![]() |
كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
صرخة شبابية كتاب دعوني أنمو! لمسات واقعية في عالم الشباب القمص تادرس يعقوب ملطي لازلتُ بتولًا! "لا... ولكن!"، هذه كلمات نطقت بها فتاة أمريكية في سن المراهقة، أثناء صراعها من أجل رفض ممارسة العلاقات الجنسية قبل الزواج، بالرغم من الضغوط الشديدة التي عانت منها، إذ قالت: "أشكر الله أنني كنت قادرة على القول: "لا"، فإنني لا زلت بتولًا، ولكن أدرك كيف قاربت جدًا نحو القبول! كم كان من الصعب عليّ أن أقول: "لا"، فإن الشهوة عنيفة في حربها (1)". يكشف لنا هذا التعليق بطريق أو آخر عن الشوق الداخلي للشباب في كل العالم نحو الحياة النامية المتعلقة والمتجهة نحو النضوج، لكنهم كثيرًا ما يستسلمون، بسبب الضغوط العنيفة المتزايدة... هذا ما يدفعني للكتابة -في شيء من الصراحة- إلى الشباب وإلى من يتعامل معهم. مع مرور الزمن يلتهب قلبي شوقًا نحو الالتقاء بشبابنا في مصر أو الخارج، راغبًا في الدخول إلى أعماق فكرهم، والتلامس مع حياتهم الداخلية وأحاسيسهم ومشاعرهم، كما مع سلوكهم الظاهر، والتلامس مع حياتهم الداخلية وأحاسيسهم ومشاعرهم، كما مع سلوكهم الظاهر، واقتحام عالمهم الخاص، من أجل مصادقتهم في الرب. إنني أحس بالحاجة الملحة إلي ضرورة التلاقي بين الشباب والقيادات الفكرية والروحية كالوالدين والكهنة وخدام التربية الكنسية وعلماء النفس الخ... على صعيد انفتاح القلب بالحب وأتساع الذهن بالمعرفة الصادقة الملتحمة بالخبرة العملية مع الاحترام المتبادل، .يتعرف البالغون على عالم الشباب في واقعة الحق، وليس خلال نظرتهم المتحيزة التشاؤمية، كما يتفهم الشباب عالم البالغين بنظرة متعلقة حكيمة. أقول بصدق، إننا كثيرًا ما نخطئ في حق شبابنا، فهم متعطشون إلى من ينصت إليهم بالحب ويصارحهم ويشاركهم مشاعرهم بروح الحكمة والفهم، إلى من يدخل عالمهم الخاص بهم من باب الحب والتقدير عوض الاستخفاف والنقد اللاذع. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
دعوني أنمو! أحد الضغوط الشديدة التي يئن منها شبابنا، شعور غالبيتهم أن الوالدين لا يدركون حقيقة مشاعرهم، خاصة النفسية والجسدية. في ذهنهم أنهم لا يقدمون لهم الحب الخالص القائم على التقدير والقبول "كأشخاص" لهم كيانهم الخاص وشخصياتهم المستقلة النامية، بل يريدونهم أدوات طّيعة يشكلونها حسب أهوائهم الشخصية. وكأن قلوب الشباب غالبًا ما تحمل صرخات خفية موجهة نحو الوالدين: "دعونا ننمو!". |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
الجسد والجنس! يئن الشباب من ضغط الجسد بأحاسيسه وعواطفه. ففي استفتاء أُجرى بين 305 من المراهقين بأمريكا أجاب 304 منهم أن العلاقات الجسدية قبل الزواج تمثل أحد أهم ثلاثة مواضيع رئيسية تشغل ذهنهم (2). كما كتب مراهق بأن الشاب يقضى حوالي 17 ثانية من كل دقيقة يفكر فيها في الجنس. تحت ضغط النمو العاطفي السريع في سن المراهقة، والجديد بالنسبة للشخص، يتخيل البعض أن الإناث لسن إلا "جنسًا"، بل ويتصور البعض أن الحياة في جملتها هي "جنس بحت". هذا الفكر غالبا ما يدفع إلى وجود صدام بين الوالدين والمراهقين، كلَّ يُخطّئ الآخر في نظرته للحياة. ففي مبالغة ينسب البعض سمة الفساد أو الاستهتار أو عدم الجدية في الحياة إلى الشباب، بينما ينسب الشباب لوالديهم عقم التفكير وجمود الحياة. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
لا أريد أن أكون شاذًا! ضغط الأصدقاء The peer pressure له دوره في تكوين شخصية الشاب أو الشابة، خاصة في سن المراهقة. فالمراهق يريد أن يكون مقبولًا ومحبوبًا وناضجًا، هذه الأمور إنما تتحقق في نظره في عالمه الخاص. غالبًا ما يجاري الغير في "تقليعة" أو "موديل" للملابس أو الشعر أو استخدام موسيقى معينة والاشتراك في حفلات لها طابعها الخاص، وربما في التدخين وتعاطي المخدرات، وممارسة العلاقات الجسدية قبل الزواج، ليس عن اقتناع أو طلبًا في لذة معينة، وإنما ليحقق وجوده في عالم المراهقين، وحتى لا يُتهم أنه "جبان chicken"، "أبن (ابنة) أبيه أو أمه"، "طفل ساذج"، "بلا خبرة"، "شاذ جنسيًا... مثل هذه الألقاب يستخدمها المراهقون للضغط حتى يمارس المراهق (أو المراهقة) حتى ما لا يقبله بعقله ولا تستسيغه نفسه،هذه الضغوط كثيرًا ما تكون أكثر عنفًا من متطلبات عواطف المراهق الجسدية. يقول الدكتور دوبسون James Dobsonr في تسجيلاته الخاصة بالإعداد للمراهقة" بأن الغالبية العظمى من الشباب الذي يتعاطى المخدرات سقطوا فيها للمرة الأولى لا عن رغبة في اختبارها، وإنما تحت الضغط العنيف وسخرية زملائهم. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
إني أقل من أصحابي! إني في عزلة! https://st-takla.org/Gallery/var/albu...-I-ask-You.jpg يسوع، أسألك فتعلمني مشكلتان رئيسيتان يعاني منها الشباب -في الشرق كما في الغرب- خاصة في سن المراهقة، هما الشعور بالنقص والإحساس بالعزلة. فغالبًا ما يشعر المراهق -من الجنسين- بالنقص، إذ يتخيل في نفسه أنه لا يحمل جمالًا جسديًا مقبولًا، أو قدرته في الذكاء أقل من زملائه، أو أنه لا يجارى رفقاءه ماديًا. هذا الشعور الخاطئ يسيطر على المراهق في أعماقه، لا يقدر أن يبيح به لوالديه أو أب اعترافه أو حتى لزملائه، إنما يعمل على تغطيته بوسائل كثيرة، منها تكوين علاقات مع الجنس الآخر -مهما كانت أبعادها- ليس رغبة في العلاقات الجسدية الجنسية في ذاتها، وإنما لكي يؤكد لنفسه كما للغير أنه الشخص المحبوب الجميل، الذكي والجذاب للغير،لهذا سرعان ما يتنقل من "حب" إلى "حب"، خلال علاقات متغيرة مع الجنس الآخر، غايتها تغطية شعوره بالنقص، الدَّفين في أعماقه. لذات الهدف يلجأ أحيانًا إلى الانتماء إلى "جماعة من المراهقين"، مُشكَّلًا حياته حسب هواهم حتى وإن لم يسترح لتصرفاتهم بحسب فكره. أما بالنسبة للشعور بالعزلة، فكثيرًا ما يشعر المراهق (أو المراهقة) بالعزلة الداخلية القاتلة، حتى وإن تجمَّع حوله كثيرون. فهو (أو هي) يحس بأن أفراد أسرته ومدرسيه وأصدقاءه لا يدخلون عالمه، عاجزون عن مشاركته مشاعره والتعرف على قدراته ومواهبه وشخصيته. يحس كأن الكل يتعامل معه على شاطئ حياته دون إدراك لأعماقه. لهذا سرعان ما يرتمي في أحضان مراهق من الجنس الآخر له ذات المشاعر، حاسبًا أنه الوحيد في العالم الذي يقدر أن يفهمه وأن يشاركه أعماق أحاسيسه. ويبقى هكذا في خياله حتى يرتمي في حضن شاب ثانٍ، حاسبًا أن الأول كان مخادعًا وغير صادق في تصرفاته معه. وهكذا يتنقل من شخصٍ إلى آخر يستجدي من يملأ فراغه وينزع عنه شعوره بالعزلة. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
أريد أن أكون حرًا! أحد الضغوط آلتي تحطم حياة الشباب، خاصة في سن المراهقة، نظرتهم الخاطئة للدين. كثيرون يحسبون الدين كبتًا وحرمانًا وقيدًا لتحطيم متعة الحرية والحياة المبهجة من أجل أمور مستقبلية غير أكيدة. كما يرون في الدين فروضًا وواجبات وشكليات... لذا يهربون من الحياة المتدينة ليمارسوا الحياة الجسدية والجنسية في إباحية بلا ضابط دون أن تبكتهم ضمائرهم. هؤلاء يحتاجون إلى إدراك عمق الإيمان بكونه تلامسًا واقعيًا مع أبّوة الله الحانية والمترفقة، آلتي لا تطلب سوى نضوج إنسان ونموه الدائم وقدسيته، من أجل التمتع بشركة حب مع الله، تشبع أعماق النفس وتملأها فرحًا وسط متاعب الحياة الحاضرة. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
أريد أن أتعلم! إن فهمنا الجنس في مفهومه الواسع الذي لا يقف عند العلاقات الجسدية، فمن أين يتلقن الشباب التعليم الصادق للجنس: من وسائل الإعلام، أم من المدرسة، أم من البيت؟! يرى البعض أن وسائل الإعلام -خاصة في البلاد المتقدمة- غالبًا ما تصور العلاقات بين الجنسين من المراهقين بلا التزام ولا ضابط كحياة مفرحة ومبهجة دون الكشف عن نتائجها الخطيرة على حياة الأشخاص أنفسهم والجماعة. نقص التعليم الجنسي سواء في المنزل أو المدرسة أو الكنيسة، إذ يشتكي المراهقون بأن غالبيتهم تعلموا عن الجنس بطريقة خاطئة من أصدقائهم المراهقين الذين بلا خبرة. يرى بعض الدارسين أن المدارس الأمريكية قد اهتمت بالتعليم الخاص بالجنس، لكن غالبًا من الجانب البيولوجى والوظيفي دون مراعاة الجانب الروحي وأيضًا الأخلاقي. لهذا يتعرف الشباب على الجنس وممارسته دون إنجاب أو مع الحذر من انتقال الأمراض الجنسية، دون مساندتهم على التمتع بالحياة الطاهرة المقدسة. ومع هذا نجد أن عدد الفتيات اللواتي يحمل في أمريكا (قبل الزواج) أكثر من مليون في العام، وقد بلغت عمليات الإجهاض بينهن حوالي النصف مليون في السنة الواحدة. عدم إدراك الوالدين -وبالتالي أولادهم- لمفهوم النضوج الحقيقي. غالبًا ما يلجأ الوالدان إلى التطرف، فيتجاهل البعض نمو أولادهم، إذ يريدونهم أطفالًا صغارًا لا يحملون أية مسئولية، يكتمون حياتهم، ويغلقون على نموهم الفكري والإنساني، أو بالعكس يظنون فيهم النضوج الكامل المفاجئ، فيتركون لهم الحبل على الغارب ويُحملُّونهم مسئوليات فوق طاقتهم، وأحيانًا يدفعونهم إلى ترك المنزل في سن مبكر لبدء حياتهم العملية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.في كلا الحالتين غالبًا ما يجد الشباب ملجأهم في ممارسة الجنس للهروب من مشاكلهم ولإشباع حاجاتهم النفسية بطريقة مؤقتة. فالفئة الأولى حيث يُحرم الأبناء من حريتهم يجدون في ممارستهم الجنس بطريقة خاطئة ما يؤكد لأنفسهم ثورتهم ضد الأسرة التي تريد حبس أولادها في نطاق الطفولة، متجاهلة شخصياتهم المستقلة ونموهم، وكأنهم بممارستهم للجنس يحققون الرجولة أو الأنوثة الناضجة. أما الفئة الثانية فتجد ملجأها في تكوين صداقات من ذات السن من الجنسين، غالبًا ما تمارس الجنس في إباحية بلا ضابط وربما تتعاطى المخدرات. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
لا طعم للجنس! في بداية السبعينات إذ ارتبطت حركة "الهيبز" بالجنس بصورة صارخة، كنت ترى في بعض البلاد الأمريكية الممارسات الجنسية على قارعة الطريق والأماكن العامة، حتى ليخيل لإنسان أن حياة الشاب منهم قد ارتبطت مع الشابة بطريقة جنسية لا يمكن الاستغناء عنها. سُئلت فتاة عن سبب ممارستها مع الشاب الجنس علانية، وكانت الإجابة أن هذه الصورة يمارسانها في الطريق، ولا وجود لها قط في حياتهما الخاصة في المنزل. إنها استعراض خارجي يعيشه الشباب كجماعات تجد في مظاهر الجنس ما يلفت الأنظار إليهم وما يحقق التقاءهم معًا كجماعات شبابية... وهكذا لا أقول فقد الجنس قدسيته بل حتى وطعمه البشرى والطبيعي. أذكر فتاة سقطت مع أكثر من شاب في ليلة واحدة، وعندما عادت تائبة في صدق اعترفت أنها لم تكن تمارس الجنس لأجل ذاته ولا لاحتياج جسدي أو طبيعي إنما كانت تقوم بأدوار تمثيلية لكي تربط الشاب بها ولو إلى حين!! https://st-takla.org/Gallery/var/albu...aking-Hand.gif St-Takla.org Image: Man and woman shake hand, manhood, womanhood ما أريد تأكيده هنا هو ظهور مشاكل جنسية في العصر الحاضر من نوع مغاير لما كان يواجهه الشباب منذ سنوات قليلة. أذكر على سبيل المثال ما قاله HarveyGCox أن الأطباء النفسانيين يرون بأن شكوى الشباب منذ سنوات كانت منصبة على معالجة ما يعانوه مما ورثوه على والديهم من كبت restrains وحرمان inhibitions، أما اليوم فيعانون من شعورهم بأن الجنس صار بلا معنى بالنسبة لهم تمامًا، ليس فيه لذة، إذ يشعر الشخص كأن الطرف الآخر غير موجود نهائيًا (3). فقد الجنس جوهره وقدسيته، فصار لهوًا بلا طعم... هذه مشكلة يواجهها الشباب، أفقدتهم حتى الإحساس بالعلاقة الزوجية والرغبة في تكوين الأسرة، أو الإنجاب.صورة في موقع الأنبا تكلا: رجل وامرأة يسلمون على بعضهم البعض، الرجولة، الأنوثة كثيرًا ما التقيت مع بعض من الشباب في الخارج، وكانوا يتساءلون: لماذا ننجب أطفالًا؟ لماذا نلتزم بالمسئولية تجاههم؟ ما حاجتنا إليهم؟! أسئلة تدل على فقدان الإنسان طعم الحياة الأسرية وتذوق الأبوة والأمومة! هذه صورة مبسطة تكشف عن بعض نواحي الضغوط الشديدة التي يئن منها شبابنا، تارة من داخلهم خلال عواطفهم الجسدية ونموها السريع، وتارة من الظروف المحيطة بهم مثل الأسرة أو الأصدقاء أو وسائل الإعلام بل وأحيانًا من رجال الدين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.هذا ما يدفعني للكتابة إليهم في حب صادق مع وضوح وصراحة، لا لانتزاعهم من عالمهم الخاص بهم، وإنما لكي يدركوا قدسية الحياة، والتزامهم بالشهادة لمسيحهم وتمتعهم بخبرة إنجيلهم المفرح خلال حياة سوية وفكر ناضج وعواطف مقدسة وسلوك روحي مبهج للنفس، دون كبيت أو حرمان. ليت روح الله القدوس يكشف لنا كيف يلتقى البالغون مع الصغار كأعضاء مقدسة في الجسد الواحد، كل له فاعليته ورسالته وحيويته، فيعيش الكل بروح متناغم معًا كسيمفونية حب تحمل نغمات متنوعة دون تنافر. هذه هي الحياة الجديدة التي لنا في المسيح يسوع مخلص الجميع وصديق كل أحد. _____________________ (1) Josh McDowell: What I wish my parents know about my sexuality!, 1987, p 28. (2) I bid p.63. (3) J. C. Wynn: Sexual Ethics & Christian Responsibility, 1976, p. 27-28. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
