منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   كلمة الله تتعامل مع مشاعرك (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=45)
-   -   تــأملات جميلة وحكم أجمل (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=3595)

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:52 PM

495 - يا ويل من يسقط بعد ارتفاع ، كما يقولون : اذا سقطت البقرة كثرت السكاكين . ما أن يهوي شخص كان في ملء السمع والبصر حتى يتسابق الناس ليذبحوه . ما أن يترك حاكم ٌ أو رئيس ٌ أو مدير ٌ كرسيّه ، حتى ترتفع الاصوات تحاربه . ما يكاد النجم العالي يهبط الى الأرض ، حتى تمتد الايدي تمزق وتنهش وتفتك به . هكذا العالم ، هكذا طبيعة البشر ، هكذا يفترس الانسان أخاه ُ الانسان . لا يسعى أحد لجمع شتاته وترميم حطامه واعادة بناء وشفاء نفسه المحطمة . لكن الله في محبته السامية يعمل على اقامة الساقط ومساعدة المرتد واستعادته . محبة الله تمتد نحو الانسان لتقيمه من عثرته ، محبة ٌ تجبر كسوره ، تسوّي وقفته . هوى بطرس التلميذ الشجاع المقدام وانكر سيده أمام الجواري والخدم . هوى في نظر زملائه التلاميذ ، هوى في نظر الناس ، هوى في نظر نفسه . لم يتركه المسيح ملقى ً حطاما ً مبعثرا ً ، مجروحا ً ، مهانا ً ، مرفوضا ً ، تتكاثر حوله اللعنات . لم يعتبره مثل يهوذا الذي خانه . كان يعلم ما بقلب بطرس من حب ٍ مخلص ٍ له ، فمد يده اليه ، اظهر اهتمامه به . لم تتغير معاملاته له بالعكس ، زاد منها . قدّمه الى الامام ، رفعه امام اخوته ، رفعه امام نفسه ، كلفه بمهمة ٍ كبيرة ، إئتمنه على غنمه ، اوكل اليه رعاية رعية الله ، أعاد اليه نشاطه وثقته بنفسه .
كم من مرة ٍ تسقط منا تحفة ٌ ثمينة تتحطم وتتناثر أشلائها . ماذا نفعل ؟ هل نلقي بها الى القمامة ؟ هل نتخلص منها ؟ أم نحاول لصق أجزائها ؟ ما دامت غالية الثمن ، ما دامت عزيزة علينا ، ما دامت محبتنا لها باقية ، فنحن نرممها ونستعيد تكوينها ونجددها ونجبرها ونبنيها من جديد . قد نسقط ، نسقط في خطية أو ننساق لشهوة أو ننحرف عن الطريق . نتكبر ونغتر ونشمخ فنسقط . نغضب ونثور ونحتد ونخطئ . قد نتردى في محبة المال وننسى الله وننتشي بالنجاح والاعتماد على الثروة . ننساق مع الزحام نحو الشر ، نلوك مرارة ً داخلية ونكره ونحقد ، نأثم ، يهتز ايماننا ، يهاجمنا الشك ، نسقط في اليأس ونتبعثر في الارض ، فيأتي الله بمحبته ليستعيدنا ، ينحني على الحطام ويجمع الاجزاء بصبر ، ويعيد لصقها بحب ، يركز نظره ويعمل باصابعه ، يصب محبته وهو يرممنا . لا تخشى السقوط فالكل يسقط . اصرخ اليه ، يأتي اليك ويستردك . لا تشمت لسقوط الآخرين ، اعمل على اقامتهم من عثراتهم .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:53 PM

496 - دخلت الخطية جوف آدم وحواء ، جرت في عروقهما وسرت في دمائهما . لم تكن عضو ظاهر في الجسد يمكن التخلص منه بقطعه او بتره . تغلغلت في آدم جسدا ً ونفسا ً وروحا ً ، صبغته بصبغتها السوداء ، تسللت الى روحه واستولت عليها واستعبدتها ، اخترقت كل انسجتها . وتوارثناها ، اصبحت جزءا ً من كيان كل البشر ، عاشت في روح كل انسان ، لكن الله يحب الانسان ويريد ان يطهّر روحه مما حل به من إثم ٍ وشر . ولم يكن الامر سهلا ً هينا ً . كان عليه ان يحرر الروح مما علق بها من ادران . وجاء المسيح وارتدى جسدا ً بشريا ً وعاش حياة الانسان ثم اعتلى الصليب ، ومن فوق الصليب جذبت محبة الله من أرواح البشر جميعا ً كل خطاياهم . قوة محبة الله كانت كمغناطيس عملاق ، سحب خطايا الانسان ماضيا ً وحاضرا ً ومستقبلا ً . انجذبت الخطية ، كل الخطية وحلت بالجسد المصلوب ، ومات المسيح عن الجميع . بذل دمه ، أمات الخطية بالدم المسفوك على الصليب ، تحررت الروح ، روح الانسان . لم يعد يشوب روح الانسان إثم . اعتدلت الروح واستقامت بعمل المسيح الفدائي . كان المسيح يعلّم في احد المجامع في السبت وكانت هناك امرأة " بِهَا رُوحُ ضَعْفٍ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَكَانَتْ مُنْحَنِيَةً وَلَمْ تَقْدِرْ أَنْ تَنْتَصِبَ الْبَتَّةَ." تعاني . كانت منحنية ، وجهها الى الارض دائما ً . لا تستطيع ان ترفع رأسها الى أعلى ، ورآها المسيح . امرأة ٌ مسكينة محنية ، دعاها فاقتربت منه ، لم ترى وجهه ، الضعف كان قد قوّس بدنها . قال لها : " يَا امْرَأَةُ ، إِنَّكِ مَحْلُولَةٌ مِنْ ضَعْفِكِ . وَوَضَعَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ ، فَفِي الْحَالِ اسْتَقَامَتْ وَمَجَّدَتِ اللهَ " ( لوقا 13 : 12 ، 13 ) . . رفعت وجهها ورأت السماء ، رأت وجه المسيح يملأ السماء ، فمجدت الله . كانت روح الانسان منكسرة بالخطية ، محنية ً تحت ثِقَل الإثم القديم ، كسر قيود الانسان وحطم سلطان الخطية ، واستقامت الروح . لا سبيل لتحرير الانسان من سلطان الخطية الا بدم المسيح ومحبة الله . بدم المسيح يستقيم البشر ، يمشون رافعي الرؤوس ، تُرد لهم كرامتهم . بدم المسيح لا نتحرر فقط بل نرتفع ، نعلو ، نسمو ، نحكم الارض معه ، ب " يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ: الَّذِي أَحَبَّنَا ، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ ، وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ " ( رؤيا 1 : 5 ، 6) . دم المسيح يطهرك . دم المسيح يحررك . محبة المسيح غسّلتك من خطاياك . دم المسيح يرفعك . دم المسيج يمجدك ، يجعلك ضمن ملوك الله وكهنته .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:53 PM

497 - محبة الله تحررنا ، تكسر القيود القديمة الثقيلة وتطلقنا أحرارا ً . ومحبة الله تحصرنا ، تأسرنا ، تملأ قلوبنا وحياتنا ، فتتلون قلوبنا وحياتنا بها . نصطبغ بها ، ننتمي اليها ، نخضع لسلطانها ، نضع نيرها على اعناقنا " إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا " ( 2 كورنثوس 5 : 17 ) ما كنا مستعبدبن له قد تحررنا منه . لم نعد عبيدا ً للشر ولا الشرير . لم تعد الخطية قادرة ً ومسيطرة علينا ، محبة الله حررتنا وانقذتنا منها . المسيح مات بخطايانا على الصليب ، حمل خطايا الجميع على كتفيه ومات وأماتها وقام . " وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ ، بَل ْلِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ. " . فالمسيح المقام هو حبنا وهو حياتنا ، ولائنا له وانتمائنا الآن اليه . لم نعد نعيش في عبودية ابليس . نحن نعيش في ملكوت محبة الله . محبة الله ملكوت . نخضع لله بدافع محبتنا له ، نحيا له بسبب محبتنا له . محبة الله حررتنا ، اصبحنا أحرارا ً في المسيح بموت المسيح وقيامته لاجلنا ، ومحبة الله تحصرنا ، اصبحنا نعيش حرية الحياة في محبة الله ومحبتنا لله . ليس احد منا يعيش لذاته ، ولا أحد يموت لذاته " لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ " ( رومية 14 : 8 ) . أصبحنا للرب بسبب محبة الله لنا التي تجسدت بالمسيح وحررتنا من الخطية . واصبح الرب لنا ، هو كل حياتنا . حياتنا له ، وموتنا له . للرب نحن . يحصرنا في نطاق طاعة الله والخضوع له . حبٌ قوي ، حي يضعنا في دائرة الله . مهما احاطت بنا اغراءات العالم ، تدعونا ، تجذبنا ، تُبهر انظارنا ، تُغرينا . لم تقدر أن تُبعدنا عن محبة الله ولم تُبعد محبة الله عنا ، لا تقدر . ومهما تراكمت علينا تجارب العالم واحزانه وآلامه ، مهما ثقلت الأيادي علينا لم تقدر أن تبعدنا عن محبة الله ولم تبعد محبة الله عنا ، لا تقدر . " فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً ، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى ، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. " ( رومية 8 : 38 ، 39 ) . محبة الله حررتك . انت الآن تعيش حرا ً طليقا لا سلطان عليك ، الا محبتك لله ، تخضع له بالحب . الحب الذي يملأ قلبك بالحرية . الحب الحر في المسيح .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:53 PM

498 - اقترب بطرس من المسيح وسأله : " «يَا رَبُّ ، كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ ؟ " ( متى 18 : 21 ) . كان بطرس قد تأثر من كلام المسيح عن محبة القريب وواجب الانسان نحو اخيه ، وكان يعلم ان اقصى ما يعلّم به المعلمون هو ان يغفر الاخ لأخيه حتى اربع مرات ، واراد ان يزيد على ذلك ، وقاده تفكيره الى أن يزيد غفرانه حتى سبع مرات . وقال له المسيح : " لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ. " لم يخطر على بال بطرس هذا العدد الكبير ، كيف يعد سبعين مرة سبع مرات ؟ لم يكن المسيح يريده أن يعد على اصابعه عدد مرات غفرانه لاخيه ، أراده أن يحب ، والذي يحب لا يعد ، الذي يحب لا يحصي عدد مرات عطائه أو غفرانه . واراد المسيح ان يقرّب الأمر الى ذهن بطرس والى اذهان تلاميذه ، قال : " إِنْسَانًا مَلِكًا أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ عَبِيدَهُ . فَلَمَّا ابْتَدَأَ فِي الْمُحَاسَبَةِ قُدِّمَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ مَدْيُونٌ بِعَشْرَةِ آلاَفِ وَزْنَةٍ ( تساوي ملايين الدنانير ) وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوفِي أَمَرَ سَيِّدُهُ أَنْ يُبَاعَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَأَوْلاَدُهُ وَكُلُّ مَا لَهُ ، وَيُوفَي الدَّيْنُ. فَخَرَّ الْعَبْدُ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ ، تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ . فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُ ، وَتَرَكَ لَهُ الدَّيْنَ . وَلَمَّا خَرَجَ ذلِكَ الْعَبْدُ وَجَدَ وَاحِدًا مِنَ الْعَبِيدِ رُفَقَائِهِ ، كَانَ مَدْيُونًا لَهُ بِمِئَةِ دِينَارٍ، فَأَمْسَكَهُ وَأَخَذَ بِعُنُقِهِ قَائِلاً: أَوْفِني مَا لِي عَلَيْكَ.فَخَرَّ الْعَبْدُ رَفِيقُهُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَطَلَبَ إِلَيْهِ قَائِلاً: تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ . فَلَمْ يُرِدْ بَلْ مَضَى وَأَلْقَاهُ فِي سِجْنٍ حَتَّى يُوفِيَ الدَّيْنَ. فَلَمَّا رَأَى الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُ مَا كَانَ، حَزِنُوا جِدًّا. وَأَتَوْا وَقَصُّوا عَلَى سَيِّدِهِمْ كُلَّ مَا جَرَى . فَدَعَاهُ حِينَئِذٍ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ، كُلُّ ذلِكَ الدَّيْنِ تَرَكْتُهُ لَكَ لأَنَّكَ طَلَبْتَ إِلَيَّ.أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضًا تَرْحَمُ الْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا ؟. وَغَضِبَ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ." ( متى 18 ) هكذا يكون لكل من لا يغفر لأخيه . أوصانا المسيح أن نغفر للمذنبين الينا . علمنا ان نصلي كل يوم ونقول " وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. " ( متى 6 : 12 ) الذين يغفرون يُغفر لهم . وقال : " فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاَتِهِمْ ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ." كيف يغفر لي الله إن كنت ُ لا أغفر لأخي ؟ عدم مغفرتي يقيّد غفرانه . كيف يسدد الله لي الملايين وأنا لا أترك لأخي الديون الصغيرة ؟ هل أساء اليك أحد حين وجه اليك قولا ً قاسيا ً أو كلمة ً جارحة ؟ كم تحمّل المسيح عنك ولأجلك ، اللعنات والاستهزاء والضرب والبصق ؟ هل خانك أحد ؟ هل خلف وعده لك ؟ هل اساء اليك بسلوكه ؟ وأنت ألم تخن الله وتخلف وعدك له ؟ ألم تسئ اليه بسلوكك ؟ الله في محبته غفر لك ، القى بذنوبك في اعماق أعماق بحر النسيان . وأنت ألا تحب أخاك كما أوصاك الله ؟ ألا تنسى وتغفر اسائته لك ؟ كما غفر لك اغفر له ، كما سامحك سامحه ، كما أحبك احببه ، والمحبة تغفر .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:54 PM

499 - رأى المسيح يعلّم الناس انكار الذات ومحبة القريب وغفران الزلات ، فاقترب منه وعرض عليه مشكلته . كان هناك ميراث ٌ بينه وبين أخيه . أراد أن يتدخل المسيح بينهما قاضيا ً وحكما ً . قال له : " قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ " ( لوقا 12 : 13 ) . نظر المسيح اليه ، اخترقت نظراته قلبه ، كشفت داخله وعرف ما به فقال : " انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ " الطمع يقتل محبتك لاخيك ، الطمع يدفعك لان تسعى للحصول على القسم الاكبر . الطمع يوجد صراعا ً . الطمع جشع . الطمع ظالم ٌ ، قاس ٍ . الطمع لص ٌ يسرق الحقوق . حين تطمع في أخيك تسعى لأن تأخذ أكثر من حقك وتحرمه من حقه . الطمع تركيز ٌ على النفس . الطمع محبة ٌ للذات . الطمع يحمل في طياته غيرة ً وصراعا ً . لو لم يكن قلب ذلك الرجل مملوء ً بالطمع لما لجأ الى المسيح يحتكم اليه في قسمة الميراث . لو كان قلبه عامرا ً بالمحبة الاخوية لعرف كيف يقتسم الميراث مع أخيه دون وسيط . كان فكّر في العطاء قبل الأخذ . كان يقدّم لا يُحجم . كان يمد اليد لا يقبض اليد . محبة المال تنتج الطمع . محبة المال تدفع الى الصراع والكراهية ومحبة الذات . حذرنا المسيح من محبة المال . المال سيد ٌ قاس ٍ أناني . " مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ " ( 1 تيموثاوس 6 : 10 ) . يتصور البعض إن في المال أمانا ً ، يتصورون أن الحصول عليه واكتنازه ضمان ، لكن المسيح بادر الرجل والمستمعين بقوله : " مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ " ( لوقا 12 : 15 ) مال الدنيا كله لا يستطيع ان يضيف الى حياة من يحصل عليه يوما ً واحدا ً . لم يحيا الانسان بسبب مال ٍ كثير ٍ يقتنيه ولن يموت انسان بسبب عدم وجود مال لديه . وضرب المسيح لذلك مثالا ً : غني اخصبت كورته ، زادت ثمارها وجاء الحصاد وفيرا ، هدم الاسوار ووسع المخازن وجمع الغلات والخيرات ، واستراح لما جمع واطمأن ، هلل للسنوات الكثيرة التي امامه ، ينعم بما جمع ويفرح بالمأكل والمشرب والمال الوفير . وجائت الساعة ، حلت ساعته . في ليلة اطمئنانه ناداه المنادي يطلب نفسه ( لوقا 12 ). مهما امتلئت ايدينا من خيرات يأتي وقت ٌ ترتخي الايدي ، تنفتح الاصابع وينفلت ما بينها ويسقط وتذهب اليد منبسطة فارغة تقبض الهواء . ايها الغني لا تفرح وتتكالب على الثروة ، المال يطير كالدخان . ايها الفقير لا تبتئس وترثي لحالك ، التذمر لا يُجدي .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:54 PM

