة من النوع الذي ليس له أحد يذكره بسبب صعوبة العمل فيها.

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:24 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
المساجين

المساجين يحتاجون إلى عناية خاصة تعيد إليهم كيانهم ومعنوياتهم، وتعيدهم إلى الله وإلي الحياة النقية معه، سواء وهم في السجن، او بعد خروجهم منه.
وكثيرون يرون المساجين من الحالات الصعبة، فلا يفكرون في خدمتهم، ويتركونهم ضمن الذين ليسلهم أحد يذكرهم..

اذكر شابًا كان محكومًا عليه بالإعدام منذ حوالي ثلاثين عامًا. وزاره الفاضل المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم واستطاع أن يقوده إلي التوبة والاعتراف وإلي الاستعداد للموت. وعاش الفترة السابقة لإعدامه في حياة طيبة مع الله والناس، وفي سلام قلبي عجيب وكان محبوبًا جدًا من كل أسرة السجن التي تعاملت معه. ولاقي الموت بفرح وذهب إلي المشنقة وهو يحيي ويداعب الذين حوله، وبكي عليه ضابط وموظفين السجن..
هذا الشاب وجد قلبًا يذكره، وهو تحت حكم الإعدام. وظل هذا القلب إلي جواره إلي أن لاقي ربه في سلام والابتسامة علي شفتيه.
إن المسجون الذي لا تستطيع أن تنقذ رقبته من المشنقة، قد تستطيع من ناحية أخرى أن تنقذ نفسه من الجحيم..
حقًا ما هي الخدمة الروحية التي نقدمها نحن إلي هؤلاء المسجونين؟ بل ما هي الخدمة الاجتماعية التي يلاقيها المسجون بعد خروجه من السجن. علي أن هناك نقطة هامة جدًا في هذا الموضوع وهي:
خدمة أسرات المسجونين. وبخاصة أولئك الذين سجن عائلهم، وأصبحت الأسرة مهددة تمامًا بالانهيار المالي والمعنوي.
هل وجدت خدمة منظمة ثابتة لمثال هذه العائلات، وتعهدتها بالعناية والافتقاد والمعونة؟ حرصًا عليها من التفكك ومن الضياع، وخوفًا عليها من الانهيار الاجتماعي أو الخلقي، وسدادًا لكل احتياجاتهم المالية..؟ أم أمثال هذه العائلات، تدخل تحت عنوان: الذين ليس لهم أحد يذكرهم.

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:24 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
الفقراء والمتعطلون

لست اقصد من يذكرهم ماديًا، فكثيرون يذكرونهم، إنما أقصد بالذات خدمتهم روحيًا..

توجد مكاتب للخدمة الاجتماعية في البطريركية وفي المطرانيات وفي جميع الكنائس، تقدم معونات مالية وعينية لهؤلاء، وتساعدهم علي أن يجدوا لهم عملًا ومصدرًا للرزق. وهذا حسن جدًا، ونرجو أن يصل إلي صورته الكاملة ولكن المشكلة ليست هنا. وإنما هي هذه:
ما أكثر ما يأتي الفقراء إلي مكاتب الخدمة الاجتماعية، بأساليب من الكذب والخداع والاحتيال. وقد نعطيهم حاجتهم المادية، وتبقي نفوسهم ضائعة ‍‍
و علي الرغم من المساعدات التي تقدم لهم، هم لا يزالون من الناحية الروحية ضمن الذين ليس لهم أحد يذكرهم.. .‍‍
و بعض الكنائس تقيم لهم اجتماعًا روحيًا، ينظر إليه بعض الفقراء كمجرد مقدمة‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ للمعونة.. ولا يكون له العمق الذي يغير حياتهم، ويقودهم إلي التوبة ويبعدهم عن الكذب والاحتيال..
فعلي مراكز الخدمة الاجتماعية أن تعرف أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" (مت 4: 4).
وإنهم كما يفحصون الحالة الاجتماعية لمن يأخذ معونة مالية، عليهم أن يهتموا بالمحتاجين من جهة روحياتهم، لكي يقودهم إلي حياة أفضل..
وإن كان هذا يحدث بالنسبة إلي من يتقاضون معونات شهرية ثابتة، فهل يحدث هذا الاهتمام الروحي أيضًا للحالات الطارئة التي تأخذ معونة وتمضي، ولا تعرف الكنيسة شيئًا عنها بعد ذلك؟

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:25 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
الملاجئ و المعوقين

نفس الوضع: ربما أهم ما تقدم لهؤلاء، هي العناية المادية والاجتماعية وقد يبقون من الناحية الروحية والنفسية ضمن الذين ليس لهم أحد يذكرهم.
وكثيرًا ما تقدم لهؤلاء العناية العلمية والتأهيل المهني والوظيفي، والبحث لهم عن عمل. ووسط التركيز الشديد علي هذا الأمر، يبقي هؤلاء محتاجين إلي عمل روحي كبير، لكي ينجوا من العقد النفسية، ويتربوا التربية الروحية الصالحة، التي يجدون فيها الحب والحنان والمعاملة الطيبة، والصلة القوية بالله.
ومع العناية باللاجئين، قد تبقي أسراتهم ضمن الذين لا أحد يذكرهم!
كل ما يستطيع الملجأ أن يقدمه، هو أن يتلقي الطفل اللاجئ مع أسرته وقد لا يفكر بعد ذلك في هذه الأسرة وكيف تعيش ماديًا وروحيًا؟ وما الخدمة التي يمكن تقديمها لها؟

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:26 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
المرضى

غالبية اهتمامنا بالمرضي يتركز في حالتهم الصحية. أما من الناحية الروحية، فليس من أحد يذكرهم!
وقد يكون إنسان في مرض خطير، وبينه وبين الموت خطوات قصيرة. ومع ذلك لا يهتم أحد بأبديته، ولا يعده لها. بل كثيرًا ما يحيطه الكل بالأكاذيب مخفين عنه مرضه، حتى لا يتعب نفسيًا. وقد يحيطونه بالتسليات العالمية أيضًا..
وقد يجلس الزوار والأقارب حول المريض، إلي ساعات طويلة، في أحاديث مستمرة يسلونه بها، دون أن يعطوه فرصة للصلاة والتوبة..
لماذا لا يوجد خدام روحيون متخصصون في زيارة المرضي، يعرفون كيف يتحدثون معهم حديثًا روحيًا ونفسيًا، ويهتمون بأبدية الذين قد قرب رحيلهم لكي يعدوهم لهذا الرحيل، فتخلص نفوسهم في ذلك اليوم؟‍!
كلمتكم في هذا المقال عن الفقراء والمحتاجين، وعن المرضي والمساجين، والشبان المتسكعين..

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:26 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
الأغنياء وأصحاب المناصب

هؤلاء قد يستحي الخدام أو الكهنة من أن يحدثوهم عن التوبة والتخلص من خطاياهم.. وربما كل ما تطلبه منهم الكنيسة هو تبرعاتهم، أو توسطهم في أمور تهم الكنيسة أما أرواح هؤلاء وقلوبهم وأبديتهم، فليس لها أحد يذكرها!
إنهم أيضًا يحتاجون إلي الكلمة توصلهم إلي الله فيتوبون، إن كانوا محتاجين إلي توبة..
لهذا اشترط الكتاب في الأسقف أنه "لا يأخذ بالوجوه"، أي لا يجامل هؤلاء الأغنياء والعظماء، وبخاصة المتبرعين منهم، علي حساب روحياتهم ولا نقصد أن يستخدم البعض معهم أسلوب الشدة، كما وبخ المعمدان هيرودس..
إنما علي الأقل، فليستخدم معهم أسلوب التوجيه الروحي، الممتزج بالاحترام والمودة، كما فعلت أبيجايل مع داود الملك، لما أراد الانتقام لنفسه، ويقتل نابال الكرملي (1 صم 25).
أو يستخدم معهم أسلوب الحكمة التي تكلم بها ناثان النبي مع داود أيضًا (2 صم 12).

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:29 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
يهيئ للرب شعبًا مستعدًا

"يهيئ للرب شعبًا مستعدًا" (لو 1: 17).
نعم، ما أجمل هذه العبارة التي قالها ملاك الرب في البشارة بميلاد يوحنا المعمدان: إنه "من بطن أمه يمتلئ من الروح القدس، ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم. ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته.. لكي يهيئ للرب شعبًا مستعدًا" (لو 1: 15 – 17) وقيل أيضًا عنه في نبؤة ملاخي "هأنذا أرسل ملاكي، فيهيئ الطريق أمامي" (ملا 3:1) (مر 1: 2).
و كيف يهيئ الطريق قدام الرب؟
بأنه "كان يكرز قائلًا: يأتي بعدي من هو اقوي مني، الذي لست انا أهلًا أن أنحني وأحل سيور حذائه" (مر 1: 7) (مت 3: 11) "أعدوا طريق الرب، اصنعوا سبله مستقيمة" (مت 3: 3). وكيف كان يوحنا يهيئ للرب شعبًا مستعدًا؟.. ذلك بقيادتهم إلي التوبة.. كان يكرز بمعمودية التوبة. ويقول للناس: "أنا أعمدكم بماء التوبة"، "اصنعوا ثمار تليق بالتوبة" (مت 3: 11، 8).
نقول هذا لأن كثيرين كل خدمتهم هي قيادة الناس إلي مجرد المعرفة، وليس إلي التوبة..
لكن ما أجمل المعرفة التي تقود إلي التوبة.. التي لا تخاطب العقل فقط، إنما تعمل في القلب ليلتصق بالله.. لقد خلق الله شعبًا يملأ الأرض كلها. وهو يريد، الجميع يخلصون، وإلي معرفة الحق يقبلون (1 تي 2: 4). وقد ترك الرب هذا الشعب إلى مجموعة من الوكلاء (لو 12: 42) أو إلي مجموعة من الكرامين (مت 21: 33). لكي يعدوا للرب شعبًا مستعدًا. ووضع أمامهم هذه الآية: "من رد خاطئًا عن ضلال طريقه، يخلص نفسًا من الموت ويستر كثرة من الخطايا" (يع 5: 20).

