![]() |
وادي البكاء https://files.arabchurch.com/upload/i.../360225515.jpg طوبى لأُناس عزهم بِكَ، طرق بيتك في قلوبهم. عابرين في وادي البكاء، يُصيِّرونه ينبوعًا. أيضًا ببركات يغطون مورة ( مز 84: 5 ، 6) قيل إن وادي البكاء طريق موصِّل إلى أورشليم ولم يكن فيه آبار، فهو ناشف بلا ماء، وكان الشعب يصعد إلى أورشليم في هذا الطريق مترنمًا ترنيمات المصاعد (مز120- 134). ومن الطبيعي أن الذي يسير على الأقدام، يبذل جهدًا ويحتاج إلى الماء ليعوِّض ما فُقد من الجسم. لكن الشعب كان يعبر هذا الطريق وأصوات الترنيم تعلو معبرة عن الفرح والسرور، لأنهم سيصعدون إلى أورشليم، وهناك يُرون قدام الله في صهيون ( مز 84: 7 ). وسرور الشعب لهذا الغرض جعله يرتقي فوق صعوبة وادي البكاء الذي بلا ماء، بل يصيِّرونه ينبوعًا. عزيزي .. وأنت تعبر وادي البكاء، وادي الألم وأنت تحت تجربة معينة أجازك الله فيها، لا تنسى أن الرب هو غرضك وهدفك. إن التجربة موجودة وربما تشعر أنها ثقيلة، وتقول مع أيوب: «ليت كربي وُزن، ومصيبتي رُفعت في الموازين جميعها، لأنها الآن أثقل من رمل البحر، من أجل ذلك لَغَا كلامي» ( أي 6: 2 ، 3). لا يا عزيزي، إنه لا تُصيبنا تجربة إلا بشرية، فالله لا يُجرِّب فوق الطاقة البشرية «ولكن الله أمين، الذي لا يَدَعنا نُجرَّب فوق ما نستطيع، بل يجعل مع التجربة المنفذ لنستطيع أن نحتمل» ( 1كو 10: 13 ). واسمع أيوب الذي نطق بهذه الكلمات، في نهاية اختباره يقول: «بسمع الأُذن قد سمعت عنك، والآن رأتك عيني» ( أي 42: 5 ). ربما سمعت عن الرب الكثير، وهذا جميل، لكن ما أجمل أن تراه، حتى ولو في الألم. عزيزي المتألم: تعال نحسبها مع رجل الحسابات المضبوطة: بولس الرسول، على الرغم من أنه تألم كثيرًا، وأُعطي شوكة في الجسد ( 2كو 12: 7 )، لكن اسمعه يقول: «فإني أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلَن فينا» ( رو 8: 18 ). وأيضًا اعتبرها ليست ثقيلة، بل قال عنها «خِفة ضيقتنا»، واعتبرها ليست دائمة، بل وقتية، ولكنها تُنشئ لنا أكثر فأكثر ثِقَل مجدٍ أبديًا ( 2كو 4: 17 ). فهيا بنا نفرح ونحن واقعون في التجربة ( يع 1: 2 ). ليس نفرح فقط، بل نبتهج بفرحٍ لا يُنطق به ومجيدٍ ( 1بط 1: 6 ). وأخيرًا تشدد واحتمل التجربة لأنه مكتوب «طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة، لأنه إذا تزكَّى ينال إكليل الحياة الذي وعدَ به الرب للذين يحبونه» (يع1). |
كَرِهَ أم أحب؟ https://files.arabchurch.com/upload/i.../711753872.jpg فكرهت الحياة، لأنه رديء عندي، العمل الذي عُمل تحت الشمس، لأن الكل باطل وقبض الريح ( جا 2: 17 ) يبدأ سفر الجامعة، الذي يُقتبس منه تلك الكلمات بالتوقيع، ثم يتبعه التقرير، ويُختم بالنتيجة والتفقيط، وما بين التوقيع والتقرير في البداية، والنتيجة والتفقيط في النهاية، نجد تفنيدًا كتبه الجامعة بالوحي، لمظاهر صور الحياة المختلفة، سواء كانت عيّنات عشوائية متجانسة، يعيشها الكل، دون استثناء ( جا 1: 3 - 11)، أو كانت تخص مظاهر التَرَف واللَّذات كما عاشها هو ( جا 2: 1 - 11) أو كالتي يعيشها المنكوبون ( جا 4: 1 - 3). وعندما أقول إن السفر يبدأ بالتوقيع، فلقد قصد الجامعة به في البداية، أن يُبرز لنا أن خُلاصة التجارب هذه، لم تُكتب من طائشٍ أرعن، بل من «ابن داود الملك» ( جا 1: 1 ) وأما الخُلاصة فهي: «باطل الأباطيل.. باطل الأباطيل، الكل باطل» ( جا 1: 2 )، وأما عن التفقيط، فأقصد به، أن كل مَن يعطي تقريرًا، أو تقديرًا لعمل أو مجهود، إن كتبه بالأرقام، يعود فيكتبه بالأحرف، ولكي لا يزيد عليه أحدٌ شيئًا، يكتب إلى جانبه: فقط لا غير، وهذا ما فعله الجامعة، وقَّع، أدلى بالخُلاصة، ثم فنَّدها، ثم فقَّط النتيجة، أقصد أنه في النهاية كتبها: «فلنسمع ختام الأمر كله: اتقِ الله، واحفظ وصاياه»، فقط لا غير ( جا 12: 13 ). وكثيرًا ما نتساءل هل ما سجله لنا الجامعة في سفره هو صحيح؟ أقول لك: صحيح جدًا، ولكنه ناقص، بمعنى أن البُطلان والخواء حقًا هما واقع الحياة، وهذا صحيح، لأن الجامعة يكتب بالوحي، ولكنه ينقصه شيءٌ هام جدًا، وهو نور إعلان العهد الجديد: أن المسيح هو جوهر الحياة، الذي ما أن نجعله موضوع حياتنا الوحيد، إلا وتأخذ الحياة قلبًا نابضًا، بل وثوبًا برَّاقًا. إن مَن ”كَرِهَ الحياة“ هو الملك، الذي لم يجرِّب إلاّ حياة القصور، ولكن أستلفت نظرك، أن بطرس الصياد، الذي جرَّب السجن بحرَّاسه وكثرة مغاليقه، والذي كتب للمتغربين المُشتَّتين، هو الذي علَّمنا بالوحي، أن نحب الحياة: «لأن مَنْ أراد أن يحب الحياة، ويرى أيامًا صالحة» ( 1بط 3: 10 ). قارئي، أَ تحب الحياة، أم تكرهها؟ لتَعِش الحياة كما توّد، بدون المسيح، فيقينًا ستكرهها. وهذا تقرير الوحي، ولكن إن كانت ”لك الحياة هي المسيح“، فيقينًا ستحبها وهذا هو تقرير الوحي، ونور الإعلان. |
بنات صلفحاد https://files.arabchurch.com/upload/i...1310891951.jpg بنات كثيرات عملن فضلاً ( أم 31: 29 ) في سفر العدد حيث تبرز فكرة الشهادة للرب في البرية، وحيث نرى من الجانب الواحد فشل اليهود، ومن الجانب الآخر أمانة الله الذي لا يترك نفسه «بلا شاهد» ( أع 14: 17 ). تلمع أمامنا بنات صلفحاد؛ الأب الذي مات قبل امتلاك الأرض ولم يكن له ابن ذكر. إلا أن بناته الخمس أظهرن فضيلة وتقديرًا للميراث الإلهي سطع بوضوح عند التعداد الثاني للشعب، وقُرب ختام رحلة البرية، عند سهول موآب ( عد 26: 33 ؛ 27: 1- 11). ويمكننا أن نرى في أولئك الفتيات الخمس، خمسة أمور جميلة: (1) الإقدام: «فتقدمت بنات صلفحاد..» ( عد 27: 1 ). فمطلوب أن نقدم في إيماننا، أول ما نقدم «فضيلة (أي شجاعة أدبية)» ( 2بط 1: 5 ). ومن الرائع أن ترتبط هذه الشجاعة بالتقدم الروحي صوب التمتع بالميراث الإلهي المقسوم لنا. (2) الثبات «ووقفن أمام موسى وألعازار الكاهن وأمام الرؤساء وكل الجماعة لدى باب خيمة الاجتماع» (ع2). يا له من ثبات أمام قادة عِظام وشيوخ كبار في موقف صعب، يذكِّرنا بأخريات فُضليات كن واقفات بنفس الثبات في موقف أصعب في يومٍ تالٍ «عند صليب يسوع» (انظر يوحنا19: 25). (3) الكلام: «قائلات». كلامًا مختصرًا جدًا عبَّر عن أربع حقائق هامة، وهي أن أباهم قد مات في البرية، ليس تحت تأديب الرب، بل بخطيته مات، ولم يكن له بنون. وكان كلامهن قليل ولكن حكيم. فخرجت الكلمات مستحقة شهادة الرب الغالية عنها «بحق تكلمت بنات صلفحاد» (ع7). (4) السؤال: «لماذا يُحذف اسم أبينا من بين عشيرته لأنه ليس له ابن؟» (ع4). وهو سؤال المفكرين اليقظين، لا الغافلين المُهملين للبركة. من أكثر الأمور المشجعة أن نجد أحداثًا في الإيمان يسألون في المجال الروحي ليزدادوا فهمًا في كلمة الله، وعُمقًا في إدراك مشيئته. (5) الطلب: «أعطِنا مُلكًا بين إخوة أبينا» (ع4). ويا لها من طِلبة يقدّرها الرب جدًا: أن نطلب التمتع العملي بما قد وهبنا إياه بالنعمة «الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح» ( أف 1: 3 ). قديمًا سُئل واحد هذا السؤال الفاحص: «ماذا طالبٌ أنت؟» ( نح 2: 4 ). تُرى ماذا ستكون إجابتنا نحن اليوم؟ |
الطيور والزنابق https://files.arabchurch.com/upload/i...1062830991.jpg لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون، ولا لأجسادكم بما تلبسون .. انظروا إلى طيور السماء ... تأملوا زنابق الحقل ( مت 6: 25 - 28) لقد قال الرب: «انظروا إلى طيور السماء» ( مت 6: 26 )، كما قال أيضًا «تأملوا زنابق الحقل» (ع28). فكأن المعلم العظيم هنا يصحبنا معه إلى رحلة خلوية، ويأخذ أفكارنا كيما نتعلم من خليقته دروسًا عظيمة. أَ لم يَقُل الرسول مرة «الطبيعة نفسها تعلِّمكم» ( 1كو 11: 14 )؟ ها هو رب بولس، معلّمنا المجيد وسيدنا العظيم يدعونا لكي ننظر إلى الطيور، ونتأمل الزنابق في الحقول. لنا إذًا درس من عالم الحيوانات ودرس آخر من عالم النباتات. وإن كان الخالق العظيم يعتني بكل المملكة الحيوانية والمملكة النباتية (انظر مثلاً مزمور104)، وإن كان الله هو الذي يُحيي الكل ( 1تي 6: 13 )، لكن ربنا يسوع هنا يوجه أنظارنا بصفة خاصة إلى الطيور (العصافير) وإلى الزنابق. الأولى مجالها الجو والسماء، والثانية مجالها الحقل والأرض. ثم إن الأولى هي أقل الطيور أهمية، والثانية تُعتبر من أقل النباتات حجمًا. وطيور السماء بخلاف كثير من المخلوقات الأخرى لا يهتم الإنسان قط بإطعامها، بل على العكس قد يفكر في اصطيادها وأكلها. وكذلك الزنابق هنا؛ إنها زنابق الحقول أو بالحري زنابق البراري، تلك التي لا يعتني بها أحد وربما لا يراها أحد من وقت أن تنبت حتى تموت. بالنسبة للطيور هي لا تزرع ولا تحصد ولا إلى مخازن تجمع، كما يفعل الرجال عادةً في الحقل. أما بالنسبة للزنابق فهي لا تتعب ولا تغزل كما كانت تفعل النساء في ذلك الوقت، في البيت ( أم 31: 19 ، 22، 24). أما الدرس الذي نتعلمه من الطيور فهو عدم الاهتمام بما نأكل ونشرب، والدرس الذي نتعلمه من الزنابق هو عدم الاهتمام بالكساء والملبس. كأن الرب هنا يقول لتلاميذه: ارفعوا الأعين إلى فوق ترون الطيور، أو اخفضوها إلى أسفل ترون زنابق الأودية؛ هذه وتلك تحدثنا عن اهتمام الله العجيب بخليقته |
ماذا أتعلم من الكتاب؟ https://files.arabchurch.com/upload/i.../275544334.jpg ناموس الرب كامل يرُّد النفس. شهادات الرب صادقة تُصيِّر الجاهل حكيمًا ( مز 19: 7 ) إنني أتعلَّم من الكتاب المقدس أنه يوجد إله واحد حي، أعلن ذاته لنا بالتمام في المسيح، وعرفناه كالآب والابن والروح القدس في وحدانية اللاهوت؛ ولكن كل أقنوم من الأقانيم الثلاثة مُعلَن في الكتاب متميزًا بذاته: يريد، ويعمل، ويرسل، ويأتي، ويقسِّم أي يوزع، وغير ذلك من الأعمال؛ أقانيم ثلاثة في إله واحد، ثالوث في وحدانية. وأتعلم أن الله هو خالق كل الأشياء، لكن عملية الخلْق منسوبة شخصيًا للكلمة أي الابن، وإلى فعل روح الله. وأتعلَّم أن الكلمة الذي كان عند الله وكان هو الله، صار جسدًا وحلَّ بيننا، فإن الآب قد أرسل الابن مخلِّصًا للعالم، وأن الكلمة، باعتباره المسيح، وُلد من مريم العذراء بحلول الروح القدس عليها، إنسانًا حقيقيًا، بلا خطية، حلَّ فيه كل ملء اللاهوت جسديًا؛ وهو نسل داود الموعود به حسب الجسد؛ هو ابن الإنسان، وابن الله؛ أقنوم مبارك، الله وإنسان، الإنسان يسوع المسيح، الممسوح، يهوه المخلِّص، وأنه مات من أجل خطايانا حسب الكتب «أُظهر مرة عند انقضاء الدهور ليُبطل الخطية بذبيحة نفسه»، وأنه حمل خطايانا في جسده على الخشبة، متألمًا من أجل الخطايا، البار من أجل الأثمة، لكي يُقربنا إلى الله؛ وأنه أُقيم من بين الأموات، مُقامًا من الله، ومن تلقاء نفسه، بمجد الآب، وصعد إلى الأعالي، وجلس عن يمين الله. وأتعلَّم أنه بعد صعود المسيح نزل الروح القدس ليسكن في شعبه أفرادًا وجماعة بحيث أنهم صاروا ـ من الناحيتين كأفراد وكجماعة ـ هيكلاً لله. ونحن مختومون وممسوحون بالروح الذي هو عربون ميراثنا لفداء المقتنى، وبه نصرخ «يا أبا الآب»، عالمين أننا أبناء. وأتعلَّم أن المسيح سيأتي أيضًا لكي يأخذنا إليه، فيُقيم الراقدين الذين له، ويُغيِّر المؤمنين الأحياء لتكون أجسادهم جميعًا على صورة جسد مجده، بحسب عمل استطاعته أن يُخضع لنفسه كل شيء؛ وأن أجساد قديسيه الذين يرقدون الآن سوف تُقام بمجد، وسوف ينطلقون ليكونوا معه. وأتعلَّم أن الله قد أقام يومًا هو فيه مُزمع أن يدين المسكونة بالعدل برجلٍ قد عيَّنه مُقدمًا إيمانًا للجميع إذ أقامه من الأموات، وأنه في النهاية سيجلس على العرش العظيم الأبيض ويدين الأموات صغارًا وكبارًا. |
