![]() |
رُفع في المجد https://files.arabchurch.com/upload/i.../911520144.jpg ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون. وأخذته سحابة عن أعينهم ( أع 1: 9 ) كان لقيامة المسيح، والتي تبرهنت بظهوره حيًا للتلاميذ عِدَّة مرات، أروع أثر في نفوسهم. وفي نهاية الأربعين يومًا بعد قيامته «أخرجهم خارجًا إلى بيت عنيا، ورفع يديه وباركهم. وفيما هو يباركهم، انفرد عنهم وأُصعد إلى السماء» ( لو 24: 50 ، 51). لقد ظلت عيونهم مرفوعة ومتعلقة به حتى جاءت السحابة وأخذته عن أعينهم. وماذا كانت مشاعرهم في هذه اللحظات؟ إنهم على الأرض لن يروه ثانيةً. وما كانوا يدركون إلا قليلاً جدًا عن المجد الذي ارتقى إليه، والعرش الذي جلس عليه، والكرامة والسلطان والقوة التي أُعطيت له. ومع ذلك فقد سجدوا له، ورجعوا إلى أورشليم بفرحٍ عظيم. قبل ذلك ملأ الحزن قلوبهم عندما سمعوا أنه سيتركهم ويمضي إلى الآب عن طريق الصليب. فقد علَّقوا آمالهم عليه باعتباره المسيا المزمع أن يفدي إسرائيل من أعدائهم ويملك عليهم. أما الآن فقد رجعوا بفرحٍ عظيم في انتظار تحقيق الوعد بإرسال الروح القدس، المعزي الآخر، الذي سيمكث معهم ويكون فيهم إلى الأبد، والذي سيربطهم في وضع جديد وعلاقة جديدة مع المسيح الذي رُفع في المجد. وهذا أسمى بما لا يُقاس من علاقتهم به كالمسيا على الأرض. لقد نزل الروح القدس ليعلن أن المسيح هو الرأس الممجد في الأعالي. وأنه قد اجتاز السماوات صاعدًا ظافرًا على كل العِدَى. وإذ ذاك ارتعدت كل أجناد الشر الروحية في السماويات مع رئيس سلطان الهواء، وهم يرون هذا الشخص العظيم يشق السماوات مرتفعًا إلى عرش الله، حائزًا أسمى مقام، ليجلس في يمين العظمة في الأعالي. فالذي وُضع قليلاً عن الملائكة، صار أعظم من الملائكة. إذ قد مضى إلى السماء، وملائكة وسلاطين وقوات مُخضعة له ( 1بط 3: 22 ). والذي رُفض وأُهين وكُلل بالأشواك على الأرض، قبلته السماء ورحَّبت به، والآب قد كلَّله بالمجد والكرامة، وأجلسه عن يمينه في ذات عرشه. والذي رُفع على الصليب قد رفَّعه الله أيضًا فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم يُسمَّى. إن قلوبنا تطفر فرحًا وشوقًا كلما أعلن الروح القدس عن أمجاده هناك في الأعالي. وهذا ما يجعلنا نسجد له بفرحٍ عظيم. |
صفات حياة التقوى https://files.arabchurch.com/upload/i.../554555938.gif قدِّموا في إيمانكم فضيلة، وفي الفضيلة معرفة، وفي المعرفة تعففًا، وفي التعفف صبرًا، وفي الصبر تقوى، وفي التقوى مودَّة أخوية، وفي المودَّة الأخوية محبة ( 2بط 1: 5 - 7) في 2بطرس1: 5- 7 يرتب الرسول الصفات التي تميز حياة التقوى. والصفة الأولى العظيمة للحياة المنتصرة هي الإيمان. ولذلك أمكن للرسول يوحنا أن يقول: «وهذه هي الغَلبة التي تغلب العالم: إيماننا»، والإيمان يلزم أن يكون له غرض، ويبيِّن لنا الرسول هذا الغرض إذ يقول: «مَن هو الذي يغلب العالم، إلا الذي يؤمن أن يسوع هو ابن الله؟» ( 1يو 5: 4 ، 5). فالإيمان يتحول عن كل ما هو منظور ومحسوس ويتطلع إلى الرب يسوع ( غل 2: 20 ). وثانيًا: مع إيماننا نحتاج إلى الفضيلة أو الشجاعة الروحية والقوة الأدبية. وبهذه الشجاعة الأدبية سنتمكن من رفض أعمال الجسد فينا، ونقاوم الشرير في الخارج. فلكي نحيا حياة عملية تقوية، هذا يتطلب قوة روحية لننكر أنفسنا، ونرفض العالم، ونقاوم إبليس. ثالثًا: ومع الفضيلة نحتاج إلى المعرفة لنكتسب الحكمة الإلهية لتقودنا في كل طرقنا العملية. فبعيدًا عن معرفة الله وفكره المُعلن في كلمته، فإن قوتنا قد تقودنا إلى طرق الإرادة الذاتية. رابعًا: فإن كانت المعرفة تنفخ، فإننا نحتاج مع المعرفة إلى تعفف أو ضبط النفس. وبدون ضبط النفس هذا فإن المعرفة قد تُستخدم لتعظيم ذواتنا. خامسًا: نحتاج أيضًا إلى الصبر مع الآخرين. وبدون هذا الصبر فإن ضبط النفس الذي نمارسه مع أنفسنا ربما يقودنا إلى الغضب والإثارة مع الآخرين الذين لا يُظهرون قدرة كافية لضبط النفس. سادسًا: لا بد أن يُمارس الصبر مع التقوى أو مخافة الله، وإلا فإن هذا الصبر يقود إلى مساومة مع الشر. فالتقوى تفترض السير بالشركة مع الله حتى تصبح حياتنا محكومة بموجب قيادته وتوجيهه. فهل نأخذ كل الظروف المتغيرة للحياة كامتحان لتقوانا، سواء ظروف مزدهرة أو معوّقة، نأخذها من الرب؟ سابعًا: مع التقوى التي تفكر فيما يخص الله لا ننسى المودَّة الأخوية. فالتقوى تقود إلى العواطف التي تنساب لأولئك الذين هم أولاد الله، وهم إخوتنا. وأخيرًا، مع المودَّة الأخوية نمتلك المحبة؛ المحبة الإلهية، وإلا فإن محبتنا تنحصر في إخوتنا، بدلاً من أن تنساب في اتساعها فتتجه إلى العالم المحيط بنا. وبالإضافة إلى ذلك فالمحبة الأخوية يمكن أن تتحول بسهولة إلى مجرد العواطف البشرية. |
يسوع في بيت عنيا https://files.arabchurch.com/upload/i...1301344098.jpg فلما أتى يسوع وجد أنه قد صار له أربعة أيام في القبر ( يو 11: 17 ) يا له من فكر سامٍ من شأنه أن يسند قلوبنا ويشجع نفوسنا في كل أزمنة البلايا والرزايا عندما نعلم أن كل شيء لا بد وأن يؤول لمجد الله، وأن «كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله». صحيح أنه يعسر علينا رؤية ذلك عند نزول التجربة وحلول الضيقة، عندما ننظر بعين القلق صديقًا طريحًا على فراش المرض، أو نطأ بأقدامنا غرفة الأحزان، أو نتلوى نحن أنفسنا على أسّرة الوجع ذابلين من شدة العلة، أو إذا انحنت نفوسنا من أخبار الخسائر. ونحن لا ننكر أنه عسير علينا أن نرى مجد الله ونُعاين خيرنا وبركاتنا ونحن في مثل هذه الظروف، أما الإيمان فيرى هذا الغرض في كل شيء، بينما عدم الإيمان الأعمى لا بد له وأن يضل سواء السبيل. ولو حكمت أختا بيت عنيا حسب العيان، فلا مفر من مُعاناة شدة التجربة في هذه الليالي والأيام التي صرفتاها في المَلل والتعب عند فراش أخيهما المحبوب. وليس ذلك فقط بل حينما حانت ساعة التجربة المُرّة وشاهدتاها في مشهدها الختامي، كم من الهواجس المظلمة دبت في قلبيهما. أما الرب يسوع، فكان ينظر إلى الأمام وقلبه معهما. كان يراقب سير تجربتهما من أسمى مرقب، ألا وهو «مجد الله»، فقد وزن الحالة من سائر وجوهها ونتائجها. لقد رق قلبه وحنَّت أحشاؤه لمصاب هاتين الأختين وشاركهما حزنهما بقلب بشري كامل. ومع أنه كان غائبًا عنهما بالجسد، لكنه كان حاضرًا معهما بروحه، وكان ينتظر وقت الله المعيَّن حتى يأتي لنجدتهما وإعانتهما وإنارة ظلمة الموت والقبر بأشعة مجد القيامة المنير «فلما سمع أنه مريضٌ مكث حينئذٍ في الموضع الذي كان فيه يومين» فترك الأمور تجري في أعنّتها وأذن للموت أن يجوس خلال هذه الدار المحبوبة، وكل هذا كان لمجد الله. وربما ظهر للعيان أن العدو قد فاز وانتصر، ولكن في الواقع قد مهَّد الموت السبيل لإظهار مجد الله «هذا المرض ليس للموت، بل لأجل مجد الله، ليتمجد ابن الله به». هذا هو سبيل ربنا، سبيله مع الآب، فقد قصد مجد الآب في كل حركة تحركها، وكل خطوة خطاها، وكل عمل عمله، وكل لفظة نطقها، وكل فكر جال بفكره. ومع حبه السامي لعائلة بيت عنيا، لم تحمله عواطف قلبه للذهاب توًا إلى مشهد الحزن، فلم يؤم هذه الدار إلا في الوقت المعين لإظهار مجد الله. |
الله قد وضعها والرب وضع عليه إثم جميعنا ( إش 53: 6 ) كان أحد الأطفال يرنم ترنيمة جاءت فيها هذه العبارة ”خطاياي أضع على مخلِّص الورى“. وإذ سمعته أمه قالت له: ”يا بني، هل وضعت خطاياك على المخلِّص؟“ فأجابها الولد بصوت ملؤه اليقين والثبات: ”كلا، إني لم أضعها بل الله قد وضعها“. عزيزي القارئ: ليس بكافٍ أن تستطيع القول ”إني أضع خطاياي على المخلِّص“، لأنك لا تعرف جزءًا من ألف من خطاياك. إن ضميرك لن يدرك قط كثرة خطاياك ولا إلى أي عمق قد وصل إثمك. إن ضمير الإنسان شيء وبر الله شيء آخر يختلف عنه كُليةً. ما العمل في هذا؟ ثم ما العمل في أصل هذه الخطايا كلها، طبيعتك الفاسدة؟ أَ ليس من الواضح الجلي أنه قبل أن تحصل النفس على السلام يجب أن تكون قد أدركت إدراكًا عميقًا معنى كون الله قد وضع على ابنه الحبيب كل خطاياها؟ عزيزي .. ما رأيك في جواب هذا الطفل؟ هل إذا سُئلت نفس هذا السؤال تستطيع أن تُجيب بإخلاص نفس الجواب؟ هل إذا دعاك الرب من هذا العالم تستطيع أن تصرِّح بأنك ذاهب إلى الرب يسوع؟ أيها العزيز، هل أنت مستعد؟ هل تؤمن الآن من كل قلبك أن الله نفسه قد وجد علاجًا لخرابك، قد وجد فدية لآثامك، برًا كاملاً تستطيع به الوقوف أمامه؟ إن هذا هو الأساس الراسخ لسلام النفس. لا يستطيع أي شيء آخر أن يمنح هذا السلام. لا أعمالنا، ولا صدقَاتنا، ولا صلواتنا، ولا واجباتنا الدينية، ولا ذهابنا إلى الكنائس، ولا صيامنا، ولا شعورنا ولا اختباراتنا. ليس واحدة من هذه كلها ولا كلها معًا تستطيع أن تعطي للنفس سلامًا. يجب أن نعرف أن الله قد تداخل في أمرنا بنفسه وأعد العلاج الذي يناسبه. إنه، بما عمله، قد ارتاح راحة أبدية من ناحية خطايانا، إذ وضعها جميعها على ابنه، ذلك الابن المبارك الذي حملها كلها وطرحها بعيدًا إلى الأبد، ثم رجع إلى السماء بدونها. هذا هو الأساس الحقيقي الوحيد لسلام نفس الخاطئ، وهو ما تُرينا إياه بحق تلك الكلمات التي نطق بها هذا الطفل: «الله قد وضعها». |
هامان الرديء https://files.arabchurch.com/upload/i.../171332004.jpg فصلبوا هامان على الخشبة التي أعدَّها لمردخاي ( أس 7: 10 ) إن كان الله يبدأ بالضعيف ويصنع منه شيئًا عظيمًا ورائعًا مثلما فعل مع أستير كما رأينا في الأسبوع الماضي، فإن الإنسان يبدأ بالمجد والعظمة وينحدر ويصل إلى لا شيء. طريق الإنسان هو طريق الانحدار والدمار. في برج بابل نرى هذا الأمر بوضوح، فقد تحركوا بعظمة وداعبتهم الكبرياء ليتصوَّروا أنهم قادرون على الوصول للسماء من خلال البرج الذي فكروا في بنائه، وانتهى بهم الأمر إلى لا شيء، وليس إلى لا شيء فقط بل إلى مصيبة كبيرة تتمثل فى بلبلة الألسنة. أيضًا نبوخذنصر، داعبته أفكاره فتصوَّر عظمته، وتخيَّل أن ما هو فيه صنعه لنفسه بقوته واقتداره، والنتيجة أن عقله تغير وطُرد من مكانه وصارت سُكناه مع البهائم وابتل جسمه بندى السماء وأكل العشب كالثيران (دا4). وهذا الطريق هو ذات طريق الشيطان؛ فقد بدأ فى نقطة عالية وسينتهى به الأمر إلى الهلاك والقضاء النهائي بطرحه في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت في النهاية. بدأ الشيطان من جبل الاجتماع (حز28)، وسينتهي به الأمر إلى بحيرة النار؛ إلى أخفض نقطة، بل إلى مكان القضاء والدينونة المريعة. فى سفر أستير نجد هذا الطريق بوضوح فى هامان. وإذا تصوَّرنا كل ما كان عليه هامان من عظمة، وتخيلنا أنه في النهاية سيموت معلقًا على صليب، سنقول إن هذا أمر مستحيل، ولكن هذا ما حدث فعلاً. لقد توفرت لهامان إمكانيات كثيرة أهمها أنه كان له يد الملك، فكل ما يستطيع الملك أن يفعله يستطيع هامان أن يصنعه أيضًا، وكان له أُذن الملك، فكان الملك يستمع إلى مشورته بل وينفذها، حتى إنه أقنعه بإبادة اليهود، وفى الوقت ذاته دفع ليده عشرة ألاف من الفضة حتى يتمم هذا الأمر ووافقه أحشويروش على هذا. أخيرًا كان له خاتم الملك، لقد أعطاه الملك خاتمه ليختم أمر إهلاك اليهود، ولكن يا له من أمر عجيب فذاك الذى له يد المَلك وأذنه وخاتمه قد رفضه الملك وقام بصلبه على الصليب الذى كان قد أعدَّه هو بنفسه لمردخاى! هذا هو طريق الإنسان الذى يصل ليكون كل شيء ثم يؤول به الأمر إلى لا شيء. ويا للعجب! |
