![]() |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف تعامل السيد المسيح مع عبد الماضي؟
فَدَنا إِليه تَلاميذُ يُوحنَّا وقالوا لَه ((لِماذا نَصومُ نَحنُ والفِرِّيسيُّون و تَلاميذُكَ لا يَصومون؟ (( فقالَ لَهم يسوع: ((أَيَسْتَطيعُ أَهْلُ العُرسِ أَن يَحزَنوا ما دامَالعَريسُ بَيْنَهُم؟ ولكِن سَتَأتي أَيَّامٌ فيها يُرفَعْ العَريسُ مِن بَيْنِهم،فَحينَئذٍ يَصومون. ما مِن أَحَدٍ يَجعَلُ في ثَوبٍ عَتيقٍ قِطعَةً مِن نَسيجٍ خام، لأَنَّها تأخُذُمِنَ الثَّوبِ على مِقْدارِها، فيَصيرُ الخَرقُ أَسوَأولا تُجعَلُ الخَمرَةُ الجَديدَةُ في زِقاقٍ عَتيقة، لِئَلاَّ تَنْشَقَّالزِّقاقُ فَتُراقَ الخَمرُ وتَتلَفَ الزِّقاق، بل تُجعَلُ الخَمرَةُ الجَديدَةُ فيزِقاقٍ جَديدة، فَتَسلَمُ جَميعاً (((مت 9: 14 – 17 ) من هو عبد الماضي ؟ هو نموذج لكل من يتخذ نفس موقف تلاميذ يوحنا في هذا النص (مت 9: 14 – 17 )، يسألون: لِماذا نَصومُ نَحنُ والفِرِّيسيُّون و تَلاميذُكَ لا يَصومون؟ نلاحظ ان سؤال عبدالماضيمبني على مقدمة وهي ممارسة الصوم من قبل تلاميذ يوحنا وايضا الفريسيين اما تلاميذ المسيح فلا؟ وهنا يظهر أن الأكثرية تصوم (نحن وهم) والاقلية (انتم) لا تصوم. حيث إنهم تلاميذ ، كان من المتوقع، ان يسألوا عن معنى الصوم وأسبابه وضرورته و ... الخ، مظهرين الرغبة في التعلم! ولكن السؤال هنا هو سؤال تبعية وليس سؤال تلمذة ! لقد تبع المسيح جماهير غفيرة وهتفوا له واعلنوه ملكا آلاف من البشر نالوا شفاءات ربوات الالوف شاهدوا المعجزات اوكانوا طرفا فيها ملايين سمعت تعاليم المسيح وفرحت بها ولكن فقط اثنى عشر تتلمذوا على يده ! فالتلمذه ليسوع المسيح تطلب اولا ان يتحرر التلميذ من تأثير العالم (الأغلبية أو رأي الأكثرية) وقوة دفع الزحام. المسيح معلم محرر للتلميذ الذي يقبل الحرية . في عالمنا المعاصر، هل هناك كثير من التابعين، أمثال عبد الماضي لم يختبروا حياة التلمذة على يد المعلم يسوع المسيح. اختاروا تجمعا من البشر وانضووا فيه ليشعروا انهم فقط (كاخرين) ليسوا غرباء عن العالم ! اصبحوا حناجر بلا أصوات. فهذا النوع من التبعية تفرض خوف من الناس لا من الله!! فهي تستمد الايمان من خضوع الاكثرية (القطيع ). كلما ازداد عدد الاتباع ازدادت قدرتها على ترسّخ قيم اللاتجديد وعلى تكرّس الاستلاب الكامل للذات. تتوتر امام الازمات التي تظهر نقصا او ضعفا في جماعته. تتخلى عن قيمها وتتبنى ما تحولت الاكثرية اليه. ادعوكم لنتعرف على السيرة الذاتية (CV) للاخ عبد الماضي : 1. باحث جاد عن الأمان في دروب السلف الصالح ! 2. خبير في اجترار معارف السابقين وترديد اقاويل قادة القطيع الحاليين وسبغها بطابع الحكمة. 3. نتيجة خبرته الطويلة في الاجترار لم تعد له مطالب بل لديه حالة اكتفاء. 4. مهارة عالية في صياغة الشعارات وإطلاق صفات مطلقة على المعرفة المجترة. 5. توقف النمو المعرفي عنده فمن السهل استخدامه. 6. قابليته عالية على تشرّب كل ما يمجد الماضي ويلعن الحاضر . 7. لديه حنجرة قوية نقية تساعده على ترديد الاصوت. 8. وان بدى في ريعان الشباب ستتأكد من اول لقاء ان عمره 40 قرنا من الزمان. 9. مارس عملية إخصاء الذات ففقد القدرة على الإنجاب (الابداع) . 10. يفضل مساكن الايواء ليسكن في ظل قصور بناها الأجداد. 11. مهمته مقدسة : حراسة فكر الأجداد!! 12. يتمسك بالشكليات ليضمن دوام على عضويته في القطيع. 13. عمل كمحرر لجريدة (أغاني الاطلال) لعقود من الزمان 14. مؤلف كلمات الاغنية الشهيرة: "أنت مخطئة لذا انا مصيبة" 15. القدرة العالية على زراعة وهم التميّز الفكري في عقول الجهلاء. أما كيف تعامل المسيح مع التابعين؟ - استدعاءالوعي : استدعى يسوع الوعي عندهم ((فقالَ لَهم يسوع: أَيَسْتَطيعُ أَهْلُ العُرسِ أَن يَحزَنوا ما دامَالعَريسُ بَيْنَهُم؟ ولكِن سَتَأتي أَيَّامٌ فيها يُرفَعْ العَريسُ مِن بَيْنِهم،فَحينَئذٍ يَصومون)) - تربيةالوعي: دعاهم الي ترك القديم للقدماء وعليهم ان يتعاملوا مع العهد الجديد بلغة جديدة. فقال (( ما مِن أَحَدٍ يَجعَلُ في ثَوبٍ عَتيقٍ قِطعَةً مِن نَسيجٍ خام، لأَنَّها تأخُذُمِنَ الثَّوبِ على مِقْدارِها، فيَصيرُ الخَرقُ أَسوَأولا تُجعَلُ الخَمرَةُ الجَديدَةُ في زِقاقٍ عَتيقة، لِئَلاَّ تَنْشَقَّالزِّقاقُ فَتُراقَ الخَمرُ وتَتلَفَ الزِّقاق، بل تُجعَلُ الخَمرَةُ الجَديدَةُ فيزِقاقٍ جَديدة، فَتَسلَمُ جَميعاً)) ضاربا مقارنة بين القديم والجديد ، القديم: التبعية (الانقياد الاعمى للماضي) والجديد: التلمذة ليسوع (القدرة الخلاصية المحررة) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف تعامل المسيح مع من يعتقدون انهم حراس العقيدة http://www.coptcatholic.net/thumb.ph...52711233b7.jpg كيف تعامل السيد المسيح مع المختلفين معه؟ دراسة في انجيل متى (كيف تعامل المسيح مع من يعتقدون انهم حراس العقيدة) قالوا في انفسهم هذا يجدف اصدروا حكما شرعيا فبحسب شريعة اليهود الله وحده يغفر الخطايا، ويسوع ياخذ صفة الله لنعد الى الحدث نفسه ، ماذا رأى يسوع وماذا رأى المختلفون معه (حراس العقيدة ) رأى يسوع - رأى أيمان اصدقاء المفلوج - رأى الانسان - رأى رجاءا في عيني المفلوج - رأى نفسا مريضة تحتاج غفرانا - رأى جسدا واهيا ذليلا من وطأة المرض - رأى ما يدور في قلوب حراس العقيدة رأى المختلفون - لم يروا ما سبق ورأه يسوع - رأوا الشريعة راوا انه يخالف العقيدة الصحيحة - راوا يساوي نفسه بالله كيف تعامل السيد المسيح له كل المجد مع حراس العقيدة لانه باعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر امامه.لان بالناموس معرفةالخطية رو 3 : 20 اولا تممّ ما يراه برًّا، لم يخف من الناس ولا سيما من يدعون انهم حراس العقيدة حماة الشريعة محامو الله ثانيا لم يتجاهلهم، بسؤاله (أيهما ايسر ان يقال...) حاول تحريرهم مما هو مسيطر عليهم (فان الخطية لن تسودكم لانكم لستم تحت الناموس بل تحتالنعمة......) رو 6 :14 والآن أخي الحبيب هل انت ممن يدعون انفسهم حراس العقيدة ؟ في حياتك اليومية وسهرك على العقيدة ماذا ترى ؟ أترى ما رأه يسوع ام ما يراه حراس العقيدة؟ يقول القديس يوحنا ان الشريعة عن يد موسى اعطيت اما النعمة والحق فعن يد يسوع المسيح صارا يسوع حول المرض الى شفاء ، الضعف الى قوة ، القلق الي ثقة أما حراس العقيدة هنا فقد حولوا المعجزة التي مجدت الى تجديف على الله كم من العثرات في تاريخ جماعة المؤمنين كان مصدرها حراسة العقيدة بعيدا عن المسيح؟ طبعا لانقصد هنا إهمال حفظ وديعة الإيمان المسلمة لنا ، بل نعني هذه الفئة من الناس التي تشابه الكتبة في نقدهم ليسوع هؤلاء الذين تركوا النعمة والحق هبة المسيح لابناء العهد الجديد ، وتمسكوا بحراسة شريعة موسى وهم ابعد ما يكون عن فهمها . احيانا اعوق عمل الخير لنقص في محبتي متخفيا وراء الشريعة التي هي عبدة وخادمة للإنسان او وراء كبرياء شخصية او عادة اجتماعية. موقف يسوع لم يهمتم إلا بالإنسان نفسا( غفران ) وجسدا ( قم ) لم يغرق معهم في مجادلات وفلسفات ولم يتباهى بكم المعرفة او بمقدار التزامه بالشريعة. http://www.coptcatholic.net/images/pic_63.jpghttp://www.coptcatholic.net/images/pic_64.jpg |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف تعامل السيد المسيح مع المُشتت مقدمةhttp://www.coptcatholic.net/thumb.ph...c53c774552.jpg دراسة في انجيل متى ( 17 ) وبَينَما هو يُكَلِّمُ الجُموع، إِذا أُمُّه وإِخوَتُه قد وَقَفوا في خارِجِ الدَّارِ يُريدونَ أَن يَكَلِّموه، فقالَ لَهبَعضُهم: ((إِنَّ أُمَّكَ وإِخوتَكَ واقِفونَ في خارِجِ الدَّارِ يُريدونَ أَن يُكلِّموكَ)). فأَجابَ الَّذي قالَ لَه ذلك: ((مَن أُمِّي ومَن إِخوَتي؟)) ثُمَّ أَشارَ بِيَدِه إِلى تَلاميذِه وقال: ((هؤلاءِ هم أُمِّي وإِخوَتي. لأَنَّ مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ أَبي الَّذي في السَّمَوات هو أَخي وأُختي وأُمِّي)).( مت 12: 46 – 50 ) وبَينَما هو يُكَلِّمُ الجُموع الآن وقت التعليم، زمن بناء الملكوت. ملكوت مركزه محبة المسيح والاصغاء له. ترمز الدار هنا إلى الكنيسة محل التعليم. التي ستبقى محل إقامة وإلتقاء العائلة الروحية التي اتت لتصغي إلى تعاليم وحكمة الآب السماوي! فأحيانا يدعوني المشتت إلى خارج الدار لسبب ما يجعله في نظري مقبولا ، كي اترك الداخل وانشغل بما أو بمَنْ في الخارج! بينما يسوع يعلم كلمة الله ويعلن للخلق بشارة السماء ومحبة الآب لهم وتبنيه للإنسان ، جاء المشتت قائلا« إِنَّ أُمَّكَ وإِخوتَكَ واقِفونَ في خارِجِ الدَّارِ يُريدونَ أَن يُكلِّموكَ». بمعنى توقف عما تفعله هناك أمرا طارئ ، أمر يخصك ويخص حياتك الشخصية والعائلية ، فهم ايضا لهم حقوق عليك !! أساليب وحيل المشتت 1. يذكّر بالمسؤوليات التي تخدم أغراضه هو أن المشتت جاء ليخبر يسوع أن أُمَّه وإِخوتَه واقِفونَ في خارِجِ الدَّارِ يُريدونَ أَن يُكلِّموه. بما انهم أمه واخوته فلهم حقوق عليه. 2. يحذر من العواقب احذر اللعنة فالكتاب يقول « مَلْعونٌ المُحتَقِرُ أَباه وأُمَّه» (تث-27-16 ) 3. ينصح بما يبدو انه لائق فليس من اللائق ان تترك أسرتك تنتظر! فالوصية تقول: «: أَكرِمْ أَباكَ وأُمَّكَ، لِكَي تَطولَ الأَمُكَ في الأَرضِ التَّي يُعطيكَ الرَّبُّ إِلهُك إيَاها.» خر-20-12 4. يحسن استثمار بعض المشاعر ربما يريدونك في أمر ما جسيم ؟ هب لهم بعض الوقت ... فالكتاب يقول «وكَلَّمَ الرَّبُّ موسى قائلاً: مُرْ كُلَّ جَماعةِ بَني إِسْرائيلَ وقُلْ لَهم: كونوا قِدِّيسين، لأَنِّي أَنا الرَّبَّ إِلهَكم قُدُّوس. لِيَهَبْ كُلُّ إِنْسانٍ أُمَّه وأَباه. وآحفَظوا سُبوتي: أَنا الرَّبُّ إِلهُكم.» لا19: 1- 3 5. يصنع المقارنات ها انك ترى أن الشريعة تضع حفظ السبوت على مستوى إكرام الوالدين !! 6. يلعب بالزمن نصيحة المشتت واجبة الآن، أما ما هو غيرها فالعمر طويل لاتمامها ، فيحث المشتت يسوع قائلا: هلّم إليهم إنهم خارج الدار ينتظرونك! اترك الخدمة والتعليم لبعض الوقت ولا تحتقر أمك « الاْبنُ الحَكيمُ يُفَرَحُ أَباه والجاهِلُ مِنَ البَشَرِ يَستَهينُ بِأُمَه » ام-15-20 . 7. يظهر شفقة مغرضة يا معلم لا تتعب أمك « مَن أَطاعَ الرَّبَّ أَراح أُمَّه » (سي-3-6) هدف المشتت: ان نترك إعلان ملكوت الله: بان يقطع الاتصال مع الله (الصلاة) فيعرقل مسيرة نمو ملكوت الله ( ان يتوقف تعليم كلمة الله). كيف تعامل السيد المسيح مع « المُشتّت » 1- يسوع يحرر من هموم العيلة اذا أعاقت الخلاص أحيانا تشكل علاقاتنا الأسرية والعاطفية عائقا يعوق أعلان البشارة أو الاستماع إليها والعمل بها«وقالَ لَه آخَرُ مِنَ التَّلاميذ: يا رَبّ، إِيذَنْ لي أَن أَمْضِيَ أَوَّلاً فَأَدْفِنَ أَبي.فقالَ لَه يسوع: اِتْبَعْني وَدَعِ المَوتى يَدفِنونَ مَوْتاهم ». مت-8: 21- 22 « وقالوا: أَليسَ هذا يسوعَ ابنَ يُوسُف، ونَحنُ نَعرِفُ أَباهُ وأُمَّه ؟ فكَيفَ يَقولُ الآن: إِنِّي نَزَلتُ مِنَ السَّماء ؟» يو6: 42 2- يسوع يؤكد أن القرابة الدموية تضعف وتنتهي فأَجابَ يسوع الَّذي قالَ لَه ذلك: ((مَن أُمِّي ومَن إِخوَتي؟ )) ان يتسع مفهوم الأسرة مع باكورة العهد الجديد ، فنجد يوحنا السابق يستنكر القرابةالدموية كمبرر الذي أتى ممهدا للعهد الجيد قائلا لليهود «ولا يَخطُرْ لَكم أَن تُعلِّلوا النَّفْسَ فتَقولوا :إِنَّ أبانا هوَ إِبراهيم . فإِنَّي أَقولُ لَكم إِنَّ اللهَ قادِرٌ على أَن يُخرِجَ مِن هذهِ الحِجارةِ أَبناءً لإِبراهيم». مت-3-9 3- يسوع يعلن ميلاد الاسرة الروحية نعم، لقد اعلن يسوع ابوة الله الآب لجميع البشر ، فأعلن ضمنا ميلاد الاسرة الروحية · تفوق قرابة الأسرة الدموية، إنها لا تعني خسارة الأهل بل ربح وانفتاح على اسرة أكبر أسرة بلا حدود « فقالَ لَه بُطرس: ها قد تَرَكْنا نَحنُ كُلَّ شيءٍ وتَبِعناك، فماذا يكونُ مَصيرُنا ؟ فقالَ لهم يسوع: ((... وكُلُّ مَن ترَكَ بُيوتاً أَو إِخوةً أَو أَخواتٍ أَو أَباً أَو أُمّاً أَو بَنينَ أَو حُقولاً لأَجلِ اسْمي، يَنالُ مِائةَ ضِعْفٍ ويَرِثُ الحَياةَ الأَبَدِيَّة.» مت 17 : 27 – 29 · أدرك التلاميذ هذا المفهوم فيروي لنا القديس متى «ثُمَّ مَضى في طَريقِه فرأَى أخَوَيْنِ آخَرَيْن، هُما يَعْقُوبُ بنُ زَبَدَى ويُوحَنَّا أَخوهُ، معَ أَبيهِمَا زَبَدى في السَّفينَةِ يُصلِحانِ شِباكَهما، فدَعاهما فَتَركا السَّفينَةَ وأَباهُما مِن ذلك الحينِ وتَبِعاه.» مت4: 21 – 22 · هذه القرابة يجمعها لا الدم ولا اللون ، ولا اللغة ولا الثقافة ، بل يجمعها آب واحد « وأَكونُ لَكم أَبًا وتَكونونَ لي بَنينَ وبَنات ، يَقولُ الرَّبُّ القَدير »2كور-6-18 · يكون الشغل الشاغل للابناء هو العمل بمشيئة الآب السماوي«ثُمَّ أَشارَ بِيَدِه إِلى تَلاميذِه وقال: ((هؤلاءِ هم أُمِّي وإِخوَتي. لأَنَّ مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ أَبي الَّذي في السَّمَوات هو أَخي وأُختي وأُمِّي» فيسوع نفسه الابن البكر في هذه الاسرة قال إن « طَعامي أَن أَعمَلَ بِمَشيئَةِ الَّذي أَرسَلَني وأَن أُتِمَّ عَمَلَه.» يو4: 34 · تبقى القرابةالروحية إلى الابد « العالَمُ يَزولُ هو وشَهَواتُه. أَمَّا مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ الله فإِنَّه يَبْقى مَدى الأبد» . 1يو-2-17 نلاحظ : يذهب يسوع إلى صلب الموضوع، فيسال: من هم أمي وأخوتي ؟ ثُمَّ أَشارَ بِيَدِه إِلى تَلاميذِه وقال: ((هؤلاءِ هم أُمِّي وإِخوَتي. لأَنَّ مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ أَبي الَّذي في السَّمَوات هو أَخي وأُختي وأُمِّي )). ( مت 12: 50 ) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف تعامل السيد المسيح مع المختلفين معه؟ دراسة في انجيل متى « وكَلَّمَه بَعضُ الكَتَبَةِ و الفِرِّيسيِّينَ فقالوا: "يا مُعلِّم، نُريدُ أَن نَرى مِنكَ آية ". فأَجابهم: "جِيلٌ فاسِدٌ فاسِقٌ يُطالِبُ بِآية، ولَن يُعْطى سِوى آيةِ النَّبِيِّ يونان. فكما بَقِيَ يُونانُ في بَطنِ الحُوتِ ثَلاثةَ أَيَّامٍ وثلاثَ لَيال، فكذلكَ يَبقى ابنُ الإِنسانِ في جَوفِ الأَرضِ ثَلاثةَ أَيَّامٍ وثلاثَ لَيال. رِجالُ نِينَوى يَقومونَ يَومَ الدَّينونةِ معَ هذا الجيلِ ويَحكُمونَ عليه، لأَنَّهم تابوا بِإِنذارِ يُونان، وههُنا أَعظَمُ مِن يُونان. مَلِكّةُ التَّيمَنِ تقومُ يَومَ الدَّينونةِ مع هذا الجِيلِ وتَحكُمُ علَيه، لأَنَّها جاءَت مِن أَقاصي الأَرضِ لِتَسمَعَ حِكمةَ سُلَيمان، وهَهُنا أَعظَمُ مِن سُلَيمان» (مت12: 38- 42) "يا مُعلِّم، نُريدُ أَن نَرى مِنكَ آية " قد تبدو وكأنها فرصة ليسوع ، فإذا استعرض أمامهم قوته وصنع معجزة ربما كسبهم أعضاءً في فرقته أو اتباعا لحزبه! انه مطلب يبدو بديهيا : نحتاج إلى دليل لنصدقك! كيف نتبعك بلا دليل أو معجزة نريد أمرا مبهرا ؟ نريد منك فعلا يفوق القدرة البشرية كي نتأكد انك مرسل من السماء !! ما اشبه هذا الطلب بطلب الشيطان عندما جرب يسوع فمَضى بِه إِلى المدينَةِ المُقدَّسة وأَقامَه على شُرفَةِ الهَيكل، « وقالَ لَه: إِن كُنتَ ابنَ الله فأَلقِ بِنَفسِكَ إِلى الأَسفَل، لأَنَّه مَكتوب: يُوصي مَلائكتَه بِكَ فعلى أَيديهم يَحمِلونَكَ لِئَلاَّ تَصدِمَ بِحَجرٍ رِجلَكَ. » مت-4:5- 6. استعرض قوتك وقدراتك حتى نتأكد انك ابن الله ... ورفض المسيح هذا التحريض فقالَ له «مَكتوبٌ أَيضاً: لا تُجَرِّبَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ ». مت-4: 7 فقد جاءالمسيح ليصنع مشيئة الآب لا لكي يطيع الشيطان . جاء المسيح مهموما بمنح الناس الخلاص من الأنانية وحب النفس وحب السلطة والتسلط ، جاء المسيح ليحررهم بالحب ويفديهم ببذل الذات والخدمة، لا باستعراض العضلات اوالتباهي بالقدرات! او اعتلاء المناصب . ويذكر لنا الكتاب في سفر ملوك الثاني انه عندما قدمت حملةأنطيوخس الخامس وليسيّاس للاستيلاء على يهوذا « آنضَمَّ إِلَيهمِ مَنَلاوُس، وجَعَلَ يُحَرِّضُ أَنْطِيوخُسَ بِكُلِّ نوعٍ مِنَ الحِيَل، غَيرَ مُبالٍ بِخَلاصِ وَطَنِه، بل ساعِياً لِأَن يُعادَ إِلى مَنصِبِه»( 2مك13: 3 ) إنه تحريض لا يدفع الى مجد الله بل الى أغراض شخصية بخسة. لقد عاد الشيطان ليجرب المسيح من جديد في ثوب الفريسيين والكتبة ، كما انه لا زال يجرب العالم ويجربك انت شخصيا عزيزي القارئ على مستوى الجماعة إنه يسأل على لسان الكثيرين : لو كنتم على حق ارفعوا الشر من العالم ؟ لو كان الخلاص قد تم لما كل هذا الألم والتسلط والنزاعات والحروب؟ لو كان لكم ايمان حقا لم لا تحولون الحجارة الى خبز فنشبع الجياع في العالم ؟ لو انتم اتباع الرب الشافي حقا فاين انتم من الامراض القاتلة الايدز ، السرطان .. الخ ؟ نريد ان نرى ايه من المسيحيين؟ على المستوى الفرد ماذا افعل عندما يحرضني أحد للقيام بعمل لا يهدف إلي مجد الله ؟ هل انزلق في هذه التجربة التى تستنفر خطيئة الكبرياء الكامنة فيّ و في كل النوع البشري؟ هناك نوعان من التحريض: 1- تحريض مبارك وهو تكليف من الله القدير للإنسان نتائجه مشاركة الكثيرين من الميراث الأبدي 2- تحريض ملعون وهو تكليف من بني البشر للإنسان نتائجه حرمان الكثيرين من الميراث الأبدي وقد ذكر الكتاب المقدس النوعين في سفر صموائيل الأول على لسان داوود في حواره مع الملك شاول :«فلْيَسمع الآنَ سَيِّديَ المَلِكُ كَلامَ عَبدِه: إِن كانَ الرَّبُّ هو الَّذي حرَضَكَ علَيَّ، فليَتَنَسَّمْ رائِحَةَ تَقدِمة، وإِن كانَ بَنو البَشَر، فهُم مَلْعونونَ أَمامَ الرَّبّ، لأَنَّهم نَفَوني اليَومَ مِنَ الاشتِراكِ في ميراثِ الرَّبِّ قائلين: اِذهَبْ فاعبُدْ آِلهَةً أُخْرى » . صم-26-19: جميع الناس في جميع الأجيال مجربون في هذا الأمر، أمر استعراض المواهب الشخصية والقدرات الفائقة وكأنها من جهدهم نالوها وليست معطاة لهم ! فنسمع من يفتخر بأن هذا الخادم معضد من الله يجترح المعجزات ويخرج الشياطين او يتكلم بالألسنة ! وهذه الكنيسة تعج بالقديسين وتلك أصابها فقر القداسة !!! والسؤال هنا لماذا رفض المسيح ان يعطهم آية ؟ لان الآية الوحيدة والعجيبة والأكثر صعوبة وهي في نفس الوقت متاحة للجميع هي معجزة الحب ! الله محبة ومن يؤمن به يمكنة ان يعلن عن هذه المعجزة في كل وقت وفي كل آن ومع كل شخص حتى الأعداء . كشف الوحي الالهي لبولس الرسول عن عظم هذه المعجزة المحيية للروح والمحررة للآخر فنسمعة يقول : « لو تَكَلَّمتُ بلُغاتِ النَّاسِ والمَلائِكة، ولَم تَكُنْ لِيَ المَحبَّة، فما أَنا إِلاَّ نُحاسٌ يَطِنُّ أَو صَنْجٌ يَرِنّ.ولَو كانَت لي مَوهِبةُ النُّبُوءَة وكُنتُ عالِمًا بِجَميعِ الأَسرارِ وبالمَعرِفَةِ كُلِّها، ولَو كانَ لِيَ الإِيمانُ الكامِلُ فأَنقُلَ الجِبال، ولَم تَكُنْ لِيَ المَحبَّة، فما أَنا بِشَيء. ولَو فَرَّقتُ جَميعَ أَموالي لإِِطعامِ المَساكين، ولَو أَسلَمتُ جَسَدي لِيُحرَق, ولَم تَكُنْ لِيَ المَحبَّة، فما يُجْديني ذلكَ نَفْعًا. 1كور-13: 1 – 3 كيف تعامل السيد المسيح مع « المحرِّض » لم يعطهم يسوع آية كي يستعرض متجاوبا مع استفزازهم وتحريضهم ، بل ليمكنهم هم عينهم من اجتراح اعظم المعجزات ( المحبة) أعطاهم منهجا من خطوتين : 1- التوبة «رِجالُ نِينَوى يَقومونَ يَومَ الدَّينونةِ معَ هذا الجيلِ ويَحكُمونَ عليه، لأَنَّهم تابوا بِإِنذارِ يُونان» فلا محبة حقيقية بلا توبة ، والتوبة لا تتطلب رؤية الخوارق والمعجزات بل تطلب انفتاح القلب على الله ، ومراجعة الطريق الذي اسلكه في الحياة، إلى أين انا ذاهب وأي طريق اسلك؟ 2- طلب حكمة الله «مَلِكّةُ التَّيمَنِ تقومُ يَومَ الدَّينونةِ مع هذا الجِيلِ وتَحكُمُ علَيه، لأَنَّها جاءَت مِن أَقاصي الأَرضِ لِتَسمَعَ حِكمةَ سُلَيمان، وهَهُنا أَعظَمُ مِن سُلَيمان» أحبائي لنهرب من حب التظاهر والتكلف والتباهي وتعاظم المعيشة والافتخار الباطل فلا ننعطين الشيطان فرصة كي يدفعنا للسقوط في هذا الفخ المميت؟ |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكل بيعمل ثورة قلت أنا أعمل ثورة كمان ..!!
https://lh4.googleusercontent.com/-h...%25D8%25A7.jpg الكل بيعمل ثورة قلت أنا أعمل ثورة كمان يعني جات عليا ولاعلشان أنا غلبان روحت قوام عند كنيستي كنيسة الحنان أيوه !! أنا قلت أعمل ثورة للديان وعملت لافتة ..قلت أعمل ذي الثورة زمان وكتبت عليها الشعب يريد أسقاط الشيطان وعملت كمان لافتة وقلت أنا من غيرك يايسوع تعبان وطلبت منه يبعد عني أي أمر شرير وكمان أحزان وقلت هعمل أعتصام ..!! لحد ماأنال من حبيبي الغفران تحب تشترك معايا في ثورة أسقاط الشيطان ؟؟؟؟ طب قوم بسرعة وتعالي أطلب من ربك الغفران لانك مش عارف أمتي هييجي العريس ذي العذارا الجاهلات زمان منقول |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف تعامل السيد المسيح مع ناصب الفخّ
http://www.coptcatholic.net/thumb.ph...aa87ff0125.jpg كيف تعامل السيد المسيح مع المختلفين معه؟ دراسة في انجيل متى ( 15 ) فسأَلوه . . . ومُرادُهم أَن يَشكوه وذَهَبَ مِن هُناكَ فدَخَلَ مَجمَعَهم. فإِذا رَجُلٌ يَدُه شَلاَّء، فسأَلوه: ((أَيَحِلُّ الشِّفاءُ في السَّبْت؟ ))ومُرادُهم أَن يَشكوه. فقالَ لهم: ((مَن مِنكُم، إِذا لم يَكُنْ لَه إِلاَّ خَروفٌ واحدٌ ووقَعَ في حُفرَةٍ يومَ السَّبْت، لا يُمسِكُه فيُخرِجُه؟ وكمِ الإِنسانُ أَفضَلُ مِنَ الخَروف! لِذلكَ يَحِلُّ فِعلُ الخَيرِ في السَّبْت )). ثُمَّ قالَ لِلرَّجُل: ((أُمدُدْ يَدَكَ )) فمَدَّها فعادت صَحيحةً كالأُخرى. فخَرجَ الفِرِّيسيّونَ يَتآمرونَ عليه لِيُهلِكوه. عَلِمَ يسوع فَانصرَفَ مِن هناك، وتَبِعَه خَلْقٌ كثير فشَفاهُم جَميعاً نَهاهم عَن كَشْفِ أَمْرِه ليَتِمَّ ما قيلَ على لِسانِ النَّبِيِّ أَشَعْيا: هُوَذا عَبْدِيَ الَّذي اختَرتُه حَبيبيَ الَّذي عَنهُ رَضِيت. سَأَجعَلُ رُوحي علَيه فيُبَشِّرُ الأُمَمَ بِالحَقّ. لن يُخاصِمَ ولن يَصيح ولَن يَسمَعَ أَحدٌ صوتَهُ في السَّاحات. القَصَبةُ المَرضوضَةُ لن يَكسِرَها والفَتيلةُ المُدَخِّنةُ لن يُطفِئَها حتى يَسيرَ بِالحَقِّ إِلى النَّصْر. في اسمِه تَجعَلُ الأُمَمُ رجاءَها» (مت 12: 9- 21 ). فسأَلوهومُرادُهم أَن يَشكوه إنه سؤال مفخخ، سؤال من نوع « الأسئلة الموجهة» بغرض إيقاع المجيب في فخ قد سبق نصبه ، وناصب الفخاخ موجود على مر الاجيال، فنسمع كاتب المزمور يستنجد بالله من أولئك :«إِحفَظْني مِن قَبضَةِ الفَخِّ الَّذي نَصَبوه لي ومِن شِباكِ فَعَلَةِ الاَثام » (مز:141-9). يرتكز الفخ على قيم سلبية : الحاق الضرر بالآخر، إحراجه: «الَّذينَ يُجَرِّمونَ الإِنْسانَ بسَبَبِ كَلِمَة ويَنصِبونَ الفَخَّ لِمَن يَحكُمُ عِندَ الباب ويَستَميلونَ البارَّ بِأَباطيلِهم» (اش:29- 21 ). فسأَلوا السيد المسيح:« أَيَحِلُّ الشِّفاءُ في السَّبْت؟» رغبة فيإظهار عجزه أمام الجمهوروأعلان عدم احترامه للمقدسات (السبت)، وتقويض حريته، تحديه ... الى اخره من قيم الصراع غير النافع الذي لا يَخدِمُ تَدبيرَ الله المَبنيَ على الإيمانِ. يحث بولس الرسول تلميذه أن يعلم الناس ألاّ يقعوا في هذا الفخ: «ولا يُصغوا إلى الخُرافاتِ وذِكرِ الأنسابِ الّتي لا نِهايةَ لها، فهذا يُثيرُ المُجادَلاتِ ولا يَخدِمُ تَدبيرَ الله المَبنيَ على الإيمانِ» (1تم-1: 4). مَن يضع ثقته في الرب لايخاف هذه الفخاخ « لأَنَّ الرَّبَّ يَكوَنُ لَكَ سَنَدًا ويَحفَظُ رِجلَكَ مِنَ الفَخّ » (ام:3-26 ).أما من يضع ثقته في حكمته او معرفته بالشريعة فقط فإنه معرّض للسقوط في فخ المجادلات العقيمة:«ذَكِّرْهُم بذلِكَ وناشِدْهُم أمامَ اللهِ أنْ لا يَدخُلوا في المُجادَلاتِ العَقيمَةِ، لأنَّها لا تَصلُحُ إلاَّ لِخَرابِ الّذينَ يَسمَعونَها»(2تم: 2: 14). ينصب الصياد الفخ بشكل إحترافي ، فيجتهد ويبتكر سبلا تساعده على خداع الفريسة فلا تدري إلى اين هي ذاهبة إلا عندما تكون بالفعل قد سقطت في الفخ. يتوقف نجاح الفخ في مهمته على مهارة الصياد في اعداد الفخ من ناحية وعلى مدى سذاجة الفريسة المبتغاة من ناحية أخرى. كيف تعامل السيد المسيح مع ناصب الفخاخ تحزن نفوسنا عندما نواجه أشخاصا خبثاء يبغون الشر لنا وينصبون الفخاخ للإيقاع بنا فيغتم قلبنا، يقول الكتاب المقدس: « القَلبُ الخَبيثُ يسبب الغَمّ» (سي36: 20 )ولكن هناك سبيل للخلاص من فخ هذا الخبيث: « ولكنَّ الرَّجُل الخَبيرَ يَعرفُ كَيفَ يعَامُلُه » (سي36: 20 ).وما من خبير بأحوال وطباع البشر مثل يسوع ليعلمنا كيف نتعامل مع ناصبي الفخاخ. لنتأمل كيف تعامل السيد المسيح مع ناصب الفخاخ: 1- سؤال بسؤالمن اجل اعلان الحق لا من اجل الجدل يسوع مقدم على شفاء ذي اليد الشلاء، فبدأ ناصبوا الفخ في العمل على دفع يسوع للسقوط في فخهم ، طرحوا سؤالا منتظرين اجابة، فهو المعلم والمفترض انه يعرف !!ولكن المدهش ان يسوع لم يعط الاجابة مباشرة !! فقالَ لهم مستنكرا :« مَن مِنكُم، إِذا لم يَكُنْ لَه إِلاَّ خَروفٌ واحدٌ ووقَعَ في حُفرَةٍ يومَ السَّبْت، لا يُمسِكُه فيُخرِجُه؟» ومن الواضح من طريقة طرح السؤال أن الجاري هو انقاذ الخروف يوم السبت! 2- مقارنة سلوك بسلوك لذا أكمل المسيح في مقارنة بين انقاذهم للخروف وإنقاذه للإنسان المريض الذي سقط في حفرة المرض. « وكمِ الإِنسانُ أَفضَلُ مِنَ الخَروف! » 3- إعلان المبدأ : فعل الخير واجب دائما «لِذلكَ يَحِلُّ فِعلُ الخَيرِ في السَّبْت» 4- اتمام الخير «ثُمَّ قالَ لِلرَّجُل: "أُمدُدْ يَدَكَ " فمَدَّها فعادت صَحيحةً كالأُخرى.» ينتقل المسيح من الشرح والمقارنة النظرية الى مساحة العمل (عمل الخير) فلم يسقط المسيح في فخ المجادلات ولم ينتظر منهم قبولا او رفضا لما سيقوم به، ففي ذلك السقوط عينه. لأنهم ليسوا المشرعين ولأن المسيح لن يتناسي ولن يتجاهل للانسان المريض وهو الأهم . وفأمر الرجل المريض هذا الأمر المحرر:«ثُمَّ قالَ لِلرَّجُل: أُمدُدْ يَدَكَ» وكأنه يقول قدم لي ضعفك فاحوله الى قوة،فكسر يسوع الفخ « نَجَت نُفوسُنا مِثلَ العُصْفور مِن فَخِّ الصَّيَّادين. الفَخُّ اْنكَسَرَ ونَحنُ نَجَونا » (مز:124-7). 5- ترك مكان المجادلات «عَلِمَ يسوع فَانصرَفَ مِن هناك،... وتَبِعَه خَلْقٌ كثير فشَفاهُم جَميعاً» إن إعداد الفخ لسقوط اللآخر، أو السماح للنفس بالسقوط فيه أمر لايليق بالمسيحيين ، فقد جاء المسيح ليحررنا من كل ذلك « فنَحنُ أيضًا كُنّا فيما مَضى أغبِياءَ مُتَمَرِّدينَ ضالِّينَ، عَبيدًا لِلشَّهَواتِ ولِجميعِ أنواعِ المَلَذّاتِ، نَعيشُ في الخُبثِ والحَسَدِ، مَكروهينَ يُبغِضُ بَعضُنا بَعضًا. فلمَّا ظهَرَ حَنانُ اللهِ مُخلِّصِنا ومَحَبَّتُهُ لِلبَشَرِ» (تي3:3-4). في تاريخ الجماعة المسيحية كم من أعمال خيّرة توقفت بسبب هذه المجادلات العقيمة وسقط كثيرون في فخ الشيطان ؟ كم من جماعة انقسمت فانشغلت عن فعل الخير باثبات الذات او والتشكيك في المبادرات الخيرة الأن الفاعل من خارجها؟ وكم من جماعة بات بعض من أعضائها منعكفا على دراسة التاريخ والأنبياء وأقوال الآباء ليخرج لجماعته (ومن ثَمّ لنفسه ) مجدا باهتا هزيلا ؟؟ فلا مجد حقيقي إلا لله ، وللجماعة التي اختارت الرب مخلصا لها من فخاخ العدو !! ووسمت الطيبة أعضاءها « الإِنْسانُ الطَّيِّبُ مِن كَنزِه الطَّيِّبِ يُخرِجُ الطَّيِّب. والإِنْسانُ الخَبيثُ مِن كَنزِه الخَبيثِ يُخرِجُ الخَبيث » (مت:12-35). وتلخص النبؤة التي قيلت على لِسانِ النَّبِيِّ أَشَعْيا سلوك أولاد الله الطيبين: « يُبَشِّرُ الأُمَمَ بِالحَقّ. لنيُخاصِمَ ولنيَصيح ولَنيَسمَعَأَحدٌ صوتَهُ في السَّاحات. القَصَبةُ المَرضوضَةُ لنيَكسِرَها والفَتيلةُ المُدَخِّنةُ لنيُطفِئَها حتى يَسيرَبِالحَقِّ إِلى النَّصْر. في اسمِه تَجعَلُ الأُمَمُ رجاءَها.» |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مصداقية الاناجيل المقدّسة