الإلحاد المعاصر التقت طالبة بكلية الصيدلة جامعة الإسكندرية بطالبة بكلية الصيدلة بألمانيا الغربية، وكانت الأولى تتحدث مع الثانية عن الله كمحب للبشر، يرافق إنسان ويصادقه، يسكن في أعماقه ويشاركه مشاعره... كانت الألمانية تسخر من القبطية كفتاة متدينة، تنظر إليها كإنسانة غير متقدمة لا زالت تصدق في وجود الله والعبادة له الخ... عادت القبطية إلى مصر لتتسلم خطابًا من زميلتها تقول لها فيه: "إنكِ سعيدة الحظ بالله الذي لك تتكئين عليه، فأنني كنت أسخر منك، لكن في أعماقي أشر إنني في عزلة...". الآن، لماذا يهرب بعض الشباب من الله؟ ولماذا يرتمي البعض في أحضان الله ينفرون منه أو يطلبون اعتزاله، إن لم ينكروا وجوده ويقاوموه. أذكر إنسانًا ألتقي بآخر من Quebec بكندا، وإذ كان الأخير يمجد وجود الله، سأله الأول: "ماذا تفعل لو أنك فوجئت بالسيد المسيح قادمًا وألتقي بك؟". أجابه: "أقول له: لا أريد أن لأراك". لا تعجب يا عزيزي من هذه الإجابة، فهي ثمرة طبيعية لما ترسخ في ذهنه عن الله، أنه مقتحم الحياة الإنسانية لكبت حريتها، متجاهلًا واقعها البشرى. هذه الصورة بعيدة تمامًا عن الواقع المسيحي. مسيحنا الذي عرفناه هو كلمة الله السماوي الذي نزل إلى أرضنا، وعاش بيننا كواحد منا، يشاركنا ذات طبيعتنا (يو14:1). شارك الأطفال في طفولتهم، وصار شابًا ليجد الشباب فيه الصداقة والحب على مستوى فريد. أختار من بينهم تلاميذه الأخصاء، فكان التلميذ الذي يحبه (يو20:21) أي القديس يوحنا الحبيب، في حوالي الخامسة والعشرين حين دُعي للتلمذة. "أذكر خالقك في أيام شبابك" (جا1:12). هذه ليست مجرد وصية إلهية خلالها يسأل الله الشباب أن يرجعوا إليه كخالق حتى لا ينحرفوا، إنما بالأكثر هي دعوة حب يخص بها كل شاب أو شابة، فيها يعلن الله رغبته وإشتياقاته نحو الشباب، ليلتقي بهم في دائرة حب لا ينقطع، يدعوهم ليسكب حبه فيهم ويتقبل حبهم،يجدون في الله "الحب" (1يو8:4) الذي يشبع أعماقهم. هو وحده يخترق حياتهم إلى أعماقها، ويدرك أسرار قلوبهم، يبسط يديه لا ليدينهم أو ينتقدهم بل ليحتضنهم ويرويهم، قائلًا: "إن عطش أحد فليقبل إلىّ ويشرب، من آمن بي كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حيّ" (يو37:7،38). |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
شباب بلا شيخوخة رُفع السيد المسيح على الصليب وهو في شبابه، ومات، ثم قام. وكأنه لم يدخل إلى مرحلة الشيخوخة، لأنه محب للشباب، يريد أن يكون شعبه كله شبابًا، حتى الشيوخ حسب الجسد يلزمهم أن يتقبلوا الحياة بروح الشباب وقلوبهم، إذ قيل: "فيتجدد مثل النسر شبابك" (مز5:103). https://st-takla.org/Gallery/var/albu...h-Chastity.jpg St-Takla.org Image: Jesus with some youth - Chastity - Our Father - "For where two or three are gathered together in My name, I am there in the midst of them" (Mathew 18:20) صورة: شباب مع المسيح - البتولية - مسيح الشباب - الله أبونا - "حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ" (متى 18: 20) مسيحنا الحيّ يهبنا روحه القدوس واهب التجديد المستمر، فيحيا إنساننا الداخلي شابًا لا يعرف طفولة العجز ولا شيخوخة الضعف، بل قوة الروح المستمر. "فخر الشبان قوتهم" (أم29:20). عاش تلاميذ السيد المسيح ورسله بروح الشباب القوى الغالب لكل ضعف وكل خطية، المنتصر حتى على الموت؛ لا يعرفون الضعف أو الخنوع أو الاستكانة. "كتبت إليكم أيها الأحداث لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم، وقد غلبتم الشرير" (1يو14:2). "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (فى13:4). "الرب وقف معي وقواني" (2تى17:4). "أين شوكتك يا موت؟! أين غلبتك يا هاوية؟!" (1كو55:15). مسيحنا الذي "خرج غالبًا ولكي يغلب" (رؤ2:6)، لا يريد شابًا مستسلمًا يُحمل كما على نعش يبكيه الغير، إنما بقوة وسلطان يناديه: "أيها الشاب لك أقول قم" (لو14:7). هكذا يريد عريسنا أن يرى كنيسته حية قوية بروحه القدوس، تعيش في شباب دائم، يفرح بها كما يفرح الشاب بامرأة شبابه (أم18:5)،كما فعل باللواتي دخلن القبر فرأين شابًا جالسًا من اليمين لابسًا حلة بيضاء (مر5:16) بشرهن بالقيامة وسألهن أن يكرزن للتلاميذ أن يذهبوا إلى الجليل كي يلتقوا بالسيد المسيح القائم من الأموات. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
روح الشباب الشباب روح وفكر وليس سنًا معينًا، فقد تجد صبيًا صغيرًا حطمته شيخوخة النفس الداخلية بروح يائسة، بينما تجد شيخًا تمتلئ حياته شبابًا وحيوية. سيرة القديس إكليمندس -من رجال القرن الثاني- في شبابه متعطشًا إلى ما يروي أعماقه ويشبع فكره وأحاسيسه وعواطفه. قام برحلات باهظة يطلب الشبع في كثير من دول العالم، وأخيرًا أستقر في الإسكندرية حيث ألتقي بالقديس بنتينوس الفيلسوف، خلاله أدرك "سر الشبع الحقيقي، إذ وجد السيد المسيح مُشبعًا لحياته الشابة الطموحة، فقال: (يحتاج المرضى إلى طبيب، والضالون إلى مرشد، والعميان إلى من يقودهم إلى النور، والعطاش إلى الينبوع الحيّ الذي من يشرب منه لا يعطش أبدًا، والموتى إلى الحياة، والخراف إلى راع، والأبناء إلى معلم؛ تحتاج كل البشرية إلى يسوع (1)). بلقائه مع السيد المسيح أحسّ هذا الفيلسوف الطموح في مسيحه سر شبع داخلي مع تجديد في المفاهيم، نذكر منها: 1- روح الفرح بلا تشاؤم https://st-takla.org/Gallery/var/albu...Friends-01.jpg صديقان مسيحيان، الصداقة المسيحية، صداقة روحية، بجانب الصليب والكتاب المقدس - رسم أمجد وديع 2- كل شيء جميل لم ير القديس إكليمندس شيئًا شريرًا في ذاته، بل كل ما خلقه الله حسن ومتناغم معًا. فالغنى والممتلكات والفلسفة والمعرفة الخ... هذه جميعها هبات إلهية، إن تقدست قادت الإنسان إلى فرح حقيقي في الرب. ما أجمل عباراته: "الله يحب كل ما خلقه"، "الله لا يبغض شيئًا، ولا يحمل عداوة ضد شيء ما". هكذا الشاب الحيّ الذي يسلك بروح مسيحه يحمل نظرة قدسية مفرحة نحو كل ما في العالم: نحو الجسد وأحاسيسه وعواطفه وطاقاته؛ نحو الزواج بعلاقاته القلبية والجسدية، نحو الحياة الاجتماعية الخ... هذا ما يؤكده القديس إكليمندس بقوة بفكر إنجيلي. 3- الحرية الإنسانية حدثنا القديس إكليمندس عن "الحرية الإنسانية" وتقديس الله لها، فقد خلق الإنسان كائنًا حرًا. قدم له الحرية في أكمل وجه. لا يُلزمه بعمل ما أو يمنعه عن تصرف معين، حتى ترك للإنسان الحرية إن أراد أن يقاوم الله نفسه أو يهاجمه أو ينكر وجوده. يتركه في كمال حريته، لكنه كأب محب يوجهه دون أن يُلزمه، يقدم له نعمته المجانية وإمكانياته القادرة على تجديد طبيعته حتى إرادته دون قهر. شبابنا يطلب الحرية التي يحطمها أحيانًا حتى الآباء ورجال الدين بينما يبقى مسيحنا يطلب حريتهم! شبابنا في عوز إلى قوة تسندهم، ومسيحنا يترفق بهم في ودٍ يسندهم! 4- أبّوة! أما ما سحب قلب القديس إكليمندس فهو "أبّوة الله" الفائقة، فنحن بالطبيعة غرباء عن اللاهوت، لكنه يحبنا، ويبقى في حبه يضمنا، ليقيمنا أبناء له، نقتنيه بالحب إذ يقتنينا هو أولا بحبه، نحمله فينا إذ يحملنا نحن إلى أحضانه، ينزل إلى قلوبنا ليعلن أبوته وصداقته ويرفعنا إلى أمجاده لنبقى معه أحبا إلى الأبد. أيها الشاب، أيتها الشابة، مسحينا محب للشباب، لا ليكتم أنفاسهم أو يحكم حريتهم، بل ليقيمهم بالحق أبناء الله الأحرار (يو36:8)، يعاملهم كأشخاص لهم كيانهم وشخصياتهم ومواهبهم وقدراتهم الخاصة، يكشف لهم عن أبوته الحانية، يملأهم طموحًا، ويشبع حياتهم، ويروى كل ظمأ فيهم. حقًا لقد كشف كثير من علماء النفس والمهتمين بشئون الشباب عن ما يتعرض له الشباب من متاعب خاصة من البالغين الذين لا يدركوا نفسية الشباب ورغبتهم في النمو المستمر والتمتع بالحرية الشخصية،أقول إن شبابنا في حاجة إلى شخص السيد المسيح نفسه القريب إلى كل نفس، أقرب إليها من كل صديق. هو سند لكل شاب، مُفرح القلوب، ومُقدس للطموح، ومُشبع لكل مطلب خفي وظاهر. __________________ (1) Paedagogus 2:9. (2) See our book: The Divine Providence, Ottawa 1987. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
لا تهدروا كرامتي! إذ يبلغ الإنسان مرحلة المراهقة المبكرة يبدأ يودع الطفولة بلا أسف، لا لشيء إلا لأنه يود أن يمارس حياة البلوغ كما يراها هو. إنه يود تأكيد شخصيته أمام نفسه وعائلته وأصدقائه. فحين يُطالب المراهقون بالالتزام بموعد معين للعودة إلى المنزل أو يتدخل الآباء في اختيار الأصدقاء أو الحدّ من الإطالة في المكالمات التليفونية أو الحث على الدراسة أو اختيار موديلات معينة للملابس أو صف الشعر الخ... مثل هذه التصرفات يحسبها الآباء علامة حب واهتمام بأبنائهم بينما يراها المراهقون إهدارًا لكرامتهم وكيانهم الشخصي، يحسبونها تحطيمًا لحريتهم بل وانتحارا اجتماعيا أقسى من موت الجسد. هذا ما يدفعني للحديث عن "شخصية الشاب"، خاصة في سن المراهقة، وتكامل جوانبها، مع استمرارية نموها. هنا أود توضيح أن شخصية المراهق هي محصَّلة عوامل كثيرة، أهمها: الطبيعة الإنسانية ذاتها خاصة في سن المراهقة، وظروف المجتمع الذي يعيش فيه المراهقون. فمن جهة العامل الثاني، نجد الاختلاف واضحًا بين شخصية المراهق الذي ينشأ في مصر مثلًا عنه في شمال أمريكا. ففي مصر يشعر الآباء بالضرورة الملحة أن يحصل الأبناء على درجات علمية جامعية حتى يستطيعوا اقتحام الحياة العملية، فيدفعونهم على الدراسة ربما على حساب طاقتهم الصحية أو تنمية مواهبهم الفنية وقدراتهم الخاصة، أما في شمال أمريكا حيث إمكانية العمل متوفرة للمواطنين دون الحاجة إلى درجات علمية لذا يعطى الآباء اهتماما خاصًا بتنمية مواهب أبنائهم من سباحة وموسيقى وحب القراءة الخ... الأمور التي تسند أولادهم في سن المراهقة من الانحراف إلى حد ما. هذا الاختلاف بين التربية في البلدين ينعكس على حياة المراهق وتكوينه الشخصي. غير أن عاملًا آخر يشترك فيه المراهقون في العالم كله له أثره العميق على شخصية المراهق، ألا وهو الطبيعة الإنسانية بسمِاتها الخاصة بهذه المرحلة. أقصد بذلك نمو الجسد السريع، وظهور عواطف ومشاعر جديدة، ورغبة في الاستقلال وممارسة الحرية. حقًا يختلف المراهقون فيما بينهم من جهة الدرجة، لكن هذه السَّمات أمر حيوي يمس غالبًا حياة كل المراهقين، حتى ليحسب المراهقون أن الحياة كلها جنس وعاطفة. قبل الحديث عن الجنس في نظر المراهق أود توضيح أهمية تكامل شخصية المراهق من كل جوانبها. لقد نوقش هذا الموضوع في خلوة مبسطة مع بعض شبابنا القبطي من أتاوا ومسيساج بكندا في أغسطس 1987، لهدفين: الأول: يمثل هذا الشباب الجيل الأول الذي نشأ في الكنيسة القبطية خارج مصر يلزم أن يتهيأ هذا الجيل ليتخرج منه بعض القيادات الكنسية القبطية بالخارج، من أسقف وكاهن وراهب وراهبة وشماس وخدام وخادمات تربية كنسية أو من الشعب. هؤلاء يلزمهم أن يحملوا رسالة الشهادة للروحانية الأرثوذكسية في الغرب. يليق بهذه الشخصيات أن تكون متكاملة وقوية، تعرف كيف توازن بين احتياجات الطبيعة البشرية المتجددة من كل جوانبها بدون تطرف. الثاني: يحتاج هذا الجيل إلى مناقشة صريحة عن الحياة المسيحية، فهو جيل يعيش في الغرب بكل ثقافته وفكره بينما يتربى على أيدي والدين مصريين جاءوا إلى أرض المهجر من أجل مستقبل أفضل لأبنائهم، لكنهم في تخوّف شديد على روحانية أولادهم،يستخدم البعض أسلوب الحزم الشديد مع أبنائهم خشية انحلالهم وانحرافهم عن الحياة الإنجيلية المقدسة، بينما يستخدم البعض أسلوب التهاون الشديد حتى لا يفلت زمام سلطانهم على توجيههم. وفريق ثالث يقف في حيرة بين الحزم والتهاون! على أي الأحوال، أود الحديث الآن لا مع الوالدين وإنما مع الجيل الجديد نفسه ليدرك سر نمو شخصيته، فيحقق رسالته. ما أود أن أكرره هو أن هذا الحديث موجه لكل شبابنا في مصر كما في الخارج. فإنه وإن اختلفت البيئة، لكن يبقى الشباب في كل المجتمعات وعبر كل الأجيال له طبيعته الفريدة واحتياجاته التي تختلف في المظهر الخارجي لكنها واحدة في داخل النفوس. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
تحمل جنسًا... لكنك لست جنسًا مجردًا! https://st-takla.org/Gallery/var/albu...f-Jesus-03.jpg صورة: مثل الخمس عذارى الحكيمات و الخمس الجاهلات - العذارى الحكيمات والعذارى الجاهلات إن كان الجنس بما يضمه من عواطف يمثل الدور الرئيسي في حياة الشباب، حتى يصير أحيانًا القائد الأوحد لكل أفكارهم ورغباتهم وسلوكهم. فنجد البعض في مبالغة وتطرف ينغمسون في ممارسة الجنس ويُبتلعون في العاطفة، كأن هذه الأمور تمثل حياتهم كلها، وذلك على حساب دراستهم أو تنمية مواهبهم، وعلى حساب علاقاتهم الأسرية والاجتماعية، متجاهلين أيضًا علاقات الودّ مع الله والتمتع بالشركة معه، والدخول في الصداقة الإلهية، غير مبالين بمستقبلهم الأبدي وميراثهم السماوي. هذا ويلجأ آخرون أحيانًا إلى تطرف آخر، متطلعين إلى "الجنس" كنجاسة يجب الخلاص منها، والعواطف كخطايا يجب كتم أنفاسها، فيحطم الإنسان كل حيوية فيه وكل نمو تحت ستار العفة الظاهرة وشكليات الطهارة غير الصادقة. أما الشباب الروحي فهم الذين ينعمون بروح التمييز، يسلَّمون كل حياتهم وطاقاتهم وغرائزهم وعواطفهم بين يدي الروح القدس، لا لتحطيمها وإنما لتقديسها، فيدركون سرُ تكامل الشخصية ونموها، ناظرين إلى حياتهم ككل في قدسية وتقدير، فلا ينقسم الإنسان على نفسه، ولا يعيش بروح الدمدمة القاتل. يليق بنا جميعًا أن ندرك أن لكل إنسان حياته الواحدة المتكاملة بلا تجزئة، إذ لا نستطيع أن نقسم حياتنا إلى أجزاء مستقلة: حياة بدنية، وأخرى سيكولوجية، وثالثة عقلانية، ورابعة اجتماعية ثم عاطفية وجنسية وروحية. إنما هي حياة واحدة تمس كياننا كله، نعيشها في البيت كما في المدرسة أو العمل أو في الكنيسة. نعيشها حين نختلي بأنفسنا أو كنا في صحبة الغير، حين نأكل أو ننام أو نفكر أو نمارس رياضة أو ننشغل ببحث علمي أو نتعبد لله،هذه الحياة الواحدة لها جوانبها المتباينة، لكنها جوانب متكاملة ومتلاحمة معًا كما في نسيج واحد، يستحيل تجزئتها. كل جانب له فاعليته على الجوانب الأخرى، بل على الحياة ذاتها في مجملها. لهذا فكل نمو متزن في جانب ما يعكس في الغالب نموًا وتقدمًا على الجوانب الأخرى. ما دمنا نتحدث عن الحياة البشرية المتكاملة يليق بنا أن نشير إلى كلمة الله الذي صار إنسانًا كاملًا يمارس حياتنا البشرية الكاملة، حمل طبيعتنا في جملتها لكي يُصلح حياتنا من كل جوانبها، مٌقدسًا الجسد بكل حواسه والنفس بكل طاقاتها والروح بكل إمكانياتها. وكما يقول القديس كيرلس الكبير إنه مخلص الطبيعة البشرية كلها، نفسًا وجسدًا. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