الاجتماع إلى اسم الرب https://files.arabchurch.com/upload/i.../643198233.jpg دخلت مقادس الله، وانتبهت إلى آخرتهم ( مز 73: 17 ) المقادس لها مكانها البارز في الكتاب الثالث من سفر المزامير (مز73 إلى 89). والجميل أن مزامير هذا القسم عددها17، كما أن الآية17 في أول مزامير هذا القسم تحدثنا عن المقادس. والرقم 17 في الكتاب المقدس هو رقم النعمة والشركة. والمقادس مبدئيًا تأخذ فكرنا إلى هيكل الله، حيث كان يوجد التابوت (عرش الله)، وتوجد الشريعة داخل التابوت (كلمة الله)، ويوجد مذبح البخور (الصلاة)، وفي الخارج يوجد شعب الله (جماعة المؤمنين العبَّاد). وهكذا الآن، فإن الذهاب للاجتماع إلى اسم الرب يتضمن وجودنا في محضر الله، واستماعنا إلى كلمة الله، ورفع الصلاة لله، والتمتع بالتسبيح لله، والتقابل مع شعب الله. وما أشد حاجتنا إلى هذا كله! كم لنا من البركات التي لا تُحصى عندما نوجد في ”اجتماعنا“، هذا المكان الذي قال عنه داود: «هوذا ما أحسن وما أجمل أن يسكن الإخوة معًا! ... لأنه هناك أمر الرب بالبركة، حياةٍ إلى الأبد» ( مز 133: 1 ، 3). فنحن في محضر الرب نستمع إلى تسبيح القديسين، وفي التسبيحة يمكن أن يكون حديث من روح الله إلى قلوبنا. أو قد نستمع إلى صلاة أحد القديسين، ويكون في صلاته هذه شفاء لجروحنا. حقًا ما أبرك الوجود في محضر الرب! وما أشد خطورة تجاهل اجتماع المؤمنين معًا والرب حاضر في وسطهم! بالإضافة إلى هذا، فأنا في محضر الرب أجد جماعة من السيَّاح السماويين. وهذا معناه أني لست وحدي، بل لي إخوة يشاركونني ظروفي نفسها (قارن 1تس2: 14؛ 1بط5: 9). وسأكتشف أن هذه الجماعة، مع أنه ليس لها نصيب في أفراح العالم ومُتعه الزائلة، إلا أن كل ينابيعهم في المسيح. إنهم أُناس عزّهم بالرب، طُرق بيته في قلوبهم، عابرين في وادي البكاء يُصيرونه ينبوعًا ( مز 84: 5 ، 6)، ومع أنهم يسيرون فوق سهول وجبال، لكنهم سائرون صوب أفراح الخلود، وأمامهم كل أثمار الوعود. ومع أنهم ما زالوا في رحلتهم المُضنية نحو السعادة الأبدية الكاملة، إلا أنهم فيها مغمورون في التعزيات السماوية! |
حادثة لها مغزى! https://files.arabchurch.com/upload/i.../987869557.jpg وضرب أهل بيتشمس لأنهم نظروا إلى تابوت الرب ... فناح الشعب لأن الرب ضرب الشعب ضربة عظيمة ( 1صم 6: 19 ) كم نندهش كثيرًا عندما نعرف أن عدد الذين ماتوا هنا لنظرهم داخل التابوت يكاد يكون ضعف عدد الذين ماتوا في الحرب مع الفلسطينيين، عندما أخذوا معهم التابوت دون أمر صريح من الرب ( 1صم 4: 10 ). صحيح أن كِلا الأمرين خطأ، وكِلا الأمرين تطلَّب استعلان قضاء الرب، لكن يظل الخطأ الأكبر والأصعب هو محاولة الإنسان فصل رحمة الله المتمثلة فيما قدَّمه من علاج كامل في الدم، عن أحكامه وبره كما هي مُعلنة في شريعته!! إن الخطية التي من أجلها عاقب الله أهل بيتشمس بكل صرامة هي جُرأتهم في أن يكشفوا ما قد غطَّاه الله. فلكي يستطيعوا أن ينظروا ما بداخل التابوت، كان لا بد أن يزيحوا كرسي الرحمة من مكانه، وهم بذلك أظهروا لوحي الشهادة (الناموس)، وفصلوا الرحمة (كرسي الرحمة) عن القضاء (لوحي الشريعة)، وكانت النتيجة الحتمية لذلك هو موت المُذنب. إن الكروبين الواقفين ووجهاهما لأسفل لم يكونا ينظران إلى القداسة التي تستوجب الحكم على المعتدي، لكنهما كانا يتفرسان فيما قد مجَّد الله. الله الذي تمجد في الذبيحة، فلقد كان هناك الدم الذي يفصل بين الشريعة والمُطالبين بتنفيذها. فكم هو جدٌ خطير أن تُكشف الشريعة!! فأي شيء يحجب رعودها ( خر 19: 16 )؟! ومَنْ يستطيع أن يُوقف القضاء المُعلَن، والذي تنادي به؟ إن الشريعة تُعبِّر عن بر الله وتستوجب الموت واللعنة لكل متعدٍّ ( غل 3: 10 ). إن الرجل الوحيد الذي كان يستطيع الوقوف أمام الله كمَن حفظ الشريعة هو الرب يسوع له كل المجد، فهو الذي أكمل الناموس، فلقد كان مميَّزًا عن كل نسل آدم الساقط، ولكنه بدلاً من أن يأتي إلى الأرض كمنفِّذ لقضاء الناموس، تحمَّل هو سيف القضاء في نفسه ( زك 13: 7 ). إن نفس القلب الذي حفظ الناموس، ولم يكسره ( مز 40: 8 )، هو الذي حمل القضاء المستوجب على الشعب بسبب تعديهم للناموس. إن عاصفة الغضب قد انقضَّت عليه، ومن ثمَّ فإن عدل الله لا يمكن أن يقترب من هؤلاء الذين قد التجأوا إليه كملجأ لهم. |
كل الأشياء تحلّ لي https://files.arabchurch.com/upload/i.../511461729.jpg كل الاشياء تحلُّ لي، لكن ليس كل الأشياء توافق. كل الأشياء تحل لي، لكن لا يتسلط عليَّ شيء ( 1كو 6: 12 ) «كل الأشياء تحلُّ لي لكن ليس كل الأشياء توافق». هذه الآية ورَدَت في 1كورنثوس6: 12 وتكررت مرة ثانية في الأصحاح10: 23، والتكرار دليل على أهميتها وارتباطها الوثيق بالحياة العملية. والعبارة «كل الأشياء تحلُّ لي» رغم أنها تكررت أربع مرات في الآيتين، فإنها في كل مرة تُتبَع بكلمة «لكن» وهي توضح أن الرسول لم يكتب وصية كأنه يقول افعلوا ما يَحلو أو يروق لكم، ولكن كلامه ورَدَ في صيغة الرَّد على بعض الأشخاص الذين أساءوا فهم الحرية المسيحية. والرسول ردّ عليهم بكامل الآية التي نتأمل في معناها. أولاً: العبارة «تحلُّ لي» معناها أن هذا الأمر، أو هذا الشيء قانوني أو مشروع، وكلمة «لكن» تعني أنه يمكن أن لا يكون موافقًا، أي غير نافع أو غير مفيد. هناك مَن يعترض ويقول: طالما الأمر لا يضر، فلماذا لا أعمله؟ يا عزيزي المُخلِص، الكتاب المقدس يعلِّمنا أن نعمل الذي يفيد بطريقة إيجابية. لتوضيح المعنى، نفترض أن أمامك فرصة لشراء سيارة، لو أردت أن تبيعها لن تخسر، وهناك فرصة أخرى لشراء سيارة مختلفة، وبنفس ثمن الأولى، أفضل من حيث الجودة وعند بيعها سوف تربح، يا تُرى أي نوع تفكِّر في شرائه؟ ثانيًا: «كل الأشياء تحلُّ لي لكن لا يتسلَّط عليَّ شيء»، أي حتى الأشياء المشروعة يجب أن لا تتسلط عليَّ، وفي هذه العبارة رسالة لمَن يحاول أن يبرر التدخين أو المُسكرات أو أي نوع من أنواع الإدمان، قائلاً إنه لم يَرِد في الكتاب المقدس ما يفيد عدم مشروعيتها، ومعروف للجميع أن كل ما يدمن عليه الإنسان فهو عبد له. ثالثًا: «كل الأشياء تحلُّ لي ولكن ليس كل الأشياء تبني»، أي ليس كل الأشياء تؤدي إلى بنيان الشخص وتقدمه روحيًا. الخاطئ تقوده لطلب الخلاص، والمؤمن لمزيد من التقوى وحياة التكريس، وكل ما يعطل أو يعوق هذا التوجه لا يبني. وعبَّر الرسول بولس عن هذه الفكرة إيجابيًا فقال: «فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئًا فافعلوا كل شيء لمجد الله»، وأيضًا عبَّر عنها سلبيًا وقال: «لذلك إن كان طعام يُعثر أخي فلن آكل لحمًا إلى الأبد، لئلا أُعثر أخي»، وبذلك يا عزيزي يتضح أن عبارة «كل الأشياء تحلُّ لي» ليست عبارة مُطلقة. |
الإيمان والرجاء https://files.arabchurch.com/upload/i.../638505267.gif لنتمسك بإقرار الرجاء راسخًا، لأن الذي وعد هو أمين ( عب 10: 23 ) قبل مجيء الرب الأول، كان المؤمنون يتطلعون إلى الأمام بالإيمان والرجاء إلى الخيرات العتيدة الآتية: فإذ آمنوا بالوعد كانوا يتوقعون بالرجاء مجد مُلك المسيا. وفي حالتنا لا تزال هذه الوحدة بين الإيمان والرجاء كما كانت قديمًا وإن كانت تبدو وفي صورة مزدوجة؛ فالإيمان يستند على الماضي أي على عمل المسيح الكامل، بينما الرجاء يتطلع إلى المستقبل أي إلى رجوع مخلِّصنا. وعلى قدر ما نتحقق من يسوع كالرب الحي، على قدر ما نتطلع إلى الأمام منتظرين وطالبين سرعة مجيئه وخارجين للقائه. فإن كنا نؤمن أنه جاء، فإننا نرجو أيضًا أنه سيجيء. وإن كنا نعرف نعمة الله المخلِّصة التي ظهرت، فإننا أيضًا نتطلع بالرجاء الواثق إلى مجيء إلهنا ومخلِّصنا العظيم. وهكذا نجد أن ”الرجاء“ يتناول علاقة المسيح بالمؤمن من شتى نواحيها، حتى إن بولس عندما قال مرة: «أنا واقفٌ أحاكم على رجاء الوعد الذي صار من الله لآبائنا» ( أع 26: 6 )، إنما كان يتكلم من أعماق قلبه. فالإيمان الذي بلا رجاء هو إيمان ميت. لا يرى المسيح حيًا، ولا يشتاق أن يرى المسيح راجعًا، ولم يعرف المسيح في يوم من الأيام مصلوبًا. أما نحن المؤمنين فقد وُلدنا ثانيةً لرجاءٍ حيّ، وقد خلصنا بالرجاء والآن ننتظر التبني فداء أجسادنا. فإن كان رجاؤنا في المسيح قاصرًا على هذه الحياة فقط، وإن كان أُفقنا الذي نرنو إليه بأبصارنا محدودًا بهذه الأرض، وإن كنا لا نتطلع إلى الأمام إلى ظهور إلهنا ومخلِّصنا العظيم، فنحن والحق يُقال أشقى جميع الناس وأتعسهم حالاً. وإقرار رجائنا شيء عملي وفاحص للغاية. فنحن بالرجاء نقرّ ونعترف أننا غرباء ونُزلاء على الأرض، وأننا نطلب أمورًا سماوية، ونعمل تاعبين في انتظار مكافآت سماوية، مدَّخرين لأنفسنا كنوزًا سماوية. كما أن رجاءنا يحتم علينا أن نترك خطايا العالم ومسراته وأمجاده، وأن نطهِّر ذواتنا كما أن المسيح طاهر. وإن كنا نقرّ الرجاء، تحتم علينا أيضًا أن نبتهج حتى ولو كنا في ضيق، وأن ننظر إلى آلام وتجارب الحياة الحاضرة كأشياء لا تستحق المقارنة بالمجد العتيد، وحينئذٍ يكون الرجاء، وهو مستند على الإيمان، مُعززًا ومعضدًا للإيمان، ومالئًا إيانا بالشجاعة والصبر في طريق سيرنا. |
دعوة النعمة المجانية https://files.arabchurch.com/upload/i.../108270597.jpg إنسان صنعَ عشاءً عظيمًا ودعا كثيرين، وأرسل عبده في ساعة العشاء ليقول للمدعوِّين: تعالوا لأن كل شيءٍ قد أُعد. ( لو 14: 16 ، 17) لما قال أحد المتكئين في بيت فريسي: «طوبى لمَن يأكل خبزًا في ملكوت الله» ( لو 14: 15 )، أجابه الرب إن العشاء مُعدّ، وأن النعمة قد جهزت كل شيء، وإن الدعوة مُقدمة إليه مجانًا ليأتي ويأكل من الخبز السماوي (ع16، 17). سبق أن أُرسلت الدعوة للمدعوين، أما الآن فإنه يطلب إليهم الحضور لأن وقت العشاء قد أتى وكل شيء قد أُعدَّ، ولكن يا للأسف فقد «ابتدأ الجميع برأيٍ واحد يستعفون» (ع18). لم يَقُل واحد منهم في صراحة ”أنا لا أذهب“، ولكنهم امتلأوا بالأعذار والحجج، وعلى هذه الكيفية عينها لا زال الكثيرون يقابلون دعوة النعمة المجانية، فهم لا يعلنون صراحةً استغناءهم عن المسيح وخلاصه، ولكنهم في الواقع يهملون المسيح والخلاص، بل يحتقرون النعمة لأجل منفعة عالمية أو شهوة جسدية أو ظل باطل ( لو 14: 18 - 20). ولنلاحظ أنه لم يوجد أحد غير مدعو للعشاء بسبب خطاياه، لأن الله لم يحسب للناس خطاياهم ( 2كو 5: 19 )، بل دعاهم بالنعمة الغنية التي أعدت غفرانًا كاملاً لأشر الخطاة. أما الضيف الذي لم يُقبَل في الوليمة المذكورة في متى22: 1- 14 فلم يُرفض بسبب خطاياه، بل بسبب رفضه واحتقاره ثياب العرس، أو بعبارة أخرى لرفضه نعمة الله المجانية في المسيح يسوع. فالملك لم يتكلم مع ذلك الرجل عن خطاياه، بل عن هذا الأمر الواحد وهو الإتيان إلى هناك بدون ثياب العرس. ثم إن رفضه لنعمة الله التي فيها وحدها الكفاية لسد أعوازه، قد أبقى خطاياه عليه حتى تُحدر به إلى الظلمة الخارجية. المسيح وحده هو خلاص الخاطئ، وفيه وحده سد جميع حاجاته «الله أعطانا حياةً أبدية، وهذه الحياة هي في ابنه» ( 1يو 5: 11 ). فمن الواضح إذًا أن مَن يقبل الابن له حياة أبدية، ومَن يرفضه لن يرى حياة، لأن الحياة هي في الابن. فالمسألة الوحيدة هي: هل قبلت الابن كحياتك الأبدية؟ إن كنت قد قبلته فلك الكل؛ الحياة والبر والغفران والسلام والقبول. فيا أيها الخاطئ الذي بلا مسيح ولا نعمة تعال، فإن إلهك يناديك، والمخلِّص يدعوك، والروح القدس يحثك قائلاً: «كل شيءٍ قد أُعد». فالبيت واللباس والترحاب والوليمة الملوكية، الكل ينتظرك، فلماذا لا تأتي؟ لماذا لا تأتي الآن؟ http://www.arabchurch.com/forums/ima...lies/smile.gif |
