منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الكتب الدينية (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=56)
-   -   كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=279085)

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:40 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
دور الشعب كنسيًا


  1. شعب أو لأوس
  2. الشعب والكهنوت
  3. دور الشعب الإيجابي
  4. دور المرأة كنسيًا
  5. الكنيسة القبطية واللاهوت النسائي
  6. الطفل في الكنيسة القبطية

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:45 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
شعب أو لأوس

في العهد القديم استخدمت كلمة" شعب" بالمعني الواسع الشامل ليضم كل جماعة المؤمنين من كهنة ولاويين وشعب، إذ دعوا "شعب الله" تمييزًا لهم عن الشعوب الأممية، كما استخدمت بالمعني المحدد الخاص بالرعية دون الكهنة واللاويين.
في كنيسة الإسكندرية الأولي استخدمت الكلمة اليونانية "لاوس" أيضا تارة بالمعني الشامل لتعني كنيسة الله بكل أنماطها من كهنة ورهبان ورعية، كما قصد بها أحيانا المعني المحدد الخاص بالرعية وحدها.
ما أود توضيحه هنا أن آباء الإسكندرية الذين عاشوا بفكر إنجيلي كنسي، أحبوا الكهنوت وكرموه، واختبروا الرهبنة في سيرتها الملائكية، وفي هذا كانوا يتطلعون إلى الشعب بكونهم الكنيسة الحية التي يخدمها الكاهن ويصلي من أجلها الراهب أو الراهبة أو البتول دون وجود طبقية كنسية. فالشعب هو الكنيسة الحية العاملة، لكل عضو منهم رجلا كان أم امرأة، شيخا أم شابا أم طفلا، غنيا أم فقيرا.. الكل له دوره الحي الفعال في العبادة وممارسة الحياة القدسية والشهادة للسيد المسيح.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:46 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الشعب والكهنوت

سر حيوية الكنيسة القبطية إلى يومنا هذا يرجع أساسا إلى فهم العلاقة بين الكاهن والشعب، فالكهنوت في فهم كل قبطي، حتى الطفل الصغير، أبوة روحية. فالكاهن ليس موظفا في مؤسسة يمارس واجبا معينا، لكنه أب حقيقي أبوته لا يحطمها حتى الموت. لذا لا يعرف سنا للتقاعد. خلال هذه الأبوة يتذوق المؤمن أبوة الله الفريدة، وأمومة الكنيسة، فيرتبط بالله وكنيسته لا علي مستوي الخوف أو القهر وإنما علي مستوي الحب البنوي.

خلال الأبوة يشعر الكاهن أن كل المؤمنين هم عائلته الخاصة، يشاركهم كل مناسباتهم، نذكر علي سبيل المثال: متى رزق مؤمن بطفل يقدم الكاهن مع الشمامسة وأهل البيت صلوات شكر وتسبيح لله (صلاة حميم الطفل)؛ بعدها يقوم الكاهن بتعميد الطفل في جو مفرح عجيب؛ إذا مرض مؤمن أقيمت ليتورجية مسحة المرضى، وإن دخل إنسان في ضيق رفعت القرابين عنه في القداس الإلهي (سر الأفخارستيا)، في حالة الوفاة تقيم الكنيسة كلها صلاة جناز، وتشارك الأسرة في اليوم الثالث وفي الأربعين الخ..
خلال هذا المفهوم الكنسي يمكننا توضيح النقاط التالية:

1- الكهنوت -في نظر الكنيسة القبطية- أبوة وحب وخدمة وليس سلطة (2). الكاهن الروحي لا ينهمك في إداريات الكنيسة، بل بالحري يبذل حياته من أجل أبنائه في الرب، بهذا لا يصطدم مع مجالس كنسية بل يعيش معهم أبا لهم، يكرمونه ويطلبون مشورته.
2- الكاهن في صدق محبته لشعبه يشعر أنه واحد منهم يحتاج إلى صلواتهم كما يصلي عنهم، وينتفع بخبرات حتى الأطفال الصغار، فيعيش متفاعلا معهم في غير تعال أو كبرياء.
3- تركز كنيسة الإسكندرية علي حق كل الشعب في اختيار الكاهن.
4- القوانين الكنسية في تأديب الكاهن أكثر صرامة وحزما من تلك الخاصة بالشعب، بسبب خطورة دوره كقائد روحي.
5- لكي يحفظ الكاهن أبوته للشعب في نقاوة بلا شائبة يلزمه ألا يرتبك بعمل سياسي؛ بهذا يمارس أبوته بالنسبة للجميع، ويبقي يحمل فكرا روحيًا خالصًا.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:47 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
دور الشعب الإيجابي

