منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   مزامير داود النبى (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   المزمور الخامس والعشرون: إليك أبتهل (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=146286)

Mary Naeem 15 - 03 - 2013 03:23 PM

المزمور الخامس والعشرون: إليك أبتهل
 
المزمور الخامس والعشرون

إليك أبتهل



http://www.coptcatholic.net/thumb.ph...12ca6a169e.jpg
همسات الروح
تأمل في سفر المزامير

أولاً: تقديم المزمور:
يمكن تصنيف المزمور الخامس والعشرون مع مزامير الحكمة وأيضاً مع المراثي الشخصية، هو مزمور توسّل ينشده المرنّم متشكّياً من حالة، رافعاً صلاته بثقة إلى الله، مقراً أمامه بذنوبه وخطاياهخصوصاً لأنه حزين لشعوره بالعزلة والاضطهاد، ومع أنها قصيدة شكوى لكن المحور الأساسي الذي يتضرع المرنّم طالباً أن يعرفه ويسلك فيه هو "طريق الرب".
هو أحد المزامير المرتبة ترتيباً أبجدياً، حيث تبدأ كل آية بحرف مختلف من الأبجدية العبرية المشتملة على اثنين وعشرين حرفاً، تبدأ الآية الأولى بحرف الألف والثانية بحرف الباء والثالثة بحرف الجيم والرابعة بحرف الدال وهكذا دواليك...، وهي طريقة تساعد الذاكرة على الحفظ والإنشاد، وبالرغم أن الترتيب الهجائي لهذا المزمور ليس كاملاً، حيث يظهر عدم الانتظام في الآيات (2، 5، 18، 22)؛ إلا أن لهذه الطريقة معنىً أعمق، إذ إن الأبجدية عطيّة الله للبشر الذين يحتاجون إلى الكلمات والحروف لكي يعرفوا الله وينشدوا بمجده عبر كلمات الأبجديّة المنظّمة التي وهبهم إياها؛ حيث يعتبر العبراني الأبجديّة عطيّة من الله، لذا فهو يستعمل الكلمات والحروف ونظامها، ليسبّح بها الله على عطيّته هذه.
تتردّد في المزمور كلمة يهوه (الرب) عشر مرات، وكلمة طريق أو سبيل عشر مرات، ويتلخص هدف المرنّم في نقطتين:
أولاً: الهدف العام من المزامير وهو تقديم صلاة لله تظل صالحة لأبناء الله على مدى الأجيال.
ثانياً: يعطي هذه الصلاة شكلاً خاصاً يجعل كل طلبة فيها تبدأ بحرف من الحروف الأبجديّة؛ فتردّ البشرية للرب ما سلّمه إليها وتُبارك الله بما منحها من عطيّة. تهدف مثل هذه المزامير إلى مدح كلمة الله، التوراة، وتميل بعض المرّات إلى التركيز على الحرف، والخوف هنا هو أن نقع في تطويبه ناسين كلام بولس الرسول: "الحرف يقتل أمّا الروح فيحيي" (2 كورنثوس 3: 6).
في النهاية يجب تفسير هذا المزمور على أنه مديح لله الذي كلّم البشر وأوحى لهم كيف يدوّنون هذه الكلمة وينقلونها فيسمعها الآخرون ويفهمون ما يقال. أخيراً صلاة هذا المزمور هي مدح لكلمة الله اليوم كما بالأمس، من خلالها نؤكد القول بأن الله يعلّم الخاطئين طرقه ويُشركهم في عهده عن طريق كلمته المسطرة في الأبجدية.
يُعتبر مثالاً طيباً لكيفية صلاة التضرع اليومي، منه نتعلم:
أولاً- ماهية الصلاة (1، 15):
رفع القلب والعينين إلى الله.
ثانيا- ما ينبغي أن نصلي لأجله:
طلب غفران الخطية [6، 7، 18]،
التوجه نحو طريق الالتزام [4، 5]،
طلب عطف الله [16]،
الخلاص من أتعابنا [17، 18]،
حفظنا من أعدائنا [20، 21]،
وخلاص شعب الله [22].
ثالثاً- كيفية التضرع لله في الصلاة:
بثقة تامة في الله [2، 3، 5، 20، 28]،
نعرض مرارتنا وظلم أعدائنا لنا [17، 19]،
نعد إخلاصنا وتمسكّنا[21].
رابعاً- منه نعرف قيمة المواعيد الثمينة :
لتشجيعنا على الصلاة،
لإرشادنا وتوجيهنا [8، 9، 12]:
منافع العهد مع الله [10]
وبهجة الشركة معه [13، 14].
من الواضح أن داود النبي كتبه في أواخر أيامشيخوخته، لأنه يتحدث عن خطايا صباه. يعتقد بعض الدارسين أنه نظمه أثناء تمرد ابنه، بينما يرفض آخرون نسبته لداود، ويعتقدون أنه يخص حالة الأسر البابلي حيث يجسّد شكوى الأسرى من قهر أعدائهم.

Mary Naeem 15 - 03 - 2013 03:24 PM

رد: المزمور الخامس والعشرون: إليك أبتهل
 
ثانياً: نص المزمور وتقسيمه:
يتكون المزمور من اثنتين وعشرين آية وينقسم إلى خمسة أقسام:
استهلال: بداية المزمور (1):
1- لداود: إليك يا رب إلهي أبتهل
مقدّمة: الله لا يخيّب ثقة من يؤمن به ( 2-3):
2 - عليك توكلت فلا أخزي ولا يشمت بي أعدائي
3 - كل من يرجوك لا يخزى،
القسم الأول: تائب ينتظر مغفرة الله المخلّص والمعلم (4- 7):
4 - يا رب عرفني طرقك وسبلك علمني.
5 - بحقك أهدني وعلمني، أنت الله مخلصي، وإياك أرجو نهاراً وليلاً.
6 - أذكر رأفتك ومراحمك، فهي يا رب منذ الأزل.
7 - لا تذكر معاصيّ وخطايا صباي، بل برحمتك أذكرني، لأنك يا رب صالح.
القسم الثاني : إرشاد أول؛ نداء للثقة بالله (8- 11)
8- الرب صالح ومستقيم ويرشد الخاطئين في الطريق.
9- يهدي الودعاء بأحكامه، ويعلم المساكين طرقه.
10- سبل الرب رحمة لمن يحفظ عهده وفرائضه.
11- من أجل اسمك يا رب اغفر ذنوبي الكثيرة.
القسم الثالث: إرشاد ثان، بالتوبة والاعتراف نصبح من جماعة خائفي الرب (12- 15):
12 - من خاف الرب أراه أي طريق يختار،
13 - فتنعم نفسه بالخير، ونسله يرث الأرض.
14- الرب يرشد أحباءه، ولهم يعلن عهده.
15- عيناي إلى الرب كل حين ، فهو يخرج من الشرك رجلي.
القسم الرابع: المرنّم يعود يتذكّر خطاياه (16-19):
16- تحنن يا رب والتفت إلىّ لأني وحيد ومسكين.
17- فرّج الضيق عن قلبي، ومن سوء الحال أخرجني
18- أنظر إلى عنائي وتعبي، وأغفر جميع خطاياي.
19- ها أعدائي كثروا، وبحماسة يبغضونني.
القسم الخامس: من يرجو الرب لا يخيّب (20-22):
20- نجني وأحفظ حياتي. بك احتميت فلن أخزى.
21- تشفع لي نزاهتي واستقامتي وأنت يا رب رجائي.
22- افتد بني إسرائيل يا الله من جميع ضيقاتهم.

