![]() |
+++ موسوعة كاملة عن أباء الكنيسة وشهدائها وقديسها بحرف " ج " +++
+++ موسوعة كاملة عن أباء الكنيسة وشهدائها وقديسها بحرف " ج " +++ ††††††††††††† +++ بسم الثالوث القدوس +++ ++ الممجد الى نهاية الدهر ++ + أمين + فى هذا الموضوع موسوعة كاملة نادرة جدا للغاية عن كل او معظم شهداء الكنيسة الابرار وقديسيها وابائها الاطهار .. مرتبة ابجديا حصلت عليها عبر سنوات بصعوبة وكنت ازيد منها كل فترة ومحفوظة لدى على ملفات ورد سوف انقل منها كل يوم بقدر الممكن مشاركات هنا لكم .. انهم بشر احبوا الرب من كل قلوبهم .. عاشوا له .. سفكت دمائهم على اسمة .. كرسوا كل حياتهم لخدمة الرب .. الرب لم يبخل عنهم بشئ .. كان معهم .. منح اسمائهم الخلود .. تصنع المعجزات على اسمائهم وشفاعتهم .. تسمى الاطفال على اسمائهم .. نالوا اكليل الزيتون فى الابدية بجوار الرب .. انهم بشر .. كان منهم من هو وثنى ومن هو خاطئ .. لكن العبرة ليست بالبداية بل بالنهاية .. وكانت نهايتهم ربح الابدية .. بركتهم وشفاعتهم تكون معنا ومع كل المسيحيين .. أمين .. القديس جاتيان الأسقف يروي القديس غريغوريوس أسقف تور Tours أن القديس جاتيان هو أحد الأساقفة الستة الذين أتوا إلى بلاد الغال من روما لتبشيرها، وذلك حوالي منتصف القرن الثالث. وكانت كرازته أساسًا في تور Tours، ولذلك يُعتبر مؤسس هذه الكنيسة وأول أسقف عليها. وبعد أن خدم بأمانة مدة حوالي خمسين سنة تنيح بسلام نحو سنة 301م. |
الشهيدان جالاتيون (غلاتيون) وإبيستيمي تمثل قصة هذين القديسين صورة حيّة للحب الزيجي والإخلاص، فقد عاشا تحت ظل الحب الإلهي. كانا يسندان بعضهما البعض في نموهما الروحي. كان غلاتيون وإبيستيمي زوجين من مدينة حمص بسوريا، وعاشا بتولان بعد زواجهما، ثم قُبض عليهما، وعذبا من أجل الإيمان بالمسيح. ولما أراد الجنود الذين قبضوا عليهما إهانة إبيستيمي مزقوا ثيابها. أراد الجند أن يجرحوا حياء السيدة الطاهرة، لكن القدوس لا يترك عصا الخطاة تستقر على رأس الصديقين. في الحال أُصيب الجنود الـ 53 الموجودين بالعمى. ثم نالا إكليل الاستشهاد بعد أن عُذِّبا بالضرب وبتقطيع لسانيهما وأيديهما وأرجلهما. وقد وردت سيرتهما في هذه السلسلة تحت "إبيستيمي وغلاكتيون". |
الشهيد جاليكانوس كان جاليكانوس نائبًا للإمبراطور قسطنطين وقائدًا في جيشه. عُرف بشجاعته وبسالته، وقام بحملتين عسكريتين ناجحتين: الأولى ضد الفرس، والثانية ضد السكيثيين، وفى الحملة الثانية اعتنق المسيحية على يد الأخوين القديسين يوحنا وبولس. إذ تمتع بالإيمان الحيّ اتسع قلبه بالحب للَّه والناس، وانحنت نفسه بروح الاتضاع لتخدم كل ضعيفٍ وفقيرٍ وغريبٍ. بعد عودته إلى روما، اعتزل في أوستيا Ostia وهناك بنى كنيسة، وإذ شعر بالحرية الداخلية لم يحتمل أن يرى إنسانًا عبدًا، لذا أعتق عبيده، ووسع منزله ليستضيف فيه الحجاج، وكان يلازمه في كل ذلك صديق له اسمه هيلارينوسHilarinus . وذاعت شهرته في الشرق والغرب، فكان يأتي البعض من كل مكان لمشاهدة النائب السابق وصديق الإمبراطور الذي يغسل أرجل الحجاج ويُعد لهم المائدة، يخدم المرضى، ويقدم ذاته مثلاً حيًا لقيم المسيحية السامية. أراد الله أن يُتوج حياته بإكليل الاستشهاد ، إذ بمجيء يوليانوس الجاحد خيَّره ما بين التبخير للأوثان أو النفي. فاختار النفي إلى مصر حيث عاش في وسط مجموعة من المتوحدين. لكن تبعه الاضطهاد إلى الصحراء حيث قُطعت رأسه حوالي سنة 352م، بينما عُذب صديقه هيلارينوس حتى الموت. |
القديس جانواريوس الأسقف رعايته لشعبه المُضطهد كان هذا القديس من مدينة نابولي Naples، سيم أسقفًا. كان يفتقد المسيحيين في بيوتهم، إذ كانوا يعانون من الاضطهاد، كما خرج إلى البراري والمناطق البعيدة يفتقد الهاربين من شدة الاضطهاد، فكان يُعزيهم ويقويهم ويثبتهم على الإيمان. فتح قلبه بالحب للوثنيين، فأحبه كثيرون منهم، وقبلوا الإيمان واعتمدوا. إذ كان الأسقف يطوف المدن لافتقاد المضطهدين، دخل مدينة ميسانا، ووجد هناك شماسًا قديسًا يُدعى سوسيوس. عند قراءته في الكتاب المقدس لاحظ الأسقف لهيبًا من نار حول رأسه فأدرك أنه سيموت شهيدًا. وبالفعل بعد أيام قليلة استدعاه دراكنسيوس حاكم الإقليم ودخل معه في حوار، محاولاً أن يستميله إلى الوثنية. إذ فشل في الحوار قدم له وعودًا سخية وإذ فشل في استمالته أمر بضربه بالسياط بطريقة وحشية، وصاروا يجرونه من أطرافه لكي تنكسر عظامه… وكان الشماس القديس متهللاً. أرسله الحاكم إلى السجن في بوزول Pozzouli، كما سُجن معه ثلاثة مؤمنين هم الشماس بروكولوس وأوتيكوس وأوكوسيوس الذين ضُربوا أيضًا بالسياط ثم أُلقوا في السجن. إذ سمع بذلك الأب الأسقف جانواريوس افتقدهم في السجن مرارًا لتشجيعهم وتثبيتهم على الإيمان. في ذلك الوقت عُزل الحاكم دراكنسيوس وحلّ محلّه تيموثاوس الذي ما أن وصل إلى المدينة حتى اشتكى الوثنيون من الأسقف أنه يمنع المسيحيين عن عبادة الآلهة، وأنه ذهب إلى مدينة بوزول يفتقد من سجنهم الوالي السابق دراكنسيوس. اضطهاده استدعاه الوالي وطلب منه العبادة للأوثان وجحد السيد المسيح، وإذ رفض طرحه في أتون نار، لكن اللَّه حفظه، محولاً النار إلى ندى كما فعل مع الثلاثة فتية القديسين. نسب الوالي ذلك إلى السحر، وأمر بتكسير عظامه. ثم إيداعه في السجن. أرسل شعبه الشماس فستوس والقارئ ديديريوس إلى المدينة التي سُجن فيها الأسقف. سمع الوالي فقبض عليهما وقدمهما للمحاكمة. أمر أن يُربط المسجونون السبعة بالسلاسل ويسيروا مع الأسقف أمام عربته إلى مدينة بوزول، وهناك أمر بطرحهم للوحوش الجائعة. شجعهم الأسقف، وسار الكل في شوارع المدينة وهم متهللون، ثم دخلوا ميدان الوحوش. خرجت الأسود والنمور تزأر بشدة بسبب جوعها، لكنها إذ رأت القديسين وقفت عند أقدامهم كحيوانات مستأنسة كما فعلت مع كثيرين. فصرخ كثير من المشاهدين يمجدون إله القديسين. استشهاده أُحضر القديسون أما الحاكم تيموثاوس فأصيب بالعمى، وصلى الأب الأسقف وشفاه. آمن خمسة آلاف وثني، وإذ خشي الوالي على مركزه أمر بسرعة قطع رؤوسهم، وكان ذلك في 19 سبتمبر 305م. نُقلت أجسادهم إلى مدينة نابولي. من المعجزات التي رُويت عن هذا الأسقف الشهيد تحول دمه المتجلط والموضوع في قارورة إلى حالة السيولة بالصلاة عليه، وكانت هذه المعجزة تتكرر أكثر من مرة في السنة. |
الشهيد جانواريوس أحد أبناء الوالي مارسيللوس Marcellus الاثني عشر، والذي استشهد معه في أسبانيا تحت حكم الوالي أجريكولاس Agricolaus سنة 298م. |
الشهداء جانواريوس و فستوس ومارتيال يُدعى هؤلاء الشهداء الثلاثة "التيجان الثلاثة لكوردوفا Cordova"، وهي المدينة التي شهدت اعترافهم بالسيد المسيح بشجاعةٍ. بدأوا بتعذيب فستوس، تلاه جانواريوس وأخيرًا مارتيال الذي كان أصغرهم سنا. وكانت آلة التعذيب المستخدمة تسمى "الحصان الصغير". أشار القاضي على المُعَذِبين أن يزيدوا من آلام القديسين حتى يبخروا للأوثان. ولكن فستوس صرخ فيهم قائلا: "ليس إلا إله واحد هو الذي خلقنا جميعًا"، فأمر القاضي بقطع أنفه وأذنيه ورموش عينيه والشفة السفلى، وعند بتر كل عضو كان القديس يقدم الشكر للَّه. جاء الدور على جانواريوس الذي عُذب بنفس الطريقة، وأخيرًا مارتيال الذي ظل يصلي من اجل ثباتهم في الإيمان. وحين طلب إليه القاضي الخضوع لأوامر الإمبراطور أجابه بكل ثبات: "يسوع المسيح هو راحتي، ليس إلا إله واحد الآب والابن والروح القدس الذي تجب له العبادة والتمجيد". أخيرًا أمر القاضي بحرقهم أحياء، فأكملوا بذلك شهادتهم بكل فرح، في مدينة كوردوفا بأسبانيا، حوالي سنة 304 م |
الشهيد جاودنتيوس الأسقف هو تاسع أسقف لأرِّيتيوم Arretium (Arezzo)، وجلس على كرسي الأسقفية خلفًا ليوسابيوس Eusebius سنة 381م. وقد نال إكليل الشهادة في السنة التالية على يد الوالي مارسيلليانوس Marcellianus الذي كان أحد أشد المُضطَهِدين للمسيحية. رأي آخر يقول أن استشهاده حدث في عهد الإمبراطور المسيحي فالنتينيان Valentinian الذي كان في بداية حُكمِه يُعيِّن ولاة من الوثنيين. |