حملت الكنيسة منذ العصر الرسولي نمطين واضحين، هما نمط الرعاة الخدام ونمط الشعب، لكنها عاشت كنيسة متكاملة ومتلاحمة، لا تعرف السلبية في حياة أي عضو من أعضائها. حقا كان للأسقف عمله وأيضا للقس والشماس وكان للشعب أيضا دوره الإيجابي، في عبادته كما في شهادته للمصلوب خلال الكرازة.
1- في دراستنا لسر الأفخارستيا (القداس الإلهي) رأينا الشعب ليس مستمعا في العبادة بل مشاركا وعاملا. فالليتورجيا ليست هي عبادة الكاهن وحده عن الشعب، إنما هي عمل الكنيسة كلها كهنةً وشعبًا من أجل تقديس العالم كله. فإن وقل الشعب مستمعا دون شركة الشكر والتسبيح والصراخ والطلبة تفقد الليتورجية عملها الحق ويكون الشعب قد جهل رسالته أو تنازل عن حقه الإيماني في الشركة المقدسة، أو يكون الكهنة قد اغتصبوا حق الشعب في الشركة فأفسدوا العمل الكنسي الحي.
2- للشعب حق الشركة الإيجابية ليس فقط في كل أنواع العبادة وإنما أيضًا في الكرازة أو الشهادة لإنجيل المسيح المفرح، ففي سفر الأعمال نري الشعب الذي تشتت بسبب الضيقة تاركا أورشليم انطلق يكرز بالكلمة ويشهد للحق (أع8: 4).
3- اهتمت مدرسة الإسكندرية بتشغيل طاقات الشعب لحساب ملكوت الله بالتشجيع المستمر، لهذا كثيرا ما تحدث القديس إكليمندس الإسكندري والعلامة أوريجانوس عن الكهنوت العلماني أو كهنوت الشعب أو الكهنوت العام، فيقول العلامة أوريجانوس [أما تعلم أن الكهنوت قد سلم لكم، أي لكنيسة الله كلها، لجمهور المؤمنين؟ ‍‍إسمع ما يقوله بطرس للمؤمنين: "جنس مختار، وكهنوت ملوكي، أمة مقدسة، شعب اقتناء" (1 بط 2: 9). إذن لكم كهنوت إذ أنتم جنس كهنوتي، لذا يليق بكم تقديم ذبيحة حمد لله (عب 13: 15)، ذبيحة الصلوات، ذبيحة الرحمة، ذبيحة النقاوة، ذبيحة القداسة] (3).. أباء الإسكندرية الذين عاشوا كرجال كنسيين محبين للكهنة كآباء كانوا يسندون كل فئات الشعب للعمل في المسيح يسوع ربنا.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:48 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
دور المرأة كنسيًا


  1. الكنيسة القبطية واللاهوت النسائي

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:49 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الكنيسة القبطية واللاهوت النسائي

يعتبر البعض أن من أهم ملامح اللاهوت المعاصر هو الاتجاه المتزايد نحو "اللاهوت النسائي"، الأمر الذي يتبناه بع اللاهوتيين الغربيين ويتحمس له جدا أصحاب اللاهوت الزنجي... إذ ينادون بمساواة المرأة بالرجل في تمتعها بالكهنوت واستلام القيادة الكنسية جنبا إلي جنب مع الرجل، مع عدم استخدام صيغة المذكر بالنسبة لله الخ.. هذا الاتجاه ليس له موضع في الكنيسة القبطية في مصر.. لماذا؟
أولا: اهتمت الكنيسة المصرية بالمرأة منذ بدء انطلاقها، فضمت مدرسة الإسكندرية اللاهوتية النساء جنبا إلي جنب مع الرجال، حتى اضطر العلامة أوريجن في القرن الثاني أن يخصي نفسه حتى لا يترك مجالا للعثرة.. مما يشير إلي التصاق الكثيرات به طلبا للدراسة أو لتسجيل كلماته. وفي العصر الحديث نجد المعاهد اللاهوتية بمصر علي امتداد القطر تضم عددا من النساء والفتيات ربما أكثر من الشبان والرجال؛ بل ونجد بعضهن يدرسن في هذه المعاهد.
تقدير الكنيسة للمرأة واضح من تكريمها المستمر للقديسة مريم، فتسبحها الكنيسة أعظم من كل الطغمات السمائية حتى السارافيم والشاروبيم الحاملي للعرش الإلهي. وتكرم الكنيسة قديسات كثيرات مثل الشهيدة الأم دولاجي والقديسة رفقة والشهيدة دميانة.. وتطلب الكنيسة كلها من البابا البطريرك والأساقفة والكهنة والشمامسة وكل الشعب صلواتهن عنهم.

