منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   كلمة الله تتعامل مع مشاعرك (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=45)
-   -   وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=25)

Mary Naeem 15 - 02 - 2015 12:16 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
منهج الصلاة حسب تسليم الإبصاليات

دينٌ في عنقي، التسليم الكنسي لحياة الصلاة. طبعاً، كنت ولا زلت مبتدئاً، ولذلك لم يلقِ بي أبي في نهر الأجبية السريع الجريان، بل طلب مني في حزمٍ، أن أحفظ أوقات الصلاة: الثالثة – السادسة – التاسعة – الغروب، كمناسبات ليتورجية، دون ترديد المزامير والاكتفاء بالقطع فقط. كان حفظ المزامير إجبارياً في الإكليريكية. ولكن أبي قال: لا يوجد ضرر بالمرة، بل توجد بركة خاصة للقلب الذي يحفظ صلوات المزامير، ولكن المبتدئ لا يبدأ بالمزامير، بل بالإبصاليات. وقال بكل وضوح: “حفظ وصلاة الإبصاليات تزرعُكَ في بحر محبة الابن الوحيد”. يجب أن تتحد بالرب يسوع له المجد، وبعد ذلك سوف ندرس كيف تصلي المزامير.
الهدف الأول من الإبصاليات هو الالتصاق القلبي باسم الرب يسوع. وعندما ظهرت مذكرات سائح روسي لأبيه الروحي، تعريب الأستاذ يسى حنا، والناشر مكتبة مدارس أحد الجيزة. وكان القمص مكاري السرياني قدَّم هدية من الكتب لأبونا مينا، ولي أنا ايضاً..
وقرأتُ الكتابَ بلهفةٍ، ولكن أبونا مينا قال: إن هذه الممارسة جيدة، ولكن الشيوخ علَّمونا أن لا نردد كلمات ثابتة، وأن الثابت فقط هو اسم الرب يسوع، وأن نضيف نحن ما نحتاج إليه من كلمات؛ حتى لا يسقط المبتدئ في حفرة ترديد ميكانيكي بدون وعي.
والهدف الثاني هو أن الابصاليات تضع أمام المصلي يسوع المسيح رب الكون، وفي تنسيق رائع متقَن يدخل تدبير الخلاص في هذا الإطار الكوني.
يبقى أن نلقي نظرة شاملة على محتويات الإبصاليات، ولكن بدايةً، يجب أن ننتبه إلى:
أولاً: يجب مراعاة الترتيب الكنسي نفسه؛ لأن يوم الأحد، أي يوم قيامة الرب هو بداية الأسبوع. ولعل المصلي يكون قد لاحظ أنه في يوم القيامة فقط توجد إبصالية آدام لوالدة الإله؛ لأنها إبصالية تمجِّد تجسُّد رب المجد.
“الساكن في النور الذي لا يُدنى منه.
أظهر آياته وأرضعته اللبن”.
ثانياً: حسب الترتيب الكنسي، الآدام، ليس مجرد ذكرى طرد آدم من الفردوس، بل هو بداية التدبير.
إبصالية يوم الأحد:

لعلنا نلاحظ الصلة الشخصية في أول الإبصالية.
“طلبتُكَ من عمق قلبي
……
حِل عني رباطات الخطية”.
وبعد ذلك: “ظَلِّل عليَّ بظلِّ جناحيك”، ثم التأكيد على أن الرب يسوع هو خالق الكون:
“في ستة أيام صنعت كل الخليقة”.
……..
“لك الربوبية والسلطان”.
ليدخل التدبير في طلب الخلاص وفي السجود وطلب المغفرة، بل وقوف المصلي عارياً تماماً أمام الرب:
“جميع آثامي يا الله أمحها
أنت تعرف أفكاري وتفحص كُليتي”.
وطبعاً صلاة يسوع هي: يا ربي يسوع أعني.
وطلب البقاء في شركة الروح القدس:
“روحك القدوس لا تنزعه مني”.
ثم، طلب طريق الحق http://www.coptology.com/website/wp-.../01/methme.png أي (العدل)، وهو طريق الملكوت الأبدي:
“ملكوتك يا إلهي
ملكوت أبدي”.
وباقي الإبصالية هو السهل الممتنع
“حلوٌّ هو نيرك، وحملك خفيف”.
وقد وُصِفَ النير بأنه حلوٌّ، وليس “هيِّنٌ” فقط؛ لأن النير يحمله اثنان معاً في وقت واحد: المصلي والرب يسوع معه.
أما خاتمة الإبصالية، فهي شركة الجماعة
“إذا ما اجتمعنا للصلاة، فلنبارك اسم ربي يسوع
لكي نسبحك مع أبيك الصالح والروح القدس؛ لأنك أتيت وخلصتنا”.
إبصالية الاثنين:

تسبيح كل الخليقة للرب يسوع
“ألوف ألوف وربوات ربوات
والتسبيح قوة:
“كل مَن يقول يا ربي يسوع
كمن بيده سيف يصرع العدو”.
الرب يسوع هو ملك الكون والكائن في كل مكان:
“لأنك بالحقيقة قد تعاليت جداً
في السموات وعلى الأرض”.
وحضور الله هو الذي يجعل اسم الرب في أفواه القديسين، فالحضور ضروري لأن الصلاة ليست حركة ميكانيكية:
“الله الكائن أمامهم واسمه القدوس في أفواههم كل حين”.
ويجب أن ننتبه بشدة إلى أن الصلاة ليست اغتراباً عن الإفخارستيا، بل إن ملك الكون، والكائن في كل مكان، هو الله عمانوئيل، الطعام الحقيقي، شجرة الحياة العديمة الموت، وهو ما يدعو إلى “الانتباه الروحي”:
“تجمَّعي فيَّ يا كل حواسي؛ لأُسبِّح وأمجد ربي يسوع”.
والحواس حسب اليوناني القبطي هي http://www.coptology.com/website/wp-...nalogicmos.png لأن اللوغوس وضع في كيان كل كائن حي http://www.coptology.com/website/wp-...5/02/logoi.png القوة العاقلة التي تقود الكائن وتعطي له الإدراك لحياة الشركة، ولذلك، الانتباه يعني:
“فليكن اسم الرب فينا
ليضيء علينا في إنساننا الداخلي”.
لا بُد من فهم هذه العبارة بالذات بعبارة الأوشية:
“اسمك القدوس هو الذي نقوله، فلتحيا نفوسنا بروحك القدوس”.
هكذا يأتي مع اسم الرب، الاستنارة التي تحوِّل الكيان الإنساني، ولذلك:
“انت هو الإله الحقيقي الصانع العجائب”.
و”إذا تحرَّك ألمٌّ وحزنٌ على الماضي” (عبارة أبونا مينا)، فإننا نصلي:
“أيها الحمل الحقيقي الذي لله الآب
اصنع معنا رحمة في ملكوتك”.
لأن الآب شهد له، والقوات السماوية لا تقدر أن تنظر إليه في هذه الشركة السماوية:
“نحن ننظرك كل يوم على المذبح
ونتناول من جسدك ودمك الكريمين”.
اسم الرب يسوع وتدبير الخلاص:

لا يمكن مقارنة عطية الآب لنا، أي ربنا يسوع المسيح ذاته، بالشريعة:
فكل “بركات الناموس (الشريعة)
ليس فيها شيء يشبهك”.
(يا ليت الذين يضعون الرب يسوع تحت الشريعة يخجلون).
ثم لا تنفرد الصلاة بالتلاوة، بل تعود إلى مَثَل الحجر الكثير الثمن الذي باع الرجل التاجر كل ما له واشتراه. وفي انسحاق قلب يطلب المصلي:
أيضاً هذا الحجر ليضيء علينا إنساننا الداخلي”.
وتدخل الإبصالية في أعماق التكوين الإنساني، وهو صورة الإنسان التي كوَّنها لنفسه بدون الرب يسوع إلى صورة الإنسان الجديدة التي تتكون في المسيح:
“زينة نفوسنا (تكوين النفس وجمالها)
وفرح قلوبنا هو اسمك القدوس
يا ربي يسوع” (بدون إضافات حسب الأصل).
ما هو المعنى الحقيقي، أو بالحري ما هو الهدف؟ لقد تزيَّن الكيان الإنساني بالمسحة، أي مسحة الميرون – مسحة الروح القدس، وصار اسم يسوع المسيح هو فرح القلب؛ لأننا مُسحنا في الرب، فصار كلُّ مَن مُسِحَ هو “مسيحي”، هو الصورة الجديدة غير الصورة الآدمية القديمة؛ لأنها “مأخوذة من الأزلي يسوع المسيح ونعمته الوافرة الغنية”، ولذلك لاحظ عزيزي القارئ دقة التعبير:
“تغيب الشمس والقمر في زمانهما
وأنت هو أنت وسنوك لن تفنى”.
لكن ذلك الأزلي:
“طأطأتَ السموات، ونزلتَ أيضاً”.
فصار بذلك:
“مثل طبيب حقيقي ومُشِفِ
داويت جميع أمراضنا”.
ويبقى أن نتطلع إلى الملكوت، وهو غنى ورحمة وعطية الله لنا:
“أبتهل إليك يا ربي يسوع
أن ترحمني في ملكوتك”.

Mary Naeem 15 - 02 - 2015 12:33 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
خدمة الثالوث القدوس وخدمتنا مع القوات السماوية

