![]() |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
آلام وموت يسوع المسيح https://images.chjoy.com//uploads/im...e05625c109.jpg لاحظنا أن الرب يسوع المسيح مَثَل أمام بيلاطس البنطي الوالي الروماني وأن هذا الأخير أقر أمام الجميع بأن يسوع كان بريئا وبدون علة تستوجب الموت. وهذا الإقرار ذو أهمية عظمى لأنه لو وجد أي شيء في المسيح يسوع يستوجب الموت أو القصاص فإنه لم يكن إذ ذاك ليقدر بأن يُكفر عن خطايا العالم. ومع أنه كان بريئا ومع أن القاضي الروماني أقر بذلك إلا أنه حكم عليه بالموت. وهذا أيضا أمر ذو أهمية كبرى لأنه بالحكم على يسوع المسيح بالموت- بالرغم من كونه بريئا- نرى أنه تألم ومات بشكل نيابي. مَثَل أمام الحاكم الروماني كممثل عنا إذ أننا نحن نستحق عقاب الموت لا يسوع المسيح القدوس. وهذه كلمات الرسول بولس عن موضوعنا هذا والواردة في رسالته إلى رومية: " لأن المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لأجل الفجار. فإنه بالجهد يموت أحد لأجل بار، ربما لأجل الصالح يجسر أحد أيضا أن يموت. ولكن الله بيَّن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا. فبالأولى كثيرا ونحن متبرّرون الآن بدمه نخلص به من الغضب. لأنه إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه فبالأولى كثيرا ونحن مصالحون نخلص بحياته" (5: 6- 10). وعندما نتكلم عن موت السيد المسيح لا بد لنا من الإشارة إلى أن موته لم يكن بسبب المرض بل أنه أُعدم بواسطة الصليب. وهذه الطريقة لم تكن تُستعمل بين اليهود لأنهم كانوا يرجمون المحكوم عليهم بالحجارة. ولكن الرومان جاؤوا بهذه الطريقة المريرة للإعدام وهذه استعملت بالنسبة ليسوع المسيح. وهنا أيضا علينا ألا نكتفي بالكلام عن الآلام الجسدية التي لا تطاق والتي احتملها السيد المسيح له المجد بل أن نذكر أيضا ما ورد في الشريعة الإلهية بخصوص المعلق على خشبة. إذ أن الله كان قد ذكر أنه كل من يُعلِّق على خشبة فهو ملعون. فنقدر أن نقول أن المسيح بموته وبموته بصورة خاصة على صليب الجلجثة إنما أخذ على نفسه اللعنة التي كانت على كل منا. ولذلك كتب بولس الرسول في رسالته إلى أهل غلاطية: " المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب: ملعون كل من عُلِّق على خشبة" (3: 13). ولكن لماذا كان على المسيح أن يموت؟ عندما نبحث في هذا الأمر مستعينين بنور الوحي الإلهي نجد أنه لم يكن هناك أي مفر من موت المسيح لأن الله عزم على تخليص البشرية من الموت والخطية وإن ذلك لم يكن ليتم بطريقة تتفق مع عدالة الله وحقه بدون موت ابن الله المتجسد. وكما أن الموت هو رمز للَّعنة التي يرزح تحتها الإنسان نرى أن المسيح تحمّل هذه اللعنة وبذلك تغلب عليها وانتصر انتصارا تاما ونهائيا. وهذه بعض التعاليم الكتابية التي تُلقي ضوءا على بحثنا في موضوع موت المسيح الكفاري على الصليب: من الرسالة إلى العبرانيين: " ولكن الذي وُضع قليلا عن الملائكة يسوع نراه مكللا بالمجد والكرامة من أجل ألم الموت لكي يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد... فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي ابليس ويُعتق أولئك الذين خوفا من الموت كانوا جميعا كل حياتهم تحت العبودية" (2: 9و 14و 15). وقال السيد له المجد عن نفسه وعن موته على الصليب: " أنا الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف، وأما الذي هو أجير وليس راعيا الذي ليست الخراف له فيرى الذئب مُقبلا ويترك الخراف ويهرب فيخطف الذئب الخراف ويبدّدها. والأجير يهرب لأنه أجير ولا يبالي بالخراف أما أنا فاني الراعي الصالح وأعرف خاصتي وخاصتي تعرفني. كما أن الآب يعرفني وأنا أعرف الآب وأنا أضع نفسي عن الخراف. ولي خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراع واحد. لهذا يُحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضا. ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي، لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضا. هذه الوصية قبلتها من أبي" (الإنجيل حسب يوحنا 10: 11- 18). ونحن لا نكتفي بالقول أنة السيد المسيح مات على الصليب بل نقول أيضا في قانون الإيمان وحسب تعاليم الكتاب أن المسيح" قبر" وهذا يعني أنه لا مجال مطلقا للشك في أن المسيح مات حقا ولذلك قبر. ويخبرنا الرسول يوحنا مايلي فيما يتعلق بموت المخلص ودفنه: " وبعد هذا رأى يسوع أن كل شيء قد كمل فلكي يتم الكتاب قال أنا عطشان وكان إناء موضوعا مملوا خلا فملأوا اسفنجة من الخل ووضعوها في زوفا وقدَّموها إلى فمه فلما أخذ يسوع الخل قال: قد أُكمل ونكَّس رأسه وأسلم الروح. " ثم إذ كان الاستعداد فلكي لا تبقى الأجساد على الصليب في السبت لأن ذلك السبت كان عظيما سأل اليهود بيلاطس أن تُكسر سيقانهم ويُرفعون فأتى العسكر وكسروا ساقي الأول والآخر المصلوب معه وأما يسوع فلما جاؤوا إليه لم يَكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات لكن واحدا من العسكر طعن جنبه بحربة وللوقت خرج دم وماء... ثم أن يوسف الذي من الرامة وهو تلميذ يسوع ولكن خِفية لسبب الخوف من اليهود سأل بيلاطس أن يأخذ جسد يسوع فإذن بيلاطس فجاء وأخذ جسد يسوع" (الإنجيل حسب يوحنا 19: 28- 34و 38) ثم يُخبرنا الرسول أن نيقوديموس انضم إلى يوسف ودفنا جسد يسوع في قبر جديد. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
آلام يسوع المسيح الروحية https://images.chjoy.com//uploads/im...9fbb32f4e2.jpg لم تكن آلام السيد المسيح آلاما جسدية فحسب بل إنه تألم وهذا ما يغْرب عن بالنا عندما نتكلم عن موضوع آلام المخلص له المجد. ولذلك فإننا سنبحث الآن في موضوع آلام السيد المسيح الروحية لكي نُكَوِّن فكرة متزنة عن جميع الآلام التي تذوقها ولئلا نُفكر بأنها كانت جسدية فقط. قبل أن يأتي الخائن يهوذا بشرذمة الجنود للقبض على المسيح كان الرب في بستان جثسيماني حيث يمكننا أن نشاهد معركة روحية شديدة تدور رحاحا في نفس المخلص. إنه له المجد لم يكن خائفا من الموت على الصليب الذي كان أمرا أكيدا، بل كان حسب قول البشير لوقا: " في جهاد وكان يُصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض" (الإنجيل حسب لوقا 22: 44) أي أن يسوع المسيح كان يخوض معركة روحية شديدة لدرجة أن الدم أخذ ينـزل من جبينه. لم يكن الموت على الصليب يُخيفه ولم يحدث في تاريخ البشرية بأسرها إن تكرر هذا الأمر لدى الذين كانوا على باب الاستشهاد في سبيل إيمانهم. كان جهاد الجثسيماني جهادا روحيا عنيفا إذ أن المخلص كان يتألم روحيا حاملا على نفسه خطايا العالم. فكما أن قصاص الخاطئ يأتي على جسده وروحه هكذا أيضا تألم المسيح جسديا وروحيا لإنقاذ جميع المؤمنين به عبر التاريخ البشري. وقد انتصر المخلص له المجد جسديا وروحيا على الشيطان. نشاهد على أكمة الجلجثة آلام المخلص الجسدية أكثر مما نشاهد آلامه الروحية بينما في بستان الجثسيماني نرى آلامه الروحية التي استمرت أيضا على الصليب. ولذلك يمكننا القول بعض الاضطلاع على هذه المعلومات الكتابية إن تقدمة المسيح يسوع كانت تامة وكاملة ولذلك فإن الخلاص الذي كسبه لنا هو تام وكامل ويشمل الجسد والنفس. وهذا ما يسرد لنا الرسول متى في الإنجيل المعروف باسمه: " حينئذ جاء معهم يسوع إلى ضيعة يقال لها جثسيماني فقال للتلاميذ: اجلسوا ههنا حتى أمضي وأصلي هناك. ثم أخذ معه بطرس وابني زبدي وابتدأ يحزن ويكتئب. فقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت، امكثوا ههنا واهروا معي. ثم تقدم قليلا وخرّ على وجهه وكان يصلي قائلا: يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس، ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تُريد أنت. ثم جاء إلى التلاميذ فوجدهم نياما. فقال لبطرس: أهكذا ما قَدَرْتم أن تسهروا معي ساعة واحدة؟ اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة. أما الروح فنشيط، وأما الجسد فضعيف. فمضى أيضا ثانية وصلى قائلا: يا أبتاه إن لم يكن أن تَعبر عني هذه الكأس إلا أن أشربها فلتكن مشيئتك. ثم جاء فوجدهم أيضا نياما، إذ كانت أعينهم ثقيلة. فتركهم ومضى أيضا وصلى ثالثة قائلا ذلك الكلام بعينيه. ثم جاء إلى تلاميذه وقال لهم: ناموا الآن واستريحوا، هو ذا الساعة قد اقتربت وابن الإنسان يُسلِّم إلى أيدي الخطاة. قوموا ننطلق، هوذا الذي يُسلِّمني قد اقترب" (26: 36- 46). ولكن لماذا كان على المسيح يسوع أن يتألم بهذه الصورة الشديدة؟ لأنه تقدَّم أمام المحكمة الإلهية ليكفر عن خطايا الناس وكممثل للبشرية الجديدة. ولذلك كان لا بد له من أن يشعر ضمن ضميره بهذا الحزن الشديد الذي لا يوصف والذي ينتج عن الخطية. وقد مثل المسيح المؤمنين به وناب عنهم إلى هكذا درجة حتى أنه شعر وكأن الله الآب تركه وغضب عليه. وإذ كان في وَهْدَة هذه الآلام الشديدة قال وهو مسمرا على الصليب: إلهي إلهي لماذا تركتني؟ طبعا إن الله لم يكن قد غضب على المسيح في ذاته بل إن غضب الله هذا كان عليه كممثل ونائب عن البشرية. وبذلك تمت نبوات أشعياء التي تفوه بها قبل مئات السنين من الميلاد: " لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمَّلها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبِحُبُرِهِ شُفينا" (53: 4و 5) وكتب الرسول بطرس أيضا عن هذا الموضوع في رسالته الأولى: " الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر، الذي بِجَلْدته شُفيتم" (2: 24). وبما أن السيد المسيح تألم بهذه الصورة الشديدة التي وصفها لنا الأنبياء والرسل فإننا نقول أن الإنسان الذي لا يحتمي بالمخلص ولا يثق به ثقة تامة ليس عليه سوى مقابلة الموت ونتائج الخطية لوحده. فآلام الجحيم التي تذوقها الرب أثناء آلامه الروحية الشديدة تعني أن المؤمن به لن يتذوقها مطلقا في الحياة الآتية ولكن الذي لا يؤمن به فأي رجاء له من النجاة من العقاب الأبدي هو مترتب على كل بشري غير تائب وغير مؤمن بمخلص البشرية؟ ويصعب علينا جدا أن نتفهم بصورة تامة قيمة هذا العمل الخلاصي العظيم الذي أتمه الرب يسوع المسيح ولكننا نفرح ونتهلل لأنه قام بكل شيء كممثل عنا لينقذنا من الموت الأبدي الذي يدعوه الرسول يوحنا في سفر الرؤيا بالموت الثاني. كفى أن تعلم أن السيد له المجد بآلامه الروحية والجسدية الشديدة وبموته على الصليب أنقذنا من الجحيم ومن حياة البؤس الأبدي. وإن كنا قد أُنقذنا من أهول وأفظع خطر يكمن للإنسان في المستقبل فهل يوجد شيء في الوجود يقدر أن يُخيفنا ويَجعلنا تحت رحمة الهلع الدائم؟ فلنفرح ونتهلل اليوم وكل يوم من حياتنا ولنقدم ذواتنا لخدمة المسيح يسوع معترفين به كرب وكسيد لكل حياتنا. وأخيرا نقتبس هذه الكلمات من قول أحد قادة عصر الإصلاح في القرن السادس عشر عن نتائج عمل المسيح الكفاري على الصليب: " نعترف بأن السيد يسوع المسيح هو معنا إلى هكذا درجة حتى أنه بالإمكان القول أن ما له هو أيضا لنا وما لنا هو له. وهذا التبادل العجيب الذي قام به حسب جَودته اللامتناهية جعله يأخذ فِقْرنا ويُعطينا غِناه، وإذ حمل على نفسه ضعفنا منحنا أيضا قوته، وإذ أخذ عنا أعطانا عدم موته، وإذ أخذ أيضا عبء خطايانا الثقيل على نفسه ذلك العبء الذي كان يطفو علينا أعطانا بره، وإذ نـزل إلى الأرض أعطانا طريقا للسماء، وإذ صار ابن الإنسان مكننا من أن نكون أولاد الله". |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ثمار آلام وموت السيد يسوع المسيح https://images.chjoy.com//uploads/im...c5e76c05e0.jpg عندما بحثنا في موضوع آلام السيد المسيح لاحظنا أنها كانت آلاما بدلية وفدائية وكذلك موته أيضا لأن السيد له المجد لم يقم بعمل أي شيء يستوجب الموت أو اللوم. إن الله تعالى إذ رأى حالة البشرية المحزنة التي نشأت من سقوط الإنسان الأول في الخطية أراد إنقاذها من الموت والشر فقام بتدبير وتنفيذ خطة الخلاص. وهذا الخلاص لم يكن ليصبح واقعيا أو فعالا بدون موت المسيح (وهو ابن الله المتجسد) عن الخطاة. ولذلك نقول أن المسيح بآلامه وموته على الصليب إنما كفَّر عن خطايا المؤمنين به في شتى العصور والأقاليم. كل من يؤمن(أي يثق) بعمل المسيح الفدائي على الصليب لابد له من أن يحصل على الخلاص الأبدي. وهنا نلاحظ أن المؤمن لا ينال بمجرد إيمانه بالمسيح وبعمله الفدائي حياتا خالية من الآلام بل نراه في كثير من الأحيان يتألم حتى أكثر نم غير المؤمنين. وكذلك لا بد للمؤمن من أن يموت إما في سن مبكرة أو بعد حياة طويلة ومليئة بالشهادة لربه ومخلصه. ماذا هو إذن موقف المؤمن من الآلام التي تصيبه ومن الموت الذي ينتظره إن عاجلا أو آجلا؟ هل هناك فرق حقيقي بين آلام المؤمن وموته وآلام غير المؤمن وموته؟ وبعبارة أخرى ماذا يجني المؤمن من آلام وموت السيد المسيح بخلاف نجاته من الموت الثاني أو الروحي؟ يتألم المؤمن ولكن آلامه- نظرا لإيمانه بالسيد المسيح- لم تعد بمثابة قصاص أو عقاب لخطاياه وليست عبارة عن آلام تكفيرية إذ أن المسيح بموته البدلي قد كفر عن جميع خطايا المؤمنين. إن آلام المؤمن هي مدرسة الصبر التي يستخدمها الله تعالى ليقضي بواسطتها وبصورة تدريجية على كبرياء المؤمن ولتعليمه التواضع في كل أقسام الحياة. وكذلك يستعمل الله آلام المؤمن لِيُفِيقَه من كسله الروحي وليجعله أيضا من مُختبري قوة الله وتعزيته. وفي فترة الآلام يذهب المؤمن إلى أبيه السماوي بصورة متواصلة فيتعلم الطاعة والاستسلام لمشيئة الله. ونظرا لكون الآلام مدرسة للإيمان والثبات والتقنية الروحية فإنها تجعل من المؤمن المتألم لمخلصه الذي مع كونه ابنا َتعَلَّم الطاعة مما تألم به،، (حسب قول كاتب الرسالة إلى العبرانيين 5: 8) وكذلك علينا أن نتذكر ما قاله الرب لتلاميذه: " الحق الحق أقول لكم: إنه ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مُرسله" (الإنجيل حسب يوحنا 13: 16) وهكذا فإن كان السيد له المجد قد تألم أثناء حياته على الأرض فماذا ينتظر أتباعه الأوفياء، أعلى حياتهم أن تكون خالية من الآلام والمشقات والمتاعب؟ ومن الممكن أن يتألم المؤمن على هذه الأرض في سبيل مجد الله، وهكذا يُظهر للملأ أنه لا يؤمن فقط بالله وبمسيحه أثناء الأيام المليئة بالأفراح بل إنه وسط أتراحه وآلامه يعترف بالله ويباركه كما قام بذلك أيوب الصديق أثناء محنته الشديدة. وهذه بعض الآيات الكتابية التي تتعلق بموضوع آلام المؤمنين: من الرسالة إلى أهل الإيمان في رومية: " وليس ذلك فقط بل نفتخر أيضا في الضيقات عالمين أن الضيق يُنشئ صبرا والصبر تزكية والتزكية رجاء، والرجاء لا يُخزي لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المُعطى لنا" (5: 3- 5). ومن المعروف عن رسول المسيحية العظم بولس أنه كان يتألم من مرض أو ضعف ما وأنه طلب من الرب مرارا وتكرارا أن يشفيه من مرضه ولكن الرب رأى خلاف ذلك ومكن الرسول من الاستمرار في عمله التبشيري بالرغم من آلامه المنبعثة من مرضه الجسدي أو الروحي. وهذا ما قاله الرسول بصدد جواب الله وهو مُدَوَّن لنا في الرسالة الثانية إلى مؤمني كورنثوس (12: 9و 10). " فقال لي: تكفيك نِعمتي لأن قوتي في الضعف تُكمل. فبكل سرور افتخر بالحري في ضَعفاتي لكي تُحل عليَّ قوة المسيح. لذلك أُسَرُّ بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح: لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" وكان الرسول بولس قد استهل رسالته الثانية إلى أهل الإيمان في كورنثوس قائلا عن موضوع آلام المؤمنين: " مبارك أبو ربنا يسوع المسيح أبو الرأفة وإله كل تعزية الذي يُعزينا في كل ضيقاتنا حتى نستطيع أن نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزّى نحن من الله. لأنه كما تَكْثُر آلام المسيح فينا كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضا. فإن كنا نتضايق فلأجل تعزيتكم وخلاصكم. فرجاؤنا من أجلكم ثابت، عالمين أنكم كما أنتم شركاء في الآلام كذلك في التعزية أيضا" (1: 3- 7). أما بخصوص موت المؤمن فإنه ليس عبارة عن قصاص أو عقاب للخطايا التي ارتكبها في حياته إذ أن المسيح بموته البدلي / النيابي قد مات عن جميع المؤمنين. فموت المؤمن ليس إلا عبارة عن تدمير نهائي للخطية التي كانت عالقة به أثناء حياته على الأرض ودخول ظافر إلى الحياة الأبدية التي كسبها السيد لجميع المؤمنين به. ولذلك كان المؤمنون منذ القديم لا يحزنون بنفس الطريقة التي يحزن بها غير المؤمنين لدى وفات أخ أو أخت في الرب لأن بموت المؤمنين يلِجُون حالا من باب الموت إلى ديار النعيم الأبدية. وقد قال السيد المسيح له المجد ما يلي عن موضوعنا في الإنجيل حسب يوحنا: " الحق الحق أقول لكم أن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة" (5: 24). وهكذا نقول أن ثمار آلام وموت السيد المسيح في حياة المؤمنين به ليست في اختفاء آلامهم ولا في عدم مرورهم بباب الموت بل باختبار تعزيته وقوته الفدائية وكذلك باختبار الموت عن الخطية وصلب الإنسان العتيق أي الطبيعة البشرية الساقطة. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قيامة السيد المسيح من الأموات https://images.chjoy.com//uploads/im...ede251340b.jpg عندما نعترف بإيماننا المسيحي الكتابي نقول عن السيد المسيح مايلي: تألم وقُبر وقام في اليوم الثالث كما في الكتب: أي أننا لا نعترف فقط بموته على الصليب بل بقيامته المجيدة من الأموات أيضا. وهكذا بعد أن انتهينا في درسنا السابق من تعاليم الكتاب المقدس في البحث في موضوع آلام ربه البدلي لا بد لنا من متابعة الكلام عن الإنجيل باحثين في موضوع القيامة أي قيامة السيد المسيح من الأموات والفائدة التي يجتنيها كل مؤمن من هذه القيامة. قبل كل شيء نقول أننا بكلمات قانون الإيمان التي نعترف بها والتي نشير إلى موضوع قيامة الرب يسوع المسيح إنما نُشير إلى قيامة المخلص الحقيقية الجسدية. إننا لا نكون متكلمين عن قيامة روحية أو فكرية أو عقلية بل عن واقع جرى ووصفه لنا البشريون الملهمون بدون أن يتركوا في وصفهم أي مجال للشك. قام المسيح وقام وجسديا أي بجسد القيامة المجيد وبذلك أظهر انتصاره التام على الموت والخطية. أعلن بقيامته من الأموات المسيح يسوع ظفره النهائي على الموت وقيَّد الشيطان وأعوانه. ولذلك نسمعه له المجد وهو يقول لرسوله يوحنا قرب نهاية القرن الأول الميلادي: " لا تخف. أنا هو الأول والآخر وكنت ميتا وها أنا حي إلى أبد الآبدين، آمين. ولي مفاتيح الهاوية والموت" (الرؤيا 1: 17و 18). ومن المهم أن نلاحظ أن كُتَّاب الأسفار المقدسة في العهد الجديد وصفوا لنا بدقة موضوع القيامة وعلقوا عليه أهمية عظمى لأن كل شيء يتعلق بالقيامة. بدون القيامة ليس هناك مسيح حقيقي تاريخي ولا مسيحية حقيقية تاريخية. عندما صُلِب السيد المسيح حتى تلاميذه شكوا فيه وأنكره بطرس الشجاع. وهكذا يمكننا القول بأنهم لم يكونوا منتظرين قيامته ولذلك عندما وصلتهم أخبار القيامة في بادئ الأمر لم يصدقوها، وكما كتب لنا الطبيب لوقا: " فتراءى كلامهن لهم كالهذيان ولم يصدقوهن" (24: 11) ولكن عندما ظهر الرب لهم وتكلم معهم وأراهم يديه ورجليه آمنوا وسجدوا له وأخذوا منه التعليمات المتعلقة بالمناداة بإنجيل الخلاص والتحرير والإنقاذ. بدون القيامة لا نقدر مطلقا أن نفهم أو نفسر من الناحية البشرية والنفسية كيف قام تلاميذ المسيح بنشر الدعوة المسيحية. تُفَسّر القيامة وحدها كيف استطاع بطرس الذي أنكر ربه وسيده من أن يقف في اليوم الخمسين في الجموع العديدة في مدينة القدس وأن يقول عن موضوعنا هذا وبدون خوف أو وجل أو اضطراب: " يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضا تعلمون. هذا أخذتموه مسلَّما بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي أثمة صلبتموه وقتلتموه، الذي أقامه الله ناقضا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنا أن يُمسك منه. لأن داود يقول فيه: كنت أرى الرب أمامي في كل حين أنه عن يميني لكي لا أتزعزع. لذلك سُرَّ قلبي وتهلل لساني حتى جسدي أيضا سيسكن على رجاء، لأنك لن تترك نفسي في الهاوية ولا تدع قدوسك يرى فسادا. عرَّفتني سُبل الحياة وستملأني سرورا مع وجهك. أيها الرجال الأخوة: يسوغ أن يقال لكم جهارا عن رئيس الآباء داود أنه مات ودُفِن وقبره عندنا حتى هذا اليوم. فإذ كان نبيا وعلم أن الله حَلَفَ له بقسم أنه من ثمرة صُلبة يُقيم المسيح حسب الجسد لِيَجلس على كرسيه، سبق فرأى وتكلم عن قيامة المسيح أنه لم تترك نفسه في الهاوية ولا رأى جسده فسادا. فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعا شهود لذلك. وإذ ارتفع بيمين الله وأخذ موعد الروح القدس من الآب سكب هذا الذي أنتم الآن تبصرونه وتسمعونه. لأن داود لم يَصعد إلى السموات، وهو نفسه يقول: قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك. فليعلم يقينا جميع بيت اسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم ربا ومسيحا" (أعمال الرسل 2: 22- 36). وبعد مدة قصيرة من يوم الخمسين أعاد الرسول ذكر هذا الموضوع مُظهرا أهميته لدى الكنيسة الرسولية وقال بعد معجزة شفاء رجل أعرج: " إن إله إبراهيم واسحق ويعقوب إله آبائنا مجّد فتاة يسوع الذي أسلمتموه أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم باطلاقه. ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل، ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات ونحن شهود لذلك" (أعمال الرسل 3: 13- 15). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ثمار قيامة الرب يسوع المسيح https://images.chjoy.com//uploads/im...c7a3ac6533.jpg علينا أن نتذكر أن الرب يسوع المسيح تجسد وتألم وقبر وقام من أجل إنجاز العمل الخلاصي الذي يهم كل بشري. وهكذا فإننا لا نأتي على ذكر موضوع القيامة إلا ونذكر موضوع الثمار التي يجتنيها المؤمنون من قيامة المسيح. فجميع هذه الدروس الكتابية ليست عبارة عن دراسات تاريخية تعليمية فقط بل إنها دروس حياتية لها علاقة بصميم حياتنا على الأرض وخاصة بحياتنا في الدهر الآتي. ولذلك لا تقدر أن نحصر اهتمامنا في التأكد من حدوث القيامة وأنها كانت قيامة حقيقية وواقعية وجسدية بل علينا أن ننتقل إلى الكلام عن النتائج العملية التي تنتج عن قيامة السيد المسيح في حياة جميع المؤمنين به إيمانا شخصيا وحقيقيا أي جميع الذين لهم إيمان خلاصي بالرب. أولا: أظهر السيد المسيح بقيامته من الأموات إنه كان بالحقيقة ابن الله وبانتصاره على الموت والخطية كسب لنا ذلك البر الذي نتمتع به الآن نحن الذين نؤمن به ونعترف به كرب ومخلص. فلولا قيامة المسيح لما كان هناك أية قيمة لتعاليمه ولمعجزاته، إذ أنه لو مات ولم يَقُم من الأموات ولم ينتصر على الخطية والموت لكان قد أظهر بأنه لم يكن ما أكد عن نفسه أثناء وجوده على الأرض: أي عن كونه ابن الله المُرسل إلى العالم للقيام بمهمة معينة ألا وهي الانتصار على الشيطان والخطية وتحرير وفداء الناس من العبودية الروحية الغاشمة التي يرزحون تحتها. إنه من المستحيل الإيمان بيسوع المسيح إن لم يكن قد قام من الأموات. وكما قال الرسول بولس في رسالته الأولى إلى كورنثوس معلقا على قول البعض المتأثرين بالفلسفة اليونانية التي كانت تُنكر القيامة وإمكانيتها: " إن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضا إيمانكم... إن لم يكن المسيح قد قام فباطل إيمانكم: أنتم بعد في خطاياكم، إذن الذين رقدوا في المسيح أيضا هلكوا... ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين" (15: 14و 17و 20). وقيامة السيد المسيح تؤكد لنا بطريقة قطعية موضوع تجسده أي مجيئه إلى العالم وأخذه طبيعة بشرية من العذراء مريم وبواسطة الروح القدس. مات المسيح حقا عن خطايانا وقام من أجل تبريرنا. وهكذا نلاحظ مرحلتين هامتين في عمل يسوع الخلاصي: أولا موته عن خطايا المؤمنين به، وثانيا قيامته من أجل منحهم نعمة التبرير. وقد تكلم السيد له المجد أثناء خدمته على الأرض عن القسم الأول من عمله الإنقاذي الفدائي أكثر من القسم الثاني الذي تكلم بوضوح الرسل بعد أن تمت قيامة الرب. وهذا ما يفسر لنا وجود الرسائل في العهد الجديد لأن الرسائل ليست إلا عبارة عن تفاسير موحى بها من الله كُتبت لتفسير العمل الخلاصي العظيم الذي أتمه المسيح وخاصة نتائج قيامته من الأموات في حياة جميع معتنقي الإيمان به كمخلص ورب. نأتي الآن على ذكر بعض الآيات الكتابية التي تُعلِّق على ثمار موت المسيح وقيامته في حياة المؤمنين به: كتب الرسول بولس في رسالته إلى رومية: " ولكن لم يُكتب من أجله وحده- أي من أجل إبراهيم الذي تبرّر بالإيمان- إنه حُسِب له بل من أجلنا نحن أيضا الذين سَيُحْسَب لنا الذين نؤمن بمن أقام يسوع ربنا من الأموات الذي أُسلِم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا" (4: 23- 25). وكتب الرسول بطرس عن الموضوع ذاته قائلا في رسالته الأولى: " مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات لميراث لا يفنى ولا يتدنَّس ولا يضمحل محفوظ في السموات لأجلكم، أنتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص مُستعد أن يعلن في الزمان الأخير" (1: 13). ثانيا: إن كنا بالحقيقة قد اشتركنا مع المسيح بقيامته فإننا منذ الآن قد أُقمنا لحياة جديدة بواسطة قوة المسيح لنخدم الله ولنعيش بقداسة حسب مشيئته. فالتبرير الذي نحصل عليه نظرا لقيامة السيد المسيح من الأموات يُمَكِّننا حالا من الاستفادة من قيامة روحية ويُعطينا الإمكانية لممارسة الأعمال الصالحة عائشين حياة جديدة. ليس هناك أي شيء نظري أو خيالي إذن في عقيدة التبرير لأنها ترتكز بصورة مباشرة على حقيقة القيامة التي هي حادثة واقعية كما يشهد لذلك كتاب الله المقدس. وهذه بعض الشواهد الكتابية: كتب الرسول بولس في رسالته إلى رومية: " أتجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته فَدُفِنَّا معه بالمعمودية للموت حتى كما أُقيم المسيح من الأموات بمجد الأب هكذا نسلك نحن أيضا في جِدة الحياة" (6: 3و 4). وفي الرسالة إلى أهل أفسس ذكر الرسول مايلي عن قيامتنا مع المسيح: " الله الذي هو غني في الرحمة من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح" (2: 4و 5). وفي الرسالة الثانية إلى كورنثوس نجد كلمات الرسول بولس هذه: " إذن إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، فالأشياء القديمة قد مضت، وهوذا أشياء جديدة قد حدثت" (5: 17). ثالثا: إن قيامة السيد المسيح هي عربون قيامتنا نحن من الأموات في اليوم الأخير. إن موضوع القيامة لموضوع هام بالنسبة لكل إنسان وقيامة المسيح تؤكد لنا أن هذا الأمر سيتم بقوة الله وإن قيامة المؤمنين به ستكون قيامة سعيدة بعكس قيامة الأشرار للشقاء الأبدي. " فإن سيرتنا نحن هي في السموات التي منها أيضا ننتظر مخلصا هو الرب المسيح الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (الرسالة إلى أهل فيلبي 3: 20و 21). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صعود السيد المسيح إلى السماء https://images.chjoy.com//uploads/im...f7f435a5fd.jpg كنا قد درسنا في دروسنا السابقة عن موضوع آلام وموت السيد المسيح وقيامته من الأموات. وقد استقينا جميع هذه المعلومات من كلمة الله التي تُخبرنا أيضا أن السيد له المجد لم يبق على الأرض بعد قيامته المجيدة بل إنه صعد إلى السماء وجلس عن يمين الله الآب. ولهذا نعترف كمسيحيين بأن السيد المسيح له المجد بعد أن قام من الأموات صعد إلى السماء وسنبحث الآن في هذا الموضوع وفي الثمار التي يجتنيها المؤمنون من صعود المخلص إلى السماء. ونعني بهذه العبارة: صعد إلى السماء أن يسوع المسيح بعد أن أنجز بشكل تام رسالته الخلاصية التي أرسله الآب لتتميمها لم يبق على الأرض كما كان أثناء أيام تجسده قبل القيامة بل ترك الأرض وصعد إلى السماء تحت أنظار تلاميذه الأوفياء. وهذا الأمر كان قد تكلم عنه السيد له المجد أثناء حياته التبشيرية العلنية وهو مذكور في عدة أماكن من العهد الجديد ونكتفي الآن بالإقتباس من بعضها: قال الرب له المجد: " لأن الفقراء معكم في كل حين وأما أنا فلست معكم في كل حين" (الإنجيل حسب متى 26: 11). وفي الليلة الأخيرة التي أمضاها السيد مع تلاميذه تطرّق إلى الكلام عن موضوعنا قائلا: " خرجت من عند الآب وقد أتيتُ إلى العالم وأيضا أترك العالم وأذهب إلى الآب" (الإنجيل حسب يوحنا 16: 28). وفي سفر أعمال الرسل نقرأ هذه الكلمات عن صعود المسيح إلى السماء: " ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم" (1: 9). وقد تكلم الرسول بطرس عن هذا الموضوع في مناسبة شفاء الرجل الأعرج وقال: " فتوبوا وارجعوا لِتُمحى خطاياكم لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب يسوع المسيح المُبَشَّر به لكم الذي ينبغي أن السماء تَقبله إلى أزمنة رد كل شيء التي تكلم عنها الله بفم جميع أنبيائه القديسين منذ الدهر" (أعمال الرسل 3: 19- 21). وهنا لا بد لنا من أن نجابه هذا السؤال كيف يستطيع الرب يسوع المسيح أن يكون مع كنيسته المُخلِصة أي مع جميع المؤمنين به حتى نهاية الدهر كما وعد وهو موجود الآن على الأرض؟ ألم يَعِدنا السيد له المجد قُبيل صعوده إلى السماء قائلا: " فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وها أنا معكم كل الأيام إلى إنقضاء الدهر" ليس هناك بالحقيقة مشكلة التسوية بين وعد المسيح بأن يكون معنا إلى النهاية وصعوده إلى السماء وذلك يعود إلى أنه له المجد يتمتع بطبيعتين إلهية وبشرية، حسب طبيعته البشرية ليس هو على الأرض ولكن حسب طبيعته الإلهية إنه لا يبتعد مطلقا عنا ولذلك فإنه لا يزال معنا بصورة واقعية وحقيقية ولكنها روحية غير جسدية. وفي جميع أعمال يسوع الخلاصية لابد لنا من أن نفهم ما نكسبه نحن الذين آمنا به من نعم روحية. وهكذا نقول أننا نكسب عدة أمور روحية من صعود المسيح إلى السماء وهي: أولا: دخل يسوع المسيح السماء بعد صعوده إليها كممثل للبشرية الجديدة بنفس الصورة التي نـزل فيها إلى الأرض ليكون مخلص العالم. دخولنا السماء هو أمر أكيد بالنسبة لجميع الذين يؤمنون بالمخلص إذ أن باب السماء الذي كان مُغلقا في وجه الخطاة هو مفتوح لجميع الذين قد اتحدوا بالإيمان مع يسوع المسيح. وقد كتب بولس الرسول بهذا الصدد في رسالته إلى أهل أفسس: " وأما أنه صعد، فماذا يعني هذا إلا أنه نـزل أولا إلى أقسام الأرض السُفلى؟ فالذي نـزل هو نفسه الذي صعد أيضا إلى ما فوق السماوات كلها ليملأ كل شيء" (4: 9و 10). وقال السيد له المجد لتلاميذه عن موضوع السماء ودخول المؤمنين إليها بفضل المخلص: " لا تضطرب قلوبكم، أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. في بيت أبي منازل كثيرة، وإلا فإني كنت قد قلت لكم، أنا أمضي لأعد لكم مكانا، وإن مَضيتُ وأعددتُ لكم مكانا آتي أيضا وآخذكم إليّ حتى حيث أكون تكونون أنتم أيضا" (الإنجيل حسب يوحنا 14: 1- 3). ثانيا: نظرا لوجود السيد المسيح في السماء لدينا العربون الأكيد أننا معه في النهاية لأننا أعضاء في جسده وهو الرأس ومن غير المعقول أن تبقى أعضاء جسد المسيح بعيدة عنه إلى النهاية. وقد بحث في هذا الموضوع الرسول بولس في رسالته إلى مؤمني أفسس قائلا: " وحين كنا أمواتا بالذنوب أحيانا مع المسيح(فبالنعمة أنتم مخلَّصون) وأقمنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع ليُظهر في الدهور الآتية غِنى نعمته الفائق باللطف بنا في المسيح يسوع" (2: 5- 7). ثالثا: إن المسيح يسوع هو الآن المدافع عنا والشفيع فينا أمام العرش الإلهي: كتب الرسول يوحنا في رسالته الأولى قائلا: " يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تُخطئوا وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار" (2: 1). وكتب صاحب الرسالة إلى العبرانيين عن شفاعة المسيح قائلا: " أما هذا فمن أجل أنه يبقى إلى الأبد له كهنوت لا يزول، فمن ثم يقدر أن يُخلِّص أيضا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم" (7: 24و 25). وتساءل الرسول بولس قائلا في موضوعنا: " من هو الذي يدين؟ المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضا الذي هو أيضا عن يمين الله الذي أيضا يشفع فينا" (رومية 8: 34). رابعا: إن المسيح الذي صعد إلى السماء أرسل روحه القدوس ليسكن في المؤمنين به فينالوا القوة والمقدرة ليسعوا وراء الأمور السماوية الدائمة وليتعزّوا بتعزية الروح القدس. وكتب الرسول بولس عن هذا في رسالته إلى أهل كولوسي قائلا للمؤمنين: " فإن كنتم قد قُمْتُم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله، اهتموا بما فوق لا بما على الأرض لأنكم قد مُتم وحياتكم مُستَتِرة مع المسيح في الله، متى أُظهر المسيح حياتنا فحينئذ تُظهرون أنتم أيضا معه في المجد" (3: 1- 4). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تمجيد المسيح وعودته إلى العالم https://images.chjoy.com//uploads/im...99490d299a.jpg انتهينا في درسنا السابق من التأمل في موضوع صعود السيد المسيح إلى السماء بعد قيامته المجيدة. ونأتي الآن إلى البحث في موضوع تمجيد المسيح يسوع ورجوعه إلى العالم لدى نهاية التاريخ البشري أي في اليوم الأخير. ونجد هذا النص في قانون الإيمان المبني على تعاليم كلمة الله: " وجلس عن يمين الآب وسيأتي بمجد عظيم ليدين الأحياء والموات الذي ليس لملكة انقضاء" أولا: ماذا نعني بهذه العبارة: وجلس عن يمين الآب أي الله الآب؟ إن هذه العبارة مبنية على تعاليم الكتاب وهي تُعطينا بصورة رمزية فكرة عن السلطة التامة التي يتمتع بها السيد المسيح وهو الآن في حالة التمجيد أو المجد بعد أن كان في حالة الاتضاع أثناء حياته على الأرض منذ نحو ألفي سنة. فكما كان الملوك والأمراء في الأيام القديمة يُجلسون عن يمين الله الآب وهو يسوس أمور العالم والكون. وهو أيضا يقوم بهذه المهمة الخاصة: إنه كرئيس الكنيسة المسيحية التي هي جسده يقودها وسط العالم المضطرب والمليء بالشرور ويُساعدها على التغلب على سائر قوى الشر. وهذه بعض التعاليم الكتابية التي تبحث في موضوع تمجيد المسيح والسلطة التامة التي يتمتع بها الآن: كتب الرسول بولس في رسالته إلى أهل كولوسي مايلي: " وهو- أي السيد المسيح بعد قيامته من الأموات وصعوده إلى السماء- رأس الجسد الكنيسة، الذي هو البداءة بكر من الأموات لكي يكون هو متقدما ما في كل شيء" (1: 18). وقال السيد له المجد قبل صعوده إلى السماء: " دُفع إليَّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض" (الإنجيل حسب متى 28: 18). وكذلك قال السيد المسيح: " لأن الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للابن، لكي يُكرِّم الجميع الابن كما يُكرِّمون الآب. من لا يُكرِّم الابن لا يُكرِّم الآب الذي أرسله" (الإنجيل حسب يوحنا 5: 22و23). ويستفيد المؤمن من إيمانه بتمجيد