ثانيا: الاتجاه النسكي له دوره في الكنيسة المصرية، فالمؤمن كلما التهب قلبه حبًا غالبًا ما لا يطلب الكهنوت ولا الانشغال بالجوانب الاجتماعية والإدارية إنما بالأكثر يتجه نحو الزهد.. لذا يتزايد الميل في مصر نحو الرهبنة والبتولية، الأمر الذي يجد فيه الشاب والشابة طريقا مفتوحا بلا تمييز بينهما.
هذا وإنني على ما أظن أن "اللاهوت النسائي" ظهر في الغرب كثمرة طبيعية للصراع علي السلطة؛ وفي اللاهوت الزنجي كعلامة من علامات الثورة علي الظلم والرغبة في التحرر، إذ يشعر الرجل الأسود إنه يريد الخلاص من نير الرجل الأبيض -كما في جنوب أفريقيا.. هذا الإحساس خلق اتجاها مبالغا فيه ضد كل تنظيم فيحسبونه قيدا، لذا حسبوا أن قصر الكهنوت علي الرجال هو تنظيم غربي وثقافة الرجل الأبيض يريدون التحرر منها (حسب تعبير البعض في مؤتمر اللاهوتيين الأفارقة بالقاهرة سنة 1985).. أما في الكنيسة القبطية فإذ ينظر إلي الكهنوت كذبيحة حب وأبوة وليس سلطة، لا يجد هذا الصراع مجالا فيها.
ثالثا: تقدير الكنيسة الأرثوذكسية للنظام الطبيعي الذي أوجده الله، أعني التمايز الجنسي، إذ خلق الرجل والمرأة يكملان بعضهما البعض. حقا في المسيح يسوع ليس رجل ولا امرأة لأن كل منهما هو عنصر في الجسد الواحد، له ذات الإيمان، وذات البنوة لله، وأيضا ذات المجد الأبدي، لكن يبقي الرجل رجلا له دوره والمرأة امرأة لها دورها. يقول الأسقف كالستوس وير: [أحد أمجاد الطبيعة البشرية أن الرجال والنساء، وهم مساوون، لكنهم لا يحلون محل بعضهم بعض] (1).
لقد أكد أباء الكنيسة -بروح الكتاب المقدس- التساوي بين الرجل والمرأة، وفي نفس الوقت أكد التمايز.
يحاول بعض المدافعين عن "اللاهوت النسائي" ربط سيامة المرأة بتحرير العبيد، قائلين أن الكنيسة التي قامت بدور إيجابي في تحرير العبيد في القرن الثامن عشر يلزمها أن تقوم بذات الدور في الدفاع عن حق المرأة في السيامة. الإجابة علي هذا التمايز بين السادة والعبيد ليس من وضع القانون الإلهي أو الطبيعة، وكما يقول القديس باسيليوس: [ليس إنسان عبدا بالطبيعة] (2)، أما التمايز بين الرجل والمرأة فهو جزء من قانون الطبيعة.
يقول الأسقف كالستوس إنه في عهد السيد المسيح وجدت كاهنات وثنيات، ومع هذا لم يختر السيد امرأة واحدة بين الرسل، إذ يتساءل: [ألعلنا نقرر بأن كلمة الله وحكمته المتجسد كان مخطئا وإننا نحن في أواخر القرن العشرين نفهم الحق أكثر منه؟] (3) لم يعدم السيد المسيح وجود إمرأة يمكن أن تكون بين الرسل، فقد كانت القديسة مريم المثل السامي لا لتقديس جنس النساء بل لتقديس كل جنس البشر، إذ فاقت الكل.
رابعا: في العصر الحديث نجد للمرأة دورها الحي الإيجابي في الكنيسة، نذكر علي سبيل المثال لا الحصر:
1] توجد أمهات رئيسات للدير "تماف" لهن دورا قياديا، تجتذبن الكثيرات للحياة النسكية، ولا أكون مبالغا إن قلت أن بعضهن لهن دورهن في حياة حتى العائلات، حتى صارت بعض الأديرة أشبه بمركز روحي للشعب.
ب] زوجات الكهنة في مصر لهن دورهن في الخدمة. في سوريا يدعي الكاهن "خوريا" وزوجته "خورية"؛ وعند اليونان يسمي الكاهن "برسبيتيروس" أو "باباس" وزوجته "برسبيترا" أو "باباريا"؛ وعند الروس يسمي الكاهن "باتوشكا" أي "أب صغير"، وزوجته "ماتوشكا" أي "أم صغيرة".. هذه الألقاب لزوجة الكاهن في الكنائس الأرثوذكسية تحمل معنى خاص يكشف عن التزامها أو قل حقها في العمل.
ج] تزايد عدد المكرسات ظاهرة واضحة في حياة الكنيسة القبطية المعاصرة.
د] قام قداسة البابا شنودة الثالث بإقامة شماسات في عيد العنصرة سنة 1979م.
هـ] أغلب الأنشطة الاجتماعية الكنسية مثل دور الحضانة وبيوت المسنين ودور الأيتام.. في أيدي النساء.
و] تقوم النساء والشابات بخدمة مدارس التربية الكنسية.
خامسا: نريد أن نؤكد مع Louis Bouyer أن قصر الكهنوت في العهدين القديم والجديد وفي التقليد الكنسي علي الرجال لا يقوم علي التقليل من إمكانيات المرأة أو دورها في الكنيسة، إنما يلزم علي الكل أن يدرك "سر المرأة" ليتعرف علي دورها الجوهري لا مجرد المطالبة بأعمال معينة.
"المرأة" تمثل "الكنيسة" النامية لتبلغ قياس ملء قامة المسيح، دورها حيوي وداخلي.. قادرة علي الولادة والتربية لتقديم أولاد الله كعروس للعريس السماوي تستطيع المرأة بالحب أن تعلن عن كنيسة المسيح.
"الرجل" يمثل "المسيح" الباذل حياته علي الصليب.. لذا لاق به أن ينال الكهنوت ليس للتكريم وإنما للذبح اليومي والبذل لحساب أولاد الله.. في الكنيسة القبطية من يقبل الكهنوت إنما يتقدم صفوف الشهداء ليحنى رقبته بالحب محتملا الموت بفرح.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:50 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الطفل في الكنيسة القبطية

سر قوة الكنيسة القبطية منذ بدء انطلاقها في القرن الأول الميلادي حتى الآن، بالرغم من الظروف القاسية التي عاشت فيها حتى ليبدو بقاؤها أحد المعجزات السبع في العالم كما قال أحد المؤرخين هو اهتمامها بالأطفال ليدركوا حقيقة عضويتهم، ويمارسوا دورًا حيًا وفعالًا فيها.
حقا إن إمكانيات الكنيسة الغربية المادية والفنية لها أثرها الكبير علي اهتمامها بالأطفال مثل إصدار كتب ومجلات للأطفال تتناسب مع كل سن، وابتكار وسائل إيضاح حديثة وألعاب إلخ.. مع دراسات متخصصة في تربية الطفل والصبي والشاب، هذه الأمور التي ربما لا تستطيع كنيسة الشرق بإمكانياتها أن تجاري الغرب، لكن مع هذا يجد الطفل متعته ومكانه في الكنيسة الشرقية، خاصة القبطية أكثر من الغرب، وذلك يرجع للآتي:
1- يتجلي إيمان الكنيسة بدور الطفل وأهميته في تمتعه بالميلاد الثاني خلال المعمودية دون أية شروط للسن، فتتلقفه المعمودية ربما وهو ابن أيام قليلة ليعمل روح الله فيه فيجعل منه ابنًا لله ومسكنا للروح القدس له كل حق العضوية الكنسية.
كثيرا ما نسأل: لماذا يعمد الأطفال وهم بعد لم يدركوا معني الإيمان؟ نجيب علي هذا السؤال، إنه بجانب دعوة السيد المسيح للأطفال: "دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات"، وبجانب شهادة سفر الأعمال إن من كان يعتمد يأتي مع أهل بيته بما فيهم من أطفال، فإن عماد الأطفال تأكيد حق لعضوية الطفل في الكنيسة، التي تقوم لا علي مجرد القبول الإيماني الفكري البحت وإنما علي عمل روح الله القدوس في حياة الإنسان أيا كان عمره! كم من أطفال سبقوا ببساطة إيمانهم الناضجين عمرا!