بولس والسعي نحو الهدف https://files.arabchurch.com/upload/i.../520190067.jpg ليس أني قد نلت أو صرت كاملاً، ولكني أسعى لعلي أدرك الذي لأجله أدركني أيضًا المسيح يسوع ( في 3: 12 ) لا يعتبر الرسول نفسه أنه قد صار كاملاً. ومفهوم الكمال هنا يتعلق بموضوع التشبُّه بالمسيح. فلم تخطر على بال الرسول أية فكرة مَفادَها أنه من الممكن بلوغ حالة من اللا خطية، أو الوصول إلى وضع في هذه الحياة حيث لا يعود من المستطاع إحراز أي تقدم إضافي بعد. لقد أدرك أن ”الاكتفاء هو مقبرة التقدم“. لذا كان يسعى في سبيل تتميم القصد الذي من أجله خلَّصه الرب يسوع. فالرب يسوع كان قد أدرك الرسول وهو في طريقه إلى دمشق، وكان القصد من هذا اللقاء الخطير أن يصبح بولس، منذ ذلك الوقت فصاعدًا، قديسًا ومثالاً، يُظهر الله من خلاله ما باستطاعة المسيح القيام به في حياة الإنسان. لم يكن بعد قد أصبح مُشابهًا للمسيح بشكلٍ كامل. كانت هذه العملية ما تزال مستمرة في حياته؛ كما أن بولس كان حريصًا جدًا على أن يستمر في حياته عمل نعمة الله هذا، وأن يتعمَّق أيضًا ويتوطَّد. وهذا الرجل الذي كان قد تعلَّم أن يكون مكتفيًا بما لديه من أشياء مادية ( في 4: 11 )، لم يكن البتة ليقنع بأية إنجازات روحية حققها. فهو لم يحسب نفسه أنه ”وصل“ كما نقول في أيامنا الحاضرة. لكنه ماذا فعل بعد هذا؟ «ولكني أفعل شيئًا واحدًا» .. كان رجلاً صاحب مقصد واحد. كان له هدف واحد وطموح واحد .. «إذ أنا أنسى ما هو وراء» وهي عبارة لا تشير إلى خطاياه وإلى سقطاته فحسب، بل أيضًا إلى امتيازاته الطبيعية، وإنجازاته، ونجاحاته التي كان قد وصفها في مَطلع هذا الأصحاح ( في 3: 4 - 6)، بل إلى انتصاراته الروحية أيضًا .. «وأمتَد إلى ما هو قدام»، أي امتيازات الحياة المسيحية ومسؤولياتها من جهة العبادة والخدمة والنمو الشخصي للخُلق المسيحي. وكان بولس يرى نفسه كأنه عدَّاء في سباق، ويبذل قصارى جهده في سعيه نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العُليا في المسيح يسوع (ع14). إن الغرض هو خط الوصول في نهاية حلبة السباق؛ أما الجعالة، فهي المكافأة التي تُعطى للفائز. وهنا الغرض قد يشير إلى نهاية سباق الحياة، وربما، بأكثر تحديد إلى كرسي المسيح حيث يقدِّم المؤمنون حسابًا عن أنفسهم. كما أن الجعالة ستكون إكليل البر الذي يذكر بولس بشأنه في مكان آخر أنه سيكون من نصيب الذين يكملون الشوط ( 2تي 4: 8 ). |
النعمة https://files.arabchurch.com/upload/i.../562759400.jpg ونعمـة فـوق نعمـة ( يو 1: 16 ) ظن الكثيرون وربما أنا وأنت، أن النعمة تتساهل مع الشر، وإذ إن الخلاص بالنعمة فلا حاجة للدموع المقدسة. ولكن دعني أؤكد أن كلمة الله تُعلن: إما التوبة وإما الهلاك. والنعمة المُخلِّصة هي بذاتها المعلِّمة إيَّانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية ( تي 2: 12 ). يقينًا هناك خطايا وشهوات دفينة وعبوديات ربما تأخذ عشرات السنوات للحرية، وذلك ربما لضعف الإرادة والإدمان الطويل، ولكن تظل النعمة المخلِّصة هي النعمة المعلِّمة. وإن لم تتعلم شيئًا على الإطلاق من النعمة لعشرات السنوات فأتوسل إليك لتتوقف للحيظة وتراجع حساباتك هل خلصت أم لا؟ وهيا بنا لنرى ما هي النعمة. * النعمة هي نشاط المحبة في مشهد الخطية: الأمر الواضح في نظرة النعمة لبطرس يوم إنكاره. فالنعمة هي محبة الله ظاهرة في مشهد خراب الإنسان ومنتصرة على الشر الكائن فيه. ليست بمحاربة الشر والقضاء عليه، بل بالارتفاع فوقه والتعمق تحته والإحاطة به من كل الجوانب. * النعمة ليست هي التساهل مع الشر وإلا لفقدت طبيعتها كالنعمة. فهي المحبة المنتصرة على الشر وليست المتساهلة معه. فإله كل نعمة الذي ذهب خصيصًا (دون سؤال من أحد) لمفلوج بيت حسدا (يو5) ليشفيه إذ أحس بتهاونه بالنعمة الشافية، فهو لم يهتم حتى أن يعلم مَنْ شفاه ( يو 5: 13 )!! فإذا به تبارك اسمه يحذره في المقابلة الثانية: قد برئت فلا تخطئ أيضًا لئلا يكون لك أشرّ ( يو 5: 14 ). فالنعمة لا تتساهل مع الشر. * إنها غلبة الشر بالخير وليس بالقضاء: انظر المرأة الزانية (يو8) أمامه، وكيف غلب ـ تبارك اسمه ـ شرها بخيره. كيف أخرجها من ورطتها الرهيبة!! ولكنه لم يترك شرها بلا علاج، بل غلبه بالخير. أمَا دانكِ أحد؟ .. ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تُخطئي أيضًا ( يو 8: 11 )؛ مُعطيًا إياها قوة لعدم الخطية. * والنعمة تُعطى لنا على طول طريق الإيمان: نعمة فوق نعمة وليس نعمة بعد نعمة. فالنعمة لا تنتظر حتى ينفذ ما لدينا من نعمة لتعطينا قسطًا آخر، ولكنها تعطينا قسطًا (كوم من النعمة) يلو الآخر حتى تصبح حياتنا أكوامًا من النعمة «انموا في النعمة». |
اجتماع الصلاة https://files.arabchurch.com/upload/i...1099130501.jpg وكانوا يواظبون على تعليم الرسل، والشركة، وكسر الخبز، والصلوات ( أع 2: 42 ) تأمل في احد اجتماعات الصلاة. إنك لو استطعت أن ترى صلوات المؤمنين لرأيت بخورًا عَبِقًا صاعدًا إلى محضر الله. لا يهم مكان الاجتماع في سِعَته وجماله أو ضيقه وبساطته، إذ أنه طالما كانت القلوب مملوءة بالمسيح، فإن عظمة الأرض بأكملها لا تستطيع أن تقدم شيئًا أثمن من الصلاة. إن تلك النفوس المنسكبة في الصلاة، وكلمات الإيمان الصادرة إلى الله، والتدريبات التي يُجريها الروح القدس في القلوب، هذه كلها ولو أنها غير منظورة، إلا أنها هامة وعميقة الأثر، وهي مُحمّلة بنتائج ستتضح لنا في الأبدية. هذه هي الصلاة الحقيقية. إن الذين يغيبون عن اجتماع الصلاة يفقدون امتيازهم في أن يكوِّنوا جزءًا من ممارسات هذا الاجتماع ونشاطه. ربما لا تتوفر لدى البعض فكرة صحيحة عن قيمة اجتماع الصلاة، ويعتبرونه كأنه اجتماع ثانوي، بل إن هناك الكثيرين، ممن تدينهم ضمائرهم، إذا غابوا عن اجتماع كسر الخبز، ولكنهم ينظرون إلى اجتماع الصلاة كأنه أمر اختياري. إنهم لم يلاحظوا أن وعد الرب في وجوده مع الاثنين أو الثلاثة إنما هو مرتبط بصفة خاصة بالصلاة: «وأقول لكم أيضًا: إن اتفق اثنان منكم على الأرض في أي شيء يطلبانه، فإنه يكون لهما من قِبَل أبي الذي في السماوات، لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم» ( مت 18: 19 ، 20). فالرب إذًا في وسط اجتماع الصلاة. يا لها من حقيقة هامة! ربما لم يفكر البعض في اجتماع الصلاة بهذا الاعتبار. ويظن الكثيرون أن هذا الاجتماع هو فقط للتعزية الروحية، أو لتقوية أنفسنا، ولذلك فهم لا يفكرون في أمر حضورهم في هذا الاجتماع أو غيابهم عنه، ولكن الحقيقة هي أن الرب هناك. واجتماع الصلاة يُعتبر من الاجتماعات التي تحتل المكان الأول، فهو الثاني بعد مائدة الرب. والوحي يسجل ما كانت تتميز به الكنيسة الأولى: «وكانوا يواظبون على تعليم الرسل، والشركة، وكسر الخبز، والصلوات» (أ‘2: 42). هل يُسرّ المؤمن أن يغيب عندما يحضر الرب؟ أَ لسنا بهذا نخطئ إذ لا نفكر كما ينبغي في قيمة اجتماع الصلاة في نظر الله؟ |
عيناه جالستان في وقبيهما https://files.arabchurch.com/upload/i.../689517094.jpg عيناه كالحمام ... جالستان في وقبيهما ( نش 5: 12 ) وصفت العروس عيني الحبيب بأنهما «جالستان في وقبيهما» (أي مستقرتان في مكانهما»، وتعني أن نظرته لخاصته ثابتة وليس فيها تغيير، فخاصته هم عطية الآب له، ولا يمكن أن يتغير قلبه من نحوهم أو تتحول نظرات محبته عنهم. إنهم في يده، ولا يستطيع أحد أن يخطفهم منه، وأخيرًا سيكونون معه في المجد حيث هو. وإذا تأملنا مليًا في علاقة الرب بخاصته كما هي مُبيَّنة في إنجيل يوحنا13 إلى 17 نفهم جيدًا مغزى قول العروس عن عيني حبيبها إنهما «جالستان في وقبيهما». ولقد كانت عينا الإنسان الكامل الرب يسوع المسيح، طوال أيام حياته على الأرض، جالستين ومستقرتين في وقبيهما، فلم تؤثر عليهما مباهج هذا العالم ومغرياته، كما لم تزعجها الآلام التي كانت أمامه. فقد أخذه إبليس فوق جبلٍ عالٍ جدًا وآراه جميع ممالك العالم ومجدها، وقال له: أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي، فانتهره الرب، وقال له: «اذهب يا شيطان! لأنه مكتوب: للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد». حقًا ما أبعد الفرق بين الرب يسوع الإنسان الثاني وبين الإنسان الأول! فإن حواء إذ رأت (بعينيها) أن الشجرة جيدةٌ للأكل، وأنها بهجةٌ للعيون، وأن الشجرة شهيةٌ للنظر، أخذت من ثمرها وأكلت، وأعطت رجلها أيضًا معها فأكل. كما أن سليمان، أحكم إنسان في يومه، لم تكن له العينان المستقرتان، فقد قال بحق عن نفسه: «مهما اشتهته عيناي لم أُمسِكهُ عنهما» ( جا 2: 10 ). وكما أن الرب ـ له المجد ـ لم تبهر عينيه مباهج وأمجاد هذا العالم، فإن أحزان جثسيماني وآلام الجلجثة لم تجعله يرتد إلى الوراء «السيد الرب فتح لي أُذنًا وأنا لم أُعاند. إلى الوراء لم أرتد. بذلت ظهري للضاربين، وخدَّيَّ للناتفين. وجهي لم أستُر عن العار والبصق ... لذلك جعلت وجهي كالصوَّان وعرفت أني لا أَخزى» ( إش 50: 5 - 7). فقد كانت عيناه جالستين ومستقرتين في وقبيهما فلم ترهبه الآلام التي كانت أمامه «وحين تمت الأيام لارتفاعه (فوق الصليب) ثبَّت وجهه لينطلق إلى أورشليم» ( لو 9: 51 ). ما أعظمه مثالاً لنا نحن الذين قبلناه مخلصًا وربًا ومثالاً كاملاً لنا «لتنظر عيناك إلى قدامك، وأجفانك إلى أمامك مستقيمًا» ( أم 4: 25 )، وليحفظنا الرب من «شهوة العيون». |
حكمة الصمت https://files.arabchurch.com/upload/i.../639686973.jpg لو قلت أُحدِّث هكذا، لغدرت بجيل بنيك ( مز 73: 15 ) واحدة من أخطر نتائج الكلام أنه يمكننا بألسنتنا أن نُعثر الآخرين. والعثرات بمعناها البسيط هي أن تضع أمورًا تعطل الناس عن مواصلة السير، أو تسبب لهم السقوط. ولقد تحدَّث المسيح مع تلاميذه عن العثرات بعبارات قوية جدًا، عندما قال لهم: «مَن أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخيرٌ له أن يُعلَّق في عُنقه حجر الرحى، ويُغرق في لُجة البحر» ( مت 18: 6 ). لذلك فما أجمل تصرف آساف في مزمور73: 13- 15. فهو في أثناء شروده وحيرته أمسك تمامًا عن الكلام. فلقد ختم كلمات الحيرة بعبارة خطيرة: «حقًا قد زكَّيت قلبي باطلاً، وغسلت بالنقاوة يدي. وكنت مُصابًا اليوم كله، وتأدبت كل صباح». ولكن بعدها مباشرة قال: «لو قلت أُحدِّث هكذا، لغدرت بجيل بنيك» (ع15). وكم هو جميل أن نرى مؤمنًا خارج المقادس، ومع ذلك فإن له المشاعر المقدسة، إذ لا يريد أن يُعثر أحد إخوته الصغار المؤمنين بالرب! وهي علامة صحية تدل على وجود خوف الله في القلب، حتى عندما لا يكون المؤمن في وضعه الصحيح. فآساف لم يشارك الآخرين بالشكوك التي راودته في لحظات ضعف إيمانه، وكأنه تذكَّر الحكمة القديمة التي قالها واحد: ”خبِّرني بما أنت متأكد منه، ودَع شكوكك لنفسك، فأنا عندي من الشكوك ما يكفيني“. لم يُرِد آساف أن يُعثر البسطاء في الإيمان بتلك النتائج المُريعة التي وصل إليها من خلال أفكاره مع نفسه. وهو هنا يتكلم كإسرائيلي حقًا لا غش فيه، وهو إن كان قد فَقَد القدرة على النظرة الصحيحة، لكن الشيء الجميل أنه لم يفقد الضمير الصالح. وما أكثر تحذيرات الكتاب المقدس، ولا سيما في العهد الجديد من مسألة عثرة البسطاء والضعفاء، فمثلاً يقول الرسول بولس: «لا تُهلك بطعامك ذلك الذي مات المسيح لأجله» ( رو 14: 15 )، ثم يقول: «فيجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل أضعاف الضعفاء، ولا نُرضي أنفسنا» ( رو 15: 1 ). ولكن قبل أن ينطق الرب بكلماته الخطيرة عن الإنسان الذي به تأتي العثرة ( مت 18: 6 ، 7)، وقبل أن يسجِّل الوحي الكريم كلمات الرسول بولس القاطعة ( رو 15: 1 - 3)، كان هذا الأمر مكتوبًا على أفئدة الأتقياء. وإن كان بولس قال إنه سيستغني عن أكل اللحم لئلا يُعثر المؤمنين، فإن آساف قرر أن يمسك عن الكلام لئلا يغدر بهم. |