أرع جسدك ولا تؤلهه! 1- قبل التجسد الإلهي وُجد في العالم اتجاهان متطرفان من جهة النظرة للجسد، فقد أحتضن بعض الفلاسفة الاتجاه الغنوسي، متطلعين إلى الجسد كعنصر ظلمة، لذا نادوا بضرورة تحطيمه. آخرون أقاموا من الجسد إلهًا يتعبدون له، خاصة للأعضاء التناسلية إذ وُجدت ديانات تتعبد للأعضاء التناسلية للرجل Phallic religions يكون مصدر الحياة وأخرى ديانات نسائية تجعل من رحم المرأة وصدر الإلهة مصادر الحياة (1). لقد أُقيمت تماثيل لرجال ونساء في حالة عري، كما مارست بعض الكاهنات الزنا في المعابد باسم الآلهة. جاء رب المجد يسوع، خالق الجسد ومخلصه، يرفع من شأن الجسد إذ لم يستنكف منه بل تأنس وتجسد. حمل ناسوتنا ككل ليخلصه، وليس ليخلص النفس وحدها. بهذا وهبنا مخلصنا نظرة قدسية لأجسادنا كما لأجساد الغير. ففي المسيح يسوع نعتني بالجسد ونربيه (أف7:5)، هذا الذي سيقوم ويشارك نفس الأمجاد السماوية. بهذه النظرة يتطلع الإنسان إلى غيره لا كأجساد جميلة تحقق له لذة مؤقتة وإنما بالأحرى هم أعضاء جسد المسيح (1كو15:6) وهيكل للروح القدس (1كو19:6؛ 16:2، 17). 2- جاء كلمة الله المتجسد، خالق الإنسان، إلى عالمنا يشفى الأجساد كما النفوس والأرواح. لقد صنع أشفية بلا حصر، واهبًا تلاميذه سلطانًا وقوة لشفاء الأمراض باسمه (مت1:10). طلب القديس يعقوب من المؤمن في مرضه أن يستدعي قسوس الكنيسة للصلاة من أجله ودهنه بالزيت المقدس لشفاء جسده، جنبًا إلى جنب مع شفاء نفسه باعترافه عن خطاياه (يع14:5-16). صورة رائعة تكد نظرة السيد المسيح وكنيسته للمؤمن لا كنفس تلبس جسدًا كأنه غريب عنها، وإنما الجسد يمثل جزءًا لا يتجزأ من كيان الإنسان، له دوره ومطالبه، يتفاعل مع النفس في وحدة وتناغم. إذن، فالشاب الحيّ الذي يبغي شخصية سوية متكاملة ونامية يلزمه أن يتطلع إلى جسده كما إلى أجساد الغير في قدسية، كهيكل الرب نفسه، يهتم به ويربيه في أتزان وتقدير. لا ينظر إلى جسده كمصدر شر بل كعطية إلهية صالحة، بدونه يفقد الإنسان حياته على الأرض، من خلاله يمارس أعماله اليومية المادية والفكرية والروحية والاجتماعية والأسرية. من خلاله تعمل النفس كما الفكر والقلب في انسجام متناغم معًا، ليصدر كل عمل أو قول أو فكر أو عاطفة عن الإنسان بكليته. إن أردت أيها العزيز أن تكون شخصية قوية، لا تحتقر جسدك، ولا تستخف بدوره، ولا تتجاهل قدراته، فإنه لا وجود لك هنا بدونه، وليس لك القدرة على التعامل حتى مع الله غير المنظور بدونه. اهتمامك به هو اهتمام بشخصك ما دمت تسلك بروح الحكمة والاتزان. لا نعجب إن رأينا القادة الروحيين أنفسهم يهتمون بأجسادهم في الرب. ينصح القديس بولس تلميذه تيموثاوس: "الرياضة الجسدية نافعة لقليل" (1تي8:4). قيل أيضًا أن صيادًا شاهد الإنجيلي يوحنا يداعب حمامًا زاجلًا فدُهش. لكن القديس أمسك بقوس الصياد وصار يشد وتره حتى اضطر الصياد أن يطلب منه التوقف عن ذلك حتى لا ينقطع الوتر. عندئذ قال له القديس بأنه هكذا يخشى هو أيضًا من أن يشد على جسده لئلا يتحطم، إذ يليق بالإنسان الروحي ألا يتجاهل راحة جسده؛ هذا ما دفعه لمداعبة الحمام الزاجل. وفى العصر الحديث رأينا قداسة البابا كيرلس السادس -نَّيح الله نفسه- الذي عُرف بجديته في الحياة الروحية، ممارسًا التسبحة كل صباح والقداس الإلهي غالبًا كل يوم، ومع ذلك كثيرًا ما كان يذهب إلى دير القديس مارمينا العجايبى بمريوط حيث كان يخرج عند الغروب ليتمشى في الصحراء بمفرده وقتًا ليس بقليل، يَسبَح في تأملاته الروحية وصلواته، ممارسًا رياضتي الجسد (المشي) والروح. 3- إذ تتطلع الكنيسة الأرثوذكسية إلى الجسد في قدسية خاصة لا تحرمه من مشاركته الروح والنفس في العبادة،.فالإنسان الروحي وهو يعبد الله بالروح (يو24:4) يمارس هذه العبادة بكل طاقاته: بجسده وروحه وعقله وعواطفه الخ... مثل هذه العبادة ترفع من شأن الجسد ليمارس الروحيات بروح الله الساكن في الإنسان بكليته، وليس في النفس وحدها. هذه العبادة الروحية التي يساهم فيها الجسد في تناغم مع النفس تحت قيادة روح الله لها فاعليتها حتى على سلامة الجسد نفسه. كلنا نعلم ما للأصوام والمطانيات مع بهجة القلب الداخلي أثناء العبادة من انعكاسات طيبة على الجسد نفسه. يقول الحكيم: "القلب الفرحان يطيب الجسم، والروح المنسحقة (المحطمة) تجفف العظم" (أم22:17). 4- ما دمنا نتحدث عن دور الجسد في نمو شخصية الإنسان أو تكاملها بكونه عنصرًا حيويًا في الكيان الإنساني، يلزمنا أن نشير هنا إلى ما يصيب بعض المراهقين -حتى في البلاد المتقدمة- من شعور داخلي بالذنب حين يجدون تغيرات سريعة تحدث بالنسبة لأجسادهم تصحبها عواطف جديدة ومشاعر تجاه الجنس الآخر. يشعر المراهقون أحيانًا بالخجل من مناقشة هذه الأمور في صراحة ووضوح مع والديهم أو مرشديهم. هنا يجب أن تدرك الأسرة والمدرسة كما الكنيسة دورهم في تأكيد أن هذه التغيرات هي عطية إلهية صالحة، خلالها يودع المراهقون الطفولة، وينعمون بالنمو، ويتقبلون نوعًا من النضوج أو البلوغ يتحقق على مراحل وليس دفعة واحدة. هذه التغيرات تهيئ الجنسين لإقامة عائلات جديدة وممارسة الحياة الوالدية (الأبوة والأمومة)، متى وُجهت بروح الله القدوس، الذي لا يحطم هذا النمو الجسدي والعاطفي بل يقدسه ويوجهه للبنيان. ما أحوج أن يدرك الشباب في دور المراهقة غاية هذه التغيرات، فيتقبلونها بفكر متسع وقلب منفتح، يرون فيها علامة البدء في نمو شخصياتهم ككل وليس إشباعًا للذات الجسدية في استهتار بلا تدبير. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
لست قبيحًا... أهتم بنموك النفسي جاءتني فتاة في حالة تعب نفسي مُر وقد اتسمت بشيء من الجمال، وغذ أخذتُ أحاورها في محبة الله ورعايته في كل جانب من جوانب حياتنا... إذ بها في خجل قالت لي إن هناك أمرًا يصعب عليّ أن أتحدث فيه مع أحد... وبعد لحظات، في صوت خافت قالت: إنني أُعاني من الشعور بالقبح... هذه ليست حالة فردية لكننا نجدها متكررة بين الشباب من الجنسين، فكثيرًا من الفتيات الجميلات يشعرن في أعماقهن أن الشباب يتملقهن لكنهن لسن جميلات، وأيضًا بالنسبة للياقة البدنية للشبان أو القدرة على الذكاء أو ممارسة الملاطفة الخ... هذه المشاعر تحطم نفسية الشباب. تحدثنا في مقدمة هذا الكتاب عن الضغوط النفسية التي يتعرض لها المراهقون، خاصة شعورهم بالنقص وإحساسهم بالعزلة القاتل. هذه الضغوط تصيب الغالبية العظمى من المراهقين في البلاد المتقدمة كما النامية أيضًا، لا أبالغ إن قلت إنها تصيب الإنسان بوجه عام من فترة إلى أخرى بدرجات متفاوتة، لكنها تقسو جدًا على المراهقين. يقول الدكتور دوبسون James Dobson في تسجيلاته وفي كتابه عن "الإعداد للمراهقة" بأن الشعور بالنقص أو بالإرجاء أو بالفشل أو بالتفاهة مُدمَّر للشخصية. ثمانون في المائة من المراهقين ساخطون على بعض ملامحهم البدنية، إذ يشعرون أنهم غير جذابين بل وقبحاء، هذا الأمر يمثل مشكلة تشغلهم غالبية الوقت (2). يظن هؤلاء المراهقون بأن الجنس الآخر لا يحبهم. وقد قدم الدكتور دوبسون عاملين آخرين يثيران هذا الشعور هما إحساسهم بقلة الذكاء أو نقص مواردهم المادية. هذه المشكلة التي تبرز بقوة في أعماق المراهقين يعاني منها حتى الإنسان البالغ مهما كان مركزه الأدبي أو العلمي أو المادي أو البدني إذ يشعر دائمًا بالعَوَز، لأنه مخلوق إلهي يطمح إلى اللانهائيان. قد يعتز الإنسان بذاته أو قدراته أو مواهبه أو سطوته، وربما يعشقه الملايين أو يحترمونه ويكرمون فّنه أو علمه... لكنه يتصاغر جدًا في عيني نفسه، إذ يشعر بفراغ شديد في داخله لا يستطيع أحد أن يملأه. هذا ما يدفع بعض مشاهير الفنانين أحيانًا إلى الانتحار. على أي الأحوال، اهتم الله منذ بدء خلقة الإنسان أن يهبه نموًا لنفسيته، ليعيش بشخصية سوية، لا يحطمه الشعور بالنقص، إنما على العكس يعتز بنفسه بكونه قد وُهب الكثير من القدرات ولم يُترك في عوز إلى شيء. يذكر سفر التكوين أن الله وهب الإنسان سلطانًا على كل الأرض (تك26:1)، كما وهبه القدرة على التعقل والتفكير مع الحرية، فأعطى آدم أسماء لكل الخليقة دون خبرة سابقة له (تك19:2). عندما سقط موسى النبي تحت هذا الشعور بالنقص وهو في حوالي الثمانين من عمره، إذ أراد التنحي عن العمل القيادي بسبب ثقل لسانه، مرددًا: "استمع أيها السيد، أرسل بيد من ترسل" (خر13:4)، لم يتركه الله يتحطم بهذا الشعور، بل قدم نفسه عونًا له، قائلًا: "أنى أكون معك... وأنا أكون في فمك وأعلمك ما تتكلم به" (خر12:13). إذ شعر بالنقص بسبب ثقل لسانه، تقدم الله نفسه خالق اللسان ليكون في فمه يتكلم فيه! وعندما عانى إرميا من ذات الشعور تدخل الله، قائلًا: "لا تقل إني ولد... لأني أنا أكون معك لأنقذك" (إر7:1،8). https://st-takla.org/Gallery/var/albu...Friends-01.jpg صديقان مسيحيان، الصداقة المسيحية، صداقة روحية، بجانب الصليب والكتاب المقدس - رسم أمجد وديع يظهر اهتمام الله بنفسية شعبه بتقديمه المن في البرية لإشباع جسدهم، "والفرح" لإشباع نفوسهم حتى يستطيعون مجابهة المصاعب بنفس متهللة سوية، إذ قيل "أشبعنا بالغداة من رحمتك فنبتهج ونفرح كل أيام حياتنا" (مز14:90). أما علاجنا النفسي فجاء متكاملًا مع العلاج الروحي بتجسد كلمة الله، إذ صار واحدًا منا، يحمل ذات طبيعتنا، ويشاركنا حياتنا على الأرض. بهذا أعاد الخالق للبشر ثقتهم في أنفسهم وتقديرهم لإنسانيتهم، فأدركوا في كلمة الله المتجسد أنهم ذوو شأن. حلَّ ابن الله القدير بيننا وفينا، واهبًا إيانا -خلال المعمودية- التبني للآب، فكيف نشعر بعد بالنقص؟ أعطانا الحب كله على الصليب، فماذا يعوزنا بعد؟ يقول الرسول بولس: "الذي لم يشفق على أبنه بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا أيضًا معه كل شيء؟!" (رو32:8). في اهتمامه بنفسية كالإنسان جاء يترفق بالمطرودين والمرذولين من برص ولصوص وزناة وعشارين ومجانين،حقًا إنه يبغض الخطية ولا يطيقها، لكنه يحب الخطاة والمرضى ليشفيهم. رفع أيضًا من نفسية الأطفال والنساء، كأشخاص لهم حقوقهم كأعضاء في الكنيسة على قدم المساواة مع الرجال البالغين، لهم حق العمل لتحقيق أهدافهم بما يناسب قدراتهم ومواهبهم. حين كان صبيًا قال لأمه: "لماذا كنتما تطلبانني؟! ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي؟! (لو49:2) يرى بعض الدارسين في هذه الكلمات ثورة في عالم الطفولة. فالطفل شخص له كيانه وشخصيته ودوره في الحياة. لقد خضع السيد لأمه (لو51:2)، وفي نفس الوقت يحقق رسالته. ليت كل شاب يدرك أن الله الذي خلقه يهتم بحياته ليس فقط من الناحيتين البدنية والروحية بل وأيضًا النفسية، إذ يريده عضوًا حيًا، ذا نفس سوية. الله لن يترك المراهقين يحطمهم الشعور بالنقص، ويقتلهم الشعور بالعزلة، إذ يقدم لهم الكثير، منه: (أ) يقدم نفسه صديقًا شخصيًا ملاصقًا لكل أحد، حتى يبدو للإنسان كأن الله لا ينشغل إلا به كما شعر القديس أغسطينوس حين دخل دائرة حب الله. بثقة وفرح يترنم الإنسان، قائلًا: "حبيبي لي وأنا له" (نش 16:2). جاءنا كلمة الله متأنسًا ليقيم صداقة إلهية على مستوى فريد مُشبع لكل شخص، إنه الصديق الذي يدخل إلى الأعماق ويدرك حقيقة أحاسيسنا، لا يتجاهل مشاعرنا ولا يهيننا مهما كانت ضعفاتنا. على العكس نراه دائمًا يشجع ويسند مؤكدًا تقديره لشخصية كل أحد. (ب) جاء ينتزع روح اليأس وعدم الرجاء، إذ يُبرر ما هو صالح وجميل في حياة الإنسان مهما بلغ شرَّه. فلا يشعر الإنسان أنه في عوز إلى جمال أو حكمة بطريقة محطمة، كما لا يشعر أنه في عوز إلى من يرد إليه الثقة في نفسه. (ج) بكونه الخالق يمسك بأيدينا ليسحبنا من الانشغال بالظروف الخارجية موجهًا إيانا إلى كياننا "core self" أو إلى إنساننا الداخلي "inner man"، ليعلن ملكوته المفرح فينا، نعتز بالمجد الداخلي الذي يقيمه في أعماقنا، والتجديد الداخلي الذي يحققه بروحه القدوس (كو 10:3، 2كو16:4). ليت كل البشرية -بما فيها من مراهقين- يدركوا حب الله للإنسان، إذ يهتم حتى باحتياجاته النفسية. يقابل هذا الحب بالحب فيراعي نفسية الآخرين. بمعنى آخر إن كان الله يهتم بنفسيتنا هكذا يليق بنا أن نهتم بنفسية إخوتنا. فالشاب (أو الشابة) الذي يلهو بمشاعر آخر من ذات الجنس أو من الجنس الآخر لإشباع عاطفته الذاتية وتحقيق الأنا ego تحت ستار الحب أو الصداقة، على حساب مستقبل الغير وسلامته الداخلية، إنما يعزل نفسه بنفسه عن روح مسيحه. جاءت فتاة إلى كنيستنا بلوس انجلوس لتتعرف علينا، إذ سمعت الشعب يتحدث العربية، وهي من أصل عربي وُلدت في أمريكا. لم تكن تؤمن بالله لأنها لم تجده في قلبي والديها أو قلوب من التقت بهم. عاشت مع أكثر من شاب لسنوات أحيانًا ولشهور أحيانًا أخرى، في حياة لهو مستمر، سألتها عن شعورها الداخلي من جهة حياتها، فأجابت في صراحة إنها لا تشعر بالطمأنينة والضمان، فهي تعيش مع شاب لسنوات قد يتركها أو تتركه. حياتها في الظاهر مملوءة بهجة تلاطف الغير والغير يلاطفها، لكن بحسب كلماتها الصريحة إن أعماقها مملوءة سًا وقلقًا. حين تحدثت معها عن أبّوة الله دُهشت لسماعها عبارة "الأبوة"، فإنها لم تذقها قط؛ والدها مطلق يعيش في ولاية لا تعرفها، وأيضًا لا تعرف أين والدتها. سألتها أما تسأل عنهما؟ أجابت: ولمَ أسأل، إن كان أحدهما مريضًا توجد مستشفيات. مسكينة مثل هذه الفتاة التي لم تختبر صدق الحب الباذل في والديها ولا في أصدقائها، ولم تلتقِ بالسيد المسيح القادر وحده أن يشبع النفس، ويقدّر حياتها كشخص له كيانه! أحبائي، ليتنا نلتقِ بمسيحنا الذي يهتم بدقائق مشاعرنا، تحمله فينا، ونقدمه إلى كل قلب ليتمتع معنا بالحياة المفرحة الداخلية. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