الطفل القبطي منذ نعومة أظافره يتمتع بسر الأفخارستيا، فيشعر بالكنيسة أما له، تقوته بجسد الرب ودمه، وتقدر خلاص نفسه، وتهتم به.
هذا وتمتع الأطفال بالعماد وسر الميرون وشركة الإفخارستيا علي إيمان أبائهم إنما يؤكد إدراك الكنيسة لدور الأسرة في حياة الطفل. فالأسرة في نظرنا هي كنيسة البيت، كنيسة مقدسة، ملتزمة بتربية الأطفال بفكر إنجيلي وحياة إيمانية، لا خلال الوصايا والتلقين فحسب وإنما خلال الممارسة الحية للإنجيل العملي. فالطفل لا يستطيع أن يدرك أبوة الله دون تذوقه لدفء الحب الأبوي والأمومة الحانية. إن كان الغرب بوجه عام يطالب الآن بعودة احتضان الأم لأطفالها، الأمر الذي لا يستطيع المجتمع مهما قدم أن يعطيه، وبدونه يفقد الطفل الكثير مما قد يحطم شخصيته.. فإن الكنيسة القبطية تعلن هذا عمليًا بتسليم الأطفال في يدي الوالدين أثناء العماد ليتقبلوا مهما الروح الكنسي الحي.
2- اهتمام الكنيسة بالأطفال واضح جدًا خلال فهمها للكهنوت.. ففي الكنيسة القبطيةالكاهن ليس موظفا يمارس عمله حتى يبلغ سن المعاش، ولا هو مجرد واعظ أو مدرس أو باحث لاهوتي.. لكنه أولا وقبل كل شيء هو أب، يشعر بأبوته الطفل الصغير والشاب والرجل الناضج والشيخ الكهل.. أبوة حانية لا يقدر الزمن أن يحطمها. هذه الأبوة تعطي للطفل طمأنينة واكتفاء، خلالها يدرك أبوة الله وأمومة الكنيسة.
إن كان الشباب في العصر الحديث يتجه للإلحاد، فالسبب الرئيسي هو فقدان الكنيسة للأبوة والأمومة وانشغال رجال الدين بأي عمل إداري أو تنظيمي أو حتى وعظي دون تقديم روح الأبوة الحانية في الرب. لذا صارت الحاجة ماسة لعودة الكنيسة في العالم لتقديم هذا الروح للأطفال كما للكبار.
3- في الخدمات الليتورجية، خاصة القداس الإلهي، يشترك الأطفال مع الكبار في الكنيسة القبطية، دون عزلهم في مكان خاص بهم خارج صحن الكنيسة. هذا التصرف يربط الطفل بالعبادة الكنسية، ويشعره بتقدير الكنيسة له، وحقيقة عضويته فيها. فالكنيسة ليست تنظيما مجردا وإنما هي أسرة تضم الكل بالحب في أقدس لحظات العبادة.
4- تمتاز الكنيسة القبطية بألحانها العذبة وطقسها المبهج الذي يسحب قلب الطفل، فلا يمل من العبادة.
5- في القديم كانت توجد مدرسة (كتاب) تلحق بالكنيسة، حتى حينما خيّر الأقباط بين غلق الكنائس أو المدارس (الكتاتيب) فضلوا البقاء علي المدارس حتى لا يفقد أبناؤهم الإيمان. حاليا إذ ضاع هذا النظام لظروف خارجه عن إرادتها تهتم الكنيسة بالتربية الكنسية (مدارس الأحد) كعمل أساسي لها، حتى أقام المثلث الرحمات البابا كيرلس السادس أسقفا خاصا بها، حاليا قداسة البابا شنودة الثالث.
6- يبرز تقدير الكنيسة للطفل وتكريمها له من اهتمامها بأعياد الكثير من الشهداء والقديسين الأطفال والصبيان، وطلب صلواتهم عنا، وبناء كنائس بأسمائهم، مثل عيد استشهاد أطفال بيت لحم، وعيد القديس قرياقوص الطفل وأمه يوليطة، والقديسة الأم دولاجي وأولادها، والقديسة رفقة وأولادها الخ..
يروي لنا التاريخ الكنسي عن رُضّع لا يستطيعون الكلام عندما وقفت أمهاتهم أمام ولاة أو قضاة للمحاكمة من أجل اسم السيد المسيح انفتح لسان الطفل الرضيع ليوبخ الوالي أو القاضي شاهدا للاهوت السيد المسيح وعمله الخلاصي بطريقة معجزية هؤلاء لم ينالوا البنوة خلال المعمودية وإنما صاروا أيضا شهداء يحتلون المراكز الأولي في السماء عينها!
أخيرا يمكننا القول بأن حياة الكنيسة تتجلى بقوة في أطفالها وشبابها ليمارسوا حقهم في العضوية الكنسية خلال نعمة الله التي لا تعتمد علي سن معين أو مجرد خبرات أو قدرات بشرية.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:50 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الحركة المسكونية في الكنيسة القبطية الأولي