مغارة حقل المكفيلة https://files.arabchurch.com/upload/i.../190186843.jpg دفن إبراهيم سارة امرأته في مغارة حقل المكفيلة ( تك 23: 19 ) معنى الاسم «المكفيلة» يعبِّر عن حقيقة القيامة، ويعني ”رجوع“ أو ”عودة“ أو ”ذات البابين“. وبالرجوع إلى المرة الأولى التي وردَ فيها الكلام عن «المكفيلة» (تك23)، يمكننا أن نخرج بدروس وحقائق نافعة: 1ـ «وماتت سارة في قرية أربع» (ع2). و«أربع» إشارة للعالم باتجاهاته الأربعة، وقد سادَ عليه الموت بدخول الخطية «بإنسانٍ واحدٍ دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس» ( رو 5: 12 ). وقد تغيَّر اسمها إلى «حبرون» أي ”الشركة“. فالمؤمنون سائرون في العالم بأقدامهم، لكنهم في السماء بقلوبهم، إذ صار لهم شركة مع الله، وأصبحت سيرتهم في السماوات ( في 3: 20 ). 2ـ أمام مشهد الموت يتيقن المؤمن أنه غريب ونزيل، وهذا ما أقرّه إبراهيم أمام بني حث «أنا غريب ونزيل عندكم» (ع4). وهذا الشعور يجعل المؤمن يتوق للوطن السماوي «فنثق ونُسرُّ بالأولى أن نتغرَّب عن الجسد ونستوطن عند الرب» ( 2كو 5: 8 ). 3 ـ تكلَّم إبراهيم إلى بني حث بخصوص «مغارة حقل المكفيلة» ليدفن ميته (ع4، 9). و«حث» تعني ”رعب“ أو ”رهبة“ إشارة إلى الموت «آخر عدو يُبطل» ( 1كو 15: 26 )، الذي هو «ملك الأهوال» ( أي 18: 14 )، وإلى «أهوال الموت» ( مز 55: 4 ). 4 ـ اسم صاحب المغارة «عفرون بن صوحر»، «عفرون» معناه ”تراب“، وهذا ما قضى الرب به على الإنسان بعد السقوط «لأنك تراب وإلى تراب تعود» ( تك 3: 19 ). و«صوحر» معناه ”لامع“، صورة لِما سيحدث للجسد «وكما لبسنا صورة الترابي (الجاف)، سنلبس أيضًا صورة السماوي (اللامع)» ( 1كو 15: 49 ). 5 ـ اسم المغارة «المكفيلة» يعني ”رجوع“ أو ”عودة“، وقد قال الرب: «تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة» ( يو 5: 28 ، 29). 6 ـ كانت المغارة في طرف الحقل (ع9)، والحقل يُستخدم للزرع، حيث تُدفن الحبوب وإذا بها تنبت زرعًا وتأتي بثمرٍ كثير «هكذا أيضًا قيامة الأموات: يُزرع في فساد ويُقام في عدم فساد. يُزرع في هوان ويُقام في مجد. يُزرع في ضعف ويُقام في قوة» ( 1كو 15: 42 - 44). |
السماء والغمر بين الدينونة والبركة http://www.syriacstudies.com/AFSS/%D...tedGraphic.jpg .. في ذلك اليوم، انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم، وانفتحت طاقات السماء ( تك 7: 11 ) في مشهدين مختلفين في سفر التكوين جاء ذكر السماء والغمر؛ المشهد الأول هو مشهد دينونة وغضب، أما المشهد الثاني فهو مشهد بركة ورضى. المشهد الأول في تكوين7: 11 حيث جاء الطوفان على الأرض التي امتلأت من شر الإنسان، فأهلك الرب بالمياه كل نفس حية ولم يخلص سوى نوح وبيته. ونرى في طاقات السماء التي انفتحت صورة لدينونة السماء؛ غضبة العدل الإلهي الرهيب التي انصبت فوق رأس ربنا المعبود يسوع وهو مُعلَّق على الصليب. بينما نرى في ينابيع الغمر العظيم التي انفجرت صورة لمدى كراهية وبُغضة سكان الأرض للمسيح، سواء في محاكماته المتتالية، أو في الثلاث ساعات الأولى للمسيح فوق الصليب. أما المشهد الثاني فنرى فيه السماء والغمر مرتبطان ببركة يعقوب ليوسف ابنه «من إله أبيك الذي يُعينك، ومن القادر على كل شيء الذي يُباركك، تأتي بركات السماء من فوق، وبركات الغمر الرابض تحت» ( تك 49: 25 )، فبركات السماء من فوق تُكلمنا عن البركات الروحية التي صارت لنا عن طريق ارتباطنا بالمسيح يسوع، وبركات الغمر الرابض تحت تتكلم عن الخيرات الزمنية التي ننعم بها من مطلق صلاح الله وجوده منقطع النظير. إذًا إن وضعنا الصورتين جنبًا إلى جنب (تكوين 7: 11 مع 49: 25) نستخلص درسًا ثمينًا: فأولاً السماء والغمر ارتبطا بالدينونة، ثم بعد ذلك ارتبطا بالبركة. الدينونة أولاً ثم البركات. وكان لا بد أن يأخذ المسيح مكاننا كنائب وبديل عنا فوق الصليب، مُحتملاً من ناحية قسوة الدينونة الرهيبة وهول غضب الله، ومن ناحية أخرى شر وتطاول الإنسان. ومن ثم أصبح من حق كل مَن يؤمن بالمسيح إيمانًا قلبيًا أن يتمتع بالبركات «مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح، الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح» ( أف 1: 3 ) «الذي لم يُشفق على ابنه، بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يَهَبنا أيضًا معه كل شيء؟» ( رو 8: 32 ). إذًا الإنسان يسوع المسيح الذي كان يومًا هدفًا لكراهية الأرض ولغضب السماء، هو نفسه المصدر الوحيد لكل البركات، فالغبطة والسعادة نصيب مَن يرتبط به، والبؤس والشقاء لمَن يرفضه ويزدري به. |
حنَّة وتسبيحها https://files.arabchurch.com/upload/i.../396143014.jpg وكانت نبية، حنة بنت فنوئيل .. في تلك الساعة وقفت تُسبح الرب، وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فِداءً في أورشليم ( لو 2: 36 - 38) «حنة» اسمها يعني ”نعمة“ وهي جزء من البقية الأمينة التي كانت تنتظر مجيء المسيا وأدركت أن إتمام المواعيد هو على مبدأ النعمة، وليس على مبدأ الاستحقاق. وكانت متقدمة في السن، وأرملة نحو أربع وثمانين سنة، ومن ضمن خمس أرامل ذكرهن لوقا في إنجيله، وهن علاوة على حنة (لو2)، أرملة صرفة صيدا (لو4)، أرملة نايين (لو7)، الأرملة التي لها خِصم في المدينة، التي ذُكرت في مَثَل قاضي الظلم (لو18)، ثم الأرملة المسكينة التي ألقت فلسين في الخزانة (لو21). لقد كرست حنة نفسها لخدمة الرب، فكانت «لا تفارق الهيكل، عابدة بأصوام وطلبات ليلاً ونهارًا»، وكانت منتظرة إتمام الوعد بمجيء المسيا. وعلاوة على ذلك، فقد «وقفت تسبح الرب، وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداءً في أورشليم»، أي أنها نشرت الأخبار السارة بمجيء المسيا بين شعبه. وتوصف حنة أنها «نبية» مثل النبيات الأخريات اللواتي ذكرهن الكتاب: مريم أخت هارون ( خر 15: 20 )، ودبورة ( قض 4: 4 )، وخَلدة ( 2مل 22: 14 )، وامرأة إشعياء ( إش 8: 3 )، وبنات فيلبس المبشر ( أع 21: 8 ). وكانت حنة من سبط أشير الذي يعني ”سعيد“ أو ”مبارك“، ويُقال عن هذا السبط «أشير، خبزه سمين وهو يعطي لذَّات ملوك» ( تك 49: 20 )، وقد قدمت لذَّات لملك إسرائيل الرب يسوع المسيح، فنقرا أنها «في تلك الساعة وقفت تسبح الرب، وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداءً في أورشليم». وإن كنا نرى في سمعان وهو يحمل الصبي يسوع على ذراعيه، صورة للمؤمن وهو يمسك بكل البركات والمواعيد العظمى والثمينة، فإننا نرى في حنَّة الشهادة بقوة الروح القدس للذين ينتظرون الفداء وللذين امتلكوه. من المرجح أن سمعان البار كان من سبط يهوذا الذي يعني اسمه ”حمد“ أو ”تسبيح“، وأما زكريا الكاهن فقد كان من سبط لاوي الذي يُقال عنه «يضعون بخورًا في أنفك ومُحرقات على مذبحك» ( تث 33: 10 )، وأما حنة فقد كانت من سبط أشير الذي يُقال عنه «أشير، خبزه سمين وهو يعطي لذَّات ملوك» ( تك 49: 20 )، وها هم يقدمون التسبيح ويقدمون الخبز السمين لملك الملوك ورب الأرباب. |
الابتهاج https://files.arabchurch.com/upload/i.../923813274.jpg .. فتبتهجون بفرحٍ لا يُنطق به ومجيد ( 1بط 1: 8 ) الابتهاج اختبار شخصي. فنحن قد نفرح مع الفرحين لكننا لا نفرح نيابة عنهم. وقديمًا قال صاحب الأمثال: «القلب يعرف مرارة نفسه، وبفرحه لا يشاركه غريب» ( أم 14: 10 ). ونحن لا يقدر أحد أن ينزع منا الفرح الذي يمنحه لنا المسيح. ومن الخير أن نذكر أنه من الممكن ـ ونحن نجتاز عالمًا من الضيق كالذي نعيش فيه ـ أن يتحول حزننا إلى فرح بواسطة الكيمياء الإلهية. فبإشارة من الرب يسوع الذي لا يعرفه العالم تصبح دموع آلامنا خمرًا جيدة تُفرح قلوبنا. إن ثمر وجود الروح داخلنا: فرح. ونتعلَّم من هذا أن الروح القدس بنشاطه الصامت في قلوبنا يولِّد فيها إحساسًا غامرًا بالفرح الصحيح الذي لا يستمد مقوماته من أسباب عالمية أو طبيعية. وشكرًا لله فإن هذه العطية ممنوحة لنا في كيل فائض. ولذلك فإن كؤوسنا ريَّا بواسطة الروح القدس. ومن هنا قيل عن التلاميذ في بكور تاريخ الكنيسة إنهم امتلأوا من الفرح والروح القدس ( أع 13: 52 ). إن المسيح المرتفع ممسوح الآن بزيت الابتهاج أكثر من رفقائه ( عب 1: 9 ). لقد صُلب مرة، لكن الله، بالقيامة والصعود، عرَّفه سبيل الحياة، وملأه سرورًا مع وجهه ( مز 16: 11 مز 23: 5 ). ومن هنا فإن ثمر الروح القدس الذي انسكب يوم الخمسين هو فرح. وهذا الفرح هو سماوي طبيعةً ونشأة. وعمل الروح القدس فينا هو أن يملأ القلب بفرح الرب. ومن حقنا أن نخصص لأنفسنا لغة المرنم: «مَسَحْتَ بِالدُّهْنِ رَأْسِي. كَأْسِي رَيَّا» (مز23: 5). فهل هذه الوفرة من الفرح اختبارنا جميعًا؟ وإلا، فما السبب؟ هل أعمال الجسد تعطل فينا ثمر الروح؟ هوذا الرسول يصلي من أجل القديسين في رومية أن «يملأهم إله الرجاء كل سرور وسلام في الإيمان، ليزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس» ( رو 15: 13 ) وقال الرب يسوع: «كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم، ويكمل فرحكم» ( يو 15: 11 ). إن المسيح نفسه هو مصدر هذا الفرح، والروح يهدينا إليه فنبتهج بفرح لا يُنطق به ومجيد، فإن الرب يمنحنا من فرحه. وعطيته الموعودة يصفها بفمه الكريم «يثبت فرحي فيكم» ( يو 15: 11 ). |
الصلاة والاتكال https://files.arabchurch.com/upload/i.../311831311.jpg "أقول للرب ملجأي وحصني، إلهي فأتكل عليه" (مز 91: 2 ) إن الصلاة هي التعبير عن الاتكال، والاتكال هو الوضع الصحيح للمخلوق نحو خالقه. فالله وحده هو الذي يكفى ذاته، أما كل مخلوق، سواء أدرك ذلك أو لم يدرك، فهو بالفعل معتمد على سواه. والصلاة في مفهومها الأساسي هي التعبير عن هذا الاتكال. أن ندرك ذلك يعنى أننا نعيش الحق، أما أن ننكره، أي نعيش بالحياة بدون صلاة، فهذا يعنى السلوك في الظلمة. إن الإنسان إذا عصى الله، فقد شعوره بالاعتماد على خالقه. لقد حلّ الرُبط، وتحلل من الارتباط الأدبي بمركز الكون المبارك. وإذ ضلّ في سُبل الظلام والخطية، ظن أن أفضل وأعظم شئ هو أن يصبح مستقلاً. هذا هو ذات مبدأ حياته، وهو مبدأ مزيف، فهو "يصنع .. كذباً" (رؤ 21: 27 ) . لذلك كانت لمحة جديدة في حياة شاول الطرسوسى، لفت الرب نظر حنانيا إليها حين أرسله إلى شاول، إذ قال له "قم واذهب .. واطلب .. رجلاً طرسوسياً اسمه شاول لأنه هوذا يصلى" (أع 9: 11 ) . فهذا شئ جدير بالملاحظة. فبالأمس كان ينفث تهدداً وقتلاً، أما الآن فهو على ركبتيه. إن إنساناً في مثل هذه الحالة يكون قد عاد إلى مكانه الصحيح، واتضع كمخلوق أمام خالقه، وتصالح معه. لذلك فإن الصلاة هي واحدة من أول وأصدق غرائز الحياة الإلهية في الإنسان. ومن وجهة النظر هذه، يمكن أن يُقال أن أول تنفس حقيقي من النفس نحو الله، هو بداية الشركة التي لن تنقطع. عندها يكون قد بدأ نبع سيفيض ويفيض إلى الأبد كالمياه التي يعطيها المسيح للنفس والتي تصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية. وليس المقصود أن هذه الشركة والعلاقة ستأخذ دائماً شكل الطلب، فهذه هي الصورة التي نأخذها من طبيعة المشهد المحيط بنا الآن في عالم الخطية والاحتياج. لكن في المستقبل حيث المشهد مختلف، لن يكون التعبير عن الاحتياج هو الطلب، لأنه عندئذ سيحّل الاكتفاء محل الاحتياج، وكل إناء سيمتلئ، كما نرنم: الرجــــاء سيتحـــول إلـــى واقـــع سعيـــــد والإيمــان إلـــى عيــان، والطلبات إلى تسبيح |