و المعروف أن الخلاص بالمسيح وحده، الذي "ليس بأحد غيره الخلاص" (أع 4: 12). فما معني عبارة "يخلص نفسًا "هنا؟ معناها: يقودها إلي الخلاص الذي بالمسيح يسوع. أو يهيئ هذه النفس للخلاص، بالإيمان والتوبة. في يوم من الأيام ذهب صموئيل النبي إلي بيت لحم، ليمسح واحدًا من أولاد يسى البيتلحمي ملكًا للرب. فقال: "تقدسوا وتعالوا معي إلي الذبيحة". ويقول الكتاب عنه: "وقدس يسى وبنيه، ودعاهم إلي الذبيحة" (1 صم 16: 5).
فما معني كلمة "قدسهم "هنا؟ معناها نفس العبارة: هيأ للرب شعبًا مستعدًا.. وهذا الوضع ذاته قيل عن الشعب قبل سماعهم الوصايا العشر.. "قال الرب لموسى: اذهب إلي الشعب، وقدسهم اليوم وغدًا.. ويكونوا مستعدين.. فأنحدر موسى، وقدس الشعب.." (خر 19: 10، 14). هو أيضا هيا للرب شعبًا مستعدًا، لسماع كلمته..
ما أعظم هذا الأمر، أن نهيئ للرب شعبًا مستعدًا..
شعبًا مستعدًا لقبول الخلاص، شعبًا مستعدًا لنوال نعمة الرب في المعمودية (إن كانوا كبارًا) أو في التقدم للتناول من الأسرار المقدسة.. شعبًا مستعدًا للتوبة، مستعدًا للشركة مع الروح القدس، أو مستعدًا لخدمة الرب وبناء ملكوته.. أنظروا ماذا يقول بولس الرسول:
" خطبتكم إلي رجل واحد، لأقدم عذراء عفيفة للمسيح" (1 كو 11: 2).
من فيكم يستطيع أن يقدم نفوسًا عفيفة للرب؟ يهيئ له نفوسًا مستعدة لمحبته..كانت هذه هي وظيفة يوحنا المعمدان. لقد هيأ هذه العروس أي الكنيسة- للرب. هيأها له بالتوبة، بمعمودية التوبة. ولما سلمها له، وقف في فرح يقول: "من له العروس فهو العريس. أما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح.. إذن فرحي هذا قد كمل" (يو 3: 29).
و عروس الرب قد تكون نفسًا واحدة، أو شعبًا أو شعوبًا.
قد تكون فصلًا في التربية الكنسية، وقد تكون كنيسة بالنسبة إلي أب كاهن، وقد تكون إيبارشية بالنسبة إلي أب أسقف. وقد تكون شعبًا أو شعوبًا كمسئولية الآباء الرسل، وغيرهم من الأنبياء. وقد تكون الكنيسة كلها التي يقدمها المسيح، حينما يسلم الملك للآب (1كو 15: 24)، أو هي أورشليم السمائية التي أبصرها القديس يوحنا الرائي:
".. كعروس مزينة لعريسها" (رؤ 21: 2).
نعم، هذه هي وظيفة الخدام والوعاظ والكهنة والرعاة وكل صيادي الناس، أن يهيئوا هذه العروس – أي النفوس – لعريسها، مزينة بالفضائل "معطرة بالمر واللبان، وبكل أذرة التاجر" (نش 3: 6).
إنهم يهيئون النفوس، فتبدو جميلة أمام الرب.
تلبس ثوب البر، أو تلبس ثيابًا من نور، وينشدون لها تلك الأغنية الجميلة "كل مجد إبنة الملك من داخل، مشتملة بثياب موشاة بالذهب، ومزينة بأنواع كثيرة" (مز 45). كان هذا أيضًا هو عمل الأنبياء في العهد القديم، وعمل الوحي الإلهي، الذي هيأ شعبًا مستعدًا لقبول الخلاص والفداء والتجسد الإلهي، بنبوءات ورموز.. وهو أيضًا عمل الملائكة القديسين الذين قيل عنهم:
" أليسوا جميعهم أرواحا خادمة، مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب 1: 14).
هؤلاء هم الملائكة الحالة حول خائفي الرب وتنجيهم من كل شر.. هؤلاء الذين نقول عنهم للرب في صلواتنا باستمرار "أحِطنا يا رب بملائكتك القديسين، لكي نكون في معسكرهم محفوظين ومرشدين". تهيئة النفوس هي أيضًا مسئولية كل الذين يعملون في كرمه. فأحدهم يغرس، والثاني يسقي، والله ينمي. وكلهم عاملون مع الله (1 كو3: 6، 9).. ولكن من أجل قلة العاملين في تهيئة النفوس للرب، لذلك يقول لنا:
"الحصاد كثير، ولكن الفعلة قليلون. أطلبوا إلي رب الحصاد أن يرسل فعلة لحصاده" (مت 9: 37).
و مع ذلك يحتاج الرب إلي فعلة من نوعين.. لا يكونون مثل أولئك الكرامين الأردياء الذين قال لهم الرب "ملكوت الله ينزع منكم، ويعطي لأمة تعمل ثماره" (مت 21: 43). والذي يهيئ للرب شعبًا مستعدًا عليه أن يكون طويل البال، لا يضجر بسرعة. حتى إن كانت الشجرة لا تصنع ثمرًا لسنوات طويلة، لا يقطعها للتو، بل يتركها سنة أخري، وينقب حولها ويضع زبلًا، لعلها تأتي بثمر (لو 13: 8).
هناك كثيرون مسئولون أن يهيئوا للرب شعبًا مستعدًا، منهم الآباء والأمهات في محيط الأسرة.
الأطفال في أيديهم عجينه لينة يمكنهم تشكيلها بالطريقة التي ترضي الرب، بالتعليم والتدريب، وبالقدوة الحسنة، وبوضع الأساس الروحي القوي، الذي تبني عليه الحياة الروحية راسخة، لا تزعزعها محاربات العدو من الخارج.. للأسف كثير من الأسرات، تهمل تربية أولادها، معتمدة علي الكنيسة ومدارس الأحد. ولكن هذا لا يعفيها مطلقًا من المسئولية أمام الله، ناسين قول الكتاب:
" رب الولد في طريقه. فمتى شاخ أيضًا، لا يحيد عنه" (أم 22:6).
و أيضًا قول الرسول "أيها الآباء لا تغيظوا أولادكم، بل ربوهم بتأديب الرب وإنذاره" (أف 6: 4). إن التاريخ يحدثنا عن أمهات قديسات، أعددن للرب أبناء صالحين قادوا شعوبًا. مثل يوكابد الذي كان من ثمرة بطنها وتربيتها موسى النبي، ومريم النبية، وهارون رئيس الكهنة. وكذلك تلك الأم القديسة التي أنجبت القديس باسيليوس الكبير رئيس أساقفة قيصرية كبادوكيا، وأخيه القديس غريغوريوس أسقف نيصص، وأخيه القديس بطرس اسقف سبسطية، وأختهم القديسة ماكرينا المرشدة الروحية ورئيسة الدير..
هؤلاء الأمهات القديسات أدركن عمل الإشبين في الكنيسة.
الكنيسة تسلم الأمهات الأطفال بعد المعمودية لكي يقمن -كإشبينات- بتربية هؤلاء الأطفال تربية روحية في مخافة الله ومحبته. فإن قامت الأمهات بواجبهن الروحي، يمكنهم حينئذ إعداد شعب مستعد للرب. وتستطيع الأم أن تعطي ابنها من الروحيات أضعاف ما تعطيه له مدارس الأحد، وتحفظ له النقاوة التي خرج منها من المعمودية، بل تنميها أكثر وأكثر. وتهيئ أبناءها للرب وخدمته.. وينشأ الأبناء علي حياة القداسة في (كنيسة البيت)..
كذلك عمل الكنيسة أن تهيئ للرب شعبًا مستعدًا..
تقوم بتهيئته عن طريق الكرازة ونشر الإيمان، وعن طريق الأسرار المقدسة: وبخاصة المعمودية والمسحة المقدسة، وسري التوبة والإفخارستيا. وكانت الكنيسة في القديم تهيئ المؤمنين للعماد عن طريق فصول الموعوظين، وشرح قانون الإيمان لهم كما في كتاب القديس كيرلس الأورشليمي.
بل كانت الكنيسة تعد شعبًا مستعدًا للاستشهاد.
تعلمه تفاهة الحياة الأرضية، وتدربه علي حياة الزهد في المادية وتثبته في حياة الإيمان، وتشرح له كيف أن الموت مع المسيح أو لأجل المسيح يؤهله إلي الحياة معه في الفردوس. وأن الموت ليس سوي انتقال إلي حياة أفضل في عشرة الله وملائكته وقديسيه.. وما أكثر الكتب التي حفظتها لنا مكتبة أقوال الآباء وموضوعها [الحث علي الاستشهاد].. وبهذا كله كان الشهداء يتقبلون العذابات والموت في شجاعة وفرح..
كانت الكنيسة تعد المؤمنين أيضًا للأبدية.
تعدهم لملاقاة الرب، سواء في الموت الشخصي أو في مجئ الرب. وكانوا يستخدمون عبارة (ماران اَثا) أي ربنا آت، كما كثب القديس بولس الرسول (1 كو 16: 22). تعدهم للأبدية، بعد الخوف من الموت، وبحياة التوبة والقداسة، وبالتعليق بالسماء والحياة الأخرى. وبقول بولس الرسول "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح. ذاك أفضل جدًا" (في 1: 23).
كانت الكنيسة تعدهم ضد الشكوك والهرطقات.
بتثبيتهم في الإيمان المستقيم، ويقول القديس بطرس "مستعدين في كل حين، لمحاربة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم" (1 بط 3: 15). وكانت الكنيسة تعد شعبها بالرد علي كل الهرطقات والبدع، بالمجامع المقدسة وكتب الآباء وبالتعليم القوي، حتى لا ينحرف أحد عن إيمانه بما يبذره المبتدعون من شكوك..
وكانت الكنيسة بمداومة التعليم تهيئ للرب شعبًا مستعدًا.
كما قال القديس بولس لتلميذه تيموثاوس "لاحظ نفسك والتعليم وداوم علي ذلك. فإنك إن فعلت هذا، تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا" (1 تي 4: 16). وهكذا كانت الكنيسة تشترك أن يكون الأسقف صالحًا للتعليم (1 تي 3: 2) "لكي يكون قادرًا أن يعظ بالتعليم الصحيح، ويوبخ المناقضين" (تي 1: 9).وحتى بالنسبة إلي المخطئين، تقول الدسقولية "أصلح الذنب بالتعليم".
وكانت الكنيسة تعد للرب شعبًا، بالتأديب أيضًا..
كما يقول القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف "وبخ انتهر عظ" (2 تي 4: 2) "الذين يخطئون وبخهم أمام الجميع، لكي يكون عند الباقين خوف" (1 تي 5:20). ومن أجل الاحتفاظ بقدسية الكنيسة أمر القديس بولس من جهة خاطئ كورنثوس "أن يسلم مثل هذا للشيطان لإهلاك الجسد، لكي تخلص الروح في يوم الرب" (1 كو 5: 5). ووبخ أهل كورنثوس قائلًا لهم "اعزلوا الخبيث من بينكم" (1 كو 5: 13). ويقول القديس يهوذا غير الإسخريوطي "وخلصوا البعض بالخوف، مختطفين من النار، مبغضين حتى الثوب المدنس من الجسد" (يه 23).
وكانت الكنيسة تهيئ للرب شعبًا، عن طريق الصلاة وتشجيع صغار النفوس والضعفاء.
إذ يقول الرسول في ذلك "شجعوا صغار النفوس، اسندوا الضعفاء، تأنوا علي الجميع" (1 تس 5: 14). ويقول أيضًا "اذكروا المقيدين كأنكم مقيدون معهم، والمذلين كأنكم أنتم أيضًا في الجسد" (عب 13: 3). وقيل عن السيد المسيح له المجد إنه كان "قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ" (مت 12: 20). ومن أجل تهيئة شعب لله، كانت الكنيسة تصلي أن يرسل الرب فعلة لحصاده، وأن يعطي الرب قوة الخدام، وحكمة للرعاة وسمعًا وقبولًا من المخدومين. كذلك تشجع الشعب علي السهر الدائم علي خلاص أنفسهم، كما قال الرب "اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة" (مت 26: 41). وكما قيل عن حراسات الليل إنهم كانوا "كلهم قابضون سيوفًا ومتعلمون الحرب. كل رجل سيفه علي فخذه من هول الليل" (نش 3: 8).
و الكنيسة تعد للرب شعبًا مستعدًا في الحروب الروحية.
تقول لأولادها "اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر، يجول ملتمسًا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الإيمان" (1 بط 5: 8، 9). وتجعلهم مستعدين لملاقاته، بضبط النفس، وبالصلاة، والتداريب الروحية، والمداومة علي الاعتراف والتناول، مستعدين ضد كل غواية وفكر "مستأسرين كل فكر لطاعة المسيح" (2 كو 10: 5). في كل ما قلناه أسأل نفسك:
كم نفسًا استطعت أن تهيئها للرب، حتى تكون مستعدة للحياة معه والثبات فيه؟