  1. حياة مسكونية
  2. الكنيسة القبطية في الخارج

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:52 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
حياة مسكونية

"الحركة المسكونية" تمثل قسما هاما في أغلب التنظيمات الكنسية، فإنه وإن اختلف الأهداف لكن كل كنيسة في أعماقها تتوق للوحدة الكنيسة علي مستوي مسكوني.. وإن كان أيضا مفهوم الوحدة يختلف من كنيسة إلي أخري. أما بالنسبة لكنيسة الإسكندرية الأولي فلم تكن "المسكونية" حركة تنظيمية أو خطة في ذهن القادة لكي يبرز دور الكنيسة المصرية القيادي سواء في اللاهوتيات أو النسكيات، إنما كانت "المسكونية" فكرا طبيعيا وحياة معاشة. كانت الكنيسة في مصر كعروس للمسيح لا تطلب مجدا زمنيا بضم كنائس إلي تبعيتها ولا بعمل اتحاد من أجل السلطة إنما بالحب الروحي الخلاصي تخدم كل نفس وتطلب خلاص كل إنسان أيا كانت جنسيته وأيا كان بلده. بهذا تفاعلت بالحب مع العالم الخارجي، وكان لها مكانتها في قلوب الكثيرين.
وقد نبت "الفكر المسكوني" في كنيسة الإسكندرية نتيجة الآتي:
أولا: العمل الكرازي

عرف الأقباط الأولون بشوقهم الملتهب نحو الشهادة للسيد المسيح، سواء كانوا كهنة أو رهبانا أو من الشعب أو من مدرسي مدرسة الإسكندرية. ففي الجيش الروماني وجد ضباط أقباط وجند كانوا يشهدون لمسيحهم وسط إخوانهم الوثنيين، سواء في مصر أو خارجها، وقد دفع الكثيرون منهم حياتهم ثمنا لهذه الشهادة. وقام التجار والبحارة القبط بنفس الدور خلال تنقلاتهم.. ويظهر أثر دلك واضحا في نقل الكثير من الثقافة القبطية والفنون القبطية إلي ربوع أوروبا.

في سوريا وصلت كتيبة طيبية عام 285 م تحت قيادة القديس مورتيوس من صعيد مصر، وقد استشهد هناك، ولا يزال تمثاله قائما في الميدان العام لمدينة سان مورتيز، كما استشهدت معه كل الكتيبة. تبعته أخته فارينا التي قدمت إلي سويسرا واستشهدت هناك. أما أصدقاؤه الثلاثة؛ القائد فيلكس وأخته لاجيولا وثالث يدعي اكسيوبيرانتوس فقد اختفوا وذهبوا إلي بحيرة زيورخ ليبشروا الكثيرين، ولما سمع الوالي بأمرهم قطع رؤوسهم. يرسم هؤلاء الشهداء برؤوسهم المقطوعة والموضوعة علي أياديهم علي درع مدينة زيورخ.
حدثت قصة مشابهة مع بعض الاختلاف في مدينة، بطلها القديس بقطر (فيكتور) نقلت رفاته إلي جنيف في القرن الخامس.
دخلت المسيحية إلي الجزر البريطانية علي حدود أوروبا بواسطة إرساليات قبطية قبل مجيء (القديس) أغسطينوس أسقف كنتربري سنة 597 م بوقت طويل (1).
أما عن دور الكنيسة القبطية الأولي في الكرازة بأفريقيا فقد قبلت إثيوبيا الكرازة خلال خدمة الإسكندرية، وأيضا النوبة والسودان.. الآثار الحديثة في النوبة تكشف عن مدي ارتباط النوبة بأقباط مصر روحيا وثقافيا وفنيا.
ثانيا: الجانب التعليمي

إنشاء مدرسة الإسكندرية علي يدي مارمرقس الرسول، وقد بلغت شهرتها إلى العالم المسيحي كله في القرن الثاني خاصة علي أيدي أساتذتها بنتينوس وأثيناغوراس وإكليمندس وأوريجن جذب قيادات كنسية من الشرق والغرب لتتلمذ علي أيدي اللاهوتيين الأقباط.. بهذا انتشر الفكر الإسكندري في العالم.
هذا ومن جانب آخر كان قادة المدرسة أيضا يتحركون نحو الخارج بروح مسكوني، فزار القديس إكليمندس ايطاليا واليونان وفي أثناء الاضطهاد لجأ إلي فلسطين وسوريا وكان له دوره التعليمي، أما أوريجانوس فزار روما في أثناء أسقفية زفيرينوس ونقل إليها فكر اللاهوت الإسكندري، كما زار بلاد الغرب بدعوة من حاكم البلاد، وتكررت زيارته لها، وزار انطاكيا كطلب ماميا والدة الإمبراطور، وذهب إلي اليونان، وأقام مدرسته فيما بعد في فلسطين. وقام بنتينوس بعمل تعليمي كرازي في الهند وأسيا.
ثالثا: الجانب الدفاعي

دراسة المجامع المسكونية الثلاثة [نيقية سنة 325م، القسطنطينية سنة 381م، أفسس سنة 431م] تكشف عن الدور الحقيقي لكنيسة الإسكندرية في الدفاع عن الإيمان بروح مسكوني.. فإنه كان يكفي الإشارة إلي ذكر قادتها مثل البابا أثناسيوس الرسولى والبابا كيرلس الكبير لتأكيد أرثوذكسية أية عقيدة إيمانية وصدقها لاهوتيا.
رابعا: نشر الفكر الرهباني

