![]() |
كتاب المحبة قمة الفضائل
كتاب المحبة قمة الفضائل البابا شنوده الثالث قصة هذا الكتاب |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
ما هي المحبة المحبة هي قمة الفضائل كلها هي الفضيلة الأولى. عندما سأل السيد المسيح ما هي الفضيلة العظمي في الناموس قال هي المحبة: تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل قوتك (تث 6: 5). والثانية مثلها (تحب قريبك كنفسك) ثم ختم بقوله: (بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء مت 22: 35 -40) أي أن كل الوصايا تتجمع في المحبة.. ** إذا المحبة هي جماع الفضائل كلها. وقد قال القديس بولس الرسول في هذا وما غاية الوصايا فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح (1تي 1: 5) ولذلك صدق القديس أغسطينوس حينما قال تحب ثم تفعل بعد ذلك ما تشاء. ** وقد جعلها الرسول أعظم من الإيمان والرجاء والنبوة. https://st-takla.org/Gallery/var/albu...ne-Another.jpg فقال (أما الآن فيثبت الإيمان والرجاء المحبة، هذه الثلاثة، ولكن أعظمهن المحبة) (1كو 13:13) وفي شرح ذلك قال إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاس يطن أو صنجًا يرن وأن كان لي نبوة وأعلم جميع الأسرار وكل علم وان كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلست شيئًا (1كو 13: 1-3) إذن ما أعجب هذا المحبة التي هي أعظم من الإيمان الذي ينقل الجبال. والمحبة هي أولي ثمار الروح. وبالتالي هي دليل عمل الروح فينا قال الرسول (وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أنآه).. (غل 5: 22). وهكذا وضعت المحبة أولا ولا شك أن الذي يمتلئ قلبه بالمحبة لابد سيمتلئ بالفرح وإذ عاش في حب وفرح سيحيا بالتالي في سلام. ** والمحبة هي آخر وصية أعطها الرب لتلاميذه. قال لهم (وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضًا بعضكم بعضا) (يو 13: 34) كيف أحبهم هو يقول الكتاب (إذا كان قد أحب خاصته اللذين في العالم أحبهم حتى المنتهي يو13:1) وأيضا أحبهم فبذل ذاته عنهم هذه هي المحبة التي طلبها الرب. **والمحبة المطلوبة منا هي صدي لمحبة الله لنا. وعن هذا يقول الرسول (في هذا هي المحبة ليس أننا نحن أحببنا الله بل أنه هو أحبنا وأرسل ابنه كفارة لخطايانا) (1يو 4: 10) حقا أن الله قد أحبنا قبل أن نوجد ومن أجل ذلك أوجدنا فوجدنا هو ثمرة محبة الله لنا حينما كنا في عقله فكرة وفي قلبه مسرة. ** مادام الله محبة ونحن صورة الله ومثالة (تك 1:26-27) إذن لأبد أن نكون محبين مثله. وإلا في حالة عدم وجود المحبة فينا لا نكون علي صورة الله بل نكون قد فقدنا الصورة الإلهية التي خلقنا بها كذلك نحن أولاد الله والابن لابد أن يشبه أباه وان شابهناه كأبناء لله لابد أن المحبة ستملأ قلوبنا وتفيض من وجوهنا ومن أعيننا ومن ملامحنا وتظهر في تصرفاتنا وفي كل أعمالنا ويقول الناس عنا حقا هؤلاء هم أولا الله وهم علي مثالهم في الحب (بهذا أولاد الله ظاهرون) (1يو 3: 10). ** والسيد المسيح جعل المحبة علامة التي تميز تلاميذه. فقال (بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي وأن كان فيكم حب بعضكم نحو بعض) (يو 13: 35) والقديس يوحنا الرسول جعل المحبة العلامة للميلاد من الله فقال (كل من يحب فقد ولد من الله ويعرف الله ومن لا يحب لم يعرف الله لان الله محبة) (1يو 14: 7-8). هناك أنواع من المحبة نحب الله ونحب الناس ونحب الخير. وأن الدين هو رحلة حب نحو قلب الله وتعبر في طريقها علي قلوب الناس والمحبة هي الرباط المقدس الذي يربط الناس بالله، أنها جوهر الدين والتدين ونحن لا نستطيع أن نصل إلى محبة الله دون أن نحب الناس وهكذا قال الكتاب الذي لا يحب أخاه الذي يبصره فكيف يحب الله الذي لا يبصره (1يو 4: 20) ومحبتنا للناس تلد في القلب العديد من الفضائل تلد الثقة والتعاون والعطاء والبذل والصداقة والتضحية والسلام مع الغير. المحبة هي خروج من الذات إلى الغير. بحيث تنسي ذاتك وتذكر غيرك تخرج من الأنا فلا تسمح لها أن تحصرك داخلها فلا تعيش داخل الأنا وإنما داخل قلوب الناس تحيا لأجل الغير وتري خيرة بعضا من خيرك بل تري خيره قبل خيرك، وهكذا تحب الغير وتحب له الخير. والحب شيء غير الشهوة تمامًا. الحب دائما يريد أن يعطي والشهوة تريد دائما أن تأخذ الشهوة ممتزجة دائما بالأنا بالذات أما الحب فيمتزج بإنكار الذات لأجل الغير والحب الحقيقي لابد أن يمتزج بالطاهرة والنقاوة كما يمتزج أيضًا بالطاهرة كما يمتزج أيضًا بالحق فأن خرجت المحبة عن الحق أو أن الطاهرة تكون محبة ضارة والمحبة الضارة لها معنا موضوع خاص ليس مجاله الآن. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
أزلية المحبة المحبة الكلية، هي الله نفسه. الله هو الحب الكلي. الحب الذي لا يحد، الذي كله قداسة. لذلك من ليس فيه حب، ليس الله فيه. ولذلك فإن أولاد الله مشهورون بالمحبة، لأن الله يسكن فيهم وفي شرح كل ذلك، قال القديس يوحنا الرسول "الله محبة". ومن يثبت في المحبة، يثبت في الله، والله فيه (1 يو 4: 16). المحبة موجودة منذ الأزل، واستمرت قبل الخطية. أزلية المحبة واضحة لأن الله محبة، والله أزلي. ومن محبة الله لم يشأ أن يكون وحدة، لذا من جوده وكرمه أوجد مخلوقات تحيا معه. فخلق الملائكة قبلنا. وكانت المحبة تربط الملائكة بعضهم ببعض. وكما قال أحد الآباء "لو وقف عسرة آلاف من الملائكة معًا، لكان لهم جميعًا رأي واحد".. وكما كان الملائكة يحبون بعضهم بعضًا هكذا كانوا يحبون الله أيضًا (وقبل خطية إبليس) ولذلك يقول داود النبي في المزمور (باركوا الرب يا ملائكته المقتدرين قوة، الفاعلين أمرة عند سماع صوت كلامه) (مز 103: 20). وهكذا كانت المحبة هي الأصل في العلاقات الإنسان الأول. كانت المحبة كاملة بين الله والإنسان قبل الخطية،وكانت المحبة بين آدم وحواء طاهرة نقية، فيها التعاون والثقة. بل كانت المحبة كائنة بين آدم والحيوانات. لا هو يصيدها، ولا هي تؤذيه.. وفي ظل المحبة لم يكن يوجد الطبع الوحشي والافتراس في صفات بعض الحيوانات، بل كان الكل أليفًا.. وكان آدم يحب الحيوانات، ويسميها بأسماء. ونفس الوضع تكرر في قصة أبينا نوح والفلك. حيث كان الفلك يعي جميع الحيوانات، وهو الذي ادخلها إليه، وكان يرعاها فيه. إذن المحبة هي الأصل، والبغضة دخيلة. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المحبة الحقيقية والمحبة الحقيقية لها قوتها ولا تنهار. يقول الكتاب "المحبة قوية كالموت.. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة، والسيول لا تغمرها. إن أعطي الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة، تحتقر احتقارًا" (نش 8: 6، 7) ويقول الرسول "المحبة لا تسقط أبدًا" 1كو 13: 8. لهذا فكل فضيلة تؤسس علي المحبة، تكون راسخة. وكل علاقة تبنى علي المحبة تبقي قوية ولا تتزعزع، ولهذا قال الرب: "يا ابني أعطني قلبك" (أم 23: 26). إن الله يريد القلب، يريد الحب، وليس مجرد الشكليات والمظاهر الخارجية. فالعبادة الخالية من الحب، قد رفضها الله. وقال "هذا الشعب يكرمني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عني بعيدًا" (أش 29: 13)، (مت 15: 8). وقال للشعب الذي يصلي ويقدم ذبائح، بينما لا يحب الله زلا القريب (لا تعودوا تأتون إلى بتقدمه باطلة. رؤوس شهوركم وأعيادكم أبغضتها نفسي، صارت علي ثقلا، مللت حملها. فحين تبسطون أيديكم، استر وجهي عنكم وإن أكثرتم الصلاة، لا أسمع. أيديكم ملآنة دمًا) (أش 1: 13- 15). ** المحبة الحقيقية ينبغي أن تكون محبة عملية. https://st-takla.org/Gallery/var/resi...on-to-John.jpg وفي هذا قال القديس يوحنا الرسول (لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق) (1يو 3: 18). وقد ذكر لنا الرب مثل السامري الصالح، وكيف كانت محبته عملية، فيها الاهتمام والعناية والإنفاق (لو10). والله نفسه - تبارك اسمه - محبته لنا عملية، فيها الرعاية الكاملة. خلق كل شيء أولًا من أجلنا، ثم خلقنا بعد ذلك لنتمتع بأعمال عنايته. ولا يزال يرعانا. وفي عمل الفداء نقرأ عبارة "هكذا أحب الله العالم حتى بذل.." (يو 3: 16). وأيضا "ولكن الله بين محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة، مات المسيح لأجلنا" (رو5: 8). إذن فالمحبة التي لا تعبر عن ذاتها علميًا، ليست هي محبة حقيقية. **ومحبتا لله، يجب أن نثبتها علميًا بحفظ وصاياه ** فالله لا يقول فقط "يا ابني أعطني قلبك" إنما يقول بعدها مباشرة (ولتلاحظ عيناك طرقي) أم 23: 26. والسيد المسيح يقول (انتم أحبائي، إن فعلتم ما أوصيتكم به) (يو 15: 14) أن حفظتم وصاياي، تثبتون في محبتي. كما أني أنا قد حفظت وصايا أبي، واثبت في محبته (يو 15: 10) والذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني (يو 14: 21). ** فلا تقل إني أحب الله، بينما أنت تكسر وصاياه** هوذا القديس يوحنا الرسول يقول "من قال قد عرفته وهولا يحفظ وصاياه، فهو كاذب وليس الحق فيه، وأما من حفظ كلمته، فحقًا في هذا قد تكملت محبة الله" (1يو2: 4-5) (كل من يثبت فيه لا يخطئ لم يبصره ولا عرفه) 1يو 3: 6. فإن هذه هي محبة الله، أن نحفظ وصاياه. ووصاياه ليست ثقيلة (1 يو 5: 3). ** والمحبة لها صفات تميزها، شرحها الرسول ** فقال (المحبة تتأنى، وترفق، المحبة لا تحسد. المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ ولا تقبح، ولا تطلب ما لنفسها. ولا تحتد ولا تظن السوء ولا تفرح بالإثم، بل تفرح بالحق. وتحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر علي كل شيء. المحبة لا تسقط أبدًا) (1كو 13: 4- 8). أليست تري معي أنها منهج طويل شامل، وإن تناولناه بالتفصيل نقطة نقطة.. ** المحبة لابد أن تشمل محبة الخير ** ففعل الخير وحده لا يكفي، وربما لا يكون فضيلة. فهناك من يفعل الخير مجبرًا مضطرًا أو عن خوف.. وهناك من يفعل الخير لمجد أن ينال عنه مديحًا من الناس أو مكافأة.. ومن يفل الخير رياء لمجرد حب المظاهر. وغيره قد يفعل الخير وهو متذمر في قلبه. فظاهر شيء. وقلبه شيء عكس ذلك تمامًا. وأما الإنسان الفاضل فهو الذي يحب الخير، حتى إن لم تساعده إمكاناته علي فعله وإن فعل الخير لا يقصد من وراءه مكافأة. بل يجد لذة في فعل الخير، ويعمل ذلك حب.. الدافع الأساسي الذي يدفعه هو محبة الخير إن نقصت هذه المحبة، تنتج رذائل كثيرة. نقص المحبة يوجد البغضة والكراهية. وقد تتسبب عن ذلك أيضًا الشماتة والفرح بالإثم. وقد قال الكتاب "لا تفرح بسقوط عدوك، ولا يبتهج قلبك إذا عثر" (أم 24: 17). ومن نتائج نقص المحبة أيضا: الغضب والحقد. وقد يتطور الأمر إلى الشتيمة والضرب والقتل، والإدانة والتشهير وإشاعة المذمة. ومن نقص المحبة أيضًا الحسد والكبرياء والتعالي، وعدم الاحتمال، والقسوة.. أما نقص المحبة من جهة الله، فيظهر في أمور عديدة منها إهمال الصلاة والكتاب والكنيسة، وعد الشعور بالوجود "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. وإن أحب أحد العالم، فليست فيه محبة الآب. لأن كل ما في العالم شهوه الجسد، وشهوة العين، وتعظم المعيشة" (1يو 15: 16). وتدخل في محبة العالم أيضًا: محبة المال، ومحبة المجد الباطل، ومحبة المادة ومحبة الذات. وكل هذه ضد محبة الله وضد محبة الخير. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المحبة والفضائل إن المحبة لابد أن تتخلل كل فضيلة. وكل فضيلة خالية من المحبة، ليست فضيلة حقيقية. عطاؤك للفقير إن لم تكن فيه محبة، فهو ليس شيئًا. وخدمتك أن كانت خالية من الحب، ولا تكون خدمة مقبولة كذلك صلاتك يجب أن تمتزج بالحب، كما قال داود (باسمك أرفع يدي، فتشبع نفسي كما من شحم ودسم) (مز 63: 4) (محبوب هو اسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي) (مز 119). كذلك كل أنواع العبادة ينبغي أن تكون ممتزجة بالحب. فيقول المرتل عن الذهاب إلى الكنيسة (فرحت بالقائلين لي: إلى بيت الرب نذهب) (مز 122: 1) مساكنك محبوبة أيها الرب إله القوات، تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى بيت الرب (مز 84: 1) ويقول عن كتاب الله "فرحت بكلامك كمن وجد غنائم كثيرة" (كالعسل والشهد في فمي) مز 119 إن الله في يوم الحساب، سيفحص جميع فضائلنا ويكافئنا فقط علي ما فيها من حب. أما الفضائل الخالية من الحب، فليست محسوبة لنا. وأخشى أن تكون محسوبة علينا.. ولهذا قال الرسول "لتصر كل أموركم في محبة" (1كو 16: 14). حتى الإيمان، قال عنه الرسول "الإيمان العامل بالمحبة" (غل 5: 6).. الاستشهاد أيضًا، قدم الشهداء نفوسهم فيه، ومن أجل عظم محبتهم للرب، الذي أحبوه أكثر من الحياة، ومن الأهل، ومن العالم كله. وأحبوا أن ينحلوا من رباطات الجسد، ليلقوا بالله الذي أحبوه.. المحبة التي تدخل في كل وصية، حسب قول الكتاب "لتصر كل أموركم في محبة" (1كو 16: 14). والمحبة التي هي هدف كل وصية، كما قال أيضًا "وأما غاية الوصية فهي المحبة" (1تي 1: 5). والمحبة التي هي أعظم من كل وصية، كما ذكر الرب أنها الوصية العظمي في الناموس (مت 22: 36 - 40) وكما قال بولس الرسول (وأما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة. هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة) (1كو 13:13). ولم يقل فقط إنها أعظم من الأيمان العادي، بل أعظم من كل الإيمان الذي ينقل الحبال (1كو 13: 2) نعم , المحبة هي الوصية التي بها يتعلق كل الناموس والأنبياء (مت 22: 40) أي أنه لو أراد الله أن يلخص لنا كل الوصايا في واحدة لكانت هذه الوصية الواحدة هي المحبة.. هذه هي المحبة التي هي أفضل من جميع المواهب والمعجزات،لأنه بعد سرد الرسول قائمة بجميع المواهب، قال بعد ذلك "وأيضًا أريكم طريقًا أفضل" (1كو 12: 3) وإذا بهذا الطريق الأفضل هو المحبة.. كثيرون سيقولون للرب في اليوم الأخير "يا رب يا رب، أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعًا قوات كثيرة" فيجيبهم أني لم أعرفكم قط. ذلك لأن المعجزات ليست هي تخلص، وإنما المحبة. بل كل فضيلة خالية من المحبة، هي فضيلة ميتة لا روح فيها. بل تعد فضيلة من عير المحبة. المحبة التي هي أفضل من كل علم ومعرفة. لأن الرسول يقول "العلم ينفخ، ولكن المحبة تبني" (1كو 8: 1). مادامت الفضائل كثيرة جدًا، وأن جمعناها كلها أمام المؤمن، سيجد أمامه برنامجًا طويلًا جدًا.. فلنقل له: تكفيك المحبة. وإن أتقنتها، ستجد داخلها جميع الفضائل.. بل إن وصلت إلى المحبة، لا تحتاج إلى وصايا أخري، المحبة تكفيك وتغنيك. إن وصلت إلى المحبة تكون قد وصلت إلى الله. لأن الله محبة (1يو 4: 16).. ولو كانت فيك المحبة الكاملة، تكون قد ارتفعت فوق نطاق الناموس وفوق نطاق الوصايا. وإذا ملكت محبة الله علي قلبك فأنها تطرد منه الخطية وتطرد الخوف هناك كثيرون يجاهدون ويتبعون ويريدون أن يصلوا إلى الله ولا يعرفون بتداريب عديدة وبجهاد كثير وكلما يقومون يقعون ويستمر قيامهم وسقوطهم لماذا لان جهادهم لم يبن علي المحبة كالبيت الذي يبني علي الصخر (مت 7: 24) وبغير المحبة يصبح مجرد جهاد ظاهري لم يصل إلى العمق بعد. ** أما إذا وصلت إلي محبة الله فانك لا تخاف الخطية ** الخطية حينئذ لا تقدر أن تعيش في داخلك لأن محبة الله التي في داخلك هي نور بينما الخطية ظلمه. والنور يطرد الظلمة ولا شركة بين النور والظلمة (2كو 6: 14). محبة الله لا تتفق مع محبة الخطية فلا يمكن أن يوجدا معًا في قلب واحد. لذلك لا تجاهد ضد الخطية بدون محبة الله. حاول أن تدخل محبة الله إلى قلبك فتتخلص من الخطية بدون تعب. ** المحبة هي الميزان الذي توزن به أعمالنا في اليوم الأخير ** لا تقاس أعمالنا الخيرة بكثرتها، إنما بمقدار ما فيها من حب. لا تقل له مثلًا: أنا قد وقفت يا رب ثلاث ساعات أصلي. لأن الله سيجيبك: ليس المهم في مقدار الذي الوقت، وأنما في مشاعر الحب التي في قلبك أثناء الصلاة.. هل لك مشاعر داود المرتل الذي قال (محبوب هو اسمك يا رب فهو طول النهار تلاوتي) (مز 119). وقال أيضًا باسمك أرفع يدي، فتشبع نفسي كما من شحم ودسم. (مز 63: 4).. كذلك أنت في صلاتك، هل تكون في قلبك محبة الله الذي تصل لي أم لا؟ هل يكون قلبك متصل به أم لا؟ أعلم أن الصلاة الخالية من هذا المشاعر القلبية، ليست هي مقبولة عند الله، ولا تدخل إلى حضرته. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