أولاً اصطلح مع أخيك https://files.arabchurch.com/upload/i...1159468227.bmp فإن قدمت قربانك إلى المذبح، وهناك تذكَّرت أن لأخيك شيئاً عليك، فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولاً اصطلح مع أخيك ( مت 5: 23 ،24) يوضح الرب هنا في أسلوب لا لَبس فيه، أنه لا يرضى بذبائح وتقدمات شخص في خصومة مع أخيه. وهو عين ما قاله الرب في إشعياء1: 11-15 "لماذا لي كثرة ذبائحكم، يقول الرب. اتخمت من محرقات كباش وشحم مسمناتٍ، وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أُسرُّ ... فحين تبسطون أيديكم أستر عينيَّ عنكم، وإن كثَّرتم الصلاة لا أسمع". ويوضح سبب ذلك إذ يقول: "أيديكم ملآنة دماً". أليست هذه هي ديانة قايين، الذي كان قربانه لا زال فوق المذبح، ودماء أخيه القتيل تسيل فوق الأرض! أ يقبل الرب تقدمة من شخص كهذا؟! (قارن عا5: 22-24؛ إر7: 8-10). هذا كان في العهد القديم، لكن في نور العهد الجديد نتعلم أن "مَنْ يبغض أخاه فهو قاتل نفس" ( 1يو 3: 15 ). ويحذرنا المسيح من مجرد الغضب بلا لزوم على إخوتنا. فهل نستغرب بعد ذلك لماذا عبادتنا غير مُشبعة لقلب الله؟ ولماذا لا تُستجاب الكثير من صلواتنا ( مز 66: 18 ؛ 1يو3: 20-22)؟! ألا تمتد كلمات المسيح هنا لتشمل العلاقة مع إخوتنا في الاجتماع ( 1تي 2: 8 )؟ هل يقبل الرب عبادة شخص في خصومة مع أخ؟ ثم ألا تمتد كلمات المسيح هنا لتشمل العلاقات الزوجية أيضاً؟ أليس روح الشجار والخصام في البيت بين الزوج وزوجته تعيق صلواتنا ( 1بط 3: 7 ). لنتذكر أن الرب هنا يحذرنا من أن يكون لأخينا شيء علينا. لاحظ أن الرب يفترض هنا أن الشخص قد أحضر قربانه ووصل به فعلاً إلى المذبح. ثم فجأة تذكَّر أن لأخيه شيئاً عليه. فهل يقدمه؟ أيشفع هذا القربان له عند الله إزاء ظلمه لأخيه؟ أما يستطيع على الأقل أن يقدم قربانه لله ثم بعد ذلك على مهل يسوّي المسألة مع أخيه؟ الإجابة: كلا "اترك قربانك قدام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك". أولاً اصطلح مع أخيك ثم بعد ذلك تعال قدم قربانك. إن الرب في نعمته لم يَقُل خُذ قربانك ولا تَعُد ترى وجهي، بل بكل محبة يقول: اترك قربانك قدام المذبح. وسوِّ المشكلة مع أخيك، ثم عُد إليَّ ستجدني في انتظار عودتك! |
تعقلوا واصحوا للصلوات https://files.arabchurch.com/upload/i.../103040148.jpg ولكن قبل كل شيء، لتكن محبتكم بعضكم لبعضٍ شديدة، لأن المحبة تستر كثرة من الخطايا. كونوا مُضيفين بعضكم بعضًا بلا دمدمة ( 1بط 4: 8 ، 9) «وإنما نهاية كل شيء قد اقتربت، فتعقَّلوا واصحوا للصلوات» ( 1بط 4: 7 ) يلخِّص الرسول في هذا العدد الاتجاه المسيحي للعالم الذي نجتاز فيه. إنه عالم الفجور والتمرد حيث يفعل الناس إرادتهم الذاتية، وينغمسون في ملذَّاتهم، ويتكلمون بالشر على المسيحي الذي يتألم لأجل البر، ويتألم صابرًا، ويتألم في الجسد عوضًا أن يستسلم للخطية. ففي مشهد عالم شرير، وفي مشهد الآلام الواقعة لا بد للمؤمن المسيحي أن يتذكَّر أن نهاية كل شيء قد اقتربت. والنهاية تعني الدينونة على غير المخلَّصين وبركة المؤمن المسيحي، ويتطلب ذلك التعقل والصحو للصلوات؛ التعقل بالنظر إلى النهاية التي تقود إليها الأمور الحادثة، والصحو لكل ما يحيط بنا، والصلاة من حيث العلاقة مع الله. وإذا كانت الشهوة هي العلامة البارزة لدائرة العالم ( 1بط 4: 2 )، فإن المحبة هي أبرز علامة للشركة المسيحية (ع8). وهناك صفات أخرى تلمع في هذه الدائرة، ولكن الصفة التي تتوج الصفات الأخرى هي المحبة، وبدونها يصبح كل شيء آخر باطلاً. ولذلك يقول الرسول: «ولكن قبل كل شيء (أو فوق كل شيء)، لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة» (ع8). وللمرة الثالثة في رسالته الأولى يؤكد الرسول على المحبة كالصفة البارزة في الشركة المسيحية ( 1بط 1: 22 ؛ 3: 8؛ 4: 8). ولا يمكن للمحبة ألاّ تبالي بالخطية، ولكن لا يعني ذلك أن المحبة تستعرض بالضرورة الخطايا أو تنشغل كثيرًا بفضائح الآخرين وفشلهم. فالمحبة تتعامل مع الخطايا بشكلٍ خاص، على قدر الإمكان، دون الحاجة أن يكون التعامل جهارًا وعلى الملأ. وعندما يتم التعامل مع الخطية ويُحكم عليها، فإن من دواعي المحبة ألاّ نتكلم عنها أو ننشرها. فالمحبة لا تؤذي أو تدفع بالضرر، ولا تقود الناس أن يصبحوا فضوليين. والمحبة تغطي وتستر كثرة من الخطايا، كما يقول الحكيم: «البغضة تهيِّج خُصومات، والمحبة تستر كل الذنوب» ( أم 10: 12 ). وبالإضافة إلى ذلك، ففي الدائرة التي لا نُعد فيها غرباء بعضنا عن بعض، بل مترابطين معًا برُبط المسيح، فإن المحبة تُسرّ بخدمة الضيافة، كلما سَنحَت الفرصة إلى ذلك. وحيث تسود المحبة بشدة عندئذٍ تصبح الضيافة بلا دمدمة (ع9). |
الرجاء إلى النهاية https://files.arabchurch.com/upload/i.../793521462.jpg ولكننا بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة وأرضًا جديدة يسكن فيها البر ( 2بط 3: 13 ) في ميادين السباق الرياضية يعنى اللاعبون بأقدامهم، حتى لا يعطلها عن الركض معطل، ويثبِّتون أنظارهم على الهدف المقصود. فهل يصحّ لنا نحن الذين نركض لأجل جعالة سامية وميراث لا يفنى ـ هل يصحّ لنا أن نتوانى في الطريق ونتلفت من وقت لآخر على أتفه أمور الأرض؟ وما دام أمامنا مجد كهذا، هل يخدعنا زُخرف مجد الشيطان، فيجعلنا نركز اهتماماتنا على تراب ورماد سيكون وقودًا للنيران عند مجيء المسيح؟ إنها لحقيقة مُذللة ومُحزنة للشخص العالمي إذ يعرف أن كل ما يفتخر به، كل ما كان يجمعه لنفسه، فإنه يجمعه ليوم غضب الله! تأمل أيها القارئ في هذا القول: «خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا» ( رو 13: 11 ). لقد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور. ولا نقنع بخلع جزء من الشر هنا، والجزء الآخر هناك. بل لنخضع لأمر الرب: «اخرجوا .. واعتزلوا» ولا نَدَع شعرة واحدة من الشر تقف في طريقنا، ولنتخلَّص من كل ثقل عالمي يحني رؤوس المؤمنين ويعوقهم عن أن ينظروا إلى فوق ويروا أن خلاصهم يقترب. «فبما أن هذه كلها تنحل، أي أُناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مقدسة ... ولكننا بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة وأرضًا جديدة يسكن فيها البر. لذلك أيها الأحباء إذ أنتم مُنتظرون هذه، اجتهدوا لتوجدوا عنده بلا دنس ولا عيب في سلام» ( 2بط 3: 14 ). إذًا «فلنثبت في الرب». حبذا لو ظهرت قوة الله فينا أكثر كثيرًا! حبذا لو استطعنا أن ننتصب من النظرة إلى التراب، إلى نظرة رفيعة لمجدنا الكامل، وأن الأبدية مكتوبة على عواطفنا كما هي على آمالنا. وحينما تكون أشياء هذا العالم موضوع غضب الله ودينونته النارية، حينما يدعو الناس الصخور والآكام لكي تسقط عليهم وتغطيهم، عبثًا، حينئذٍ سيبرهن القديسون أن أكاليلهم لا تتدنس وأن ميراثهم لا يفنى «لذلك منطقوا أحقاء ذهنكم صاحين فألقوا رجاءكم بالتمام على النعمة التي يؤتى بها إليكم عند استعلان يسوع المسيح» ( 1بط 1: 13 ). |
الأبرص يوم طُهرِهِ https://files.arabchurch.com/upload/i...1050589083.jpg .. يُوخذ للمُتطهر عُصفوران حيان طاهران، وخشب أرز وقرمز .. ويأمر الكاهن أن يُذبح العصفور الواحد في إناء خزفٍ.. ( لا 14: 4 ، 5) في شريعة الأبرص يوم تطهيره نرى أن الزوفا مقترنة بشيئين لتطهير ذلك الأبرص المسكين، الموت (أو الدم) والحياة (في العصفور الذي يُطلق حيًا)، وهذه صور عجيبة للشيئين اللازمين لتطهير الخاطئ المُثقل بالآثام؛ موت الرب يسوع وقيامته، الذي أُسلم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا. إن الدم وحده كان هو العلاج في حالة الأبرص، فالكاهن كان «ينضح على المتطهر سبع مرات» (ع7) بعد أن يكون قد غمس الزوفا والعصفور الحي في دم العصفور المذبوح. فأساس تطهير الأبرص لم يكن سوى الدم، وهذا هو الحال تمامًا مع الخاطئ. وربما تقول النفس المُثقلة التائبة إن كل هذا واضح ولا يحتاج إلى تفسير، ولكن كيف أعرف أني قد تطهرت من برص خطيتي في نظر الله كما يعرفني هو؟ ونحن نسأل كيف كان الأبرص يعرف أنه قد تطهر؟ كان الكاهن ينضح على المتطهر «فيطهره، ثم يُطلِق العصفور الحي على وجه الصحراء»، فلم يكن هناك أي شك أو ريب، فإطلاق العصفور الحي كان هو البرهان الأكيد على كفاية الدم. وما الذي يُعلنه الله بإقامة يسوع من الأموات: «فليكن معلومًا عندكم ... أنه بهذا يُنادى لكم بغفران الخطايا، وبهذا يتبرر كل مَن يؤمن من كل ما لم تقدروا أن تتبرروا منه بناموس موسى» ( أع 13: 38 ). لنا في هذا الإعلان تأكيد لا يقل عن التأكيد الذي كان يحصل عليه الأبرص بعد أن يرى أن الكاهن قد غمس الزوفا في دم العصفور المذبوح ونضح عليه سبع مرات (عدد الكمال) وأعلن طهارته، وأطلق العصفور الحي. إنه لم يكن في حاجة إلى تأكيد أكثر من ذلك، وها أن يسوع قد مات كفارة عن الخطايا، ولم يبق عليك سوى أن تصدق الله الذي يعلن لك غفران خطاياك بواسطته وينادي أن كل مَن يؤمن يتبرر من كل شيء، والدليل على ذلك هو قيامة الرب يسوع، من بين الأموات، فالمسيح ليس بعد في القبر، بل هو الآن حي وقد أُقيم من الأموات لأجل تبريرنا، فهل نحتاج إلى تأكيد أعظم من هذا؟ وإذا كنا نؤمن أن ربنا يسوع الذي أُسلم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا قد أقامه الله، فما هي النتيجة التي تتبع ذلك؟ «فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح» ( رو 5: 1 ). |
نيقوديموس https://files.arabchurch.com/upload/i.../208265312.jpg كان إنسانٌ من الفريسيين اسمه نيقوديموس، رئيسٌ لليهود. هذا جاء إلى يسوع ليلاً .. ( يو 3: 1 ) شغَل نيقوديموس مركزًا خاصًا، فقد جذبته الآيات إلى الرب يسوع كما جذبت أولئك المذكورين في الأصحاح الثاني من إنجيل يوحنا، غير أن نفسه قد مسَّها الحق بخلاف أولئك، وآخرته لم تكن مثل بدايته. فهو لم يتعجب ويؤمن فقط، بل تأمل تأملاً عميقًا ثم طلب الرب. ومع أنه قصَدَه خائفًا ولكنه استمر في طلبه، فالآيات حركت قدميه للسير إلى يسوع، والعمل الذي أجراه فيه كان أسمى من عمل الآيات، فقد كشف الرب له عن نفسه، ومكَّنه أن يتعلم عن نفسه أيضًا. ليس للرب صِلة مع مَن يؤمن به كشخص جاء في التاريخ، ولا مع مَن يؤمن به بناء على قوة البرهان كما هو الحال مع العالم المسيحي الآن، بل قد جاء خصيصًا إلى الخاطئ لكي يكون في شركة معه إلى أبد الآبدين ويفيض بنعمته المخلِّصة إليه. فعَوز الخاطئ وملء المسيح يتقابلان معًا وتتكون بينهما العلاقة إلى الأبد، وهذه العلاقة قد نشأت بين المخلِّص ونيقوديموس الخاطئ. في يوحنا7: 50 نرى نيقوديموس يناضل عن البر الذي في شخص الرب يسوع وسط الشيوخ، فهو لا يزال بينهم عاملاً معهم ونفسه تخالجها الظنون والشكوك ويخامرها الجُبن والخوف كمَن جاء إلى يسوع ليلاً، لكنه اعترف بالبار على نوعٍ ما. ولكنه في الأصحاح التاسع عشر قد خطا خطوة إلى الأمام وأظهر تعلقه بذاك الذي قتله العالم، فوقف نيقوديموس مع الله عالمًا أنه سيُقيم هذا المتألم المبارك قيامة مجيدة عن قريب. فنيقوديموس ورفيقه يوسف جهزا للرب يسوع قبرًا وأكفانًا وحنوطًا عطّرا بها ذلك القبر الذي كانت ستفتحه قوة الله. وهنا نرى نيقوديموس قد شَغَل المركز الذي أخبره عنه يسوع في الأصحاح الثالث، وكان ينظر بالإيمان إلى الحية المرفوعة، إلى ابن الإنسان المصلوب، ولذلك أصبح ضمن الأفراد الذين ائتمنهم الرب على نفسه. هل تعلم الآن أن يسوع يريد أن يأتمنك على نفسه؟ |