جاودنتيوس الأسقف تتلمذ هذا القديس على يديْ القديس فيلاستريوس Philastrius أسقف برسكيا Brescia ، وذاع صيته حتى اضطر أن يسافر إلى أورشليم لزيارة الأماكن المقدسة قاصدًا أن يَنساه الشعب مع طول غيابه عن وطنه. لكن هذا الاعتقاد كان خاطئًا، إذ تقابل في قيصرية بكبادوكيا مع اخوة القديس باسيليوس وأقربائه الذين زوّدوه ببركة أجساد الأربعين شهيدًا. وفي أثناء غيابه تنيح القديس فيلاستريوس، وكان اتفاق كل الشعب والاكليروس في برسكيا على رسامة جاودنتيوس مكانه، وقد صمموا على عدم قبول أي أسقف غيره. ومن ناحيته فقد وافق على مضض على هذه السيامة بعد تهديده بحرمانه من التناول إذا رفض. وكانت سيامته سنة 387م بيد القديس أمبروسيوس. سرعان ما بدأ أهل برسكيا يعرفون قيمة هذا الأسقف القديس. ففي أحد المرات كان هناك رجل شريف اعتزل في المدينة بعد أن غضبت عليه الإمبراطورة يوستينا، ذلك لأنه رفض تنفيذ أحد الأوامر لصالح الأريوسيين. وفي الاحتفال بعيد القيامة كان هذا الرجل مريضا فطلب إلى القديس جاودنتيوس أن يدون له العظة لفائدته وبذلك ظلت عشرة من عظاته الـ 21 محفوظة. وفي مرة أخرى أراد توضيح أسرار الكنيسة للمتعمدين حديثا وبالذات سرّ الافخارستيا، فشبهه قائلا: "الله خالق الطبيعة والذي يخرج الخبز من الأرض، هو أيضا الذي يحول الخبز إلى جسده، لأنه وعد بذلك، وهو قادر على ذلك. والذي عمل الخمر من الماء يحول الخمر إلى دمه". وقد بنى القديس جاودنتيوس كنيسة في المدينة أسماها "مجمع القديسين"، ودعي عند تكريسها كثير من الأساقفة. وفي عظته بهذه المناسبة قال انه أودع في الكنيسة جزء من أجساد الرسل والقديسين، وإن الجزء من رفات القديس يتساوى مع كل الجسد من حيث بركته وفاعليته. وفي سنة 405 أرسله البابا إينوسنت الأول Innocent I هو والإمبراطور هونوريوس Honorius مع أسقفين آخرين إلى الشرق للدفاع عن القديس يوحنا الذهبي الفم أمام الإمبراطور أركاديوس، وقد أرسل له يوحنا الذهبي الفم رسالة شكر على ذلك فيما بعد. ولكن قُبض على الأساقفة وحُبسوا في ترواس Thrace وتعرضوا لضغوط حتى ينحازوا للأسقف الذي كان يعارض الذهبي الفم. ويقال أن القديس بولس الرسول ظهر لأحد الشمامسة المرافقين لهم وشجعهم على الثبات، وأخيرًا رجعوا سالمين إلى روما. أخيرًا تنيح هذا القديس بسلام حوالي سنة 410م، وقد امتدحه روفينوس Rufinus كثيرا بعد نياحته. |
القديس جاورجي القديس جاورجي رفيق القديس ابرآم ولد هذا القديس من والدين مسيحيين قديسين وكان يرعى غنم أبيه. ومال قلبه إلى الرهبنة فترك رعاية الغنم وكان عمره وقتئذ أربع عشر سنة. وقصد برية القديس مقاريوس وحدث وهو سائر في الطريق أن تراءى له الشيطان في زي شيخ وقال له: إن أباك ظن أن وحشا ضاريا قد افترسك فشق ثيابه حزنا عليك والواجب أن تعود إليه لتطيب قلبه أولا ثم تعود إلى البرية. فدهش القديس لذلك وفكر في نفسه وقال: إن الكتاب المقدس يقول "من أحب أبًا أو أُمًا أكثر مني فلا يستحقني". فلما قال هذا صار الشيطان مثل الدخان وتوارى من أمامه. وللوقت ظهر له ملاك الرب في زي راهب وأرشده إلى دير الأنبا أوريون. فأقام فيه تحت إرشاد أحد الرهبان القديسين مدة عشر سنوات لم يذق طعاما مطبوخا ولا فاكهة. ثم رأى أن ينفرد في البرية الداخلية فذهب إلى دير القديسين مكسيموس ودوماديوس باسقيط مقاريوس. واتفق أن حضر في نفس الوقت إلى هذا الدير القديس ابرآم. فذهبا معا إلى دير القديس مقاريوس واجتمعا بالقديس يوأنس قمص شيهيت فأسكنهما في قلاية قريبة منه تُعرف بقلاية بجيج وفيها تنيح الأنبا ابرآم ثم تنيح بعده الأنبا جاورجي وكانت جملة حياته اثنين وسبعين سنة. وقد وردت سيرته وسيرة القديس ابرآم في هذه السلسلة تحت "ابرآم وجاورجي". السنكسار، 18 بشنس. |
الشهيد جاورجيوس السكندري نشأته كان والداه وثنيين غنيين. سافر والده التاجر بالإسكندرية إلى اللد بفلسطين، وحضر عيد تكريس كنيسة الشهيد مارجرجس (جاورجيوس الكبادوكي). تأثر بالاحتفال المهيب لهذا الشهيد والألحان الكنسية، وإذ سمع عن سيرة الشهيد أحب الحياة المسيحية. نال سرّ العماد، وتهللت نفسه جدًا. صلى إلى الله متشفعًا بقديسه العظيم أن يرزقه ولدًا، وإذ عاد إلى الإسكندرية أخبر زوجته بما تمتع به، فآمنت هي أيضًا واعتمدت. قبل الرب طلبتهما، ورزقه طفلاً أسمياه جاورجيوس. نشأ الطفل في جوّ تقوي حيّ حتى بلغ الخامسة والعشرين من عمره حين تنيح والداه، وكان جاورجيوس إنسانًا تقيًا محبًا للكنيسة، مترفقًا بالمساكين والفقراء. مع ابنة خاله أرمانيوس إذ تنيح والداه احتضنه خاله أرمانيوس والي الإسكندرية، الذي كان له ابنة وحيدة طيبة القلب، خرجت ذات يومٍ مع بعض صديقاتها للنزهة، فشاهدت ديرًا خارج المدينة وسمعت رهبانه يسبحون الله بتسابيح عذبة. فتأثرت جدًا مما سمعته، ولما عادت إلى بيتها سألت ابن عمتها جاورجيوس عما سمعته، فأجابها بأنها تسابيح إلهية يترنم بها الرهبان الذين قد تركوا العالم ليمارسوا الحياة الملائكية. وأخذ الشاب يحدث ابنة خاله عن الإيمان بالسيد المسيح، وعن الحياة الأبدية وأيضًا عن العذاب الأبدي، فتأثرت جدًا وقبلت الإيمان بالسيد المسيح. عرف أرمانيوس بالأمر فصار يلاطف ابنته ويخادعها، وإذ لم تنثنِ صار يهددها، أما هي ففي محبة كاملة لمسيحها قدمت حياتها ذبيحة حب لله، إذ قطع والدها رأسها ونالت إكليل الشهادة. استشهاده عرف أرمانيوس أن جاورجيوس هو السبب في إيمان ابنته، فقبض عليه وعذبه عذابًا شديدًا، ثم أرسله إلى أريانوس والي أنصنا، الذي قام بدوره بتعذيبه، وأخيرًا قطع رأسه المقدس ونال إكليل الشهادة. وكان هناك شماس يسمى صموئيل أخذ جسده المقدس وكفنه بإكرامٍ جزيلٍ ومضى به إلى منف من أعمال الجيزة. ولما علمت امرأة خاله ذلك أرسلت فأخذت الجسد ووضعته مع جسد ابنتها الشهيدة بالإسكندرية. يُقال أن جسده موجود حاليًا في كنيسة مار مرقس برشيد. السنكسار، 7 هاتور |
الشماس جاورجيوس عاصر الأنبا سيمون البابا السكندري الثاني والأربعين، وبعد نياحة البابا عده البعض خليفًا بأن يجلس على الكرسي السكندري، ولكن إذ لم يَنَل الكرامة الكهنوتية العظمى لم يتخاذل بل استمر يخدم كنيسته بجدٍ واجتهاٍد، ثم نال بعد ذلك رتبة القسّيسية. مع تكريس كل قواه للخدمة اهتم بكتابة تراجم الباباوات السكندريين. فبينما كان مقيمًا في دير الأمير تادرس بابلاج بدأ بكتابة سيرة الأنبا كيرلس الأول عامود الدين (البابا 24)، ثم تتبع سير خلفاء هذا البابا حتى بلغ إلى سيرة الأنبا ألكسندروس الثاني (البابا 43) الذي عاصره، وقد كتب ترجمة هذا البابا الأخير حينما كان عائشًا في دير الأنبا مقاريوس الكبير بشيهيت. لم يكتفِ جاورجيوس بكتابة تراجم هؤلاء الباباوات بل صَوَّر الأحداث السياسية التي اجتازتها مصر، كما وصف شخصيات الحكام المدنيين الذين تعاقبوا على حكمها. وقد تضمن كتابه أحداث قرون أربعة - من القرن الرابع إلى القرن الثامن - اعتلى كرسي مارمرقس في أثنائها عشرون من الباباوات السكندريين. |
الشهيد جاورجيوس الكبادوكي زمن استشهاده غالبًا ما يُنظر إلى القديس مارجرجس كأمير للشهداء في عصر دقلديانوس، فقد تزعّم في منطقة الكبادوك حركة الثورة على منشور الاضطهاد ضد المسيحيين، لكن المخطوطات القبطية في غالبيتها تنظر إليه أنه في عصر سابق لهذا الإمبراطور، في عهد ملك غير شرعي يُدعى داديانوس Dadianus الفارسي، وهو رجل وثني وليس مسيحي جحد مسيحه، وكان له سلطان على منطقة الكبادوك. لذلك جاءت سيرة الشهيد جاورجيوس السكندري تعلن أن الأخير استشهد في عهد دقلديانوس مع أنه ولد بناء على شفاعة الأول حين حضر والده تكريس كنيسته باللدّ. وفي بعض المخطوطات القبطية لم يذكر عصره إنما قيل "في أيام القدم" ربما قاصدا ما قبل عصر دقلديانوس. نشأته وُلد هذا القديس في الكبادوك بآسيا الصغرى، من أبوين تقيين غنيين ينتسبان إلى عائلة شريفة. كان والده أناسطاسيوس واليًا على Melitene بكبادوكية ، وكانت والدته ثاؤبستى أو ثاؤغنسطا من فلسطين ابنة والي اللدّ. قيل أن والده كان إنسانًا تقيًا ومخلصًا لله وللملك، فأحبه الملك جدًا، وجعله من حاشيته التي ترافقه في رحلاته وغدواته. لكنه إذ اكتشف إيمانه بالسيد المسيح أمر بقطع رأسه. كان القديس جوارجيوس في الرابعة عشرة من عمره. على أي الأحوال جاء القديس جوارجيوس ثمرة لبذرة مقدسة دُفنت في أرض مقدسة، فقدمت للكنيسةٍ كما للسمائيين ما يفرح قلوبهم. لم يسبب استشهاد الوالي أناسطاسيوس إحباطًا للعائلة، بل ألهب قلب الابن المبارك جوارجيوس بنار الحب الإلهي، ليصير هو أيضًا شهيدًا للرب. إذ استشهد أناسطاسيوس أخذت ثاؤبستى أولادها: جاورجيوس وكاسيه ومادرونة وانطلقت إلى مسقط رأسها ديوسبوليس بفلسطين. الأمير جاورجيوس الروماني بعد استشهاد الأمير أناسطاسيوس احتل مكانه الأمير يسطس، وكان يخاف الله ويحب السيد المسيح، لذلك أحسن إلى عائلة الشهيد أناسطاسيوس. وقام بتعليم الشاب جاورجيوس الفروسية لينخرط في سلك الجندية. تفوّق جاورجيوس على الجميع في ركوب الخيل وممارسة الفروسية، وأظهر شجاعة نادرة، وبسرعة صار بطلاً له صيته في كل فلسطين، وأصبح قائدًا لفرقة كبيرة تعدادها ألفًا من الجند. أرسله الأمير إلى الملك ومعه رسالة توصية تكشف عما حققه القائد جاورجيوس من البطولات، ويطلب من الملك أن يهبه رتبة "أمير". أحبه الملك جدًا ووافق على تذكية الأمير يسطس، وصار اسمه "جاورجيوس الروماني"، وعيّنه أميرًا يقود خمسة آلاف جنديًا، كما قدم له فرسًا أشهبًا من الأنواع النادرة تعبيرًا عن رضاه. صار جاورجيوس محبوبًا من الجميع بسبب هيئته التي كانت تدل على شجاعته خاصة في الحروب، مع حسن قيادته وتدبيره للأمور، فضلاً عن خصاله الحميدة، فأصبح قائدًا ومدبرًا للجيش، وكان سنه 20 عامًا. وكان جاورجيوس يزداد كل يوم اعتبارًا وشرفًا. وفي