500 - كان شعب الله يسير في الصحراء ، أقدامه المتعبة كانت تُهيل الرمال . جروا اطفالهم ورائهم ، ساروا واللون الاصفر يملأ عيونهم بشحوبه . لسعتهم حرارة الشمس ، احرقت اجسادهم ، جف ّ جوفهم وتشقق . هدم الجوع أمعائهم ، ومزق العطش داخلهم . تألموا وعانوا وصرخوا : أين الله في هذا التيه ؟ " هَلْ يَقْدِرُ اللهُ أَنْ يُرَتِّبَ مَائِدَةً فِي الْبَرِّيَّةِ ؟ ......... هَلْ يَقْدِرُ أَيْضًا أَنْ يُعْطِيَ خُبْزًا ، أَوْ يُهَيِّئَ لَحْمًا لِشَعْبِهِ ؟ " ( مزمور 78 : 19 ، 20 ) هل يقدر الله ، هل يستطيع ؟ " فَأَمَرَ السَّحَابَ مِنْ فَوْقُ ، وَفَتَحَ مَصَارِيعَ السَّمَاوَاتِ. وَأَمْطَرَ عَلَيْهِمْ مَنًّا لِلأَكْلِ ، وَبُرَّ السَّمَاءِ أَعْطَاهُمْ . أَكَلَ الإِنْسَانُ خُبْزَ الْمَلاَئِكَةِ . أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ زَادًا لِلشِّبَعِ ....... فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا جِدًّ " . استطاع الله ان يخرج من الصخرة ماء ً لهم : " هُوَذَا ضَرَبَ الصَّخْرَةَ فَجَرَتِ الْمِيَاهُ وَفَاضَتِ الأَوْدِيَةُ." ، وأن يُمطر عليهم طعاما ُ من السماء . ورغم ذلك وعلى مدى 40 سنة ، شكَوا وتذمروا وتسائلوا : هل يستطيع الله ؟ وافواههم مملوءة بالطعام ، وايديهم واقدامهم تخوض الماء في الصحراء ، يشكْون . نظروا الى سكان الأرض ، رأوهم في شكهم جبابرة ورأو انفسهم كالجراد ، حين نظروا الى انفسهم وجدوا انفسهم جرادا ً حقيرا ً ( عدد 13 : 33 ) وهكذا رآهم الآخرون . لو رفعوا اعينهم الى فوق لوجدوا الله يُعلن انهم خاصته ، ورثته واولاده . الروح يشهد اننا أولاد الله : " اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ. " ( رومية 8 : 16 ) ، وإن كنا أولاد الله فنحن ورثة الله ، وارثون مع المسيح : " فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا ، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. " ، وأولاد الله ليسوا جرادا ً ، أولاد الله جبابرة ، أقوى من كل الجبابرة . وحين نرى انفسنا أولادا ً لله . حين نثق ونؤمن ونعتمد عليه ، لا نخشى الجوع وسط الصحراء ، لا نخاف العطش في البرية الجافة . الايمان يفتح عيوننا فنعرف ونتأكد ونقر : أن الله قادر ، الله يستطيع . لا يصعب على الله شيء ، كل شيء ٍ مستطاع لديه ، وكل شيء ٍ مستطاع لنا . الله يستطيع ، الله يقدر ، الله يهب ويُعطي ، الله يحمي ويحفظ . يد الله قوية .
حين تتكاتف قوى الشر وتتحالف وتندفع نحوك ، تهاجمك وتعتدي عليك ، لا تشك بوجود الله بجوارك ، لا ترتعب وترتجف وتتسائل : هل يقدر الله ؟ حين تنزل عليك تجربة ، حين يصرعك مرض ، حين يحيط بك ظلم ُ وغدر ، لا تُغمض عينيك خوفا ً وفزعا ً ويأسا ً . افتح عينيك لترى الله يقدر . الله لا يتركك ، لن يتركك . انظر خلفك وتذكر اعماله معك . الله لا يتغير ، لن يتغير ، هو ، هو ، أمسا ً واليوم والى الأبد . الله يقدر ، نعم يقدر . الله يرى ، نعم يرى . الله معك ، دائما ً معك .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:54 PM

501 - بعض الناس يعيشون الحياة حزانى ، بائسين . يلفهم حزن ٌ ويغطيهم بؤس ، يجرّون أقدامهم على الطريق منكّسي الرؤوس ، منكسري القلوب ، تعساء . حين يرفعون انظارهم يرون السماء ملبدة ً بالغيوم تُخفي نور الشمس . اذا أصاغوا السمع المريض تصوروا تغريد الطيور بكاء ً وعويلا ً . اعصابهم متوترة ، عضلاتهم مشدودة ، عيونهم دامعة ، ارواحهم حزينة . يجدون في كل شيء ٍ سببا ً للأكتئاب ، يصرخون كل الوقت بالتذمر والشكوى . ينفثون دخانا ً أسود من أجوافهم يملأ الجو ظلاما ً وسوادا ً واكتئابا ً . اذا حل بهم شر صرخوا وولولوا ، واذا حل بهم خير لا يحسون به . اذا هبت عليهم ريح ضجوا واشتكوا ، واذا مرت بهم نسمة تشائموا . بعكس هؤلاء هناك من يسيرون في الحياة هاشين ، فرحين ، حولهم سعادة وبهجة . يقفزون في سيرهم ، يرقصون . اصوات اقدامهم موسيقى ، اقوال افواههم غناء . وجوههم تشع بشاشة وملامحهم تعكس السعادة ، عيونهم تُطلق نظرات ٍ نيرة . بسمات شفاههم تبعث أضواء ٌ مبهرة ، مبهجة ترطّب القلوب وتُسعد النفوس . الفرح يملأ النفس قوة ، قوة ً تواجه مشاكل الحياة وتطردها وتغلبها . الفرح يخلق جوا ً مريحا ً رطبا ً يفيض حولك فتشع محبة ً وسلاما ً . الذي يواجه الحياة بقلب ٍ متشائم ٍ حزين ، تبتلعه دوامات الحياة السوداء . والذي يخترق الحياة بقلب ٍ متفائل ، مبتهج ، يمتطي قمم الحياة وينجح . الله مصدر الفرح . الله يريدنا دائما ً أن نفرح . يقول الرب : " افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. " ( 1 تسالونيكي 5 : 16 ) حين يحل روحه القدوس في القلب يُنتج ويثمر محبة وفرحا ً وسلاما ً وراحة . الطبل والزمر لن يجلب الفرح ، الملذات والشهوات لم تحقق السعادة " فَرَحًا أَفْرَحُ بِالرَّبِّ. تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلهِي ، لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ . كَسَانِي رِدَاءَ الْبِرِّ " ( اشعياء 614 : 10 ) وينمو الفرح ويكبر بالشكر ، الشكر كل حين يأتي بفرح ٍ كل حين ، الشكر وقود الفرح . حين تواجه تجربة قاسية ، اشكر ، يتحول حزنها الى فرح ونصرة وغلبة . اذا حل بساحتك حزن ، اشكر ، يخف الحزن ويذوي ويختفي ويهرب . حين ينزل بك مرض ، اشكر ، يتقوى الجسم ويصح . الشكر يخلق قوة . اذا هاجمك عدو غاضب ، اشكر وارفع سلاحك بوجه مبتسم ، تغلب . داخلك يلون خارجك ، الحزن والشكوى يجعلان حياتك مرة . الله داخلك يُسعد خارجك . الفرح والشكر يجعلان حياتك ترنيمة .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:54 PM

502 - أوصانا الله أن نحب بعضنا بعضا َ ، والمحبة ليست كلاما ً ولسانا ً فقط . لا يكفي أن نعلن محبتنا بالقول والالفاظ المنمقة الجميلة العاطفية الرقيقة . لا بد أن تترجم المحبة عملا ً بجوار القول . لا بد أن تمتد أيدينا مع نبض قلوبنا . يقول يوحنا الرسول : " وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا ، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ ؟ ( 1 يوحنا 3 : 17 ) هل يملأ الحب جوفه ؟ ، هل يسد الحب وحده جوعه ؟ همس المسيح الى بطرس وسأله : " يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا ، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هؤُلاَءِ ؟ " وبسرعة ٍ انطلق حب بطرس للمسيح ، بسرعة قال : " نَعَمْ يَا رَبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ " وقال له المسيح : " ارْعَ خِرَافِي " ( يوحنا 21 : 15 ) ثلاث مرات يسأل ، وثلاث مرات يكلفه برعاية غنمه . المحبة ُ عرجاء إن لم تتحرك وتعمل وتُعطي وتخدم . المحبة العاملة قوية ٌ ، عفية . قال بولس الرسول : " اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ ، وَهكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ ." ( غلاطية 6 : 2 ) المحبة تتقدم الى الأخ وتنحني وتحمل الحمل على الكتف ، تحمل الأثقال . المسيح نادى وقال : " تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ . " ( متى 11 : 28 ) محبة المسيح كانت متحركة وعملية ، كان يجول بين الناس يعلّم ويشفي ويُعين . إذا وجدت أخا ً يعاني من احتياج ، محبتك له تدفعك لأن تسدد إحتياجه . إذا سمعت بكاء أخ ٍ وشكواه ، محبتك له تربت على كتفه وتعزيه وترفع ألمه . المحب تتحرك أحشائه ليرفع معاناة المحبوب . المحب تسرع يده لتقديم العون للمحبوب . المحبة تجعلنا نقف في صف من نحبهم ، نواجه معهم هجمات التجارب وطعناتها . المحبة تدفعنا لأن نمد أيدينا لنسند الضعيف ونشجع المحبط ونرفع الساقط . حين يلازم أخٌ فراشه بسبب مرض ، يحتاج الى محب ٍ يخفف عنه آلام المرض . حين يفقد أحدهم عزيزا ً لديه ، يكون في أشد الاحتياج الى محب ٍ يشاركه أحزانه . الصديق يظهر وقت الاحتياج . والمحب يتقدم بالعون عند التجارب . المحبة تُترجم : " فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ." ( رومية 12 : 15 ) المحبة تخطو وتتقدم وتبادر . أعمال المحبة تقوي الضعيف ، وتعزي الحزين ، وتشد ازر المهزوم . أحب الله الانسان حتى بذل ، ونحن علينا عندما نحب أن نحول حبنا بذلا ً . اجعل قلبك ينبض حبا ً ويدك تمتد عطاء ً . وللمحبة فضل لذلك سوف تجد حولك من يحب ويعطي .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:55 PM

503 - عندما بدأ يسوع المسيح ارساليته على الارض ، ابتدأ يجمع التلاميذ حوله . اختارهم من عند بحر الجليل وناداهم ليتبعوه ، وتركوا قواربهم وشباكهم وساروا خلفه . وتجمع حوله إثنا عشر رجلا ً سمعوا دعوته وجاؤوا ليصبحوا صيادي ناس خلفه . زاد الملتفون حوله ، سمعوا تعاليمه ورأوا أعماله وعاينوا معجزاته . أرادوا أن يتبعوه ويكونوا ضمن تلاميذه ، فوضع المسيح شروطا ً لتلمذته . وبينما هم يتزاحمون بكثرة حوله وهم يقتربون منه ليكونوا في رفقته وصحبته ، قال لهم : " إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا ، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا......... كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لاَ يَتْرُكُ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ ، لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. " ( لوقا 14 : 26 ، 27 ، 33 ) شروط ٌ صعبة ، وتضحيات ٌ كبيرة ، واختيار ٌ صعب ، وقرار ٌ كبير أن تكون للمسيح تلميذا ً . كم من مرة ٍ جائه من يظن نفسه قادرا ً أن يتبع المسيح فيصدم ويفهم ويُحجم . بينما هم سائرون في الطريق ، جائه من يقول يا سيد " أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي " . نظر اليه المسيح وقال : " لِلثَّعَالِب أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ " ( متى 8 : 20 ) ليس في اتباع المسيح راحة ، وليس له مكان اقامة . وقال لآخر : " اتْبَعْنِي " فوجئ الرجل وتردد ، قال : " ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي " ( لوقا 9 : 59 ) راعى المسيح تردده فقال له : " دَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ ، وَأَمَّا أَنْتَ فَاذْهَبْ وَنَادِ بِمَلَكُوتِ اللهِ." " وَقَالَ آخَرُ أَيْضًا: أَتْبَعُكَ يَا سَيِّدُ، وَلكِنِ ائْذَنْ لِي أَوَّلاً أَنْ أُوَدِّعَ الَّذِينَ فِي بَيْتِي. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ : لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ " اتّباع المسيح مكلّف ، ليس نزهة أو لهوا ً ، أو ارتخاء عزيمة ، أو نعومة يد . السير خلف المسيح أولوية ، لم ينادي بالبغضة ، هو لا يريدك أن تبغض أحدا ً ، لكنه يريدك أن تحسب النفقة جيدا ً ( لوقا 14 : 28 ) . اتّباع المسيح أول الاهتمامات ، بجواره لا منافسة . محبته واتّباعه يتقدمان كل شيء وكل شخص وكل ارتباط . اتّباع المسيح حمل الصليب ، الصليب خشن ٌ ، قاس ٍ ، ثقيل ٌ ، طريقه ُ وعر . العثرات الرخوة تنوء تحت ثقله ، الأيدي الناعمة تُجرح وتنزف دما ً . الصليب ليس حملا ً فقط ، بل هو طريق ٌ للألم والمعاناة والاستشهاد . التلمذة للمسيح تنازل ٌ عن كل الحقوق . احسب النفقة والتكلفة جيدا ً لتتبعه وتسير خلفه.

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:55 PM

504 - اجتمع الشعب وسط المدينة والتفوا حول عزرا الكاتب وهو يقرأ لهم سفر الشريعة . في سكون ٍ وخشوع شخصوا بعيونهم واشرأبوا باعناقهم واستمعوا لكلمات الرب . دخلت الكلمات اسماعهم واهتزت لها قلوبهم ، ورفعوا أيديهم " وَخَرُّوا وَسَجَدُوا لِلرَّبِّ " . قال لهم نحميا وعزرا : " هذَا الْيَوْمُ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ ، لاَ تَنُوحُوا وَلاَ تَبْكُوا " ( نحميا 8 : 9 ) لا تحزنوا لأن فرح الرب هو قوتكم . كل انسان يسعى ليسعد ويفرح ، وفرح الشعب وسعد بشريعة الرب التي قُرأت عليهم بواسطة نحميا وعزرا . فرح الشعب لأنه قد سمع وفهم أقوال الله . كلمات الكتاب المقدس تفرّح القلب ، وحين تدخل الى القلب والعقل ، حين نلهج فيها ، تتفجر فينا ينابيع السعادة والفرح . يا رب " كَمْ أَحْبَبْتُ شَرِيعَتَكَ الْيَوْمَ كُلَّهُ هِيَ لَهَجِي " ( مزمور 119 : 97 ) " أَتَلَذَّذُ بِوَصَايَاكَ الَّتِي أَحْبَبْتُ " . فرح الشعب لانه شارك كلمات الرب مع الذين لم يسمعو بها ويعرفوها من قبل . قال نحميا للشعب : " اذْهَبُوا كُلُوا السَّمِينَ ، وَاشْرَبُوا الْحُلْوَ، وَابْعَثُوا أَنْصِبَةً لِمَنْ لَمْ يُعَدَّ لَهُ " ما أروع حمل أخبار الله السارة الى الذين يعيشون في ظلام الجهل بها ، ما أروعه . يقول داود النبي : " وَأَتَكَلَّمُ بِشَهَادَاتِكَ قُدَّامَ مُلُوكٍ وَلاَ أَخْزَى " ( مزمور 119 : 46 ) ما اجمله . ويقول المسيح : " إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي ، كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي مَحَبَّتِهِ. كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ . " ( يوحنا 15 : 10 ، 11 ) يكمل فرحنا . وفرح الشعب لانه اطاع كلمة الله ونفذ شريعته وحفظ وصاياه . ما ان سمعوا كلام الله ، ما أن كشف الله لهم عن عن شريعته ووصاياه حتى اسرعوا بالطاعة ، لم يؤجلوا ، لم يترددوا ، نفذوا كلام الله . بعد أن أكمل المسيح عظته على الجبل ، نظر الى الجماهير المأخوذة بما سمعت . سمعوا وفرحوا ، أدركوا معنى الكلمات ، وفهموا قصد الله ، سمعوا وعرفوا . وماذا بعد ؟ هل تضيع الكلمات بعد ذلك في الهواء ؟ هل تذرّى بفعل الرياح ، أم تثبت في القلب وتأسر العقل وتحرّك الارادة وتشكّل السلوك ؟. قال المسيح : " كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا ، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل ، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ . فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ. وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا ، يُشَبَّهُ بِرَجُل جَاهِل ، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ .فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ ، وَصَدَمَتْ ذلِكَ الْبَيْتَ فَسَقَطَ ، وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيمًا " ( متى 7 : 24 - 27 ) أنت تقرأ كلام الله وتفرح ، ليزيد فرحك ويفيض ، قدّمه الى غيرك ليسمع ويفرح .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:55 PM