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:30 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
تكونون لي شهودًا

"تكونون لي شهودًا" (أع 1: 8).
قال السيد الرب لتلاميذه "وتكونون لي شهودًا في أورشليم، وفي كل اليهودية والسامرة وإلي أقصي الأرض".
إذن فالإنسان المؤمن لا يكتفي بأن يعرف الله، إنما ينبغي أن يكون شاهدًا له، يعرف الناس به..
من الأمثلة الواضحة في هذا المر، المرأة السامرية التي لما عرفت الرب، لم تستطع أن تصمت. وإنما ذهبت لأهل بلدها، وقالت لهم "تعالوا وانظروا إنسانًا قال لي كل ما فعلت" (يو 4: 29). ومن الأمثلة الأخرى فيلبس لما عرف المسيح، لم يقتصر علي معرفته، وإنما "وجد نثانائيل وقال له: وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس – يسوع الذي من الناصرة" (يو 1: 45).
و هكذا كان الواحد له تأثير علي غيره، يضمه إلي الرب.
من الجائز أنك لا تكون من الناس الكبار الذين أعطاهم الرب خمس وزنات، ولا حتى من الذين أخذوا وزنتين. وليست لك سوي وزنة واحد. هذه أيضًا لابد ان تتاجر بها وتربح. ولابد أن تسأل نفسك هذا السؤال الهام:
ما مدي شهادتي للمسيح؟ من هم الذين أوصلتهم إلي الرب؟
لا تحاول أن تعتذر أو تتهرب. لا تقل ليست لي مواهب ولا أصلح، كما قال موسى "لست صاحب كلام. أنا إنسان أغلف الشفتين. أنا ثقيل الفم واللسان" (خر 4: 10) (خر 6: 30). ولا تقل كما قال إرميا "لا أعرف أن أتكلم لأني ولد" (أر 1: 6). لأن الله لم يقبل استعفاء موسى ولا إرميا. أريد أن أقول لك ماذا تفعل إن لم تكن لك مواهب، أو حسبت نفسك كذلك..
اشهد للرب بحياتك، بروحك، بسلوكك، بمعاملاتك..