تدعو اسمَهُ يسوع https://files.arabchurch.com/upload/i.../517982936.jpg يا يوسف ابن داود ... مريم امرأتك ... ستَلد ابنًا وتدعو اسمه يسوع، لأنه يخلِّص شعبه من خطاياهم ( مت 1: 20 ، 21) «ولكن لما جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولودًا من امرأةٍ، مولودًا تحت الناموس» ( غل 4: 4 ). هذا هو أساس عمل الفداء. يوجد، بلا نزاع، سجايا أخرى للطفل المقدس. وحيث أن إنجيل متى يقدم المسيح بصفة خاصة كالمسيا، وفاءً للوعد المقدم لأمة اليهود، فإنه يذكر نَسَبه في مولده في الزمان راجعًا به إلى إبراهيم وداود ( مت 1: 1 ). إن إنجيل متى لا يعلنه لنا فقط كمَن «جاء» من امرأة، و«جاء» تحت الناموس، ولكنه كنسل إبراهيم الموعود له أن تتبارك فيه جميع شعوب الأرض، كما يعلنه كابن داود، ومن ثمَّ وارث كرسيه ومُلكه. وهكذا في هذا الأصحاح (متى1) تمتزج وتُستعلَن أمجاد لاهوت وناسوت الرب المبارك. إن ما نعنيه بكلمة ”تمتزج“ هو أن سجايا شخص المسيح، كالله المتجسد، يُعلَن عنها لنا في اسمه وعمله. فمثلاً، إن نحن تمثلناه كذرية داود، فإننا نفطن في الحال أنه أيضًا أصل داود، أي أنه ابن داود وهو أيضًا رب داود. هذا أمر يمكن رؤيته بوضوح عند تأمل معنى اسم «يسوع» الذي أُمر يوسف أن يدعوه به عند ولادته، والذي معناه ”يهوه خلاصي“ أو ”الله المخلِّص“. فإن كان الأمر هكذا، فما أروعك من موضوع للتأمل والسجود حين نتمثلك بعين الإيمان! طفلاً مولودًا في العالم من أبوين وضيعين حسب مقاييس البشر، ومُعلَنًا عنك من قِبَل السماء أنك يهوه المخلِّص! نعم، هو الله الذي أصغى قديمًا إلى أنين شعبه إسرائيل في مصر، ورأى مذلتهم وسمع صراخهم من أجل مسخِّريهم، وعَلِمَ أوجاعهم فنزل ليُصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيدة وواسعة تفيض لبنًا وعسلاً، والذي قال لموسى: «أنا الرب. وأنا ظهرت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب بأني الإله القادر على كل شيء. وأما باسمي يهوه فلم أُعرف عندهم» ( خر 6: 2 ، 3). لقد كان هو هو ذات الله، ذات ”شداي“؛ الله القدير، المعروف للآباء، الذي جاء إلى العالم كطفل. وإن يكن طفلاً، فليكن اسمه مباركًا إلى الأبد، فقد جاء كمخلِّص لشعبه. وهكذا نستطيع أن نقول إن الظلال التي حجبت الله عن شعبه قبلئذٍ قد انقشعت وولى الظلام الأدبار وظهر الله. حقًا لقد كان هذا هو فجر يوم النعمة المبارك. |
تشجيع للمُعيي https://files.arabchurch.com/upload/i...1092212458.gif من أجل ذلك، إذ لنا هذه الخدمة ـ كما رُحمنا ـ لا نفشل ... لذلك لا نفشل ( 2كو 4: 1 ، 16) هناك أربعة مواقف مختلفة يمكن أن نختبر فيها الإعياء وارتخاء القلب وفقدان الشهية للإقدام على فعل شيء: الموقف الأول في الصلاة. لقد قال الرب يسوع مثلاً به يوضح حقيقة «أنه ينبغي أن يُصلى كل حينٍ ولا يُملّ» ( لو 18: 1 ). فربما نُحبَط لأن طلباتنا في الصلاة تبدو وكأنها لم تُجَب. بالطبع يجب ألاّ نطلب رديًا ( يع 4: 3 )، ولا ما ليس حسب مشيئة الله ( 1يو 5: 14 )، بل وعلينا أن نتوقع أن مثل هذه الطلبات لا تُستجاب. لكن لقد طلبت الأرملة في المَثَل طلبًا شرعيًا، وبالرغم من ذلك بَدَا وكأنها فشلت مبدئيًا. وكم نشعر بخيبة الأمل عندما يبدو لنا أن صلواتنا لم تُستَجب! ويلفت الرسول بولس انتباهنا إلى موقف آخر يمكن أن نختبر فيه الإعياء، هو الإعياء في عمل الإنجيل، لذلك يحرِّضنا مرتين في الرسالة الثانية إلى كورنثوس ألاّ «نفشل» ( 2كو 4: 1 ، 16). إننا نندهش من كونه هو لم يفشل عندما نقرأ اختباراته! «مكتئبين في كل شيءٍ .. مُتحيرين .. مُضطهدين .. مطروحين .. حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع .. نُسلَّم دائمًا للموت من أجل يسوع» ( 2كو 4: 8 - 11)، وكلها أمور بالطبع تثبِّط عزيمة أكثر الخدام جسارة. والموقف الثالث له ارتباط بهذا أيضًا. ففي أفسس3: 13 كتب الرسول بولس عن «شدائده» وعبَّر عن رغبته في ألاّ «يكلِّوا» فيها. إن خدمة الرب تعرِّض الخادم إلى الشدائد، وقد اختبر الرسول بولس مقاومة من كل حدب وصوب، وجرَّب السجن والرجم وكُسرت السفينة به. وهذه الاختبارات في حد ذاتها كانت كفيلة بأن تُحبط الرسول مُنشئةً فيه نوعًا من الإعياء الروحي. وهناك موقف رابع يمكن أن نختبر الإعياء فيه، حيث كتب الرسول بولس «فلا تفشلوا في عمل الخير» ( 2تس 3: 13 ). فأن يكتب الرسول مثل هذه العبارة، فهذا معناه أنه يمكن أن نفشل في عمل الخير. إن أعمال اللطف لمَن يعادون الإنجيل تبدو أحيانًا بلا تأثير، وحتى المؤمنين أحيانًا ينالون محبة من إخوتهم وعونًا، لكنهم يبدون غير شاكرين وغافلين عن التكلفة التي تكلَّفها المعطي. عزيزي: هل ارتخى قلبك؟ صلِ، وصلِ أيضًا! استمر خادمًا السيد بالقوة التي يمنحها لخدامه وتذكَّر الوعد «وأما مُنتظرو الرب فيجددون قوةً» ( إش 40: 31 ). |
صفات رجاؤنا السماوي https://files.arabchurch.com/upload/i.../501194820.jpg لأن الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس ملائكة وبوق الله، سوف ينزل من السماء .. ( 1تس 4: 16 ) يعرض لنا العهد الجديد خمس صفات تميز رجاء مجيء الرب، ونريد بكلمات قليلة أن نتأمل في كل صفة من هذه الخمس: 1ـ في تيطس2: 11- 14 نقرأ عن الرجاء المبارك، ونظرًا لأن الكلام هنا عن مجيء الرب في المعنى الواسع، لذلك يكلمنا الروح القدس عن الظهور المجيد كما عن الرجاء المبارك. 2ـ ثم في 1تسالونيكي4: 13- 18 نقرأ عن هذا الرجاء أنه رجاء معزي. وقد قصد الروح القدس أن يستعرضه في تلك الرسالة لأن القديسن في تسالونيكي كانوا ينتظرون الرب له المجد ليُقيم ملكوته، لذلك لما رقد البعض منهم، حزنوا ظنًا منهم أن أولئك الراقدين سيُحرمون من أمجاد الملكوت. فأوضح لهم الرسول قائلاً: «إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام فكذلك الراقدون بيسوع سيُحضرهم الله أيضًا معه». فأولئك الراحلون لا بد أن يُحضروا مع الرب حينما يأتي لإقامة ملكوته. ... «وهكذا نكون كل حين مع الرب. لذلك عزوا بعضكم بعضًا بهذا الكلام». 3 ـ وفي رسالة 1يوحنا: 1- 3 نقرأ أن هذا الرجاء، رجاء مُطهّر. نحن مُطالبون أن نكون طاهرين كما هو طاهر. ويا له من مقياس! فإذ لنا هذا الرجاء بأنه أيضًا آتٍ، ماذا تكون النتيجة؟ «كل مَن عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر» ـ أي أن ذاك الكامل، هو المقياس الموضوع أمامنا بالنظر إلى رجائنا. 4 ـ وفي رسالة 1بطرس1: 3- 5 يعرض لنا الوحي هذا الرجاء كرجاء حي، ولماذا؟ لأن الذي عليه ترتكز كل آمالنا تقدم إلى الصليب ثم إلى القبر، ولكنه الآن جالسًا عن يمين العظمة في السماوات. هو الشخص الحي في المجد، وعليه فرجاؤنا حي وليس ميتًا. لأن مخلِّصنا الجالس على عرش أبيه ليس مخلِّصًا ميتًا بل مخلِّص حي، ينتظر حتى يرى جميع مفدييه حوله لمدحه ومجده. 5 ـ وأخيرًا في رسالة يعقوب5: 8 يكلمنا الروح القدس عن رجاء مُثَبِّت، حيث يقول الكاتب «فتأنوا أنتم وثبّتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب» هنا يدعونا الروح القدس أن نتأنى. ولأن الرب يسوع المسيح منتظر الآن في منتهى الصبر وهو عن يمين الآب، لذلك ينبغي أن نتأنى نحن شعبه. |
برنابا والفكر المتضع https://files.arabchurch.com/upload/i.../671008952.jpg ثم أقلع من بافوس بولس ومَن معه وأتوا إلى برجة بمفيلية. وأما يوحنا ففارقهم ورجع إلى أورشليم ( أع 13: 13 ) أثناء الرحلة التبشيرية الأولى، بشَّر «برنابا وشاول» بالإنجيل، وكان برنابا هو المتقدم فيها، ولو أن شاول يبدو أنه بدأ يظهر، وكان يزداد قوة كلما أوغلا في الرحلة، وصار هو المتحدث الرئيسي، وتغيَّر اسمه إلى «بولس» في بافوس، ثم لم يلبث أن برز للمقدمة، حتى إن لوقا يكتب: «ثم أقلع بولس ومَن معه من بافوس» ( أع 13: 13 )، فكان برنابا في معية بولس، ثم يذكرهما بعد ذلك إلى نهاية الرحلة «بولس وبرنابا» ( أع 13: 43 ، 46، 50)، ولكن نضارة المحبة الأولى كانت لا تزال موجودة، وأفسح برنابا المجال لبولس الرسول لكي يأخذ دورًا في الخدمة أهم من دوره. إن امتلاء برنابا بالروح القدس ظهر في استعداده أن يتخذ المركز الثاني بروح التواضع، وأن يجلس في المقعد الخلفي، وكان قانعًا بذلك. لم يكن هو الرجل الذي يحب أن يكون الأول، وأن يقود كل شيء، وأن يكون رئيسًا في كل مجال، لقد كان له الفكر المتضع، وعندما كان يكتشف في أي رجل آخر مواهب وقدرات تفوق ما لديه هو، كان يشكر الله، ويفرح لذلك الرجل. ولا شك أن هذا دليل على حياة الامتلاء بالروح القدس. مشكلة الكثيرين في اجتماعاتنا ومجتمعاتنا سببها أولئك الذين يرغبون في أن يستحوذوا على المركز الأول، وأن يمسكوا بأيديهم بكل القوة وبكل النفوذ (3يو9-11)، ولم يكن برنابا هكذا. وكان برنابا يتميز أيضًا بالسماحة ورحابة القلب، والاستعداد للنسيان، وإعطاء الفرصة من جديد. فعندما حدثت مشاجرة بين بولس وبرنابا بخصوص ”يوحنا مرقس“ أدَّت إلى انفصال كل منهما عن الآخر، إذ رفض بولس أن يأخذ مرقس معه، بينما أصرَّ برنابا على مرافقته له. فأخذ برنابا مرقس وسافر في البحر إلى قبرص، وأما بولس فاختار سيلا ( أع 15: 37 - 40). ولا بد أن برنابا فعل ذلك لأنه رأى شيئًا ما في حياة مرقس؛ رأى أنه كان شابًا يُرتجى منه الكثير. ربما حدثت منه بعض الأخطاء في رحلته الأولى مع بولس، ولكن برنابا استطاع أن يكتشف فيه يد الله العاملة، ولذلك أراد أن يشجعه، ويساعد في إتمام ردّ نفسه، بالرغم من أن ذلك قد أدَّى إلى انفصاله عن بولس، وعن اشتراكه في الخدمة معه. أيها الأحباء .. كم نحتاج أن نتعلَّم من مثال برنابا، فنكون مُعزّين ومُشجعين لإخوتنا ( عب 3: 13 ). |
محبة الله رجاؤنا الوحيد https://files.arabchurch.com/upload/i...1/33315271.jpg إليك وحدك أخطأت ( مز 51: 4 )يا أبي، أخطأت إلى السماء وقدامك ( لو 15: 21 ) مَن كان يظن أن خلاصنا يمكن أن يأتي من السماء؟ فالسماء كانت آخر مكان يُنتظر منه الخلاص لأننا إلى السماء قد أخطأنا، كما قال الابن الضال ( لو 15: 21 )، وكان قوله هذا حقًا وينطبق علينا جميعًا. إن خطايانا كانت ضد الله في قداسته وسلطانه، كما كانت دليلاً على أننا قد أبغضناه. فالذي كان يُنتظر من السماء هو الدينونة والغضب والنار والكبريت وليس المحبة والخلاص. ولكن قد حدث الشيء الذي لم يكن مُنتظرًا، وصار من الواجب أن يُعلَن للعالم الحق العظيم وهو أن «هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد» ( يو 3: 16 ). هذا أمر عجيب للغاية ولا يمكن أن يُقاس أو يُفسَّر بأي شيء إنساني. إنه من الله، إنه إعلان قلب الله نفسه. وفي الواقع إذا لم يأتِ الخلاص من الله، فمن أية جهة يمكن أن يأتي؟ لا شك أن أي إنسان لا يمكن أن يفدي أخاه، لأن الجميع قد أخطأوا، ولذلك وقع الكل تحت الدينونة، وما كان ممكنًا لشخص ما أن يُخلِّص آخر. لم يكن لإنسان رجاء ما بعيدًا عن الله. فلو لم يتداخل الله لأجل خلاصنا لكان هلاكنا محتومًا. ولكن شكرًا لله فقد تداخل، ونحن الذين نؤمن نتعجب وفي الوقت نفسه نسجد ونشكر. لقد بذل الله لأجلنا ابنه الوحيد، وكان هذا أعظم وأفضل ما يمكن أن يعمله، كما أن أقل من ذلك ما كان ممكنًا أن يسد حاجتنا. إن الكلمات هي الوسيلة التي نشرح بها الأشياء حتى يمكن فهمها، ولكننا نشعر أن أغنى وأعمق وأكمل الكلمات البشرية مجتمعة هي في الواقع ضعيفة وفاترة وعاجزة عندما يُراد استعمالها للإخبار عن هذه المحبة العظيمة، حتى روح الله نفسه، الذي بحكمة إلهية اختار أفضل الكلمات وأغناها لتحمل إلينا الحقائق العظيمة، أعلن عدم استطاعة اللغة البشرية جميعها أن تعبِّر عن عظمة عطية هذه المحبة، فأوحى إلى بولس بهذه العبارة «شكرًا لله على عطيته التي لا يُعبَّر عنها» ( 2كو 9: 15 ). لم تكن هناك طريقة أخرى ننجو بها من الظلمة والهلاك. الابن الوحيد هو وحده استطاع أن يخلِّصنا. والعمل كان أعظم من أن يُجريه إنسان أو ملاك أو رئيس ملائكة، لذلك بذله الله لكي يتمم عمل الخلاص لكي لا نهلك بل تكون لنا الحياة الأبدية. |