لتهتم بنموك العقلي! https://st-takla.org/Gallery/var/albu...2-Thoughts.gif ماذا بداخل رأسك؟- رجل يفكر - أفكار كثيرة داخل الرأس الله حبه للإنسان وهبه سلطانًا على كل الخليقة (تك28:1)، لكي يتعرف على قوانينها وطاقاتها وأسرارها، مستخدمًا هذا كله لبنيانه ونموه لتقدم الحياة البشرية. خلقه كائنًا عاقلًا لكي يحسن استخدام العقل لحساب البشرية، وليس لكي يوقف عمله أو يسيء استخدامه. الشاب الروحي يعرف بروح الله كيف ينمو في قدراته العقلية بنجاح. يوسف تدرب بحكمة أن يدير بيت فوطيفار، وأن يقود المساجين وهو سجين معهم، وأيضًا أن يدبر توزيع الغلال لا على مستوى مصر جميعها بل والبلاد المحيطة بها أيضًا. وداود أيضًا كان ناجحًا ليس فقط كنبي بل وكقائد مدبر للجيش وملك وقاضٍ. وهبه الله حكمة واتزانًا وبركة في كل عمل تمتد إليه يداه. إذن، إيماننا ملتحم بحيوية الفكر ونمون، نلتزم حتى في العبادة أن نمارسها بالروح كما بالذهن (1كو15:14). يمكننا القول بأن نمو شخصية الإنسان -خاصة في سن المراهقة- تستلزم النمو العقلي جنبًا إلى جنب مع الجوانب الأخرى، فإن كانت العاطفة تتجلى بكل قوتها في هذه المرحلة، وهو أمر طبيعي، لكن يليق بالمراهقين أن يقرنوا العاطفة المتأججة بالحكمة والتفكير النامي الناضج، ليس فقط في علاقتهم بالمراهقين أصدقائهم من كلا الجنسين، وإنما أيضًا في حياتهم الروحية والأسرية، العقل المتزن هبة إلهية، يسند العواطف ويكملها وينميها، فلا تنحرف عن غايتها لتصير علّة تحطيم لشخصياتهم ولعواطفهم ذاتها. مرحلة المراهقة فرصة ذهبية، يتعلم خلالها الإنسان وسط عنف العواطف وجبروتها كيف تمتد يد الله لتهب الإنسان حكمًة واتزانًا ليعيش بعقله مع قلبه، يعملان بالنعمة الإلهية في تناغم بلا نشاذ. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
النمو العاطفي https://st-takla.org/Gallery/var/albu...-Monica-02.jpg القديس أغسطينوس و القديسة مونيكة إذ تظهر العواطف والشاعر متزايدة في سن المراهقة يظن الإنسان في نفسه كأنه قد صار بكليته عواطف مجردة. يشعر بعض المراهقين -حتى في أمريكا الشمالية- بأن هذه العواطف كما لو كانت خطايا، الأمر الذي يدفعهم إلى إساءة استخدامها. هذه العواطف النامية في هذه المرحلة هي عطايا إلهية توهب للإنسان لأجل نمو شخصيته ودخوله إلى مرحلة النضوج، بها يمكن أن يتسع قلبه بالحب لا لشخص واحد من الجنس الآخر لإشباع لذة مؤقتة، ولا لتكوين صداقات على فئة مغلقة من سنه، وإنما لقبول الإنسانية كلها في أعماقه، فيمارس الحب لله وللناس عمليًا هذا ما يقدمه لنا القديس أغسطينوس خلال خبرته الشخصية، موضحا أن الذين يتمتعون بعواطف قوية وعميقة، وإن كانوا عرضة للانحراف بشدة، لكنهم أقدر من غيرهم على ممارسة الحب لله وللناس بالنعمة الإلهية. العواطف التي يرذلها البعض إن تقدست تصير أساسًا صالحًا لحياة مبهجة، ولزيجات مباركة ناجحة، كما لحياة بتوليه متسعة. كيف تتقدس عواطف المراهق لنمو شخصيته؟ هذا ما أرجو الحديث عنه في مقال مستقل إن شاء الرب. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
النضوج والحياة الجنسية
كما سبق فقلت أن كثيرًا من الشباب يظنون أن نضوجهم يكمن في إدراكهم للجنس وإحساسهم به وممارسته حتى ليتخيل البعض أنهم لن يفارقوا الطفولة ما لم يمارسوا الحياة الجنسية بصورة جسدانية. مع النضوج البدني والسيكولوجي والعاطفي.... ينمو أيضًا إدراكنا للجنس... لذا وجب على المراهقين أن يدركوا أهم حقائقه، مثل: 1- أعطيت المسيحية كرامة وتقديسًا للزواج والعلاقات الزوجية، معلنةً أن الجنس كركن من أركان الزواج، في مفهومه الواسع يمثل حياة تُمارس بقدسية ووقار، وليس بمشلة تحتاج إلى علاج. يحط البعض من شأن الجنس، إذ يحصرونه في حدود العلاقات الجسدية وليس كعلاقات حب عميق وداخلي وانفتاح قلب تجاه كل البشرية، ليقود الرجل والمرأة للاتحاد معًا، كشخص مع آخر، وليس مجرد التقاء جسدين. 2- العلاقات الجسدية في الحياة الزوجية أمر صالح تعبر عن الوحدة لا على مستوى الجسد والعواطف فحسب وإنما على مستوى النفس أيضا. يرى القديس أغسطينوس أن الخطيئة في الجنس ليس مصدرها لذة الجسد بل انحراف "الإرادة" التي تقيد الإنسان وتحوّل الجنس عن غايته الصالحة إلى شهوة شريرة (3). 3- سعادة الزوجين حتى في اتصالهما الجسدي لا يقوم على الشهوة concupiscence وإنما على البهجة pleasure. فالإنسان العفيف يجد بهجة pleasure في عفته أحيانًا تفوق ما يجده الإنسان المنغمس في الشهوات، وذلك كالإنسان المعتدل في طعامه يجد في الطعام بهجة تفوق تلك التي يجدها الإنسان النَهِم أثناء أكله بشراهة،إذن للجنس في الحياة الزوجية بهجته الطبيعية الصالحة، أما انحراف الجنس عن غايته فيحوّله إلى شر كما يحول النَهِم الطعام إلى خطية، مع أن الأكل في ذاته أمر صالح (4). هنا يميز القديس أغسطينوس بين الرغبة الطبيعية natural desire وما يصحبها من بهجة صالحة وبين الشهوة concupiscence القائمة على فساد الإرادة وانحلالها. كما يميز بين الحب وما يصحبه من عذوبة، والشهوة وما يصحبها من انحلالات disorders (5). |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
النمو الاجتماعي نزل ربنا يسوع المسيح إلى عالمنا لكي يُجدَّد مجتمع الإنسانية وينمَّيه، لا بالثورة، ولا بإصدار قوانين حازمة، بل بالأحرى بتجديد حياتنا الداخلية. نذكر على سبيل المثال كيف واجهت الكنيسة مشاكل المجتمع مثل مشكلة العبيد. لم تثر القيادات الكنسية على السادة ولا أثارت العبيد ضدهم، لكنها في حب قبلت العبيد أعضاء في الكنيسة لهم ذات حقوق سادتهم، حتى سيم منها أساقفة وكُرَّم الشهداء منهم. بهذه الروح قام كثير من السادة بتحرير عبيدهم أو معاملتهم بروح الأخوة، واستطاع بعض العبيد بالطاعة القائمة على الحب أن يجتذبوا سادتهم للإيمان. بالروح الهادئ الوديع قدمت الكنيسة حلولًا للمشاكل الاجتماعية عالجت الجذور الدفينة، من خلال تجديد الحياة الداخلية للإنسان، حتى يلتقي الكل معًا على صعيد الحب، فيهتم كل عضو بالجماعة، مشتاقًا أن يقدم حياته فدية عن الغير، خلال اتحاده بالمخلص الذبيح. إن عدنا إلى المراهقين على وجه الخصوص نجدهم فغي حيويتهم يمتلئون في داخلهم ثورة ضد الطبقية في المجتمع الإنساني، أو في عالم البالغين. إنهم يسعون إلى خلق عالم خاص بهم ثائر ضد كل طبقية. فلا نعجب إن رأينا فتاة تضرب بغنى أسرتها ومركزها الاجتماعي عرض الحائط لتدخل في حب مع مراهق فقير يقل عنها جدًا من جهة المستوى الثقافي أو الاجتماعي؛ وأحيانًا تصرّ فتاة بيضاء على الدخول في علاقة حب مع شخص قمحي أو أسمر اللون، ويطلب فتى متعلم الزواج من فتاة غير متعلمة، ويتاق فتى أن يتزوج فتاة تخالفه إيمانه. لا أريد هنا تقديم تعليلات نفسية لكثير من مثل هذه التصرفات. لكن بلا شك إذ يعاني غالبية المراهقين من الشعور بالنقص يحاولون معالجة المشاكل -أيا كان نوعها- بالثورة والعنف والتمرد، الأمر الذي له أثره السيئ على نمو شخصية المراهق، خاصة إن تجاهل دراسة الأمور بتعقل وتروٍ. إن كان المراهقون يطلبون نمو شخصياتهم، يليق بهم أن يهتموا بالنمو الاجتماعي جنبًا إلى جنب مع نموهم البدني والنفسي والروحي والجنسي. يليق بهم أن يدركوا أن ما يمارسوه من تصرفات تبدو في ظاهرها عنيفة إنما هي في الغالب ثورة داخلية في النفس وفقدان لسلامهم القلبي والفكري. إنهم يُعبِّرون عن ثورتهم الداخلية بثورة ضدّ قيم المجتمع والأسرة! يطلب المراهق الدخول في علاقة مع آخر من الجنس الثاني يختلف عنه ربما في الفكر والثقافة والظروف الاجتماعية حتى في الإيمان، لا لشيء إلى لينفِّس عن ثورته ضد أسرته أو المجمع. مثل هذه العلاقات لن تدم طويلًا، بل تنتهي بتحطيم حياة الطرفين، لأنها لا تحمل جذور محبة صادقة على أسس سليمة. التقيت مع شاب مراهق أصرّ أن يضع الكتاب المقدس على الأرض ويطأ عليه بقدمه أمام زملائه، ولما حاول زملاؤه المسيحيون التفاهم معه بصق على أيقونة السيد المسيح والعذراء مريم، مطالبًا إياهم أن يثبتوا له وجود الله. في جلسة هادئة مملوءة حبًا لم تزد عن دقائق أدرك الشاب أنه فعل هذا كله ليس عن جحد للإيمان وإنما كان أسير مشاعره الخفية الخاطئة، فهو ابن وحيد لوالدين شيخين، في حبهما الشديد له حطماه نفسيًا، إذ أراد أن يجعلاه أداة طيعة تتحرك حسب هواهما، متجاهلين إنسانيته وإرادته وشخصيته، لقد أحس الشاب بفقدانه لكيانه في البيت. وقد أثر ذلك على قدرته في تكوين صداقات مع زملائه، حاول علاج ذلك بالثورة على القيم الروحية والاجتماعية، حاسبًا أنه بتصرفاته الشاذة يستطيع أن يركز الأنظار عليه ويتسلم مركزًا قياديًا وسط زملائه. لكنه إذ وضع يده على جراحات نفسه الخفية بكى وعاد برجاءٍ إلى الله محب البشر. هذه الصورة تتكرر بطرق متنوعة ودرجات مختلفة، تحتاج في معالجتها إلى حكمة الروح من جانبنا، وإلى تفهُّم الشباب للنفس الداخلية، ليدركوا أن الحياة الاجتماعية بقيمها، والروحية بإمكانياتها هما سند لشخصياتهم ولنموهم وليس سجنًا يحطم نفوسهم ويقيّد أفكارهم وحريتهم. هذا وكثيرًا ما تحدث ثورة المراهقين ضد المجتمع بعاداته وقيمَه ثمرة خبرات خاطئة عاشوها أثناء طفولتهم سواء في البيت أو المدرسة أو الكنيسة،فالطفل الذي لا يختبر دفء الحب الداخلي العميق المتبادل بين والديه لا يستطيع أن يسترح لأسرته بل وأحيانًا لا يسترح للكنيسة ولا للمجتمع كله ولا لله نفسه، إذ ينظر إلى الكل من خلال عائلته الفاقدة للحب والحياة. هذه المشكلة يعاني منها أيضًا من لا يلمس أمومة الكنيسة الحانية التي تتجلى في أبوة الكاهن وحبه الروحي الهادف لبنيان كل نفس عوض تمسكه بالسلطة وحب الرئاسة وإصدار الأوامر. كثيرًا ما يترك المراهقون الإيمان في العالم كله لا لسبب آلا لفقدانهم الحب الحقيقي في حياة الوالدين أو الرعاة. إن تركنا جانبًا مسئولية الأسرة والكنيسة والمجتمع عن ثورة بعض المراهقين ضد الحياة الاجتماعية والإيمانية السائدة، نود من أبنائنا أن يدركوا عضويتهم في الجماعة، فيأخذون قراراتهم التي تمس حياتهم ونمو شخصياتهم من خلال النظرة الحكيمة القادرة على بنائهم ونموهم في كل جوانب الحياة. وهم بهذا يساهمون أيضًا في نمو الجماعة وتقدمها، عوض الثورة عليها بتصرفات تحطمهم وتهدم الجماعة. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