Mary Naeem 15 - 03 - 2013 03:24 PM

رد: المزمور الخامس والعشرون: إليك أبتهل
 
ثالثاً: تفسير المزمور:
استهلال: بداية المزمور (1):
1- إليك يا رب إلهي أبتهل:
كان داود النبي يعاني من الشعور بالعزلة، إذ صرخ: "انظر إليّ وارحمني، لأني ابن وحيد وفقير أنا"، (مزمور 25: 16) تعبيراً عن إحساسه بالعوز والنقص والضعف، لذا يتوجه النبي المرنّم إلى الرب إلهه في صلاة عميقة مبتهلاً إليه أن يسمع صلاته ويستجيب لطلبته المرفوعة. والابتهال ليس مجرد صلاة فهو درجة عالية من درجاتها الطلب فيها يصل إلى حد التوسل والإلحاح وهي حافلة بالمناجاة والتضرع، زاخرة بالرجاء...
مقدّمة: الله لا يخيّب ثقة من يؤمن به ( 2-3)
2- عليك توكلت فلا أخزي ولا يشمت بي أعدائي:
تقديم ذكي لموضوع القضية، فالجميع يعرف كيف توكل داود النبي على الله واعتمد عليه في كل شئون حياته؛ وفي حالة خذلان الله لقضيته وعدم استجابته لطلبته الملحة ورفضه لتضرعه وابتهاله ستكون هزيمته مدعاة للسخرية والهزأ والشماتة من ِقبل أعداء الله ومضطهدي الملك، تماماً كما حدث في مواقف كثيرة ليس أخرها ما نطق به اليهود الواقفين أمام صليب الرب يسوع "لقد توكل على الله فلينجيه .." (متى 27 : 43).
« يشمت بي أعدائي:
الشماتة هي السرور والتلذذ بما يصيب الآخرين من أذى، وهي سلوك عدواني يدل على نفس غير سوية تكره الخصم إلى درجة كبيرة وتتمنى إيقاع الأذى به فإن لم تستطع أن تفعل ذلك بنفسها تقتصر لذتها في الشماتة بما يحل به من نكبات... والأعداء المتربصين بالنبي هنا، لم يتمكنوا أبداً من الانتصار عليه نصراً حاسماً حيث كان الله يظهر فجأة فيبطل جميع المؤامرات التي سهروا الليالي يخططون لها، ويفشل كل فخاخهم التي أمضوا السنين يدبرونها، بل وكثيراً ما كانوا يسقطون في نفس الحفر التي حفروها للنبي البار الذي "توكل على الله" . ومن ثم فإذا رأي هؤلاء ما يحل بالنبي من بلاء دون أن يتدخل الله لينقذه ستكون شماتتهم "فرحهم المَرضيِ"، شديدة...
3 - كل من يرجوك لا يخزى بل يخزى الغادرون باطلاً :
يعلن النبي إيمانه الشخصي وإيمان شعبه، فقد أختبر كلاهما كيف سمع الرب صراخهم واستغاثتهم وقبل صلاتهم وابتهالاتهم وحملهم على منكبيه وقادهم في البرية وخلصهم من بطش أعدائهم ونصرهم عليهم. بالتالي يعرف داود وشعبه أن الرجاء في الرب لا يخزى أبداً لذلك يعتبر الرجاء من الفضائل الإلهية الثلاث : الإيمان – الرجاء – المحبة، وكما أن المحبة لا تسقط أبداً، كذلك إيمان النبي ورجاءه في انتظار الرب [3، 5، 21]. والرجاء هنا يعني الانتظار بثقة، كما يعني أيضاً قبول توقيت الرب وبالتالي حكمته؛ هذا ما يميز موقف داود نحو الله عن موقف شاول (1 صموئيل26:10؛ 13: 8-14)، وموقف أشعياء عن موقف الشعب (أشعياء30: 15- 18).بل يخزى الغادرون باطلاً، كتأكيد على أن الذي يحفظ عهد الرب وشريعته ويظل متوكلاً عليه في كل الظروف لا يخزى أبداً، عكس من يغدر بعهده ويخلف الوعود والعهود مع الله والناس.

Mary Naeem 15 - 03 - 2013 03:24 PM

رد: المزمور الخامس والعشرون: إليك أبتهل
 
القسم الأول: تائب ينتظر غفران الله (4- 7):
4- يا رب عرفني سبلك وطريقك علمني:
حين يتذكر النبي عهد الله معه وأمانته نحو حفظ العهد ويذكر خيانة الأشرار وحنثهم بالعهود... يخشى أن يكون هو أيضاً قد ضل الطريق ولو للحظة واحدة، فيطلب من الرب نعمة أساسية، تصير جوهر صلاته، وبدلاً من الإلحاح في طلب النصر على الأعداء والانتقام من الأشرار الذين يضطهدونه ويحاصرونه، يعطي النبي الأولوية المطلقة لـ "الأمانة نحو العهد".
« عرفني طرقك :
بتواضع عجيب يقف النبي كتلميذ مبتدئ بين يديّ الرب خافضا ذاته أمامه طالبا منه الهداية والعلم والمعرفة؛ وكأنه بكل خبراته وآلامه وآماله، بل ووحي الله وإلهامه،مازال لا يعرف طريق الرب، بينما هو قد حفظه وسار فيه منذ صباه ونادراً ما حاد عنه أو تخطاه، وإن حدث فسرعان ما كان يعود تائباً متوسلاً.
« سبلك علمني:
ما أروع التكرار وأعمقه، فالمعرفة وحدها لا تكفي أما حين يتعلم المرء شيئاً فإنه يمتلكه وبالتالي يصير جزءً منه... والنبي هنا لا يكتفي بمجرد المعرفة للعلم فحسب، بل يريد أن تتعمق معرفته بالتعلّم ليتمكن من ممارسة ما عرف وعيشه بحيث يتحول في داخله إلى نهج وأسلوب حياة.
5- بحقك أهدني وعلمني أنت الله مخلصي وإياك أرجو نهاراً وليلاً:
لقد نسى النبي المرنّم قضيته الأساسية التي من أجلها وقف يصلي ويبتهل، واكتشف من خلال صلاته أن هناك قضية أهم وأولى يجب أن تحتل المكانة الأولى في صلاته، فلم يعد مهماً صراعه الشخصي مع أعدائه أياً كان الموقف، والتفت إلى القضية المحورية، إنّه يريد أولاً أن يتمم مشيئة الرب في حياته...
« أهدنيبحقك:
الهداية هي عملية روحية تعني تقويم الطريق المنحرف والعودة إلى الحق والنور، وهي تعني تغيير جذري في الحياة والمهتدي هو العائد من الظلال والظلام، وخير تطبيق لمفهوم الهداية هو ما حدث مع بولس الرسول على طريق دمشق (أعمال الرسل: 9). يستطرد النبي أهدني يا رب إذا كنت قد نسيت وصاياك وتركت طريقك أو أهملت شريعتك وابتعدت.
« أنت الله مخلصي:
بالطبع الله المخلص هذا هو اسمه وهذه هي مهمته منذ البداية إلى اليوم، فإذا ما كنت يا رب قد جهلت الطريق: فعرفني طرقك
نسيت الطريق: فعلمني سبلك
ضللت الطريق: فأهدني بحقك
سقطت في الطريق: فخلصني بحقك
لا تخيب يا رب رجائي الدائم فيك
أنت وحدك مخلصي يا مخلص شعبك.
6- أذكر رأفتك ومراحمك فهي منذ الأزل:
تحولت الصلاة نهائياً من طلب المعونة والاستغاثة من ظلم عدو أرضي، إلى فحص متعمق للضمير ومسح شامل للحياة، فصارت طلباً للرحمة لا العدل: فها هو يكتشف أمام بر الله وقداسته وأمانته للعهد وتدخله الدائم لخلاص جميع المتوكلين عليه بكل قلوبهم؛ كل آثامه ومعاصيه، وبالتالي يصرخ طالباً رأفة ورحمة ويدرك أن الله رءوف رحيم، بل أن الرأفة والرحمة هما الله نفسه لأنهما من صميم طبيعته وهما أزليتان مثله. نجد أنفسنا هنا أمام تعبير جديد رائع يجسد إيمان المرنّم ويقينه أنه مهما عظمت خطاياه فإن الله بطبيعته برأفته ورحمته ومحبته له، قادر أن يغفرها." كرحمتك يا رب ولا كخطايانا"( أنافورا القداس الباسيلي).