http://www.coptcatholic.net/thumb.ph...75e82ac101.jpg "الاناجيل" الاربعة أنجيل واحد، بشرى سارّة واحدة من ناحية المضمون هنالك "انجيل" واحد – و"انجيل" تأتي من الكلمتين اليونانيتين "او – انجيليون" أي الخبر السار. وكانت اللفظة تعني أيضاالمكافأةلحامل البشرى (أي "الحلوان" في لهجتنا العامية). اننا معشر المسيحيين نؤمن بالهام الاناجيل والوحي الالهي الى كاتبيها البشريين. ولكن كما ان القديس انسيلموس كتب: "أومن لكي أفهم"، فقد سبقه مار اوغسطينوس أسقف "هيبونة" العلامة بقوله المأثور: "الايمان يبحث عن العقل، والعقل يبحث عن الايمان". ومن الثوابت لدى الحبر الاعظم الروماني قداسة البابا بندكتوس (مبارك) السادس عشر تشديده على عقلانية الايمان والسعي الى الحق الموضوعي "بوداعة ووقار" ومحبة تحق الحق وترفع لواء الاخوّة (عن بطرس الاولى 3 : 15 ، ثم أفسس 4 : 15) ، بما أن "الحقّ يحرر" الناس كما قال السيد المسيح. فعلا، قد تحتاج النفس البشرية –وهي ميّالة الى الشكّ والتمرّد– الى براهين ودلائل لكي "تتقبّل" ما يؤكّده الايمان من حقائق. ولا تأتي تلك البراهين سندا –حاشى وكلا- لاي "ضعف" في الوحي الانجيلي بل اسعافا للنفس البشرية المحدودة، ورسالة محبة الى الملحدين وسائر أهل الشك. قال السيد المسيح: "اذا كنّا نقبل شهادة الناس، فشهادة الله أعظم". ولكنّ هنالك قوما يريدون أولا أن يستمعوا الى شهادات بشرية ودلائل انسانية. ويأتي التاريخ واللاهوت الاساسي ليقدّم ما تطلبه تلك النفوس، لعلّها تعدل عن "قساوة القلب" وتنعم بمرونة الفكر وتواضع الاقرار بالحق الالهي. نقل البشرى السارة الينا اثنان من الرسل –هما متّى- لاوي ويوحنا الحبيب، وكانا "شاهدي عيان" (من القوم الذين اشار اليهم لوقا في مقدمة انجيله)، واثنان من تلاميذ الرسل أو الحواريين أي مرقس ترجمان بطرس الرسول وابنه الروحاني (عن بطرس الاولى 5 : 13) ولوقا تلميذ بولس الرسول ورفيقه. ويمكن القول ان مرقس ولوقا "معلنَي سماع" مبني على شهود عيان. شهادات تاريخية عن الاناجيل الاربعة كتب القديس ايريناوس (140 – 222)، تلميذ مار بوليكاربوس الذي كان تلميذ يوحنا الحبيب: "ان الاناجيل الموحى بها اربعة ليس الاّ. وقد جمع روح القدس هذا العدد، فلا سبيل الى الزيادة عليه. وقد كتب الانجيليون هذه الاسفار المقدسة ودفعوها الينا لتكون أساس معتقدنا وعماده في المستقبل. فمتّى كتب انجيله للعبرانيين... وبعدما خرج بطرس وبولس من روما، نقل الينا مرقس تلميذ بطرس وترجمانه، في انجيله الحقائق التي بشّر بها بطرس. وكتب لوقا رفيق بولس في انجيله ما كان يبشّر معلّمه. وأخيرا نشر يوحنا بدوره انجيله اذ كان في أفسس من أعمال آسيا. ويوحنا هو التلميذ الحبيب الذي استحقّ أن يسند رأسه الى صدر الرب". وأعلن ترتليانوس (160 – 240): "أربعة يثبتون لنا الايمان في أسفارهم: اثنان من الرسل، وهما متّى ويوحنا، واثنان من التلاميذ ، وهما لوقا ومرقس". وفي كتابات العالم الاسكندري أوريجانوس (185 – 254) يقرأ المرء: "لقد عرفنا من الاقدمين أن الاناجيل أربعة وانها وحدها جديرة بالقبول من غير نزاع في جميع أنحاء بيعة الله المنتشرة تحت السماء. فالانجيل الاول كتبه متّى..." من مقاييس الوحي والالهام الانجيليين ان المشيئة الالهية وايحاء روح القدس هما السند لعقيدة الوحي الانجيلي. وقد ينفع الضعف البشري أن يستعين بدلائل أخرى منها أولا الاصل الرسولي وهو الذي يثبت صحة الاناجيل و"قانونيتهم". ففي متّى ويوحنا الاصل الرسولي المباشر، وفي لوقا ومرقس غير المباشر. ومن الدلائل الاخرى تواضع الكتّاب واختفاؤهم الكامل وراء النصوص المقدسة التي ينقلونها عن حياة السيد المسيح وأقواله وفعاله وموته وقيامته وصعوده- وذلك بخلاف الكتب المنحولة التي يسترسل فيها الكتّاب المنتحلون في الحديث عن أنفسهم خصوصا بعد انتحالهم لشخصية رسول أو نبي. وتتألق الاناجيل المقدّسة بشهادة أمينة نزيهة تنقل كلاما عسيرا على النفس البشرية مثل "أحبوا أعداءكم"، و "ما جمعه الله لا يفرّقنّه الانسان" و "من لطمك على خدّك الايمن، فحوّل له الايسر" من توصيات وأخلاقيات غاية في السموّ والصعوبة، ونقل عقائد ترتفع فوق مستوى التفكير البشري الذي قد يحذفها أو يخففها أو يخفضها الى مستوى الدنيويات. ومن الدلائل الاخرى لمصداقية الاناجيل المقدسة شهادتها لامور يأنف الحس البشري العادي أن يقبلها مثلا حالات الذل والمعاناة عند "المسيح الملك" وعيوب الرسل ونقائصهم ونزاعهم حول العظمة والزعامة. وكان من السهل لاي منتحل أو مزيّف أن يحذف تلك النصوص أو أن يحوّل الهوان عظمة والعيوب خصالا! ومن الدلائل القاطعة التي وعيها الاولون والاخرون وعبّر عنها المفكر الفرنسي بلاز باسكال الذي كتب: "أصدّق الشاهد الذي يدع عنقه يُضرًَب" –استشهاد الانجيلييين –وسائر الرسل- في سبيل الشهادة لما شهدوا من موت السيد المسيح وقيامته أي ان شهادتهم كلّفتهم حياتهم. ومعروف ان النفس البشرية تهلع وعند الخطر تجزع وهي مستعدة لانكار الواقع هربا من الموت. ويمكن القول ان قيامة يسوع قتلت الرسل جسديا ولكنها أنعشتهم روحانيا وشيّدت الكنيسة! من الدلائل الاخرى عقلانية الاناجيل ورفضها لاية أساطير صبيانية كانت تنشرح لها صدور المنتحلين وتنتشي بها المخيّلة الواسعة، مثل روايات عن يسوع الطفل الذي حوّل زملاء له الى خنازير لانهم رفضوا أن يلعبوا معه أو تفلسفوا على ما كان يصنع! ومن البراهين التي تفسّر رفض العقل السليم والكنيسة للكتابات الغنوصية – مثل "انجيل توما" و"انجيل فيليبوس" و"مريم المجدلية" -عدم اتزانها وحسبانها الجسد الانساني شرّا وقد خلقه– حسب زعم تلك المصادر الطهرانية –معبود شرير اسمه "سيكلاس"- في حين ان الاله الكريم خلق الارواح فقط. خاتمة ميلاد السيد المسيح اطلالة "البشرى السارة" التي بها نفرح، مؤمنين بابن مريم دائمة البتولية، وانهما فعلا "آية للعالمين". ويا ليت الافراد والشعوب المسيحية وقياداتها تتبع هدى الانجيل الطاهر وسناء التعاليم السيدية ويكفّ نفر منها غير قليل عن التذرّع بصعوبة هنا أو هناك ويقبلوا الحق في قلوبهم وعقولهم، على مثال الكردينال جون نيومان الذي كتب: "ألف صعوبة لا تنشيء عندي شكّا واحدا"، وكأننا بكلماته صدى لقول القديس بولس الرسول: "انا عالم بمن آمنت!" |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف تعامل المسيح مع كتّاب أغاني الشك أحيانا نلتقي بإنسان ينكر عملا جيدا صنعته، أو صديق يجحد معروفا قدمته، أو قريب يشك في برٍّ أعلنته! عندئذ ماذا ستفعل؟ قد تثور، أو تلوم، أو تفتح جدال لا ينتهي، أو تحزن على نفسك وما أصابها، وقد تقطع صلتك بهذا الإنسان أو ذاك! كثر على مر العصور كاتبو أغاني الشك، وتسابق الكثيرون على توزيعها وتلحينها بلحن يؤثر في نفوس الجماهير ويُؤْثِر قلوبهم. حقا إنها لأغنية قديمة وضعت كلماتها الأولى الحية في قصة الخلق. وتبارى نسلها في إعادة صياغة الأغنية بشكل يواكب العصر الذين يحيون فيه! لنتأمل : وماإِنخَرَجاحتَّىأَتَوهبِأَخرَسَ مَمسُوس.فلَمَّا طُرِدَالشَّيطانُتَكَلَّمَ الأَخرَس، فأُعجِبَالجُموعُوقالوا:لَمْيُرَمِثْلُهذاقطُّفيإِسْرائيل!أَمَّا الفِرِّيسيُّونَ فَقالوا: إِنَّهُ بِسَيِّدِ الشَّياطين يَطْرُدُالشَّياطين.وكانَيسوعُيَسيرُفيجَميعِالمُدُنِوالقُرىيُعلِّمُفيمَجامِعِهمويُعلِنُبِشارةَالمَلَكوتويَشفِيالنَّاسَمِنكُلِّمَرَضٍوعِلَّة.ورأَىالجُموعَفأَخذَتهالشَّفَقَةُعلَيهم، لأَنَّهمكانواتَعِبينَرازِحين، كَغَنَمٍلاراعيَلها.فقالَلِتلاميذِه: ((الحَصادُ كثيرٌ ولَكِنَّ العَمَلَةَ قَليلون. فاسأَلوا رَبّ الحَصادِ أَن يُرسِلَعَمَلَةًإِلىحَصادِه ((.( مت 9 / 32 - 40 ) ظهر في النص خمسة شخصيات ، بين الكلام / الخرس ، بين المبادرة / السلبية ، بين اليقين / الشك 1- جماعة المؤمنين أَتَوه بِأَخرَسَ مَمسُوس 2- الأخرس فلَمَّا طُرِدَ الشَّيطانُ تَكَلَّمَ الأَخرَس 3- الجمهور فأُعجِبَ الجُموعُ وقالوا: لَمْ يُرَ مِثْلُ هذا قطُّ في إِسْرائيل! قد يكون الاندهاش أمر مطلوبا في المرحلة الأولى من الإيمان وقد يصحب الإنسان المؤمن خلال مسيرة اكتشاف الله وقراءة حضوره في الخلائق والاحداث. «فلَمَّا سَمِعَ الشَّعبُ هذاالكَلامَ آنتَعَشَت أَرْواحُهم» (1مك : 13: 7)وقد يكون الاندهاش والتعجب علامة سلبية ولا سيما اذا لم يصحبه فرح الاهتداء ونعمة الالتقاء بالله. وهنا لا يذكر الانجيلي متى البشير مرحلة ما بعد الاندهاش عند هذا الجمع. فقط ما ورد على لسان يسوع المسيح في وصفهم «ورأَى الجُموعَ فأَخذَتهالشَّفَقَةُ علَيهم، لأَنَّهم كانوا تَعِبينَرازِحين، كَغَنَمٍ لا راعيَ لها». 4- الفريسيون أَمَّا الفِرِّيسيُّونَ فَقالوا: إِنَّهُ بِسَيِّدِ الشَّياطين يَطْرُدُالشَّياطين لقد حرموا انفسهم: اولامن نعمة الاندهاش من تدخلات الله في حياة البشر. ثانيامن مشاركة القريب فرحة التحرير! ثالثامن الاقتراب من المسيح. رابعايحاولون حرمان البسطاء من نعمة الايمان بزرع الشك في قلوبهم . أصبحوا خبراء في حياكة التبريرات والتفسيرات التي تضمن لهم دوام السلطة ( سلطان المعرفة ) وهذا يذكرنا بما جاء في سفر يشوع بن سيراخ الفصل 23 الآية 12:«مِن أَساليبِ الكَلامِ أسْلوبٌيُشبِه المَوت لَيتَه لا يَكونُ في ميراثِ يَعْقوب! لأَنَّ الأَتْقِياءَيَبتَعِدونَ عن هذه كُلِّها فلا يَتَمرغونَ في الخَطايا» 5- السيد المسيح كيف تعامل المسيح مع كتّاب أغاني الشك. لم يكترث لهم ولم يدخل في مجادلات عقيمة عملا بقول الكتاب « لا تُكثِرِ الكًلامَ معَالغَبِيّ ولا تَسِرْ إِلى قَليلِ الذَّكاء تَحَفَّظْ مِنه لِئَلاَّ يُتعِبَكَولئَلاَّ تَتَنَجَّسَ إِذا اتَصَلتَ بِه. أَعرِضْ عنه فتَجِدَ راحةً ولا تَضجَرَ مِن سَخافَتِه.» (سي 22: 13) لنتامل الأفعال التي وردت في النص وسنجد فيها منهج يسوع في التعامل مع هذة الشخصية: يسوعُ طُرِدَالشَّيطانُ يَسيرُ في جَميعِ المُدُنِ والقُرى يُعلِّمُ في مَجامِعِهم يُعلِنُ بِشارةَ المَلَكوت يَشفِي النَّاسَ مِن كُلِّ مَرَضٍ وعِلَّة. يرى الجُموعَ يشفق علَيهم فقالَ لِتلاميذِه: ((الحَصادُ كثيرٌ ولَكِنَّ العَمَلَةَ قَليلون.فاسأَلوا رَبّ الحَصادِ أَن يُرسِلَ عَمَلَةً إِلى حَصادِه ((. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف تعامل السيد المسيح مع الساخرين؟ « ولَمَّا وَصَلَ يسوعُ إِلى بَيتِ الوَجيهِ وَرأَى الزَّمَّارينَ والجَمعَ في ضَجيج،قال: اِنْصَرِفوا! فالصَّبِيَّةُ لم تَمُت، وإِنَّما هِيَ نائِمَةَ ، فضَحِكوا مِنه.فلَمَّا أُخرِجَ الجَمْع، دَخَلَ وأَخَذَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ فَنَهَضَت.» (مت 9: 23- 25) هناك ضجيج، أصوات النائحين، تنهدات الحزانى، تعبيرات حسرة وألم هنا وهناك. يغلف بَيتِ الوَجيهِ جو من الكآبة، ورائحة الحزن تفوح في أرجاءه، فالميت صبية صغيرة في مقتبل العمر. يأتي يسوع من خارج دار الحزن هذه، ليعلن لهم الخبر السار (بشارة) إن الصبية لم تمت!! إنها نائمة ! فضَحِكوا مِنه... ضحك الجمع المحتشد في دار الحزن ! وهم من الجيران والأقارب والأصدقاء. يقول الكتاب المقدس : «إِنَّ السًّاخِرينَ مِنِّي هم أَصدِقائي ولكِن إِلى اللهِ تَفيضُ عَينايَ» (اي 16/ 20 ). لم انقلب نحيبهم إلى ضحك؟ نعم هم اصدقاء اتوا للمساندة ومشاطرة الاحزان مع الاهل الملكومين. فلم تحول مجلس المتضامنين الي مجلس الساخرين! يقول كاتب المزامير « طوبى لِمَن لا يَسيرُ على مَشورَةِ الشِّرِّيرين ولا يَتَوَقَّفُ في طَريقِالخاطِئين ولا يَجلِسُ في مَجلِسِ السَّاخِرين». ( مز 1: 1) وقد حذر الكتاب من مجالسة الساخرين لان مجلسهم يسهر لينتج الآثام : « لِأَنَّ الظَّالِمَ قدِ آنقَرَض والسَّاخِرَ قد فَنِيَ وآستُؤصِلَ جَميعُالَّذينَ يَسهَرونَ لِأَجلِ الإِثْم» ( اش 29 : 20) . الساخر لا يحب ان يوبَّخ : «السّاخِر لا يحِبّ أَن يوَبَّخ وإِلى الحُكَماءِ لا يَذهَب» ( أم 15 : 12). وإن وبخ لا يسمع التوبيخ :« الاْبنُ الحَكيمُ يَسمعُ تَأديبَ أَبيه وأَمَّا السَّاخِرُ فلا يَسمعُالتَّوبيخ.» (أم 13: 1). ويحب ان يتمادى في سخريته :«إِلى مَتى، أيّها السُّذَّج، تُحِبّونَ السَّذاجة والسَّاخِرونَ يَبتَغونَالسّخرِيَّة والجُهَّالُ يُبْغِضونَ العِلْم؟ » (ام 1: 22 ). السخرية سلاح يهدف إلى جرح الآخر وإصابته بالآلام :« صِرْنا عارًا لِجيرانِنا هُزؤًا وسُخرِيَّةً لِلَّذينَ حَولَنا » ( مز 79: 4 ) . كما يصف هذه المعاناة كاتب الرسالة الى العبرانيين :« وبَعضُهُمُ الآخَرُ عانى السُّخرِيَّةَ والجَلْد، فَضْلاً عنِ القُيُودِوالسِّجْن» ( 11: 36) كيف تعامل المسيح مع الساخرين؟ طلب منهم ان يتنحوا .. أوقف الضجيج ، فما الفائدة من النواح وما المغزى من استدرار الاحزان ؟ « لا تنْسَ ضَجيجَ خُصومِكَ ولا الجَلَبَةَ المُرتفِعةَ على الدَّوامِ فيمُقاوِميكَ. » (مز 74: 23) الرب هنا والحياة له. طلب اليهم ان يخرجوا : اِنْصَرِفوا! يقول الكتاب : « أُطرُدِ السَّاخِرَ فيَخرُجَ النِّزاع وَيسكُنَ الخِصامُ والشَّتْم» (ام 22: 10) وان ينهي هذا المجلس الساخر من عمل الله فهم مصدر فتنة وتعطيل لعمل الله : « النَّاسُ السَّاخِرونَ يُلْقونَ الفِتنَةَ في المَدينَة والحُكَماءُ يَصرِفونَعنها الغَضَب » ( ام 29 : 8) صرفهم يسوع: فلَمَّا أُخرِجَ الجَمْع أفقدهم سلطان السخرية « فآسمَعوا كَلامَ الرَّبِّ أَيُها النَّاسُ السَّاخِرون المُتَسَلِّطونَ على هذاالشَّعْبِ الَّذي في أُورَشَليم.»( اش 28 : 14) ويحرر البسطاء من هذا السلطان. « إِلى مَتى، أيّها السُّذَّج، تُحِبّونَ السَّذاجة والسَّاخِرونَ يَبتَغونَالسّخرِيَّة والجُهَّالُ يُبْغِضونَ العِلْم؟» ( أم 1: 22) « الوَيلُ لَكُم أَيُّهاالضَّاحِكونَ الآن فسَوفَ تَحزَنونَ وتَبكون.» (لو 6: 25) توجّه الي الصبية : دَخَلَ وأَخَذَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ فَنَهَضَت. التي تمثل البشرية المصابة والواقعة تحت حكم الموت ووأمسك بيدها ووهبها الحياة... نعم فهذا هو هدف الله ان يهب الحياة للناس ولن يثنيه ساخر بسخريته عن عزمه. لم يجلس مع الساخرين بل مع الآب والصبية : « لم أَجلِسْ في جَماعةِ الضَّاحِكينَ مُمازِحاً بل تَحتَ يَدِكَ جَلَستُمُنفَرِداً» (ار 15 : 17). وأنا كيف اتعامل مع الساخرين؟؟ هل انهج نهج يسوع المسيح؟ كم مرة ارهبتني السخرية ولم تدعني اقيم العدل؟ كم مرة تراجعت عن اتمام وصايا الله امام ابتسامة صفراء اطلقها ساخر من الايمان؟ كم مرة أعاقت السخرية خيرا أزمعت ان اصنعه مع القريب؟ كم مرة ... لم استطع التحرر من مجالسة الساخرين او وكنت مدفوعا لمجاراتهم في سخريتهم؟ كم من مرة استمتعت بالسخرية من شخص ما وتألمت من سخرية البعض مني!! صلاة هبني الرحمة بالقريب ، فأتعلم ألا اسخر منه. هبني تواضع النفس ، لأكتشف نقائصي قبل ان اسخر من ضعفات الآخر. هبني أن أعرفك فيمن هم حولي ، لا سيما في الخاطي والجاهل والعنيد وسقيم الروح. هبني شجاعة الانصراف عن مجالسة الساخرين واعطني قوة احتمال سخريتهم. أجعل إلهي ابتسامتي رسالة حب موجهة للقريب تفتح امامه ابواب الرجاء. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف تعامل المسيح مع المتهكّم
http://www.coptcatholic.net/thumb.ph...618cf31e32.jpg كيف تعامل السيد المسيح مع المختلفين معه؟ دراسة في انجيل متى (كيف تعامل المسيح مع المتهكّم) ورأى بعضُ الفَرَّيسيـِّينَ ذلِكَ، فقالوا لتلاميذِهِ: لِماذايأكُلُ مُعلِّمُكُم معَ جُباةِ الضَّرائبِ والخاطِئينَ؟ فسَمِعَ يَسوعُ كلامَهُم، فأجابَ: لا يَحتاجُ الأصِحَّاءُ إلىطَبـيبٍ، بل المَرضى فاَذهَبوا وتَعلَّموا مَعنى هذِهِ الآيةِ: أُريدُ رَحمةً لاذبـيحةً. وما جِئتُ لأدعُوَ الصَّالحينَ، بَلِ الخاطِئينَ. مت 9: 11 – 13لدينا ثلاث شخصيات رئيسية: الفريسيون – التلاميذ – المعلم الفريسيون " فقالوا لتلاميذِهِ" وجه الفريسيون سؤالهم إلى تلاميذ المسيح لا الى المسيح نفسه!! " لِماذايأكُلُ مُعلِّمُكُم" بمعنى ان المسيح معلمكم انتم، لا يعد عندنا كمعلم فنحن لنا معلم واحد هو موسى! واذا كان الامر كذلك فلم طرحوا السؤال؟ انهم اضعف من ان يوجهوا هذا النقد للمعلم، هم على يقين من ان سهم النقد هذا لن يصيبه ، ولكنهم يأملون أصابة بعض من تلاميذه وزرع الشك في قلوبهم. انه سؤال من صنف التساؤلات الخبيثة، او النابعة من جمود المعرفة الغرض منها وهو اظهار المعلم او خادم الكلمة في مقام لايليق به!! ورصد سلوك له غير متوقع منه. وهذا حدث مع عبيد الله في العهد القديم ووحدث مع ابن الله في العهد الجديد ويحدث مع كثير من خدام الكلمة في عهد الروح القدس، الذي هو زمن الكنيسة. نسمع عادة: المفروض ان تكون الكنيسة كذا.. والمفروض ان يكون الخادم... والمفروض والمفروض...الخ لقد حطم المسيح أوثان المفروضات التي نحتها بمهارة حكماء هذا العالم. ووهبنا حرية ابناء الله، واعطانا الروح القدس ليذكرنا على الدوام ان ما يريده الله هو رحمة بالقريب وعدالة في المجتمع. ألم يقل المسيح مؤنبا الفريسيين والكتبة : تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم اثقل ما في الناموس العدل والرحمة والايمان . التلاميذ " فقالوا لتلاميذِهِ" اين التلاميذ في هذا الموقف ؟ الفريسيون يسألونهم وما من اجابة صدرت عنهم! ربما لان المسيح سارع وأجاب عنهم؟ لكن لنتصور الحدث في شكل معاصر وقد التزم المسيح بالصمت لبرهة وخاصة ان السؤال موجه الي تلاميذه. ماذا دار في خلد كل منهم؟ بعضهم غضب من المعلم لآنه كان ينبغي عليه ان يحفظ مهابته ولا يخالط هذه الفئة المنبوذة. بعضهم غضب من المعلم لآنه كان ينبغي عليه ان يعطي الفرصة لاعدائه كي يهاجموه. بعضهم جال يبحث عن مبرر لأفعال المعلم الذي يحبه وان كان لايتقبل فكرة مخالطة الخاطئين. بعضهم فكر ان يأخذ يسوع ويفهمّه كيف نشأت حوله سمعة غير طيبة بعضهم على وشك المبادرة بالكلام : يا يسوع احترمنا نحن اخترنا ان نكون تلاميذك ويجب عليك الا تضعنا في موقف سخيف كهذا. بعضهم تشاوروا مع البعض الآخر : نحن نكون جماعة صغيرة وان اردنا لها النمو وازدياد الاتباع وجب علينا نصح يسوع ان ينتبه لأفعاله في المرات القادمة فالاطار الاجتماعي مهم ومؤثر. والبعض الاخر قال يسوع هو المعلم ونحن تلاميذه هلموا نسمع ما يعلمنا بشأن ذلك الموضوع ... فسَمِعَ يَسوعُ كلامَهُم، فأجابَ: لا يَحتاجُ الأصِحَّاءُ إلىطَبـيبٍ، بل المَرضى فاَذهَبوا وتَعلَّموا مَعنى هذِهِ الآيةِ: أُريدُ رَحمةً لاذبـيحةً. وما جِئتُ لأدعُوَ الصَّالحينَ، بَلِ الخاطِئينَ المعلم كيف تعامل المسيح معهم؟ اعطاهم قياسا مقبولا من العقل... فحقا المرضى هم من في اشد الحاجة الي طبيب في حين ان الاصحاء لا حاجة لهم به. أشار إلى نقص معرفتهم الكتابية :" فاَذهَبوا وتَعلَّموا مَعنى هذِهِ الآيةِ" وعادة قليل المعارف كثير الاحكام . وكأن المسيح يقول لهم : انتم تعلنون انني لست معلمكم ، وانت في ذلك احرار ، ولكن ان كنتم تلاميذ موسى والانبياء، فالاحرى بكم ان تذهبوا من مجلس معلم لا تقبلونه كمعلم!! لا تهدروا حياتكم انها ثمينة في نظري: :" فاَذهَبوا وتَعلَّموا مَعنى هذِهِ الآيةِ" عندها ستدركون كم انتم عائشين في ضلال عدم فهم الشريعة والانبياء . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نرجوك ربي اشفي مرضانا
http://sphotos-f.ak.fbcdn.net/hphoto...87398255_n.jpg يا رب... كل هموم الارض تهون امام المرض... كل مصاعب الحياة لها حلول ارضية الا المرض... الطب عاجز يا الهي.... المرض يفتك ويؤلم ويقتل... الاهل والاولاد يتألمون مع مرضاهم ... العائلات كلها مرتبكة.... لا شيء ينفع سوى الصلاة.... لا احد يشفي غيرك يا رب.... قلوب خائفة تصرخ اليك... عيون دامعة تتوسلك.... نفوس بائسة تطلب رحمتك....صلوات كثيرة... نذور كثيرة.... كلها من اجل الشفاء... لا شيء اهّم من الشفاء.... وحدك يا رب القادر ... وحدك يا طبيب الاطباء.... نرجوك ربي ... نرجوك ونلّح عليك بالرجاء.... نطلب منك وانت قلت انك ستعطينا... نصلي ولن نملّ حتى تستجيب لنا.... يا رب ارحم اجسادا" تعبت من العلاج... ارحم مرضى انهكهم الألم ... نؤمن انك قادر.... نؤمن انك ستستجيب لنا.... نرجوك ربي اشفي مرضانا.... أمين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
" قاعدة وحقيقة والروحانيات الاربعة " https://upload.chjoy.com/uploads/1365320576722.jpg لكل شيء قاعدة وحقيقة مثلً ، في الارض الهواء وفي البحر الهواء المذاب وفي الفضاء الهواء معدوم أي هناك تتواجد حقائق مادية تحكم الطبيعة ومعيشتنا فيها نحن البشر ، كذلك توجد حقائق روحية تحكم علاقتك بالله . ونوالك في علاقتك مع الله الخلاص لكي تصل الى ملكوتهُ الأبدية . الحقيقة الأولى : الله يحبك ولديه خطة رائعة لحياتك . محبة الله .. " لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية " ( يوحنا 3: 16) خطة الله .. قال المسيح : " وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل " ( حياة ممتلئة ولها هدف – يوحنا 10: 10) هل تصدق ان الله يحبك اذا كان نعم. ماذا اذا فعلت انت من اجل الله فقط تعرفه في الإسم ،هل هو يعرفك ؟ أنت من تكون مثلما أنت تعرفه أنه الله وهل سمحت عمل قوة الله فيك ؟ وتذكر دائماً مهما كانت ظروفك فالله يحبك كثيراً هل تعرف اجابة هذا السؤال احب انك تفكر فيه واكتب لى ما توصلت اليه وانك تحب تعرف الحقيقة الثانية لكن لماذا لا يختبر معظم الناس هذه الحياة الأفضل ؟ لان الحقيقة الثانية : الإنسان خاطئ ومنفصل عن الله ، لذلك لا يستطيع أن يعرف ويختبر محبة الله وخطته لأجل حياته ... الإنسان خاطئ .. " إذ الجميع أخطاؤا وأعوزهم مجد الله " ( رومية 3: 23) خلق الله الإنسان لتكون له شركة معه ، لكن اختار الإنسان أن يسلك فى طريقه المستقبل بعيداً عن الله فانقطعت الشركة بينهما . هذا الانفصال عن الله هو ما يسميه الكتاب المقدس خطية .. وتظهر عندما :- يتمرد الإنسان على الله . لا يهتم الانسان بالله وبوصاياه . لا يعيش فى مستوى القداسة الذى يريده الله له . الإنسان منفصل عن الله .. " لان أجرة الخطية هى موت " ( اى انفصال الإنسان روحياً عن الله ) ( رومية 6: 23) الله قدوس .. والإنسان خاطئ .. وهناك هوة عظيمة تفصل بين الاثنين . يحاول الإنسان باستمرار أن يصل إلى الله والى الحياة الأفضل بجهوده الذاتية : الأعمال الصالحة ، التدين ، الأخلاق ، وغير ذلك .. لكن محاولاته لا تجدى. فى الحقيقة الثالثة نجد الحل الوحيد لهذه المشكلة الحقيقة الثالثة : يسوع المسيح هو الطريق الوحيد ليصل الإنسان إلى الله وبواسطته تستطيع أن تعرف وتختبر محبة الله وخطته لحياتك . المسيح مات بدلاً عنك .. " ولكن الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاه مات المسيح لأجلنا " ( رومية 5: 8) المسيح قام منتصراً على الموت .. " أراهم أيضا نفسه حياً ببراهين كثيرة بعد ما تألم وهو يظهر لهم أربعين يوماً ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله " ( أعمال الرسل 1: 3) المسيح هو الطريق الوحيد .. قال يسوع : " أنا هو الطريق والحق والحياة . ليس أحد يأتى إلى الآب إلا بى " ( يوحنا 14: 6) لقد عبر الله الهوة التى تفصلنا عنه بأن أرسل ابنه يسوع المسيح ليموت على الصليب بدلاً عنا . ولكن لا يكفى أن تعرف هذه الحقائق الثلاث فقط. الحقيقة الرابعة : ينبغى على كل واحد منا أن يقبل الرب يسوع المسيح مخلصاً شخصياً لحياته وبذلك يمكن أن يعرف ويختبر محبة الله وخطته لحياته . ينبغى أن نقبل المسيح .. " وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله اى المؤمنون باسمه " ( يوحنا 1: 12) نحن نقبل المسيح بالإيمان .. " لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله . ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد " ( أفسس 2: 8، 9) يتم ذلك بدعوته أن يملك على حياتنا يقول المسيح " هأنذا واقف على الباب وأقرع . إن سمع أحد صوتى وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معى " ( رؤيا 3: 20) لا يكفى أن تقتنع عقلياً بتعاليم المسيح ، أو أن تتأثر عاطفياً بل يجب أيضا أن تقرر بإرادتك أن تعيشها وهذا يعنى :- 1- أن تتحول من الذات الى الله ( التوبة ) . 2- أن تثق أن المسيح يدخل حياتك ويغفر خطاياك حسب وعده . 3- أن تدعه يغيرك لتصبح الشخصية التى يريدها ( الاستعداد للطاعة ). يمكن أن تقبل المسيح الآن . اطلب منه أن يدخل إلى حياتك وثق انه قادر أن ينفذ ما وعد به . الله يعرف داخلك لذلك هو يهتم بصدق القلب أكثر من كلمات اللسان يمكنك أن تعبر عن إيمانك بالله بالصلاة الآتية : ربى يسوع .. إنى أحتاج إليك .. أنا أعلم أننى كنت أقود حياتى بنفسى ، وكنت أخطئ إليك .. أشكرك لموتك على الصليب من أجل خطاياى .. ها أنا الآن أفتح باب قلبى لك وأقبلك رباً وسيداً ومخلصاً شخصياً لى .. امتلك حياتى .. اجعل منى إنساناً يعمل مشيئتك .. لنتأمل في هذه الآية الرائعة التي قالها يسوع المسيح في، الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني.والذي يحبني يحبه ابي وانا احبه واظهر له ذاتي يو 14: 21 . أشكرك أحبك كثيرا يسوع يحبك...هو ينتظرك |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف تواجه الحياة؟ ...