سن العشرين تنيحت والدته. محبة الوالي له اشتاق يسطس أن يجعل من جاوجيوس ابنًا له بأن يزوجه ابنته الوحيدة الصغيرة التقية التي كانت تخاف الله، فافصح عن ذلك للأميرة تأوبستي والدة الأمير جاورجيوس التي فرحت جدًا. أقام يسطس جاورجيوس خطيب ابنته وكيلاً على ممتلكاته، وقد أرجئوا الخطبة لصغر سن الفتاة. ولم يكن الكل يعلم أن الله كان يعد له طريقًا أعظم. غيرة الأمير جاورجيوس سمع جاورجيوس أن الملك قد اجتمع بسبعين واليًا، وأصدر أوامره بإبادة المسيحية تمامًا وهدم الكنائس. استعد جاورجيوس لمواجهة الاضطهاد، إذ كان لابد أن يصرّح بدِينه أمام الملك. باع كل ما ورثه من والديه حتى أثاثات بيته وثيابه وقدم ثمنها للفقراء. وإذ صدر منشور بذلك أمسك القديس بالمنشور ومزقه علانية وسط الجماهير في مكان عام، بعد أن وزع كل ممتلكاته على الفقراء وحرر العبيد وتهيأ للاستشهاد بفرح. أمام الملك اقتيد أمام الملك الذي لاطفه كثيرًا ووعده بعطايا جزيلة فلم يبالِ. وإذ فشل الملك في إغرائه صار يعذبه لمدة سبع سنوات، وكانت يد الله تسنده ليقتنص نفوسًا كثيرة للإيمان خلال عذاباته، فقد مات ثلاث مرات وكان الرب يقيمه ليتمجد فيه، حتى استشهد في المرة الرابعة، كما كان ينعم برؤى سماوية وسط الآلام تسنده وتعينه. أقوى من السحر والسم من بين العذابات التي تعرض لها القديس جاورجيوس أن الملك أحضر له ساحرًا مشهورًا يُدعى أثناسيوس أعد له سمًا قاتلاً، وقدمه للقديس لكي يشربه، أما القديس فبالإيمان شربه ولم ينله أذى، عندئذ آمن الساحر بالسيد المسيح. اغتاظ الملك وأمر بعصر القديس في معصرة بها أسنان حديدية حتى أسلم الروح، ولكن السيد المسيح أقامه ورأته الجماهير وآمن بسببه كثيرون قبلوا الاستشهاد باسم الرب. إذ رأى الولاة ذلك طلبوا منه في حضرة الملك أن يجعل كراسيهم تورق وتثمر فصلى إلى الله وتحقق طلبهم. وإذ دُهشوا حملوه إلى المقابر وطلبوا أن يقيم لهم أمواتًا، فصلى إلى الرب وقام بعض الأموات شهدوا بخلاص السيد المسيح ثم رقدوا. في هيكل الأوثان استخدم الملك معه اللطف قائلاً له إن قلبه مجروح بسبب ما أصابه، وأنه عزيز لديه جدًا، وسيقدم له أسمى مناصب الدولة. وأخيرًا سأله أن يذهب معه إلى هيكل الأوثان. انطلق جوارجيوس مع الملك إلى معبد الوثن حيث ظن الأخير أنه سيبخر للأوثان فيعطيه ابنته زوجة، وإذ بلغ الاثنان إلى الهيكل ومعهما حاشية الملك، وجمع غفير من الشعب. وقف أمام تمثال أبولو وصرخ نحوه: "هل أنت إله لأقدم لك ذبيحة؟" فأجاب الصنم بصوت مريع: "إني لست إلهًا". رشم القديس علامة الصليب فسقطت الأصنام وتهشمت. فصرخ الشعب طالبين الفتك بعدو آلهتهم. شعر الملك بالخزي الشديد وانطلق إلى قصره مرّ النفس. أقوى من كل إغراء! سرّ قوة الشهيد مارجرجس الروماني ممارسته اليومية لحياة الاستشهاد، إذ غلب شهوات الجسد في معارك أرضها أعماقه الداخلية، وكما يقول الحكيم: "مالك روحه خير من مالك مدينة" (أم32:16). إذ أُودع جاورجيوس في السجن استشار الإمبراطور رجاله عما يفعله مع هذا القائد الشجاع. فتقدم أحد الأمراء باقتراح أن هذا الشاب الوسيم لن يضعف أمام أية تهديدات، ويُسر حتى بالموت. لكن أمرًا واحدًا يمكن أن يحطمه وهو الإغراء بفتاة لعوب، تقتنصه بفتنتها وأُنوثتها الطاغية وخبراتها، بهذا يفقد جاورجيوس عفته، وينهار إيمانه. استدعى الإمبراطور المشرفة على محظيات الإمبراطور وجواريه، منها أن تختار فتاة لها خبرتها في هذا الأمر. أُرسلت الفتاة إلى السجن لتقضي ليلة مع الشاب حتى تغريه ويسقط معها. لكن مارجرجس الذي عرف أن يُقدم كل يوم ذبيحة حب على مذبح الطهارة في المسيح يسوع حوّل السجن إلى هيكل طاهر تُقام فيه الصلوات لأجل خلاص نفسه وخلاص هذه الفتاة وكل من حوله. لم يأتِ الصباح حتى تقدمت الفتاة إلى مارجرجس بدموع تطلب منه أن يتحدث معها عن سرّ طهارته وعفته وارتفاع قلبه إلى السمويات، فأخذ يبشرها بالخلاص ويقدم لها الحياة الإنجيلية الفائقة. جاء رجال الإمبراطور في الصباح الباكر لأخذ الفتاة إلى الإمبراطور فوجدوها قد اكتست بالحشمة وتوشحت بالعفة والوداعة، تعلن إيمانها بالسيد المسيح ملكها وخلصها. صُعق الإمبراطور ورجاله لما حدث، وصدر الأمر بقطع رقبتها بحد السيف. اُقتيدت إلى ساحة الاستشهاد حيث ركعت متهللة تصلي إلى مخلصها ربنا يسوع ليقبل روحها، وتنال إكليل الشهادة. صمم الإمبراطور على أن يُذيقه أقسى ألوان العذابات انتقامًا مما فعله مع الفتاة. في القصر الملكي لما كثرت المعجزات التي صنعها الرب على يديه وشعر الملك بالفشل، أخذه معه إلى القصر ليغريه أنه سيزوجه ابنته. هناك في القصر سمعته الملكة يصلي فطلبت منه أن يشرح لها إيمانه، ففتح الرب قلبها وجذبها روح الله إلى الإيمان. أخذت الملكة ألكسندرة تعاتب الملك: "ألم أقل لك لا تعاند الجليليين لأن إلههم قوي"، وإذ أدرك أن القديس أمال قلبها للرب أمر بتمشيط جسمها وقطع رأسها لتنال إكليل الشهادة. إذ رأت الملكة جاورجيوس يُقاد إلى السجن نادته لتسأله عن عمادها. أجابها القديس إلا تضطرب فإنه إن لم توجد فرصة لعمادها فسفك دمها لحساب الإيمان بالسيد المسيح هو معمودية مقدسة تفتح لها أبواب الفردوس. تهلّلت نفسها وتقدمت الملكة للاستشهاد وهي تقول: "يا رب لقد تركت باب قصري مفتوحًا على مصراعيه، فلا تغلق باب فردوسك في وجهي، يا من قبلتَ توبة اللص اليمين". قُطعت رأس الملكة لتنطلق روحها إلى الفردوس تتمتع برؤية مخلصها. استشهاده خشي الملك من حدوث ثورة ضده إذ ذاعت أعمال الله التي تمت على يديّ القديس لذا أمر بقطع رأسه، وكان ذلك في 23 من برمهات. أيقونة الشهيد مارجرجس الروماني تحمل معنى رمزيًا: فالعروس التي تظهر في الأيقونة تُشير إلى الكنيسة التي تتطلع إلى أبنائها الشهداء بفرحٍ واعتزازٍ. والتنين يُشير إلى الشيطان الذي يحرك العالم الشرير ضد الإيمان. والحربة تشير إلى صليب رب المجد يسوع الذي يهب النصرة. وهزيمة التنين تُشير إلى هزيمة الشر ومصدره (إبليس) بقوة الإيمان |
الشهيد جاّلا جندي روماني في بيزنطة Byzantium استشهد حوالي سنة 303م، وهو أحد الشهداء الكثيرين الذكورين في الثامن من شهر مايو مع القديس أكاكيوس أو أغاتيوس |
القديس جدانوس الفلسطيني كان رجلاً عظيمًا في الروحانية، وكان يعيش بلا مأوى، حاسبًا الله هو ملجأه، وظل على هذه الحال طوال حياته. وذات مرة ثار عليه اليهود بالقرب من البحر الميت، ورفع أحدهم سيفًا عليه ليقتله، فارتجفت يداه وسقط منه السيف فورًا، فمضى اليهودي عنه دون أن يؤذيه. بستان القديسين، صفحة 53. |
الشهيد جديد عاش البتول الطاهر جديد واستشهد في عصر المماليك الشراكسة. كان من أهالي الجيزة وقد حكموا عليه أن يتبع جده فأجابهم: "عجِّلوا بقتلي، فليس لي أب ولا أم ولا جد سوى المسيح". وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها، صفحة 250. |
الشهيد جراتيانوس من شهداء أميان Amiens واستشهد في الفترة من 283م إلى 287م. تقول سيرته الغير مؤَكَّدة أنه في اللحظات الأخيرة قبل استشهاده غرس في الأرض فرع شجر كان في يده، وهذا في الحال أخرج ورقًا وأثمار، ويقال أن هذه المعجزة ظلت تتكرر كل سنة في شهر أكتوبر أثناء الاحتفال بتذكاره. |
جراسيموس و أثناسيوس الأسقف وثاؤتيطس الشهيد تعيد الكنيسة القبطية في التاسع والعشرون من شهر مسرى لتذكار استشهاد القديسين أثناسيوس الأسقف وجراسيموس وثاؤتيطس غلاماه. وذلك أن البعض سعى بالأسقف لدى أريانوس الوالي أنه عمَّد ابنة الوزير أنطونيوس. فاستحضره وطلب منه السجود للأوثان فلم يقبل، وأعلن اعترافه بالسيد المسيح. عذبه أريانوس بمختلف العذابات المؤلمة. ولما رأى ازدياد تمسكه بإيمانه أمر بضرب رقبته ورقبتي الغلامين أيضا. وأخذ بعض المؤمنين أجسادهم بعدما بذلوا أموالاً جزيلة، وكفنوهم، ووضعوهم في تابوت. وقد شرفهم الله بظهور آيات كثيرة من أجسادهم. السنكسار، 29 مسرى. |
جرجس بن العميد عاصر الأنبا كيرلس الثالث البابا السكندري الخامس والسبعين، وكان يلقب بابن المكين. ويعتبر من أراخنة الفكر، كما كان بتولاً، وكان أخوه الأسعد إبراهيم كاتب الجيوش في عهد الملك العادل. كان قلب ابن المكين ملتهبًا بحب الكنيسة، فترك الجاه العالمي ليعيش في دير الأنبا يوأنس القصير بطره جنوبي القاهرة، حيث كرس نفسه للبحث والدراسة والصلاة والتأمل في عظائم الله، وقد تضلع في القبطية والعربية واليونانية والمنطق والفلك والتاريخ، كما أثبت جدارته في التقوى والتقشف والمحبة، فألبسه رئيس الدير الإسكيم المقدس. راقب ابن المكين شعبه فوجد غالبيته تائهًا في ظلمة الجهل، ورأى أن يتدارك هذا الجهل قدر إمكانه فانشغل بالكتابة في العقيدة الأرثوذكسية، مبينًا أنها العقيدة التي حافظ عليها الشهداء بدمائهم والمعترفون بآلامهم والآباء بكل جهودهم الفكرية والروحية. ولا نعرف عن سيرة ابن المكين إلا الأمر الضئيل، ولكنه ترك لنا أربعة ويقع في جزئين أيضًا وهو كتاب في العقيدة كتبه مستلهمًا الآباء، مستعينًا بمؤازرة الروح مؤلفات لها قيمتها هي: "المستفاد من بديهة الاجتهاد" ،الذي امتدح فيه المجدين الكادحين. تاريخ مدني عنوانه "المجموع المبارك"، ويقع في جزئين تُرجِم الجزء الثاني منه إلى الفرنسية. بعد أن فرغ من وضع كتابه التاريخي وجد أن المؤرخ المعروف الطبري قد انتقل إلى دار البقاء من غير أن يكمل كتابه فأخذ على عاتقه تكملته. أما كتابه الرابع فعنوانه "مختصر البيان في تحقيق الإيمان الموسوم بالحاوي"، القدس. قصة الكنيسة القبطية، الكتاب الثالث صفحة 250. |