Mary Naeem 15 - 03 - 2013 03:25 PM

رد: المزمور الخامس والعشرون: إليك أبتهل
 
7 - لا تذكر معاصيّ وخطايا صباي، بل برحمتك أذكرني، لأنك يا رب صالح:
ألم أقل أن صلاة الطلب ومزمور التوسل قد تحولا إلى فحص للضمير ... خرجت ذكريات الخطايا وبرزت آثار ما أرتُكب من آثام طوال الحياة ومنذ الصبا فليس غريباًَ على داود هذا الاعتراف فهو القائل "بالآثام ولدت وبالخطايا حبلت بي أمي" (المزمور 50 :5) وهذا عزيز في عيني الرب إذ يطربه ويشجيه ويستثير لديه كل أحاسيس الرأفة والرحمة والحنان حين يرى أولاده "منكسري القلوب معترفين بخطاياهم" فإذا اعترفنا بخطايانا"فهو أمين وعادل يغفر لنا" (1 يوحنا1 :9).
« لا تذكر خطايا صباي :
فترة الصبا هي فترة الخروج من الطفولة، وتتميز بالنزوة والطيش، لعدم معرفة المرء بنفسه وانعدام خبرة جدّية بالعالم وشعوره بالرجولة دون أن يكون رجلاً بعد. إنها وقت يرتكب فيه الصبي كثيراً من الحماقات والأخطاء. لذا يطلب النبي من الله ألا يتذكر آثام هذه الفترة لأنه لم يكن قد اختبره أو عرفه بعد معرفة شخصية ...
« بل برحمتك أذكرني :
لا تذكر – أذكر... ما كان يمكن لداود النبي أن يعترف بخطاياه وجهله، خاصة أيام شبابه لو لم يكشف له الرب عن رأفته ورحمته الأزلية؛ فحب الله وأبوته الحانية هما السند في الاعتراف بالخطايا. لذلك يطلب داود النبي من المعلّم ألا يتذكر خطاياه بل يذكره هو كخليقة محبوبة لديه لها مكانتها وتقديرها الخاص لا لفضل فيها وإنما من أجل رحمة الله وصلاحه واسمه القدوس. وهكذا نستوعب طلب اللص اليمين من المعلم أن يذكره متى جاء في ملكوته،0 (لوقا 23: 42) فحمل نفسه إلى الفردوس، مبّررة باستحقاق الدم الثمين. هكذا إذ نطلب من الرب "لا تذكر خطاياي أذكر رحمتك"، يجيبنا الرب قائلاً: "أنا أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا أذكرها" (أشعياء 43: 25). دلال ما بعده دلال وثقة ما بعدها ثقة، فهل ستُستجاب صلاة النبي ؟
« لأنك صالح يا رب :
الصلاح من صفات الله المطلقة، فهو وحده الصالح "لماذا تدعوني صالحاً ولا صالح غير الله وحده" (متى 19: 17)هكذا أجاب الرب يسوع الشاب الغني الذي ناداه بهذا الاسم، فالله وحده صالح لا يعرف سوى الخير والصلاح، وكل بشر خاطئ، لكن الله سيعفو برحمته ورأفته وصلاحه عن آثام النبي ولن يذكر خطايا صباه التي ارتكبها بسبب الجهل.

Mary Naeem 15 - 03 - 2013 03:25 PM

رد: المزمور الخامس والعشرون: إليك أبتهل
 
القسم الثاني: إرشاد أول؛ نداء للثقة بالله (8- 11):
إرشاد أول هو بمثابة نداء إلى الثقة بالله، طلبَ المرنّم من الله أن يهديه طريقه، فوعده الرب بالاستجابة، بالرغم من كونه خاطئاً (أيوب 36: 8- 11)، شرط التقدم أمامه تائباً مقراً بخطاياه ملتمساً المغفرة، والتوجّه نحوه بكل قلبه واعداً بحفظ العهد وجميع متطلّباته بأمانة، مسّلماً ذاته بتواضع إلى رحمة الله.
8 - الرب صالح ومستقيم ويرشد الخاطئين في الطريق:
بعد أن استخدمها قرينة تجعل الله يبرره، يعود فيعلنها كعقيدة ومحور إيمان وقاعدة أساسية من قواعد التعامل مع سيده وإلهه وخالقه... إنه صالح وإلى الأبد رحمته ولسوف يستمر في تأمل هذه الحقيقة ويخلق منها مزموراً جديداً يردده مع شعبه ليؤكد في قلوبهم وأذهانهم هذا الإيمان القويم أن الرب لا يعرف الشر وأنه مستقيم يحب المستقيمين في طريقهم، وأنه بار يحب الأبرار ويدافع عنهم ويحفظهم من كل شر، وأنه قدوس يطلب من أبنائه أن يقتدوا به ويصيروا هم أيضاً قديسين. لذا يهديهم ويرشدهم ويقومهم ويقودهم إلى الطريق المستقيم.
9- يهدي الودعاء بأحكامه، ويعلم المساكين طرقه :
الهدى أو الهداية أو الاهتداء عملية روحية قلبية تتطلب معرفة وإقرار واعتراف بالخطأ وطلب للرحمة.. وهذه كلها تندرج تحت بند الوداعة، فهو حتى إن سقط يقوم معترفا ويطلب من الرب أن يمسك يده ويقده عائدا به إلى الطريق المستقيم، عائدا به إليه. وهكذا يكتسب البار بانكسار قلبه وتواضعه أمام الرب غفرانا كاملاً غير منقوص الأركان وهدي لشريعته. إنه إنسان يعرف قدر نفسه ويترفق بغيره كما يرحمه الله...
« الودعاء والمساكين:
إنهم شعب الله المفضل والمختار، أحبهم، نزل ليخلصهم، قادهم، دافع عنهم و في ظل جناحيه حفظهم، يظلل عليهم بيده اليمنى، ومن جميع الأهوال ينجيهم، هم أول من طوّب الرب يسوع في "طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض، طوبى للمساكين في الروح لان لهم ملكوت السموات... " (متى 5: 5) ما أجمل اختيارك يا رب حيث أنزلت الأقوياء عن الكراسي ورفعت المتواضعين، أشبعت الجياع خيراً وصرفت الأغنياء فارغين، حقاً ما أعظمك يا اله المساكين.
10 - سبل الرب رحمة لمن يحفظ عهده وفرائضه:
وحين يهدي الرب المساكين والودعاء والبسطاء إلي سبيل الحق وطريق النور، فليس ذلك عنوة أو قصرا أو اغتصابا، بل برأفة وحب وحنان، فيصير سبيل الرب رحمة وحق، لذلك لا تستغربن أن ترى الرب يسوع يقول عن نفسه "أنا الطريق والحق والحياة"(يوحنا 14: 6)، كما أنه هو الرب الرءوف الحنون الرحيم... جبار هو التبادل الديناميكي بين هداية الرب لأحبائه وإتباع هؤلاء لهديه، فهو يهديهم فيعيشون في نوره ورحمته، وهم يهتدون بحفظ عهده وفرائضه فيتنعمون بالسرور والفرح والسلام.
11 - من أجل اسمك يا رب أغفر ذنوبي الكثيرة:
جال النبي في قلبه، استرجع بعقله كل ذكريات حياته، قام بمراجعة كل حقائق إيمانه، اكتشف ذنوبه وخطاياه منذ الصبا حتى وقفته الحالية أمام الرب، فطلب رحمة وغفراناً لا عن استحقاق وجدارة، بل لأن أسم الله القدوس قد أطلق عليه فهو مسيح الرب، وعلى شعب إسرائيل فهم "شعب الله"، وبالتالي فإن كل ما يمسهم من خير أو شر يمس اسم الله. وعليه يجب على الرب أن يغفر خطايا نبيّه وأن يتجاوز عن عقاب المذنب المعترف من شعبه، حتى يزاد هذا اهتداء واستقامة وحتى يرتفع اسم الرب لأنه رحيم رءوف غفور حنون...