لأنه: ما هي الصلاة في المفهوم الروحي؟ إنها ليست مجرد كلام موجه إلى الله أو حديث معه، أو مخاطبة له.. فهذا هو الشيء الظاهري. لكن المعني الحقيقي والباطني هو أن الصلاة هي محبة واشتياق إلى الله، للتمتع به.وهذه المحبة نحو الله هي التي تجعلك تصلي، وهي التي تدفعك إلى الحديث معه. إذا الكلام مع الله هو مجرد نتيجة الحب الموجود في القلب أو هو مجرد تعبير عن هذا الحب ** فإذن لم يوجد هذا الحب في قلبك ألا تكون صلاتك مجرد كلام لا يدخل إلى حضرة الله ** ألسنا نقول قي صلواتنا (فلتدن وسيلتي قدامك ولتدخل طلبتي إلى حضرتك) (مز 119). مثال ذلك صلاة الفريسي الذي كانت أطول من صلاة العشار ومع ذلك لم يخرج من الهيكل مبررًا مثلما خرج العشار (لو18: 14). لماذا؟ لأن صلاته لم تكن مقبولة إذ لم تكن فيها حب الله، بل كان فيها حب للذات ومديح لها في قوله أني لست مثل سائر الناس الظالمين الخاطفين الزناة. كما لم يكن في حب للغير إذ في صلاته أدان العشار قائلًا (ولا مثل هذا العشار). ** إذن في الصلاة: الحب هو الأصل، والكلام هو التعبير ** كما أن اللسان فيها يتحدث كذلك القلب أيضًا يتحدث. ومشاعر الحب التي في القلب، حتى بدون كلام، تعتبر. صلاة أما كلام الصلاة بدون حب، ليس هو صلاة.. وما أجمل مثال داود النبي الذي قال "كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه. هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله. عطشت نفسي إلى الله، إلى الإله الحي" (مز 42: 1-2). (يا الله أنت الهي، وإليك أبكر. عطشت نفسي إليك يشتاق إليك جسدي) (مز 63: 1) (متى أقف وأتراءى أمام الله) كنت أذكرك علي فراشي، وفي أوقات الأسحار كنت أرتل لك مز 63) (سبقت عيناي وقت السحر لأتلو في جميع أقوالك) (مز 119).. كل هذا حب واشتياق.. ** بعكس ذلك كان الفريسيون، الذين "لعلة كانوا يطيلون صلواتهم" مت 23: 14 ** صلوات طويلة، ولكنها غير مقبولة، لأنها خالية من الحب، وبالمثل أولئك الذين كانوا يصلون في المجامع، وفي زوايا الشوارع لكي. يراهم الناس (مت 6: 5). ماذا كان هدفهم من الصلاة سوي محبة المديح الباطل، وليس محبة الله. إنها الذات المريضة، التي لا يوجد بينها وبين الله صلة، حتى في الصلاة.. إن الله لا يريد الشفتين، بل القلب (مت 15: 8). وهو يقول باستمرار (يا ابني أعطني قلبك) (أم 23: 26). يريد قلبك في الصلاة، عامرًا بالحب نحوه، ونحو قريبك لذلك قال (إن قدمت قربانك قدام المذبح. وهناك تذكرت أن لأخيك شيئًا عليك، فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولا أصطلح مع أخيك. وحينئذ تعال وقدم قربانك (مت 5: 23- 24). إنه لا يريدك تتقدم إلى المذبح بغير حب ولا يقبل قربانك بغير حب.. ** لذلك اخلطوا كل أعمالكم بالحب. اخلطوا فضائلكم به ** إن كل عمل من أعمالك يخلو من الحب، إنما يخلو من قيمته ومن أهميته. ولا يكون هو عمل الله فيك. إن كان الله يعمل فيك، فالمحبة تعمل فيك، لأن الله محبة. حينئذ تكون كل أعمالك محبة، كما قال الرسول. "لتصر كل أموركم في محبة" (1كو 16: 14). حتى مشاكلكم تحلونها أيضًا في محبة علي قدر إمكانكم. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المحبة والعطاء العطاء مثلًا، يوزن بمقدار الحب الذي فيه. ليس بكثرة المقدار، وإنما بكثرة الحب. والعطاء المادي الذي تقمه، يجب أن تقدم فيه حب، يظهر في مشاعر قلبك. وفي ملامح وجهك، لأن المعطي المسرور يحبه الرب (2كو 9: 7). لأنة من الجائز أن إنسانًا يعطي بدون رغبة، وهو متضايق، أو وهو محرج أو مضطر أو مضغوط علية، أو وهو غير مقتنع بأن يدفع. فهو يعطي وهو متذمر في قلبه.؟ ليس مثل هذا العطاء مقبولًا عند الله. هناك فرق بين إنسان يعطي المساكين، وإنسان يحب المساكين فيعطيهم هذا الذي يحبهم هو الأفضل، حتى لو لم يكن له ما يعطيه.. لأن الله ينظر إلى القلب قبل اليد. أن أجمل ما في العطاء، أن تشعر بلذة وأنت تعطي، لا تقل عن فرح الذي تعطيه. إن الأم تشعر بفرح حينما يرضع طفلها منها. فهي تعطيه حبًا قبل أن تعطيه لبنًا، أو هي تعطيه الأمرين معًا.. كذلك من يعطي المحتاج عن حب، وبحب، ويفرح بإعطائه. وهنا يبدو الفارق بين الثراء الذي يعطي، والمحبة التي تعطي. أنك حينما تعطف علي شخص، أنما تشعر بلذة في العطف عليه، ربما أكثر من اللذة التي يشعر بها ذلك الشخص الذي نال العطف منك. فأنت تأخذ حينما تعطي، كما يأخذ الذي تعطيه. قال أحد الأدباء "سقيت شجيرة كوبًا من الماء. فلم تقدم لي عبارة شكر واحدة. ولكنها انتعشت فانتعشت". |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المحبة والخدمة https://st-takla.org/Gallery/var/resi...im-01-Fire.jpg كتاب المحبة قمة الفضائل - البابا شنوده الثالث هكذا الخدمة أيضًا: إن لم يدخلها الحب، لا نكون خدمة. السيد المسيح كانت معجزاته مخلوطة بالحب. فمثلًا في معجزة إشباع الجموع من الخمس خبزات والسمكتين, يقول الكتاب إنه (أبصر جمعًا كثيرًا فتحنن عليهم وشفي مرضاهم) (مت 14:14) وأيضًا (فتحنن عليهم، إذا كانوا كخراف لا راعي لها) (مر 6: 34). وحتى حينما روي قصة السامري الصالح، دقق علي هذه النقطة فقال (ولكن سامريًا مسافرًا جاء اليه، ولما رآه تحنن) (لو 10: 33) أن هذه العواطف لها أهميتها عند الرب. كثيرون خدمتهم مجرد نشاط، خالية من الحب. تشمل الكثير كم العمل والإنتاج والكثير من الإداريات والنظام، وربما من الروتين. ولكن بلا حب.. بينما الخدمة، في اصلها أنك تحب الله، وملكوته. وتحب أبناء الله، وتريد لهم أن يحبوا الله، وأن يدخلوا ملكوته. لذلك تبذل كل جهدك لتقوم بعمل محبة نحوهم. قبل إقامته لعازر من الموت، قيل عنه "بكي يسوع" (يو 11: 35). وفي إقامة ابن أرملة نايين، لما رأي هذه الأم الأرملة "تحنن علها وقال لها لا تبكي" (لو 7: 13) وفي شفاء الأبرص قيل (فتحنن يسوع ومد يده ولمسه) (مر 1: 41) وطهره وفي شفاء الأعميين في أريحا قيل (فتحنن يسوع ولمس أعينهما , فللوقت أبصرت أعينهما فتبعاه (مت 20: 34). وما أجمل ما قيل عن السيد المسيح، إنه أحب خاصته اللذين في العالم، أحبهم حتى المنتهي يو 13: 1. وقال لهم (لأ أعود أسميكم عبيدًا.. لكني قد سميتكم أحباء يو 15:15) (كما أحبني الآب، أحببتكم أنا. أثبتوا في محبتي يو 15: 9). وقال للآب عنهم: (عرفتهم اسمك وسأعرفهم، ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به، وأكون أنا فيهم) (يو 17: 26) وقال لهم عن رسالة الفداء التي جاء ليقوم به. (ليس لأحد حب أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه) (يو 15:13) كلام كله حب، ونفهم منه هذه الحقيقة. أن السيد المسيح علي الصليب كان ذبيحة حب. فتكلم عن الفداء، أنه مات عنا. وأنه قد حمل خطايانا، وأنه خلصنا. ولكن وراء كل هذا العمل، كان الحب (أحب.. حتى بذل) (يو 3: 16) أذن سبب التجسد الإلهي هو الحب، وسبب الفداء هو الحب. ويتحدث القديس يوحنا عن ذلك فيقول "في هذا هي المحبة، وليس أننا أحببنا الله، بل أنه هو أحبنا وأرسل أبنه كفارة لخطايانا" (1يو 4: 10) ولذلك نحن نقابل حبه بحب. وهكذا قال (نحن نحبه لأنه هو أحبنا قبلًا) (1يو 4: 19) وكما كان المسيح، ذبيحة حب نحونا، هكذا كان الشهداء ذبيحة حب نحو الله لقد قدموا حياتهم ذبيحة حب لله. أحبوه أكثر من العالم كله، وأكثر مكن الأهل والأقرباء. بل أحبوه أكثر من أنفسهم، وفرحوا بالموت لأنه يقربهم إليه، ليعيشوا معه في الفردوس ثم في الملكوت إلى الأبد، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. كما قال القديس بولس (لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح. ذاك أفضل جدًا) (في 1: 23). لا تظنوا أن اللذين تقدموا للاستشهاد كانوا يلاقون الموت وهم خائفون أو متضايقون. كلا بل كانوا في محبتهم للقاء الله، فرحين جدًا بهذا اللقاء، ومشتاقين إليه. كانوا يذهبون إلى ساحة الاستشهاد هم يرتلون في فرح. وأثناء سجنهم، حولوا. السجون إلى معابد ترتفع منها أصوات الترتيل والتسبيح والصلاة. حتى أن أحد الشهداء قبل السلاسل التي قيدوه بها. وشهيد أخر كان يصلي طالبًا البركة للجلاد الذي سيقطع رأسه ولعلمهم أخذوا هذا الدس عن السيد المسيح الذي حينما أقترب إلى الجلجثة قال قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان (يو 12: 23). الآن تمجد ابن الإنسان وتمجد الآب فيه (يو 13: 31). وقيل عنه فيما تحمله من الآم وإهانات في وقت الصلب (من أجل السرور الموضوع أمامه أحتمل الصليب مستهينا بالخزي) (عب 12: 2). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الله الخالق يكفي أن المحبة هي أحد أسماء الله (1يو 4: 16-8) وقد أظهر الله محبته للبشر بأنواع وطرق شتى مما لست أستطيع أن أشرحه لأن محبة الله غير محدودة مهما كتبنا عنها فكتاباتنا محدودة لذلك أوجز الشرح فأقول. محبة الله الخالق ظهرت محبة الله أولًا في الخلق. لماذا؟ وكيف؟ منذ الأزل كان الله وحده، وكان مكتفيا بذاته. ولكنه لم يشأ أن يبقى وحده. ومن أجل محبته لنا قبل أن نوجد، شاء فأوجدنا. ولم نكن شيئًا جديدًا بالنسبة إليه، فالله لا يجد عليه شيء0 إنما كنا في عقله فكرة، وفي قلبه مسرة، قبل أن يكون لنا وجود مادي فعلى.. فكان وجودنا هو ثمرة حبه وثمرة كرمه. ومن دلائل محبة الله للإنسان، أنه خلقه في اليوم السادس. ظهرت محبة الله أولًا في الخلق. لماذا وكيف؟ منذ الأزل كان الله وحده وكان مكتفيا بذاته ولكنة لم يشأ أن يبقي وحده ومن أجل محبته لنا قبل أن نوجد شاء فأوجدنا ولم نكن شيئًا جديدا بالنسبة إليه فالله لا يجد علية شيء إنما كنا في قلبه مسرة قبل أن يكون لنا وجود مادي فعلي فكان وجودنا هو ثمرة حبه وثمرة كرمة. ومن دلائل محبة الله للإنسان أنه خلقه في اليوم السادس. أقصد أنه خلقه بعد أن خلق كل شيء من أجله، حتى لا يكون معوزًا شيئًا من أعمال كرامته. خلق له السماء سقفًا، ومهد له الأرض، لكي يمشي عليها. خلق له الطعام الذي يأكله، والماء الذي يشربه، والهواء الذي يستنشقه، والحيوان الذي يستخدمه أو يؤنسه، خلق الله النور: الشمس لضياء النهار والقمر والنجوم لضياء الليل ووضع لكل ذلك قوانين الفلك وضبط البحار والأنهار وأخضع له طبيعة الحيوان وأخيرا خلق الإنسان بعد أن أعد له كل شيء وما أجمل تأملاتنا في ذلك في القداس الغريغوري تحت عبارة "من أجلي". ** ما أجمل أن نتأمل كل هذا فنقول ** لو أن الملائكة سألوا الله قائلين لماذا يا رب تخلق الشمس والقمر والنجوم لأجابهم من أجل الإنسان حبيبي والذي سأخلقه فيما بعد وبنفس الإجابة يجيبهم عن خلقة للأرض والثمار والأزهار والأطيار والطبيعة الجميلة كلها من أجل راحة الإنسان حبيبي لذلك نستطيع أيضًا أن نقول إن عطايا الله لنا سبقت خلقه إيانا. من دلائل محبة الله لنا أيضًا في الخلق أنه خلقنا علي صورته ومثاله. إذ قال في ذلك"نعمل الإنسان علي صورتنا كشبهنا" فخلق الله الإنسان علي صورته علي صورة الله خلقة (تك 1: 26-27). علي صورته من حيث أنه ذات وعقل وروح من حيث إن له روحًا خالدة ومن حيث النقاوة والطهارة وحب الخير من حيث القيادة والسلطة فمن محبة الله للإنسان حينما خلقة أنه منحة السلطان ومنحة البركة أيضًا. في ذلك يقول سفر التكوين وباركهم الله وقال لهم أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا علي سمك البحر وعلي طيور السماء وعلي كل حيوان يدب علي الأرض(تك1: 28) وهكذا صار الإنسان وكيلًا لله علي الأرض وسيدًا لكل الخليقة الأرضية وبنفس هذا البركة والسلطة بارك الله أبانا نوح وبنية بعد الطوفان ورسو الفلك (تك 9: 1- 2) أن كان الإنسان قد فقد بعض من هذه السلطة الآن فهذه نتيجة للخطية ولكنه في البدء لم يكن هكذا. ومن محبة الله في خلق الإنسان أنه وضعه في جنه. وفي ذلك يقول سفر التكوين وغرس الرب الإله جنه في عدن شرقًا ووضع هناك آدم الذي جبله وأخذ الرب آدم ووضعه في جنة عدن تك 2: 8-15 وكانت الجنة مليئة بكل أنواع الثمار وجميله جدًا يكفي أنها جنة. ولم يكتف الله بهذا بل خلق لآدم معينًا نظيره، خلقها من جنبه وغرس بينه بينها حبا فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي هذه تدعي امرأة لأنها من إمرءً أخذت (تك 2:23) وكان خلق حواء لآدم يشمل لونا أخر من محنته للبشرية إذ خلقهما ذكرا وأنثى تك 1: 27. لكي يكثروا ويثمروا ويملأوا الأرض ويكون هناك نسل فيما بعد كعدد نجوم السماء ورمل البحر لا يعد من الكثرة (تك 22: 17). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الله الراعي وحتى بعد سقطة الإنسان الأول لم يتخل الله عن محبته. ففيما هو يعاقب، مزج العقوبة بوعد بالخلاص. فقال (إن نسل المرأة يسحق رأس الحية) (تك 15:3). حقًا كما نقول في القداس الغريغوري "حولت لي العقوبة خلاصًا". ولم يلعن الله آدم وحواء لعن الحية (تك3:14)، إلا كانت اللعنة قد أصابت البشرية كلها. وحتى عندما عاقب الله قايين، لم يتخل الله عن رأفته، فلما قال له قايين (أنك قد طردتني اليوم عن وجه الأرض، فيكون كل من وجدني يقتلني) فقال له الرب كل من قتل قايين، فسبعة أضعاف ينتقم منه وجعل الرب لقايين علامة لكي لا يقتله كل من وجده (تك 4: 14: 15). ومن محبة الله للإنسان رعايته بالناموس والأنبياء. فلما سار الإنسان في طريق الضلال (وقال الجاهل في قلبه ليس إله) (مز 14: 1). وفسد البشر جميعًا، وإذا ليس من يعمل صلاحًا، ليس ولا واحد (مز 14: 3) بل حتى ضمائرهم أظلمت ولم تعد تهديهم، أرسل الله لهم الأنبياء لكي يبلغوهم صوت الله وأوامره. كما زودهم بالوحي الإلهي وبالشريعة المكتوبة. بل أن أول لوحين للشريعة، كانا مكتوبين بأصبع الله (واللوحان هما صنعه الله والكتابة كتابة الله منقوشة علي اللوحين) (خر32: 16). واستمر الله يرسل الأنبياء لهداية الناس، حتى بعد أن تركوا عهده، ونقضوا مذابحه، وقتلوا أنبياءه بالسيف (1 مل 19: 14). وحتى بعد أن عبدوا العجل الذهبي (خر32) وعبدوا الأصنام فترات طويلة. ومن محبة الله للإنسان أنه كان الراعي الصالح له. كما تغني داود النبي في المزمور قائلًا (الرب يرعاني فلا يعوزني شيء.في مراع خضر يربضني. إلي ماء الراحة يوردني. يرد نفسي، يهديني إلي سبل البر) (مز 23). وقال الرب في سفر حزقيال النبي (أنا أرعي غنمي وأربضها- يقول السيد الرب - وأطلب الضال، واسترد المطرود، وأجبر الكسير وأعصب الجريح..) (حز 34: 15، 16). بل أن الرب تكلم بشدة ضد الرعاة الذين يرعون أنفسهم وقد أهملوا غمه وخرافة، فقال (هأنذا علي الرعاة، واطلب غنمي من يدهم، وأكفهم عن رعي الغنم، ولا يرعي الرعاة أنفسهم بعد، وأخلص غنمي من أفواههم، فلا تكون لهم مأكلًا) (حز 34: 10). وفي العهد الجديد يقول السيد الرب (أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف) (يو10:11). (أنا هو الراعي الصالح، وأعرف خاصتي، وخاصتي تعرفني) (خرافي تعرف صوتي فتتبعني، ولن تهلك إلي الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي) (يو 10: 14، 27، 28). ورعاية الرب لشعبه شاملة تشمل كل تفاصيل الحياة: فهو يرعاهم ماديًا وروحيًا. ويخلصهم من أيدي أعدائهم. كما قال موسى النبي (قفوا وانظر خلاص الرب.. الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون) (خر 14:13،14). وقصص أمثال هذا الخلاص التي تظهر محبة الرب كثيرة في سفر القضاة. ومحبة الرب في رعايته المادية وأولاده، تظهر في معجزتي المن والسلوى، وفي إرساله الطعام لإيليا النبي عند نهر كريت أثناء المجاعة، في عبارة مؤثرة قال له فيها (وقد أمرت الغربان أن تعولك هناك) (1 مل 17:4)،بل تظهر محبة الرب العجيبة في هذا الأمر، إذ أنه (يشرق شمسه علي الأشرار والصالحين، ويمطر علي الأبرار والظالمين) (مت 5: 45). بل أنه يعطي البهائم قوتها، وفراخ الغربان التي تدعوه (مز146). ويعطي طعامًا لكل دودة تدب تحت حجر.. ما أعجب محبته للكل وما أعجب حنانه. ورعايته الروحية تشمل قصة الخلاص كلها. وفي ذلك قال بولس الرسول عن الله في إرساله الخدام للعناية الروحية بالناس (وهو أعطي البعض أن يكونوا رسلًا، والبعض الخدمة، لبنيان جسد المسيح. إلي أن تنتهي جميعًا إلي وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله..) (أف4:11-13). بل قال أيضًا عن الملائكة (أليسوا جميعهم أرواحًا خادمة، مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص) (عب 1:14). أما عن محبة الله في إرسال الملائكة لخدمة البشر ولمعونتهم، فهي موضوع طويل يدل علي عمق محبة الله.. يحدثنا عنه دانيال النبي في الجب وهو يقول (إلهي أرسل ملاكه، فسد أفواه الأسود) (دا6:22). ويقول أبونا يعقوب أب الآباء (الْمَلاَكُ الَّذِي خَلَّصَنِي مِنْ كُلِّ شَرّ) (سفر التكوين 48: 16). ملاك آخر أنقذ بطرس الرسول من السجن (أع 12:7،11). وملاك ضرب جيش سنحاريب وخلص الشعب منه (2 مل19:35). حقًا، كما يقول الكتاب (ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم) (مز 34:7). ومن محبة الرب أيضًا يرسل ملائكة البشارة والفرح. ملاك يبشر العذراء بالحبل بالمسيح (لو1:26،38). وملاك يبشر زكريا بيوحنا المعمدان (لو1:11-20). وملاك يبشر الرعاة بميلاد المسيح (لو2:8-14). وملاك يبشر يوسف النجار (مت 1:20،21).. وما أكثر الملائكة الذين بشروا النسوة بالقيامة.. وملائكة البشري كثيرون في الكتاب المقدس، يرسلهم الله من محبته حاملين أخبارًا مفرحة. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الله الآب ومن محبة الله لنا، أنه دعانا أبناء له. وفي هذا يقول القديس يوحنا الرسول (انظروا أية محبة أعطانا الآب، حتى ندعي أولاد الله) (ايو3:1). وهكذا نصلي باستمرار ونقول (أبانا الذي في السموات) (مت 6: 9). وتتكرر عبارة (أبوكم السماوي) مرات عديدة في العظة علي الجبل. وترتبط بالكمال المطلوب منا حينًا (مت5:48). وبالمغفرة حينًا آخر (مت6:14). بالعمل في الخفاء أحيانًا (مت6:4،6،18). وترتبط بعناية الله أيضًا إذ يقول (فكم بالحري أبوكم الذي في السموات يهب خيرات للذين يسألونه) (مت7:11). (لا تهتموا قائلين ماذا نأكل، أو ماذا نشرب، أو ماذا نلبس.. لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلي هذه كلها) (مت6:31،32). ما أعمق أن نعتمد باستمرار علي محبة هذا الآب السماوي. ومحبة الله دعتنا أبناء أيضًا حتى في العهد القديم. فهو ينادي كلًا منا قائلًا (يا أبني أعطني قلبك، ولتلاحظ عيناك طرقي) (أم 23:26). ويقول الوحي في قصة الطوفان قائلًا عن نسل شيث (رأي أولاد الله بنات الناس أنهن حسنات) (تك6:2). ويعاتب الله شعبه قائلًا (ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا علي) (أش1:2). ويعاتب في سفر ملاخي قائلًا "«الابْنُ يُكْرِمُ أَبَاهُ، وَالْعَبْدُ يُكْرِمُ سَيِّدَهُ. فَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَبًا، فَأَيْنَ كَرَامَتِي؟ وَإِنْ كُنْتُ سَيِّدًا، فَأَيْنَ هَيْبَتِي؟" (سفر ملاخي 1: 6) (ملا1:6). ويناديه الشعب في سفر إشعياء النبي قائلين (تطلع من السموات، وانظر من مسكن قدسك.. فإنك أنت أبونا, وإن لم يعرفنا إبراهيم.. أنت يا رب أبونا، ولينا، منذ الأبد اسمك) (أش63:15،16)،وأيضًا (والآن أنت أبونا. نحن الطين وأنت جابلنا) (أش 64:8). إن كلمة أب تحمل مشاعر عميقة لا تحصي. تحمل معاني الحب والحنان، والرعاية أيضًا. وتحمل معاني الرأفة والإشفاق أيضًا. وهكذا يقول داود النبي في المزمور (كما يترأف الأب علي البنين، يترأف الرب علي خائفيه. لأنه يعرف جبلتنا، يذكر أننا تراب نحن) (مز 103). وعبارة الأبوة تعني أنه يعاملنا كأبناء وليس كعبيد. وتعني أيضًا أن لنا ميراثًا في السماء كبنين. وتعني كذلك أنه يجب علينا أن نبادل هذا الأب حبًا بحب. كما قال القديس يوحنا الرسول (نحن نحبه، لأنه هو أحبنا أولًا) (1يو4:19).. وإلا فإننا نستحق توبيخ الرسول حينما قال (إن كنتم تحتملون التأديب، يعاملكم الله كالبنين. فأي ابن لا يؤدبه أبوه. ولكن إن كنتم تحتملون التأديب، يعاملكم الله كالبنين. فأي ابن لا يؤدبه أبوه. ولكن إن كنتم بلا تأديب.. فأنتم نغول لا بنون) (عب12:7،8). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