الحُلَّة الأولى https://files.arabchurch.com/upload/i.../210978948.jpg فقال الأب لعبيده: أَخرجوا الحُلة الأولى وأَلبسوه .. ( لو 15: 22 ) في لوقا15: 20، 21 نقرأ عن المقابلة السعيدة بين الأب والابن، ترحيب الأب الحبي، اعتراف الابن وهو مكسور الخاطر. ويجب أن نلاحظ أن كل هذا حدث خارج البيت بمسافةٍ ما، لأنه «ركض» ليقابله. والآن إذ اقتربا ”الأب والابن“ ـ من البيت، نادى الأب عبيده وقال: «أخرجوا الحُلَّة الاولى». آه! فالأب لا يستطيع أن يقبل الابن على مائدته بملابسه الرثَّة القذرة. فهذا يعني التنحي عن مطاليب بيته البارة: «تملك النعمة بالبر» ( رو 5: 21 )، وليس على حساب البر. جميل إذًا أن نرى النعمة وهي تركض لملاقاة الضال، والآن نرى البر الذي دبَّر تبديل ثيابه القذرة! وهكذا نشاهد بقلوب شاكرة ما أُعدَّ للضال المسكين. يجب أن ننتبه إلى أن الضال لم يُحضر معه حُلَّته من الكورة البعيدة، ولا أنه دبَّر لهذا الأمر في رحلته للبيت. في الواقع كلا، إنها مجهزة له، وأعطاها الأب له. فهي كانت جاهزة له، تنتظره! ونحن لنا أن نُعجب بجودة الملابس المُعطاة له. فالأب قال: «أخرجوا الحُلَّة الأولى»، يا لها من نعمة عجيبة! أَ كانت «الحُلَّة الأولى» في بيت الأب محجوزة للضال؟ وهذا لا يعني إلا أن الخاطئ المخلَّص بالنعمة، له أن يرتدي رداءً أكثر مجدًا مما للملائكة الأطهار! ولكننا نتساءل، هل يمكن أن يحدث هذا؟ هل هذا ممكن؟ وما هي تلك «الحُلَّة الأولى»؟ ولماذا شخص المسيح البار هو الذي يجب أن يغطي التائب الراجع؟ إن هذا ”البر المكتسب“ هو الذي طُرِّز لنا بطاعة مخلِّصنا الكاملة وموته النيابي «فرحًا أفرح بالرب. تبتهج نفسي بإلهي، لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص. كساني رداء البر» ( إش 61: 10 ). ونلاحظ أن «الحُلَّة الأولى» وُضعت عليه، «أخرجوا الحُلَّة الأولى وألبسُوهُ». فكل شيء عُمل له. فالحُلَّة الأولى لم تُمنح له فقط، ولكنها وُضعت عليه. وهذا يذكِّرنا بما نقرأه في تكوين3: 21 «وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما». فالرب الإله لم يُحضر فقط «أقمصة من جلدٍ» بنفسه، ولكنه ألبس أبوينا الأولين! ونجد نفس الأمر مرة أخرى في زكريا3: 4 «انزعوا عنه الثياب القذرة. وقال له: انظر. قد أَذهبت عنك إثمك، وأُلبسكَ ثيابًا مُزخرفة». يا لها من نعمة! |
ماذا أتعلم من الكتاب؟ (2) https://files.arabchurch.com/upload/i.../934579519.jpg ناموس الرب كامل يرُّد النفس. شهادات الرب صادقة تُصيِّر الجاهل حكيمًا ( مز 19: 7 ) وإنني أتعلَّم من الكتاب المقدس أن الرب يسوع المسيح قد مات لأجل الجميع، بذل نفسه فدية لأجل الجميع. وأنه صنع كفارة لخطايانا وليس لخطايانا فقط، بل لكل العالم؛ وأنه بذلك وجد لنا فداءً أبديًا. وأنه بتقديم نفسه مرة واحدة تطهَّرت كل خطايا الذين يؤمنون به، وأنه بالإيمان به ـ له المجد ـ قد تطهرت ضمائرهم، والله لا يعود يذكر خطاياهم ولا آثامهم فيما بعد؛ وإذ هم مدعوون من الله ينالون وعد الميراث الأبدي إذ إنهم تكمَّلوا إلى الأبد، وبذلك صارت لنا ثقة بالدخول إلى الأقداس بدمه بالطريق الحديث الحي الذي كرسه لنا. وأتعلَّم أن الدخول في ملكوت الله يقتضي الولادة من الماء والروح، والولادة من فوق، لأننا بالطبيعة أموات في الخطايا، وبالطبيعة نحن أبناء الغضب، وأن أداة ولادتنا الجديدة هي كلمة الله، ومن ثم قد صرنا بالإيمان أولاد الله. وأتعلَّم أن الله هكذا أحب العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي تكون لكل مَنْ يؤمن به حياة أبدية. ولأجل هذه الغاية، وبالنظر لأن الله هو إله بار وقدوس، فقد لزم أن يُرفع ابن الإنسان على الصليب، وهناك حَمل خطايانا في جسده على الخشبة. وجُعل خطية لأجلنا لكي نصير نحن بر الله فيه. وأتعلَّم أن إله وأبا ربنا يسوع المسيح قد اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة، وأننا نحن الذين أخذنا الروح لسنا فقط نصرخ يا أبا الآب، بل نعلم أننا في المسيح وأن المسيح فينا؛ والمسيح لا يظهر أمام الله لأجلنا فقط، بل أننا فيه وهو جالس في يمين الله منتظرًا حتى يوضع أعداؤه موطئًا لقدميه، وأننا في نظر الله أموات عن الخطية، وعلينا أن نحسب أنفسنا هكذا، لأننا قد خلعنا الإنسان العتيق ولبسنا الجديد، وصرنا أحياء لله بيسوع المسيح (إذ المسيح حياتنا الجديدة)، وأننا مصلوبون للعالم وأموات للناموس، وإذ نحن في المسيح فإن المسيح فينا، ونحن تحت التزام أن نُظهر حياة المسيح يسوع في جسدنا المائت، ونسلك كما سلك هو، إذ إن الله قد وضعنا في العالم كرسالة المسيح الذي تكفينا نعمته، والذي قوته في الضعف تُكمل. |
أمجاد المسيح المتنوعة http://www.alislameyat.net/Images/me..._love_youB.jpg الذي، وهو بهاءُ مجده، ورسمُ جوهره، وحاملٌ كل الأشياء بكلمة قدرته، بعد ما صنع بنفسه تطهيرًا لخطايانا ( عب 1: 3 ) يستعرض الروح القدس في مَطلع الرسالة إلى العبرانيين أمجادًا متنوعة لربنا المعبود، فيطالعنا بوصف سُباعي لأمجاد الابن: ففي البداية نراه كالوارث، والخالق لكل شيء، بهاء مجد الله ورسم جوهره، والحامل لكل الأشياء بكلمة قدرته، فما هي الصفات الأخرى التي يليق أن توضع بجانب هذه الأمجاد السامية؟ أ يمكن أن يجد الحق العظيم الخاص بالفداء مكانه بين هذه الحقائق السامية العجيبة؟ نعم أيها الأحباء، في وصف هذه التيجان الكثيرة التي تتوج رأسه، في وصف مجده كابن الله، نجد حق الفداء المبارك يحتل مكانه بينها «بعدما صنع بنفسه تطهيرًا لخطايانا، جلس في يمين العظمة في الأعالي». إنه لا يتكلم عنه هنا كالحامل للخطية، ولا يتناول بالضبط موضوع جعْله خطية لأجلنا، فذلك موضوع يناقشه الرسول بالتفصيل بعد ذلك في الرسالة، وإنما هو يُشير هنا مجرد إشارة إلى الحق العظيم أنه ـ له المجد ـ صنع تطهيرًا لخطايانا، صنع الفداء كاملاً، صنع بنفسه، ليس بواسطة ملاك أو أي شخص آخر. ابن الله نفسه، هو الذي صنع وتمم تطهير الخطايا. تأمل في السلسلة التي يحتل الفداء مكانة بينها! تأمل في ابن الله المبارك باعتباره «بهاء مجد الله ورسم جوهره»، ثم تأمل في الفداء. إنهما فكران متلازمان في هذا الاستعراض الكتابي الجميل. إننا نتكلم عن ابن الله، ليس فقط باعتباره الذي عمل العالمين، والحامل لكل الأشياء بكلمة قدرته، ولكننا بنفس العبارة نتكلم عنه كمَن صنع تطهيرًا للخطايا. وهل يمكن أن يكون هناك أدنى شك في أن تطهير الخطايا هو أمر أكيد وكامل، أمر إلهي ومُمجِّد لله تمامًا ككل صفة من الصفات الأخرى، وكل شعاع آخر من أشعة المجد الإلهي الذي يطالعنا به هذا الجزء المبارك من كلمة الله؟ إن تطهير الخطايا يقرنه الله مع مجد ابنه، مع كل ما هو كالخالق والحامل لكل شيء والمُعادل له في كل شيء. وأخيرًا نراه راجعًا إلى حيث كان قبلاً، إلى ذلك المجد الذي كان له عند الآب قبل إنشاء العالم. راجعًا بما له من حق خاص، ليس فقط مدعوًا إلى هناك بمجد الآب كما نعلم أن ذلك كان حقًا أيضًا، بل آخذًا مكانه هناك في قوة حقه كابن الإنسان وابن الله الذي له الحق في كل شيء، ليس فقط باستحقاقه الإلهي، بل كمَن تمم في عَبرْ الزمن عمل الفداء، وبذلك جلس في يمين العظمة في الأعالي. |
لا يقدر أحد أن يخدم سيدين https://files.arabchurch.com/upload/i.../447831931.jpg لا يقدر أحد أن يخدم سيدين ... لا تقدرون أن تخدموا الله والمال. ( مت 6: 24 ) لا يقدر أحد أن يخدم سيدين لأن الله لا يريد خدمة الشفتين فقط، ولا خدمة اليدين فحسب، بل يريد خدمة المحبة، والمحبة من كل القلب. قال الرب قديمًا على لسان هوشع النبي «قد قسَموا قلوبهم. الآن يُعاقبون» ( هو 10: 2 ). كما وبَّخ إيليا النبي الشعب في أيامه قائلاً: «حتى متى تعرجون بين الفرقتين؟ إن كان الرب هو الله فاتبعوه، وإن كان البعل فاتبعوه» ( 1مل 18: 21 ). ويا لها من كلمات فاحصة لقلوبنا نحن أيضًا! لكن خدمة الرب ليست فقط خدمة من كل القلب، بل أيضًا خدمة كل الوقت. إنها خدمة التكريس الكُلي واتباع الرب تمامًا. إن خدمة الهواة لا تنفع مع الله، بل يلزم التكريس الكامل قبل أن نخدمه. ماذا قيل عن الابن الضال وهو في الكورة البعيدة؟ قيل «مضى والتصق بواحدٍ من أهل تلك الكورة، فأرسله إلى حقوله ليرعى خنازير» ( لو 15: 15 ). وهكذا فإن كل إنسان عليه أن يوازن بين الالتصاق بالسيد القاسي الذي يرسله إلى حقوله (صورة للعالم) فلا يجد حتى طعام الخنازير، وبين التحول نهائيًا عن ذلك السيد وحقوله وخنازيره ليعود راجعًا إلى أحضان الأب وقُبلاته الغامرة، فيجد عنده الشبع على مائدته بالعِجل المُسمَّن، فتتم فيه كلمات الرسول الحلوة «وأما مَن التصق بالرب فهو روحٌ واحدٌ» ( 1كو 6: 17 ). قد يقول قائل إني بوسعي أن أعدل بين السيدين اللذين أخدمهما، وأسلك سلوكًا متوازنًا بين العالمين اللذين أحيا لهما. لكن تذكَّر ـ عزيزي ـ أن هذه هي كلمات الرب يسوع، وهو يعرف أفضل منك، وما يقوله هو دائمًا الصواب. تفكَّر في الشاب الغني الواردة قصته في مرقس10، لقد أراد أن يتبع المسيح لكنه اكتشف أنه ينبغي أن يترك كل أمواله، فنكص على عقبيه، ومضى حزينًا! ثم تفكَّر في يهوذا الإسخريوطي، الذي لأجل حفنة قليلة من النقود باع الرب الودود! وحنانيا وسفيرة أيضًا يقدمان لنا بوق تحذير وإنذار. فالمال جعل الشيطان يملأ قلبيهما ويكذبان على الله! هؤلاء جميعًا لم يستطيعوا الاحتفاظ بولائهم الظاهري للمسيح رغم حُسن النوايا، وذلك لأن في قلوبهم كان يوجد سيد آخر وهو المال. |
الإيمان القليل https://files.arabchurch.com/upload/i.../727952109.jpg ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان؟ ( مت 8: 26 )سُرُّوا أيها الرجال، لأني أُومن بالله أنه يكون هكذا كما قيل لي ( أع 27: 25 ) قارن تخاذل وخوف الاثنى عشر أمام تلك العاصفة الجليلية القصيرة بهدوء بولس أثناء العاصفة المُخيفة في البحر المتوسط وقد استمرت أسبوعين (أع27). لم يكن بولس «قليل الإيمان» بل قال: «إني أؤمن بالله» ( أع 27: 25 )، واستطاع أن يبث الثقة الراسخة التي كانت عنده، في أولئك الذين كانوا معه على سطح السفينة المحطمة، وكانوا حوالي ثلاثمائة نفس. والحق إن الله أعطانا روحه القدوس ليسكن في داخلنا، وفيه لنا قوة أعظم من أية قوة قد نتعرض لها، جسدية كانت أو روحية، وكما كان إسرائيل يقاتل عماليق في وادي رفيديم، وموسى على التل يشفع للنصر، هكذا أيضًا لنا شفيع كهنوتي عظيم في الأعالي في يده أمرنا، حتى إن الترنيمة الدائمة في أفواهنا هي: «شكرًا لله الذي يعطينا الغلَبَة بربنا يسوع المسيح» ( 1كو 15: 57 )، وأولئك الذين لهم الثقة في غلبة الله لا يخافون الهزيمة قط. ولكن الإيمان الذي يفشل في التمسك بموارد الله العظيمة التي أعدَّها لحفظنا وسلامتنا، إنما هو عُرضة لأن يُكتسح في أية لحظة ويهوي إلى قرارة اليأس، فتنطلق حينئذٍ الصرخة: «يا معلم، يا معلم، إننا نهلك!» ( لو 8: 24 ). إن أولاد الله في الأزمة الحاضرة التي بين أمم العالم يُحزنون يسيرًا بتجارب متنوعة، لكي تكون تزكية إيمانهم ... توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح ( 1بط 1: 6 ، 7). أما ضعفاء الإيمان فهم الذين يسقطون في الامتحان، إذ يغزو الخوف قلوبهم وفي إثره الشك والجُبن. والرب عرف هذا الضعف في تلاميذه، لذلك قُبيل انطلاقه قال لهم: «لا تضطرب قلوبكم» ( يو 14: 27 ). لأنه إذا كان قد استولى عليهم الرُعب المزعج وقت العاصفة والرب معهم، فماذا كانت حالتهم يا تُرى عندما ارتفع عنهم إلى الأعالي؟ قال الرب إن في العالم ضيقًا للمؤمنين، ولكن لهم أن يثقوا لأن الرب نفسه قد غلب العالم وفيه للمؤمنين سلام ( يو 16: 33 ؛ 1يو5: 4). بعد هذه الكلمات مباشرة أحرز الرب نُصرة الصليب وأُبيدت قوة الشيطان الذي ينفث سموم ”الخوف من الموت“ إلى القلوب الضعيفة المرتعبة، فأصبح ممكنًا لرجال الإيمان أن يتغنوا الآن بالقول: ما دمتَ تحفظ الحياةْ لا نرهَبُ الهلاكْ في الضيقِ أو حينَ النجاةْ نكونُ في حِماكْ |