Mary Naeem 15 - 03 - 2013 03:25 PM

رد: المزمور الخامس والعشرون: إليك أبتهل
 
القسم الثالث: إرشاد ثان؛ بالاعتراف نصبح من جماعة الرب (12- 15):
إرشاد ثان يقدمه المرنّم، من يعترف بخطيئته ويتحرّر منها، يخرج عن طريق الشر ويسير في طريق الهدى مع إخوته في مسيرة نحو الله سعياً لتحقيق ملكوته في حياتهم على الأرض؛ بالتوبة صار المرنّم من جماعة خائفي الرب (مزامير 15: 4؛ 22: 24؛ 31: 20). وانفتح أمامه طريقُ السعادة والخير، فآمن ميراثه وميراث ذرّيته على الأرض، وسكن في كنف الرب قرب الهيكل ليعمق معرفته به ويتعلَّم شريعته وأحكامه، هكذا يخرج بنا النبي من مجرد الصلاة في توسل والشكوى لأمور شخصية، نحو تجاوب كياني مع نداء الله ليعلن بأن عينيه تلتفتان دوماً إلى الرب راجيةً عونه بحسب وعده.
12 - من خاف الرب أراه أي طريق يختار:
تحتاج عملية الهداية لا إلى توبة واعتراف فقط ، إنها تحتاج أيضاً إلى مخافة، فليس معنى الرحمة والرأفة الاستهتار والاستهانة "رأس الحكمة مخافة الرب"( سيراخ 1: 16)، رأس الحكمة مخافة الرب فطنة جيدة لكل عامليها تسبيحه قائم إلى الأبد (مزمور 111 : 10) وحين يرى الله هذه العناصر متوفرة "يهدي" مختاريه إلى طريق الحياة، تحتاج عملية الهداية كما رأينا إلى وعي وإقرار بإرادة كاملة من المهتدي بعدم الرجوع إلى الخطيئة؛ حينئذ يظهر له الرب ويريه الطريق... تاركاً له حرية الاختيار والسير فيه والتنعم بنعمه ومواهبه، ما أروعك يا الله... تحترمنا حتى في ضلالنا ...
13- فتنعم نفسه بالخيرات ونسله يرث الأرض:
ثمرة الاهتداء والاختيار الحر هما المزيد من التنعم بالخيرات الروحية والزمنية، ليس فقط على المدى المنظور خلال أيام الأرض، بل يمتد الخير إلى ما وراء الحياة الشخصية الجسدية، إلى النسل الذي سيرث الأرض كما وعد الرب إبراهيم، أن يصير شعباً وأن يكمل أبناءه طريق أبيهم "أبونا إبراهيم" ( يوحنا 8: 33) وهذا إشارة مبدئية لمعنى الحياة الأبدية الذي لم يكن قد تعمق عند الشعب بعد، فالبقاء لديهم كان يعني استمرار النسل... والثواب والعقاب كان في بركة هذا النسل أو النقمة عليه وإبادته كما رأينا في شرح ما سبق من مزامير ... "الرب يبيد نسل الأشرار" أما نسل الودعاء الأبرار فيرث الأرض ( مزمور 37 :26).
14- الرب يرشد أحباءه، ولهم يعلن عهده:
إذا استمسك المؤمن التائب بالطريق الذي هداه الله إليه، فلن يكتفي الله بالرضا عليه، بل سيزوده بكل ما يحتاج من توجيه وإرشاد ليحفظ نفسه في الطريق المستقيم (الشريعة) ومتى حفظ الإنسان شريعة الرب وسار حسب وصاياه يعلن الله لهؤلاء حقيقة جديدة "واقطع لهم عهدا أبديا إني لا ارجع عنهم لأحسن إليهم وأجعل مخافتي في قلوبهم فلا يحيدون عني" (ارميا 32: 40) والعهد هو نوع من الوعد القائم على قسم وبشهادة شهود... فحين أقسم الله بذاته لإبراهيم أقام معه عهداً وحين يقيم الله العلي عهداً فهو أمين لعهده وإن تخاذل البشر فمن صفات تلك الخليقة التغير والضعف والنسيان والإهمال والخيانة، أما صفات صاحب العهد فتختلف تماما فهو الأبدي الأزلي الحافظ العهد وطبعه الثبات والأمانة للمواثيق وعدم نسيان العهد لذا يقول الكتاب "وإن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل إثم" (1يوحنا 1 : 9) .
15- عيناي إلى الرب كل حين ، فهو يخرج من الشرك رجلاي:
"يا بني أعطني قلبك ولتتبع عيناك طرقي" (أمثال 23 : 26) لقد قدم النبي للرب قلباً منسحقاً نادماً عن خطاياه وجهالات صباه، وأصغى إلى وصايا الرب وأحكامه، فثبت ناظريه وحدق بعينيه في ناموسه "جعلت الرب أمامي في كل حين فهو عن يميني فلا أتزعزع" (مزمور 16 :8) ذلك لأنه أدرك أن في ذلك سعادته وخلاصه. حين يسير المؤمن في طريق الرب وعيناه على مَن يسير أمامه يهديه كما المرشد في الصحاري والجبال، يتفادى كل المخاطر ويبتعد عن الفخاخ، بل أنه حتى إن سقط يعرف أن هناك راع صالح ومرشد أمين وقائد قادر أن يخلصه ويخرج قدميه من كل شرك ينصبه العدو بل ينقذه ويحمله على منكبيه.