505 - خلق الله الانسان وبدأ معه علاقة ً خاصة تختلف عن علاقته بباقي الخلق . ميز الله الانسان عن باقي المخلوقات ، وخصه باعلان ذاته له وكشف ارادته نحوه . حين وضعه في الجنة عقد معه اتفاقا ً أن يأكل من كل شجر الجنة عدا شجرة ٍ واحدة . أطلق يده في كل ما بالجنة وحذره من مد يده الى شجرة معرفة الخير والشر التي حرّمها عليه . وعده ُ بكل الخير ، وهبه كل ما خلقه ُ وجعله لخدمته ، أما هذه الشجرة فلا يمسها . قال : " لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا ، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ " ( تكوين 2 : 17 ) تعهد آدم بذلك لله ، لكنه كسر العهد وخان الاتفاق وعصى أمر الله وحل به عقاب نقض العهد . وبعد السقوط استمر الله في علاقة خاصة بالانسان ، خصه باهتمامه وعهوده . مع ابراهيم جعل الله عهدا ً بينهُ وبينه . وعده بأن يكثّره تكثيرا ً جدا ً . قال له " هوَذَا عَهْدِي مَعَكَ ، وَتَكُونُ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ " ( تكوين 17 : 4 ) وحفظ الله عهده ، وهبه اسحق ابنا ً في شيخوخته وجعله امة ً عظيمة ً جدا ً واسكنه أرض موعده . من الجانب الآخر يبرم الانسان عهدا ً مع الله فيحيا له مكرّسا ً حياته لخدمته . هكذا كان يفعل الانبياء والكهنة في القديم والقادة الذين يصطفيهم الله . حفظ ابراهيم ونسله عهدهم مع الله ، وكان الختان علامة ً لذلك العهد . وجاء المسيح ، جاء المسيح تحقيقا ً لخطة الله لخلاص الانسان ، وتحقق فيه وعد الله . وعندما نقبل المسيح ربا ً ومخلّصا ً ، ونعلنه سيدا ً على حياتنا ، نبرم معه عهدا ً . نتعهد بأن نحمل اسمه ونتبعه ، نسير ورائه ونعبده ، نحيا ونموت له . وفي تنفيذنا عهدنا ذلك ، نسير حياتنا لنرضيه ، ونسلك في الطريق الذي يحدده . لا نسمح لأي تدخل خارجي أن يفصلنا عن تمسكنا بالعهد ويرخي ايدينا عنه ، فنعمل كل ما نعمل " كَمَا لِلرَّبِّ لَيْسَ لِلنَّاسِ " ( كولوسي 3 : 23 ) لا يؤثر انسان على اتباعنا طريقه . وكما حفظ الرب عهده مع شعبه والتزم به وانقذهم من اعدائهم ، التزم الشعب ووضعوا ميثاق . قالوا " وَالآنَ يَا إِلهَنَا ، الإِلهَ الْعَظِيمَ الْجَبَّارَ الْمَخُوفَ ، حَافِظَ الْعَهْدِ وَالرَّحْمَةِ ............ نَحْنُ نَقْطَعُ مِيثَاقًا وَنَكْتُبُهُ. وَرُؤَسَاؤُنَا وَلاَوِيُّونَا وَكَهَنَتُنَا يَخْتِمُونَ " ( نحميا 9 : 32 – 38 ) حفظ الله عهده معك ، جاء انسانا ً وحمل خطاياك ومات عنك على الصليب ، رفع عنك حكم الموت ، قدم نفسه ذبيحة ً عنك ، سدد الثمن بدمه المسفوك عنك . وانت وقد قبلت فدائه وقد دخلت في عهد حياة معه ، قطعت معه ميثاقا ً ، والسماء شاهدة ً على ذلك الميثاق .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:55 PM

506 - ترك المسيح عرشه في السماء ونزل الينا وعاش وعانى دنيانا وحياتنا . سار طريق الشوك والالم كله ، وواجه الرفض والاضطهاد والخيانة والانكار . واعتلى خشبة الصليب ، ثُقبت يداه وتمزق جسده ومات موت العار وهزم الموت . ثقب قبره ، انطلق غالبا ً الهاوية وارتفع عائدا ً الى السماء ، وهو يجلس الآن على عرشه يسمع صلواتنا ويستجيب لطلباتنا وابتهالاتنا . ترك الروح القدس ليسكن فينا ويلهج داخلنا ويشكّل صلواتنا ويشفع فيها . الروح القدس هو الطريق الموصّل بين الأرض والسماء الذي يكشف لنا فكر الله . الصلاة تخرج من قلوبنا وتعتلي أجنحة الايمان وتعلو صاعدة ً الى السماء الى عرش الله ، تبدأ في قلب الله وتحل بالروح في قلوبنا وتتصاعد بشفاعة الروح الذي يئن فينا بأناته . وهكذا تنشأ الصلاة في السماء ثم تصل الى السماء ، الروح القدس يعين ضعفاتنا " لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي . وَلكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا." ( رومية 8 : 26 ) الصلاة شركة وعلاقة بالله . الصلاة موجات روحية تصعد الى عرش الله . حين نصلي ، نتصل بالله ، نتواجد في حضرته ، نحيا في رفقته ، نقيم في صحبته . ندخل الى محضر الله مصلّين لا لنطلب أو لنسأل أو لنأخذ بل لنكون معه . التواجد في حضرة الله هدف صلاتنا . التمتع بالاقامة في حضنه بين يديه . ونأتي اليه مصلين متمسكين بوعوده " اِسْأَلُوا تُعْطَوْا ........ لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ " ( متى 7 : 7 ، 8 ) نمد أيدينا الفارغة ليملأها ويغترف من بركاته ويصبها في أكفنا ، يسدد احتياجنا . ونطلب وجهه ، نطلب التطلع اليه . وحين نطلبه نجده حاضرا ً معنا . حين نبحث عن صديق ، نجده الصديق ، حين نبحث عن معين ، نجده المعين . ونقرع بابه فيفتح لنا وندخل ونتعشى معه ونقضي الوقت معه . بعد صلب المسيح تشتت التلاميذ وهربوا ، وبعد قيامته خافوا واختبأوا . وفي مكانهم رفعوا وجوههم وصلوا فتزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه ، وامتلأ الجميع من الروح القدس ، وكانوا يتكلمون بكلام الله بمجاهرة . حين تجد العالم يقف ضدك ، صلي . حين تجد الحياة مفروشة بالورود ، صلي . عندما يملأ الفراغ قلبك صلي ، عندما ترى الزحام يحيط بك صلي . في الحزن والصراع اذهب الى جثسيماني وجاهد في الصلاة مع المسيح . في اعماق الظلام والليل والسجن ارفع صوتك بالصلاة والتسبيح . اجعل حياتك صلاة في كل حين ، في كل وقت ، في كل ظرف ، صلي ، صلي ، صلي .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:56 PM

507 - تمر بحياتنا ظروف ٌ سعيدة وايام هنية واوقات راحة فرحة . وتحل بحياتنا احداث صعبة وكوارث مؤلمة ولحظات تعاسة حزينة . نقبل الطيب بسعادة ٍ وفرح ، نرضى به ونعتبره مكافئة صلاح ٍ فينا نستحقها . ونواجه الرديء برفض ٍ وثورة ، بتذمر ٍ وتمرد ، بدهشة ، فنحن لا نستحق ذلك . نتلفت حولنا لنلقي اللوم على الغير ونوجه الاتهام ونعلل اسباب المتاعب بعلل ٍ مختلفة ، ضغوط العمل وثقل الواجبات ، غياب المكافأة وحلول العقاب من رئيس ظالم . المشاكل الاقتصادية وضيق ذات اليد وندرة الموارد بسبب سياسات حكومية . انحراف الابناء وسوء تصرفاتهم وافعالهم . انحراف المجتمع وسوء نظامه . حتى المرض والمشاكل الصحية والوعكات جلبتها التكنولوجيا الحديثة بتلوثاتها . سوء الأحوال الجوية ، البرد والحر ، الفيضان والعواصف من ثقب الأوزون . نتذمر ونشكو ونصرخ بالرفض للاسباب التي تجعل حياتنا صعبة . ننظر من وسط معاناتنا لمن حولنا ، نعاتبهم ونتهمهم ونتطاول عليهم وندينهم . تُصبح الحياة كراهية ً وحقدا ً ، صراعا ً وحربا ً وتزداد تعاسة ً وقسوة . واحيانا ً نتمادى في اتهاماتنا ونتطاول ونلوم الله نفسه عن ما يحل بنا . تتزايد شكوانا ونغرق في الشك في الله فيخبو ايماننا ويضعف . يعذرنا الناس أحيانا ً ويجدون تبريرا ً وعلة ً لعصياننا ورفضنا : مظلوم رئيسه يضطهده ، مهضوم ٌ القونين تنهشه ، مطحون ٌ الحياة تعتصره . فيخرج من داخلنا دخان ٌ وغبار ٌ اسود . دخان وغبار تمرد ٍ وعصيان وثورة . الظروف السعيدة تأتي الينا جميعا ً والاحداث السيئة تحل بنا بلا استثناء . الكل ، كل واحد ، كل انسان يواجهها ، لا مفر منها لمن يعيش حياتنا . لا تهم الاسباب ، الاسباب متباينة ، متعددة ، العبرة في كيفية التعامل معها ، هل نرفضها ونعترض عليها ونهاجم من نتصوره سببا ً فيها بحق ٍ أو بباطل ؟ هل ننفث غلنا فيهم ؟ هل ننشب أظافرنا في رقابهم ، نجرح ونمزق ونفترس ؟ أم نقبلها بصبر ٍ واحتمال ، نرفع وجوهنا الى الله ، مصلين ، مستنجدين ، شاكرين ، ونمد أيدينا الى من يمر في ظروف ٍ مماثلة ، نساعد ونجبر ونتعاطف ونتراحم ؟ . هذا يتوقف عليك ، أنت صاحب الاختيار والقرار ، في يدك المبادرة ، اما الحرب ومناطحة الصخور ورفس المناخس أو الرضا والقبول والشكر . مواجهة العاصفة ومصارعتها أو اختراقها والارتفاع فوق امواجها " اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ." ( متى 12 : 35 ) .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:56 PM

508 - تحيط بكل واحد ٍ منا حروب ، حروب ٌ ضارية ، ضروس ، عنيفة ، دامية . لا يوجد من هو معصوم ٌ من الصراع ، لا يوجد من يحيا دائما ً في سلام . والحرب غالب ٌ ومغلوب ، نصرة ٌ وهزيمة . وتحل بنا في حياتنا هزائم قاسية ، نجد أنفسنا مثخنين بالجراح ، مطروحين على الارض ، ننزف عارا ً مع الدماء ، ونتصور أن الله قد تركنا . البعض ييأس ويفشل ويلعق جراحه ، والبعض يصحو ، يتحرك روحه داخله ، يكتشف سقطته ويدرك خطيته ، يصحو من كبوته ، يرفع رأسه المنحنية ، يندم ، يتوب ، يبكي ويعترف . يعترف بابتعاده عن الله ، يطلب وجهه ، يسعى يترجى عفوه وصفحه . ويبادر الله ويرفعه من سقطته ، يقيمه من عثرته ، ينصبه ويرفعه . هكذا كان الشعب وقت هوشع النبي ، زلوا واخطأوا ، سقطوا وانهزموا . عاشوا في وادي عخور ، وادي الهزيمة وادي العار ، وادي القلب المنكسر . لا يوجد في وادي عخور أي صلاح ، لا يوجد الا الألم والحزن والبكاء والنحيب . الوادي يجذب المقيمين به الى اسفل الهاوية ، يهوي بهم الى اعماق ٍ سوداء ، ادرك الشعب خطيته ، اعترفوا بها ، تابوا وترجوا وجه الله ورحمته . وتدخل الله ، قال : " وَأُعْطِيهَا كُرُومَهَا مِنْ هُنَاكَ ، وَوَادِي عَخُورَ بَابًا لِلرَّجَاءِ. وَهِيَ تُغَنِّي هُنَاكَ كَأَيَّامِ صِبَاهَا ، وَكَيَوْمِ صُعُودِهَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ." ( هوشع 2 : 15 ) تحول وادي عاخور الى باب رجاء ، الظلام غزاه نور يبدد حلكته . السد العالي الذي يسد الطريق ، انزاح تحت طرقات الرجاء والأمل ، وارتفع صوت الغناء ، تبدل اليأس طربا ً ، والحزن تحول الى فرح . الخطية التي تودي الى الهلاك انمحت وغُفرت واختفت تحت نعمة الله ورحمته . الحكم بالموت الذي صدر عليها ، محاه غفران الله ولغاه ُ سماحه ُ ورضاه . ما أعظم حب الله ، ما أروع وأوسع رحمته ، حوّل وادي عخور الى وادي رجاء . ما اعظم نعمة الله ، ما أعجب وامجد معاملاته ، جعل البكاء انغام غناء .
حين تسقط في هوة الخطية ، حين تجذبك الى قاع دوامة اليأس ، حين تُقفل الابواب في وجهك ، حين لا تجد سبيلا ً للهروب من الهزيمة ، عندما يهجرك الأحباء والاصدقاء ، عندما ينفض عنك الناس ، عندما تجد نفسك ملقى ً في وادي عخور ، انتظر الرب ، ادعوه وانتظرهُ ، يأتي اليك وتمتد يده ، يملأ فمك ضحكا ً وقلبك رجاء ً وغناء ً.

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:56 PM

509 - هل استقبلت اليوم مبكرا ً ؟ هل شاهدت مولده ؟ هل صحوت في الفجر ؟ تصاحب مولد اليوم رقصات من اشعة الشمس وموسيقى تغاريد الطيور . ما اجمل بداية اليوم ، ما ابهى قدومه ، هل فكرت أن تجعله كله جميلا ً بهيا ً ؟ قد يشوبه تصرفات من حولك وما حولك من افراد واحداث ، لكنك لو أردته جميلا ً بهيا ً تقدر ، لو سعيت الى ذلك وحاولت . الروح القدس متاح ٌ لك ، الروح القدس قادر أن يجعل يومك عظيما ً رائعا ً . الله أتاح لك حرية الاختيار ووفر لك الروح القدس ليحقق ما تختار . ماذا تختار ليومك اليوم ؟ ماذا تريد أن تحقق ؟ ماذا تريد أن تفعل ؟ أنا سأختار المحبة ، لن اسمح للكراهية أن تُفسد يومي . المحبة تطرد الحقد ، المحبة تُنتج حبا ً ، المحبة لا تسقط ابدا ً . وأختار الفرح ، سافرح اليوم كله ، سافرح كل حين . الفرح يملأ يومك باقواس قزح ، الفرح يغني ، يرنم ، يرتّل وينشد . ساختار السلام ، لن اسمح للصراع أن يعكر صفو يومي . إن قدمت السلام للناس ارتد لك منهم سلام ٌ وتسامح . واختار طول الأناة ، لن اشكو ، لن أتذمر ، لن أغضب ، لن أشتُم . الصبر مفتاح الفرج ، الصبر وطول الأناة يُطفئان نيران التوتر . ساختار اللطف ، اللطف نحو الجميع ، نحو الفقير المحتاج ونحو الغني الخائف . الوجه اللطيف يُشع صداقة ً تحتضن الجميع ، وتمد يدا ً حنونا ً نحو الناس . واختار الصلاح ، البر والطهارة ونقاء اليد والقلب وامانة النفس . الصلاح جدول ماء ٍ رقراق ، الصلاح يفجر مياه ً رطبة تُروي وتُريح . سأختار الايمان ، الثقة بالله وباعماله ، بعنايته ونعمته ، بمحبته ورعايته . فتنتظم الخطوات على الطريق ، تتحرك بيقين لا تتعثر أو تسقط . واختار الوداعة ، وداعة ً ايجابية تصد العنف وتطرده وتغلبه . الوداعة ليست ضعفا ً وخضوعا ً وتخاذلا ً ، الوداعة أقوى من الحرب . ساختار التعفف ، الترفع والتسامي صفة الروح الخالد ، الجسد من تراب والى تراب . لا تجعل الفاسد يحكم حياتك . بهذا يكون يومي جميلا ً بهيا ً ، بهذا يصفو ويمتلأ بالبهجة . أعطاك الله اليوم واعطاك الاختيار لتشكله كما تريده . إن امتلئت بالروح ، امتلأ يومك بالمحبة والفرح والسلام ، بطول الأناة واللطف والصلاح ، بالايمان والوداعة والتعفف .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:57 PM