ألقاب أخرى للمحبة ما أكثر أيضًا ألقاب الحب التي يلقبنا بها الله. ليس فقط أبناء. بل يشبهنا أيضًا بالعروس. ويقول القديس يوحنا المعمدان عن المسيح والكنيسة (من له العروس فهو العريس أما صديق العريس (عن نفسه) الذي يقف ويسمعه، فيفرح فرحًا) (يو3:29). نفس التشبيه يقوله السيد الرب في مثل العذارى الحكيمات اللائي يسهرن في العريس (مت25). ونفس التشبيه في (أف5:25:33). وعن هذا التشبيه في الحب ورد سفر كامل في الكتاب هو سفر نشيد الأناشيد عن العلاقة بين الله والنفس البشرية. كذلك يشبه علاقتنا به بالعلاقة بين الجسد والرأس. فالمسيح هو رأس الكنيسة، وهو مخلص الجسد (أف5: 23). وكلنا أعضاء في جسده.. أو هناك تشبيه آخر مماثل، أنه الكرمة ونحن الأغصان. والغصن الثابت فيه، أي في الكرمة، هو الذي يأتي بثمر (يو15:5)،. ولذلك كله -من محبته لنا- دعانا خاصته. وقيل عنه إنه أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم حتى المنتهي) (يو13:1). ومن محبته لنا دعانا هياكل لروحه القدوس. فقال القديس بولس الرسول (أما تعملون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم.. لآن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو) (1كو3: 16،17). وكرر ذلك في (1كو6:19). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
سكني الله فينا من محبة الله لنا: سكناه في قلوبنا. الله الذي يقول (يا ابني أعطني قلبك) (أم23:26). إنه ينظر إلي قلب كل واحد منا، وإلي نفس كل واحد منا، وإلي نفس كل واحد منا، ويقول (ههنا هو موضع راحتي إلي أبد الأبد. ههنا أسكن لأني اشتهيته) (مز132). قيل عنه في تجسده أنه: لم يكن له موضوع يسند فيه رأسه (لو9:58). أحسن موضوع يسند فيه الرب رأسه، هو القلب النقي.. هو القلب الذي يحب الله، ويحب أن يكون الله في أعماقه.. من محبة الله لنا، إنه يقف علي باب قلب كل منا، ويقرع لكي يفتح له (رؤ3:20). يقول لكل نفس من نفوسنا (افتحي لي يا أختي، يا حبيبتي، يا كاملتي) (نش5:2). وإن تباطأت النفس في أن تفتح له، يظل منتظرًا قارعًا علي أبواب قلوبنا، حتى يمتلئ رأسه من الطال وقصصه من ندي الليل (نش5:2) الله المحب الذي لا تسعه السموات ولا سماء السموات (1مل8:27).. يريد أن يسكن فينا. أن أعظم سماء يحب الرب أن يسكنها، هي قلبك وأعظم هيكل يوجد في هو قلبك. بل أعظم عرش يجلس عليه هو قلبك، كما قيل في قصيدة: *** همسة حب *** في سماء أنت حقًا أنما كل قلب عاش في الحب سماك عرشك الأقدس قلب قد خلا من هوي الكل فلا يهوي سواك ما بعيد أنت عن روحي التي في سكون الصمت تستوحي نداك نعم، نحن هياكل الله، والله يسكن فينا (1كو3:16). انه يقول (أن أحبني أحد يحفظ كلامي، ويحبه أبي. واليه نأتي، وعنده نصنع منزلًا) (يو14:23) أي الأب والابن يسكنان فيك، وأنت أيضًا مسكن للروح القديس (اكو3: 16). فيكون مسكنًا لثالوث القدوس.. حقًا، ما أعمق محبة الله لنا. وما اسمي القلب المحب لله. هذا القلب الذي يسكنه الله ومحبة الله، هو -بدون مبالغة- أسمى من لسماء التي فوقه!! نعم، هذا هو عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا (مت1:23). من نحن يا رب، حتى تكون معنا؟ نحن التراب والرماد، والمزدري وغير الموجود (1كو1:28) وكأن الله يقول: أنا معكم كل الأيام، لأني أحبكم وأحب أن أكون في وسطكم. قد وعتكم من قبل أنه (حيثما أجتمع أثنين أو ثلاث باسمي فهناك أكون في وسطهم) (مت18:20). نعم أن مسرتي في بني البشر. أنا أحب أن أسكن فهم.. أنتم سمائي الخالدة. أنت عرشي الذي أجلس عليه.. أنتم ملكوتي. ألم يقول الكتاب "ملكوت الله داخلكم" (لو17:21). نعم، داخل هذه القلوب، أفتح قلبك، تجد داخله ملكوت الله تجد محبة الله.. انه الله الذي يقول (يا ابني أعطني قلبك) (أم 23:26). عجيب أنه يقول الرب أعطني قلبك. من أنا يا رب حتى أعطيك؟! أنت مصدر كل غني. أنت الذي تشبع كل حي من رضاك. أنت مالك الكل، أنت لك الأرض وما عليها، المسكونة وكل الساكنين فيها (مز24:1).. أنت يا رب الكائن الوحيد الذي لا يحتاج إلى شيء.. ومع ذلك سأعطيك يا رب قلبي، كما طلبت. ولكن لكي تقدسه وتنظفه وتطهره، وتسكن فيه، فيتبارك بك ويكون لك.. خذه يا رب، وأسند فيه رأسك.. أنت الذي خلقته. وأنت الذي أعطيتني إياه، أوصيتني قائلًا (فوق كل تحفظ أحفظ قلبك، لأن منه مخارج الحياة (أم4:23). ليتك أنت تحفظه، هذا الذي أعطيتني إياه، ليكون لك. وحينما يقدمه موضعًا لسكناك، أقول لك كما قال الشعب في القديم، حينما تبرعه لبناء بيت الرب.. (منك الجميع، ومن يدك أعطيناك) (أي29:14). مبارك أنت يا رب في محبتك، حينما تقبل من أيدينا شيء،ومبارك أنت في تواضعك حينما تقول (يا ابني أعطني) مثلما قلت للمرأة السامرية أعطني أشرب (يو4:7).. وأنت الذي عند الماء الحي، الذي كل من يشرب منه، لا يعطش إلي الأبد (يو4:14) حقًا يا رب، ليس لك شبيه بين الآلهة، كما قال داود عبدك (من مثلك) (مز89: 6، 8). أنت يا رب حنون جدًا، وعطوف جدًا، ومحبتك فوق الوصف، وفوق الشرح، لا يستطيع لسان أن يعبر عنها.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الله صانع الخيرات https://st-takla.org/Gallery/var/resi...d-Crown-01.jpg من محبه الله، صانع الخيرات لنا. قيل عنه أنه يجول يصنع خيرًا (أع10: 38). أنه يعطي الخير للكل، حتى لأعدائه، والذين ينكرون وجوده. وعطاياه كلها نابعة من حبه ومن كرمه وجوده. مرت فترة كانت فيها الوثنية تسود العالم، ومع ذلك لم يمنع الله خيره عن العالم وعندما عرفته هذه الأمم الوثنية، كان هذا الذي منحهم الأيمان به، كمبادرة من عنده، مثلما فعل مع شعب نينوى (يون3)، ومثلما فعل مع كثيرين بمعجزاته وآياته.. وأيضًا بإحساناته الكثيرة، هذه التي تغني بها داود النبي فقال: باركي يا نفس الرب، ولا تنسي كل حسناته) (مز103:2). (باركي يا نفس الرب، وكل ما في باطني ليبارك أسمه القدوس) (الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل أمراضك، الذي يفدي من حفرة حياتك. الذي يكللك بالرحمة والرأفة. الذي يشبع بالخير عمرك علامة فيتجدد مثل النسر شبابك) (مز103:1-5). يغفر جميع ذنوبك في المعمودية. ويشفي كل أمراضك الروحية في اعترافك وتناولك وفي رعايته الروحية لك،.ويفدي من الحفرة حياتك، لأنه بالفداء ينقذك من الذهاب إلي الجحيم. ويكللك بالرحمة والرأفة، حينما يمنحك إكليل الحياة وإكليل البر. ويشبع بالخير عمرك في الأبدية السعيدة والنعيم الأبدي، فيتجدد مثل النسر شبابك.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
ما أكثر حسنات الله إلي الذين يحبونه ويحبهم https://st-takla.org/Gallery/var/resi...e-the-Lord.jpg يوحنا الرسول كان يتكئ في حضنه، ويسمع نبضات قلبه. ومريم أخت مرثا كانت تجلس عند قدميه، وتسمع كلمات الروح من فمه. وكل الذين اتصلوا به، كأنه ينالون من حنانه بل أنه قال للكنيسة كلها (هوذا علي كفي نقشتك) (أش49:16). وقال لتلاميذه.. "أما أنتم، وحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاه" (مت10:30). وهكذا نري من محبة الله البشرية، حفظه الدائم لها وعنايته الدائمة لها. وهكذا يقول المرتل في المزمور (لولا أن الرب كان معًا حين قام الناس علينا. لابتلعونا ونحن أحياء) (نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ أنكسر ونحن نجونا. عوننا من عند الرب الذي صنع السماء والأرض (مز124). ويركز العناية في الله واحده فيقول أن لم يبن الرب البيت، فباطلًا يتعب البناؤون. وأن لم يحرس الرب المدينة، فباطلًا يسهر اث (مز127). ويطمئن المرتل نفسه من واقع اختباراته مع الله ومحبته، فيقول (الرب عوني، فلا أخشى ماذا يصنع به الإنسان. والرب لي عوني، وأنا أري بأعدائي) (أحاطوا بي احتياطا واكتنفوني، وبأسم الرب قهرتهم) دفعت لأسقت والرب عضدني. قوتي وتسبحتي هو الرب، وقد صار لي خلاصًا (مز118). ما أكثر ما في المزامير من أناشيد عن معونة الله ورعايته ومحبته. وما اكثر خبرات داود وخبرات القديسين. أختبر داود معونة الله أمام جليات الجبار. لذلك قال لهم مسبقًا (أنت تأتي إلى بسيف وبرمح وبترس، وأنا أتى إليك بأسم رب الجنود) وقال له أيضًا (لأن ب للرب) (1صم 17: 45- 47). وأختبر داود كذلك حفظ الله له في كل مؤامرات شاول الملك ضده. الثلاثة فتي اختبروا محبة الله وحفظه، حينما القوهم في أتون النار (دا 3). وأختبر دانيال محبة الله وحفظة، حينما القوه في جب الأسود. كذلك أيضًا محبة الله وحفظة بطرس الرسول وهو في السجن (أع 12). وأختبرها بولس الرسول في سجن فيلبي (أع 16). وأيضًا حينما قال له الرب (أنا معك، ولا يقع بك أحد ليؤذيك) (أع 18: 10). وأختبرها يعقوب أبو الأباء حينما قال له الرب (ها أنا معك، واحفظك حيثما تذهب، وأردك إلى هذه الأرض) (تك 28: 15). وقصص محبة الله وعنايته بأولاده، لا تدخل تحت حصر، سواء في الكتاب المقدس أو في تاريخ الكنيسة. مجرد هذه النقطة وحدها في موضوعنا، لو أننا استفضنا في الحديث عنها، لاحتاجت إلى كتاب خاص، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. علي أن محبة الله وعنايته، لم تشمل القديسين فقط، أنما كانت تشمل الكل كما ذكرنا. ومعجزات الشفاء وإخراج الشياطين التي اجراها الرب، كانت للأمم وليست فقط لأبينا إبراهيم. والله في أعمال محبته وحنانه لم يضع أمامه علي الدوام مبدأ مستحقين وغير المستحقين.. لو كان الله لا يعتني إلا بالقديسين فقط، ولا يحب سواهم، لهلكنا جميعًا..! صدقوني، لو أن الله أمسك في يده هذا الميزان، ميزان الاستحقاق، وأعطي فقط من يستحق، لما وجد من يستحق.. فكلنا خطاة. (وكلنا كغنم ضللنا، ملنا كل واحد إلي طريقة) (أش 53:6). فلو كان الله يعطي المستحقين فقط، ما أعطي (الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله. ليس من يعمل صلاحًا، ليس ولا واحد) (مز14). وقد علمنا أن نفعل هكذا مثله، فقال (إن أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم؟ أليس العشارون أيضًا يفعلون هكذا) (أما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم، باركوا لأعينكم. أحسنوا إلي مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات) (مت5:44-46). وهذا المبدأ الإلهي، علمه الرب حتى للطبيعة. تأملوا زنابق ل، الورود والزهور: إنها لا تعطي رائحتها الذكية للأبرار فقط وللمستحقين، بل للكل.. الكل يستنشق عبيرها، حتى للأشرار.. إنها تعطي من رائحتها لكل أحد، حتى للذي يقطفها ويفركها بيده، تظل رائحتها - حتى بعد أن تلفظ أنفاسها - لاصقة بيده. كذلك الشمس تعطي من حرارتها وضوئها لكل أحد، والشجرة تعطي من ظلالها لكل أحد والينبوع يعطي من مائه لكل أحد. ولا تفرق بين مستحق وغير مستحق.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
إن الله قد أحبنا ونحن بعد خطاة. وفدانا بدمه، ونحن أموات بالخطايا (رو5:8) (أف2:4،5). تري من فينا كان مستحقًا لدمه الكريم؟! لذلك فأنا في كل مرة أتناول من السرائر المقدسة، أقول في صلاتي (ليس يا رب من أجل استحقاقي، إنما من أجل احتياجي). وعملت هذه الصلاة لكثيرين.. إن الله يعطي غير المستحقين، علي الأقل لثلاثة أسباب: أولًا لأن من طبيعته الحب والعطاء. وثانيًا من أجل احتياجهم. وثالثًا، لعله بالحب يجذبهم إليه. فتؤثر فيهم محبته، علي من عدم استحقاقهم. الرب يهتم بكل أحد، وفي كل وقت.. حتى وهو علي الصليب، كان يهتم بغيره، ويعطي. تصوروا وهو متعب جسديًا إلي أقصي حد، وقد مزقت السياط جسده، والشوك أنزف الدم منه، مع الإرهاق الزائد، من الجلد وحمل الصليب ودق المسامير في يديه ورجليه.. ومع كل ذلك في عمق محبته، يفكر في صالبيه، ويطلب لهم المغفرة، ويقدم عنهم عذرًا، ويقول في محبة عجيبة فوق الوصف: (يا أبتاه اغفر لهم، لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون) ((لو23:34). إن آلامه التي لا تطاق، لم تمنع محبته من التفكير في صاليبه وطلب المغفرة لهم، بل من أجل هذه المغفرة، قد أسلم ذاته للصلب. وبنفس الحب - وهو علي الصليب - منح اللص التائب وعدًا بأن يكون معه في الفردوس في نفس اليوم.. (لو23:43). وهكذا أراح نفس هذا اللص، قبل أن يلفظ اللص أنفاسه. وبنفس الحب، وبنوع آخر، فكر في أمه العذراء القديسة، وفي إيوائها والعناية بها، فكلف بذلك تلميذه يوحنا الحبيب. (ومن تلك الساعة، أخذها التلميذ إلي خاصته) (يو19:27). كان بمحبته لا يفكر في ذاته، وإنما في راحة غيره. فالمحبة لا تطلب ما لنفسها (1كو13:5)، بل تنكر ذاتها. ليس غريبًا إذن أن المهاتما غاندي، الزعيم الروحي للهند - كما ذكر المؤرخ فيشر عنه - لما زار فرنسا، ورأي أيقونة المسيح المصلوب، بكي.. كان الناس يرون المسيح من قبل، محبة تتحرك علي الأرض. وظلت المحبة فيه تتحرك بأكثر شدة علي الصليب، حتى عندما كان جسده بلا حركة مسمرًا بالمسامير. بل في الطريق إلي الصليب أيضًا، كانت محبته أيضًا تعمل من أجل الغير، المستحقين وغير المستحقين.. فقد تحنن علي ملخس عبد رئيس الكهنة، لما استل بطرس سيفه، وضربه فقطع أذنه.. أمر بطرس بأن يرد سيفه إلي غمده. أما عن العبد، فإن الرب (لمس أذنه وأبرأها) (لو22: 50، 51). أما عن تلاميذه، الذين خافوا في وقت القبض عليه، فقال عنهم لمن جاءوا يقبضون عليه (أنا هو. إن كنتم تطلبونني، فدعوا هؤلاء يذهبون) (يو18:8). وهكذا سهل لهم الهرب في سلام. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الله المتحنن محبة الله لنا، محبة مملوءة عاطفة. لعل من أعمق مظاهرها، تلك العبارة المؤثرة التي قيلت في معجزة إقامة لعازر من الموت، اعني قول البشير (بكي يسوع) (يو11:35). أنها كلمة تدل علي عمق المشاعر، عمق الحنان، عمق القلب. تكرر نفس التعبير بالنسبة إلي أورشليم التي كان ينتظرها الخراب بعد سنوات. وقد قيل في ذلك (وفما هو يقترب من المدينة بكي عليها) وقال (ستأتي أيام ويحيط بك أعداؤك: ويحاصرونك من كل جهة، ويهدمونك وبنيك فيك ولا يتركون فيك حجرًا علي حجر) (لو19:41-44). ومثل عبارة "بكي" في إظهار محبة الرب لأولاده، كذلك عبارة "تحنن". ومن أجمل مواقفها قول الإنجيل (ولما رأي الجموع تحنن عليهم، إذ كانوا منزعجين منطرحين، كغنم لا راعي لها) (مت9:36). لذلك قال لتلاميذه من أجلهم (أطلبوا إلي رب الحصاد أن يرسل فعلة لحصاده).. ويكرر معلمنا متى البشير هذه العبارة في شفاء المرضي، ويقول عن الرب إنه (تحنن عليهم وشفي مرضاهم) (مت14:14). إذن كانت معجزات الشفاء ناتجة عن حنان قلب وحب. وهكذا يقول أيضًا في شفاء الأعميين (فتحنن يسوع ولمس أعينهما. فللوقت أبصرت أعينهما فتبعاه) (مت20:34). وفي أقامه ابن أرملة نايين - وكانت أمه تبكي، وهو وحيد أمه (فلما رآها الرب تحنن عليها، وقال لها لا تبكي) وأقام الشاب (ودفعه إلي أمه) (لو7:12-15). حاولوا يا أخوتي أن تتبعوا كلمة)تحنن(في معاملات الرب. بل في العهد القديم وردت كثيرًا عبارة (الرب حنان ورحيم) (مز111:4) (مز145:8) وكما يقول عنه نحميا انه (إله غفور، حنان ورحيم، طويل الروح) (نح9:17) ويقول عن مغفرته للشعب وعدم إفنائهم علي الرغم من صلابة رقابهم (ولكن لأجل مراحمك الكثيرة لم تفنهم ولم تتركهم، لأنك إله حنان ورحيم) (نح9:31). من محبة الله لنا أيضًا أنه ينادينا بأسمائنا. فيقول (أعرف خاصتي، وخاصتي تعرفني) (خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها فتتبعني، ويقول أيضًا أن (الخراف تسمع صوته، فيدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها) (يو10). جميل أن الله يعرف الكل منا باسمه، ويناديه باسمه ويقول لتلاميذه (أفرحوا بالحري أن أسماءكم كتبت في السموات) (لو10:20). وجميل أيضًا أننا نري في الكتاب سفرًا أسمه سفر العدد، فيه يحصي الله أولاده ويكتبهم بأسمائهم. كذلك في سفر أخبار الأيام نره يكتب الأسباط وتفرعاتها بالأسماء (1 أى1-9).. ليس أحد غائبًا أمامه. وإن غاب أحد يبحث عنه حتى يجده، ويحمله علي منكبيه فرحًا (لو15:5). ومن محبة الله لنا، أنه جعلنا واحدًا معه. فيقول (أثبتوا في وأنا فيكم) (يو15:4) كما يثبت الغصن في الكرمة. ويقول للآب (أنت أيها الآب في، وأنا فيك، ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا) (يو17:21). ويقول أيضًا (أنا فيهم، وأنت في، ليكونوا مكملين غلي واحد) (يو23:17). ومن محبته أنه اعتبرنا كشخصه. فلما اضطهد شاول الطرسوسي الكنيسة، قال له الرب (لماذا تضطهدني؟) (أع9:4). وعن الفقراء قال (مهما فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الصغار، فبي قد فعلتم) (مت25:40) لذلك قال عنهم (كنت جوعانًا فأطعمتموني) (مت25:35)، وقال (من يقبلكم يقبلني) (مت10:40). ومن محبة الله أيضًا الدالة العجيبة بينه وبين أولاده. ومن أمثلتها أنه قبل أن يحرق سادوم (قال الرب هل أخفي عن عبدي إبراهيم ما أنا فاعله؟) وأخبره بما سيفعله، وقبل أن يدخل إبراهيم معه في حوار، حتى أن يقول له (حاشه لك أن تفعل مثل هذا الأمر، أن تميت البار مع الأثيم.. أديان الأرض كلها لا يصنع عدلًا) (تك18:17،25). نفس الوضع مع موسى، إذ قال له بعد أن عبد الشعب العجل الذهبي (الآن أتركني ليحمي غضبي عليهم فأفنيهم) ولم يتركه موسى، بل حاوره في الأمر، وقال له ارجع يا رب عن حمو غضبك واندم علي الشر) وقبل شفاعته (خر32:9-14). وإلي جوار هذه الدالة، دفاعه أيضًا عنهم. فقد دافع عن يوحنا المعمدان فقال: (ماذا خرجتم إلي البرية لتنظروا؟ إنسانًا لابسًا ثيابًا ناعمة؟! هوذا الذين يلبسون الثياب الناعمة هم في بيت الملوك.. أنبياء؟ نعم أقول لكم وأفضل من نبي.. الحق أقول لكم لم يقم من بين المولودين من النساء من هو أعظم من يوحنا المعمدان..) (مت11:8-11). ودافع عن موسى النبي لما تقول عليه هرون ومريم بعد زواجه من أمراة كوشية، كما فوبخهما الرب قائلًا (إن كان منكم نبي للرب، فبالرؤيا استعلن له. في الحلم أكلمه. وأما عبدي موسى فليس هكذا، بل هو أمين في كل بيتي. فمًا لفم وعيانًا أتكلم معه، لا بالألغاز. وشبه الرب يعاين. فلماذا لا تخشيان أن تتكلما علي عبدي موسى؟!) (عد12:6-8). وضرب الرب مريم بالبرص، فحجزت خارج المحلة سبعة أيام.. ودافع عن إبراهيم، لما أخذ أبيمالك الملك زوجته. فظهر له في حلم وقال له (ها أنت ميت بسبب المرأة التي أخذتها، فإنها متزوجة ببعل.. فالآن رد امرأة الرجل، فإنه نبي فيصلي لأجلك فتحيا) (تك20:3،7). ودافع عن أيوب الصديق ضد أصحابه الثلاثة. فقال لأليفاز التيماني (قد احتمي غضب عليك وعلي كلًا صاحبيك، لأنكم لم تقولوا في الصواب كعبدي أيوب. والآن فخذوا لأنفسكم سبعة ثيران وسبعة كباش. واذهبوا إلي عبدي أيوب، واصعدوا محرقة لأجل أنفسكم. وعبدي أيوب يصلي من أجلكم -لأني أرفع وجهه- لئلا أصنع معكم حسب حماقتكم. لأنكم لم تقولوا في الصواب كعبدي أيوب..) (أي42:7،8). بل دافع الرب عن أيوب لما اشتكي علية الشيطان. وقال له (هل جعلت قلبك علي عبدي أيوب؟ لأنة ليس مثله في الأرض، رجل كامل ومستقيم، يتقي الله، ويحيد عن الشر، وإلى الآن هو متمسك بكماله..) (أي 2: 3). وأمثله دفاع الرب عن أولاده كثيرة جدًا.. دافع عن الشعب في مصر ضد فرعون. ودافع عنهم في أيام القضاء، ودافع عن دانيال والثلاثة فيتيه في سنوات السبي. ودافع عن تلاميذه ضد كل اتهامات الكتبة والفريسيين، وقال لبولس (لا تخف لأني أنا معك، ولا يقع بك احد ليؤذيك) (أع 18: 9، 10). ودافع عن الكنيسة في كل زمان، ووعد بأن أبواب الجحيم لم تقوي عليها (مت 16: 18). والأعجب من هذا كله دفاع الرب عن الخطاة. دافع عن المرأة الخاطئة التي بللت قدميه بدموعها في بيت سمعان الفريسي. ووبخ الفريسي الذي أدانها. واراه أن تلك الخاطئة كانت أبر منه، لأنها أحبت كثيرًا (لو 7: 36-47) بينما كانت تلك المسكينة صامتة لا تملك الدفاع عن نفسها. دافع أيضًا عن المرأة التي ضبطت في هذا الفعل. وقال للقساة الذين قدموها لحكم الموت (من كان منكم بلا خطية، فليرمها أولا بحجر) (أي 8: 7). ولما أراح المرأة من الذين أدانوها، إذ أنصرف الجميع، قال للمرأة (ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضًا).. كذلك المرأة التي سكبت عليه الطيب في الأسبوع الأخير: لما تذمر عليها البعض وقالوا (لماذا هذا الإتلاف؟! لأنه كان يمكن أن يباع هذا الطيب بكثير ويعطي للفقراء!) فدافع الرب عن هذه المرأة وقال (لماذا تزعجون المرأة؟! فإنها قد عملت بي عملًا حسنًا. فأن الفقراء معكم في كل حين.. فأنها سكبت هذا الطيب علي جسدي.. لأجل تكفيني) (مت 26: 6- 12). ولم يدافع عن المرأة فقط، وإنما طوبها أيضًا بقوله (الحق أقول لكم حيثما يكرز بهذا الإنجيل. في كل العالم، يخبر أيضًا بما فعلته هذه تذكارًا لها).. حقًا إن الرب في محبته يرفع وجوه المساكين.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الله الغفور ومن محبة الرب لنا، انه منحنا التوبة للمغفرة. تظهر محبته هذه في قول الرسول إن الله (يريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون) (1تي 2: 4). بل أن السيد الرب نفسه يقول في سفر حزقيال النبي، أنة لا يسر بموت الشرير، بل برجوعه عن طرقه فيحيا (حز 18: 23). لذلك منحنا الله التوبة للحياة (أع 11: 18). حقًا من محبة الله أنه لم ينه حياتنا ونحن في خطايانا. وإنما رأي وصبر، وأطال أناته علينا لكي نتوب وإنما (بغني لطفه، وإمهاله وطول أناته). أنما يقتادنا إلى التوبة (رو 2: 4).. كان يمكن أن يمسك بشاول الطرسوسي. وهو يضطهد الكنيسة، ويلقي به في الجحيم. بل أن ضل أحد يذهب ويبحث عنه ليرجعه.. https://st-takla.org/Pix/Holy-Bible-C...uvre-Paris.jpg كما هو واضح في قصة الخروف الضال والدرهم المفقود. وبحث الرب عن الخطاة يتضح من قوله: (أنا واقف علي الباب وأقرع. أن فتح أحد لي، أدخل وأتعش معه) (رؤ3:20). بل أن الرب من محبته أرسل والأنبياء كسفراء عنه، وأعطاهم خدمة المصالحة، لكي ينادوا أن (اصطلحوا مع الله) (2كو5:18: 20). بل أنه يمد يده طول النهار لشعب معاند ومقاوم (رو10:21). ومن محبته يدعو الناس، لكي يتوبوا فيغفر لهم ويقول (هلم نتحاجج -يقول الرب- إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج..) (أش1:18). ومن محبة الله أنه يفرح بالراجعين إليه. لا يعاتبهم، بل يفرح بهم. كما قال في عودة الابن الضال (ينبغي أن نفرح ونُسَرّ. لأن ابني هذا كان ميتًا فعاش، وكان ضالًا فَوُجِدَ) (لو15:5). بل تفرح الملائكة أيضًا معه. وهكذا يقول الكتاب إنه (يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب) (لو15:10). والرب في قبوله للخطاة، يكون في محبته عميق المغفرة. تغني داود النبي بهذه المغفرة فقال (باركي يا نفسي الرب، ولا تنسي كل حسناته، الذي يغفر جميع ذنوبك.. الرب رحيم ورءوف، طويل الروح، وكثير الرحمة. لا يحاكم إلي الأبد، ولا يحقد إلي الدهر. لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا. لأنه مثل ارتفاع السموات فوق الأرض، قويت رحمته علي خائفيه. كبعد المشرق عن المغرب، أبعد عنا معاصينا.. لأنه يعرف جبلتنا يذكر أننا تراب نحن) (مز103). ومن محبة الله، فإنه في مغفرته لخطايانا، يمحوها ولا يعود يذكرها. وهكذا يقول في سفر ارميا النبي (لأني أصفح عن إثمهم، ولا أذكر خطيئتهم بعد) (أر31:34). ويقول في سفر حزقيال النبي عن الشرير التائب (كل معاصيه التي فعلها، لا تذكر عليه) (خر18:22) (حز33:16). ويقول بولس الرسول (إن الله -في المسيح- كان مصالحًا العالم لنفسه، غير حاسب لهم خطاياهم) (2كو5:19). ويتغني المرتل في المزمور بهذه المغفرة التي تمحي فيها الخطايا، فيقول (طوبى للذي غفر إثمه وسترت خطيته. طوبي للإنسان الذي لا يحسب له الرب خطية) (مز32:1،2). وقد اقتبس بولس الرسول هذا التطويب (رو4:7،8). بل أحس داود بعمق مغفرة الله في محبته فقال: ما أعظم هذه المحبة التي تغسل الخاطئ من خطيته، فيبيض أكثر من الثلج.. بل أكثر من هذا كله، فإن الله - لكي يغفر خطايانا - حملها بدلًا منا. وكما قال إشعياء النبي (كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلي طريقه. والرب وضع عليه إثم جميعنا) (أش53:6)،وقال عنه يوحنا المعمدان (هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم) (يو1:29).. وهكذا دفع ثمن خطايانا علي الصليب. ومات عنا، لكي نحيا نحن بموته.. وهكذا قال القديس بولس الرسول إن (الله بين محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة، مات المسيح لأجلنا) (رو5:8). إذن المسيح -بالفداء- كان علي الصليب ذبيحة حب. إن عمل الكفارة والفداء، كان عملًا يدل علي عمق محبة الله لنا (هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد. لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية) (يو3:16). وهكذا يقول القديس يوحنا الرسول عن المحبة بيننا وبين الله (ليس أننا نحن أحببنا الله. بل أنه هو أحبنا، وأرسل ابنه كفارة عن خطايانا) (1يو4:10). لهذا نقول: قبل أن يصلب اليهود المسيح، صلبته محبته للبشر. هو صعد علي الصليب بإرادته، دفعته إلي ذلك محبته للبشر ورغبته في خلاصهم. لقد قال عن نفسه (أضع نفسي لآخذها ليس أحد يأخذها مني، بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها، وسلطان أن آخذها أيضًا) (يو10: 17، 18). إذن عقيدة الفداء، التي هي أعظم عقائد المسيحية، كان أساسها الحب وسببها الحب، حب الله للناس.. الحب هو الذي سمر المسيح علي الصليب. لقد تحدوه قائلين (لو كنت ابن الله، انزل من علي الصليب، فنؤمن بك) (مت27: 40، 42). وكان يستطيع أن ينزل، ولكنه لم يفعل. لأن محبته هي التي كانت تسمره علي الصليب، وليس المسامير.. إنها المحبة التي أشار إليها بقوله: "ليس حب أعظم من هذا: أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو15:13). بل هو قد وضع نفسه عن المسيئين إليه، عن الخطاة الذين كسروا وصاياه. وهكذا يقول بولس الرسول (إنه بالجهد يموت أحد عن بار.. ولكن الله بين محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة، مات المسيح لأجلنا) (مات في الوقت المعين لأجل الفجار) (رو5: 7،8،6). ولكن لكي يموت، كان لابد أن يلبس جسدًا قابلًا للموت. وهكذا نقول: الله محبة الله للبشر، هي سبب التجسد. من أجلنا، ومن أجل خلاصنا (وأخذ ذاته، وأخذ شكل العبد، وصار في الهيئة كإنسان.. وأطاع حتى الموت، موت الصليب) (في2: 7،8). من أجلنا، وبسبب محبته، قبل الآلام، وتعرض للإهانات، ليس عن ضعف، وإنما عن قوة حب، لكي يدفع ثمن خطايانا. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
اهتمام الله بالمحتاجين إلي الحب لقد اهتم الله بالكل، وبخاصة أولئك الذين لم يكن أحد يهتم بهم. فأولاهم حبًا كانوا في مسيس الحاجة إليه. ومنح حبه للمظلومين والمقهورين، وقال للتعابى: (تعالوا إلي جميع المتعبين والثقيلي الحمال، وأنا أريحكم) (مت11:28). وكانت هذه النقطة هي من أبرز خواص رسالة السيد المسيح له المجد. وقال في ذلك (روح السيد الرب علي، لأنه مسحني لأبشر المساكين. أرسلني لأعصب منكسري القلب. لأنادي للمسببين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق.. لأعزي جميع النائحين.. لأعطيهم جمالًا عوضًا عن الرماد، ودهن فرح عوضًا عن النوح، ورداء تسبيح عوضًا عن الروح اليائسة) (أش61:1-3). نعم، إنه رجاء لمن ليس له رجاء.. ومعين من ليس له معين -كما نقول في صلوات القداس الإلهي- عزاء صغيري القلوب، وميناء الذين في العاصف.. وهكذا كان يعطي الحب للذين لا يجدون حبًا من أحد. وكان يذكر الذين ليس لهم أحد يذكرهم. وهو باستمرار الباب المفتوح، حينما تكون سائر الأبواب مغلقة. وسنضرب بعض أمثلة: الحب الذي قدمه الرب للعشارين المحترقين من الناس. كان العشارون منبوذين من المجتمع اليهودي، يرونهم عنوانًا للظلم والبعد عن الروحانية. ولكن الله الحب أراد أن يرد لهم اعتبارهم، ويعيد إليهم كرامتهم، وبخاصة أمام الفريسيين المشهورين. بالتدقيق في حفظ الوصايا. فذكر مثل الفريسي والعشار. وكيف أن العشار في توبته وانسحاق قلبه، كان أفضل من الفريسي في كبريائه وافتخاره. وكيف أن العشار خرج من الهيكل مبررًا دون ذاك (لو18:9-14). وكان يحضر ولائم العشارين، ويدخل بيوتهم. وبهذا يرفع من معنوياتهم وبجذبهم إليه. وما كان يبالي بانتقاد الفريسيين والكتبة له (لو15:2). حتى أنهم قالوا لتلاميذه (لماذا يأكل معلمكم مع العشارين والخطاة؟!). أما هو فكان يجيب (لا يحتاج الأصحاء إلي طبيب بل المرضي.. لم آت لأدعو أبرارًا بل خطاة إلي التوبة) (مت9:11-13). وكان يقول أيضًا (يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب، أكثر من تسعة وتسعين لا يحتاجون إلي توبة) (لو15:7). حقًا ما أعمق اهتمام المسيح بالخطاة والمرضي. أنه ما كان يتعالي عليهم أو يحتقرهم، كما كان يفعل الفريسيون، بل كان يدخل إلي بيوتهم، كما دخل إلي بيت زكا رئيس العشارين، حتى تذمر الجمع قائلين إنه دخل ليبيت عند رجل خاطئ (لو19:7). أما السيد فقد منح زكا الحب الذي تاب به. وقال: اليوم حصل خلاص لأهل هذا البيت، إذ أيضًا ابن إبراهيم) بل قال إنه: (قد جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك) (لو19:10). عميقة جدًا هذه العبارة.. لم يقل يخلص من قد ضل أو أخطأ، بل ما قد هلك..! إذن فتحي الهالك له رجاء، وله مكان في محبة الله يمكن به أن يخلص. وليس فقط يخلص، بل أن الرب قد اختار أحد هؤلاء العشارين، ليكون واحدًا من تلاميذه الاثني عشر، وهو متى الذي كان جالسًا عند مكان الجباية (مت9:9). أي حب هذا، هو حب الرب الذي قيل عنه: (المقيم المسكين من التراب، والرافع البائس من المزبلة، ليجلسه مع أشراف شعبه) (مز113: 7، 8). هذا هو تعامل الرب المملوء حبًا والمملوء اتضاعًا، مع المساكين والمحتقرين، مع الخطاة والعشارين، المنبوذين من المجتمع. أعطاهم فوق ما كانوا ينتظرونه منه بمراحل.. لقد أذاب قلوبهم بهذا الحب.. زكا مثلًا، كانت أقصي أمنيته أن يراه. أما أن يقف الرب عنده، ويناديه باسمه، ويدخل إلي بيته، ويعلن أنه أيضًا من أبناء إبراهيم، فقد كان هذا فوق احتماله.. فأعلن توبته، وأعلن الرب خلاصه.. طائفة أخري هي السامريون، وكان المجتمع اليهودي لا يعاملونهم (يو4:9). وكيف عاملهم الرب بحب.. كان اليهود يحتقرونهم، ويرون أنهم غير مؤمنين. وفعلًا لم يكن إيمانهم سليمًا.. ولكن حتى هؤلاء، ما كنت محبة الرب بعيدة عنهم، ولا كان خلاصه مغلقًا أمامهم. وإذا بالرب يشرح مثل السامري الصالح، الذي أظهر فيه كيف أن ذلك السامري كان أفضل في حبه من الكاهن واللاوي (لو10:25-37). ورد بهذا المثل علي سؤال أحد الناموسيين (من هو قريبي) فأظهر له أن السامري أيضًا قريبه. وفي معجزة شفاء العشرة البرص، أظهر أن الوحيد الذي رجع فشكر كان سامريًا.. وقال لهذا الرجل (الغريب الجنس) (إيمانك خلصك) (لو17:12-19). إن محبة الله تشمل أيضًا "الغريب الجنس"، وترفع معنوياته، وتفتح له باب الإيمان والخلاص. ولم يكتف الرب بهذا من جهة السامريين، بل زارهم ودخل مدينتهم. ومعروفة قصة هدايته للمرأة السامرية، وحديثة معها عن الماء الحي، واجتذابها إلي التوبة وإلي الإيمان.. ثم بعد ذلك أهل مدينتها كلهم (جاء إليه السامريون وسألوه أن يمكث عندهم. فمكث هناك يومين) وآمن كثيرون وقالوا (إن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم) (يو4:5-42). إنه بالحب قد خلص كثيرين من السامرة. وقال لتلاميذه (ارفعوا عيونكم وانظروا الحقول: إنها قد ابيضت للحصاد.. أنا أرسلتكم لتحصدوا ما لم تتعبوا فيه) (يو4:35،38). وهكذا لم ينس الرب السامرة في إرساليته لتلاميذه، بل قال لهم بعد القيامة (وتكونون لي شهودًا في أورشليم، وفي كل اليهودية، والسامرة، وإلي أقصي الأرض) (أع 1:8). جميل أن يعرف كل إنسان أنه ليس منسيًا من الله، ولو كان في أقصي الأرض. وهذا يذكرنا بالأمم. كان الأمم أيضًا محتقرين من اليهود، لأنهم ليسوا أبناء لإبراهيم، وليسوا من شعب الله!! ولكن الرب أظهر محبته لهم أيضًا، من جهة المعجزات، والإيمان.. يكفي أنه بالنسبة إلي قائد المائة الأعمى الذي شفي الرب غلامه، أنه قال عنه: الحق أقول لكم: (لم أجد ولا في إسرائيل كلها إيمانًا بمقدار هذا) (مت8:10). ثم فتح بمحبته باب الملكوت أمام الأمم وقال: (إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب، ويتكئون مع إبراهيم وإسحق ويعقوب في ملكوت السموات) (مت 8: 11). كذلك نذكر محبة الرب للأطفال.. هؤلاء لم تكن لهم قيمة في المجتمع، بل للأسف كانوا يطردونهم أحيانًا من حضرة المسيح. ولكنه في حب قال لهم (دعوا الأولاد يأتون إلي ولا تمنعونهم. لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات) (مت19:14). ووضع يديه عليهم وباركهم. وفي مناسبة أخري دعا ولدًا وأقامه في وسط التلاميذ وقال (الحق أقول لكم: إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد، فلن تدخلوا ملكوت السموات) (مت18:3). وحامي عن هؤلاء الصغار، فقال (من أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخير له أن يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر) (مت18:6). والرب احتضن الأطفال، ووضع يديه عليهم، وباركهم (مر10:16) (مر9:36). وكما رفع معنويات الأطفال، رفع معنويات النساء. سمح للمرأة أن تنضم إلي جماعة تلاميذه. ونسوة كثيرات كن يخدمنه من أموالهن (لو8:3). وكان من بين من أقامهم من الأموات ابنه يايرس (لو8:54،55). وقد شفي نازفة الدم، وقال لها إيمانك قد شفاك (لو8:48). وكان يدخل بيت مريم ومرثا. وامتدح مريم قائلاُ إنها (اختارت النصيب الصالح الذي لن ينزع منها) (لو10:42). وتكفي المكانة العظيمة التي قدمها للقديسة العذراء. التي أصبحت جميع الأجيال تطوبها. ولما وصل سلامها إلي أليصابات امتلأت أليصابات من الروح القدس. وارتكض الجنين في بطنها (لو1:48،41). وخاطب السيد المسيح أمه علي الصليب وجعلها أمًا روحية لتلميذه يوحنا (يو19:26،27). وبعد القيامة قيل إنه (ظهر أولًا لمريم المجدلية) (مر16:9). وقال لها ولمريم الأخرى (اذهبًا بسلام وقولًا لأخوتي أن إلي الجليل، هناك يرونني) (مت28:10). ولا ننسي دفاع الرب عن المرأة. دافع عن المرأة التي ضبطت في ذات الفعل، وأنقذها من الرجم (يو8). ودافع عن المرأة التي بللت قدميه بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها (لو7). ودافع عن المرأة سكبت الطيب علي رأسه في بيت سمعان الأبرص. ولما احتج البعض قائلين (لماذا هذا الإتلاف. لأنه كان يمكن أن يباع هذا الطيب بكثير ويعطي للفقراء) قال الرب (لماذا تزعجون المرأة؟! إنها قد عملت بي عملًا حسنًا.. إنما فعلت ذلك لأجل تكفيني) بل طوبها قائلًا (حيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم، يخبر أيضًا بما فعلته هذه المرأة تذكارًا لها) (مت26:6-13). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