Mary Naeem 15 - 03 - 2013 03:26 PM

رد: المزمور الخامس والعشرون: إليك أبتهل
 
القسم الرابع: يتذكّر خطاياه مجدداً (16-19):
يعود التائب فيتذكّر من جديد خطيئته (كما في الآيات 4- 7). وبينما يتنامى داخله الإحساس بالضيق والعزلة أمام الأعداء يعود إلى التوسّل:
16 - تحنن يا رب والتفت إلىّ لأني ضعيف ومسكين:
لعل أول المشاكل التي يُعاني منها الإنسان هو شعوره بالعزلة والوحدة، حتى وإن أحاط به الناس من كل جانب، بل أحياناً وهو في أحضان أبويه. يشعر داود النبي أنه وحيد وبائس في ضيقته، فحتى أتباعه ومن بقي من أصدقاءه وخدامه وقادته المخلصين، لا يستطيعون إنقاذه. وفي ضيقه يشعر أن أبويه قد تركاه، وليس من يقوى أن يخلصه سوى ربه. إنه محتاج أن يلتفت الرب نفسه إليه، أن يدخل إلى قلبه ويملأ فراغ نفسه، فلا يعود يشعر بالعزلة والوحدة والعوز والفقر.
يدرك حنان الرب ورأفته، يلمس حبه ورعايته، يفهم أن لا نجاة ولا حياة له بدون معونته، فيثبّت قلبه على حبه وتتغلغل في نفسه مخافته، تتبع عيناه طرقه وتسير قدماه في دروبه وتتلمس يداه رأفته وحنانه، فيدرك ويؤمن أنه بدون هذا الراعي الأمين لا نجاة له ولا يستطيع أن يتقدم للأمام ولا خطوة واحدة، فيصرخ كطفل شعر بوجوده وحيداً في الظلام وأحس كم هو ضعيف ومسكين بدون رفقه والديه،فصرخ:"أخرجني من شدائدي، أنظر إلى بؤسي واغفر لي خطاياي". (مزمور 25: 18).
17- فرج الضيق عن قلبي ومن سوء الحال أخرجني:
يبدو أن المرنّم قد تذكر أخيراً سبب صلاته أو ما دفعه مبدئياً للوقوف بين يدي الرب، لقد كان يشعر بضيق شديد يجتاح نفسه وينغص حياته، ساءت حالته روحيا ونفسياً واجتماعياً واقتصادياً وقام الأعداء ليقضوا عليه ويلتهموه فلم يجد ملاذاً سوى في الرب، ولكن حين وقف بين يدي الله ليصلي طالباً المعونة، أنار الله قلبه وهداه إلى أنّ سبب ضيق قلبه وسوء حاله لا يتمثل في قوة بأس عدوه بل في سيطرة الخطيئة على حياته، حينئذ فحص النبي ضميره واعترف بخطيئته طالبا من الرب أن يعود راعياً ومرشداً وأباً حنونا لتنجلي الغيوم وتشرق شمس الفرح من جديد.
18 - أنظر إلى عنائي وتعبي، وأغفر خطاياي:
هذه هي الخطوة الأولى، أن يدرك كم هو شقي وبائس بدون وجود الله في حياته، فيصرخ كطفل: التفت إلىّ بنظرة أب رحيم لا كمخالف للشريعة، بل في نور رأفتك ورحمتك وحبك، بقلب أب يعرف كيف يغفر.
19 - ها إن أعدائي كثروا وبحماسة يبغضونني:
يعود إلى الأرض وينظر حوله فيجد العديد من الخصوم الذين أثارهم سواء بخطاياه أو حتى لمجرد وجوده وتمسكه بطريق الرب وشرائعه، ويستشعر رغبتهم القوية في القضاء عليه وشماتتهم العميقة في كل ما يقع عليه من بلايا وقد هجره الرب "كما فعل الفلسطينيون مع شمشون" ( قضاة ). المثير هنا أن كراهية العدو لا تفتر ولا تتراخى وأن الحرب عليه قائمة ورحاها تدور بكل حماسة البداية ولن تبرد حتى تقضي على وجوده نهائياً، وليس من منجٍ من هذا الهول سوى الله .

Mary Naeem 15 - 03 - 2013 03:27 PM

رد: المزمور الخامس والعشرون: إليك أبتهل
 
القسم الخامس: ختاماً يرجو الرب ألا يخيّب طلبه: (20-22):
20 - نجني يا رب وأحفظ حياتي، بك احتميت فلن أخزى:
أدرك وفهم ووعى مقدار ضعفه وهوانه وقدر العدو وقدراته...ليس له سوى الاستغاثة فصرخ "نجني يا رب"، نفس كلمة بطرس وهو يغرق، احفظ حياتي لأنه بدونك لا حياة ولن أستمر في الوجود للحظة، أنا أومن بك وأعوذ بك وألوذ إلى حضنك وأثقاَ أنك لن تخذلني أبداً بل ستمد يدك وتنتشلني وستخلصني لأجل أسمك. لقد استخدم النبي لفظ "اتكال" عند حديثه عن الله في بداية المزمور، لكن استمر نفس الاتجاه والروح عبر المزمور كله وبتأكيد انتظاره الرب [5،3، 8-10، 14، 21الخ]. والانتظار يعني قبول توقيت الرب.
21- تشفع لي نزاهتي واستقامتي وأنت يا رب رجائي:
كما في المقدّمة، يختم راجباً ألا يخيّب طلبه
نزاهتي :
ليس المقصود بها التنزه عن الخطأ أو الخطيئة بل النية والرغبة في التنزه عنهما، فالنزيه هو من لا يقصد الشر والإيذاء، وإن ارتكب شراً فليس عن قصد وسابق إصرار وترصد... لذا فالخطيئة مهما كانت عظيمة كخطيئة بطرس في إنكار سيده، يغفرها الرب حيث يعرف كم يحبه قلب بطرس وكم هو مستعد بالقلب أن يفتدي سيده، لكنه يقدّر ضعفه في الاعتماد على قوته الذاتية... لذا يعلنها النبي واضحة جلية " أنت يا رب رجائي، ليست قوتي ولا إرادتي ولا عقلي ولا فكري هذه جميعا مواهبك لي وكلها جيدة ولكن بدونك يا رب هي لا شيء، تظل إذن أنت وحدك رجائي .
22 - افتقد بني إسرائيل يا الله من جميع ضيقاتهم:
يُعطي المرنّم هذا المزمور ذا الطابع الفردي بعداً جماعياً ووطنياً،فهو في مرارته لم ينغلق على جراحه بل شعر بمرارة الشعب ككل فالشعب يمكن أن يعيش أيضاً ضيق الخطيئة أو الأسر والنفي والسبي، فيصرخ النبي وخطيئته وخطايا شعبه ماثلة أمامه: يعلن طلبته الأخيرة وتتلخص في كلمة "أفتدي" وتعني أنه يرى نفسه أسيراً يطلب فدية للخلاص ولا مخرج له سوى أن يقوم سيده بنفسه ليدفع عنه هذه الفدية ويفتك أسره، وإلا سيظل يرزح تحت نير العبودية يعاني الذل والأسر والهوان والضياع، وستظل نفسه ونفس جميع أبناء شعبه في شدة وضيق بلا رجاء ولا خلاص. ولا سبيل سوى بالفداء، لعله أدرك سر التجسد والفداء فالرب وحده هو القادر أن يفتدي شعبه ويخلصه. لا أيها النبي الملهم، لا يضطرب قلبك ، فالرب فاديك سيفتديك ويفتدي شعبك.