الأرخن جرجس أبو منصور الطوخي من أراخنة الكنيسة القبطية في أواخر القرن السابع عشر الميلادي. عاش في القرن السابع عشر وكان معاصرًا للبابا يوأنس السادس عشر. نزح مع عمه المعلم داود الطوخي من بلدتهما طوخ النصارى وسكنا في حارة الأرمن بدرب الجنينة. وحين توفي ابنه الوحيد لم يستسلم للحزن بل كرَّس حياته وجهوده للخدمة البناءة، فقد اتخذ له بيتًا في حارة الروم ليكون إلى جوار كنيسة السيدة العذراء المغيثة التي كانت المقر البابوي آنذاك، وإلى جانب باباه الذي عيَّنه ناظرًا للكنيسة، ففتح بيته لكل قاصدٍ وكل محتاجٍ، أما في أيام الآحاد فبعد الانتهاء من القداس الإلهي كان يستصحب البابا والكهنة إلى بيته كما يحضر الفقراء ويقدم للجميع الإفطار، وفي أيام الأعياد يقيم الولائم للفقراء والغرباء. ولم تقتصر غيرته الروحية على أعمال الرحمة بل امتدت إلى إعادة تعمير كنيسة مار جرجس بحارة الروم. ولما رأى البابا تفانيه أسند إليه أيضًا نظارة كنيسة السيدة العذراء الشهيرة بالمعلقة، فرممها وزخرفها وأعاد إليها رونقها الأثري واستكمل مكتبتها، فكان مجهودًا جبارًا بذله هذا الابن البار بكنيسته. وحينما رغب البابا في عمل الميرون أحضر له المعلم جرجس كل مستلزماته، فلما انتهت شعائره المقدسة قدم لكل من البابا والأساقفة الذين اشتركوا معه في الصلاة بدلة كهنوتية كاملة وكأسًا وصينية للأسرار المقدسة. وحين حلَّ الأمان في الطريق المؤدي إلى القدس قام البابا بزيارة الأراضي المقدسة، كان هذا الأرخن هو الذي مهد لهذه الزيارة وتولى كل نفقاتها. قصة الكنيسة القبطية، الكتاب الرابع صفحة 93. السنكسار الأمين، 26 بؤونة. |
جرجس الجوهري المعلم هو شقيق المعلم إبراهيم الجوهري، وليست شهرته فقط في علو المنصب وعظم المكانة، بل لِما امتاز به من العقل وكرم الأخلاق وعمل المعروف للجميع بدون تمييز بين مسلمٍ ونصرانيٍ وعدم التدخل فيما لا يعنيه وعظم النفس والصدق، حتى نال ثقة الجميع على اختلاف أجناسهم ومشاربهم. وقد باشر أمور الحكومة في أربعة عهود مختلفة واحتك بكثير من حكام متباينين في العادات والأخلاق والدين. 1. مدة حكم المماليك يذكر التاريخ أنه لما مات أخوه المعلم إبراهيم الجوهري قلده إبراهيم بك منصبه فأصبح كبير كتبة مصر. اقتدى بأخيه في كل شيء حتى نال ثقة المصريين، مسيحيين ومسلمين. كان بين الكتبة الذين تحت إدارته رجل سوري الأصل يُدعى يوسف كسّاب سوّلت له نفسه أن يوشي به لدى إسماعيل بك الذي غضب عليه وعزله من منصبه، لكن بعد مدة وجيزة اكتشف إسماعيل بك كذب يوسف وخيانته، فأمر بتغريقه في نهر النيل، وأعاد المعلم جرجس إلى منصبه. 2. مدة الحملة الفرنسية مع أن الحملة الفرنسية تمثل فترة قصيرة جدًا بالنسبة لتاريخ مصر (1798-1801م) لكنها تمثل دورًا هامًا في تاريخ الأقباط. كان الأقباط في موقف لا يُحسدون عليه. فمن ناحيةٍ جاء نابليون بونابرت إلى مصر لُيقيم إمبراطورية في الشرق الأوسط تحت دعوى الدفاع عن الإسلام، فلم يترك فرصة إلا وأظهر ودّه للمسلمين والإسلام، فكان يلبس الزي الشرقي ويصحب قادته إلى المسجد ومعه مائة شيخ ليتلو التواشيح، ويحرك رأسه متظاهرًا بالتقوى، لكن المسليمن أدركوا ما في أعماقه أنه لا يؤمن بالدين. ومن الجانب الآخر يروي لنا يعقوب بك نخلة أنه لما شاع الخبر أن الجنود الفرنسيين قادمون، واشتغل الأمراء بالاستعداد لمقابلتهم اختل النظام وسادت الفوضى، وكثر اللصوص وقطّاع الطرق في البلاد، وهاج سكان القاهرة على بيوت النصارى الأقباط والسوريين والإفرنج والأروام بدعوى البحث عما فيها من الأسلحة. واتخذ أهل الفساد والطمع هذا ذريعة، فنهبوا بيوت الذين لا قدرة لهم على المقاومة. وأشار البعض بقتل جميع النصارى عن آخرهم. فعارضهم في ذلك إبراهيم بك وقاومهم ومنعهم، واحتمى بعض النصارى الإفرنج وغيرهم في داره... وهجم رعاع الناس على بيوت البكاوات والأمراء الذين فروا أمام الفرنسيين ونهبوها. لكن شعر بونابرت بحاجته إلى خبرة الأقباط خاصة في جمع الضرائب كما يظهر من رسالته إلى الجنرال كليبر في 22أغسطس 1700م. لقد تعرف على المعلم جرجس، وكما يقول توفيق إسكاروس: "لما قُضي الأمر وانتصر نابليون بجيوشه على المماليك في إمبابه ووصلوا إلى بولاق كلف (مراد بك) المعلم جرجس بإعداده لنزول نابليون فيه ففرشه وجهزه، ولما دخل القاهرة أقام به. ومن ذاك الحين عرفه نابليون وكليبر ومنومن بعده وتحققوا فيه سداد الرأي والحلم. فكان في نظرهم عميد الأقباط واحترموه غاية الاحترام". اعتبره الفرنسيون عميد الأقباط، فأجلّوه واحترموه، واستصحبه نابليون بونابرت في إحدى المهام، كما استصحبه الفرنسيون في عبورهم للنيل عند بولاق عقب وصول الجيش العثماني إلى أبي قير بصحبة حلفائهم الإنجليز. وظل المعلم جرجس محافظًا على رئاسة الكتاب والمباشرة وحائزًا على ثقة الفرنسيين ورضاء أعيان المصريين وكبار المشايخ والسادة، حتى تم جلاء الفرنسيين عن مصر في سنة 1081م. 3. مدة حكم الأتراك حينما دخل الأتراك والمماليك القاهرة على أثر انسحاب الفرنسيين، ساد الاضطراب وهرب عدد كبير من الأقباط إلى مصر القديمة والجيزة. يصف الجبرتي ما عاناه الأقباط فقال: "أما أكابر القبط مثل جرجس الجوهري وفلتيوس وملطي فإنهم طلبوا الأمان من المتكلمين من المسلمين لكونهم انحصروا في دورهم، وهم في وسطهم، وخافوا على نهب دورهم إذا خرجوا فارين. فأرسلوا إليهم الآمان فحضروا وقابلوا الباشا والكتخدا والأمراء وأعانوهم بالمال واللوازم". وفي أول سنة 1803م ثار الجنود الأتراك وزحفوا على حارة النصارى ونهبوا بيت المعلم جرجس الجوهري وأخذوا منه أشياء نفيسة. يقول الجبرتي بأنه في يوم الأحد 15 صفر سنة 1219هـ أشيع بأن فرمانًا صدر ضد النصارى أنهم لا يلبسون ثيابًا ملونة، ويقتصرون على لبس الأزرق والأسود فقط. فبمجرد الإشاعة وسماع ذلك ترصد جماعة من الغوغاء لمن يمر عليهم من النصارى ولمن يجدوه بثياب ملونة يأخذون طربوشه ونعله الأحمر ويتركون له الطاقية والحزام الأزرق. ولم يكن القصد من ذلك الانتصار للدين بل السلب وأخذ الثياب؛ ثم أن النصارى صرخوا إلى عظمائهم فسمعوا لشكواهم، ونودِيَ بعدم التعرض لهم. 4. مدة حكم محمد علي يقول الجبرتي أن محمد على باشا بدأ تصرفاته بالعمل على تعزيز كلمته وإظهار سلطانه وتأييد مقامه واسترضاء الجند وصرف المتأخر من مرتباتهم، ففرض على قبط مصر وعلى عظمائهم جزية. قال صاحب الكافي: "قبض على المعلم جرجس الجوهري معلم مصر يومئذ وصاحب خراجها، وعلى جماعة من عظماء القبط وسجنهم ببيت كتخدا، وطلب من المعلم جرجس الجوهري حسابه عن سنة 1215م". بعد أن تولى محمد علي الحكم نال لديه المعلم جرجس المقام الأول لِما يسديه إليهم من الهدايا والعطايا، حتى كانوا يسمونه جرجس أفندي. وكان عظيم النفس ويعطي العطايا ويوزع على جميع الأعيان عند قدوم شهر رمضان الشموع والسكر والأرز والبن والملابس. غير أن الوالي سرعان ما انقلب عليه بعد ذلك مختلقًا سببًا وهو عدم مبادرته إلى جباية كل ما كان يطلبه من الضرائب، ولعل ذلك كان شفقة من المعلم جرجس على الأهالي، فقبض عليه ومن معه من الأقباط بحجة أن في ذمته مبالغ متأخرة من حساب التزامه. يقول توفيق إسكاروس: "في يوم الأربعاء 17 جمادي الأولى سنة 1220هـ قبض محمد على باشا على جرجس الجوهري ومعه جماعة من الأقباط، فحبسهم ببيت كتخدا، وطلب حسابه من ابتداء سنة خمسة عشرة، وأحضر المعلم غالي الذي كان كاتب الألفي بالصعيد وألبسه منصبه في رآسة الأقباط... وفي يوم الأربعاء (24 منه) افرجوا عن جرجس الجوهري ومن معه على أربعة آلاف وثمانمائة كيس وأن يبقى على حاله. فشرع في توزيعها على باقي الأقباط وعلى نفسه وعلى كبرائهم وصيارفهم ما عدا فتيوس وغالي، وحوّلت عليه التحاويل وحصل لهم كرب شديد وضج فقراؤهم واستغاثوا. اضطر المعلم جرجس إلى بيع كثير من أملاكه في الأزبكية وقنطرة الدكة، ثم لجأ إلى الصعيد ويُقال أن محمد علي قد نفاه هناك. قبل رحيله إلى الصعيد جمع كل حجج أملاكه وسلمها إلى البطريركية كوقفٍ لها لتنفق من ريعها، وقد صُرح له بالعودة إلى القاهرة بعد أربع سنوات فعاد سنة 1809م وقابل الباشا فأكرمه، ثم نزل بيته الذي كان المعلم غالي قد أعده له، وتقاطر وجوه المدينة من جميع الملل للترحيب به، ولكن المنية عاجلته فتنيح في سنة 1810م ودفن بدير مار جرجس بمصر القديمة بجوار أخيه المعلم إبراهيم الجوهري. كتب المؤرخ الجبرتي عنه قائلاً أنه نافذ الكلمة، واسع الصدر، عظيم النفس، أما خدماته للأقباط فلا تقل عما فعله أخوه المعلم إبراهيم الجوهري، فكان شريكه في تعمير الكنائس والأديرة ووقف العقارات عليها إلى غير ذلك من وجوه البر والإحسان. توفيق إسكاروس: نوابغ الأقباط ومشاهيرهم في القرن التاسع عشر، ج 2، 1913، ص 280-312. وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها، صفحة 315 |