وحينئذ ينطبق عليك قول الرب "فليضئ نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السموات" (مت 5: 16). وبهذا تكون قد شهدت للرب.. علي الأقل شهدت بأن وصاياه ممكنة التنفيذ، وليست مجرد مثاليات خيالية، كما يظن البعض..! وكل من يراك يقول:
حقًا "إن أولاد الله ظاهرون" (1 يو 3: 10).
نعم، ظاهرون ومميزون: في حياتهم وتصرفاتهم وأسلوبهم الروحي، وطريقة معاملاتهم، ونوعية ألفاظهم المنتقاة.. وكل من يستمع إليك يقول "لغتك تظهرك" (مت 26: 73).ولكي تكون لك هذه الشهادة، ينبغي أن تكون لك حياة روحية نقية ومثمرة. وعلي الجانب الآخر، لا يستطيع أحد أن يشهد لله بكلامه فقط، بينما حياته خاطئة. حينئذ سوف تقف حياته ضد كلامه الروحي، وتفقد ذلك الكلام تأثيره..
أيضًا يمكنك أن تشهد لله في بيتك، وسط عائلتك..
أهل بيتك يعيشون معك باستمرار، وينجذبون إليك برابطة الأم، وبينك وبينهم محبة طبيعية وعلاقة طيبة.. فهم أقرب إلي التأثر بك، إن كنت ذا تأثير. وإن كنت لا تستطيع أن تشهد لله في بيتك، فكيف تشهد للغرباء؟! إنما هناك شرط لشهادتك في بيتك، أن تكون حياتك بلا لوم أمامهم، وأن تقول لهم ما تنفذه فعلًا في حياتك من الفضيلة ونقاوة السيرة. وإلا فإنهم يقولون لك "أيها الطبيب، اشف نفسك" (لو 4: 23).
وإن لم تستطع في بيتك أن تشهد للرب وسط الكبار، فعلي الأقل افعل ذلك وسط الصغار، مع الأطفال..
الأطفال الذين إذا أحبوك يقلدونك. وإن أحببتهم يلتفون حولك، ويحبون أن يسمعوا منك حكاية أو ترتيلة أو كلمة تعليم. خذ هؤلاء مجالًا لخدمتك، وقل "ها أنا والأولاد الذين أعطانيهم الرب" (أش 8: 18) (عب 2: 13). وإن كنت رب أسرة ومسئولًا عن هؤلاء الأطفال، تقول "أما أنا وبيتي، فنعبد الرب" (يش 24: 15).
لذلك فالإنسان الذي لم يستطع أن يدبر أهل بيته حسنًا، لا يصلح أن يكون كاهنًا.
لأن هذا هو أحد الشروط التي اشترطها الكتاب فيه، إذ يقول "يدبر أهل حسنًا". له أولاد في الخضوع بكل وقار" (1 تي 3: 4). ويتابع الرسول فيقول "وإنما إن كان أحد لا يعرف أن يدبر بيته، فكيف يعتني بكنيسة الله؟!" (تي 3: 5). إذن موضوع الشهادة في البيت أمر هام.
فالأم إشبينة لابنها في وقت العماد.
استلمته من الكنيسة لتربيه في خوف الله، وتدربه علي حياة الفضيلة، وتعلمه الصلاة والترتيل ثم الصوم حينما يكبر، وتعطيه القدوة الصالحة، وتجعله يحب الكنيسة وكل ما فيها.. ثم تدربه في نضوجه علي الاعتراف والتناول.. وكذلك الأب يقف أمامه قول الرب في سفر التثنية "ولتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم علي قلبك، وقصها علي أولادك. وتكلم بها حين تجلس في بيتك.." (تث 6: 6، 7). هذا من الناحية الإيجابية. أما من الناحية السلبية، فإن الرب الذي يثور في البيت، ويشتم ويتشاجر، فإنه يكون عثرة لأولاده في روحياتهم.. وينطبق عليه عقاب الرب للذين يعثرون الصغار (مت 18: 6)..
يمكنك أيضا أن تشهد للرب وسط أصدقائك ومعارفك..
وسط زملائك في العمل، وفي أماكن نشاطك كلها. تقدم شهادة للروح الطيبة، للحياة الفاضلة. لعفة اليد، وعفة اللسان، وحسن التعامل مع الآخرين. وتقدم مثالًا للمحبة التي تعطي وتبذل وتضحي، وتنقذ الآخرين وتساعدهم. بحيث كل إنسان يتعامل معك، يحب الحياة التي تحياها، ويمجد الله بسببك..
أنا لا أقصد بشهادتك للرب، أن تقيم نفسك معلمًا لغيرك".
و إنما أن تقدم لهم الأمثولة الطيبة للحياة الفاضلة. وإن سألوك عن شيء، تكون مستعدًا للإجابة في وداعة واتضاع قلب.. وهنا أنتقل إلي نقطة أخري وهي:
الشهادة للرب في محيط الخدمة.
هذا إذا دعتك الكنيسة أن تخدم، وقدمت لك مسئولية تقوم بها. وطبعًا ليس كل إنسانًا خادمًا في الكنيسة. ولكن لاشك أن المسئولين فيها إن وجدوا فيك الغيرة المقدسة وروح الخدمة والاستعداد والإمكانيات، لا بد أن يستخدموك. وإن لم تكن لك خدمة رسمية، يمكن أن تزور المرضي، وأن تعزي الحزانى. وفي كل مناسبة كهذه أو غيرها، تقول كلمة طيبة حسبما يعطيك الرب أن تقول، لا كعظة إنما كعزاء.. وتذكر في حياتك الروحية وفي صلتك بالناس قول الرب:
"كل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا، تقطع وتلقي في النار" (مت 7: 19).
و هكذا قال المعمدان أيضا (مت 3: 10). والثمر الذي تصنعه، بعض منه خاص بك، والبعض خاص بغيرك ممن تشهد للرب في حياتهم، وتقودهم لحفظ وصاياه. وثق أنك إن عملت في هذا الميدان سوف يعطيك الرب مواهب والإمكانيات. فهو يقول عن الغصن المثمر "كل ما يأتي بثمر، ينقيه ليأتي بثمر أكثر" (يو 15: 2).
ما أعمق حياة الذين شهدوا للرب وأتوا بثمر كثير..
يونان النبي يدخل الملكوت، وخلفه 120 ألفًا من أهل نينوى. والقديس الأنبا أنطونيوس يدخل ربوات ربوات من الرهبان والنساك والقديس بولس الرسول يدخل إلي الملكوت، وخلفه مدن كثيرة كرز فيها باسم الرب.. وأنت ماذا فعلت؟ من ستدخله معك إلي الفردوس؟
الإنسان الروحي له رسالة مع كل شخص يدفعه الرب إلي طريقه، كما فعل فيلبس مع الخصي الحبشي.
لقد قابله في الطريق، فرافق مركبته. وانتهي الأمر بأن اَمن ذلك الخصي علي يديه، فعمده، ومضي ذلك الرجل في طريقه فرحًا (اع 8: 26-39). وكم من أشخاص القاهم الرب إلي طريقك، ولم تفعل شيئًا لأجلهم، بينما كان الصوت يرن في أذنيك "تقدم ورافق هذه المركبة" (أع 8: 29). زملاؤك وجيرانك ومحبوك، وربما البعض ممن قابلتهم عفوًا، وكانوا يحتاجون إلي كلمة الرب من فمك. وكانت الفرصة متاحة، ولم تستغلها!!
هناك من يشهدون للرب بألسنتهم. وهناك من يشهدون له بطريق غير مباشر.
كمن يقدم لشخص كتابًا، ويقول له "ليتك تقرأ هذا الكتاب، فإنني قد استفدت منه كثيرًا".. أو يقدم لغيره شريط كاسيت أو فيديو.. أو يدعوه إلي اجتماع.. أو كأب كاهن مثلًا لا يجيد الوعظ، ولكنه يدعو إلي كنيسته وعاظًا مقتدرين يتأثر أولاده بعظاتهم. كما أنه يغذي مكتبة الكنيسة بكتب نافعة جدًا لأولاده - ويكون في كل ذلك قد شهد للرب بطريق غير مباشر..
يا ليت لقاءاتنا مع الناس، تكون فيها لمسة روحية..
ولو بطريقة غير مباشرة، لا تبدو مصطنعة أمام الناس. والخادم الروحي يستطيع أن ينتهز الفرصة التي يقدم فيها كلمة منفعة، أو يستشهد بآية لها تأثيرها، أو بقول أحد القديسين. ويكون قد قدم رسالة للسامعين، دون أن يبدو في موقف الواعظ. وأحيانًا تكون أمثال هذه الكلمات ذات تأثير أعمق، مع أنها تبدو كما لو كانت قد أتت عفوًا، في بساطة وفي حكمة ز
ليتك تأخذ هذا التدريب في لقاءاتك مع الناس..
ألا تستطيع أن تجد فرصة طوال يومك، تقول فيها كلمة يمكنها أن تثبت في قلوب سامعيك أوفي عقولهم؟!
أم يمر اليوم عليك عقيمًا، دون أن تشهد للرب. فيه شهادة واحدة..!!و دون أن يرد اسم الله علي فمك!
أنا أعرف أن الكتاب المقدس له استعمال في غرفتك الخاصة. ولكن هل له استعمال في علاقاتك الاجتماعية؟
و حينما تأتي المناسبة تخرج من كنزك -أي من محفوظاتك- جددًا وعتقاء، كما قال الرب (مت 13:52).. وهذا يحدث إن كان في ذاكرتك رصيد من الآيات لشتي المناسبات. وكانت لك النية لاستخدام ما في ذاكرتك. وكذلك إن كانت لك الحكمة في اختيار المناسبة..
كم من أناس لهم اشتياق أن يسمعوا. وللأسف لم يجدوا من يكلمهم، علي الرغم من اختلاطهم بخدام الكنيسة..!! وقد يعاشرون خدامًا سنوات وسنوات، ويكون الواحد منهم، متكلمًا ولطيفًا، ولكنه لا يتحدث عن الله.. كما لو كان يخجل أن يذكر آية، أو كلمة من أقوال الآباء، أو قصة من قصص القديسين، أو حديثًا عن فضيلة من الفضائل، أو نصيحة مفيدة.. وكأنه شجرة خضراء مملوءة ورقًا، ولكن بلا ثمر..!!
حاول أن تختبر هذا الأمر، أن تتكلم عن الله..
أن يكون في كلامك عمق روحي. أن تقصد توصيل رسالة من الله إلي الناس. وستري أن النتيجة ستكون طيبة جدًا. حتى لو استفاد كم كلامك شخص واحد من بين مجموعة، فهذه بركة ونعمة. لقد تحدث القديس بولس الرسول في أثينا. وتأثر بكلامه شخص وسط جمع من المستهزئين به، هو ديونسيوس الأريوباغي (أع 17: 34). وكان أول أسقف لأثينا فيما بعد..
رسالتك أن تلقي البذار، واترك الثمار لطبيعة الأرض.
فهكذا علمنا الرب في مثل الزارع (مت 13). وثق أن الذي لا تثمر فيه كلمتك اليوم، ربما تثمر بعد حين، حينما تهيئ نعمة الرب أرضه للإثمار. استمع إلي قول الكتاب "الق خبزك علي وجه المياه، فإنك تجده بعد أيام كثيرة" (جا 11: 1). لماذا لا يكون الرب علي لسانك، ويشغل جزءًا من أحاديثك؟! ولماذا لا تكون لك الغيرة المقدسة التي تدفعك دفعًا إلي العمل في ملكوت الله، والشهادة للرب في عالم مظلم؟ استمع قول الرسول:
"من رد خاطئًا عن ضلال طريقه، يخلص نفسًا من الموت، ويستر كثرة من الخطايا" (يع 5: 20).
حاول إذن أن تعمل في هذا المجال، بدلًا من أن تسمع عن الخطاة، فتنقدهم وتشر بهم، أو تحتقرهم، دون أن تعمل علي خلاص احد منهم!! أو إن شهدت للرب في حياتهم، تشهد لما ينتظرهم من جهنم النار، دون أن تفتح باب التوبة أمامهم، وتختطفهم من النار لتخلصهم (يه 23).
إن الشهادة لله ينبغي أن تكون في حكمة وفي حب..
استمع إلي القديس بولس وهو يقول "أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا، اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ،" (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 6: 1). المعني قال بولس الرسول لشيوخ أفسس الذين استدعاهم من ميليتس "لم أفتر أن أنذر بدموع كل أحد" (أع 20: 31).
و لتكن شهادتك للرب مقنعة ومشبعة ودسمة.
تستطيع أن تجذب بها نفوس الناس، فيفرحون بما يسمعونه من كلامك. كما قال سمعان بطرس للسيد المسيح "إلي من نذهب؟! وكلام الحياة الأبدية هو عندك" (يو 6: 68).
و ثق أنك في شهادتك للرب، سوف تستفيد أنت أيضًا.
سوف تنمو في الروح، وفي معرفة كلمة الرب. وسوف تدخل في شركة الروح القدس، حينما يتكلم روح الله من فمك (مت 10: 20). وستجد نفسك مدفوعًا إلي تنفيذ ما تقوله لغيرك. وينطبق عليك قول الرسول: "تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا" (1 تي 4: 16). وسيدخل في حياتك عنصر الحب: حب الله وملكوته، وحب الناس. وحينما تري ثمر خدمتك في الناس، سيدخل الفرح إلي قلبك. كما انك سوف تكتسب خبرات روحية في الخدمة وعمل الله فيها وفيك. وستدفعك الخدمة إلي الصلاة، فتصلي لأجل المخدومين ولأجل نفسك.. وهكذا تنمو روحيًا..
في شهادتك لله، أتراك إذن تعطي أم تأخذ؟
لا شك أنك تأخذ أكثر مما تعطي. فإلي جوار كل ما ذكرناه من فوائد روحية، ستأخذ أيضًا أكاليل لجهادك (2 تي 4: 8). وسيكون لك شرف العمل مع الله (1 كو 1: 8). ويمنحك الله نقاوة ليكثر ثمرك، لأنه قال "أنقيه ليأتي بثمر أكثر" (يو 15: 2).

