![]() |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تكتيك الشيطان https://images.chjoy.com//uploads/im...bdf8e04906.jpg 1 - الأفكار الرديئة و القبيحة إنها تجارب المبتدئ, وقد رأينا كيف أن الشيطان حاول إقصاء أنطونيوس في بداية مسيرته عن مقصده بتذكيره بأملاكه وبوضعه الاجتماعي السابق وأنه قد أخطأ في تركه أخته. كما ذكّره أيضا بملذات الجسد وبصعوبة الطريق الذي ينوي المضي فيه قدما. نلاحظ أن بعض هذه الأفكار هي, ظاهريا, جيدة ولكنها لا تخلو من الفخاخ. يركّز أنطونيوس هنا على المثابرة والصلاة المتواترة بدون النظر إلى الوراء، وهو لا يندم على اختياره. في إرشاده لتلاميذه ينصح "أبو الرهبان" ببدء كل يوم و كأننا دائما في البداية. في نظره يجب العمل بمشيئة الله كل يوم, كما لو كنا نباشر العمل كل يوم, ويجب علينا أن نصلي لننال عطية التمييز,لنكتشف حيل الشيطان. 17 - يا أولادي, يجب علينا ألا نفقد حماستنا ظانين أننا عتقنا في النسك, أو أننا حققنا شيئاً عظيماً. 18 - فكما لا يجرؤ العبد على القول: إنني اشتغلت في الأمس فلن أشتغل اليوم, بل انه لا يتوقف عن العمل (...), هكذا فلنثبت في نسكنا كل يوم. 19 - لننصرف إلى حياة النسك من دون تهامل لأن الرب يتداءب معنا . 20: بما أننا ابتدأنا بالسير ووطئنا الآن طريق الفضيلة, فلنزدد جهاداً لنتقدم إلى الأمام, فلا يرجع أحد منا رأسه إلى الخلف كامرأة لوط." 2 - الرؤى الوهمية و التخيلات أو خداع الحواس حين كُشفت لأنطونيوس حيل إبليس الذي قاومه بالأفكار, لم ييأس عدو الخير، بل هاجم الناسك بطريقة أخرى. يتحدث أنطونيوس عن التجربة التي تحمل الرغبة في الملذات الدنسة والرؤيات والصور الرهيبة, كالتي هاجمته في القبر. ولا يحتاج المتروض إلى الخوف منها, لأنه يستطيع أن يطردها برسم إشارة الصليب وتجديد إيمانه بالله. وهناك خطة يحاول الشيطان أن يستخدمها, وهي زعمه أن يتنبأ بالمستقبل. هنا الإيمان ورجاء التوبة يهزمان العدو. وبعد أن تفشل الشياطين في تلك المحاولات كلها يستنجدون برئيسهم(23) وهو يحاول أن يلقي الخوف في الذهن. لكن أنطونيوس يؤكد أن الشيطان ليس له, في الواقع, أي قدرة على تحقيق تهديداته. فعلينا أن نحتقره لأن جميع أعماله قضى عليها المسيح بنعمته. يؤكد أنطونيوس أن مزاعم الشياطين كاذبة فيما يختص بالتنبؤ. فيقول إن التنبؤ هو عطية من الله, يهبها لمن يريد. 22 - ينبغي أن نعرف أولا أن الشياطين لم يُخلقوا شياطين, لأنهم يحملون هذا الاسم, فالله لم يخلق أي شر. خلقهم الله صالحين, لكنهم سقطوا وابتعدوا عن الحكمة الإلهية, فأخذوا يدبون في الأرض. والآن هم يحاولون خداعنا, إذ يحسدون المسيحيين.إنهم يريدون أن يعيقونا عن الارتفاع إلى السماوات, لكي لا نرتفع إلى المكان الذي سقطوا منه. (...) وهكذا نحتاج إلى الصلاة الكثيرة والنسك, لكي نحصل من الروح القدس على موهبة تمييز الأرواح, وعلى معرفة خصائصها: أي روح أقل شراً وأي روح أكثر شراً؟ ما هو سعي كل واحد منها؟ وكيف يطرد ويهزم؟ (...) يجب على كل واحد منا أن يصلح الأخر وفقا لخبرته مع الشياطين". 3. ملائكة نور أخيرا, كلما تقدمت النفس, تأخذ الشياطين شكل أشخاص أتقياء و كأنها ملائكة. في أحد الأيام, وقد كان أنطونيوس صائما, أتى إليه المخادع في شكل راهب حاملا إليه خبزا وهميا : 40 - (...) وكنت مرة أخرى صائما فأتى إلي ذلك المخادع كراهب يحمل في يديه خبزا خياليا ونصحني قائلا: كل وكف عن العذابات الكثيرة, أنت إنسان وسوف تمرض. لكنني أدركت حيلته, ولذلك نهضت للصلاة." أو على العكس من ذلك, فقد يشجع المخادع على أصوام وصلوات مبالغ فيها, هدفها خوار قوى المتروض وإحباط عزيمته. ومن الممكن أيضا أن يقول أشياء صحيحة وكذلك, كملاك نور, إسداء النصح بهدف إبعاد من انتهج طريق الفضيلة عن الطريق الصحيح. يبين لنا القديس أغناطيوس في قواعد الأسبوع الثاني رقم 332 المقصود بهذه التجارب: "من شأن الملاك الشرير - وهو يتحول إلى ملاك نور - أن يسير في جهة النفس الأمينة, وأن يأتي بها أخيراً إلى جهته,أي أن يعرض أفكارا صالحة و مقدسة تنسجم مع النفس الصالحة هذه,ثم يحاول شيئاً فشيئاً أن يبلغها غايته, جاذبا إياها إلى خدعه المستورة و نياته الفاسقة". |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قراءة في حياة القديس أنطونيوس الكبير(2) التمييز الروحي مقدمة عرضنا في المحاضرة الأولى مراحل حياة أنطونيوس الأربع: الابتداء (تنسكه بجوار منزله), التعمق (اعتزاله في قبر), النمو وهبة الأبوة الروحية (ذهابه إلى قلعة قديمة في الصحراء) وأخيرا الانطلاق إلى أبعد (الصحراء الداخلية) والرسالة: "دحض بدع الهراطقة". وقد لاحظنا ما رافق تلك المراحل من صراع في معركته ضد قوى الشر جعله ينمو شيئا فشيئا في ما نود أن نسميه التمييز الروحي وهو موضوع بحثنا في هذا المساء . أولا ما معنى كلمة تمييز؟ بحسب المنجد في اللغة العربية المعاصرة: مَيَّزَ: عرف الفرق بين شيئين مختلفين, فاضل بين شيئين وفرَّق بينهما, أقام وزنا صحيحا: "ميز بين الخير والشر", " ميز بين الضار والنافع" تمييز: مقدرة على المقابلة وحسن الاختيار بين شيئين مختلفين بحسب كتاب الرياضات الروحية للقديس أغناطيوس دي لويولا، يتضمن التمييز عنصرين: التمييز الروحي: حيث يختبر الإنسان تأثرات روحية كالانبساط والانقباض وحالات نفسية كالأفكار والمشاعر والرغبات والميول... فيعي ما يحياه هكذا. تمييز الأرواح: حيث يتساءل ما هي أسبابها ومصدرها: هل هي "تصدر عن مجرد حريتي وإرادتي"؟ أم هي "تأتي من الخارج", أي من الروح الصالح أو الشرير؟ أم من الله نفسه "بدون سبب سابق"؟. نود أولا أن نعرض "تكتيك الشيطان".ثم نعرض ثانية قراءة أنثروبولوجية (علم الإنسان) للتجارب وذلك أخيرا في سبيل الوصول إلى خاتمة. تكتيك الشيطان 1 - الأفكار الرديئة و القبيحة إنها تجارب المبتدئ, وقد رأينا كيف أن الشيطان حاول إقصاء أنطونيوس في بداية مسيرته عن مقصده بتذكيره بأملاكه وبوضعه الاجتماعي السابق وأنه قد أخطأ في تركه أخته. كما ذكّره أيضا بملذات الجسد وبصعوبة الطريق الذي ينوي المضي فيه قدما. نلاحظ أن بعض هذه الأفكار هي, ظاهريا, جيدة ولكنها لا تخلو من الفخاخ. يركّز أنطونيوس هنا على المثابرة والصلاة المتواترة بدون النظر إلى الوراء، وهو لا يندم على اختياره. في إرشاده لتلاميذه ينصح "أبو الرهبان" ببدء كل يوم و كأننا دائما في البداية. في نظره يجب العمل بمشيئة الله كل يوم, كما لو كنا نباشر العمل كل يوم, ويجب علينا أن نصلي لننال عطية التمييز,لنكتشف حيل الشيطان. 17 - يا أولادي, يجب علينا ألا نفقد حماستنا ظانين أننا عتقنا في النسك, أو أننا حققنا شيئاً عظيماً. 18 - فكما لا يجرؤ العبد على القول: إنني اشتغلت في الأمس فلن أشتغل اليوم, بل انه لا يتوقف عن العمل (...), هكذا فلنثبت في نسكنا كل يوم. 19 - لننصرف إلى حياة النسك من دون تهامل لأن الرب يتداءب معنا . 20: بما أننا ابتدأنا بالسير ووطئنا الآن طريق الفضيلة, فلنزدد جهاداً لنتقدم إلى الأمام, فلا يرجع أحد منا رأسه إلى الخلف كامرأة لوط." 2 - الرؤى الوهمية و التخيلات أو خداع الحواس حين كُشفت لأنطونيوس حيل إبليس الذي قاومه بالأفكار, لم ييأس عدو الخير، بل هاجم الناسك بطريقة أخرى. يتحدث أنطونيوس عن التجربة التي تحمل الرغبة في الملذات الدنسة والرؤيات والصور الرهيبة, كالتي هاجمته في القبر. ولا يحتاج المتروض إلى الخوف منها, لأنه يستطيع أن يطردها برسم إشارة الصليب وتجديد إيمانه بالله. وهناك خطة يحاول الشيطان أن يستخدمها, وهي زعمه أن يتنبأ بالمستقبل. هنا الإيمان ورجاء التوبة يهزمان العدو. وبعد أن تفشل الشياطين في تلك المحاولات كلها يستنجدون برئيسهم(23) وهو يحاول أن يلقي الخوف في الذهن. لكن أنطونيوس يؤكد أن الشيطان ليس له, في الواقع, أي قدرة على تحقيق تهديداته. فعلينا أن نحتقره لأن جميع أعماله قضى عليها المسيح بنعمته. يؤكد أنطونيوس أن مزاعم الشياطين كاذبة فيما يختص بالتنبؤ. فيقول إن التنبؤ هو عطية من الله, يهبها لمن يريد. 22 - ينبغي أن نعرف أولا أن الشياطين لم يُخلقوا شياطين, لأنهم يحملون هذا الاسم, فالله لم يخلق أي شر. خلقهم الله صالحين, لكنهم سقطوا وابتعدوا عن الحكمة الإلهية, فأخذوا يدبون في الأرض. والآن هم يحاولون خداعنا, إذ يحسدون المسيحيين.