510 - ما أن خطوت ُ أول خطوة الى العلاقة الشخصية مع الله ، ما إن أصبحت حياتي وارادتي وقلبي ملكا ً خالصا ً له حتى دخلت ُ دائرة نعمة الله ، اصطبغت بصبغته وحملت ُ علامته . منذ ذلك الحين أصبح ماضي َّ وحاضري ومستقبلي كله ، شأنه . كل ما اقترفت يداي من آثام في الماضي ، كل خطاياي قد غُفرت . كل ما سيحدث لي في المستقبل ، كل أيامي المقبلة ، كلها في يده . لا لن التفت الى الماضي نادما ً ، لن التفت الى الخلف أبدا ً . لا لن اتلفت متوجسا ً مرتعبا ً من المستقبل ، لن أخشى الغد . عن الماضي يقول ربي : " قَدْ مَحَوْتُ كَغَيْمٍ ذُنُوبَكَ وَكَسَحَابَةٍ خَطَايَاكَ " ( اشعياء 44 : 22 ) وعن المستقبل يقول الهي : " لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ . لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلهُكَ " ( اشعياء 41 : 10 ) . بعد أن تحررت ُ من قيود الماضي ، بعد أن تكسرت قيودي ، أنا حرٌ بلا قيد . بعد أن ضمنت المستقبل وأمّنت ُ أيامه ، أنا قوي لا ترهبني مجاهيله . كل ما افعله الآن هو أن اركز في الحاضر ، أحياه وأعيشه . أسير بل أقفز خفيفا ً فوق الاحداث بمرح وثقة واطمئنان وايمان . ايمان من لا ماضيا ً مشينا ً له ، ايمان من له مستقبل مضيء آمن . اذا تلفت ُ الى الخلف لا أرى ظلاما ً اسود ، لا أسمع صرخات ثأر ، خلفي نور غفران الله يضيء ماضي َّ ، خلفي هتاف الله " مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ " . لا تحيط برقبتي قبضة العار . لا تقيد يدي َّ ورجلي َّ سلاسل الشعور بالذنب . كل ذنوبي مُحيَت ، كل آثامي غُفرَت ، كل خطاياي أُلقيت في بحر النسيان . واذا امتد بصري الى الامام لا أرى ظلاما ً ، لا اسمع طنين خوف المجهول . أمامي نور عناية الله يضيء طريقي ، أمامي مجد الله يفتح لي الابواب . لا يفزعني خوف ٌ محتمل ، لا أتوجس من شر ٍ قابع عند منحنى الطريق . قد لا اعرف الطريق ، لكنني اعرف من يسير معي على الطريق . لا تحمل ماضيك على كتفيك ، ألق ٍ أحمالك تحت قدميه . لا تنحني تحت أثقال خطاياك ، انفضها عنك ، ارمهما بعيدا ً عنك ، فيه هو غفران كل الخطايا ، لا شيء من الدينونة الآن عليك ما دمت في المسيح . لا شيء الآن يثقّل خطواتك ويعوق تقدمك . اقفز الى المستقبل مرحا ً ، فالمستقبل لك ، المستقبل مضمون ، مأمون . لا تنظر الى الماضي ولا المستقبل ، ركز نظرك في الحاضر . ولا تبالي بالاحداث حولك ، لا تجعلها تعكّر صفوك ، لا يهتز قلبك فــ " نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ " ( رومية 8 : 28 ) .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:57 PM

511 - كان الفتى معجبا ً بالمسيح ، آمن به ، كلماته وجدت صدى ً في قلبه ، واعماله أذهلته . سار ورائه في كل مكان ذهب اليه ، سار وسط الجموع خلفه من بعيد ، عيناه تتابعان حركاته ، وأذناه تبتلعان كلماته ، كان مأخوذا ً به ، مفتونا ً . كان يحلم أن يتبع المسيح ، أن يكون تلميذا ً له ، كم سيكون ذلك رائعا ً ، يشاركه في مجده ِ وعظمته ِ وقدرته . يتدفق الخبز والخير من بين اصابعه . يأمر الأعرج فيمشي ، الموج فيسكت ، الأعمى فيبصر ، الميت فيقوم . يحكم العالم كله ويملك المسكونة ، ويكون له عرش ٌ بجواره في الأبدية . تجرأ واقترب منه ، شق الزحام حوله وتقدم الى الأمام ووقف قبالته ، وبعزم ٍِ واصرارٍ واقرار ٍ قال : " يَا سَيِّدُ ، أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي " ( لوقا 9 : 57 ) نظر المسيح بكل عينيه الى عينيه ورأى أحلامه ُ وتصوراته وطموحاته ، فقال له برقة : " لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ ، وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ " كل الأرض له ، السماء أيضا ً له وليس له أين يسند رأسه . إن كانت رأس المسيح ليس لها مكان ، فماذا يكون مصير رأسه ِ هو ؟ واستدار عن المسيح ورجع . كثيرون يتصورن الطريق خلف المسيح مفروشا ً بالورود . طريق اتّباع المسيح ليس سهلا ً . قال : " إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي ، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا " ( متى 16 : 24 ، 25 ) اتّباع المسيح ليس سهلا ً ، لكنه أيضا ً ليس مستحيلا ً ، ليس تعجيزا ً . المسيح لم يسير في طريق ٍ معبد ، طريقه هنا على الأرض كان وعرا ً . واجهته صراعات من الأهل ، من الخاصة ، من المعارضين والاعداء . وتقدم نحو هدفه ، تقدم الى الجلجثة ، اعتلى الصليب ومات ، وحسب خطة الله ومشيئته تحول الصليب عرشا ً وقفز من القبر منتصرا ً على الموت . المسيح حين يدعوك أن تتبعه لا يدعوك الى نزهة ، لا يدعوك الى الراحة . المسيح يدعوك لتسير خلفه في الطريق الوعر ، الطريق الضيق الى الحياة الأبدية ، يدعوك الى الصراع ، الى المعاناة ، الى الاضطهاد ، الى التحدي ، ولا يقبل التحدي الا الأقوياء ، الواعين ، المدركين ، العارفين المسيح ، الذين يعرفون معنى الكلمات :
" مَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا." ( متى 16 : 25 )
" وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي ، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. " (متى 19 : 29 ) .
اتّباع المسيح ربح ، ربح ٌ عظيم " لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ ؟ " ( متى 16 : 26 ) .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:57 PM

512 - ما أن دخلت الثمرة المحرمة جوف الانسان ، حتى دخلته الخطية ولوثت داخله . أحدثت الخطية فيه ما لم يحدث له من قبل ، ناداه الرب فخاف منه واختبأ . لم يعرف الخوف الا بعد أن اقترف الخطية . ملئه الخوف واحتواه بجناحيه السوداوين . منذ ذلك الوقت ولا ينجو انسان من الشعور بالخوف ، الخوف الذي يحصره ويعصره . ونحن نعيش الخوف كل ساعات اليوم ، لا تخلو ساعة من هجمات خوف ٍ علينا . في كل ركن ٍ مظلم نتوقع خطرا ً فنخاف ، وخلف كل منحنى ً في الطريق مجهول ٌ خفي فنرتعب . ترتعش أوصالنا وتتلوى أمعائنا وترتجف ركبنا ، وتتمزق عقولنا من الخوف . لا ينجو أحد من الخوف ، اشجع الشجعان يخاف ، الشجاعة حسن مواجهة الخوف . من حقنا أن نخاف ، لنا الحق أن نخاف فنحن بشر لكن ليس لنا أن نستسلم للخوف . عاش داود النبي هاربا ً من الملك شاول ، كان ينام مفتوح العينين خائفا ً ، كان يتصور انعكاس ضوء القمر على ورق الشجر نصلا ً موجها ً نحوه لقتله . صوت دبيب الحشرة بجوار اذنه أقدام جنود شاول جاؤوا يفتكون به . في وسط خوفه كان يرفع وجهه الى الله يصلي : " طَلَبْتُ إِلَى الرَّبِّ فَاسْتَجَابَ لِي ، وَمِنْ كُلِّ مَخَاوِفِي أَنْقَذَنِي . " ( مزمور 34 : 4 ) كان يستدعي الله ليكون معه وسط خوفه . لم يشعر بالامان الا والله معه " إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا ، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي " ( مزمور 23 : 4 ) . وسط العاصفة في منتصف الليل والظلام يغطي البحر والسفينة والتلاميذ ، صارعوا الأمواج وصرعتهم الأمواج ، قاوموا الريح وكسّرت الريح شراعهم . وسط هدير الموج ، وسط زئير الرعد ، وسط طعنات البرق ، وسط الزوبعة ، جاء المسيح ماشيا ً على الموج ، فوق البحر ، فوق العاصفة ، فزاد فزعهم وخوفهم . هدر صوته وعلا فوق كل صوت ، قال لهم : " أَنَا هُوَ، لاَ تَخَافُوا " ( يوحنا 6 : 20 ) وهرب الخوف بحلوله ، جمع اذيال ثوبه وجرى واختفى حين رأوا المسيح .
وسط العواصف التي تحل بك يأتي المسيح ويقول : " لاَ تَخَفْ آمِنْ فَقَطْ " في أعماق الهاوية التي لا قرار لها واقدامك لا تجد موطئا ً لها يقول : " لاَ تَخَفْ آمِنْ فَقَطْ " وسط المعركة الروحية الرهيبة حولك والاسلحة مشرعة ضدك ، تسمع " لاَ تَخَفْ آمِنْ فَقَطْ " وانت ملقى ً ضعيفا ً عاجزا ً والموت يحوم حولك ، يقول لك : " لاَ تَخَفْ آمِنْ فَقَطْ " كن شجاعا ً ، الشجاعة تأتي اليك حين تراه بعين الأيمان معك . لا تخاف الخوف ، الخوف ليس قاتلا ً ، لن يقتلك الخوف ابدا ً . واجه الخوف بالايمان ، انتظره تجده بجوارك .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:58 PM

513 - الله كامل ُ ، كلّي الكمال ، لا نقص فيه ولا عجز ، وكل أعماله ِ كاملة . خلق الأرض كاملة ، السماء خلقها كاملة حسب مشيئته الكاملة . وبعد أن أتم خليقته وجد كل شيء حسنا ً جدا ً ، فخلق الانسان كاملا ً . خلق الانسان على صورته وشبهه ، فيه ِ كمال الله وبه مشيئة الله . وعاش الانسان الكامل في رفقة الله الكامل في جنة عدن وفي صحبته . الكل كامل ، لا شيء ناقص ، لا نقص يشوب كمال الوجود أو يلوثه . ثم دخلت الخطية الانسان ودخل معها العجز وانحرفت مشيئته عن مشيئة الله . شاب كمال الانسان قصور ٌ فسقط . فقد الجاذبية التي تجذبه نحو كمال الله . وتغيرت مشيئة الانسان ، لم تعد متفقة ً مع مشيئة الله ، ليست منطبقة ً مع إرادته . نتيجتان مروعتان حلتا بالانسان جرتهما الخطية التي دخلت حياته . فقد كماله الذي كان يرفعه الى فوق ليلتصق بالله فهوى الى اسفل ، وفقد اتفاق وتطابق مشيئته مع مشيئة الله فانفصلت التروس وانفلتت . انفك الارتباط ، تقطعت خيوط الشركة ، لم يعد الانسان متصلا ً بالله ، انحرفت اسنان التروس ، لم تعد تتكامل مع تروس مشيئة الله وتكوّن جزءا ً منه . منذ سنوات ٍ إثر حادثة ٍ ، انفصلت ذراع أحد الاشخاص عن مفصل كتفه وخرجت من موضعها ، وتدلّت الذراع عاجزة ً تهتز بجوار الجسد فاقدة ً قوتها ونفعها ، عضوا ً غريبا ً عنه ، وجاء الاطباء وأجروا عمليات أعادت الذراع الى موضعها الاصلي بالجسد .
حين يقبل الانسان المسيح ربا ً وسيدا ً ومخلّصا ً ، يتغير الانسان بحلول المسيح فيه ، يعود الى الصورة الاصلية الاولى التي خلقه الله عليها ، صورة الله ، يعود كاملا ً ، قادرا ً أن يتصل بالله الكامل ويلتصق به ويحيا فيه ، ويعود متكاملا ً مع مشيئة الله ، ذراعا ً حية ً تفعل ما يشائه وما يريده . كان المسيح يعيش على الأرض مشيئة الآب وينفذها في كل ما يعمل . أتوا اليه بالطعام فقال : " طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ. " ( يوحنا 4 : 34 ) في جثسيماني صلى وقال في استسلام : " لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ " ( لوقا 22 : 42 ) هكذا تتفق وتتناسق وتتناغم مشيئة المؤمن مع مشيئة الله وارادته . فعل مشيئة الله مشتهى النفس ، يقول داود النبي : " أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ " ( مزمور 40 : 8 ) يساعدك على فعل مشيئة الله قرائتك كلامه ومعرفتك وصاياه وشريعته ، اجعل مشيئتك أن تفعل مشيئته . اعظم مشيئة أن تشاء فعل مشيئة الله .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:58 PM

514 - في المواقف الهامة في حياة الانسان يُضطر ان يقف ليبرم مع نفسه عهدا ً ، كأن يبدأ حياته العملية ويختار مهنته أو يختار زوجته ويبني حياته الزوجية ، يقف ويتعهد بأن يكرس جهوده ليحقق لنفسه حياتا ً ناجحة . بعض المهن تحتم على صاحبها ان يقسم قسما ً خاصا ً كالطبيب وقسم ابو قراط . بعض المهام والمسؤوليات الجديدة لا تعطى لاحد قبل ان يقسم قسما ً مثل قيادة الدول او الجيوش او موقع مؤثر على مصائر الافراد . وانت حين اتبعت المسيح واصبحت ابنا ً لله وصرت عضوا ً في جسد المسيح ، هل وقفت في اول الطريق وابرمت عهدا ً مع الله وعزمت عزما ً وعقدت نية ؟ هل عرفت ان موقعك الجديد هاما ً وخطيرا ً ومؤثرا ً فاتخذت قرارك ؟ في حياتك الجديدة ومكانتك الهامة ومكانك خلف الرب وضمن خاصته ، عليك ان تتعهد وتقول : اعزم بعون الله ان اعمل كل شيء ٍ لمجد الله ، لا اسعى لمجدي الشخصي ولا لمجد اي فرد ٍ من البشر بل لمجد الله وحده . اعزم بعون الله ان اقوم بواجبي كابن ٍ لله في السعي للخير لجميع الناس ، اسعى كل ايام حياتي الى عمل الخير لوطني واهلي وكنيستي واخوتي واخواتي . اعزم بعون الله ان استثمر كل الوقت الذي وهبني الله للافضل . الافضل في عبادتي وقرائتي كلمة الله والصلاة ، والافضل في حياتي وعملي . اعزم بعون الله ان احيا محبة الله واعكس محبته على كل من حولي . احب الذين يحبونني واحب الذين لا يحبونني ، احب الله والاقرباء والاعداء . اعزم بعون الله ان احمل رسالة محبة الله وغفرانه للعالم اجمع . اجعل ارسالية الله هدفا ً امامي ، اسعى لتحقيقها وتنفيذها بكل قوتي . اعزم بعون الله ان اكون نورا ً للعالم وملحا ً للارض كما اوصاني ربي . وتكون اعمالي شهادة ً واقوالي رسالة ً وحياتي اتباعا ً لمثال المسيح . اعزم بعون الله ان تكون عبادتي حقيقية ومسيحيتي ظاهرة ً جلية بأن ابتعد عن النفاق والمرائاة الى الصلاة والصوم وتقديم الصدقة في الخفاء . اعزم بعون الله ان لا اعبد المال بجوار الله وان لا استعبد نفسي للمال ولمحبته ، بل استخدم ما يعطيني الله منه كامانة ٍ ووديعة ٍ استثمرها في رضاه . اعزم بعون الله ان انتظر برجاء واطلب بايمان مجيئه الثاني لارتفع معه فوق سحابته ليأخذني معه الى مجده وملكوته الابدي .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:58 PM