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:32 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
ازدواج في الشخصية

العجيب أن كثيرًا من الخدام عندهم ازدواج في الشخصية:
فهم في محيط الخدمة بطريقة، وداخل الأسرة بطريقة أخرى عكسية.
في مدارس الأحد: ملاك طاهر، إنسان لطيف، بألفاظ كلها اتضاع ورقة، كأن يقول "صلوا من أجلي، أنا الخاطئ، أنا الضعيف، غير المستحق".. أما داخل الأسرة، فهذا الخاطئ غير المستحق يبدو علي حقيقته، الغضب والعنف، وربما الانتهار والشتيمة والضرب..! لذلك فالشخص الذي يرشح للكهنوت من الخدام، لا تكفي فكرة زملائه الخدام عنه، إنما أيضًا رأي أفراد أسرته فيه.. ربما يحاول أن يكون قدوة خارج الأسرة، ولكنه في أسرته غير ذلك. قد يفتقد ويخدم الكثيرين خارج الأسرة. ولكن لا خدمة له داخل أسرته.
و أحيانًا يخدم داخل أسرته، فيتحول إلي رقيب علي كل أحد، عنيف في رقابته، معلم ومؤدب، يأمر وينهي، بطريقة تنفر من الدين.
أتذكر خادمًا أيامنا، رأي عند أخته في البيت أدوات مكياج، فثار عليها، وشتمها وصفعها علي وجهها، وألقي بأدوات المكياج من البلكون!! فهل هذا أسلوب روحي في الخدمة؟! وهل هذه طريقة تجعل أخته تحب التدين، أو تحترم خدام الكنيسة.. بل لا مانع عند مثل هذا (الخادم) من أن ينتهر أباه وأمه، إن كان تصرف أحدهما لا يعجبه.
فهو إما انه لا يخدم الأسرة، أو يخدم بكبرياء وعنف.
و قد ينطوي علي نفسه داخل أسرته، ويشكو من أنه يعثر من الأسرة، وأنه علي يعثر من الأسرة، وأنه علي خلاف بينهم في كل المبادئ الروحية.وقد يحدث أن أسرته تمنعه من الخدمة ومن الكنيسة، لأنها تري أن (تدينه) قد حوله إلي الصلف وإلي العنف، والبعد عن المحبة واللطف. أو تري أنه قد أهمل دروسه وواجباته بحجة الخدمة ومواعيدها ومتطلباته.. بل أن أسرته هي التي تعثر منه ومن تصرفاته! هنا ونسأل -من الناحية الإيجابية- عن كيفية الخدمة داخل الأسرة..