إنهم يريدون أن يعيقونا عن الارتفاع إلى السماوات, لكي لا نرتفع إلى المكان الذي سقطوا منه. (...) وهكذا نحتاج إلى الصلاة الكثيرة والنسك, لكي نحصل من الروح القدس على موهبة تمييز الأرواح, وعلى معرفة خصائصها: أي روح أقل شراً وأي روح أكثر شراً؟ ما هو سعي كل واحد منها؟ وكيف يطرد ويهزم؟ (...) يجب على كل واحد منا أن يصلح الأخر وفقا لخبرته مع الشياطين". 3. ملائكة نور أخيرا, كلما تقدمت النفس, تأخذ الشياطين شكل أشخاص أتقياء و كأنها ملائكة. في أحد الأيام, وقد كان أنطونيوس صائما, أتى إليه المخادع في شكل راهب حاملا إليه خبزا وهميا : 40 - (...) وكنت مرة أخرى صائما فأتى إلي ذلك المخادع كراهب يحمل في يديه خبزا خياليا ونصحني قائلا: كل وكف عن العذابات الكثيرة, أنت إنسان وسوف تمرض. لكنني أدركت حيلته, ولذلك نهضت للصلاة." أو على العكس من ذلك, فقد يشجع المخادع على أصوام وصلوات مبالغ فيها, هدفها خوار قوى المتروض وإحباط عزيمته. ومن الممكن أيضا أن يقول أشياء صحيحة وكذلك, كملاك نور, إسداء النصح بهدف إبعاد من انتهج طريق الفضيلة عن الطريق الصحيح. يبين لنا القديس أغناطيوس في قواعد الأسبوع الثاني رقم 332 المقصود بهذه التجارب: "من شأن الملاك الشرير - وهو يتحول إلى ملاك نور - أن يسير في جهة النفس الأمينة, وأن يأتي بها أخيراً إلى جهته,أي أن يعرض أفكارا صالحة و مقدسة تنسجم مع النفس الصالحة هذه,ثم يحاول شيئاً فشيئاً أن يبلغها غايته, جاذبا إياها إلى خدعه المستورة و نياته الفاسقة". يحدد أنطونيوس هنا معيارا في منتهى الأهمية للتمييز : 35 - من السهل تمييز مظاهر الأرواح الشريرة من الأرواح الصالحة, لأن الرب يعطينا قوة هذا التمييز. ما ظهور الأرواح الصالحة مرعبا, لأنها لا تجد في ظهورها من تتصارع معه ومن يصرخ يسمع صوتها. ظهور هذه الأرواح هادئ وصامت, ويخلق فرحاً في النفس وشجاعة. فالرب معها وهو فرحنا و هو قوة الله الأب. أما الأفكار التي تخلقها هذه الظهورات فتبقي النفس غير متزعزعة إلى أن تنيرها من هذا الفرح. 36. أما هجوم الأرواح الشريرة و ظهورها الخيالي فيرافقه جلبة وضربات وأصوات وصراخ ويسيطر على النفس الرعب والاضطراب وتشويش الفكر والحزن وفوق ذلك رغبة في الشر وكسل في اكتساب الفضيلة (...) فلنعرف أن هذا هجوم أرواح شريرة". نلاحظ هنا كيف أن تعليم أنطونيوس يطابق قواعد إغناطيوس في التمييز في ما يتعلق بالأرواح الصالحة و الأرواح الشريرة ( القاعدة السابعة 335) " إن الذين يسيرون من حسن إلى أحسن, يمس الملاك الصالح أنفسهم بلطف وخفة وعذوبة, كنقطة الماء التي تتشربها الإسفنجة. وأما الملاك الشرير, فإنه يمسها بحدة و ضجيج واضطراب, كنقطة الماء التي تقع على الحجر." تأتي هنا أهمية دور الشيخ القديم أو ما نطلق عليه اليوم " المرافق الروحي" فهو يساعد المتروض على تمييز الأرواح. إن القول 38 من أقوال أنطونيوس يبرز لنا دور هذا المرافق: 38 - و قال أيضا: "على الراهب أن يطلع الشيوخ - قدر الإمكان- على عدد الخطوات التي يخطوها و قطرات الماء التي يشربها في قلايته ليتأكد أنه على صواب" هذا القول يُظهر أهمية الانفتاح على المرافق الروحي, وفي ذلك ضمان للمتروض حتى يساعده من هو متمرس في سير أفكاره وما يعيشه على مستوى الانبساط والانقباض, وبهذا يكتشف أسباب تلك المشاعر التي يمر بها ومصدرها. كلما انفتحت لمرافقي الروحي أكتشف معه إرادة الله في حياتي وازددت تمييزا لما هو من الروح الصالح وما هو من الروح الشرير. هذا يُظهر ضرورة الثقة المتبادلة بين المرتاض والمرافق. كذلك, للوصول إلى مساعدة مفيدة, يطلب المرافق من المرتاض التعبير الصادق والوفي عما يتم في التأمل وخارجه, وعلى المرافق أن يصغي إليه بقلب رحب. ولذلك لابد من قبول مبدئي متبادل على أساس إيماني, حيث يرى المرتاض في المرافق الشخص المختار من الله لمساعدته. مما يتطلب لدى المرافق روح الصلاة والتواضع والتجرد من روح كل امتلاك لينقاد فقط بالروح القدس بعيدا عن انفعالاته الشخصية أو أفكاره المسبقة. على هذا الأساس يقدر المرافق أن يساعد المرتاض للوصول إلى الوعي بما يريده الله منه. وموقفه هنا موقف صديق العريس كما وصفه القديس يوحنا المعمدان. إن أنطونيوس, وقد اختبر في مراحله الأربع تكتيك العدو, أصبح مُمَيّزاً بارعا لحيله وعليه فهو ينقل لنا هذه الخبرة حتى نعي كيف نتسلح ضد قوى الشر ونتقوى بالرب طالما نقوم بما يجب علينا أن نفعله (راجع ليترجيا الطقس اللاتيني لهذا اليوم أفسس 6/ 10-20, لوقا 13/ 31-35). رغم أن هناك سبعة عشر قرنا تفصلنا عن أنطونيوس ما زال تعليمه يكلمنا في عالمنا اليوم. إنه لا ينكر ما للخوف من دور في حياة الإنسان فقد مر به. انه في نقله لخبرته يسترجع ما عاشه واختبر وهو ما نطلق عليه حسب المصطلح الإغناطي "مراجعة الحياة", فتدوين "يوميات" يساعدنا في إعادة قراءة حياتنا حتى نشكر الرب على ما عشنا ونطلب نعمته لنتقدم نحو الأفضل. 55 - أخيرا إليكم الملاحظة التالية من أجل أمانكم الروحي, وهي أن يكتب كل واحد منكم أعماله ورغبات نفسه و كأنه سيعلنها للآخرين. تأكدوا بأننا سنخجل من أن تكون أعمالنا مشاعة". إن علم النفس يشدد كثيراً في أيامنا على أهمية المخيلة والكتابة للشعور على وجه أفضل بما يجري في الشخص. أهمية "اليوميات" إذن هي أنها مرآة لضميرنا, إنها تساعدنا على فهم حالاتنا النفسية ومشاعرنا وما يعترينا من ميول ورغبات. عندما أسجل أستطيع أن أجد بعض الأجوبة لتساؤلاتي أو أقله تتوفر لي مادة أشارك بها مرافقي الروحي الذي معه أميز لا بين خير وشر، بل بين ما هو حسن وأحسن فأختار دائما الأفضل و الأسمى. إن التمييز فرز وفصل وغربلة, ولنا في مثل الزؤان (متى 13/ 24-30, 36-43) وشرح يسوع له تعليم يساعدنا على أن نفهم ونزداد تمييزا لما هو من الله وما هو من الشرير. لكننا, ربما لا نفهم, كالتلاميذ, من المرة الأولى, فنحتاج إلى شرح. يساعدنا يسوع على أن نفصل ونفرز بين ما هو من الله وما هو من الشرير. إن يسوع يشرح لأن التلاميذ قد طلبوا منه تفسيرا هو دائما مستعد, إن أردنا لأن نتتلمذ له، أن يشرح لنا الكتب فنميز, نحن أيضا, بين ما هو من الله بين ما هو من الشرير. التمييز تشخيص وتحقيق أيضا, فكما يشخّص الطبيب مرضاً ويتحقق منه, كذلك يبحث الإنسان فيكتشف أين هو الداء في سبيل إيجاد الدواء. فالمرافق يساعد المتروض في إيجاد الداء وعلى الأخير بمعونة الرب البحث عن الدواء والجد في طلبه. فالتمييز بحسب التقليد المسيحي هو اختيار لنور المسيح ورفض لظلام الشرير في عملية تشخيص النور والظلمة والفرز بينهما. إن اختياراتنا لا تكون حقيقية إلا باصطدامها بأرض الواقع فهي المحك الحقيقي الذي يعطي صلابة وقوة للاختيار. قراءة أنثروبولوجية للتجارب على مثال يسوع الذي جُرِّب, فقد جَرَّبَ الشرير أنطونيوس ونحن معه التجارب الثلاث: "تجربة الخبز", و" تجربة المجد الباطل", و" تجربة السجود للشيطان". رأينا أن أنطونيوس قد جرّبه الشرير في بداية نسكه بالطعام والمال والجنس وهذه كلها تتماشى مع تجربة يسوع الأولى, فالخبز يرمز إلى غريزة الامتلاك (Avoir), إذ إن الخبز رمز لكل ما هو مادي. (كيف أن الشعب العبراني كان يجمع المن والسلوى لا لحاجته اليومية فقط بل كضمان للمستقبل). جرب الشرير أنطونيوس بالمجد الباطل مثلما جرب يسوع عندما حرضه على إلقاء نفسه إلى أسفل فيضطر الرب إلى أن ينقذه. إنها ترمز إلى غريزة الشهرة والنجاح والمجد الباطل (Valoir), ذلك بأن الرغبة في حمل الملائكة من يلقي نفسه هي رغبة في الظهور و السمعة الطيبة و مديح الناس. 