المسيح وبتسلطه على سائر مقدرات العالم والكون وذلك لأنه أي المؤمن يأخذ من المسيح عطية أو هبة الروح القدس التي تُعطيه كيانه ووظيفته في الكنيسة أي في جسد المسيح. وكذلك لك يكون المؤمن دوما تحت عناية المسيح الذي يهتم به إلى هكذا درجة حتى أن شعرة واحدة من رأسه لا تسقط بدون مشيئة الرب يسوع. إذ صعد إلى العُلى سبى سبيا وأعطى الناس عطايا. هذا ما ذكره الرسول بولس عن المسيح رئيس الكهنة وسيد المؤمنين واستطرد قائلا: " المسيح أعطى بعضا أن يكونوا رُسلا وبعضا أنبياء وبعضا مبشرين وبعضا رعاة ومعلمين لأجل إعداد القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح إلى أن ننتهي جميعا إلى وحدة الإيمان ومعرفة ابن الله إلى إنسان كامل إلى مقدار قامة ملء المسيح" (الرسالة إلى أهل أفسس 4: 11- 13). أما موضوع عودة المسيح إلى العالم أو مجيئه الثاني كما نُشير إليه عادة فإنه أمر ذكره الرب أثناء حياته على الأرض وكذلك الملائكة والرسل الملهمون. ونعني بعودة المسيح أنه تعالى سيأتي إلى العالم في اليوم الأخير لدينونة الأحياء والأموات ولإنشاء ملكوته الأبدي المجيد. ونكتفي باقتباس قول الملائكة للرسل بعد صعود المسيح إلى السماء: " أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء؟ إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم على السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا إلى السماء" (أعمال الرسل 1: 11). وكمؤمن أعلم أن هذا الرجاء الحي الذي يوجده في قلبي الروح القدس بواسطة كلمة الإنجيل المقدسة إنما هو عزاء كبير لي لأن المسيح سيظهر في نهاية العالم من أجل خلاصي التام والكامل. أثناء مروري بهذه الحياة والمشقات والصعوبات العديدة التي تُجابهني أعلم عِلم اليقين أن ربي ومخلصي سيعود إلى هذا العالم كالديان العادل وإنه يجب علي ألا أخاف مطلقا من هذا الحادث إلهام لأن ديان العالم هو في نفس الوقت فاديّ المحب الذي مات عني على الصليب. وهكذا كمؤمنين لا نخاف من الدينونة العامة التي ستجري لدى رجوع المسيح إلى العالم ولا نضطرب لأن الذي سيكون الديان إنما هو أيضا بالنسبة إلينا شفيعنا والمُدافع عنا وهو سيأخذنا معه لنكون معه أبديا. ولذلك علينا أن ننتظر مجيء المسيح بكل فرح وسرور متيقنين أن نصرنا التام والنهائي على الخطية وقيامتنا من الأموات- وذلك إن متنا قبل المجيء الثاني- كل هذه الأمور العظيمة مرتبطة بالمسيح يسوع وبرجوعه إلى العالم. وهذه بعض الشواهد الكتابية بخصوص موضوع الثاني للمسيح: كتب الرسول بولس في رسالته إلى مؤمني كولوسي: " متى أُظْهر المسيح حياتُنا حينئذ تُظهرون أنتم أيضا معه في المجد" (3: 4). وفي الرسالة إلى أهل فيلبي كتب بولس قائلا: " فإن سيرتنا – أي رعويتنا – نحن هي في السموات التي منها أيضا ننتظر مخلصا هو الرب يسوع المسيح الذي سيُغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يُخضع نفسه كل شيء" (3: 20و 21). وفي رسالته إلى ابنه الروحي تيطس أحد أساقفة الكنيسة الرسولية قال الرسول بولس: " لأنه قد ظَهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس مُعَلّمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر، منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح الذي بذل نفسه لأجلنا لكي يفيدنا من كل إثم ويُطهِّر لنفسه شعبا خاصا غيورا في أعمال حسنة" (2: 11- 14). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
رجوع المسيح على العالم https://images.chjoy.com//uploads/im...d948150388.jpg لم ننته في الدرس الماضي من البحث في موضوع رجوع أو عودة المسيح إلى العالم ولذلك نعود إلى الموضوع ذاته هذا الدرس ونرى بصورة خاصة علاقة هذا الأمر الهام بكل إنسان وواجب تكييف الحياة الحاضرة بشكل مع رجوع المسيح وظهور ملكوته الأبدي بشكل تام ونهائي. إن رجوع المسيح إلى العالم يُنذرنا جميعا نحن الذين نسمع البشارة بان يوم الخلاص سوف ينتهي وإنه عندما يعود المسيح إلى العالم في اليوم الأخير فإن ذلك سيعني الفصل النهائي بين الأبرار والأشرار. في ذلك اليوم نكون إما في ملكوت الله أم خارج ذلك الملكوت حيث البكاء وصرير الأسنان. ولذلك نقول بان عقيدة المجيء الثاني للسيد المسيح والدينونة العامة التي ستجرى بعد ذلك تجعل من الحياة الحاضرة التي نحياها الآن ذات أهمية عُظمى. وعلينا جميعا أن ننظر إلى كل يوم يمنحنا إياه الله تعالى كفرصة ذهبية للتوبة والرجوع إلى خالقنا وقبول الغفران المجاني الذي يُقدمه لنا في كلمة الإنجيل. وإن لم نقم بمتطلَّبات الأمر الإلهي بخصوص التوبة والإيمان بالمسيح فليس أمامنا إلا دينونة الله العادلة. وهذه بعض الآيات الكتابية التي تُظهر أهمية تكييف حياتنا على ضوء رجوع المسيح إلى الأرض: " ولكن لا يخف هذا الشيء الواحد أيها الأحباء أن يوما واحدا عند الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد. لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنى علينا وهو لا يشأ أن يهلك أناس بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة. ولكن سيأتي كلص في الليل يوم الرب فيه تزول السموات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها. " فيما أن هذه كلها تنحل أي أناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مقدسة وتقوى منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب الذي به تنحل السموات مُلتهبة والعناصر مُحترقة تذوب. لكننا بحسب وعده ننتظر سموات جديدة يسكن فيها البر" (رسالة بطرس الرسول الثانية 3: 8- 13). نظرا للأهمية القصوى التي كان كتاب الأسفار المقدسة الملهمون يُظهرونها بخصوص موضوع عودة المسيح، علينا نحن الذين نعيش في هذه الأيام المضطربة أن نسأل أنفسنا بشكل جدي هذه الأسئلة: أولا: هل نحيا حياة تتفق مع كون هذه الدنيا على طريقها إلى نهاية أكيدة كان الله قد ذكرها لنا في الأسفار المقدسة؟ ثانيا: هل نسمح لموضوع عودة المسيح إلى العالم الذي هو أمر أكيد بان يُوسع أفق حياتنا الحاضرة فنحياها لا كالذين ليس لهم إيمان إلا بالمادة العمياء بل كمؤمنين متيقنين بأن مصيرنا في هذا العالم هو في يد الله وأنه تعالى هو المسيطر على كل شيء، بالرغم من كثرة الاختراعات البشرية الهدَّامة وبالرغم من تشدق الإنسان المعاصر المُلحد عن قوته المادية؟ ثالثا: هل هناك أمور تُصاحب حياتنا الحالية وهي في صلبها لا تتفق مع روح الإنجيل والتي يجب علينا أن ننبُذها حالا لئلا يأتي المسيح ويجدنا نياما روحيا وغير مستعدين للقائه؟ رابعا: هل نشهد كما يليق بنا بانجيل المسيح أي بخبره المفرح عما قام به من أجل خلاص وتحرير البشرية من الشر وهل نعمل معا كما يجب في سبيل تعجيل ذلك اليوم الحاسم في تاريخ الإنسانية جمعاء وهل نُكرِّس جميع قوانا في سبيل الله وملكوته العظيم؟ المسيح يسوع آت. هذا أمر واقعي ولا يمكن لأي بشري أن يعترض سبيل المسيح الظافر ويقول له لا تأت. إن آمنا بعودة المسيح أو لم نؤمن بذلك فإنه له المجد سيجيء كما وعد تلاميذه الأوفياء وكما بشر بذلك الملائكة. وكل النقاط التي لم تتم بعد في برنامج المسيح لهذا العالم ستتم. ليست هناك أية قوة في الوجود تستطيع أن تقف في وجه الرب يسوع. وهكذا على كل واحد منا أن يعلم بأننا أحياء بفضل الله الذي لا يود أن نهلك بل أن نأتي جميعا إلى معرفته قلبية خلاصية. وبما أننا لا نعلم متى سنموت ونظهر أمام الله فإنه يجب علينا أن نؤمن اليوم، ما دام الله يتكلم معنا بواسطة كلمة اإنجيل. أما بخصوص الدينونة العامة فإنه من البديهي أن الله هو عادل وأنه سيُعطي كل إنسان ما يستحقه. ولكنه لا يجوز لنا هنا أن نترك لأنفسنا العنان وأن نتصور بأن هذا الشيء أو ذاك سيتم أثناء الدينونة العامة. المصدر الوحيد الذي يُمكننا الركون إليه في هذا الموضوع كما في سائر مواضيع المعتقدات هو الكتاب المقدس. وهذه هي القاعدة العامة التي أعطانا إياها الرسول بولس عن الدينونة: " كل من أخطأ في الناموس فبالناموس يُدان" (الرسالة إلى رومية 2: 12) وبعبارة أخرى كل من يُخطئ (وكل إنسان يُخطئ) بدون معرفته لنص الشريعة الإلهية التي أعطيت لموسى النبي فإنه يهلك أو يموت روحيا حسب قانون الحياة الأساسي، وكذلك كل من يُخطئ في الناموس أي كل إنسان يُخطئ وهو يتمتع معرفة عقلية نظرية لنص الشريعة الإلهية فإنه أيضا سَيُدان. وهكذا ليس هناك مِن مخلوق في هذه الدنيا إلا ويحتاج إلى الخلاص من الخطية ولعنتها والدينونة التي تجلبها على مرتكبها. المثول أمام الله في اليوم الأخير أمر مخيف جدا إن لم يكن الإنسان قد قام أثناء حياته على الأرض بقبول خلاص الله الذي أتمه بإرسال السيد المسيح إلى العالم ليموت عنا على الصليب مُكفِّرا عن جميع خطايانا. ولئلا يظن الناس أنهم يقدرون أن يبتوا في موضوع نجاتهم من الدينونة في العالم الآتي أعطانا الرب عدة تحذيرات ومنها ما ورد في مثل لِعازر الفقير والغني الشرير. إذ أنه لما مات هذا الأخير ووجد نفسه في الهاوية ونظر إلى السماء ورأى لعازر في حضن إبراهيم الخليل نادى أبا المؤمنين قائلا: " يا أبي إبراهيم ارحمني وأرسل لعازر لِيَبُلَّ طرف إصبعه بماء ويُبرِّد لساني لأني معذب في هذا اللهيب. فقال إبراهيم: يا بني اذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا، والآن هو يَتَعَزَّى وأنت تتعذَّب. وفوق هذا كله بيننا وبينكم هوة سحيقة عظيمة قد أُثبِتت حتى أن الذين يُريدون العبور من ههنا إليكم لا يقدرون ولا الذين من هناك يجتازون إلينا" (الإنجيل حسب لوقا 16: 23- 26). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أومن بالروح القدس https://images.chjoy.com//uploads/im...915af5300e.jpg عندما نشرع بدراسة المعتقدات الكتابية نستطيع أن نُقسمها إلى ثلاثة أقسام: 1- فيما يتعلق بإيماننا بالله الآب خالق السماء والأرض، 2- فيما يتعلق بابن الله يسوع المسيح الذي جاء إلى العالم لتتميم الفداء، 3- فيما يتعلق بالروح القدس وبسائر النعم والبركات التي يأتي بها روح الله القدوس لسائر الذين يخضعون له ويؤمنون بالفادي ويصبحون عبيدا لله. وفي الدروس الكتابية التي شرعنا بدراستها تعلمنا عن إيماننا بالله الآب وكذلك انتهينا في درسنا الماضي من دراستنا لعقيدة الابن وبأنه سيعود في نهاية التاريخ البشري إلى العالم لإظهار نظام ملكوته الأبدي ولدينونة الجميع ولفصل الأبرار عن الأشرار بصورة نهائية. وسائر هذه المعتقدات الكتابية إنما لخصها لنا آباء الكنيسة في العصور القديمة فيما نُسمِّيه عادة بقانون الإيمان الذين يدين به جميع مسيحيو العالم إن كانوا بالحقيقة أوفياء وأمناء لربهم ومخلصهم والكلمة المقدسة. أما اليوم فإننا نأتي إلى دراستنا لموضوع الروح القدس وهو الأقنوم الثالث في الثالوث الأقدس. وفي نص قانون الإيمان نقول ونعترف: وأومن بالروح القدس الرب المحيي أي أننا لا نكتفي بالإعتراف بالآب الخالق والابن الفادي بل أيضا بالروح القدس الذي يصلنا بالآب والذي يجعلنا نكسب شخصيا جميع نعم الله وخاصة فوائد الفداء العظيم الذي أتمه المسيح يسوع على الصليب. وأثناء حياة الرب يسوع المسيح على الأرض تكلم له المجد عن الروح القدس وأخبر تلاميذه الأوفياء بأنهم لن يكونوا وحيدين أثناء عملهم التبشيري الخلاصي بل إن روح الله القدوس سيكون معهم وبذلك يكون المسيح ذاته معهم بصورة حقيقية وروحية وإن لم تكن جسدية. قال السيد المسيح قُبيل موته على الصليب لتلاميذه: " لكني أقول لكم الحق أنه خير لكم أن اُنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي ولكن إن ذهبت أُرسله إليكم ومتى جاء ذاك يُبَكّت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي، وأما على بر فلاني ذاهب إلى أبي ولا تَرونني أيضا، وأما على دينونة فلان رئيس هذا العالم قد دين. " إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأما متى جاء ذلك روح الحق فهو يُرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. ذاك يُمجدُّني لأنه يأخذ مما يأخذ لي ويُخبركم. كل مل للآب هو لي قُلتُ أنه يأخذ مما لي ويُخبركم" (الإنجيل حسب يوحنا 16: 7- 15). وإيماني بالروح القدس إنما يساعدني جدا لأنه بواسطة ذلك إنما أنال من الله اليقين التام بأن الروح القدس يُعطى لي ليجعلني شخصيا مشاركا للفداء والخلاص اللذين كسبهما لنا ربنا وفادينا يسوع المسيح. بدون شهادة الروح القدس ضمن قلوبنا بأننا قد نلنا الخلاص لا نستطيع أن نتمتع بالفرح الروحي العميق الذي ينبعث من الخلاص لأننا نحتاج إلى من يشهد مع ضمائرنا بأننا قد نلنا الخلاص لأن شعورا شخصيا محضا بدون شهادة روح الله القدوس هو غير كاف. الروح القدس هو الذي يمكنني من الإيمان بالمسيح إيمانا خلاصيا. عندما أومن بالمسيح وأشعر بأنني قد خلصت من خطايا عليّ أن أُرجع ذلك لا إلى اجتهادي الخاص ولا إلى رغبة طبيعتي البشرية الساقطة الملوثة بالثورة والعصيان، بل إلى روح الله القدوس. إن كتابات الرسل القديسين مُشبعة بالتعاليم العديدة عن عمل الروح القدس في قلوب الناس أفراد وجماعات وذلك يتفق بصورة تامة مع نبوة المسيح التي قرأناها منذ لحظات بخصوص إرساله الروح القدس المعزي لتعاليم التلاميذ ولإعطائهم الإنجيل بعد صعوده إلى السماء. لأنه بدون الروح القدس ليس هناك أي عمل روحي ولا خلاص ولا كنيسة. " لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض" (أعمال الرسل 1: 8). وهكذا فإن الكنيسة المسيحية في العصور الأولى دَعَتْ السفر الثاني الذي كتبه الطبيب لوقا بسفر الأعمال أي أعمال الرب يسوع المسيح المنتصر، بواسطة الروح القدس. وطبعا من الناحية البشرية الثانوية كانت تلك الأعمال هي أعمال رسل المسيح ولذلك يدعى السفر في كثير من الأحيان كما هي الحالة في الكتاب المقدس بلغتنا العربية باسم أعمال الرسل. ولكنه يجب علينا ألا ننسى هذه الحقيقة الهامة بأنه لولا الروح القدس الذي حل على التلاميذ في يوم الخمسين أي بعد عشرة أيام من الصعود أو خمسين يوما م القيامة لما استطاع هؤلاء