http://i3.makcdn.com/userFiles/r/a/r...ges/yassar.jpg كيف تواجه الحياة؟ منذ وقت قصير كنت أعرف سيدة شابة حاولت الانتحار لفشلها في الحب. ونعرف قصة نجم السينما الشهيرة مارلين مونرو التي رفضت أن تواجه الحياة!... وقالوا أنها أقدمت على الانتحار... وإني أعتبر أن محاولات الإنسان للهروب من الحياة عملاً لا يدعو إلى الدهشة لأن الحياة عملاق قوي... الحياة صراع مرير ولكنها أيضاً المدرسة التي فيها نتعلّم أو لا نتعلّم كيف نواجه الحياة، ونحيا. ويبدو أن بولس الرسول قد وجد السر العظيم الذي به نواجه الحياة إذ يقول: «إني قد تعلمت أن أكون مكتفياً بما أنا فيه» (فيلبي 11:4). لم يدرك بولس الرسول كيف يواجه الحياة فقط ولكن أيضاً كيف يواجهها بابتسام. ترى، هل هذا يعني أن بولس الرسول كان سلبياً؟... ترك الحياة تجري دون أن يعيرها اهتماماً... إنه يقول: « فإني كنت أودّ لو أكون أنا نفسي محروماً من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد» (رومية 3:9). إن من يقول هذا هو أبعد ما يكون عن أن يكون سلبياً تجاه العالم... إن بولس الرسول كان يملك ذلك الاكتفاء الداخلي. كان يملك السلام الذي يفوق كل عقل.. هذه الشجاعة التي مكّنته من مجابهة الحياة بروح إيجابية. إن كلمة الله تعلمنا أن الحياة هي عبارة عن مجموعة من الظروف التي نواجهها. وإذا تمكّنا من مواجهة تلك الظروف فإننا نتمكّن من مواجهة الحياة. ويمكن تقسيم الظروف والأحوال التي حولنا إلى قسمين أساسيين: 1- الظروف العادية أو روتين الحياة 2- الظروف غير العادية أو مشاكل الحياة والآن، كيف نواجه كلتا الحالتين؟ كيف نواجه الروتين... الظروف العادية؟ تتألف الحياة إلى حدّ بعيد، من مجموعة من العادات التي نكوّنها لأنفسنا؛ ونحن نُجبر على هذه العادات تبعاً لاحتياجاتنا الجسدية والمادية. فالتنفّس مثلاً، هو عادة بدونها لا نستطيع أن نحيا أو نعمل، ويدفعنا إلى روتين معيّن في سبيل الحصول على حاجاتنا المادية. مما سبق، يبدو أن الروتين هو أمر خارج عن إرادتنا، ولكن يمكننا أن نخلق التجانس بين الروتين وكيفية مواجهتنا له.. فإن كنا نكره الروتين فبالتالي سنكره حياتنا وستكون النتيجة، تبعاً لذلك، هي عدم رضا، وعدم اكتفاء، وتعاسة مستمرة. يجب أن يكون موقف المسيحي تجاه الروتين كموقف المسيح شخصياً تجاهه. ومن الإنجيل نعلم أن المسيح كان له مجموعة من العادات. ففي لوقا 16:4 نقرأ: «ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ». كان يسوع يحب روتين الحياة، وتبعاً لذلك وجد فرصة عظيمة لتمجيد الله وليعلن نفسه أنه المخلص المنتظر (لوقا 21:4). لا شيء يستطيع أن يعمينا أكثر من الكراهية، ولا شيء يستطيع أن ينير سبيلنا أكثر من الحبّ. في القرن السادس عشر، استجاب الأخ لورانس لنداء الله للخدمة... وانضمّ إلى نظام معيّن ليصبح راهباً.. لكنه شعر بالخيبة عندما طلبوا منه في الدير أن يعمل في المطبخ. لقد كان يظن أنه جاء ليبشر بإنجيل المسيح وليس ليخدم في المطبخ. وكره الروتين اليومي في المطبخ. وكانت النتيجة تعاسة مملة. وفي ذات يوم اكتشف أمراً عظيماً... اكتشف أن الله أيضاً كان في المطبخ. وأنه بغسيله الأطباق إنما كان يرضي الله ويخدمه. هذا غيّر نظرته تجاه روتين تلك الحياة وبدأ يحبّ الروتين ويستخدمه ليعبّر عن حبّه وإخلاصه لربّه. وكانت النتيجة تدعو إلى الدهشة، وتحوّلت حياته إلى سعادة فائقة، وصارت علاقته بالله من القوة حتى أنه أصبح يحادث الله كما يحادث أقرب أصدقائه. ووضع كتاباً عن اختباراته في المطبخ بعنوان «التدرّب على وجود الله» فكان سبب بركة لملايين. لا حدود للسعادة التي تغمر حياة من يعتاد على مواجهة الروتين بروح المحبة، ويتعلم كيف يستخدمه ليعلن قوة المسيح المطهرة. ولكن الخبرة تعلمنا أن الحياة لا تتكوّن فقط من روتين منسّق ولكن أيضاً من مشاكل طارئة. كيف نواجه المشاكل والظروف غير العادية؟ عبّر أحد الكتاب الإنجليز عن رغبته في عالم مثالي ليس فيه مشاكل، وذلك من خلال كتاب عن جزيرة خيالية أسماها يوتوبيا حيث لم يكن هناك أي أخطاء.. وكثير من الناس يفنون أعمارهم بحثاً عن مثل هذا المكان بدون جدوى! المشاكل مثل ذرات التراب التي تصل إلى أي مكان في المنزل مهما أحكم إغلاقه. لا يوجد شخص يمكن أن يستثني نفسه من المشاكل بأي صورة، لكن السؤال الأساسي هو: كيف نواجه المشاكل؟ يقول بولس الرسول في فيلبي 12:4 «أعرف أن أتضع وأعرف أيضاً أن أستفضل. في كل شيء وفي جميع الأشياء قد تدرّبت أن أشبع وأن أجوع، وأن أستفضل وأن أنقص». أي إني أعرف كيف أواجه المشاكل. وعند مواجهة المشاكل يمكن للمرء أن يسلك أحد سبيلين: الأول: وهو الطريق المنخفض وفيه يتجاهل المرء المشاكل ويحاول أن يقنع نفسه بعدم وجودها، وبذلك يصبح كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال عندما تحيط بها الأخطار محاولة لإقناع نفسها بعدم وجود أي خطر. أما السبيل الثاني: والذي يمكن أن نسلكه في مواجهتنا للأخطار والمشاكل، هو الطريق المرتفع.. راقب شخص من فوق قمة جبل نسراً طائراً يواجه عاصفة قوية.. وكم كانت دهشة هذا الشخص عندما وجد أن النسر لم يطرْ هارباً من وجه العاصفة.. لكنه اندفع تجاهها بقوة فرفعته قوة العاصفة إلى أعلى ومرّت من تحته... إننا إذا رفعنا أذرعنا أمام الله الذي يعتني بنا... فإننا نستطيع أن نواجه العواصف ونستخدمها لترفعنا إلى مستويات روحية أعلى. هذا هو السبب الذي من أجله يسمح الله لنا بالمرور في مشاكل متنوّعة لنستخدمها فترفعنا إلى فوق حتى نكون قريبين منه. تستخدم بعض النباتات أشعة الشمس لتكتسب حيوية وجمالاً.. بينما البعض الآخر يذبل من حرارة الشمس. كيف تستخدم المشاكل؟ واجه الرسول بولس مشاكل مالية وجسدية متنوّعة. في 1كورنثوس 11:4، يقول: «إلى هذه الساعة نجوع ونعطش ونعرى ونُلكم وليس لنا إقامة». ويكتب إلى المسيحيين في غلاطية: «ولكنكم تعلمون أني بضعف الجسد بشّرتكم في الأول». إن الرسول في صعابه ربح الأمم للمسيح سيده... ما هو سر بولس؟ يتلخّص السر في كلمة واحدة. إنه شخص المسيح يسوع، إذ أعلن نفسه أنه هو الحياة. إننا إن ابتعدنا عن المسيح فإننا لا نستطيع أن نواجه الحياة. وفي البعد عن المسيح نصبح كخرقة مهملة في سلسلة الحياة المملة. وبعيداً عن المسيح، لسنا سوى ورقة نبات تعصف بها الحياة في كل اتجاه. فالبالون، لو امتلأ بالهواء العادي لبقي في مكانه، أما إذا انتفخ بالهيليوم فإنه يرتفع عالياً في الفضاء. إنك عندما تقبل المسيح فإنك تحصل على قوة عظيمة من أعلى... تحصل على نوع جديد من الحياة... وإذ نقف عند المسيح يمكن أن يكون لروتين الحياة معنى وعنده فقط تصبح المشاكل من إحدى الوسائل التي بها نرتفع إلى فوق. يقول الكتاب بأن الذي فيكم هو أعظم من الذي في العالم (1يوحنا 4:4) وبه فقط نجد الحياة. "لأن الناموس بموسى أُعطي، أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا" (يوحنا 1:71). يقول الناموس: "ادفع دينك"، ويقول الإنجيل: "المسيح قد دفعه". يقول الناموس: "أنت خاطئ، ولا بُدّ أن تُدان"، ويقول الإنجيل: "الله بيّن محبّته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة، مات المسيح لأجلنا". يقول الناموس: "أين برّك وصلاحك وقداستك؟"، ويقول الإنجيل: "المسيح برّك وقداستك وفداؤك". والفرق بين الناموس والإنجيل شاسع جداً... الناموس يحوّل وجهه نحوي، ويطلب مني أن أعمل ما أخلص به، ولكن الإنجيل هدفه المسيح: من هو؟ وماذا فعل؟ وماذا هو فاعل؟ وماذا سيفعله في المستقبل من أجل الإنسان المسكين؟ ولا يوجد في الإنجيل شيء مؤسس على الإنسان بل جميعه يدور حول المسيح. أحبك أشكرك كثيراً يسوع المسيح يحبك دوماً |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
آيه نجيد نطقها بل ونعلمها لأطفالنا ونستخدمها إيضا حينما نصلى أو نقرأ الكتاب المقدس ...ولكن هى تحوى قمة المعانى الروحية للصلاة ..هى خضوع ..هى تسليم مشيئة..هى طاعة..هى جعل الاذن صماء لسماع أصوات البشر و حريصة على سماع صوت الله.. That's what we called " effective listening " نسمع بتفاعل مستعدين للعمل بما يقال .. والآن دعونا ننظر الى صموئيل الصبى ونتعلم منه كيف تكون الصلاة الحقيقية ؟ طفلا نائما ..منهكاً بعد يوم طويل من خدمة بيت الرب "وكان الصبى يخدم الرب امام عالى "1صم 3:1" كان مستغرقا فى النوم ..فأستيقظ فجأه بعدما سمع صوت يناديه ولكنه كان صوتا مميزا ..إذ كان صوتا يناديه بأسمه الخاص ... وهنا نتعلم كخدام أهمية تذكر أسماء مخدومينا أو من نتعامل معهم فذكر إسم من تحدثه من أسهل الطرق لجذب إنتباهه و( اذكر عندما كنا نذهب إلى الخلوة في دير البراموس كان ابونا كيرلس يتذكر أسماءنا جميعاً و هو ما يحببنا في المكان أكثر) ، يناديه بعدما سكت الجميع .. ولا عجب فان الله أعتاد ان يكلم أحباؤه فى الليل حيث تسكت جميع الأصوات من حولنا .. .. فظن صموئيل أنه صوت أبيه الروحى يناديه ..فلم يتهاون .. وذهب إليه غير متذمر قائلا "هاأنذا" انها طاعة الله التى تبدأ بطاعة وكيل سرائر الله .. سمع الصوت مرة واثنين وثلاثة ففهم عالى الكاهن انه صوت العلى. ..حقا كانت كلمة الله عزيزة فى تلك الايام ..فكان الشعب والكهنة فى حالة من الضياع ..فظنوا ان الله ما عاد يتكلم مع البشر مرة اخرى .. "فقال عالى لصموئيل أذهب اضطجع ويكون إذا دعاك تقول تكلم يارب لان عبدك سامع " وفعلا تكرر الصوت وجاء الرب ودعا صموئيل.. فأطاع صموئيل معلمه .. (علمه معلمه فتعلم ..) دعى صموئيل الطفل الصغير ليتكلم إليه ...ليحكى له عما يريد أن يفعله ولكن كانت الرسالة الموجهة له من الله فى غاية الصعوبة هى رسالة غضب على ابيه الروحى واهل بيته ..فكان عالى الكاهن هو الاب الروحى لصموئيل وكان يحبه جدا ..وكان يجب عليه ان يبلغ هذه الرسالة التى تحمل غضب وعقاب الله إليه.. وفى اليوم التالى دعا عالى صموئيل قائلا : "يا صموئيل ابنى " الكلام الذى كلمك به لا تخفى عنى " فأبلغه صموئيل بكل الكلام الذى تكلم به الله فى أذنه عن عالى وبيته بكل امانة .. وكبر صموئيل وكان الرب معه ولم يدع شيئا من كلامه يسقط إلى الأرض ..وعرف جميع إسرائيل من دان الى بئر سبع أنه قد اؤتمن صموئيل نبيا للرب ...وعاد الرب يتراءى فى شيلوه لان الرب استعلن لصموئيل فى شيلوه بكلمة الرب (1صم 3:19) لأبونا يسطس منير |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصوم غذاء للروح
https://upload.chjoy.com/uploads/1363723809933.jpg " الصوم هو غذاء للروح ... وليس جوع للجسد " نحن في الصوم لا نقصد أن نعذب الجسد، إنما نقصد ألا نسلك حسب الجسد، فيكون الصائم إنسانًا روحيًا وليس إنسانًا جسدانيًا. الصوم هو روح زاهده، تشرك الجسد معها في الزهد والصوم ليس هو الجسد الجائع، بل الجسد الزاهد. وليس الصوم هو جوع الجسد، إنما بالأكثر هو تسامي الجسد وطهارة الجسد ليس هو حالة الجسد الذي يجوع ويشتهي أن يأكل، بل الذي يتخلص من شهوة الكل. ويفقد الأكل قيمته في نظره.. الصوم فترة ترفع فيها الروح، وتجذب الجسد معها. تخلصه من أعماله وأثقاله، وتجذبه معها إليفوق، لكي يعمل معها الرب بلا عائق. والجسد الروحي يكون سعيدًا بهذا..... مثلث الرحمات قداسه البابا شنوده |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مت ( 8: 28 – 34 )
28ولَمَّا بَلَغَ الشَّاطِئَ الآخَرَ في ناحِيَةِ الجَدَرِيِّين، تَلقَّاهُ رَجُلانِ مَمْسوسَانِ خَرَجا مِنَ القُبور، وكانا شَرِسَيْنِ جِدّاً حتَّى لا يَستطيعُ أَحَدٌ أَن يَمُرَّ مِن تِلكَ الطَّريق. 29فأَخَذا يَصيحان: ((ما لَنا ولَكَ، يا ابْنَ الله؟ أَجِئْتَ إِلى هُنا لِتُعَذِّبَنا قَبلَ الأَوان؟ )) 30وكانَ يَرْعى على مَسافةٍ مِنْهُما قَطيعٌ كَبيرٌ مِنَ الخَنازير. 31فَتَوَسَّلَ إِليه الشَّياطينُ قالوا: ((إِن طَرَدتَنا فَأَرسِلْنا إِلى قَطيعِ الخَنازير )). 32فقالَ لَهم: ((اِذْهَبوا )). فخَرَجوا ودَخلوا في الخَنازير، فإِذا القَطيعُ كُلُّهُ يَثِبُ مِنَ الجُرُفِ إِلى البَحرِ فتَهِلكُ الخَنازيرُ في الماء. 33فهَرَبَ الرُّعاةُ وذَهَبوا إِلى المَدينة، وأَخبَروا بِكُلِّ ما حَدَثَ وبما جَرى لِلمَمسُوسَيْن. 34فَخرجَتِ المَدينةُ كُلُّها إِلى لِقاءِ يسوع. ولَمَّا رَأَوهُ سأَلوه أَن يُغادِرَ بَلَدَهم. كم من مرة انزعجت عندما التقيت بالحياة وانا قد اعتدت العيش في القبور، 6 فِراشي بَينَ الأَمْوات مِثْلُ القَتْلى الرَّاقِدينَ في القُبور مَن عُدتَ لا تَذكرهم وهم مِن يَدِكَ مُنتَزَعون.(مز 88: 6) كم من مرة توترت عند سماع صوت الله الهادئ فزداد صراخي بين الأموات، 11فقالَ الرَّبّ: ((اخرُجْ وقِفْ على الجَبَلَ أمامَ الرَّبّ )). فإِذا الرَّبُّ عابِرٌ وريحٌ عَظيمةٌ وشَديدةٌ تُصَدِّغ الجِبالَ وتُحَطِّمُ الصُّخورَ أمامَ الرَّبّ. ولَم يَكُنِ الرَّبُّ في الرِّيح. وبَعدَ الرِّيحَ زِلْزالٌ ، ولم يَكُنَ الرَّبُّ في الزِّلْزال. 12 وبَعدَ الزِّلْزالِ نار، ولم يَكنِ الرَّب في النار. وبَعدَ النَّارِ صَوِت نَسيمٍ لَطيف (1مل 19 : 11- 12) كم من مرة خجلت من شراستي التي طالما افتخرت بها! 3 وشَرّ ما يَجْري تَحتَ الشَّمْسِ أَن يَكونَ لِلجَميعِ مَصيرٌ واحِد فتَمتَلِئ قُلوبُ بَني البَشَرِ مِنَ الخُبْث وصُدورُهم مِنَ الجُنونِ في حَياتِهم وفيما بَعدُ يَصيرونَ إِلى الأَمْوات. 4 مع أَنَّ الَّذي لَه صِلَةٌ بِجَميعِ الأَحْياء لَه رَجاء لأَنَّ الكَلْبَ الحَيَّ خَيرٌ مِنَ الأَسَدِ المَيْت. 5 والأَحْياءُ يَعلَمونَ أنّهم سيَموتون أَمَّا الأَمْواتُ فلا يَعلَمونَ شَيئًا ولم يَبقَ لَهم جَزاءٌ ، إِذ قد نُسِيَ ذِكرُهم. 6 حُبُّهم وبُغضُهم وغَيرَتهم قد هلكت ولَيسَ لَهم نَصيبٌ لِلأَبَد في كُلِّ ما يَجْري تَحتَ الشمَّْس.(جا 9 : 3-6 ) كم من مرة أحببت نظرة الخوف من سلطاني ونفوذي في عيون الآخرين، 2 أَللَّهُمَّ اسمع صَوتَ شَكْوايَ ومِن هَولِ العَدُوِّ احفَظْ حَياتي. (مز 64 : 2) كم من مرة قطعت الطريق على الآملين في الوصل الي مبتغاهم بسلام (أحبطتهم) 4 يُظَلَلكَ بِريشِه وتَعتَصِمُ تَحتَ أَجنِحَتِه وحَقُّه يكونُ لَكَ تُرسًا ودِرْعًا. 5 فلا تَخْشى اللَّيلَ وأَهوالَه ولا سَهْمًا في النَّهارِ يَطير 6 ولا وَباءً في الظَّلامِ يَسْري ولا آفَةً في الظَّهيرةِ تَفتُك. (مز 91 : 5) كم من مرة وجدت في الاتزام بوصايا الله عذابًا وفي المكوث في حضرته مشقة غَيرِ المُؤمِنينَ الَّذينَ أَعْمى بَصائِرَهم إِلهُ هذِه الدُنْيا، لِئَلاَّ يُبصِروا نورَ بِشارةِ مَجْدِ المسيح، وهو صُورةُ الله. (2كو 4 : 4) كم من مرة بحثت عن رفيق ميت لأجد في حضرته قوة وعضد إِنَّهُم عُميانٌ يَقودونَ عُمياناً. وإِذا كانَ الأَعمى يَقودُ الأَعمى، سَقَطَ كِلاهُما في حُفْرَة (مت 15 : 14) كم من مرة ضحكت مع صديقي على شخص أرهبناه 3 استُرْني مِن عِصابةِ الأَشْرار ومِن زُمرَةِ فَعَلَةِ الآثام. 4 مَن كالسَّيفِ سَنُّوا الأَلسِنَة وسَدَّدوا السِّهامَ ومُرَّ الكَلام 5 لِيَرْموا البَريءَ خِفيَةً يَرمونَه بَغتَةً ولا يَخافون. 6 عَزائِمَهم على أَمرٍ شِرِّيرٍ يُشَدِّدون في نَصْبِ الشِّباكِ (مز 64 : 3 - 5) كم من مرة حسدت الخاطئ وغرت من الشرير 19 لا تَغضَبْ على ذَوي السُّوء ولا تَغَرْ مِنَ الأَشْرار 20 لأَنَّهُ لَيسَ لِذي السُّوءِ مِن عاقِبَة ومصباحُ الأَشْرارِ يَنطَفِئ. (ام 24 : 19- 20) كم من مرة رغبت ( إلغاء الآخر) أن يكون كل من هم حولي أموات ( فلا رأي إلا رأيي و صوت إلا صوتي ) 20 وأَمَّا الأَشْرارُ فكالبَحرِ الهائج الَّذي لا يُمكِنُ أَن يَهدأ ومِياهُه تَقذِفُ بِوَحْلٍ وطين 21 (( لا سَلامَ لِلأَشرارِ، قالَ إِلهي )). (اش 57 : 20-21) كم من مرة اخترت الصمت .. صمت القبور لاسمع صوتي 10 فقال: (( ماذا صَنَعتَ؟ إِنَّ صَوتَ دِماءِ أَخيكَ صارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرض. (تك 4 : 10) كم من مرة واجه روح المسيح روح الشر التي تكمن في داخلي، 11 فقالَ لي: ((يا ابنَ الإِنْسان، هذه العِظام هي بَيتُ إِسْرائيل بِأَجمَعِهم. ها هم قائِلون: قد يَبسَت عِظامُنا وهَلَكَ رَجاؤُنا وقُضيَ علَينا . 12 لِذلك تَنتأْ وقُلْ لَهم: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبّ: هاءَنَذا أَفتَحُ قُبورَكم وأُصعِدكم مِنْ قُبورِكم يا شَعْبي، وآتي بِكم إِلى أَرض إِسْرائيل، 13 فتَعلَمونَ أَنِّي أَنا الرَّب، حينَ أَفتَح قُبورَكم وأُصعِدكم مِن قُبورِكم يا شَعْبي. 14 وأَجعَلُ روحي فيكم فتَحيَون، وأُقِرُّكم في أَرضكم، فتَعلَمونَ أَنِّي أَنا الرَّبَّ تكَلَّمتُ وصَنَعتُ، يَقولُ الرَّبّ . (حز 37 : 11- 14) موقف يسوع هنا: حضورومواجهة دون خوف من شراسة او عنف . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المتحمس السطحي http://www.coptcatholic.net/thumb.ph...efd1fde399.JPG كيف تعامل السيد المسيح مع المختلفين معه؟ دراسة في انجيل متى }عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد{(1تي 3 : 16)، }و الكلمة صار جسدا و حل بيننا و راينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة و حقا. {(يو 1 : 14)، وشابهنا في كل شيء}لكنه اخلى نفسه اخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس{(في 2 : 7). وتعامل وتواصل مع شخصيات عديدة، منها من كان ذا وجهة نظر مغايرة، او كان ذا قلب غير مستقيم، أو طبع شرير أو متهور او حسود أو مجرِّب ...الخ. في الواقع، كل منا، خلال احداث حياته اليومية، عاش ويعيش هذه اللقاءات مع المختلفين عنه! لنترك للمسيح نفسه فرصة تدريبنا على حسنالتعامل مع الآخر ولا سيما المختلف}قال واحد من تلاميذه يا رب علمنا{(لو11 : 1) المتحمس السطحي كيف تعامل المسيح مع الانسان المتحمس السطحي}فتقدم كاتب و قال له يا معلم اتبعك اينما تمضي، فقال له يسوع للثعالب اوجرة و لطيور السماء اوكار و اما ابن الانسان فليس له اين يسند راسه{(مت 8 : 20) ان تركيز الكاتب على المكان (يا معلم اتبعك اينما تمضي) لا على الرسالة او الشخص صاحب الرسالة!إنه ما زال على السطح منبهرا بقدرة المعلم وبالصيت الحسن وبترحيب المدن به ولكن يسوع لا يكتفي بالسطحي من الأمور بل الأمور المؤسسة على على المحبة المتأصلة فيها، فأراد المعلم ان يدعوه إلى العمق }و لما فرغ من الكلام قال لسمعان ابعد الى العمق و القوا شباككم للصيد{(لو 5 : 4)لأنه هكذا ينبغي ان يكون التابع والتلميذ}و انتم متاصلون و متاسسون في المحبة حتى تستطيعوا ان تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض و الطول و العمق و العلو{(اف 3 : 18)هذا الإنسان رأى المسيح واحبه، وسمع تعاليم السيد المسيح فتحركت معه مشاعره إلى حين، ولكن مثل هذا الحماس المبني على الانبهار والاندهاش لا على الإيمان، يشبه ذلك الحب الذي سقط من يد الزارع على الأرض المحجرة }و سقط اخر على الاماكن المحجرة حيث لم تكن له تربة كثيرة فنبت حالا اذ لم يكن له عمق ارض{(مت 13 : 5) لقد فرح بالمعجزات، و لم يفهم أن التلمذة على يد المسيح تتطلب تحمل وقبول للآلام ومثابرة في مواجه التحديات.يعلم السيد المسيح الذي هو }النور الحقيقي الذي ينير كل انسان اتيا الى العالم{(يو 1 : 9)اول درس للتلميذ: (تحرّر من عبودية الامتلاك) لتكن الأرض كلها منزلك وفي الوقت ذاته كن مثلي ليس لي مكان أسند رأسي فيه. يقول القدّيس جيروم: [إن هذا الكاتب قد رفضه (الرب) لأنه شهد المعجزات العظيمة وأراد أن يتبع المخلّص لينتفع من المعجزات. كان يتمنّى ما تمنّاه سيمون الساحر عندما أراد شراء الموهبة من بطرس، لهذا أدان المسيح إيمان هذا الكاتب وقال له: لماذا تريد أن تتبعني؟ هل من أجل الغنى والمكسب؟ إنّني فقير جدًا ليس لي مأوى أو حتى سقف يظلّلني!]}و في ذلك الحين سقط كهنة في الحرب و كانوا يريدون ان يبدوا حماسةفخرجوا الى الحرب عن غير تدبر{(1مكابين 5 : 67) ويكتب القدّيس جيروم في إحدى رسائله موضّحًا كيف نقيم الموضع الذي فيه يسند السيّد رأسه، قائلاً: [ابن الإنسان ليس له أين يسند رأسه، فهل تخطط أنت لإقامة مبانٍ شاهقة وقاعات فسيحة؟! إن كنت تنظر أن ترث خيرات هذا العالم فإنك لا تستطيع أن تكون شريكًا مع المسيح في الميراث (رو8: 17).] لماذا قدم المسيح هذين النموذجين ( الثعالب وطيور السماء) عند الحديث عن المكان؟؟ الثعلب حيوان ماكر مستكبر إنتهازي ذو أوهام كثيرة، جبان بطبعه ، لايهاجم ويخاف من الإنسان. تسكن الثعالب في أوكار وحُفر تحت الأرض أو في مخابئ حفرتها حيونات أخرى، وقد تصل حفرة الثعلب إلى عشرين متر تحت سطح الأرض وغالبا يكون لها عدة مخارج. الثعلب فاقد للأمان شديدالحذر لا يخرج إلا في الليل يبحث عن أكثر المساكن أمنا. وهذا نمط من الناس يعيش حياته ماكرا انتهازيا يخطف فريسته في غفلة من صاحبها ، شديد الخوف من الآخر ولكن متى وجد الفرصة امتلك بيتا لم يبنه ، أو حفر حفرة وعمقها واكثر من مخارجها حتى يشعر بالأمان . انهم أولائك الذين يكدون طوال عمرهم ليبنوا لأنفسهم سجناً ويأكلون مالا مغتصبا. ينسحبون في نهار البناء ليخرجوا في ليل التلصص والسرقة. أما الطيورفهي من أجملمخلوقات الله الحية وأكثرها انتشاراً في العالم، تبنيأعشاشهابنفسها، قدرتهاعلى الطيرانمكنتها من بناء أعشاشها على الأشجار.}ما اعظم اعمالك يا رب و اعمق جدا افكارك{(مز 92 : 5) يقدم المسيح نمطا أخر وهو طير السماء المتشامخ ، رمز الحريةولانطلاق ، رمز الجمال و الكبرياء، رمز تخطي حدود المكان . إنها تبني أعشاشها بنفسها ، وان وجدت عشا خاليا لا تسكن فيه ، بل تتعب وتتمتع في بناء بيتها. إنها عكس الثعالب التي تحفر في الارض ، فالطير يبني عشه على الأشجار العالية. الطير يمرح ويرفرف طوال النهار و يعود الي مسكنه ليلا والعكس تماما مع الثعالب! لا غالبا لا تخرج نهاراً بل تلزم مسكنها.. من الناس من يحدد مشروعا لنفسه ولعائلته ويتعب ويكد حتى يصل إلى مبتغاه ، يطلب أن يحلّق دوما فوق الجميع وألا يملك أحدا مثل ما يملك ( كالفتاة التي تختار ما لم يختره غيرها لتحتفظ بالفرادة ، ...الخ) وهؤلاء يصرفون الحياة بحثا عن المتعة والفرادة وإن لم تكن هذه يوما خطأ أو خطيئة متى لم تخرج عن كونها وسائل أم الغاية فهي الحياةنفسها والحياة هي المسيح . لذلك يذكر المسيح أنه لا يملك مكانا يضع فيه رأسه ، ولكنه في ذات الوقت يعرف انه ملك على قلوب كثيره وسكن فيها إلى الأبد . كيف تعامل المسيح مع الإنسان السطحي؟ دعاه إلى فهم وإدراك عمق سؤاله ... وكأنه يقول أنت تبحث عن المكان الذي سيعطيك مكانة بين الناس ، وهذا البحث بلا نتيجة ، فالمكانة الحقيقية في التخلي عن المكان، والترفّع عن اللهث وراء مكانة إجتماعية هي في نظر الله لا شيء وفي ميزان المحبة لا وزن لها. لنترك السيد يعلمنا كيف ندعو الآخر ان يحيا حياته يحيا ملء الحياة، يدخل إلى العمق بجسارة تاركاً جبن الثعالب. عاملا في النور مواجها تحديات وهموم النهار. وفي ظل القدير يجد أمانه وراحته. لندع المسيح المعلم يعلمنا ما معنى التلمذة ، إنها طريق المحبة الصامتة لا طريق المواهب والمعجزات ، طريق التواضع لا طريق التفاخر والكبرياء . فهذه كانت طريق ابن الإنسان في أيام تجسده على الأرض وظلت وستظل طريق المؤمنين الحقيقين من بعده، طريق إلى العمق. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الـمـزمور الــسـادس: صرخة ألم
امــام الــغناء - ذوات الاوتــار - الدرجه الثــامـنة - مزمور لـــــــداود تقديم يعتبر المزمور السادس من مزامير التوبة والتوسّل وهو أحد مزامير التوبة السبع وأولهم في الترتيب. والستة الباقية هي: 32؛ 38؛ 51؛ 102؛ 130؛ 134. وكلها تتناول موضوعاً واحدا هو نفس موضوع بشارة الأنبياء ويوحنا المعمدان " توبوا فقد اقترب ملكوت الله" بل تبدأ بشارة الإنجيل نفسها بهذه العبارة على لسان الرب يسوع نفسه " توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات". والتوبة أمر اساسي في حياة المؤمن والكنيسة التي يصفها المجمع المسكوني" إنها جماعة المؤمنين التائبين" فهي تتكون من شعب خاطيء ينتظر مجيء المسيح وخلاصه، وهو يصلّي للمسيح القائم من بين الأموات: لينقذْه من عالم الموت جميع الذي رقدوا على رجائه، وليساعدْ الذين يبكون خطاياهم فيكون لهم رحيمًا غفورًا. والمزمور السادس ينشده المرنم ليعبّر فيه عن ألمه وضيقه فكما يبدو من وصفه الدقيق لحالته المرضية هو يتألّم من جميع النواحي: أولا: الحالة الجسدية: نراه يعانيمن مرض جسدي رهيب يجعله يشعر أنه بات قريباً جداً من النهاية الحتمية لمثل حالته، لقد اقترب من الموت، كما في حالة حزقيا الملك. ثانيا: الحالة النفسية: يتألّم المرنم أيضًا حين يفكّر في شماتة أعدائه وسخريتهم منه وهم يرونه أقرب إلى الموت منه إلى الحياة.نحن نعرف أن الموت هو هزيمة الحياة وحسب المفهوم اليهودي فهو النهاية ويعني الفناء والهبوط إلى الجحيم حيث لم تكن فكرة القيامة قد توطدت فالله قد كشفها تدريجياً عن طريق الوحي...وحيث سيقضي الموت على حياة المرنم، نبي الله ومسيحه، فإن ذلك يعتبر في حد ذاته انتصار لمعسكر الشر... سينقص المعسكر الآخر فرداً مهماً وسيغيب عن الصفوف القائد الملهم... وهذا مصدر سعادة وسرور للأشرار. ثالثاً: الحالة الروحية: في انسحاق نفسي وجسدي يتوسّل المرنم إلى الرب إلهه ويدعوه طالباً الشفاء من المرض العضال، وحيث إن المرض والموت في الفكر اليهودي هما عقاب من الله، فإنه يطلب الرحمة ويعرف أن غضبُ الرب لا يدوم إلى الأبد، بل تحلّ محلّه الرحمة والرأفة "أنا مريض سقيم، وعظامي ترتجف، وأنت، فإلى متى يدوم غضبك، إلى متى تنسى رحمتك؟" رابعاً: الحالة العقلية المنطقية: المرنم لا يريد أن يفكّر إن كان يستحقّ هذا المرض أم لا، ولا يريد ان يدخل في محاكمة مع الرب " خطيئتي امامي في كل حين" فهو يعرف أيضاً ان الله عادل " تتبرر في اقوالك وتغلب إذا حاكمت" لذلك يكتفي بالايّكال على أمانة الرب فيجعل ثقته في رحمته وغفرانه وحنانه "الرب قد سمع صوت بكائي".صرخة إم يطلقها المرنم في الليل وهو مسمّر في فراشه المبلل بدموع توبته وحزنه. يمكن تقسيم المزمور على النحو التالي: 1 - صرخة ألم واستغاثة وطلب الرحمة من الله. (1). 2- توسل ودعاء. (2 – 4). 3 - الأسباب الحقيقية لرحمة الله. (5- 6). 4- شكوى الصديق ووصف لحالته الأليمة. (7- 8). 5- صلاة ختامية. (9-11). 2- يـا رب لا توبخني بـغـضـبك ، لا تؤدبني بـسـخـطـك : صرخة الألم يطلقها المرنم المريض في جوف الليل وهو مسمّر على فراشه تلفه ظلمة الليل وتشمله آلام المرض وتجتاح نفسه هواجس الموت ويسيطر عليه خوف من العقاب ويعذبه تأنيب الضمير على ما سلف وارتكبه من المعاصي والشرور، إنه يخشى في هذه اللحظات الحرجة أن يكون قد أغضب الرب الإله، فغـضـب الله علــى الانـسـان أصـعب وقعـا علــى الـنـفس مـن الـتوبيـخ واللــوم والـعــقـاب، بل والمرض والموت... v لا تؤدبني بـسـخـطـك: حين نسمع كلامًا عن غضب الله وسخطه نرتعب، ويلعب الكثيرون على هذا الوتر ليحتفظوا بالبشر أطفالا مرعوبين ينتظرون في كل لحظة ضربة من السوط الممسك به الله الجلاد الذي بيده الأخرى يدون في سجلات حياتهم كل الخطايا والمعاصي ليعاقبهم اشد العقاب...هكذا فكر المرنم وهكذا يفكر الآخرون، بل والكثير من المسيحيين أيضا! لكن الرب يسوع وهو الوحيد في حضن الآب ورأى واخبر كشف لنا عن وجه الله الحقيقي وهو مخالف تماما لكل تصورات قلبنا البشري الشرير الذي يريد ان يسقط حتى مشاعره المتضاربة وأهواءه المتصارعة على الله تسامى وترفع وتعالى. وإن كان الله قد سمح بهذه الصورة الرهيبة أن تنتشر وتتسرب لبرهة من الزمان في تاريخ الخلاص فهو يرفض أن يتم تصويره في صورة ال "بعبع" الذي قد يصل في غضبه إلى القضاء على أبناءه الذين خلقهم من العدم وأحبهم إلى المنتهى. فسخط الله يسـتدعـى اللــوم والتــوبيخ أحياناً بل الــتأديب والتهذيب الشديد في حالات خاصة. والــتأديب فــى الــعهد الــقـديـم تــأديب قــاس ولـــو كـان تــأديب اب لــبنيـه " ادب ابـنـك بقضـيـب مـــن حـــديــد "، لكنه هو الذي عرفه يونان وقال له: " ايها الرب إلهي قلت وأنا بعد في بلادي إنك تفعل مثل هذا (تصفح عن أهل نينوى) لذلك أسرعت إلى الهرب إلى ترشيش. كنت أعلم أنك إله حنون رحوم بطيء عن الغضب، كثير الرحمة ونادم على فعل الشر" (يو 4: 2-3) 3- ارحـمـنى يـا رب فإني سـقـيـم، اشفني يا رب فإن عظامي قد بليت: التــعامـل هـــنا كــما قــلـنا مـــع اب رحـيـم يـعرف ضـعف أولاده ويــشفق ويترفق فــى الـغضـب والــسخط فـــلا يـلـوم ولا يـعـاقــب. فالله متحرّر من هذه الأهواء والعواطف، وإن تكلّم بهذا الشكل على لسان رسله وأنبياءه، فلكي يقرب الصورة إلى عقولنا المحدودة ويدفعنا عن طريق الخوف لعمل الصواب حتى نعتاده ونتخذه لنا منهجا وأسلوب حياةن تماماً كما نفعل الأم مع أطفالها عندما تهددهم " سأخبر بابا حين يعود إلى المنزل وهو سيعاقبكم اشد العقاب"، فهل يعنى ذلك إن هذا الأب حقاً منتقم جبار سيمزقهم إرباً أو حتى أنها تشوه في ذهنهم صورة الأب ؟ والرد بالطبع بالنفي فالله استخدم هذه الصور ليجعل نفسه على مستوى عقولنا المحدودة... والكتاب يعلّمنا بوضوح أن الله ليس معرّضًا للغضب. قال الربّ: "هل يسخطوني أنا أم يسخطون أنفسهم" (إر 7: 19)؟ ولكن كيف نريد من الله أن يتعامل مع اليهود؟ هل كان باستطاعته أن يقول لهم إنه لا يحسّ بالغضب ولا بالبغض تجاه الأشرار؟ وما البغض؟ أليس البغض هوى يبلبل النفس فيفقدها الصواب والقدرة على الحكم السليم! v إني سـقـيـم : أعتقد أن المرنم قد أدرك هذه الحقائق بنور الإيمان لا بنور المنطق البشري المجرد، لذلك نراه يدخل في مرحلة جديدة من الحوار وينقل إستراتيجيته إلى منعطف آخر: اسـتـعـطاف لـحـنان الله وعــطـفـه فـالـمرنــم يـشــعـر بـخـطـايـاه ويــندم عـلـيـها ويــخشـى الـتأديـب فـيـطـلـب الـرحـــمـة ويـسـتـعـطـف ربه بــــأنـه إنسان مـريــض، فحـتـى لــو كــان يـســـــــتحق الــعقـاب فــإن حالته تــستوجــب الــــرحمة والترفق لــظروفه الــصحية وليس العقاب بالمرض والموت. v اشفيني : وهكذا بـــدلا مـــن الـعـقاب الـذي قد يكون مستحقاً، يـنـتـقل الــمرنم بـــدلال غـــريب، لكن لــيس غـريب لأبــن علــى أبــيه، إلى طلب النعم والرجاء في الشفاء... فـبـدلا مــن ان تــعاقــبـنى أو حـتى ترحمني وتعفيني من العقاب، أنا اطـلـب الــــشفاء. v عظامي قد بليت : لأن عــظامي وهـــى الأكثر صلابة في الـــبـنـيـة البشرية، وأقوي الـعناصــر الجسدية صــلابة وتـكويناً، قـــد بدأت تـــرتـجف وتـــنـهار. فأنا محتاج أن تمد يدك وتشفيني وتقيمني من فراش الموت وتنقذني من الهلاك، أنت وحدك تملك أن تخرج العظام البالية اليابسة وتعيدها إلى الحياة. (حزقيال37). 4- نفسي قد ارتــاعــت، وأنت يـا رب إلى مـتـى تنتظر: لــم يـتـوقف الأمر علــى انهيار الــقوى الــجسديــة وتهتك الــبـنـيـان المادي بـــل إن النفس السامية التي خـلـقتها على صورتك ومثالك وأسكنتها في جسدي، هي أيضا قـــــــــد أصيبت بــالـروع والــهلع مــن كــثرة الـهول والـخوف مـما سـيـصـيبها اذا أنــت غــضـبت عــليّ وعـــاقـبـتـني. v وأنت يـا رب إلى مـتـى تنتظر: يواصل الــمرنم صلاته في قلب الليل، فهو برغم مناجاته في الظلمة الحالكة من حوله داخلياً وخارجياً، برغم آلامه الجسدية والنفسية، يبصر جيداً ويعرف طريقه إلى قلب الله ويتلمسه بخفق قلبه، ها هو يـــطور هــجومه فــى اتـجاه الله وكــأنه هـــو الــذى يـــلوم الله عــلى تـــأخـره عــليه واهـــماله لــــصراخــه واستـغـاثــتـه. كفاك يا رب إلى متى تنتظر، تعبت من انتظارك نفسي وكلت من الترقب عيناي...هلم تعال. 5- عــد ونـج نفسي، لأجـــل رحــمــتـك خلصني: عــــــــــد، طـــلب ورجـــاء وأمــر. كــــأنه يعرف أن الله كـــان مـــعه ثــم هـــــــــجره، وهـــا هـــو يـــطلب عــــودة الله الــى مـــوقعه فـــى إدارة دفــــــه حــياتـه، لانه بــــدونـه لا شــيء، وحياته كلها مـــعرضــة للـــدمـار والـــهلاك والفناء...ليس أمامه سوى الصراخ، وها هو يصـرخ إلى الله طـــالبا مـــنه الـــنجاة والـــــخلاص لا عــن استــــحقـــاق، بـــل انــــطلاقاً مــــــــــن ثقته في جـــــود الله ورحـــــمـتـه... كأنها نفس صلاة يونان النبي من بطن الحوت" لكنك أيها الرب الإله سترفع حياتي من الهاوية وعندما تعود نفسي أتذكرك أيها الرب الإله فتصل إليك صلاتي في هيكلك المقدس" (يو 2: 6-7). v لأجـــل رحــمــتـك خلصني: أنا واثق يا رب أنك سوف تعود تترأف وتتذكر وترحم، لا عن استحقاق أو جدارة مني، فليست أسباب الرحمة والعفو والشفاء عندي، لكنها عندك لسبب جوهري بسيط، هو أنك حب ورحمة وحنان. ليست هذه هي المرة الأولى التي أسقط فيها ولا هي المرة الأولى التي اصرخ فيها إليك ولن تكون الأخيرة التي ستعود وتفتقدني وتنجيني. 6- لـيس فـي الـمـوت مـن يـذكـرك، ولا فـي الـجــحـيـم مـــن يـعترف لك: لـيـس فـي الـمـوت مـن يـذكـرك: يـــحاول هـــذا الــطفل الــمدلل ان يـــــــسوق الـى أبـيه السماوي بــعض الأدلـــة والـــبراهـين والأسباب المنطقية التي تــساعده علــى الـــعفـو عـــنه والــترأف بــحاله ومــــد يــد الـــــمعونة لإنقاذه. وتلاحظ أن النبي ليست لديه دراية كاملة بأمـور الــحياة الأخــرى، حــيث يـــعتقـد كـــما كــان يــعـتـقـد مــعـظـم معاصروه آنذاك، أن حـــياة الإنسان وعــــلاقته بـــالله، قــاصرة علـــى الحياة على الأرض فــــــقـط، وبالتالي يحسن بالله أن يـــمد في حــــــياة عباده حـــتى يـــسبحونه ويـــمجدونه ويترنمون علــــى آلات الـــطرب ذوات الأوتار... إذا كان الله قد خلق الإنسان لتمجيده، فإن مات المرنم وذهب إلى الجحيم، عالم الموتى، فمن يذكر الله بعد ذلك ومن ينشد اسمه (أش 38: 18- 19؛ مز 29: 10- 11؛ 87: 11- 12). كأن بالمرتّل يقول للرب: إن أنا متّ، فلن تجد من ينشد لك ويذيع اسمك، فتكون أنت الخاسر. ويجد له القديس يوحنا فم الذهب مخرجاً من هذا المأزق فيقول "حين يتكلّم هكذا، فهو لا يريد أن يحصر مصيرنا في الحدود الضيّقة التي تعرفها الحياة الحاضرة. لا سمح الله. فهو يعرف عقيدة القيامة، ولكنه يريد أن يقول، إننا حين نخرج من هذه الحياة، يكون زمن التوبة قد ولّى بالنسبة إلينا. فالغنيّ الرديء اعترف بخطاياه وندم عليها. ولكنها ندامة عقيمة. لم يعد الوقت وقت ندامة. ورغبت العذارى الجاهلات بالزيت، ولكن لم يعطهن أحد. لهذا يطلب النبيّ إلى الله أن ينقّيه من خطاياه وهو على الأرض، لكي يقف بثقة أمام منبره الرهيب. ثم يعلّمنا أنه يجب أن نضمّ إلى رحمة الله مجهودنا الخاص". v ولا فـي الـجــحـيـم مـــن يـعترف لك: وهذه جملة أخرى تخالف عقائدياً ما وصلنا من الوحي عن طريق الرب يسوع، فالحقيقة التي يوردها المزمور تذكر أن النفس عندما تموت تذهب إلى الشيئول، مثوى الأموات أو الجحيم حسب اعتقاده، ولا حياة بعد الموت لكن الرب يسوع يكشف لنا الحقيقة الجديدة التي تبث فينا الأمل والرجاء في قوله للص اليمين "اليوم تكون معي في الفردوس"، هناك إذن مقر آخر ومثوى للأموات يجهله المرنم ويعرفه الله، لكنه يستغل جهله في إقناع الرب الذي لا يتواني عن العفو والتدخل والخلاص برغم الخطيئة والمرض والجهل. 