56 - كان الرب يستجيب (لزائري أنطونيوس) من أجله. ولكن أنطونيوس لم يفتخر إذا استجاب الرب لطلبه, ولم يتذمر إذا لم يستجب له، بل كان يشكر الرب دائماً. (...) والذين نالوا الشفاء تعلموا ألا يشكروا أنطونيوس وإنما الرب" هكذا لم يقع أنطونيوس في فخ المجد الباطل الذي يهدد جميع البشر, بل أصبح مثالا لجميع المسيحيين, إقتداءً بالمسيح الذي تحمل جميع ألوان الإهانات والاضطهادات. وعلى مثال يسوع في التجربة الثالثة ُجِّرب أنطونيوس في الكبرياء (56) فكان متواضعاً جداً: 58 - ما هذا العمل عملي (...) فالشفاء عمل المخلص الذي يفعل رحمة في كل مكان" فالتجربة الثالثة ترمز إلى غريزة التسلط على الآخرين لإخضاعهم (Pouvoir). فالغرائز الثلاث هذه يستخدمها الشرير ليجرب الإنسان في علاقته بالأشياء, وأيضا بنفسه, وكذلك بالآخرين, فإنه يعرض عليهم قيماً ثلاث يبنون ويعتمدون عليها في حياتهم. وهنا نجد مادة للتمييز بين قيم الله وقيم الشرير. لا شك أن ما كتبه القديس أثناسيوس في "سيرة أنطونيوس" لا يعني فقط حياة الراهب , بل يعني اختبار كل مسيحي, أيّا كان. خاتمة لقد تعمق أنطونيوس في قراءته كلمة الرب فساعدته حتى يفصل ويغربل بين ما هو من الله وما هو ليس منه. إن موهبة التمييز التي اكتسبها هي النعمة التي طلبها, على مثال سليمان, "هب عبدك قلبا فهما يميز بين الخير والشر" ( ملوك 1/ 9). أثناسيوس يعرض لنا تمييز أنطونيوس لا كفن نظري يجب درسه, بل كعطية من الروح القدس لابد من ابتغائها بالصلاة وترويض النفس. إن أنطونيوس ترك كلمة الله تلهمه وهي التي وهبته القوة لمحاربة إبليس. لقد تعلم كيف عليه أن يتعلق بالواهب أكثر من تعلقه بالهبة فلم يتركه الله في صراعه، بل قاده في مسيرته. لا نستطيع أن نستفيد من هذه الخبرة إن لم نطبق بدورنا, نحن أيضا, هذه الروحانية يوما بعد يوم. إن التمييز يعني البحث عن الفروق ومن ثُمَّ الاختيار واتخاذ القرارات. واختياراتنا هي استجابتنا لما تقدمه الحياة لنا, وهي تعطي شكلا لحياتنا ويعكس هذا الشكل نوعية القرارات التي اتخذناها. وتتفاوت هذه الاختيارات في مدى جديتها, ومن البديهي أن يكون لبعضها ثقل أكبر من الأخرى. وأهم هذه الاختيارات هي التي تعني لنا الكثير لأنها تمثل فعلا اللحظات الحاسمة في حياتنا, تلك اللحظات التي تضفي على حياتنا شكلا جديدا وتوجهها اتجاها جديدا. ومن البديهي, أننا نحتاج إلى التمييز في مثل هذه اللحظات الحاسمة, لكن التمييز, كما يقول أوليفر-برج - أوليفييه,لا يقتصر على هذه اللحظات. فالتمييز المسيحي يعني أن نحياه بحيث يصبغ جميع قراراتنا واختياراتنا ويحكمها كوننا أولادا لله الأب واخوة ليسوع وفي شركة الروح القدس. ولكي نقوم بتمييز حقيقي, يلزمنا علاقة حية يومية مع الله, فالتمييز ليس عملية آلية أو حسابية نطبق فيها سلسلة من القواعد بدون أساس, والأساس, أكرر, هو العلاقة الشخصية مع الله. صحيح أن التمييز المسيحي يتبع منهاجا محددا وخاصة عندما يتعلق الأمر بقرارات هامة ولكن هذا المنهاج لن يثمر إلا إذا استند على حياة منفتحة للروح العامل فينا. لا بد من استخدام العقل والقلب في عملية التمييز: "هبني قلبا فهما". هنا تأتي أهمية الصلاة وفيها أقدم للرب اختياري حتى يثبته إن كان موافقا لخدمته وتسبيحه الأعظم. إن غاية التمييز هو الاختيار وأخذ قرار حر. أنبه أن الاختيار الأول في التمييز المسيحي هو لله و أمام حضرة الله تأتي الاختيارات الأخرى |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تخصُّصات في العمل الشيطاني قداسة البابا شنوده الثالث كما أنه توجد في العِلم تخصُّصات، هكذا أيضاً في أعمال الشياطين تخصُّصات متعدِّدة يتقنها أخصائيون من الشياطين، لهم بها معرفة وخبرة .. نذكر من بينها: (1) شيطان مُتخصِّص في التخدير: ذلك أنه حينما يكون الإنسان متيقظاً ومتنبهاً لخلاص نفسه، صاحياً عقلاً وروحاً، فإنه من الصعب أن يسقط. وهكذا قال أحد الآباء إن الخطية يسبقها إمَّا الشهوة أو الغفلة أو النسيان. فهذه الحالة الأخيرة، حالة الغفلة والنسيان، هى تخدير من الشيطان للإنسان. ??بالتخدير ينساق الشخص إلى الخطية، كأنه ليس في وعيه. يخدِّره الشيطان بحيث ينسى كل شيء، ما عدا الخطية. فتكون كل حواسه وأفكاره ومشاعره مُركَّزة في الخطية وحدها. وأمَّا كل ما عداها فلا يحسّ به الإنسان إطلاقاً، كأنه قد نسيه تماماً! ??ينسى علاقته باللَّه. وينسى كل وصايا اللَّه. وينسى مبادئه واحتراسه. وينسى وعوده للَّه وتعهداته. وينسى نقاوة قلبه. وينسى أيضاً نتائج الخطية عليه وعلى غيره وينسى عقوبات اللَّه وإنذاراته. ويكون كأنه مخدَّر تماماً، لا يعرف إلاَّ الخطية. ولا يفيق إلاَّ بعد السقوط، حينما يكون كل شيء قد انتهى!! ??وقد يفيق الإنسان بعد الخطية مباشرة، ورُبَّما بعد مدة طويلة. فيهوذا مثلاً لم يفق إلاَّ بعد فوات الفرصة ... وهناك مَن يفيق من تخديره فيتوب. وهناك مَن يفيق، فيُصاب بصغر نفس أو قد ييأس.. لذلك هناك نصيحتان أقدمهما لك، إذا خدَّرك الشيطان: الأولى: أن تفيق بسرعة. وهذا لا يتوفَّر إلاَّ إذا كان قلبك من الأصل محباً للفضيلة. واحذر من أن تستمر مُخدَّراً بالخطية إلى أن تصبح عادةً! أو أن تصحو من تخديرك بعد أن تكون قد وصلت إلى نتائج سيئة جداً ... والنصيحة الثانية: هى أنك حينما تفيق، إنما تفيق إلى توبة حقيقية وسريعة، وليس إلى يأس أو صِغر نفس. واستخدم الندم وإنسحاق القلب لنفعك الروحي. (2) شيطان الخجل: إنَّ الخجل يكون فضيلة إذ أحسن الإنسان استخدامه. ولكن الشيطان كثيراً ما يستخدمه بطريقة تساعد على السقوط. ??كإنسان كان جالساً وسط أُناس، وبدأوا يتكلَّمون كلاماً رديئاً من الناحية الأخلاقية، أو يتحدَّثون بالسوء في سيرة شخص ما له مكانته ويشهِّرون به، أو يسردون قصصاً غير لائقة.. وهذا الإنسان الجالس بينهم لم يكن يتوقَّع كل هذا. فيُفكِّر أن يتركهم وينسحب. ولكن شيطان الخجل يمنعه ويستمر في البقاء. أو أنه يُفكِّر أن يقول لهم: " هذا الحديث لا يليق ". ولكن شيطان الخجل يمنعه. فيستمر جالساً يستمع. ويمتلئ عقله بأفكار ما كان يجب أن تجول بذهنه. ??وأحياناً أخرى يدفعه شيطان الخجل أن يوقِّع على تزكية لا يوافق عليها ضميره. وذلك خجلاً من الشخص المُزكَّى! أو يوقِّع على بيان أو قرار، هو في أعماق غير راضٍ عنه! أو يشترك في مدح إنسان لا يستحق ذلك .. وإن حاول أن يمتنع عن كل ذلك، يدفعه شيطان الخجل! ??وقد يجعل الشيطان فتاة أن تخجل من ملابسها المحتشمة، بحجة أن التيار العام ضد ذلك! وبالمثل قد يجعل شاباً متديناً أن يرفض سيجارة يُقدِّمها إليه زميل أو أستاذ له، بحجة عدم جرح شعوره! وكم من خطايا يقع فيها الإنسان بسبب شيطان الخجل...! ??والمفروض أن يرفض المتدينون هذا الخجل، أو يجدون سبباً يبعدون به عن الإحراج بلباقة. أو أن يكون الشاب المتدين قوي الشخصية يستطيع أن يدافع عن موقفه الروحي بإقناع الآخرين. أو على الأقل يبعد تماماً عن الصحبة أو المناسبات التي تُعرِّضه لشيطان الخجل. والعجيب أن الروحيين يخجلون أحياناً من تدينهم، بينما تكون للخاطئين جرأة وجسارة في التباهي بأخطائهم. (3) شيطان الوقت الضائع: الذي يضيع وقته في تفاهات، بلا أدنى فائدة روحية أو عقلية أو صحية، وبلا فائدة للآخرين. لا يهم الشيطان أن ترتكب خطية في هذا الوقت، بل يكفيه أن هذا الوقت يضيع بينما هو جزء من عمرك! ??