تقديس الروح https://files.arabchurch.com/upload/i.../953225508.jpg أن الله اختاركم من البدء للخلاص بتقديس الروح وتصديق الحق ( 2تس 2: 13 ) ليس من شك في أن «تقديس الروح» يعني عمل الروح القدس الذي بمقتضى قوته الفاصلة، تُفرز النفس أولاً بإحيائها لله، وهذا يقترن بتصديق الحق، أي بالإيمان. أما القداسة العملية فهي نتيجة لاحقة ( 1تس 4: 3 -7، 5: 23). لكن المقصود هنا بتقديس الروح، هو تلك القوة العظيمة التي ترافق الرجوع إلى الله، وذلك العمل الإلهي الذي يصل للإنسان وهو بعد خاطئ ليجعل منه بالنعمة قديسًا، وهو أمر أغفلته المسيحية الاسمية. فقد يعترف الناس بعمل الروح بعد الإيمان في السلوك، ولكنهم يخافون من قبول الحق المختص بعمل الروح عند نقطة البداءة. وهم في ذلك بعيدون عن فكر الله وعن إدراك فاعلية نعمته، وحكمة طرقه. إن عمل الله في النفس يصاحبه بالطبع تصديق الحق والاعتراف بالرب من جانب الشخص الراجع إلى الله. قد يكون إلى جانب هذا ـ في تلك المرحلة ـ صعوبات كثيرة وفحص عميق للقلب، الأمر الذي يستخدمه الرب لتثبيت النفس، فالنعمة تَهَب اليقين. وكلما تعمق فحص القلب كلما ازدادت النفس فائدة ما دام المسيح واضحًا أمامها. والحقيقة الواردة في 1بطرس1: 2 تؤكد معنى التقديس بالروح المُشار إليه، وتعيننا على فهم ما ورد في 1كورنثوس6: 11 حيث نرى التقديس يتبع الغسل، ويسبق التبرير «... اغتسلتم، بل تقدستم، بل تبررتم باسم الرب يسوع وبروح إلهنا». وفي 1بطرس1: 1، 2 نجد المُباينة بين الشعب القديم المُفرز لله بطقوس خارجية لإطاعة الناموس بواسطة دم الذبيحة الذي رُش على كتاب العهد وعلى الشعب، واضعًا بذلك أمامهم الموت كعقوبة التعدي، وبين المؤمنين في العهد الجديد «المُختارين بمقتضى علم الله الآب السابق، في تقديس (أو بتقديس الروح) للطاعة»؛ بمعنى طاعتهم لله كأبناء (على نمط طاعة يسوع المسيح لأبيه التي لا مثيل لها)، وكمُبرَرين من الذنب بدمه. ولذلك فالقول «للطاعة» له جماله هنا في إعلانه الغرض المبارك الثابت الذي أُفرز له المؤمن المسيحي بالروح القدس، أن يطيع ليس تحت ناموس العبودية وسيف الموت مُسلَّط عليه إن أخطأ، بل في حرية المسيح الذي دمه يطهره من كل خطية. |
ساعة الصليب https://files.arabchurch.com/upload/i...1086435899.jpg الآن نفسي قد اضطربت ... : أيها الآب نجني من هذه الساعة؟ ولكن لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة. .. مجِّد اسمك ( يو 12: 27 ، 28) تتكرر كلمة ”الساعة“ مرتين في يوحنا12: 27، والمُراد بها ”ساعة الصليب الرهيبة“، أو بالحري فترة آلامه الكفارية كلها، حيث كان سيُدان المسيح من يد الله العادل على الخطية، يوقعها الله على مَنْ لم يفعل، بل مَنْ لم يعرفها. وفي هذا المشهد نحن نرى ناسوت المسيح القدوس الكامل. ويجب أن ندرك أن مجد لاهوته لم يمنعه من شعوره بالحزن كإنسان. والواقع أن المسيح ما كان يصبح إنسانًا كاملاً لو لم تضطرب نفسه، ولو لم يَقُل «نجني من هذه الساعة»، لكن في اللحظة عينها قال: «ولكن لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة». رائع هذا المزيج من القداسة والطاعة، البر والخضوع! ونلاحظ أن المسيح لم يَقُل في صلاته للآب: ”ماذا أفعل؟“، فهو أتى ليفعل مشيئة الآب، وكان يعرف ذلك تمامًا. ولم يَقُل: ”والآن ماذا أختار؟“، كما قال بولس الرسول بعد ذلك في فيلبي1: 22، فلم يكن لدى المسيح تردد في الاختيار، بل «ماذا أقول؟». شبهها أحدهم بتشبيه بشري ضعيف، كمَن يفزع من العملية الجراحية، رغم رغبته في إتمامها. فرغم فزعه ـ له المجد ـ من تلك الساعة الرهيبة، نظرًا لقداسته المطلقة، وعدم تقبُّله أن يُجعل خطية، ذاك الذي لم يعرف خطية، فإنه أطاع. ونحن نعرف أنه بحسب إنجيل يوحنا10: 17 لم يأخذ أحد نفس المسيح منه، بل وضعها هو من ذاته. لقد أخذ هذه الوصية من الآب، وهو أتى لكي يضع نفسه ليأخذها أيضًا. وهو لم يكن ممكنًا أن يطلب من الآب أن تعبر هذه الساعة عنه رغم قسوتها الشديدة، وإلا فلماذا وُلد أساسًا؟ ولماذا جاء إلى العالم؟ فهو عندما طلب من الآب أن ينجيه من «هذه الساعة»، لم يكن ذلك بعدم الدخول فيها، بل بدخوله وخروجه منها بالقيامة. ولقد سُمع له من أجل تقواه، وخلَّصه الله من بين فكي الموت ( عب 5: 7 ). ونلاحظ أن المسيح لم يجبن ولم يَخَفْ، ولو أن الوحي يسجل أن نفسه اضطربت. لقد جاء ـ تبارك اسمه ـ لتلك الساعة عينها ليموت، مُمجِّدًا أباه، وهو يريد ذلك مهما كانت التضحية، ومهما كان ما يتضمنه الصليب، فصلاته الوحيدة: «أيها الآب مجِّد اسمك!». كانت طِلبته الوحيدة تمجيد أبيه وإن كلَّفه ذلك كل شيء! |
الإحسان: هل هو ملكية أم وكالة؟ https://files.arabchurch.com/upload/i.../555959404.jpg فقال مردخاي أن تُجاوب أستير: .. ومَن يعلم إن كنتِ لوقتٍ مثل هذا وصلتِ إلى المُلك؟ ( أس 4: 13 ، 14) كيف ينبغي أن ننظر نحن لكل إحسان يُحسن به الرب إلينا؟ هل ننظر إليه على أنه ملكية خاصة لنا؟ أم ننظر للإحسان على أنه مجرد وكالة، وننظر لأنفسنا على أننا لسنا سوى وكلاء؟ ولماذا لا؟ بل إنني أعتقد أن هذه النظرة هي رد الفعل الوحيد الصحيح لإحسانات الله لنا. فنحن لسنا هنا على الأرض لكي نعيش لأنفسنا، بل للذي مات عنا، أَ لم يَقُل الكتاب: «وهو مات لأجل الجميع، كي يعيش الأحياء فيما بعد، لا لأنفسهم، بل للذي مات لأجلهم وقام» ( 2كو 5: 15 )؟ أوَلم يَقُل أيضًا: «لأن ليس أحدٌ منا يعيش لذاته، ولا أحدٌ يموت لذاته. لأننا إن عشنا فللرب نعيش، وإن مُتنا فللرب نموت، فإن عشنا وإن مُتنا فللرب نحن» ( رو 14: 7 ، 8)؟ لذلك أراه أمرًا يدل على الضحالة الروحية أن نكتفي بمجرد الشكر إزاء الإحسانات، ولا نرفقه بالسؤال عن الغرض الذي لأجله جاءنا هذا الإحسان. حتى ولو كان هذا الإحسان شيء من أمور الزمان، والتي قد يراها الناس أشياء عادية يتمتع بها معظم البشر، كالزوجة والبيت والأولاد، الصحة والعقل، العمل والمال والنجاح، المسكن والسيارة .. إلخ، أو أشياء روحية كموهبة ما، أو فتح الذهن لفهم الكتاب، أو محبة إخوتنا وتقديرهم الحُبي لنا .. إلخ. فالوضع الروحي الصحيح إزاء الإحسان في أي صورة من صوره أتخيله في مثل هذه الصلاة. ”يا رب شكرًا لك على ما أعطيتني، وأقرّ وأعترف أمامك بعدم استحقاقي لأي خير من عندك، لكن هذه هي دائمًا نعمتك! لذلك فأنا أعلم يا رب أني لست إلا وكيلاً على ما أعطيتني، فالكل منك والكل لك. وكم أحتاج أن أكون أمينًا وحكيمًا في وكالتي لكي ترضى عني وتباركني، فساعدني يا إلهي لكي أفهم غرضك مما أعطيتني، واعضدني بنعمتك لكي أكون أمينًا في إدارته لمجدك، حتي لا أخجل منك يوم الوقوف أمام كرسيك“. وإذا لم يكشف الرب بسرعة عن غرضه من وراء الإحسان، فهذا لا يعني أبدًا أنه لا يوجد غرض، أو أن الغرض هو مجرد أن نستمتع بما أعطانا، وأن نتصرف فيه كما يحلو لنا. لكن حتمًا هناك غرض سيعلنه الرب في وقته. وإلى أن يأتي هذا الوقت الذي فيه سيكشف الرب عن غرضه، علينا أن نكون وكلاء أُمناء. |
عِبر من حنة وألقانة https://files.arabchurch.com/upload/i.../437797648.jpg ولما كان الوقت وذبح ألقانة، أعطى فننة امرأته وجميع بنيها وبناتها أنصبة. وأما حنة فأعطاها نصيب اثنين، لأنه كان يحب حنَّة ( 1صم 1: 4 ، 5) قد يسمح الله بالآلام لكي يأتي بالبركة. لقد قَسَم الله لحنة نصيبًا معينًا في الحياة. فقد عاشت في بيت يتميز بالتقوى. وكان لها زوج صالح هو «ألقانة» الذي أحبها. وقد كان الزواج في أزمنة العهد القديم مختلفًا عما هو في الوقت الحاضر. فقد كان يمكن للرجل أن يتزوج أكثر من زوجة واحدة. رغم ذلك فإن قصة حنة تذكِّرنا ببعض العناصر الهامة للزواج الناجح والحياة العائلية الناجحة. أول كل شيء كانت عبادة الله أساسية بالنسبة للبيت (ع3). لقد تحمل ألقانة المسؤولية لأجل الخير الروحي والزمني لزوجتيه وأولاده (ع3، 4). وهذا التوازن ضروري للزواج المسيحي. إن قوة محبة ألقانة لحنَّة موضحة في عدد5. لقد كانت محبة غير مشروطة، لكن حنَّة لم يكن لها أولاد، وذلك وسط بيئة كان للأمومة مكانة رئيسية فيها، كما أن الأولاد كانوا يُعتبرون علامة للبركة. إن محبة ألقانة لزوجته لم تنقص بالرغم من هذا الإحباط. ويا له من نموذج مناسب للمسيحي: أن يتغلب على الصعوبات التي كثيرًا ما يواجهها الزواج، بنفس نوع المحبة الذي تميز به زواج ألقانة وحنَّة. إن ألم حنَّة بسبب عدم إنجابها ذرية كان حقيقيًا. لكن أكثر من هذا، نقرأ مرتين أن الرب هو الذي كان قد أغلق رحمها (ع5، 6). ولماذا يمنع الله، عن قصد، من أن يكون لهذه المرأة التقية الأولاد؟ إن قصة حنَّة تعلمنا أن الله أحيانًا يسمح لنا أن ندخل في ظروف صعبة حتى يمكننا في مثل هذه الظروف أن نبرهن على إيماننا به. إن الإيمان يجب أن يُمتحن لإثبات حقيقته. إن الكباري قبل أن تدخل إلى الخدمة لا بد أن تُختَبر جيدًا بأحمال فوق المتوقع أن تحتملها. هذا الاختبار يُجرى لإثبات قوته. بالمثل يسمح لنا الله أن نواجه مشكلات في حياتنا ليس لكي يفنى إيماننا، لكن لكي يقويه. لم تكن حنَّة قد فعلت شيئًا خطأ. نحن غالبًا نعتقد أن المشكلات والمُعضلات تحدث بسبب سقوطنا أو خطيتنا. قد يكون هذا صحيحًا أحيانًا. فنحن نحصد ما نزرع. لكن هناك أوقات فيها يسمح الله لنا أن ندخل في ظروف صعبة لتكون لنا فرصة لنبرهن إيماننا به. هذا لا يقلل من الألم الحقيقي والضيق اللذين نختبرهما. لقد شعرت حنَّة بمرارة حالها ومرارة الظروف التي تجتاز فيها. لكن في نفس تلك الأحوال تظهر حقيقة المسيح في حياة المؤمن. |
يحيا ويسكن https://files.arabchurch.com/upload/i...1179678953.jpg وهذا هو حكم القاتل الذي يهرب إلى هناك فيحيا ( تث 19: 4 ) هناك بركات ثلاث من نصيب كل مَن يهرب ويدخل مدينة المجأ: أولاً: بركة الإقامة وتأتي في سفر العدد35: 25 «وتردُّه الجماعة إلى مدينة ملجئِهِ التي هرب إليها، فيُقيم هناك». وسفر العدد هو سفر البرية؛ سفر الترحال والسَّفر، وليس للشعب فيه إقامة دائمة، بل هم قاصدون أرض الموعد التي وهبها الله لهم ليسكنوا فيها. لقد كانوا في البرية يسكنون الخيام كأبيهم إبراهيم، لذا تأتي العطية هنا بوعد إقامة دائمة في مدينة آمنة. وكأن الرب قصد أن يأخذ بأفكارهم وقلوبهم إلى ما وراء البرية، حتى لا يضعوا قلوبهم على الظروف الوقتية، أو التي تُرى والمحيطة بهم، بل يتطلعوا للأمام لينظروا المدينة التي لها الأساسات حيث الوطن الأفضل ( عب 11: 9 - 14). ثانيًا: بركة الحياة، وتأتي في سفر التثنية19: 4 «وهذا هو حكم القاتل الذي يهرب إلى هناك فيحيا». وفي سفر التثنية يُعيد موسى على مسامع الشعب مرة ثانية، الوصايا والشرائع والأحكام وهم في عبر الأردن في أرض موآب ( تث 1: 5 ). وإذا رجعنا لسفر العدد26: 63 نرى أنه في ذات المكان أحصى موسى بني إسرائيل، ولم يكن بينهم إنسان من الذين خرجوا من مصر، بل مات الجميع في البرية، إلا كالب بن يفنه ويشوع بن نون. وكأنه إعلان ووعد بالحياة في ذات البقعة التي أعلن فيها عن موت مئات الآلاف من الشعب. ثالثًا: بركة السكن، وتأتي في سفر يشوع20: 4 «فيهرب إلى واحدة من هذه المدن، ويقف في مدخل باب المدينة ويتكلم بدعواه في آذان شيوخ تلك المدينة، فيضمونه إليهم إلى المدينة ويعطونه مكانًا فيسكن معهم». وسفر يشوع يحكي لنا عن دخول الشعب لأرض الموعد وامتلاكها وتقسيمها على الأسباط، حيث لا سَفَر ولا ترحال في ما بعد، بل السكن الدائم في مدنهم. هذه هي بداية البركات، والتي لا نهاية لها، والتي أعدها الرب يسوع المسيح لكل مَن يلجأ إليه، الأمر الذي نراه في رسالة البركات الروحية ـ رسالة أفسس «ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح ... وأقامنا معه، وأجلَسنا معه في السماويات في المسيح يسوع» ( أف 2: 5 ، 6). |