في كتابنا "الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة نسك" الذي نشرناه هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت رأينا الدور القيادي للكنيسة القبطية في نشر الحياة الرهبانية بكل نظمها [التوحد - الجماعات - الشركة] في أرجاء العالم المسيحي، ذلك خلال:
1- نشر سير بعض قادة النساك المصريين مثل حياة القديس أنبا أنطونيوس بقلم القديس أثناسيوس.
2- الرحالة الشرقيون والغربيون الذين جاءوا وعاشوا وسط رهبان مصر مثل القديسين يوحنا كاسيان، جيروم، مانيلا الكبرى.
3- تتلمذ بعض القيادات الرهبانية الأجنبية علي أيدي نساك مصريين مثل القديس أوجين.
4- نشر الكتابات النسكية المصرية مثل "الأبوفثجماتا".
5- نقل الأنظمة الرهبانية المصرية إلي الخارج خلال ترجمتها وتبنيها كما فعل بندكت أب الرهبنة الغربية.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:54 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الكنيسة القبطية في الخارج

أحد المظاهر الرئيسية للمجتمع المصري بوجه عام، والأقباط علي وجه الخصوص هو انسحاب أعداد كبيرة إلي الخارج للهجرة أو للعمل.. وقد شعرت الدولة في مصر بأهمية هؤلاء المصريين وقدراتهم وإمكانياتهم، فأقامت وزارة خاصة بالهجرة بغية توطيد العلاقة بينهم -خاصة المهاجرين- وبلدهم. أما بالنسبة للأقباط وهم يمثلون الغالبية العظمى للمهاجرين المصريين في أمريكا وكندا واستراليا، قد بذل المتنيح البابا كيرلس السادس مجهودًا كبيرًا في رعايتهم، وجاء قداسة البابا شنودة الثالث يقدم الكثير لخدمة الأقباط المهاجرين وقد أراد أن تبقي كنائسنا في المهجر تحت رعايته شخصيا، ببذل الجهد الكثير لمساندتهم روحيًا، مدركا أهمية دور هذه الكنائس في الكرازة والشهادة للفكر الإيماني الأرثوذكسي.
لست أريد أن أعدد كنائسنا في الخارج، لكنه مع كثرتها في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا وأوروبا والدول العربية وأفريقيا.. لا يزال الكل يشعر بالحاجة الملحة لإقامة كنائس جديدة ترعي الأقباط في الخارج، فإن طاقة المباني الكنسية والرعاة تعتبر أقل بكثير من احتياجات الشعب، وذلك للسرعة غير المتوقعة لحركة الهجرة التي لا تزال مستمرة.
كان من تدبير الله لي أنه سمح لي بالخدمة في لوس أنجلوس سنة 1970، ونيويورك 1972، وملبورن 1975، وأتاوا 1986.. وكنت أود أن أكتب عن "الكنيسة بالخارج" في كتاب مستقل ويعالج كل احتياجاتها.. لكنني أكتفي الآن بعرض بسيط، لا لاستعراض ما قدمته الكنيسة في الخارج ونشاطاتها، وإنما لدراسة احتياجاتها بنظرة مستقبلية.
ليت روح الله القدوس يعطي لكل قلب من إخوتنا وأولادنا في الخارج للعمل علي بنيان الهيكل الروحي الحي العميق حتى تشب أجيال جديدة تمثل ذات الروح الأرثوذكسي بقلب ملتهب قادر علي الشهادة للإيمان المستقيم بحياة إنجيلية صادقة وفكر آبائي كنسي.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:55 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
غاية كنيستنا في الخارج

يليق بنا ونحن في بدء عهدنا بالهجرة أن ندرس وننتفع بخبرة الكنائس الأخرى التي سبقتنا في هذا المضمار، خاصة الكنائس الأرثوذكسية مثل الكنيسة الروسية في أمريكا واليونانية والأرمنية والسريانية.. ننتفع بالجوانب الطيبة المقدسة وأيضا بنقط الضعف التي تعرضوا لها.
هذا ويليق بنا بين الحين والآخر أن تقام حلقات دراسية من الكهنة والخدام والعلمانيين خاصة الشباب لمراجعة دور الكنيسة القبطية في الخارج حتى لا يحدث انحراف أو تجاهل لجانب علي حساب الآخر.
يمكننا حصر دور الكنيسة الرئيسي في الشهادة لعريسها بإيمانها الأرثوذكسي الحي، وحياتها الإنجيلية التقوية، وحملها صليب عريسها بفرح، لتكون رسالة المسيح المقروءة من جميع الناس والإنجيل العملي الشاهد للحق.
خلال هذا الهدف يمكننا تأكيد النقاط التالية:


1 - ليس غاية كنائسنا المباراة في إنشاء كاتدرائيات ضخمة.. فالغرب يضم كاتدرائيات لا تقدر بثمن.. وإنما الاهتمام بالنفوس، الحجارة الحية، التي بها يبنى هيكل الرب. كل نفس -لشيخ أو طفل- ثمينة للغاية في عيني الكنيسة الأم، للأسف ما أسهل أن تنفق مئات الألوف من الدولارات وربما الملايين علي المباني الكنسية وملحقاتها بينما الحاجة الآن إلي البناء الفكري الجاد، خاصة بالنسبة للشباب والأطفال.
2- نحن في حاجة إلي حركة ترجمة سريعة لكل تراثنا القبطي المسيحي إلي اللغات الأوروبية بأسلوب حديث وطباعة لائقة.. مع دراسة وعرض وتحليل أيضا. كما نحتاج إلى الكتابة إلي أبنائنا بالمهجر بفكر أرثوذكسي مع ثقافة تناسبهم، حتى لا يشعروا بالتمزيق والصراع بين حياة يعيشونها وتقاليد يسمعون عنها! بمعني آخر ليتنا نقدم تقاليدنا لا كقطع أثرية قديمة ثمينة، وإنما كخبرة حياة معاشة يمكن التمتع بها وتذوقها.
3- معالجة اختلاف الثقافات والفكر والمدارس في المهجر.. يلزم تأكيد أن اختلافات الثقافات يغني ويروي وليس يحطم ويمزق. فالقبطي بحياته في بلد غربي يحمل من الغرب ما لبنيانه ويمارس ما للشرق ما لشبعه الداخلي؛ يعيش في الغرب ويمارس روحانية الشرق دون تعارض أو صراع.
4- دراسة المشكلات التي تواجه الشباب خاصة ما يراه الأقباط كنوع من الإباحية، مثل مشكلة الصداقات المشتركة وحفلات الرقص، الخ.. هنا يلزم دراسة هذه الأمور بحكمة، فقد رأينا بعض الأطفال نتيجة ضغط الوالدين بطريقة غير حكيمة أن يقولوا "نحن لسنا مصريين".. وكأن كل ما فعله الآباء هو بث روح الكراهية للتقاليد المصرية عند أطفالهم. إننا في حاجة إلي تأكيد شخصية أطفالنا وشبابنا ليدركوا أنهم قبل أن يكونوا هكذا أو غير ذلك فهم مسيحيون، يلزمهم أن يمارسوا مسيحيتهم أينما وجدوا، بروح البذل والطهارة في كامل حريتهم.
5-الحاجة إلى دراسة الزوجات الأجنبيات.. فإن تجاهلهن، بممارسة العبادة بغير لغة البلد ينفرهن من الكنيسة، ولا يمكن لهن أن يربين أولادهن في حضن الكنيسة، مع أن بعض هؤلاء الأجنبيات بحبهن العميق للكنيسة يستطعن الشهادة للحياة الأرثوذكسية.
6- نشأ في بعض البلاد صراع بين الأقباط بخصوص لغة العبادة، الأمر الذي لا أريد الخوض فيه، إنما أريد توضيح النقاط التالية:
أ] إن كل شاب نفقده بسبب عدم اشتراكه في العبادة الكنسية إنما نفقده نهائيا هو ونسله من بعده.. فالكنيسة يجب أن تحرض علي كل طفل وشاب ليحمل شهادة معه.
ب] لا يستطيع الشاب أن يشترك في عبادة لا يفهم لغتها.
ج] حسن أن نعلم أولادنا اللغة القبطيّة وأيضا العربية.. ليكن هذا في دروس مستقلة لكن ليس علي حساب شركتهم فكريا وروحيا في العبادة.
د] إن كان بعض الكبار في السن يشعرون بضيق للصلاة بالإنجليزية، فهذا أحد ثمار هجرته التي قبلها بمحض إرادته.. لست أظن أنه يطلب أن يتمتع بالعبادة بلغته التي يفهمها علي حساب خلاص أولاده.. لذا يليق بنا نحن الذين تدربنا علي الصلاة بلغة عربية أن نقبل بفرح من أجل أولادنا الصلاة بالانجليزية.
هـ] لتكن لنا نظرة واسعة مستقبلية، فإنه إن كان الجيل الحاضر يقبل الشركة في العبادة بغير اللغة التي يمارسها وذلك تحت الضغط فيستحيل أن يقبل الجيل المقبل ذلك. لذا وجب علي الكنيسة التي تنظر إلي المستقبل البعيد أن تسرع بخطواتها نحو كسب هذه الأجيال.
7- أود أن أختم حديثي أن كنيسة المهجر بإبراز ضرورة الشهادة للحياة الكنسية المتكاملة، فقد اهتمت بعض الكنائس بممارسة الطقس لكن دون تقديم كلمة الله الحية، فالإنجيل هو صلب أرثوذكسيتنا، وكلمة الله يلزم ألا تفارقنا.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:56 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الأقباط والثقافة

عرف الفراعنة بميلهم الشديد للتدين وحبهم للحياة الأخرى، وإن كانوا لم يدركوا حقيقتها، ومع هذه الروح نبغوا في العلم فقاموا بأعمال فنية لا تزال تحمل أسرار لم يدركها العلم الحديث بعد. بهذا أمن المصريون بأهمية الحياة التقوية جنبا إلي جنب مع إضرام المواهب والترقي في كل جوانب العلم والمعرفة. ظهر أثر هذا بوضوح في مدرسة الإسكندرية المسيحية فقد كانت مدرسة "دائرة معارف" تقوم بتدريس المواد العلمانية -إن صح التعبير- مع دراسة الكتاب المقدس.
لقد قبل الأقباط الإيمان المسيحي الذي يقدس كل ما هو بشري وينميه، لذا برز الأقباط في الموسيقي والأيقونات والمعمار والمنسوجات وفي الأدب والفلك، وكان لأعمالهم الثقافية والفنية أثرها في العالم.. الأمر الذي يحتاج إلى الكتابة بشيء من التفصيل في بحث مستقل.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:57 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الموسيقي القبطية