والأمثلة كثيرة لهذا الوقت الضائع، ومنها: أحاديث قد تطول بالساعات في موضوعات لا فائدة لك منها، وتكون بلا حجة. ومجادلات ومناقشات لا جدوى منها سوى تعب الأعصاب وضياع الوقت. وزيارات وسهرات وترفيهات زائدة عن الحد. ومسليات تأخذ كل الوقت، وتعطل إيجابيات هامة في حياتك مثل جلوس البعض في المقاهي، والكلام وقتل الوقت .. وطبيعي أن الذي يقبل ضياع وقته، تكون حياته رخيصة في عينيه .. (4) شيطان التأجيل: إنَّ الشيطان يريد بكل جهده أن يمنعك من كل أعمال البِرّ. فإن وجدك مقدماً على عمل فضيلة مُعيَّنة، لا يمنعك عنها صراحة لئلا يكشف نفسه، وإنما يدعوك إلى التأجيل. ??يقول لك: لماذا الإسراع؟ الأمر في يدنا نستطيع أن نعمله في أي وقت. رُبَّما التريث يعطينا فرصة لفحص الأمر بطريقة أعمق، أو لإختيار أسهل السُّبُل للوصول إليه، أو يعطينا مزيداً من الاقتناع ... على أيَّة الحالات عندنا بعض أمور هامة حالياً، ما أن ننتهي منها، حتى نقوم بعمل هذا البِرّ ... ??والمقصود بالتأجيل هو إضاعة الحماس للعمل، أو إضاعة الفرصة، أو ترك الموضوع فرصة لعلك تنساه، أو يحدث ما يُغطِّي عليه. كأن تأتيك مشغولية كبيرة تأخذ كل اهتمامك ووقتك، أو يحدث حادث يُعطِّلك، أو تبدو عوائق مُعيَّنة تُعرقل التنفيذ، أو يلقي الشيطان في طريقك بخطية تقترفها، فتفتر حرارتك الروحية، فلا تنفذ ما كنت تنوي عمله من أعمال البِرّ. ??يا أخي، رُبَّما هى إحدى زيارات النعمة تدعوك. فإن أنت أجَّلت العمل، ضاع تأثيرها. إن الفرصة حالياً في يدك، فاعمل ما تريده من الخير، ولا تؤجِّل. لأنَّ التأجيل قد يكون خطوة إلى الإلغاء، يعرضها الشيطان بلباقة منه. ??إن كنت مقبلاً على عمل من أعمال الرحمة، استمع إذن إلى قول سليمان الحكيم: " لا تمنع الخير عن أهله حين يكون في طاقة يدك أن تفعله. ل ا تقل لصاحبك: إرجع فأعطيك غداً، وموجود عندك ". كذلك إن دعاك صوت في داخلك أن تتوب، فلا تؤجِّل التوبة، لعلك لا تجد ما يدفعك إليها فيما بعد |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ساعة الضعف
http://www.stmacariusmonastery.org/graphics/003.jpg + في تناولنا لجوانب الضعف البشري، أن الضعف النفسي والروحي أخطر من ضعف الجسد، وأن من الأهمية أن يكتشف الإنسان نقاط ضعفه، لأنها الثغرات التي يتسلَّل منها العدو ليوقعه في ساعة ضعفه. وعرض المقال إلى مواقف عدد من رجال ونساء الكتاب المقدس: غلب بعضهم، وانهزم البعض الآخر ساعة ضعفه. ويتعرَّض الجزء الثاني إلى موقفنا ساعة الضعف: كيف نتفاداها؟ وكيف نُلاشي آثارها؟ وكيف نفيد منها ونصبح أقوياء؟ نحن وساعة الضعف: من هذا العرض الكتابي، الممتد عَبْرَ القرون، من حواء وإبراهيم وموسى وداود إلى بطرس ويهوذا؛ نرى أنه ليس لأحد مناعة ضد التعرُّض للتجارب - خاصة ما يتعلَّق بشهوات الجسد - ولكن المهم أن نعرف كيف ننجو منها؟ - وأحداث الكتاب المقدس تكشف أن الانفلات من التجربة دون التعامل معها هو عين الحكمة مما يُجنِّب الإنسان آلاماً كثيرة ويمنع تداعيات غير مرغوب فيها. وهذا ما عَمَدَ إليه يوسف مستهولاً السقوط - رغم الظروف الكثيرة المضادة - فنجا. - والرب يحثُّنا على أن نمارس إيماننا وثقتنا في قوته ساعة التجربة، وهذه هي كلماته: «كيف لا إيمان لكم» (مر 4: 40)، «تشجَّعوا (ثقوا)، أنا هو. لا تخافوا» (مت 14: 27، مر 6: 50)، «لا تخف، آمن فقط» (مر 5: 36). - والرسول بولس ينبِّه إلى دور مقاومة المؤمن ضد الخطية في تحقيق القصد الإلهي: «لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية» (عب 12: 4). فالبعض يدخل التجربة مهزوماً (أي متوقِّعاً هزيمته)، فيسقط بالطبع. وبينما كان ?جيحزي? ممتلئاً رُعباً من جيش آرام الذي يحاصر المدينة، كان ?أليشع? مطمئناً وقال له: «لا تخف، لأن الذين معنا أكثر من الذين معهم»، وصلَّى من أجله قائلاً: «افتح عينيه فيبصر» (2مل 6: 15-17). فجيحزي لم يتعلَّم الدرس عندما اشتهى فضة نعمان السرياني، فعوقب بالبرص (2مل 5: 27)، واستمر لا يعرف كيف يُقاوم ضعفه! - والكتاب المقدس يؤكِّد على حقيقة أن الله مُتهيِّئ دوماً لمساعدتنا. فهو «يعطي المُعيي قدرة» (إش 40: 29)، وهو «قادر أن يرثي لضعفاتنا» (عب 4: 15)، كما «يَعلَم الرب أن يُنقذ الأتقياء من التجربة» (2 بط 2: 9). - إن حياتنا بالإيمان لابد أن تملأنا دوماً بحقيقة أننا أولاد الله (يو 1: 12، 1يو 3: 1)، وأننا مدعوُّون للقداسة (1تس 4: 3و7)، ومآلنا أن نستوطن عند الرب (2كو 5: 8، عب 13: 14)، فلا يليق أن نلوِّث حياتنا بالنجاسة، لا فكراً ولا قولاً ولا فعلاً. وعلى الجانب الإيجابي، فإن تتميم خلاصنا بخوف، وممارسة حياة القداسة: توبة، وعبادة، وحفظاً للكلمة، وخدمة للرب، وتجنُّباً لأوساط الشر وأبوابه؛ يحفظنا من الخيانة والميل إلى الخطية. على أن البعض قد يتحفَّظ من الخطية، لا من أجل الله، وإنما تحت تأثير الضغط الاجتماعي السائد، أو خشية القانون، أو خوفاً من الفضيحة، أو حفاظاً على السمعة، ولكنه بالتالي يصير أكثر تحرُّراً في وحدته، أو عندما ينتقل أو يسافر إلى مكان لا يعرفه فيه أحد؛ فيتحلَّل من التزاماته ويصبح أكثر استجابة لفكر الشر الذي لا يزال قابعاً ولم تقتلعه التوبة. فعلينا، إذن، تنمية الإحساس بمعيَّة الله، بغض النظر عن المكان والزمان، وحضور الناس أو غيابهم. ومثالنا يوسف الصِّدِّيق الذي درَّب نفسه على الشعور بحضور الله، فأَبَى أن يُخطئ رغم الضغوط عليه كعبد، ورغم الأبواب المغلقة، وغياب الشهود، وإغراء الخطية السهلة. وهكذا إن جاءتنا التجربة، يستطيع كل منَّا أن يُردِّد «كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله» (تك 39: 9). من الأهمية بمكان، إذن، أن نجعل خطوط الاتصال بالنعمة حيَّة نشطة ومفتوحة على مدار الساعة، واثقين من وعد الله أنَّ «الروح أيضاً يُعين ضعفاتنا» (رو 8: 26). - إن عقلنا وإرادتنا هبة إلهية، وعلينا أن نحتفظ بهما كأسلحة للمقاومة لا للتبرير. ومن أوجب الواجبات أن يكون العقل مقتنعاً بجدوى الحياة مع الله وأركانها من إيمان وأمانة وطهارة وقناعة وترفُّع عن الدنايا، وهذا يضع حدًّا لتأثير ساعة الضعف لا نتجاوزه، فالعقل هنا يصير حليفاً لا عدواً. - نحن لا نعرف متى تأتي التجربة، ولا من أي اتجاه تأتي سهامها: من الخارج (من مشهد أو صورة أو خبر أو كلمة أو حتى في حلم يرسله عدو الخير)، أم من الداخل: «لأنه من الداخل، من قلوب الناس، تخرج الأفكار الشريرة: زنى، فسق، قتل، سرقة، طمع، خبث، مكر، عهارة، عين شريرة، تجديف، كبرياء، جهل» (مر 7: 21و22). وبالتالي فإن تنقية الفكر أولاً بأول، وعدم السماح لأفكار الشر أن تستقر أو تنزوي أو تختبئ؛ يمنح الهدوء، ويحفظ السلام. ولنتعلَّم ضبط ميولنا، لأن «مالك روحه خير مِمَّن يأخذ مدينة» (أم 16: 32). التوبة، وشركة الجسد والدم، ودوام عشرة الله بالصلاة والكلمة؛ تغسل القلب من رواسب الخبرات السيئة القديمة، وحتى من أخطاء التربية وظروف الحياة المضادة. ساعة التجربة ليست النهاية: رغم خطورة ساعة الضعف، لأنها ساعة التجربة التي لا ندرك عمق هوَّتها، إلاَّ أنه عندما تفتقدنا نعمة الله ونثوب إلى رشدنا وتتراجع سطوة الجسد، فهي تبقى سقطة مؤقتة قد عبرت ونأخذ منها العِبْرة. فالضربة التي لا تقتلني، تقوِّيني، كما يقولون. الخطورة، إذن، ليست في الخضوع للعدو ساعة الضعف، وإنما في الاستسلام بعدها للحزن ولوم النفس على عثرتها دون النهوض بعد الكبوة. وفي العرض الكتابي الذي ذكرناه في هذا السياق، رأينا البعض مثل داود وبطرس، وقد خرج كلٌّ منهما من تجربته قوياً مُجاهداً، وتوارت نزوته في زوايا الحياة بعد تمتُّعه بالغفران. وبعض كبار التائبين مِمَّن عاشوا هزيمة طويلة وتحالفوا مع الشيطان، تغيَّرت حياتهم إلى الضدِّ بعد لقائهم بالمخلِّص، وصاروا نجوماً في سماء الكنيسة ونماذج للقداسة مثل مريم المجدلية ومريم المصرية وأوغسطينوس وموسى الأسود. والبعض مثل قايين وعيسو ويهوذا، كانت في سقطتهم نهايتهم بعد أن أفلتت منهم فرصة التوبة والنجاة. ومن هنا يلزم أن نعرف كيف نتعامل مع ساعات ضعفنا: بالإفلات منها إذا التحفنا