“نحن نخدم الثالوث؛ لأن الثالوث يخدمنا”. هذا هو ملخص كل ما يمكن أن يقال عن “الخدمة الإلهية”، وهو الإسم القديم الذي حل محله اسم “القداس”.
“خدمة الثالوث لنا هي خدمة دائمة أبدية. في هذا الزمان: الإستنارة بالمعرفة الصحيحة بسبب الجهل الذي فينا – التقديس، وهو إعادتنا وتجديدنا بالروح القدس إلى صورة مجد المسيح.
ظَلَّت كلمات الخدمة الإلهية حيَّةً في قلبي تبحث عن معنى: “الذي ثبَّت قيام خورس الذين بلا جسد في البشر. الذي أعطى الذين على الأرض تسبيح السارافيم. اقبل منا نحن أيضاً أصواتنا مع غير المرئيين. احسبنا مع القوات السمائية .. يرسلون تسبحة الخلاص والغلبة الذي لنا بصوتٍ ممتلئ مجداً يسبحون .. قدوس. قدوس. قدوس”.
وكان علي أن أنتظر المناسبة، وهي لا تتأخر، بل تأتي في موعدها. عندما تغيَّبتُ عن عشية ونصف الليل وباكر والقداس، بسبب التهاب اللوزتين. وطبعاً سأل عني أبي، وأرسل لي أحد الأخوة يطلب حضوري إلى الكنيسة، وذهبت. وقال لي: “أنت عيان؟ خسارة ضاع عليك خدمتك للثالوث مع القوات السمائية”. ونظرت إليه في حيرة، وكأنه سمع ذلك الصوت الخفي: كيف؟ فردد عبارات القداس الغريغوري السابقة، وقال: “إن خورس الذين بلا جسد http://www.coptology.com/website/wp-...niacwmatoc.png ليس النساك والآباء، بل القوات الملائكية التي تحرس المؤمنين، بل كما قال رسول رب المجد: “لكي يكون هو متقدِّماً في كل شيء، لأنه فيه سُرَّ أن يحل كل الملء، وأن يصالح به الكل لذاته صانعاً الصلح بدم صليبه وبواسطة الصليب كل الذين على الأرض، أو كل الذين في السموات”. ولم يكتفِ الرسول بهذا، بل أضاف من أجل تعزية أبدية لنا: “وأنتم الذين كنتم قبلاً أجنبيين (عن العهد مع ابراهيم) وأعداء في الفكر (الذي يلد الأعمال الشريرة) قد صالحكم أنتم الآن في جسد انسانيته بالموت ليحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه ..” (كو 1: 19-20).
“لقد تمَّت مصالحتنا مع السمائيين، ووحَّدنا الرب بهم، وفتح الرب لنا طريق الفردوس، إذ دخل معه اللص، وأعطانا شجرة الحياة، ولذلك نحن نقول بعد التناول: “نشكرك يا أبانا القدوس خالق الكل ورازق الجميع الذي أعطانا هذا الطعام المقدس غير المائت السري. الذي فَتَحَ لنا طريق الدخول إلى الحياة، الذي أرانا طريق الصعود إلى السموات .. لكي إذ نحيا بك .. نتغذى بك..”. وفي ترتيب وتسليم الكنيسة، نعود إلى هذا الترتيب يوم السبت الكبير؛ لأنه يوم ظهور شجرة الحياة: “أتيت يا سيدنا وأنقذتنا بمعرفة صليبك الحقيقية (هزيمة الجحيم) وأنعمت لنا بشجرة الحياة التي هي جسدك الإلهي ودمك الحقيقي (قسمة سبت الفرح)”.
“طعام الخلود والقيامة هو جسد الرب ودمه؛ لذلك كان أبي يأكل كل يوم من هذه الشجرة. وتوصَف باسم شجرة الحياة؛ لأن الشجرة دائماً تثمر، وقوتها في الصلب والقيامة، لأن الصلب والقيامة هما معاً قوة الحياة الواحدة للكلمة الله المتجسد”.
هكذا انفتح طريقٌ آخر قديم جداً، هو “الطريق”، اسم من أسماء الرب يسوع، وهو بدوره “موحِّد السماء والأرض” تحت سيادته، أو رأسه الواحد، أي ربنا يسوع المسيح (أفسس 1: 10). هكذا يجب أن نفهم: “السلام للكنيسة بيت الملائكة”، فهو ليس البيت الحجري فقط، بل نحن أيضاً” (عب 3: 6).
لقد جاء الرب “ونزل من السماء”؛ لكي يوحِّد السماء والأرض، وسبى الجحيم، وفي كل مرة نصلي قداساً ونرتِّل: “نزل إلى الجحيم من قِبل الصليب”، فإننا ندخل ليس المصالحة فقط، بل أيضاً وحدتنا مع السمائيين، ولذلك نرتل: “تسبحة الغلبة والخلاص”.
كان الشيوخ يعلموننا أن نرشم الصليب عندما نشعر بمشكلة، أو مضايقات، أو خوف، أو تردد، أو فزع، وهو التسليم الكنسي الذي دوَّنه أثناسيوس الرسولي في سيرة الأنبا أنطونيوس. وعندما حَرِصَ أبي على أن أقرأ سيرة أنبا أنطونيوس عدة مرات، لا لكي “أبحث عن فكر”، بل لكي “أتعلَّم الممارسة”، قال لي في حزمٍ وبإصرار: “نحن نرشم أنفسنا عند كلمات التقديس: قدوس. قدوس. قدوس؛ لأننا نخدم مع القوات السمائية الثالوث القدوس الذي خدم لنا الخلاص بتجسد الابن وموته المحيي وقيامته المجيدة”، وأشار إلى أحد شيوخ دير الأنبا صموئيل، لم أتقابل معه، ولم يذكر اسمه، كان يردد دائماً: إن رشم الصليب هو “الغطس في الرحمة والمحبة الإلهية”؛ لأننا سوف نقف على يمين العظمة الإلهية بقوة الروح القدس في اليوم الأخير، ونقف كلما رشمنا الصليب”.
وقال لي أبي: “أغطس بقوة الصليب لكي تخدم مع القوات السمائية بالصلاة والتسبيح”.
خدمتنا مع القوات السمائية كاستمرار للخدمة الإلهية:

قال لي: “والخدمة هي في الشهادة، أي في الحياة حسب المسيح، وهي في خدمة المحتاجين والمرضى، وكل من له حاجة؛ لأن الرب يسوع خَدَمَ هؤلاء لكي يأتي بهم إلى خدمة المصالحة مع الآب، ولكي ينالوا نعمة الملكوت، ولذلك نحن نخدم”.
وقال أيضاً: “وخدمة الثالوث هي تعزية وتشجيع الأخوة والأخوات؛ لأن من يزرع كلمة الرب في أي قلب، يحصد هو أيضاً ثمرة منها عندما يراها تعمل، فيزداد إيمانه ومحبته للرب”.
يخالجني شعورٌ غريب يا أخوة، هو شعوري بأن ما أتذكره وأسجله الآن، كأنه حدث منذ ساعات قليلة. حقاً كما قال هو: “إن الكلمة التي ننطق بها، إن كانت كلمة حياة، فإنها تبقى؛ لأنها تنال قوة الحياة من مصدرها الحقيقي الذي قال: أنا هو الحياة”.

Mary Naeem 15 - 02 - 2015 12:34 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
نحن فيه حسب الإنسانية والألوهة
-1-
“في المسيح يسوع”، أو “في الرب”، أو “في المسيح”، تعبيرات مميزة للرسول بولس بالذات. هي صدى وشرح لِمَا ورد في إنجيل القديس يوحنا، لا سيما في الإصحاح السابع عشر. نقلنا التعليم الرسولي مفصلاً في كتاب “المسيح والمسيحي في شركة الجسد الواحد” (يناير 2014). لكن يجب أن نضع النقط فوق الحروف:
- نحن فيه بسبب تجسده، ولكننا أيضاً، نحلُّ فيه هو حلولاً متبادَلاً لا يتم بشكل ميكانيكي. حيثما توجد إرادة ومحبة وإيمان ونعمة وغاية أو هدف، فإن الاتحاد والحلول والملء، وكل العبارات الأخرى التي وصلتنا من الآباء الرسل ومن الآباء، يجب أن تُفهَم على أنها نمو الحياة الجديدة، ليس بالقهر، بل نمو بالمحبة وبالتنازُل عن الذات، الذي يسمح لعمل النعمة بقوة.
والاتحاد له غاية، وهو الخلاص. وهو، أي الخلاص، أن يظل الإنسانُ إنساناً، ولكن حسب الخلقة الجديدة التي صار أصلها ليس آدم، بل المسيح (القديس أثناسيوس الرسالة إلى أدلفوس).
-2-
- ألوهية الرب لا تعمل بدون الناسوت، كما أن الناسوت وحده، كما قال الرب نفسه لا يفيد شيئاً (يوحنا 6: 63). المسيحُ فينا، ولكننا نحن أيضاً فيه، فقد حلَّ الكلمةُ أو سكن بيننا أو فينا؛ لكي نحل نحن ونسكن فيه. وحروف الجر التي استعملها رسول الرب في عبارات: “في المسيح”، و”من المسيح”، و”بالمسيح” تعني سكنى وحلول ونوال النعمة الإلهية.
-3-
- سر المائدة السماوية هو استعلان وظهور المخلص، ولذلك، عبارة الرسول بولس: “عظيمٌ هو سر التقوى الله ظهر في الجسد” (1تيمو 3: 16)، تبدأ بها الليتورجية في تقديم العطية الإلهية الفائقة، جسد ودم الرب، إذ تقول الصلاة:
“ووضع لنا هذا السر العظيم الذي للتقوى؛ لأنه فيما هو راسم أن يسلم ذاته عن حياة العالم .. أخذ خبزاً”. هكذا، يُستعلَن الرب، ولذلك يأخذ “بيت لحم” وهو مكان إعداد القربان، مكانه في الكنيسة، وعلى بُعد أمتارٍ قليلة منه، يوجد “الأردن”، أي جرن المعمودية، وفي داخل الكنيسة توجد “المائدة، أو المذبح” (لاحظ: أن صلاة الشكر تذكر المائدة”.
عيد تجسد الكلمة، هو إذن عيدٌ دائم؛ لأنه عيدُ استعلان الكلمة لنا في الليتورجية.
-4-
- السر العظيم الذي للتقوى، لا يفصل بيت لحم عن العِلِّية في أورشليم، ولا عن الذبيحة؛ لأن قوة حياة الرب لا تعرف الفواصل الزمنية، ولا يوجد لدينا زمانٌ أعظمُ من زمانٍ، ولا “عيدٌ صغير” و”عيدٌ كبير”، بل كلُّ عيدٍ هو “عيدٌ كبير”.
والتعبير الكنسي السائد: “الأعياد السيدية أو الربانية”، أي الخاصة بالرب والسيد، هو تعبيرٌ يفصح عن تفضيل حدث معين في حياة الرب أو التدبير، وبالتالي يخفي خلفه مدرسةً فكريةً معينة تحاول أن تبني قناعات فكرية بأن الصَّلبَ أهمُّ من التجسد، في حين أنه بدون التجسد لا يوجد صَلب. أو هي تحاول أن تقول إن التجسد كان له هدفٌ، وهو الموت على الصليب.
هذا التقسيم تجاهل أن التجسد جاء باتحاد الابن بنا، وأننا نحتاج إلى الصليب أكثر من الماء والهواء؛ لأن الرب أباد الموت بالصليب. ولذلك، فإن تقسيم المسيح يسوع يؤدي إلى الفشل في فهم وتذوق وحدانية الاستعلان؛ لأننا لا نشترك في حدث، بل في الأقنوم، وحتى الأقنوم، لا يقدِّم ذاته من خلال الفكر الإنساني، بل بواسطة الروح القدس الذي أعطى له الدخول إلى العالم إنساناً (عب 10: 5)؛ لكي نقبله نحن بالروح القدس.
كل عام وأنتم بخير ،،،

Mary Naeem 15 - 02 - 2015 12:37 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
مَثَل الوزنات
مكافأة العبد الصالح والأمين
(مت 25: 14-23)
http://www.stmacariusmonastery.org/graphics/sep-1.gif

14:25 «وَكَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ».

«وكأنما»:

https://images.chjoy.com//uploads/im...bb483a95e1.jpg
إضافة لربط سياق المثل الآتي بالمَثَل السالف إذ يدور على نفس المحاور. ولكن هنا يتجه المَثَل نحو الأمانة في السهر لحساب السيد.

ويبدأ المَثَل في مشروع رحلة بعيدة لإنسان سيد، وبناء عليه دعا العبيد لتسليمهم أمواله، هنا ترتفع العلاقة التي تربط السيد بعبيده إلى أقصى مستوى من التبعية والأمانة التي تصل إلى حد تسليمهم أمواله ليقوموا بعمله، باعتبارهم حائزين على كل إمكانياته، وعلى ثقته أيضاً. والإحساس هنا يكاد يُنبئ بأنه جعلهم كأبناء، كونه يحمِّلهم مسئولية إدارة أمواله في غيابه، وكأنهم يمثِّلونه شخصياً.

15:25 «فَأَعْطَى وَاحِداً خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ».