7- قـــد تـعـبـت في زفيري، أعوم كــل لــيلة ســـريرى بدموعي: وكأنه يشعر بضعف منطقه وضآلة حجته في مواجهة الله فيزفر في مرارة ويــعود لــلاستـعـطـاف مذكراً الرب من جديد بـــحالته المزرية وشقاءه المقيم وتـــعـبه الموجع وذلـــه المرير لـــــيلاً ونـــــــهاراً لـــدرجة لا تدمع لها العين فقط بل تبكي لدرجة تــبــلل لا الــوســــادة التي يسند إليها رأسه وحـــدها، بــل الـــفراش بـــأكمله! 8- ذبـلــــت من الكدر عيناي، وشاختا لكثرة خصومي : يتذكّر المرنم آلامه ليقول للرب إن عدالته قد أخذت مجراها والمحنة قد فعلت فعلها. بكى المرتّل خطاياه وتاب عنها، وحزنه ودموعه أكبر دليل على ذلك فاسـتـكـمـالاً للـــجسم والــــعظام والـــنفس، يصل المرض والذبول إلى السراج الباقي في هذا الجسد العليل، فــحتى الـــعينان ذبـلتا وهـــــــــرمتا ولم تعودا تبصران من شدة الحزن والكدر وكثرة الدموع وغزارتها، لا بـــالآلام الــجسدية والنفسية فـــحسب، بـل لمـــوقفه أمام خـــصومه الــــذين يـــــشمتون بــما حـــل بــه مـن بــــلايـــا وبـالأخـــص بـانـفصالـــه عـــن الــهه الذي تخلى عنه وهجره وسلمه لأبواب الموت والفناء. 9- ابـتـعـــدوا عني أيها الآثمة، الرب سمع صوت بكائي: إنه يطلب أن يلتفت الله إليه ويخلّص نفسه وهذا هو طلب الأبرار التائبين، أن يتصالح الله معهم، أن يكون راضيًا عنهم ولا يميل عنهم بنظره الرحيم، وبالتالي تنجو نفوسهم، حيث أنهم لا يقتدون بسلوك الأكثرية من "معسكر الأشرار" الذين لا يطلبون إلاّ شيئًا واحدًا في غرائزهم الخشنة وهو التمتّع بالحياة الحاضرة، أمّا الأبرار فليس لهم إلاّ رغبة واحدة، هي خلاص نفوسهم. وهذا كما نعرف من المزمور الأول بالابتعاد التام عن الأشرار والآثمة عن سلوكهم وطرقهم، فـــبعد أن كــان واحـــداً مـنـهم وشــــاركهم آثامهم هـــا هـــو ينتفض عـــلى الــــخطيئة ويـــبتعد عـــن رفــقه الـــسوء الــــتى أوقـــعتـه في الـمعصية. v الرب سمع صوت بكائي: سمع الرب في الماضي وتعني ليس فقط السماع بل الاستجابة وتلبية الصلاة المصحوبة بدموع التوبة وصوت البكاء والنحيب. هكذا تتم المصالحة وبهذا يتحقق الرجاء. 10- الرب يسـمـع لتضرعي. الرب يتقبل صلاتي: الرب يسمع ، تأكيد لتلك الثقة الغالية إنه حاضر ولو لم أره، قريب ولو لم أشعر بوجوده سمع في الماضي ويسمع في الحاضر والمستقبل أيضاً، أخـيراً تمت الاســـــــــتجابة للصلاة والتضرع والدموع. v الرب يتقبل صلاتي: الـرب يتقــبــل إذن الصلاة ويلبي دعوة من يدعوه. ولـــيست الاســتــجابة فـي الـــسماع فـــقـط، بـــــل لــقد قــــبلت الـــــدعوى وســـيتم اتــــخاذ الإجراءات اللازمــــة، فغضبُ الرب لا يدوم إلى الأبد، بل تحلّ محلّه الرحمة والرأفة. أنا مريض سقيم، وعظامي ترتجف وأنت، فإلى متى يدوم غضبك، إلى متى تنسى رحمتك؟ لقد استمعت واستجبت أخيراً. 11- العار واللعنة لأعدائي، والهزيمة في خزيهم: هــــــــا قــد اســـتعــدت علاقتي بــمصدر قوتي وصــــفا الــــجو بـيـنـنا وعدت متــحداً بـــــأصل الــــكرمة منه أتغذى وفيه أحيا وأتحرك وأوجد وقد شفاني وأقامني ولم يكتف بذلك بل كللني بالمجد والكرامة وأخزى أعدائي والشامتين فيّ، لقد أخزاهم ودحرهم فانهزموا مرة ثانية وثالثة ورابعة... لا مــجال إذن للــــــــشر والأشـــــــرار ولا دوام لنصرهم وشماتتهم فغضب الرب على أحباءه سرعان ما يزول وهو سيعود فيعطف ويتحنن ويقيمهم ويخرجهم من أبواب الموت ويحررهم من قوى الجحيم فهو إله الرحمة لا إله الغضب. كيف عاش الرب يسوع المسيح هذا المزمور؟ نستطيع القول أن الرب يسوع قد صلى هذا المزمور في حياته ، وقد فسّره آباء الكنيسة بطريقة مسيحانية، فكلماته تطابق حياة المسيح وكلامه وها نحن نرى شخص الرب يسوع يصلي: - عد وخلص نفسي: لا شكّ في أن المسيح صلّى هذا المزمور مرارًا ليعبّر به عن ثقته بالآب في كل ما لاقاه خلال حياته على الأرض من آلم ومتاعب وبالذات في ساعة الألم والموت.ومثل النبي نرى الرب يسوع واثق من استجابة الآب الفورية لذا كانت صلاته وكلماته من عمق القلب خاطب بها الآب وهو واثق من سماعه واستجابته له.لذلك رقد المسيح بسلام ونام في القبر منتظراً جواب الآب الذي لن يتأخر.واثق وهو راقد برجاء القيامة والخلاص والعبور من الموت إلى الحياة... كيف نعيش هذا المزمور في حياتنا كمسيحيين: لا جدال على أن هذا المزمور هو أيضا تجسيد للطوبى التي يحياها المسيحي الحقيقي: - يا رب لا تغضب في معاتبتي ولا تحتد إذا أدبتني: كثيراً ما نتجاوز الوصايا ونخرج عن طاعة الله ونشعر اننا نلنا ما نستحق من عقاب عادل، لكن بدلا من الصمت والخضوع لإرادته في حياتناتجدنا نصرخ ونتضرع طالبين بكل ثقة في الصلاة الحقيقية رحمة وغفراناً، وهذا محبوب في عيني الله فقد رحم بطرس لتوبته ولم يرحم يهوذا ليأسه من الرحمة والغفران. - أنافي ضيق وقلق شديد فإلى متى يا رب تنتظر : تردّد الكنيسة هذا المزمور صلاة واثقة منتظرة من الله أن يصنع فيها معجزاته. وقد انشده الملايين من الشهداء عبر التاريخ وهم يقدمون حياتهم على هذا الرجاء عالمين أن إلههم لن يتركهم وربهم لن ينتظر طويلاً. - ابتعدوا عني أيها الأثمة: إنه تحقيق للطوبى التي نالها المؤمن في المزمور الأول فطريقه غير طرق الخطاة وسلوكه مخالف تماماً لسلوكهم. - اعلموا أن الر ب قد سمع صوت بكائي: يثق المسيحي في حضور الرب في حياته ورعايته المستمرة له فهو يسمع صلاته ولا يهمل احتياجاته وينفذ له كل طلبته لاسيما إذا كانت مصحوبة بدموع التوبة والندم كما حفرت الدموع مجاري على وجنتي بطرس فأقامه صخرة بنيت عليها كنيسته واعطاه سلطاناً به يحل إخوته من خطاياهم. - نتعلم من هذا المزمور ما اشار إليه الرب يسوع شخصياً في مثل "قاضي الظلم" الذي وإن حكم يتراج ويعيد النظر لأجل إلحاح تلك المرأة التي تطلبه بلا ملل.لنستعدّ إذن للصلاة بإلحاح إلى الله، ولنتعلّم كيف يجب أن نوجّه إليه طلبتنا.. يقول القديس يوحنا فم الذهب " تستطيع أن تدافع عن قضيّتك كما تدافع عن قضيّة الآخرين". فلنتب عن خطايانا ولنصرخ إلى الرب نادمين عن كل شرور اقترفتاه، وإذا شعرنا أننا تحت العقوبة ومستحقين للدينونة والقصاص فما علينا سوى ان نصرخ نحوه فيشرق بنوره ويبدد ظلام غربتنا ويجدد لنا عطية الحياة ويحيي فينا الرجاء. آمــــــــــين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأمثال في إنجيل القدّيس لوقا الأمثال في إنجيل القدّيس لوقا نجمع في هذا العدد باقي أمثال الفصل الثالث عشر حتى وإن لم تكن تتناول كلها الموضوع ذاته. يختلف الموضوع الذي يتناوله مثلا حبة الخردل (18-19) والخميرة (20-21) عن موضوع تعليم الباب الضيق (22-30). يدور المثلان الأولان حول تواضع بداية ملكوت الله الشديد، وعظمة نتيجة حلوله. مثلا "حبة الخردل والخميرة" يضع إنجيل القديس لوقا هذين المثلين التوأم في سياق رحلة صعود يسوع إلى أورشليم، وبالتحديد في نهاية تعليمه في المجمع (لو 9:13)، حيث تعرّض يسوع لمقاومة ورفض شديدين (لو10:13-17). إن وضع المثلين في هذا المكان المزدوج (الصعود إلى أورشليم ورفض تعليم يسوع في المجمع) يسبغ عليهما طابعاً كريستولوجياً شديداً. إن طلب الملكوت والبحث عنه هو طلب يسوع والبحث عنه. يهدف المثلان القصيران تشجيع المؤمنين تجاه الفشل الذي يتعرض له يسوع: تواضع البداية وصغرها لا يقارن بعظمة النهاية، لا بل أنه المقدمة أو الشرط الذي لا غنى عنه. "حبة الخردل"(لو19:13) يعرض إنجيل القديس لوقا مثل حبة الخردل بطريقة موجزة جداً: فيستعمل ثلاثة أفعال فقط ليتكلم عن مراحله الثلاث: زرعها- نموها- تحولها إلى شجرة. ويستخدم هذه الأفعال الثلاثة في زمن الماضي التام في حال التأكيد. لا يضيف أية تفاصيل توضيحية. إن تحوّل حبة الخردل، بسرعة فائقة، إلى شجرة ضخمة، وهو من معجزات الطبيعة، أمر واضح، يمكن لأي مرء أن يلاحظه. كما أن الإنجيل لا يقول مثلاً إن حبة الخردل هي أصغر جميع الحبوب، وقت الزراعة، ولكنها تصبح، عندما تكبر أكبر البقول. يزوّد إنجيل القديس متى قارئه بهذه التفاصيل. إن أهم نقطة، في إنجيل القديس لوقا، هي التناقض الشديد بين تواضع البداية وصغرها من ناحية وعظمة النهاية وروعتها. يترك النص، في هذا الإنجيل، فسحة لمرحلة الوسط وهي مرحلة النمو. من جهة أخرى لا يقوم التركيز فقط على البداية والنهاية. تشير إلى هذا الأمر وتوضحه أزمنة الأفعال الثلاثة ومظهرها: إنها كلها متوازنة. والمرحلة الثانية ليست مجرد وسيلة لربط الاستمرارية بين الأولى والثالثة، بين البذرة والشجرة، بين بداية الملكوت واكتماله. إنها مرحلة نمو ذات معنى مستقل. وغني عن الذكر أن تعليم إنجيل القديس لوقا يركّز دائماً على هذا الأمر. إنه يعكس الجانب الإيجابي لزمن الكنيسة. إنه ليس بعد زمن الاكتمال، وفي نفس الوقت لم يعد بعد زمن البداية. إنه الزمن الذي تجتاح فيه كلمة الله العالم، وينتشر الإنجيل ويهتدي الوثنيون. إنها اللوحة التي يرسمها أيضاً كتاب أعمال الرسل. "الخميرة" (لو 21:13) ينسخ إنجيل القديس لوقا مثل الخميرة (لو 21:13) من إنجيل القديس متى (مت 33:13ب) حرفياً، مع فارق واحد هو الفعل الذي يحدّد عمل المرأة: يستخدم إنجيل القديس لوقا فعل خبأ، بينما يستخدم إنجيل القديس متى خبأ في، وهو تفصيل دقيق. لا يكفي، في الواقع، دس الخميرة في الدقيق، لابد من العمل في هذا الخليط. يكتفي إنجيل القديس لوقا بالقول بدسها، ثم تقوم الخميرة ذاتها بعمل اللازم. كما أن صورة الاختباء أو الدس توحي بأن الخميرة تختفي، ويصبح عملها غير منظور. هكذا أيضاً ملكوت الله. الباب الضيق (لو 22:13-30) يجب قراءة هذا المقطع على ضوء الجدال الذي يدخل فيه المثل. المثل في حد ذاته قليل الأهمية. إن ملاحظة الصراع الذي يزداد بين سؤال وجواب بين فكر السائل ورد يسوع عليه، هو الذي يوضح طبيعة هذا المثل وتعليمه. تلعب الملاحظة الخاصّة بتحديد الزمن "وهو سائر إلى أورشليم" دوراً لاهوتياً هاماً. إنها ليست مجرد ملحوظة عابرة أو إشارة زمنية فحسب. نستطيع أن نضع عنوان "نحو أورشليم" لفقرة إنجيل القديس لوقا الممتدة من لو 51:9 حتى لو 28:19. ولكن الإنجيلي يصر، في نصنا هذا عن الباب الضيق، أن يحدد "هو سائر إلى أورشليم" ويبدو أن لوقا يخشى أن ينسى القارئ هذا الأمر، فيشير إليه مراراً عديدة (57:9؛ 38:10، 33:13؛ 25:14؛ 11:17؛ 31:18و37؛ 1:19و11و28). يجدر بنا أن نتساءل عن سبب إصرار الإنجيلي على تذكير القارئ أن هذه الأحداث وهذه الأقوال تقع كلها في إطار صعود يسوع إلى أورشليم. لا ينصب اهتمام لوقا على تزويدنا بالمعلومات الجغرافية، أو إعطاء تفاصيل تاريخية على غرار اليوميات، لتحركات يسوع. إن هدفه تعليمي لاهوتي. يتوجّه المعلم نحو أورشليم حيث تقع أحداث الخلاص الكبرى: آلام وموت وقيامة يسوع المسيح وبداية مسيرة الكنيسة. ويدخل ضمن هذه الأحداث في رأي إنجيل القديس لوقا، رفض بني إسرائيل تعاليم يسوع ورسالته. إن مدينة أورشليم هي رمز أمانة الله وتحقيقه وعوده، وهي أيضاً، في نظر المسيحيين، رمز رفض من أرسله الله: إنه دليل على أن أمانة الله لوعوده تأبى أن تتحول إلى سبب ثقة متغطرسة للحصول على حقوق مكتسبة: شعب الله أيضاً معرّض لأن يفقد فرصته الكبرى ولأن يسمع: "لا أعرف من أين أنتم". هذا هو التعليم الأساسي لهذه الصفحة. السؤال والرد كان عدد كبير من المعلمين يؤكد: إن كل بني إسرائيل سيشتركون في المائدة المسيحانية: تقتضي ذلك أمانة الله على وعوده التي قطعها للآباء. ولكن هناك بعض المتشائمين الذين ما شاركوا الآخرين في رأيهم. يرد في كتاب عزرا الرابع وهو كتاب أبوكريفي: "لقد أوجد الله هذا العالم لأناس كثيرين ولكن العالم الآتي لأناس قليلين... عدد الذين يهلكون يفوق عدد الذين يخلصون، بقدر ما تفوق الأمواج القطرة" (4عزرا 1:8؛ 15:9). هكذا تطور جدال، في المدارس اللاهوتية يدور حول كثرة أو قلة عدد الذين يخلصون. أراد أحدهم أن يستطلع رأي يسوع في هذا الأمر. لكن يسوع لا يأبه لهذا الجدال ولا يهتم به، لأنه مقتنع أن جوهر المسألة هو أمر آخر. ليس الخلاص أمراً مضموناً للجميع. هذا هو لب المسألة. لذلك يرد يسوع، كعادته، مغيراً السؤال: طرح السؤال "رجل" ويرد يسوع موجهاً كلامه إلى الجميع: "اجتهدوا.."، ما يقوله يخص الجميع لا البعض فقط. الأمر غير قاصر فقط على دارسي اللاهوت، بل هو أمر حيوي، أساسي يجب أن يشغل كل واحد: الجميع. يطرح هذا الرجل سؤالاً عاماً، مدرسياً، مجرداً. يرد يسوع موجهاً الكلام لأشخاص محددين، لكل الحاضرين ولطارح السؤال. يتحول التساؤل العام إلى تساؤل شخصي، ومن مسألة بحث إلى نمط قناعة ونمط حياة أخلاقية. يلجأ يسوع إلى صورة نابضة بالحياة (لو24:13-25): الباب ضيق الذي يفتح لفترة قصيرة جداً، ويتزاحم أمامه جمهور كبير للمرور منه. لذلك يجب المبادرة والسرعة والاهتمام بدون تردد، كما لو كانت مباراة. والأفعال التي يستعملها إنجيل القديس لوقا أفعال معبّرة للغاية: "اجتهدوا" "سيحاولون" "يستطيعون" لا يعني ضيق الباب أن الذين يخلصون قليلون، إذا كانوا كثيرين أو قليلين فهو في علم الله. يعني ضيق الباب أنه يجب الإسراع والاجتهاد. لا أعلم من أين أنتم ربما قصد من طرح السؤال البشر عموماً والوثنيين بنوع خاص. يوجّه يسوع الانتباه إلى شعب الله. قد يبقى خارجاً حتى أعضاء شعب بني إسرائيل (لو28:13) لا يكفي أن ينتمي المرء إلى الشعب المختار، أو أن يكون قريب الرب أو أن يفتخر بميراثه الديني: "لقد أكلنا وشربنا أمامك، لقد علمت في ساحاتنا" (26:13). لا يترك يسوع أيّة فرصة لأوهام معاصريه. يخطئ من يعتقد أنه يخلص بفضل آبائه واستحقاقاتهم. كما يخطئ أيضاً من يعتقد أن خلاص الوثنيين أصعب من خلاص اليهود. يصف يسوع الملكوت على الطريقة اليهودية، مستعملاً صورة المأدبة المسيحانية، التي يجلس فيها المختارون بجوار الآباء (أش6:25، لو16:14-24؛ 16:22). ولكن ما يعطي حق الجلوس مع الآباء ليس هو الانتماء إلى الشعب، بل هو الإيمان. إنه من الممكن أن يُحرم من هذه المأدبة أبناء الأنبياء وأبناء إبراهيم واسحق ويعقوب. كما أنّه من الممكن أن يتكئ فيها أغراب أتوا من المشرق والمغرب والشمال والجنوب، بينما يُطرد القريبون: "لا أعلم من أين أتيتم؟" ونؤكد أن ما يصح لمعاصري يسوع يصح للجميع. إن ما يصح لليهود يصح أيضاً للمسيحيين. لقد استعمل إنجيل القديس كلمات مشابهة وطبقها على المسيحيين: السيئين: "يارب، أما باسمك تنبأنا؟ وباسمك طردنا الشياطين؟ وباسمك أتينا بالمعجزات الكثيرة؟ فأقول لهم علانية: ما عرفتكم قط. إليكم عني أيها الأثمة" (مت 22:7-23). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مثل "الغني الجاهل" (لو 13:12-21) http://www.peregabriel.com/gm/albums...-rich-fool.jpg يرد مثل الغني الجاهل (لو16:12-20) بعد حوار (13:12-15) وتليه مجموعة من التعاليم (22:12-34). يعود وضع المثل في هذا السياق إلى عمل المحررين اللاحقين إذ كان الحوار والمثل، أصلاً، منفصلين. ويورد إنجيل القديس متى التعاليم ذاتها دون أي رابط مع المثل (را. مت 19:6-21و 25-34). لقد أورد إنجيل القديس لوقا هذه التعاليم بعد المثل كنوع من التعليق عليه. إن في ذلك إشارة إلى كيفية فهم كاتب الإنجيل للمثل وكيفية استخدامه له، كما استلمه من التقليد. يرى يواقيم يرمياس، في كتابه أمثال يسوع، أن هذا المثل كان في الأصل مثل دينونة أراد به يسوع أن يعلن اقتراب نهاية، وبالتالي غباء، الذي يهتم فقط بجمع الثروات كما لو كان هو والعالم أزليين. ويبدو أن إنجيل القديس لوقا حول هذا المثل من مثل دينونة إلى تعاليم عام عن غباء جمع الثروات واكتنازها؛ وبالتالي إلى تعليم ونصائح للاستعداد للنهاية التي تقترب، بل لطريقة حياة في الزمن الحالي. لا نتفق مع يواخيم يرمياس في نظريته هذه لأن هذا يفترض أن يسوع كان مقتنعاً بأن النهاية قريبة وليس هناك أية أدلة تثبت هذا الأمر. إن يسوع لم يعلن نهاية العالم، بل أعلن اقتراب الملكوت الذي، بحلوله، يقلب طريقة حياة البشر وأولوياتهم رأساً على عقب. أساس المثل ليس هو حالة الطوارئ لاقتراب النهاية، بل ضرورة النظر إلى العالم نظرة جديدة. كان موضوع عدم جدوى الثروات وحماقة مَن يعتمد عليها شائعاً ومعروفاً في حكمة بني إسرائيل. وكان يسوع، بكل تاكيد، على علم بذلك. ولكن يسوع أعاد فهم هذا الأمر وتفسيره، كما يشهد بذلك مثل الغني الجاهل، على ضوء مفهومه عن الملكوت. جمهور المستمعين مَن يخاطب يسوع بهذا المثل؟ يحدّد لوقا جيداً ملامح المستمعين، وهو أمر يستحق العناية والاهتمام. كان يحيط بيسوع جمهور كبير يتزاحم ويتدافع حوله، لكي يقترب منه، ويوجّه يسوع الخطاب، بغرابة شديدة إلى التلاميذ: "واجتمع في أثناء ذلك ألوفاً من الناس، حتى داس بعضهم بعضاً، فأخذ يقول لتلاميذه أولاً" (لو1:12). يوجّه يسوع الخطاب أولا إلى الرسل ولكن الجموع تتابع هذا الخطاب حتى أن أحدهم سأله "فقال له رجل من الجمع: "يا معلم مُر أخي أن يقاسمني الميراث" (لو13:12). يرد يسوع على هذا غير المحدد، مخاطباً الجموع والتلاميذ معاً: "يا رجل مَن أقامني عليكم قاضياً... ثم قال لهم.." (لو 14:13أ و 15أ). إن خطر الطمع يهدد الجميع بما فيهم أيضاً التلاميذ. وعندما يختم يسوع المثل يتوجّه إلى تلاميذه وحدهم: "وقال لتلاميذه..." (لو22:12): شارحاً لهم ما معنى أن يغتني الإنسان بالله، أي كيف يدخل الإنسان في المنطق الجديد للملكوت. غني جاهل يطلب أحدهم أن يناصره في حصوله على نصيبه من الميراث: "فقال له رجل من الجمع: يا معلم مُر أخي أن يقاسمني الميراث" (لو13:12), كان من المعتاد أن يطرح الناس المسائل الشرعية المعقدة على كبار معلمي الشريعة، خبراء تفسيرها. بهذه الصفة يلجأ هذا الرجل إلى يسوع الذي يرفض بلباقة تلبية طلبه: "يا رجل، مَن أقامني عليكم قاضياً أو قساماً؟" (لو14:12)، يبدو من رد يسوع هذا أنه لا يريد أن يتدخل في المسألة، ولكنه في الواقع يحلها بطريقته الخاصة. لا ينزلق إلى قشور الموضوع ولكنه يدخل فوراً إلى عمق المسألة وجذورها. يتنازع أخوان حول الميراث. يريد أحدهما أن يظل الميراث برمته بدون تقسيم، وهذا ما يجب كشفه: "تبصروا واحذروا كل طمع، لأن حياة المرء، وإن اغتنى، لا تأتيه من أمواله" (لو15:12). يوضّح المثل بطريقة واضحة ومباشرة تعليم يسوع. يعمل إنسان طوال عمره لكي يقيم ثروة. وعندما يعتقد أنه وصل إلى الحد الكافي وحصل على "أرزاق وافرة يكفي مؤونة سنين كثيرة" (19:12أ) يقرّر أن يستريح وأن يستمتع بهذه الخيرات "أقول لنفسي: استريحي وكلي واشربي وتنعمي..." (19:12ب). ولكن هيهات، إذ يجلجل صوت: "يا غبي، في هذه الليلة تسترد نفسك منك" (20:12أ). إن المسألة لا تخص لا الخيرات والثروات ولا التمتع بها، إنما تخص اعتبار أن جوهر الحياة ومعناها يقومان ف اكتناز الخيرات أي اعتبارها المركز والأمان. يرفض يسوع ويشجب بشدة فائض الخيرات الذي يصاحبه الجشع والطمع والصلف والخيلاء والمجد الباطل. إنه يتكلم عن حياة بلا صفات. يهدد الخطر ليس فقط حياة العالم الآتي بل أيضاً الحياة الآن: الحياة هي ملء الحياة وليس مجرد الوجود. يصف المثل الرجل بأنه غني (لو16:12) وغبي (لو 20:12). لماذا يصفه المثل بالجهل؟ الكلمة اليونانية التي تشير إلى هذا هي أفرون أي بلا رأس كما نقول في عباراتنا الدارجة: الأحمق، اللاهي، اللامبالي. يختلف مفهوم الحكمة في الإنجيل عنه لدى العامة. يرى الجميع أن الحرص على جمع الخيرات لتامين المستقبل حكمة. أمّا يسوع فيرى في ذلك حماقة وجهلاً، لأن ذلك يعني أن يبني المرء حياته على خيرات زائلة. إن عبارة "فلمن يكون ما أعددته؟" (لو20:12ب) هي سؤال ينضح بآن واحد بالحكمة والسخرية اللاذعة. يعبّر هذا السؤال الساخر عن غباء مَن يتكل على جمع الخيرات والثروات. لقد عبّر كتاب الجامعة عن هذا الأمر: "إنسان رزقه الله غنىً وأموالاً ومجداً فلم يكن لنفسه عوز من كل ما يشتهي. ولكن الله لم يدعه يأكل من ذلك، إنما يأكله غريب. هذا باطل وداء خبيث" (جا2:6) ويقول نفس الكتاب في مقطع آخر: "ثم التفت فرأيت باطلاً آخر تحت الشمس: واحد ليس له ثانٍ، لا ابن ولا أخ ولا نهاية لكل تعبه ولا تشبع عيناه من الغنى: لمن أتعب و أحرم نفسي الهناء؟هذا أيضاً باطل وأمر سيء" (جا7:4-8). أنواع مختلفة من الغنى قد يكون من المفيد أن نتعرّف من العهد القديم على الأجزاء المختلفة التي يتكوّن منها هذا المثل. يبدو أن يسوع ينطلق من نص في كتاب يشوع بن سيراخ: "رب إنسان اغتنى باهتمامه واقتصاده وهذه هي أجرته: حين يقول: قد بلغت الراحة سآكل الآن من خيراتي" وهو لا يعلم كم يمضي من الزمان حتى يترك ذلك لغيره ويموت" (سي 18:11-19). يبدو أن يسوع حوّل هذه الحكمة إلى مثل. لقد أبرز يسوع مفهوم "البطلان" الذي ورد في كتاب الجامعة: "باطل الأباطيل. كل شيء باطل" (جا 1:1) عندما جعله في مثل ملموس قريب من فهم الناس. ينظر الجامعة بتجرّد شديد إلى كل أمور الحياة وخبرات البشر: إن كل ما يتوقعه الإنسان ويثق يلبي أقل بكثير ما يعد به: إنها كلها أباطيل لا تثبت مثل الدخان أو البخار. يختلف يسوع عن الجامعة إذ لا يكتفي بكسر هالة الاكتناز، بل يحدد بوضوح الطريق الذي يتبعه الإنسان لكي يتغلّب على هذه الأباطيل ويهرب منها مَن يكتنـز هذه الخيرات إنما يكتنـزها لذاته ولا يغتني بالله. إن الغباء والحماقة يقومان في هذا "الاكتناز للذات" لا الاغتناء بالله. إن عبارة لله في اللغة اليونانية ترد فعل حركة انتقال نحو الله، بالتالي لا يكون معناها لأجل الله، بل في اتجاه الله. إنه بذلك يوحي بفكرة هامة جداً: لا يقدم الإنسان خيرات وتقدمات لله، بل يستعملها في اتجاهه؟ وهو في طريقه إليه، بمنطقه هو. تبرز تعاليم إنجيل القديس لوقا التالية معنى "لله": "لا يهمكم للعيش ما تأكلون، ولا للجسد ما تلبسون" (لو22:12)، "فلا تطلبوا أنتم ما تأكلون أو ما تشربون ولا تكونوا في قلق" (29:12) "أبوكم يعلم أنكم تحتاجون إليه" (30:12) "اطلبوا ملكوته تزادوا ذلك" (31:12)، "بيعوا أموالكم وتصدقوا بها واجعلوا لكم أكياساً لا تبلى، وكذا في السموات لا ينفد" (33:12أ). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف تعامل السيد المسيح مع الخوّاف؟ كيف تعامل السيد المسيح مع المختلفين معه؟ دراسة في انجيل متى }عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد{(1تي 3 : 16)، }و الكلمة صار جسدا و حل بيننا و راينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة و حقا{(يو 1 : 14)، وشابهنا في كل شيء}لكنه اخلى نفسه اخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس{(في 2 : 7). وتعامل وتواصل مع شخصيات عديدة، منها من كان ذا وجهة نظر مغايرة، او كان ذا قلب غير مستقيم، أو طبع شرير أو متهور او حسود أو مجرِّب ...الخ. في الواقع، كل منا، خلال احداث حياته اليومية، عاش ويعيش هذه اللقاءات مع المختلفين عنه! لنترك للمسيح نفسه فرصة تدريبنا على حسنالتعامل مع الآخر ولا سيما المختلف}قال واحد من تلاميذه يا رب علمنا{(لو 11 : 1) الحلقة السادسة(6)كيف تعامل السيد المسيح مع الخوّاف؟ مت 8: 23- 27 }23وَرَكِبَ السَّفينةَ فَتَبِعَه تَلاميذُه. 24وإِذا البَحرُ قَدِ اضطَرَبَ اضْطِراباً شَديداً حتى كادَتِ الأَمْواجُ تَغمُرُ السَّفينَة. وأَمَّا هوَ فكانَ نائماً. 25فَدنَوا مِنه وأَيقَظوهُ وقالوا لَه: يا رَبّ، نجِّنا، لَقَد هَلَكنا 26فقالَ لَهم: مالَكم خائفين، يا قَليلي الإيمان؟ ثُمَّ قامَ فَزَجَرَ الرَّياحَ والبَحر، فَحَدَثَ هُدوءٌ تامّ. 27فتَعَجَّبَ النَّاسُ وقالوا: مَن هذا حتَّى تُطيعَه الرِّياحُ والبَحر؟{.يرمز البحر الهائج إلى العالم، وترمز الأمواجوالريح العاصفة إلى المخاطروالتحديات التي تواجه الإنسان الذي يخوض البحر العالم مجتازا نحو الأبدية. ترمز السفينة بشكل عام إلى الكنيسة وبشكل خاص إلى النفسالبشرية التي تواجه مخاوفمنالداخل وصعوبات وتحديات تأتي منالخارج. أين ذهبت الثقة في الله ؟ إنه تذهب وتتلاشى متى أعتمد الإنسان على قلبه لا على قدرة الله والثقة فيه }فجاهل الإنسان الذي يعتمد على قلبه{( أمثال 28 : 26 ) أو متى أعتمد على برّه الخاص :9وضرَبَ أَيضاً هذا المَثَلَ لِقَومٍ كانوا مُتَيَقِّنينَ أّنَّهم أَبرار، ويَحتَقِرونَ سائرَ النَّاس: 10 }صَعِدَ رَجُلانِ إِلى الهَيكَلِ لِيُصَلِّيا، أَحَدُهما فِرِّيسيّ والآخَرُ جابٍ. 11فانتَصَبَ الفِرِّيسيُّ قائِماً يُصَلَّي فيَقولُ في نَفْسِه: الَّلهُمَّ، شُكراً لَكَ لِأَنِّي لَستُ كَسائِرِ النَّاسِ السَّرَّاقينَ الظَّالمِينَ الفاسقِين، ولا مِثْلَ هذا الجابي. 12إِنَّي أَصومُ مَرَّتَيْنِ في الأُسبوع، وأُؤَدِّي عُشْرَ كُلِّ ما أَقتَني. 13أَمَّا الجابي فوَقَفَ بَعيداً لا يُريدُ ولا أَن يَرَفعَ عَينَيهِ نَحوَ السَّماء، بل كانَ يَقرَعُ صَدرَه ويقول: الَّلهُمَّ ارْحَمْني أَنا الخاطئ ! 14أَقولُ لَكم إِنَّ هذا نَزَلَ إِلى بَيتِه مَبروراً وأَمَّا ذاكَ فلا. فكُلُّ مَن رَفَعَ نَفْسَه وُضِع، ومَن وَضَعَ نَفْسَهُ رُفِع{( لو 18 : 9 – 14 ) إن الثقة بالمسيح هي إعتراف بقدرته كخالق وبرحمته}6 وأَنا توكَّلتُ على رَحمَتِكَ ويَبتَهجُ قَلبي بِخَلاصِكَ.{(مز 13: 6)، و تتطلب الثقة تواضعاً ، لايتجاهل شر العالم " الأمواج والعواصف " ولا يتناسى التوبة الشخصية ( لأننا خطأه )}فطوبى لِجَميعِ الَّذينَ بِه يَعتَصِمون. {(مز 2: 12). . .. ومن هنا يتضح ان الثقة والتواضع هما وجهان لعملة واحدة، بهما يستعيد الإنسان سلطانه على الخليقة، ويرسخ إيمانه بالله لمواجهة أصعب المشكلات وأكبر التحديات وهنا نتذكر شخصية مؤمنة مثل سوسنة، دون حماية وفي خطر مميت، كان قلبهاملآن ثقة بالله }35 فرَفَعَت عَينَيها إِلى السَّماءِ وهي باكِيَة، لِأَنَّ قَلبَها كانَ مُتَّكِلاً على الرَّبّ.{(دانيال 13: 35). هل نختبر في حياتنا مثل ما اختبر المسيح في هذا الموقف ؟ كم من مرة أختبرت فيها: W شك الأحباء في حبك W عدم ثقة الأصدقاء فيك! W اقتناعهم بعدم فاعلية حضورك بينهم؟ W تجاهل الرفاق لقدراتك! W تناسي الأقرباء لك في بداية الأزمة واللجؤ إليك عند تضخمها؟ W تصديق الشخص خائف لما يشعر به ؟ W إيمان بقوة الشر W حتمية الهلاك (لقد هلكنا)؟ W إن من حولك مازالوا لم يفهموك ؟ إن كنت قد عشت هذه كلها او بعضها، كيف تصرفت إزاءهم؟ لنترك للمسيح الفرصة كي يفتح أذهاننا، ويفهمنا كيف نتعامل مع الخواف قليل الثقة؟ السيد المسيح كان نائم : علامة إطمئنان ( فمن المعروف أن الخائف لا يستطيع النوم) أندهش!! كيف لم يستيقظ المسيح وحوله كل ضجيج البحر والريح وصراخ التلاميذ؟ إنه ، له كل المجد يريد ان يعلمنا أن نعطي الفرصة للآخر لمواجهة صعوبات حياته، فبعد قليل سيواجهون البحر الأصعب ( العالم) وسيرحبون بالموت (شهداء) ، لنعط الفرصة للقريب كي يختبر قدرته على مواجهة التحديات لينو ، ايضا ليختبر إيمانه وثقته بالله!! أول ما قاله لهم المسيح له المجد}يا قليلي الإيمان{ إنه يعلمنا كيف ندخل إلى عمق المشكلة لا ظاهرها . ثم قال لماذا خفتم ؟ إن قلة الإيمان والخوف مصدره. أمام صوت الريح المخيف وهجمات الأمواج على القارب ، هربت الثقة من قلوب التلاميذ!! شل الخوف تفكيرهم ، وأضعفت قوة الشر إيمانهم!! فخافوا من المخلوقات وبينهم الخالق، قدموا قلوبهم ذبيحة للخوف ولم ينتبهوا إلى ملك السلام الذي معهم. خافوا الموت و رب الحياة بينهم! خارت عزائمهم أمام البحر وجبروته ، وباري السماء والأرض }3 إِنَّ إِلهَنا في السَّماء صَنعً كُلَّ ما شاء{( مز 115: 3 ) الذي سبق فأعطى للإنسان أن يخضع كل المخلوقات ويتسلّط عليها وبارَكَهمُ اللهُ وقالَ لهم: }اِنْموا واَكْثُروا وأمْلأُوا الأَرضَ وأَخضِعوها وَتَسَلَّطوا على أَسْماكِ البَحرِ وطُيورِ السَّماءِ وَكُلِّ حَيَوانٍ يَدِبُّ على الأَرض{.( تك1:28 ). 1. الرب يدربنا على السماح للآخر بتنمية قدرته على مواجهة الأزمات ، 2. الرب يرشدنا الى من نذهب وقت بدء العواصف وبمن نحتمي، 3. الرب يعلمنا كيف نطرد الخوف خارجا فهو سبب ضعف الإيمان، 4. الرب يحررنا من الخوف و الشر. الرب يؤكد أنه حاضر معنا دوما حتى وإن تصورناه نائما أو غائبا عنا. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المتردد http://www.coptcatholic.net/thumb.ph...efde1b6be5.jpg كيف تعامل السيد المسيح مع المختلفين معه؟ دراسة في انجيل متى }عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد{(1تي 3 : 16)، }و الكلمة صار جسدا و حل بيننا و راينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة و حقا. {(يو 1 : 14)، وشابهنا في كل شيء}لكنه اخلى نفسه اخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس{(في 2 : 7). وتعامل وتواصل مع شخصيات عديدة، منها من كان ذا وجهة نظر مغايرة، او كان ذا قلب غير مستقيم، أو طبع شرير أو متهور او حسود أو مجرِّب ...الخ. في الواقع، كل منا، خلال احداث حياته اليومية، عاش ويعيش هذه اللقاءات مع المختلفين عنه! لنترك للمسيح نفسه فرصة تدريبنا على حسنالتعامل مع الآخر ولا سيما المختلف}قال واحد من تلاميذه يا رب علمنا{(لو 11 : 1) المتردد }و قال له اخر من تلاميذه يا سيد ائذن لي ان امضي اولاً وادفن ابي فقال له يسوع اتبعني ودع الموتى يدفنون موتاهم {(مت 8 : 21 -22) في الحلقة الماضية، تأملنا ذلك الكاتب ( وهو من الكتبة وليس من تلاميذ المسيح) يطلب ان يتبع المعلم أينما ذهب. وبعده مباشرة يذكر لنا القديس متى أن ( أخر من تلاميذه ) يطلب الإذن من السيد المسح (معلمه):يا سيد ائذن لي ان امضي أولا (سأتركك حتى انهي مهمتي وبعدها سأعود... إليك). لم يوافقه المسيح بل طلب أن يتبعه}ان اتباع الله مجد عظيم و في قبوله لك طول ايام{(سيراخ 23 : 38) ويدع الموتى يدفنون موتاهم. لنتأمل هذا التلميذ الذي لم يذكر الإنجيلي أسمه (حتى يعطنا نحن تلاميذ المسيح الفرصة ان يضع كل منا أسمه). إنه: تلميذ : كان من تلاميذ يسوع }ليس التلميذ افضل من المعلم و لا العبد افضل من سيده{(مت 10 : 24) واثق: في المعلم يطلب منه الإذن محب : يرغب في توديع ابيه ( الميت) اجتماعي : يهتم بالأعراف والتقاليد كتابي : يتمم وصية إكرام الوالدين ويجدر السؤال هنا: ألم يكن طلب المسيح من هذا التلميذ قاسيا؟ لماذا لم يدعه يذهب؟ أليس في غيابه تقصيرا نحو إكرام اباه }اذا قبض الله نفسي فادفن جسدي واكرم والدتك جميع ايام حياتها{(طوبيا 4 : 3)وكسرا للوصية!ومخالفة لما فعله الآباء الأولين:}فاسلم اسحق روحه و مات و انضم الى قومه شيخا و شبعان اياما و دفنه عيسو و يعقوب ابناه{(تك 35 : 29)ألم يطلب يوسف الأذن من فرعون مصر أن يدفن أبيه ثم يعود ليدير شأن مصر فأذن له: }فقال فرعون اصعد و ادفن اباك كما استحلفك{(تك 50 : 6) ما الذي سيتغير؟ وما الذي سينقص إن ذهب ودفن ابيه ثم عاد ثانية؟! لماذا وصف السيد المسيح باقي القوم بالأموات؟؟ ألم يشفق المسيح ذاته على أرملة نايين ويقيم ابنها؟ }فلما اقترب الى باب المدينة اذا ميت محمول ابن وحيد لامه و هي ارملة و معها جمع كثير من المدينة فلما راها الرب تحنن عليها و قال لها لا تبكي.ثم تقدم و لمس النعش فوقف الحاملون فقال ايها الشاب لك اقول قم.فجلس الميت و ابتدا يتكلم فدفعه الى امه{( لو 7 : 12 – 15 ) ألم يهب الحياة للعازر الميت؟}كان الجمع الذي معه يشهد انه دعا لعازر من القبر واقامه من الاموات{(يو 12 : 17) ألم يتضامن مع يايرس ويقيم ابنته}و بينما هو يتكلم جاء واحد من دار رئيس المجمع قائلا له قد ماتت ابنتك لا تتعب المعلم.فسمع يسوع و اجابه قائلا لا تخف امن فقط فهي تشفى{(مت 9 : 18 )وأقامها من الموت!! لماذا إذا لم يقبل طلب هذا التلميذ المجهول الاسم؟؟ لماذا اختلف معه ؟ لنعد إلى كلمات التلميذ عينها: }و قال له اخر من تلاميذه يا سيد ائذن لي ان امضي اولاً وادفن ابي {إنه اراد ان يمضي أولاويدفن اباه !!"أولا" كلمة تعني ان هناك أولوية يبديها التلميذ عن اتباع المعلم الآن وهنا ومن ثمَّ ندرك لم أجاب المسيح بمثل هذا الجواب. فالمسيح نفسه قال لأتباعه }اطلبوا اولا ملكوت الله و بره {(مت 6 : 33)فمحبة الله ينبغي ان تكون أولا قبل كل محبة}ان كان احد ياتي الي و لا يبغض اباه و امه و امراته و اولاده واخوته و اخواته حتى نفسه ايضا فلا يقدر ان يكون لي تلميذا{(لو 14 : 26). وفي اتباع الميسح هداية وثقة وحياة. منذ قديم الزمان وللرب منهج خاص في إعداد تلاميذه }و كان الي كلام الرب قائلا.يا ابن ادم هانذا اخذ عنك شهوة عينيك بضربة فلا تنح و لا تبك و لا تنزل دموعك.تنهد ساكتا لا تعمل مناحة على اموات لف عصابتك عليك و اجعل نعليك في رجليك و لا تغط شاربيك و لا تاكل من خبز الناس{( حز 24: 15 -17) قد كان هذا التلميذ ميتا قبل لقاء المسيح }فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما اقيم المسيح من الاموات بمجد الاب هكذا نسلك نحن ايضا في جدة الحياة{(رو 6 : 4)فنال الحياة من المسيح : }و نحن اموات بالخطايا احيانا مع المسيح بالنعمة انتم مخلصون{(اف 2 : 5)وعلى التلميذ ان يكون شغوفا بمحبة المعلم مشغولا بفهم تعاليمه وتطبيقها والتبشير بها. فليس الأموات يفعلون هكذا بل الأحياء }افتح عينيك و انظر فانه ليس الاموات في الجحيم الذين اخذت ارواحهم عن احشائهم يعترفون للرب بالمجد و العدل {(با 2 : 17) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يبدأ إنجيل القديس لوقا بعبارة "دخل يسوع يوم السبت بيت أحد الفريسيين ليتناول الطعام (1:14) مقطعاً يتكوّن من معجزة شفاء وثلاثة أمثال وُضعت في إطار مأدبة (لو1:14-24). يتكوّن هذا المقطع، مثل باقي هذه الفصول من إنجيل القديس لوقا، من مواد مختلفة: أجزاء تنتمي إلى أحداث مختلفة جُمعت معاً كما لو كانت حدثاً واحداً.