الله المحب يستخدم المحبين نقطة أخري نقولها في محبة الله لنا. وهي. إن الله المحب يختار المحبين للعمل معه في الخدمة. لقد اختار داود المحب، الذي من فرط محبته أشفق علي شاه وانتزعها من فم الأسد لينقذها (1صم17:34،35). وموسى، لما كان في بدء حياته قائدًا قويًا، يمكنه أن يقتل رجلًا ويطمره في الرمل (خر2:12).. في ذلك الوقت لم يختره الرب. إنما أخذه ودربه في عمل الرعي أربعين عامًا، حتى وصل إلي الوضع الذي قيل عنه فيه (وكان الرجل موسى حليمًا جدًا أكثر من جميع الناس الذين علي وجه الأرض) (عد12:3). واستخدم الرب موسى المملوء من الحب. الذي دافع عن مريم بعد أن تكلمت ضده. ولما ضربها الرب بالبرص، دافع عنها موسى (وصرخ موسى إلى الرب قائلًا: اللهم أشفها) (عد 12: 13،1). ودافع موسى عن الشعب لما أراد الرب إفناء ذلك الشعب بعد عبادته العجل الذهبي. وإذا بموسى المملوء محبة يتشفع فيهم ويقول لله (لماذا يا رب يحمي غضبك علي شعبك؟ أرجع عن حمو غضبك واندم علي الشر بشعبك) (خر 32: 11، 12). ذكرتني هذه العبارة بقول القديس بولس الرسول: (كنت أود لو أكون أنا نفسي محرمًا من المسيح، لأجل أخوتي أنسبائي حسب الجسد) (رو 9: 3). هذه المحبة العجيبة لم تكن موجودة عند بولس في عهده قبل أن يعرف المسيح، حينما كان أسمه شاول الطرسوسي وكان مضطهدًا للكنيسة، وكان (ينفذ تهديدًا وقتلًا علي تلاميذ الرب) (حتى وجد أناسًا من الطريق، رجالًا أو نساء، يسوقهم موثقين إلى أورشليم) (أع 9:1،2) ويجر رجالًا ونساء ويسلهم إلى السجن (أع 8:3). ولكنه لما عرف الرب المحب.. تحول إلى صورة المحبة هذه. وأصبح بولس الذي قال إن المحبة أعظم من الإيمان الذي ينقل الجبال (1كو 13: 2، 13) أصبح بولس الذي كان يقول (استعبدت نفسي للجميع لا ربح الكثيرين صرت للضعفاء كضعيف، لا ربح الضعفاء، صرت للكل كل شيء، لأخلص علي كل حال قومًا) (1كو 9: 19-22). صار بولس الذي قال (متذكرين أني ثلاث سنين ليلًا ونهارًا، ولم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد) (أع20: 31).. نعم ينذر بدموع، وليس بعنف. ويقول أيضًا في محبته للكل "من يضعف وأنا لا أضعف؟! ومن يعثر وأنا لا ألتهب؟!" (2كو 11: 29). نعم إن الرب أعد تلاميذه بالحب لكي يخدموا والذين كانوا عنفاء منهم غيرهم إلى محبين. نذكر مثالًا آخر غير شاول الطرسوسي، هو يعقوب ويوحنا، اللذين سماهما الرب بوانرجس أي ابني الرعد (مر3: 17). وقد كانا عنيفين في بادئ الأمر قبل أن يدربهما المسيح علي المحبة.. حدث مرة أن الرب لم يقبله قرية السامريين (فلما رأي ذلك تلميذاه يعقوب ويوحنا، قالا: يا رب، أتريد أن نقول تنزل نار من السماء فتفنيهم كما فعل إيليا أيضًا. فانتهرهما الرب وقال (لستما تعلمان من أي روح أنتما. لأن ابن الإنسان لن يأت ليهلك أنفس الناس، بل ليخلص) (لو 9: 52- 56). وإذا بيوحنا الذي قال تلك العبارة العنيفة، يتحول إلى يوحنا الحبيب أكثر تلميذ تكلم عن المحبة. يكفي أنه هو الذي قال (الله محبة. من يثبت في المحبة، يثبت في الله، والله فيه) (1يو 4: 16). ويحكي التاريخ قصصًا عجيبة عن المحبة.. إن الله المحب، يريد أن يكون خدامه علي نفس صورته في الحب، وبنفس أسلوبه في الحب. والذي لا تسكنه المحبة لا يصلح أن يكون خادمًا للرب. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الله لقديسيه عجيبة هي محبة الله لقديسيه، نحاول أن نذكر عنها بضع نقاط كأمثلة، لتوضح عمق ذلك الحب. أولا: دعوة الله لهم للعمل معه. وفي ذلك قال الرب لتلاميذ الأطهار (لستم اخترتموني، بل أنا الذي اخترتكم. وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم) (يو 15: 16). ويقول الرسول (الذي سبق فعرفهم فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه.. والذين سبق فعينهم، فهؤلاء دعاهم أيضًا) (رو 8: 29، 30). وما أجمل أن يكن إنسان معروفًا عند الله، ومعنيًا منه، ومدعوًا للعمل معه، وأن يشابه صورة ابنه.. بل ما أجمل أن هذا المختار من الله، يعرفه الله ويدعوه، للعمل وهو بعد في بطن أمه. مثال ذلك قول الرب لإرمياء النبي (قبلما صورتك في البطن عرفتك. وقبلما خرجت من الرحم قدستك. جعلتك نبيًا للشعوب) (أر1: 5)..عرفه، فاختاره فقدسه، فعينه نبيًا، قبل أن يخرج من بطن أمه!! ومثال إرمياء النبي، ويوحنا المعمدان أيضًا: نكلم الرب عن اختياره، قبل أن تحبل به أمه، علي لسان الملاك الذي بشر أباه زكريا، بأن امرأته ستحبل بهذا المختار (ومن بكن أمه يمتلئ من الروح القدس. ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم.. لكي يهيئ للرب مستعدًا (ويكون عظيمًا أمام الرب) (لو 1: 15-17). ومثال إرمياء والمعمدان، كان شمشون وبولس: أما عن شمشون، فقد قال ملاك الرب الذي بشر أمه "ها أنك تحبلين وتلدين ابنًا. ولا يعلو رأسه موسى، لأن الصبي يكون نذيرًا للرب من البطن) (قض13: 5). أما عن بولس الرسول، فقد تحدث عن اختباره من بطن أمه، فقال (لما شر الله الذي أفرزني من بطن أمي، ودعاني بنعمته، أن يعلن أبنه في لأبشر به بين الأمم، وللوقت لم استشر لحمًا ولا دمًا..) (غل 1: 15، 16) كذلك القديس الأنبا شنوده رئيس المتوحدين: اختاره الرب وعينه رئيسًا للمتوحدين، وآبا للرهبان قبل أن تحبل به أمه. ويعقوب أبو الآباء، أعطاه الرب الرئاسة والسيادة علي أخوته، وهو بعد في بطن أمه (تك 25: 23). وبالتالي اختاره أن يأتي من نسله المسيح، وبنسله تتبارك جميع قبائل الأرض. ومن محبة الله لكل هؤلاء، اختارهم لبناء ملكوته. وفي محبته لهم أعطاهم بركة، بل وجعلهم بركة. كما قال لأبينا إبراهيم: (أباركك، وتكون بركة، وأبارك مباركيك، ولاعنك ألعنه. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض) (تك 12: 2،3). حقًا، كم من قديس صار بركة لجيله أو للأجيال كلها.. وأصبح حاملًا لله (ثيئوفورس)، يقدمه للعالم وكم من قديس كشف له الله ما لا يري، ومنحه استعلانات (2كو 12: 7). وقديسون منحهم قوة أجراء المعجزات، مثل موسى الذي شق البحر الأحمر، وفجر من الصخرة ماء، وأنزل المن والسلوى. إن الله في حبه يعطي بلا حساب، بلا كيل. يفتح كوي السماء لتنزل منها بركاته، حتى نقول كفانا كفانا. في محبته لقديسيه، أعطاهم الروح القدس، أعطاهم البركة والنعمة والحب. وجعل سكناه داخلهم، وأعطاهم صنع المعجزات. منحهم الحكمة. وأعطاهم كل ما يطلبونه لأجل أنفسهم ولأجل الآخرين وكانت صلواتهم مفاتيح السماء. وكان يأخذ رأيهم وينفذ طلباتهم، كما فعل مع موسى ومع إبراهيم. ومن محبته لقديسيه كان ينسب إليهم أعماله. فيقول (شريعة موسى) وهي شريعة الرب. ويقال كنيسة مارجرجس وهي كنيسة الله. وتحدث معجزة شفاء علي يد العذراء بينما الله هو الشافي، ويقول الرب. **(من يكرمكم يكرمني) (ومن يرذلكم يرذلني)** وبمحبة الله لقديسيه عمل فيهم، وعمل بهم، وعمل معهم، وجعلهم سفراءه، ووكلاءه ووسطاءه علي الأرض، ينقلون نعمته للآخرين وقال لهم (لا أعود أميكم عبيدًا بل أحباء). بل أنه دعاهم أخوته وصار بكرًا وسط أخوة كثيرين (رو8: 29). وقيل عنه إنه (أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم حتى المنتهي) (يو13: 1). وفي هذا الحب اعتبرهم كشخصه. بل نقرأ عجيبة، قالها في منحهم صنع المعجزات وهي: (من يؤمن بي، فالأعمال التي اعملها يعملها هو أيضًا، ويعمل أعظم منها (يو14: 12). إنني أقف مبهوتًا ومبهورًا أمام عبارة (ويعمل أعظم منها)!! أي حب هذا وأي أتضاع..!! نعم إنه من محبته لقديسيه، زودهم بقوي عجيبة. وجعلهم شركاء للروح القدس و(شركاء للطبيعة الإلهية) في العمل (1بط 1:4) وقال لهم (ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم) (أع1: 8)،.وجعلهم وكلاء سرائر الله (1كو 4: 1) (التي تشتهي الملائكة أن تطلع عليها) (1بط1: 12). ومن محبته لهم منحهم مواهب الروح القدس هذه المواهب التي خصص لها القديس بولس الرسول إصحاحًا كاملًا من رسالته إلي كورنثوس (1كو 12) (قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء).. ومن محبة الله لقديسيه، أنه جعلهم يجربون عشرته وصداقته. فموسى جلس معه علي الجبل أربعين يومًا. وقضى الرب مع تلاميذه أربعين يومًا بعد القيامة يحدثهم عن الأمور المختصة بملكوت الله. قيل عن إبراهيم انه خليل الله. وهؤلاء لم يعاشروه فقط، بل تمتعوا به. قال داود: ( ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب (وما أعجب هذه المذاقة!! بهذا الحب ظهر الرب لكثير من قديسيه، وكلمهم. كما ظهر الأنبا بيشوي فغسل القديس رجليه. وظهر للأنبا بولا الطموهي، وقال له في محبة (كفاك تعبًا يا حبيبي بولا).. وظهر لإيليا النبي وهو هارب من الملكة إيزابل، وطمأنه، وكلفه برسالة.. وكان قد أرسل له ملاكًا ليقويه ويقدم له طعامًا ليغذيه (1مل 19: 5- 18). وظهر أيضًا ليعقوب وهو هارب من أخيه عيسو، وطمأنه، وعزاه بوعود إلهية. وقال له (هأنذا معك، وأحفظك حيثما تذهب، وأردك إلى هذه الأرض) (تك 28: 15). إن من محبة الله لقديسيه، العزاء العجيب الذي يمنحه لهم. كل اللذين عاشروا الله، تمتعوا بالعزاء، وبالسلام، والطمأنينة، والفرح. وهكذا قال الرسول (أفرحوا في الرب كل حين) (في 4:4). وبهذا العزاء استطاع الآباء أن يعيشوا في البرية وحدهم، بلا أنيس، وهم في متعه الحب الإلهي، يجدون في وحشة البرية عزاء لا يعبر عنه ولذة عميقة بالعشرة الإلهية.. ومن محب الله لقديسيه، أنه أعطاهم الإحساس بالوجود في حضرته.. وفي ذلك يقول داود النبي. (تأملت فرأيت الرب أمامي في كل حين، لأنة عن يميني فلا أتزعزع) ويقول إيليا النبي (حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه) (1مل 18: 15). إن النفس البشرية التي ذاقت محبة الله، تقول (شماله تحت رأسي، ويمينه تعانقني) شاعرة أن محبة محيطة بها (نش2: 6). ومن محبة الله لنا، أنه يحيطنا بملائكته، تحفظنا وتخدمنا. فيقول بولس الرسول عن الملائكة (أليسوا جميعًا أرواحًا خادمة، مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص) (عب1: 14) ويقول المزمور (ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم). وما أعجب أن تخدمنا الملائكة، ونحن لا نستحق مجرد رؤيتهم..! ومن محبة الله لقديسيه، أنه يمنحهم حق الشفاعة أيضًا. لنا أردا الله أن يغفر خطية أصحاب أيوب، قال لهم بعد أن بكتهم (اذهبوا إلى عبدي أيوب. واصعدوا محرقة لأجل أنفسكم، وعبدي أيوب يصلي من أجلكم. لأني أرفع وجهه، لئلا أصنع معكم حسب حماقتكم) (أي 42: 8). وهكذا جعل الله مغفرة مشروطة بصلاة أيوب عنهم. ولما لا تغفر يا رب مباشرة؟! يقول: "لأني أرفع وجهه".. ويظهر الرب لشاول الطرسوسي، ويدعوه إلى خدمته ولكن لا يشرح له ما ينبغي.. وهكذا يعطي الرب كرامه لحنانيا وكهنوته. بل ما أعجب أن الروح القدس يقول لرجال الكنيسة: (افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه) (أع13: 2). ولعلهم يقولون في قلوبهم: ومن نحن يا رب؟! مادمت قد دعوتهما، فقد أنتهي الأمر. ولكن الروح القدس يود أن تمر إرسالية برنابا وشاول من خلال القنوات الشرعية في الكنيسة، حبًا لهذه القنوات. وتدعيمها لشرعيتها وعملها.. ولهذا بعد أن (صاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي وأطلقوهما بسلام).. قيل حينئذ عنهما (فهذان إذ أرسلا من الروح القدس، انحدرا إلى سلوكية..) (اع13: 3، 4).. نعم أرسلا من الروح القدس. ولكن كيف؟.. من خلا الكنيسة التي يحبها الروح، ويدعم لها اختصاصاتها.. ما أعمق محبتك يا رب! انظروا أيضًا إلى قصة قبول كرنيليوس الأممي الذي صعدت صلواته وتقدماته إلي الرب. وظهر له ملاك الرب يخبره بهذا. ولكن الرب يحيل كرنيليوس إلي عبده بطرس، لكي يخبره بما ينبغي (أع10:1-6). ذلك لأن الله يريد أن يعمل عن طريق رسله، كهنته. وبهذا يرفع وجوههم كوكلائه، ويثبت لهم في الكنيسة اختصاصاتهم. ولعل من أعجب القصص في محبة الله لقديسيه، ورفعة مكانتهم أمام الكل، قصة إقامة مساعدين لموسى النبي. أراد الله أن يريح نبيه موسى من ثقل المسئوليات التي عليه، وذلك بإقامة مساعدين له، (فقال الرب لموسى: اجمع إلي خيمة الاجتماع فيقفوا هناك معك. فأنزل أنا وأتكلم معك هناك، وأخذ من الروح الذي عليك وأضع عليهم، فيحملون معك ثقل الشعب) (عد11:16،17).. وكأن موسى يقول: من أنا يا رب الذي تأخذ من الروح الذي علي وتضع عليهم؟! أعطهم من عندك كما أعطيتني! ولكن الله من محبته لموسى، أراد أن يرفع قدره أمامهم، لكيلا يشعروا أنهم صاروا مساوين له.. وذلك إن أخذوا من نفس المصدر الإلهي كما أخذ.. (وخروج موسى وكلم الشعب بكلام الرب، وجمع سبعين رجلًا من شيوخ الشعب، وأوقفهم حوالي حوالي الخيمة. فنزل الرب سحابه وتكلم معه. وأخذ من الروح الذي عليه، وجعل علي السبعين رجلًا الشيوخ. فلما حل عليهم الروح تنبأوا). (عد11:24،25).. موسى هو الذي اختارهم بنفسه، ولم يعينهم الرب له. وأخذوا من الروح الذي عليه فتنبأوا ليعرفوا أنهم مجرد مساعدين له. فهو الذي أقامهم أمام الرب.. وهكذا عامل موسى، بالأسلوب الذي يحفظ له كرامته ورئاسته بين مساعديه.. من محبة الله أيضًا لقديسيه، أنه أعطاهم سلطانًا علي الطبيعة. كما سبق من قبل أن أعطي آدم وحواء (تك1:6). وكما أعطي أيضًا نوحًا وبنيه، فادخلوا الوحوش والدبيبن وسائر الحيوانات إلي الفلك وعاشوا فيه (تك6:19-21). ما أعجب قول إيليا (حي هو الرب.. أنه لا يمكن طل ولا مطر في هذه السنين، إلا عند قولي) (1مل17:1). وفعلًا امتنع المطر أكثر من ثلاث سنوات منتظرًا قول إيليا.. وإيليا يعطي بركة لأرملة صرفه صيدًا، بأن كوار الدقيق لا يفرغ وكوز الزيت لا ينقص، إلي أن ينزل الله المطر علي الأرض، وهكذا كان (1مل17:14-16). ومنع الرب طبائع كثيرة من أن تؤذي قديسيه كما حدث مع يونان في بطن الحوت (يون2). وكما حدث مع الثلاثة فتية في أتون النار (دا31)، ومع دانيال في جب الأسود (دا6).. وصار أحباء الله هؤلاء في وضع له سموه، جذب الآخرين إلي الإيمان. في نياحة الأنبا بولا، أرسل الله أسدين فحفرا قبرًا له، لكي يتعب في هذا الأمر القديس الأنبا أنطونيوس الذي أمرهما. أحب الله قديسيه، فأكرمهم في حياتهم وفي وفاتهم أيضًا. يرسل ملائكة لكي تحمل روح لعازر المسكين إلي أحضان إبراهيم (لو16:22). وروح أنبا آمون رآها القديس أنطونيوس، وقد حملتها الملائكة في فرح، لتزفها بالتسابيح إلي السماء. وهناك قديسون عند وفاتهم، كانوا يرون أنوارًا، ويظهر لهم قديسون لاستقبال أرواحهم. وبعض منهم تفوح رائحة بخور عند وفاتهم. فما أجمل قول الكتاب (لتمت نفسي موت الأبرار، ولتكن آخرتي كآخرتهم) (عدد23:10). ومن محبة الله لقديسيه أنه دعاهم "آلهة"! فقال لهم في المزمور (82:6) ألم أقل إنكم آلهة، وبني العلي تدعون) (مز82:6). وقال الرب لموسى (جعلتك إلهًا لفرعون. وهرون أخوك يكون نبيك) (خر7:1).. وقال له عن هرون (هو يكون لك فمًا، وأنت تكون له إلهًا) (خر4:16) يقصد ك توحي له بالكلام الذي تريد أن تقوله. وبالنسبة إلي فرعون تكون سيدًا له.. ومن محبه الله لقديسيه أنه أعطاهم بعض ألقابه: فقال (أنا هو نور العالم) (يو12:46)، وقال (أنتم نور العالم) (مت5:14). وطبعًا الفرق واضح. فهو النور الحقيقي (يو1:9). وهم يأخذون من نوره. وقال (أنا هو الراعي الصالح) (يو10:11). وأقام في الكنيسة رعاة (اف4:11). محبه الله لقديسيه تبدو أيضًا في حنانه عليهم إن أخطأوا، حتى حنانه في عقوبته..! ما أشد قسوة الإنسان، إذا وقع أخوه الإنسان في يده. أما الله فحنون جدًا حتى عندما يعاقب.. لذلك قال داود النبي عبارته المشهورة: (أقع في يد الله، ولا أقع في يد إنسان، لأن مراحم الله واسعة) (2صم24:12) لقد عاقب الرب داود، ولكن عقابه له لم يمنع أبدًا استمرار محبته، حتى بعد موت داود.. فعامل ابنه سليمان برفق، وعلل رفقه عليه بقوله (من أجل داود عبدي) (1مل11:13) أو بقوله له (من أجل داود أبيك) (1مل11:12). وحتى بالنسبة إلي سليمان نفسه، قال عنه الرب لداود أبيه (هو يبني بيتًا لاسمي، وأنا أثبت كرسي مملكته إلي الأبد. أنا أكون له أبًا، وهو يكون لي ابنًا. إن تعوج أؤدبه. بقضيب الناس وبضربات بني آدم. ولكن رحمتي لا تنزع منه كما نزعتها من شاول) (2صم7:13-15). جميلة هذه العبارة)إن تعوج أؤدبه. ولكن رحمتي لا تنزع منه( إنها تعبر عن رأفة الله في عقابه.. بل رفقه الله الشديدة تبدو في مقابلته لإنكار بطرس الرسول، الذي أنكره ثلاث مرات وكان يلعن ويحلف إني لا أعرف الرجل (مت26:69-74).. كيف لاقاه بعد القيامة برقة شديدة، وطمأنه علي رسوليته بقولة (ارع غنمي. ارع خرافي) (يو21:15-17). حقًا إن الله يعامل الناس حسب عمق محبته نحوهم وليس حسب خطاياهم إليه. وحتى عندما قال الرب (بسطت يدي طول النهار لشعب معاند ومقاوم).. نسأله (ولماذا تمد يا رب يدك نحو هؤلاء المعاندين؟! ولعله يجيب: ( لأن المحبة التي في قلبي من نحوهم، أقوي بكثير من العناد الذي في قلوبهم من نحوي..). صدق أحد الروحيين حينما قال: إن جميع خطايا الناس إذا قيست بمحبة الله، تشبه حفنة من الطين في المحيط، لا تستطيع أن تعكر مياهه. وإنما بكل هدوء يأخذها المحيط (إذا تابوا) ويفرشها في أعماقه، ويقدم لهم ماء رائقًا.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