لا تتجاهل روحك! في سن المراهقة إذ يمر الجسد بمرحلة حرجة خلالها تبلغ سرعة نمو الجسد أقصاها، ومعها تتزايد العواطف والأحاسيس والشعور بالجنس، ويشعر الإنسان بضرورة تأكيد شخصيته في المجتمع والتمتع بالحرية الخ... وسط هذه الدوامة ينسى الإنسان أحيانًا روحه ذاتها أو إنسانه الداخلي. لنمو شخصية الإنسان المستمر، خاصة في سن المراهقة، يحتاج الأمر إلى الاهتمام بالنمو في كل جوانب الحياة السابق الإشارة إليها، الأمر الذي لن يتحقق بدون التجديد المستمر للحياة الداخلية، بكونها الجذور الخفية التي تسند الحياة كلها من كل جوانبها. لقد جاء ربنا يسوع المسيح إلينا لنقبله كمصدر تجديد مستمر في داخلنا، يمنحنا روحه القدوس لننال الطبيعة الجديدة والحياة المتجددة في داخلنا. يرى البعض أن الإنسان يحمل ثلاثة أبعاد لكيانه "his self" (6): الكيان الاجتماعي social self، حيث يجد الإنسان كيانه خلال علاقاته بالغير، نظرتهم إليه وآرائهم في شخصه، وسلوكهم تجاهه. الكيان المحيط oceanic self، أي ما تضم شخصيته من قدرات ومواهب كثيرة ومتنوعة. والكيان الجوهري core self، والذي يدعوه الرسول: "الإنسان الداخلي". https://st-takla.org/Gallery/var/albu...-I-ask-You.jpg يا يسوع، أسألك فتعلمني يمكن للمراهق -خل إرشاد ذوي الخبرة- أن يجتاز من الكيان الأول الخارجي، أي من الانشغال بما يقوله الناس عنه إلى ما هو أهم وأعمق، أي إلى الكيان المحيط. حيث لا يلهيه مديح ولا يحطمه ذمّهم، بل يهتم كيف يضرم مواهبه ويستغل طاقاته لبنيان نفسه وتقدم الإنسانية. وقد دُعي بالكيان المحيط لأنه يضم مواهب وطاقات وقدرات بلا حصر، إن أكتشفها الإنسان يشعر أن أيامه كلها مقصرة للغاية لإضرام كل مواهبه، وأيضًا كالمحيط عميقة للغاية في داخله. أما ربنا يسوع المسيح فهو وحده أرسل لنا روحه القدوس ليدخل بنا إلى ما هو أعمق بكثير من الكيان المحيط، يدخل بنا إلى جوهر كياننا لنستنير داخليًا ونكتشف حقيقة إنساننا الداخلي inner man أو جوهر الكيان core self، بكوننا أشخاصًا لنا رسالتنا وغايتنا على مستوى فائق. بهذا يدرك كل إنسان -خاصة في مرحلة المراهقة- أنه ليس واحدًا بين البلايين من البشر، لكنه إنسان الله، مدعو باسمه الشخصي لممارسة بنّوته لله والدخول معه في صداقة شخصية، لينعم بالميراث الأبدي في حضن الآب السماوي. هكذا فتح ربنا يسوع المسيح مجالًا جديدًا للروحانية، إذ يدخل بنا إلى كياننا لنمارس حق الحياة والتعامل مع الله كأشخاص لهم تقديرهم، وذلك بالتجديد المستمر لحياتنا الداخلية وفكرنا، عوض التوقف عند الممارسات التعبيرية الخارجية وحدها بلا روح. هذا لا يعني ممارسة العبادة الداخلية الروحية دون مشاركة الجسد، بل بالحري يصير كل كياننا بأبعاده متعبدًا معًا خلال التجديد المستمر، بهدف نمونا دون مبالغة أو تطرف في جانب على حساب الجوانب الأخرى. هذه الحياة المتجددة الروحية لها انعكاساتها الفعّالة في نمو شخصية المراهق من كل الجوانب. فهي من جانب تسند البدن حيث يلتزم المؤمن بالاعتناء به في اعتدال دون مبالغة بجانب ما للحياة الداخلية الصادقة من أثر حتى على سلامة البدن. لها أيضًا أثرها على سيكولوجية المراهق، إذ تهبه سلامًا وبهجة وفرحًا كطعام حقيقي للنفس، خلاله يتخلص المراهق من كل شعور بالنقص أو بالعزلة loneliness، إذ يجد أن الخالق نفسه يهتم به شخصيًا، يرفعه إلى البنّوة، ويهبه ثقة بالنفس وتقديرًا للحياة الإنسانية. غني عن البيان ما للروحانية المتفتحة الحكيمة من أثر فعّال على نضوج الفكر، حيث تدفعه نحو البحث عن المعرفة السماوية والزمنية بروح التواضع،خلالها أيضًا يتذوق أبناؤنا الحياة الأسرية في جو من عذوبة الحب الخفي فيرفع نظرتهم الداخلية نحو الزواج والأسرة والجنس، ليجدوا شعبهم الداخلي في البيت المسيحي المتفتح بالحب، فلا يلجئون إلى الانحراف كوسيلة للهروب أو لنوال لذة منحرفة وإشباع عواطفهم بطرق ملتوية. خلال سنوات الخدمة القليلة التي عشتها لم أجد إنسانًا استمر في انحرافه مادامت أسرته مملوءة ببهجة الروحانية الحقة وليست بشكليات العبادة أو الخدمة بلا روح. أخيرًا أقول ما أحوجنا جميعًا، خاصة بالنسبة للمراهقين، أن نتقبل الحياة الروحية الملتهبة حبًا، القادرة على تقديم نمو وتوازن في كل جوانب شخصياتنا. ________________________ (1) J.C. Wynn: Sexual ethics & Christian responsibility, 1976, p102. (2) Dr. James Dobson: Preparing for adolescence, 1984, p.16 (The Agony of Inferiority). (3) See John J. Hugo: St. Augustine on Nature, Sex & Marriage, part 2, ch 2. (4) Rev. E. C. Messenger: The mystery of sex & marriage, p 22 ff. (5) Tohn J. Hugo, p 79 ff. (6) Young Adult Living, Paulist Press, N. Y. 1980, p. 73 ff (Identify of self & growth, by John McCall). |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
المراهقة نمو وليس مشكلة https://st-takla.org/Gallery/var/albu...-The-Other.jpg غالبًا ما تصور مرحلة المراهقة كسن حرج، وكطريق محفوف بالمخاطر، فيها يصارع المراهق (أو المراهقة) داخليًا مع ما يشعر به من تغيرات في بدنه ومشاعره وعواطفه من جهة الجنس الآخر. وفيها يجد الإنسان نفسه في ثورة عنيفة ضد الأسرة وأحيانًا ضد المجتمع والكنيسة، تنبع عن رغبته في معاملته كإنسان كامل النضوج، له مطلق الحرية في التصرف، بينما يتطلع البالغون إليه كشخص في دور النمو يحتاج إلى إرشاد مستمر ومساندة وأحيانًا إلى الحزم معه،مع هذا فإن جميع الجوانب: البدنية، السيكولوجية، الفكرية، العاطفية، الجنسية، الروحية الخ... هي مرحلة التحرك السريع والمستمر ليودع الإنسان مرحلة الطفولة المتكئة على الغير تمامًا لقبول دور البلوغ والنضوج، فيمارس الإنسان حريته ويتعرف على دوره في الحياة. هذا النمو مع ما يثيره من متاعب ومصاعب داخل حياة المراهقين أنفسهم وفي علاقاتهم بأسرهم وأحيانًا بالمجتمع، ليس بمشكلة بل هو في جوهره "حياة نامية" تهب للإنسانية تقدمها المستمر. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
لنصِغ إليهم ونقدّر قيمّهم وأفكارهم ليت كل والد ووالدة، كل كاهن ومرشد، يتطلعون إلى المراهقين ككنز الجماعة الحىّ، كأناس يريدون الحياة النامية الحرة فيحتضنوهم بالحب المتزن غير القاتل، يُنمّون فيهم شخصياتهم وإرادتهم بتعقل وروحانية. هنا أود أن أوضح أمرًا هامًا يمس تعاملنا مع المراهقين، وهو حاجتهم إلى من يصغي إليهم بروح الحب والاهتمام والتقدير. هم أناس ربما لم يكمل نضوجهم بعد، لكنهم في دور النضوج، يعتزون بشخصياتهم وحريتهم وقدراتهم ومواهبهم وامكانياتهم، لا يقبلون التعامل معهم بكونهم لا زالوا أطفالًا يعتمدون على البالغين تمامًا، إنما يطلبون من يحبهم ويقدر نموهم. أقول في صراحة، هم في حاجة إلى أناس بالغين حكماء، ونحن في حاجة إلى التعامل معهم، فإن هذا يعطي لأعماقنا فرصة ممارسة الحياة الشابة الراغبة في النمو غير المتوقف والتجديد المستمر، ينزع عنها روح الشيخوخة اليائسة، كأننا نحن في عوز إليهم لنمارس نمونا معهم، نتفاعل معًا بروح الحب الجاد كأعضاء في جسد المسيح الواحد. والمراهقون في حاجة إلى بالغين حكماء يسندونهم لكي يحسنوا استغلال هذه المرحلة الثمينة والفريدة ليتمتعوا بالنضوج المستمر. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
لا تتعجلوا نمّونا... ولا تتجاهلوه! يظن البعض أن النمو حالة يبلغها الإنسان دفعة واحدة يتوقف عندها ليعيش بقية عمره في ذات المستوى. هذا في الواقع شعور كبرياء مريض يحطم الحياة ويقبر شخصية الإنسان. هذا المفهوم الخاطئ للأسف يتبناه أحيانًا الآباء أنفسهم، فيلقون بالمسئولية كاملة على أبنائهم، حاسبين إياهم أشخاصًا كاملي النضوج. أمام ثقل هذه المسئولية يهرب بعض المراهقين إلى الممارسات الجنسية الخاطئة بصورة أو بأخرى للتنفيس عن أنفسهم. أحيانًا يشجع أو يتجاههل بعض الآباء تصرفات أبنائهم هذه، ظانين أنها علامة بلوعهم النضوج. فيما يلي بعض عبارات سجلها بعض المراهقين من الجنسين في أمريكا (1): https://st-takla.org/Gallery/var/resi...l-Legs-001.jpg فتاة صغيرة، بنت تمسك يد والدها (أبوها) وهو يسير ويمشي بسرعة، غابة الأقدام (يضغط كثير من الوالدين على الشخص الصغير دون أن يدركوا ذلك، عندما يطلب والد شخصًا صغيرًا أن يكون ناضجًا. إن 99% من الوالدين لا يفسرون ما يعنوه بالإنسان الناضج. لذلك يتقبل اليافع مفهوم زملائه عن النضوج، بكونه اندماجًا في الجنس. يحتاج المراهقون اليوم إلى والديهم ليشرحوا لهم الفارق بين النضوج وممارسة العلاقات الجنسية). (أشعر أحيانًا أن كثيرًا من المراهقين صاروا منشغلين بالجنس بسبب ضعف علاقتهم بالوالدين متى ضغط عليهم الوالدون بكثير من المسئوليات، يشعرون بالحاجة إلى التنفيس عن هذه الضغوط بممارسة العلاقات الجنسية). (أظن أن الكثير من الوالدين يضغطون على أولادهم لكي ينمو سريعًا جدًا ويتركونهم وحدهم دون تعليمهم أن الجنس قبل الزواج خطية). يقول أحد الآباء: (نحتاج نحن الآباء أن نعين أبناءنا المراهقين حتى يستطيعوا أن يوازنزا بين حياتهم كأبناء صغيري السن وبين رغبتنا في أن يعيشوا في عالم البالغين. ليتنا لا نتعجل أبناءنا في الوصول إلى البلوغ). كما يسيء الآباء إلى أبنائهم حين يحسبونهم قد نموا تمامًا فيلقون عليهم بأعباء فوق طاقاتهم قادرة أن تحطم نفسيتهم وحياتهم، هكذا يسيء أيضًا الآباء إليهم حين يتجاهلون نمو أبناءهم تمامًا. كم يصعب على المراهقين أن يجوا أحد البالغين يتحدث معهم بتعبير إجمالي "الأولاد The kids" يشعرون في هذا إهانة وتحقيرًا، كل واحد منهم يشعر بأنه شخص له كيانه الخاص وقدراته وشخصيته المستقلة وليس مجرد واحد منهم يشعر بأنه شخص له كيانه الخاص وقدراته وشخصيته المستقلة وليس مجرد واحد من بين الأولاد كما كان في طفولته (2)،في هذه المرحلة يستصعب المراهق -من الجنسين- أن يطلب منه أحد الوالدين أن يحضر له كوب ماء أو ثيابه الخ... خاصة امام الغير، ليس عن عدم محبة للوالدين أو عدم رغبة في خدمتهما أو عن كبرياء أو كسل كما قد يُتهم، ولكن رغبة منه في تأكيد نضوجه ونموه أمام نفسه وأمام الغير بطريقته الخاصة. والدليل على هذا تجد الفتاة التي تدّعي التعب أو ضيق الوقت فلا تستجيب لمساعدة والدتها، هي بعينها تبحث عن مساعدة الغير والعمل بجدية، لذا يحتاج أولادنا أن يدركوا تقديرنا لنموهم كنمو مستمر لا يتوقف. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
نُقدّر نموكم المستمر... اقبوا خبرات الغير! هذا من جانب الآباء الذين تارة يتصورون أولادهم المراهقين قد نضجوا تمامًا وأحيانًا أنهم لا زالوا أطفالًا، أما بالنسبة للمراهقين أنفسهم فأحيانًا يتصورون أنهم قادرون على البلوغ دفعة واحدة ليتوقفوا بعد ذلك. ولما كان النضوج عندهم يعني الحرية أو التحرر من توجيه الغير -خاصة الوالدين- بكونه علامة على ثقتهم في أنفسهم واكتفائهم الذاتي وأنهم قد تهيأوا تمامًا ليكونوا رجالًا well-adapted men أو نساءً. بهذا يحملون أفكارًا خيالية أو أطوبية utopian نحو النضوج والحرية (3). مثل هؤلاء يريدون أن يسلكوا حسب هواهم الشخصي وحكمهم الذاتي وحده في كل الأمور دون تشاور مع الوالدين أو المرشدين، ظانين أن هذا هو النضوج وهذه هي الحرية أن يحسبوا انفسهم دون سواهم يدركون الأمور بطريقة سليمة. هذه النظرة النرجسية marrcissistic vision للنضوج والحرية (نرجس هو شاب أسطوري عشق صورته فصار يتأملها في جدول ماء وبقى يتطلع إليها حتى مات) تقتل نمو المراهق وتحطم حياته. https://st-takla.org/Gallery/var/resi...Family-016.jpg ليت هؤلاء المراهقون يدركوا أن الحرية هي قلب النمو والنضوج، لكن ليس بطريقة نرجسية بل خلال تقدير نمو الآخرين أيضًا وخبرات السابقين لهم... وأنهم هم أيضًا ينمون تدريجيًا، خلال اتساع فكرهم لقبول البالغين في حياتهم مع اجتيازهم المتاعب والمصاعب باستمرار لتهبهم خبرات جديدة ربما تؤكد خبرات السابقين وقد تزيد أيضًا عليها. إذن النمو حركة مستمرة ينعم بها المراهقون خلال احتكاكهم بالغير وقبولهم طريق التعب والألم. وكما يقول الدكتور دوبسون في كتابه "الاعداد للمراهقة" أن الجنين إذ يكتمل نموه يتحرك ليخرج من رخم أمه حيث كان في موضع آمن، كل مطالبه مستجابة طبيعيًا دون عناء من جانبه. لكنه إذ يخرج يمسك الطبيب بقدميه ليصير الطفل في موضع مقلوب حتى يصرخ فيطمئن أن رئتيه تعملان،هكذا يدخل الطفل العالم صارخًا ليمارس نموه اليومي خلال تجارب التعب، مواجهًا العالم كما من موضع مقلوب. أما إن بقى في رحم أمه الآمن فإن نموه يتوقف بل ويموت. هكذا يليق بالمراهقين أن يتركوا عالم الطفولة الدافئ والآمن ليواجهوا الحياة لا خلال طلب الحرية النرجسية وإنما بقبول الحرية الواقعية القادرة على مجابهة المصاعب المستمرة، فتنمو شخصياتهم إن كانوا مسنودين بنعمة الله فيهم، منتفعين بخبرات الغير أيضًا. الإنسان في مرحلة المراهقة، كما في مراحل حياته، يحتاج إلى السيد المسيح كصديق شخصي له، يسنده على النمو المستمر خلال المتاعب، واهبًا إياه الرجاء الذي لا يخيب، روح النصرة والغلبة، محققًا كلمات الرسول: "أيها الأحداث قد غلبتم الشرير" (1يو13:2). بهذه الروح عاش الرسول بولس يطلب النمو الدائم في المسيح يسوع، إذ يقول: "أنسى ما هو وراء وامتد إلى ما هو قدام" (في13:3)، واثقًا أن كل الأمور تعمل لنموه المستمر، إذ يقول: "نحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله" (رو28:8). |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
استلم عجلة القيادة... لاحظ العلامات! https://st-takla.org/Gallery/var/resi...Balance-06.jpg ميزان الحق، مع أدوات كتابة، و كتاب، ومال (نقود) وخلافه تُشّبه المراهقة بسيارة يقودها الشخص ليعبر مسرعًا من مدينة الطفولة العاجزة إلى مدينة البلوغ الناضج... إنها سيارة النمو المستمر، لكن طريقها محفوف بالمخاطر، قائدها يحتاج إلى علامات في الطريق حتى لا ينحرف فيهوى بسيارته. لسنا نطلب انتزاعك عن عجلة القيادة، ولا إلزامك والضغط عليك في رحلة مراهقتك، إنما توجيهك لتعرف إمكانية سيارتك، استلام خريطة الطريق، الكشف عن المخاطر، تقديم علامات تسندك. لعل أول علامة نقدمها للمراهقين لمساندتهم في طريق نموهم هي: "النمو حركة داخلية في النفس". ما يتسم به المراهقون من حركة مستمرة ونشاط يبدو فوق إمكانياتهم البدنية إنما هو علامة صحيحة عن رغبتهم الداخلية للتحرك نحو النضوج والشوق نحو النمو. إنما الخطورة هنا أن يتوقف المراهقون عند المظاهر الخارجية للنمو لإبراز رجولتهم أو أنوثتهم خلال بعض تصرفات خارجية دون الاهتمام بالحياة الداخلية، ونمو شخصياتهم |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