نحن الذين اختارهم الله في المسيح يسوع لملكوته الأبدي قبل إنشاء العالم لنكون قدِّيسين وبلا لوم قدَّامه في المحبة؛ اختارنا، وكل واحد منا خلقه بإمكانية وطاقة معيَّنة في المواهب وفي القدرة على استخدام المواهب، وبالتالي بإمكانية للخدمة تتناسب مع الطاقة والمواهب. في حين أعطانا فداءً واحداً وخلاصاً واحداً ودعوة مقدَّسة واحدة متساوية في كل شيء للخلاص. وهكذا بمقتضى حكمة الله الفائقة ومعرفته الكاملة المطلقة التي لا يغيب عنها شيء من أمور الخليقة كلها، ودرايته الكاملة المطلقة بدقائق إمكانياتنا وذكائنا وضعفنا، أعطى كل واحد منَّا وزنات تتكافأ تماماً مع طاقتنا ومقدرتنا ومواهبنا للخدمة، نخدم خلاصنا وخلاص الآخرين لحساب ملكوته الأبدي. فلم يُعطِ لأحد من الوزنات أو من الخدمات ما يفوق طاقته، إلاَّ إذا أقحم إنسان نفسه في خدمة أو عمل يفوق طاقته وإمكانياته، فهذا يُسأل عن عجزه ويُلام في تقصيره ولا يُلام الله بسببه في شيء.

ويُلاحَظ في استخدام الاصطلاحات هنا أنها جاءت معبِّرة بدقة، فمثلاً: وزنــــة: وهي هنا تفيد وزنة الفضة كالمعتاد ولكنها بآن واحد توحي بالموهبة، (تالِنْت talent). والطاقة: وهي الطاقة التي تُحسب بها القوة الميكانيكية للآلات والكهرباء، فهو تعبير دقيق للغاية. فالوزنة بالمفهوم المادي ما تساوي عشرة آلاف دينار، والدينار هو في ذلك الزمان ما يساوي أجر العامل في اليوم. فإذا حاولنا تصورها على مستوى أجور اليوم يكون الدينار يُساوي عشرة جنيهات مصرية والوزنة تساوي 100.000 جنيه. ومنها ننتبه جداً إلى ثقة المسيح في الخادم. لأن صاحب الخمس وزنات يكون بهذا الحساب قد استلم من سيِّده نصف مليون جنيه ليتاجر فيها. وهكذا وبحسب ما عوَّدنا المسيح في أمثلته أنها تبدأ رقيقة جميلة محبَّبة جداً للنفس، ذلك بحسب سخائه هو، ولكنها للأسف تنتهي انتهاءً قاسياً رديًّا يصدم النفس، وذلك بحسب جحودنا وسلوكنا الرديء.
وهكذا نخرج بانطباع بديع في حالة الخادم الأول الذي ظهر فيه سخاء المسيح الفائق الذي يعبِّر عن شخصه وحبه للإنسان. كما يلاحظ القارئ أن السيد المسافر هذا لم يأخذ صكوكاً ولا كتب شروطاً ولا حذَّر ولا أنذر ولا أوعى وأوصى، بل بكل ثقة أعطى ماله لعبده الأول على أن يتاجر فيه بقدر ما حباه الله من مواهب. والأمانة المطلقة فُرضت هنا باعتبارها العلاقة الأُولى التي تربط السيد بعبيده.


وهكذا أعطى العبد الثاني ما يتوافق مع طاقاته وإمكانياته، وكذلك الثالث، ولم يلاحظ قط أن أيًّا من الثلاثة استكثر الوزنات أو استقلها، مما يوحي أن التوزيع كان عادلاً بمقتضى طاقاتهم حقـًّا.

ويلزمنا هنا بحسب رأي العالِم برونر( ) أن لا نقتصر في معنى التالنت Talent على وزنة الفضة، فهي في أصلها اليوناني وترجمتها الإنجليزية تُعرف بأنها موهبة فائقة أو قدرة ذكية ممتازة. فهي يمكن أن تعرَّف على أنها فرص امتيازية خاصة تُغطِّي حياة الإنسان. هذه تُعطَى بكيل خاص من الله ليُسأل عن عملها في النهاية.

«وسافر للوقت»:


وكأن اجتماعه بخدمه كان طارئاً لتسليم هذه الوزنات، على أن عودته ستكون للسؤال عن النتائج بقدر الأهمية التي نعرفها نحن عن موهبة الفداء والخلاص التي منحها للجميع بقدر واحد، وكيف أنه سيأتي ليحاسبنا على الدم الذي سفكه من أجلنا، ونعمة الخلاص الذي أكمله بقيامته من أجلنا.


16:25و17 «فَمَضَى الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَتَاجَرَ بِهَا، فَرَبِحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ. وَهَكَذَا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ، رَبِحَ أَيْضاً وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ».

لم يدَّخر جهداً، بل في الحال قام العبد الذي أخذ الخمس وزنات وتاجر بها وربح خمس وزنات أُخر، فكان عند حسن ظن سيده وأثبت جدارته، كما أثبت أن سيده كان حكيماً دقيقاً عالماً بإمكانياته وطاقته تماماً. كذلك العبد الثاني تاجر وربح وزنتين وأضاف إلى برهان الأول برهانه الخاص أنه كان جديراً بالوزنتين، وأن سيده كان حكيماً ومدركاً طاقته تماماً.

ويُلاحَظ في الأصل اليوناني أنه يوجد في أول الآية كلمة: التي تفيد معنى: ”في الحال“، وقد ألحقها المترجم للعربية بالآية السابقة: «وسافر للوقت»، بينما تخص الآية الحاضرة: ”وفي الحال مضى الذي أخذ ...“ وهي تضيف إلى المعنى مهارة العبدين الأول والثاني وأمانتهما بالنسبة للزمن، وفرص الربح الأوفر في سرعة التنفيذ والغيرة المشدَّدة على أمر السيد وتكليفه؛ بل وهذه الكلمة ”في الحال“ تضيف لحساب العبدين ما هو أكثر من الربح المادي، إذ تكشف عن فرح العبدين بثقة السيد والعمل على حسن ظنه بهما. ويلاحظ أن بمجرَّد تسلُّمهما الوزنات وسفر السيد، مضى كل منهما في الحال. ولكن ”في الحال“ استمرت متصلة بكل الأفعال التالية وهي المتاجرة والربح. لأن كلمة ”في الحال“ لم تأتِ بعد الفعل ”مضى“ بل في أول الآية، أي لابد أن تصير صفة لكل الأفعال الواردة في الآية. ولكن لم يضعها القديس متى في مبدأ الآية إلاَّ لكي ينبِّه ذهننا إلى موضوع العمل في السهر، فهو ليس سهراً عاطلاً متوقفاً على العمل والحركة والربح لحساب صاحب المواهب العامة والخاصة التي منحها لنا بالكيل الموزون والدقيق؛ بل ”في الحال“ هي سمة العمل بكل صوره دون توقُّف بلا معنى أو بلا سبب، بل عمل نشيط متواصل على مستوى فرص الزمن المتاحة. لأنه على أساس العمل ”في الحال“ يتوقَّف الربح الأوفر. وهكذا يلزم أن يكون الانتظار لمجيء الرب والسهر باشتياق وغيرة على مستوى الحركة والنشاط والخدمة، والمتاجرة بلا تسيُّب في وقت أو جهد حسب ”الطاقة“ التي وهبها الله مسبقاً، والتي على أساسها حدَّد كمية الوزنات. أي أن الطاقة هي من عمل النعمة، وعلى أساس عمل النعمة يمنح الله الوزنات. وعلى هذا الأساس اللاهوتي تتم المحاسبة والعقاب. لأن الذي لم يربح يُعاقب لأنه عطَّل عمل النعمة فأوقف عمل الوزنات. أمَّا الربح فقد زكَّى عمل النعمة. وهكذا ترتد النعمة عليه بالطوبى والبركة والمكافأة.

+ «ولكنه لكل واحد يُعطَى (بالنعمة) إظهار الروح للمنفعة. فإنه لواحد يُعطَى بالروح كلام حكمة، ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد.» (1كو 12: 7و8)

+ «ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء.» (1كو 11:12)

وهكذا يثبت القديس بولس من هذه الناحية، ناحية تقسيم المواهب على الأفراد، كل واحد بمفرده كما يشاء الروح أو النعمة، أن جسد الكنيسة أو جسد المسيح يعمل كله بانسجام، كل واحد في مجاله بقدر طاقته الروحية: «كما قَسَمَ الله لكلِّ واحدٍ مقداراً مِنَ الإيمانِ. فإنه كما في جسدٍ واحدٍ لنا أعضاءٌ كثيرةٌ، ولكن ليس جميع الأعضاء لها عملٌ واحدٌ، هكذا نحن الكثيرين: جسدٌ واحدٌ في المسيح وأعضاءٌ بعضاً لبعض، كل واحد للآخر. ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا.» (رو 12: 3-6)

فهنا رؤية القديس متى في إنجيله في مَثَل الوزنات أن واحداً أخذ خمساً والثاني اثنتين والثالث وزنة واحدة، فبالرغم من تفريدهم على المستوى الفردي، جاء القديس بولس وجمعهم معاً كجسم واحد كل عضو له موهبته الخاصة التي يعمل بها ولكن لحساب الجسد الواحد. ويؤكِّد القديس بولس أن الروح هو الذي قَسَمَ لكل واحد من المواهب ما يناسبه، الذي قاله القديس متى: «قدر طاقته».

«وتاجر بها»:

هنا تأتي المتاجرة في مفهومها كعمل work. وهكذا يُبرز إنجيل القديس متى ”العمل“ باعتباره العنصر الأساسي في الاتجاه الروحي المسيحي، في اتجاهه نحو خدمة الآخرين ومعونتهم على الحياة وخاصة في الضيقات. فالعمل بالمواهب الممنوحة لخدمة الآخرين بأي صورة جسدية أو روحية أو نفسية أو صحية هي المتاجرة بالمواهب أو الوزنات: «لكن لكل واحد منا أُعطِيَت النعمة حسب قياس هبة المسيح» (أف 7:4). هذا هو الأساس وعليه يبني القديس بولس كالآتي:

+ «فأطلب إليكم، أنا الأسيرَ في الربِّ، أن تسلكوا كما يحقُّ للدعوةِ (سلَّمهم الوزنات) التي دُعِيتُم بها. بكل تواضعٍ ووداعةٍ، وبطولِ أناةٍ، محتملين بعضكم بعضاً في المحبةِ. مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام. جسدٌ واحِدٌ، وروحٌ واحِدٌ، كما دعيتم أيضاً في رجاءِ دعوتكم الواحد.» (أف 4: 1-4)

وهكذا نفهم من القديس بولس أن أساس إعطاء الوزنات في مَثَل إنجيل القديس متى هو ”للعمل“، العمل الروحي لوحدة الجسد الواحد وخدمة أعضائه لنمو الجسد وبلوغ كماله المسيحي.