اهتمام الله بالأشياء الصغيرة كل شيء إلي جوار الله، يعتبر صغيرًا وضئيلًا. أو كأنه لا شيء إلي جوار الله غير المحدود.. فاهتمام الله بخليقته، أو بالكون كله، هو اهتمام منه بشيء صغير. ولعل هذا من مظاهر تواضع الله ومحبته لخليقته.. حقًا ماذا تكون الكرة الأرضية سوي كوكب من كواكب عديدة جدًا لا تحصي! بل ماذا يكون الإنسان سوي حفنة من تراب أخذت من هذه الأرض! ومع ذلك ففي موضوع اليوم سوف لا نتناول اهتمام الله بالكون كله، أو بالبشرية جمعاء، إنما اهتمامه بالصغير في عالم الكون، وبالصغير في عالم الإنسان، وفي غير عالم الإنسان، أي اهتمامه بصغير الصغير..! |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الله للأطفال ولنبدأ بمحبة الرب للأطفال واهتمامه بهم. إن الله يحب الأطفال. يحب فيهم البراءة والبساطة وعدم التعقيد وعدم الرياء.. وهكذا يقول (الحق أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال، فلن تدخلوا ملكوت السموات) (مت18:3). وفي ترجمة King James للإنجيل، يقول عن الأطفال (Little Children). وفي إنجيل معلمنا لوقا يقول (من لا يقبل ملكوت السموات مثل ولد (as a little child)، فلن يدخله) (لو18:17). ويقول أيضًا من قبل ولدًا (Child) واحدًا مثل هذا، فقد قبلني) (مت18:5) (لو9:48). وقد دافع الرب عن الأطفال. فقال (من أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخير له أن يعلق في عنقه حجر الرحي، ويغرق في لجة البحر) (مت18:5) (لو17:2) وقال إنه ليست مشيئة أبيكم الذي في السموات أن يهلك أحد هؤلاء الصغار (مت 18:14). ودافع الرب عن الأطفال يوم أحد الشعانين. وقال للمحتجين عليهم (أما قرأتم قط إنه من أفواه الأطفال والرضعان هيأت تسبيحًا) (مت21:16) (مز8:2). كان الرب يحب الأطفال ويحتضنهم (مر10:16). ولما كانوا يمنعونهم عنه استصغارًا لهم، كان يقول (دعوا الأولاد يأتون إلي ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات) (مت19:14) (مر10:14). وكان الرب أيضًا يقول (انظروا، لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار). وقد اختار الرب أطفالًا للنبوة والخدمة ولمسئوليات خطيرة: اختار الطفل صموئيل، وناداه باسمه ثلاث مرات، وحمله رسالة يبكت بها عالي الكاهن في المرة الرابعة. نعم كلمة الرب وقت قيل عنه (وكانت كلمة الرب عزيزة في تلك الأيام) (1صم3:1-14). وجميل أنه قيل عن صموئيل (وكان صموئيل يخدم أمام الرب وهو صبي، متمنطق بأفود من كتان. وعملت له أمه جبه صغيرة) (1صم2:18،19). وكما اختار الرب صموئيل الطفل. اختار الرب إرميا الطفل أيضًا. وقال له (قبلما صورتك في البطن عرفتك. وقبلما خرجت من البطن قدستك جعلتك نبيًا للشعوب) (أر1:5). ولما اعتذر إرميا الصغير يقوله (آه، يا سيد الرب. إني لا أعرف أن أتكلم لأني ولد)، شجعه الرب قائلًا (لا تقل إني ولد.. لا تخف من وجوههم، لأني أنا معك لنقذك.. ها قد جعلت كلامي في فمك. انظر، قد وكلتك اليوم علي الشعوب وعلي الممالك، لتقلع وتهدم.. وتبني وتغرس) (أر1:7-10). ويشجع الرب هذا الصبي الصغير، ويقول له (هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة، وعمود حديد، وأسوار نحاس، علي كل الأرض، لملوك يهوذا ورؤسائها وكهنتها ولشعب الأرض، فيحاربونك ولا يقدرون عليك. لني أنا معك - يقول الرب لأنقذك) (أر1:18،19). حقًا ما أعجب محبة الرب للصغار، وتشجيعه لهم. كل هذه المسئوليات والوعود يقدمها للصبي الصغير إرمياء، الذي عرف الرب قلبه قبل أن يولد.. حقًا، (سبحوا الرب أيها الفتيان، سبحوا الرب) (مز113).. الرب يرفع معنويات الصغار، ويعينهم في مسئوليات قد تبدو فوق مستواهم. ولكنه إلي جوارها عبارة (لا تخف. أنا معك). وإذا بالصغير - نتيجة لمحبة الله - يصبح أكبر من الكبار!! يوسف الصديق كان أصغر إخوته. ولكن الله في محبته له أظهر هذه المحبة في أحلام، وفيها الدلالة علي أن أخوته سوف يأتون ويسجدون له.. (تك37:5-10). صار المتسلط علي كل مصر، بل جعله الله أبًا لفرعون وسيدًا لكل بيته (تك45:8).. ومثل يوسف الصغير الذي احبه الله وباركه، هكذا كان داود أصغر أخوته. حدث أن يسى البيتلحملي قد أبناءه السبعة الكبار إلى صموئيل النبي، ليأخذ منهم من يختاره الرب. ولم يختر الرب واحدًا من كل هؤلاء. وقال يسى (بقي بعد الصغير. وهوذا يرعي الغنم) (1صم 16: 11). هذا الصغير الذي لم يعفه أبوه من رعي الغنم في ذلك اليوم، ليحضر معهم إلى الذبيحة ويري النبي العظيم،نعم هذا الصغير هو الذي أمر الرب نبيه أن يمسحه ملكًا (فمسحه وسط أخوته.. وحل روح الرب علي داود من ذلك اليوم فصاعدًا) (1صم16: 13) ولنذكر أيضًا في محبة الله للصغار: عنايته بالطفل موسى، وبالطفل يوحنا. موسى الطفل الذي كلن معرضًا للموت مثل سائر الأطفال، وحسب أمر فرعون للقابلتين (خر1: 16).. يرسل له الله ابنة فرعون، فتراه في سفط علي جانب النهر فتحن عليه، وتأخذه إلى القصر الملكي وتتبناه، وتأتي بأمه لترضعه.. ويكبر موسى ويصير نبينًا. كذلك يوحنا بن زكريا، كان معرضًا في طفولته أن يقتل مثل سائر أطفال بيت لحم.. كيف اعتني به الله فعاش، وصار أعظم من نبي، بل أعظم من ولدته النساء، وصار أيضًا الملاك الذي يهيئ الطريق قدام السيد المسيح (مت11: 9-11).. حقًا ما أعجب محبة الرب للأطفال.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الله لصغار المواهب البابا شنوده الثالث من اهتمام الله بالصغار - الصغار في المواهب. http://im32.gulfup.com/nNUzv.gif كان موسى صغيرًا في مواهبه، حسبما اعترف هو بهذا، واعتذر عن إرسال الرب له. فقال (أنا ثقيل الفم واللسان)، (لست صاحب كلام منذ أمس، ولا أول من أمس) (خر4: 10). وقال أيضًا (أنا أغلف الشفتين) (خر30:6).. فإذا بهذا الأغلف الشفتين يصير كليم الرب. ومن محبة الرب له، اختار له هرون أخاه لمساعدته، وقال له عن هرون: (هو يكون لك فمًا. وأنت تكون له إلهًا) (خر16:4).. ونقص مواهبه الجسدية لم تمنع اختباره... وكما اختار الرب موسى الثقيل الفم واللسان، اختار أيضًا ليئة وكانت عيناها ضعيفتين (تك17:29). وكانت مكروهة من زوجها يعقوب، الذي كان يحب أختها راحيل أكثر منها فلما رأي الرب ذلك عوضها بكثرة البنين. وما أجمل هذه الآية التي تدل عل حنو الرب، إذ يقول الكتاب (ورأي الرب ليئة مكروهة، ففتح رحمها. وأما راحيل فكانت عاقرأ) (تك31:29).. ووهب الله لليئة أن تلد ستة بنين ليعقوب وابنة هي دينة (خر 29: 20: 21). وكان من بين أبنائها: لأوى، الذي صار منه سبط الكهنوت، ويهوذا الذي منه سبط الملوك. ومن نسله ولد المسيح. ومن الناحية الأخرى، لما تعبت راحيل بسبب عقمها. عاد الرب فتحنن عليها، وولدت يوسف وقال (قد نزع الله عادي) (تك29: 22 -24). ولعل من محبة الله،وتحننه علي صغار المواهب، اختاره لجهال العالم. وفي ذلك يقول القديس بولس الرسول (اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. واختار الله ضعاف العالم ليخزي الأقوياء. واختار الله أدنياء العالم والمزدري وغير الموجود، ليبطل الموجود، لكي لا يفتخر كل ذي جسد أمامه) (1كو27: 29).. ماذا كان الرسول سوي جماعة غالبيتهم من الصيادين.. واختار الرب الرعاة البدو ليبشرهم الملائكة بميلاد المسيح (لو2: 8-14). واختار مريم المجدلية، التي سبق أن أخرج منها سبعة شياطين، لتكون مبشرة للرسل بالقيامة (مر16: 9، 10)، (يو20: 17، 18). إنها محبة الرب التي ترفع معنويات الصغير، فيصير كبيرًا.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
اهتمام الله بصغار النفوس ومن محبة الله أيضًا: الاهتمام بصغار النفوس. وهكذا ورد في أقوال الوحي الإلهي (شجعوا صغار النفوس. اسندوا الضعفاء تأنوا علي الجميع (1تس5: 14). ويقول أيضًا (قوموا الأيادي المسترخية والركب المخلعة) (عب12:12).. كل هؤلاء محبة الله ومراحمه تدركهم حتى لا يدركهم اليأس. وأليس هو الذي قيل عنه: "قصة مرفوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنه لا يطفئ" (مت 12: 20) ( أش42: 4). إنه يهتم بالفتيلة المدخنة، حتى لا تنهار من صغر النفس، قد تهب عليها ريح بنعمته فتشعلها. وكذلك القصبة المرضوضة قد يعصبها فتستقيم. ومن اهتمامه بصغار النفوس قوله (ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد).. لحيظة تركتك، وبمراحم عظيمة سأجمعك) (أوسعي مكان خيمتك.. لأنك تمتدين إلى اليمين وإلى اليسار. ويرث نسلك أممًا، ويعمر مدنًا خربة) (أش54: 1-7). ومن اهتمامه بصغار النفوس قوله (لأن الرب مسحني لأبشر المساكين، وأرسلني لعصب منكسري القلوب، لأنادي للمسبيين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق) (أش 61: 1). لعل البعض يقول: من أنا حتى أحشر نفسي وسط رجال الله القديسين؟ نقول له: أحشر نفسك إذن مع الركب المخلعة، والفتيلة المدخنة، ومع منكسري القلوب.. حقًا، ليس أحد منسيًا أمام الله، مهما كان صغيرًا ومسكينًا ومنكسرًا. إنه رجاء من ليس له رجاء، عزاء صغيري القلوب، ميناء الذين في العاصف.. لقد عزى بطرس الذي صغرت نفسه بع إنكاره، وبكي بكاء مرًا (مت26: 75)،.. فظهر له بعد القيامة ورفع معنوياته بقوله له (أرع غنمي. أرع خرافي) (يو21: 15- 17). كذلك ظهر الرب لأبينا يعقوب وهو خائف من أخيه عيسو وقد صغرت نفسه جدًا فعزاه وقواه وباركه (تك28: 32). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
اهتمام الله بصغار المركز من محبة الله أيضًا أنه يهتم بصغار المركز. راعوث الموآبية، وهي أرملة غربية الجنس، لا مركز لها.. أهتم بها الرب وأعطاها نعمة في عيني بوعز، وصارت جدة لداود النبي. وحمل اسمها أحد أسفار العهد القديم، ودخل اسمها في سلسلة أنساب المسيح (مت 1) وراحاب الزانية، أهتم بها الرب بعد توبتها وإيمانها، وأدخلها أيضًا في سلسلة الأنساب. حسبما الرسول قي قائمة المشهورين بالإيمان (عب11: 31). وسحل يشوع اسمها وأعطاها أمانًا هي وأهل بيتها (يش2: 1،19).. إن كان الرب قد أعطي أهمية لراعوث وراحاب، فكذلك منح مركزًا لجدعون. جدعون هذا لما دعاه الرب ليصنع به خلاصًا، قال وهو شاعر بضآلة شأنه (ها عشيرتي هي الذلى في منسى، وأنا الأصغر في بيت أبي) (قض15:6). ولكن الرب شدده وقوي إيمانه، ومحنه علامات لتقويته، وأراه آيات، وصنع به انتصارًا عظيمًا، وصار من قضاه الشعب، وسجل اسمه في سفر القضاة (قض6-8). وكتب القديس بولس الرسول اسمه ضمن أبطال الإيمان (عب11: 32).. هذا الدي عشيرته هي الذلى في منسى. بل لننظر إلى بيت لحم، القرية الصغيرة في يهوذا. علي الرغم من صغرها وضآلة شأنها، إلا أن الرب قد خاطبها قائلًا (وأنت يا بيت لحم، ليست الصغرى بين رؤساء يهوذا. لأن منك يخرج مدبر يرعي شعبي إسرائيل) (مت 2: 6). وصارت بيت لحم هي مدينة داود النبي، ثم المدينة التي ولد فيها السيد المسيح له المجد.. ومنحها الرب عظمه لم تنلها أمهات المدن وعواصم الممالك.. ومن اهتمام الرب بالصغار، أنه أطلق هذا اللقب علي المؤمنين به: وقال في ذلك (لا تخف أيها القطيع الصغير، لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت) (لو12: 32)،. وهذا القطيع الصغير - ربما في عدده هو الذي سيدخل ملكوت السموات. لأن الباب المؤدي إلى الحياة الأبدية هو باب ضيق، (وقليلون هم الذين يجدونه) (مت 14:7). بودي أن أتحدثك عن اهتمام الرب في محبته بأمور كثيرة صغيرة: كالأشياء الصغيرة في عددها، أو في قيمتها، أو في حجمها، أو اهتمامه بالمخلوقات الصغيرة في شأنها، أو اهتمامه بالعمل الصغير.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
اهتمام الله بصغار العدد والقيمة اهتمام الرب بالصغير في القيمة، وفي العدد. وفي معجزة إشباع الجموع من الخمس خبزات والسمكتين، نري أن الرب أمسك هذا القليل في يده، وباركه فصار كثيرًا يمكنه إشباع (خمسة آلاف رجل غير النساء والأطفال) (مت14: 21). علي أن العجيب أيضًا، هو قول الرب لتلاميذه (اجمعوا الكسر الفاضلة) (يو6: 12)!! ما قيمة هذه الكسر يا رب حتى تهتم بها؟ إنه شيء معز حقًا، أن يهتم الرب بهذه الكسر الملقاة. ويأمر تلاميذه القديسين أن يجمعوها في قفف ويحملوها!! لذلك، قل له (يا رب، إن كنت قد اهتممت بهذه الكسر، فعلي الأقل تهتم بإنسان مثلي، ملقي علي الأرض مثلها، ليحمله لا رسول من رسلك، إنما واحد من تلاميذ تلاميذهم مهما صغر)!! نلاحظ بالنسبة إلى الخمس خبرات أنها كانت من شعير (يو6: 9).. وقيمته اقل من القمح بلا شك. ولكن الرب لم يحتقر هذه القيمة لأقل، بل منحها بركة إشباع الناس. كذلك تقبل هذه الأرغفة من فتي صغير (a lad). ليرينا في كل ذلك اهتمام بالصغار. نفس مباركة العد الصغير وردت في معجزة أخري لإشباع أربعة آلاف رجل غير النساء والأطفال من سبعة أرغفة (قليل من صغار السمك)) (مت15: 34- 38). وجميل هنا أن تجتمع كلمة (قليل) مع كلمة صغار، لنري منهما كيف أن محبة الله لا تحتقر القليل ولا الصغير، بل تعمل بكليهما عملًا. لعل هذا يذكرنا بانتصارات سمح بها الرب بالقليل والصغير. داود الفتي الصغير، كان محتقرًا أمام جليات الجبار. ولكنه لم يكن كذلك أمام الله المحب، قيل عنه (ليس عند الرب من أن يخلص بالكثير أو بالقليل) (1صم 14: 6). بل كثيرًا ما يخلص الرب بالقليل، كما فعل مع الفتي داود. ذلك لأن (الحرب للرب) (1صم17: 47)، . الرب يحب أن يحتار الصغار.. ويجعل من داود الصغير بطل الموقف، أكثر من شاول الملك. ويهتف النسوة بالألوف لشاول، وبالربوات لداود (1صم18: 7). ويمجد الرب هذا الفتي الصغير في أعين الكل.. ولنا مثال آخر في قصة انتصار جدعون علي المديانيين. كان مع جدعون جيش من 32 ألفًا من الجند. ولكن الرب لم يشأ أن ينتصر جدعون بهذا الجيش الكبير، (لئلا يفتخر إسرائيل) (قض7: 2، 3). وأمر بعمل تصفية للجيش، حتى وصل العدد إلى ثلاثمائة فقط (أي 1% فقط من عدد الجيش) (قض7:7). وبهؤلاء فقط، صنع الرب خلاصًا، بهذا العدد الصغير.. اختار البر اثني عشر رسولًا، لنشر بهم الإيمان. نعم، بهذا العدد القليل، الذين قال لهم (تكونون لي شهودًا في أورشليم، وكل اليهودية، والسامرة، وإلى أقصي الأرض) (أع 1: 8). وحتى لو أضفنا إليهم السبعين تلميذًا (ماذا يكون هذا العدد الصغير، ليكرز بالإنجيل للخليقة كلها) (مر16: 15)، ولكي يتلمذوا جميع الأمم ويعلموهم ويعمدوهم (مت28: 19، 20). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
اهتمام الله بالنفس الواحدة اهتمام الرب بالأشياء الصغيرة نجده أيضًا من أمثلة التوبة: الدرهم المفقود مثلا، ما قيمته، حتى توقد صاحبته (أي الكنيسة) سراجًا، وتفتش باجتهاد حتى تجده ومتى وجدته تدعو الصديقات والجارات، قائلة افرحن معي ن لأني وجدت الدرهم أضعته (لو 15: 8، 9). أنه ليس ديناراً، ولا قطعه ذهبيه، ولا حتى فضية.. بل هو مجرد درهم.. ولكن محبه الله تشمل الصغار مهما كانت قيمتهم تبدو ضئيلة! إن اهتمام الرب بالنفس الواحدة، دليل على محبته الفائقة: حتى لو كانت نفس زكا العشار (لو 19) أو مريم المجدلية التي اخرج منها سبعة شياطين (لو 8)، أو حتى لو كانت نفس المرأة المضبوطة في ذات الفعل (يو 8)،.. أو كانت نفس ذلك الخروف الواحد الضال، الذي من أجل إرجاعه ترك التسعة والتسعين، وبحث عنه حتى وجده، وحمله على منكبيه فرحا، ودعا الأصدقاء والجيران، قائلا افرحوا معي.. لأنه يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب (لو 15: 4-10). إن الله لم يقصر محبته علي الإنسان وحده، بل اهتم بالخليقة كلها. هوذا يقول عن عنايته هذه (تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو: لا تتعب، ولا تغزل. ولكن أقول لكم ولا سليمان في مجده، كان يلبس كوحدة منها) (مت6: 28، 29).. نعم، ما هذا الجمال كله الذي وهبه الله لهذه الزهور والورود، في متنوع ألوانها وفي رائحتها، وفي مقدار العطر المخزون فيها، والشهد المأخوذ منها..!! |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
اهتمام الله بالطير ثم ما أعجب اهتمام الرب بالطير.. قال الرب (أليس عصفورًا يباعان بفلس، وواحد منها لا يسقط علي الأرض بدون أبيكم) (مت10:29). هذه العصافير التي ثمنها زهيد جدًا، لا يسقط واحد منها علي الأرض بدون سماح من الله الآب.. فإن كان عصفوران بفلس، يكون أربعة منها بفلسين. ولكنه يقول أليست خمسة عصافير تباع بفلسين، وواحد منها ليس منسيًا أمام الله) (لو12:6). أي أن الواحد الذي يمكن أن يوهب مجانًا في سعر الجملة، إذا اشتري منها الشاري بفلسين.. هذا الواحد الذي لا قيمة له ولا ثمن، ليس منسيًا أمام الله.. ما أعجب الله في حنوه. فإن كانت هكذا عنايته بالعصافير، فكم بالأولي البشر الذين هم أفضل من عصافير كثيرة (لو2:7). ونضرب هنا مثالين لعناية الله بالطير. يقول الرب (انظروا إلي طيور السماء: إنها لا تزرع ولا تحصد، ولا تجمع إلي مخازن، وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحري أفضل منها) (مت6: 26) (لو12:24). ويقول المزمور عن الرب (المعطي البهائم طعامها، ولفراخ الغربان التي تدعوه) (مز147:9). في إحدى المرات وأنا في الدير، أخذت درسًا عن إيمان وقناعة العصافير. كنت واقفًا أمام قلايتي. وكانت حفنة أو أكثر من القمح قد وقعت علي الأرض. وجاءت العصافير: كان كل عصفور يلتقط حبتين أو ثلاثًا، ويطير تاركًا هذا الكنز من الطعام مكانه، وله إيمان أن الله سيقوته حيثما طار. وهنا تذكرت قول الرب عن العصافير (ولا تجمع إلي مخازن).. حقًا إن إيمان العصفور أعمق بكثير من اجتهاد النملة.. هذه العصافير التي لا تهتم بما للغد، ولا بما لباقي اليوم.. أما عن حماية الله للعصافير. فيعجبني جدًا قول المزمور (نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ انكسر ونحن نجونا. عوننا من عند الرب الذي صنع السماء والأرض) (مز24:7،8).. حقًا، لا يسقط واحد منها بدون أبيكم.. وهناك لمسة حنان يقولها الرب بالنسبة إلي الطيور. يقول في سفر التثنية (إذا اتفق قدامك عش طائر في الطريق، في شجرة ما أو علي الأرض، فيه فراخ أو بيض، والأم حاضنة الفراخ أو البيض، . فلا تأخذ الأم مع الأولاد. أطلق الأم وخذ لنفسك الأولاد، لكي يكون لك خير وطول أيام) (تث 22: 6، 7). نلاحظ أن هنا وعدًا بالبركة، لمن تكون له هذه اللمسة الإنسانية. ولعل اهتمام الله الحنون بالمشاعر التي بين الأم والأولاد في عالم الحيوان، قوله أيضًا (لا تطبخ جديًا بلبن أمه) (خر23:19). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