بشارة الله https://files.arabchurch.com/upload/i.../140838912.jpg إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين، لئلا تُضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح، الذي هو صورة الله. ( 2كو 4: 4 ) إن الإنجيل هو بشارة نعمة الله ( أع 20: 24 )، فالله في شخص ابنه الحبيب قد نزل من السماء، في محبة كاملة، لكي يعلن محبته هذه للخطاة. إن حالة الإنسان كانت رديئة لدرجة أنه لم يوجد شيء سوى عمل الله يستطيع أن يخلِّصه من خطاياه أو يُرجعه ثانيةً إلى شخصه المبارك. بسبب ذلك قد وضع ربنا حياته على صليب الجلجثة، قد وضعها لأجل أعدائه، لأجلك ولأجلي. وعلى أساس سفك الدم هذا، وليس على أساس أي شيء آخر البتة، يستطيع الله الآن أن يمحو خطايانا. لا يوجد شيء سوى دم المسيح يستطيع أن يغسلنا من آثامنا. ثم إن الإنجيل هو أيضًا بشارة مجد المسيح ( 2كو 4: 4 )، لقد نزل الرب يسوع إلى هذه الأرض وصار في نعمته إنسانًا ثم رجع أيضًا (بعد أن أكمل الفداء) إلى المجد. وهكذا الإنجيل ينادي بمسيح حي في المجد كغرض الإيمان. الله الآن ليس فقط يخلِّص الخطاة من خطاياهم ومن الجحيم، بل يباركهم بإعطائهم مكانًا في المسيح أمامه في السماء. كل مَن يؤمن بالرب يسوع يستطيع أن يتطلع بالإيمان إلى أعلى، إلى نفس مجد الله ويقول: ”المسيح مخلِّصي في السماء، فمكاني أنا أيضًا هناك، وذلك لأن الله قد باركني بكل بركة روحية في المسيح في المجد، وقريبًا جدًا سأكون معه هناك في جسد مثل جسده“. وأخيرًا أقول إن الإنجيل هو بشارة الله المبارك ( 1تي 1: 11 )، إن الله قد اكتفى بعمل المسيح الكامل على الصليب. كل الدين الذي له على الخاطئ قد سدده المسيح عن آخره إلى الأبد. نستطيع أن نقول، في يقين، بأن الله يجد الآن سروره الكامل في أن يبارك كل خاطئ يأتي إلى المسيح ويؤمن به. ثم إن مجد الله وقوته ومحبته تتضافر معًا لخلاص الناس، ليس على أساس المكان الموجود فيه كل منهم كخاطئ هنا على الأرض، بل على أساس المكان الموجود فيه المسيح في الأعالي. ليس على أساس ما عليه الخاطئ في حالته البائسة التعيسة، بل على أساس ما عليه الرب يسوع كالإنسان المُقام والممجَّد. ما أعظم هذا الإنجيل! الله مصدره، الابن المبارك، ميتًا ومُقامًا ومُمجدًا هو موضوعه. إنه يعلن إعلانًا كاملاً نعمة الله ومجد الله، كما يقدم أيضًا للهالكين خلاصًا عظيمًا مقرونًا بمجد الله. |
التصرف الحكيم لإبراهيم https://files.arabchurch.com/upload/i.../560652014.jpg فقال أبرام للوط: لا تكن مخاصمة بيني وبينك، وبين رعاتي ورعاتك، لأننا نحن أخوان ( تك 13: 8 ) لقد رأى إبراهيم أنه لا يليق أن تستمر المخاصمة بين رعاة لوط ورعاته، خصوصًا وقد «كان الكنعانيون والفرِزّيونَ حينئِذٍ ساكنين في الأرضِ» (ع7)، لأنه لو بلغت إلى أسماعهم أخبار مُنازعات جيرانهم لهجموا عليهم. ففي الاتحاد القوة، وفى الانقسام الضعف. وفضلاً عن ذلك فإن إبراهيم أدرك تأثير الانقسام والخصام على الشهادة، إنهما من الأعمال الذميمة التي تهين اسم الله، وتحقر شأن عبادته. ليت جميع أولاد الله يتجنبون كل عوامل المنازعات والانقسامات ويعلمون جميعًا أنهم أولاد أب واحد. وهكذا دعا إبراهيم لوطًا وقال له: «لا تكن مخاصمة بيني وبينك، وبين رعاتي ورعاتك، لأننا نحن أخوانِ. أ ليست كل الأرضِ أمامك؟ اعتزِل عني. إِن ذهبت شمالاً فأنا يمينًا، وإِن يمينًا فأنا شمالاً» ( تك 13: 8 ، 9). لقد دلّ هذا الاقتراح على منتهى الحكمة. فإنه إذ وجد أن هناك مصدرًا مستمرًا للتعب والمشاكل، وأنه إن تكلم مع لوط بالشدة، فقد يرُّد عليه بنفس الروح، وقد يؤدى ذلك إلى عداوة مُستحكمة. لذلك رأى أنه من الحكمة أن يستأصل أصل الشر من جذوره واقترح أن ينفصل الواحد عن الآخر. كذلك دلّ هذا الاقتراح على النُبل والشرف وإنكار النفس مع التواضع. فإنه بلا مَراء كان له حق الاختيار باعتباره أكبر سنًا وباعتباره رئيس الجماعة، ولكنه تنازل عن هذا الحق حبًا في الصُلح والسلام. كما دلّ هذا الموقف أيضًا على الإيمان، فإن إيمانه كان قد بدأ يأخذ مركزه اللائق به. وبدأ يتزايد قوة وعظمة. إن كان الرب قد وعده أن يظلله بعنايته ويعطيه ميراثًا، فلم يكن هناك مُبرر للخوف من أن يسلبه لوط ما ضمنه له الرب الأمين. لهذا فضّل ألف مرة أن يختار له الرب من أن يختار هو لنفسه. إن الإنسان الذي ركَّز كل ثقته في الله، لا يبالي كثيرًا بأمور هذا العالم، لأنه يرى الرب ميراثًا ثابتًا له. وإن كان له الرب، فإن له كل شيء. وواضح من التاريخ المقدس أن مَنْ يختار لنفسه ليس بأفضل ممن يسلِّم الأمر لله، وكأن المؤمن الروحي يقول: ليختَر الآخرون لأنفسهم إن أرادوا، أما أنا فقد تركت أمري بين يدي الرب ليختار لي نصيبي ( مز 47: 4 ). |
بالنعمة فقط https://files.arabchurch.com/upload/i.../929112461.jpg بسطت ذيلي عليكِ وسَترت عورتَكِ، وحلفتُ لكِ، ودخلت معكِ في عهدٍ، يقول السيد الرب، فصرتِ لي ( حز 16: 8 ) في الوقت الذي ينكر فيه الناس نعمة الله، يجب على كل أولئك الذين يُقيمون فيها؛ كل أولاد الله الحقيقيين، أن يعظموا هذه النعمة ويمجِّدوها. وفي أقوال النبي حزقيال نرى صورة جميلة ترسم لنا نعمة الله كما خُلعت على أورشليم. فقد كانت إلى حزقيال كلمة الرب التي بيَّنت بالتفصيل حالة أورشليم قبل افتقادها «مَخرجُك ومَولدُكِ من أرض كنعان. أبوكِ أموري وأُمكِ حثية» ( حز 16: 3 ). ويا له من مولد ونسب!! أَوَليس هذا ما يتفق مع مولدنا ونسبنا؟ لقد حُبل بنا ووُلدنا بالخطية والإثم، ”وطُرحنا على وجه الحقل بكراهة أنفسنا يوم وُلدنا“ وكنا ”مدوسين بدمنا“ (ع5، 6)، مثل ذلك الإنسان الذي كان نازلاً من أورشليم إلى أريحا، فوقع بين اللصوص. وماذا كان يمكن أن يعمل طفل وليد مطروح في العَراء على قارعة الطريق، عاجزًا مُشرفًا على الموت؟ لقد تجرَّد من كل قوة ومقدرة. لكن الرب مرَّ به فتحنن عليه وأول ما عمل أمرَ له بالحياة «فقلت لكِ: بدمك (وأنت في دمك) عيشي» (ع6). والنعمة كذلك تعطي الميت حياة قبل كل شيء، لأننا كنا أمواتًا بالذنوب والخطايا. ثم ماذا بعد ذلك؟ اقرأ معي الأصحاح السادس عشر من سفر حزقيال، تجد الرب يقول: «بسطت ذيلي عليكِ وسترت عورتك ... حلفت لكِ، ودخلت معكِ في عهدٍ .. فصرتِ لي ... فحممتُكِ بالماء، وغسلتُ عنكِ دماءكِ، ومسحتك بالزيت، وألبستك مطرَّزة، ونعلتُكِ بالتُخس، وأزَّرتك بالكتان، وكسوتك بَزًا، وحلَّيتك بالحليِّ، فوضعت أسورةً في يديكِ وطوقًا في عُنقك. ووضعت خزامةً في أنفك وأقراطًا في أذنيك وتاج جمالٍ على رأسكِ» (ع8- 12). وماذا بعد كل هذا؟ هل فعلت تلك المولودة شيئًا؟ كلا ولا شيء. فمن اللحظة التي فيها قال الرب: «عيشي» إلى الوقت الذي وضع فيه بيده الكريمة تاج الجمال على رأسها، كان كل شيء من عمله هو. هكذا الكل من النعمة. بالنعمة فقط ولا شيء غير النعمة. فلنعظم نعمة الله بأن نعيش ونحيا كما يليق بأُناس لهم حياة الله، قد غُسلوا من خطاياهم ومُسحوا بالزيت ـ بالروح القدس، وأمامهم في المجد أجمل الأكاليل. |
ماذا أتعلم من الكتاب؟ (3) https://files.arabchurch.com/upload/i...1162849090.jpg علمني يا رب طريق فرائضك، فأحفظها إلى النهاية. فهمني فأُلاحظ شريعتك، وأحفظها بكل قلبي ( مز 119: 33 ، 34) وإنني أتعلَّم من الكتاب المقدس أن المؤمنين رجعوا إلى الله، لكي ينتظروا ابنه من السماء. وأنه قد صار لهم الوعد بأنهم لن يهلكوا، وبأن أحدًا لن يقدر أن يخطفهم من يد المسيح، بل سوف يثبتهم الله إلى النهاية لكي يكونوا بلا لوم في يوم ربنا يسوع المسيح، وأن لهم نصيبًا في هذه الامتيازات بالإيمان بالمسيح يسوع، الأمر الذي بسببه قد حُسب لهم البر؛ وأن المسيح الذي أطاع حتى الموت وعمل عملاً كاملاً فوق الصليب من أجلهم، هو الآن برهم وقد صار لهم من الله هكذا. وأن دمه الكريم يطهر من كل خطية، بحيث إننا مقبولون في المحبوب؛ وأننا مقدسون، أي مُفرزون لله الآب بذبيحة يسوع المسيح ربنا مرة واحدة إلى الأبد، وبواسطة عمل وقوة الروح القدس، بحيث إن جميع المؤمنين هم قديسوه وأننا في أوضاعنا العملية مُطالبون أن نتبع القداسة وننمو إلى قياس قامة ملء المسيح ـ ذاك الذي سوف نتغير على صورته في المجد تغيرًا كاملاً. وأتعلَّم أنه كما كانت نعمة الله ومحبته هما مصدر ومنشأ كل بركة، فإن الاعتماد المستمر على تلك النعمة هو العامل الذي يعيننا أن نتبع خطوات المسيح ونعيش لمجده، ذاك الذي ترك لنا مثالاً لكي نتبع خطواته. وأتعلَّم أن الرب ترك لنا رسمين ولكليهما صِلة وارتباط بموته؛ أي المعمودية وعشاء الرب: الأول كنقطة أولى، والآخر كمنهاج دائم في كنيسة الله. وأتعلَّم أن كل واحد سوف يعطي حسابًا لله عن نفسه وينال ما صنع بالجسد خيرًا كان أم شرًا، وكما يرث الأبرار الحياة الأبدية، فإن الأشرار سيُعاقبون بهلاك أبدي من وجه الرب، إذ يُطرحون في بحيرة النار المُعدَّة لإبليس وملائكته؛ وأن كل مَنْ لا يوجد مكتوبًا في سفر الحياة يُطرح في بحيرة النار. وأتعلَّم أن كتب العهد القديم والجديد موحى بها من الله ويجب قبولها بوصفها كلمة الله المطبوعة بسلطانه الإلهي، وأن شهادة الرب تصيِّر الجاهل حكيمًا، وأن كلمة الله تميز أفكار القلب ونياته. |
طاعة المسيح https://files.arabchurch.com/upload/i...1096243378.jpg إذ وُجد في الهيئة كإنسانٍ، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب ( في 2: 8 ) تميزت طاعة المسيح بتلك الصفة غير المتغيرة؛ صفة التوافق الكامل مع إرادة الله الآب، فكانت طاعته دائمًا في غير إبطاء وفي غير تردد. قد تكون الطاعة بين الناس نتيجة للإغراء أو ربما بالترهيب. والإرادة المعاندة قد تلين بالتوسلات الرقيقة أو بالعقوبات الرادعة التي توقعها إرادة عُليا أخرى، لكن طاعة ربنا يسوع المسيح لم يكن فيها هذا الخليط؛ إنها نقية من منبعها. لقد كان طعامه أن يعمل مشيئة الذي أرسله ويُتمم عمله ( يو 4: 34 )، وكان يحيا بكل كلمة تخرج من فم الله ( مت 4: 4 ). «أن أفعل مشيئتك يا إلهي سُررت» ( مز 40: 8 )، هذه كانت لغة قلبه على الدوام. وإرادته لم تَسِر إلا في اتجاه واحد فقط، وعلى ذلك كانت إرادة الابن على الدوام في اتحاد كامل متوافق مع إرادة الآب. ولنلاحظ أن الروح القدس في شهادته عن طاعة المسيح، يستعمل كلمة تُعبِّر عن خضوع الابن لإرادة الآب تعبيرًا فائقًا. فكلمة «أطاع» في اللغة الأصلية تُعبِّر عن ”عادة الإصغاء المقرونة بنية الطاعة“، ولذلك فهي تدل على مبلغ انقياد المسيح انقيادًا كاملاً لِما كان يسمعه من الله. قال الرب: «لأني في كل حينٍ أفعل ما يُرضيه» وأيضًا «ولست أفعل شيئًا من نفسي، بل أتكلم بهذا كما علَّمني أبي» ( يو 8: 28 ، 29)، وأيضًا «أعلمتُكُم بكل ما سمعته من أبي» ( يو 15: 15 ). وقد سبق للأنبياء أن تنبأوا عن عادة الاتكال الكُلي على إرادة الله المُعلنة، تلك العادة التي كانت عند الابن المبارك. فإشعياء سبق وخبَّر عما ستكون عليه لغة عبد يهوه البار «يوقظ كل صباحٍ، يوقظ لي أُذنًا، لأسمع كالمتعلِّمين» ( إش 50: 4 )، والرب لم يتزحزح عن هذه الصفة؛ صفة الاتكال المتواصل، ولقد قال: «الحق الحق أقول لكم: لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئًا إلا ما ينظر الآب يعمل ... أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئًا. كما أسمع أدين، ودينونتي عادلةٌ، لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني» ( يو 5: 19 ، 30). والابن المبارك في طاعته على الأرض لإرادة الآب، كان في تباين مُطلق مع كل ما كان حوله. فالذات ـ كالدافع المتحكم ـ لم تكن فيه بالمرة، ومصدر كل حركة من حركاته كان في إرادة الله التي كان يتلقنها بأُذنه الطائعة. كم وجد الآب كل السرور في ابنه المطيع هذا! |