إذن، فمَثَل الوزنات الذي ورد في إنجيل القديس متى ليوضِّح أهمية العمل والمتاجرة بالمواهب، يجعله القديس بولس أساس بنيان الكنيسة وتوحيد الأعضاء في جسد واحد بفكر واحد وإيمان واحد، ينمو حتى يبلغ كماله ومنتهاه في المسيح: «وهو أعطى البعضَ أن يكونوا رُسُلاً ، والبعضَ أنبياءَ، والبعضَ مبشِّرينَ، والبعضَ رُعاةً ومعلِّمينَ (وزنات وزنات)، لأجل تكميل القديسين، لعمل الخدمةِ، لبنيانِ جسد المسيح، إلى أن ننتهي جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله. إلى إنسانٍ كاملٍ. إلى قياس قامة ملء المسيح.» (أف 4: 11-13)

أمَّا الربح بالنسبة للوزنات فجاء مساوياً لعدد الوزنات: الخمس ربحوا خمساً والاثنتان ربحتا اثنتين. فهنا تقييم الربح جاء بالوزنة. وهكذا لا يتسع الربح هنا لربح النفوس ولكن يتَّسع لأمر هام قصده المسيح من المَثَل كله، وهو الأمانة التي حاسبهم وجازاهم بمقتضاها: «نِعِمَّا أيها العبد الصالح والأمين». فهنا المثل يقوم على الأمانة بالنسبة للمواهب التي أعطاها الله لعبيده لكلٍّ قدر طاقته، وهو يحاسب على مستوى قدر هذه الطاقة تماماً. لا يطالب بأكثر مما في مقدرة الإنسان في استيعاب المواهب والخدمة بها. والنقطة الحرجة في المَثَل هي ”الطاقة“ التي على قدرها أخذ العبد الوزنات، وعلى قدرها تاجر وربح، وعلى قدرها أخذ المكافأة. إذن، فتعامُل الطاقة مع عدد الوزنات هو أساس الاختبار والمجازاة، لأن صاحب الوزنة الواحدة كانت طاقته على قدر العمل والربح لوزنة واحدة. فلمَّا أخفاها في الأرض ولم يعمل أو يتاجر بها وضح أنه بدَّد طاقته وحبس موهبته معاً. وهكذا جوزي بالرفض.

18:25 «وَأَمَّا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ».

إخفاء الوزنة أو الفضة في الأرض يقابلها تعطيل أو إبطال عمل الموهبة أو المميزات الروحية التي أعطاها الله للمؤمن. وهذا يتم عند الذين، إمَّا فقدوا الإحساس بقيمة الموهبة، أو صار لهم استهتار وازدراء بصاحب الموهبة، وبالتالي عدم اهتمام بمجيئه والحساب الذي سيحاسب به كل إنسان عمَّا وهبه إيَّاه. وهنا يتركَّز المَثَل في عدم السهر ورفض العمل وفقدان الإحساس أو الأمانة بالمسيح.

وفي نظر القديس بولس يكون مِثل هؤلاء عالةً وثقلاً على الجسد، وهم الذين وضع من أجلهم قانونه المعروف بخصوصهم: «إن كان أحد لا يريد أن يشتغل فلا يأكل أيضاً» (2تس 10:3). أمَّا المسيح فاعتبرهم مفسدين للجسد ويتحتَّم بتـرهم (لو 7:13).

19:25و20 «وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ أَتَى سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ. فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا».

هنا تحديد الزمان الذي غابه السيد بأنه طويل يوضِّح تأخُّر المجيء الثاني، وهذا ردٌّ على الذين كانوا يظنون أنه سيأتي سريعاً. وأمَّا الحساب فهو ضرورة قصوى كمبدأ إيماني ثابت أن الإيمان بالمسيح هو عمل وحساب على العمل، وإلاَّ انقلب الإيمان المسيحي إلى فوضى. ومرَّة أخرى نفهم الإيمان المسيحي أنه قائم على عطايا ومواهب وامتيازات تحمل قيمة فائقة داخلها لا يكشفها ويستمتع بها إلاَّ الذي يعمل ويجتهد ويتاجر بها. وفي نفس الوقت فإن هذه المواهب والامتيازات الإيمانية سيُطلَب ربحها في حياة كل مؤمن في حساب الدينونة العتيدة. ومثل هذه الوزنات هنا سواء في الخمس أو الاثنتين أو الواحدة هي مجرَّد عيار للمواهب توزن في مقابلها الأعمال. ويتحتَّم أن تكون هذه المواهب قد قدَّمت ما يساويها من أعمال وإلاَّ يُحسب الإنسان أنه اختلس أموال السيد.

21:25 «فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ».

«نِعمَّا أيها العبد الصالح والأمين»:

أمَّا كونه حسن ”eâ“ أو جيد فلأنه أثبت أن ما قدَّمه من ”عمل“ يساوي ”طاقته“ تماماً، فهنا يكون قد نجح وزن الشخصية روحياً. وأمَّا أنه صالح فلأنه أثبت أمانته للسيد نفسه تماماً، فحَسَب ما استأمنه عليه من عمل شخصياً وُجِدَ أميناً فيه لشخص السيد، فهو صالح. وأمَّا أنه أمين فلأنه قدَّم خمس وزنات مقابل خمس وزنات استلمها، فهو أمين في مال سيِّده.

«كنت أميناً في القليل»:


القليل هنا هو كل العطايا والمواهب التي تُعطى للإنسان المؤمن ليتاجر بها، ويفرح ويفرِّح الآخرين، مهما كانت قوتها وقدرتها وعظمتها. لأنها هي بوضعها الحالي صورة لعطايا الله في السماء التي لا يمكن أن توصف أو يدركها عقل. وواضح من هذا الكلام أن المسيح إنما يهب لنا هذه المواهب والعطايا لنتاجر بها لحساب الملكوت، فهي الطريقة الوحيدة التي يدرِّبنا بها لكي نرتقي إلى ما هو أعلى وأعظم وأمجد. وما الدينونة الأخيرة أو الوقوف أمام المسيح إلاَّ لكي نسمع منه هذا الصوت الذي سوف يملأ أسماع السمائيين: «نِعمَّا أيها العبد الصالح والأمين، كنت أميناً في القليل فأقيمك على الكثير، ادخل إلى فرح سيدك».


«فأُقيمك على الكثير»:


واضح أن في السماء تنتظرنا أعمال كبيرة تكاد تكون من نفس أعمال مواهبنا التي أخذناها على الأرض، ولكن يتَّسع مداها في الروح والحكمة والفرح والمجد إلى ما لا نهاية. وأوضح ما فيها بحسب هذا التقرير أن فرحها يفوق العقل: «فرح سيدك»: «وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون، هؤلاء إلى الحياة الأبدية وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدي. والفاهمون (الصالحون) يضيئون كضياء الجَلَد، والذين ردُّوا كثيرين إلى البر كالكواكب إلى أبد الدهور.» (دا 12: 2و3)


22:25و23 «ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا وَزْنَتَانِ أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا.قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ».

وبهذا الإجراء يظهر تماماً منهج الرب يسوع المسيح في توزيع المواهب، والحكم النهائي على أداء الأعمال والمهام التي سلَّمها لمختاريه. إذ وضح أن التوزيع للمواهب والعطايا الروحية يتبع نظاماً دقيقاً للغاية مربوطاً بالطاقة التي يحوزها الإنسان، والقدرات الشخصية في مجملها الروحية والنفسية والجسدية. فكل مَنْ هو قادر على احتمال المسئوليات يُعطَى من المواهب والنعمة ما يساوي قدرته تماماً. وهكذا تأتي محاكمته أيضاً عادلة للغاية ودقيقة للغاية، حيث تكون محاسبته على الأمانة والجهد والاهتمام الذي أدَّاه في مسئوليته، ولا يدخل فيه الكثرة أو القلة في المواهب. فصاحب الخمس وزنات نال من المديح والمكافأة ما ناله صاحب الوزنتين تماماً وبالحرف الواحد.

علماً بأن بولس الرسول امتد بهذا المَثَل ليجعل من العمل هدفاً ومن أداء المسئولية غاية مشتركة واحدة. فكلٌّ من المؤمنين يُبنَى في جسد الكنيسة التي يستمد منها وجوده وكيانه، كل منهم بحسب مقدار مواهبه ونوعها. ولكن لابد في الأداء أن يُكمِّل الواحد الآخر. فإن كان قد وضح في مثل المسيح أن الأمانة والصلاح تَعَادلا في الاثنين، كذلك المكافأة بحسب الأداء. إلاَّ أن القديس بولس أضاف أن فوق المواهب والأمانات كلها عقلاً إلهياً مدبِّراً يجعل من الطاقات المبذولة والمواهب الفعَّالة هدفاً واحداً إلهياً: «وهو أعطى البعضَ أن يكونوا رُسُلاً، والبعضَ أنبياءَ، والبعضَ مبشِّرينَ، والبعضَ رُعاةً ومعلِّمينَ، لأجل تكميل القديسين، لعمل الخدمةِ، لبنيانِ جسد المسيح ... صادقينَ في المحبة، ننمو في كل شيءٍ إلى ذاك الذي هو الرأس: المسيح. (ولكن بحسب الترجمة الدقيقة يمكن أن تُكتب هذه الآية هكذا: ”... صادقين في المحبة، ننمو فيه إلى ذاك الذي هو الرأس المسيح، من جميع الوجوه). الذي منه كل الجسد مركَّباً معاً، ومقترِناً بمؤازَرةِ كُلِّ مفصلٍ حسب عملٍ، (ويمكن تعديل الترجمة أيضاً هنا كما يلي): بلياقة تجعل الجسد ينمو ويُبنى في المحبة» (أف 4: 11-16). وبهذا يكون بولس الرسول قد أدخل مَثَل المسيح الخاص بالوزنات في صميم طبيعة الكنيسة وفكرها وعملها وغايتها.

الأب متى المسكين


Mary Naeem 15 - 02 - 2015 12:37 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
مَثَل الوزنات
مكافأة العبد الصالح والأمين
(مت 25: 14-23)
http://www.stmacariusmonastery.org/graphics/sep-1.gif

14:25 «وَكَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ».

«وكأنما»:

https://images.chjoy.com//uploads/im...bb483a95e1.jpg
إضافة لربط سياق المثل الآتي بالمَثَل السالف إذ يدور على نفس المحاور. ولكن هنا يتجه المَثَل نحو الأمانة في السهر لحساب السيد.

ويبدأ المَثَل في مشروع رحلة بعيدة لإنسان سيد، وبناء عليه دعا العبيد لتسليمهم أمواله، هنا ترتفع العلاقة التي تربط السيد بعبيده إلى أقصى مستوى من التبعية والأمانة التي تصل إلى حد تسليمهم أمواله ليقوموا بعمله، باعتبارهم حائزين على كل إمكانياته، وعلى ثقته أيضاً. والإحساس هنا يكاد يُنبئ بأنه جعلهم كأبناء، كونه يحمِّلهم مسئولية إدارة أمواله في غيابه، وكأنهم يمثِّلونه شخصياً.

15:25 «فَأَعْطَى وَاحِداً خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ».