اهتمام الله بالحيوان أما شفقة الله علي الحيوان، فلها أمثلة عديدة جدًا: لعل من أقدم أمثلتها أنه أدخل جميع الحيوانات إلي الفلك، اثنين من كل، ذكرًا واثني، لاستبقائها، سواء من الحيوانات الطاهرة أو غير الطاهرة (تك6:19-21) وأخذ نوح معه طعامها في الفلك. ولكي لا تنقرض الحيوانات الطاهرة التي ستقدم منها الذبائح والمحرقات، أخذ منها سبعة، ذكرًا وأنثي (تك7:2،3). ومن اهتمام الله بالحيوان شفقته علي حماربلعام (عد22). ومن شفقة الله علي الحيوان إراحته في اليوم السابع. وفي ذلك قال الرب في الوصايا العشر (وأما اليوم السابع، فسبت للرب إلهك. لا تعمل فيه عملًا ما، أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك، وثورك وحمارك وكل بهائم) (تث5:14). كما أن الإنسان يتعب ويحتاج إلي يوم راحة في الأسبوع، كذلك عبده، وبهائمه.. بل بلغ الأمر في رحمة الله بخليقته أن يمنح الراحة للأرض أيضًا. وهكذا قال (ست سنين تزرع أرضك وتجمع غلتها. أما في السنة السابعة فتريحها، وتتركها ليأكل فقراء شعبك، وفضلتهم تأكلها وحوش البرية. كذلك تفعل بكرمك وزيتونك) (ستة أيام تعمل عملك. وأما اليوم السابع، ففيه تستريح، لكي يستريح ثورك وحمارك، ويتنفس ابن أمتك والغريب) (خر23:10-12). وهنا نري أن الرب في محبته وحنانه، قد منح الراحة للإنسان والحيوان والأرض. وبالنسبة إلي الإنسان منحها لأهل البيت وللغريب وللعبيد. ما أكثر الأمثلة التي تظهر حنو الله علي الحيوان، نذكر منها قوله: (لا تحرث علي ثور وحمار معًا) (تث22: 10). الثور بلا شك أقوي من الحمار، وأشد. وأسرع منه حركة، فإن حرث معه، سيرهقه تمامًا، لأن الحمار لا يستطيع أن يجاريه. والله لا يريد للحمار هذا الإرهاق، إشفاقًا عليه وحنوًا. ولذلك عندما دخل أورشليم يوم أحد الشعانين، قيل عنها (هوذا ملك يأتيك وديعًا، راكبًا علي أتان وجحش بن أتان) (مت21:5). ذلك لكي يريح أحدهما الآخر. ربما يركب الأتان في الطريق الصعبة، والجحش في الطريق السهلة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وما أكثر تواضع الرب في قوله عن هذين الحيوانين (قولا أن الرب محتاج إليهما) (مت21:3). ومن حنان الرب علي الحيوان قوله (لا تكم ثورًا دارسًا) (تث25:4). الثور في وقت دراسة الفول أو القمح أو الشعير، يجهد فيجوع، فيمد فمه إلي الحبوب ويأكل منها، ليأخذ طاقة تساعده علي إكمال عمله. وهنا يأمر الله أن لا توضع كمامة علي فم الثور تمنعه من الأكل أثناء العمل وبذل الجهد..! ما هذه المحبة والحنان! ومن حنان الله، لإنقاذ الحيوان إن وقع. ومن ذلك يقول (لا تنظر حمار أخيك أو ثوره واقعًا في الطريق وتتغاضى عنه بل تقيمه معه لا محالة) (تث22: 4). بل يقول أكثر من هذا: (إذا رأيت حمار مبغضك واقعًا تحت حمله وعدلت عن حله، فلا بد أن تحل معه) (خر23: 5). وهنا يأمر بمحبة الحيوان، وأيضا بمحبة العدو. بل من أجل إنقاذ الحيوان، يوجب العمل في يزم السبت. فيقول (أي إنسان منكم يكون له خروف واحد. فإن سقط هذا في حفرة في يوم السبت، أفما يمسكه ويقيمه؟! (مت12: 11). ويقول كذلك (لا تنظر ثور أخيك أو شاته شاردًا وتتغاضى عنه، بل ترده إلى أخيك لا محالة.. وهكذا تفعل بحماره) (تث22: 1، 3). وقد امتدح الله بعض هذه الحيوانات، فيما تفعله أفضل من الإنسان. فقال موبخًا إسرائيل (الثور يعرف قانيه، والحمار معلف صاحبة. أما إسرائيل فلا يعرف. شعبي لا يفهم!!) (أش1: 3). وقال عن النملة (اذهب إلى النملة أيها الكسلان. تأمل طرقها وكن حكيما.. تعد في الصيف طعامها، وتجمع الحصاد أكلها..) (أم6:6). لا ننسى أيضًا المواهب العجيبة التي منحها الله للنحل.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
تقدير الله الكبير للعمل الصغير الله يهتم بالعمل الصغير، ويطوبه، ويجعل منه شيئًا كبيرًا، ويكافئ عليه وهذا من فرط محبته للبشر. انظروا كيف يقول "من سقى أحد هؤلاء الصغار كأس ماء بارد فقط باسم تلميذ، فالحق لكم إنه لا يضيع أجره" (مت10: 42). ** وهكذا جعل الله أجرًا في ملكوته عن كأس الماء البارد ** مجرد كأس ماء بارد، لم يتعب مقدمه فيه، ولم يضف إليه شيئًا. يؤكد الأمر كلمة (فقط). ويزيد العمق أيضًا أنه لأحد الصغار، وأنه باسم تلميذ. ولكن محبة الله لا تترك عملًا بدون أجر، مهما صغر شأنه. كذلك جعل الله شأنًا كبيرًا للإيمان الذي في قدر حبه الخردل. فقال (الحق أقول لكم: لو كان لكم إيمان مثل حبه خردل، لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلي هناك فينتقل. ولا يكون شيء غير ممكن لكم) (مت17:20).. إنه لم يطلب قدرًا عظيمًا من الإيمان، إنما طوب حتى الإيمان الذي مثل حبه الخردل، ومنحه قوة عجيبة وفاعلية. وبالمثل طوب الرب فلسي الأرملة. لم يحتقر القليل الذي قدمته، إنما نظر إلي مشاعر القلب الذي قدم من أعوازه، فقال (الحق أقول لكم إن هذه الأرملة الفقيرة قد ألقت في الخزانة أكثر من جميع الذين ألقوا. لأن الجميع من فضلتهم ألقوا. وأما هذه فمن أعوازها ألقت كل ما عندها، كل معيشتها) (مر12:43،44). ونفس الوضع حدث مع أرملة صرفه صيدًا التي قدمت لإيليا النبي في فترة المجاعة ملء كف من الدقيق وقليلًا من الزيت لم ينس الرب تقدمتها هذه، وباركهما قائلاُ: إن كوار الدقيق لا يفرغ، وكوز الزيت لا ينقص، إلي اليوم الذي يعطي فيه الرب مطرًا علي وجه الأرض) (1مل17:12-16). إن الله في محبته للبشر، لا ينسي أبدًا العمل الطيب الذي تعمله بنيه مقدسة، مهما كان صغيرًا في نظر الناس. ولكنه ليس كذلك في حكم الله.. إنه لم ينس مطلقًا زيارة ملكة التيمن لسليمان. واعتبر هذه الزيارة عملًا عظيمًا وبخ به الجليل الذي رفضه. فقال إن (ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان. وهوذا أعظم من سليمان ههنا) (مت12:42). وطوب الرب أيضًا وكيل الظلم، لاهتمامه بمستقبله. علي الرغم من أخطاء هذا الوكيل الذي أدت إلي فصلة من وظيفته. وعلي الرغم من سلوكه الظالم لصاحب المال بالنسبة إلي مديونية.. ومع ذلك يقول الكتاب (فمدح السيد وكيل الظلم، إذ بحكمة فعل) (لو16:1-8). وجد له وسط أخطائه الكثيرة شيئًا يمدحه عليه، وهو في تدبير أمور المستقبل. وقدمه لنا مثالًا في الحكمة، لا في الأخطاء.. ومن محبة الله أن جملة واحدة جعلها سببًا في خلاص خطاة. عبارة واحدة قالها العشار (اللهم ارحمني أنا الخاطئ) (لو18:13)، جعلته يخرج من الهيكل مبررًا. إذ نظر الله إلي انسحاق وتوبة القلب، واعتبر هذه الجملة الواحدة كافية لأن ينال العشار المغفرة. وبالمثل عبارة واحدة قالها اللص التائب (اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك) (لو23:43).. أخذ الله ما فيها من إيمان وتوبة، ووعد هذا اللص بأنه سيكون معه في نفس اليوم في الفردوس.. ولم يحاسبه علي كل ماضيه الأثيم، كما لم يحاسب العشار أيضًا علي ماضية الظالم. وبالمثل أيضًا قبل إليه زكا العشار. ما الذي فعله زكا لكي ينال إعلانًا عجيبًا من الرب قال عنه فيه (اليوم حصل خلاص لهذا البيت) (لو19:9)؟! مجرد أن زكا (ركض متقدمًا، وصعد إلي جميزة لكي يراه).. ولكن هذا العمل الذي يبدو صغيرًا، فيه الرب مشاعر عميقة وكثيرة تستحق الخلاص، فاعترف زكا وقدم توبة وتعويضًا عن أخطائه، واستحق أن يدخل السيد إلي بيته.. * كذلك قد يبدو أن ما فعلته المرأة السامرية شيئًا ضئيلًا!! الرب هو الذي قادها إلي الاعتراف والتوبة وإلي الإيمان. بل هو الذي ذكر لها خطايانا، دون أن تذكرها هي.. ربما اكتفي بإيماءة منها، أو بمجرد قولها (ليس لها زوج) (يو4: 17). وأكمل لها ما لم تقله.. وخلصت هذه المرأة، ولم يوبخها الرب علي شيء من كل أخطائها القديمة!! ما أعمق حنوه! * بل ما أعجب عمل المحبة الذي عامل به الرب لوطًا وأسرته. لم يطلب لوط أن يخرج من مدينه سادوم الخاطئة، وقد فقد هيبته فيها. بل أرسل الله ملاكين لإخراجه وإنقاذه من أجل شفاعة أبينا إبراهيم. ويقول الكتاب في خروج لوط (كان الملاكان يعجلان لوطًا قائلين: قم خذ امرأتك وابنتيك الموجودتين، لئلا تهلك بإثم المدينة. ولما تواني، أمسكا بيده وبيد امرأته وبيد ابنتيه، لشفقة الرب عليه. وأخرجاه ووضعاه خارج المدينة) (تك19: 15، 16).. وخلص لوط (لشفقة الرب عليه) علي الرغم من توانيه في الخروج يكفي انه أطاع ولو بدفعه دفعًا إلى الخارج. * ومن محبة الله في قبوله للعمل الصغير، مثل الزرع الجيد. قال في مثل الزارع وبذاره (وسقط أخر علي الأرض الجيدة، فأعطي ثمرًا: بعضه مائه، وآخر ستين، وآخر ثلاثين) (مت13: 8).. حتى الذي أعطي ثلاثين فقط، اعتبره من ثمر الأرض الجيدة.. يكفي أن الأرض قد أعطت ثمرًا، حتى لو كان قليلًا.. * يذكرنا هذا بأنه أعطى نفس البركة لصاحب الوزنتين، كما أعطي لصاحب الخمس وزنات. وقال لكليهما أنه عبد صالح وأمين، وأدخله إلى فرح سيده (مت25: 14- 23). * وتبدو محبة الرب وقبوله للعمل القليل، في يوم الدينونة. قال اللذين أوقفهم علي يمينه (تعالوا يا مباركي أبى، رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم)، . لماذا؟ هل لعمل كرازي عظيم أوصلوا الإيمان به إلى كثيرين وأدخلوهم إلى عمق الروحيات؟! كلا، أنه يقول لهم (لأني جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني. كنت غريبًا فآويتموني، عريانًا فكسوتموني..) (مت25: 34- 36).هل هذا القليل يا رب يدخلهم ملكوتك مثل كبار الرسل وصانعي المعجزات؟! نعم، أن محبة الرب تسمح بهذا.. * يذكرنا هذا أيضًا بأصحاب الساعة الحادية عشرة. هؤلاء اللذين جاءوا إلى كرمه في آخر النهار، ولم يشتغلوا سوى ساعة واحدة. ومع ذلك أعطاهم نفس الأجر كاللذين عملوا النهار كله، شفقة منه عليهم، إذ كانوا بطالين لأنه لم يستأجرهم أحد (مت20: 1- 15). ونحن نذكر هؤلاء في صلاة الغروب كل يوم متذكرين شفقة الله علي أولئك الذين أتوا إليه متأخرين، ونطلب إليه أن يحسبنا معهم.. * محبة الله للذين عملوا قليلًا، علمها الرب لتلاميذه أيضًا. فعاملوا بها الأمم لما قبلوا الإيمان وهكذا قالوا (لا يثقل علي الراجعين إلي الله من الأمم، بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم) وهكذا فعلوا (أع15:19،20،29). وبالمثل قال معلمنا بولس لأهل كورنثوس (وأنا أيها الأخوة لم استطع أن أكلمكم كروحيين، بل كجسديين كأطفال في المسيح. سقيتكم لبنًا لا طعامًا، لأنكم لم تكونوا بعد تستطيعون..) (1كو3:1،2). إن الله في محبته يرضي بالقليل الذي تبذله، علي شرط أن يكون آخر جهدك، لا عن إهمال، بل عن ضعف.. * وهكذا نقول في أوشيه القرابين (أصحاب الكثير وأصحاب القليل). بل نقول أكثر من هذا (والذين يريدون أن يقدموا لك، وليس لهم).. ليس جميع الناس في مستوي واحد من الروحيات. والله في محبته للبشر يقبل كل المستويات، كل واحد حسب درجته. وفي الملكوت نجم يفوق نجمًا في المجد (1كو15:41). * كل المستويات الروحية يقبلها في ملكوته. يقبل الذين عاشوا في حياة الصلاة الدائمة وحياة النسك والزهد، كالسواح والمتوحدين. كما يقبل الذين عاشوا في المجتمع ومشغولياته، وعلي قدر طاقتهم وإمكاناتهم يصلون ويصومون. يقبل الرعية كما يقبل الرعاة. يقبل المخدومين كما يقبل الخدام.. في جسده -أي الكنيسة -أعضاء كثيرون. والله يقبل العين، كما يقبل اليد والقدم. ومحبته تشمل الكل. * وفي لقائه مع الشاب الغني، نري مثالًا لتعامل الرب. لم يطلب منه أولًا حياة الكمال في الزهد والتجرد. وإنما قال له (إن أردت أن تدخل الحياة، احفظ الوصايا). فلما أجاب (هذه كلها حفظتها منذ حداثتي) نقله الرب إلي الدرجة الأعلى وقال (أن أردت أن تكون كاملًا، فاذهب وبع كل أملاكك وأعط الفقراء، فيكون كنز في السماء) (مت19:17-21). هنا نري الرب في حنوه يتدرج مع النفس البشرية. * وهو في حنوه أيضًا يقدر مشاعر الإنسان وحالته النفسية. كان نيقوديموس أحد رؤساء اليهود، وكان خائفًا منهم، لذلك أتي إلي المسيح ليلًا (يو3،1،2). وقبل الرب ذلك منه، دون أن يسأله عن خوفه.. وتدرج معه، إلي أن صار فيما بعد تلميذًا له، واشترك مع يوسف الراعي في تكفينه (يو19:39-40). * نري كذلك قبول الله للعمل الصغير في حياة الملوك القديسين في العهد القديم. قيل عن سليمان الحكيم إن النساء الغريبات أغوينه في زمن شيخوخته، وأملن قلبه وراء آلهة أخري. ولم يكن قلبه كاملًا مع الرب كقلب داود أبيه) (1مل11:4). ونحن نعلم أن داود النبي كانت له أخطاؤه المعروفة والتي عاقبة الرب علي بعضها (2صم12) (2صم24:10-15).. ومع ذلك يقول الكتاب إن قلبه كان كاملًا أمام الرب.. لعل الله كان يقصد مجرد إيمان داود، وعدم اتباعه آلهة أخري.. وهكذا قيل عن باقي الملوك القديسين في العهد القديم. كانوا كاملين من حيث الإيمان. وقبل الله منهم ذلك. وكان يعفو عن أخطائهم بالتوبة. * وعبارة "كامل" قيلت أيضًا عن كثير من أنبياء العهد القديم، وكانت لهم أخطاء.. أيوب الصديق مثلًا، قال عنه الرب أكثر من مرة أنه رجل كامل ومستقيم (أي1:8) (أي2:3). وعلي الرغم من ذلك سجل الوحي الإلهي عنه إنه (كان بارًا في عيني نفسه) (أي 32:1،2). وقد وبخه أليهو بن برخئيل البوزي (أي32). (أي35:1). بل وبخه الله نفسه، وسأله أسئلة ليثبت له جهله (أي38:1-4).. إلي أن اعترف أخيرًا بضعفه، وندم في التراب والرماد (أي42:1-6).. وحينئذ رفع الرب وجهه، وقال لأصحاب أيوب ".. لم تقولوا في الصواب كعبدي أيوب" (أي42:8). إن الله يعاملنا بالكمال النسبي، الذي يناسب ضعفنا البشري. لأنه (يعرف جبلتنا. يذكر أننا تراب نحن) (مز103:14). لذلك يقبل أي عمل صغير نعمله، ويطوبنا عليه.. بل كما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم (إن الله يجول ملتمسًا سببًا لخلاصك. حتى ولو دمعة واحدة تسكبها يسرع الله لأخذها، قبل أن يخطفها منك الشيطان المجد الباطل. ولكن ليس معني هذا أن نتهاون معتمدين علي حنو الله ومحبته. حقًا إن الله مستعد أن يقبل منا العمل الصغير. ولكن علينا نحن أن نبذل كل الجهد، وأن نقاوم حتى الدم، مجاهدين ضد الخطية (عب12: 4). وأن نسعي نحو القداسة التي بدونها لا يعاين أحد الرب. ونذكر باستمرار قوله (كونوا قديسين، لأني أنا قدوس) (1بط1:16) (لا 11: 44، 45).. ونسير زمان غربتنا بخوف (1بط1:17) (مكملين القداسة في خوف الله) (2كو7:1). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
شريعة الله مملوءة حبًا لخليقته. كلها حنو وعطف، علي كل من هو محتاج إلي لمسة حنان، يعلمنا بها كيف نعامل المساكين بالحب.. معاملة العبيد * ومن ذلك: الشرائع الخاصة بالشفقة علي العبيد. فقد شملت الوصايا العشر إراحة العبد في اليوم السابع. إذ قال الرب في تقديس هذا اليوم (لا تصنع عملاُ ما: أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل أبوابك) (خر20:10). (لكي يستريح عبدك وأمتك. وأذكر أنك كنت عبدًا في أرض مصر..) (تث5:14،15). وإلهنا المحب كما أراح العبد في اليوم السابع، أمر بتحريره في العام السابع.. فقال (إذا اشتريت عبدًا عبرانيًا، فست سنين يخدم، وفي السابعة يخرج حرًا مجانًا.. إن كان بعل امرأة، تخرج امرأته معه..) (خر 21:2،3). (في السنة السابعة، تطلقه حرًا من عندك. وحين تطلقه حرًا من عندك، لا تطلقه فارغًا. تزوده من غنمك ومن بيدرك ومن معصرتك، كما باركك الرب إلهك تعطيه. واذكر أنك كنت عبدًا في أرض مصر..) (تث15:12-15). وفي معاملة العبد الهارب يقول الرب: (عبدًا أبق إليك من مولاه، لا تسلم إلي مولاه. لا تسلم إلى مولاه. عندك يقيم في وسطك في المكان الذي يختاره في أحد أبوابك حيث يطيب له. لا تظلمه) (تث23: 15). أي أن الله منح هذا العبد حق اللجوء إليك.. فغالبًا لا يهرب العبد من سيده إلا إذا كان في خطر منه وكان السيد قاسيًا عليه. كذلك أعطالرب العبيد والأجراء الاستفادة بغلة العام السابع.ي فقال (وأما السنة السابعة ففيها يكون للأرض سبت عطلة، سبت للرب. لا تزرع حقلك، ولا تقضب كرمك. زريع حصيدك لا تحصد، وعنب كرمك المحول لا تقطف. سنة عطلة تكون للأرض سبت الأرض لكم طعامًا: لك ولبعدك ولأمتك ولأجيرك ولمستوطنك النازلين عندك ولبهائمك) (لا25: 4-7). وأمر الرب بالعتق لجميع العبيد في سنة اليوبيل. وهي السنة الخمسون في العهد القديم، وتكون مقدسة وعيدًا، . وقال عنها الرب (وتقدسون السنة الخمسين. وتنادون بالعتق في الأرض لجميع سكانها) (لا25: 10).. وحتى الذي باع أرضه، يرد إلى ملكه في سنة اليوبيل (لا25:10-28). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الرب في معاملة الغريب واليتيم https://st-takla.org/Gallery/var/albu...onomy-31-1.jpg * ظهرت محبة الرب أيضًا في معاملة الغريب. فقال (لا تضايق الغريب. فإنكم عارفون نفس الغريب، لأنكم كنتم غرباء في أرض مصر) (خر 23: 9). وقال أيضًا "وإذا نزل عندكم غريب في أرضكم، فلا تظلموه. كالوطني منكم يكون لكم الغريب النازل عندكم. وتحبه كنفسك لأنكم كنتم غرباء في أرض مصر" (لا19: 33). وقال الرب أيضًا عن معاملة الغرباء في الأحكام (حكم وأحد يكون لكم: الغريب يكون كالوطني) (لا24: 22). * وفي الشفقة علي الغريب واليتيم والأرملة: قال الرب (وإذا افتقر أخوك وقصرت يده عنك، فاعضدك غريبًا أو مستوطنًا، فيعيش معك) (لا25: 35).. (ولا تضطهد الغريب ولا تضايقه.. ولا تسئ إلى أرملة ولا يتيم. أن أسأت إليه، فإني أن صرخ إلى أسمع صراخه، فيحمي غضبي واقتلكم بالسيف. فتصير نساؤكم أرامل، وأولادكم يتامي) (خر22:21-2). * وقال عن نصيب الغريب واليتم والأرملة في موسم الحصاد وفي العشور: "وَعِنْدَمَا تَحْصُدُونَ حَصِيدَ أَرْضِكُمْ لاَ تُكَمِّلْ زَوَايَا حَقْلِكَ فِي الْحَصَادِ. وَلُقَاطَ حَصِيدِكَ لاَ تَلْتَقِطْ. وَكَرْمَكَ لاَ تُعَلِّلْهُ، وَنِثَارَ كَرْمِكَ لاَ تَلْتَقِطْ. لِلْمِسْكِينِ وَالْغَرِيبِ تَتْرُكُهُ" (سفر اللاويين 19: 10). وقال أيضًا (إن حصدت حصيدك في حقلك، ونسيت حزمة في الحقل، فلا ترجع لتأخذ. للغريب واليتيم والأرملة تكون، لكي يباركك الرب إلهك في كل عمل يديك. وإذا خبطت زيتونك، فلا تراجع الأغصان وراءك. للغريب واليتيم والأرملة تكون) (تث24: 19- 21). وقد أمر الرب أيضًا بإعطاء اللاوي والغريب واليتيم والأرملة عند تعشير كل عشور المحصول، لكي يأكلوا ويشبعوا (تث26: 12)، وقال أيضًا (في آخر ثلاث سنين تحرج كل عشر محصول في تلك السنة وتضعه في أبوابك، فيأتي اللاوي لأنه ليس له قسم ولا نصيب معك، والغريب واليتيم والأرملة الذين في أبوابك، فيأكلون ويشبعون لكي يبارك الرب إلهك في كل عمل يدك تعمل) (تث14: 28، 29). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