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:34 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
الخادم داخل الأسرة

1- بالتعاون مع أهل البيت:
هناك خادم يعطي درسًا عن السامري الصالح في مدارس الأحد. ولكنه لا يكون سامريًا صالحًا في بيته. إن الدين ليس مجرد معلومات تلقي علي الناس، إنما هي حياة نحياها.. لذلك كن خدومًا ومتعاونًا في البيت. تدخل البيت، فلا تجد والدتك قد انتهت من تجهيز الطعام بعد.. فلا تغضب ولا تلقي محاضرة في حفظ المواعيد، إنما أدخل وساعدها في تجهيزه، كن معها أيضًا في إعداد المائدة. وإن انتهيت من تناول طعامك، فلا تتركهم يحملون بقاياك ويغسلون أطباقك. وإنما اشترك في ذلك. هل الأمر يكلفك بضع دقائق؟ إنها شيء بسيط تساهم به في مساعدة والدتك وأخواتك. بل تنال بركة دعاء الوالدة ومحبتها لك لأنك تساعدها ولا تتركها وحدها.
بعض (الخدام) لا يكتفون بعدم تعاونهم في خدمة البيت، بل يحملون أهل البيت ثقلًا في خدمتهم.
يستيقظون من النوم، ويخرجون إلي العمل، ويتركون كل شيء مبعثرًا في حجرتهم، لمن يتولي عنهم ترتيبه! لماذا لا ترتب فراشك حالما تستيقظ من نومك؟ ولماذا لا ترتب ملابسك ومكتبك قبل أن تخرج من البيت. لماذا تعتبر أن الخدمة هي فقط تحضير الدروس وإلقاؤها. ألست الخدمة هي أيضًا التعاون مع أهل البيت؟
لماذا لا تتعاون مع أخوتك الصغار في أن تشرح لهم دروسهم.
أو تساعدهم في ما يحتاجون إليه. وهكذا يحبونك ويتعلقون بك. وبهذا الحب يمكنك أن تفيدهم روحيًا. لماذا لا تتعلم بعض الهوايات التي تستطيع بها أن تصلح بعض الآلات الكهربية في البيت أو ما يشابهها، فتساعدهم اقتصاديا بدلًا من إنفاقهم علي ذلك؟

2- نقطة أخري في خدمتك للبيت هي البشاشة والمحبة.
كن في بيتك بشوشًا، تشيع جوًا من البهجة والفرح في البيت، وتجعل الكل يحبونك، وبخاصة الصغار، بوجهك البشوش الحلو، وبابتسامتك اللطيفة، وما تقصه علي أخوتك من حكايات وألغاز، بمرحك ولطفك.. ولا تكن مثل أولئك الذين لا يحفظون من بستان الرهبان غير عبارة "ادخل إلي قلايتك وابك علي خطاياك"، ولا يحفظون من الكتاب المقدس سوي قول الحكيم "بكآبة الوجه يصلح القلب" (جا 7: 3). وهؤلاء يكتفون فقط بحياة التجهم والكاَبة والتزمت والبكاء، بل يريدون أن يكون كل أهل البيت مثلهم مكتئبين!!
و يشيعون أن الضحك خطية! ويلومون كل من يضحك!
و إن ضحك أهل البيت، يعتبرون هذا منهم انحلالًا!! وينسون قول الكتاب "وللضحك وقت" (جا 3: 4)، وقول الكتاب "افرحوا في الرب كل حين، وأقول أيضا افرحوا" (في 4: 4). وإن من ثمار الروح "محبة فرح سلام" (غل 5: 22).إن القديس أرسانيوس أشتهر بالدموع، ولكنه أمام الناس كان بشوشًا. فلا تجعل أهل بيتك يتصورون أن كل من يدخل في الحياة الدينية، تتحول حياته إلي كآبة، لئلا يخافوا من التدين بسببك!! بل أعطهم فكرة عن البشاشة الروحية وسلام القلب!!
3- نقطة ثالثة في خدمتك للأسرة هي احترامك للكل.
احترس من أن يكبر قلبك بسبب تدينك، فتحتقر الآخرين أو تدينهم، أو أن تكلمهم من فوق..! لأن كثيرين حينما دخلوا إلي محيط الخدمة، وضعوا في ذهنهم لافتة مكتوب عليها "عظ، وبخ، انتهر" (2 تي 4: 2). وبهذا الانتهار أصبح أهل البيت يحترسون من ألفاظهم القاسية، وتعبيراتهم الخالية من الاحترام بالنسبة إلي الكبير والصغير. وينسون أن هذه العبارة قد أرسلها القديس بولس الرسول إلي تلميذه تيموثاوس الأسقف، وذكر له الأسلوب "بكل أناة وتعليم" (2 تي 4: 2).
فهل أنت تقيم نفسك أسقفًا للبيت، أم أنت مجرد خادمًا؟
و حتي الأسقف لا يكون دائم التوبيخ، بل قيل له بالنسبة إلي الكبار "لا تنتهر شيخًا، بل عظه كأب، والعجائز كأمهات، والأحداث كأخوة.." (1 تي 5: 1) بل قيل عن الأسقف أيضًا أنه يكون محتشمًا حليمًا غير مخاصم (1تي 3: 2، 3) ولا يكون غضوبًا (تي 1: 7)..
فلا تجعل محبة الخدمة تخرجك عن فضيلة الأدب واحترام الغير.
و الرسالة الروحية التي تريد أن تنقلها إلي الآخرين، قدمها لهم بكل محبة ولطف واحترام، وفي عفة اللسان، وبتواضع القلب.. حتى أخوتك الصغار، إن طلبت منهم طلبًا، وقلت للواحد منهم "عن إذنك.. لو تسمح.. ممكن كذا".. هو نفسه سيتعلم منك هذا الأسلوب الرقيق، ويستخدمه في حديثه مع غيره، وبهذا تكون قد خدمته عن طريق القدوة العملية.
حاول في خدمتك العائلية أن لا تجرح شعور أحد.
و لا تتكلم بكلمة تجرح شعور إنسان. بل احترم الكل، فيحترمونك ويتعلموا منك احترام غيرهم، ويتعلموا أيضًا اللطف في الحديث، وأدب التخاطب، والنصح الهادئ. وإن كانت هناك نصيحة تقدمها لأبيك أو أمك، أو من في مستواهما، فاحرص جيدًا ألا تتكلم كمعلم..! احتفظ بتوقير من هو أكبر منك سنًا أو مقامًا.

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:35 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
كيف تخدم داخل أسرتك

4- يمكنك -بالنسبة إلي الكبار- أن تقدم التعليم غير المباشر.
كأن تحكي قصة هادفة من قصص الآباء، أو تأملًا في آية معينة دون أن توجهها إلي أحد معين، أو خبرة لحكيم، أو فكاهة لطيفة تؤدي نفس الغرض، مع حذف كل عبارة موجعة يتصادف وجودها في ما تقصه من القصص. واحذر من أن تجلس إلي أبيك وتقول له "أريد يا بابا أني أكلمك كلمتين من أجل خلاص نفسك؟.. كما لو كان خلاص نفسه في خطر، أو كان هالكًا يحتاج إليك أن تنقذه.. بل يمكن أن تحكي قصة لأخوتك الصغار، ويسمعها أبوك عفوًا أو قصدًا..
5- يجب في خدمتك العائلية أن تتصف بالتواضع والحكمة.
لا شك أن الحكمة تعلمك التواضع، وتعلمك الأسلوب المهذب الذي تتكلم به. ولا تظن أنك لكي تصلح الكبار تتجرأ عليهم، أو لكي تصلح الصغار تتسلط عليهم. ولا تستخدم أسلوبًا -فيما تحاول به أن تخلص غيرك- تهلك نفسك. كن صغيرًا باستمرار في محيط أسرتك. لا تشعرهم فيما تقدمه من نصائح، أنك أصبحت أوسع منهم فكرًا، وأكثر معرفة، أو أنك أكثر منهم روحانية، وأنفي منهم قلبًا..!
إنك بهذا الأسلوب المتعالي، تخسر صداقتهم، وتخسر نفسك.