جرجس العابد تُعيّد الكنيسة في السابع عشر من برمهات لتذكار القديسين جرجس العابد وبلاسيوس الشهيد والأنبا يوسف الأسقف. السنكسار، 17 برمهات |
الشهيد جرجس المزاحم نشأته قيام الدولة الفاطمية في مصر له أهميته الفريدة، فقد حوّل الفاطميون مصر من دولة تابعة إلى دولة مستقلة. وكان المعز مثالاً يُحتذى به في معاملته للمصريين بالعدل، إذ لم يفرق بين مسيحي ومسلم. وفي عهد الخليفة الفاطمي العزيز بالله سَرَت بين بعض الرعاع من المسلمين موجة من الحنق حين رأوا الأقباط يصلون إلى منصب الوزير ويحوزون رضى الخليفة وثقته. ومن أقوى هذه الحوادث ما جرى في منطقة طلخا في نهاية القرن العاشر الميلادي، وكان السبب في ذلك رجل اسمه المزاحم، ابن أرملة مسيحية اسمها مريم وأب اسمه جمعة العطوي تزوجها بالعنف دون إرادتها وإرادة والديها، من قرية تعرف باسم الدروتين مركز طلخا دقهلية. كان المزاحم هو الابن الثالث بين ستة أخوة بنين وأخت واحدة. وقد قضى الاثنتي عشرة سنة الأولى من عمره على دين أبيه، على أنه في هذه السن لاحظ أن أمه تذهب إلى الكنيسة في يوم الأحد، فشعر برغبة ملحة في أن يتبعها ويرى ماذا تفعل في الكنيسة. ثم ترجاها عند عودتها أن تعطيه جزء من القربانة التي معها، فلما ذاقها استلذ طعمها. وبعد ذلك استمر في تتبع أمه، واستقر رأيه فيما بينه وبين نفسه أن يصير مسيحيًا. ومن ثم اعتاد أن يتردد على الكنيسة، وفي عيد السيدة العذراء قصد إلى الأنبا زخاريوس أسقف دمياط وإذ خاف الكهنة أن يُعمّدوه طلب منهم ألا يصرفوا مياه المعمودية، وبعد خروج الشعب خلع ثيابه وغطس في مياه المعمودية ثلاث مرات باسم الثالوث القدوس، وشعر أنه قد صار مسيحيًا، وكان عمره لا يزيد عن 18 سنة. وبعد ذلك تزوج من فتاة تدعى سيولا ابنة القمص أبانوب راعي كنيسة بساط النصارى مركز طلخا. شهادته أمام الحاكم لما أراد الله أن يمتحن إيمان مزاحم، ويُعلن محبته له، سمح أن يوقفه أمام الحاكم حيث سأله: "هل أنت مزاحم العطوي؟ ولماذا تركت دين آبائك لتصير مسيحيًا؟!" أجاب القديس: "نعم أنا هو مزاحم، وقد تنصرت علانية، فأنا لست لصًا أو قاتلاً، ولكني أعبد سيدي يسوع، ومن أجل ذلك أسلموني إليك. فمهما أردت فاصنع بي، فأنا لا أهتم بتهديداتك". فلما سمع الوالي هذا الكلام امتلأ غضبًا، وأمر بأن يُطرح على الأرض ويجلدونه حتى سال دمه على الأرض. كما أمر بنهب بيته، وأخذ كل ما فيه. وأُسلم القديس إلى سبعين من غلمانه ليمضوا به إلى شرمساح (بجوار المنصورة) فيطرحونه في السجن دون طعام أو شراب حتى يموت ثم يلقونه في البحر. لكن الله الذي وعد بأن يجعل مع التجربة المنفذ لم يدعه يجرب فوق ما يحتمل، خلّص هذا القديس من أيديهم. فبينما هم يجرّونه في الطريق ولم يصلوا به بعد إلى جسر مدينة الدروتين إذ بصوت صرخ في آذانهم قائلاً: "أيها الغلمان ارجعوا بهذا الرجل إلى الأمير"، فرجعوا به إلى الوالي الذي سألهم عن سبب رجوعهم فأجابوه قائلين: "أنت يا مولانا أرسلت خلفنا تطلبه". فتعجب وقال: "لم أُرسل أحدًا قط!" وفي تلك الأثناء جاء ملاك الرب وتشبه بهيئة أحد أشراف المدينة وسأله العفو عن القديس وخلصه من بين أيديهم. تعذيب زوجة القديس تقدم رجل شرير من أهل نيكيوه اسمه حمدان إلى الوالي ليوقع بالقديس وقال له: "لماذا تركت سبيل هذا المتنصر الذي فضح ديننا، وأتبع غيره، فسلطني عليه وأنا أُعذبه، فإما أن يرجع وإلا قتلته". فراق القول للحاكم وأعطاه بعضًا من غلمانه الأقوياء، وأتوا حيث منزل القديس، فوجدوه جالسًا مع زوجته يفكران فيما يفعلانه. فما رآهم القديس قام وهرب منهم لأن الرب أراد أن يخلصه من أيديهم، فلم يمسكوه. غير أنهم أمسكوا زوجته سيولا وأخرجوها وضربوها بالجريد إلى أن سال دمها على الأرض، ونهبوا ما بقي في بيتها، ثم ربطوها في ذنب حصان وداروا بها في كل البلدة، ولم يقدر أحد أن يخلصها من أيدهم. القديس بين ربوع المحلة بعد أيام رجع القديس إلى مدينة دروة القبلية ونزل متخفيًا عند أحد أصدقائه، ثم أرسل في طلب زوجته حيث شجعها وطوّبها لأنها تعذبت بسببه كثيرًا، وعرض عليها إن أرادت أن يخليها عنه ليكون لها خير، فأجابته: "حيّ هو اسم الرب إني لن أفارقك كل حياتي حتى لو سُفك دمي بسببك، علمًا بأني أتألم من أجل اسم المسيح". فلما سمع منها هذا الكلام اطمأن قلبه وشكر الله من أجل قوة إيمانها وعدم تزعزها، وقال لها: "تقوّي يا أختي بالرب لكي يجزل لكي أجرة تعبك"، ثم تركها متوجهًا إلى النواحي القبلية إلى يوفقه الرب إلى مكان مناسب ليأخذها معه. تعذيب زوجته للمرة الثانية أثار عدو الخير شيخًا من أهل تلك البلدة فكان يمشي وهو يقول: "إن مزاحم وصل الليلة… لقد ذهبت زوجته إليه وشجعته على أن يتمسك بالدين المسيحي، ونصحته بأن يذهب إلى دير مقاره ليترهب هناك". فلما سمع أهل البلدة كلام هذا الرجل هاجوا على زوجة القديس، وأخذوها بعنف، وضربوها ضربًا شديدًا، ومضوا بها إلى دميره عند رداد لكي يقتلها، غير أن الرب أعطاها نعمة في عينيه ولم يفعل بها شرًا وساق إليها جماعة من المسيحيين خلصوها من القوم الأشرار. في صفط القدور لما سمع القديس بما جرى لامرأته أتي إليها خفية وأخذها إلى النواحي القبلية وأتى وسكن في ضيعة تسمى صفط القدور (تبع مركز المحلة) حيث أقام فيها مدة من الزمان، كان يشتغل في معصرة زيت. وكان القديس مواظبًا على العبادة ليلاً ونهارًا بغيرة قوية فحسده الشيطان. فأتى صبيًا من أهل نيكيوه وكان يعرف القديس معرفة جيدة وجاء يعمل في معصرة الزيت، فعرَّف عمال المكان بقصته، وهيَّج عليه أهل المدينة، فتجمهر جماعة كبيرة على منزله وبأيديهم سيوف وسلاح. أمسكوا القديس بدون رحمة، ثم ربطوا حبلاً في عنقه وطافوا به في شوارع المدينة وهم يقولون: "هذا الرجل أهان ديننا"، وأتى واحد منهم وضربه على رأسه فأصابها وسقط القديس على وجهه مغشيًا عليه. ولما بلغ خبره مدينة المحلة عرف أبو البشير صاحب المعصرة هناك بأن أحد عماله قُتل ركب دابته وأخذ معه جماعة من أصحابه وجاء إلى صفط القدور، فرأى القديس قد استفاق مما أصابه، فخلصه من أيديهم، وطلب إليه أن يمكث عنده. ثم قال لجموع الشعب إنني سوف أمهله إلى يوم الجمعة حيث أمضي معه إلى الجامع وإذا لم يُصلي مع الناس أحرقته حيًّا. ولما قال هذا صرفهم. هيأ الله في ذلك الوقت وجود رجل مسيحي من عمال هذا الرجل اسمه مقاره، لما علم ما جال بأفكارهم وما تحدثوا به بشأن القديس ذهب إليه مسرعًا وأخبره بذلك ونصحه أن يهرب من المكان لكي ينجو بنفسه. في مدينة طنطا أقام فيها مدة ثلاث سنين أصابه فيها مرض شديد وكانت زوجته تقوى إيمانه وتعزية قائلة: "كم مرة جرَّبك الشيطان وخلصك الرب يسوع بقوته من جميعها". وأما هو فلم يتضجر بل كان يسبح الله ليلاً ونهارًا. مسحه بالميرون المقدس كان للقديس صديق في محلة خلف من أعمال سمنود اسمه تادرس، ولما أعلمه القديس بأمره فرح به وقام لساعته ومضى إلى كاهن يُدعى أبامون، فلما علم بخبر القديس مسحه بزيت الميرون باسم الثالوث القدوس. ولما كانت ليلة عيد مارجرجس الروماني، فكروا في تسميته (جرجس المزاحم). في مدينة بساط النصارى ذهب جرجس مع زوجته إلى مدينة بساط حيث منزل أبيها، وكان يخدم الرب من كل القلب ويُكثر الأصوام والصلوات ويضرب في كل ليلة خمسمائة مطانية، فسُر الرب به وأراد أن يدعوه للشهادة. في ذات ليلة بينما كان يفكر في قلبه قائلاً: "ما حيلتي ها هنا والشيطان متسلط عليَّ بالتجارب، أقوم وأمضي إلى دير القديس أبو مقار، وأترهب هناك إلى يوم نياحتي". وكان متشبعًا بهذه الأفكار. وبينما هو كذلك غفل قليلاً فرأى رؤيا كأنه مرتفعًا إلى السماء حيث رأى مجد الرب وهناك أجلسوه عن يمين الرب، وسمع صوتًا يقول: "يا جرجس تقوّ في الشهادة، وطوبى لك لأنك استحققت أن تُعد مع الشهداء القديسين، وتنال الإكليل السماوي مع الأبرار، فلا تخف فالتعب يسير والنعيم كثير ودائم". بدء المتاعب هاجم بعض الرجال بيته فلم يجدوه فأخذوا زوجته المباركة وضربوها ضربًا عظيمًا لأنها أخبرتهم بأنها لا تعرف مكانه. وإذ فتشوا عليه وجدوه وطرحوه في السجن. اجتمع كثيرون وصاروا يضربونه بغير رحمة بالآلات المسنّنة، وبالعصي اليابسة وبالجريد الأخضر، وبعضهم كانوا يرجمونه بالحجارة حتى كسروا عظامه. وكان القديس صابرًا على هذا العذاب، ولا يفتر عن ذكر السيد المسيح وهو قائم بينهم مكتوفًا بيديه إلى الخلف. أرسل الوالي أعوانه فانتشلوه من وسط الجمع وأحضروه أمامه فقال له: "أيها الجاهل لماذا تركت عنك عبادة آبائك