لا تخجل من كلمة "لا" يخجل المراهقون من كلمة "لا" في حديثهم مع أصدقائهم وذلك بسبب رغبتهم في الاهتمام بمجاراة الغير conformity والتمثّل ببعض الشباب دون تفكير من جانبهم. ففي بعض الاستفتاءات التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية بين بعض المراهقين لوحظ أن حوالي 80% ممن يتعاطون المخدرات لم يستخدموها في المرة الأولى في حياتهم بقصد التجربة ولا عن اقتناع، إنما تحت ضغط الأصدقاء، حتى لا يُتهموا بأنهم أطفال (ابن أمه أو ابن أبيه) أو أنهم سُذج بلا خبرة الخ... فيما يلي بعض تعليقات لمراهقين بخصوص ممارستهم للعلاقات الجنسية قبل الزواج (4): (ليس من السهل القول "لا" تحت ضغط صديق). (يتحدث بعض المراهقين في صراحة عن تخوفهم من النبذ من زملائهم إذا لم يشاركوهم في ممارسة الجنس). (سبب آخر بخصوص الضغط الذي يمارسه الأصدقاء، هو الخوف من دعوة المراهق أنه "بلا خبرة". هذا اللقب بالنسبة للبعض يُعتبر أسوأ ما يمكن أن يُنعتوا به، إذ يعني بقائهم في الطفولة). هكذا تحت ضغط الأصدقاء يسلك بعض المراهقين طريقًا قد لا يقبلونه فكريًا، إنما من أجل حسبانهم ناضجين وبالغين وليسوا أطفالًا. يقدم لنا الدكتور دوبسون (5) مثلًا عمليًا لضغط الأصدقاء على المراهقين الذي يحكم نموهم الداخلي، إذ يقول لو أنك كنت في سيارة مع أربعة شبان ذاهبين لقضاء فترة ترف fun ليلًا، وأخرج الذي يقود السيارة زجاجة من جيبه ليبتلع حبة (من المخدرات)، ثم بسرعة قدمها لمن بجواره فابتلع بدوره حبة ثم الثالث وهكذا حتى جاء دورك. ربما تمسك بالحبة مترددًا، فتجد أحد الأصحاب يضحك ساخرًا: "ما هذا يا سيسي (للفكاهة به Come on, Sissy) ما هذا؟ هل أنت خائف؟ في وسطنا "ابن أمه" يا صحاب! إنه يخاف من والده لئلا يكتشف الأمر؟ لم نكن نحسبك فرخة كبيرة (Big chicken)! يا لك من طفل (Baby face) جرّبها هذه المرة!" هكذا قد يسخر واحد أو أكثر بكلمات جارحة للمراهق، تختلف من بلد إلى آخر. عندئذ ترتجف يدك، وتزايد ضربات قلبك، وتشعر بارتباك شديد... وربما تحت هذا الضغط تبتلع "الحبة" لتكون هذه بداية لتدمير كل حياتك. في أكثر من استفتاء سُئل مثل هؤلاء الشباب الذين يضغطون على زميلهم ليحاربهم في تعاطي المخدرات أو ممارسة الجنس أو الانشغال باللهو والحفلات على حساب كل جوانب حياتهم الأخرى، ما هي نظرتهم للصديق الذي يصرّ على القول: "لا"،وكانت أغلب الإجابات على أنهم وإن كانوا يسخرون منه للضغط عليه، لكنهم يشعرون بالتقدير له ويحسون أنه قائد حىّ، يقدر أن يوجّه حياته وحياة الآخرين. 1- كلمة "لا" لا تعني فقدان المراهق كيانه الشخصي، بل على العكس تكشف عن قدرته على القيادة، إذ تعني أنه قوي الشخصية قادر أن يقود الآخرين لا أن يسحبه الغير على غير هواه (6). لقد قدم لنا جوش مكدويل Josh McDowell (7) 37 طريقة ليقول المراهق "لا" لأصحابه عندما يطلبون منه ممارسة الجنس قبل الزواج، قدمها من كتابات المراهقين أنفسهم، نذكر منها بعض عباراتهم بتصرف مع إضافة شواهد من الكتاب المقدس بمعرفتنا. 1- إذهب إلى الخالق الذي أوجدك، فهو يعرف كيف تسلك حسنًا (2بط3:1،4). 2- أقم علاقة مع ربنا يسوع فينزع إحساسك بالعزلة. 3- تعلم أن تقل "لا" في اجتهاد وتغصّب (2بط5:1). 4- تُب وأسلك طريق نعمة الله (1كو10:15). 5- تأمل كلمة الله القائل: "تغّيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم". 6- اطلب مشورة صالحة (خاصة من أب اعترافك) (أم20:6). 7- اهرب لنفسك كما فعل يوسف (تك9:39). 8- احترس من برامج التليفزيون الخاصة بالجنس. 9- "مستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح" (2كو5:10)... لا تسمح للفكر أن يجول فيما يعثر. 10- أوقف المواعيد المعثرة واللقاءات الهدامة مع الغير (مت8:18 الخ). 11- تجنب الصغائر فهي تقود للكبائر (نش15:2). 12- راجع هدفك في الحياة من حين إلى آخر، مستشيرًا الله نفسه (أع6:9). 13- إسع لتكوين صداقات مع من يبنيك روحيًا (جا12:4). 14- لا تظن أنك قوي لئلا تسقط في التجربة (1كو12:10). 15- اهتم بتنمية مواهبك (2ني6:1). 16- لتكن كلماتك وتصرفاتك حكيمة ومتزنة حتى لا يتعثر الغير بسببك. 17- تجنب اللقاءات الفردية، لأن من يقترب من نار الشهوات يحترق (أم27:6،28). هذه الطرق العملية التي كتبها مراهقون يطلبون النمو يمكنها أن تسندك في القول "لا" من أجل بنيانك المستمر ونمو شخصيتك في كل جوانبها. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
تفهَّم الرجولة أو الأنوثة بجانب ما لضغط الأصدقاء من أثر على المراهقين للانشغال بالمظاهر الخارجية عوض النمو الداخلي للنفس، فإن رغبة المراهق الداخلية أن يحمل مظهر الاعتماد على نفسه واستقلال شخصيته عن والديه لها أثرها أيضًا. ليس شيء أقسى على نفسية المراهق (أو المراهقة) من أن يدعى ابن أمه أو ابن أبيه. فلا عجب إن انشغل المراهق لا بنمو شخصيته في الداخل بل بأمور خارجية تبدو في نظر البالغين أحيانًا تافهة. فالشاب يرى في سؤال أبيه عن سبب تأخيره في الوصول إلى المنزل أو تأخره في الدراسة أو التعرف على أصدقائه أو تدخل الأم في اختيار موديل لملابس ابنتها أو تصفيف شعرها الخ... إهانة كبرى يمّس رجولة الشاب أو أنوثة الشابة، ويعتبر المراهقون مثل هذه التصرفات مثابة تحطيم لشخصياتهم. قدم الدكتور دوبسون مثلين واقعيين في حياته الخاصة. الأول حين بدا يتراخى في دراسته ولم يركز مع المدرسين حتى نزل مستواه، جلست معه والدته وأخبرته أنها لن تعاقبه بحرمانه من الخروج إلى بعض الرحلات الترفيهية أو من أخذه مصروفه الخاص الخ... إنما كل ما تعمله أنها ترافقه في المدرسة لتراقب تصرفاته، إن لم يَعُد إلى تفوقه الدراسي. لقد حسب هذا كارثة، أو كما دعاها "انتحرًا اجتماعيًا"، خلاله يفقد شخصيته أمام التلاميذ زملائه، لذا قرر فورًا أن يهتم بدراسته بطريقة أدهشت المدرسين والزملاء دون معرفتهم للسبب الحقيقي. أما المثل الثاني فهو أن والده حضر حفل نجاحه فجاء يصوره فيلمًا سينمائيًا (movie) وسط زملائه. لقد حسب ذلك إهانة إذ لا يقبل أن يكون الطفل "ابن أبيه" الذي يريد والده أن يلتقط له صورًا. https://st-takla.org/Gallery/var/albu...aking-Hand.gif رجل وامرأة يسلمون على بعضهم البعض، الرجولة، الأنوثة هذه المشاعر وأمثالها أمر طبيعي في حياة المراهقين، وهي علامة صحية على الرغبة في التمتع بالنضوج والاستقلال إلى حد ما. لكن الخطورة أن تقف الرغبة عند المظاهر الاجتماعية الخارجية دون الدخول إلى أعماق النفس للتمتع بنمو الشخصية. اكتشاف الإنسان لأعماقه الداخلية بروح الله الساكن فيه، وإدراكه لمركزه الجديد كابن لله، وتعرفه على خطة الله من جهته يهبه اعتزازًا بكيانه "core self" وليس بالوقوف عند المظاهر الخارجية،يدرك المراهق أن نمو شخصيته لا يقف هند جمال جسده أو قوته الجسمانية، أو تفوقه الدراسي أو غناه أو ملاطفته للغير خاصة للجنس الآخر، إنما يتحقق بشبع نفسه وتعرفه على حقيقة أعماقه وفاعليته في حياة الجماعة باتساع قلبه للكل. من يهتم بالمظهر الخارجي يبقى دائمًا في عوز وفراغ يستجدي عاطفة الغير أو مديحهم أو عطاءهم المادي، أما من يهتم بالداخل فيملأ فراغه الداخلي بالله نفسه مالئ الكل، فيفيض على الغير من ينابيع الحب الداخلي، إذ يتحقق فيه قول السيد المسيح: "من آمن بي... تجري من بطنه أنهار ماء حي" (يو38:7). المراهق الذي ينعم بنمو داخلي يتفهم كلمات المرتل: "مجد ابنة الملك من الداخل" (مز13:45)، عندئذ يدرك مع الرسول بولس سمو غاية الله منه، فيقول: "اختارنا للتبني بيسوع المسيح نفسه حسب مسرة مشيئته" (أف4:1،6). هكذا يشعر المراهق أنه موضع سرور الآب! أدرك إرميا وهو صبي دوره في الحياة، الذي تقبَّله من يدي الله نفسه، إذ قيل له: "قبلما صورتك في البطن عرفتك، وقبلما خرجت من الرحم قدستك. جعلتك نبيًا للشعوب... لا تقل إني ولد..... لأني أنا معك لأنقذك يقول الرب" (إر5:1-8). هكذا تسلّم النبي رسالته وهو صغير السن ليمارس ما لم يستطيع الرجال القيام به. أعطي لحياته طعمًا خاصًا وعذوبة بالرغم مما واجهه من متاعب في الطريق. لقد تحمل المسئولية بكل مصاعبها فنمت شخصيته بتحقيق هدف سامٍ تقبله من يدي الله نفسه. هذه دعوة موجهة لكل إنسان خاصة في مرحلة المراهقة - أن يدخل إلى أعماقه، ويكتشف أمجاد الله فيه، ويدرك رسالته، ومساندة النعمة الإلهية لتحقيقها، فيقول باعتزاز: "أنا ما أنا ونعمته المعطاة لي لم تكن باطلة" (1كو10:15). |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
الجنس... ليس تعويضًا ولا تنفيسًا ولا لذة ذاتية! https://st-takla.org/Gallery/var/albu...Half-Heart.gif يذكر Harvey G. Cox (8) عاملين ظهرا في العصر الحديث حَّولا الجنس في حياة المراهقين إلى حركة تعويض وتنفيس عوض أن يكون عامًلا على النمو، وهما: عدم انشغال الإنسان في الحياة السياسية، وظهور الكمبيوتر بصورة دائمة التطور نزعت الكثير من العلاقات الإنسانية في العمل. بلا شك في الماضي القريب كان الإنسان بوجه عام يشعر بكيانه الإنساني والاجتماعي خلال انشغاله بكل ما يدور في بلده من عمل سياسي وأيضًا في عمله خلال العلاقات الإنسانية، أما الآن فغالبًا ما لا يقوم الفرد بدور حيوي في هذين الجانبين، خاصة وأن تطور الكمبيوتر المستمر والسريع حوَّل العمل إلى الآلة ليصير الدور الإنساني أقل بكثير مما كان عليه قبلًا، بهذا انتزعت كثير من العلاقات الإنسانية طوال يوم العمل الطويل ليجد الإنسان جهاز الكمبيوتر أسرع إليه من الإنسان وأدق في تقديم كثير من المعلومات ومساندته على أخذ قراراته من واقع الأرقام، ربما دون حاجة إلى التشاور مع آخرين. هذا الفراغ سحب البعض نحو الجنس بغير هدف جاد سوى الهروب والتنفيس والتعويض وإشباع الفراغ الداخلي بصورة مؤقتة. يقدم Gibson Winter (9) تعليلًا آخر أفقد الجنس دوره الجاد في نمو شخصية الإنسان وتحويله إلى لذة فردية يريد الإنسان التمتع بها دون اعتبار للكيان الأسري والجماعي، ألا وهو اتسام العصر الحالي بالنزعة الفردية حتى في العبادة. فنحن الآن في عصر "الفرد"، كل شخص يبحث عن حياته الخاصة وحريته ولذته، بعد أن فقدت الروابط الأسرية والقيَم الجماعية دورها الحيوي لدى الكثيرين. كان للجنس قدسيته، إذ يُمارس خلال الفكر الأسري، مرتبطًا بالشعور بالمسئولية العائلية في الرب. أما الآن فصار الإنسان يطلب ما لِذاته في فردية وأنانية. فلا نعجب إن رأينا كثيرين يحجمون عن الإنجاب تمامًا، لا لشيء إلا أنهم لا يريدون تحمل مسئولية على حساب راحتهم وترفهم... هذا الأمر صار له انعكاسه على النظرة للزواج، فصار في نظر بعض المراهقين جنسًا جسديًا بحتًا يمكن التمتع به دون الالتزام بروابط الزواج ومسئولياته. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
أريد أن تنمو؟ حِب! https://st-takla.org/Gallery/var/albu...-Me-Arabic.gif إذ يتحرر الإنسان من الذات أو الأنا ego بروح الله الساكن فيه، يتسع قلبه ليحمل الله محب البشر فيهن فيجد كل إنسان راحته داخل هذا القلب. هذا هو النمو الداخلي الحقيقي، نمو الشخصية باتساعها. النمو في جوهره هو تحوّل عن الرغبة في أن يخدم الكل "الأنا"، ويكرم الكل "الأنا"، ويعطي الكل "الأنا"، أي رغبة الإنسان أن يكون هو محور خدمة الكل وتكريمهم وعطائهم؛ إلى الشوق الحقيقي للتحرر من الأنا ليهب ويعطي إن أمكن حتى نفسه his self. بمعنى آخر النمو هو رحلة حب حقيقي فيه يمارس الإنسان عمل السيد المسيح بكونه شريكًا في الطبيعة الإلهية (2بط24:1)، الواهب نفسه للغير مجانًا بنعمته. هذه الرحلة التي هي رحلة النفس self trip لا يقبلها الإنسان الطبيعي، بل يحسبها مستحيلة وخيالية، لا تناسب الإنسان الساكن في هذا العالم،لكن من تذوَّق تسليم قيادة أعماقه للسيد المسيح يجد نفسه بفرح وبهجة قلب يتمثَّل بفاديه، مشتاقًا أن يقدم نفسه. عوض رحلة الذات ego trip الهادفة إلى تقوقعه حول "الأنا" لخدمتها، ينعم برحلة النفس self trip بقيادة السيد المسيح نفسه وعمل روحه القدوس. حقًا ما أسهل أن يتصنع الإنسان البشاشة وتكريم الغير وأن يعطي من ماله وإمكانياته الخارجية، فإنه حتى الأشرار يمكنهم تقديم ذلك خلال خدمتهم للذات، أما أن يمارس الإنسان عطاء النفس الداخلي فهو هبة يقدمها الله لسائليه. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
النمو وتوازن الشخصية في المقال السابق تحدثنا عن شخصية الشاب أو الشابة المتكاملة، لذا أكتفي هنا بتقديم بعض أمثلة تكشف عن مفهوم النمو الحقيقي كتوازن بين كل جوانب الشخصية: 1- أحيانًا يعاني بعض الشباب في مصر من الضغط النفسي في فترة ما قبل الامتحانات، فيبدأ البعض بالمبالغة في دراسة الكتاب المقدس والصلاة وقضاء فترات طويلة في الكنيسة، ليس رغبة في النمو الروحي قدر ما هروب من الدراسة تحت ستار التدين. لذا يطالب أب الاعتراف مثل هؤلاء بالالتزام بالدراسة كوزنة بين أيديهم جنبًا إلى جنب مع جهادهم الروحي غير المنفصل عن جهادهم الدراسي. 2- المبالغة في الأصوام بغير حكمة يمكن أن تضر الجسد كما تحطم الروحيات مثلها مثل إهمال الصوم والترف والنهم في الأكل. 3- مبالغة الشاب في الأكل والشرب بترف وتدليل بدون ضابط يفسد الحياة الروحية كما قد يضر البدن نفسه. 4- تركيز الشاب أو الشابة في مرحلة المراهقة على موضوع اختيار شريكة أو شريك الحياة، حتى يبتلع هذا الموضوع الفكر قبل نضوج الإنسان فكريًا وعاطفيًا واجتماعيًا وروحيًا، يدفع بالمراهق إلى الفشل في الدراسة أو عدم تفوقه، كما يصير عائقًا لنموه الروحي، وأحيانًا يسبب متاعب أسرية،هذا ما تؤكده الإحصائيات في أمريكا الشمالية إذ تنتهي 50% من الزيجات في سن مبكر بالطلاق أو الانفصال خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج. فنجد العروسين الذين كانا يظنان أنهما في غاية السعادة خلال حبهما المشترك، سرعان ما يقفا أمام القاضي ليكيل كل منهما للآخر الاتهامات، ويحسب كل منهما في نفسه أنه كان مخدوعًا وأن الطرف الثاني لا يستحق حبه. من هذه الأمثلة نرى التزام المراهق الموازنة في كل جوانب حياته لكي ينمو داخليًا. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