نحن الذين اختارهم الله في المسيح يسوع لملكوته الأبدي قبل إنشاء العالم لنكون قدِّيسين وبلا لوم قدَّامه في المحبة؛ اختارنا، وكل واحد منا خلقه بإمكانية وطاقة معيَّنة في المواهب وفي القدرة على استخدام المواهب، وبالتالي بإمكانية للخدمة تتناسب مع الطاقة والمواهب. في حين أعطانا فداءً واحداً وخلاصاً واحداً ودعوة مقدَّسة واحدة متساوية في كل شيء للخلاص. وهكذا بمقتضى حكمة الله الفائقة ومعرفته الكاملة المطلقة التي لا يغيب عنها شيء من أمور الخليقة كلها، ودرايته الكاملة المطلقة بدقائق إمكانياتنا وذكائنا وضعفنا، أعطى كل واحد منَّا وزنات تتكافأ تماماً مع طاقتنا ومقدرتنا ومواهبنا للخدمة، نخدم خلاصنا وخلاص الآخرين لحساب ملكوته الأبدي. فلم يُعطِ لأحد من الوزنات أو من الخدمات ما يفوق طاقته، إلاَّ إذا أقحم إنسان نفسه في خدمة أو عمل يفوق طاقته وإمكانياته، فهذا يُسأل عن عجزه ويُلام في تقصيره ولا يُلام الله بسببه في شيء.

ويُلاحَظ في استخدام الاصطلاحات هنا أنها جاءت معبِّرة بدقة، فمثلاً: وزنــــة: وهي هنا تفيد وزنة الفضة كالمعتاد ولكنها بآن واحد توحي بالموهبة، (تالِنْت talent). والطاقة: وهي الطاقة التي تُحسب بها القوة الميكانيكية للآلات والكهرباء، فهو تعبير دقيق للغاية. فالوزنة بالمفهوم المادي ما تساوي عشرة آلاف دينار، والدينار هو في ذلك الزمان ما يساوي أجر العامل في اليوم. فإذا حاولنا تصورها على مستوى أجور اليوم يكون الدينار يُساوي عشرة جنيهات مصرية والوزنة تساوي 100.000 جنيه. ومنها ننتبه جداً إلى ثقة المسيح في الخادم. لأن صاحب الخمس وزنات يكون بهذا الحساب قد استلم من سيِّده نصف مليون جنيه ليتاجر فيها. وهكذا وبحسب ما عوَّدنا المسيح في أمثلته أنها تبدأ رقيقة جميلة محبَّبة جداً للنفس، ذلك بحسب سخائه هو، ولكنها للأسف تنتهي انتهاءً قاسياً رديًّا يصدم النفس، وذلك بحسب جحودنا وسلوكنا الرديء.
وهكذا نخرج بانطباع بديع في حالة الخادم الأول الذي ظهر فيه سخاء المسيح الفائق الذي يعبِّر عن شخصه وحبه للإنسان. كما يلاحظ القارئ أن السيد المسافر هذا لم يأخذ صكوكاً ولا كتب شروطاً ولا حذَّر ولا أنذر ولا أوعى وأوصى، بل بكل ثقة أعطى ماله لعبده الأول على أن يتاجر فيه بقدر ما حباه الله من مواهب. والأمانة المطلقة فُرضت هنا باعتبارها العلاقة الأُولى التي تربط السيد بعبيده.


وهكذا أعطى العبد الثاني ما يتوافق مع طاقاته وإمكانياته، وكذلك الثالث، ولم يلاحظ قط أن أيًّا من الثلاثة استكثر الوزنات أو استقلها، مما يوحي أن التوزيع كان عادلاً بمقتضى طاقاتهم حقـًّا.

ويلزمنا هنا بحسب رأي العالِم برونر( ) أن لا نقتصر في معنى التالنت Talent على وزنة الفضة، فهي في أصلها اليوناني وترجمتها الإنجليزية تُعرف بأنها موهبة فائقة أو قدرة ذكية ممتازة. فهي يمكن أن تعرَّف على أنها فرص امتيازية خاصة تُغطِّي حياة الإنسان. هذه تُعطَى بكيل خاص من الله ليُسأل عن عملها في النهاية.

«وسافر للوقت»:


وكأن اجتماعه بخدمه كان طارئاً لتسليم هذه الوزنات، على أن عودته ستكون للسؤال عن النتائج بقدر الأهمية التي نعرفها نحن عن موهبة الفداء والخلاص التي منحها للجميع بقدر واحد، وكيف أنه سيأتي ليحاسبنا على الدم الذي سفكه من أجلنا، ونعمة الخلاص الذي أكمله بقيامته من أجلنا.


16:25و17 «فَمَضَى الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَتَاجَرَ بِهَا، فَرَبِحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ. وَهَكَذَا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ، رَبِحَ أَيْضاً وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ».

لم يدَّخر جهداً، بل في الحال قام العبد الذي أخذ الخمس وزنات وتاجر بها وربح خمس وزنات أُخر، فكان عند حسن ظن سيده وأثبت جدارته، كما أثبت أن سيده كان حكيماً دقيقاً عالماً بإمكانياته وطاقته تماماً. كذلك العبد الثاني تاجر وربح وزنتين وأضاف إلى برهان الأول برهانه الخاص أنه كان جديراً بالوزنتين، وأن سيده كان حكيماً ومدركاً طاقته تماماً.

ويُلاحَظ في الأصل اليوناني أنه يوجد في أول الآية كلمة: التي تفيد معنى: ”في الحال“، وقد ألحقها المترجم للعربية بالآية السابقة: «وسافر للوقت»، بينما تخص الآية الحاضرة: ”وفي الحال مضى الذي أخذ ...“ وهي تضيف إلى المعنى مهارة العبدين الأول والثاني وأمانتهما بالنسبة للزمن، وفرص الربح الأوفر في سرعة التنفيذ والغيرة المشدَّدة على أمر السيد وتكليفه؛ بل وهذه الكلمة ”في الحال“ تضيف لحساب العبدين ما هو أكثر من الربح المادي، إذ تكشف عن فرح العبدين بثقة السيد والعمل على حسن ظنه بهما. ويلاحظ أن بمجرَّد تسلُّمهما الوزنات وسفر السيد، مضى كل منهما في الحال. ولكن ”في الحال“ استمرت متصلة بكل الأفعال التالية وهي المتاجرة والربح. لأن كلمة ”في الحال“ لم تأتِ بعد الفعل ”مضى“ بل في أول الآية، أي لابد أن تصير صفة لكل الأفعال الواردة في الآية. ولكن لم يضعها القديس متى في مبدأ الآية إلاَّ لكي ينبِّه ذهننا إلى موضوع العمل في السهر، فهو ليس سهراً عاطلاً متوقفاً على العمل والحركة والربح لحساب صاحب المواهب العامة والخاصة التي منحها لنا بالكيل الموزون والدقيق؛ بل ”في الحال“ هي سمة العمل بكل صوره دون توقُّف بلا معنى أو بلا سبب، بل عمل نشيط متواصل على مستوى فرص الزمن المتاحة. لأنه على أساس العمل ”في الحال“ يتوقَّف الربح الأوفر. وهكذا يلزم أن يكون الانتظار لمجيء الرب والسهر باشتياق وغيرة على مستوى الحركة والنشاط والخدمة، والمتاجرة بلا تسيُّب في وقت أو جهد حسب ”الطاقة“ التي وهبها الله مسبقاً، والتي على أساسها حدَّد كمية الوزنات. أي أن الطاقة هي من عمل النعمة، وعلى أساس عمل النعمة يمنح الله الوزنات. وعلى هذا الأساس اللاهوتي تتم المحاسبة والعقاب. لأن الذي لم يربح يُعاقب لأنه عطَّل عمل النعمة فأوقف عمل الوزنات. أمَّا الربح فقد زكَّى عمل النعمة. وهكذا ترتد النعمة عليه بالطوبى والبركة والمكافأة.

+ «ولكنه لكل واحد يُعطَى (بالنعمة) إظهار الروح للمنفعة. فإنه لواحد يُعطَى بالروح كلام حكمة، ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد.» (1كو 12: 7و8)

+ «ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء.» (1كو 11:12)

وهكذا يثبت القديس بولس من هذه الناحية، ناحية تقسيم المواهب على الأفراد، كل واحد بمفرده كما يشاء الروح أو النعمة، أن جسد الكنيسة أو جسد المسيح يعمل كله بانسجام، كل واحد في مجاله بقدر طاقته الروحية: «كما قَسَمَ الله لكلِّ واحدٍ مقداراً مِنَ الإيمانِ. فإنه كما في جسدٍ واحدٍ لنا أعضاءٌ كثيرةٌ، ولكن ليس جميع الأعضاء لها عملٌ واحدٌ، هكذا نحن الكثيرين: جسدٌ واحدٌ في المسيح وأعضاءٌ بعضاً لبعض، كل واحد للآخر. ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا.» (رو 12: 3-6)

فهنا رؤية القديس متى في إنجيله في مَثَل الوزنات أن واحداً أخذ خمساً والثاني اثنتين والثالث وزنة واحدة، فبالرغم من تفريدهم على المستوى الفردي، جاء القديس بولس وجمعهم معاً كجسم واحد كل عضو له موهبته الخاصة التي يعمل بها ولكن لحساب الجسد الواحد. ويؤكِّد القديس بولس أن الروح هو الذي قَسَمَ لكل واحد من المواهب ما يناسبه، الذي قاله القديس متى: «قدر طاقته».

«وتاجر بها»:

هنا تأتي المتاجرة في مفهومها كعمل work. وهكذا يُبرز إنجيل القديس متى ”العمل“ باعتباره العنصر الأساسي في الاتجاه الروحي المسيحي، في اتجاهه نحو خدمة الآخرين ومعونتهم على الحياة وخاصة في الضيقات. فالعمل بالمواهب الممنوحة لخدمة الآخرين بأي صورة جسدية أو روحية أو نفسية أو صحية هي المتاجرة بالمواهب أو الوزنات: «لكن لكل واحد منا أُعطِيَت النعمة حسب قياس هبة المسيح» (أف 7:4). هذا هو الأساس وعليه يبني القديس بولس كالآتي:

+ «فأطلب إليكم، أنا الأسيرَ في الربِّ، أن تسلكوا كما يحقُّ للدعوةِ (سلَّمهم الوزنات) التي دُعِيتُم بها. بكل تواضعٍ ووداعةٍ، وبطولِ أناةٍ، محتملين بعضكم بعضاً في المحبةِ. مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام. جسدٌ واحِدٌ، وروحٌ واحِدٌ، كما دعيتم أيضاً في رجاءِ دعوتكم الواحد.» (أف 4: 1-4)

وهكذا نفهم من القديس بولس أن أساس إعطاء الوزنات في مَثَل إنجيل القديس متى هو ”للعمل“، العمل الروحي لوحدة الجسد الواحد وخدمة أعضائه لنمو الجسد وبلوغ كماله المسيحي.