بالنعمة أو استجمعنا جوانب قوتنا، أو بأن نلاشي آثارها إذا تعثَّرنا رغم التحذير المعلَن عن الخطية (خاصة شهوة الجسد) أنها «طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء» (أم 7: 26). الوقوع في التجربة، إذن، ليس هو النهاية؛ نقولها لا تهويناً من بشاعة الخطية، وإنما حثّاً على الخروج من المستنقع سريعاً، والاغتسال والجهاد ضد آثار الخطية في الفكر والكيان. فالتوبة تزيل تداعياتها؛ فنخرج من التجربة أقوى إيماناً، وأعمق اختباراً، وأكثر احترازاً وحذراً وصحواً وسهراً. وسوف نتعلَّم من التجربة ألاَّ نسمح بتكرارها لئلا نعطي فرصة للشيطان أن يشمت بنا، بل نردِّد المكتوب: «لا تشمتي بي يا عدوتي. إذا سقطتُ أقوم. إذا جلستُ في الظلمة، فالرب نورٌ لي» (ميخا 7: 8)؛ فنلتفت إلى ضبط الميول وسدّ المنافذ والثغرات التي يتسرَّب منها العدو، بالجهاد والتوبة وطلب المعونة والتحفُّظ من فتور الحياة وبرودة المحبة. - الله يسمح لنا بالتعرُّض للتجربة أحياناً، لكي نتيقن أننا وحدنا ضعفاء، وأن مصدر القوة في حياتنا هو الله، وأمانتنا تضمن مساندة الله لنا في قادم التجارب؛ فيتمجَّد الله في ضعفنا: «ولكن لنا هذا الكنز في أوانٍ خزفية، ليكون فضل القوة لله لا منَّا... لذلك لا نفشل، بل وإن كان إنساننا الخارج يفنى، فالداخل يتجدَّد يوماً فيوماً» (2كو 4: 7و16)، «لأنك حفظتَ كلمة صبري، أنا أيضاً سأحفظك من ساعة التجربة العتيدة أن تأتي على العالم كله، لتُجرِّب الساكنين على الأرض. ها أنا آتي سريعاً. تمسَّك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك» (رؤ 3: 10و11). - الله ينسى خطايا التائبين: «لا أذكر خطيتهم بعد» (إر 31: 34)، «لن أذكر خطاياهم وتعدِّياتهم في ما بعد» (عب 8: 12؛ 10: 17)، كي يجعلنا نبدأ ثانية ونرفع أعيننا إلى فوق دون أن ننظر إلى الخلف: «أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدَّام» (في 3: 13). فإرادة عدونا أن يُفقدنا رجاءنا، ويُذكِّرنا بجوانب فشلنا، وأنه لا جدوى من توبتنا المتكررة. وعلينا - كما نطرح همومنا وأحزاننا - أن نطرح أيضاً خطايانا السابقة التي تُبنا عنها وندمنا على فعلها، ولا نعود نذكرها إلاَّ لكي نحذر من الوقوع في نفس الفخ، أو لرذل أي ارتداد إلى الذات. - لنحذر الخطايا الصغيرة ولا نستخف بها، فهي كالثعالب الصغيرة المفسدة الكروم (نش 2: 15)، والتي تتسلَّل إلى الحياة خِفية، وربما كانت أخطر من الخطايا الكبيرة الظاهرة (التي لا يمكن أن تتخفَّى)، لأنها تفعل فعلها في الظلام. - ولنتحرَّز من أوقات ضعفنا الطبيعية، مثل المرض والإرهاق والملل والوحدة والهموم والفشل (التي قد يستغلها عدو الخير مستخدماً نقطة الضعف)، لكي نضبط ردود أفعالنا (وإلى حدِّ الصمت) إزاء ما يعترضنا من مواقف صعبة أو ضاغطة في مثل هذه الظروف لكي لا ندخل في تجربة. - وبحسب توجيه الكتاب المقدس، علينا نحن أيضاً عند التعامل مع مَن يعانون ضعفاً(1) في الجسد (مثل المرضى والمسنِّين والمُعاقين بدنياً وذهنياً) أو في النفس (صغر النفس أو ضعف الرجاء أو انهيار المعنويات)؛ أن نُقدِّم لهم كل حبنا وألاَّ نضغط عليهم بأي حال، بل نُحسِن تقدير ظروفهم (فلا نفاجئهم مثلاً بما يُكدِّرهم من أخبار) ولنضع في اعتبارنا أن طول فترة المرض قد يُفقِد الكثيرين الصبر أو الإيمان (وإن كان أيوب قد اجتاز امتحانه بنجاح)، ولنستخدم القانون الذهبي: «فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم، افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم» (مت 7: 12)، ولنسترشد بآيات الكتاب: «أسندوا الضعفاء» (1تس 5: 14)، «فيجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل أضعاف الضعفاء» (رو 15: 1)، «صرت للضعفاء كضعيف لأربح الضعفاء» (1كو 9: 22)، كي نجنِّبهم الانزلاق إلى التجربة. خطورة عثرة القادة والخدَّام: رغم تأكيد الرب أنه «لابد أن تأتي العثرات» إلاَّ أنه في نفس الوقت دان مَن يتسبَّب فيها (مت 18: 7). ولكن إذا كان الخضوع للضعف بالنسبة لعامة الناس هو خطأ، فهو يصير خطيئة وكارثة في حالة القادة والرؤساء والآباء والمربين وكل الخدَّام، لأنهم القدوة والموجِّهون، وعثرتهم تؤثِّر بالسلب على الكثيرين، وهي إحزان للروح القدس، وإهدار لدم المسيح، مثلما هي فرح وراحة لقلب إبليس، وتشجيعاً لأتباعه من مُحبي الخطية على تبرير أنفسهم. من هنا يحتاج مثل هؤلاء المتقدمين في الجماعة إلى جهاد أكبر والتزام أشدّ كي يسندهم راعي الخراف العظيم (عب 13: 20) في ساعات الضعف من أجل سلامة رعيتهم. كما أنهم يحتاجون إلى صلوات كل الكنيسة لمؤازرتهم، لأن في انتصارهم ونموهم بركة وسنداً للكنيسة كلها، خاصة أعضاؤها المجاهدة أو الضعيفة. + ربما جاز أن نقول في النهاية أن في الضعف، رغم كل شيء، فضيلة مركَّبة: ففي ضعفنا نكتشف حاجتنا إلى الله، كما نكتشف أن القوة ليست جزءاً من طبيعتنا، وإنما هي عطية الله القوي. وهذا يجعلنا ننكر ذواتنا، ونضع كل اتكالنا على الله، ونتعلَّم أن نحترس ونتحرَّز وندقِّق بحكمة (أف 5: 15). كان بولس الرسول قريباً إلى قلب الرب حتى أنه اختُطِف إلى السماء الثالثة حيث الفردوس، وسمع ما لم يستطع أن يفوه به. ولكن إبليس ظل يترصَّده ويلطمه بما سمَّاه بولس: «شوكة في الجسد»، والتي من أجلها تضرَّع إلى الرب ثلاث مرات أن تُفارقه هي والعدو، ولكن الرب كلِّي الحكمة تركها ولم يرفعها، لأنه رأى فيها بركة لحياة بولس وخدمته (?لئلا يرتفع بفرط الإعلانات?)، وقال له: «تكفيك نعمتي، لأن قوتي في الضعف تُكْمَل»، وكان رد بولس مُلهِماً لنا كلنا: «فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي، لكي تحلَّ عليَّ قوة المسيح. لذلك أُسرُّ بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح، لأني حينما أنا ضعيف فحينئذٍ أنا قوي» (2كو 12: 2-10). فكلما اتضعنا عملت فينا قوة الله وهي تعالج ضعفنا. وبعض المتقدِّمين روحياً لا يسألون من أجل رفع التجربة، وإنما هم - تسليماً لمشيئة الله - يطلبون فقط حضور الله فيها، فهذا ينزع منها أشواكها، ويعطيهم بركاتها، ويجعل لمداها حدّاً لا تتعدَّاه؛ واثقين من الوعد أنَّ «الله أمين، الذي لا يَدَعُكُم تُجرَّبون فوق ما تستطيعون، بل سيجعل مع التجربة أيضاً المنفذ، لتستطيعوا أن تحتملوا» (1كو 10: 13). نعم، يمكن أن يصير ضعفنا قوة «لأني حينما أنا ضعيف فحينئذٍ أنا قوي». دكتور جميل نجيب سليمان |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لماذا التجارب و أين الله منها بالبداية لا يوجد إنسان بلا خطيئة، وإذا أردنا القول أن شخص بار أو عادل أو محب، هذا ممكن. ولكن لا يمكن أن يكون بلا ضعفات. إما سيسقط في المجد الباطل أو في الكلام البطّال أو في أي أمر آخر. مثلاً هناك شخص يعمل أعمال رحمة لكنه ليس طاهر، آخر طاهر ولكن لا يعمل أعمال رحمة. الواحد لديه فضيلة ما و آخر لديه أخر. الفريسي كان يصوم ويصلي لم يظلم أحد وكان يطبق الناموس، لكن لديه غرور. وهكذا دين من السيد، لأن الغرور أسقطه بشكل أكبر من كل الخطايا الأخرى مجتمعة إذاً لا يوجد إنسان بار أو فاضل أو نقي من الخطيئة بشكل مطلق. ومن جهة ثانية لا يوجد إنسان خاطئ ولا يملك بداخله شيء صغير جيد. عل سبيل المثال شخص يعمل سرقة وتدمير، ولكن مرات عديدة يظهر رحمة فيساعد آخر ويحزن للشر من كان أكثر قسوة من الملك أحاب المغتصب؟ وهو بذاته شعر بالانهيار. من هو أسوأ من محب المال و الخائن يهوذا؟ وهو بعد تسليمه للسيد قال: "أخطأت إذ أسلمت دماً بريئاً" (متى 4:27 يطبق في هذه الحياة قانون "الثواب" على الجميع لذلك الأبرار يزوقون الحزن، والأشرار يحصلون على الخيرات. فهؤلاء يعاقبون هنا لخطاياهم القليلة، والآخرون يكافئون على أعمالهم الخيرة القليلة التي عملوها وسيعاقبون أبدياً على سيئاتهم الكثيرة عندما نتعرض لتجارب فاعلموا أنها بمشيئة الله تتم، وذلك إما لسبب خطايانا أو لننال أكاليل سماوية. قال الملك داوود عندما سمع شمعي يسبّه ويضرب من معه بالحجارة: "دعوه"، "لعلّ الرب ينظر إلى مذلتي ويكافئني الربّ خيراً عوض مسبّته بهذا اليوم". (2صموئيل 11:16-12). ولنسمع ما قال بولس الرسول لأهل كورنثوس: "أن يسلَّم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع". (1كو5:5). وأيضاً ذهب الفقير لعازر في المثل الإنجيلي "الغني و لعازر" إلى مكان الراحة لأنه تحمّل كثيراً في حياته يعتقد الكثيرون أن الذي يتعرض لهذه التجارب هو خاطئ. ويفترضون أنها عقوبات للذين يخالفون وصايا الله. وهذا ما حدث مع أيوب الصدّيق إذ قال له أصدقائه الثلاث الذين زاروه في لحظات التجارب، وبالرغم أنهم لا يعرفون خطاياه: "أليس شرّك عظيماً وآثامك لا نهاية لها؟" (أيوب 5:22 كان شمعي يسبّ ويلعن داوود لأنه قام ضد ابنه أبيشالوم. فظن شمعون أنه ليقوم ابن الملك على أبيه ويريد قتله يجب أن يكون الملك رجل دماء وقاتل ولذلك بدأ بسبّه وشتمه حدث شيء مشابه للقديس بولس في جزيرة مليطة، وذلك بعد تحطم الباخرة التي كانت ستنقله لروما، إذ لسعته أفعى في يده، فقال سكان الجزيرة عندما رأوا الأفعى على يده: "لا بد أن هذا الإنسان قاتل لم يدعه العدل يحيا ولو نجا من البحر" (أعمال 4:28 اليوم نسمع الكثير من هذا الكلام: "لو أن الله يحب الفقراء لما أبقاهم فقراء". وآخرون يرون إنسان يعمل أعمال رحمة يمرض فيقولون: "ماذا قدمت له الرحمة؟ ماذا قدم له الإحسان؟" طبعاً أسئلة غير مبررة أيها الإنسان كيف تستطيع الحكم على الله بهذه السهولة والسطحية؟ هل يمكن أن يكره الله الفقراء والأبرار؟ وأن يحب الأغنياء والأشرار والذين بدون رحمه؟ وحتى لا تخطئ بمثل هذه الأفكار السيئة سأشرح لك ماذا يحب الله وعن ماذا يصرف وجهه الله يحب الذين يحفظون وصاياه. هو يقول: "وأنا أحبه وأظهر له ذاتي" انما ليس للأغنياء وليس لصحيح الجسد بل فقط للـ: "الذي عنده وصاياي ويحفظها" (يوحنا 21:14). ولمن يصرف وجهه عنه؟ الذي لا يحفظ وصاياه. عندما ترى شخص يعصي إرادة الله ووصاياه، وإن كان غنياً أو صحيح الجسد، لا تشك أبداً أن الله سيبعد وجهه عنه. وبالمقابل سيحب الإنسان المحترم الفاضل وذلك إن كان فقيراً أو مريضاً. ألا تسمع ما يقول الكتاب: "لأن الذي يحبه الرب يؤدّبه وكأب بابن يُسرُّ به" (أمثال 12:3). وستقول أن الكثير سيتعثرون من هذه الجملة، أما أنا فأقول لك بأن عقولهم السبب لأنهم لا يفكرون بهذا الشكل: المكافأة لا تُعطى في هذه الحياة. هنا ساحة الجهاد، فالمكافآت والأكاليل تُعطى في الحياة الثانية يجب أن لا نحزن على الذين يتجربون ويتحملون بل على الذين يخطأون ولا يعاقبون. بالإضافة لأن العقوبات تعيق الخطيئة فهي تقود للفضيلة. "إذا كان هكذا" ستقولون: "إذا كانت العقوبات حقيقة تبعد الشر. فلماذا لا يعاقبنا الله على كل خطيئة نقوم بها؟" فسأجيبكم: "إذا عاقب الله الإنسان على كل خطيئة يقوم بها، ستفنى البشرية بالكامل، وتنحل إمكانية التوبة". لننظر مثلاً حالة الرسول بولس: إذا كان الله سيعاقبه على اضطهاده للمسيحية، أو بالأكثر سمح له الموت، كيف سيتوب، وكيف سيتمم العمل العظيم بأن يقود المسكونة من الجهل للحقيقة؟ انظر كيف يعمل الأطباء، عندما يظهر شخص شديد الإصابة فإنهم يطبقون العلاج الشافي ليس وفقاً لعدد وحجم الجروح لكن مع قدرة الجسد على تحمل العلاج. لأنه ما الفائدة إذا أغلقوا الجروح ومات الإنسان؟ لذلك لا يعاقب الله الخطأة مباشر وليس على أساس خطاياهم. عقوبات الله ليست تدريجية ولا ومنظمة. مرات عديدة يعاقب أحد الأشخاص ويعفي كثيرين. شيء مشابه يفعله الأطباء عندما يستأصلون عضواً نتناً لكي يحافظوا على الباقي صحيحاً عندما ترى ثملاً يصوم، أو فاسقاً يسبح الرب ويمجد رحمة السيد، فأعرف أنها التوبة وقل مع المزمور: "هذا ما يعليّني تغيُّر يمين العلي" (مز10:77). لأنها يمين الرب هي التي تقوم بهذه الأعمال العظيمة كل عمل يهدف لخلاص النفوس له الأولوية. و إذا أُهلت أن تخدم الرب بأي شكل ممكن، ستتحمل الكثير وتتألم وتتعرض لمخاطر كثيرة. لا تخف ولا تسأل: "أنا أطبق مشيئة الرب، فيجب أن نتمجد وننال الأكاليل لذلك. فلماذا نتحمل الكثير؟" فلتتذكر السيد الذي قَبِلَ الموت من أجلنا و قال: "إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم" (يوحنا 20:15). هم أعطانا وعداً: "ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص" (متى 22:10). إذا اهتم أحد بخلاصه فلن يخسره. والله لن يتركه في الصعوبات والمخاطر. ماذا قال الرب لبطرس: "وقال الرب سمعان سمعان هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك" (لوقا 31:22-32 فعندما يرى الله أن حمولة التجارب تستنزف قوانا، يمد يده ويخفف عنا عبئ الحمل الثقيل. ولكنه عندما يرى أننا غير مهتمون لخلاصنا يتركنا بدون مساعدته الله لا يفرض أو يجبر شيء على أحد. فهو لا يهتم بغير المبالين أو الغير المهتمين بخلاصهم. لكنه بالمقابل يضع بأحضانه كل الساعين لخلاصهم. يقول الرسول بطرس: "بالحق أنا أجد أن الله لا يقبل الوجوه بل في كل أمّةٍ الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده". (أعمال 34:10-35 |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حراسة الضمير و فحصه
للقديس نيقوديم الأثوسي استعمل يا أخي كل الوسائل كي تحفظ طهارة ضميرك في الأقوال والأفكار والأفعال. ليكن ضميرك على الدوام غير ملوم ، فلا تسمح له بتبكيتك أو تأنيبك على أي شيء ، وان عملت هكذا فان ضميرك سيترسخ في سائر الأمور الداخلية والخارجية ويصبح بذلك سيداً على حياتك يحميها ويدير شؤونها على نحو جيد. فالضمير الطاهر يجعل حياتك عديمة العيب لانه يتجه إلى الخير ويكره الشر.الضمير هو ناموس الله المغروس في قلوب الناس يساعدهم على إنارة سبيل حياتهم ويرشدهم إلى الصراط القويم كما علّم بولس الرسول: " عمل الناموس مكتوب في قلوبهم " (روميه2 :15). وعلى هذا القول يقدم القديس نيلوس النصيحة التالية : "في شؤونك اقتف إرشاد ضميرك لأنه سراج ينير. ثمة أربعة أمور ينبغي أن تصون ضميرك فيها وهي : علاقتك بالله : واظب على ذكر الله وأسلك دائماً في حضرته. انتبه إلى نفسك فقوة الله هي التي تحملك وتحبك وتحميك. أسلك نحو هذا الهدف فمن أجله دعاك إلى الوجود. كرس نفسك وكل ما عندك لخدمة الله ومجد أسمه. عش فيه ثق به ، وسلم له كل أمورك الزمنية منها والأبدية. علاقتك بنفسك : كن منصفاً مع نفسك وأعطها حقها مما في وجودك. أجعل روحك الطامحة إلى الله تحكم على جسدك ونفسك فقد أناط الله بهما دوراً في الحياة الزمنية. درب نفسك على طاعة ما يمليه الروح ، وكن منصاعاً للحق المعلن من الله. بهذا تسلك في كل شيء ، فتحفظ مشيئة الله وتدبير وصاياه. لا تدع نفسك تشرد إلى ميولها ونزعاتها. واعلم أن قلبك لا يجد عزاءه إلا في الإلهيات ، وفي كل ما يحمل طابعاً إلهياً أو يعبر عنه. بهذه الروح دع نفسك تسوس شؤونها العامة والخاصة في الحياة. أعط جسدك حاجته جاعلاً للأمر مقياساً وكن حازماً حسب قول الرسول: "لا تصنعوا تدبيرا ً للجسد من أجل الشهوات" (رو8 :14). علاقتك بأنسبائك وجيرانك : إحترم الجميع ففيهم صورة الله. أطلب الخير لهم مبادلاً الجميع بالخير قدر المستطاع. إتضع أمام الجميع طالبا رضى الجميع في حدود الخير. افرح مع الفرحين واحزن مع الحزانى. لا تدن أحداً ولا تحتقر أحداً ، لا بالفكر ولا بالشعور. لا تحجب الحق إن كنت تعرفه عن الذين يسألونك النصح والإرشاد. لا تفرض نفسك على أحد كما لو كنت معلماً من تلقاء ذاتك. وفوق كل هذا احتفظ بالسلام والوفاق مع الجميع ، مستعداً لكل بذل وتضحية من أجل هذا الهدف. إنتبه كل الإنتباه في أن لا تضل أحدا ً. بالنسبة للأشياء : احترم كل الأشياء على أنها خليقة