ينفرد إنجيل القديس لوقا برواية قبول يسوع دعوات إلى الطعام وجهها إليه فريسيون (را 36:7)؛ لأنه في الواقع لم يكن كل الفريسيين معارضين ليسوع وتعاليمه، كما قد نعتقد أحياناً. ولكن نقول إن لقاءاته معهم اتسمت في الغالب بالتوتر. ويحدث هذا أيضاً بمناسبة شفاء المصاب بالاستسقاء (را1:14-6). وجد يسوع، عندما دخل بيت أحد الفريسيين، مريضاً أمامه وكان يوم سبت. وشفاء المريض يوم السبت يُعَد كسراً لراحة السبت. فاجأ يسوع معلمي الفريسيين، بمجرد دخوله، بهذا السؤال: "أيحل الشفاء في السبت أم لا؟" (لو3:14). كان الصمت المطلق هو إجابة السؤال "فلم يجيبوا بشيء" (4:14أ). لم ينتظر يسوع ردهم زلا اهتم بصمتهم بل بادر إلى العمل "أخذ بيده وأبرأه وصرفه" (4:14ب). يقطع يسوع الصمت بسؤال ثاني، أراد أن يحرجهم به: "من منكم يقع ابنه أو ثوره في بئر فلا يخرجه منه لوقته يوم السبت؟" (لو5:14). فأعاد السؤال عاماً: هل يجوز أم لا، بل شخصياً: من منكم. إنها كلمة قوية موجهة ضد الرياء وضد صمتهم المطبق. ما الأهم: الإنسان أم الحمار؟ لا يستطيع أحد أن يتهرب من سؤال مثل هذا. فهو إما أن يستسلم ويقبل الرد البديهي، إما أن ينغلق في صمت يزداد عدوانية بقدر ما يتأكد صاحبه من أن غريمه على حق: "فلم يجدوا جواباً عن لك" (لو6:14). هذا هو الإطار العام الذي يضع فيه إنجيل القديس لوقا أمثال المأدبة الثلاثة (المدعوون الذين يتنافسون على الأماكن الأولى واختيار المدعوين وأخيراً المأدبة) ويدعونا الإنجيل أن نضع هذا الأمر نصب أعيننا ونحن نقرأ هذه الأمثال. سبق وقلنا إن سياقه يرجع إلى إنجيل القديس لوقا. لا يعني هذا أن السياق هو مجرد إطار بسيط أو خاوية لا أهمية لها قياساً بمضمون الأمثال. الإطار هو مشهد عُرس، وخلفية الأمثال الثلاثة هي المأدبة. ونقول لمزيد من الدقة إن الإطار يدعو إلى تأمل المشهد تأملاً دقيقاً. كان يسوع معلماً غير عادي، لمّاح ومبادر ولا يتوقع أحد ما يمكن أن يقوله أو يفعله. لذلك فإن دعوته تعني المخاطرة وتعريض الذات والأفكار الشخصية للملاحظة والسب.. هذا ما ستتناوله الأمثال الثلاثة. قُم إلى فوق يقطع يسوع مرة أخرى الصمت الذي لفّ المشاركين في المأدبة، ليروي مثلاً (لو7:14-11) إنه لا ينوي أن يعود مرة أخرى إلى موضوع السبت بل لكي يكشف تناقضاً دينياً آخر ويعريه أمام من يمارسونه. لاحظ يسوع أن المدعوين يتصارعون للاستيلاء على الأماكن الأولى. كل منهم مقتنه أنه يستحق مكان الشرف. وبينما يراقب يسوع المشهد يبدو أنه تذكر مقطعاً من كتاب الأمثال: "لا يفتخر أمام الملك وفي مكان العظماء لا تقف. فإنه خير أن يُقال لك: "اصعد إلى هنا" من أن تحط أمام الأمير" (أم6:25-7). يطور يسوع هذه الحكمة ويجعل منها مثلاً. بالطبع ما كان هدف يسوع الحديث عن قواعد الآداب العامة ويعلم مستمعيه التواضع وبالأحرى أن يعلمهم حيلاً دقيقة يستطيعون بها أن يصعدوا إلى أعلى وأن يحسّنوا أوضاعهم الاجتماعية. لأن هذا المثل مثل باقي أمثال يسوع كلها، يدور حول ملكوت الله. وينتقد إنجيل القديس لوقا بشدة البحث عن الأماكن الأولى: "إياكم والكتبة، فإنهم يرغبون في المشي بالجبب، ويحبون تلقي التحيات في الساحات، فصدور المجالس في المجامع، والمقاعد الأولى في المآدب" (لو46:20). كما أن خاتمة مثلنا هذا "فمن رفع نفسه وضع ومن وضع نفسه رفع" (لو11:14) ترد أيضاً في مثل الفريسي والعشار: "فكل من رفع نفسه وضع ومن وضع نفسه رفعه" (14:1). كما أن يسوع يعطي تعليقاً على هذا الأمر: "أنتم تزكون أنفسكم في نظر الناس، لكن الله عالم بما في قلوبكم، لأن الرفيع عند الناس رجس عند الله" (لو15:16). يستطيع من يقرأ المثل على ضوء هذه النصوص وهذه الخلفية أن يعرف أنه لا يوجّه ضد حب تظاهر سطحي مضحك، بل ضد ادعاء أساسي يفسد علاقة الإنسان مع الله وفي الآن ذاته علاقة الإنسان بالآخرين. إنه الادعاء المضاد المألوف: اعتبار الذات أفضل من الآخرين وأكرم وأكثر استحقاقاً منهم. يؤدي هذا الإحساس إلى الصلف والتمايز. هل كان يسوع يقاوم، بهذه الطريقة، طموحات الترقي والتقدم التراقبي، التي سادت المجتمع الديني آنذاك؟ إذا كان هذا فقط هو هدف المثل، فإنه ينحصر في المجال البشري، مبيناً كيف يضع الإنسان ذاته أمام الله وأمام الآخرين: إنه تعليم هام على أي حال، إلا أنه لا يصل إلى الأساس والعمق. إنه ليس كذلك. يوجه يسوع انتقاده الشديد لحب تظاهر الذين يبحثون عن المقاعد الأولى. سبب هذا الانتقاد الشديد أن الله لا يفعل هذا، والإنسان هو صورة الله وعليه أن يتمثّل به. إحدى نقاط الإنجيل الثابتة هي أن الله يعلن ذاته كخادم لا كسيد، كأخير وليس كأول. في هذا المجال يجب البحث عن أساس المثل وعن معناه العميق الذي ينقله من مجرد حكمة آداب المعاملة إلى الخبر السار. إن العلاقة الجديدة التي يبدأها الله مع الإنسان هو الإطار الذي ينشأ فيه كل مثل، سواء أعلن الإنجيلي عن لك أم أضمره. هذه العلاقة هي أساس فهم أي مثل وتفسيره. لا يمكن أن نفهم أسرار أي مثل بكل التفاصيل الدقيقة إذا عزلناه عن مركز الإنجيل. يطل، في هذا المثل، قلب تعليم الإنجيل من كل جانب: في المشهد الانفتاحي الذي يروي قصة شفاء يسوع مريضاً يوم السبت وكأنه يعلن بهذا أن حب الله للإنسان يتفوق على طاعة الإنسان لوصايا الله، وفي المشهد التالي، الذي يوصي فيه يسوع باستقبال الآخرين وليس الأولين لأن الله يريد ذلك. إذا صنعت غداءً بعد أن وجّه يسوع مثله التعليمي للمدعوين، يتوجه الآن بمثل لصاحب البيت (لو13:14-14) لاحظ يسوع، بالتأكيد، أن المدعوين هم من أقارب وأصدقاء وزملاء صاحب البيت الذي وجّه الدعوة: أناس ينتمون إلى طبقته الاجتماعية وإطاره الديني. لماذا يقتصر الإنسان على دعوة أصدقائه ومن هم في مستواه؟ يختلف منطق ملكوت الله تماماً عن هذا المنطق. يجب علينا، عند قراءة هذا النص، أن نقرأه على ضوء خطبة يسوع وتعليمه في عظة الجبل. يشير يسوع إلى هذا التعليم: "إن أحسنتم إلى من يحسن إليكم، فأي فضل بكم؟ لأن الخاطئين أنفسهم يفعلون ذلك. وإن أقرضتم من ترجون أن تستوفوا منه، فأي فضل لكم؟ فهناك خاطئون يقرضون خاطئين ليستوفوا مثل قرضهم" (لو33:6-34). إن نصيحة يسوع هذه هي منطقية بالنسبة لمن قبل صورة الله الجديدة التي يقدمها ولكنها تعارض جذرياً العادات المترسخة سواء كانت عادات اجتماعية أو عادات دينية. نستنتج من هذا أن الموضوع ليس هو الكرم فحسب، بل منطق الله المختلف: تضاد لاهوتي تعليمي وليس مجرد تضاد سلوكي. يعدد إنجيل القديس لوقا سلسلة من الفئات المهمشة في المجتمع والمحكوم عليهم بعدم الطهارة من المنظور الديني: الفقراء والكسحان والعرجان والعميان (لو13:14). ومن المدهش أن هذه القائمة لا تضم الخطأة، الذين يكثر ذكرهم في إنجيل القديس لوقا. لقد اتكأ يسوع في بيت لاوي مع "جماعة كثيرة من العشارين وغيرهم" (لو29:5)، كما دخل بيت زكا (را لو5:19)، كانت هذه عادته، إذ أنهم اتهموه بأنه. "رجل أكول شريب للخمر صديق للعشارين والخطأة" (لو34:7). تقودنا هذه الاعتبارات إلى القول إن النموذج هو دائماً يسوع ذاته، وقبل كل شيء حب الله الذي أظهره وشهد له. ليس هناك مهمشين أمام الله بل الجميع قريبون المقياس الذي يتم على أساسه اختيار المدعوين للمأدبة هو حب الله وليس البر والاستحقاق القديمين. يفكر كاتب الإنجيل، وهو يقدم هذا المشهد، في جماعته الكنسية وليس فقط عالم يسوع: يتمنى الإنجيلي أن تكون جماعته جماعة ترحب بالجميع ولا تستبعد أحداً. العُرس مازال يسوع في منزل الفريسي ومازال يتكلم وهو على المائدة. تنطلق تعاليم يسوع من الواقع: مثل وجهه للمدعوين عندما لاحظ كيف يتكالب الجميع على الأماكن الأولى، ومثل وجهه لمضيفه عندما لاحظ أن المدعوين من الأهل والأصدقاء وحثّه على دعوة الفقراء. والآن يصل إلى مثل الوليمة. إنه يوجه كلامه للجميع: للمدعوين وللداعي. يعلق أحد المدعوين على تعليم يسوع بقوله: "طوبى لمن يتناول الطعام في ملكوت الله" (لو15:14). إذا قارن هذا المثل في إنجيل القديس لوقا بما يقابله في إنجيل القديس متى نلاحظ عدداً من الاختلافات. يقوم بالدعوة في إنجيل القديس لوقا "رجل غني"، أما في إنجيل القديس متى ملك (را مت 12:22أ). الدعوة في إنجيل القديس لوقا هي على عشاء فاخر (را لو 16:14) أما في إنجيل القديس متى فهي على عُرس ابن الملك (را 2:22ب). لذلك فإن الاهتمام لا يوجّه إلى الشخص أو إلى العُرس بما له من رموز عديدة، إنما يوجّه ببساطة إلى رفض المدعوين وحججهم. لا يرسل الداعي عدداً كبيراً من العبيد (را مت 3:22و4) لاستعجال المدعوين إنما يرسل عبداً واحداً (را لو 17:14). يرفض جميع المدعوين، في إنجيل القديس لوقا، ولكنهم لا يبدون الضيق ولا يسيئون معاملة خادم الداعي، كما يحدث مع مرسلي الملك في إنجيل القديس متى. إنهم يعتذرون لارتباطهم بأعمال ومواعيد أخرى أهم ويعتقدون أن عذرهم مقبول. يشتعل غضب الملك على المدعوين الذين رفضوا أن يلبوا الدعوة، معتبرين أن ما قدموه من أعذار مقبول. ويرسل جنوده ليحرقوا المدينة. أما في إنجيل القديس لوقا فإن الرجل الغني يرسل خادمه ليحضر الفقراء والكسحان والعميان والعرجان الذي أتى بهم الخادم لذلك يرسله سيده مرة أخرى ليحضر من يجده لكي تمتلئ القاعة. عليه أن يرغم من يجده، مجبراً حتى أولئك الذين يرفضون. بالرغم من الفوارق العديدة بين المثل في إنجيلي القديسين متى ولوقا إلا أن هدف الإنجيلين قريب، يكاد يكون واحد. يقوم أحدهم بدعوة أبناء المدينة ويرفض المدعوون، فيغضب من دعاهم ويدعو آخرين بدلاً منهم: أغراب وفقراء. يبرر يسوع تصرفه وبالتالي خطة الله: أنتم لم تقبلوا ورفضتم وبالتالي ينتقل الخلاص إلى الخطأة والوثنيين. أين يقع هذا التضاد بين الذين يرفضون الدعوة وبين الذين يقبلونها، وهو النقطة المركزية لهذا المثل؟ هل هو في داخل إسرائيل (والآن طبعاً في داخل العالم المسيحي)؟ يبدو أن هناك تناقضاً بين الافتراضين. إنهما موقفان اصطدم بهما يسوع، وكاتب إنجيل القديس لوقا يعده: داخل إسرائيل هناك من ناحية الرؤساء وعلماء الناموس والفريسيون، ومن ناحية أخرى الشعب الجاهل والخطأة. يمتد الرفض: يرفض الشهب المختار الخلاص، بينما يقبله الوثنيون فيتحول الحكم على الرؤساء إلى حكم على إسرائيل. ينجذر المثل بدون شك في واقع تاريخي، إلا أنه يظل في ذات الوقت مفتوحاً: هذه هي طبيعة كل الأمثال الإنجيلية. ما حدث آنذاك قد يحدث الآن أيضا. قلنا أن الاهتمام يجب أن يتركز على الرفض وأسبابه. يرى جميع المدعوين أن ما لديهم من التزامات أهم من قبول الدعوة التي وجهت إليهم. إنهم يرفضون بضمير مستريح وواثق. الاهتمام بالثروات والممتلكات، والعمل، والأسرة: هل هناك شيء أهم من هذا؟ إنها اهتمامات عادية، ملموسة لا بل ضرورية. يعتذر المدعوان الأول: "قد اشتريت حقلاً..." والثاني: "اشتريت خمسة فدادين..." وهما واثقان أن من دعاهم يتفهم عذرهما. أما الثالث: "قد تزوجت" فهو لا يعتذر واثقاً أن ارتباطه أهم من تلبية الدعوة. حتى الاهتمامات الضرورية إذا أصبحت حقائق مطلقة فإنها تعوق الإنسان عن قبول الملكوت: هذا ما ينبه إليه بشدة هذا المثل: لا يجب أن يتقدم أي شيء على ملكوت الله. لذلك يصرخ عن حق أحدهم "طوبى لمن يتناول الطعام في ملكوت الله" (لو15:14). ولكنه يخطئ لأنه عدّ بسهولة شديدة ذاته والمدعوين معه وجماعته الدينية مدعوين إلى الملكوت: إنه شيء مفروغ منه! إن الجلوس على مائدة الملكوت ليس شيئاً مفروغاً منه ومضموناً لأي إنسان، ولا حتى لأولئك الذين يعتقدون أنهم يؤدون واجبهم على أكمل وجه" فإني أقول لكم: لن يذوق عشائي أحد من أولئك المدعوين" (لو24:14). ربما يكون المدعوون المشغولون بالتزامات عديدة إنه يمكنهم اللحاق بالدعوة في فرصة أخرى. ولكن السيد يجلس في الحال على مقعدهم آخرين. حتى وإن كانت الوليمة تتم في المستقبل (الوليمة المسيحانية) فإن الاختيار يتم فوراً. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يرد أكبر عدد من الأمثال في إنجيل القدّيس لوقا. استقى الإنجيليّ أمثاله من إنجيل القدّيس مرقص ومن مصدر مشترك بينهما ثم أخيراً من مصدر خاص به.
يلاحظ القارئ من أول وهلة أن أمثال إنجيل القديس لوقا تمتاز بطابع حكمي أكثر منه لاهوتيّ. إنه انطباع غير دقيق، تؤدي دراسة متأنيّة إلى تصحيحه. لا يستطيع أحد أن ينكر بعض الملامح الحكميّة في الأمثال في إنجيل القدّيس لوقا، ولكن هذه الملامح لا تكوّن خاصيتها الأساسيّة: "إن هدف المثل ليس هو توضيح حقيقة عامة أو مجرد وصف طريق وجود وحياة المسيحي. إن حياة المسيح، كما يفهمها إنجيل القدّيس لوقا، ليست نتيجة بل كشف عن جدّة يسوع. هذا هو الطابع المميّز لعدد كبير من الأمثال في إنجيل القدّيس لوقا. يعرف القديس لوقا جيداً أن الموضع الذي يتجلّى فيه حب الله في أوضح معانيه وبهائه هو الصليب. ومع ذلك لا تتعلّق الأمثال التي تبرز حب الله، بالصليب بطريقة مباشرة ولكنها تُظهره في تصرفات يسوع وتدخلاته الرحيمة وقبوله للخطأة. إنها طريقة رائعة لتناول موضوع الخلاص. وهناك مظهر آخر يتعلّق بالتلميذ عن قرب: الصلاة. يتناول إنجيل القدّيس لوقا الصلاة أكثر من باقي الأناجيل، كما يخصّص لها عدداً أكبر من الأمثال. إن هذا لا يرجع فقط لكونه يعتبرها أمراً هاماً للغاية، بل لأنه يرى فيها الموضع الذي تظهر فيه بنوع خاص جدّة الحياة المسيحية. إن أمثال إنجيل لوقا عن الصلاة هي في الواقع أمثال عن الله. كما يمكن قول نفس الشيء عن الأمثال التي تتناول استعمال الخيرات، وهي مسألة يوليها إنجيل القديس لوقا عناية خاصة. إن متطلبات الإنجيل وشروطه لهي جذرية ويجب على المؤمن أن يعيش بموجبها كل يوم. ليس هناك تعارض بين "اليومي" و "الجذري" في مفهوم إنجيل القدّيس لوقا. هناك علاقة وثيقة وتناسق رائع بينهما. يمثّل هذا التناسق إحدى نقاط رسالة يسوع المميّزة والمقلقة في آن واحد. لا يعني تجسيد الإنجيل في الواقع اليومي التنازل عن بعض القيّم والشروط، بل يعني أن يعيش المؤمن، أو أقله أن يحاول أن يعيش، جذرية المسيحية كل يوم، لا بل كل لحظة. مثل: البيتين (لو 46:6-49) يختم إنجيل القدّيس لوقا عظة يسوع في الوادي أو المكان المنبسط (را لو17:6) بمثل البيتين، وهو نفس المثل الذي يختم به إنجيل القدّيس متى عظة الجبل (مت24:17-27). هناك تشابه شديد بين المثل في الإنجيلين، وإن كان هناك اختلاف طفيف في المضمون وفي الإطار والسياق. يركّز إنجيل القدّيس لوقا أكثر من إنجيل القدّيس متى على تفاصيل بناء البيت: حَفَرَ، عَمّقَ، وضع الأساس على الصخر، بينما يكتفي إنجيل القدّيس متى بالكلام عن الرمل والصخرة. ربما يكون إنجيل القدّيس لوقا قد طوّع الصورة على أساليب بناء بيوت اليونانيين! كذلك يختلف وصف العاصفة في الإنجيلين: يقول إنجيل القدّيس متى: "نزل المطر وسالت الأودية وعصفت الرياح" (مت 25:7) بينما يتكلّم إنجيل القدّيس لوقا عن فيضان النهر من مجراه ( لو 48:6). ويتفق المثل في الإنجيلين في النقطة الأساسية، وهي ثبات الصخرة. ترد هذه الصورة مراراً عديدة في الكتاب المقدّس للإشارة إلى كلمة الله. ولكن الصخرة، في هذا المثل، تشير إلى كلمة يسوع وبالتحديد إلى العمل بكلمة يسوع. إن مجرد سماع الكلمة غير كافٍ لمواجهة الصعوبات والتبرير أمام الحكم الإلهي. يحدّد إنجيل القدّيس لوقا ملامح المسيحيّ الحقيقيّ بثلاثة أفعال: "يأتي.. يسمع.. يعمل" (لو 47:6). يعبّر الفعل الأوّل عن العزم والتصميم على اتباع يسوع. ويشير الفعل الثاني إلى قبول الكلمة عند سماعها. ولكن اللحظة الحاسمة هي الفعل الثالث: ترجمة الكلمة المسموعة إلى أعمال ملموسة. إذا غاب الفعل الثالث أصبح الفعلان الأوّلان بلا معنى. يقوم الفارق بين المسيحي الحقيقي والمسيحي اسماً في العمل. إن الأمر لا يتعلّق بالإيمان أو عدمه. فالمسيحي بالاسم يظل دوماً مؤمناً يدعو الرب ويتكلم عنه ويسمع كلمته ويصدّقها. ولكنه مسيحي غير حقيقي. إن الاستماع للكلمة وقبولها أمران هامان وحيويان، ولكنهما مثل مجرد مشروع على الورق. يتحقق المشروع فقط عندما يرى النور بالعمل. ما يجب عمله، بالتحديد، إن كان الاستماع لا يكفي؟ ماذا يعني عمل؟ يظل المثل، بدون الإجابة على هذا السؤال، مثلاً نظرياً عامّاً. إن المثل، وحده، لا يعطي إجابات محددة على هذه التساؤلات. بالتالي يجب دراسة السياق الذي يرد فيه المثل. إنه أمر لا غنى عنه: يضع الإنجيلي المثل كخاتمة لعظة يسوع. على المؤمن أن يترجم عمليّاً ما يقوله يسوع (46:6)، وكلماته (47:6) والتي يرد مضمونها الأساسيّ في (لو 26:6-38)، أي العلاقة مع الآخرين: حب الأعداء وعدم مقابلة الشر بالشر وعدم قصر الخير على الأصدقاء والأقارب.. بعبارة واحدة ترتكز وتركّز كلمات يسوع على وصية الحب، التي يتوسّع إنجيل القدّيس لوقا في شرحها. يقابل إنجيل القدّيس متى، في عظة الجبل، بين برّ الفريسيين والكهنة وبين المحبة. يكتفي القدّيس لوقا بأن يبرز وصية المحبة بلا مقارنات. هذا هو جوهر تعليم يسوع. "أحبوا أعداءكم" (لو 27:6): لا يكتفي بذكر الأعداء عامّة بل يحدّد أعداء المخاطبين. يجعل هذا الأمر الحديث عمليّاً ملموساًَ. ويحدّد القدّيس لوقا الأعداء: "الذين يبغضونكم.. لاعنيكم.. المفترين عليكم" (را، لو 27:6-28). يرى يسوع، على لسان الإنجيليّ، أنّه لا يكفي الصفح عن هؤلاء، بل يجب الإحسان إليهم، ويورد مجموعة من الأمثلة على ذلك (29:6-30) تمتاز بالحيوية والقوة: حوّل الخد الآخر... قدّم القميص.. أعط كل من يحتاج ولا تنتظر أن تسترد شيئاً مما أعطيت. كثيراً ما نلجأ إلى هذه النصوص. عند الحديث عن لاعنف الإنجيل. الأمر هنا يتعلّق بشيء أعظم وأسمى من اللاعنف: إنّه إعلان عن مفهوم برّ وعدل جديد يختلف جذريّاً عن مفهوم الإنسان عن البرّ والعدل. إنّه البر الذي ينظّم علاقتنا ويشكّل ضمائرنا. إنّه النظام الذي يجد توازنه في المساواة بين العطاء والأخذ. إن البرّ، في مفهوم يسوع، شيء مغاير وبعيد عن نظام معاملاتنا، لا بل إنه مختلف عن فكرتنا عن الله. غالباً ما تكون صورة الله في مفهومنا هي صورة حارس دقيق ومراقب متشدّد ليوازن بين العطاء والأخذ. إن مفهوم يسوع عن هذا الأمر، والذي يظهر في حياته ومعاملاته، يقلب الأمور رأساً على عقب. إن حب من يحبنا ليس علاقة بر في المسيحية (32:6-34). إنه المنطق القديم وهو نزاهة الوثنيين الخطأة. إن الخاتمة: "لا تدينوا .. لا تحكموا.. أعفوا.. أعطوا.." (37:6-38) لا تضعف من قوة أفعال الأمر السابقة ولا تعود بالحديث على نقطة البداية. إنها تريد أن تؤكّد أن البر الجديد لا يلغي روح الحقيقة القديمة. إن من يترك ذاته لها لا يخسر شيئاً، بل يكسب كل شيء، ولكن على مستوى آخر وبمنطق آخر. أمّا عن التساؤل الثاني: ماذا يعني العمل؟ فيجيب الجزء الثالث من عظة يسوع في السهل حيث تم جمع بعض التشبيهات، وأولها يسمّى "مثلاً" (لو 39:6). يبدأ هذا الجزء بنوع من المسافة: وضرب لهم مثلاً. وهو لا يقول ماذا يجب أن نعمل بل كيف يجب أن نعمل. إن ما يميّز العمل الإنجيلي هو بآن واحد المضمون والطريقة. ويولي إنجيل القدّيس لوقا هذا الأمر، أي طريقة العمل، اهتماماً خاصاً. هنـاك مثـلاً مؤمنـون عميان يريـدون أن يقودوا عميانـاً آخـرين (لو39:6-40). يقوم خطأهم، لا في تعديهم للتعليم، بل في ادعائهم أنهم يتفوقون على يسوع. على هؤلاء أن يُقرّوا أنه ليس أحد أعظم من يسوع. حتى وإن كان هؤلاء معلمين أتمّوا دراستهم وتخصّصوا وحصلوا على معرفة العلوم إلا أنه يجب عليهم أن يرددوا بأمانة تعليم يسوع. إن مصداقية الكلمة التي يعلنون لا تكمن في مقدرتهم بل في الأمانة. إن ما يهم هو العمل بكلام يسوع لا بكلامهم هم. وهناك مثل آخر هو مثل القذى والخشبة (لو 41:6-42). يقتضي العمل بكلام يسوع شجاعة الإصلاح الأخوي. يتعرّض الإنسان، في هذا المجال، إلى نوعين من الأخطار: الخطر الأول هو استعمال مكيالين ومعيارين. قد نكون مع الآخرين قاسين مدققين وأقل صبراً من الله ذاته: يمكن تفادي هذا الخطر في حالة واحدة وهي أن يبدأ الإنسان بإصلاح ذاته. عندما يكون الإنسان دقيقاً وأميناً في نقده لذاته فإنه يجد المعيار المناسب لإصلاح الآخرين. والخطر الثاني هو الرياء. هناك من يستعمل كلمة الله لإيلام الآخرين دون أن يتعرّض بأي لوم لذاته. إن خاتمة هذا التشبيه "عندئذ تبصر فتخرج القزى الذي في عين أخيك" (لو 42:6) تشير إلى أن إصلاح الذات ليس مجرد أمانة جامدة إنما أسلوب حياة. إن من يضع ذاته موضع نقد وتساؤل هو وحده القادر على أن يرى ويفهم. أمّا التشبيه الثالث وهو تشبيه الشجرة الفاسدة (لو 43:6-44) فهو يركّز على الأعمال. تبيّن الثمار نوعيّة الشجرة. تظهر طبيعة الإنسان الحقيقيّة من أعماله لا من أقواله فقط. ويتطوّر التشبيه حتى يمتزج مع المثل الذي يليه "الإنسان الطيب من الكنز الطيب في قلبه يخرج ما هو طيب والإنسان الخبيث من كنزه الخبيث يخرج ما هو خبيث" (لو 45:6). يتم الحكم على الأعمال من الباطن أي من القلب. نعرف أن القلب، في مفهوم الكتاب المقدس، هو مركز الشخصية الذي يصبغ الأفكار والكلام والأعمال بصبغته الذاتيّة الخاصة. تجتاح التوبة الإنسان في كل جوانبه وأبعاد شخصيته وحياته. هكذا يستطيع الإنسان أن يعمل أعمالاً صالحة. إن الصخرة التي تجعل البيت ثابتاً هي الممارسة النابعة من قلب نقي. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مثلا: وليمة الملك (مت22: 1-14) http://www.calam1.org/datadir/ar-eve...f-Jesus-31.jpg من المفيد أن نعيد قراءة المثل مراراً، مسترشدين بالحركة الداخلية التي تقوده، وواعين بالتساؤلات التي أثارها المثل في سامعيه آنذاك. إن مثل الوليمة مليء بالمفاجآت والتقلبات. الرواية دعا أحد الملوك رعاياه لحضور وليمة أقامها بمناسبة عُرس ابنه. إنها صور كتابية معروفة: ينتمي العُرس والوليمة إلى رموز ملكوت الله، ذاك الملكوت الذي بشّر به الأنبياء والذي ينتظره كل يهودي تقي بفارغ الصبر. تتم الدعوة على مرحلتين وبالتالي هناك إصرار عليها. ويتوقع القارئ أن يهرول المدعوون لتلبية الدعوة. ولكن المدعوين يرفضون الدعوة في كلتا الحالتين: إنها المفاجأة الأولى. إن رفضهم لا مبرر له، إذ أن دعوة الملك هي أمنية غالية، وهي حلم كل يهودي، هي شيء هام جداً. لا يبالي المدعوون بدعوة الملك ويفضّلون عليها أشياء أخرى. لا بل يرى البعض في هذه الدعوة ما يثيرهم ضدها: فيضربون عبيد الملك ويقتلونهم . مَن هم هؤلاء المواطنون؟ أثار رفض المدعوين لتلبية الدعوة غضب الملك وتصرّف بصرامة لا يلومه عليها أحد. ولكن الملك، بعد أن انتقم من الرافضين، لا يستسلم: إنها مسألة أخرى غير متوقعة. إنه يرسل عبيده مرة أخرى ليدخلوا كل من يجدونه أشراراً وصالحين. إنه لم يطبق على المدعوين الجدد أي مقياس أو شرط. إن ما يهم هو أن تمتلئ ردهة العُرس. وهكذا حقق الملك هدفه. كان من الممكن أن تنتهي القصة عند هذا الحد. ولكنها تستمر، مقدمة مفاجئة أخرى: دخل الملك إلى الردهة فوجد أن أحد المدعوين لا يلبس ثياباً تليق بعُرس ابن الملك، فيعنّفه ويعاقبه. إنها نهاية غير متوقعة ونهاية سيئة لقصة فاشلة! لا يقع الرفض من المدعوين الأولين فقط فينالون عقابهم، بل يقع أيضاً على بعض المدعوين في الدفعة الثانية: قد يثير هؤلاء أيضاً غضب الملك وقد يقع عليهم عقابه. شخصيات المثل ويمكن استعراض المثل بطريقة أخرى: عن طريق شخصياته وأعمالهم. يدور المثل كله حول بعض الصور المركزية: الملك، الوليمة، العُرس والدعوة. ولكن الصورة المسيطرة هي صورة الملك. كما تُنسب إليه أهم الأعمال والمواقف، دور الآخرين هو تنفيذ أوامره ومبادراته بكل عناية. ولا ترد في المثل كلمات مباشرة إلا كلمات الملك، بينما يتحرك الآخرون بصمت: الابن، العبيد، المدعوون في الدفعة الأولى، والمدعوون في الدفعة الثانية، والرجل الذي ليس عليه ثياب العُرس. وتقود دراسة الأفعال إلى نفس النتيجة. تعبّر أفعال الملك عن مبادرة تجاه العبيد (يقول ويرسل) والمدعوين (يأتي ويدعو). أمّا أفعال العبيد فتعبر كلها عن تنفيذ (ذهبوا، خرجوا، جمعوا) وبالتالي نقول إن بطل القصة هو الملك، ويتم التركيز كله عليه وعلى أعماله. ويمكن أن نلاحظ أن "شخصية هامة تقوم بعمل يبدو أولياً أصلياً في مرحلة حاسمة قياساً بكل الأعمال التي نقابلها في التاريخ وتنتظر مبادرته، على تنوعها، وتخضع كل الردود للفحص". يتم عمل الملك على ثلاثة مراحل: يبادر الملك وتفشل المبادرة، ثم يتغلّب الملك على الفشل. ويتم التغلّب على الفشل باستبدال (يدخل آخرون بدلاً من المدعوين الأولين) يصاحبه فرز وانتقاء (حتى الذين قبلوا، في مرحلة لاحقة الدعوة، يخضعون للفحص). الظروف التاريخية هنا يبدو أنه قد تم توضيح هدف المثل الرئيسي، ولكن ظاهرياً فقط! يرتكز المثل كله على نقطة تضاد: مدعوون يرفضون الدعوة، مدعوون يلبون الدعوة. مَن هم المدعوون في الحالتين؟ ما هي الخلفية التاريخية وراء صور وأبطال المثل؟ لدينا اقتراحان: الاقتراح الأول: يروي يسوع هذا المثل رداً على الشكوك التي أثارتها مخالطته للخطأة والعشارين لدى الفريسيين والمكتفين بذواتهم. لا يعي الفريسيون أهمية دعوة الله، التي وجهها إليهم يسوع، ولذلك لم يلبوا الدعوة. عندئذ يقبل الله، بدلاً منهم، العشارين والخطأة والزناة والوثنيين. إن التضاد بين مدعوين يرفضون تلبية الدعوة ومدعوين يلبونها ينطبق على كل تاريخ بني إسرائيل: من ناحية هناك الشعب، الناس البسطاء والخطأة الذين يستقبلون ويقبلون يسوع؛ ومن ناحية أخرى هناك السلطات والمعلمون الذين يرفضونه. يتفق هذا الاقتراح مع ظروف حياة يسوع، لأنه كان يتعامل مع الخطأة والعشارين. إن هذا الاعتراض ليس قوياً، كما يبدو لأنه ليس من الضروري أن يتناول المثل حقيقة ما بكل تفاصيلها، فمعارضو يسوع يرفضونه ليس بسبب صداقته مع الخطأة فقط بل أيضاً لأن طريقة إعلانه الخبر السار لا تتفق مع توقعاتهم. الاقتراح الثاني: يتناول المثل واقعاً تاريخياً لاحقاً أي بعد القيامة. يشرح المثل واقعاً تاريخياً غير متوقع، أثار، بالتأكيد، دهشة المسيحيين الأوائل: يرفض بنو إسرائيل الخبر السار بينما يستقبله الوثنيون. إن التضاد لا يقوم في داخل فئات شعب بني إسرائيل بل بين بني إسرائيل والشعوب الأخرى. يميل بعض المفسرين إلى الاقتراح الأول بينما يحبّذ آخرون الاقتراح الثاني. ونتساءل لماذا لا نحتفظ بالاقتراحين معاً؟ وليس من الضرورة أن نختار اقتراحاً ونرفض الآخر إذ يمكن الجمع بينهما. ففي الاقتراحين يوجه الله نفس الدعوة والتي يرفضها البعض وبوعي. إذا صادق يسوع الخطأة والعشارين، إلا أنه لا يهمل توجيه الدعوة للصديقين، ولكن رفض هؤلاء تلبية هذه الدعوة. وإذا كان الملكوت قد نقل من بني إسرائيل إلى الأمم، فذلك لم يتم لأن الله أهمل شعبه، بل لأن الشعب هو الذي رفض إلهه. إن الله لم يتصرف بعشوائية بل بحكمة: هذا هو جوهر الرسالة التي نقلها المثل ونقلتها الجماعة الكنسية. لم تتغير الرسالة بل الشعب. إن الرفض الثاني هو توسّع في الرفض الأول. إن نقل المثل وتطبيقه على مرحلة تاريخية لاحقة استوجب بعض التغييرات وكلها طفيفة. فمثلاً عبارة "أهلك هؤلاء القتلة وحرق مدينتهم" (7:22) أضيفت على الأرجح على ضوء حصار الرومانيين لأورشليم وهدمهم وحرقهم إياها. لكن لا هذا التعديل ولا التعديلات الأخرى غيّرت مضمون المثل وهدفه الأساسي. التفسير: الدعوة والدينونة الخلاصة هي أن المثل يقوم بشرح حدثين تاريخيين شرحاً لاهوتياً: الحدثان هما رفضُ السلطات اليهودية ليسوع، ورفضُ الشعب اليهودي لرسالة المسيحية. ولكن المثل لا يقف عند هذين الحدثين. إنه تنبيه أن الساعة قد أتت وكل شيء مُعدّ. تجتاح المثل نبرة استعجال: لا مجال للتشتت والتردد تجاه دعوة الإنجيل ولا يوجد ما هو أهم من تلبيتها. تفسير حدث ودعوة لأخذ قرار: المثل هو أيضاً إعلان دينونة الله. إنها دينونة قاسية لا يفلت منها أحد: لا تخص الدينونة فقط مدعوي الدفعة الأولى، بل تمتد إلى مدعوي الدفعة الثانية أيضاً، الذين قد يعتقدون أنهم بتلبيتهم للدعوة أصبحوا في مأمن من الدينونة. تطال دينونة الله كل إنسان ودائماً لا مجال للأوهام. الجميع مدعوون ولكن ليس الجميع مختارين. إن دخول الردهة ليس ضماناً: يجب أن يظل المرء ساهراً وفي موقف طاعة دائمة. لقد طالت الدينونة على بني إسرائيل وتطال أيضاً المسيحيين. هذا ما تعنيه ثياب العُرس. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مثل الوكيل الأمين (مت 45:24-51) http://www.peregabriel.com/gm/albums...1/20358282.jpg ينقسم خطاب إنجيل القديس متى الإسكاتولوجي (مت 24-25) إلى جزئين: الأول (4:24-35) يتناول التعاليم الإسكاتولوجية بحصر المعنى والتي استقاها الإنجيلي من التقليد المرقسي، والثاني (36:24-46:25) يتناول النتائج المترتبة على ذلك، عن طريق تطوير مضمون إنجيل القديس مرقس، بهذا الصدد. يبدو اهتمام إنجيل متى الكبير بتحديد معنى السهر وطريقته، ويلجأ لكي يحقق هذا الهدف، إلى ثلاثة أمثال: الوكيل الأمين (مت 45:24-51)، مثل العذارى الحكيمات والعذارى الجاهلات (مت 1:25-13) ثم مثل الوزنات (مت14:25-30). يبدأ مثلُ الوكيل بحرف "ف" مما يجبرنا على ربط المثل بما يسبقه مباشرة أي تشبيه رب البيت واللص (مت 42:24-44). كما أن تأكيد الرب بأن السيد "يأتي في يوم لا يتوقعه وساعة لا يعلمها" (مت 50:24)، يشير إلى أن المثل مرتبط بالتأمل الممتد من (مت 26:24 حتى 13:25). وموضوع هذا التأمل هو أن الرب يأتي فجأة بلا إعلان مسبق في ساعة لا يعلمها أحد (26:24و 42و 44و 50؛ 13:25). يؤكد مثل الوكيل الأمين هذه الحقيقة الهامة. تتعرّض قصة الوكيل وسيده لمشهدين متناقضين، كما هو الحال في أمثال عديدة. يوحي إسهاب الرواية في المشهد الثاني بالبحث عن معنى المثل فيه، وليس في المشهد الأول. يهدف المشهد الأول إلى إبراز الثاني، الذي ينعكس فيه الموقف الذي يهم المعلم. بدأ التراخي يضرب بجذوره في الجماعة. لقد أدى تأخّر مجيء الرب الثاني إلى تكاسل العديدين: "إن سيدي يبطئ" (48:24)، قال العبد في قلبه واستغل هذا أسوأ استغلال. إن مرور الزمن وتأخّر السيد هما حقيقة واقعية وأمر لا يُنكر. ولم يخطئ العبد في هذا، إنما أخطأ في النتيجة التي وصل إليها. هنا يقوم هدف المثل: النتيجة التي يجب استخلاصها من تأخر السيد هي عكس النتيجة التي توصل إليها العبد تماماً. إن المثل لم يلجأ لعبدين ليكوّن منهما مشهدين متناقضين، أحدهما إيجابي والآخر سلبي، وهو في الواقع أسهل. إنه لجأ إلى شخص واحد أمامه اختياران متناقضان. وهذا اختيار ذكي للغاية: لا ينتمي بالضرورة الخير والشر، الحكمة والحماقة، الصراحة والرياء إلى أشخاص مختلفة متعددة ولكنها تمثّل خيارات أمام نفس الشخص في مواقف عديدة. قد تقود ملاحظة تأخّر عودة السيد إلى استنتاج خاطئ تماماً، إذا أغفلنا أن عودته، في كل الأحوال، تكون في وقت غير متوقع، وبلا إنذار سابق كما يكون مجيء اللص ليلاً (را 43:24). يبدو أن السيد يتأخر، ولكنه قد يعود في أية لحظة. سواء كان هناك تأخير أم لا، يظل الموقف المسئول هو السهر الدائم. إن تأخّر عودة السيد لا تقلل من ضرورة السهر، إنها تجعله يطول. وإذا استغنينا عن الحديث الرمزي نقول إن الوقت يضيق بالنسبة للمسيحي، لا لكونه قصيراً بل لأنه طال أم قصُر، هو وقت تتم فيه اختيارات حاسمة. يدين المثل الاسترخاء وينبّه على أهمية السهر ويشير إلى نتيجتين خطيرتين: إساءة معاملة الأصحاب وحياة الترف والخلاعة. وكان الإنجيلي قد أعطى مثلاً عن أحد أشكال التراخي الأكثر انتشاراً مثل نوح وأبناء جيله (مت 24: 37-39). إن عكس السهر لا يقوم فقط في التسلّط على الآخرين واستغلالهم وفي حياة اللذة، إنما يقوم أيضاً في الغفلة والحياة بلا اهتمام ولا تفكير في أي أمر غيرها. كان الناس أيام نوح يحيون ويتزوجون ويأكلون ويشربون دون أن يدروا أن الطوفان قريب: الانشغال بأشياء عديدة، حتى وإن كانت الأشياء مجردة أو مشروعة، يؤدي إلى الغفلة والسهو وعدم السهر، مما يشغل عن مجيء الرب وعن الدينونة التي تتم في التاريخ والحياة. سبق وقلنا إن المشهد الأول هو إبراز المشهد الثاني والإعداد له. ونضيف الآن للمشهد الأول دوراً إيجابياً آخر إذ يظهر معنى السهر. إن السهر الحقيقي هو عدم التسلّط والعدل وتدبير شئون المنزل بحكمة: "لتعطيهم طعامهم في أوانه" (مز104 [103]:27). إن التذكّر بما يقوم به الله من توزيع الخيرات لهو أمر هام جداً. يريد السيد في مثل البواب الساهر (مر 33:13-36) أن يجده ساهراً مستيقظاً. أما هنا فيريد السيد أن يجد الوكيل عاملاً مشغولاً. يوجّه مثل الوكيل، مثل باقي الأمثال، إلى الجميع. تخص الجوانبُ السلبية والجوانب الإيجابية، التي يتناولها، كل إنسان. ولكن لا ننسَ أنه يتكلم عن "وكيل"، وبالتالي نقول إن المثل موجّه بنوع خاص إلى المسئولين والخدام. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عمّال وأجرتهم إن مثل عمال الكرمة الذين كلّفهم السيد بالعمل فيها في ساعات مختلفة ثم ساواهم جميعاً في الأجر يثير الكثير من الصعوبات. هل يُعقل أن يمثّل الله بهذا السيد الذي يتصرّف بطريقة عفوية عشوائية مساوياً مَن عمل ساعة واحدة بمن عمل اليوم كله؟ من الواضح أن المثل لا يهدف التوقّف على علاقات العمل وعلى أسس العدل ومبادئه التي تحكم العمل. يدور المثل في إطار العلاقات الدينية والاجتماعية. إنه يتكلّم عن عدل الله لا عدل البشر. بالرغم من وضوح هذا الآخر إلا أن المشكلة تظل قائمة. هل يتصرّف الله حتى في العلاقات الدينية، مثل ذلك السيد؟