515 - هرب يعقوب من وجه اخيه عيسو وغضبه وتهديده بأن يقتله . وفي طريقه الى حاران اضطجع ليستريح ونام ورأى حلما ً " وَإِذَا سُلَّمٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الأَرْضِ وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ ، وَهُوَذَا مَلاَئِكَةُ اللهِ صَاعِدَةٌ وَنَازِلَةٌ عَلَيْهَا. وَهُوَذَا الرَّبُّ وَاقِفٌ عَلَيْهَا ، فَقَالَ: أَنَا الرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ. الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ مُضْطَجِعٌ عَلَيْهَا أُعْطِيهَا لَكَ وَلِنَسْلِكَ. وَهَا أَنَا مَعَكَ ، وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ ، وَأَرُدُّكَ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ " ( تكوين 28 : 12 – 15 ) وبعد عشرين سنة في الغربة جمع عائلته وثروته وعاد نحو كنعان ، لكنه علم ان عيسو قادم ٌ للقائه ومعه 400 رجل يصاحبونه ، فكيف ينفذ الله قوله ؟ كيف يحقق معه وعده ؟ كيف يحفظه من اخيه ؟ بدأ يتذكر اقوال الله ويذكره بها ، رفع وجهه وقلبه وقال له : " يَا إِلهَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَإِلهَ أَبِي إِسْحَاقَ ، الرَّبَّ الَّذِي قَالَ لِيَ : ارْجعْ إِلَى أَرْضِكَ وَإِلَى عَشِيرَتِكَ فَأُحْسِنَ إِلَيْكَ. صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ . فَإِنِّي بِعَصَايَ عَبَرْتُ هذَا الأُرْدُنَّ ، وَالآنَ قَدْ صِرْتُ جَيْشَيْنِ . نَجِّنِي مِنْ يَدِ أَخِي، مِنْ يَدِ عِيسُوَ، لأَنِّي خَائِفٌ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَضْرِبَنِي الأُمَّ مَعَ الْبَنِينَ . وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ : إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْكَ " ( تكوين 32 : 9 – 12 ) تذكر قول الله وذكّره به ، ذكّره بقوله انه يُحسن اليه ويجعل نسله كرمل البحر . وفي الليل وهو وحده " صَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ " وضرب حق فخذه ، لكنه في النهاية باركه لانه جاهد مع الله والناس وقدر وغلب وانتصر . وتدخل الله في لقائه بأخيه وجعل عيسو يعانقه ويقع على عنقه ويقبّله . حفظ الله قوله ونفّذ وعده . الله صادق ٌ في قوله ، أمين ٌ في عهده . عدم امانتنا لا يُبطل أمانة الله ، كلام الله لا يسقط ابدا ً . وعد الله شعبه بالبركة وباركه . يقول يشوع : " تَعْلَمُونَ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ وَكُلِّ أَنْفُسِكُمْ أَنَّهُ لَمْ تَسْقُطْ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ جَمِيعِ الْكَلاَمِ الصَّالِحِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَنْكُمُ . الْكُلُّ صَارَ لَكُمْ . لَمْ تَسْقُطْ مِنْهُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ." ( يشوع 23 : 14 ) الكل صار ، الكل تم ، الكل تحقق ، الله يحفظ وينفذ كل كلامه . تمسك بوعود الله ، طالبه بها ، طالبه بكل ثقة ٍ وايمان واصرار . لو لم يكن الله يقصد ما يقول ما كان قال ما قال ، الله جاد في قوله ، اعتمد على قوله . وقف بطرس يغسل الشباك بعد ليلة ٍ فاشلة ، عانى واصحابه طول الليل ولم يمسكوا شيئا ً ، خرجت شباكهم فارغة ، لكن المسيح قال له : " ابْعُدْ إِلَى الْعُمْقِ وَأَلْقُوا شِبَاكَكُمْ لِلصَّيْدِ " نظر بطرس الى المسيح ، رأى وجهه حاسما ً وصدّق كلمته ونفذها والقى الشبكة " وَلَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ أَمْسَكُوا سَمَكًا كَثِيرًا جِدًّا " ( لوقا 5 : 5 ، 6 ) .
مهما طال الانتظار ، مهما مر الوقت ، وعده ُ لا بد ينفّذ .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:58 PM

516 - خلق الله السماوات والارض ، خلق الحيوان والنبات ، وخلق الله الانسان . " وَقَالَ اللهُ : لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا ، وَشَجَرًا ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَرًا كَجِنْسِهِ ، بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْضِ . وَكَانَ كَذلِكَ . فَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا كَجِنْسِهِ ، وَشَجَرًا يَعْمَلُ ثَمَرًا بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ." ( تكوين 1 : 11 ، 12 ) لم يخلق الله شوكا ً وحسكا ً ، لم يخلق الله الشوك والحسك ، لم يخلق الالم ، لم يكن للموت مكانا ً في العالم . خطية آدم جعلت الارض تُنبت شوكا ً وحسكا ً ، خطية آدم جائت بالموت . ونولد نحن من صلب آدم ، من تحت ، والألم والموت يسكن داخلنا . ونولد بالنعمة في المسيح ، نولد من فوق فيحل فينا روح الله ، روح الحياة والخلود . قد نتسائل في دهشة ٍ وتعجب مع نيقوديموس : " كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هذَا ؟ " ( يوحنا 3 : 9 ) كيف ؟ " كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَد َ؟ " . ويأتي جواب المسيح : " اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ ......... اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا ، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ " " لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. " هذه هي الولادة الثانية . الأيمان بابن الله ، قبول صليب المسيح ودمه " مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ " ( 1 يوحنا 5 : 12 ) وكما جاء آدم بالموت للانسان ، جاء المسيح ، آدم الثاني بالحياة للانسان . آدم الأول كان نفسا ً حية أما آدم الثاني ، المسيح ، فكان روحا ً محييا ً " صَارَ آدَمُ ، الإِنْسَانُ الأَوَّلُ ، نَفْسًا حَيَّةً، وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا " (1 كورنثوس 15 : 45 ) . فعندما ترفع قلبك الى الله وتقبل المسيح بالايمان يحل فيك روح الله الواهب الحياة ويخرج الموت من ساحتك " لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ. " ( رومية 8 : 1 ) ناموس روح الحياة في المسيح أعتقك ، اعتقك من ناموس الخطية والموت . وبعد ان صرت حرا ً أصبحت ملكا ً . يقول بولس الرسول : " لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ " ( رومية 5 : 17 ) تُصبح ابنا ً لله ، وارثا ً مع المسيح ، ملكا ً على الحياة . المُلك قوة وسلطان ، المُلك نصرة وغلبة ، المُلك جلال ٌ وعظمة . وانت في المسيح ملك ، لك قوة ٌ وسلطان بفيض النعمة على قوات الشر . وانت في المسيح ملك لك نصرة وغلبة بفيض النعمة على ابليس وجنده . وانت في المسيح ملك لك جلال ٌ وعظمة ٌ بفيض النعمة كابن ٍ لله . لا شوك يطعنك ، لا حسك يدميك ، لا موت يغلبك .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:59 PM

517 - عندما استقرت اقدام آدم على الارض لاول مرة ، تلفت حوله ، وجد ارضا ً جافة ً خشنة ً قاسية مملوءة ً بالاشواك والمعاناة والآلام . فراغ ٌ ممتد ٌ حوله ، شعر بنفسه وحيدا ً بين الحيوان والنبات والطير . بداخله وحدة ، قلبه ُ ينبض بالانتماء ، شوق ٌ ورغبة ٌ في غير ما حوله . ورفع وجهه الى السماء ، الى أعلى . لم يكن يعرف الاتجاهات لكنه اتجه الى فوق . قوة جاذبية خارقة تجذبه الى هناك ، كل نبضه ، كل مسامه ِ ، كل أشواقه ِ تنجذب . وبعد سلسلة ٍ من الاختبارات أدرك ان الله مشتهاه ، الله احتياجه ، الله شبعه ُ . سعى وبحث واتجه نحوه . وكان الله في طبيعته الالهية يجذبه نحوه . طبيعة الله بها قوة جذب خالدة خارقة للانسان . منذ الازل وطبيعة الله تجذبه نحوه . كما نرى في طبيعة الشمس وهي تجذب نحوها الاقمار والشموس والذرات الكونية ، فتدور حولها وتلف منجذبة ً اليها ، تسبح في جاذبيتها ، لا تستطيع الابتعاد عنها . هكذا نحن نسبح في جاذبية الطبيعة الالهية ، نقترب حينا ً ونبتعد حينا ً آخر ، لكننا دائما ً في دائرة جاذبيته ، دائما ً في مداره ، دائما ً نلتف وندور حوله ، نلتف حوله وندور في خوف ٍ منه حين لا ندرك الا قوته الخارقة الجبارة . زحف موسى صاعدا ً الجبل بقدمين مرتجفتين نحو الله الذي كان قد حل بالجبل . كان الجبل مضطرما ً بالنار . دخان ٌ وضباب وظلام وزوبعة وهتاف أبواق . لم يحتمل الشعب ، لم يقترب . وقف موسى خائفا ً يقول : " أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ" ( عبرانيين 12 : 21 ) . ونلتف حول الله وندور في يأس ٍ ومرارة وندم حين نقترب من عدالة الله ، نصرخ ونولول ونبكي وننتحب ونطلب من الجبال أن تسقط علينا وللأكام أن تغطينا ( لوقا 23 : 30 ) ( رؤيا 6 : 16 ) . تُحرق آثامنا قلوبنا وتذيب أفعالنا الشريرة داخلنا ونحن نواجه الدينونة . لكننا نلتف ايضا ً حول الصليب وندور حول المصلوب ونقترب منه . نرى في آلامه ِ راحتنا ونجد في جروحه ِ شفائنا ويتم في دمه خلاصنا . نسمع صوته يرن في الارض : " وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ " ( يوحنا 12 : 32 ) . جاذبية الطبيعة الالهية في الصليب تحتوي الجميع ، تشمل الجميع ، تجذب الجميع . قبل الصليب لم نكن نستطيع الاقتراب منه ، كنا ندور حوله من بعيد . بيننا وبينه مسافات تفصلنا عنه ، لكننا في المسيح أقرب من حبل الوريد . قوته لا ترعبنا أو تفزعنا ، قوته الآن لنا تعضدنا وتحفظنا وتحمينا ، ومحبته تحصرنا ، تحاصرنا ، تجذبنا لنكون دائما ً معه .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:59 PM

518 - الهنا ، اله وفرة ، اله كثرة ، اله غزارة ، اله فيض ، اله شمول ، اله كمال . اخرج الى الحقول وانظر الى الزهور ، كم نوعا ً من الزهور ترى ، الصغير الدقيق الصنع المتعدد الالوان والاشكال والروائح والفوائد . ارفع نظرك بعيدا ً وتأمل الاشجار والنبات والاعشاب والبقول والكروم ، كم نوعا ً ، كم شكلا ً ، اقطف وتذوق ، كم طعم ، كم لذة وحلاوة . تلفت الى فوق الى السماء ، انظر الى الطيور السابحة المرتفعة في الاجواء ، كثيرة ، مختلفة ، متنوعة ، صغيرة ٌ وكبيرة ، سريعة ٌ وبطيئة ، قوية ٌ وضعيفة . لو جلت َ في الغابات والصحارى ، لو زرت البلاد والقارات ، كم من حيوان تلقاه ؟ كثير ، طويل وقصير ، مفترس ٌٌ ومستأنس ، كبير الحجم وصغيره ، فصائل عديدة . بعضها يزحف ، وبعضها يقفز . بعضها يجري ، وبعضها يمشي . بعضها عدو ٌ ، وبعضها صديق . لا حصر لما خلقه الله ، لا حدود لما صنعه بدقة وحكمة ووفرة ، ولا حدود لما يصنعه الآن . كل شيء ٍ لديه وفير ٌ غزير ٌ ، فائض ٌ ، شامل . انظر الى قوته ، قوة خارقة قادرة . كال بكفه ِ المياه ، قاس السماوات بالشبر ، وزن الجبال بالقبان والأكام بالميزان . انظر الى محبته ، محبة ٌ واسعة ، كبيرة شملت جميع الناس منذ الخلق حتى الأبدية . محبة ازلية ، ابدية على مدى كل العصور والايام والقرون ، لم تخبو ولم تنقص . انظر الى سلام الله ، سلام ٌ ينبع داخلك ويفيض ، لا يتوقف نبعهُ أو ينضب . سلام ٌ يفوق كل عقل ، سلام ٌ وسط الحرب والقتل ، سلام ٌ في وادي ظل الموت . انظر الى بركات الله تنصب وتأتي اليك متتابعة الواحدة وراء الاخرى . مخازنه ممتلئة بالبركات ، موارده وفيرة ،غناه كثير لا يُعد ولا يُحصى . انظر الى نعمة الله ، من يحصر نعمة الله ، من يقيسها ، من يدركها أو يفهمها . نعمة ٌ فائضة متفاضلة تملأ حياتك وتنسكب وتفيض في كل اتجاه ، تروي وتغرق . نعمة الله تحتوي كل حياتك ، بنعمته خلصت " بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ " ( افسس 2 : 5 ) بالنعمة تعيش وتحيا في كل الظروف " تَكْفِيكَ نِعْمَتِي ، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ " ( 2 كورنثوس 12 : 9 ) نعمته فائضة ٌ وتفيض ، زائدة ٌ وتزيد ، كثيرة ٌ وتكثر ، تتوالد وتتكاثر دائما ً . كلما نهلت من نعمة الله زادت . كلما ملأت كفيك منها فاضت وملئت كل حياتك . يقول بولس الرسول : " وَاللهُ قَادِرٌ أَنْ يَزِيدَكُمْ كُلَّ نِعْمَةٍ ، لِكَيْ تَكُونُوا وَلَكُمْ كُلُّ اكْتِفَاءٍ كُلَّ حِينٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، تَزْدَادُونَ فِي كُلِّ عَمَل صَالِحٍ. " ( 2 كورنثوس 9 : 8 ) .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 06:59 PM

519 - وسط صخب العالم ، وموسيقى الشر تعزف وطبول الاثم تطرق وتصم الآذان ، وانياب الشيطان ومخالبه تحيط بنا والشرار الاحمر يخرج من عينيه وسط ضحكات ٍ شامتة . وسط الصراخ العالي ، وسط ابواق الجحيم ، وسط الانين والبكاء والنحيب ، يأتي ، يأتي ويقف على ابوابنا ، يأتي ويطرق ، يأتي ويداوم الطرق ، لا يمل ، يأتي . يهمس أحيانا ً ويعلو صوته ُ أحيانا ً " هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ " ( رؤيا 3 : 20 ) . هل تسمع ؟ " إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي . " . يسكت الصخب ، يوقف الشر ، يطرد الشيطان ، يلقي به بعيدا ً ويملأ القلب والحياة بخلاصه . وسط عواصف المعاناة ، وسط زوبعة التجربة ، وسط السنة النار الحارقة . في الجذر عندما ينحسر المد والماء . في الظلام والسحب القاتمة تحجب ضوء الشمس . والبرد يفترس الاطراف ويزحف نحو القلب ، والخوف يزلزل النفس ويمزقها ، يأتي ، يأتي ويقف على ابوابنا ، يأتي ويطرق ، يأتي ويداوم الطرق ، لا يمل ، يأتي . يأتي وينادي " هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ " هل تسمع ؟ هل تسمع طرقاتي ؟ إن سمعت صوتي افتح الباب لادخل اليك واتعشى معك وانت معي . فيهرب الخطر ويبعد الخوف ويحل السلام والأمان ويمتلئ القلب بفرحته . وسط المياه الراكدة ، وسط شحوب النور ، وسط اللون الرمادي . حين تفتر حياتنا ، حين تتأرجح عواطفنا ، حين تتعثر اقدامنا وتخور قوانا . لما نجد انفسنا متأرجحين بين البينين ، لا حرارة فينا ولا برودة ، يأتي ، يأتي ويقف على ابوابنا ، يأتي ويطرق ، يأتي ويداوم الطرق ، لا يمل ، يأتي ، يأتي ويوقظنا " هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ " افتح عينيك ، افتح اذنيك واسمع لادخل اليك لاتعشى واقيم معك ، لاملأ حياتك بوجودي . فتعود الحرارة ، تغلي الدماء ، تعلو الأمواج ، يتفجر النور القوي المبهر . في آخر الطريق عندما تصل الى نهاية الحياة ، حين يقف الزمن وتنتهي الايام . عندما تصل الدعوة للعودة ، للانطلاق الى السماء ، حين ينادي المنادي للذهاب . ونحن نسير في الوادي المظلم ، ويقودنا الموت بوشاحه الاسود للنهاية ، يأتي ، يأتي ويطرق ويصفق بجوارنا ، يأتي ويقرع ابواب ارادتنا ووعينا لنفتح ، نفتح عيوننا وقلوبنا له . نفتح له الطريق ليصاحبنا ، ليرافقنا ويسير معنا . ويتقدمنا ، يخطو أمامنا ، يعبد الطريق ويسهله لنا ، يفتح كل الابواب امامنا . في كل وقت ، في كل موقف ، في كل منحنى في حياتك ، عند كل منعطف ، دائما ً يقف . هل تسمع طرقاته ؟