Mary Naeem 15 - 03 - 2013 03:27 PM

رد: المزمور الخامس والعشرون: إليك أبتهل
 
رابعاً: تطبيق المزمور:
· كيف عاش الرب يسوع:
- إليك يا رب أبتهل :ليس غريباً أن نرى الرب يسوع يخلو للصلاة مرات عديدة الليل كله، وليس غريباً على الابن أن يخاطب أباه ويبتهل إليه طالباً تدخله وعونه وتمجيده، فالله الآب هو مصدر القوة لابنه المتجسد الذي حتى وإن قال أنا والآب واحد فهو لا يحتسب اختلاساً أن يكون مساوياً لله لكنه يخلي ذاته في صورة العبد.
- عليك توكلت: كان اتكال يسوع على أبيه السماوي كاملاً ويطلب من أتباعه نفس الاتكال وحين شمت به أعدائه وهو معلق على الصليب كانوا ينظرون إليه ساخرين ويقولوا "توكل على الرب فلينجيه" (متى 27: 43) ولم يزده هذا إلا التصاقاً بأبيه وتسليماً له حتى النفس الأخير ليستودع روحه بين يدي الله .
- لا يخزى كل من يرجوك: حتى وإن ظن أعداءه أن الله قد خذله ونظره مجروحاً عرياناً إلا أن الرب نصره نصراً أبدياً ورفعه على جميع أعداءه.
- أنت الله مخلصي: هكذا صلى بإيمان وكان خلاص الله عظيماً فأقامه ناقضاً أوجاع الموت.
- أنت صالح: يعرف أبيه كمصدر كل صلاح وخير وحين ناداه الشاب الغني بهذا اللقب الفريد سأله إن كان يؤمن بصلاحه كمعلم فقط أم يعترف به شريكاً لله الآب في صلاحه.
- يرشد الخاطئين في الطريق: كما أن الله صالح أعطى شريعته وناموسه ليسترشد بهما البشر الخاطئين كذلك فالمسيح الراعي الصالح يرشد الخاطئين ويهديهم إلى طريق الرب كما فعل مع زكا، السامرية، العشّار ومتى... وهو يعلن أن فرح الله والسماء يكمن في الصلاح أي عودة الأشرار إلى طريق الحق.
- سبل الرب رحمة: كذلك الطريق الذي رسمه الرب يسوع هو طريق الرحمة والمحبة وهو يقول: "تعالوا إلى أيها المتعبين وثقيلي الأحمال وأنا أريحكم"(متى11: 28)، وهو إذ يجدُ في طلب الضال لا يعاقبه ولا يؤذيه بل يحمله على منكبيه.
- من أجل أسمك: قالها يسوع مراراً لا لأجلي بل لأجل اسمك، مجدني بالمجد الذي عندك،( يوحنا 12: 28) وكانت كرازته باسم الله "ما أكلمكم به ليس كلامي بل كلام أبي"( يوحنا 4 :10) قدس ومجد اسم أبيه وطلب أن نقدسه.
- تنعم نفسه بالخيرات: هكذا فإن الرب يسوع الذي أعطى كل شيء لله أبيه نال منه كل شيء كل مجد وكل خير وكل بركة... وأعطاه سلطاناً أن يدين الأحياء والأموات ( يوحنا 5 :27).
- نسله يرث الأرض: وقد ورث نسله الذي هو الكنيسة كل مجد فإن نسله فهو يبقى إلى منتهى الأجيال وقوات الجحيم لن تقوى عليها... وهي أم كل ورثة الملكوت.
- الرب يرشد أتقياءه: هكذا أرشد يسوع كنيسته إلى طريق الحق وأعطاها مهمة التعليم والتبشير .
- يعلن لهم وعده: وأعلن لهم عهداً أبدياً جديداً كرّسه بدمه وجسّده في سر الإفخارستيا "من سلطاناً ويشرب دمي يحيا للأبد وإن مات فسيحيى" (يوحنا 6: 54) هذا هو العهد الجديد
- أعدائي كثروا: تكاتفت كل القوى ضد يسوع
§ خدامه: الكهنة ورؤسائهم تأمروا عليه
§ الملوك: اتفقوا عليه ليهلكوه منذ كان صبياً
§ الرؤساء: حكموا عليه بالموت ...
§ شعبه: صرخ ضده أصلبه أصلبه
§ تلاميذه: هجروه وناموا وخانه واحد منهم
تحالفوا عليه جميعاً واهرقوا دمه الذكي وأتموا ذلك بكل حماس وكأنهم يقومون بعمل مقدس .
- نجني يا رب وأحفظ حياتي: صرخ إلى أبيه واستجاب له الرب ونجاه من شرك الموت وحفظ حياته وأعطاه أن يملك عن يمينه إلى الأبد.
- الرب يسوع معلم مُشبع: فيه كل الكفاية معلم قادر أن يغفر الخطايا ويستر بدمه الآثام. معلم قوي، يحصن النفس ضد الأعداء الروحيين غير المنظورين. ينزع عن النفس الشعور بالعزلة بحلوله داخلها، ويعالج شعورها بالفقر إذ افتقر ليغنيها بذاته فهو كنز الحكمة والمعرفة.