(مت19: 30-16:20) »كثير من الأولين يصيرون آخرين والآخرين أولين« http://www.catholicchurch-eg.com/cat...esca14qd6y.jpg نعود إلى المثل. يكتري صاحب كرم عمالاً بالأجر اليومي. اكترى عمالاً في الساعة الأولى واتفق معهم على أجر يومي قدره دينار: إنه أجر عادل. وحتى هنا تسير الأمور سيراً عادياً بلا مشاكل إنه مشهد يتكرر يومياً، في المواسم، في قرى فلسطين وقرانا في مصر. ويكتري السيد عمالاً آخرين في ساعات مختلفة، وبعضهم قبل غروب الشمس بساعة. وهنا العجب، لأنه أمر غير مألوف. يبدأ القارئ والمستمع في التساؤل. لا يبرم السيد مع العمال الجدد أي اتفاق على الأجر بل يكتفي بالقول: »سأعطيكم ما كان عدلاً« (مت4:20). ولا يقول حتى هذا لعمال الساعة الأخيرة! يتساءل المستمع / القارئ بفضول: كيف يعامل السيد هؤلاء العمال؟ وأي أجر سوف يعطيهم؟ وعندما يبدأ السيد بمحاسبة الأخيرين معطياً لهم قدر ما اتفق عليه مع الأولين، يزداد فضول المستمع/ القارئ وينقلب السؤال رأساً على عقب: كيف يعامل السيد الأولين؟ أي أجر سوف يعطيهم؟ والرد على السؤال غير متوقع، غريب ومثير للدهشة: يعطي السيد الجميع أجراً مساوياً. ويحتج عمال الساعة الأولى ويعتبرون تصرّف السيد ظلماً صارخاً، ويشاركهم في هذا الرأي المستمع القارئ: لا تساوى ساعة عمل واحدة أجر يوم عمل كامل! يقدّم المثل في هذه النقطة: ظلم السيد! يتضامن المستمع/ القارئ مع عمال الساعة الأولى في احتجاجهم ويتوحّد معهم وينتظر تفسيراً. بالفعل يتوسّع السيد في هذه النقطة مفيضاً في شرح تصرفّه وتبريره. إن طول الحوار وجديته يثبتان-إن الأمر مازال يحتاج إلى إثبات. إن هذه النقطة هي مركز المثل والتي يجب إيلاؤها كل الاهتمام. لقد ابتعد تفسير المثل- بالأخص من منظور وعظي تعليمي عن المركز متجهاً إلى نقاط هامشية. وإليكم بعض الأمثلة. يرى بعض المفسرين القدماء أن مركز المثل هو الدعوة: الله يدعو في كل ساعة متى شاء وكيف شاء. قد تكون لحظة الدعوة مبكرة أو متأخرة وهذا لا يهم. المهم هو أن يكون المرء مستعداً ويتجاوب مع الدعوة متى وصلت ويتشبث بالفرصة عندما تُتاح له. ويرى آخرون، استناداً على بعض مخطوطات إنجيل القديس متى التي تضيف في نهاية المثل عبارة: المدعوون كثيرون والمختارون قليلون، إن هدف المثل هو الدينونة ويستطيع الإنسان، بالرغم من دعوة الله له من الساعة الأولى، والذي عمل النهار كله في الكرم، أن يرفض. قد يفقد الإنسان ملكوت الله في اللحظة الأخيرة، بعد أن يكون قد عمل النهار كله، فقد يسمع الأمر: »خذ ما لك وانصرف« (مت14:20). ويركّز آخرون، ومنهم إنجيل القديس متى ذاته، على ترتيب المحاسبة، حيث يبدأ بحساب الآخرين ثم الأولين. وأكّد الإنجيلي على ذلك بالعبارتين اللتين تسبقان المثل وتختمانه: »وكثير من الأولين يصيرون آخرين ومن الآخرين أولين« (مت30:19)، »فهكذا يصير الآخرون أولين والأولون آخرين« (مت16:20). يقلب الملكوت المناصب والمقاييس التي وضعها الإنسان ورسخها. فقياس الله يختلف عن قياس البشر: إنه يفضّل الفقراء على الأغنياء والخطأة التائبين على الأبرار والمتواضعين على الحكماء. وتؤكد نصوص عديدة في الإنجيل على هذا الأمر »الحق أقول لكم: إن العشارين والبغايا يتقدمونكم إلى ملكوت الله« (مت31:21). ويركّز آخرون على الحوار الذي دار بين رب الكرم والعمال: »لماذا قمتم ههنا طوال النهار بطالين: قالوا له: لم يستأجرنا أحد« (مت6:20-7). هل هي حجة؟ هل يختلف تصرّف الله عن تصورنا لأنه يعرف ما في قلب الإنسان؟ إن الله يعاملهم معاملة عمال الساعة الأولى لأنه لا ذنب لهم أن يعملوا آخر ساعة. يستحق حوار السيد مع عمال الساعة الأخيرة اهتماماً خاصاً والله يعرف فعلاً ما في قلب الإنسان. لكن يجب أن نلاحظ أن السيد عندما يبرر تصرفه في نهاية المثل لا يذكر هذا الأمر إطلاقاً. كما أن تفسير المثل بهذه الطريقة يفقده قوته: إن عدل الله يصبح مثل عدل البشر. صحيح أنه أقوى وأعمق وأكثر عدلاً ولكنه ليس جديداً! يهدف المثل إلى إعلان أن عدل الله وعلمه أكثر عمقاً ولكن الأكثر من ذلك أنهما أكثر جدّة. إن طرق التفسير التي أوردناها بالرغم من تنوعها واختلافها، تشترك في محاولة التغلّب على الدهشة والحيرة اللتين يثيرهما المثل. عندما أعدنا رواية المثل بيّنا أن مركزه بعيد عن تبرير هذه الحيرة. هناك شيء صحيح في كل تفسير من التفسيرات السابقة ولكنه جانبي وهامشي. لا يركّز المثل لا على الدعوة في كل ساعات النهار ولا على الدينونة والرفض الذي قد يقع حتى على عمال الساعة الأولى ولا على أن الأولين يصيرون آخرين والآخرين أولين ولا على الحقيقة الواقعة أن الله يعرف ما في قلب الإنسان معرفة عميقة وجيدة. إن المثل يركّز على أن الآخرين حصلوا على نفس الأجر الذي حصل عليه الأولون. إن من يريد أن يفهم المثل عليه أن يواجه هذه المفارقة. أم عينك حسود هل يريد يسوع أن يعلمنا من خلال حصول الآخرين على نفس أجر الأولين أن ما يبدو لنا ظلماً هو عدل في عيني الله، لأنه يسمو على المقاييس البشرية ولأنه حر في تصرفاته لدرجة أنه يقلب مقاييسنا البشرية؟ يختلف عدل الله، بكل تأكيد، عن عدلنا نحن ولكن ليس هذا ما يريد أن يركّز المثل عليه. إن عدل الله هو نابع من طبيعة الله وله مقاييسه الخاصة. لا نستطيع أن نضيف شيئاً آخر. صحيح أن الله حرّ ولكن حريته ليست حرية عشوائية. لقد واجه اعتراض العمال بقوله: »ألا يجوز لي أن أتصرّف بما لي كما أشاء؟« (مت 15:20). ورد الله هذا يختلف تماماً عمّا نعنيه نحن بقولنا: »أفعل ما بدا وما حلا لي« يؤكد هذا أن السيد لم يرفض بتسلّط احتجاج عمال الساعات الأولى، بل حاورهم وشرح لهم وحاول أن يفهمهم أن احتجاجهم لا أساس له ولا مبرر. إن تصرّف السيد بهذه الطريقة لا يعني أنه يتجاهل تعب من عمل أكثر من غيره أو أنّه لا تعنيه كثرة عمل البعض، إنما يعني أنه يحب أيضاً الأخيرين وليس فقط الأولين. إنه يريد أن يكون الجميع أولين: »ساويتهم بنا« (مت12:20). »إن الله لا يخرق العدل بل يتخطى النسب«. الله متسامٍ لا لأنه ضد العدل بل لأن جودته وحبه وتسامحه تفوق العدل. إن مجال عمل الله هو اتساع جودته، لا ضيق الحق والفروق. يريد الله أن يقابل الإنسان، أي إنسان وكل إنسان: باراً كان أم خاطئاً. إن مجانية الله لا تناقض الحق بل توسعه. وعندما يدخل الإنسان هذا المجال فإنه عندئذ فقط يستطيع أن يقول إنه يعرف، بطريقة ما، الله. يوجّه الله للعامل المتذمّر سؤالاً عميقاً يصل إلى أساس المشكلة: »أم عينك حسود لأني كريم؟« (مت15:20). إنه سؤال عادل. لا يتذمّر عمّال الساعة الأولى لأن السيد اقتطع جزءً من أجرهم، بل لأنه أعطى الآخرين أجراً مساوياً لهم! لا يعبّر احتجاجهم عن الغيرة على العدالة بل عن غيرة وحسد. إن حريّة تصرّف السيد وجدّته ومفارقته لا تنبع من عشوائية وتخبّط؛ بل تتحرّك في اتجاه منطقي متسق وثابت: مجال المجانية اللامتناهية. إن إله يسوع المسيح ليس إلهاً ظالماً إنما هو إله لا يدع شيئاً من النسبية ...... وتبدو النسب للإنسان قانوناً مقدساً لا يمسّ كان هذا رأي مستمعي يسوع وهو أيضا رأينا نحن اليوم. من المؤكد أن »للنسب« حقيقتها ولكنها ليست تلك الحقيقة القادرة على أن تساعدنا على الانفتاح على سرّ يسوع المسيح. اتضح الآن مركز المثل: إن ما يكشف سرّ الله ويعلنه ليس هو العمل/ الجزاء بل هو المجانية. إن المثل يكشف لنا عن الله ولكنه في نفس الوقت تنبيه قوي لكل إنسان: إن أردت أن تكتشف سرّ الله فتخلّص من معايير النسب الجامدة. يصير الآخِرون أولين والأولون آخِرين لاحظنا أن إنجيل القديس متى يجمع بين المثل والقول الحكمي »كثير من الأولين يصيرون آخرين ومن الآخرين أولين« (مت30:19). إنه يكرّر هذا في بداية المثل وفي خاتمته، مع تغيير طفيف. ويعبّر هذا القول الحكمي، بما فيه من تناقض صارخ عن اختلاف تصرّف الله عن تصرّف البشر. ساهم التناقض الحاد في القول الحكمي في إبعاد القرار عن معنى المثل العميق. إن السيد، في المثل، باستثناء أنه بدأ بمحاسبة الآخرين قبل الأولين لا يحدث أي انقلاب: إنه يرفع الآخرين ولكنه لا يحط الأولين. إن سياق هذا القول الحكمي، كما يتضح هذا أيضاً في نشيد مريم العذراء: »حط الأقوياء عن العروش ورفع الوضعاء، أشبع الجياع من الخيرات والأغنياء صرفهم فارغين« (لو 52:1-53)، هو سياق مختلف تماماً. إنه ليس رصداً للواقع بقدر ما هو أمنية ورغبة وصلاة وحلم الفقراء والمضطهدين والمتألمين والمهمشين. أراد إنجيل القديس متى بهذه القراءة أن يقي القرّاء من مغبة سوء الفهم لا يهم الله أن يعمل الإنسان قليلاً أو كثيراً، أن يكون خاطئاً أو باراً. إن تخطّى حدود النسب، كما فعل المثل، له أخطاره الكثيرة. يحتفظ تفسير إنجيل القديس متى لهذا المثل بدور النسب وهذا صحيح إلا أنه يحمل بالتأكيد بعض المخاطر. يعتقد الإنسان أن النسب قانوناً لا يُمَس. إن للنسب، بالتأكيد، جانب صحيح ولكنها لا تفتح الطريق على سرّ الله. إنها حقيقة ولكنها ليست جِدّة. لا يجب أن ننسى هذا. إذا نسبنا هذا لتشوهت صورة وأصالة الإله الذي بشّر به يسوع المسيح، هذا الإله الذي لم نصنعه نحن والذي يأتي تجاهنا ويقابلنا. إن النسب هي مثل حجر من أحجار البناء ولكنها ليست حجر الزاوية. هناك خطر أن تأخذ هذه النسب مكانة هامة، تقودنا إلى خلق إله على صورتنا! مثل للخطأة أم للأبرار؟ يمكن تطبيق هذا المثل سواء على الخطأة أو على الأبرار ولكن من زاويتين مختلفتين: الزاوية الأولى: يعلن للخطأة بشرى أنهم ليسوا آخِرين، والزاوية الثانية يحذّر الأبرار من الانغلاق في حدود عدالتهم الضيقة. يحذّر هذا المثل الأقوياء من بطش قوتهم والضعفاء من وهن ضعفهم. يدعو المثل الجميع، أبراراً وخطأة، إلى التوبة. تنبع التوبة والرجوع عن الخطيئة من الاكتشاف المذهل لوجود عفو مجاني وصفح لا يخضع لمنطق بشري. تنبع توبة البار من لقاء غير متوقع مع الله يجعله يتجاوز ضيق أفق »العدل« ليدخل في أفق المجانية المتسع واللامحدود. إن التوبة في الحالتين كلتيهما: الأبرار والخطأة، هي انفتاح على المجانية. ولكن، إحقاقاً للحق، تكون أحياناً توبة البار أصعب بكثير من توبة الخاطئ. يبدو أن المثل موجّه أساساً إلى الأبرار. غالباً وهم الذين يحتجون ويطالبون بالفرق: »هؤلاء الذين أتوا آخراً لم يعملوا غير ساعة واحدة، فساويتهم بنا نحن الذين احتملنا ثقل النهار وحرّه الشديد« (مت12:20). إن العالم مليء بالأشخاص، أقصد المؤمنين، الذين يصرخون مطالبين بالعدالة لا لأنهم مظلومون، بل لأنهم يرون تزايد ضيق الفرق بينهم وبين الآخرين. لا يعرف هؤلاء المؤمنون شيئاً عن الإله الحقيقي. كما أن تبرير السيد المسهب والمطوّل موجّه إلى الأبرار لكي يدفعهم للتفكير ويقنعهم أن رغبتهم في العدل خارجها مطالبة بالعدل وباطنها حسد. إن الحسد هو إحساس يظل متربصاً إذا ظلّ البار مقتنعاً في داخله أنه يتمّ الحصول والوصول إلى الإنجيل بمجهوده الفردي وليس كهبة من الله. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هناك تطابق شبه حرفي بين هذا المثل في إنجيل القديس لوقا ومثيله في إنجيل القديس متى والذي سبق وتناولناه في العدد الثاني لمجلة صديق الكاهن لعام 2000: يبدو أن يسوع ينطلق من حكمة: "يقولون زمرنا لكم فلم ترقصوا؛ ندبنا لكم فلم تبكوا" (لو 32:7) وبنى حول هذه الحكمة مشهداً يصعب تحديد طريقة حدوثه: هل تعرض مجموعة من الأطفال على مجموعة أخرى لعبة وعكسها ويرفض هؤلاء عرض زملائهم في الحالتين؟ أم هل تعرض المجموعة الأولى على الثانية لعبة فترفض الثانية، ثم تعرض الثانية بدورها لعبة فترفض الأولى، كرد فعل صبياني على الرفض السابق للمجموعة الثانية ؟
في الحالة الأولى تكون مجموعة مستعدة، للعب والثانية غير مستعدة، وفي الحالة الثانية، وهي تنطبق أكثر على النص اليوناني؛ ترفض المجموعتان كلتاهما اللعب، بل جميع أنواع اللعب. ولكن الفرق بين الحالتين ليس فرقاً كبيراً أو جوهرياً. ففي كلتا الحالتين يرفض الأطفال دوماً اللعبة وعكسها، بذلك يعلنون عزوفهم عن اللعب والأسباب التي يتعللون بها: إنها لعبة مرحة جداً أو أنها لعبة كئيبة جداً هي مجرد حجج وهذا ما يريد أن يشير إليه يسوع. "هذا الجيل"– عندما ترد هذه العبارة على لسان يسوع- تكون دائماً ذات معنى سلبي. يرفض هذا الجيل كل دعوة إلهية، أياً كانت هذه الدعوة: يرفضون يوحنا المعمدان لأنه متقشف جداً، ويرفضون يسوع لأنه يأكل ويشرب. لا يريد يسوع، بهذا المثل، أن يركّز الانتباه على الرفض، بل يريد أن يبرز دوافعه الحقيقية وهي عدم الاستعداد. ومع ذلك يظل هناك أناس منفتحون للفهم والقبول. والمقصود بالحكمة هنا خطة الله التي أعلنها ويعلنها مرسَلوه، والمرسل في هذا النص هو يسوع. أمّا الذين يرفضون خطة الله فهم هذا الجيل أي علماء الشريعة والفريسيين (30:7) أمّا عامة الشعب والعشارون فهم "أبناء الحكمة" لأنهم يعترفون ببر الله (29:7). مثل المديونين: رد يسوع على سمعان الفريسي(لو 36:7-50) يرد هذا المثل في سياق حوار حيث حل يسوع ضيفاً على أحد الفريسيين، وكان يسوع يتعامل مع كل الفئات سواء مع الفقراء أو الخاطئين، المحافظين والأغنياء. وكان الاعتقاد السائد آنذاك أن استضافة أحد المعلمين (الربيين) عند مروره عملاً محموداً من الناس ومقبولاً لدى الله. لذلك لم يدع هذا الفريسيّ الغني هذه المناسبة تضيع منه. وكان دخول امرأة، غير مدعوة، إلى مكان الغذاء ليس بالأمر غير المعتاد: كان الجيران يدخلون لإشباع الفضول؛ فالباب كان يظل دائماً مفتوحاً. وهناك سبب آخر يدعو لترك الأبواب مفتوحة: وعي الفريسيين وإدراكهم مسؤوليتهم في تهذيب الشعب وتعليمه، وبذلك كان عليهم إتاحة الفرصة للشعب لكي يرى ويتعلم من المثل الصالح: مثل الفريسي الذي يمجد الله بإكرامه أحد المعلمين. وكانت هذه المرأة، وهي خاطئة مشهورة في المدينة، لم تكتفِ بالنظر لإشباع الفضول، بل جلست عند قدمي يسوع وغسلتهما بدموعها وسكبت عليهما الطيب. ويظهر من باقي ملابسات المثل أن عملها هذا كان تعبيراً عن توبتها الصادقة وعن حبها الكبير وعرفانها بالجميل. شخصيات المثل ثلاث: يسوع والمرأة والفريسي. ويجب النظر إليها معاً: يجب النظر إلى تسامح يسوع مع المرأة الخاطئة مقروناً برد فعل الفريسي. تسمح هذه النظرة باكتشاف مدى تباين العقليتين والمنطق: عقلية الفريسي ومنطقه وعقلية يسوع الناصري ومنطقه. هذه هي النقطة الأساسية التي يدعو المثل إلى اعتبارها والتأمل فيها. وقبل أن نخوض في شرح المثل يجدر بنا أن نعطي بعض الملاحظات حول رواية المثل: إنها رواية حية دقيقة البنيان غنية التفاصيل. في مشهد الافتتاح يقدم لوقا الإنجيلي شخصيات المثل: "دعاه أحد الفريسيين... (دعا يسوع) وإذا بامرأة" (لو 36:7-37). تشير كلمة "إذا" إلى شيء أو شخص يريد الراوي أن يجذب انتباه القارئ عليه. ويصف الإنجيلي بعناية فائقة حركات المرأة وتصرفاتها: ترد بعض الأفعال في الماضي التام وهي أعمال سريعة دقيقة ويرد بعضها في الماضي المستمر الذي يشير إلى تكرار الفعل وطول مدته: جعلت تقبل قدميه... (جعلت) تمسحهما... جعلت تقبل قدميه... جعلت تدهنهما بالطيب. إن هذا المشهد، وهو المشهد الأول، صامت، لا أحد يتكلم فيه: يراقب كل من الفريسي ويسوع المرأة جامدين صامتين. ولكن نظرة كل منهما تختلف عن نظرة الآخر، كما يختلف أيضاً حكم كل منهما. ويعلن يسوع صراحة فيما بعد رأيه للفريسي. يكوّن الفريسي رأيه في يسوع وفي المرأة ويكتمه في ذاته ولا يعلنه. يخمّن يسوع ما يفكر عنه الفريسي "فأجابه" (40:7): التفت إلى المرأة وقال لسمعان (44:7). أن يتحدث المرء إلى إنسان ناظراً إلى إنسان آخر لهو غريب، ولكنه معبّر جداً. يكلم يسوع سمعان الفريسي ناظراً إلى المرأة، لأن حديثه يخصهما معاً (سمعان والمرأة)، ولأن يسوع يريد أن يلتفت سمعان أيضاً إلى المرأة: الموضوع الأساسي هو هذه المرأة وكيفية النظر إليها أي الحكم عليها. وفي آخر المثل هَمهَم جلساؤه ولم يعلنوا رأيهم صراحة فتجاهلهم يسوع معلناً رأيه: "إيمانك خلصك، فاذهبي بسلام" (50:7). تصرفات متناقضة للمرأة الخاطئة والفريسي حيال يسوع تصرفات متناقضة. يعلن يسوع ذاته هذا التناقض: "أترى هذه المرأة؟ إني دخلت بيتك فما سكبت على قدمي ماء، أما هي فبالدموع بلت قدمي وبشعرها مسحتهما. أنت ما قبلتني قبلة، وأما هي فلم تكف مذ دخلت عن تقبيل قدميّ. أنت ما دهنت رأسي بزيت معطر، أما هي فبالطيب دهنت قدمي" (44:7-46). كما تختلف نظرة سمعان الفريسي إلى المرأة (إنه يرى فقط أنها خاطئة) عن نظرة يسوع لها (إذ يرى عرفانها بالجميل وحبها). بذلك يسيء الفريسي الظن بيسوع أيضاً: إذا كان نبياً عظيماً، كما يقولون، فكيف لم يعرف من هي هذه؟ لماذا تركها تقترب منه وتلمسه؟ هناك إذاً تضاد جذري حاد بين الشخصيات: من ناحية سمعان الفريسي وفي النقيض الآخر يسوع والمرأة؛ أياً كانت زاوية نظر الشخصيات الثلاثة والعلاقات بينهم. ما سبب عمى هذا الفريسي؟ إنه يرى في المرأة الخطيئة ولا يرى العرفان بالجميل والحب، ولم يدرك معنى سماح يسوع لها بالاقتراب منه ولمسه. لماذا؟ هناك أسباب عديدة، أولها لاهوتي: يعتقد الفريسي أن رجل الله لا يجب أن يتنجس بلمس الخطأة، لا بل عليه أن يتحاشى هؤلاء وأن يميز بدقة بين الصديقين المحافظين والخطأة المخالفين، بين المؤمنين والوثنيين: "لو كان هذا الرجل نبياً، لعلم من هي المرأة التي تلمسه"(39:7). أمّا رأي يسوع فهو مختلف تماماً: إنه يعرف أن الله آب يحب كل أولاده الخطأة منهم والصديقين وأنه لا يستبعد الخطأة بل يبحث عنهم. يعرف يسوع أن الله لا يتمجد بالابتعاد عن الخطأة بل بالابتعاد عن الخطيئة، إنه لا يتمجد بالحكم عليهم وإدانتهم، بل بالبحث عنهم وقبولهم والصفح عنهم (را لو15). إن الاختلاف لا بل التناقض بين يسوع الفريسي هو تناقض لاهوتي إذ يتعلق بنظر كل منهما إلى الله! ثاني الأسباب أنثربولوجي: ويمتد الاختلاف والتناقض إلى نظر كل منهما إلى الإنسان. تتأثر نظرة الفريسي إلى المرأة بفكرته المسبقة عنها أنها خاطئة وبالتالي يفسّر عملها، وهو عمل فريد ومحدد على ضوء حكمه المسبق، ووحّد بين المرأة وحالها، بين الخطأ والخطيئة: إنها خاطئة وغير قادرة، إلا على الخطيئة ويجب الشك في كل ما تقوم به وتعمله؛ أمّا يسوع، فهو ينظر نظرة الله. يعرف أيضاً يسوع أنها خاطئة ولكن هذا لا يمنعه من فهم أن عملها هذا ناتج عن حبها. إنه حرّ غير مقيّد بأحكام مسبقة لذلك يدرك فرادة عملها وحقيقة وصدق دوافعها: إنها ليست قادرة فقط على الخطأ بل هي قادرة على الحب: "إن خطاياها الكثيرة غُفرت لها لأنها أظهرت حباً كثيراً" (47:7). ثالث الأسباب هو شخصي: غُفرت خطايا المرأة فحصلت على الخلاص. لقد أُسقِط عنها دينها الباهظ. كان للقاء يسوع، بالنسبة لها، معناه العميق: معنى التحرير والخلاص، معنى الصفح غير المنتظر أو المرجو، معنى الكرامة التي عادت إليها. هذه هي أسباب حماسها وفرحها وعرفانها بالجميل. أمّا الفريسي فيظل منغلقاً على بره الذاتي غير واعٍ بما عليه من دين، كبر هذا أم صغر، فهو لا يشعر بأنه مدين ليسوع بأي شيء. وربما يشعر نحوه بالتقدير فقط وليس بعرفان جميل أو دهشة أو فرح. وحده الذي يشعر بأنه نال الصفح وأنه موضوع حب الله المجاني ويختبر هذا، يفهم معنى زيارة يسوع ويعيه. الحوار إنهما وجهتا نظر مختلفتان. بدلاً من أن ينهر يسوع عمى الفريسي قائلاً: الويل لكم أيها الفريسيون العميان، يحاول أن يدعو سمعان للتفكير عن طريق مثل ضربه له. لقد عفا أحد الأثرياء عن مدينين له: أحدهما مدين بالكثير جداً والآخر مدين بأقل كثيراً من زميله. مَن منهما يكون أشد تقديراً وحباً لصاحب الدين؟ ويحسن سمعان الإجابة، مؤكداً أن ذا الدين الأكبر يكون أكثر حباً وامتناناً. لقد دخل سمعان الفريسي طرفاً في هذه اللعبة وتورط: الآن يستطيع أن يتعمّق في الفكرة التي طرحها على يسوع، إذا كان له عينان للنظر وأذنان للسمع. الآن يستطيع أن يعيد النظر في رأيه في المرأة الخاطئة وفي يسوع وفي الله. الصفح والحب يلاحظ القارئ المدقق تعارضاً بين الخاتمة التي يستنتجها يسوع من المثل، من جهة: "إن خطاياها الكثيرة غفرت لها لأنها أظهرت حباً كثيراً" (47:7)، وخط سير الرواية في مجملها من جهة أخرى. فكان من المتوقع مثلاً قلب ترتيب العبارات: لأنه غفر لها الكثير فهي أحبت كثيراً. يبدو أن إنجيل القديس لوقا عدّل هدف المثل. كما أن التعارض بين جزئي العدد 47:7 مثير جداً: ففي الجزء الأول يسبق الحب الصفح وفي الثاني هو نتيجة له "أمّا الذي يغفر له القليل فإنه يظهر حباً قليلاً" (47:7ب). إن هذا الاختلاف الذي أشرنا إليه هو نتيجة تاريخ تحرير المثل، وعلينا أن نجد له تفسيراً، انطلاقاً من هدف المثل: علاقة الله بالإنسان والإنسان بالله. لهذه العلاقة وجهان صحيحان وحاضران في تعليم الإنجيل. الوجه الأول وهو الذي يحتل المكانة الأولى في مثلنا هذا هو: يسبق صفح الله حبنا له وهو سببه ودافعه ومعياره. وأمّا الوجه الثاني: حبنا لله هو علامة على أننا قبلنا صفح الله وفهمناه ووعيناه، وبالتالي فإن صفحه وصل إلينا. ربما يبدو لنا أن هذين الجانبين متعارضان ولكنهما في الواقع، متداخلان. يحدد حبه لنا وحبنا له ويظهر حبنا لله إذا كنا نحن نشعر بحبه لنا. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مثلا: الابنين (مت21: 28-32) والكرامون القتلة (مت 33:21-45) https://1.bp.blogspot.com/-phf7nG9qVT...ao+den+tho.jpg إن مثل الابنين هو أول ثلاثة أمثال متتالية تحاول شرح مسألة رفض الإنجيل من جهة من كان عليهم قبوله قبل غيرهم. كيف يجب شرح هذا الأمر؟ تقوم الأمثال على خلفية الدهشة البالغة لرفض مزدوج: رفض اليهود الممارسون المتدينون وممثلو وعلماء الشريعة يسوع، بينما قبله الشعب؛ ورفض اليهود بشارة الإنجيل بينما قبلها الوثنيون. وتتداخل، في هذه الأمثال، فترتان زمنيتان مختلفتان: فترة ترجع إلى زمن يسوع المسيح، والفترة الأخرى تعود إلى زمن الكنيسة الأولى. وجدير بالذكر أن هذا الأمر يتكرر في معظم الأمثال. إنه تداخل في محله حيث أن المنطق الذي يسود الفترتين هو ذاته. يمتاز كلام يسوع (مت28:21-32) بالحبكة الروائية: يروي المثل ويدفع السامعين دفعاً إلى إصدار حكم ثم يطبق هذا الحكم على من أصدروه. يتكوَّن المثل من لوحتين متناقضتين تماماً: رفض يتحوّل إلى قبول، وقبول يتحوّل إلى رفض. يخاطب يسوع في هذا المثل، كبار الكهنة والشيوخ »ودخل الهيكل، فدنا إليه عظماء الكهنة وشيوخ الشعب« (مت 23:21) الذين كانوا يسألونه عن السلطان الذي به يعمل ويعلِّم. إنه سؤال استفزازي وربما يكون مصطنعاً، لأن هؤلاء كوّنوا رأيهم الثابت فيه. هذا هو الموقف الذي يصر عليه إنجيل القديس متى: حكم الكهنة والشيوخ المسبّق على يسوع. ولكن ما هو سبب ودافع هذا السؤال؟ هل أراد الإنجيلي أن يخبر مستمعيه وقرائه بما حدث ليسوع أم أنه أراد أن يحثهم إلى التحقق من إيمانهم؟ إن الدافع ليس هو مجرد إعطاء الخبر: تتصف الأناجيل بقيمة تاريخية عالية ولكنها لا تهدف إلى مجرد الإخبار عن الماضي بل بالأكثر إلى تغذية الإيمان. كما أن الإنجيلي يدأب على إظهار المقاومة ليسوع ورسالته، سواء أكانت هذه من الفريسيين أو من السلطات أو من غيرها. يتكرّر المشهد مع اختلاف أبطاله والمضمون هو: المؤمن "الشكّاك" إن ما حدث في زمن يسوع قد يحدث الآن، في أيامنا، هذه هي رسالة الإنجيل وبالتالي قد يتحوّل رفضنا إلى قبول أو قبولنا إلى رفض لذات الأسباب. للمثل إذاً وجهان. على أيهما يجب التركيز؟ إذا توجّه المثل إلى الصدِّيقين الأبرار فإنه ينبههم أن قبولهم قد يتحوّل في أيّة لحظة إلى رفض، أما إذا توجّه إلى الخطأة فإنه يطمئنهم أن فرصهم مازالت قائمة: يمكن يتحوّل رفضهم إلى قبول. يبدو أننا أمام مثل حلزوني! يصدق هذا في حالة واحدة وهي قراءة المثل وحده، دون وضعه في سياقه. أمّا إذا قرأنا المثل وفسّرناه في السياق الذي أراده له الإنجيلي لأصبحت توجهاته (المثل) متعددة: يتوجّه المثل إلى الصدِّيقين لكي يحدثهم عن الخطأة ويقول لهم إنهم أفضل منكم! ويتضح ذلك من عبارة: »ولكنه ندم بعد ذلك فذهب« (مت29:21). يعني الفعل اليوناني المستعمل ميتامولوماني للإحساس بالندم إعادة التفكير. ويمكن استنتاج تعليم أولي من فارق تصرّف الأخوين: لا قيمة للأقوال بل للأعمال. وليس هذا الأمر بجديد على إنجيل القديس متى. لقد تناوله بتوسّع في ختام حديث يسوع على الجبل وبالتحديد في (21:7-27). ولكن تقليص المثل على هذا التعليم هو شيء غير كامل لأن يسوع يختم المثل قائلاً: »الحق أقول لكم إن العشارين والبغايا يتقدمونكم إلى ملكوت الله« (مت 31:21ب). إنها كلمات قاطعة وشديدة ترجع إلى يسوع المسيح نفسه. إن هذه الكلمات لا تعني أن كل الخطأة سيدخلون ملكوت السموات ولا تعني أنه لن يدخله أي فريسيّ. لا تعبّر هذه الكلمات عن مبدأ ثابت أو حقيقة عامة بل تصوّر واقعاً محدداً عاشه يوحنا المعمدان ويسوع المسيح. كانت خبرة فريدة ولكنها غير مقصورة على مكان واحد وزمن بعينه: قد تتكرّر هذه الخبرة في أي مكان وأي زمان. لذلك يذكّر إنجيل القديس متى الجماعة بهذه الخبرة. يوحنا المعمدان ويسوع المسيح بعد أن روى يسوع المثل وطبّقه على مستمعيه يروي ما حدث ليوحنا المعمدان: »فقد جاءكم يوحنا سالكاً طريق البر فلم تؤمنوا به. وأمّا العشارون والبغايا فآمنوا به«(مت32:21). وعندما يتكلم يسوع عن يوحنا المعمدان فإنه يتكلم عن ذاته. فيوحنا المعمدان هو مجرد مثل، لقد قابل يسوع أناساً أبراراً ومواظبين على الصلاة وبالتالي مؤمنين في نظر الجميع، ولكنهم رفضوه. بينما قابل أناساً خطأة في نظر الآخرين ولكنهم قبلوه، هناك العديد من الأمثلة التي توردها الأناجيل. حتى يبدو أنها الخط الرئيسي له: لاوي جابي الضرائب، زكا، المرأة الزانية، اللص اليمين، ومن الجانب الآخر الفريسيون والكهنة، والشاب الغني. قلنا إن يسوع، عندما يتكلم عن يوحنا المعمدان فإنه يتكلم عن ذاته. ولكننا الآن نصحح ونقول إنه يتكلم عن الله. إن الآب في المثل هو بدون شك، تصوير لله. يوحنا المعمدان، يسوع المسيح، الآب: تكرر تصرّف هؤلاء تجاه يوحنا المعمدان مع يسوع المسيح، والتصرف مع يسوع المسيح هو مرآة صادقة تعكس تصرف الإنسان تجاه الله. إن رفض يسوع المسيح هو رفض لله. ويتحوّل كلام يسوع، في النهاية إلى صيغة المخاطب للجمع، وبذلك يتوجّه بالحديث إلى كل المستمعين: »وأنتم رأيتم ذلك، فلم تندموا آخر الأمر فتؤمنوا به« (مت 32:21ب). إن التناقض هنا ليس تناقضاً بين الأخوين، بل بين الأخ الذي »ندم بعد ذلك فذهب« وبين مستمعي يسوع. الذين ولا حتى »آخر الأمر« ندموا. ويقول يسوع »وأنتم رأيتم« ولكنه لا يحدد ماذا رأى هؤلاء. ولم يؤمنوا إنه لا يعلن صراحة ما يعنيه وهو بشارة وحياة يوحنا المعمدان ويسوع نفسه. كانت لديهم كل الفرص لإعادة التفكير وتغيير الحياة، ولكن هذا، للأسف، لم يتم! مثل الكرامون القتلة(مت 33:21-45) إن مثل الكرامين القتلة في إنجيل القديس متى قريب جداً منه في إنجيل القديس مرقس، لذلك نكتفي بما يضيفه إنجيل القديس متى من تعليم. إن أهم ما يميّز المثل في إنجيل القديس متى هو موقعه: يضع إنجيل القديس متى هذا المثل بين مثل الابنين (28:21-32) ومثل وليمة الملك (1:22-14) وبذلك يجعل منه مركزاً لحديث طويل عن رفض الملكوت والدينونة الناتجة عن ذلك. إن رفض الإنسان ليسوع هو قمة موقف هذا الإنسان، وهو أمر واضح وموقف مبدئي وليس مجرد حدث عارض. لقد سبق هذا الرفض، رفض تعليم الأنبياء ورفض رسالة يوحنا المعمدان ويليه رفض بشارة الكنيسة. تتعرّض أعمال الله كلها لهذا المصير. يستلهم إنجيل القديس متى هذا المثل، كما فعل إنجيل القديس مرقس، من نشيد الكرم (أش5)، ولكن المثل يبتعد فجأة عن خط أشعيا النبي. إن أعمال الله، وكذلك أعمال الإنسان، فريدة وليست نسخة مكررة من أعمال تمت في الماضي. انتظر رب الكرم في نبوة أشعيا عنباً جيداً ولكن الكرم أثمر حصرماً برياً. لا يدور موضوع هذا المثل في الأناجيل حول نوعيّة العنب إن كانت جيدة أم رديئة إنما يدور حول رفض حقوق رب الكرم. لا يريد الكرام الاعتراف برب الكرم سيداً له. إنهم يتصرفون كما لو كان الكرم ملكاً لهم هم وبالفعل كان رفض الأنبياء ومن بعدهم رفض يسوع المسيح ليس مجرد خطيئة عادية بل خطيئة من يقيم نفسه رباً وبدلاً من أن يصغي لله الذي يتكلم بفم الأنبياء يغتصب لنفسه حق الحكم والدينونة، وهو خاص بالله وحده. إنهم يقيمون أنفسهم قضاة حتى على الكلمة الإلهية ذاتها. هذا الموقف هو سبب رفض الأنبياء. ويزداد هذا الأمر وضوحاً تجاه الابن: "هوذا الوارث هلم نقتله ونأخذ ميراثه" (مت 38:21). هناك، إذاً، دافع آخر لقتل الابن: كونه الابن. ربما تندهش أمام قسوة هؤلاء الكرامين: ضرب، قتل، رجم... كل أنواع العنف!. ولكن أشد أنواع العنف وأقساها يقع على الابن: »فأمسكوه وألقوه في خارج الكرم وقتلوه« (مت 39:21). ونلاحظ فرقاً بين إنجيلي القديسين مرقس ومتى: فالأول يقول إنهم قتلوه أولاً ثم ألقوه خارج الكرم (مر 8:12) بينما يقلب الثاني الترتيب أي »أخرجوه خارج الكرم وقتلوه«. إن قلب الترتيب هذا لا يرجع إلى محض الصدفة: إنه مقصود إذ يوحي به الكاتب لقرائه صورة جميلة: »أخرج اللاعن إلى خارج المخيم، وليضع كل من سمعه أيديهم على رأسه، ولترجمه كل الجماعة« (أح 14:24؛ عد 35:15-36، تث24:22). إن القتل بعد الجر خارج المخيم أو المدينة هو مصير اللاعن والزاني. لقد تمّ سحب إسطفانوس خارج المدينة ثم تمّ رجمه (رسل 58:7). وهذا هو نفس مصير يسوع كما يرد في الرسالة إلى العبرانيين »لذلك تألم يسوع أيضاً في خارج الباب ليقدّس الشعب بذات دمه« (عب 12:13). يبدأ المثل في إنجيل القديس متى بفعل أمر: »اسمعوا« وينتهي بسؤال: »فماذا يفعل رب الكرم بأولئك الكرامين عد عودته؟« (41:21) يطرح يسوع السؤال في إنجيل القديس مرقس، ويعطي هو نفسه الإجابة عليه. أما في إنجيل القديس متى فيطرح يسوع السؤال ويجيب معارضوه. يبدو السؤال ساخراً ولكنه في محله. يعطي معارضو يسوع رداً صحيحاً إلا أنهم يعجزون عن استخلاص النتائج المترتبة على ذلك. لا بل إن الحقيقة التي يعلنها يسوع والتي لا يستطيعون إنكارها تزيد من إثارتهم وثورتهم لسببين: لأنها حقيقة ولأنها تمسهم هم مباشرة. وتتعلق عبارات يسوع الأخيرة (مت 42:21-44)، التي يختلف فيها إنجيل القديس متى عن إنجيل القديس مرقس، بالدينونة. إنها دينونة متعددة الوجوه. إن الحجر الذي رذله البناءون، أي الرؤساء، معتبرينه غير صالح هو الحجر الذي اختاره الله ليكون حجر زاوية. ليست هناك طريقة أكثر وضوحاً ومباشرة لفضح ادعاءات هؤلاء الرؤساء الذين أعطوا أنفسهم الحق في الحكم على يسوع ورسالته ورفضهما أكثر من هذه الطريقة الساخرة. لا يتوقف الأمر هنا بل سيكونون شهود عمل إلهي يقلب كل معارضهم رأساً على عقب. سيُنـزع منهم ملكوت الله ويُعطى للأمم وهي التي تستثمره أفضل منهم. يرد الفعلان في المبني للمجهول. وكما هو معروف فإن نائب فاعل المبني للمجهول الإلهي هو الله نفسه: فهو الذي ينزع وهو الذي يعطي. هنا أيضاً تستثر سخرية رقيقة: يمنح الله الملكوت إلى الأمم، الذين يدينونهم هم رؤساء الشعب بشدة ويعتبرونهم خارجين مبعدين عنه. الله هو الصخرة المخلِّصة ولكنه قد يكون هو أيضاً الصخرة التي تسقط على الإنسان وتحطمه: »فيكون لكم قدساً وحجر صدم وحجر عثار لبيتي إسرائيل وفخاً وشبكة لساكني أورشليم« (أش14:8). ينطبق هذا على المسيح: إنه المخلص وفي نفس الوقت الديّان، جاء لكي يخلص وسيأتي ليدين. الحجر الذي يهشم من يقع عليه هو صورة رمزية للدينونة الأخيرة: ولكن التهديد هنا ليس موجهاً فقط لرؤساء الكهنة والفريسيين بل للجميع بما فيهم نحن المسيحيين. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كرم السيد وقساوة العبد (مت 18: 21-35) http://upload.konozalsamaa.com/uploads/13387924811.jpg يضمن إنجيل القديس متى حديثه عن الكنيسة هذا المثل أيضاً. إنه يريد أن يوضّح، عن طريق المثل أي بطريقة مقنعة توجيه السيد المسيح: »لا أقول لك سبع مرات، بل سبعين مرة سبع مرات« (مت22:18). إنها قاعدة تصرف لا منطقية، تقتضي أن يتفوق الإنسان على الحدود العامة المعقولة. لهذا يلجأ يسوع المسيح إلى المثل. يشير وضع المثل في إطار الحديث عن الكنيسة، أو بالأحرى الحياة داخل الكنيسة أي بين أعضائها، أنه موجّه إلى جماعة المؤمنين. لا يهدف المثل إلى تحديد قواعد سلوك للعالم، بل إلى وضع قواعد خاصة بالكنيسة. تتكون رواية المثل من ثلاثة مشاهد: المشهد الأول يسلّط الأضواء على السيد الكريم وعبد من عبيده، بينما يجمع الثاني بين العبد وزميل آخر له، ويعود المشهد الثالث ليقدم مرة أخرى السيد والعبد الأول. واضح أنه هناك تناقض بين المشهد الأول والثاني وانقلاب جذري بين الأول والثالث، فالمشهد الأول هو المقدمة التي تسمح بفهم المشهد الثاني فهماً صحيحاً. والمشهد الثاني هو المبرر للانقلاب الجذري الذي يتم في المشهد الثالث. إذا غضينا النظر عن المشاهد الثلاثة والعلاقة التي تربطها ببعضها نقول إن القصة تتناول التناقض بين تصرّف الله تعالى ومعاملته للبشر من ناحية وبين تصرّف البشر ومعاملتهم بعضهم لبعض من ناحية أخرى. ويلجأ الإنجيلي إلى أسلوب روائي بسيط للغاية وبه يستطيع، ليس في هذا المثل فقط إنما في باقي الأمثال، أن يعبّر عن أفكار وأشياء كثيرة بوسائل قليلة وبسيطة. وسبب لجوء الأمثال بكثرة إلى التضاد هو أن الإنجيل يحمل تعليماً جديداً. تخرق هذه الجدّة مسار الأشياء المعتاد والمتوقع. يخالف الإنجيل العادة والمعتاد. هناك تناقض شديد بين عالم الله وعالمنا. عالمنا هذا هو من خلق الله ولكنا- نحن البشر شوهناه. يدعو المثل إلى اختيار أحد العالمين. يتعلق الاختيار بوجهة النظر وطريقتها. المشهد الأول: عالم الله نسبة تبدّد الأشياء في المشهد الأول (مت 23:18-27) غريبة للغاية. أن حجم دين العبد كبير جداً. وإذا تخطّت هذه النسبة في رواية المثل كل المقاييس والتصورات، إلا أنها ليست كذلك في الواقع الذي تشير إليه؛ يتكلم المثل عن علاقة سيد بعبد أمّا المقصود من وراء ذلك فهو علاقة الله والإنسان وما هو غير معقول أو منطقي في عالم البشر، فإنه ليس كذلك فيما يخص الله. تخطى كرم وتسامح السيد كل ما لم يكن العبد يجرؤ على انتظاره. كل ما كان يطلبه ويتوقعه هو إرجاء ميعاد سداد الدين فإذ السيد يسامحه بكل الدين! يتخطى رد واستجابة الله كل حدود طلب وصلاة الإنسان؛ أي أنه يتخطى »العدل«. لا يتعرّض المثل لأي من صفات العبد: إن كان أميناً، نشيطاً، ماهراً في عمله أو أدى خدمات جليلة لسيده. كل ما يذكره المثل هو سجود العبد وتوسّله. سجد سجود من يعرف حالته وضعفه وضعف موقفه ولجأ إلى كرم سيده. توسل إليه كما يتوسل إنسان أمام إله وطلب معونته. لا يهدف الإسهاب في وصف توسل العبد إلى إظهار قوة الصلاة بل يهدف إلى التنبيه على مجانية ترك الدين. كان دافع السيد إلى ترك الدين كرمه وسعة صدره وشفقته. مقياس الصفح والعفو هو كرم السيد، لا استحقاقات العبد. قلنا إن كل شيء غير عادي في المشهد. ولكن هل يوجد ما هو »عادي«في علاقة الله بالإنسان؟ إذا اعتبرنا تعامل الله مع البشر من وجهة نظرنا البشرية المحدودة لاكتشفنا أن هناك مبالغة كبيرة في كرمه وحبه وتسامحه إن هذه المبالغة هي دليل على الحقيقة والصحة لأنه إن غابت لأصبحت تصرفات الله ومعاملته للبشر مثل تصرفات هؤلاء وتعاملاتهم مع غيرهم. إن هذا البعد »غير العادي« هو عنصر تستعمله الأمثال لجذب الانتباه لاختلاف عالم الله وتميزه. ويصبح واجب المستمع أن يعي أنه بهذه الطريقة يخرج ولو لحظة من خبرته الإنسانية ومن المعتاد لكي يكتشف حقيقةً ومعياراً مختلفين. المشهد الثاني: عالم البشر ينقلنا المشهد الثاني إلى عالم البشر حيث لا تقوم العلاقة بين عبد وسيده، أي الإنسان والله، إنما بين الإنسان وأخيه الإنسان. إذا قرأ أحد هذا المشهد بدون أن يقرأ الأول لأيّد تصرّف العبد إذ يجب رد الدين لصاحبه. ربما أخطأ العبد في طريقة تصرّفه مع زميله إلا أنه من حيث المبدأ محق في مطالبته بحقه أي بسداد دينه. هكذا يفكر من لم يقرأ المشهد الأول. ينقلب الأمر رأساً على عقب إذا اعتبرنا تصرّف هذا العبد على ضوء المشهد الأول: لقد تُرك له أولاً كل الدين الذي عليه وهو دين تفوق قيمته قيمة الدين الذي له آلاف المرات. كيف لا يترك لزميله قيمةً هكذا زهيدة، وقد تُرك له هو دين باهظ؟ إنه أمر لا يُعقل! الآن يصبح ما كان من قبل عادياً، أي تسديد العبد دينه لزميله، أمراً غير مفهوم ولا معقول ولا مقبول ولا عادل. يهدف المثل أن يكون المشهد الأول كمقدمة تغيّر وتقلب كل المفاهيم. هنا وفي هذا الأمر يقوم قلب الموازين رأساً على عقب: اعتبار الأمور انطلاقاً من مقدمة أي من »الخبر السار« وهو غفران وعفو الله اللا متناهي. الأمر المتوقع هو أن يعفو هذا العبد، الذي سامحه سيد بدينه الباهظ، وهو سعيد بهذا العفو، عن زميله ويسامحه بدينه البسيط. لم يقدر العبد الأول ما تم معه ولم يجدده عفو سيده ولم يفتح كرم سيده قلبه ونفسه لكرم مماثل مع زميله. لم يفهم أن من يقبل أن يُعفي عنه ويسامح يعني أن يعفو هو بدوره ويسامح ويعني دخوله في دائرة جديدة من العلاقات ومنطق جديد: دائرة ومنطق الكرم والعفو والتسامح. لم تعد قواعد »اللازم« و »الواجب« القديمة تصلح لهذا النوع من العلاقات. إذ نسينا أنه سامحنا أولاً وأحبنا مجاناً فإننا لن نفهم شيئاً عن الغفران والتسامح: لا غفران الله لنا ولا غفراننا نحن للقريب. بذلك نتحوّل إلى مدافعين مستمعين للعدل الجامد لدرجة أننا نحاول فرضه على ذاته، بدلاً من أن نبشّر بوجه الله يسوع الجديد نبشّر بصورة الله جامدة قاسية حرفية صورة رسمها البشر له ورسموها على شاكلتهم هم. المشهد الثالث: تحقيق العدل ينقلب موقف وتصرّف السيد، في المشهد الثالث، رأساً على عقب: تحل الصرامة والقسوة محل الرحمة. يرجع سبب هذا التحوّل إلى العبد الذي لم يتصرّف مثل سيده: »أفما كان يجب عليك أنت أيضاً أن ترحم صاحبك كما رحمتك أنا؟« (مت 33:18). لم يغير كرم السيد شيئاً في عقل ومنطق وتصرّف العبد. وكأن كرم السيد كرم مهدور. تنتهي القصة (مت 34:18) كما بدأت (مت 25:18): »غضب مولاه فدفعه إلى الجلادين حتى يؤدي كل دينه«. إذا كانت هذه هي نهاية المثل لأمكنّا أن نسميه: »قصة فشل، يعكس فشل كرم السيد فشل كرم الله. لا يترك الإنسان ذاته لله ليجدده. لا تنتهي الأمور عند هذا الحد، إذ يصدر القديس متى في نهاية المثل تأكيداً يبدو وكأنه تراجع للخلف، »فهكذا يفعل بكم أبي السماوي، إن لم يغفر كل واحد منكم لأخيه من صميم قلبه«(مت 35:18) يصبح صفح الإنسان عن أخيه الإنسان شرطاً لحصوله على صفح الله. لم يقدّر إن رحمة الله اللامتناهية هي التي تسيّر الأمور، إنما صفح الإنسان بذلك تصبح المقدمة المشهد الأول) مشروطة وموجهة من الحدث (المشهد الثاني) لقد انقلبت الآية. قد يعتقد البعض أنها تعدّلت وعاد الكلام إلى المنطق العادي والمعقول. إن المثل بصورته هذه لا يشمل أي شيء غير عادي أو متسامي عن تفكير وتقدير البشر. إن سبب غفراننا ليس هو الغفران الذي نلناه، بل الخوف ألا يُغفر لنا؟ هل هي عودة إلى »العادي«؟ إنها، بكيفية ما، فعلاً لذلك. ولا عجب في ذلك إذ أن الإنسان، حتى الإنسان المؤمن، يجد صعوبة شديدة للتغيير. ويجب التسليم بأن التغيير صعب جداً ويحتاج لوقت طويل حتى يزيح أفكاراً وعادات قديمة ويحل محلها. ويصدق هذا بنوع خاص إذا كان »الجديد« هو تعليم لاهوتي عميق وجوهري ويتطلب قلب موازين الإنسان عن الله وعن الكون والآخرين رأساً على عقب. وهذا هو بالفعل ما يهدف إليه هذا المثل. يجب أن نسلّم أن الجديد الذي يحمله الإنجيل، مثل المجانية ولا نهائية رحمة الله كما يقدمها هذا المثل، قد لا تغطي أحياناً كل المتطلبات المشروعة غير المحددة وإن كانت بديهية. إن محاولة إنكار هذه المتطلبات أو حتى تجاهلها يعني تعريض مصداقية الإنجيل وجدّته للشكوك. يشعر راوي أو كاتب مثل كرم السيد وقساوة العبد بهذا الخطر ولذلك يضيف وخاصة في نهاية المثل العلاج الذي يراه مناسباً. لا نقصد أنه يصحح أو يحد جدة الإنجيل ولكنه يحيطها باعتبارات أخرى لا يجب أن تغيب. ونذكر أنه لا يشرح مثل- سواء المثل الذي نتناوله أو أي مثل آخر- انطلاقاً من خاتمة، بل العكس.يكون تعليم المثل الأساسي أن صفح الله المجاني يسبق كل شيء وهو بلا حدود أو مقاييس. يوضّح هذا المثل هذه الحقيقة: الصفح الأخوي هو نتيجة الصفح الإلهي لأن الأخير هو الدافع والمعيار للأول: »كما رحمتك أنا«. بعدما ثبّت الإنجيلي هذه الجدّة يُفسح المجال لبعض التوضيحات والتجديدات ولكن ما هي هذه التوضيحات والتجديدات؟ نذكر بعضها على سبيل المثال. أن رحمة الله، لأنها رحمة الله، لا يمكن أن تفهم على أنها »لامبالاة« لا يمكن اعتبار احتفاظ الإنسان بصفح الله له لذاته أو مده على الآخرين كأنه نفس الشيء. إن كان كذلك فإنه يصبح لا مبالاة تجاه مسؤولية الإنسان وحريته، لا بل يتحوّل الأمر إلى استهتار وعدم احترام. لا يتوقف فكر الإنجيلي، الذي ختم المثل بتوضيح أهمية الصفح الأخوي القصوى، لا يتوقف عند هذا الحد. إن الصفح الأخوي ليس هو سبب علاقة الله بالإنسان وفي المكانة الثانية علاقة الإنسان بأخيه الإنسان: ولا يتعرّض بأية كلمة عن علاقة الإنسان بالله. إن سبب هذا الصمت هو اعتبار أن علاقة الإنسان بالله جزء لا يتجزأ من علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، وبالتالي لا حاجة لحديث مخصص للعلاقة بالله. تنطبق هذه الحقيقة على الإنسان أكثر من انطباقها على الله. إن صفح الله حقيقة واقعية وحبه للإنسان يسبق حب الإنسان له. الخلاصة أن الله لا يغيّر تصرفه ولا موقفه (يدين أولاً ثم يعاقب) حتى وإن بدا هذا الأمر لأول وهلة في المثل. كيف يمكن الكلام عن الله؟ إن الصفح الأخوي ليس هو شرط حقيقة صفح الله، كما لو كان صفح الله مثل تحقيق هذا الشرط، مشروطاً، أي أنه وعد أكثر منه حقيقة. تكمن الحقيقة كلها أو عدمها في الإنسان: إنها حرية الإنسان هي التي تتقبل أو ترفض، تقدم أو تمنع تحقيق صفح الله. لا يهدف المثل إلى تحديد قاعدة عامة. إنه يوضّح كيف يتعامل الله مع الإنسان ولا يوضّح كيف يتعامل الإنسان مع الله. حب الله ممتد ومنطقه، أي منطق حب الله، هو منطق المجانية وليس التبادلية. هذا هو جوهر الأمر. لا يؤكد المثل أن الصفح اللامتناهي يجب أن يكون قانون الحياة مع الآخرين. ولكنه يؤكد أن الله على استعداد أن يغفر ويصفح دائماً وبلا حدود. وبالتالي يجب على التلميذ أن يعطي الأولوية وأن يبشر بالصفح لا بالعدل الجامد. أولاً وبطريقة مباشرة في الجماعة الكنسية ثم في العالم أجمع. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مثل الزوؤان مثلا الكنز واللؤلؤة (مت 44:13-46)(مت 13: 36-43) http://www.catholicchurch-eg.com/cat...escad5tnk0.jpg يلي مثل الزوؤان، كما كان الأمر مع مثل الزارع، تفسير له (مت36:13-43). هناك اختلافات عديدة بين المثل وبين تفسيره. تطال هذه الاختلافات كل الجوانب: فهي تطال المعنيين بالمثل، والإطار العام، والنوع الأدبي، والموضوع الأساسي. لقد وجّه المعلم المثل إلى الجماهير، ولكنه يوجّه شرحه إلى التلاميذ وحدهم، إطار المثل أو المكان الذي قيل فيه هو شاطئ البحر (مت 1:13)، أمّا التفسير فيتم في البيت (مت 36:13). لقد حوّل التفسير المثل إلى تشبيه، يجد فيه كل شخص وكل جانب وكل عنصر ما يقابله ويشبهه: فالزارع هو ابن الإنسان (مت 37:13)، والحقل هو العالم (مت 38:13أ)، والزرع الجيد هم أبناء الملكوت (مت 38:13ب)، والزوؤان هم بنو الشرير (مت 38:13ج)، والعدو هو الشيطان (مت 39:13أ)، والحصاد هو نهاية الأزمنة (مت39:13ب)، والحصادون هم الملائكة (مت 39:13ج).أمّا أهم ما تغيّر في المثل فهو مركزه: لم يعد الأمر الأساسي هو منطق الله الذي يقود إلى الملكوت، بل الدينونة في اليوم الأخير. لقد اختفى، في تفسير المثل، كل أثر لأسئلة العبيد ورد سيدهم. كان المثل ذا هدف لاهوتي، أما هدف تفسير المثل فهو أخلاقي. لقد تحوّلت جدَّة التعليم إلى تحذير جليّ وواضح: عدم استغلال صبر الله تعالى. إن المسألة التي تشغل المكانة الأولى، في تفسير المثل، هي مصير الأشرار النهائي، وليست مسألة تواجد وتعايش الصديقين والأشرار معاً في الجماعة. يدل هذا التحوّل، في التفسير، على محاولة عقلنة الأمور وجعلها تسير بطريقة منطقية. لا يسلب هذا التغيير أهمية التفسير الكبيرة، إذ أنه يذكّر المسيحيين أنه ليس أمراً مفروغاً منه أن يكونوا زرعاً جيداً. حذار، فقد يكونون زوؤاناً. ربما يرجع سبب هذا التحوّل في طريقة تفسير مثل الزوؤان إلى تغيّر وضع جماعة المؤمنين التاريخي والرعوي. لقد خبا الحماس الأول عبر الزمن ، وأحدق بالجماعة خطر الإحساس باللامبالاة تجاه خطايا وانحرافات أعضائها: لم تعد هذه الخطايا تثير الاستغراب أو تسبب الشكوك. لقد اعتادت عليها الجماعة وتأقلمت. لم يعد هناك خطر التشدّد والصرامة بل التسيب واختلاط الأمور. لذلك لا يركّز إنجيل القديس متى، في تفسير مثل الزوؤان، على صبر الله، بل يحذّر من استغلال هذا الصبر والتمادي في الأخطاء والانحرافات.التسامح هو فضيلة يتحلى بها الله تعالى، ولكن ليس هذا التسامح هو نتيجة لا مبالاة. فتسامح الله وغفرانه ناتجان عن حبه؛ عن عدله الواضح والمحدد. إننا أمام مثلين- مثلا الكنز واللؤلؤة- توأم، مرتبطين معاً. التكرار هو وسيلة من وسائل الرواية الهامة والمفيّدة: إنه يسمح، من جهة، بالتأكيد والتشديد على الأمور الأساسية، ومن جهة أخرى يسمح بتنويع العناصر التي تساهم في تحديد وإبراز الموضوع الرئيسي والتعليم الأساسي. لقد أحسن الإنجيلي بضمه هذين المثلين القصيرين إلى تعليم يسوع الموجّه للتلاميذ، وليس للجموع "ثم ترك الجموع ورجع إلى البيت، فدنا منه تلاميذه وقالوا له فسّر لنا مثل زوؤان الحقل" (مت36:13). وبعد أن فسّر يسوع لهم المثل، واصل تعليمه بهذين المثلين. أمّا سبب ذلك فهو أن التلميذ معرّض، أكثر من غيره من العامة، لخطر عدم تقدير النعمة التي نالها. مثل الشبكة (مت 47:13-50)تشير إلى التعليم الأساسي مجموعة من الأفعال العادية جداً "وجد.. عاد.. باع.. اشترى". وترد هذه الأفعال في اللغة الأصلية، أي اليونانية، في المثل الأول في الزمن الحاضر، وفي المثل الثاني في الزمن الماضي. ربما يكون سبب الانتقال من الحاضر إلى الماضي رغبة الكاتب في التنويع. كذلك يذكر المثل الأول فرح من وجد الكنز "لشدة فرحه" وهو أمر هام لا يذكره المثل الثاني، وربما يكون تفسير ذلك مثل الأمر السابق (الحاضر والماضي). إننا أمام مشهدين مختلفين: يبرز المثل الأول أجيراً زراعياً، يعمل باليوم في حقل لا يملكه، والمثل الثاني تاجراً غنياً، يمتلك العديد من محلات التجارة، كما تشير إلى ذلك الكلمة اليونانية "أموروس". يبدو، لأول وهلة وبنظرة سطحية، أن الأجير في الزراعة والتاجر هما بطلا المثلين، إذ أنهما فاعلا كل الأفعال التي ترد في المثلين: وجد، أعاد، دفن، مضى، باع، اشترى (المثل الأول)؛ كان يطلب، وجد، باع، يملك، اشترى (المثل الثاني). ولكن التعمّق في المثلين يكشف أن البطل الحقيقي للمثلين هو الكنز، في المثل الأول، واللؤلؤة، في المثل الثاني، إذ يسيطران تماماً على الرجلين. تحرك سيطرة الكنز واللؤلؤة كل أفعال وتصرفات الرجلين. ويحدث هذا الأمر ويتكرر في خبرة اللقاء بالخبر السار. يثير تصرّف الرجلين، أمام اكتشافهما، الدهشة والإعجاب، وذلك لسرعة رد فعلهما واتخاذهما قرارات مؤثرة، لا بل مصيرية جذرية بلا تردد أو خوف وببساطة نادرة. إن تصرفهما هو تصرّف أي إنسان عاقل في مكانهما. الاكتشاف المفاجئ والغير متوقع يدفع إلى هذا التصرّف. تكمن جِدَّة تعليم المثلين في الطبيعية. إن كل من يقابل ويكتشف الإنجيل يتصرّف تماماً مثل هذين الرجلين. لا يمكن اعتبار تصرف مثل هذا تصرفاً غير عادي أو استثنائي. إنه التصرّف الطبيعي والمتوقع أمام اكتشاف شيء غير متوقع! إنه إنسان محظوظ للغاية، لأنه وجد الكنز واللؤلؤة.. كذلك التلميذ الذي وجد الإنجيل.. يسوع.. الله. باع العامل الأجير كل ما يمتلك. ربما لم يكن يمتلك الكثير، وباع التاجر الغني الكثير الذي كان يمتلكه. إن الذي يجمع بين هذين الرجلين هو أنهما باعا "كل ما يمتلكان". يقتضي الإنجيل تجرداً كاملاً. وليس دافع هذا التجرّد هو الرغبة في التضحية بالممتلكات والذات لأجل الله، بل دافعه هو فرح العثور على الله. يبيع الأجير والتاجر كل ما يمتلكان ولكنهما لا يندمان على شيء ولا يشعران بالأسى. إنهما لا يضحيان بل يتاجران ويكسبان ما هو أفضل: إنها لفرصة لا تتاح لأحد غيرهما لا يستطيع أن يتركها أي إنسان أوتي القليل من الفهم!. كذلك الأمر بالنسبة لملكوت الله: إنه يظهر أمام الإنسان فجأة، والاختيار العاقل الوحيد هو ترك كل شيء لامتلاكه. هذا ما فعله التلاميذ الأولون (مت 18:4-22): سمع بطرس واندراوس النداء "فتركا الشباك من ذلك الحين وتبعاه" (مت20:4)، وكذلك يعقوب ويوحنا ابنا زبدي "تركا السفينة وأباهما من ذلك الحين وتبعاه" (مت 22:4). وهذا ما لم يفعله الشاب الغني الذي قالله يسوع : "اذهب وبع أموالك وأعطها للفقراء" (مت21:19) ولكنه "انصرف حزيناً لأنه كان ذا مال كثير" (مت 22:19). هناك تناقض بين حزن الشاب الغني (مت 22:19) وفرح الأجير الذي وجد الكنز (مت44:13). يعلم المثلان أن التوبة، وهي تقتضي تخلياً سريعاً وقاطعاً، تنبع من كون الإنسان عثر، وجد، تنبع من خبرة عطاء غير متوقع، مفاجئ، تنبع من لقاء يغمر القلب: إنه خبر ملكوت الله السار والمفرح. لذلك لا يقول التائب الحقيقي: "لقد تركت"، إنما: "لقد وجدت"، لا يقول: "لقد بعت حقلاً"، بل "وجدت كنزاً". إن التلميذ الحقيقي لا يتكلم كثيراً عما ترك بل يتكلم دائماً عمّا وجد. إنه لا يحسد أحداً، لأنه يعتبر ذاته أفضل الناس حظاً وأكثرهم سعادة بما نال. هنا يكمن تعليم الإنجيل في المثلين: إن جذرية التخلي هي الوجه الآخر لما كان يمتلكه الإنسان قبلاً. وفور أن يتم الاكتشاف يقرر الأجير والتاجر أن ينتميا كلية إلى الكنز واللؤلؤة اللذين وجدا. إن مقياس التلمذة هو الانتماء وليس الابتعاد أو التخلي. يترك الإنسان كل شيء لأنه يرتبط بشيء آخر أفضل وينتمي إليه. نختم الحديث عن هذين المثلين قائلين إن الأجير يبيع كل ما يملك "لشدة فرحه". هذا الفرح نابع من "العثور على" وليس من "بيع ما". إن في ذلك قلباً لمفاهيم وحياة التجرّد والتخلي. ليس التخلي هو الثمن أو ألم الحرمان، إنه الحصول على الكنز، على ما يشتاق إليه أكثر من أي شيء آخر، وبالتالي يجب نشر هذا الفرح والتعمّق فيه بقدر ما يستطيع حائز الكنز. إذا اكتفينا بتشبيه الشبكة التي إذا أُلقيت في البحر أخرجت كل أنواع السمك، ما كانت هنا أية صعوبة في تفسيره: إن زمن يسوع وزمن الكنيسة، هذا الزمن، هو زمن الحصاد والدينونة. لقد أعلن يسوع ذاته في عظته على الجبل: "لا تدينوا لئلا تدانوا" (مت1:7). هناك بالتأكيد دينونة، ولكنها لا تتم الآن، بل في نهاية الأزمنة. إذا تمت قراءة مثل الشبكة بهذه الطريقة فإنه يكرر ويلّح على تعليم مثل الزرع الجيد والزوؤان. ولكن الشرح الذي يلي التشبيه (مت 49:13-50) يسير في اتجاه مختلف تماماً، حيث يركّز على الدينونة أكثر من تركيزه على الحصاد، وبالتالي فإنه لا يكرر تعليم مثل الزوؤان إنما تعليم تفسير مثل الزوؤان (مت 36:13-43) الذي يتلخص في هذا الأمر: حتى وإن بدا غير ذلك فهناك دينونة. إنه من الطبيعي، في هذه الحالة، كما فعلنا في مثل الزوؤان وتفسيره، أن نقول: المثل هو النص الأصلي، أمّا التفسير الذي يليه فهو إعادة قراءة المثل وتطبيقه على الظروف الراهنة للجماعة، وقت كتابة النص. تغيرت نقطة ارتكاز المثل في التفسير لكي تطابق وتلائم ظروف جماعة المؤمنين الرعوية الجديدة. وهكذا الأمر بالنسبة لمثل الشبكة: قصد التشبيه الأولي الحصاد، أمّا التفسير فإنه يتناول الدينونة. إنه افتراض مغري ولكن الذي يدعو إلى الحذر في قبوله هو أن الدينونة حاضرة ولو بالتنويه في التشبيه الأولي نفسه وليس فقط في التفسير. ودليل ذلك هو توظيف أزمنة الأفعال: يتم التعبير عن أفعال إلقاء الشبكة في البحر، وجمع كل جنس وإخراج الشبكة إلى الشط بمصادر الأفعال (كما فعلنا الآن في كلامنا)، وبالتالي تكون حسب أصول اللغة اليونانية وقواعدها، إشارة إلى خلفية الحدث. أمّا فعلا التمييز: جمع الطيب في السلال وإلقاء الخبيث فإنهما يردان في الحاضر للتأكيد. وبالتالي يتم التركيز، على هذين الفعلين: التمييز. لذلك نقول يحتل التمييز في الفصل (الدينونة) المكانة الأولى حتى في التشبيه. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الزوؤان ألم تزرع زرعاً جيداً…؟(مت 13: 24-30) http://www.catholicchurch-eg.com/cat...escad5tnk0.jpg يواصل إنجيل القديس متى حديثه؛ بعد أن عرض مثل الزارع (مت1:13-9) وشرحه (مت 18:13-23)؛ فيورد مثل الزوؤان (مت 24:13-30) ومثل حبة الخردل (مت 31:13-32) ومثل الخميرة (مت 33:13). وتدور هذه الأمثال حول نقطتين أساسيتين: الأولى: الزرع الجيد والزوؤان، أي الخير والشر، ينموان معاً متشابكين ولا يقع على الإنسان واجب فضّ اشتباكهما معاً. الله ذاته هو الذي سيفصل بينهما في الزمن الذي حدده هو. أمّا النقطة الثانية فتتعلق ببداية ملكوت الله. إنها بداية هادئة متواضعة وتتبع في ذلك قوانين ومنطق خاصين. كانت حياة يسوع المسيح كلها تأكيداً وتفسيراً وشرحاً لهاتين الحقيقتين. لقد عاش يسوع الأمثال قبل أن يلقيها على السامعين. كانت كل تصرفاته تجسيداً لصبر الله، مظهراً أنه لا توجد خطيئة، مهما كانت جسامتها، تحرم الإنسان نهائياً من رحمة الله. لقد كانت خيارات يسوع كلها مطابقة لمقاييس الله وليس لمقاييس البشر: إنه تغاضى، وبطريقة دائمة، عن خيارات كانت تبدو نافعة ومفيدة، وانحاز لأخرى ما كانت لتبشر بأية فائدة. يتكوّن مثل الزوؤان من رواية أو حدث وحوار. ينتهي الحدث بملاحظة العمال وجود الزوؤان في الزرع. ويقوم الحوار في أسئلة والرد عليها. وترد النقطة الأساسية في الحوار، وليس في الرواية وإن كانت الرواية هي التي تقود إلى سؤاليَّ العبيد لرب البيت: "من أين جاء الزوؤان؟.. أتريد أن نذهب فنجمعه؟" (مت27:13و28). وتدور الرواية في ثلاثة أزمنة: الأول: الماضي، وهو الوقت الذي يتمّ فيه الحدث والذي عنه يتكلم العبيد مع سيدهم، والثاني: الحاضر، وهو وقت الحوار الذي فيه يتبادل العبيد وسيدهم وجهات النظر، والثالث: هو المستقبل، أي زمن الحصاد والدينونة. الماضي هو مقدمة التعليم وفيه يقدم الحدث على أنه قد تمّ. ويعني هذا، في المثل، ما يجب أن يعرفه السامع. حيث لا يجب عليه أن يتوقف عند هذا. ويخدّم هذا الزمن ويُعد للثاني. والمستقبل أيضاً مرتبط بالحاضر: يعلن كاتب المثل مسبقاً عمّا سيتم في المستقبل لا لأنه يريد أن يركّز السامع انتباهه، بل لكي يقدّم سبباً مقنعاً لرد وتصرّف رب البيت العجيب والذي ما كان ينتظره أحد. الزمن الأساسي والذي يركّز عليه المثل مجبراً السامع أيضاً أن يركّز عليه هو الحاضر. ترد الأفعال كلها، في المثل، في زمن الماضي ماعدا فعل واحد هو "أقول" وهو الفعل الذي يسبق الأمر الذي يعطيه رب البيت للحصادين، وكذلك فعل: "يقولون" [في النص اليوناني، أما في الترجمة العربية فيرد الفعل في الماضي] الذي يسبق سؤال العبيد الثاني: "أفتريد أن.." الذي يرد في الحاضر. ربما يكون السبب الذي دفع الكاتب لاستخدام الحاضر هو رغبته في التركيز على أهمية هذا السؤال. تنساب الرواية بلا عقبات. ولكن يبدو أن هناك آثار تعديل أُدخلت على المثل تظهره ملاحظة "فلما نما النبات وأخرج سنبله" (مت 26:13أ) والتعبير اليوناني يشير إلى إخراج الثمر. بالتالي يكون هناك استعجال في النتيجة. على أي حال يجب فهم ذلك على بداية خروج السنبلة وليس على زمن تكوين الحَبِّ ونضوجه داخلها. وفي الواقع عندما تخرج السنبلة من الورق يستطيع المرء أن يميز بين الزوؤان والقمح. ليس من المستغرب أن ينتقم أحدهم من خصومه بأن يحرق محصولهم (راجع قض 4:15-5) أو أن يدس الزوؤان في حقله: (مت28:13) "وبينما الناس نائمون، جاء عدوه فزرع بعده بين القمح زوؤاناً وانصرف " (مت 25:13). يظهر العبيد دهشة من ظهور الزوؤان في القمح، بينما لا يندهش رب البيت وكأنه كان يتوقع شيئاً من هذا القبيل ويندهش العبيد مرة أخرى من هدوء سيدهم ورد فعله وإجابته: "أحد الأعداء فعل ذلك" (مت 28:13أ). كما أن تأكيده الأخير لم يكن مستغرباً بأن الفصل سيتم في وقت الحصاد: حيث سيُجمعالقمح في الأهراء ويُلقى الزوؤان في النار. لعل أهمما يثير دهشة المستمع والقارئ، وبالتالي يمثّلقمة الإثارة، هو رد رب البيت على سؤال عبيده الثاني والذي فيه يأمر عبيده: "دعوهما ينبتان معاً" (مت 30:13أ). من عادة المزارعين أن يقوموا بتنقية حقولهم من الحشائش الضارة، ويتم ذلك بعد ظهور النبات بمدة قصيرة. فلماذا اتبع رب البيت في هذا المثل الطريق المضاد؟. تجمع كل الأدلة على أن مركز المثل هو الحوار كما تظهر هذه الأدلة أن قمة الحوار هي إجابة رب البيت الثانية. لا يقلل هذا من أهمية الإجابة الأولى. وهناك ما يبرر دهشة العبيد: "يا رب، ألم تزرع زرعاً جيداً طيباً في حقلك؟ فمن أين جاء الزوؤان؟" (مت27:13) لا يدور الحديث حول حقل قمح، إنما يدور عن صورة ملكوت الله في التاريخ. إن سؤال العبيد في عموميته سؤال شامل وقديم شمول الإنسان وقدمه. "إذا كان الله صالحاً، فلماذا يوجد الشر في العالم ومن أين أتى؟" عندما يرد هذا السؤال في الإنجيل، فإنه يكتسب أهمية كبيرة ومعنىً عميقاً وبعداً خاصاً: إذا كان الزمن المسياني قد حلّ، فلماذا توجد بعدُ الخطيئة في العالم، لا بل في الجماعة المسيحية؟ لم يكن جديداً أن يسمح للشر بأن يتواجد ويتعايش مع الخير، ولكن الجديد والمثير للدهشة أنّ تدخُّل الله الأخير، وهو ما كان المرء يتصوره مختلفاً عما هو عليه بالفعل، لم يغيّر شيئاً! ألم يكن هذا هو الزمن الذي فيه يعيد إرساء قواعد العدل في العالم؟ يبدو أن الزمن المسياني هو مجرد وعد لا يتحقق! وأن انتظار ملكوت الله هو مجرد حلم أو نبوءة لم تتحقق بعد. لكن يجب على المؤمن أن يقرأ الأمثال على ضوء الملكوت الذي تحقق: بهذا تجد الأمثال قوتها وأهميتها وفرادتها. أجاب رب البيت على سؤال عبيده حول مصدر الزوؤان: "أحد الأعداء فعل هذا"، وكأنه يريد أن يقول: لا دخل لي بما حدث، ولست مسؤولاً عنه. لم يكن باستطاعته أن يضيف تفاصيل أخرى. ما يهم الكتاب المقدس ليس هو أصل أو مصدر الشر، بل كيف يعيش الإنسان في العالم حيث ينمو الشر والخير معاً. إن مسألة أصل الشر هي مسألة نظرية، في حين أن الحياة في عالم يتشابك فيه الخير والشر هو أمر عملي. والمثل يتوقف ويركّز على الأمر الثاني. يرى بعض مفسري الكتاب المقدس أن سؤال العبيد عن مصدر الزؤوان ورد رب البيت عليهم تم إدراجهما في المثل في وقت لاحق. ولكن هؤلاء يستندون على أدلة ضعيفة غير مقنعة. فليس هناك ما يمنع الكاتب من إدراج أسئلة ثانوية في روايته بجوار الأسئلة الأساسية، بشرط ألاّ تقطع الأسئلة الثانوية السياق وألا تخلّ بالحبكة القصصية، وإلا تشتت انتباه القارئ أو السامع عن المسألة الأساسية. وفي هذا المثل لا يشتت السؤال، الذي يرى البعض أنه إضافة لاحقة، الانتباه عن المسألة الجوهرية، لا بل إنه يوضحها ويبرزها. لم يكن الزوؤان ناشئاً عن رغبة أو موافقة رب البيت لذلك اعتقد العبيد أنه من الأفضل اقتلاعه. لكنهم يفكرون بطريقة مغايرة لطريقة تفكير سيدهم. أقول للحصادين سبق وقلنا إن الزمن الذي يجب التوقف عنده هو الحاضر، لذلك ولا خاتمة المثل يتم التوقف عندها. ومع ذلك يرد فيها شيء هام جداً. تأكيد الفصل النهائي: الزوؤان يُلقى في النار ويجمع القمح في الأهراء. يظهر هذا أن أمر رب البيت بعدم انتزاع الزوؤان الآن لا يعني أنه لا يبالي بالشر أو أنه يقبله ويسكت عليه. إن الفصل والتمييز، الذي سيتم في المستقبل، لهما دليل على أن الله يأخذ الإنسان مأخذ الجد، وفي الآن ذاته يحرر الإنسان وبذلك يدخل الملكوت بدون اللهفة وهمّ خلق وإيجاد مجتمع يكون فقط من القدّيسين الأبرار. لقد رفض يسوع أن يكوّن جماعة محدودة أو "بقية مقدسة". إنه لا يريد أن يضطلع تلاميذه بواجب الحصادين. ولكن، لأجل هذا السبب، عليهم أن يعرفوا قصة الزرع الجيد والزوؤان بكاملها، حتى إن كانوا الآن لا يرون إلا أحد جوانبها: الزمن الذي ينمو فيه الزوؤان والقمح معاً. لا يرفض سيد البيت ضرورة الفصل والتمييز. ولكنه يرى أن زمن ذلك لم يحن بعدُ وأن مسؤولية وواجب الفصل لا تقع على البشر. دعوهما ينبتان معاً يرجع وجود الزوؤان في الحقل إلى عمل أحد الأعداء، أمّا السماح بأن ينمو مع القمح فهو راجع إلى إرادة رب البيت: "دعوهما ينبتان معاً" (مت 30:13أ). تقوم جِدّة المثل في هذا الأمر غير المنتظر، والذي يليه تبرير لا يخلو من نبرة تهكمية: "مخافة أن تقلعوا القمح وأنتم تجمعون الزوؤان" (مت29:13). يعيش الخير والشر، الأبرار والخطأة معاً في عالم يصعب الفصل بينهما فيه. وما غاب أبداً عبيدٌ وبشر كان هذا الأمر سبب شكوك لهم: ألا يجدر بالله أن يسوس العالم ويحكمه بقوانين أكثر وضوحاً، لا بل عدلاً؟ إنهم يرون أن حلم الله واحتماله تخطيا كل حد، لذلك يقومون بأنفسهم بسد هذا النقص في العدل الإلهي! عاصر يسوع الفريسيين، الذين ادّعوا أنهم يكوِّنون شعب الله المبرَّر، المنعزل عن العامة الخطأة. كما اعتزل الأسينيون العامة وعاشوا في البرية متَّبعين أدق ترتيبات الطهارة الشرعية، رافضين كل شركة مع من كانوا يعتقدون أنهم خطأة وغير طاهرين. حتى يوحنا المعمدان نادى بمسيح يفصل بين الأشرار والصديقين: "بيده المذرى ينقي بيدره فيجمع قمحه في الأهراء، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ" (مت12:3). جاء يسوع ويبدو أنه كان يفعل عكس ذلك تماماً. فإنه لا يعزل نفسه عن الخطأة ولا يتخلى عنهم بل يسامحهم. لا بل أنه يقبل أن يكون أحد الاثني عشر خائناً، ويحيط نفسه بتلاميذ على استعداد أن يتركوه. نستطيع على ضوء هذا فهم قوة مثل الزوؤان. هناك تناقض حاد بين تصرّف الله الصبور والمتسامح وتصلّب وتشدّد عبيده. ومن المعروف أن الجماعة المسيحية الأولى تعرّضت لتجربة التشدّد، فدار الجدل حول إمكانية مغفرة الخطايا بعد العماد. يدعو مثل الزرع الجيد والزوؤان الجماعة أن تكون رحيمة، ويشدّد بولس الرسول في رسالته الأولى إلى كورنتس على هذا الأمر: "فلا تدينوا أحداً قبل الأوان، قبل أن يأتي الرب، فهو الذي ينير خفايا الظلمات ويكشف عن نيات القلوب" (1كو 5:4). وتشير كلمة "تسامح" إلى مفاهيم عديدة؛ فهناك تسامح مرادف لـ "لامبالاة" ليس هذا التسامح هو الذي يقصده مثل الزرع الجيد والزوؤان، الذي يتكلم عن تسامح نتيجة حب. إنه تسامح الله الذي تجلّى في حياة وتصرفات يسوع الناصري. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الشبع الروحى بِاسْمِكَ أَرْفَعُ يَدَيَّ، كَمَا مِنْ شَحْمٍ وَدَسَمٍ تَشْبَعُ نَفْسِي، وَبِشَفَتَيْ الابْتِهَاجِ يُسَبِّحُكَ فَمِي مز 63: 4، 5 https://upload.chjoy.com/uploads/1364071119612.jpg فى الشبع الروحي =======++++======= لا يمكن للإنسان أن يحيا فى ظل النجاح والسعادة وتتابع الإنتصارات على مستوى الحياة عموما بعيدا ممارساته الدائمة لما يجعله فى شبع روحي ، كما لا يتصور أن يكون للإنسان القدرة على الإنتقال من مجد إلى مجد فى الحياة فى ظل تجاهل دور الشبع الروحي فى هذا الإنتقال ، ومن ثم لا غنى عن الشبع الروحي لكل من يرجو سلاما وإنتصارا وسعادة فى حياته ، وهو ما سوف نوضحه في السطور التالية : + الشبع الروحي لا يكون فقط سببا فى سعادة وسلام الداخل ، بل ومجد الخارج أيضا ، وهذا يعنى أن سعادة الإنسان عموما تكمن فى شبعه كل حين بالرب ، أى بالوجود فى حضرته كل حين ، بقراءة كلمته والعمل بها رغم كل الظروف ، بالتأمل فى صفاته والتسبيح لإسمه بلا إنقطاع .. + كذبوا الذين راحوا يقولون بأن الشبع الروحي لا يخدم وقت المحنة والتجربة أو أنه لا يساهم فى إنقاذ النفس وقت تعرضها للضغوط من الخارج والداخل ، فمن ذا الذى يقدر أن ينكر دور الشبع الروحي فى حياة داود فى إنقاذه من مطاردات ومحاولات شاول الشريرة من أجل قتله ؟ ومن يقدر أن ينكر دور الشبع الروحي فى حياة الطوباوي بولس الذى جعله فى ثبات وفرح ، بل فى نمو ومثابرة رغم كل التجارب والمخاطر التى واجهها ابان كرازته ؟ + لا يمكن أن يتأتى الشبع الروحي للإنسان بعيدا عن الصلاة ، بل محبة الصلاة ، إذ هى سر كل شبع حقيقي وسلام دائم ، وما أحوج الإنسان لمعرفة إنه إن إمتلأ قلبه شبعا بالرب فى الصلاة سهل عليه الوصول إلى كل ما يرجوه و ما يستحيل الوصول إليه ، وإن فشل فى ذلك أدركه الفشل فى شتي جوانب الحياة ، إذ قد فشل في اقتناء القوة والحكمة والمؤازرة التى من فوق .. + إن لم يوجد فيك الشبع الدائم بالمسيح فسوف يوجد فيك كل إشتياق للباطل والعدم والفساد .. + اشبع روحيا بكلمة الرب ، وثق فى قول السيد " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان, بل بكل كلمة تخرج من فم الله." مت 4:4 .. + بالشبع الروحي يتحدي الإنسان كل عثرة وخطية ، إذ أن الذى إمتلأ بالروح هو الأقدر على مقاومة إبليس والنصرة فى معترك الجهاد ضد الخطية و نداءات الشيطان.. + الشبع الروحي هو أحد تعابير القلب النقي والنفس العفيفة والفكر المنشغل بالأمور المقدسة ، وكلما زاد هذ الشبع تأصلا ونموا كلما كان ذا تأثير عجيب فى حياة الإنسان وحياة الاخرين أيضا .. + الشبع الروحي يحصن الإنسان من الخوف والقلق والإضطراب ، وبدونه تصير النفس فريسة لكل ما يفقدها سلامها ورجاؤها وقوتها .. + الشبع الروحي لا يتأتى للإنسان الذى يجهل دور التسبيح فى نجاح الحياة الروحية ، فمع التسبيح الشبع بالرب والإمتلاء من صفاته ، وبعيدا عن التسبيح يُحرم الإنسان من كل شبع حقيقي ويكون عرضة لكل تعب وفشل وإنكسار .. + الشبع الروحي يحتاج لمزيد من التغصب ولمزيد من التعود ، وهذا ما يؤول إلى مزيد من التمييز ومزيد من التفوق .. + الشبع الروحي يملأ أعماق الإنسان من القناعة والتعفف ، وبدونه ستمتلأ أعماق الإنسان من الطمع و الميل الردىء لكل ما هو باطل وفاسد وشرير .. + الشبع الروحي هو الوسيلة الأكثر فاعلية لتقديس فكر وقلب وضمير ومشاعر الإنسان ، وبدونه لا يمكن للإنسان أن يصل إلى قداسة الحياة والسيرة ومجد العيش فى ظل بركات الحياة حسب والإنجيل .. + مع الشبع الروحي القدرة على رفض الخطية ومقاومة كل الأفكار الشريرة وإفتضاح خطط الشيطان ، إذ يأتى الشبع الروحي ومعه المزيد من الإفراز والحكمة والإيمان ، الأمور التى تساهم كثيرا فى النصرة واليقظة والتدقيق ، ومن ثم الوصول إلى الهدف .. + الشبع الروحي كفيل بان ينقل الإنسان من مجد إلى مجد ومن قوة إلى قوة ومن حياة يملأها الضعف والفساد والفشل والفراغ إلى حياة مباركة تملأها القوة والسعادة والإنتصارات .. صديقي ، ليتك تشبع بالرب وتتلذذ به ، لأنه حينئذ ستتغير حياتك إلى الأفضل وحينئذ تري مجد الله فى كل اعمالك .. لك القرار والمصير !! |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ملناس غيرك يارب
https://upload.chjoy.com/uploads/1366352185111.jpg لما الحزن يصاحب قلبك ويفضل جنبك كده علي طول لما تكون تعبان عالاخر ومنتاش قادر حتي تقول لما يضيع من ايدك حلمك وقصاد عينك كده يتهد لما تلقي الدنيا معانده ومفيش فايده معاها بجد لما تعيش طول عمرك خايف ومنتاش عارف خايف ليه لما تكون مش عاجبك حالك ارمي تكالك بس عليه لما تحاول قد ما تقدر والمتقدر ده يكون صعب اياك تنسي ودايما قولها ملناش غيرك انت يارب |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ماء الحياة ...