إذن، فمَثَل الوزنات الذي ورد في إنجيل القديس متى ليوضِّح أهمية العمل والمتاجرة بالمواهب، يجعله القديس بولس أساس بنيان الكنيسة وتوحيد الأعضاء في جسد واحد بفكر واحد وإيمان واحد، ينمو حتى يبلغ كماله ومنتهاه في المسيح: «وهو أعطى البعضَ أن يكونوا رُسُلاً ، والبعضَ أنبياءَ، والبعضَ مبشِّرينَ، والبعضَ رُعاةً ومعلِّمينَ (وزنات وزنات)، لأجل تكميل القديسين، لعمل الخدمةِ، لبنيانِ جسد المسيح، إلى أن ننتهي جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله. إلى إنسانٍ كاملٍ. إلى قياس قامة ملء المسيح.» (أف 4: 11-13)

أمَّا الربح بالنسبة للوزنات فجاء مساوياً لعدد الوزنات: الخمس ربحوا خمساً والاثنتان ربحتا اثنتين. فهنا تقييم الربح جاء بالوزنة. وهكذا لا يتسع الربح هنا لربح النفوس ولكن يتَّسع لأمر هام قصده المسيح من المَثَل كله، وهو الأمانة التي حاسبهم وجازاهم بمقتضاها: «نِعِمَّا أيها العبد الصالح والأمين». فهنا المثل يقوم على الأمانة بالنسبة للمواهب التي أعطاها الله لعبيده لكلٍّ قدر طاقته، وهو يحاسب على مستوى قدر هذه الطاقة تماماً. لا يطالب بأكثر مما في مقدرة الإنسان في استيعاب المواهب والخدمة بها. والنقطة الحرجة في المَثَل هي ”الطاقة“ التي على قدرها أخذ العبد الوزنات، وعلى قدرها تاجر وربح، وعلى قدرها أخذ المكافأة. إذن، فتعامُل الطاقة مع عدد الوزنات هو أساس الاختبار والمجازاة، لأن صاحب الوزنة الواحدة كانت طاقته على قدر العمل والربح لوزنة واحدة. فلمَّا أخفاها في الأرض ولم يعمل أو يتاجر بها وضح أنه بدَّد طاقته وحبس موهبته معاً. وهكذا جوزي بالرفض.

18:25 «وَأَمَّا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ».

إخفاء الوزنة أو الفضة في الأرض يقابلها تعطيل أو إبطال عمل الموهبة أو المميزات الروحية التي أعطاها الله للمؤمن. وهذا يتم عند الذين، إمَّا فقدوا الإحساس بقيمة الموهبة، أو صار لهم استهتار وازدراء بصاحب الموهبة، وبالتالي عدم اهتمام بمجيئه والحساب الذي سيحاسب به كل إنسان عمَّا وهبه إيَّاه. وهنا يتركَّز المَثَل في عدم السهر ورفض العمل وفقدان الإحساس أو الأمانة بالمسيح.

وفي نظر القديس بولس يكون مِثل هؤلاء عالةً وثقلاً على الجسد، وهم الذين وضع من أجلهم قانونه المعروف بخصوصهم: «إن كان أحد لا يريد أن يشتغل فلا يأكل أيضاً» (2تس 10:3). أمَّا المسيح فاعتبرهم مفسدين للجسد ويتحتَّم بتـرهم (لو 7:13).

19:25و20 «وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ أَتَى سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ. فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا».

هنا تحديد الزمان الذي غابه السيد بأنه طويل يوضِّح تأخُّر المجيء الثاني، وهذا ردٌّ على الذين كانوا يظنون أنه سيأتي سريعاً. وأمَّا الحساب فهو ضرورة قصوى كمبدأ إيماني ثابت أن الإيمان بالمسيح هو عمل وحساب على العمل، وإلاَّ انقلب الإيمان المسيحي إلى فوضى. ومرَّة أخرى نفهم الإيمان المسيحي أنه قائم على عطايا ومواهب وامتيازات تحمل قيمة فائقة داخلها لا يكشفها ويستمتع بها إلاَّ الذي يعمل ويجتهد ويتاجر بها. وفي نفس الوقت فإن هذه المواهب والامتيازات الإيمانية سيُطلَب ربحها في حياة كل مؤمن في حساب الدينونة العتيدة. ومثل هذه الوزنات هنا سواء في الخمس أو الاثنتين أو الواحدة هي مجرَّد عيار للمواهب توزن في مقابلها الأعمال. ويتحتَّم أن تكون هذه المواهب قد قدَّمت ما يساويها من أعمال وإلاَّ يُحسب الإنسان أنه اختلس أموال السيد.

21:25 «فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ».

«نِعمَّا أيها العبد الصالح والأمين»:

أمَّا كونه حسن ”eâ“ أو جيد فلأنه أثبت أن ما قدَّمه من ”عمل“ يساوي ”طاقته“ تماماً، فهنا يكون قد نجح وزن الشخصية روحياً. وأمَّا أنه صالح فلأنه أثبت أمانته للسيد نفسه تماماً، فحَسَب ما استأمنه عليه من عمل شخصياً وُجِدَ أميناً فيه لشخص السيد، فهو صالح. وأمَّا أنه أمين فلأنه قدَّم خمس وزنات مقابل خمس وزنات استلمها، فهو أمين في مال سيِّده.

«كنت أميناً في القليل»:


القليل هنا هو كل العطايا والمواهب التي تُعطى للإنسان المؤمن ليتاجر بها، ويفرح ويفرِّح الآخرين، مهما كانت قوتها وقدرتها وعظمتها. لأنها هي بوضعها الحالي صورة لعطايا الله في السماء التي لا يمكن أن توصف أو يدركها عقل. وواضح من هذا الكلام أن المسيح إنما يهب لنا هذه المواهب والعطايا لنتاجر بها لحساب الملكوت، فهي الطريقة الوحيدة التي يدرِّبنا بها لكي نرتقي إلى ما هو أعلى وأعظم وأمجد. وما الدينونة الأخيرة أو الوقوف أمام المسيح إلاَّ لكي نسمع منه هذا الصوت الذي سوف يملأ أسماع السمائيين: «نِعمَّا أيها العبد الصالح والأمين، كنت أميناً في القليل فأقيمك على الكثير، ادخل إلى فرح سيدك».


«فأُقيمك على الكثير»:


واضح أن في السماء تنتظرنا أعمال كبيرة تكاد تكون من نفس أعمال مواهبنا التي أخذناها على الأرض، ولكن يتَّسع مداها في الروح والحكمة والفرح والمجد إلى ما لا نهاية. وأوضح ما فيها بحسب هذا التقرير أن فرحها يفوق العقل: «فرح سيدك»: «وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون، هؤلاء إلى الحياة الأبدية وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدي. والفاهمون (الصالحون) يضيئون كضياء الجَلَد، والذين ردُّوا كثيرين إلى البر كالكواكب إلى أبد الدهور.» (دا 12: 2و3)


22:25و23 «ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا وَزْنَتَانِ أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا.قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ».

وبهذا الإجراء يظهر تماماً منهج الرب يسوع المسيح في توزيع المواهب، والحكم النهائي على أداء الأعمال والمهام التي سلَّمها لمختاريه. إذ وضح أن التوزيع للمواهب والعطايا الروحية يتبع نظاماً دقيقاً للغاية مربوطاً بالطاقة التي يحوزها الإنسان، والقدرات الشخصية في مجملها الروحية والنفسية والجسدية. فكل مَنْ هو قادر على احتمال المسئوليات يُعطَى من المواهب والنعمة ما يساوي قدرته تماماً. وهكذا تأتي محاكمته أيضاً عادلة للغاية ودقيقة للغاية، حيث تكون محاسبته على الأمانة والجهد والاهتمام الذي أدَّاه في مسئوليته، ولا يدخل فيه الكثرة أو القلة في المواهب. فصاحب الخمس وزنات نال من المديح والمكافأة ما ناله صاحب الوزنتين تماماً وبالحرف الواحد.

علماً بأن بولس الرسول امتد بهذا المَثَل ليجعل من العمل هدفاً ومن أداء المسئولية غاية مشتركة واحدة. فكلٌّ من المؤمنين يُبنَى في جسد الكنيسة التي يستمد منها وجوده وكيانه، كل منهم بحسب مقدار مواهبه ونوعها. ولكن لابد في الأداء أن يُكمِّل الواحد الآخر. فإن كان قد وضح في مثل المسيح أن الأمانة والصلاح تَعَادلا في الاثنين، كذلك المكافأة بحسب الأداء. إلاَّ أن القديس بولس أضاف أن فوق المواهب والأمانات كلها عقلاً إلهياً مدبِّراً يجعل من الطاقات المبذولة والمواهب الفعَّالة هدفاً واحداً إلهياً: «وهو أعطى البعضَ أن يكونوا رُسُلاً، والبعضَ أنبياءَ، والبعضَ مبشِّرينَ، والبعضَ رُعاةً ومعلِّمينَ، لأجل تكميل القديسين، لعمل الخدمةِ، لبنيانِ جسد المسيح ... صادقينَ في المحبة، ننمو في كل شيءٍ إلى ذاك الذي هو الرأس: المسيح. (ولكن بحسب الترجمة الدقيقة يمكن أن تُكتب هذه الآية هكذا: ”... صادقين في المحبة، ننمو فيه إلى ذاك الذي هو الرأس المسيح، من جميع الوجوه). الذي منه كل الجسد مركَّباً معاً، ومقترِناً بمؤازَرةِ كُلِّ مفصلٍ حسب عملٍ، (ويمكن تعديل الترجمة أيضاً هنا كما يلي): بلياقة تجعل الجسد ينمو ويُبنى في المحبة» (أف 4: 11-16). وبهذا يكون بولس الرسول قد أدخل مَثَل المسيح الخاص بالوزنات في صميم طبيعة الكنيسة وفكرها وعملها وغايتها.

الأب متى المسكين


Mary Naeem 15 - 02 - 2015 12:40 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
إفراميه عيد الظهور الإلهي

https://images.chjoy.com//uploads/im...fd93d7065f.jpg

من أُمٍّ عاقرٍ وُلِدَ يوحنا
بدايةُ عهدِ الولادة الجديدة
ليس بالولادة الجسدانية،
بل بقوةٍ إلهيةٍ وُلِد
***
عند الأردن
أظهر يسوعُ السِّرَّ
ولادةً جديدةً
تنسكبُ فيها مسرةُ الآبِ
نداءُ الآبِ للمتجسِّدِ
سبَّح بها الملائكةُ قبل مولده
***
مسرةُ الآبِ بالبشرِ
أزالت قيود الشريعة؛
فوُهِبَ الروحُ القدس
حلَّ على الابن المتجسد([1])
فأشرقت معرفةُ الثالوث
عند الأردن، لم ندخل أرضاً،
دخلنا شركة حياة الثالوث
***
الآب ينادي
مَن لَبِسَ صورة العبد
أنت ابني الحبيب
تُمسحُ بالروحِ
لتنال صورة العبد
حريةَ الخضوعِ؛
فلا عبوديةَ في الروحِ
***
بميلادِكَ البتولي
صار لنا اتحادٌ
بمِسحتكَ أخذنا روح التبني
بالميلاد، فصلتنا عن آدم
بالمسحة، صرنا شركاءَ مِسحتِكَ
فغُرِسنا في الثالوث
***
يا فيضُ المحبةِ
الذي أغرق الحروف
صَمَتَ لسانُ الحكماءِ
وصرخت حناجر البوساء
معاندو النعمة
الأشقياء
يرسفون في أغلال العبودية
النعمةُ صعبةٌ على من عاش
ولا زال مقيَّداً
العقوبةُ عندَ العبدِ
أعظمُ من النعمة
***
أشرِق أيها الثالوث
فينا؛
لأننا مع كلِّ عيدٍ
ننال تجديد الوعي
بالعهد الجديد

Mary Naeem 15 - 02 - 2015 12:42 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
إفرامية مصلوبٌ مع يسوع

https://images.chjoy.com//uploads/im...bed0337da0.jpg



(1)