الجليليون بأن يُجابهوا زعماء اليهود غير المؤمنين بالمسيح وإمبراطورية رومية الكبيرة وأن يؤسسوا بالرغم من عَداوة الناس الشديدة لهم كنيسة مسيحية مؤمنة في قلب المدينة المقدسة وفي سائر أنحاء العالم المتوسط، وحتى في العاصمة رومية. وفي هذا العصر الذي أُلِّهت فيه المادة الصماء العمياء علينا نحن المؤمنين أن ننادي بالروح القدس الرب المحيي ولكننا لا نقدر أن نقوم بذلك إن لم نكن قبل كل شيء قد خضعنا له خضوعا تاما وسمحنا له بأن يستلم زمام حياتنا لنكون دوما تحت قيادته ولننال تلك القوة الروحية الشديدة التي هي أشد فعالية من القوى المهلكة المنبعثة من التجارب النووية. وهذه بعض الآيات الكتابية التي تُرينا أهمية عمل الروح القدس في قلوب المؤمنين: قال الرسول بولس في رسالته إلى مؤمني رومية منذ نحو ألفي سنة: " نفتخر أيضا في الضيقات عالمين أن الضيق يُنشئ صبرا والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لا يُخزى لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المُعطى لنا" (5: 5). وفي رسالته الثانية إلى مؤمني كورنثوس قال الرسول بولس: " ولكن الذي يُثبتنا معكم في المسيح وقد مَسحنا هو الله، الذي ختمنا أيضا وأعطى عُربون الروح في قلوبنا" (1: 21و 22). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أومن بالروح القدس https://images.chjoy.com//uploads/im...7dc0cddfbe.jpg ابتدأنا في درسنا السابق بدراستنا لموضوع الروح القدس. في هذا الدرس نهتم بصورة خاصة بالبحث في الأمور العملية التطبيقية لهذه العقيدة. لأن كل عقيدة كتابية كما قد ألمحنا في مناسبات سابقة ليست عبارة عن تعليم نظري فلسفي بل إنها عقيدة حياة وعمل. ويمكن تلخيص ما ذكرناه في الدرس الماضي بقولنا أن عمل الروح القدس هو ضروري بشكل مطلق لأن الإنسان لا ينتفع مطلقا من الخالص العظيم الذي أتمه المسيح يسوع بدون بركة وعمل الروح القدس. عندما صهد المسيح إلى السماء بعد قيامته المجيدة الظافرة من الأموات وعد بإعطاء أتباعه المؤمنين عطية الروح القدس ليستطيع جميع المؤمنين به أن يثابروا على الحياة الجديدة التي يدعوهم إليها الله في المسيح يسوع. ويمكننا الآن أن نقول مايلي عن عمل الروح القدس الخلاصي في قلب وحياة كل مؤمن: أولا: ينير الروح القدس أذهاننا لكي نصل إلى معرفة حقيقية وأكيدة بالمسيح يسوع ونعمه الخلاصية. مجرد سماع كلمة الإنجيل لا يُحْدِث تغييرا في قلب المستمع. إننا جميعا حسب طبيعتنا البشرية الحالية التي ورثناها عن آدم كالتربة غير الصالحة التي لا تسمح لبذار كلمة الله بان تعمل فينا. فحاجتنا الماسة إذن ليست فقط إلى سماع الكلمة بشكل خارجي بل إلى إنارة أذهاننا وعقولنا لنقبل كلمة الإنجيل ككلمة الله المنقذة والمحررة. والروح القدس الذي أوحى بكلمة الإنجيل هو الذي يهيء قلوب السامعين لقبولها. وهناك فرق كبير بين كلمة الله وكلمة الإنسان، كلمة الله تصل إلى آذاننا وتدخل عقولنا وإن صاحبتها قوة الروح القدس المنعشة تأتي بالأثمار الجيدة أما كلمة الإنسان فإنها تعمل من تلقاء نفسها وتأثيرها سطحي ووقتي وجزئي ولا تأتي بالإنسان إلى معرفة خلاصية بالله لأن منبعها عقل الإنسان المظلم. ثانيا: الروح القدس يختم نِعم الله الخلاصية في قلوبنا ويطبعها عليها بهكذا صورة حتى أنها تُصبح جزءا لا يتجزأ من حياتنا. لا يكتفي الروح بإنارة أذهاننا بل إنه يداوم على عمله الهام في قلوبنا ولا يتركنا مطلقا لأنفسنا لئلا نخسر ما حصلنا عليه من نعم روحية. وبعبارة أخرى لا يُعطينا الله روحه القدوس فقط في بدء حياتنا الجديدة بل إنه يهبنا روحه القدوس لسائر أيام حياتنا. ثالثا: الروح القدس يجدّدنا جاعلا منا خلائق جديدة وهكذا نحظى بواسطته على سائر الخيرات والمواهب التي تُقدم لنا في المسيح يسوع وهو يعزينا في سائر أيام حياتنا على الأرض ويبقى دوما معنا أثناء الأبدية. وهذا الأمر لا يمكن وصفه كما يجب لأننا نعجز بالحقيقة عن إيجاد كلمات كافية للتعبير عن هذا التغيير الشامل والتام الذي يُحدثه الروح القدس في قلوب الذين يؤمنون بالمسيح يسوع. ولكننا نعمل جيدا أن نَحْذوَ حَذوَ الكتاب المقدس ونشير إلى عمل الروح القدس في قلوب الذين صاروا من المؤمنين كالولادة الثانية أو الولادة من السماء أو الخليقة الجديدة. وهنا نرى كمال العمل الإلهي العظيم الذي غايته خلاص الإنسان: لا يكتفي الله تعالى بإرسال ابنه الوحيد إلى العالم ولا يكتفي الابن بالموت عن الناس الخطاة للتكفير عن خطاياهم بل يُرسل الله الروح القدس إلى العالم ليُغيِّر قلوب الناس ويجعلها قلوبا متجددة وراغبة في قبول الخلاص العظيم الذي أعده الآب وأتمه الابن. وهذه بعض الآيات الكتابية التي تُلقي نورا على هذا الموضوع: أنهى الرسول بولس مقدمته في الرسالة إلى مؤمني أفسس بهذه الكلمات التي تشير إلى عمل الروح القدس: " وفيه أنتم أيضا، إذ قد سمعتم كلمة الحق، إنجيل خلاصكم، وبعدما آمنتم به، خُتمتم بروح الموعد القدوس الذي هو عُربون ميراثنا لفداء مقتناه، لمدح مجده" (1: 13و 14). وفي رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس كتب الرسول بولس عن بركة الروح القدس على المناداة بالإنجيل قائلا: " وأنا لما أتيت إليكم أيها الأخوة، أتيتُ ليس بسمو الكلام أو الحكمة مناديا لكم بشهادة الله، لأني لم أعزم أن أعرف بينكم إلا يسوع المسيح وإياه مصلوبا. وأنا كنت عندكم في ضعف وخوف ورعدة كثيرة. وكلامي وكرازتي (أي مناداتي بالإنجيل) لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المُقْنع بل ببرهان الروح والقوة، لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس بل بقوة الله. " لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين ولكن بحكمة ليست من هذا الدهر ولا من عظماء هذا الدهر الذين يُبطلون. بل نتكلم بحكمة الله في سر، الحكمة المكتومة التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا، التي لم يَعلمها أحد من عظماء هذا الدهر، لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد. بل إنسان ما أعده الله للذين يُحبونه. فأعلنه الله لنا نحن بروحه. لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله. لأن مَنْ مِنَ الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه؟ هكذا أيضا أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله. ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لِيَعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله، التي نتكلم بها أيضا لا بأقوال تُعَلِّمها حكمة إنسانية بل بما يُعَلِّمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات. ولكن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة ولا يقدر أن يعرف لأنه إنما يحكم فيه روحيا. وأما الروحي فيحكم في كل شيء وهو لا يحكم فيه من أحد. لأنه من عرف فِكر الرب فيعلِّمه؟" |
الساعة الآن 05:03 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025