ما أكرم رحمتك يا الله! https://files.arabchurch.com/upload/i.../855392474.jpg ما أكرم رحمتك يا الله! فبنو البشر في ظل جناحيك يحتمون. ( مز 36: 7 ) تعامل داود مع عينات مختلفة ومتنوعة من أُناس أشرار، منهم الصديق الذي خانه، ومنهم الصاحب الذي تنكَّر له. منهم الرجل الذي أنعم من الزبدة فمه، وقلبه قِتال ( مز 55: 21 ). أُناس من شعبه سعوا وراءه بسيوف مسلولة. أُناس من أهل بيته سخروا منه، وأبناء خرجوا من أحشائه تنكَّروا له. أضف إلى هذا كل ما اجتازت فيه نفسه من مرار وعلقم بسبب سقطته الشنيعة، ورغم أن الرب غفر خطيته، إلا أن السيف لم يفارق بيته. لكن برغم كل ذلك، وإلى أن صار شيخًا، لم يتقسَ قلبه ولم يتطرق إليه الصدأ، لأنه ظل يشرب وينهل ويرتوي من ينبوع رحمة الله وإحساناته التي لا تفنى. تعلق بثبات بمراحم الله ولم يرخها أبدًا. لذا لا غرابة أن شهد الله عن عبده بالقول: «وجدت داود بن يسى رجلاً حسب قلبي، الذي سيصنع كل مشيئتي» ( أع 13: 22 ) .. أجنحة من رحمة الله تغطى به داود، وفي كل حين. تعالوا معًا لنستمع إليه يقول: عن الحاضر: «رحمة الله هي كل يوم!» ( مز 52: 1 ). عن الماضي: «أرسل من العُلى فأخذني. نشلني من مياه كثيرة. أنقذني من عدوي القوي، ومن مُبغضيَّ لأنهم أقوى مني» ( مز 18: 16 ، 17). عن المستقبل: «لأنه يخبئني (الفعل في اللغة العبرية يعني المستقبل) في مظلته في يوم الشر، يسترني بستر خيمته. على صخرة يرفعني» ( مز 27: 5 ). عن الأبدية: «إنما خيرٌ ورحمةٌ يتبعانني كل أيام حياتي، وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام» ( مز 23: 6 ). ثقة داود ثابتة، وإيمانه راسخ، بأن الله سيتغمده ويتولاه بالخير والرحمة كل أيام حياته. ولا غرو، فإيمانه وهو بعد فتى، كان عظيمًا، إذ نراه يقف أمام شاول الملك ويقول: «قتل عبدك الأسد والدُب جميعًا. وهذا الفلسطيني الأغلف يكون كواحد منهما، لأنه قد عيَّر صفوف الله الحي» ( 1صم 17: 36 ). ولم يكن داود من هذا الصنف الذي يُؤمّن نفسه على ما هو مادي وحسي، بل على الله ( 1صم 17: 39 ). ليتنا جميعًا نكون كذلك، وليت يكون لنا هذا الإيمان العظيم في الله، ومن سن مبكرة ..! |
عبد المتسلطين https://files.arabchurch.com/upload/i.../582372093.gif هكذا قال الرب .. للمُهان النفس، لمكروه الأمة، لعبد المتسلطين: ينظر ملوك فيقومون. رؤساء فيسجدون لأجل الرب الذي هو أمين ( إش 49: 7 ) عمن يقول النبي إشعياء هذا .. عن نفسه أم عن واحد آخر؟ سأل هذا السؤال الخصي الحبشي قديمًا لفيلبس المبشر وكان يقرأ سفر إشعياء نفسه «فبشره من هذا الكتاب بيسوع» وكان الفصل الذي يقرأه هو إشعياء53، الذي قال عنه «لا صورة له ولا جمال فننظر إليه ولا منظر فنشتهيه، محتقر ومخذول من الناس ...» ( إش 53: 2 ، 3). يا للعجب «عبد المتسلطين»!! الذي له المشورة والرأي وله القدرة، الذي به تملك الملوك وتقضي العظماء عدلاً. الذي به تترأس الرؤساء والشرفاء وكل قضاة الأرض» ( أم 8: 14 - 16). الذي «يذهب بالمشيرين أسرى ويحمِّق القضاة، يحل مناطق الملوك ويشد أحقاءهم إلى الأبد» ( رو 9: 5 ) الذي «لم يحسِب خُلْسَة أن يكون معادلاً لله. لكنه أخلى نفسه آخذًا صورة عبد» ( في 2: 6 ). لنبارك اسمه. سبحوه بفرح القلب يا جميع المؤمنين «عظموا الرب معي ولنعلِ اسمه معًا» ( مز 34: 3 ). هذا الشخص العجيب الذي كان موضوع الاحتقار والتعيير في الأرض، سيجيء الوقت الذي فيه يتسلط ويسود «هوذا عبدي يعقل (يتسلط بحزم) يتعالى ويرتقي ويتسامى جدًا ... من أجله يسد ملوك أفواههم» ( إش 52: 13 ، !5). «تقلد سيفك على فخذك أيها الجبار، جلالك وبهاءك. وبجلالك اقتحم. اركب. من أجل الحق والدعَةِ والبر، فتُريك يمينك مخاوف ... شعوبٌ تحتك يسقطون» ( مز 45: 3 - 5). لقد أخلى نفسه آخذًا صورة عبد لأجل إتمام الفداء بموته على الصليب «لذلك رفّعه الله وأعطاه اسمًا فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومَنْ على الأرض ومَن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع هو رب لمجد الله الآب» ( في 2: 9 - 11). لقد اتضع حتى إلى تراب الموت، لكي يسعدنا ويغنينا «من أجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا أنتم بفقرهِ» ( 2كو 8: 9 ). أيها الرب يسوع ما أعجب شخصك! أنت فريد في محبتك وتواضعك يا مَن مجّدت الله تمامًا، وتركت لنا مثالاً .. مجدًا لاسمك العظيم. |
الله والمال https://files.arabchurch.com/upload/i.../581724874.jpg لا يقدر أحدٌ أن يخدم سيدين .. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال ( مت 6: 24 ) تأمل في النتيجة التي توصَّل الرب إليها: «لا تقدرون أن تخدموا الله والمال». ليس أن المال في ذاته شر، بل المسألة أنك لا تقدر أن تخدم الله والمال في آنٍ واحد معًا. وكما يذكر العارفون باللغة اليونانية إن كلمة ”يخدم“ المُستخدمة في هذه الفقرة هي في اليوناني كلمة قوية جدًا، فهي نفس الكلمة التي استخدمها الرسول بولس في رومية6: 6؛ 7: 6 حيث تُترجم هناك ”نُستعبد“ و”نعبد“. ويا للأسف أن ما عاد المال خادمًا يخدمنا، بل أصبح بالنسبة للكثيرين سيدًا يُخدم، وإلهًا يُعبَد! فمحبة المال تقود إلى العبودية للمال. إنها مأساة أن ما أعطاه الله في البداية للإنسان لبركته وخيره، سرعان ما جعل البشر منه أصنامًا يتعبدون في محرابها. فالبعض يعبد المال كما هنا ( مت 6: 24 )، والبعض يعيش ليأكل إذ صار إلههم بطنهم ( في 3: 19 )، والبعض يعبد الجنس، إذ إن كل مَن يعمل الخطية هو عبد للخطية ( يو 8: 34 ). نعم، نحن لا نقدر أن نخدم هذين السيدين معًا، الله والمال، لأن كلا من هذين السيدين يطلب منا سلوكًا ليس فقط يختلف عما يطلبه السيد الآخر، بل يتعارض معه تمامًا. فالله يأمرنا أن نسلك بالإيمان، بينما السيد الآخر يريدنا أن نسلك بالعيان. الله يطلب منا أن ننشغل بما فوق، والسيد الآخر يريدنا أن نهتم بما على الأرض. الله يريدنا أن نظهر أننا سماويون، بينما السيد الآخر يشدنا إلى الأرض والتراب. الله يقول لنا «لا تهتموا بشيء» والسيد الآخر يريدنا أن نعمل حسابًا لكل شيء. الله يطلب منا أن نكون مكتفين بما عندنا، والسيد الآخر يريدنا أن نوسِّع شهوتنا كالهاوية. الله يطلب منا ألاّ ننسى فعل الخير والتوزيع، والآخر يريدنا أن نقول مع نابال الأحمق: «أ آخذ خبزي ومائي وذبيحي الذي ذبحت لجازيَّ لقومٍ لا أعلم من أين هم؟». السيد الأول يدعونا لنفرح بالعاطي، بينما السيد الآخر يريدنا أن نفرح بالعطية. فكيف يمكننا أن نوفّق بين خدمة هذين السيدين؟! تذكَّر أن المسيح هنا لا يقول: لا ينبغي، أو لا يليق، بل «لا تقدرون أن تخدموا الله والمال». هذا هو كلام الرب يسوع، وليتنا نخضع له في هذا الأمر، كما في كل شيء أيضًا. |
رجاء الكنيسة https://files.arabchurch.com/upload/i...1347532946.jpg نعم أنا آتي سريعًا. آمين. تعال أيها الرب يسوع ( رؤ 22: 20 ) هذه هي الرسالة الأخيرة للكنيسة، إنها الكلمة الأخيرة من السماء إلى أن يجيء الرب. وإن كان العهدان القديم والجديد يُختمان بالإعلان عن مجيء الرب ـ ذلك الحَدَث العظيم (وهذا ينطبق بالسوية على نزوله إلى الهواء، 1تس4، ورجوعه إلى جبل الزيتون ـ زك14) إلا أن كلاً من المجيئين مختلف تمامًا، فالنعمة مرتبطة بالمرحلة الأولى، والدينونة بالمرحلة الثانية للمجيء. ولهذا فإن العهد القديم يُختم بالتهديد باللعنة، أما العهد الجديد فيُختم ببركة النعمة. «نعم»، إنها لغة التأكيد للحق المقرر «أنا آتي سريعًا». لقد مرّ على الكنيسة وقت تعب وانتظار ومُعاناة، لكن مجيئه سوف يبدّل ظلام الليل إلى سرور وفرح أبدي. إن ظلال الزمن ها هي تنحسر، وأول خيوط أشعة اليوم الأبدي، الذي لا يعرف الليل أو الدموع تلوح. تشدد أيها السائح المُتعب. ففي الصباح ترنم. إننا لا ننتظر تحقيق النبوة لكن ننتظره هو، فهل مجيئه حقيقة في نفوسنا؟ هل يؤثر على حياتنا ويكيّف سلوكنا ويشدّ أزرنا؟ يُجيب يوحنا، كالممثل للكنيسة، على إعلان الرب بكلمات تُعَبِّر بدون شك عن رغبته هو أيضًا. لقد أُعلنت حقيقة مجيء الرب بواسطة الآتي نفسه، فاهتز لها قلب الرسول الشيخ، لكنه تحت قيادة الروح القدس لم يعبِّر فقط عن مشاعره الخاصة بل عن مشاعر الكنيسة كلها، فقال: «آمين تعال أيها الرب يسوع». آه. يبدو أن انتظاره طال، لكن بناءً على الحساب الإلهي مرّ يومان ( 2بط 3: 8 ). إن اضطهاد وأحزان إسرائيل، وخطايا ومآسي الأرض الملعونة، ويأس وحيرة الكنيسة المعترفة، تتطلب مخلِّصًا. فالحاجة ماسة إلى يد حاكمة قوية، ولا يمكن أن يسد هذه الحاجة إلا الرب يسوع المسيح. أما نحن فلسنا إلى هذا نتوق، بل إلى شخصه. لقد مات لأجلنا والآن حي لأجلنا والآتي ثانيةً لأجلنا «آمين تعال أيها الرب يسوع» وهذا هو النداء الحار للكنيسة. يا عريسَ المجدِ أسرعْ بالزفافْ |
قفوا وانظروا واسألوا https://files.arabchurch.com/upload/i...1/79536799.jpg هكذا قال الرب: قفوا على الطرق وانظروا، واسألوا عن السُبل القديمة: أين هو الطريق الصالح؟ وسيروا فيه، فتجدوا راحةً لنفوسكم. ( إر 6: 16 ) تصوَّر معي ـ عزيزي القارئ ـ مجموعة من الشباب المستهترين والمندفعين الذين يركضون بلا وعي وراء كل ما هو جديد من الملَّذات والشهوات، دون أن يحسبوا حسابًا للمخاطر التي يمكن أن تحدث، أو للنهاية الأليمة التي سينتهون إليها، ولكن هناك شخص حكيم ثاقب البصر، خبير وفي نفس الوقت مُحب ويقدِّر قيمة النفوس، وها هو يقدِّم بكل محبة نصيحة لهؤلاء قائلاً لهم: «قفوا على الطرق وانظروا (أي فكّروا بعمق)، واسألوا عن السُبل القديمة: أين هو الطريق الصالح؟ وسيروا فيه، فتجدوا راحةً لنفوسكم». «توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة، وعاقبتها طرق الموت» ( أم 14: 12 ). وهناك خطر حقيقي أن لا يصل الإنسان إلى السماء عندما يستمر في السير في طريق اختاره لنفسه، معتمدًا على أفكاره أو ميوله، دون أن يسأل: «أين هو الطريق الصالح؟». ولكن ما هي «السُبل القديمة؟» السُبل القديمة هي طرق الله التي قال عنها: «فالآن أيها البنون اسمعوا لي. فطوبى للذين يحفظون طرقي» ( أم 8: 32 ). إنها طريق الخلاص بالمسيح، والحكمة، والسلام، والبر، والحق ( 2بط 2: 2 ، 21). ولكن نسأل مَن؟ اسأل الرب في الصلاة، وقُل له: «عرِّفني الطريق التي أسلك فيها، لأني إليك رفعت نفسي» ( مز 143: 8 )، وتأكد أنك لو صليت بإيمان وإخلاص، سوف تسمع هذه الإجابة الإلهية: «أُعلِّمك وأُرشدك الطريق التي تسلكها. أنصحك. عيني عليك» ( مز 32: 8 ). وأيضًا اسأل كلمة الله؛ اقرأها باجتهاد، وفتشها لأنه «طوبى للكاملين طريقًا، السالكين في شريعة الرب»، وأيضًا «سراجٌ لرجلي كلامك ونورٌ لسبيلي» ( مز 119: 1 ، 105). ومَن هو الطريق الصالح؟ المسيح هو الطريق الصالح الوحيد، الذي قال عن نفسه: «أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحدٌ يأتي إلى الآب إلا بي» ( يو 14: 6 ). وكيف أعرف أنني أسير في الطريق الصالح؟ عندما تختبر الراحة الحقيقية نتيجة علاقتك الحقيقية بالمسيح الذي قال عن نفسه: «تعالوا إليَّ يا جميع المُتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم». |