واتبعت النصارى المخالفين؟" وكان يجلس بجانب الوالي رجل مغربي شرير فقام وضرب القديس على فمه قائلاً: "وحياة سيدي الملك إذا أطعتني فسأعطيك قطاع الغربية بكمالها، وتكون من جلساء الخليفة ونديمًا له". أجابه القديس: "أيها المسكين المبتعد عن ملكوت الله لو أعطيتني كل ما لسيدك الملك ما جحدت اسم مخلصي الصالح لئلا أكون مثل يهوذا الإسخريوطي الخائن". تقدم الرجل المغربي وبدأ يعذب القديس فأخذ حبلاً من الليف وربط عنق القديس في ساري مركب، وكان وجه القديس ملتصقًا بالساري وهو موثق بالحبال من الرأس إلى القدمين، فطلب متولي الحرب أن يروه وجهه، فأمسك هذا المغربي بالقديس من عنقه وأدار رأسه إلى الخلف بعنفٍ شديدٍ. ثم عادوا به إلى دميرة القبلية، وأمر هناك أن يُحل من الساري ويسجن في حمام الموصلي، لأنه كان قريبًا على الشاطئ. حمل بعض الرجال القديس ووضعوه في مكان شرق دار الولاية وقيدوا رجليه في قطعة خشب ثقيلة، وعهدوا به إلى رجلٍ شريرٍ من أشر الغلمان، فما انتصف الليل ظهر رئيس الملائكة ميخائيل للقديس وباركه وعزّاه، وحلّ وثاقه ولمسه بجناحيه فأبرأه من كل جراحاته. ثم اختفى عنه، وقد شهد هذه الحادثة راهب مسيحي اسمه مينا من دير أبو مقار، كان مسجونًا آنذاك مع القديس (وهو كاتب هذه السيرة). زوجته تفتقده في ثالث يومٍ من سجنه إذ كان لم يأكل طعامًا دخلت زوجته سيولا لتفتقده، فوجدته قد عُوفي من جميع آلامه التي لحقت به، ففرحت ومجّدت الله. حاول والي المنطقة إقصاء الثائرين عنه وعرَّفهم بأنه كتب للسلطان يستفهم منه عما يجب عمله بمثل هذا الرجل، وبالفعل تركوه أسبوعًا في السجن بغير أن يتعرضوا له إطلاقًا. كان الحانقون عليه يعذبونه إلى أن يداخلهم الشك في أنه مات فيتركونه ملقى في السجن ويذهبون لحال سبيلهم، ويعودون إليه في اليوم التالي فيجدونه مازال على قيد الحياة فيعاودون تعذيبه. واستمروا على هذا الحال من الحادي عشر إلى الثامن عشر من بؤونة سنة 695ش (979م). ثم جاءهم رسول السلطان إلى الوالي يحمل خطابًا فيه الأمر بترك جرجس وشأنه، وقد قال الرسول السلطاني شفويًا أن اثنين من سكان القاهرة قد اعتنقا المسيحية، وأن السلطان تركهم وشأنهم. ولكن حدة الغضب التي كانت قد استولت على القلوب جعلتهم يتجاهلون أمر السلطان، ففي صبيحة يوم الخميس 19 بؤونة ذهبوا إلى السجن وقالوا لجرجس بأن عليه أن يختار بين الموت وبين إنكار المسيح. ولكن تهديدهم ضاع هباءً، إذ أعلن لهم استعداده لتقبُّل العذاب لا الموت فقط، وعندها أخرجوه خارج البلدة وساروا به إلى شاطئ البحر وهناك ضربوه على رأسه إلى أن تحطمت، ثم قطعوا جسده ورموا بالأجزاء في البحر. وحدث في اليوم عينه أن شماسًا كان ماشيًا عند الشاطئ، فسمع صوتًا يقول له: "يا أيها المؤمن المار على هذا الشاطئ، باسم المسيح انتظر إلى أن تقذف الأمواج إليك بجزء من جسد الشهيد جرجس المزاحم. فخذه وأعطه لزوجته المباركة سيولا". وانتظر الشماس حسب الأمر وأخذ الجزء الذي قذفت به الأمواج إلى بيته وأعطاه لأمه وأبلغها الرسالة التي سمعها، فأخذت أمه الرفات ولفته بقماش أبيض وأوصلته إلى السيدة البارة سيولا التي وضعته بدورها في بيت أبيها فترة من الزمن ثم في الكنيسة بعد ذلك، وقد جرت منه آيات وعجائب عديدة. القمص بيشوي عبد المسيح: الشهيد العظيم مارجرجس المزاحم، 1997 |
جرمانوس الأسقف يُعتبر القديس جرمانوس (375-437 تقريبًا) أب كنيسة إنجلترا وايرلندا، إذ أعاد لها قوتها بعد انتهاء الاضطهاد الروماني. ولد القديس جرمانوس في أوسير Auxerre بفرنسا حوالي سنة 378م، ودرس في روما القانون ومارس هناك المحاماة. وتزوج بامرأة اسمها إستوكيا، ثم عاد إلى بلاده حيث اختاره الملك أونوريوس ابن الملك ثيؤدوسيوس الكبير وأقامه مدبرًا وقاضيًا في مدينة أوسير فأحسن التصرف وأحبه الجميع. سيامته أسقفًا كان الحاكم جرمانيوس محبًا للصيد، وكان كلما اصطاد وحشًا يعلق رأسه على شجرة قديمة في وسط المدينة بقصد الاعتزاز والافتخار بقدرته على الصيد. لكن بعض الوثنيين كانوا يفعلون ذلك بقصد ممارسة العبادة الوثنية. التقى به الأسقف أماتور وتحدث معه عن خطورة ما يفعله، لكن عشقه للصيد واعتزازه بهذه الهواية سدّ أذنيه عن الاستماع إلى الأسقف. إذ تطور الأمر جدًا رأى الأسقف أن يكون حازمًا، ففي أحد الأيام إذ كان الحاكم جرمانيوس خرج للصيد أمر الأسقف بقطع الشجرة. عاد الحاكم ووجد الشجرة مقطوعة، فغضب جدًا وهدد بقتل الأسقف. أما أماتور فإذ يعلم طيبة قلب الحاكم وحسن تصرفه فيما عدا ما يمس هوايته في الصيد وما يتبع ذلك من تعليق رؤوس الوحوش على الشجرة هرب إلى مدينة أوتون والتجأ إلى أسقفها، وهنك اختلى مع الله، فكان يصلي ليلاً ونهارًا طالبًا ليس خلاصه من يد الحاكم، بل خلاص نفس الحاكم. شاهد الأسقف أماتور رؤيا غريبة جاء فيها أن جرمانيوس يخلفه على كرسي الأسقفية، وإذ تأكد من الرؤيا فرح جدًا وعاد إلى بلده متهللاً من أجل غنى نعمة الله. التقى به رجال الإكليروس بإكرام جزيل وسرور وكان معهم الحاكم الذي كان قد هدأ غضبه، وربما حزن على ترك أماتور الأسقفية. وقف الأسقف أماتور يتحدث فقال للإكليروس، إني أقدم لكم نبأ سماويًا يفرح قلوبكم. لقد شاهدت رؤيا وعلمت أن قلب جرمانيوس كقلب الله، إنه سيكون خليفتي على كرسي الأسقفية. دهش الجميع لما قاله الأسقف… صلى الأسقف على رأس الحاكم وسامه كاهنًا، وكان الكل متحيرًا لما يحدث. أما جرمانيوس فكانت الدموع تتسلل من عينيه وقد صمت لسانه تمامًا. عاد الحاكم إلى بيته يروي لزوجته ما حدث، فشكرت الله وسبحته، وانفصلت عنه ليعيشا في حياة البتولية. بعد قليل تنيح الأسقف أماتور، وأختير الكاهن جرمانيوس أسقفًا، وكان ذلك في عام 418م. وأدى اختياره لهذه الكرامة إلى إحساسه العميق بالمسئولية، فترك كل تعلق بالماديات، وصار مضيفًا للغرباء وغاسلاً أرجل الفقراء ومطعمًا إياهم بينما يظل هو صائمًا. وبنى بالقرب من المدينة ديرًا على اسم القديسين قزمان ودميان، ورمم كنائس المدينة. نسكه بعد سيامته امتنع عن أكل خبز القمح، بل كان يطحن الشعير ويعجنه بنفسه، كما امتنع عن استخدام الزيت. اختار ثيابٍا رخيصة للغاية، وكان يقول: "ينبغي على الأسقف أن يحصل على اعتبار الناس لا بحسن ثيابه بل بسمو فضائله". كثيرًا ما كان يلبس المسوح، ويوزع ثيابه على الفقراء العُراة. في ذلك الوقت عانت الكنيسة في إنجلترا من بدعة ظهرت هناك، وهى بدعة بيلاجيوس Pelagius الذي أنكر الخطية الجدية وأهمية عمل النعمة لخلاص الإنسان. اختير القديس جرمانيوس مع القديس لوباس Lupus للذهاب إلى هناك سنة 429م لمقاومة هذه البدعة. وبعد معاناة في السفر وصلا إلى هناك، وذاع صيتهما ومعجزاتهما، وثبتا الإيمان، وأعادا الكثير من الهراطقة إلى الإيمان السليم، بعد أن عقدا مناظره معهم وأفحماهم بقوة رداهم إلى الإيمان الإنجيلي. وبعد انتهاء مهمتهما عادا كل واحد إلى مقر خدمته. ومن إشفاقه على شعبه انه طلب إلى الحاكم - الذي كان قد شفى زوجته - أن يعفيهم من الضرائب التي كانت تثقل كاهلهم، فأجابه إلى طلبه. في سنة 440م عادت البيلاجية للظهور مرة أخرى في بريطانيا، فطلبوا من القديس أن يرجع مرة أخرى إلى هناك، فقضى على الهرطقة بالتعليم السليم وعمل المعجزات حتى رد كل الهراطقة إلى الإيمان. وإذ علم أنه لا يمكن تثبيت الإيمان والقضاء على الجهل ما لم يتم تعليم رجال الدين أولاً، أسس معاهد دينية لتعليمهم الإيمان السليم. معجزاته من أجل محبته لله ولشعبه وهبه الله صنع الآيات والعجائب أينما حلّ. مما يُحكى عنه أنه في زيارته الأولى لبريطانيا تعرضت البلاد لغزو الأعداء، فدعاه أهل البلاد للحضور إلى معسكرهم للتبرك بوجوده وبصلواته. فأجابهم إلى طلبهم، وعمل في أثناء ذلك على دعوة غير المؤمنين إلى المسيحية حتى تعمد الكثير منهم، وبنوا كنيسة احتفل فيها الجيش كله بعيد القيامة. وبعد العيد إذ أراد تجنيبهم سفك الدماء، قاد الجيش إلى وادٍ بين جبلين عاليين وطلب إليهم عند إشارته أن يصرخوا بصوت عالِ "هلليلويا"، فظن الغزاة حين سمعوا صدى الصوت يرن بين الجبلين انهم محاطون بجيشٍ عظيم، فرموا أسلحتهم وفروا هاربين. يروي عنه أيضًا أن رسولاً جاء إليه من بريطانيا يطلب منه باسم الشعب أن يشفع فيهم لدى الإمبراطور، لأنهم ثاروا ضده فأرسل وكيله أيسيوس أحد قواده العنفاء مع جنده للانتقام. أسرع الأسقف بالسفر، والتقى بالقائد، وطلب منه أن يترفق بالشعب فرفض. أمسك الأسقف بعنان جواده وضبطه، فتعجب القائد من شجاعته، وتعهد ألا ينتقم من الشعب حتى يذهب الأسقف إلى الإمبراطور ويطلب العفو عن الشعب. بالفعل ذهب الأسقف إلى إيطاليا. نزل في بيت كاهنٍ صديق له، فقدم له ابنة خرساء دهنها بالزيت بعد أن صلى عليها فانفتح لسانها. وفي طريقه أيضًا التقى بشيخ يحمل حملاً ثقيلاً يريد عبور النهر. فحمل عنه ما لديه وعبر به ثم عاد وحمل الشيخ نفسه وعبر به، مع أن الأسقف كان قد طعن في السن وضعف جسده جدًا بسبب تقشفه. أخيرًا إذ وصل إلى رافينا التقى به أسقفها بطرس خريزلوغوس، كما استقبله الملك فالنتينيان الثالث والملكة أمه غالا بلاسيديا بإكرام جزيل. وُهب له أن يقيم ابن كاتب أسرار الملك الذي سقط في النار ومات. قبل الملك شفاعة الأسقف وعفا عن أهل بريطانيا. قيل أيضًا أنه مرّ بجوار السجن فصرخ الذين فيه يطلبون افتقادهم. خشي الحراس أن يطلب منهم أن يفتح أبواب السجن، فأغلقوا الأبواب وهربوا، أما هو فرفع الباب بيده فانفتح. جلس مع المسجونين وتحدث معهم ثم أخذهم معه إلى الملك، وشفع فيهم فعفا الملك عنه. حينئذ قال للأساقفة الذين معه أن وقت انحلاله قد حضر، وطلب من الملكة التي كانت تهتم بصحته أن تنقل جسده إلى مدينته. وبالفعل تنيح هذا القديس في 31 يوليو سنة 448م، وكان عمره سبعين سنة. |