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:00 PM

520 - لأكثر من ثلاث سنوات صاحبوه ، تبعوه في كل مكان ذهب اليه . لم يفارقوه نهارا ً وليلا ً ، التفوا جميعا ً حوله . منذ دعاهم ليتبعوه وهم معه . كان التلاميذ دائما ً مع المسيح ، لم يغب عنهم الا لحظات قصيرة قليلة . اكلوا وشربوا معه ، عاصروا أعماله وشاركوه في معجزاته ، وقفوا بجواره . سمعوا كلامه وارتشفوا بلذة ٍ تعاليمه . شرح لهم ما لم يفهموا وتعلموا . تبعوه حتى جثسيماني ، رأوه وهو على الصليب ، بعضهم عن قرب وبعضهم من بعيد . رأوا جروحه ، سمعوا أناته وصراخه ، عاينوا موته ودفنه في القبر . هاجمهم اليأس والأحباط والفشل عندما شاهدوا الأيدي تضعه في القبر وتدحرج عليه الحجر . ثم لفظه الموت ، لم يستطع أن يحفظه ، سلمه لهم مرة أخرى مقاما ً ، منتصرا ً . وظهر لهم والابواب مغلقة ، وسط الخوف من اليهود وشعور اليأس القاتل . حين حسبوا ان النهاية قد حلّت والفرحة قد ماتت والصحبة قد انفرطت ، جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم : " سَلاَمٌ لَكُمْ " وفرحوا جدا ً اذ رأوه . تهللوا به لكنه فارقهم ، بعد ان قضى وقتا ً معهم ذهب ، اختفى كما جاء . وانتظروا ، ملوا الانتظار ، لم يستطيعوا الصبر ، ماذا يفعلون الآن ؟ قفز بطرس ووقف ، نفض التراب عن ملابسه وقال : " أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ " فكوا الشباك وفردوا القلاع ، والقوا شباكهم للصيد بايد ٍ متخاذلة هزيلة . ضاع حماسهم ، خبت حيويتهم ، فقدوا رجائهم ، بعيون دامعة سهروا الليل كله . اين السمك الذي اعتادوا ان يمسكوه ؟ نسوا كيف يصطادون ، لم يعودوا يعرفون . اختفت خبرتهم ، فقدت اصابعهم قوتها وليونتها ورشاقتها . هجرتهم مهارتهم ، لم يعودوا صيادين بارعين ، لم يعودوا شيئا ً بالمرة . لموا شباكهم وجمعوها . وفي الفجر عند مجيء الصباح والشمس تصحو وترتفع في الافق ، رأوه . وقف يسوع على الشاطئ ، جاء اليهم . لما كان الصبح وقف المسيح أمامهم . قفزت قلوبهم فرحا ً عندما عرفوه ، صرخوا في نشوة : " هُوَ الرَّبُّ " ( يوحنا 21 : 7 ) هو الرب . لن يتصيدوا سمكا ً بعد اليوم . سيكونون صيادي ناس كما وعدهم وجربهم . لن يمتهنوا الصيد بعد اليوم ، سيكونون رعاة ً ورسلا ً لرعية الله .
الا تشعر احيانا ً بالاحباط والفشل حين تتلبد الغيوم فوق رأسك ؟ ألا تفكر احيانا ً في أن تهجر ارسالية الله وتطوي ذراعيك وتسند رأسك حزينا ً ؟ انظر هو هناك ، حين يأتي الصبح ستجده يقف ينتظرك على الشاطئ .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:00 PM

521 - من البدء قبل ان يكون شيء كانت خطة الله وتدبيره لفداء الانسان . أعد الله في الازل خطته ، دبر ورتب خطة الفداء ونفذها بنفسه . لكي يرفع حكم الموت عن الانسان نفذ الحكم ، حكم الموت على ابن الانسان . ليفدي البشرية اصبح بشرا ًً . ليعيد الى الانسان صورته الالهية جاء في صورة انسان . تحركت محبة الله ، تشكلت ، تكونت ، لبست لحما ً ودما ً وعظاما ً ونزلت الينا . نزلت الينا يسوعا ً مسيحا ً ، يجول ويسير ويحيا وسطنا ، ويموت ويقوم لاجلنا . الله الذي يملأ وجوده السماوات والارض انحصر في رحم العذراء . الله الذي يملأ مجده السماوات في الاعالي نزل وسكن مذود بقر . الله الذي بكلمته خلق السماوات والارض وما بهما عمل بيديه في دكان نجار . الله الذي يعلو السحاب ويدوس الشمس والقمر خطى وسار في تراب الارض . خطة ٌ أزلية ٌ أن يُصبح الله انسانا ً ليحقق فداء ً ابديا ً لخلاص الانسان " فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ ، أَيْ إِبْلِيسَ " ( عبرانيين 2 : 14 ) لهذا " كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ " حتى يكفر خطايا العالم . رحلة ٌ طويلة ٌ جدا ً من أعلى الى اسفل ، من العلاء الى اقسام الارض السفلى . ترك السماء بكل ما بها من بهاء ، المضيئة بغير شمس ولا قمر وامتطى الظلمة ، نزل ، خطى باقدامه فوق ظلمات الارض الكئيبة . ترك السماء ، المدينة التي اسوارها واساساتها أحجار ٌ كريمة وارضها ذهب ٌ نقي وجاء الى ارض الجوع والعطش ، التعب والعرق ، الدموع والألم . ترك السماء والملائكة الملتفة حوله تخدمه والسرافيم واقفون أمامه ليعيش بين تلاميذ خانوه وانكروه وشعب رفضه ُ واهانه ُ واستهزأ به . ترك السماء حيث الحياة والخلود ، حيث الازل بلا بداية والابد بلا نهاية ليسكن الارض حيث الموت والفناء ، حيث القبر والموت والتراب . ترك كل شيء ٍ فوق ونزل الى اللاشيء تحت ، نزل الى العدم . ما اعظمها من رحلة ، ما أقساها من نقلة ، نزل من العلاء . لكنه بعد أن نزل صعد ، ثقب القبر واخترقه ، غلب الموت وهزمه . ترك الارض ، حطم جاذبيتها ، صعد ثانية ً الى السماء فوق السحاب . تمم خطة الله ، حقق الفداء ، خلّص الانسان ، ثم صعد ثانية ً الى السماء ، وفي صعوده ِ أصعدنا معه . وسوف نصعد ايضا ً اليه بعد أن يعد لنا مكانا ً هناك في السماء .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:00 PM

522 - وقف المسيح امام بيلاطس البنطي ليحاكمه . وقف مهانا ً محتقرا ً ممزق الجسد والثياب . نظر بيلاطس الى هذا الواقف امامه وتحير وخاف وارتعب ، فسأله :
- "أنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ " (يوحنا 18 : 33 ) في هذا الموقف المشين ، في هذا المظهر المتواضع لكنه يبدو ملكا ً .
- وقال لبيلاطس : " مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَم ِ." ليست مملكتي من هنا ، لا .
- " فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: أَفَأَنْتَ إِذًا مَلِكٌ ؟ "
- وقال المسيح : " لِهذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا ، وَلِهذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ."
وسط كل الآلام ، وسط المهانة ، وسط صراخ اليهود ، عرف المسيح واعلن غرض حياته . وعرف العالم بعد ذلك هدف وغرض مولد المسيح ومجيئه الى العالم ، عرفوا سبب مجيئه للعالم . هل تعرف انت هدف حياتك ؟ هل تعرف الغرض والسبب والقصد الذي خلقك الله لاجله ؟ لا يمكن ان يكون الله قد خلقك عشوائيا ً بلا قصد وبلا سبب وبلا هدف ومهمة . حين يجلس الفخاري على دولابه ويمسك ببعض الطين ويضعه على الدولاب ويديره ، يكون في ذهنه ماذا ينوي ان يصنع ، اناء طعام لمطبخ ، وعاء زهور للزينة ، ابريق ماء للشرب ، تمثالا ً ملونا ً يوضع في صدارة البيت . وتتحرك اليدان وتصنعان المطلوب . الفخاري لا يصنع آنيته واوعيته وانتاجه ليخزنه على الرفوف بل ليستفيد منه الناس . ما القصد من وجودك في العالم ؟ لماذا خلقك الله ووضعك في مكانك ؟ الكثيرون يحتارون ولا يعرفون ويعيشون حياتهم تعساء بائسين . والله يعرفون وينفذون مشيئة الله ، صانعهم وجابلهم ومشكّلهم . الله يشكلنا جسدا ً ونفسا ً وروحا ً بما يتفق والمهمة التي خلقنا لاجلها . إناء الزهور يختلف عن وعاء الطعام ، عن ابريق الماء عن تمثال الزينة . الله اختار لك الزمن الذي تولد فيه والمكان الذي تتوطن به لتحقيق الغرض . الله اختار لك الظروف التي حولك . أعدك وأهلك للمهمة التي جئت لأجلها . في حيرتك في بحثك عن هدف حياتك ، في رغبتك لمعرفة قصد الله لك ، اصغي لصوت الله ، افهم توجيهاته وارشاداته لك . لا بد أن يبلّغك مهمتك . لن يصرخ عاليا ً لتسمع ، هو يهمس في روحك وستفهم وتعلم . وحين تعرف وتفهم قصد الله لك ستسعد وتفرح وانت تعمل مشيئته . قد لا يكون مكانك أفضل مكان ، قد تعيش في كوخ ٍ حقير لا قصر ٍ شامخ ٍ كبير ، لكنه اختار لك هذا الكوخ لتعلن الحق ، لتحمل رسالته ، لتمجد اسمه " أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ . " ( فيلبي 3 : 14 ) .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:00 PM

523 - وقف يشوع على ربوة ٍ عالية تطل على نهر الاردن والارض المنبسطة ورائه . النهر ُ عريض ٌ ممتلئ بالماء ، صفحته بساط فضة ، أمواجه تتابع في تحد ٍ مستفز . كيف يقدر أن يعبر النهر ، كيف يصل الى الارض التي تفيض لبنا ً وعسلا ً على مرمى البصر ؟ الارض امامه خضراء يانعة ، خصبة طرية جيدة ، تمتد امامه تبتسم في دلال . تهتز الاشجار الباسقة امام عينيه ، يكاد يشم رائحة الارض وهي تملأ الجو كله . كيف الوصول اليها ، كيف يتخطى النهر ؟ كيف يستطيع والقائد قد مات ؟ أمامه تجمع الشعب ، غطى برجاله وجه الصحراء التي عبروها ، كثيرون ، كثيرون . وجوههم حزينة ، عيونهم دامعة ، قلوبهم مرتجفة ، ايديهم وارجلهم مرتعشة . رأى القلق يتمشى بينهم ، رأى الخوف يتزاحم وسطهم ، رأى عدم الاقتناع به . عاش طويلا ً في ظل قائده وسيده موسى ، لكنه لم يكن في نظرهم اكثر من ظل . كيف يقبلون ظلا ً يحل محل الاصل ، كيف يتبعون ذلك الفتى الرطب العود . كل الرجال بعد موسى اقزام ، كل العمالقة بعده جراد ، لا أحد يحل محله . وقف يشوع خائفا ً مستضعفا ً والشمس تغرب خلفه تُلّون السماء بحمرة ٍ خفيفة . برزت صورة موسى في مخيلته ، طويلا ً عريضا ً مهيبا ً ، عيناه ُ ممتلئتان بالثقة والقوة . لم يكن يشوع اقل من موسى حجما ً ، كان شابا ً يافعا ً قوي البنية ، لكن ..... الثقة والقوة . اين يعثر ويحصل على ما كان لقائده وسيده من ثقة ٍ وايمان وشجاعة ٍ وقوة ؟ أين ؟ ... وهدر صوت الله داخله ، سمع صوت الله " مُوسَى عَبْدِي قَدْ مَاتَ . فَالآنَ قُمِ اعْبُرْ هذَا الأُرْدُنَّ أَنْتَ وَكُلُّ هذَا الشَّعْبِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنَا مُعْطِيهَا لَهُمْ " ( يشوع 1 : 2 ) الصوت واضح والامر صريح " كُلَّ مَوْضِعٍ تَدُوسُهُ بُطُونُ أَقْدَامِكُمْ لَكُمْ أَعْطَيْتُهُ ، كَمَا كَلَّمْتُ مُوسَى ." لكن موسى قد مات ، مات وانتهى ، اين نحن من الجبابرة الساكنين بالضفة الاخرى ؟ ويستمر الصوت " لاَ يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. كَمَا كُنْتُ مَعَ مُوسَى أَكُونُ مَعَكَ " غمرت جسد يشوع هزة مسّت عوده فاستطال حتى اخفى الشمس الغاربة خلفه . امتلأ بثقة ٍ سرت في عروقه فامتلأ شجاعة ً وقوة وتغيرت نظرات عينيه . رأى الشعب تغييرا ً ، من هذا الواقف أمامهم ؟ جبار بأس ٍ يملأ أنظارهم . هو قائدهم ، والله لا يزال يتكلم " تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ ، لاَ تَرْهَبْ وَلاَ تَرْتَعِبْ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مَعَكَ "
حين تقف امامك عقبة في اتساع النهر وعمق مياهه ، تشدد وتشجع ، الهك معك . هكذا قال الرب وهكذا يفعل . ثق به ، آمن ، اعتمد عليه .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:01 PM

524 - وانت تستعد للخروج اليوم ، هل تطلعت الى نفسك في المرآة ؟ هل رأيت كيف تبدو ؟ هل تأكدت مما تلبس ووجدته مناسبا ً ، لائقا ً ؟ أحيانا ً تدفعنا العجلة وضغط الوقت الى الا نهتم بالنظر لنرى كيف ، هل ما نلبس يناسب المكان الذي نذهب اليه ويناسب الجو الذي يحيط بنا ؟ الجو بارد ٌ حولنا ، العواصف تتجمع والزوابع تهدد ، المطر والثلج قد يسقط . هل ارتديت ما يواجه الجو ؟ هل استعددت لهجمات ولطمات وصراع الطبيعة ؟ نحن نعيش في جو عدائي ، العالم حولنا ليس حليفا ً لنا ، هو عدو متحفز . لا يخدعك الدفء الظاهر ، لا تستأمن وتطمأن لنور الشمس الساطع . الذئب يستطيع ان يتنكر في ملابس حمل ، الشيطان يغير شكله الى شبه ملاك . ولا بد ان نستعد ، لا بد ان نلبس الملابس التي تحمينا من العدو المتحفز " الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ . فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ ، مَعَ السَّلاَطِينِ ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ " ( افسس 6 : 11، 12 ) نلبس منطقة الحق حول احقائنا لنواجه الظلم والتعسف والكذب والرياء ، نلبس درع البر فوق اجسادنا لنصد سهام الشر ورماح الخطية والاثم . نلبس في ارجلنا استعداد انجيل السلام لنسلك الطريق وندوس اشواك الخوف . نلبس ترس الايمان الذي به نقدر ان نطفئ جميع سهام الشرير الملتهبة . نلبس فوق رؤوسنا خوذة الخلاص التي تحمي افكارنا واذهاننا من لطمات اليأس . نلبس ونمسك سيف الروح ، كلمة الله الذي يقطع رقاب المجرّب ويوقف هجماته . هكذا نلبس ، هكذا نبدو ، هكذا نحيا في العالم وهكذا نواجه ظلمة هذا الدهر . نحن من مملكة تختلف عن مملكة هذا العالم ، نحن ننتمي الى مملكة سماوية . شكلنا يختلف عن شكل اهل العالم ، حياتنا ليست حياة العالم الذي نحيا فيه ، نحن نحيا في العالم ، العالم لا يحيا فينا " مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي." ( غلاطية 2 : 20 ) نخلع العالم لنلبس المسيح ، نخلع الذات لنعد مكانا ً للرب ليحيا فينا . المسيح لنا ليس مخلّصا ً فقط ، المسيح لنا ليس شفيعا ً ، ليس معلّما ً وسيدا ً فحسب ، المسيح لنا حياة ، المسيح فينا حياة ، المسيح ينبوع بر ٍ حي يملأنا ويفيض منا . ينبوع ٌ يفيض رأفة ً ولطفا ً وتواضعا ً وطول أناة وتسامحا ً ومحبة ً وسلاما ً . يقول بولس الرسول : " فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا ، وَوَدَاعَةً ، وَطُولَ أَنَاةٍ ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ..... وَعَلَى جَمِيعِ هذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ رِبَاطُ الْكَمَالِ . " ( كولوسي 3 : 12 – 14 ) .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:01 PM