مُعيون ومُطاردون https://files.arabchurch.com/upload/i.../860168397.jpg وجاء جدعون إلى الأردون وعبَرَ هو والثلاث مئة الرجل الذين معه مُعيين ومُطاردِين ( قض 8: 4 ) عدد قليل من الرجال بقيادة جدعون، ولكنهم مُنتخَبون ( قض 7: 1 - 8)، يحاربون الآلاف من المديانيين الأعداء ( قض 8: 10 ). ولكن منذ متى كانت الكثرة مُصاحبة النصرة أو السمو في موازين الله؟ إن الرب ليس عنده مانع أن يخلِّص بالكثير أو بالقليل ( 1صم 15: 4 ). إن ”النوعية“ لا ”الكمية“ هي ما يهم الله في الأساس دائمًا. ولقد استخدم الرب هؤلاء الرجال المُخلِصين في نُصرة عظيمة تاريخية، والرائع أنها جاءت في أيام عصيبة كارثية؛ أيام حكم القضاة. إن التاريخ يتغير، وأمانة شعب الله تتبدل، أما إلهنا فلا يعتريه تغيير ولا ظل دوران؛ هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد. رجع هؤلاء الرجال من محاربة الأعداء في الخارج ليجدوا مخاصمة ”الأحباء“ في انتظارهم في الداخل! إلا أن اتضاع جدعون وحكمته وجوابه اللِّين منع كارثة جديدة بين الإخوة في شعب الله ( قض 8: 1 - 3)، وفشل مخطط جديد لعدو لا يرحم ولا يكف عن زرع الخصومات بين إخوة ( أم 6: 13 ). آه ليت لنا في كل أسرة وعائلة وكنيسة محلية ولو جدعون واحد في هذه الأيام؛ ما كانت المخاصمة ترفع نفسها لهذه الحدود المؤسفة التي نراها بهذا الشكل ( حب 1: 3 ). وبعد هذه النصرة العظيمة لهؤلاء الرجال، كان من الطبيعي أن يصيروا «مُعيين». إن الإعياء هو الضعف المفروض فرضًا على أولئك الذين يجاهدون لأجل الرب في حروبه المقدسة، سواء ضد الأعداء من الخارج، أو ضد الذات والكبرياء من الداخل، وهذا أصعب بكل يقين. نقول من الطبيعي أن يصبحوا «مُعيين»، ولكن العجيب أنهم استمروا «مُطَارِدِين» فلم يكفِهم ما تحقق بالأمس من نُصرة على 20 ألف رجل مخترطي سيف، وقتل غراب وذئب (الأميرين)، بل لا زال هناك زبح وصلمناع (المَلكين) ومعهما نحو 15 ألف باقٍ ( قض 8: 10 ). لقد أدرك هؤلاء الأفاضل أن الحرب لأجل الرب مستمرة وأن المهمة الموكلة لم تنتهِ بعد، وأن الخدمة التي قبلوها ليتمموها لم تكتمل بعد! حقًا إن وجود الظروف الضيقة التي تجعلنا مُعيين، لا ينبغي أبدًا أن تخفض من عزيمتنا لأن نبقى على الدوام مُطَارِدِين. |
ابن آدم الدود https://files.arabchurch.com/upload/i.../942675746.jpg هوذا نفس القمر لا يُضيء، والكواكب غير نقية في عينيه. فكم بالحري الإنسان الرِّمة، وابن آدم الدود؟ ( أي 25: 5 ، 6) «ابن آدم الدود» .. من هذا التعبير يمكننا أن نسأل لماذا يُشبَّه الإنسان بالدود؟ الدود ككائن حي صغير يُشير للإنسان الخاطئ في عدة أشياء: أولاً: في بعض الترجمات تأتي كلمة ”دودة“ maggot بمعنى ”يرقة“، ومعظم اليرقات تنشأ في أوساط مُظلمة، وهذا يُشير بكل وضوح إلى ما أصبح عليه الخطاة: فهم أنفسهم ظلمة ـ بحسب الطبيعة ـ ( أف 5: 8 )، ويحبون الظلمة ( يو 3: 19 )، وهم مُظلمو الفكر ( أف 4: 18 )، وأعمالهم هي أعمال الظلمة ( أف 5: 11 )، وبدون الإيمان نهايتهم الظلمة الخارجية ( مت 8: 12 ؛ مت22: 13؛ مت25: 30). ثانيًا: الدود من الكائنات التي تسير بطريقة دودية ـ أي فيها اعوجاج والتواء ـ وهذا يُشير إلى الخطاة في طبيعة عيشتهم وتصرفاتهم. وهذا يتوافق مع الوصف الخطير الذي استخدمه كل من موسى وبولس لوصف الأشرار بأنهم جيل أعوج وملتوِ ( تث 32: 5 ؛ في2: 15). ثالثًا: الدود كائن أرضي، ترابي، دائمًا فمه مُلاصق للتراب، بعكس الكائنات التي بإمكانها الطير في أجواء عُليا، وهكذا الخطاة: فإن تفكيرهم ينصب في كل ما هو أرضي، فقيل عنهم إنهم يفتكرون في الأرضيات ( في 3: 19 )، أما الأمور الروحية السماوية فلا تشغلهم ولا تلذ لهم. رابعًا: غالبًا ما يتغذى الدود على ما قد تعفن وفسد، سواء كان بقايا طعام تالفة، أو رّمة حيوان عفنة، أو جثة إنسان قد اعتراها الفساد. هل يزيد ما يتغذى عليه الخاطئ عن عفن وفساد؟ بالطبع كلا، فالفساد عينه في ما تراه عيناه ـ سواء في الفضائيات التي تقدم سمومًا، أو في المواقع الإباحية في الانترنت ـ وبالمثل أيضًا فيما تسمعه أُذناه، وفي الأماكن القذرة التي تأخذه إليها قدماه. عزيزي القارئ يا مَن ما زلت إلى الآن في خطاياك، يوجد رجاء لنفسك البائسة في المسيح فقط، الذي إن قبلته مخلصًا لك، وأعطيته الفرصة ليمتلك حياتك، فهو قادر أن يغيِّرك بالتمام، من كائن أرضي ترابي إلى إنسان سماوي، من شخص حياتك وفكرك في الظلمة إلى ابن لله من أولاد النور، قادر أن ينتزعك من الجيل المعوج ويضمك إلى عائلة الله، وأن ينتشلك من جو العفن والفساد إلى مُتعة الشركة مع الله. اقبله الآن.http://www.arabchurch.com/forums/images/icons/icon7.gif |
العطش إلى الله https://files.arabchurch.com/upload/i.../175672506.jpg كما يشتاق الأيل إلى جداول المياه هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله. عطشت نفسي إلى الله إلى الإله الحي. متى أجيء وأتراءى قدام الله ( مز 42: 1 ،2) من الناحية الاختبارية فإن العطش هو تعبير عن رغبة مُلحَّة في النفس. إنه الشعور بالفراغ الداخلي والتعطش إلى شيء معين. وهناك اتجاهان لهذا العطش: أولاً: عطش تجاه العالم وأموره: "كثيرون يقولون مَنْ يُرينا خيراً" ( مز 4: 6 ) مع أنه قد كثرت حنطتهم وخمرهم. فمع توفر الإمكانيات المادية لا يوجد شعور بالاكتفاء أو الارتواء، بل هناك فراغ دائم وعطش مستمر. هكذا كان الحال مع السامرية التي عاشت مع خمسة أزواج والسادس لم يكن زوجها وظلت في عطش تبحث عن المزيد. إن الخطية لا تحقق الارتواء مع أن لها "تمتع وقتي" أو لذة وقتية، لكنها تزول سريعاً، ربما في لحظة ممارستها ويظل الفراغ باقياً. بل أنه مع الممارسة يتعمق الفراغ أكثر ويزداد العطش. عن هذا أيضاً قال الرب يسوع "كل مَنْ يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً" ( يو 4: 13 ). والنفس البشرية لا يمكن أن ترتوي من مصادر العالم وينابيعه التي هي "آبار مشققة لا تضبط ماء" ( إر 2: 13 ). ثانياً: العطش إلى الله: ففي مزمور63 عندما كان داود هارباً في برية يهوذا متغرباً عن وطنه ومدينته، ورغم أنه مسيح الله، لكنه مُضطهد من عدوه شاول، فإنه في ضيقته يحول نظره إلى الله ويقول من أعماقه: "يا الله إلهي أنت إليك أبكر. عطشت إليك نفسي. يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء". ودعونا نتساءل أيها الأحباء: هل الظروف المعاكسة تنهض في نفوسنا أشواقاً مثل هذه؟ هل نشتاق إلى الله في البرية كما قد رأيناه في قدسه؟ هل اجتماعنا إليه يكون لأننا متعطشون ومشتاقون فعلاً للتمتع بساعة في محضره؟ إذا كانت نفوسنا مشتاقة ومتعطشة إليه شاعرة بجدوبة البرية ومرارتها حينئذ نقدِّر سعادة الوجود في المقادس. هذا هو الارتواء الحقيقي. إن ينابيعه الفائضة لا تنضب على الإطلاق، وعلى الدوام "سواقي الله ملآنة ماء" ( مز 65: 9 ) وكل مَنْ يشرب من الماء الذي يعطيه هو، لن يعطش إلى الأبد بل الماء الذي يعطيه هو يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية. |
أبفرودتس ..أخ للشدة وُلِدَ https://files.arabchurch.com/upload/i.../287592338.jpg أبفرودتس ... من أجل عمل المسيح قارب الموت، مُخاطرًا بنفسهِ، لكي يَجبُر نُقصان خدمتكم لي ( في 2: 25 - 30) لما كان الرسول يقاسي في رومية ألم الأحزان والاحتياج كأسير الرب، جاءه أبفرودتس بخدمة من كنيسة فيلبي. ومع أن هذا الأخ النافع كان الرسول الحقيقي لتلك الكنيسة، إلا أنه كان أكثر من مجرد قناة لتوصيل هِبة القديسين، فلم يكن ليخدم بتذمر وعن إرغام، ولم يخالطه شيء من الروح الباردة الرسمية الجافة، بل كان ممتلئًا بمحبة المسيح، وكانت خدمته لبولس هذه بحسب شهوة نفسه إذ كان قلبه في خدمة الرسول للقديسين من أجل خاطر المسيح، كان عاكفًا على إرضاء الآخرين لخيرهم ( رو 15: 2 ). والمثال الذي كان أمام عينيه على طول الطريق هو المسيح الذي «لم يُرضِ نفسه»، والفكر الذي كان يملأ عواطفه هو انعكاس «الفكر الذي في المسيح يسوع» ( في 2: 5 ). وفي حماس نكران ذاته، خاطر أبفرودتس بنفسه وهو يؤدي هذه الخدمة، فمرض في رومية قريبًا من الموت. وقد كانت فرصة مرضه هذه عاملاً على ظهور ناحية من نواحي مشاعر هذا الإنسان الرقيقة، إذ كان من أسباب قلقه وانزعاجه وهو مريض، أن خبر مرضه وصل إلى القديسين في فيلبي. فحزن لأنه كان، ولو أن ذلك من غير قصد، سبب حزن لهم. ويا لها من نظرة رقيقة! ويا له من اهتمام شفيق أن يخاف على إخوته من انزعاجهم بسببه! بل ويا له من إنكار تام للذات! وفي الحق، لقد كان أبفرودتس شخصًا نادرًا في روحه، عزيزًا في إحساسه. قدَّر بولس التكريس غير العادي الذي كان يملأ نفس هذا الرجل، وسجّله في رسالة فيلبي تسجيلاً لا يُمحى، ليكون هذا النوع من التكريس موضع تسابق القديسين في كل زمان. لقد كان أبفرودتس عاملاً ومتجندًا مع الرسول، ولكن قبل كل شيء كان ”أخاه“، على أنه لم يكن أخًا عاديًا كغيره من الإخوة «في المسيح»، بل كان أخًا بكل معنى الكلمة؛ أخًا حقيقيًا للشدة وُلد. ولذلك فإنه في إحساس عميق وتقدير حق يقول عنه «أخي»، كما تكلم بهذه اللغة عن تيطس ( 2كو 2: 13 ). لقد اعتبره الرسول أخًا ينطبق عليه لَقب الإخوة كامل الانطباق، أخًا أحب بولس، وإخوته القديسين، لا «بالكلام واللسان، بل بالعمل والحق»، أخًا «للشدة وُلد» ( أم 17: 17 ). ليت لنا أمثال أبفرودتس اليوم. |
أتينا أم لم نأتِ؟ https://files.arabchurch.com/upload/i...1099932214.jpg لأنكم لم تأتوا إلى جبلٍ ملموس مضطرم بالنار ... بل قد أتيتم إلى جبل صهيون ( عب 12: 18 - 22) «لم تأتوا» .. ونحن نقرأ هذه الأعداد، لعل شعورًا فياضًا بالطمأنينة، يندفق من كلمة الله، يملأك، ويملأني معًا، فقد قصد الرسول لقارئيه ولنا سويًا، أن نتنفس الصعداء في أثير أجواء النعمة، لا كمَن «أخذوا روح العبودية أيضًا للخوف»، بل كمَن «أخذنا روح التبني» ( رو 8: 15 ). وإن كان الرسول في معرَض حديثه للإخوة العبرانيين، يذكر ستة أشياء لم يأتوا إليها، لكنه على رأسها، يُذكِّرهم «بالجبل المضطرم بالنار»، وهل مَنْ ينساه؟ أقصد منظر جبل سيناء، الذي عليه أُعطي الناموس، فتعال نتصوَّر معًا: أـ الجبل: «وكان جميع الشعب يرون الرعود .. والجبل يدخِّن، ولما رأى الشعب ارتعدوا ووقفوا من بعيد» ( خر 20: 18 ). ب ـ ما أُعطى عليه: جاء الرب من سيناء .. وأتى من ربوات القدس، وعن يمينه نار شريعة لهم» ( تث 33: 2 ). ج ـ الواقفون حواليه بدون اقتراب: «ونحن نعلم أن كل ما يقوله الناموس، فهو يكلِّم به الذين في الناموس، لكي يستد كل فم، ويصير كل العالم تحت قصاص من الله» ( رو 3: 19 ). فالجبل هو منصة قضاء نارية مُدخِّنة، والقانون أيضًا هو شريعة نارية، ومَن خالفه يموت بدون رأفة ( عب 10: 28 )، والله هو القاضي العادل الذي لا يعرف إلى الرشوة أو إلى اعوجاج القضاء سبيلاً، فكانت النتيجة أن: «كل تعدٍّ ومعصية نال مُجازاة عادلة» ( عب 2: 2 ). «بل قد أتيتم» .. لقد سَرَد الرسول بالوحي ثمانية أمور مباركة، أتى إليها «شركاء الدعوة السماوية»، على رأسها: «جبل صهيون»، وما جبل صهيون، بالمقابلة مع سيناء، إلا رمز لمبدأ معاملات الله بالنعمة، لماذا؟ في المزمور الثامن والسبعين، نقرأ ملخصًا بليغًا لشر إسرائيل في مختلف محطات حياته، فبحسب استحقاقهم خسروا سُكنى الله في وسطهم، بل وجلبوا قضاءه عليهم، «رذل إسرائيل جدًا، ورفض مسكن شيلوه». وهذا ما حدث في أيام عالي الكاهن. ولكن عاد بالنعمة، فاختار: «جبل صهيون الذي أحبه» ( مز 78: 68 )، ليسكن في وسطهم من جديد، فالرحمة تعفي الإنسان من القضاء الذي يستحقه، وأما النعمة فتهبه ما لا يستحقه، والأروع من هذا، أنها وهبتنا المسيح الذي لم نكن نحلم به. |