الشهيد جرمانيكوس |
القديس جريجوري أوإغريغوريوس إذ كان فلاكيوس Flaccus عنيفًا للغاية عينه الإمبراطور ماكسيميانوس واليًا على Umbria لكي يستأصل المسيحية تمامًا. جاء فلاكيوس إلى مدينة Spoleto ودعى كل الشعب ليجتمع معًا في المسرح العام. وهناك قال لتيركانوس Tircanus رئيس القضاة: "هل تركتْ كل هذه الجماهير عبادة الآلهة الخالدة؟" أجاب رئيس القضاة: "الكل يعبدون Jove ومينرفا واسكيلابيوس Aesculapuis. إنه يوجد في المدينة رجل واحد يُدعى جريجوري ألقى تماثيل الآلهة على الأرض". عندئذ أمر الوالي الجديد أربعين جنديًا أن يُحضروا جريجوري. وبالفعل أحضروه أمام الوالي ورئيس القضاة وطُلب منه أن يتعبد للآلهة الوثنية، أما هو فقال أنه متأكد أن هؤلاء ليسوا إلا شياطين. أمر الوالي بضربه حتى يكف عن التجديف. وإذ لم يتوقف ألقوه في إناء حديدي موضوع على نار. لكن حدثت زلزلة قلبت الإناء قبل أن يُشوى جرجوري. وانهارت ربع مباني المدينة، ودفن 450 تمثالاً وسط الخرائب. رٌبط جريجوري بسلاسل وأُودع في السجن. ضربوا ركبتيه بمسامير ضخمة من الحديد، وأخيرًا قطعوا رأسه في 24 ديسمبر سنة 303م. لا تزال بعض رفاته موجودة في كاتدرائية كولونية Cologne، والبعض في مدينة Spoleto. يُعيد له الغرب في 24 من ديسمبر |
الشهيد جلاذينوس ممثل مازح ينال العماد استشهد هذا القديس في أوائل حكم الإمبراطور قسطنطين الكبير. وكان من مدينة مارمين بالقرب من دمشق وعلى بعد ميل منها، وكان يعمل بالتمثيل مع جموع من الناس كرسوا أنفسهم لعبادة الأوثان وهم من سكان مدينة هليوبوليس في لبنان. عندما اجتمعوا ذات يوم في المسرح وجمعوا فيه الممثلين، قام هؤلاء بسكب ماءٍ باردٍ في حوض نحاسي كبير، وابتدأوا يتكلمون بتهكم عن الذين يذهبون إلى معمودية المسيحيين المقدسة. ثم غطّسوا أحد هؤلاء الممثلين واسمه جلاذينوس في الماء فعمدوه ثم أخرجوه وألبسوه ثوبًا أبيض على سبيل التمثيل. بعد ما خرج هذا الممثل من الماء امتنع عن الاستمرار في التمثيل وأعلن أنه يفضل الموت مسيحيًا على اسم السيد المسيح، وأضاف إلى ذلك قائلاً: "إنه عندما كنتم تهزءون أثناء تجديد ماء المعمودية المقدسة شاهدت معجزة عجيبة". فاستاء الحاضرون منه واستشاطوا غضبًا لأنهم كانوا وثنيين، وقبضوا على القديس ورجموه فنال إكليل الشهادة. بعد ذلك حضر أهله وكثير من المسيحيين وأخذوا جسده ودفنوه في المدينة وبنوا كنيسة على اسمه. تتشابه سيرته مع سيرة جينيسيوس المهرج الشهيد St. Genesius كما سنرى، وربما هو نفس الشخص. السنكسار، 12 برمهات. |
الشهيد جلاسيوس الأسقف هو ثالث أسقف لأرِّيتيوم Arretium (Arezzo) سنة 366م، وجلس على كرسي الأسقفية خلفًا لدوناتُس Donatus، وخَلَفه دوميتيانوس Domitianus. يقال أن جلاسيوس قد عمَّد كل بيت أندرياس Andreas أحد نبلاء مدينة أرِّيتيوم، الذين بلغ عددهم ثلاثة وخمسون شخصًا استشهدوا كلهم فيما بعد. ويقال أن جلاسيوس نفسه قد أنهى حياته شهيدًا. |
القديس جلاسيوس ولد هذا القديس من أبوين مسيحيين وقد ربياه تربية مسيحية وعلماه علوم الكنيسة ثم قدّماه شماسًا، فأجهد نفسه في طاعة المسيح وحمل نيره، وذهب فترهب في برية شيهيت. وبعد زمن رُسم قسًا فأرشده ملاك الرب إلى مكان بعيد وهناك جمع حوله جماعة من الرهبان فكان لهم خير مثالٍ، وكان يحسب نفسه كواحدٍ منهم. تناهى في الصبر وطول الأناة وقد نسخ الكتاب المقدس ووضعه في الكنيسة ليقرأ فيه من يشاء من الرهبان. حدث أن زاره مرة رجل غريب وسرق هذا الكتاب وعرضه للبيع فاشتراه أحد الناس وأراد أن يعرف قيمته فذهب به إلى القديس جلاسيوس وأراه إياه فعرف أنه كتابه. فقال له: "بكم باعك صاحبه؟" فقال: "بستة عشر دينارًا". فقال له: "إنه رخيص فاشتره". فعاد به إلى منزله ولما جاء البائع لأخذ ثمنه قال له أنني أريته للأب جلاسيوس فقال إن الثمن كثير. فقال له" "أما قال لك شئ آخر؟" فقال: "لا". فقال: "إنني لا أريد بيعه". ثم أخذ الكتاب وتوجه به إلى الأب جلاسيوس وقدمه له باكيًا نادمًا على فعله فلم يقبله منه. وبعد إلحاحٍ شديدٍ ودموعٍ كثيرةٍ قَبِل أن يسترده. منحه الله نعمة عمل المعجزات، منها أنه أُهدي إلى الدير في أحد الأيام مقدارًا من السمك. فبعد قليه وضعه الطباخ في مكان ووكل بحراسته أحد الغلمان. وهذا أكل منه جزءًا كبيرًا. فلما عرف ذلك الطباخ غضب على غلامه لأنه أكل منه قبل وقت الأكل وقبل أن يباركه الشيوخ ضربه ضربة قضت عليه. ففزع الطباخ وذهب إلى القديس جلاسيوس وأعلمه بما جرى منه، فقال له خذه وضعه في الكنيسة أمام الهيكل واتركه. ثم جاء الشيخ والرهبان إلى الكنيسة وصلوا صلاة الغروب. وبعد ذلك خرج الشيخ من الكنيسة فقام الغلام وتبعه. ولم يعلم أحد من الرهبان بهذا إلا بعد نياحته بعد أن أكمل حياته بشيخوخة صالحة. السنكسار، 12 أمشير |
جلاسيوس الأسقف أسقف قيصرية في فلسطين Caesarea in Palestine في السنوات 367 إلى 395م، وقد اشتهر بنقاوة عقيدته وإيمانه وقداسة سيرته وحياته. كان ابن أخت القديس كيرلس أسقف أورشليم، والذي اختاره أسقفًا لقيصرية سنة 367م. وأثناء حكم الإمبراطور فالنس Valens، فَرَض هذا الإمبراطور الأريوسي أسقفًا أريوسيًا دخيلاً اسمه يوزويوس Euzoius على قيصرية، هذا الأسقف مَنَع جلاسيوس من مزاولة نشاطه ومسئولياته كأسقف. وبعد وفاة فالنس وجلوس ثيئودوسيوس Theodosius سنة 379م، طُرِد يوزويوس واستعاد جلاسيوس كرسيه حتى وفاته سنة 395م. وقد حَضَر جلاسيوس مجمع القسطنطينية المسكوني سنة 381م، وكان قد زار هذه المدينة سنة 354م واشترك في تدشين كنيسة الرسولين بطرس وبولس التي شيدها روفينوس Rufinus. ومن أعمال جلاسيوس استكماله لتاريخ الكنيسة ليوسابيوس، والذي قام به بطلب من خاله كيرلس، وقد فُقِدت كتاباته ماعدا بعض الأجزاء القليلة. |
جلاسيوس القيصري تنيح عام 395م، وكان أسقفًا على قيصرية فلسطين (367-395م). ابن أخت القديس كيرلس الأورشليمي. بسبب إيمانه المستقيم وتمسكه بمجمع نيقية اُستبعد من كرسيه في عهد الملك فالنس Valens، واقيم يوزوليوس Euzolus عوضًا عنه. عاد إلى كرسيه في عهد الملك ثيؤدوسيوس عام 379م. اشترك في مجمع القسطنطينية عام 381م. وضع الكتب التالي: كتب مقالاً ضد أتباع أونوميوس Eunomians ناكري لاهوت السيد المسيح. تكملة لكتاب "التاريخ الكنسي" ليوسابيوس القيصري. كتب تفسيرُا للرموز Expositio Symboli ، وهو عمل لم يبقَ منه سوى شذرات، ربما يرتبط بما كتبه خاله "محاضرات للموعوظين |
جلاسيوس الناسك كان معاصرًا للأنبا بطرس الثاني البابا السكندري الحادي والعشرين. ويُعد من أبرز الآباء الذين سهروا على الشعب في غيبة البابا أثناء اختفائه بسبب الأريوسيين، حتى أنه يُلَقَب بالمُحارِب. فلقد أدى هذا الناسك للشعب السكندري في شدته خدمات جمة وهو في رتبة الشماسية. زهد العالم وذهب إلى برية شيهيت حيث أهَّلته جهوده الروحية أن يرعى الرهبان المقيمين في تلك المنطقة المقدسة، فأقيم أبًا على نساك كثيرين. كان يقضي أوقاته في نسخ الكتب المقدسة وتسليمها إلى نساك ديره ليتعلموا منها الحكمة الإلهية. وقد قام نساكه بدورهم بكل ما يلزم الشعب من خدمات دينية أهَّلتهم لأن يقفوا في وجه كل اضطهادٍ دينيٍ. قصة الكنيسة القبطية، الكتاب الأول صفحة 349. |
جلاسيوس سوزيكوس في أواخر القرن الخامس، وهو مؤرخ كنسي كتب Historia Ecclesiastica عن أحداث مجمع نيقية عام 325م، اعتمد فيه على مصادر أمينة. كتب Synma أي "تجميع لأعمال مجمع نيقية (325م)"، بقصد تفنيد القول بأن الإيمان بالطبيعة الواحدة يطابق الإيمان النيقوي. |