525 - واجه المسيح وهو على الارض حروبا ً واضطهادا ً ومقاومة واحزانا ً وآلاما ً . صارعه الشيطان . هاجمه الكتبة والكهنة وشيوخ الشعب ، طردوه من تخومهم . تشاوروا عليه واسلموه ليُصلب . عروه وجلدوه وتفلوا عليه واستهزأوا به . مزقوا جسده ، حاكموه ، ظلموه ، أدعوا عليه وسمروا يديه ورجليه وطعنوا جنبه . أدموا جبينه وقلبه . أنكره ُ تلميذه المقرّب وباعهُ وخانه ُ الذي أكل الخبز معه . هذا ليس تاريخا ً فحسب . هذه ليست احداثا ً مأساوية ماضية لوثت التاريخ . هي دليل ٌ على محبته وادراكه وفهمه وقدرته وعمله وهو يعين المجربين منا . هو الآن ما يزال يواجه معنا الاضطهاد الذي يحل بنا ويحمل معنا آلامنا . يتعاطف معنا ، يحس بما نُحس ، ويتألم بما نتألم " وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ " ينجّينا ويخلّصنا . قلبه يخفق بما تخفق به قلوبنا . يده ليست خلفنا أو حولنا تحمينا وتعضدنا فقط . يده في سعير النار تحترق بما نحترق . هو ليس بعيدا ً يراقب بل قريبا ً يعاني معنا . الرب أقرب من حبل الوريد . الرب وسط بؤرة العذاب الذي نحن فيه ، هو يسير وسط ألسنة لهيب الاتون . سار بنفسه مع الفتية وسط النار . ابن الالهة سار في صحبة الفتية الثلاثة والنيران تتصاعد حولهم لا تحرقهم . كانت سورا ً حولهم كقوس نصرة ٍ وغلبة ٍ وهزيمة ٍ للشر والظلم والاضطهاد . مهما حميت نار الاضطهاد يقتل لهيبها مشعليها وتأكل ايدي الذين يعذبوننا . مهما ارتفعت السنة النار ، مهما بغت ، مهما تجبرت ، تدوسها اقدامنا واقدامه . نخطو عليها ، نسير كأننا في نزهة ، لا تقوى النار علينا ولا تتغير رائحة ملابسنا . واذا كان الله يسمح لسمائنا أن تتلبد بالغيوم الداكنة السوداء المظلمة ، فاذا نظرنا نجد بسمائنا بقعة زرقاء وسط السواد تسمح باختراق الشمس ودخولها . وتتسع البقعة وتكبر وتمتد وتنتشر حتى يغلب الصفاء السحب المتراكمة . يطردها ، ينبذها ، هكذا تفعل يد الله وهي تطرد كل ظلم ٍ واجحاف ٍ وألم ٍ يحل بنا . ويعود الصفاء ، يعود الدفء ، يحل السلام وتشرق الشمس وتملأ السماء . يسمح الرب بالظلام ليتفجر النور وينتشر . يسمح بالتجربة لتتم النصرة . يسمح بالصليب لتحدث القيامة . يسمح بالبراكين لتُخرج الكنوز من بطن الأرض . " مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ تَثَبَّتُ خَطَوَاتُ الإِنْسَانِ وَفِي طَرِيقِهِ يُسَرُّ. إِذَا سَقَطَ لاَ يَنْطَرِحُ ، لأَنَّ الرَّبَّ مُسْنِدٌ يَدَهُ . أَيْضًا كُنْتُ فَتىً وَقَدْ شِخْتُ ، وَلَمْ أَرَ صِدِّيقًا تُخُلِّيَ عَنْهُ ، وَلاَ ذُرِّيَّةً لَهُ تَلْتَمِسُ خُبْزًا. " ( مزمور 37 : 23 – 25 ) .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:01 PM

526 - يقف الفلاح أو الزارع أمام أرضه ، يراها منبسطة ً على مرمى البصر واسعة ، جرداء ممتلئة بالحفر والاحجار والاعشاب والاشواك ، بائرة ً بلا حياة . ويعمل محراثه يشق به قلب الأرض ، يقلب جوفها ، ينقي الأحجار ، ويبعد الاشواك ، يطفئ عطشها ، يغذيها بالحبوب والبذور وينتظر . الارض تبدو خامدة ، ساكنة . ويعمل الله ، يحرك الله الحياة التي تسكن الارض . ينشق الحب ويخرج الزرع ، ينتفض ، يستقيم ، يثقب وجه الارض ، يخترق قشرتها ، يعلو النبات ، يرتفع الى فوق . ويرى الفلاح في ضوء النهار الارض وقد اخضر سطحها ، بساط ٌ سندسي ٌ يغطيها . وينمو الزرع اكثر ، يعلو ، ويتجه نحو السماء ويزهر ويثمر ويتلون بلون الحصاد الذهبي . ويسعد الفلاح ويفرح ، يرفع وجهه وقلبه أيضا ً نحو السماء ويشكر الله ويحمده . عمل وتعب وعرق وبذر وروى وعمل الله واحيا واثمر واعطى ووهب واغدق . الله يعمل دائما ً ويريد ان يشاركه الانسان عمله . الله والانسان يعملان معا ً . في كل شيء يعمل الله ويعمل الانسان . العمل ليس عمل الانسان ، العمل عمل الله . حين خلق الطاقة اخذها من فحم الارض ، من البترول الذي استخرجه منها ، من الكهرباء التي حصل عليها من سقوط الماء وانهماره بقوة من شلال متدفق . حين طار في الجو ممتطيا ً جسما ً معدنيا ً ، حين غزا الفضاء ، حين نزل على سطح القمر ، حين فتت الذرة ، حين استخدم اشعة الليزر ، حين وصل بعلمه ليحقق اقصى حاجاته ، كان يعمل عمل الله ، كان يتمم قصد الله ، كان ينفذ مخطط الله ويستخدم قوته . مثل المهندس الذي يضع تصميما ً ويرسمه على الورق الازرق ليتمم تنفيذه ، ويأتي العمال يتابعون التصميم وينفذون الرسم ويصعدون بالبناء . وما أن يعلو البناء ويقف الجميع امامه سعداء يهللون للعمل الذي انجزوه معا ً . لا يستطيع البنّاء ان يقول انه تمم العمل ولا يستطيع عامل النجارة ان يقول ذلك . وليس من حق منفذ عمليات الكهرباء أو الطلاء أن ينفرد بامتياز اتمام العمل . الكل عملوا معا ً لتنفيذ تصميم المهندس صاحب الرؤيا والخطة الذي اعد للبناء . واجه بولس الرسول موقفا ً في كنيسة كورنثوس حين حدث انقسام ٌ بين الاعضاء . قال البعض " أَنَا لِبُولُسَ " وقال البعض الآخر " أَنَا لأَبُلُّوسَ " وتصدى بولس للمشكلة ، قال : " فَمَنْ هُوَ بُولُسُ ؟ وَمَنْ هُوَ أَبُلُّوسُ ؟ بَلْ خَادِمَانِ آمَنْتُمْ بِوَاسِطَتِهِمَا " وقال : " أنَا غَرَسْتُ وَأَبُلُّوسُ سَقَى ، لكِنَّ اللهَ كَانَ يُنْمِي . إِذًا لَيْسَ الْغَارِسُ شَيْئًا وَلاَ السَّاقِي ، بَلِ اللهُ الَّذِي يُنْمِي . وَالْغَارِسُ وَالسَّاقِي هُمَا وَاحِدٌ ، وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَأْخُذُ أُجْرَتَهُ بِحَسَبِ تَعَبِهِ . فَإِنَّنَا نَحْنُ عَامِلاَنِ مَعَ اللهِ ، وَأَنْتُمْ فَلاَحَةُ اللهِ، بِنَاءُ اللهِ . " ( 1 كورنثوس 3 ) .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:02 PM

527 - في قمة تجبره وهو في عنفوان قوته ، كان لم يزل شاول ينفث تهديدا ً وقتلا ً على تلاميذ الرب . كان يسافر ويطاردهم ، يقبض عليهم ويلقي بهم في السجون ، يقتلهم ثم يفتك بهم . وفي طريق جبروته وهو يعتلي جواده بغتة ابرق حوله نور ٌ من السماء اسقطه على الارض . وهو ملقى ً وسط حوافر الجياد منكفئ على وجهه ومنكسر ، سأل : " يَا رَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَل َ؟ " ( اعمال الرسل 9 : 6 ) . وقيل له ماذا ينبغي ان يفعل . لم يستطع ان يرفس مناخس ، سلّم واستسلم وتألم . كان الله قد اعده ليكون اناء ً مختارا ً ليحمل اسم الرب امام الامم والملوك وبني اسرائيل . وعلى مر السنين أرى الله بولس كم ينبغي ان يتألم من أجل اسمه ، وأُضطهد المُضطهد . لكن الله اراه رؤى ً واعلن له اعلانات عظيمة ، اُختطف الى السماء الثالثة الى الفردوس ، رأى ما لم تره عين ، سمع ما لم تسمعه أذن ، كلمات ٌ لا ينطق بها ولا يسوغ لانسان أن يتكلم بها ، ولئلا يرتفع بفرط الاعلانات أُعطي شوكة ً في الجسد ، ملاك الشيطان ليلطمه لئلا يرتفع . شوكة ٌ في الجسد ، يقولون انها مرض في العينين ، رمد ٌ أو عجز ٌ في النظر ، اعاقة ٌ قاسية . أصبح يحتاج دائما ً لمن يكتب له وينسخ رسائله . عاش بولس حبيس عجزه واعاقته . وسط خدمته ، وسط الرؤى والاعلانات ، وسط النجاح العظيم ، وزنه الرب بثقل ٍ وعجز ٍ وشوكة . ارتمى امام الرب . سقط على وجهه وتضرع وصلى وطلب ثلاث مرات ان تفارقه شوكته . ولم يرفع الله شوكته عنه ، لم يشف ِ اعاقته ، لم يقّوي عجزه ، لم يستجب لتضرعه . قال له : " تَكْفِيكَ نِعْمَتِي ، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ " ( 2 كورنثوس 12 : 9 ) فاخذ يلهج ويفتخر مسرورا ً بضعفاته . قال :" لِذلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ . لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ. " نعمة الله جعلت قوته في الضعف تكمل . الله " يُعْطِي الْمُعْيِيَ قُدْرَةً ، وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً.اَلْغِلْمَانُ يُعْيُونَ وَيَتْعَبُونَ ، وَالْفِتْيَانُ يَتَعَثَّرُونَ تَعَثُّرًا . وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً . يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ . يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ. " ( اشعياء 40 : 29 – 31 ) . اذا اصابك عجز ، اذا امسكت بك اعاقة ، اذا حلت بجسدك شوكة لا تنزوي في الظل تلوك عجزك لا تبكي وتندب حظك ، لا تنطوي حول شوكتك . افتخر في ضعفاتك ، افرح في اضطهاداتك ، نعمته تكفيك . ترنم في احزانك ، هلل في هزيمتك ، نعمته ُ تكفيك .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:02 PM

528 - منذ قيام كنيسة الرب ، منذ عصر المسيحية الاول ، واولاد الله يُضطهدون لاجل اسمه . ما ان صعد يسوع الى السماء ، وبدأ الرسل ينفذون ارساليته وهم يواجهون الاضطهاد . امسكوا بهم ، القوا بهم في السجون ، ضربوهم ، عذبوهم ، رجموهم وقتلوهم . سلسلة من الاضطهاد المخزي الذي لوث وجه التاريخ وشوه صورته . حكام بغاة ، وحوش ٌ وطغاة ، تلذذوا وتفننوا في تعذيب وقتل الشهداء . تجربوا في هزء ٍ وجلد ، في قيود ٍ وحبس ، رُجموا ، نُشروا ، جُربوا ، ماتوا قتلا ً بالسيف . أُلقي بهم الى الوحوش تفترسهم . طافوا في جلود الحيوان ، أُحرقوا ودُفنوا أحياء . لم يتراجعوا ، لم ينكروا سيدهم ، لم يستسلموا ، لم يخوروا أو يفشلوا " لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى ، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا. لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا. وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى ، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ. " ( 2 كورنثوس 4 : 16 – 18 ) هذا هو الذي جعل اول الشهداء ، اسْتِفَانُوسُ يقف شامخا ً ، عالي الرأس أمام المجمع . في ايمان ٍ وفي قوة . في اصرار ٍ وفي عزم ، فبدا وجهه امام الجميع كأنه وجه ملاك . وقف وهو عالم ٌ ان ساعته قد اقتربت ، يقول لهم " أَنْتُمْ دَائِمًا تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ الْقُدُسَ . كَمَا كَانَ آبَاؤُكُمْ كَذلِكَ أَنْتُمْ . أَيُّ الأَنْبِيَاءِ لَمْ يَضْطَهِدْهُ آبَاؤُكُمْ ؟ ....... أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ . فَلَمَّا سَمِعُوا هذَا حَنِقُوا بِقُلُوبِهِمْ وَصَرُّوا بِأَسْنَانِهِمْ عَلَيْهِ. وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ ، فَرَأَى مَجْدَ اللهِ ، وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ. فَقَالَ: هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً ، وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ . فَصَاحُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَسَدُّوا آذَانَهُمْ ، وَهَجَمُوا عَلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ، وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ ........ فَكَانُوا يَرْجُمُونَ اسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ : أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي . ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ . وَإِذْ قَالَ هذَا رَقَدَ " ( اعمال الرسل 7 : 51 – 59 ) ملحمة تعذيب واستشهاد ، ملحمة ُ ظلم ٍ واضطهاد ، هكذا نمت وتأسست كنيسة المسيح . وما يزال العالم يضطهد اولاد الله ، يطاردهم في كل مكان ، يتعقبهم بحقده وظلمه . وما يزال الشهداء في مسالك الارض يتساقطون ، تتساقط اجسادهم وتعلو ارواحهم ، لا يتراجعون ، لا ينكرون ، لا يستسلمون ، لا يخورون ، لا يفشلون ، لان لهم " هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ للهِ لاَ مِنَّا. مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ . مُتَحَيِّرِينَ ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ . مُضْطَهَدِينَ ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ . مَطْرُوحِينَ ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ . حَامِلِينَ فِي الْجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ ، لِكَيْ تُظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا فِي جَسَدِنَا. " ( 2 كورنثوس 4 : 7 – 10 ) سمفونية خالدة لا يفهمها العالم " وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا " ( متى 10 : 28 ) لا تنظر الى ما يرى بل الى ما لا يرى ، لا الى الاشياء الوقتية بل الابدية .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:02 PM

529 - هل تأملت في عظمة الله ؟ هل فكرت في جلاله ؟ هل سعيت لمعرفة قدرته ؟ لا ادعوك لأن تفهم او تدرك او تحيط به ، هذا مستحيل على مخلوق مثلك . الفناء لا يستوعب الخلود ، التراب لا يصمد للنور الازلي الابدي ، العقل البشري ذرة عاجزة عن ادراك قدرة الله وعظمته وجلاله . لكن إن تأملت بخشوع ٍ في ذات الله الذي تنتمي اليه وتعبده امتلئت عجبا ً . الله من كال بكفه المياه ، كل مياه العالم التي تغطي تسعين في المئة من مساحة الارض ، كل هذه المياه قطرة في كفه ، ترتعش على راحته ، تترجرج في استحياء . الله هو الذي قاس السماوات بالشبر ، السماوات المتسعة ، الكون اللانهائي . بالنسبة لله نهائي ، منشور ٌ امامه، منبسط ، قابل للقياس بالشبر ، الله هو الذي كال بالكيل تراب الارض ووزن الجبال بالقبان والآكام بالميزان . يجمعها في يده ، يمسكها باصابعه ، يحيطها ويحتويها ويزنها ويحصيها . الله الاعظم ، الله الاكبر ، الله الذي لا يحتويه احتواء ولا يدركه ادراك . اين هو ؟ اين يقيم ؟ اين يسكن ؟ هل تعرف اين يسكن الله العلي ؟ يقول اشعياء النبي : " هكَذَا قَالَ الْعَلِيُّ الْمُرْتَفِعُ ، سَاكِنُ الأَبَدِ ، الْقُدُّوسُ اسْمُهُ: فِي الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ الْمُقَدَّسِ أَسْكُنُ ، وَمَعَ الْمُنْسَحِقِ وَالْمُتَوَاضِعِ الرُّوحِ " ( اشعياء 57 : 15 ) هل تسمع ذلك ؟ هل تسمع ؟ الله يسكن مكانين لا ثالث لهما . في الموضع المرتفع المقدس عرشه يعلو الكون ، كرسيه يملأ السماء . الله عظيم ، اعظم من ان تحتويه سماء السماوات ، السماء لا تسع حضرته . الله قدوس ، اقدس من ان تليق به مقادس السماء لتكون موطئ قدميه . سكنه اعظم وارفع من كل عظيم مرتفع . اقدس واطهر من كل قدس ٍ قدوس . هذا مكانه الاول العالي السامي المرتفع . مكانه الثاني مع الانسان ، مع الانسان المنسحق ، الانسان المتواضع الروح ، يسكن الله قلب الانسان ، ما هو الانسان بالنسبة للكون ، بالنسبة للسماء ؟ لا شيء ، لا شيء بالمرة ، لكن الله يتواضع ويتضع ، يجعل نفسه في حجم قلب الانسان ، مسكن الله الثاني . قلب الانسان المنسحق المتواضع الروح ، قلب الطفل الصغير . ما اعظم الله ، ما امجد الله ، ما اكبر الله ، ما اقدس الله ، ما اعجبه . لا لانه يسكن السماء ، يحرك كرة الارض ، يتحكم في الكون والطبيعة والخلق ، بل لانه سبحانه يضع نفسه لاجل الانسان ، يخلي نفسه ليحيا قلب الانسان . الله بكل عظمته ، بكل جلاله ، بكل قداسته ، بكل قدرته يسكن قلبك . قلبك مسكن الله ، قلبك محل اقامة الله .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:02 PM