آثار الغنم https://files.arabchurch.com/upload/i.../951676875.jpg إن لم تعرفي أيتها الجميلة بين النساء، فاخرجي على آثار الغنم ( نش 1: 8 ) يقول الحبيب للعروس: «اخرجي على آثار الغنم»، ذلك لأننا لسنا أول الطابور، بل سبقنا كثيرون من الأتقياء في اتّباع الرب. لكن علينا أول شيء أن نخرج. لقد دعا الله أبانا إبراهيم للخروج من أرضه ومن عشيرته، ولم يحدد له المكان، بل قال له: «إلى الأرض التي أُريك». فلما أطاع وخرج، حينئذٍ ظهر له الرب، وبنى إبراهيم مذبحًا للرب الذي ظهر له ( تك 12: 1 - 7)، ثم بعد أن نجح في درس طاعة الإيمان والخروج، فقد تعلَّم شيئًا عن السجود المؤسس على الذبيحة (تك22). ومرة أخرى لم يحدد الرب لإبراهيم مكان تقديم الذبيحة، بل قال له: «خُذ ابنك وحيدك، الذي تحبه، إسحاق، واذهب إلى أرض المُريَّا، وأَصعده هناك مُحرقة على أحد الجبال الذي أقول لك» ( تك 22: 2 ). هذا معناه أن الرب يطلب منا الخروج، من ثمَّ يرشدنا. علينا أن نخرج أولاً عن كل ما يُغاير كلمته قبل أن يكشف لنا فكره. والعريس لم يَقُل للمحبوبة: أنا في هذا المكان أو ذاك، بل قال لها: «اخرجي». ونحن أيضًا لن يمكننا أن نعرف أين يرعى حبيبنا، وأين يُربض، طالما أننا ما زلنا نتبع الأنظمة البشرية التي من صُنع الناس، لكن عندما ننفصل ونخرج، فإنه سيدرب الودعاء في الحق، ويعلِّم الودعاء طرقه ( مز 25: 9 ). هناك كثيرون لا يريدون سوى المعلومات، لكن الرب يريد الطاقة الإيجابية للتحرك والنشاط. «اخرجي على آثار الغنم». والأمر نفسه نجده في العهد الجديد، فلما سأل الرب اثنان من تلاميذ المعمدان: «يا معلم، أين تمكث؟»، فإنه لم يذكر لهما اسم الشارع بل قال لهما: «تعاليا وانظرا» ( يو 1: 39 ) وهو ما تكرر مرة ثانية في آخر أيام المسيح على الأرض، عندما قال لتلميذيه: «اذهبا إلى المدينة، فيلاقيكُما إنسانٌ حاملٌ جرة ماء. اتبعاه» ( مر 14: 12 ، 13). ومن هذا كله نتعلَّم أن المسألة تحتاج إلى تدريب روحي، كقول الرسول بولس: «اتبع البر والإيمان ... مع الذين يدعون الرب من قلبٍ نقي» ( 2تي 2: 22 ). فأول شيء يجب اتباعه هو البر، أي الانفصال عن الإثم، كل ما يعارض فكر الرب. يلي ذلك أن نتبع الإيمان، أو بلغة العريس هنا: «اخرجي على آثار الغنم». |
عمانوئيل.. الله معنا https://files.arabchurch.com/upload/i.../183407562.gif فستلد (العذراء) ابنًا وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلِّص شعبه من خطاياهم ... ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره: الله معنا ( مت 1: 21 - 23) لأي غرض جاء الله في وسط الناس؟ لا يمكن أن يكون هناك إلا سبب واحد لهذه الحادثة العظمى وهو الخلاص، ولا يمكن أن يكون هناك إلا غرض واحد وهو الفداء. لأنه لو كان الله قد قصد أن يبعث برسالة تحذير أو إنذار أو دعوة للناس، فكان يكفي أن يقوم بهذه المهمة أحد عبيده الأنبياء لأن الله قد كلَّم الآباء قديمًا بالأنبياء، بأنواعٍ وطرقٍ كثيرة. ولو كان الله قد قصد أن يوقع دينونته العادلة على الأشرار بالنسبة لخطاياهم، لَمَا احتاج الأمر إلا إلى ملاك أو اثنين لتأدية هذه المهمة كما حدث عند انقلاب مدن الدائرة الأثيمة (سدوم وعمورة). ولكن لا الناس ولا الملائكة كانوا يصلحون للغرض الذي كان الله مزمعًا أن يتممه، إنما عمانوئيل وحده هو الذي أتى قائلاً: «هأنذا أجيء لأفعل مشيئتك يا الله». وعندما يأتي عمانوئيل فلا بد أن يقف الناس والملائكة جانبًا، ولا بد أن تصغي كل أُذن لأنه أتى لإعلان وتنفيذ مقاصد المحبة الإلهية غير المحدودة «لأنه لم يُرسِل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلُص به العالم» ( يو 3: 17 ). إذا كان الخطاة يخلصون فلا بد أن ينزل الله ليفعل ذلك لهم، وإذا نزل الله للخطاة فإنه ينزل إليهم كمخلِّصهم لأن نفس طبيعته تتطلب هذا، وحكمته قد وجدت طريقها لتنفيذه بما يُرضي عدالة العرش الأبدي. لذلك كان اسم عمانوئيل هو يسوع. ويا له من اسم مبارك كريم! اسم العار والاحتقار على الأرض، واسم التشهير على الصليب، ولكنه الاسم الذي فوق كل اسم في السماء؛ الاسم الذي سيكون مصدر بهجة الكون إلى أبد الآبدين، وسيقرن هذه البهجة بتسبيح كل الخلائق في دائرة ملكوت الله الفادي. لقد فتح العالم باب المذود لاستقباله وبذلك أعلن عن بُغضه واحتقاره له، ولكنه في وداعته غير المحدودة قَبِلَ الموضع الذي عيَّنوه له لكي يفتح أمام عيون المساكين والمحتقرين كنوز المحبة الإلهية الثمينة. وهكذا تراءى في هذا العالم للملائكة الذين تهللوا لرؤية صلاح الله الذي تغلَّب على الشر، بينما الناس الذين فاض عليهم هذا الصلاح لم يحفلوا به. لقد شفى المرضى وأشبع الجياع، وجفف دموع الأرملة، وقبَّل الأطفال، وبشَّر المساكين. لقد افتقد الله البشر لأن «الله كان في المسيح مُصالحًا العالم لنفسهِ» ( 2كو 5: 19 ). |
خطورة ما بعد الانتصار https://files.arabchurch.com/upload/i.../938889915.jpg فقال ناثان لداود: أنت هو الرجل! ... قد قتلت أُوريا الحثي بالسيف، وأخذت امرأته لكَ امرأةً، وإياه قتلت ... ( 2صم 12: 7 - 9) المدهش أن سقطة داود المشينة لم تحدث وداود حَدَث صغير، ولا وهو مُطَارَد وواقع تحت ضغوط مختلفة، ولا حتى في بداية مُلكه، بل ما حدث حدث بعد أن مَلَكَ داود وثبت مُلكه، وبعد أن انتصر الانتصار تلو الآخر، كان آخرها منذ وقت قليل (2صم10). وهكذا الحال بالنسبة لنا. فبعد قفزة روحية، أو خدمة ناجحة، أو نُصرة على خطية، أو شهادة واضحة، أو مدح من المؤمنين، أو كشف لحق من كلمة الله، أو أي سِمَة من سِمات التقدم الروحي، بعد كل هذا نحن نصبح أكثر عُرضة للسقوط! فكلما ارتفعت على جبل كان احتمال سقوطك أكبر إن لم تتحذَّر وتحتاط لهذا الخطر. وجديرٌ بنا أن نتذكَّر التحذير: «إذًا مَن يظن أنه قائمٌ، فلينظر أن لا يسقط» ( 1كو 10: 12 ). وفي الوقت الذي ذهب فيه يوآب والجيش إلى المعركة، يقول الكتاب: «وأما داود فأقام في أورشليم»!! ( 2صم 11: 1). كان من المُفترض أن ملك البلاد، وبلاده في حرب، يكون في مقدمة صفوف جيشه، ولا سيما إن كان هذا الملك كداود مُحارب منذ صباه. لكن داود نسيَ ـ أو تناسى ـ المعركة، وربما استسهلها، فكان ما كان. ونحن، المؤمنين، ملوك في معركة، ملوك؛ فهذا مقامنا بالنعمة حصَّله المسيح لنا بموته على الصليب ( رؤ 1: 6 ). ثم إننا في معركة، يُخبرنا الكتاب أن طرفها الآخر هو الشيطان ومملكته المنظمة ( أف 6: 12 ). فهل من الغريب توقُّع أن يحاول جاهدًا إسقاطنا ليشتكي، ويعيِّر، ويُذل، ويُطفئ شهادتنا! وتكتيكاته كثيرة ومتنوعة، ولعل أهمها وأكثرها استخدامًا أن يجرجرنا لفعل ما يحلو في أعيننا، وهذا هو السقوط بعينه. لِذا علينا أن نصحو ونسهر ( 1بط 5: 8 )، أن نأخذ حذرنا ونراقب حياتنا. علينا أن نلبس سلاح الله الكامل، ونحارب بسيف كلمته ( أف 6: 10 - 18). لنتخذ أماكننا في صفوف جيش السيد. لنعمل لمجده. لنضع طاقاتنا وكل ما فينا في يدي ذلك القائد العظيم ليعمل بنا ويقودنا سائرين في موكب نُصرته محصِّلاً لحسابنا النُصرة تلو الأخرى. ولتتذكَّر يا صديقي أنك إذا لم تكن في الميدان مع شعب الله تحارب، فلا بد أنك تتمشى على السطح مثل داود؛ وما أوخم العواقب! فإما في المعركة وإما الدمار. |
الامتحان الأول لأيوب https://files.arabchurch.com/upload/i.../704456709.jpg فقام أيوب ومزَّق جُبته، وجزَّ شعر رأسه، وخرَّ على الأرض وسجد، وقال: ... الرب أعطى والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركًا ( أي 1: 20 ، 21) أُسلم أيوب ليدي الشيطان، وكل ما كان لأيوب أُخضع كذلك لمساوئ وأذى هذا العدو «إنما إليه لا تمُد يدك». شعرة واحدة من أولاد الله لن تسقط بدون إذنه. وما الشيطان إلا أداة وقتية لإتمام مشيئة الله، ولن يقدر أن يفعل أكثر مما أُجيز له. وكم هو نافع أن نتذكَّر هذه الحقيقة! أما عن الضربات التي وقعت على أيوب، فإن أربع منها توحي، طبقًا للدلالة العددية، بالامتحان أو الاختبار الذي جازه عبد الرب. وقعت أولاها على البقر والأُتن، أي على وسائل العمل الذي هو مصدر الثروة. ذلك أن السبأيون سقطوا عليها وضربوا الغلمان جميعًا بحد السيف ما عدا الهارب الذي حدَّث بما جرى. ثم جاءت الضربة الثانية مباشرةً، لتقع على الغنم، مصدر الغذاء والكساء، وعلى الغلمان رعاتها. والعامل في هذه الدفعة هو «نار الله .. من السماء». والضربة الثالثة استهدفت الجِمال، ودواب الأحمال والأسفار، مصدر الثروة التجارية، ومُنفذو هذه الضربة هم الكِلدانيون، وقد اكتسحوا الجمال والغلمان، تمامًا كما حدث مع السبأيين .. وأخيرًا وقعت الريح الشديدة على البيت الذي كان الأولاد والبنات يولمون فيه ولائمهم، بحيث لم تدَع سوى غلام يُبلِّغ خبر الكارثة. وهكذا تنهال الضربات تباعًا، وقبل أن يستفيق من واحدة يأتي خبر التالية. وكانت ضربات بلا شفاء، متجمعة، صاعقة. وفي لحظات قصار تجرّد أيوب من كل شيء. حقًا لقد فعل الشيطان فِعله بالتمام بسماح من إله كُلي الحكمة. لقد صارت الريح العاصفة بكل قوتها، فماذا عساه يفعل ذلك المتألم؟ لم يصدر من بين شفتيه أي تذمر وقد خسر كل مقتنياته، ولما بلغت التجارب والضربات إلى الذروة قابلها بنُبل رجل الإيمان، ولكن بقلب رقيق كسير. فالجبَّة الممزقة وشعر الرأس المُجتز، مميزان على النادب الحزين. وقد أقرَّ بأن شيئًا لم يكن له بالاستحقاق، عريانًا أتى إلى العالم، وعريانًا سيعود. على أنه يتحول من الضربة إلى اليد الضاربة، ويتجاوز كل العِلل الثانوية، بشرية كانت أو معجزية، ويُلقي بأحزانه عند قدمي الرب «الرب أعطى والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركًا». وهكذا تبددت خيبة الشيطان بالتمام. كان هدفه أن يقصي أيوب عن الله، لكنه إنما زاده قُربًا إليه. وهذا برهان على حقيقة إيمان أيوب. |
الذي يبرر الفاجر https://files.arabchurch.com/upload/i...1045987854.gif وأما الذي لا يعمل، ولكن يؤمن بالذي يُبرر الفاجر، فإيمانه يُحسب له برًا ( رو 4: 5 ) مَن يفكر في تبرير الخاطئ سوى الله؟ انظر إلى شاول الطرسوسي الذي كان ينفث تهددًا وقتلاً على تلاميذ الرب، وكذئب مفترس قد شتت الحملان والخراف ذات اليمين وذات اليسار، ومع هذا فالله لاقاه في الطريق إلى دمشق وغيَّره، وهكذا برره تمامًا حتى إنه لم تمضِ عليه مدة طويلة حتى صار أعظم كارز بالتبرير ظهر على وجه الأرض. ولا بد وأنه مِرارًا كثيرة كان يستغرب كيف أن شخصًا نظيره ينال التبرير في المسيح يسوع. ما كان لأحد سوى الله العجيب في نعمته أن يفكر في تبرير «أول الخطاة» هذا. ولكن حتى لو كان أحد قد فكَّر في تبرير الفاجر، فإن هذا الأمر لا يستطيعه سوى الله. من المستحيل أن يغفر شخص ذنوبًا لم تُقترف ضده. إذا أساء أحد إليك فأنت وحدك الذي تستطيع أن تسامحه. ومتى كانت الإساءة قد وُجهت إليك، فالغفران يجب أن يصدر منك وحدك. إذا كنا قد أخطأنا إلى الله، فمن حق الله وحده أن يغفر لنا لأن الخطية هي ضده، وهذا هو السبب في قول داود: «إليك وحدك أخطأت، والشر قدام عينيك صنعت» ( مز 51: 4 ). الله هو وحده الذي يستطيع أن يُبرِّر الفاجر، ويُبرِّره تبريرًا كاملاً، يُلقي خطايانا وراء ظهره، يمحوها كُليةً لدرجة أنه حتى لو فُتش عليها لا توجد، وذلك لا لشيء سوى أن صلاحه غير المحدود قد أعدّ ذبيحة مجيدة بها يستطيع أن يبعد عنا معاصينا كبُعد المشرق عن المغرب. وعلى أساس هذه الذبيحة لا يذكر خطايانا ولا تعدياتنا فيما بعد ( مي 7: 18 ). ما أعظم نعمة الله التي تجعله لا يتعامل مع الإنسان حسب عمله! إذا أردت أن تتعامل مع الله البار على مبدأ الأعمال، فلا بد وأن الهلاك الأبدي يهددك لأن هذا هو ما تستحقه. ولكن، تبارك اسم الله، فإنه لا يعامل البعيدين بحسب خطاياهم ولكنه يعاملهم الآن على مبدأ النعمة المجانية والعطف غير المحدود فيقبلهم ويحبهم مجانًا. عزيزي .. ثِق بأن الله يستطيع على أساس ذبيحة المسيح أن يتعامل مع المذنب بالرحمة الواسعة. تأمل مَثَل الابن الضال وانظر الأب الغفور كيف قبل الضال الراجع وأظهر له المحبة العظيمة كما لو كان لم يضل مُطلقًا أو يدنس نفسه مع الزواني. فمهما كنت مذنبًا، إن رجعت بقلبك إلى الله فلا بد وأن يعاملك كما لو كنت لم تفعل خطية البتة، لأنه يبرِّرك ويتعامل معك على هذا الأساس. |