النمو البدني عطية إلهية... يصاحبه مشاكل! سرعة النمو البدني في مرحلة المراهقة هي عطية إلهية، خلالها يودع الإنسان مرحلة الطفولة ليقتحم خبرة الحياة الناضجة الجديدة تدريجيًا. غير أن هذه المرحلة يصاحبها الكثير من المشاكل والصعاب، نذكر منها: https://st-takla.org/Gallery/var/albu...an-Awe-053.jpg 1- ظهور الشعور بالنقص، فالمراهقون حسّاسون جدًا لنموهم البدني، يقارنون أنفسهم بزملائهم مع شيء من التخوف، فيظن الكثيرون أنهم غير مقبولي الشكل، ينقصهم جمال الجسد. أحيانًا ترى الفتاة أن نمو زميلاتها أكثر من نموها فتضطرب وتقلق على مستقبلها دون أن تدرك أن النمو يصيبه التعديل بعد فترة قصيرة. وقد تتخيل الفتاة أنها أكثر طولًا من غيرها فتظن أنها لا تجد الإنسان المناسب لها (أطول منها) في حياتها الزوجية. وقد يظن المراهق أنه غير كامل النضوج خاصة من الجانب الجنسي فيرتبك، أو أنه أقصر من زملائه أو أكثر بدانة، فيكون موضع سخرية الغير. يطالب علماء النفس المراهقين أن يدركوا أن لكل إنسان جمله الخاص، حتى وإن بدا فيه عيب بدني معيَّن، فيبرز الفتى في عيني نفسه ما وهبه الله من جمال سواء كان بدنيًا أو قدرات خاصة بالذكاء أو الفن... كما يحتاج المراهقون إلى حكمة الوالدين ليؤكدوا لأبنائهم حبهم لهم وتقديرهم وافتخارهم بهم، لا أن يسخروا بعيب معين فيهم ولو على سبيل المزاح. أما من الجانب الروحي، فإن التربية الروحية السليمة تعطي للمراهق أن يركز أنظاره بالأكثر على الجمال الداخلي، حاسبًا كل ما وهبه الله هو صالح ومبارك لبنيانه. عمل روح الله في المراهق المساندة المستمرة للنمو والبنيان في رجاء وبقوة، وبدون يأس. 2- أحيانًا ينمو البعض بدنيًا بسرعة تفوق الآخرين، فيجد المراهق نفسه شاذًا بين زملائه الذين في ذات عمره. لا يعرف كيف يقيم صداقات معهم، إذ يراهم كأطفال بالنسبة له، وفي نفس الوقت يعجز عن إقامة صداقات مع من في مثل حجمه ويكبرونه في السن إذ يعاملونه كطفل بسبب صغر سنه وقدراته الفكرية،مثل هؤلاء يحتاجون إلى مساندة خاصة في البيت والمدرسة والكنيسة لتعالج حالتهم بطريقة شخصية حتى لا تتحطم نفسيتهم. 3- يحتاج النمو البدني إلى طاقة كبيرة، لذا يميل المراهقون إلى الاهتمام بالأكل فيهتمون بالنَّهم والإفراط فيه. هذا من جانب، ومن جانب آخر يصحب النمو البدني نشاط وحركة مستمرة ورغبة في التلاقي مع الأصدقاء لفترات طويلة، وفي نفس الوقت متى جاءوا إلى منزلهم يشعرون بالحاجة إلى الراحة والنوم فيُتهمون بالخمول والكسل وعدم التعاون مع الأسرة في ممارسة الأعمال المنزلية. 4- غالبًا ما يبدأ النمو في حياة الفتاة قبل الفتى، ويتحقق بمعدل أسرع، ففي سن الثانية عشرة تبدو الفتاة "سيدة صغيرة" بينما يبدو الفتاة "صبيًا صغيرًا"، الأمر الذي يسبب نفورًا مؤقتًا بين الجنسين، فيحجم كل جنس عن الاختلاط بالجنس الآخر، ويكون لكل جنس عالمه الخاص. فالفتيات ينظرن إلى الفتيان كصبيان صغار ويتهمونهم بالعنف في معاملاتهم، بينما تحس الفتيات أنهن سيدات صغيرات رقيقات الطبع... لكن بعد قليل ينمو الجنسان أكثر، وتظهر العاطفة والمشاعر الجديدة لكل جنس نحو الآخر، ويطلب كل شخص أن يكتشف عالم الجنس الآخر. 5- ظهور المتاعب النفسية الدفينة في حياة بعض المراهقين تدفعهم للتنفيس عنها بالانهماك في الأكل، مما يجعلهم أكثر بدانة ويعرضهم لمتاعب نفسية جديدة. هذه المشاكل وما على شاكلتها تتطلب مراعاة الوالدين والكهنة والمرشدين طريقة التعامل مع المراهقين بما يناسب طبيعتهم وظروفهم حتى يكسبونهم بالحب والتقدير. هذا أيضًا يتطلب من المراهقين إدراكهم حقيقة نموهم، وتعرفهم على مفهوم النضوج والبلوغ والحرية. إنهم محتاجون إلى مساندة إلهية حتى ترافقهم نعمة الله، لتهبهم روح الاستنارة الداخلية، وتذلل المصاعب فتجعل منها فرصًا للنمو الحقيقي، وتوجههم نحو إدراك رسالتهم وتحقيقها، فيشعر المراهقون بقدسية الحياة وجديتها مع الفرح والبهجة حتى وسط المتاعب؛ يتلمسون صداقة الله مخلّص نفوسهم القريب إليهم بل هو في داخلهم. بهذا ينشدون أغنية النصرة بقوة وفي رجاء، قائلين: "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني". |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
أسئلة تكشف عن مدى نموك يحتاج كل إنسان -خاصة في مرحلة المراهقة- أن يختلي لا مع نفسه بل مع الله الساكن فيه، ليكون صريحًا للغاية، متسائلا عن صدق نمو شخصيته، مجيبًا على مثل هذه الأسئلة: 1- هل تطلب الحرية الكاملة في البيت دون الرغبة في تحمل المسئوليات بجدية؟ 2- إن كنت تشعر بالنضوج، فهل تتسرع في الحكم على الأمور، وتتذبذب في الأمر ولو في داخلك؟ https://st-takla.org/Gallery/var/resi...Family-016.jpg 3- هل تجعل من نفسك الحكم الوحيد في كل الأمور؟ هل تلجأ إلى الله تصرخ إليه طالبًا المشورة؟ هل تتقبل مشورات وخبرات والديك وأب اعترافك؟ هل تكتفي بسؤال من هم في ذات عمرك؟ 4- عندما تواجه مشكلة ما هل تنفعل سريعًا؟ 5- هل تنقاد لمن هم في ذات عمرك لتتمثّل بهم خشية نبذهم لك؟ أم أنك قادر على أخذ قرارك من داخلك ولو لم يسترح له كل زملائك؟ 6- أتريد أن تظهر كبطل أمام الغير؟ أم تتطلب النمو الدائم القائم على مجابهة المصاعب والمشكلات بصدر رحب، مستندًا على نعمة الله؟ هل تتمتع بخبرات يومية كمصدر لنموك؟ 7- أتحب أن تكون موضع اهتمام الكل وعطائهم وتكريمهم خاصة أمام الجنس الآخر؟ أم تشتاق أن تخدم الآخرين لأجل بنيان نفوسهم وخلاصهم؟ 8- هل تشتاق أن تعطي دون انتظار لمكافأة؟ 9- هل تحب أم أنك تطلب ما هو للذتك الخاصة؟ أتعرف تكلفة الحب وتدفعها؟ 10- هل تعرف أعماقك؟ هل تراجع نفسك بخصوص اكتشاف هدفك؟ أخيرًا بعد أن تجيب على هذه الأسئلة، إذ تشعر بالحاجة إلى النمو الصادق، اصرخ إلى الله فهو سندك، قريب إليك، مشتاق إلى نموك، يطلب صداقتك وخلاصك. _________________________________ |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
المراهقة والجسد https://st-takla.org/Gallery/var/resi...onition-01.jpg St-Takla.org Image: Boy and girl talking - Men and women صورة في موقع الأنبا تكلا: فتى وفتاة يتحدثان - الرجال والنساء لعل من أهم التساؤلات التي تدور في ذهن الشباب المعاصر هي: + ما دمنا نحمل جسدًا، فلماذا نكبت اشتياقاته وأحاسيسه؟ + هل يطلب مسيحنا والكنيسة حرمان الشباب من ضروريات الحياة الجسدية؟ + ماذا يضير مسيحنا والكنيسة والمجتمع من علاقات جسدية تتم برضي الطرفين ولا تسيء إلى أحد؟ + ما هي نظرة مسيحنا للجسد وعواطفه وغرائزه؟ + أليس الشباب في حاجة إلى خبرة الجنس حتى لا يفشلوا في حياتهم الزوجية؟ + هل يمكن عمليًا أن يعيش الشاب المعاصر في طهارة إنجيلية؟ أود أن أناقش هذه الأسئلة في هذا المقال والمقالات التالية، ولنبدأ الآن بالحديث عن الجسد ونظرتنا إليه وإلى اشتياقاته وأحاسيسه. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
الجسد والحياة الإنسانية https://st-takla.org/Gallery/var/albu...f-Lyons-01.jpg القديس الأنبا إيريناؤس أسقف ليون - القديس إيرينيئوس لم يخلق الله الإنسان نفسًا مجردة ولا جسدًا مجردًا (1)، إنما خلقه كائنًا فريدًا في نوعه، عجيبًا في إمكانياته، يشارك الخليقة السماوية بنفسه أو روحه العاقلة التي لن يشبعها أمر زمني إذ تطلب اللانهائيان، وفي نفس الوقت له جسده كجزء لا يتجزأ من كيانه الكلي له غرائزه وأحاسيسه ومتطلباته، يود الشبع لا من الطعام بل ومن لذات كثيرة. ومع هذا لا يحمل الإنسان ثنائية كيانية، أو ثنائية طبيعية، بل له كيانه الإنساني الواحد بالرغم مما للنفس من سمات تختلف تمامًا عن سمات الروح. حيث قيل أن الله خلق الإنسان على صورته ومثاله (تك26:1) لم تُقصد النفس وحدها مجردة عن الجسد بل الكيان الإنساني الواحد،.يقول الأب غريغوريوس بالاماس متأثرًا بالقديسين إيريناؤس وغريغوريوس أسقف نيصص (يطلق اسم الإنسان لا على النفس ولا على الجسد بل على الاثنين معًا). الجسم ليس مسكنًا للنفس، تحتله إلى حين لتفارقه بلا عودة، لكنه شريك معها في كل شيء، حتى في الأمجاد السماوية، وإن كان هذا الجسم يحمل فيما بعد طبيعة جديدة تليق بالأبدية، هو شريك النفس في الجهاد كما في السقوط، لذا يتقبل معها الأمجاد الأبدية أو الدنيوية. هذا ما أكده العلامة أثيناغوراس في كتابه عن القيامة، إذ يقول: (إن كانت طبيعة الإنسان ككل تحوي بوجه عام نفسًا خالدة وجسدًا لائقًا بالنفس في الخلقة، وإن كان ليس حسب طبيعة النفس وحدها أو طبيعة الجسد منفصلًا (عن النفس) عيّن الله مثل هذه الخليقة أو مثل هذه الحياة أو هذا الوجود الكلي، إنما أقام أناسًا مكونين من الاثنين، فيكون لهما العنصران اللذان يتكونان منه عند الميلاد وأثناء الحياة، يتبع هذا حتمًا أن (الإنسان) كائن واحد يتكون من الاثنين، يحمل خبرات النفس وخبرات الجسد، يعمل ويحقق ما تتطلبه أحكام الحواس أو أحكام العقل، فبلغ هذا كله في مجموعه نهاية واحدة...) (2). لا يحمل الجسم انعكاسات النفس الداخلية فحسب، إنما تعمل النفس مع الجسد متفاعلين معًا بلا انفصال، لهذا لا نعجب إن دعي الكتاب المقدس الإنسان كله تارة "نفسًا"، وأخرى جسدًا. خلال هذا المنظار تتطلع الكنيسة إلى الإنسان في كليته -نفسًا وجسمًا- كمقدس للرب، فيه يحل الروح القدس خلال سرّي العماد والميرون لكي ينطلق الإنسان بكليته نحو التمتع بالحياة الجديدة في المسيح يسوع، شاهدًا لله بملكوته المعلن داخله. إدراكنا لحقيقة جسمنا بكل طاقاته وقدراته مع التعرف على دوره في الحياة الإنسانية أمر أساسي يمس نظرتنا للحياة وتطلعاتنا للعالم وممارستنا للحب وفهمنا للحياة الزوجية والعلاقات الأسرية والجنس. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
الجسد بين التأله والبغضة https://st-takla.org/Gallery/var/albu...ngelo-1510.jpg حزقيال، بكنيسة سيستين تشابل، الفنان ميكلانجلو، 1510 في حديثنا عن "شخصية الشاب المتكاملة"، رأينا وجود اتجاهين متطرفين من جهة النظرة للجسد ومتطلباته. هذان التطرفان يوجدان في كل العصور، وإن اختلف الأسلوب أو الشكل. يوجد من يؤلهون الجسد وينحنون أمامه في استسلام كامل كأنه مركز عبادتهم وحياتهم وموضوع حبهم، ويوجد من يكرهونه ويبغضونه ويصارعون ضده كعدو يلزم تحطيمه والخلاص منه. وفي القديم وُجد من ألهوا الجسد، بل ووجدت ديانات تتعبد للأعضاء التناسلية للرجل Phallic religions أو للمرأة. في أيام حزقيال النبي وجدت نساء وفتيات تقدمن إلى هياكل البعل ليمارسن الخطية مع القادمين إليها، في لهو وعبث، حاسبين ذلك عملًا تعبديًا (حز30:20)، وعند اليونان وُجدت آلهة الجمال أفروديت،وفي عصر الرسل عاش البعض في جو إباحي مفسد للحياة الإنسانية ككل، حيث يسلم الإنسان شهوات جسده مركز القيادة ليعيش بجسده وفكره ونفسه لا همّ له سوى التمرغ في الشهوات بلا شبع، هؤلاء قيل عنهم: "آلهتهم بطونهم" (في9:3)، أو قل "آلهتهم أجسادهم". فما يطالب به بعض الشباب من ترك العنان لشهوات الجسد تحت ستار الحرية الشخصية ليس وليد العصر الحديث، ولا بالأمر الجديد على البشرية، إنما هو امتداد طبيعي لفكر عاشه الكثيرون عبر العصور، تجاهلوا فيه تقديرهم للروح والفكر وكل الطاقات البشرية السامية، لينحدروا بكل كيانهم الإنساني منحنين لشهوات أجسادهم، وكأن كل ما فيهم هو الجسد تقوده الغرائز بلا تقديس ولا ضابط. من الجانب الآخر يوجد أيضًا في كل عصر فريق مضاد يحمل فكرًا لا يقل خطورة عن الفريق الأول، ألا وهو تجاهل الإنسان لجسده، فيظن في نفسه أنه روحًا مجردة حُكم عليها بالحبس المؤقت في الجسد. مثل هذا يعادي الجسد ويطلب تحطيمه، خاصة الأعضاء الجنسية، متطلعًا إليها كأعضاء دنسة وعنصر ظلمة أو فساد يريد الخلاص منها. من بين هؤلاء من بالغ حتى حسب الزواج في علاقاته الجسدية أشبه بزنا مباح. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