تعتبر الموسيقي وأيضا الرسم من أقدم الوسائل كلغة للعبادة، يقودان الإنسان إلى جو سماوي ويسنداه في تبعيته لله. وقد ورث الأقباط عن أسلافهم الفراعنة أقدم تقليد للموسيقي.
يقول الدكتور راغب مفتاح، وهو قبطي ثري كرس حياته وممتلكاته لتسجيل الموسيقي القبطية: [يؤكد البحث العلمي أن موسيقى الكنيسة القبطية هي أقدم موسيقي كنسية موجودة، وهي تشكل أقدم مدرسة موسيقي في العالم حاليا، لقد حفظت الكنيسة القبطية ميراثا أثريا لا يقدر بثمن من جهة الموسيقي الكنسية، وذلك بحكم طبيعتها المحافظة التي ورثتها عن العصور القديمة] (1).
كتب الدكتور، عالم المصريات: [يوجد مفتاح سر الموسيقي الفرعونية في طابع حسن في الموسيقي القبطية الكنسية المستخدمة في أيامنا هذه].
عالم الموسيقي الإنجليزي، ايرنست نيولاند سمث، بجامعات أكسفورد ولندن، الذي قضي فترات الشتاء في مصر (ما بين سنتي 1927، 1936) بناء علي دعوة من الدكتور مفتاح، لكي يضع الموسيقي في "نوته"، يقول:

[الموسيقي القبطية موسيقي عظيمة، يمكن القول إنها إحدى عجائب العالم السبع، وبالحق لو أن "خورسا" مملوء بروح الله يترنم ببعض النغم القبطي في ملحمة دينية عظيمة لكان ذلك كافيا أن يلهب العالم المسيحي (روحانية)].
[هذه الموسيقي التي سلمت من قرون غير معروفة في الكنيسة القبطية، هي جسر بين الشرق والغرب، إذ تطع أسلوبا جديدا في أيدي الموسيقيين الغربيين. إنها فن رفيع، لطيف، وعظيم، خاصة من جهة عنصر اللانهائية الذي نفتقر إليه اليوم].
[الموسيقي الغربية تجد أصلها في مصر القديمة] (2).
سماتها

1- في عام 1971، في يوم الجمعة العظيمة، دهش أحد الرعاة الغربيين بكوينز (نيويورك) كيف يمارس الأقباط عبادتهم في ذلك اليوم من السابعة صباحا حتى الغروب ويعودوا مرة أخري في الساعة الحادية عشر مساء ليستمروا في العبادة حتى الصباح، لكنه إذ حضر الخدمة أدرك ما لعبادتنا -بألحانها" الحزايني"- من قدرة علي تقديم راحة للنفس. في مصر غالبية الأطفال يشتركون في هذه الخدمة طوال اليوم بفرح. حقا إن ألحاننا "الحزايني" الخاصة بأسبوع الآلام، الجمعة العظيمة، والجنازات تعتبر أقدم وأسمي الموسيقي لدينا. يقول الدكتور مفتاح [لا توجد أي موسيقي كلاسيكية يمكن أن تقارن بالموسيقي "الحزايني" للكنيسة القبطية، ولا بفاعليتها الهائلة علي النفس البشرية والمشاعر التي تثيرها فيها].
2- أقدم موسيقي قبطية كانت صوتية تماما، حتى أدخل فيما بعد "الدف" و"المثلث" في العصور الوسطي (3).
هذا المنهج الموسيقي أخذه الأقباط عن أسلافهم الفراعنة، إذ يقول ديمتريوس المسئول عن مكتبة الإسكندرية سنة 297 ق.م. (ديميتريوس الفاليري) بأن كهنة مصر اعتادوا أن يترنموا بالتسابيح في الاحتفالات الخاصة بتكريم آلهتهم مستخدمين السبعة حروف الحركية اليونانية، مقدمين صوتا جميلا رائعا دون استخدام مزمار أو قيثارة (4).
يقول فيلون الفيلسوف الإسكندري الذي عاش في القرن الأول الميلادي، أن مسيحي زمانه تبنوا بعض تسابيح مصر القديمة في عبادتهم.
3- في اللتورجيا القبطية لا يقف الشعب مستمعا بل يشارك فيها، لأن الليتورجيا هي خدمة إلهية تقدمها الكنيسة كلها. هذا الاتجاه يمثل فرصة للشعر أن يستخدم الموسيقي أو يسبح. فالكاهن هو قائد التسبيح مع "خورس" الشمامسة، بينما يقوم الشعب بدور حيوي متجاوبا معهم، وذلك علي خلاف التقليدين اليوناني والروماني.
4- بعض النغمات القبطية تحمل أسماء مدن قديمة؛ مثل "سنغاري" وهي مدينة في شمال الدلتا عرفت في أيام رمسيس الثاني؛ "أدريبي"، وهي مدينة وجدت قبلا في صعيد مصر.
5- قدم الدكتور مفتاح تجربة قام بها مع خورسه بمعهد الدراسات القبطية في مصر، حيث سبحوا ألحانا "حزايني" في الهيكل الداخلي لمعبد حورس العظيم بإدفوا في الموضع المخصص لرئيس الكهنة. سمع اللحن بطريقة واضحة حتى في الفناء الخارجي للمعبد والذي كان مخصصا للشعب، وكان الصوت موزعًا بالتساوي من جهة كثافة النغم أو درجاته، وذلك خلال المعبد كله. يقول الدكتور مفتاح [حقا كانت معجزة من جهة توزيع الصوت، تستحق دراستها بطريقة جادة].
أخيرا، فأن الكنيسة القبطية تحمل تناغمًا وتوافقًا بين الموسيقي والمباني والطقوس إلخ.. فهي تقدس بالروح القدس الثقافة الإنسانية لأجل نجاحنا الروحي.


الساعة الآن 07:02 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025