لأجلِكَ وحدكَ
سرتُ على أشواكٍ،
بينما أنت تُوِّجتَ بالأشواكِ
اتُّهِمتَ أنتْ بالتجديف
واتهمني بنوا أمي بالشِّركِ
غابَ عن الكلِّ التمييز
فتحتُ كنوزَ أثناسيوس
هاجت علينا وحوشُ العصر الوسيط
الكلُّ يعاديك يا يسوع الوسيط
لأجلِكَ قبلتُ العارَ
السخريةَ والشتائم
وهجومَ الأشرارِ
لأجلِكَ تركني أقربُ الناس
كما هربَ منكَ تلاميذُكَ لمَّا صُلبتَ
توحَّدنا معاً بالإهانةِ والطرد
أيُّ شرفٍ أعظمُ من شرفِ الجلجثة
لم يمنعكَ العذابُ والألم أن تقبل لصاً
فعرفتُ وذُقتُ قطرةً من غفرانك
اختفت من كلِّ الأفاقِ كلُّ الأهواء
لابسو أسمالَ الجهلِ صاروا أصدقاء
(2)

لم تنكر بنوتكَ للآب
اعترافُكَ الحسِن
ايقاعُ الحياةِ حيٌّ في كنيستك
خارج جسدك، الكنيسة
الاعترافُ غريبٌ لا يُفهَم
ضاع الاتهامُ في وهج الصليب
هو قُبلةُ عزةٍ منكَ يا حبيب
شريعةٌ واحدةٌ للمصلوب
معكَ وبكَ وفيكَ
ليموتَ القديم
فتحيا بذرةُ حياتك
ونولد من جديد
(3)

أنت يا يسوعُ عند كلِّ صليبٍ
مصلوبٌ مع حاملِ صليبه
مجدُ البنوةِ، وتاجُ القيامةِ
سُمِّرَ بمسامير المحبة
مَن صُلِبَ لأجلِكَ
معكَ سيكون؛
لأنكَ لأجل الكلِّ
صُلِبْتَ

Mary Naeem 15 - 02 - 2015 12:44 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
تنقية القلب والإرادة- 2

ليس لدينا تعليم مسيحي شرقاً وغرباً يقول إن الإنسان يخلص بالأعمال الصالحة، وليس لدينا تعليم أفرزه الإنجيليون عن التبرير بالأعمال، أو تعليم عن حساب بر المسيح للخاطئ. هذه كلها معاً: الخلاص بالأعمال الصالحة، وحساب بر المسيح للخاطئ، هي خزعبلات العصر الوسيط.
كان أبي يعلمني أن المحبة هي أساس “الخلاص الأبدي”. لاحظ كلمة “الأبدي”، وليس مجرد الإقلاع عن عادات سيئة أو التوبة بمعنى الكف عن الخطايا. هذا المعنى كان هو السائد في فترة طويلة امتدت من الأربعينات في القرن الماضي حتى عصرنا هذا. ولكن “الخلاص الأبدي” هو اكتشاف المحبة الإلهية على النحو الذي ذكره رسول الرب في (1كو 13: 1-10). وكان أبي يقول أيضاً إن ما أورده الرسول عن المحبة هو رسمٌ لأيقونة المخلِّص الرب يسوع المسيح له المجد.
الأساس الرسولي للمحبة هو: كل مَن لا يعرف المحبة لا يعرف الله (1 يوحنا 4: 7 – 8). ويجب أن نضيف أيضاً أن: “محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس ..” (رو 5: 5)، وعلى ذلك، فالتوبة الحقيقية هي تغيير الحياة، وهذا هو صراع المحبة الإلهية معنا وفينا:
- أن تحب الرب يسوع كنفسك؛ هو ما يجعلك تحيا بشكل مختلف.
- أن تجعل الرب يسوع أهم من كل ما تحب.
- أن تصبح محبة المسيح في قلبك هي سبب محبتك للآخرين.
هذه ليست خطوات مثل خطوات صعود السُّلَّم، بل هي صلاة يسوع. وما تذكره الإبصاليات بالذات، هي حسب كلمات إبي: “المجال الإلهي لعمل الرب يسوع وإشراقه بالنور الإلهي في قلب كل مَن يدعوه”.
الأعمال ليست ثمرة للإيمان كما يُقال، ولا هي ثمرة للمحبة. كل هذه التعبيرات لها خلفية نسكية مزوَّرة تؤدي إلى تقسيم الكيان الإنساني.
قال لي: “لنبدأ من أول الحكاية. الإرادة هي عزم الإنسان، وهو يجب أن يكون عزم المحبة، وليس مجرد فكرة في قلبك وضعتها للتنفيذ.
- القرار الإرادي هو الاتحاد بالرب يسوع وهذا يعني -أول الكل- أن يكون كيانك (الجسد والروح) ملكاً مشتركاً بينك وبين المخلِّص والفادي. عندما يملك المسيح على حياتك ومشاعرك ووجودك، فهذا يعني أنك لا تملك ذاتك لذاتك، بل تملك ذاتك للرب يسوع.
- كل الشرور والخطايا تأتي من مصدر واحد، وهو شعور الإنسان بالاستقلال عن الرب. انفراد الإنسان بوجوده لكن علينا أن نحب الرب حقاً لا بالعواطف، ولكن بالممارسة. ليس بالشعور؛ لأن (العواطف هي باب خداع القلب)، ولكن بالعزم؛ لأن العزم له أساس أن كيانك ووجودك ليس لك. هذا لا يجعلك مثل من أصيب بالشلل، بل يجعلك حُرَّاً من كل الصراعات التحتانية (اللي تحت مراقبة الضمير والشعور)، أي ما هو خفي (جُوَّة، جُوَّة في القلب). لن تملك الرب يسوع طالما أنت مستقل عنه، ولكن استقلال ذاتك يجب أن يكون القوة الذاتية التي تجعلك تطلب دائماً الرب كلما أحسست بالابتعاد عنه.
- الرب يسوع هو حياة، وليس برشامة أسبرين تأخذها لمَّا تكون تعبان. هذا التصرف، أي البحث عن الراحة والعزاء في المسيح فقط بدون الاتحاد به، هو ما يهدم المحبة؛ لأن المحبة الحقيقية هي في طلب الرب لشخصه فقط، وليس لأي أمرٍ آخر.
- كان عندنا في الدير أب مريض تعبان، ولكنه كان يقول للرب يسوع: (الجسد ده بتاعك أنت، اعمل فيه اللي أنت عاوزه. أنا مش هَطلب الشفاء، ولكن هَطلب أن يكون جسدي ذبيحة حية مقبولة عندك).
- العزم الحقيقي نابع من الاتحاد، لا بقرار الإرادة فقط. والقلب يراقب ويرى كل يوم، بل كل ساعة -على قدر تقدُّمك في المحبة- مدى صحة محبتك.
- إذا فضَّلت لنفسك أي شيء، فلا تنزعج، طالما هو خير وصالح. كل مطالب الجسد مثل النوم – الأكل – الملابس – هي أمور صالحة مقدسة؛ لأنك تفعل هذه الأمور من أجل محبتك للرب”.
قال والدموع في عينيه: في أول طريق الرهبنة قِيل لي إن جحد الذات هو رفض الإنسان لكيانه وحياته”، وأنا تعبت من هذا الكلام، ولكن واحد من شيوخ الدير -لم يذكر اسمه- قال لي: يا مينا حِبْ الرب يسوع لنفسك. هذا هو طريق جحد الذات، وهو الطريق الرسولي. وأصبحت أسير في الاتجاه الصحيح.
- يا ابني لا يمكن للإنسان أن ينكر وجوده، ولكن يمكن لكل إنسان أن يفهم معنى قول الرب: “انكر ذاتك واحمل صليبك، أي ذاتك المصلوبة، ثم اتبعني، أي اتَّحد بي في طريق الحياة”.
- إغراءات الخطية لا تأتي من الخارج فقط، بل من الداخل أيضاً. وقد تأثرت بشكل لا يوصف عندما قرأت في سيرة الأنبا صموئيل المعترف أن البرابرة الذين أسروه قد ربطوه في سلسلة مع جارية لكي يزني معها. ولكن قلبه المشغول بمحبة الرب جعل حتى إغراءات الخطية تتلاشى.
- إذا انكسر عزمك، أو تغيَّرت إرادتك، فلا ترتعب ولا تجعل لليأس مكاناً. العودة إلى الخطية أو إلى الكسل معناه أن في القلب “جُوَّة جُوَّة” رغبات وشهوات لم تُكتَشَف، ومع الحزن يجب أن يكون لدينا رجاء في أن نكتشف ما هو في داخل القلب الذي أعادنا إلى سيرة قديمة، أو ذكريات باطلة بلا نفع. محبة الله التي توهب بالروح القدس تبيد كل ما هو باطل.
- تذكَّر كلمات الرسول بولس: “أنسى ما وراء”، وتذكَّر أيضاً كلمات الرب نفسه: “مَن يضع يده على المحراث ونظر إلى الوراء لا يصلح لملكوت السموات”؛ لأن النظرة إلى الوراء معناها نسيان الهدف. كان الأنبا أرسانيوس يقول: أرساني تأمَّل (في الهدف) الذي لأجله خرجت من العالم” وعندما يصبح الرب هو هدف ووسيلة حياتك، ستجد العزم الصالح؛ لأنه نار المحبة الإلهية المشتعلة في القلب

Mary Naeem 15 - 02 - 2015 12:44 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
تنقية القلب والإرادة- 2