ماذا تستفيد إن كانت طريقتك في الخدمة قد علمتك السيطرة، وعودتك علي الغضب والانتهار وقساوة القلب، وأوجدت حاجزًا بينك وبين قلوب الآخرين؟! تعلم إذن البشاشة واللطف، قبل أن تبدأ أية خدمة. وأعرف أن كل نفس حساسة، وعليك إذن أن تراعي حساسيتها في خدمتك لها.
6- اعرف أن عملك هو الإقناع وليس الإرغام.
أنت مجرد شاهد للحق، كما أمرنا الرب قائلًا "تكونون لي شهودًا" (أع 1:8).أما أن ترغم أهلك وأخوتك علي السلوك السليم، فليس هذا هو عملك. بل إن الله نفسه قال للشعب "أنظر قد جعلت اليوم قدامك الحياة والخير، والموت والشر.. قد جعلت قدامك الحياة والموت، البركة واللعنة، فاختر الحياة كي تحيا" (تث 30: 15، 19)، فإن أقنعتهم بالخير، وفعلوه باختيارهم، ينالون أجرهم علي ذلك. أما إن فعلوا الخير اضطرارًا بضغط منك، وبدون اقتناع، فأي أجر ينالونه؟!
لا تظن خدمتك أن تنصح، وترغم، ويتوبخ، وتهدد، وتعاقب.
ليس هذا هو أسلوب خدمة تتخذه مع أخوتك الصغار أو أخواتك، أو مع الكبار بأسلوب اقل. وإلا فسوف تقول الأسرة عنك "ليته ما دخل في محيط الخدمة. لقد كان قبل ذلك أكثر لطفًا وحبًا واحترامًا لغيره.. في خدمتك لا تفقد أحدًا حريته، إنما ساعده أن تتجه حريته نحو الخير. ساعد أفراد أسرتك أن يحبوا الله. وإن أحبوه سوف يحبون الخير، وسوف يفعلون الخير تلقائيًا، دون إرغام، ودون توبيخ. وستكون إرادتهم قد تطهرت..
7- وفي خدمتك احترس من الحرفية في التعليم.
لا تكن فريسيًا في تعليمك، سواء في داخل البيت أو خارجه. ونذكر بهذه المناسبة موقفك من وسائل الترفيه في داخل الأسرة أو في خارجها. لا موقفًا حرفيًا يكون سبب نكد وعكننة علي الأسرة كلها، ولا موقفًا متسيبًا لا قدوة فيه ولا ضوابط. إنما تصرف فحكمة، بخط واضح سليم بين الخير والشر، بحيث تكون مقنعًا، لا متطرفًا في رأيك، ولا مستبدًا بفكرك بدون إقناع.
من حقهم أن يكون لهم ترفيه. ومن واجبهم أن هذا الترفيه يكون نقيًا بلا خطأ.
لا تعاملهم كرهبان أو نساك زاهدين. وأيضًا نبههم إلي مواضع الخطأ، بحكمة وباستمرار أعط صورة مشرقة عن تدينك. لا تقدم لهم الدين كدواء مر يجب عليهم أن يشربوه لكي يشفوا ويصحوا، إنما قدمه كمتعة روحية لهم. ولا مانع من أن يتدرجوا في ذلك. كما فعل الآباء الرسل مع الداخلين في الإيمان من الأمم (أع 15: 28، 29). وكما قال القديس بولس الرسول لأهل كورنثوس "سقيتكم لبنًا لا طعامًا، لأنكم لم تكونوا بعد تستطيعون" (1 كو 3: 2).
8- قدم لهم في خدمتك، أنموذجًا بنجاحك في حياتك.
سواء في حياتك الدراسية بتفوقك الذي تفرح به أسرتك، أو في حياتك الاجتماعية بكونك موضع محبة وثقة الآخرين، أو في حياتك الروحية بكونك بلا لوم، لا يمسك عليك أحد خطأ، أو في حياتك العملية بصفة عامة. إن رأوك هكذا مثالًا طيبًا، يحترمون حياتك، وبالتالي يحترمون أيضًا أسلوبك ومبادئك، فيتخذونك قدوة لهم. وهكذا تكون قد جذبتهم عمليًا إلى طريق الرب الذي احبوه في حياتك. تحبك أسرتك، وتفتخر بك، وتقبل كلامك إن تحدثت عن الله. وإن دعوتهم إلي الكنيسة، يذهبون معك. بل قد تجد أباك يقول لأخيك الصغير "تعلم من أخيك فلان، وانظر كيف هو ناجح ومحبوب ولا يخطئ في شيء.
حينما تكون ناجحًا ومتفوقًا، وتأخذ حق الله من نفسك، قبل أن تأخذه من غيرك، حينئذ تكون موفقًا أيضًا في خدمتك لأسرتك.
لأنك ستكون إنسانًا متوشحًا بالفضيلة، ولست مجرد متحد عن الفضيلة. وسوف تكون درسًا لغيرك، حتى لو كنت صامتًا لم تتحدث..
9- يمكنك بعد كل هذا أن تلقي كلمة الله.
ابدأ بأخوتك الصغار. إنهم يحبون الحكايات وسيحبونك جدًا إن سمعوا منك حكايات، من الكتاب، من سير القديسين، من قصص الحيوانات، من أخبار التاريخ.. وأيضًا هم يحبون الأناشيد. علمهم تراتيل وألحانًا. حفظهم أيضًا آيات من الكتاب، وقدر لهم مسابقات وألغازًا.. وسوف يكونون فصلًا خاصًا لك. حتى لو بدأت بطفل واحد، ثم جر وراءه أطفالًا من فروع الأسرة، أو من أصدقائها وجيرانها. وسيأتي وقت تحب والدتك أن تسمع حكايتك، منهم أو منك. وكذلك والدك.. ويمكن أن تكون الحكايات أثناء الجلوس علي المائدة، أو في حجرة المعيشة، مقدمة للأطفال، وسيسمعها الكبار معهم، بطريق غير مباشرة.
10- العبادة في محيط العائلة:
يمكن للأسرة المتدينة، أن يكون لها عبادة مشتركة، بصفة عامة أو جزئية.. إنه موضوع يحتاج إلي مقال خاص.

Mary Naeem 05 - 02 - 2014 05:36 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
نصائح لخدمة أسرتك

1- لا تكن عثرة للأسرة بل اجعلهم يحبون التدين في شخصك. ويحترمون أسلوبك في الحياة.
2- كن لطيفًا في ما تقدمه من نصائح. وابعد عن روح الكبرياء والتسلط. بل احترم الكل.
3- لا تحاول أن تفرض عليهم جوا من الخشوع الإجباري، أو جوًا من التزمت والتضييق.
4- كن حكيمًا في أصوامك، ولا تسبب قلقًا للأسرة. ولا تجعلها تشكو خوفًا عليك، فينكشف صومك خارج الأسرة.
5- كذلك كن حكيمًا في عبادتك وخدمتك، ولا تدعها تؤثر علي حياتك الدراسية، ولا علي مسئولياتك العائلية.

اوفا 05 - 02 - 2014 05:39 PM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
ربنا يبارك مجهودك وتعبك

Mary Naeem 06 - 02 - 2014 08:31 AM

رد: كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني
 
شكرا على المرور


الساعة الآن 03:14 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025