Mary Naeem 15 - 03 - 2013 03:27 PM

رد: المزمور الخامس والعشرون: إليك أبتهل
 
كيف نعيش نحن المسيحيين هذا المزمور:
يقول القديس أغسطينوس في هذا المزمور: "يتحدث المسيح هنا باسم كنيسته، لأن مضمون المزمور ينطبق بالحرى على الشعب المسيحي الذي رجع فعلاً، إلى الله".
- "أذكر يا رب رأفتك" "لأنك أنت هو الله مخلصي، وإياك انتظرت النهار كله": منذ أن طردتني من الفردوس (تكوين 3: 23)، سافرت إلى كورة بعيدة (لوقا 15: 13)، ولم استطع العودة إليك ما لم تتقابل أنت مع الشارد.
- أذكر يا رب أعمالك: خلال رحلة حياتي في الأرض تعتمد عودتي إليك على مراحمك؛ التي تفيض إنعاماً، لأن الناس يتهمونك بأنك نسيتنا!... فوق هذا كله لا تنسي أن مراحمك هي منذ الأزل. حقاً إنها لا تنفصل عنك. منذ خضع الخاطئ الساقط للباطل لم تتركه بدون رجاء (رو 8: 20). لقد أغدقت على خليقتك بالكثير من تعزياتك العظيمة.
(القديس أغسطينوس)
- الصلاة هي رفع النفس إلى الرب: هكذا يُعرّفنا داود، فقد اعتاد مع رفع يديه وعينيه،أن يرفع نفسه وقلبه إلى الله. تشترك النفس مع الجسد، والقلب مع الفكر...يتقدم الإنسان بكليته كحمامة تطير لتستقر في حضن الله. أما من يرفع يديه وعينيه دون قلبه فيسمع توبيخ الرب له مع شعب إسرائيل: "هوذا الشعب قد أقترب إليّ بفمه، وأكرمني بشفتيه، وأما قلبه فقد أبعده عني" (اشعياء 29: 13).
- الصلاة هي رحلة صعود: كما على سلم يعقوب، حيث نترك كل الهموم والمتاعب لتحلق النفس على قمة السلم وتتمتع بالحضن الإلهي.
- الصلاة ليست واجباً: نلتزم به ولا رسميات، لكنها تحرير القلب من التراب، ليرتفع من مجد إلى مجد، يبقى الإنسان بجسده على الأرض أما قلبه فينطلق بجناحي الروح كحمامة تطير في السماء.
- بالصلاة: يختبر المؤمن في كل يوم أنه غريب على الأرض، يعيش تحت الآلام، محاط بالأعداء، لكنه متهلل بالروح، سعيد بعربون السماء، ينعم بخبرات جديدة في شركته مع الله.
- بالصلاة نفهم مشيئة الله ونتقبلها: يتباهى الخطاة بطرقهم أما المتواضعون فيقولون مع السيد المسيح: "ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت" (متى 26: 39). من الحكمة أن نلتجئ إلى الله ليكشف لنا إرادته، ونحسبها رحمة أنه يهبنا أن نتفهم مشيئته وندركها، يعلنها في الكتاب المقدس ومن خلال عنايته الإلهية في أحداث الحياة.
- كل شيء مجانيّ من قبله: إقرار التائب بخطيئته، والتماس المغفرة، وتسلّم الذات لرحمة الله لا يعني أنه يلزم على الله أن يغفر لأن الخاطئ فعل، فعطايا تسبق طلباتنا، ومغفرته تسبق ندامتنا. وإن فعل فمن أجل مجد اسمه، وإلا كيف نستطيع أن نسمّيه الرحيم إن لم يفعلن. يأتي غفران الله للنفس كالماء على الأرض العطشى، يحرّر الإنسان من شرّه.
- الصلاة تحول الضيق إلى خبرة شركة مع الله: كان داود في مرارة بسبب اضطهاد الأعداء له لكنه كان في مجد، لأنه يتكئ على صدر الله مخلصه،. أما الأعداء فكانوا يخططون لقتل داود بلا سبب، أي يصنعون الإثم باطلاً، ومع ما لهم من إمكانيات وسلطان بشري كانوا في خزي.
- الرب مخلصي ومعلمي: يهبني المعرفة "اظهر لي يا رب طرقك..." [4-5]. يُصلي المرنّم إلى الله في جدية لكي يظهر له الطريق ويعلمه ويدربه بروح الحب الأبوي كمخلص، أما من جانبه فهو ينتظر كل النهار ليتعرف على سبل الله ويسلك فيها بروح الطاعة، يدعوه المرنّم معلمه أو مدربه الرحيم الأبدي الذي يدخل به إلى سبله المقدسة.
- الصلاة تجعل الثقة في الربّ كاملة: ينادي المؤمنَ صوتٌ من أعماقه، متى طلب من الرب أن يعلمه طريق وصاياه مؤكدا له أن الرب سيفعل بقدر ما يتجاوب المؤمن بتواضع مع نور الرب، بقدر ما يستعدّ أن يضع موضع التطبيق متطلّبات العهد، وذلك بأمانة وثبات واستمراريّة، فلا تكون عودته كالندى الذي يزول ما إن تطلع الشمس.
- الصلاة تفتح طريق الله نحو السعادة: بعد أن فرغ من صلاته، ما عاد التائب يهتمّ للأعداء مهما كثروا، ما عاد يهتمّ لبغضهم وهو الذي وعده الرب بأن سمّ الحيّات لا يؤذيه، ما عاد يخشى سطوتهم فلن تؤذيه الشمس في النهار ولا القمر في الليل، تسقط بجانبه الألوف بل عشرات الألوف، أما هو فيسير بأمان مثل الشعب وراء موسى وسط البحر واللجج. سيدخل إلى "الهيكل"، مركز حضور الله، ويعيش حياة حميمة معه، ستسير حياته كلها معلّقة بالرب، يسأله في كل لحظة: ماذا تريدني أن أعمل يا رب؟
- بالصلاة تزداد ثقتنا في الله كلما كثرت متاعبنا: إذ يجب أن تدفعنا المخاطر بعيداً عن ذواتنا، فنسعى طالبين عون الله، يشهد ضمير داود له بأنه لا يتكل على ذاته ولا على أي مخلوق بل على إلهه، فلا يتزعزع ولا يخزى بهذا الاتكال.
- بالصلاة نسلم كل طرقنا لله: حيث نتوسل إليه ليعلمنا طريقه، ويأخذ بيدنا ويقودنا بنفسه، نتوسل إليه أن يعمل كل شيء من أجلنا، فنعيش نحن لأجله، ما أضعفنا بدونه لا نستطيع أن نعرف الطريق ولا أن نجدها أو نسلك فيها.
- الصلاة صرخة قلب الإنسان نحو قلب الله: المزمور كله مزيج من صرخات القلب الخارجة من أعماق المرنّم والوعود الإلهية، فإنني لا أستطيع أن اصرخ إلى إلهي ما لم اكتشف كتابه ككنز يضم وعود الله الصادقة والأمينة، وكما أصرخ قلبياً أتمتع باستنارة فاكتشف بالأكثر الوعود الإلهية كوعود شخصية تخص حياتي، إنها سلسلة من صرخات القلب والتعرف على وعود الله مع كنيسته التي نحن أعضاء حيّة فيها. في هذا المزمور يتحدث المرنّم عن المعلم العجيب الذي يقدم له رأفته ورحمته ليست كأمور خارجية إنما هي من صميم سماته الإلهية.
- الله هو المعلم الأب: طبيعته حب، لا يحتاج إلى من يذكره بمراحمه، لكن داود النبي يقول: "أذكر يا رب رأفتك"... إنه يُسر بأن يطالبه الابن بحقه في المراحم والرأفات، بكونه منبع الحب الأزلي. إذ نصرخ: "اذكر يا رب" إنما ينير هو أعماقنا لنذكر نحن رأفته ورحمته، يعلنها لنا، فنطلبها بروح البنوة الواثقة والمترجية دون يأس.
- الله هو ينبوع الحب الأزلي: مصدر الرأفة والرحمة، يقدم لنا عهداً بدأ مع آدم، ووضع عند تجديد العالم بعد الطوفان مع نوح، وتأكيد مع إبراهيم أب الآباء... وأخيراً تحقق في أكمل صورة على الصليب، حيث كتب الرب ميثاقه في جسده بالدم الثمين، عهد الرحمة والحق... على الصليب تعانق الحب الإلهي مع العدل، وانكشفت رحمة الله التي لا تنفصل قط عن عدالته. لذا يقول المرنّم: "جميع طرق الرب رحمة وحق للذين يبتغون عهده وشهادته"( مزمور 25 :10).
- الصلاة، نافعة لمن يمارسها: كان المخلص نفسه حريصاً أن يعلمنا ذلك بتقديم نفسه مثالاً حياً أمامنا، حتى نجاهد مقتدين به، لأنه كما هو مكتوب أنه قال مثلاً كي يصلي الناس على الدوام ولا يملوا. (القديس كيرلس الإسكندرى)
- الصلاة لأجل الآخرين: كان داود النبي جاداً جداً في طلبه أن يخلصه الرب من ضيقاته، لكنه وسط آلامه لم ينس آلام الجماعة ككل، فقد صلى لكي ينقذ شعبه،شعب إسرائيل ، الذي ليس هو بدولة إسرائيل بل كنيسة العهد الجديد. خلص شعبك، لا من ضيقات الخارج بل من تلك التي في الداخل، لأنك أنت يا الله قد أعددت شعبك لينعموا برؤيتك.(القديس أغسطينوس)
- يعلم الودعاء طرقه: كل خدام الله الحقيقيين هم مساكين بالروح، متضعون، ودعاء، منسحقوا الفكر والقلب بسبب خطاياهم السابقة وجهالاتهم، أيضاً بسبب ضعفاتهم الحاضرة، طالبين من الله عمل نعمته الإلهية التي تحفظهم مستقبلاً من الخطية. بهذا الروح الوديع يتمتع الودعاء بعمل الله وعطاياه. تُستعلن الأسرار للودعاء والمتضعين. هذا يعني أن الودعاء يتأهلون لنوال روح الاعلان في نفوسهم يفسر لهم الأسرار. لهذا يقول القديسون بإن الوداعة تكمل النفس بالاستعلانات الإلهية.
(مار اسحق السرياني )
- طرق الرب رحمة وحق لمؤمنيه الحقيقيين الذين يطلبون عهده ليحفظوه، ويكونوا أمناء في ارتباطهم به، ليصيروا بالحق ملكاً له. هؤء يبتغون الحياة المقدسة والطاعة للوصية الإلهية، مجاهدين وساعين لإدراك ذلك بقوة القدوس. أما إذا أخطأوا عن ضعف فهذا لا يحرمهم من تمتعهم بمواعيد العهد.