ليس لدينا تعليم مسيحي شرقاً وغرباً يقول إن الإنسان يخلص بالأعمال الصالحة، وليس لدينا تعليم أفرزه الإنجيليون عن التبرير بالأعمال، أو تعليم عن حساب بر المسيح للخاطئ. هذه كلها معاً: الخلاص بالأعمال الصالحة، وحساب بر المسيح للخاطئ، هي خزعبلات العصر الوسيط.
كان أبي يعلمني أن المحبة هي أساس “الخلاص الأبدي”. لاحظ كلمة “الأبدي”، وليس مجرد الإقلاع عن عادات سيئة أو التوبة بمعنى الكف عن الخطايا. هذا المعنى كان هو السائد في فترة طويلة امتدت من الأربعينات في القرن الماضي حتى عصرنا هذا. ولكن “الخلاص الأبدي” هو اكتشاف المحبة الإلهية على النحو الذي ذكره رسول الرب في (1كو 13: 1-10). وكان أبي يقول أيضاً إن ما أورده الرسول عن المحبة هو رسمٌ لأيقونة المخلِّص الرب يسوع المسيح له المجد.
الأساس الرسولي للمحبة هو: كل مَن لا يعرف المحبة لا يعرف الله (1 يوحنا 4: 7 – 8). ويجب أن نضيف أيضاً أن: “محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس ..” (رو 5: 5)، وعلى ذلك، فالتوبة الحقيقية هي تغيير الحياة، وهذا هو صراع المحبة الإلهية معنا وفينا:
- أن تحب الرب يسوع كنفسك؛ هو ما يجعلك تحيا بشكل مختلف.
- أن تجعل الرب يسوع أهم من كل ما تحب.
- أن تصبح محبة المسيح في قلبك هي سبب محبتك للآخرين.
هذه ليست خطوات مثل خطوات صعود السُّلَّم، بل هي صلاة يسوع. وما تذكره الإبصاليات بالذات، هي حسب كلمات إبي: “المجال الإلهي لعمل الرب يسوع وإشراقه بالنور الإلهي في قلب كل مَن يدعوه”.
الأعمال ليست ثمرة للإيمان كما يُقال، ولا هي ثمرة للمحبة. كل هذه التعبيرات لها خلفية نسكية مزوَّرة تؤدي إلى تقسيم الكيان الإنساني.
قال لي: “لنبدأ من أول الحكاية. الإرادة هي عزم الإنسان، وهو يجب أن يكون عزم المحبة، وليس مجرد فكرة في قلبك وضعتها للتنفيذ.
- القرار الإرادي هو الاتحاد بالرب يسوع وهذا يعني -أول الكل- أن يكون كيانك (الجسد والروح) ملكاً مشتركاً بينك وبين المخلِّص والفادي. عندما يملك المسيح على حياتك ومشاعرك ووجودك، فهذا يعني أنك لا تملك ذاتك لذاتك، بل تملك ذاتك للرب يسوع.
- كل الشرور والخطايا تأتي من مصدر واحد، وهو شعور الإنسان بالاستقلال عن الرب. انفراد الإنسان بوجوده لكن علينا أن نحب الرب حقاً لا بالعواطف، ولكن بالممارسة. ليس بالشعور؛ لأن (العواطف هي باب خداع القلب)، ولكن بالعزم؛ لأن العزم له أساس أن كيانك ووجودك ليس لك. هذا لا يجعلك مثل من أصيب بالشلل، بل يجعلك حُرَّاً من كل الصراعات التحتانية (اللي تحت مراقبة الضمير والشعور)، أي ما هو خفي (جُوَّة، جُوَّة في القلب). لن تملك الرب يسوع طالما أنت مستقل عنه، ولكن استقلال ذاتك يجب أن يكون القوة الذاتية التي تجعلك تطلب دائماً الرب كلما أحسست بالابتعاد عنه.
- الرب يسوع هو حياة، وليس برشامة أسبرين تأخذها لمَّا تكون تعبان. هذا التصرف، أي البحث عن الراحة والعزاء في المسيح فقط بدون الاتحاد به، هو ما يهدم المحبة؛ لأن المحبة الحقيقية هي في طلب الرب لشخصه فقط، وليس لأي أمرٍ آخر.
- كان عندنا في الدير أب مريض تعبان، ولكنه كان يقول للرب يسوع: (الجسد ده بتاعك أنت، اعمل فيه اللي أنت عاوزه. أنا مش هَطلب الشفاء، ولكن هَطلب أن يكون جسدي ذبيحة حية مقبولة عندك).
- العزم الحقيقي نابع من الاتحاد، لا بقرار الإرادة فقط. والقلب يراقب ويرى كل يوم، بل كل ساعة -على قدر تقدُّمك في المحبة- مدى صحة محبتك.
- إذا فضَّلت لنفسك أي شيء، فلا تنزعج، طالما هو خير وصالح. كل مطالب الجسد مثل النوم – الأكل – الملابس – هي أمور صالحة مقدسة؛ لأنك تفعل هذه الأمور من أجل محبتك للرب”.
قال والدموع في عينيه: في أول طريق الرهبنة قِيل لي إن جحد الذات هو رفض الإنسان لكيانه وحياته”، وأنا تعبت من هذا الكلام، ولكن واحد من شيوخ الدير -لم يذكر اسمه- قال لي: يا مينا حِبْ الرب يسوع لنفسك. هذا هو طريق جحد الذات، وهو الطريق الرسولي. وأصبحت أسير في الاتجاه الصحيح.
- يا ابني لا يمكن للإنسان أن ينكر وجوده، ولكن يمكن لكل إنسان أن يفهم معنى قول الرب: “انكر ذاتك واحمل صليبك، أي ذاتك المصلوبة، ثم اتبعني، أي اتَّحد بي في طريق الحياة”.
- إغراءات الخطية لا تأتي من الخارج فقط، بل من الداخل أيضاً. وقد تأثرت بشكل لا يوصف عندما قرأت في سيرة الأنبا صموئيل المعترف أن البرابرة الذين أسروه قد ربطوه في سلسلة مع جارية لكي يزني معها. ولكن قلبه المشغول بمحبة الرب جعل حتى إغراءات الخطية تتلاشى.
- إذا انكسر عزمك، أو تغيَّرت إرادتك، فلا ترتعب ولا تجعل لليأس مكاناً. العودة إلى الخطية أو إلى الكسل معناه أن في القلب “جُوَّة جُوَّة” رغبات وشهوات لم تُكتَشَف، ومع الحزن يجب أن يكون لدينا رجاء في أن نكتشف ما هو في داخل القلب الذي أعادنا إلى سيرة قديمة، أو ذكريات باطلة بلا نفع. محبة الله التي توهب بالروح القدس تبيد كل ما هو باطل.
- تذكَّر كلمات الرسول بولس: “أنسى ما وراء”، وتذكَّر أيضاً كلمات الرب نفسه: “مَن يضع يده على المحراث ونظر إلى الوراء لا يصلح لملكوت السموات”؛ لأن النظرة إلى الوراء معناها نسيان الهدف. كان الأنبا أرسانيوس يقول: أرساني تأمَّل (في الهدف) الذي لأجله خرجت من العالم” وعندما يصبح الرب هو هدف ووسيلة حياتك، ستجد العزم الصالح؛ لأنه نار المحبة الإلهية المشتعلة في القلب

Mary Naeem 15 - 02 - 2015 01:23 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
فتركت المرأة جرتها
محاضرة لقداسة البابا تواضروس
القي قداسة البابا تواضروس الثانى مساء اليوم محاضرته الأسبوعية والتي كانت بعنوان “تركت المرأة جرتها”.ورحب البابا في البداية بكل من جاء من الكنائس المسيحية ومجلس كنائس مصر و الشرق الأوسط وبمشاركتهم في هذا الاسبوع المخصص من خلال مقابلة السيد المسيح للمرأة السامرية وقام بقراءة جزء من انجيل يوحنا اصحاح 4
وتأمل البابا في هذه العبارة (فتركت المرأة جرتها)
وقال ان قصة السامرية من أجمل القصص وقد وقعت وقت الساعة السادسة أي مثل الوقت الذي صلب فيه السيد المسيح مثلما نصلي (يامن في اليوم السادس وفي وقت الساعة السادسة سمرت من أجل الخطية التي تجرأ عليها أبونا آدم).
ونحن نعرف هذه القصة والكنيسة تخصص لها الأسبوع الرابع من الصوم المقدس والأسبوع الثالث من الخماسين المقدسة نسمية أسبوع الماء الحي وفي العنصرة نخصص لها السجدة الثالثة . لكن سنتحدث عن تركت جرتها .
واشار ان الحياة بها مبادئ الامانة ولها قوانين تنظمها ومبدأ مساعدة الآخر فكل أحد يجب أن يساعد الآخر .
• وأحد المبادئ الأنسانية مبدأ الترك. وهو له وجهان الترك بإرادة أو غير إرادة فالترك بالإرادة له أشكال : من يترك أباه وأمه و يلتصق بأمراته فهو يترك من أجل تكوين عائلة ومن أجل ذلك يجب الترك وثانيا الترك من أجل تكوين شخص ففي مراحل الانسان يترك لتنمو شخصيته مثال :عندما يُفطم
واضاف البابا ايضا ان هناك الترك من أجل عشرة المسيح وهو يسمي في الحياة الرهبانية (بالفقر الأختياري) أي يترك مالديه من أجل المسيح.و الترك من أجل طاعة المسيح ونجد فيه مثال أبونا إبراهيم عندما أتي إليه أمر بترك أرضه.
والترك من أجل حياة مادية أفضل مثال قرار الهجرة لتحسين المستوي بحثاً عن حياة أفضل مادياً – أقتصادياً -………
وقال ان الوجه الأخر (الترك الاجباري)يتمثل في التهجير مثل تهجير السكان في العراق وسوريا ومثال أحداث السبي في الكتاب المقدس .و الترك الذي بالموت فالانسان بالموت يترك كل شئ
والانسان يقع في أشياء كثيرة مثل : فضيلة القنية وحب التملك والانانية والبحث عن النصيب الأكبر . ولكن المرأة السامرية كانت تضع كل أحلامها في جرتها تحملها يومياً وتملأ بها الماء وهذا كان كل عالمها ولم يتعدي عالمها سوي الشرب من الجره وتفرغ وتملأ فإحتياجها للماء دائما
وفي المقابل السيد المسيح علي الصليب عندما قال أنا عطشان فهو كان عطشان لخلاص البشر أي خلاص كل أحد
وهي كانت عطشانة ولم تكن شبعانة وهي لديها تعبير عن عدم الشبع مثل العالم يقدم كل يوم ولكن لا يشبع الانسان إلا بعمل الله في قلبه .
ونتيجة لعدم شبع الانسان تحدث الحروب حيث أنه غير قادر علي محبة أخيه .وهذه المرأة عندما وصلت قالت له أنت تكون المسيح
واضاف هذه المرأة نسيت حياتها بالكامل لأنها صارت في مواجه مع شخص السيد المسيح وبدأت تشعر أنه هو الماء الحي ولذا تركت جرتها وهنا رسالة انك لا تستطيع أن تبدأ حياة جديدة ما لم تترك شيئاً وهي ذهبت تقابل كل إنسان بحماس شديد حيث صارت فيها طاقة وحماس عالية ونادت كل واحد ألعل هذا هو المسيح لقد وجدت الكنز .
شكرً لك أيتها المرأة السامرية لأنك وضعتينا علي الطريق فأول الطريق هو الترك (لكي تتزوج يجب أن تترك – تترهب يجب أن تترك) والحياة بنيت علي هذا المبدأ -مبدأ الترك- ومن صورتها التي كانت عليها تحولت لكارزة وعلمتنا الدرس
وهكذا تواصل معها السيد المسيح وهي كانت بمثابة مفتاح يكسب به هذه المدينة وكان أول شعب ينادي المسيح أنت هو مخلص العالم . فلا تستهين بإنسان فالمسيح استخدمها في حوار أكثر من رائع وكسب بها السامرة “طوباكي أيتها السامرية نتعلم منك الكثير تركتي المياه القديمة وأخذت الجديدة”
وقال البابا يوجد لدينا ما يمتلكنا وهذا إن لم تتركه برضاك سياتي وقت يترك كل شئ و توجد 3 كلمات في اللغة العربية مرتبطين بموضوعنا وهم: حياة التخلي ، حياة التحلي و حياة التجلي
وحياة التخلي عن الارضيات كيف ؟ التخلي عن العلاقات الارضية عن الخطايا والقيود . التخلي عن الفكر المرتبط بالأرض فهو مرتبط بالتراب وهذه ينبغي أن يمارسها الانسان في حياته دائما أما حياة التحلي بالفضائل والسلوكيات فزين حياتك بالفضائل وكأنك تعيش هواية جمع الفضائل
وحياة التجلي وهي أمر مرتبط بالسمائيات وتعني ان الانسان عندما يدخل إلي أعماق الصلاة والتمتع بالعشرة مع المسيح والصلوات والتسابيح تكون حياته فيها نوع من التجلي حياته مشغوله بالسما ء والملكوت والنصيب السمائي هذه الصورة نأخذها من السامرية عندما يقول الكتاب تركت جرتها


الساعة الآن 01:24 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025