جورج و فرونتو الأسقفان في نظر الغرب كان هذان القديسان أول المبشرين في بِيريجوره Perigueux وما حولها. يُقال أن فرونتو كان يهوديًا من سبط يهوذا وُلد في ليكؤنية Lycaonia . وقد آمن بالسيد المسيح حين رأى المعجزات التي حدثت على يديه، وتعمد بيد بطرس الرسول، وصار واحدًا من الاثنين والسبعين رسولاً. يقول كتَّاب بيريجوه أنه كان حاضرًا في تأسيس سرّ الإفخارستيا، وشهد القيامة. بعد الصعود صحب بطرس الرسول إلى انطاكية. ثم أُرسل مع الكاهن جورج ليبشرا في بلاد الغال. وفي الطريق توفي جورج، لكنه عاد إلى الحياة بمجرد أن لمسته عصا استلمها فونتو من القديس بطرس الرسول. إذ وصلا إلى Valence، بقي جورج هناك وصار أسقفًا عليها، واتجه فرونتو إلى بيريجوه ومعه تلميذ آخر اسمه اجنان Aignan. هناك أنقذ سيدة شريفة كانت قد فقدت عقلها إذ سكنها شيطان، وتُدعى ماكسميلا Maximilla، فطلبت العماد. وكان زوجها شيلبريك Chilperic يُعاني لفترة طويلة من الفالج، وبصلاة فرونتو شُفي. تكللت كرازة القديس فرونتو بالنجاح، وتأيدت خدمته بالكثير من المعجزات المبهرة، وكان مركز خدمته هو مدينة بيريجوه Perigueux، والتي يُعتبر أول أسقف لها. كان في بيريجوه هيكل فينوس Venus، دخله فرونتو وكسر تمثال الإله فينوس. خرج من التمثال تنين قتل سبعة رجال، وكان التنين يضرب بذيله العابدين في الهيكل، لكن القديس فرونتو رسم عليه علامة الصليب فاختفى. وأقام القديس القتلى وشفى جراحات الآخرين. بشر القديس في Saintes, angoulême, Brantome ثم ذهب إلى Brodeaux حيث قبض عليه الكونت Sigbert. شفاه القديس من مرض الفالج فسمح له الكونت ببناء كنيسة باسم القديس إسطفانوس. كما قام ببناء كنيسة في Blaue باسم القديس سافيور (ربما باسم المخلص Saviour)، وأخرى في Neuilly. قيل أنه في عيد البنطقستي إذ جاء وقت إقامة القداس الإلهي اكتشفوا عدم وجود "أباركة" (خمر)، فصلى. فجأة جاءت حمامة بيضاء تمسك بمنقارها زجاجة بها أباركة قدمتها للقديس، بقيت هذه الزجاجة في الكنيسة التي في Neuilly كأثرٍ مقدسٍ. اتجه نحو الشرق والتقى بالدوق لورين Lorraine أو Lotharius والذي آمن على يديه. قدم تاريخه قصصًا كثيرة عن عجائب الله معه، غايتها إيمان الكثيرين والشهادة للعمل الإنجيلي. يروي عنه قصة غريبة أنه إذ رجع إلى مدينة بيريجوه كانت هناك سيدة تريد أن تحمّي رضيعها وكعادة تلك المدينة في ذلك الوقت تضع السيدة الطفل في إناء، وتوقد تحته نارًا هادئة حتى تصير المياه دافئة ثم تنزله وتحمّيه. إذ سمعت السيدة بخبر قدوم فرونتو وكانت قد وضعت رضيعها في الإناء ولم تسكب بعد الماء خرجت ترى موكب استقبال القديس ونسيت رضيعها، وعادت بعد حوالي نصف ساعة فوجدت الإناء به ماء يغلي والرضيع يلاغي بصوتٍ عالٍ في قماطه بجوار النار. قيل أنه رأى في حلمٍ القديسين بطرس وبولس وهما يستشهدان، فبنى كنيسة باسمهما. لاازالت رفات القديس في كاتدرائية بيريجوه Perigeux. أما القديس جورج فبشر في فيلاي Velay ويعتبر أول أسقف على لى باي |
الشهيد جورجونيوس كان جورجونيوس ضابطًا في جيش الإمبراطور دقلديانوس في نيقوميديا. وحُكِم عليه بالموت هو وزميل له اسمه دوروثيؤس Dorotheus لأنه اعترض على اضطهاد أحد المسيحيين واسمه بطرس. وبعد استشهاده أُخذ جسده ودُفن في مدينة روما. |
جورجونيوس و بطرس ودوروثيئوس ومكسيما الشه حين كان الإمبراطور دقلديانوس مقيمًا في نيقوميدية بآسيا الصغرى بلغه أن بعض رجال قصره قد صاروا مسيحيين. فأتى بأوثانه وأمر الجميع بتقديم القرابين لها، فرفض المسيحيون بشدة وكان أولهم بطرس أحد رجال جناحه، والذي وردت سيرته في هذه السلسلة تحت "بطرس ورفقاؤه". |
الشهيد جوردياس يحتفل الغرب كما اليونان بعيده في 3 يناير. قدم لنا القديس باسيليوس الكبير في رثاء له بقيصرية عرضًا لآلامه: كما سجل شاهد عيان ما احتمله الشهيد. كان مواطنًا في قيصرية كبادوكية، وكان قائد مئة في الجيش. عندما أصدر جاليريوس منشوره ضد الكنيسة في الشرق سنة 303م ترك جوردياس وظيفته، وانطلق إلى البرية حيث صار يمارس عبادته وسط الوحوش المفترسة. قضى عدة سنوات في البرية، لكنه لم يشعر بالراحة في داخله، بل كان مرّ النفس. فالكنائس في قيصرية هُدمت، وتشتت الكهنة، وبعض المسيحيين أطاعوا المنشور والبعض استشهدوا. عادت المدينة إلى الوثنية، وفقد الملح طعمه. التهب قلب القديس بنار الغيرة، فترك البرية وعاد إلى بلدته. في أحد الأيام لاحظ أن ساحة المسرح العامة ازدحمت بالجماهير التي جاءت لترى سباقات الخيل والمركبات تكريمًا للإله مارس Mars إله الحرب، وقد حضر اليهود مع الأمم والمسيحيين لمشاهدة السباقات، هذا وقد تُرك العبيد أحرارًا للاشتراك في هذا الاحتفال، وأُغلقت المدارس لنفس الغرض. ظهر فجأة أثناء السباق شخص يلبس مسوحًا، لحيته طويلة، ووجهه وذراعاه قد احترقت من الشمس، وكان نحيفًا جدًا بسبب الصوم. صرخ الرجل بصوتٍ عالٍ: "لقد وُجدتُ من الذين لم يطلبونني. وأعلنت ذاتي لمن لم يسألوا عني". تحولت كل الأنظار إليه، وصارت صرخة مدوية من كل الحاضرين حين اكتشفوا أنه قائد المئة جوردياس. فرح المسيحيون إذ رأوا ذاك المؤمن الأمين في وسطهم، أما الوثنيون فصرخوا متضايقين لأنه اعترض مسار السباق. لم يُبالِ أحد بالخيول والمركبات فقد توجهت كل الأنظار إلى جوردياس، سواء الذين اشتاقوا إلى رؤيته أو الذين كانوا في سخطٍ وغضبٍ لما فعله. توقفت كل الموسيقى، وصار صمت في ساحة المسرح، فالكل يريد أن يفهم ماذا يُريد هذا الرجل! اُقتيد الرجل إلى حيث كرسي الحاكم الذي كان حاضرًا السباق. وسُئل جوردياس عن شخصه وسرّ مجيئه. روى جوردياس قصته أنه مواطن من هذه المدينة، وكشف عن شخصه وعائلته، ووظيفته كقائد مئة، وأنه ترك وظيفته وهرب. وأكمل حديثه قائلاً للحاكم: "لقد عدت لأعلن إني لا أبالي بمنشوراتك، وإني أضع رجائي وثقتي في يسوع المسيح وحده". اغتاظ الحاكم جدًا لأنه أفسد الجو الخاص بالاحتفال، ولأنه أعلن موقفه من المنشورات بجسارة، فأمر بتعذيبه… ترك الكل أماكنهم وتجمهروا حول المحكمة، وجاءت الجماهير من كل المدينة لترى ما يحدث. يقول القديس باسيليوس الكبير أن الجماهير كانت تتدفق كالنهر نحو موضع الاستشهاد. جاء الأشراف مع العامة، وترك الناس بيوتهم مفتوحة، وترك التجار محال تجارتهم وعملائهم، وصار السوق فارغًا تمامًا واندفع الكل ليروا هذا الرجل. حتى النساء جئن على عجلة وقد غفلن عن ارتداء الملابس اللائقة بالاحتشام خارج المنزل، ونسي المرضى أمراضهم وأوجاعهم وجاءوا أيضًا إلى المشهد. حاول أقرباء القائد أن يثنوه عما يفعله، طالبين منه أن يعتذر للحاكم لأنه أساء إلى دين الدولة، أما هو فكان يرشم نفسه بعلامة الصليب، محتملاً العذابات بفرح، من جلدٍ بالسياط واستخدام الحصان الصغير والحرق بالنار والتقطيع بالسكين، وأخيرًا قطعت رأسه. |
جورديان الروماني وأبيماخوس السكندري يُذكر عن أبيماخوس انه استشهد في مدينة الإسكندرية حوالي سنة 250م حين أُلقى في جيرٍ حيٍ هو وشخص يدعى ألكسندر Alexander ، وذلك بعد أن عُذب عذابات شديدة بسبب إيمانه. ثم نُقل جسده إلى مدينة روما. واستشهد جورديان في مدينة روما بقطع رأسه، ووضع جسده في نفس القبر مع أبيماخوس. |
الشهيد جورديانوس استشهد في الثالث عشر من سبتمبر سنة 314م أثناء حكم الإمبراطور ليسينيوس Licinius، وكان مقربًا من الإمبراطور ومحبوبًا منه. ولكن حين تحوَّل ليسينيوس إلى مُضطَّهِد للكنيسة، نُفِي جورديانوس إلى سكيثيا Scythia حيث حُكِم عليه بالموت حرقًا. |
الشهيد جورديوس من الشهداء العسكريين تحت حكم ليسينيوس Licinius سنة 314م. ولد بقيصرية في كبادوكيا Caesarea in Cappadocia وكان قائدًا عسكريًا حين أمر ليسينيوس بطرد كل المسيحيين من مراكز القيادة في الجيش. فضَّل جورديوس اعتزال الجندية عن التبخير للأوثان، ثم فَرَّ إلى الصحراء، وهناك اشتعلت فيه شهوة الاستشهاد بكل قوة. في يوم الاحتفال بعيد الإله مارس Mars أتى جورديوس إلى مكان الاحتفال في المدينة حيث لَفَت شكله ولباسه أنظار الموجودين. أمام الجميع أعلن إيمانه وصرخ فيهم: "وُجِدت من الذين لم يطلبونني، وعُرِفت من الذين لم يَسْعوا إليَّ". في الحال قُبِض عليه وعُذِّب ثم حُكِم عليه بالموت. |
جورياس و ساموناس وأبيبوس الشهداء هؤلاء الشهداء الثلاثة من مدينة الرُها بسوريا، عاشوا حوالي القرن الرابع الميلادي، وبعد استشهادهم وُضعت أجسادهم في إحدى الكنائس هناك. في الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور دقلديانوس، اعتُقِل جورياس وساموناس ووضعا في السجن. ولما رفضا التبخير للأوثان عُلقا من إحدى أيديهما ورُبطت أثقال في أرجلهما، ثم أُلقيا في جب وتُركا بدون طعام لمدة ثلاثة أيام. ولما أخرجوهما كان جورياس قد قارب الموت، أما ساموناس فتعرض لتعذيبٍ شديدٍ، لكنه لم يحد عن إيمانه، فقطعوا رأسيهما بحد السيف ونالا إكليل الاستشهاد. بعد ذلك بفترة، اختفى أبيبوس الشماس في مدينة الرُها من اضطهاد ليسينيوسLicinius ، لكنه عاد وسلم نفسه، مشتهيًا أن ينال إكليل الاستشهاد. عرض عليه القائد الذي سلم نفسه له أن يعيد التفكير ويهرب لينجو بحياته، لكن القديس رفض العرض، فحُكم عليه بالحرق. صحبه إلى موضع تنفيذ الحكم أمه وبعض أقاربه، وقبَّلهم القديس قبلة السلام قبل أن يلقوه في النيران. بعد ذلك اخذوا جسده - الذي لم يتأثر بالنار - ووضعوه بجوار جسدي صديقيه جورياس وساموناس |
الساعة الآن 12:58 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025