قدسية الجسد الجسم هو خليقة الله الصالحة، لا يليق بنا أن نحتقره أو نقاومه كعدو نود الخلاص منه، ولا نحسبه سجنًا حكم على النفس أن تؤسر فيه كما أدعى أفلاطون. يتطلع الرسول بولس إلى أعضاء جسمه بقدسية ورهبة فيحسبها أعضاء المسيح (1كو15:6)، حاسبًا الأعضاء التي يراها البعض بلا كرامة لها كرامة أفضل، "والأعضاء القبيحة فينا لها جمال أفضل" (1كو23:12)، لا يليق بنا إفساد هذه الأعضاء أو استخدامها كآلات إثم للموت، بل "آلات برّ الله" (رو13:6). لقد وقفت الكنيسة تفند كل فكر غريب جاء به الهراطقة من الفلسفات القديمة، خاصة الفارسية، لمعاداة الجسم وحسبانه عنصر ظلمة، فمن أقوال الآباء في هذا الشأن: + لا يجب أن نخجل من أن نسمي ما لم يخجل الله من أن يخلقه. القديس اكليمنضس السكندري + يجب أن لا تكون الطبيعة البشرية موضوع عار بل موضوع احترام. العلامة ترتليان (5) https://st-takla.org/Gallery/var/resi...-St-Monica.jpg + الجسم هو من عند الله، وما سمح أن يوجده هو جزء من عمله... لاحظ كيف دُعي الإنسان "جسدًا" بطريقة لائقة... وأن غاية الله الخاصة بالإنسان ليست لصالح النفس وحدها بل للنفس مع الجسد. العلامة ترتليان (6) + الجسم الذي كان من البداية موضع فن الله، سيوجد قادرًا على التمتع بقوة الله والتمثل به. القديس إيريناؤس (7) + لا تقبل القائلين بأن الجسد ليس من صنع الله، لأن الذين يعتقدون أن الجسد غريب عن الله، وأن النفس تسكن الجسد كما في وعاء غريب، يفسدونه بالزنا. أي عيب يجدونه في هذا الجسد العجيب؟! هل ينقصه الجمال؟! أي شيء في تكوينه لم يُصنع بابتداع؟! لا تقل بأن هذا الجسد هو سبب الخطية، فلو كان الجسد سبب الخطية، فلماذا لا يخطئ الميت؟ لا يخطئ الجسد من ذاته، إنما تخطئ النفس خلال الجسد... أشفق على جسدك بكونه هيكلًا للروح القدس (1كو19:6)، لا تدنسه بالزنا، ولا تلوث ثوبك الجميل؛ وإن كنت قد دنسته اغسله الآن بالتوبة، اغتسل ما دام الوقت يسمح بذلك. القديس كيرلس الأورشليمي (8) إذن جسمنا ليس عدوًا نقاومه، وإنما كما يقول القديس أغسطينوس (9) يلزمنا أن نحبه كما يحب الرجل امرأته والمسيح كنيسته، معلقًا على كلمات الرسول بولس (أف25:5-28) هكذا: (يوصي المعلم الحقيقي الرجال أن يحبوا نساءهم على مثال حبهم لأجسادهن، وفي نفس الوقت على مثال حب المسيح للكنيسة). هذا البدن بكل أعضائه هو خليقة الله الصالحة، انحرف بشهواته عن غايته خلال انحراف إرادتنا بالخطية،وقد اهتم كلمة الله بتقديسه، إذ حمل جسدنا بلا خجل لكي بملء الدالة نناجيه: (باركت طبيعتي فيك (10)). يقول القديس اكليمندس الروماني: (بالحب حملنا الرب إليه! من أجل الحب حملنا، فوهبنا ربنا يسوع المسيح دمه... وهبنا جسده لجسدنا، ونفسه لنفوسنا (11)). بنفس المعنى يقول القديس إيريناؤس: (هكذا يخلصنا الرب خلال دمه، فيهبنا نفسه لنفوسنا، وجسده لأجسادنا، ساكبًا روح الآب لأجل اتحاد الله مع الإنسان والشركة معه (12)). الله الذي يحبك لم ينزع عنك جسدك الذي صار يمثل ثقلًا على نفسك، لأننا أفسدناه بالخطية، إنما أرسل الابن الوحيد -الخالق- لابسًا الجسد الذي لك. جاء في شبه جسد الخطية (رو3:8)، لكنه بلا خطية... تقدمَ وجاهدَ باسمك ليهبك غلبة ونصرة وقديسًا إن لبست الرب واختفيت فيه وتجاوبت مع عمله. يقول القديس أمبروسيوس: (لقد كان ربنا يسوع المسيح يهدف بصومه وخلوته أن يشفينا من جاذبية الشهوة، فهو لأجل الجميع قبل أن يجرب من إبليس حتى نعرف كيف ننتصر فيه) ويقول البابا كيرلس الكبير: (انتصر المسيح على الشيطان، وتوّج هامة الطبيعة البشرية بإكليل المجد والظفر). في السيد المسيح، كلمة الله المتجسد، صار لنا الغلبة والتقديس؛ صارت أجسادنا مقدسة فيه، إذ حُسبت أعضاءه (1كو16:5). |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
الجسم الإنساني والشهوات الجسدية https://st-takla.org/Gallery/var/resi...ul-apostle.gif يصور القديس بولص الرسول إن كان الإنسان بجسده مع نفسه يمثل كيانًا واحدًا، يحمل طبيعة واحدة هي "الطبيعة الإنسانية" دون أن يفقد الجسم طبيعته ولا النفس أيضًا تفقد طبيعتها، إذ يلتحما معًا في طبيعة واحدة، يعملان معًا بتناغم وتفاعل مشترك في كل تصرف مادي ملموس أو حسي أو عقلي خفي، فلماذا يئن الرسول من جسده، حاسبًا إياه "جسد هذا الموت" (رو24:7) الذي "يشتهي ضد الروح" (غلا17:5، 1بط11:2)؟ يلزمنا أن نميز بين الجسم soma الإنساني كخليقة الله الصالحة وبين الجسد sarkis حينما يُعني به الشهوات الجسدية التي تحطم قدسية الجسد والروح معًا، إذ يستعبد الإنسان كل كيانه -نفسه وجسده وفكره وعواطفه وأحاسيسه وطاقاته ومواهبه- لأفكار شهوانية جسدية. هذا ما دفع الرسول بولس للتمييز بين الإنسان الجسداني والإنسان الروحاني، ليس بمعنى أن الأول جسد بدون روح والثاني روح بدون جسد، إنما يقصد بالجسداني الإنسان الذي أسر كيانه جسدًا،أما الروحاني فهو الذي يخضع لعمل روح الله القدوس، فيُحسب روحانيًا دون أن يخلع الجسد. يقول القديس أغسطينوس: (من ليس روحانيًا حتى في جسده يصير جسدانيًا حتى في روحه (17)). حينما يصير الإنسان جسدانيًا لا نلقي باللوم على الجسد وحده، لأن النفس تشارك الجسد خطأه، إذ يقول السيد المسيح: "لأن من القلب (الإنسان الداخلي) تخرج أفكار شريرة قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف، هذه التي تنجس الإنسان" (مت19:15،20. ويؤكد القديس أغسطينوس في أكثر من موضع أن سبب السقوط هو انحراف الإرادة عن مسيرها الصحيح (18)). |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
التغيرات الجسدية والمراهقة عند حديثنا عن "المراهقة نمو وحياة" رأينا أن ما يصاحب هذه المرحلة من تغيرات جسدية وعواطف ومشاعر جديدة هو أمر صالح، هبة إلهية ليمارس الإنسان الحياة النامية المتحركة نحو النضوج، متى سُلمت تحت قيادة روح الله. لقد أشرت إلى بعض المشاكل النفسية التي تنجم أحيانًا عن هذه التغيرات. ما أريد هنا توضيحه أن كثيرًا من المراهقين -في الشرق والغرب- يشعرون بقلق شديد واضطراب داخلي بسبب التغيرات التي تطرأ سريعًا بالنسبة لأجسامهم، مع أن ما يحدث معهم -بالنسبة للجنسين- يكشف عن إبداع الخالق وحكمته، إذ يهيئ المراهقين للدخول تدريجيًا إلى النضوج والبلوغ حتى يستطيعون فيما بعد ممارسة الحياة الوالدية كآباء وأمهات. يصحب هذه التغيرات تفاعلات كيماوية جديدة في الجسم تسبب نوعًا من المشاعر الجديدة في حياة المراهق تجاه الجنس الآخر تتزايد لتصير وكأنها جزء من كيانه. هنا يبدأ الإنسان في الشعور بفقدان بساطة نظرته للغير ونقاوة قلبه، فيظن أن حياته قد تلوثت فجأة بالدنس، مما يُسقطه في الشعور بالذنب،ما نؤكده هنا هو أن العواطف والمشاعر التي سُلمت في يدي الله، تهيئ الإنسان للحياة الزوجية المتزنة المملوءة قدسية، كما تلهب قلبه بالحب لله، فهي طاقات لازمة وضرورية سواء اختار الإنسان الحياة الزوجية المقدسة أو التكريس البتولي. الجنس في حقيقته ليس خطية ولا دنسًا، إن سار في وضعه الحقيقي تحت قيادة روح الله واهب التقديس والحكمة والنمو هذا ما سنتحدث عنه بمشيئة الرب في المقالات التالية. __________________ (1) للمؤلف: الحب ومفهومه ودرجاته، فصل 3 "الحب والجسد". (2) De Resurr. 15. (3) De Resurr, Carnis 16. (4) مجموعة من المؤلفين: الجسد والعفة والحب، منشورات النور 1983، ص 24. (5) المرجع السابق، ص 24. (6) De Resurr. Carnis 5. (7) Adv. Haer. 5:3:2. (8) Catech Lect 4: 22,23. (9) العفة، فصل 19-23. (10) Litury of St. Gregory the Theologian for the Coptic Church. (11) Ep. 1:49. (12) Adv. Naer 5:1:1. (13) De Genesi ad litteram 9:16. (14) Contra Julianum 4:8. (15) Contra Faustum 29. (16) Jn Cor. PG 6:257-8. (17) مجموعة من المؤلفين: الجسد والعفة والحب، ص 21. (18) St. Augustine says (There would have been no evil deed unless there was an evil will prior to it. And what could begin this evil will but pride, which is the begining of all sin?!) De invitate Dei, 14:13. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
العطش إلى الحب شغلت كلمة "الحب" قلب الإنسان منذ وجوده، وستبقى تشله ما دام يوجد، ولا أكون مبالغًا إن قلت أنها الأمر الوحيد الذي يرافقنا حتى بعد الموت. إذ "المحبة لا تسقط أبدًا" (1كو8:13). يبقى الإنسان يبحث عن الحب متعطشًا إليه، يشتاق إلى حب الغير له وأن يسكب حبه على الغير. فالمؤمن المتعبد يطلب حتى متى بلغ أعلى درجات النسك الصادق والتوحد الأصيل أن يهيم ذائبًا في محبة الله، مقدمًا قلبه جمر نار متقدًا حبًا! والزوج يتوق أن يحب زوجته ويكون موضوع حبها، والأب والمعلم والإبن والأخ والصديق الكل يطلبون أن يحبوا ويُحبُوا. أقول حتى الشهوانيون والمجرمون وقساة القلوب يحنون إلى الحب ويشتهونه، حتى وإن لم يمارسوه. هذا واختلط الحب في أذهان الكثيرين، فلا يعرفون أن يميزوا بينه وبين الميل العاطفي أو الاجتماعي أو الشهوة، بل وكثيرًا ما يُخفون روح النفعية وحب الأنا ego تحت ستار الحب، فيخدع الإنسان حتى نفسه، معطيًا صورة مقدسة لدوافع موجهة توجيهًا شريرًا. |
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
الحب أسمى من اللغات البشرية ما أصعب أن تعطي تعريفًا للحب، فهو في حقيقته أعمق من أن تعبر عنه لغة بشرية، ولا أن تترجمه مشاعر وعواطف، لكنه حقيقة مُعاشة تمس كل تصرفات الإنسان الظاهرة والخفية. يمكننا أن نقول بأن الحب هو انفتاح القلب واتساعه فلا يضيق بأحد ما ولا بشيء ما بل يحمل في داخله الله نفسه وكل خليقته، يتقبل بفرح كل بشر، مشتاقًا أن يقدم نفسه his self للغير دون ترقب لمكافأة. هو أمر قدسىّ، ثمرة اتحاد الإنسان مع الله "الحب" (1يو8:4) الذي يقدس النفس بكل طاقاتها والفكر بكل قدراته والجسد بأحاسيسه وغرائزه وعواطفه والإرادة الإنسانية، فيصير الإنسان بكليته لهيب حب لا ينطفئ. أصر Leo Buscaglia أستاذ التعليم بجامعة كاليفورنيا على تدريس مادة "الحب" مفتتحًا فصلًا دعاه "فصل الحب Love Class" رغم سخرية البعض بذلك. وبعد ثلاث سنوات قرر أنه لم يستطع أن يجد تعريفًا، حاسبًا أن كل تعريف إنما يضع حدودًا للشيْ، أما الحب فبلا حدود. لقد أُعجب بكلمات أحد طلبته: (وجدت الحب مثل مرآة، حينما أحب آخر، يصير هو مرآتي وأنا مرآته، كل يعكس على الآخر الحب فنرى لا نهائية (2)). بمعنى آخر الحب أشبه بنور يضيء بين مرآتين متوازيتين كل تعكس النور على الأخرى لترى في كل مرآة عددًا غير محدود من مصدر النور (كالشمعة أو المصباح مثلًا). يقول آخر: (الحب هو عمل عطاء النفس للغير). إذن ما هو الحب؟ إن كنا نعجز عن تقديم تعريف له لكننا نقدم هنا بعض الجوانب التي تكشفه: 1- الحب... انفتاح للقلب بتدبير وحكمةالحب هو انفتاح القلب واتساعه للغير، وحينما نقول "الغير" لا نعني شخصًا بعينه بل إن أمكن كل أحد، لأن القلب المفتوح يحمل طبيعة الحب من داخله ليفيض على الجميع، لكن بحكمة واتزان ولياقة. هذا ما يؤكده القديس أغسطينوس الذي عاش عشرات السنوات الأولى من حياته بقلب انحرف بالحب ليكون في صبوته قائدًا للصبيان في مغامرات السطو على حدائق جيرانه وفي شبابه سكب قلبه في شهوته ليعيش مع سيدة في النجاسة. لقد اختبر بعد ذلك عذوبة اتساع القلب بحكمة فقال بأن للحب تدبير أو نظام؛ حبنا لله من كل القلب والفكر والنفس والقدرة، وحب الوالدين من نوع آخر، الأبناء من نوع ثالث، والزوج أو الزوجة غير حب الأصدقاء والزملاء. 2- حب العَوز والحاجةالحب هو تحرر من الذات ego. فالمحب هو من يستطيع ألا يتوقع حول الأنا لينحصر فيما لنفعه المادي أو الأدبي أو العاطفي، يطلب ما لِذاته تحت ستار الحب. كثيرون يكشفون عن عواطفهم التي تبدو غاية في الرقة، ويبدو أنهم أسخياء في العطاء، لكنهم في الواقع يعملون لحساب الأنا ego،.أذكر على سبيل المثال الشاب الذي في غربته يشعر بالعزلة القاتلة فيلتقي بفتاة ويعلن حبه لها، مقدمًا لها العاطفة بفيض وينفق من ماله الكثير، لا لشيء إلا لأنه في عوز إلى من يحطم عزلته ويشبع فراغ نفسه الداخلي، مثل هذا أناني في عواطفه ومحبته، لهذا إن أقدم على الزواج منها سرعان ما تنكشف أعماقه وتشعر زوجته بأنانيته القاتلة، ويتحول الحب إلى خصام ونزاع، غالبًا ما ينتهي بتحطيم الأسرة. هذا ما يتكرر كثيرًا بالنسبة للمراهقين، إذ يشعر المراهق أحيانًا أن أسرته تمثل سجنًا يريد الإفراج والهروب منه، فيلتقي بمن يحمل ذات المشاعر، ويظن الاثنان أنهما تلاقيا في دائرة الحب... لكنهما في الواقع تلاقيا في دائرة العوز والاحتياج، كُل يطلب أنه يجد في الآخر ما يعوضه عن مشاكله الأسرية، فيضيقان إلى مشاكلهما مشكلة جديدة حين يرتبطا بعواطف على أساس غير سليم. 3- الحب... رحلة داخلية لتقديم النفسالحب هو رحلة الحياة كلها غايتها الدخول إلى النفس self ليتحقق الإنسان من حقيقة كيان النفس الداخلي core self، ويتعرف على رسالته، فلا يطلب شبعًا من الغير ولا يستعطف أحدًا ليملأ فراغه الداخلي بكلمة مديح أو عاطفة أو تقديم خدمة إلخ... وإنما يطلب أن يشبع في الداخل ليفيض هو على غيره. يقدم نفسه "self" his بحكمة ومعرفة، متشبهًا بمخلصه واهب ذاته لمحبوبيه. 4- الحب... سيمفونية الحياةالحب هو تناغم الحياة الإنسانية معًا، فيتفق سلوك المرء الظاهري مع نبضات قلبه المقدس ورقة مشاعره المخلصة والتهاب عواطفه العميقة وجدية فكره والتزام إرادته بالعمل... بمعنى آخر، الحب يجعل من الإنسان قيثارة تحمل أوتارًا متباينة لتصدر سيمفونية حياة واحدة مسئولة وجادّة، متكاملة ونامية في كل الاتجاهات. 5- الحب... إستنارة إلهيةالحب هو عمل روح الله نفسه فينا، الذي وحده يستطيع أن يقودنا إلى أعماقنا، وينير بصائرنا الداخلية لنكتشف أنفسنا، ويجد كياننا، ويفتح قلوبنا للعطاء. فإن كان الله قد خلق الإنسان على مثاله لكي يحمل سمة الحب لكنه محتاج أن يتحد بالله الحب المطلق يفيض عليه هذه السمة في أعماقه وينميها ويحفظها من الانحراف، في هذا يقول الآباء: + الله محبة وينبوع كل حب، لذلك يقول يوحنا العظيم إن "المحبة من الله"، "الله محبة" (1يو7:4،8). لذلك جعل الخالق المحبة من سماتنا، قائلًا: "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضًا لبعض" (يو35:13). فإن لم توجد المحبة فينا نكون قد غيرنا الخاتم الذي به نتشكل بشكل الله. القديس غريغوريوس النزينزي (4) + من يود أن يتكلم عن الحب التزم أن يتكلم عن الله ذاته. فالمحبة المقدسة هي مشابهة الإنسان لله على قدر ما يستطيع البشر. القديس يوحنا الدرجي (5) بهذا يمكننا من جانب أن نميز بين الحب المتسع والعاطفة التي تقف عند مستوى المشاعر الإنسانية الوجدانية لمشاركة الغير في الآلام والأفراح، ومن جانب آخر بينه وبين الشهوة التي تحصر الإنسان في الأنا ليعيش للذته الخاصة، يعشقها تحت ستار الحب، فيقبر نفسه "self" في ملذات الشهوة والتدليل البعيد عن الحق والمعرفة والإلتزام الجاد. |
الساعة الآن 12:00 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025