530 - نستيقظ في الصباح يملئنا التفاؤل ، ننظر من النافذة نرى ضياء ً يملأ الجو . نستنشق الأمل في يوم جديد جميل ، نسرع بالخروج لنواجه حياتنا اليومية . ونخطو الى الخارج ، تصدمنا اصوات الشارع ، ضجيج اصوات عالية وصراخ . تهب حولنا ريح تثير التراب ، يتصاعد الغبار ، يعلو ، يلطم وجوهنا ، يدخل عيوننا ، يغزو خياشيمنا ، يكتم انفاسنا ، يجعلنا نسعل وندمع وتتعثر خطواتنا . تسقط اقدامنا في حفر ٍ لم نرها . تنغمس احذيتنا في طين الشوارع . ما هذا الذي حولنا ؟ هذا التلوث يلوث حياتنا ، لم نُخلق لهذا الجو الكئيب . ويبدأ تعاملنا مع الناس ، نصارع الخداع والكذب ، نصطدم بالرياء والنفاق ، نسير في طرقات الحياة الملتوية ، منحنيات كبيت جحا نتوه فيها ونضيع . ويهاجمنا اليأس ، نفقد تفاؤلنا ، يضيع حماسنا ، نذوب في دوامة الاحباط . لن ينقذنا من ذلك الا ان نلبس الايمان وننظر الى فوق ونستدعي وعود الله . الله لم يعدنا بارض ٍ مستوية بل وعدنا ان يسير معنا الطرق الوعرة يقودنا . الله لم يعدنا بالجو الصحو والشمس الساطعة ، وعدنا بأن يخترق معنا العاصفة . تمسك بوعوده ، استدعيها ، طالبه بها ، اسأله ، مُد يدك اليه ، خذها . وعود الله لنا متاحة ، موجودة ٌ لديه ، محفوظة لنا لحين نطالب بها ونحصل عليها . يقول بطرس الرسول : " قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ " ( 2 بطرس 1 : 4 ) مواعيده عظمى وثمينة . يعيش كثيرون بؤساء ويد الله تمتد اليهم بالسعادة . السعادة امامهم . ويعيش الكثيرون فقراء وكنوز الله في متناول ايديهم ، كل كنوز الله . كالمتسول الذي مات من البرد والجوع على وسادة ممتلئة باوراق النقد . عاش يمد يده يشحذ ويجمع الاموال يدخرها في وسادته ويموت فوقها جائعا ً . وعود الله تحرك ايماننا ، تقويه ، تنميه ، تجعل الحرارة تدب فيه . ويشب الايمان ، يقف شامخا ً ، يثبّت قدميه على صخرة وعود الله وعهوده . كل ما حولنا في العالم غبار وتراب ، صعاب ٌ وعذاب ، حروب ٌ وصراعات ، غيوم ٌ كثيرة سوداء . لكن وعود الله شمس ٌ ساطعة حرارتها تطرد كل الغيوم . صخور ٌ صلبة حادة ، الايمان بوعود الله يحطمها ، يسحقها ، يذرّيها في الهواء . مواعيد ٌ عظمى ، مواعيد ٌ ثمينة ، لا تسدد احتياجنا وتعبد الطرق فقط ، بل تصيّرنا " شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ " تشكلنا وتصنعنا وتبعدنا عن الفساد . لا تفقد تفاؤلك ، مواعيد الله لك .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:03 PM

531 - كان المسيح يجلس فوق ربوة عالية في الخلاء ، كان الجو صحوا ً والسماء صافية . والشمس ترسل اشعتها تملأ المكان نورا ً ودفء ً وحياة ، جمال ٌ يفوق الوصف . والتفّت الجموع حول المسيح . جائت من كل انحاء البلاد لتسمع اقواله وترى افعاله . نظر المسيح اليهم بقلبه الحنون ، اخترقت نظراته رؤوسهم ، علم افكارهم وهمومهم ، اهتزت مشاعره وعواطفه ، عرف ما يثقل اكتافهم وما يشغل اهتمامهم . ارتفعت نظراته عنهم الى الفضاء الممتد حوله وحولهم ، سقطت انظاره على الحقول الممتدة على الجبل ونزلت الى الوادي المغطى ببساط اخضر . بساط اخضر ممتد يلف الارض جميعها ، يتدرج اللون الأخضر ويتشكل اشكالا ً عديدة . تطريز رائع وزخرفة عبقرية ونمنمات دقيقة . لم تمتد يد انسان لتصنع ذلك الجمال كله . نباتات وزهور وزنابق برية مزينة بكل الوان الطبيعة احتفلت في ضوء الشمس فزهت . تحولت انظار الجموع تتبع انظار المسيح ، ورأوا الجمال الخارق الذي يحيط بهم ، دخلت الرائحة الجميلة انوفهم ، اريج الزهور وعبير الورود وشذى النباتات عبق حولهم . ارتفعت العصافير فوق رؤوسهم ، تنقلت الفراشات بين الزهور ترتشف رحيقها . جمال ٌ يحتضن اجسادهم المتعبة ، جمال ٌ يخفق مع قلوبهم المهمومة . رأى المسيح همومهم تشوه جمال اللوحة حوله فارتفع صوته يقول : " لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ ، وَلاَ لِلْجَسَدِ بِمَا تَلْبَسُونَ. اَلْحَيَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الطَّعَامِ ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلُ مِنَ اللِّبَاسِ . تَأَمَّلُوا الْغِرْبَانَ: أَنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ ، وَلَيْسَ لَهَا مَخْدَعٌ وَلاَ مَخْزَنٌ ، وَاللهُ يُقِيتُهَا. كَمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلُ مِنَ الطُّيُورِ! …….. تَأَمَّلُوا الزَّنَابِقَ كَيْفَ تَنْمُو: لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ، وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ : إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. …… فَلاَ تَطْلُبُوا أَنْتُمْ مَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَشْرَبُونَ وَلاَ تَقْلَقُوا ..... بَلِ اطْلُبُوا مَلَكُوتَ اللهِ ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. " لوقا 12 : 22 – 31 )
أترى فيض خير الله حولك ؟ أترى كيف صنع الله الطبيعة ؟ كيف البسها ردائها ؟ لم تغزل ، لم تنسج ، لم تخيّط ، لم تتعب . أترى كيف البسها الله بذوق ٍ وجمال ٍ ملابسها ؟ الله يصنع كل شيء ٍ كاملا ً ، يوفر لك النبات لا مغذيا ً فقط بل جميلا ً رائعا ً . يوفر لك الحياة والدفء لا حماية ً فقط بل نورا ً وبهاء ً وصفاء ً براقا ً . الله يعطيك بغنى ً للتمتع ، الله يوفر لك ملبسك ومأكلك في اطباق ٍ ذهبية . ماذا يقلقك ، ماذا يزعجك ، ماذا يخيفك ؟ " لاَ تَخَفْ ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ. " ( لوقا 12 : 32 ) .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:03 PM

532 - يحيا الانسان حياته ويسير في طريقه ويسعى في عمله وفي داخله خوف . ينشغل بعمله ، يعرق ويتعب ، يخسر ويكسب ، ينجح ويفشل وفي داخله خوف . يأكل يشرب ، يسعد يشقى ، يضحك يبكي ، يتمتع يعاني ، وفي داخله خوف . يتنقل بين البلاد ، يسافر ، يعبر البحر ، يطير في الهواء ، يصعد ويهبط ، وفي داخله خوف . خوف ٌ لا يفارقه اينما ذهب . خوف يلفه مهما اختفى . خوف ٌ يحيط به دائما ً ، خوف الموت . في الضوء المبهر يرى عيون الموت ، في الظلام الدامس يرى وجه . في سكون الليل يسمع خطواته ، في صخب النهار يسمع ضحكاته ، لا مفر منه . ويموت مئات المرات خوفا ً من الموت . يحيا مائتا ً ويموت حيا ً بسببه . ويأتي بولس الرسول ويقول : " الْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ. " (فيلبي 1: 21 ) الموت مكسب ، الموت نصرة . لا يخاف الموت ، لا يخشاه . ونندهش نحن ، لكنه يقول : " لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ " لذلك يصبح الموت ربحا ً لأن له الحياة هي المسيح . هذه الحياة جعلت الموت ربحا ً . وانت وانا وكل مؤمن يستطيع ان يعيش الحياة التي عاشها بولس هي المسيح لأن " كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ الله ِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ . اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل ، بَلْ مِنَ اللهِ . " ( يوحنا 1 : 12 ، 13 ) . " شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ " متحدون معه ، ملتحمون به ، عائشون فيه وهو فيهم . اذا جاء بولس الرسول الآن وتابع رحلاته في العالم ، ماذا يجد ذلك الرحالة العظيم ؟ يجد أناسا ً يعيشون المعرفة ، علماء وفلاسفة ، مخترعين وبحاثة ، المعرفة حياتهم . يجد رجالا ً ونساء ً يعيشون الثروة والغنى ، الذهب والفضة ، المال حياتهم . يجد افرادا ً يعيشون الشهرة تحت الاضواء والتصفيق والتهليل . الشهرة حياتهم . يجد من يسعون ويعيشون السلطة ، تنحني الهامات امامهم ، النفوذ حياتهم . يجد ذلك كله حوله ، لكنه يرى في قلوبهم خوف الموت وفي اجسادهم برودة الموت . يرى ذلك فيحزن ، ويجدد تأكيده واكتشافه : " لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ . " أعظم تجارة لك هي المسيح . المسيح حياة ، المسيح الابدي فيك فحياتك ابدية ، حياتك هنا هي المسيح إذ لك طبيعته الالهية والطبيعة الالهية ليست طبيعة موت . حياتك هناك هي المسيح ، هناك تحيا ابديته معه ، هناك تتمجد مجده الابدي .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:03 PM

533 - كثيرون يخطئون وهم يتصورون ان الخلاص سهل وميسور ، متاح ٌ دائما ًُُ . هو متاح ٌ فعلا ً ، من حق كل من يؤمن ويقبل الى المسيح نادما ً يطلب بايمان ، لكنه ليس سهلا ً رخيصا ً يعقب خطوة التوبة خطوة الاتباع . واتباع المسيح ليس نزهة ً مريحة ، اتّباع المسيح صعب . بينما كان المسيح يسير وسط الجموع جائه شاب وقال : " أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي ". عيناه مشحونتان بالاعجاب ، عامراتان بالحماس ، اراد ان يسير وراء المسيح ويتبعه . والتقت عيناه بعيني المسيح ، رأى فيهما نفسه ، كشف المسيح غايته من رغبته في اتباعه . قال له : " لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ ، وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ " (لوقا 9 : 58 ) ادرك الفتى صعوبة اتّباع المسيح لأن يكون له مكان اقامة وراحة فتراجع . ورأى المسيح بالقرب منه شابا ً آخر يسير ورائه لا يفارقه ، قال له : " اتْبَعْنِي " وارتجف الفتى ، ارتج قلبه ، ما اعظم دعوة المسيح له ، لكنه قال : " ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي " ارتباطات ٌ وقيود ٌ والتزامات ٌ تشده وتجذبه نحو المسيح ونحو العالم ، بين الاتّباع ودفن الموتى . وبوضوح ٍ اعلنه المسيح : ان الموتى يدفنون الموتى . اتّباع المسح مناداة ٌ بملكوت الله الحي . وطلب ثالث أن يأذن له أولا ً أن يودع أهل بيته ، يرتمي على اعناقهم ويبكي . لا يا ولدي ، لا " لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ . " الخلاص متاح ٌ للجميع واتّباع المسيح حق ٌ لكل انسان لكن التلمذة مكلّفة . الله يفتح ذراعيه لك ، الله يدعوك اليه ، الله فتح الباب امامك للخلاص . إن جئت اليه ، إن دعوته للدخول يدخل الى قلبك وحياتك ويتعشى معك وانت معه ، لكن وهذه الـ لكن هامة ٌٌ جدا ً ، لا بد ان تجلس وتحسب النفقة ، هل عندك ما يلزم ؟ هل لديك ما يكفي لبناء برج اتّباع المسيح والتلمذة له قبل أن تبدأ ؟ احسب ( لوقا 14 : 28 ) . " مَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا." ( لوقا 14 : 27 ) حمل الصليب ثمن التلمذة . يقول بولس الرسول : " مَا كَانَ لِي رِبْحًا ، فَهذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً. بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي ، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ " ( فيلبي 3 : 7 ، 8 ) إن اردت ان تربح الابدية ألق ِ بالنفاية الزائلة من يدك وتعال ، تعال اليه .

Mary Naeem 15 - 05 - 2012 07:03 PM

534 - للعالم اسلوب للربح والخسارة والأخذ ، كل ما تأخذه ربح ، وكل ما تعطيه خسارة . ولله اسلوب ٌ يختلف تماما ً بخصوص الربح والخسارة ، كل ما تعطيه ربح وما تقدمه افضل . وحتى تحقق في العالم ربحا ً فانت تسعى لتقبض وتحصل وتستولي وتجمع وتكدّس وتخزّن . ولكي تحقق ربحا ًَ في العالم الروحي فانت تعطي وتبذل وتضحي وتتنازل وتترك وتنفق . وفي سبيل الربح والأخذ في العالم ، تأخذ ما ليس حقك وتحصل على ما تريد بكل الوسائل . اذا وقف في طريقك من يهدد حصولك على ما تريد ، تحاربه ، تهاجمه ، وتحطمه وتسحقه . تريد لنفسك الاكثر والاوفر ، تضع نفسك في اول الصف في المقدمة قبل غيرك . في الحياة الروحية تكسب حين تخسر ، تنجح حين تفشل ، تعلو حين تخضع وتتضع " مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا ، وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا." ( متى 10 : 39 ) اذا وضعت نفسك رفعك الله ومجدك . قال المسيح : " إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا ، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا." ( لوقا 14 : 26 ) وقال له بطرس : " هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ " فاجاب يسوع وقال : " الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً، لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيل ِ، إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هذَا الزَّمَانِ ، بُيُوتًا وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَدًا وَحُقُولاً، مَعَ اضْطِهَادَاتٍ ، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ " ( مرقس 10 : 29 ، 30 ) هذه هي اساليب الربح والخسارة الروحية " مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ " ( اعمال الرسل 20 : 35 ) تجارة مختلفة عن تجارة العالم ، ان تعطي ، ان تهب ، ان تقدّم ، ان تضحي وتبذل ، تقديم الكل ، كل شيء ، تسليم الكل ، كل شيء ، لا يغلو شيء ولا يُحجب شيء عن المسيح . ترك الصيادون شباكهم وقواربهم ، تركوا صيد السمك فجعلهم صيادي ناس . اخلى المسيح نفسه ، أخذ صورة عبد ، صار في شبه الناس " وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا ، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ. " ( فيلبي 2 : 7 – 11 ) لا تتاجر تجارة العالم بالاخذ والصراع للحصول على ما لا حق لك فيه ، تاجر تجارة الله ، أعطه قلبك ليملأه ُ ، حياتك لتربحها ، رأسك ليكلّله .


الساعة الآن 03:25 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025