http://laii.org/content/20_christian...itan_woman.jpg "ماء الحياة" الإنسان الخاطئ هو بلا رجاء كالمرأة السامرية قبل أن تتقابل مع الرب يسوع، وكأيّ إنسان بعيد عن الرب. فالمال سنتركه أو يتركنا، وكذلك الممتلكات والأولاد سوف يبتعدون عنا. أما نحن كمؤمنين، فليس لنا رجاء في هذا العالم، لكن رجاءنا هو في العالم الآتي لأنه لنا محب ألزق من الأخ. كانت السامرية تذهب يومياً إلى البئر لتستقي ماء، وهو يشير إلى ماء العالم الذي كل من يشرب منه يعطش أيضاً، أما من يشرب من الماء الذي يعطيه الرب يسوع فلن يعطش إلى الأبد. فالمركز الكبير لا يشبع القلب... والمال الكثير لا يروي النفس... لأن النفس نسمة من الله ولا ترتوي إلا بالقرب من الله. لذلك أشير عليك - يا قارئي - أن تشرب من ينبوع الحياة الذي كل من يشرب منه لن يعطش إلى الأبد. قد يظن البعض أن لقاء المسيح مع السامرية كان بمحض الصدفة، لكن لا يوجد عند الرب مجال للصدفة: إن كل شيء يجري بترتيب إلهيّ عجيب. لقد رتب أن يتقابل مع الخصي بواسطة فيلبس، وكذلك رتّب أن يتقابل مع نثنائيل عن طريق فيلبس أيضاً. وأرسل لكرنيليوس ملاكاً لكي يستدعي بطرس. وهكذا رتّب معي ومعك، أليس كذلك؟ إن كلام الرب مع السامرية أعطاها عزاء ورجاء وحياة، لأنه هو رئيس الحياة. قال بطرس في عظته: «إن إله إبراهيم وإسحق ويعقوب، إله آبائنا مجّد فتاه يسوع، الذي أسلمتموه وأنكرتموه... ورئيس الحياة قتملتموه». نعم، إن يسوع هو رئيس الحياة. ألم يقل: «أنا هو الطريق والحق والحياة» (يوحنا 6:14). لقد اعترفت السامرية بخطاياها إذ قالت: «ليس لي زوج»، الأمر الذي جعل الرب يمدحها على ذلك إذ قال لها: «حسناً قلتِ ليس لي زوج». وكذلك يريدنا الرب أن نعترف بخطايانا لأنه مكتوب: إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم». يخطئ من يظن أنه يمكنه أن يتبرّر بدون دم المسيح، لأنه مكتوب "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة". لقد تبررت السامرية بالإيمان بالمسيح. يقول الرسول بولس: "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح". وقيل عن إبراهيم: "فآمن بالرب فحسبه له براً" (تكوين 6:15). حالما تجددت السامرية ذهبت تنادي وتبشر بالمسيح الذي طهرها وقدسها. إن المسيح لم يكلفها بهذا العمل، لكنها ذهبت وبشّرت بدافع من الروح القدس! أخيراً، لقد فرحت السماء بالسامرية أولاً. ثم فرحت السماء أيضاً برجوع الكثيرين من أهل السامرة. أليس مكتوباً بأن «السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب؟» نرجو الرب أن يساعدنا كبعيدين لكي نقترب منه فنخلص بدمه من الغضب الآتي، وكمؤمنين لنتثقّل بالنفوس المسكينة البعيدة، وليساعدنا الروح القدس أن نعمل عمل المبشر الأمين. يسوع المسيح يحبكم جميعاً هو ينبوع الحياة |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
جمع القدّيس متى في الخطاب الثالث من خطب المسيح (مت 13: 1-52) عدداً كبيراً من أمثال الملكوت التي وصلته بطرق متعددة من التقليد. يذكر القدّيس متى في المقدمة أن موضوع تعليم يسوع هو "أمور عديدة" (راجع 3:13)، ولكنه يحدد فيما بعد أن الأمر يتعلق "بأسرار الملكوت" (را 11:13) و"كلمة الملكوت" (18:13) و "الكلمة" (20:13-23)، و"ملكوت السموات" (24:13،31،33،44،47). استقى القدّيس متى مثلين من هذه الأمثال من تقليد القدّيس مرقس [مثلا الزارع (مر3:4-9// مت 3:13-9) وحبة الخردل (مر30:4-32// مت31:13-32)]. وأغفل بدون سبب معروف مثل الزرع الذي ينمو وحده (مر 26:4-29)، واستقى من مصدر قديم مثلين هما مثل الخميرة (مت 33:13) ومثل الكنز (مت 44:13). ويُعرّف القديس لوقا هذين المثلين، إلا أنه يضعهما في سياق آخر: فمثل الخميرة يرد في الفصل الثالث عشر الذي يبدأ بضرورة التوبة (لو1:13-5) ثم مثل التينة التي لا تثمر (لو 6:13-9) وشفاء المرأة المنحنية الظهر في السبت (لو 10:13-17) ثم مثل حبة الخردل (لو 18:13-19) وأخيراً مثل الخميرة (لو 20:13-21). تلي ذلك فقرة طويلة عن من يخلص (لو 22:13-30) وأخرى أقصر عن يسوع وهيرودس (لو 31:13-33) ويختتم الفصل بفقرة إنذار لأورشليم (لو 34:13-35). أما باقي الأمثال الزرع الجيد والزؤان (مت 24:13-30)، مثل اللؤلؤة (مت 45:13-46) ومثل الشبكة (مت 47:13-50) فتعود إلى مصدر يبدو أن متّى وحده هو الذي استعمله. وتمثل الأمثال السبعة المذكورة تعليماً محدداً عن ملكوت الله. لا تتناول هذه الأمثال، كما هو الحال أيضاً في إنجيل القديس مرقس، طبيعة الملكوت، بل تتناول حضور هذا الملكوت في التاريخ: فيُظهر مثل الزارع أن الملكوت لا ينمو بدون صعوبات ومقاومة وفشل، ويُظهر مثلا حبة الخردل والخميرة أن الملكوت ينمو وينتشر بالرغم من صغر حجمه في البداية. بينما يظهر مثل الزرع الجيد والزؤان أنه لا يجب أن يتعجب المرء من تواجد الأشرار والأبرار، الخير والشر معاً. ويؤنب مثلا الكنز واللؤلؤة كل الذين لا يتخلون عن عاداتهم القديمة وقوالب خططهم وممارستهم الدينية الثابتة أمام الجديد الذي يحمله ويعلمه يسوع. ويذكر مثل الشبكة التلاميذ وكل المبالغين في الغيرة أن زمن الملكوت ليس هو زمن التمييز بقدر ما هو زمن الجمع. يتضح لمن يدرس خطب الأمثال في إنجيل القديس متى أنها تدور حول مسألتين: المسألة الأولى، وقد تناولها أيضاً إنجيل القديس مرقس، هي مسألة عدم الإيمان: كيف يمكن تفسير إيمان البعض بالكلمة ورفض الكثيرين لذات الكلمة؟ إذا كانت بشارة يسوع، والآن بشارة الجماعة، هي كلمة الله، أفلا يجب أن يقتنع بها الجميع؟ والمسألة الثانية، يتفرّد بها إنجيل القديس مرقس: مازال الخطأة، أي الزؤان، موجودين في جماعة المسيحيين. كيف يمكن تفسير هذا الأمر؟ وما هي طريقة التصرف تجاههم؟ |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أعطيتم… أما هم فلم يعطوا
(مت 11:13) http://mechristian.files.wordpress.c...8/07/jesus.jpg يزيد حوار يسوع مع تلاميذه في إنجيل القديس متى (مت 10:13-17) اتساعاً منه في إنجيل القديس مرقس (مر 11:4-12). توضح الإضافات والتعديلات التي أجراها إنجيل القديس متى مزاياه وأهدافه التي يمكن تلخيصها في ثلاثة فروق: - التلاميذ والجموع - رؤية وسماع بلا فهم، ورؤية وسماع وفهم - التلاميذ الذين يرون، والأنبياء والصديقين الذين تمنوا أن يروا ولم يروا. يرد الفعل أُعطي في المبني للمجهول ويشير هذا الأمر إلى أن الإنسان لا يستطيع، بقواه الذاتية، الحصول على معرفة أسرار ملكوت الله: إن الله وحده يهبه هذه المعرفة. كما يشير الفعل في الوضع التام Parfait إلى استمرار هذه الهبة. الأولوية تعود دائماً لله حتى في حالة عدم الإيمان: "لم يُعطوا". يركّز القديس متى بشدة على أولوية الله في المثل وبذلك يضفي عليه صيغة لاهوتية واضحة. ولكن الكاتب لا يتوقف عن هذا الحد، إذ يسارع ليأخذ الاحتياطات التي تبعد أي احتمال أو أي ميل إلى الوقوع في القدرية. بعد أن أوضح يسوع المسيح الفرق بين التلاميذ والجماعة، حدد ما هي الأمور التي يُسأل عنها الإنسان. إن أولوية الأمور الإلهية لا تنقص مساحة مسؤولية الإنسان؛ لأن يسوع يكلّم الجموع بالأمثال لأنهم "ينظرون ولا يبصرون- يسمعون ولا يسمعون.. ولا يفهمون" (مت13:13). هناك فرق بين إنجيلي القديس مرقس والقديس متى: ففي إنجيل القديس مرقس يتكلم يسوع بالأمثال لكي لا يفهموا: "فينظرون نظراً ولا يبصرون ويسمعون سماعاً ولا يفهمون لئلا يرجعوا فيغفر لهم" (مر12:14). أما في إنجيل القديس متى فإنه يكلمهم بالأمثال لأنهم في الواقع "ينظرون ولا يسمعون ولا يفهمون" (راجع مت 13:13). لا يكفي القول إن التلاميذ يفهمون الأمثال لأن يسوع يشرحها لهم، بل أن يسوع يشرح لهم الأمثال لأن لديهم الاستعداد لفهمها. إن الله ظاهر، جلي، واضح لمن لديه الاستعداد للفهم. بذلك نستطيع أن نقلب ترتيب الألفاظ والمعاني ونقول: لا يكلّم يسوع الجموع بغموض (أي بالأمثال) بل الجميع هي التي تسمع ولا تسمع تنظر ولا ترى، وبذلك تحول وضوح كلام يسوع إلى غموض وإبهام، وتلقي عليه ظلال عدم الرؤية وتشويش السماع وعدم الفهم. يكلم يسوع الجميع: التلاميذ والجموع بنفس الطريقة ونفس الوضوح. يؤكد هذا الرأي استشهاد يسوع بنص أشعيا النبي (مت 14:13-15// أش 9:6-10). ومن الملاحظ أنه بالرغم من كثرة استشهاد إنجيل القديس متى بنصوص العهد القديم فإن النص الوحيد الذي يضعه الإنجيلي على فم يسوع هو هذا أي أش 9:6-10. تدل الأفعال في هذا المقطع على واقع (هو هذا الواقع) وليس غاية (لكي...). لقد غلّظ الشعب قلبه ولم يغلظ الله هذا القلب. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
من كان له يعطى http://upload.konozalsamaa.com/uploa...0772295821.jpg يستعين يسوع بمثل غامض، لكي يفسّر لماذا أعطى الرسل هبة الفهم بينما حُرم منها الشعب. فيقول: "لأن من كان له شيء، يُعطى فيفيض، ومن ليس له شيء ينزع حتى الذي له" (مت 12:13). يبدو، لأول وهلة، أن يسوع يذكر هنا مثلاً شعبياً شائعاً في العالم كله: "الغني يزداد غنىً والفقير فقراً" أو "القرش يجيب قرش"...الخ وهناك نص مشابه في كتاب الأمثال: "رُبّ مبذر يزداد ماله ومقتصد فوق الحد لا تكون عاقبته إلا الفاقة" (أم 24:11). ولكن النص الأكثر قرباً لعبارة يسوع ورد في كتابات الربيين: "يستقبل، في مفاهيم البشر، الإناء الفارغ شيئاً ولكنه لا يمتلئ. أما عند الله فليس الأمر كذلك: فالإناء الممتلئ لديه يستقبل (شيئاً)، أما الإناء الفارغ فلا يستقبل (شيئاً)". ربما أراد يسوع بذلك الإشارة إلى أن العمى يولّد المزيد من العمى، كما أن النور يولّد المزيد من النور: فمن يقبل الحقيقة فإنه يصبح أكثر استعداداً للتعرف عليها والإيمان بها. أما من يرفضها فيزداد عمى عنها. من الملاحظ أن الأفعال ترد في صيغة المبني للمجهول، وربما يكون في ذلك تنويه إلى الله. وفي الواقع تزيد الحقيقة الإنسان نوراً وإشعاعاً والكذب يزيده غموضاً. وهذا أمر طبيعي وبالتالي يدخل في رسم وخطط الله تعالى. ومع ذلك فالإنسان مسؤول عن مصيره واختياره: الأساس هو القلب القاسي الغليظ أو الحساس المتجاوب، كما يتضح من نص إشعيا الذي يورده الإنجيلي. ينتهي الحوار بين يسوع وتلاميذه بنبرة إيجابية: إنه يدعوهم للوعي بالهبة التي نالوها: إنهم وهبوا معرفة أسرار ملكوت الله بينما حُرم الآخرون من ذلك. إنهم وُهبوا أن يعيشوا في زمن المسيح وهذا ما اشتهاه كثير من الصديقين والملوك والأنبياء ولم يُمنح لهم. كان أقصى ما يتمناه أيٌّ من أبناء بني إسرائيل هو أن يعيش حتى يرى زمن المسيح. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البواب الساهر
https://upload.chjoy.com/uploads/136380428321.jpg دعوة ثلاثية للسهر يبدأ مثل البواب الساهر بعبارة: "إحذروا واسهروا" (33:13) وتتوسطه دعوة أخرى: "فاسهروا إذاً" (35:13) وتختمه دعوة ثالثة: "اسهروا" (37:13) ويستعمل الإنجيل أفعالاً مختلفة. فهو يستعمل مرتين فعل جريجويو ويشير إلى اليقظة والسهر، ومرة يستعمل فعل اجروبنين والذي يوحي بمقاومة شديدة للنوم. ليست هناك فروق أساسية بين معاني الفعلين: ففي معناهما المعتاد لا يشيران إلى عمل، فعل بقدر ما يشيران لطريقة: السهر لا يحدد لحظة الانتقال من النوم إلى اليقظة، ولكن يحدد اللحظة أو الحالة التي تلي ذلك: وهي الصحيان، فتح الأعين. كما أن هناك فعل ثالث وهو بليبن ومعناه النظر بتدقيق، التركيز وتحديق النظر في أو على شيء. وعكس هذا الفعل هو السطحية والتشتت والنظر في اتجاهات مختلفة. صعوبات في النصّ الهدف من اليقظة والسهر هدف واضح محدد يتكرر مرتين: "لا تعلمون متى يحين الوقت" (33:13)؛ "لا تعلمون متى يأتي رب البيت" (35:13). مجيء السيد أو الساعة أمر أكيد، كما أن قرب الصيف أكيد عندما تلين أغصان التينة وتنبت أوراقها (راجع 28:13). ولكن هذا المجيء يتم فجأة وبلا سابق إنذار. لذلك فإن الموقف الذي ينم عن المسؤولية هو أن يكون الإنسان مستعداً دائماً لهذه اللحظة. لذلك فالسهر هو الشيء الذي يجب أن تتصف به حياة المسيحي عادة. إنه لا يقتصر على بعض المختارين: ما أقوله لكم أقوله للناس أجمعين: "اسهروا" (37:13). كان يكفي لتوضيح هذه الوصية مثل السيد الذي خرج، ولأنه لا يعرف ساعة رجوعه أوصى البواب بالسهر. ولكن المثل، كما نقرأه في الإنجيل، متشابك وروايته مضطربة نوعاً ما. وهذا الأمر غريب على إنجيل القديس مرقس. تركيب الجمل والقواعد في هذا المثل معقد غير سلس: يصف المثل تصرف السيد بثلاثة أفعال في أزمنة فعلية مختلفة: فعلان في الماضي وفعل في زمن الماضي المطلق. ينتج عن التغيير في الأزمنة انتقال مفاجئ، ويصعب ترجمته. كما أن هناك تشابك، قد يصل إلى التضارب، في الصور. ففي بداية النص (34:13أ) يظهر أن السيد ينوي الغياب مدة طويلة من الزمن، لذلك ترد كلمة أبوديموس، التي توحي بإقامة طويلة خارج البلاد. بالإضافة إلى هذه الكلمة هناك اهتمام السيد بتوزيع الأعباء والواجبات على خدمه: "فوّض الأمر إلى خدمه، كل واحد وعمله" (34:13ب). ثم يورد النص بعد ذلك وصية السيد للبواب بالسهر وانتظاره (34:13ج). إن أراد السيد أن يبتعد لعدة أيام، فكيف يمكنه أن يوصي البواب بأن يظل ساهراً في انتظاره؟ وهناك أمر آخر: تنتهي القصة بالتركيز فقط على صورة البواب: لا يرد أي شيء عن الخدم الآخرين ومهامهم. الاختيار بين اتساق الحبكة الروائية والتعليم اللاهوتييبدو أننا هنا أمام مشهدين متداخلين معاً: مشهد السيد والبواب، ومشهد رجل يتأهب للسفر. ويبدو أنه يحمل آثار مقدمة مثل الوزنات مت14:25 فيعهد لعبيده قبل سفره العناية ببيته. وهو الأمر الذي يرد بوضوح في النص. تقوم نقطة القوة في المشهد الأول في الأمر بالسهر ، وفي المشهد الثاني من المفترض أن تكون الأمر بتأدية الأعمال والمهام بجد وأمانة ونشاط. ولا ترد أية كلمة بهذا الصدد في النص. يتفق كل المفسرين على أن التشابك الذي عرضناه، الذي يصل إلى الغموض، هو نتيجة إعادة صياغة للنص. إنه افتراض صحيح وسليم ولكنه لا يعفي من التساؤل: ألم يعِ المحرر هذا التناقض؟ لماذا لم يحاول تفاديه؟ هذا التساؤل المشروع يجب أن يحذرنا من توقع نص إنجيلي يتفق ومنطقنا وأساليبنا في التعبير. وفي الواقع ترد، في معظم الأمثال، بعض التفاصيل التي تبدو لنا غامضة. يبدو أن رواة ذلك العصر لم يكونوا يشعرون بالالتزام بمنطق حديدي مثل منطقنا. كان على الإنجيلي أن يراعي أمرين في صياغته للمثل: اتساق الرواية المنطقي من ناحية، ومن ناحية أخرى الخروج بتعليم يطابق احتياجات المؤمنين. وكما هو معروف ليس من السهل التوفيق دائماً بين هاتين القضيتين، ومن الواضح أن الإنجيلي فضّل القضية الثانية على الأولى. على أية حالة يميل الإنجيلي هنا لتفضيل المعنى على الصور. والآن نتساءل إذا كانت المعاني المختلفة التي تقابلنا في المثل، كما هو، متشابكة ومتضاربة أحياناً، تتسق فيما بينهما أم لا. ما يهمنا ليس اتساق الحبكة الروائية بقدر اتساق التعليم اللاهوتي. إنه الاختيار الأوفق والأنسب. فالصور والتعبيرات المختلفة وغير المألوفة التي يلجأ إليها الكاتب تعتبر بمثابة آثار يهتدي بها المفسر في إعادة بناء مراحل تكوين المثل المختلفة لكي تقوده، وتقودنا معه، إلى المعاني العديدة الكامنة بين طبقات المثل. فالمثل مزروع في تقليد حي لذلك فهو ينمو بنمو الجماعة التي تقرأه وتعيشه. ملكوت الله وعودة الرب نواة المثل الأولية هي صورة البواب الذي يسهر الليل كله في انتظار عودة سيده. لذلك يستعمل الكاتب في هذا الجزء الفعل في زمن aoriste. بينما ترد الأفعال الخاصة بالعبيد والمهام الموكلة إليهم في الماضي وبالتالي على سبيل الخلفية. وسهر البواب هو الوحيد الذي تركّز عليه المثل: فاسهروا إذاً لأنكم.. (35:13). في انتظار عودة الربإنها صورة كلها حيوية وجمال وسرعة؛ الصورة التي تتفق وطريقة يسوع في الكلام: فإليه يعود المثل. وإذا وضعنا المثل في إطاره الحقيقي وهو إطار إعلان الملكوت لاستطعنا أن نتعرف بسهولة على الهدف منه: "يدعو يسوع بهذا المثل للاستعداد لاستقبال سيادته الإسكاطولوجية. لا يمكن بأي حال من الأحوال معرفة زمنه ولذلك فالموقف الوحيد المناسب والواجب هو السهر الدائم. يمكننا التعرّف على خطوة أولى وأساسية: ليس هدف المثل الأول في إنجيل مرقس هو التعليم عن حلول الملكوت، بل هو عودة رب البيت، أي عودة الرب القائم من الأموات. ويتم الانتقال من حلول الملكوت غير المعلن عنه مسبقاً إلى عودة الرب يسوع المفاجئة. إنها نقلة هامة جداً ولكنها لا تتم بالفصل بل بتواصل منطقي. لقد صاحب مثل يسوع إيمان التلاميذ الذين فهموا، بعد القيامة، أن حلول الملكوت لا ينفصل بأي حال من الأحوال عن شخص الرب. لقد أعلن يسوع خبر الملكوت السار، وفهم المؤمنون بعد ذلك أن الخبر السار هو يسوع المسيح بذاته. لم يتغير المثل بل زادت المعاني اللاهوتية الكامنة فيه غنىً وغزارة. توضح صورة السيد الذي يبتعد لفترة قصيرة ويوصي البواب بأن ينتظره وبضرورة عدم النوم ولو للحظة واحدة فقد يعود السيد في أية لحظة. ولكن هذه وحدها لا تكفي للتعبير عن إمكانية تأخر عودة الرب كما اختبرت فوراً الجماعة المسيحية. قد تطول فترة الانتظار. لذلك دار التساؤل عن كيفية شغل فترة الانتظار هذه. وعليه تمت بعض الإضافات التي يبدو وكأنها تخل بصورة المثل الأولية. تقوم هذه الإضافات في الواجبات والمهام التي يعهد بها السيد لعبيده وتوصياته لهم بالعناية والمحافظة على بيته ومصالحه. تكشف هذه الإضافات محاولات الجماعة لملائمة المثل وتأوينه على الظروف التي يعيش فيها المؤمنون: يجب عليهم السهر دائماً، وكأن السيد على الأبواب ومجيئه وشيك، وفي نفس الوقت الصبر كما لو كان مجيء السيد يبطئ. ومعنى السهر في الحالتين كلتيهما هو الإطلاع بالمسؤوليات الشخصية، سواء في الحياة العامة أو في الكنيسة. لذلك تقول إنه عندما يكشف تحليل المثل عن بعض التفاصيل الغريبة فلا يجب البحث عن الاتساق المطلق للحبكة الروائية، بل يجب البحث عن منطق تعليم المثل استناداً على هذه التفاصيل الغريبة أو المتناقضة. والآن نستطيع أن نلاحظ أن نصائح وتوجيهات المثل متسقة ومتناسقة فيما بينها وأكثر من ذلك فهو تلائم مقتضيات الحياة المسيحية ومتطلباتها. أوجه السهرمثل البواب الساهر ليس مثلاً لاهوتياً بحصر المعنى. ومع ذلك ترتكز نصائحه وتوجيهاته على تعليم لاهوتي راسخ ومحدد: عودة الرب في مجده (راجع 32:13) وأساس دينونته لنا هو التزامنا بواجباتنا. في هذه النقطة تقوم أوجه السهر المختلفة. غياب الرب غير معلومة نهايته ومجيئه مفاجئ: الموقف الوحيد هو اليقظة الدائمة. وسواء طال الانتظار أم قصر يجب أن يكون انتظاراً عاملاً، حياً، فعالاً. وليس التصرف المطلوب هو التطلع في الأفق لكي يعرف مسبقاً ما سيحدث بل هو معرفة أن المستقبل يتم إعداده في الحاضر. لذلك يجب أن نكون جادين في إعطائه حقه من الاهتمام وفي نفس الوقت مقتنعين بأن الحاضر ليس كله ملكاً لنا. فالسهر هو في ذات الوقت التزام وانتظار في العالم وأبعد من العالم. حتى هنا كان كلامنا عن مثل البواب الساهر في حد ذاته، واضعين إياه في إطار التقليد الذي نشأ ونما فيه حتى وصل إلى شكله النهائي في نص إنجيل مرقس (33:13-37) لم يقتصر دور الإنجيلي على تثبيت المثل كتابة، ولكنه وضعه في سياق مما يضفي عليه معنىً معيناً. يختم سياق إنجيل مرقس بهذا المثل الخطاب الإسكاطولوجي (مر13)، وكأنه يلخص به هذا الأمر. ويبدو أن الخطاب كله يدور حول موضوع السهر. ولكن الكاتب خص المثل الختامي بفعلين تقنيين هما، كما سبق وذكرنا في بداية الموضوع، جريجورين وأجروبنين. اما الفعل الثالث وهو بليبين ينظر باهتمام، يراقب، فهو يتخلل الخطاب كله (2:13، 5،9،23،33). السهر هو الانتباه. ولكن الانتباه لأي شيء؟ هل هو الاحتراس من بعض المخاطر، مثلاً عدم الانجراف وراء بعض الوعود والأوهام الدينية الخادعة؟ يوضح هذا معنى فعل النهي: لا تصدقوه (21:13) وهو يعني، بكيفية ما، السهر. والسهر يعني الثبات على كلمة الله "السماء والأرض تزولان وكلامي لن يزول" (31:31) كما يعني أيضاً عدم فقدان التركيز بسبب القلق بخصوص الأزمنة الأخيرة أو الأنبياء الكذبة أو العلاقات والآيات الخارقة. كما أن هناك أفعال نهي آخر في خطاب السهر مثل: إياكم أن يضلكم أحد (5:13).. لا تفزعوا (7:13).. لا تهتموا من قبل بماذا تتكلمون (11:13). للسهر أوجه عديدة منها عدم الانبهار بعظمة المباني البشرية حتى وإن كانت مباني أمينة: يا معلم انظر! يا لها من حجارة يا لها من أبنيةّ.. لن يترك هنا حجر على حجر (1:31-2). يستطيع الإنسان الساهر أن يسبر عمق معنى الأعمال التي ينبهر ويفخر بها الإنسان السطحي. ويتناول إنجيل القديس مرقس موضوع السهر في سياق آخر، يشترك مع مثل البواب الساهر في نقاط عديدة: حادث بستان الزيتون (32:14-42)، حيث يرد الفعل جريجورين مرتين. مرة بالمعنى الحرفي: أتنام؟ ألم تقو على السهر ساعة واحدة؟ (37:14) ومرة بالمعنى الرمزي: اسهروا وصلوا لئلا تقعوا في تجربة (38:14). وبالتالي يتطلب السهر قوةً، وتأتي هذه، حسب السياق، من الصلاة أي من الله. السهر هو الشرط الأساسي للصلاة وهو، في نفس الوقت، وقاية من السقوط في التجربة. ولكن السهر يتطلب قوة لا يملكها التلميذ. لدينا مثال على السهر. يسوع قرب آلامه: لقد استطاع بالسهر والصلاة التغلب على الخوف والانتقال من النزاع إلى الاستعداد: قوموا ننطلق (42:14أ). الخوف، الذي يقتضي التغلب عليه السهر والصلاة، هو الصليب. إنها تجربة تمس الإيمان: الصليب هو اللحظة التي فيها يبدو أن الله، الذي اتكلنا عليه، يتركنا ويهملنا. عندئذ يجب التحلي بالشجاعة والرؤية الواضحة للتمسك؛ بشدة أكبر، كما فعل يسوع. الصلاة والسهر شيئان لازمان للإنسان لأن الروح مستعد أما الجسد فضعيف. ينتمي النعت مستعد إلى مفردات السهر بطريقة تتخطى السهر في حد ذاته: إنه يعبر بالإضافة إلى اليقظة، عن الاستعداد. الروح والجسد لا يعنيان مكونات الإنسان، إنهما مجرد إشارة إلى الاتجاهين أو الميلين أو القوتين المتصارعتين. الدافع إلى السهر هو شدة التجربة الواقعة على الإنسان وحاله وضعف الإنسان. هكذا يتخذ الفعل سهر معنىً جديداً. لم يعد معناه فقط الصحيان لاستجماع القوى، وأطراف الشجاعة، إنما يقظة للثقة بالله والتمسك به. عكس السهر هو نوم التلاميذ (37:14و40و41)، لأن النعاس أثقل عيونهم (40:14). إنه عبء ثقيل، لم يستطيعوا مقاومته. إنها قدرة الله وحده القادرة أن تجعل من الإنسان النائم إنساناً يقظاً |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مثل الكرّامين القتلة العبيد والابن(مر33:11-12:12) https://2.bp.blogspot.com/-CkIVQuO49S...+HOMICIDAS.jpg يضع إنجيل القديس مرقس، وكذلك إنجيل القديس لوقا، مثل الكرّامين القتلة في إطار جدلي: يكلمهم (1:12أ) يعود الضمير هنا على الأشخاص الذين يوجه إليهم يسوع المثل، والذين بعد أن استمعوا للمثل "حاولوا أن يمسكوه" (12:12أ). إنهم عظماء الكهنة والكتبة والشيوخ (راجع 27:11). لقد وجّه هؤلاء سؤالاً إلى يسوع: "بأي سلطان نعمل هذه الأعمال؟ من أولاك ذاك السلطان لتعمل هذه الأعمال؟"(مر 28:11). وتم توجيه هذا السؤال في الهيكل بعد أن كان قد طرد منه الباعة (راجع مر 15:11-17). لم يكن السؤال متعلقاً بطرد الباعة، إنما يمتد إلى نشاط يسوع بأكمله وجميع تعاليمه. وبدلاً من أن يرد عليهم، وجه بدوره سؤالاً: "أمن السماء جاءت معمودية يوحنا أم من الناس؟" (مر 30:11). كان رفضهم الإجابة على سؤال يسوع: "لا ندري" (مر 33:11) دليلاً عن عدم صدق سؤالهم، عندئذ يقول لهم: "وأنا لا أقول لكم بأي سلطان أعمل هذه الأعمال" (مر33:11) فيسوع لا يرد على من لا يبحث بإخلاص عن الحقيقة. وبالرغم من رفضه إعطاءهم جواباً مباشراً، إلا أن يسوع لا يوصد باب النقاش بل يستمر فيه عن طريق الأمثال: "وأخذ يكلمهم بالمثال" (مر1:12). ولقد سبق ورأينا- في العدد الماضي- أن يسوع يوجه تعاليمه "للذين في الخارج بالأمثال" (مر11:4). أما السؤال الذي رفض يسوع أن يرد عليه فيتعلق بهويته ومن المنتظر أن يفصح يسوع، بالأمثال، عن هويته. ولكي يصل إلى ذلك لا يقدم تحديداً ولا موضوعاً، إنما يحكي قصة. صاحب الكرم والكرّامون حاول بعض المفسرين أن يثبتوا أن تفاصيل القصة حقيقية. قد يبدو هذا غريباً للبعض. ولكن الواضع الاجتماعي في فلسطين وفي البلاد المجاورة يشهد بذلك. فمعظم أراضي الجليل الزراعية كانت ملك عدد قليل من الملاّك الأجانب. وكان بُعد مكان إقامة المُلاّك عاملاً مساعداً لثورات الفلاحين، لا بل، إذا توافرت بعض الشروط، كانت تعتبر الأراضي متروكة وتصبح مِلك مَن يضع يده عليها. وهذا يجعل محاولة قتل ابن صاحب المِلك، للاستيلاء على الكرمة، أمراً ممكناً. تعتبر هذه الملاحظات هامة ولكنها لا تساعد كثيراً على فهم أوضح للمثل. لذلك علينا إتباع خطوتين هامتين. 1-تحليل دقيق لبنية المثل 2-الاستنارة بالإشارات الكتابية الأخرى. تقوم قوة المثل في التشابك الذكي للعلاقات على 3 مستويات: أ-العلاقة بين صاحب الكرم والكرّامين. ب-العلاقة بين العبيد وابن صاحب الكرم. ج-موقف صاحب الكرم من الكرّامين. ويقتصر الحديث والعمل على صاحب الكرم والكرّامين. ويقتصر أمر العبيد والابن على ذكر مصيرهم. ولا يذكر لهم المثل قولاً أو عملاً... تدور القصة كلها بين صاحب الكرم والكرّامين. يأخذ صاحب الكرم الكلام في البداية والنهاية: فهو الذي يبادر بغرس كرمه وإرسال العبيد، كما أنه هو الذي يبادر بأخذ القرار بمعاقبة الكرّامين. وبين هاتين المبادرتين الخاصتين بصاحب الكرم يصف المثل إصرار عكسي مزدوج: إصرار صاحب الكرم على الحصول على الثمار، ومن ناحية أخرى إصرار الكرّامين وبوقاحة على عدم إعطائه أي شيء. من هم المقصودون بهذا المثل؟ يعطينا الإنجيلي مفتاح القراءة في العدد الأول، الذي يذكِّر بنشيد الكرم في كتاب أشعيا: "لأنشدت لحبيبي نشيد محبوبي لكرمه. كان لحبيبي كرم في رابية خصيبة وقد قلَّبه وحصّاه وغرس فيه أفضل كرمه وبنى برجاً في وسطه وحفر فيه معصرة وانتظر أن يثمر عنباً فأثمر حصرماً برياً" (أش1:5-2). إذا قرأنا المثل على ضوء نشيد أشعيا تضح المعنى وينجلي: قصة صاحب الكرم مع الكرّامين هي بدون شك قصة الله مع شعبه. فالله يرسل الأنبياء، بينما الشعب يصر على الرفض. لقد رفض الشعب الأنبياء، كما يرفض الكرّامون العبيد؛ وتعرّض هؤلاء كما تعرّض الأنبياء للضرب والقتل لا بسبب مطلب خاص بهم ولكن بصفتهم مرسلين من الله ولأنهم يحملون صوت الله للشعب. لذلك لا يتفوهون، في المثل، بكلمة واحدة ولا يقومون بأي عمل: إنهم ليسوا شخصيات مستقلة ولكنهم يمثلون رب الكرم. ويقص المثل، من خلال العلاقة المتوترة بين صاحب الكرم والكرّامين، تاريخ بني إسرائيل: أمانة الله وخيانة الشعب والعقاب العادل. ولا شيء جديد في ذلك. ولكن الجديد يظهر في الجزء الثاني، أي في الصراع بين الابن والعبيد. يمكن التمييز في المثل، بين جزئين: أمانة وعقابالجزء الأول: إرسال العبيد (1:12ب-5). الجزء الثاني: وصف إرسال الابن (6:12-8). ويميّز الراوي جيداً بين الرسالتين. يمر الراوي مرور الكرام على إرسال العبيد ولكنه يعقب إرسال الابن بتفكير وتأمل صاحب الكرم (6:12ب)، كما يسبق رد فعل الكرّامين القتلة تفكير وتدبير. يقوم الطابع الخاص في رسالة الابن في شخص المرسل ذاته. إنه الإضافة التي تضفي على الأحداث الفرادة والخبرة، فلا نصبح مجرد حوادث تاريخية. إنه بالنسبة للأب ابنه الحبيب (6:12) وبالنسبة للكرّامين الوارث، ورسالته هي الأخيرة. مع ذلك فهناك تشابه عديد بين رسالة العبيد ورسالة الابن: المرسل هو ذاته، كذلك الواجب، المرسل إليهم وذات المصير. يقدم المثل عناصر جديدة وعناصر استمرارية. إذا كان المثل قد بدا في الوهلة الأولى كتاريخ إسرائيل يتضح الآن أنه قمة هذا التاريخ بالمقارنة بنشيد الكرم في أشعيا هناك أشياء جديدة. لم يكتفِ الله بإرسال الأنبياء بل يرسل ابنه، والشعب لم يرفض فقط الأنبياء، إنما رفض أيضاً الابن. يمكن أن يعيد المثل قراءة التاريخ كله ابتداءً من نهايته التي كان أشعيا النبي يجهلها. يقوم الصراع الثالث داخل نفس صاحب الكرم ويقدم له الصراعان الأولان اللذان يمثلان موضوع الدينونة أو العقاب. ويهدف هذا أيضاً لإلقاء الضوء على تاريخ الشعب والعلاقة بين الله والإنسان. إعلان- دفاع- تحذيرصاحب الكرم صبور وعنيد لدرجة أنه يرسل ابنه الحبيب. إنّه لا يفقد الأمل: "سيهابون ابني" (6:12). ولكن لصبره حدود، ولا يقبل أن يظل عنف الكرّامين بلا حدود. لم يتبق له سوى أن يذهب بنفسه ليوقع عقاباً صارماً: "يأتي ويهلك الكرامين ويعطي الكرم لآخرين" (9:12). إنها النهاية المحتومة التي ضمنها أشعيا النبي: "أي شيء يُصنع للكرم ولم أصنعه لكرمي؟ فما بالي انتظرت أن يثمر عنباً فأثمر حصرماً برياً؟ فالآن لأعُلمنكم ما أصنع بكرمي. أزيل سياجه فيصير مرعى وأهدم جداره فيصير مداساً وأجعله بوراً لا يُقضب ولا تُقلع أعشابه فيطلع فيه الحسك والشوك" (أش 4:5-6). العقاب، في رأي النبي، هو الإهمال أمّا المثل فيضيف شيئاً جديداً، ربما أضافه الإنجيلي أو الجماعة المسيحية الأولى: يعطي الكرم لآخرين. ويكشف هذا عن وضع ألم المسيحيين الأوائل كثيراً: لماذا انتقل الملكوت من بني إسرائيل إلى الأمم؟ أليس شعب إسرائيل هو صاحب المواعيد التي أقسم الرب أن يكون أميناً على تتميمها؟ والرد هو أن الله أمين ولكن أمانته لا يمكن أن تلغي العقاب العادل. لم يهمل الله شعبه ولكن الشعب هو الذي ترك إلهه. نحاول الآن أن نجمع أهم الملاحظات التي برزت من تحليل المثل. لا شك أن التعليم الرئيسي للمثل هو تعليم كريستولوجي: يريد المثل أن يكشف من هو يسوع. يسير المثل على نهج كتابات الأنبياء ولكنه يتخطاها. الأنبياء هم عبيد أما يسوع فهو الأمين؛ الأنبياء هم الإشارة ويسوع هو التحقيق. والتعليم الأساسي للمثل هو، بالإضافة لهوية يسوع، مصيره ذاته. ويمثل هذا الربط جدّة حدث يسوع. وفي ذات الوقت هو سبب صعوبة: إذا كان يسوع هو فعلاً ابن الله، فكيف يمكن أن يُصلب؟ ألا يُعتبر الفشل الذي لقيه علامة كذب إدعائه. يحاول المثل إعطاء ردود على هذه التساؤلات. وهو لا يكتفي بالإعلان ولكنه يتخطاه إلى التبرير. فهدف المثل دفاعي. يندرج مصير يسوع في سلسلة متواصلة من الأحداث: إنه مصير كل الأنبياء. إنه ليس بجديد كان يمكن أن يكون جديداً إذا كان عكس ذلك. يكتسب الصليب معناه من موقعه في أحداث الخلاص. فيسوع ليس غريباً على مصير الأبرار والأنبياء، ولكنه أعطى هذا المصير معنىً، بحياته وموته. في هذا الخط يجب البحث عن معنى الصليب ويصاحب هذا الخط جِدَّة غير متوقعة: لذلك لا يستطيع أن يفهم معنى الصليب، إلا من كان مستعداً أن يغيّر مفهومه عن معنى الاكتمال. لقد أشارت نهايات بعض الأمثال إلى هذه الحقيقة. لا يمكن أن نفهم الصليب بدون اهتداء وتوبة لاهوتية: ليس المسيا هو الذي يضع نهاية لتناقضات عديدة، كما يحلو للبعض أن يتصوره، ولكنه من يضع ذاته في قلب هذه التناقضات ومن هنا، من هنا فقط، يلقي الضوء على كل شيء. ويرد في المثل أيضاً موضوع العقاب. لذلك يتخذ المثل شكل التحذير. الله أمين وحبه صبور ولكن ليس بدون الحقيقة: عوقب الكرامون، وانتقل الكرم إلى آخرين. يعني العقاب أن الله يولي اعتباراً كبيراً لمسؤولية الإنسان. ولا يلغي الصبر الإلهي الحرية البشرية. ولكن هناك أيضاً لا تكون الكلمة الأخيرة للتهديد، بل للرجاء. "والحجر الذي رذله البناؤون قد صار رأس الزاوية. من عند الله كان ذلك وهو عجب في أعيننا " (مز22:118-23). لا ينتمي هذا الاقتباس الكتابي إلى المثل بل إلى التعليق عليه. وقد يعود هذا التعليق إلى يسوع أو إلى الجماعة المسيحية. إنها إشارة واضحة إلى القيامة ، إلى أمانة الله: ليست الكلمة الأخيرة في تاريخ يسوع هي الرفض الذي تعرَّض له، ولكنها التدخل الإلهي لصالحه. إن تشبيه الحجر الذي رذله البناؤون واستعمله الله يكشف الفرق الشاسع بين تدبير الله وأفكار البشر: يختار الله ما يرفض البشر. ومن المدهش أن يتم هذا ليس بين الله والعالم، بل بين الله وشعبه. |
الساعة الآن 01:09 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025