هابيل البار https://files.arabchurch.com/upload/i.../478524604.jpg هابيل ... وإن مات، يتكلم بعد! ( عب 11: 4 ) موت هابيل لنا فيه من الدروس ما هو نافع ومفيد: (1) حياة الإنسان وسيرته لا تنتهي من الأرض بانتهاء حياته، فهو «وإن مات يتكلم بعد!» ( عب 11: 4 ). (2) إنه من الضلال، بل وأشر الضلال في الاختبارات اليومية، أن نحكم على الفضيلة والصلاح والتقوى والإيمان بمقياس النجاح الظاهري في الحياة. فهل قُتل هابيل لافتقاره للإيمان، أو لعدم الطاعة؟! (3) هناك حياة آتية فيها تصحح الأخطاء وتُعدل الأحكام، فليست الفضيلة دائمًا تُكافئ، ولا الرذيلة دائمًا تُعاقب في هذه الحياة، ولهذا فإن حكم الإنسان غالبًا ما يفتقر إلى الصواب. (4) إذا أردنا أن نبيِّن سبب آلام هابيل وقتله، علينا أن نتحول من الرمز إلى المرموز إليه، ومن الظل إلى الحقيقة، ومن الإنسان إلى المسيح. حينئذٍ تنكشف الحقيقة ويظهر السبب بكل بيان. فحياة ربنا يسوع المسيح هي أروع وأمجد حياة ظهرت على الأرض؛ حياة اتكلت تمامًا على الله، وعملت كل ما هو مُقرر لها من قِبَل السماء. الحياة التي أحبت الخطاة، وشَفَت السُقماء، فرَّحت التُعساء وشجعت الضعفاء، حياة على طول الخط أرضت قلب الله، لكن ماذا كانت النهاية حسب الظاهر؟ حفنة من الصيادين العاميين تبعوه، وعند اقتراب الخطر تركوه! واحدٌ منهم باعه وأسلمه، وآخر أنكره. على أن مشهد النهاية كان رهيبًا: ثياب تُنزع، إكليل من شوك على الرأس يوضع، وقصبة بدل الصولجان في اليد تُمسك، وصليب من خشب عليه يُرفع، وآخر الكل قبر مُستعار فيه يُدفن! وأمام هذه النهاية لا نجد سوى كلمة كيف؟ كيف لهذه الحياة أن تنتهي بهذه الصورة؟! مهلاً مهلاً يا أخي الحبيب، فالزمان ما هو إلا جزء صغير جدًا من الأبدية، وما اختل شأنه في هذه الحياة، لا بد أن يصحح وضعه عما قريب هناك! فمن خلال هذه المآسي الفاحصة والمظالم القاسية الساحقة، جاز المسيح أروع نصر، أكثر كثيرًا مما لو جرَّد اثني عشر جيشًا مُظفرًا لينتزع النصر في أشرس المعارك. فهو الأسد الغالب الذي أُعطيَ أن يفتح سفر مقاصد الله (رؤيا5). مع أن يوحنا التفت ليرى هذا الأسد الغالب، فإذ به يرى خروفًا قائمًا كأنه مذبوح. أخي الحبيب .. هذا هو طريق ومسار يسوع المسيح، فطريق النُصرة والغلَبة هو طريق الألم والدم. |
بُرج الفضة https://files.arabchurch.com/upload/i...1372137569.jpg لنا أخت صغيرة ليس لها ثديان .. إن تكن سورًا فنبني عليها برج فضة. وإن تكن بابًا فنحصرها بألواح أرزٍ ( نش 8: 8 ، 9) كم من المؤمنين في أيامنا هذه ينطبق عليهم القول: «لنا أخت صغيرة ليس لها ثديان»، مؤمنون قصيرو النظر، ضعفاء في المعرفة والفهم الروحيين أو في الحياة التقوية. إنهم في حاجة إلى النمو في النعمة، وإلى إدراك غنى بركات الفداء الذي لنا في دم الحَمَل، «فماذا نصنع لأختنا؟» ما هو العلاج لهذه الحالة؟ لا شك أن الأمر يتطلب اقتياد تلك النفوس لتدرك قيمة البركات الروحية التي ذُخرت لها في ربنا المبارك. إنها في حاجة إلى النمو للوصول إلى حالة البلوغ الروحي. إلى «برج فضة» وإلى «ألواح أرز». وفي القول «إن تكن سورًا» ما يبين أنه وإن كانت أخت العروس صغيرة إلا أنها راغبة في العيشة بالانفصال عن العالم، وفي تجنب الشر المحيط بها، ومع ذلك فإنه «ليس لها ثديان» ـ أي أنه تعوزها الأحشاء والعواطف التي تعتز بالعريس وبمحبته، وحسن ولا ريب أن تكون الأخت الصغيرة «سورًا». إنه أمر له أهميته وضرورته، وهذا ما تتميز به المدينة المقدسة (رؤ21). ولكن علاوة على أن هذه المدينة «لها سور عظيم وعالٍ» فإنها تتميز أيضًا بأوصاف أخرى هي غاية في الجمال، فهي «العروس امرأة الخروف»، أي أن لها العواطف والأحشاء التي تحب العريس وتعتز بمحبته، تلك الأحشاء التي كانت تنقص الأخت الصغيرة، فإنها «ليس لها ثديان»، وهذه الحالة كانت عيبًا أو نقصًا يحتاج إلى علاج كامل. «فماذا نصنع لأختنا في يوم تُخطب؟». «إن تكن سورًا فنبني عليها برج فضةٍ» إن كان السور يشير إلى العيشة في مخافة الرب التي تقود النفس إلى الانفصال، وهذا حسن وجميل إلا أنه ليس كافيًا، فيجب أن يُضاف إلى ذلك إدراك النفس ويقينها بنعمة الله التي لها والفداء الذي في ربنا يسوع المسيح؛ هذا الفداء الذي كانت الفضة رمزًا له «برج فضة». فالأخت الصغيرة هي في حاجة إلى إدراك إحسان الله الكامل ورضائه الذي استقر عليها كمفدية. ونحن المؤمنين في عهد النعمة الحاضر، لنا في ربنا يسوع المسيح «الفداء بدمه، غفران الخطايا، حسب غنى نعمته» ( أف 1: 7 )، «المسيح افتدانا من لعنة الناموس... لننال بالإيمان موعد الروح» ( غل 3: 13 ، 14). لقد افتُدينا لننال التبني، وبما أننا أبناء فقد «أرسل الله روح ابنه إلى قلوبنا صارخًا: يا أبا الآب» ( غل 4: 4 - 6). هذا ما يُشير إليه «برج الفضة». |
أخبروه بكل شيء https://files.arabchurch.com/upload/i.../813407329.jpg واجتمع الرسل إلى يسوع وأخبروه بكل شيء، كل ما فعلوا وكل ما علَّموا. فقال لهم: تعالوا أنتم منفردين إلى موضع خلاءٍ واستريحوا قليلاً ( مر 6: 30 ، 31) بعد أن عاد الرسل من إرساليتهم «اجتمعوا إلى يسوع». لقد أُرسلوا بواسطته، والآن يعودون إليه. وكم هو جميل أن يعود كل خادم للمسيح بعد أن ينجز أي خدمة حتى لو كانت بسيطة، يعود إلى الرب ويُخبره بكل شيء، كل ما عمل وكل ما علَّم. ولا يسجل الوحي أي تعليق على الخدمة التي قام بها الرسل، ولكننا نرى عطف الرب على خدامه واهتمامه وعنايته بهم. لقد تكلموا عن خدماتهم ولكنه كان مهتمًا بأشخاصهم وبالراحة التي تلزمهم، ولذلك نسمعه يقول لهم: «تعالوا أنتم منفردين إلى موضعٍ خلاءٍ واستريحوا قليلاً». هناك ”راحة أبدية“ باقية، ولكن لنا هنا ”راحة لفترة قليلة“. وتوجد ثلاثة أسباب من أجلها أخذ الرب التلاميذ إلى موضع خلاء: أولاً: لقد ذهب المسيح إلى موضع خلاء (البرية) بعد أن سمع عن جريمة قتل شاهده يوحنا المعمدان. وفي هذا علامة أكيدة لرفضه هو أيضًا. وعلى ذلك يخرج الرب إلى مكان بعيد من تلك الأمة الآثمة. وفي هذا إشارة إلى قرب تغيير التدبير بأكمله الذي يُذكر بصورة أوضح في متى11: 11- 13. ثانيًا: يوجد سبب آخر يتعلق بخدمة تلاميذه، ولذلك من الطبيعي أن يكون لهذا السبب مكان أفسح في إنجيل مرقس. ولقد أثارت خدمتهم في العالم حركة كبيرة بين الناس «لأن القادمين والذاهبين كانوا كثيرين»، ولذلك لزم أن يخرج التلاميذ بعيدًا عن عدم الاستقرار والضجيج الذي في العالم لكي يستريحوا قليلاً في حضرة الرب. ثالثًا: نجد السبب الثالث في إنجيل لوقا حيث نرى أن الرب أخرج التلاميذ إلى موضع خلاء لكي يعلِّمهم على انفراد ( لو 9: 10 ). ما أحوجنا في هذه الأيام أن نخرج من العالم لكي نتعلم أننا لسنا منه حتى لو كنا قد أُرسلنا إليه لخدمة الرب. فبركاتنا سماوية وليست أرضية، نحتاج لأن نكون منفردين مع الرب لكي نهرب من روح العالم ومن كل ما فيه من ضجيج وحركة دائبة وعدم استقرار، وحتى نهرب أيضًا من ما قد تُثيره شهادتنا الضعيفة من حركة بين الناس، كما نحتاج أيضًا أن ننفرد بالرب لكي نتعلم فكره ونعرف مشيئته. |
الترْك الرهيب فوق الصليب https://files.arabchurch.com/upload/i.../248983613.jpg ولما كانت الساعة السادسة، كانت ظلمة على الأرض كلها إلى الساعة التاسعة. وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوتٍ عظيم قائلاً: .. إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟ ( مر 15: 33 ، 34) إننا من خلف حجاب تلك الظلمة التي غطت مشهد الجلجثة لمدة ثلاث ساعات في منتصف النهار نرى سيدنا كذبيحة الخطية، يتألم الآلام الكفارية. نراه يحمل حِمل خطايانا الثقيل عندما وضع الرب عليه إثم جميعنا. نراه وقد جعله الله خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه. نراه يحتمل حُمو غضب الله الديان العادل ضد الإنسان الشرير. نراه يدفع هو أجرة الإثم الذي فعلته أيدينا، لظى ولهيبًا، وهو ـ بصفته الضامن ـ يدفع الغرم الذي كان علينا نحن أن ندفعه، يوم قال للعدل الإلهي ”احسب خطاياهم عليَّ، أنا أوفي“. ثم نجده بذلك يمحو بدمائه الصك الذي كان علينا، ويزيل بصليبه اللعنة التي كانت تهددنا، ويهدم بموته حائط السياج المتوسط الذي كان يفصل الإنسان عن أخيه، وبجسده يفتتح الطريق الحديث إلى محضر الله، وفي قبره يدفن خطايانا ويتركها هناك إلى الأبد. وفي كل ذلك نراه هناك منهمكًا في أعنف صراع، ويسجِّل أروع انتصار به مجَّد الله، وقهر الشيطان، وخلَّص الإنسان! إن الله في ثلاث ساعات الظلمة ترك الرب يسوع على الصليب. وإذا سألتني لماذا؟ فإن التفسير البسيط والمباشر هو أن المسيح أخذ مكاننا في الجلجثة. إلى حيث أوصلت الخطية الإنسان، إلى ذات المكان أوصلت النعمة المخلِّص. لقد دخل المسيح الظلمة ليكون لي أنا النور، وشرب كأس الأهوال لأشرب أنا كأس الهَنَا، وتُرِك هو ليمكنه أن يقول لي في محبة عجيبة «لا أهملك، ولا أتركك»، وليكون لي الشركة الأبدية معه في بيت الآب. وعلى طريق الجلجثة ظهرتْ جموعُ الزاحفينْ والربُّ يحملُ حِملهُ ويرى الشبابَ الساخرينْ الحِملُ ليس بِحملِه الحِملُ حِملُ المجرمينْ والمريماتُ هَمَسنَ في نَغَمٍ يقطعهُ الأنينْ: لِمَ كان ذاك؟ كان ذاكَ لأن ذاكَ هو الطريقُ وليس غيرهْ هو الطريقُ إلى خلاصِ الخاطئ من ويلات شرِهْ يشربْ هوَ كأس العذاب نيابةً، يشربها مُرّهْ ويذوق عنا الموتَ، بل ويقاسي جَمرَهْ |
ما هو نوع تعبك؟ https://files.arabchurch.com/upload/i.../576080798.jpg إذًا يا إخوتي الأحباء، كونوا راسخين، غير متزعزعين، مُكثرين في عمل الرب كل حينٍ، عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب ( 1كو 15: 58 ) التعب هو الطابع المميز للجنس البشري «الإنسان مولود المرأة، قليل الأيام وشبعان تعبًا» ( أي 14: 1 )، وكما قال موسى: «أيام سنينا هي سبعون سنة، وإن كانت مع القوة فثمانون سنة، وأفخرها تعب وبلية» ( مز 90: 10 ). إلا أن هناك نوعين من التعب مختلفين كل الاختلاف، يختلفان من حيث الدافع لهما، ويختلفان في الناتج من ورائهما. أولاً: التعب الباطل. هذا النوع من التعب هو تعب الإنسان الطبيعي، تعبٌ غرضه الحصول على المزيد من أمور هذا العالم، هو تعب مَن يواصلون السعي نحو الغنى والجاه، أو حتى مَن يكدحون وراء لقمة العيش، يقول عنه الكتاب: «باطلٌ هو لكم أن تبكروا إلى القيام، مؤخرين الجلوس، آكلين خبز الأتعاب» ( مز 127: 2 )، ويقول الحكيم أيضًا: «ثم التفتُّ أنا إلى كل أعمالي التي عملتها يداي، وإلى التعب الذي تعبته في عمله، فإذا الكل باطل وقبض الريح، ولا منفعة تحت الشمس» ( جا 2: 11 ). ثانيًا: تعب غير باطل. هذا التعب هو تعب أولاد الله الأحباء على مرّ العصور، تعبٌ نابع من محبتهم للمسيح، وغرضهم فيه أن يتمجد الله. إنه تعب مُقدَّر وكريم في عيني ربنا المعبود. وأمثلة لهؤلاء الذين تعبوا لأجل الرب، مَنْ قال عنهم الرسول بولس: «مريم التي تعبت لأجلنا كثيرًا ... تريفينا وتريفوسا التاعبتين في الرب ... برسيس المحبوبة التي تعبت كثيرًا في الرب» ( رو 16: 6 ، 12)، وعن آخرين يقول أيضًا: «ثم نسألكم أيها الإخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبّرونكم في الرب وينذرونكم» ( 1تس 5: 12 )، وهناك الشيوخ الذين يتعبون في الكلمة والتعليم ( 1تي 5: 17 ). أما بولس نفسه فما أكثر أتعابه لأجل الرب، فقال عن نفسه: «أَ هم خدام المسيح؟ أقول كمختَلّ العقل، فأنا أفضل، في الأتعاب أكثر» ( 2كو 11: 23 )، «بل أنا تعبت أكثر منهم جميعهم» ( 1كو 15: 10 ). من أجل ذلك يشجعنا الرسول بالقول: «إذًا يا إخوتي الأحباء، كونوا راسخين، غير متزعزعين، مُكثرين في عمل الرب كل حين عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب» ( 1كو 15: 58 ). عزيزي القارئ، دعني أسالك: ما هو نوع تعبك؟ هل هو التعب الباطل؟ أم أن تعبك ليس باطلاً في الرب؟ |