* وما أكثر وصايا إلهنا المحب في العطف علي الفقراء. فقال (إن كان فيك فقير، أحد من أخوتك في أحد أبوابك في أرضك.. فلا تقس قلبك ولا تقبض يدك عن أخيك الفقير. بل افتح يدك له) (تك15: 7،8). بل يقول الكتاب أيضًا (الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه: افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم، وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم) (يع1: 27). وقول الكتاب أيضًا (من يسد أذنيه عن صراخ المسكين، فهو أيضًا يصرخ ولا يستجاب) (أم21: 13). بل الرب يعتبر من يقدم إلى المساكين، كأنه يقدم له شخصيًا. فيقول للذين يقفون عن يمينه في يوم الدين (تعالوا إلى يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم. لأني جعت فأطعمتموني. عطشت فسقيتموني. كنت غريبًا فآويتموني، عريانًا فكسوتموني، مرضًا فزرتموني، محبوسًا فأتيتم إلي.. الحق أقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي قد فعلتم) (مت25: 34- 40). إن الشفقة علي المساكين، وجعلها الرب من أساسيات مسحته. فقال (روح السيد الرب علي، لأن الرب مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأعصب منكسري القلب، لأنادي للمسبيين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق.. لأعزي كل النائحين.. لأعطيهم جمالًا عوضًا عن الرماد، ودهن فرح عوضًا عن النوح) (أش61: 1-3). وتظهر محبة الله أيضًا في منع تأخير الأجرة أو طلب الفقير: فيقول في ذلك (لا تظلم أجيرًا مسكينًا وفقيرًا من أخوتك أو من الغرباء الذين في أرضك في أبوابك. في يومه تعطيه أجرته، ولا تغرب علها الشمس، لأنه فقير وإليها حامل نفسه. لئلا يصرخ إلى الرب فتكون عليك خطية) (تث24: 14،15). ويقول الكتاب أيضًا (لا تمنع الخير عن أهله، حين يكون في طاقة يديك أن تفعله لا تقل لصاحبك اذهب وعد فأعطيك غدًا، وموجود عندك) (أم 3: 27، 28). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الرب في شريعة الرهن والقرض * وقد ظهرت محبة الرب أيضًا في شريعة الرهن والقرض. فمن أن يسترهن شخص الأساسيات التي يحتاجها الفقير وتكون ضرورية له فقال: (أن ارتهنت ثوب صاحبك فالي غروب الشمس ترده له لأنه وحده غطاؤه هو ثوبه لجلده في ماذا ينام؟! فيكون إذا صرخ إلى فأسمع لأني رؤوف) (خر22: 26، 27). وقال أيضًا "«لاَ يَسْتَرْهِنْ أَحَدٌ رَحًى أَوْ مِرْدَاتَهَا، لأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَرْهِنُ حَيَاةً" (سفر التثنية 24: 6). ذلك لأن الرحى التي يطحن عليها صاحبها غذاءه، أو يستخدمها لرزقه، إنما تمثل حياة بالنسبة إليه. وبالمثل قال (لا تسترهن ثوب الأرملة) (تث 24:17). ومن الناحية النفسية أو الإنسانية في مسألة القرض والرهن، قال الرب (إذا أقرضت صاحبك قرضًا، فلا تدخل بيته لكي ترتهن رهنًا منه. في الخارج فقيرًا، فلا تنم في رهنه. رد إليه الرهن عند غروب الشمس، لكي ينام في ثوبه ويباركك، فيكون لك بر لدي الرب إلهك) (تث 24:10-13). كل هذه كانت وصايا في العهد القديم، التي تناسب مستوي روحيات الناس وقتذاك. أما في العهد الجديد، فإن الرب يقول في العظة علي الجبل (من سألك فأعطه. ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده) (مت5:42)،.وقال أيضًا (إن أقرضتم الذين ترجون أن تستردوا منهم، فأي فضل لكم؟! فإن الخطاة أيضًا يفعلون هكذا. بل أحبوا أعداءكم وأحسنوا واقرضوا وأنتم لا ترجون شيئًا، فيكون أجركم عظيمًا، وتكونوا بني العلي) (لو6:34،35) (كل من سألك فأعطه. ومن أخذ الذي لك، فلا تطالبه) (لو6:30). وقال كذلك علي لسان المعمدان (من له ثوبان، فليعط من ليس له. ومن له طعام فليفعل هكذا) (لو3:11). * ومن محبة الله تعليمه عن الديون في سنة الإبراء. إذ قال (في آخر سبع سنين تعمل إبراء. وهذا هو حكم الإبراء: يبرئ كل صاحب دين يده مما أقرض صاحبه. لا يطالب صاحبه أو أخاه لأنه قد نوى بإبراء للرب) (تث 15:1،2). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الله في تعليمه عن منع الربا إذ قال (لا تقرض أخاك بربا، ربا فضة أو ربا طعام، أو ربا شيء مما يقرض بربا) (تث23:19) (لا تأخذ منه ربا ولا مرابحة، بل أخش الرب إلهك، فيعيش أخوك معك. فضتك لا تعطه بالربا. وطعامك لا تعطه بالمرابحة) (لا25:36،37). (إذا أقرضت فضة لشعبي الفقير الذي عندك، فلا تكون له كالمرابي. لا تضعوا عليه ربا) (خر22:25). لقد منع الله أخذ الربا من الفقير، لأنه لا يملك، ولأن أخذ الربا يزيده فقرًا علي فقر، وهذا ضد الرحمة والمحبة. ويختلف الوضع بالنسبة إلي المصارف (البنوك)، حيث أن المال الذي تضعه فيها، تستخدمه في استثمار اقتصادي وتربح به. فتكون أنت شريكًا في هذا الربح، باعتبار أنك شريك في رأس المال المستثمر.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الله في الدفاع عن وإنصاف المظلومين والمساكين · ومن محبة الله أيضًا الدفاع عن المظلومين والمساكين. يقول المزمور عن الرب (الرب يحكم للمظلومين) (مز146: 7). (الرب يقوم المنحنين.. الرب يحفظ الغرباء يعضد اليتيم والأرملة) (مز146: 8، 9). (مز145: 14). (الرب يجري حكمًا للمساكين وحقًا للبائسين) (مز140: 12). ويقول الرب (من أجل شقاء المساكين وتنهد البائسين، الآن أقوم - يقول الرب - أصنع الخلاص علانية) (مز11:5). * ويعطينا الكتاب مثلًا لدفاع الرب عن نابوت اليزرعيلي، وعن أوريا الحثي. فلما اغتصب أخاب الملك وزوجته إيزابل حقل نابوت اليزرعيلي ودبرا مؤامرة فقتلاه، وإذا بالله يتدخل ويرسل إيليا النبي ليقول لآخاب الملك (في المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت اليزرعيلي، تلحس الكلاب دمك انت أيضًا..) (1مل21:19). وقد كان أنتقم الرب من آخاب وزوجته إيزابل، لدم نابوت اليزرعيلي الذي ظلم منهما. وبنفس الأسلوب، وعقوبة أخري، عقب الرب داود الملك انتقاما لدم أوريا الحثي الذي ظلم منه وتم قتله (2صم12:7-12). وبالمثل أنتقم الرب لدم هابيل الصديق الذي قتله أخوه (تك4). * ولكي ينقذ الرب الذين قتلوا خطأ، أقام لهم مدن الملجأ. فأمر موسى بتخصيص ستة مدن تسمي (مدن الملجأ)،وقال في ذلك: (تعينون لأنفسكم مدنًا تكون مدن ملجأ لكم، ليهرب إليها القاتل الذي قتل نفسًا سهوًا. فتكون لكم المدن ملجأ من الولي. لكي لا يموت القاتل، حتى يقف أمام الجماعة للقضاء..) (عد35:11،12).. ما أعجب محبة الله وحنوه، إذ يشفق علي هؤلاء ويحميهم ولي الدم.. وتثبيتًا للعدل حتى لا يظلم أحد، أمر الرب أن لا تقبل شهادة رجل واحد. وقال في ذلك (لا يقوم شاهد واحد علي إنسان في ذنب ما أو خطية ما من جميع الخطايا التي يخطئ بها. علي فم شاهدين أو فم ثلاثة شهود يقوم الأمر) (تث19:15).. مع معاقبة شهود الزور (تث19:16-21). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الله في وصايا منع العنف والتسلط ومع محبة الله أنه منع العنف والتسلط (لا25:43، 46، 53). ومن محبته أيضًا منع أن يرسلوا إلي الحرب الرجل الخائف، أو الذي خطب فتاه، أو متزوج حديثًا. فقال (إذا أتخذ رجل امرأة جديدة، فلا يخرج في الجند، ولا يحمل عليه أمر ما. حرًا يكون في بيته سنة واحدة، ويسر امرأته التي أخذها) (تث24:5). انظر أيضًا (تث20:5-8). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
أهمية محبتنا لله أن الله لا يريد سوي شيء واحد، فيه تكمن جميع الوصايا، وهو المحبة. أن أحببت الله تكمل كل ما هو مطلوب منك. وأن لم تكن تحبه، فباطل هو كل عملك..! فالله يريد قلبك، وقلبك كله. وهكذا قيل في شريعة موسى (تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل فكرك، ومن كل قدرتك) (تث6). وقد أكد السيد المسيح هذه الوصية في (مت22). ويقول الرب في سفر الأمثال (يا أبني أعطني قلبك) (أم 23: 26). وإعطاؤه قلبك تعني كل القلب، وليس مجرد جزء منه. وإلا فما هو مصير باقي الأجزاء. أن الدين يا أخوتي، ليس مجرد حلال وجرام! أو مجرد أوامر ونواهي، وناموس ونعمة، بقدر ما هو حب، نحو الله والناس. ومن هذا الحب ينبع كل خير. وإن كنت لا تحب الله والناس، فلست إنسانًا متدينًا، مهما كانت لك صلوات وأصوام وقراءات وتأملات، ومنح وعشور وخدمة ووعظ.. فالله يريد الحب، وليس مجرد الممارسات. لا تظن أن الله يطلب منك واجبات أو فروضًا، أو مجرد وصايا ترغم نفسك عليها، لكي تظهر مطيعًا لأوامره، أو لتكون بارًا في عيني نفسك.. إن كل ما يريده هو أن تحبه كما أحبك. وهذا الحب الذي يريده ليس هو أمرًا موجها إليك، وأمنا متعة مقدمة منه لك. تشعر فيها بالفرح، إن كان قلبك وحياتك روحية.. إن كنت لا تحب الله، فأنت لم تعرفه بعد. علي أن معرفة الله أمر من المفروض أن يكون للمبتدئين. أما عن الكاملين فالمطلوب منهم هو الثبات في الله، كما يقول "أثبتوا في وأنا فيكم" تمامًا (كما يثبت الغصن في الكرمة) (يو15). فهل تشعر أنك في الله كالغصن في الكرمة، وعصارة الكرمة تسري فيك، وتصبح علي صورتها. أنت لست غريبًا عن الله، ومحبته ليست غريبة عليك. فأنت أبن له. والمفروض أن الابن يحب أباه. وأنت هيكل لروحه القدوس وروح الله ساكن فيك (1كو3، 5). هو الأصل وأنت فرع الرأس وأنت عضو في الجسد. حقًا كما قال بولس الرسول (هذا السر عظيم) (أف5). إن كان الحب الحقيقي لله، هو الثبات فيه، فماذا تكون الخطية إذن سوى انفصال عن الله، إذ ليس هناك شركة بين النور والظلمة.. ما أصعب أن تتحول من الحب إلى الخصومة!! أنت تحب الله، تحب كل الناس داخل محبة الله. لا تسمح بوجود محبة في قلبك تتعارض مع محبة الله، فهذه خيانة لله الذي خلقك ورعاك وفداك.. والكتاب يقول (محبة العالم عداوة لله) (يع4)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقيل (إن أحب أحد العالم، فليست فيه محبة الآب) (1يو2). ولذلك فإن الكنيسة تقول لنا في كل قداس (لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. لأن العالم يبيد وشهوته معه) (1يو2). كذلك لا نحب أحدًا أو شيًا أزيد من محبتنا لله. فقد قال الرب (من أحب أبًا أو أمًا أكثر مني فلا يستحقني. ومن أحب ابنًا أو ابنة أو زوجة أكثر منى فلا يستحقني).. (وهكذا قال الآباء الرسل (ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس).. بل حتى نفسك، لا تحبها أكثر من الله، بل تضبطها وتقمعها في طاعته. وتنكر ذاتك، وتبغض نفسك من أجل الرب.. وإذا أحببت الله من كل القلب لا تسمح لأي شيء أن يفصلك عنه. فقد قال الرسول: ( من يفصلني عن محبة المسيح..؟!) ( رو8). لا شده ولا ضيق، ولا قوات حاضرة ولا مستقبلة.. ولا أية شهوة أو رغبة.. ما أعجب قصة ذلك القديس الذي كان سائرًا في البرية يصلي. فأتي ملاكان سار واحد عن يمينه والآخر عن يساره، ولكنه لم يسمح لنفسه أن ينشغل بهما عن صلاته. بل قال في فكره (من يفصلني عم محبة المسيح؟! لا ملائكة ولا رؤساء ملائكة)!! واستمر في عمق صلاته.. إن كل محبة تبعدك عن محبة الله هي محبة غريبة خاطئة. وكل محبة تنافس الله في قلبك، اهرب منها. ولكنك يمكنك أن تحب كل الناس من أجل الله، وداخل محبة الله. تحبهم في المسيح يسوع الذي أحبهم. ولا تحبهم أكثر من الله. وحتى العالم الخاطئ، تحبه أيضًا لكي تقوده إلى محبة الله، لا لكي يشغلك عنه.. القلب كله ملك لله، فلا تسلبه شيئًا من حقوقه. إن كان قد قال عن العشور (سلبتموني، قال الرب) (ملا4)، فكم بالأكثر نسلبه، إن أعطينا قلبنا لشيء ضده، أو فضلنا آخر عليه؟! لذلك شبهت النفوس المحبة لله بالعذارى. ويقل في سفر النشيد (أحبتك العذارى) (نش1). واللائي دخلن الملكوت شبهن بخمس عذارى حكيمات (مت25). وقال بولس الرسول (خطبتكم لرجل واحد، لأقدم عذراء عفيفة للمسيح..) (فلماذا هذه التشبيهات كلها؟ لأن العذراء لم تعط ذاتها لآخر.. وينطق الاسم علي كل نفس لم تعط قلبها لغير الله. ويتساوى في هذا المتزوجون وغير المتزوجين / مادام القلب في محبته مكرسًا لله وحده.. وهكذا قالت عذراء النشيد (أنا لحبيبي، وحبيبي لي) أنا لست لشيء آخر.. ونلاحظ هنا استخدام كلمة (حبيبي) بدلًا من كلمة ربي وإلهي بسبب عاطفة الحب، التي ندعوه بها أبانا.. إنه حب متبادل بين الله والنفس البشرية. بسببه قال بولس الرسول (خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح.. وأوجد فيه) (في3).. فإن كنا نتعلق بشيء في العالم يشغلنا عن محبة الله فهذا دليل علي أن محبتنا ليست كاملة.. لقد استطاع القديسون أن يفرغوا قلوبهم من كل حب، لكي يكون الله هو الكل في الكل في قلوبهم.. لكي يكون الفكر كله لله والعاطفة كلها. فالحاجة إلى واحد.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
نتائج محبتنا لله فإن أحببت الله، تحب أن تتكلم معه، فتحب الصلاة. وتجد لذة في الحديث مع الله. وتكون صلاتك مشبعة بالاشتياق إلى الله وإلى البقاء في حضرته. وتقول مع داود النبي (باسمك ارفع يدي، فتشيع نفسي كما من شحم ودسم). فهل لك هذا الشبع الروحي في الصلاة؟ هل الصلاة تغذيك وتعزيك وتفرحك، وتسمو بك في أجواء عليا أرفع من مستواك؟ وهل كل كلمة من الصلاة لها مذاقة حلوة وفي ذهنك ومصدرًا لتأملات؟! أم أنت تقاوم نفسك وتغضب نفسك، لكي تصلي! أو تلتمس أعذارًا كثيرة لكي لا تصلي؟! محتجبا بالتعب وضيق الوقت. بينما السبب الوحيد لعدم صلاتك، هو أنك لا تحب الله. فلو كنت تحب الله، كنت تشتاق إلى الحديث معه. ولو أحببت الصلاة تحب الله. فمتى إذن تحبه وتحبها؟ الذي يحب الله لا يخطئ، لأن محبته لله تمنعه من مخالفته. وهذا واضح من الرسالة الأولي للقديس يوحنا الرسول، حيث يقول ويكرر إن (المولود من الله لا يخطئ) (لأن زرعه ثابت فيه) (والشرير لا يمسه). بل يقول عنه أكثر من هذا إنه: (لا يستطيع أن يخطئ) (1يو3: 5). أصبحت طبيعته لا تقبل الخطية. والمحبة رفعته فوق مستوى الخطية، وفوق مستوي الوصية، وفوق مستوي الجسد.. فهو يمتنع الخطية ليس خوفًا من العقوبة، ولا رعبًا من جهنم، إنما بسبب محبته لله، وبالتالي محبته للخير. هنا نقول: الإنسان الذي يحب الله، تتحد مشيئته مع مشيئة الله. فهو في محبته لله يقول له (لا تسمح يا رب أن أشاء شيئًا لا تريده أنت. لتكن مشيئتي إذن هي مشيئتك. ولتكن مشيئتك هي مشيئتي. بل ليتني لا تكون لي مشيئة علي الإطلاق. بل أنت في فكري، وفي قلبي، هو الذي أعمله بكل رضا وحب. لذلك فالذي يحب الله لا يجد صعوبة في تنفيذ وصاياه. (لأن وصاياه ليست ثقيلة) كما قال القديس يوحنا الرسول (والذي يحب الله يحب وصاياه أيضًا) ويجدها سراجًا ونورًا لسبيله، ويكون (في ناموس الرب مسرته وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلًا) ويقول للرب (وجدت كلامك كالشهد فأكلته)، إنه أحلي من العسل والشهد في فمي فرحت به كمن وجد غنائم كثيرة (مز119). وصية الرب ليست صعبة أمامه، لأنه لا توجد في قلبه النقي أية شهوة خاطئة تقاوم وصية الله. ولأنه يعمل بمضمون هذه الوصية، حتى دون أن يقرأ عنها. إن المحبة رفعته فوق مستوى الوصية. ولم يعد داخلًا تحت سيطرتها. الوصية لا تشكل عبئًا عليه وهي ليست مجرد أمرًا، بل هي نور يضئ له الطريق إلى الله، وحتى لا يضل بحيل العدو أو بخطأ الأفكار. إنها الوسيلة التي بها يتقي الله قلبه، فيصير حسب قلب الله. إنها الطريقة التي تجعل منه صورة الله ومثاله. حقًا إن الله من محبته لنا، ومنحنا وصاياه. ونحن من محبتنا له نطيع هذه الوصايا، بل ونفرح بها كرسالة إلينا من الله الذي نحبه. الذي يحب الله لا يرى أن الوصية تقيده، بل ترشده. إنها ليست قيودًا علي أرادته، ولا هي حد لحريته، لأن الخطية والعادات السيئة هي التي تقيد حرية الإنسان، وكلمة الله هي التي تجرده والذي يحب الله لا يري الوصايا ضغطًا علي إرادته، لأن إرادته المتحررة تفرح بالوصايا التي قررها الله لمنفعتنا.. الذي يحب الله، يسعده أن يدعو جميع الناس إلى محبته. مثلما فرح يوحنا المعمدان إذا رأي الناس يلتفون حول المسيح،. وقال (من له العروس فهو العريس. أما صديق العريس فيري ويفرح. لذلك فرحي قد صار كاملًا (يو3). لذلك فهو يخدم، لأنه يحب الله، ويحب ملكوته، ويحب أن ينشر هذا الملكوت وتنتشر كلمة الله، ويزداد عدد الذين يتبعون طريق الرب ويحبونه. وهكذا ينجح في حياة الخدمة، من يرى الخدمة حبًا. حبًا لله والناس وللملكوت. حبه لله يقوده إلى خدمتهم، لكي أن ينتشر هذا الملكوت،لكي يذوقوا وينظروا ما أطيب الرب. وكلما يخدمهم يزداد محبة لهم. وكلما يحبهم تزداد خدمته لهم. وهو حينما يعطي، إنما يعطي عن حب، لأنه مكتوب: ( المعطي المسرور يحبه الرب). لا عن طلب أجر من الله، وإنما بسبب الإشفاق العجيب الذي في قلبه من نحو المحتاجين. لذلك فإن عطاءه يرتفع فوق مستوى العشور والبكور والنذور، ويرفع فوق مستوى الأرقام. فيعطي بسخاء ولا يعير. ولا يسأله الله كم أعطى؟ وإنما كم أحب. ويكافئه علي الحب الموجود في عطائه، وليس عن الكمية.. |
الساعة الآن 06:46 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025