أليهـو https://files.arabchurch.com/upload/i.../334769145.jpg هأنذا حسب قولك عوضًا عن الله. أنا أيضًا من الطين تقرصت. ( أي 33: 6 ) إن كلمة «أليهو» معناها ”الله هو“، وهو يمثِّل أمام الذهن الروحي صورة الرب يسوع المسيح الذي هو «الوسيط الواحد بين الله والناس» ( 1تي 2: 5 ). والنقطة التي عندها يظهر أليهو في المشهد تستدعي التفاتًا خاصًا من القارئ العزيز. فقد فشل أصحاب أيوب الثلاثة تمام الفشل في معالجته لأن خدمتهم كانت ذات وجهٍ واحد، فقد سلَّطوا عليه كمية كبيرة من الحق ولكن بدون نعمة. لقد استطاعوا أن يجرحوا، ولكن لم يمكنهم أن يعصبوا. لذلك نرى أيوب من حين إلى آخر ينطق بكلمات مرارة. وهنا برز أليهو، لأنه كان الرجل الكُفء لهذا الموقف. برز ومعه العلاج الذي يحتاجه أيوب ولم يستطع أصحابه أن يقدموه له. فقد كان هو الرجل الذي يتطلبه أيوب ويتمنى أن يقف أمامه. ونرى في وقوف أليهو أمام أيوب رمزًا لربنا المبارك الذي قيل عنه: «لأن الناموس بموسى أُعطي. أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا» ( يو 1: 17 ). وفي هذه الكلمات يظهر بهاء مجد الرب يسوع الأدبي ومجد خدمته. فالحق يضع الخاطئ في مركزه الصحيح، والنعمة تأتي بالله إليه حيث هو. فالنعمة لا تستطيع أن تعمل بدون الحق. وسنرى هذين العنصرين ـ النعمة والحق ـ واضحين في خدمة أليهو مع أيوب. لقد أتم أيوب أقواله، ولم يجدوا أصحابه جوابًا، واستذنبوا أيوب. هنا نجد أليهو يُشير إلى نقطتي الخطأ اللتين وقع فيهما كل من أيوب وأصحابه: «.. فلا تقولوا قد وجدنا حكمة. الله يغلبه لا الإنسان». كان أليهو أمام أيوب كمَن يستطيع أن يسد حاجته فيقول: «هأنذا حسب قولك عوضًا عن الله. أنا أيضًا من الطين تقرصت». هذا هو الشخص الوحيد الذي ينفع الخاطئ في اللحظة التي فيها يأخذ مركز الحكم على الذات، إذ يسمع كلمات النعمة التي قالها أليهو لأيوب: «هوذا هيبتي لا ترهبك، وجلالي لا يثقل عليك». تذكّرنا هذه الكلمات بأن يد العدل الأبدي قد ثقلت على حامل الخطايا ـ الرب يسوع المسيح ـ عندما كان معلقًا على الصليب، حتى ترتفع إلى الأبد الدينونة عن كل خاطئ يحكم على ذاته. أرجوك أيها القارئ العزيز أن تلاحظ هذه الحقيقة: أن استقامة الإنسان هي في أن يعترف بأنه قد أخطأ. لقد وصل أيوب إلى هذا بعد مشقة، وهكذا وصل إلى نهاية نفسه، قائلاً: أنا مُذنب، واستفاد من وقفة أليهو أمامه. |
زيت الأرملة https://files.arabchurch.com/upload/i.../263018649.jpg فذهبت من عنده وأغلقت الباب على نفسها وعلى بنيها. فكانوا هم يقدمون لها الأوعية وهي تصب ( 2مل 4: 5 ) ما أجمل إيمان هذه الأرملة أن دهنة زيت تملأ كل هذا العدد من الأوعية الفارغة، ولكنه ما أجمل طاعتها؛ تلك الطاعة التي لا تتساءل بل تُسرّ بأن تعمل. ما أكثر ما نتساءل: كيف؟ لماذا؟ أَ لم يتساءل زكريا فظل صامتًا إلى يوم ميلاد يوحنا ( لو 1: 18 )؟ ليُعطنا الرب أن نطيع بإيمان عندما يتحدث إلينا، وتظهر هذه الطاعة في إيماننا عندما نفعل ما يأمرنا به حتى لو كان الأمر غير طبيعي، أو حتى لو كان الأمر بإلقاء الشبكة في جانب السفينة الأيمن ( يو 21: 6 ) بالرغم أننا قد نكون رميناها كثيرًا في هذا الجانب ولم نجد شيئًا. ولكن أريد أن ألمس جانبًا آخر حلوًا في هذه المرأة، فقد رجعت إلى أليشع بعد أن أطاعت (ع7)، فقد تحقق ما قاله، ومع ذلك لم تشأ أن تفعل شيئًا آخر إلا بأمره هو، وكان نتيجة ذلك أنها تمتعت ليس فقط بنجاة أولادها، لكنها تمتعت أيضًا بالعيش لأيام قادمة بما تبقى. ونرى هنا اختلاف الأزمنة في ع7، فنرى الماضي والحاضر والمستقبل. الحاضر: «اذهبي بيعي الزيت»، وفيها نرى إعلان للمعجزة بالارتباط بالفترة الحاضرة، وفيها صورة لنا نحن الذين كنا تحت تأثير المرابي. لكننا الآن نعلن أن الله عمل بنعمته في حياتنا فأنقذنا من يد سالبنا. والماضي في عبارة «أوفي دينك». والدَين مرتبط بالماضي، وليس بالماضي فقط، بل بأبي الغلامين، وهكذا معنا. فنحن لم نفعل الخطية فقط، ولكن ورثنا الخطية الساكنة فينا من أبينا الأول ـ آدم ـ ولكن عمل النعمة يضمن إيفاء الدين. والمستقبل «وعيشي أنتِ وبنوكِ بما بقيَ». فلنا أيضًا أن نعيش بعد أن كنا أمواتًا ( 2كو 5: 15 )، نعيش بما تبقى. نعم فذات الشيء الذي وفىّ الدين، هو ذات الشيء الذي نكمل به مسيرتنا في العالم، بل هو ذات الشيء الذي سيوصلنا إلى بيت الآب لنعيش المستقبل المجيد، وأعني به النعمة. ليُعطنا الرب أن نتعلم هذا: أن نصرخ في كل ضيقنا، وننتظر عمل الرب بالنعمة، ثم نطيع في كل ما يأمر بدون تردد، وفي النهاية نختبر أن الله يصنع أكثر مما نطلب أو نفتكر. |
الشركة مع الله ومع القديسين https://files.arabchurch.com/upload/i.../782037151.jpg وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح ( 1يو 1: 3 ) الشركة في أسمى صورها هي وجود غرض مشترك مع الله، ومشاركة له في نصيب واحد. وهذا النصيب وذلك الغرض هو المسيح، المسيح موضوع سرور الله ولذته، نشبع به بالروح القدس. تلك هي الشركة مع الله نفسه. فيا له من امتياز، ويا له من شرف، ويا له من إنعام لا يُعبَّر عنه، بأن يُتاح لنا غرض مشترك ونصيب مشترك مع الله ذاته، فتكون مسرتنا هي نفس مسرته في ذلك الوحيد الذي في حضن الآب. إن حالتنا ستكون دون شك مختلفة كل الاختلاف عندما تُفدى أجسادنا ونُعطى أجسادًا مُمجدة، ولكن بما أن شركتنا حقيقية، فإنها كما هي الآن ستكون حينئذٍ ”مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح“ ـ في النور ـ وبقوة الروح القدس. هذه هي شركتنا مع الله، أما من حيث شركتنا مع بعضنا البعض، فإنها تتوقف على سلوكنا في النور «إن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض، ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية» ( 1يو 1: 7 ). فلا شركة لنا بعضنا مع بعض إلا إذا سلكنا في محضر الله المباشر. قد توجد صداقات بين الإخوة، دون أن تكون هناك الشركة المقدسة. إن الشركة المسيحية الحقة لا يمكن التمتع بها إلا في النور، فعندما نسير كأفراد برفقة الله وفي قوة الشركة الشخصية معه، تتيسَّر لنا الشركة بعضنا مع بعض، لأن تلك الشركة ما هي إلا التمتع المشترك لقلوب اتخذت المسيح غرضًا ونصيبًا واحدًا. فالشركة ليست معاملات جامدة تجردت من العاطفة، أو تبادلاً جافًا لبعض العواطف الشكلية نحو الذين يحسون بإحساسنا. كلا، إنها شيء يختلف اختلافًا بيِّنًا عن هذه جميعها. إنها المسرّة المشتركة والأفراح الشاملة في المسيح مع السالكين في النور. إنها التعلق والارتباط المشترك بشخص الرب وباسمه، وبكلمته وبأموره، وبشعبه، إنها التكريس المشترك للنفس والروح، لذاك الذي أحبنا وقد غسَّلنا من خطايانا بدمه، وأتى بنا إلى النور في محضر الله لنسير معه ومع بعضنا البعض. هذه وليس أقل منها هي الشركة المسيحية، وحينما ندرك الشركة في ضوء هذه الحقائق، فإن ذلك يقودنا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال: ”هل نحن في شركة مع المؤمنين، أم لا“؟ |
وقفات المسيح في حياته https://files.arabchurch.com/upload/i.../426877751.jpg هوذا واقفٌ وراء حائطنا، يتطلع من الكُوى، يوصوص من الشبابيك ( نش 2: 9 ) ما أروع أن نتطلع إلى ربنا وسيدنا في مسلَكه وفي وقوفه وفي جلوسه، سواء من الناحية السلبية أو الإيجابية. فمن الناحية السلبية يقدمه المزمور الأول كالرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار، ولم يقف في طريق الخطاة، ولم يجلس في مجلس المستهزئين. وأما من الناحية الإيجابية فهو ـ تبارك اسمه ـ الذي سلك ووقف وجلس، لأجل مجد الله، ولأجل خدمة وبركة الإنسان. أما عن وقفاته في حياته، فلنأخذ منها بعض الأمثلة ولنا فيها تعزية قوية، وتعاليم مفيدة، ونموذج نحتذي به: (1) وقوفه تقديرًا وحبًا لشريعة الله، عندما دخل مجمع الناصرة كعادته وقام (وقف) ليقرأ ( لو 4: 16 ). (2) وقوفه تقديرًا وحبًا لشعب الله إلى جانب تقديره لشريعة الله، فنراه «وإذ كان الجمع يزدحم عليه ليسمع كلمة الله، كان واقفًا عند بحيرة جنيسارت» ( لو 5: 1 ). (3) كان جالسًا ثم وقف بناءً على طلب مَنْ كانوا في بيت سمعان، وانتهر الحمى من حماة سمعان فتركتها ( لو 4: 38 ، 39)، من ثم يقول البشير: «وفي الحال قامت وصارت تخدمهم». (4) كان نائمًا ثم قام (وقف) بناءً على طلب مَن كانوا معه في السفينة «وانتهر الريح، وقال للبحر: اُسكت! ابكم! فسكنت الريح وصار هدوءٌ عظيمٌ» ( مر 4: 35 - 41). (5) كان سائرًا ثم وقف استجابة لصرخات بارتيماوس الأعمى الذي «انتهره كثيرون ليسكت فصرخ أكثر كثيرًا: يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع وأمر أن يُنادَى»، ومنحه البصر في الحال، فتبع يسوع في الطريق ( مر 10: 46 - 52). (6) وقف مناديًا الذين وصلوا لآخر يوم في آخر عيد ولا زالوا عطاشى، إذ الديانة الطقسية لم تروِ ظمأهم، لذا «وقف يسوع ونادى: إن عطش أحد فليُقبل إليَّ ويشرب. مَن آمن بي، كما قال الكتاب، تجري من بطنه أنهار ماء حي» ( يو 7: 37 - 39). فالذي يعطش يأتي إلى الرب فيرتوي، وإذ يؤمن به يُختم بالروح القدس الذي يروي النفس، ويملأها بالاكتفاء، إذ يأخذ مما للمسيح ويُخبرها، كما يقود للشهادة عن المسيح كأنهار الماء الحي. |
مكشوف أمام الله http://up3.up-images.com/up//uploads...58e77665d2.gif مع الرحيم تكون رحيمًا. مع الرجل الكامل تكون كاملاً. مع الطاهر تكون طاهرًا، ومع الأعوج تكون ملتويًا ( مز 18: 25 ، 26) هل تعلم يا عزيزي أن كل أمورك، كل أفكارك، كل مشاعرك، كل ما تُبطن وما تخفي مكشوف تمامًا أمام الله؟ هل تعلم أن دوافعك لخدمة الله، دوافعك لخدمة الآخرين، دوافعك للظهور بمظهر لائق، كلها وبدون استثناء مكشوفة ومعروفة لدى الله؟ ماذا تفعل يا عزيزي لو أن أمورك بجملتها كُشفت وعُريَّت أمام الناس، ولم يختفِ شيء منها على الإطلاق؟ ماذا كنت تفعل؟ .. أعتقد أنه لو حدث معي هذا الأمر لبحثت عن أبعد مخبأ، ولو كان قبرًا، لأختبئ فيه. هذا ما يحدث لو كُشفت أموري أمام الناس، فكم بالأحرى حين تُكشف أمام الله؟ حتى وإن كان الله عظيم الرحمة ورحمته بلا حدود، إلا أنه من المُسلَّم به أن الله له معاملات خاصة مع المؤمن، وأن «مَن يرحم الفقير يُرحم». هل تريد أن تختبر رحمة الله؟ درِّب نفسك على الرحمة، هذه الرحمة التي تنبع من القلب، ولا تبحث عمن يشاهدها ويمدحها. هل تريد أن تختبر كمال الله وصلاحه؟ دَرِّب نفسك على التقوى الحقيقية في السر وفي العَلَن. هل تريد أن تتمتع بحلاوة ونقاء قلب الله؟ دَرِّب نفسك على نقاء السريرة وصفائها، وإلا فأنت وحدك تتحمل تبعات إعوجاجك وعدم تقواك، فإنه يسلك معك بالإلتواء .. كيف؟ لا أعلم بالتحديد ولكن ما أعلمه يقينًا إنه يُجيزك في مواقف تصرخ فيها معترفًا بإعوجاجك وعدم أمانتك، كاشفًا أمامه كل ما بقلبك من رداءة وشر. أخي، ألا توفر على نفسك مشاق أو متاعب أو ربما أتون هذه المواقف؟ ألا تكشف الآن قلبك أمام الله طالبًا منه أن يُنقي قلبك ولسانك، ويُزيل منك العيوب، فتكون رحيمًا كاملاً، طاهرًا ومستقيمًا، فتختبر رحمته وكماله، ولطفه ونعمته. وتذكَّر ـ عزيزي ـ أن «الله لا يُشمَخ عليه. فإن الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا» ( غل 6: 7 ). |
الساعة الآن 08:16 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025