Mary Naeem 15 - 03 - 2013 03:28 PM

رد: المزمور الخامس والعشرون: إليك أبتهل
 
خامساً : خاتمة المزمور
مع أن هذه القصيدة تُصنف كقصيدة شكوى وتوسل، لكن الفكرة الأساسية فيها هي "طرق الرب"، التي يتضرع المرنّم طالباً للتعرف عليها والسلوك فيها.لذا فلهذا المزمور طابع خاص، إذ يتحدث عن السيد المسيح بكونه المعلم، وقد ركز على سمة المعلم كما كشف لنا عن دور التعليم في حياة المؤمنين؛ فالمعلم - في عينيّ داود المتالم - لا يقدم معلومات عقلانية أو معرفة ذهنية مجردة، إنما هو أولاً وقبل كل شيء مخلص وأب وراعي وصديق وطبيب. وعمل المعلم القدوس هو أن يهب الحياة الكاملة، فيقدم المعلم الإلهي: طريقاً ملوكياً ووصية مقدسة ترضي، واستقراراً في الله الخير الاعظم. وميراثاً مقدساً ثم كشفاً عن الأسرار الإلهية.
يكشف الرب الحق لخائفيه ويقدسهم، هكذا تتحول المعرفة الإلهية إلى تدريب حيّ في حياتنا وإلى حياة معاشة، ولا تكون مجالاً للحوار والمناقشة الفلسفية البحتة. يدربنا الرب نفسه في الحق، فنجد تعاليمه عملية. وكأن طريقه أو سبيله هو أسلوب الحياة التي ترضيه. نحن ننال هذه الحياة بدخولنا مع الله في عهد نعمته، متقبلين إرشاده الإلهي ومتمتعين بنعمته.
ما أسهل أن يدرب الإنسان الطيور لتتكلم والحيوانات المفترسة لتصير أليفه، أما نفسه فلا يقدر أحد أن يدربها إلا الله وحده، مدرب النفوس البشرية، ومقدس الأجساد، وضابط الفكر بروحه القدوس.كل الحكمة والفهم هما منه، ومعرفة كل الخير تأتينا من فوق من العرش العلوي الفائق، كما من ينبوع. وما من إنسان يقدر أن يفعل شيئاً يستحق المديح ما لم ينل قوة منه؛ وهو يعلمنا ذلك بنفسه، قائلاً: "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" إن كان من جانب المعلم الإلهي العطاء بفيض، يهب الاستنارة والفهم مع الإرشاد والتدريب للتمتع بمعرفة وممارسٍة حقه كحياة معاشة، فعلينا من جانبنا أن نلتزم بروح الوداعة والاتضاع، فتتهيأ نفوسنا لقبول عطاياه الروحية، إذ يقول المرنّم
نحسّ في هذا المزمور الألم الناتج عن الخطيئة، ونفهم أن الغفران المنتظَر هو علامة الخلاص، لأن الله غفور رحيم. وهذا ما سيتعلّمه المؤمن بصلاته هذا المزمور فيعرف أن محبّة الله واسمه هما أساس المغفرة، وأن كل ما يُطلب منه هو ثقة عمياء بالله وبرحمته.
كما يعبّر هذا المزمور عن الروح التي دفعت يسوع إلى أن يتأنس، فيربط مصيره بمصير الخطأة (متى 9: 11) ويقودهم إلى النقاوة التي يتوق اليها صاحب المزامير (ا تيموثاوس 1: 15). مات يسوع من أجل الخطأة (رومية 5: 8) وما استحى أن يدعوهم إخوته (عبرانيين 2: 11)، بل أرادهم أن يسيروا في حياة جديدة (رومية 6: 4) غير خائفين من مغبة الجهاد ضد القوات المعادية (أفسس 6: 10- 12) لأن نعمة الرب وقدرته هما سلاحهم، ولأن رجاءهم أبداً لن يخيب. هكذا تظهر رحمة الله التي يحتفظ بها للخطأة.
تهدف مثل هذه المزامير إلى أن تمدح كلمة الله، التوراة، وتميل بعض المرّات إلى مديح الحرف. لا شكّ في أن هناك خوفاً من أن نطوِّب الحرف متناسين كلام بولس الرسول: "الحرف يقتل أمّا الروح فيحيي" (2 كور 3: 6). ولكن يبقى علينا أن نفسّر هذا المزمور على أنه مديح لله الذي كلّم البشر وأوحى لهم كيف يدوّنون هذه الكلمة وينقلونها فيسمعهم الآخرون ويفهمون ما يقولونه لهم. ثم نصلّي هذا المزمور فنمدح كلمة الله اليوم كما بالأمس ونقول: يعلّم الخاطئين طريقه ويُشركهم في عهده.
يا ليت الرب لا يبدّل موقفه! ولكن لا نخف فهو لن يبدّله لأنه الاله الأمين، الذي يحافظ على وفائه ألفَ جيل. يا ليت الرب يحفظ لنا رحمته! ولكنه الرحوم الحنون، ولكنه كأم لا تنسى أبناء رحمها، كأب لا ينسى أولاده. ولهذا يطلب المؤمن من الرب أن يذكر عبده، أن يتذكّره ولا ينساه.

Mary Naeem 15 - 03 - 2013 03:30 PM

رد: المزمور الخامس والعشرون: إليك أبتهل
 
صلاة
عرفني يا إلهي طريقك
نشكرك يا أبانا،من أجل الحياة، والمعرفة بيسوع ابنك، لك المجد إلى الأبد هب لأجسادنا نمواً في النقاوة، ولنفوسنا نمواً في الفهم والمعرفة... (الديداكية).
أيها المعلم عرفني طريقك
علمني إياه لأثبت فيك ثبت نظراتي فيك، ولتتطلع أنت إليّ! دربني على حقك فأتمتع بملكوتك! احملني إليك أيها الخيّر الأعظم، ارفعني إلى صليبك فأتذوق عهدك الأبدي!
خلصني من خطيتي،
وانزع عداوة الأعداء، وهب لنفسي استقراراً! ارفعني عن التراب، ولا تترك في الفخاخ رجليّ، خلصني من عزلتي وانزع بؤسي، فأنت شبعي وكنزي، أنت خلَّصتَ وستُخلّص حتى تدخل بنا إلى شركة أمجادك.
اقبل يا رب شكرنا وتهليلنا
لأنك أتيت وخلصتنا؛ تسمع نبضات قلبنا وتستجيب لكلمات شفاهنا؛ تهبنا حياتك سرّ القيامة التي لا يُحطمها الموت؛ تُفيض علينا بينبوع بركات لا يجف؛ وأخيراً تُعلن ذاتك فنعرفك ونراك وجهاً لوجه!
هب لنا كمالاً واستقامة مع شعبك! اعطِ خلاصاً لكل كنيستك، وراحة لشعبك! حَطّم يا رب ثمر العدو في قلوبنا،ولتُقِمْ ملكوتك داخلنا؛ لتتمجَّد فينا إلى الأبد! آمين


الساعة الآن 02:38 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025