كنور الصباح في صباحٍ صحو https://files.arabchurch.com/upload/i.../726986537.jpg وكنور الصباح إذا أشرقت الشمس. كعُشبٍ من الأرض في صباحٍ صحو مُضيء غبَّ المطر ( 2صم 23: 4 ) ما أحلى الكلمات الأخيرة التي تنطق بها شفاه المختبرين لعمق الحياة مع الله، في المرتفعات والمنخفضات (روحيًا) وفي الصحو والغيم (زمنيًا). إنها تحمل خُلاصة التجربة، وعمق المعاني، يمتزج فيها الشعور العميق بنعمة الله رغمًا عن كل فشل ظهر، مع الشوق الحميم للعبور إلى الشاطئ الآخر بسلام واللحاق بركْب الذين سبقونا إلى المينا الأمين، بل وإلى الشخص الأمين العظيم ذاته، له كل المجد. وداود هنا يسجل بالوحي كلماته الأخيرة ( 2صم 23: 1 - 7) ويا لها من كلمات أخيرة تحمل العِبَر الكثيرة! لقد تحدَّث عن كلمة الله كالوحي، ورأى في اختباره نعمة الله التي عَلَت بمكانه جدًا وجعلته مرنم إسرائيل الحلو، وملكًا على كل الشعب. ووقف متأملاً مقاصد الله وقد تحققت في أن يملك الرجل الذي حسب قلب الله في توقيت الله وبطريقته اللتين هما دائمًا وأبدًا صحيحتان، كل هذا رغم شاول وكل الأعداء وهو يرى الرب «صخرة إسرائيل» في روعة مقاصده، وثبات قلبه، وعظيم سلطانه، وصِدق مواعيده. ويرى الغيوم قد عبرت والظلال قد ولَّت والليل المُخيف قد انتهى والشتاء قد مضى والمطر مرَّ وزال، فهتف قائلاً: «كنورِ الصباحِ إذا أشرقت الشمس. كعُشبٍ من الأرض في صباحٍ صحو مُضيٍ غب المطر»! على أن الأروع ليس فقط حسن الختام، والصباح المشرق المجيد والمستقبل الصحو السعيد، بل في أن هذه الكلمات الأخيرة عينها نرى من خلالها الرب يسوع بكل وضوح، مما لم يعِ أبعاده داود وقتها، فهو له المجد الرجل القائم في العُلا، والمسيح، وإمام المغنيين، وصخرة إسرائيل، والبار الذي يتسلط على الناس بخوف الله، وهو وسيط العهد الأبدي وضامنه، وهو خلاص الله ومسرته، وهو الذي يرتبط به بالحق نور الصباح الصحو المضيء، وذلك عندما يقضي قريبًا على كل الأعداء! حقًا ما أروع الحياة البشرية البسيطة الهزيلة عندما تلمسها يد الله، فتبدل مسارها بالنعمة، وتجعل طريقها رائعًا بالإيمان وتكلل ختامها بالمجد، وأروع الكل أن يرى الآخرون من خلالها شخص المسيح! |
البُرص يُشبَعون https://files.arabchurch.com/upload/i.../540443960.jpg وكان أربعة رجالٍ بُرص عند مدخل الباب، فقال أحدهم لصاحبه: لماذا نحن جالسون هنا حتى نموت؟( 2مل 7: 3 ) تُشبه حالة بني إسرائيل وهم جياع إلى الخبز، حالة الأشخاص البعيدين عن الله وهم جياع إلى البر. وكما كان بنو إسرائيل في خطر الهلاك والموت الجسدي، فأولئك البعيدون المائتون بالذنوب والخطايا في خطر الهلاك الأبدي والدينونة المُريعة والأبدية المُخيفة التي تُقضى حيث الدود لا يموت والنار لا تُطفأ أبدًا. وكما وقف أليشع النبي يتنبا عن مجيء ذلك اليوم المُفرح، وهو الغد عندما تكون كيلة الدقيق بشاقل وكيلتا الشعير بشاقل في باب السامرة، هكذا تنبأ الأنبياء العديدون في العهد القديم عن يوم أسعد وأهنأ، عندما يولد لهم ولدٌ، ويُعطون ابنًا، وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعَى اسمه عجيبًا مُشيرًا، إلهًا قديرًا، أبًا أبديًا، رئيس السلام. وكما تحققت نبوة أليشع فأتى ذلك اليوم الذي عمَّ فيه الشبع والرخاء خارج السامرة وداخلها، فصار فرح عظيم للشعب، هكذا تحققت نبوات الأنبياء، ففرحت السماء والأرض بولادة يسوع الذي يخلِّص شعبه اليهود وشعوب الأمم من خطاياهم؛ يسوع الذي هو خبز الحياة وماؤها، فمَن يأكل منه لا يجوع، ومَن يشرب منه لا يعطش أبدًا، هو المَن النازل من السماء الذي مَن يأكله يحيا به. فطوبى للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون. وكان في ذلك الحين أربعة رجال بُرص عند مدخل الباب، فقال أحدهم لصاحبه: لماذا نحن جالسون هنا حتى نموت، وإذا قلنا ندخل المدينة فالجوع في المدينة، فنموت فيها، وإذا جلسنا هنا نموت. ثم قاموا ونزلوا إلى المحلة، وكان ذلك في العشاء، فلم يجدوا في محلة الأراميين أحدًا، فأكلوا وشربوا واغتنوا وأُنقذوا من الهلاك. ونجد في الأربعة البُرصْ إشارة إلى جماعة الخطاة المُصابين ببرص الخطية، ونرى فيهم صورة الخطاة الذين شعروا بحالتهم، وأحسوا بالخطر المُحدِق بهم، فأخذوا يتحركون ويتلمسون طريق الخلاص. وكما لم يجد البرُصْ الخلاص في التجائهم إلى داخل المدينة، لأن في الداخل جوعًا منتشرًا، ولا في بقائهم على حالتهم لأن في البقاء خطرًا، هكذا الخاطئ الذي تفعل فيه نعمة الله، لا يستطيع البقاء على حالته لخطورتها، ولا يجد فائدة في الالتجاء إلى الوسائل الأدبية والمجهودات العقلية، والإرشادات الأخلاقية، لأنها بلا جدوى. فليس هناك إلا طريق واحد لا ثانِ لها هي الصليب. لأنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة. |
أستير الملكة https://files.arabchurch.com/upload/i.../917353292.jpg فوضعَ (الملك أحشويرش) تاجَ المُلْكِ على رأسها ومَلَّكها مكان وشتي ( أس 2: 17 ) طريق الله هو طريق رائع، فهو يتناول مَنْ هو لا شيء ويجعل منه شيئًا يليق بالله، يتناول أشخاص تُميزهم المسكَنة والمذلة، ويُرفّعهم ويُرقّيهم إلى أعلى المراتب وأرفعها. طريق الله هو طريق الآلام أولاً ثم الأمجاد، ولكى نتحقق من هذا الفكر دعونا نلاحظ أستير، فتاة بلا أب ولا أم، كانت تعانى من آلام خاصة تتمثل في فقدها لذويها، وفوق هذا هي فتاة مسبية في شوشن، لها آلامها الخاصة، وشاركت بني جنسها في الآلام الجماعية المتمثلة في السبي، وقد ربَّاها ابن عمها. وإذا نظرنا الى بداية أستير المتواضعة، وقارنا بين هذه البدايات وبين وصولها إلى المُلك وصيرورتها ملكة لواحدة من أعظم الممالك آنذاك، حيث أصبحت زوجة لأحشويروش الذي كان ملكًا على 127 كورة، طبعًا هذا في نظرنا أمر غير عادي، أن تتحول هذه الفتاة المسكينة لتصبح الملكة لمملكة مادي وفارس، ولكن عندما يعمل الله يستطيع أن يتناول أستير المسكينة ويجعلها الملكة. والشيء ذاته صنعه الله معنا، فقد كنا جميعًا مسبيين كأستير وحوَّلنا الله إلى ملوك. جميل أن يُقال عن الله «يا رب، مَن مثلك المُنقذ المسكين ممَّن هو أقوى منهُ، والفقير والبائس مِن سالبهِ؟» ( مز 35: 10 ). لقد كنا مسبيين لعدو قاسى، كنا في حكم أمتعته التي يحفظها متسلحًا، ولكن الجميل أن الرب تدَّخل فى حياتنا وصيَّرنا ملوكًا بعد أن كنا عبيدًا «الذي أحبنا، وقد غسَّلنا من خطايانا بدمِهِ، وجعلنا ملوكًا وكهنة لله أبيه، له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين» ( رؤ 1: 5 ، 6). لم تكن المشكلة فقط تتمثل فى وصول أستير إلى المُلك، بل أن تتصرف بما أُعطيَ لها من إمكانيات في يوم مجيء الكارثة المتمثلة في إبادة شعبها، وهنا عادت الآلام لأستير والمخاوف بصورة مرعبة، كيف ستغامر بنفسها لكى تدخل إلى الملك. فى المرة الأولى كان الأمر أسهل فقد تصير ملكة أو تظل مسبية، ولكن الأمر فى المرة الثانية إما ستأخذ حياة بإمداد الملك قضيب الذهب لها، أو تموت وتهلك فى الحال. تعقدت الأمور مرة أخرى مع أستير، وكما عملت يد الله لتجعل أستير ملكة، حفظتها لتستمر ملكة، وفى الوقت ذاته تكون بركة لشعبها ولبنى جنسها. |
الحياة الأبدية https://files.arabchurch.com/upload/i.../329679613.jpg مَن له الابن فله الحياة، ومَن ليس له ابن الله فليست له الحياة ( 1يو 5: 12 ) الحياة الأبدية حياة بلا نهاية. هي حياة كل مَن نالها كعطية من الله بيسوع المسيح ربنا لا يمكن أن يفقدها على الإطلاق. إن مُعطيها هو الله، ومَن أُعطيت فيه هو يسوع المسيح ربنا، ومتى علمنا ذلك يسهل علينا التأكد من عدم ضياعها أو استردادها. لو كانت الحياة الأبدية شيئًا مُنح لنا في مقابل ميزة أو أمانة فينا، لكان يحق لنا أن نخاف من ضياع هذه البركة بضياع أو تغير الصفة التي أُعطيت لنا على أساسها. ولكن حيث إن هذه الحياة هي عطية الله المجانية في ربنا يسوع المسيح فإنها تبقى لنا إلى الأبد، لأن عطايا الله وهِباته هي بلا ندامة. وأكثر من ذلك أن هذه الحياة لم يُعهد إلينا بالمحافظة عليها حتى يكون خطر فقدانها قريبًا منا على الدوام. انظر ما تقوله كلمة الله عنها: «وهذه هي الشهادة: أن الله أعطانا حياةً أبدية، وهذه الحياة هي في ابنهِ» ( 1يو 5: 11 ). هل يمكن أن أفقد شيئًا قد حُفظ لي في ابن الله؟ إنه لا توجد خزانة على الأرض مهما كانت متينة إلا ويستطيع اللصوص كسرها وأخذ ما فيها، ولكن أي سارق يتمكن أن يأخذ قهرًا من المسيح ما هو محفوظ لي فيه؟ إنه قد انتصر على كل عدو وهزم كل خصم. إن يده قد كسرت قوة الموت، وهذه اليد القديرة هي التي تُمسك بالمؤمن، وعليها يرتكز سلامه الأبدي. لذلك يقول عن حق إن كل مَن نال هذه الحياة لن يهلك البتة، بل تكون هذه الحياة ملكًا له إلى الأبد ( 1يو 5: 12 ). واسمع أيضًا ما تقوله كلمة الله: «كتبت هذا إليكم، أنتم المؤمنين باسم ابن الله، لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية» ( 1يو 5: 13 ). لا يقول ”لكي ترجوا“ أو ”لكي تشعروا“، بل ”لكي تعلموا“. مَن مِن الذين ألقوا حِمل خطاياهم عند قدمي المخلِّص العظيم، ومَن مِن الذين قد نظروا إليه بالإيمان البسيط القلبي يشك في كلامه؟ إن الرب هو نفسه الذي قال عن خرافه، عن جميع المؤمنين به «وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي» ( يو 10: 28 ). أَ ليس هذا كافيًا لإيجاد الطمأنينة في قلوب المؤمنين من ناحية حياتهم الأبدية؟ |
صوت الله متكلمًا في الكلمة https://files.arabchurch.com/upload/i.../534137518.jpg خبأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك ( مز 119: 11 ) من المهم أن نلاحظ بتدقيق اتزان حالتنا الروحية قبل أن نتقدم إلى دراسة الكتاب المقدس. يجب أن تنحني قلوبنا بخشوع وأن نخلع نعالنا من أقدامنا، وأن نطهِّر أنفسنا من كل دنس الجسد والروح شاعرين بحضور الله، وأن تكون لنا روح الخضوع والطاعة ببساطة الأطفال ـ تلك الروح التي تصغي بإنصات وارتعاد إلى نبرات صوت الله وتقول مع صموئيل: «تكلم، لأن عبدك سامع». إن الأشخاص الأكثر تعبدًا وتكريسًا هم الذين يقدروا أن يفهموا الحياة الداخلية، والجهاد الروحي، والمخاوف، والآمال، والانتصارات، والسقطات التي تملأ صفحات الكتاب المقدس. وكما يتسع الأفق أمام نظر الشخص الذي يتسلق الجبل، هكذا تتسع أمامنا أبواب الكلمة على قدر ما تسمو حالتنا الروحية وشركتنا مع الله. وفي الواقع إن الطاعة لكلمة الله هي أحسن الطرق لاستيعابها وفهمها فهمًا روحيًا. فإذا كنا نعقد النية على أن ننفذ عمليًا كل وصية أو مبدأ جديد نجده في قراءتنا للكلمة كل صباح، كما يتبع الصياد الماهر حركات الطيور التي يرغب اقتناصها، لا شك أن معرفتنا سوف تنمو وتزداد سريعًا. ومن المفيد أن يكتب القارئ ما يتضح له من مشيئة الله كل يوم، ويستخدم هذه المذكرات لامتحان نفسه وقياس حالتها بين آنٍ وآخر. وإذا كنا نخضع خضوعًا تامًا للوصايا الإلهية، فلا شك أن بصيرتنا الروحية سوف تزداد. أما تراكم الوصايا المُهملة فلا بد أن يتجمع كالقشور على عيوننا فيُظلم بصيرتنا. وتعوُّدنا على الإغضاء عن مشيئة الله يُدخل إلى نفوسنا الشعور بالغموض والشك في إعلاناته المقدسة. وإن كنا لا نستخدم ما تعلمناه وننتفع به عمليًا، فهناك خطر بأن نفقد ما حصلنا عليه من النور. الكتاب المقدس كتاب حي، ولكنه حي لمَن يسمع أقوال الله ويعمل بها. والتلميذ المطيع هو الذي يسمع صوت الله الحي في كل صفحة من الكتاب وينحني أمام «هكذا قال الرب». |
الساعة الآن 08:36 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025