الله. استعملها وصنها لمجد الله. أرض بما لك ، وأشكر الله على ذلك. لا تلتصق بأي شيء ، ولا يعلق قلبك بشيء يعيقه عن الحياة مع الله. إعتبر أشياء العالم أموراً خارجية ومجرد أدوات وذلك كي تنعتق لدى تعاطيك بها فلا تكبلك وأنت في الدرب الصحيح. لا تسمح لذاتك بالاتكال على هذه الركائز الضعيفة القابلة للكسر. لا تتباهى بما تملك. لا تحسد الآخرين على ما يملكون. تحاشى تكديس الأموال وروح الامتلاك. لا تضل في الأمور غير الصالحة. على كل إنسان أن ينتبه لهذه كل يوم بشكل أو بآخر حتى وان كنت تعيش في استقامة ، فهذا يجعل ضميرك صالحاً فتتشبه بالرسول بولس (عبرانيين13 :18). إن الذين يرغبون أن يحيوا باستقامة وهم غيارى على الخلاص يسلكون مجاهدين كي لا يخطئوا في أي من هذه الأمور ، فيبقى ضميرهم غير ملطخ. لكن رغم جهاداتهم ، تنسل أفكار ومشاعر خاطئة واعمال خاطئة فلا يلاحظونها ، واحياناً يرونها فيتغطى بالتراب وجه الضمير النقي. حتى انه في نهاية اليوم قلما ينجو أحد من نتائج ذلك ، وعلى مثال المسافر الذي يجتاز طريقاً يعج بالغبار فيمتلئ أنفه وعيناه وفمه وشعره ووجهه بالتراب ، فالذي يحن إلى الخلاص لا بد له من فحص الضمير عند المساء ليرى الأمور الخاطئة التي أقرت بها أفكاره مع كل الكلمات والأفعال الأخرى ، فيغسلها كلها بالتوبة. فهو يحذو حذو المسافر الذي علق به التراب. المسافر يغسل وجهه بالماء ، أما الأول فيغتسل بالندامة والانسحاق والدموع. وفحص الذات لا بد أن يشمل على التدقيق من كل الأمور الصالحة منها والرديئة ، الجيدة والخبيثة ، وان عثرت على أمر معوج سبق أن قمت به ، دقق في سبب اقترافه عندما تكون راغباً في القيام بعمل سليم. فكر كيف ينبغي أن تسلك في ما بعد كي تتجنب الوقوع في الخطيئة في كل الظروف. أجعل لنفسك قانوناً ونفذ ما عزمت عليه بدون شفقة أو تساهل. وبعد كل هذا ارفع الشكر لله من اجل الأمور التي رأيتها سليمة وصائبة دون أن تنسب أياً منها لنفسك ، وتذكر كلام الرسول "لان الله هو العامل فيكم.." (فيليبي2 :13) " وبدون الله لا تقدرون أن تعملوا شيئا ً "(يوحنا15 :5). لذا بادر إلى رفع الشكر لله و " امتد إلى ما هو قدام " (فيليبي3 :13). أما من جهة الأمور غير الحسنة فتب عنها أمام الله ، وبادر إلى ملامة نفسك ، فالقربان الذي قدمته لله لم يكن نقيا ً، بل امتزجت به الشوائب. صمم على مراقبة نفسك في اليوم التالي ، ولا تسمح لأي خطأ بالدخول إليك في القول والفعل والفكر. فاليقظون هم الذين يفحصون ذواتهم يومياً ، وفي المساء يكون فحص الضمير مجرد استرجاع لنشاطات اليوم المنصرم ، وذلك بقصد التحسين والتقويم. فأنت بذلك تجعل الضمير عارفاً بكل شيء وعندها سيضطرب الضمير إذا لمح خطأ ما ، وهكذا سيهدأ بفعل ملامة النفس ، فالرغبة بالسيرة الحسنة خير من تأجيل الأمور حتى المساء. بادر إلى فحص أعمالك والانتهاء منها بصلاة حارة ، طالباً من الرب أن يهبك عينين تبصران أعماق القلب " فالقلب خداع.." (ارميا17 :9). الله وحده فقط هو الأعظم من قلوبنا(1يوحنا3 :2) ،فهو وحده فقط عرف قلوب الجميع(1ملوك8 :39). هناك مشاعر خاطئة متجدرة في القلب وكثيراً ما تنسل إلى أعمالنا دون أن نلاحظها فتفسد كل شيء بدنس الخطيئة. لذا صل مع داوود قائلاً " من الخطيئة الدفينة أشفني " (مزمور19 :12) . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قداسة البابا شنودة الثالث " استطيع كل شىء فى المسيح الذى يقوينى " لاتيأس مهما كانت حالتك الروحية ضعيفة , فلا تيأس ,لان اليأس حرب من حروب الشيطان, يريد بها ان يضعف معنوياتك . و يبطل جهادك , فتقع فى يديه . و اذا كنت تيأس من نفسك . فلا تيأس ابدا من نعمة الله . ان كان عملك لا يوصلك الى التوبة. فان عمل الله من اجلك. يمكن ان يوصلك. + و فى حياتك الروحية. احيانا يكون سبب اليأس هو وضع مثاليات فوق مستواك. او خطوات واسعة لا تتفق مع التدريج اللازم. و عندما لا يمكنك ادراك ما تريده. فانك تياس. لذلك: يحسن ان تضع امامك نظاما تدريجيا فى حدود قوتك و امكانياتك. و فى حدود ما منحك الله من نعمة. و اعلم ان الله لا يريد منك سوى خطوة واحدة فقط .فان خطوتها يقتادك الى غيرها و هكذا... و قد تيأس بسبب انك لا تستطيع ان تقف امام الله. الا اذا اصلحت حالك اولا. الافضل ان تقول له : لست استطيع ان اصلح نفسى اولا ثم اتيك. و انما اتيك لكى تصلحنى. + لا تيأس ان كنت تشعر انك لا تحب الله و لا تقل : ما الفائدة من كل اعمالى ان كنت لا احبه! قل : ان كنت لا احب الله. فانه يحبنى .و بمحبته يمكنه ان يجعلنى ان احبه . + ان كنت تستخدم الوسائط الروحية. و لا تشعر بصلة حقيقيه مع الله. فلا تيأس. اثبت فى القراءة الروحية حتى ان كانت بلا فهم .و اثبت فى الصلاة و ان كانت بلا حرارة. و فى الاعتراف و ان كان بلا انسحاق. ربما من اجل ثباتك تفتقدك النعمة. و تعطيك الفهم و الحرارة و الانسحاق. + مجرد ثباتك فى الوسائط الروحية. يجعل الله فى فكرك و لو بلا توبة . اما ان يئست و ابطلت هذه الوصايا فقد تنحدر الى اسفل و تنسى الله كلية. حتى لو كنت فى حالة ضعيفة . لا تياس خير لك ان تبقى حيث انت من ان يدفعك الياس الى اسوا + بالصلاة تشعر انك لست وحدك انما انت محاط بمعونة الهية و قوات سمائية و قديسون يشفعون فيك . لذلك تهدا نفسك و تطمئن. + لا بد ان تعلم انك فى يد الله وحده و لست فى ايدى الناس و لا فى ايدى التجارب و الاحداث و لا فى ايدى الشياطين. + عندما يرى الرب غيرتك و همتك و سعيك فىالصلاة يعطيك اياها. " القديس مكاريوس " + الله ضابط للكل لا ينعس و لا ينام لا تظنه بعيدا فى مشاكلك انه يرقب كل شىء و يعمل لاجلك. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأفكار الصالحة والأفكار الشريرة قوة الفكر الصالح إن فكراً صالحاً واحداً له قوة عظيمة تعادل قوة سهرانية تستغرق كثيرة. وكما أن بعض الأسلحة اليوم تستطيع أن توقف بأشعة الليزر الصاروخ في قاعدته وتمنعه من أن يقذف، هكذا فإن الأفكار الصالحة تلحق الأفكار السيئة وتمنع تقدمها في (مطارات) الشيطان، التي انطلقت منها. لذلك حاولوا قدر ما تستطيعون، أن تزرعوا انتم أفكار صالحة فتدركوا التجربة قبل أن تزرع أفكار سيئة، لكي يصبح قلبكم حديقة زهور ويرافق صلاتكم رائحة قلبكم الإلهية الزكية. أن أبقى أحد ما حتى ولو فكراً يسارياً صغيراً، أي فكراً شريراً ضد شخص ما. فمهما عمل من نسك(جهاد روحي) صيام، سهرانية،الخ.. فإنها ستذهب سدى. على أي شيء سيساعده النسك، إن لم يجاهد بشكل مناسب لئلا يقبل الأفكار الشريرة؟ لماذا لا يفرغ أولاً حتل الزيت(ترسبات الزيت) من البرميل، والتي تصلح فقط للصابون، وبعد ذلك أن يضع الزيت الجديد، لكنه يضع الزيت الجديد مع الترسبات فيلوثه. إن فكراً صالحاً له قوة أكبر من كل النسك. على سبيل المثال، أحد الشباب يحارب بأفكار دنسة من الشيطان، ويعمل سهرانيات، صيامات، وانقطاع ثلاثة أيام عن الطعام، كي يتخلص من هذه الأفكار. لكنه لو أنه وضع فكراً طاهراً بداخله لكان له قوة أكبر من كل السهرانيات والصيامات التي يعملها، كما هذا الفكر سيساعده إيجابياً. أيها الشيخ عندما تقول(فكر طاهر) هل تذكر فقط مواضيع محددة أم عامة؟ كليهما. لان الإنسان عندما يرى كل شيء بأفكار صالحة، فانه يتنقى ويمتلئ نعم من الله. لكنه بالأفكار الشريرة يدين الآخرين ويظلمهم. كما انه يمنع حضور النعمة الإلهية فيحضر بعد ذلك الشيطان فيشتته. أيها الشيخ ألانه يدين الآخرين فانه يعطي حق للشيطان بأن يشتته؟ نعم. القاعدة كلها هي الأفكار الصالحة. هذا الذي يصعد الإنسان ويجعله يتغير إلى الأفضل. يجب أن يصل الإنسان لدرجة يرى فيها كل شيء نقي. فهذا الذي قال عنه المسيح" لا تحكموا حسب الظاهر بل احكموا حكماً عادلاً"(يو24:7). بعدما يصل الإنسان إلى حالة يرى فيها كل شيء بعينيه الروحيتين، وليس بعينية البشريتين. فيبرر كل شيء بمفهوم جديد. لذا يجب أن ننتبه بان لا تقبل رسائل الشيطان الشريرة، لكي لا ندنّس(هيكل الروح القدس) فتبتعد النعمة الإلهية، ونتيجة ذلك نصبح كلنا ظلام. وعندما يرى الروح القدس قلبنا طاهراً، فانه يأتي ويسكن فينا، لأنه يحب الطهارة. ولهذا حضر بشكل حمامة. الأب بايسيوس |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح يهدم عمل الشيطان : _________________________________ عندما أستعبد الشيطان الانسان فى القديم أضل الشيطان الانسان بجميع الصور والطرق . حتى ان الانسان كان يعبد الشيطان فى صورة الاصنام ويستشيرها فى الحروب والدمار ويقدم لها العبادة . وكانت تُقدم عبادة وطقوس شيطانية لهذه الاصنام وظل هذا زمن طويل جدآ فى عصر العالم الوثنيى .ولهذا ظهور ابن الله فى الجسد .وتقديسه للجسد كان بداية هدم عمل الشيطان وفضح امره فى الخليقة . ونلاحظ ان ظهور المسيح بين الناس كان من علاماته هو أخراج الشياطين وطردهم وتتبعهم فى كل مكان وكان هذا دليل أكيد على ظهور ملكوت الله على الانسان بظهور المسيح وطرد الشيطان : ولكن ان كنت انا بروح الله اخرج الشياطين فقد اقبل عليكم ملكوت الله. مت 12 : 28 وكان فى القديم السحر وأعمال الشيطان لها أصول ومدارس وكانت شيئ اساسى فى حياة الشعوب ,ولكن عندما ظهر المسيح فى الجسد وبين الناس قضى تماما على كل اعمال السحر والشعوزة . وعندما جاء يسوع الى مصر معروف فى التاريخ سقطت الاصنام لان المسيح ظهر ليقضى ويفضح عمل الشيطان ويطرده من الانسان ومن كل الخليقة , وكان تعليم القديس العظيم أثناسيوس فى رده على الهراطقة تعتمد وتؤكد على هذه العقيدة فظهور المسيح لكى يقضى على تسلط الشيطان على الانسان وهذه كلمات قديسنا العظيم التى تؤكد هذه الحقيقة: ((( متى بدأ البشر يهجرون عيبادة الاوثان , الا عندما حل الله _ كلمة الله الحقيقى_بين البشر؟ ومتى بطلت استشارة الاصنام فى كل مكان وصارة باطلة , الا عندما أُظهر المخلص نفسه على الارض. ومتى ظهرت حقيقة أولئك الشعراء الالهة ,وأتضح انهم مجرد بشر يفنون ,الا منذ اتم الله نصرته على الموت وحفظ الجسد الذى اتخذه بلا فساد حتى أقامه من بين الاموات,ومتى احتقرت غواية الشيطان وجنونه الا عندما تنازلت قوة الله الكلمة وظهر على الارض ومن أجل ضعف البشر. ومتى أبتدات مدارس السحر وصناعتها تُداس ,الا عندما صار الله الكلمة بين البشر.,كان البشر لا يعتقدون فى شيئ أخر سوى آلهة الاوثان ,أما الان ففى العالم كله تجد البشر يهجرون خرافة الاوثان ويلتجئون للمسيح ,واذ يعرفونه أنه هو الاله يعبدونه فيعرفون به أيضآ الاب الذى كانوا يجهلونه , وهكذا أقنع المسيح كل العالم ليعبدوا ربآ واحدآ وفيه يعبدون الله اباه, وبعد أن امتلآ العالم فى كل مكان قديم بغواية التنجيم والعرافة وآلهة التنبؤات ,بطل الان جنونهم ولم يعد احد ينجم بعد ,وذلك منذ بُشر بالمسيح فى كل مكان , وبعد أن أضلت الشياطين عقول البشر قديمآ ,اذ احتلت الينابيع والانهار والاشجار والحجارة ,هكذا أثرت على البسطاء بشعوذتها ,والان بطلت غوايتها بعد الظهور الالهى للكلمة , لانه بعلامة الصليب يستطيع حتى الانسان العادى ان يفضح ضلالتها )))))) القديس أثناسيوس الرسولى ويقدم القديس الحبيب أثناسيوس دليل جميل أخر فى هدم عمل الشيطان بظهور المسيح فى الجسد وعمله فى الانسان وحلوله فيه فى هذه الكلامات التالية : __________________________________________________ __________________________________________ (((( على ان هذه البراهين التى قدمناها ,لها اختبارات عملية تشهد لصحتها ,فليذهب من أراد يعلين دليل العفة فى عذارى المسيح والشبان الذين يعيشون الحياة النسكية المقدسة ,اما دليل الخلود _وقيامة الاجساد_ فيراه فى ذلك العدد الضخم من الشهداء, وليأت من أراد أن يختبر أقوالنا السابقة عمليآ فى وسط خداع الشياطين وخزعبلات المنجمين وأعاجيب السحر , ليستعمل علامة الصليب الذى يُهزاء به بينهم ,فيرى كيف أنه بواسطته تهرب الشياطين ويبطل التنجيم ويباد السحر والعرافة 0( والى الان متى ذكر اسم الصليب الذى يهزاء به غير المؤمنين تبطل أعمال السحر والشياطين) اذن من هو المسيح هذا؟ وما عظمته ,الذى بمجرد اسمه وحضوره يستطيع أن يطرح كل هذه القوى ويبيدها .انه ابن الله الحقيقى كلمة الاب وحكمته وقوته منذ البدء.)))))))) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حرب الأفكار الأفكار هي صور وخيالات تتعلق بالأمور المادية والتي تأتي عن طريق الحواس، يستغلها الشيطان في محاربة ذهن الإنسان من أجل إبعاده عن طريق الحق وإذلاله وتحطيمه واستعباده. الأفكار هي كلمات الشيطان، وهذه الأفكار كما يقول القديس ذياذوخس فوتيكيس تبدو وكأنها صادرة من القلب، لان الذهن يغذي القلب بحيث ما فيه ينقله للقلب سواء أكان شراً أم خيراً، وعندما نكون طائشين وعديمي الخبرة نظن بأن مصدر الأفكار هو القلب، أي مصدر الأفكار هو الشيطان. أما أسباب الأفكار كما يقول القديس اسحق السوري: أولاً: مشيئة الجسد الطبيعية ثانياً: خيال الأحاسيس المادية ثالثاً: انجذاب النفس رابعاً: هجمات الشياطين التي تحاربنا بكل الأهواء. وما دمنا على هذه الحياة فنحن عرضة للأفكار، والأفكار ترافقنا حتى الموت والحرب الروحية تبقى ما دام الإنسان حياً. لا تستغرب بأن الأفكار نفسها تجلب معها إما الموت وإما الحياة الموت الأبدي أو الحياة الأبدية. فالذي يقبلها تسبب له الموت الأبدي والذي يمقتها ويحاربها تمنح الحياة وتزيد من اجره في السماء. لكل هوى فكر، فالأفكار بعدد الأهواء. القديس كسيانوس يقسم الأفكار إلى ثمانية: الشراهة، الزنى، حب المال، الغضب، الحزن، الضجر، المجد الفارغ، الكبرياء. ليست الأفكار خطايا، وليست الصور والخيالات التي يثيرها الشيطان على الذهن خطايا، فكما أننا لا نستطيع أن نمنع الطير من أن يحلق فوق رؤوسنا، لكننا نستطيع أن نمنعه من أن يعشش فوق رؤوسنا، كذلك فنحن لا نستطيع أن نمنع الأفكار من محاربة الذهن، لكننا نستطيع أن نمنعها من أن تعشش في ذهننا وقلبنا. يوجد بين الأفكار الشريرة والتي تحارب الإنسان ثلاثة أفكار قاسية جداً هي: عدم الإيمان، التجديف والزنى. ولكي تقطع هذه الحرب يجب عليك أولاً أن تعترف متى تخطئ ومتى لا تخطئ. فعندما لا يقبل الذهن أو الأفكار، وبالأخص عندما تمقتها أو تزدري بها فإنك لا تخطئ لكنك تخطئ للموت عندما يحفظ الذهن بمحض اختياره بالأفكار ويسرّ بها القلب ويستمتع. فالذي يحارب بأفكار شريرة ولا يقبلها، لكنه يضطرب ضاناً أنه أخطئ فهو صغير النفس(جبان)، وكونه لا يميز بين الإثارة والقبول فالشيطان يسخر به. يحدث بعض الاحيان أن تأتي أفكار عدم الإيمان أو التجديف على والدة الإله والقديسين. وأحياناً أخرى أمام الأسرار الإلهية(القربان المقدس) والأيقونات المقدسة، وتسقط عليك أفكار تجديفية مثل سحب سوداء. فأزدري هذه الأفكار واهملها. لا تقلق ولا تحزن، لانك بهذا-أي إن قلقت أو حزنت- تفرح الشياطين، لانه إن لم يتمكن من أن يسئ إليك يكفيه أن يراك حزين ومرتبك، حينئذ سيزيد هذه الأفكار عليك كي يهلك ضميرك كلياً. ولكن عندما يراك تزدري هذه الأفكار التجديفية سيبتعد عنك خازياً. انتبه وستتأكد بأن هذه الثلاثة أنواع من الأفكار عادة تتولد من الإدانة، فلا تدن أخاك عندها ستتمكن من ضربة شجاعة للأفكار الشريرة، وكون حرب الأفكار ترهق عادة المتكبرين والحسودين، لهذا فإن أفضل طريقة للإنعتاق من هذه الحروب هي أن تنمي بداخلك التواضع والبراءة. إن الأباء القديسين يعلموننا ويبينون لنا الوسائل والطرق التي نستطيع أن نستخدمها لكي ننتصر على الأفكار ونخزي الشيطان الذي يبذرها فينا. أولاً: أن تظهر هذه الأفكار للأب الروحي بواسطة الاعتراف ثانياً: أن تصلي إلى الرب بحرارة واضعاً أمامه مرضك ومعترفاً له بضعفك ثالثاً: أن تنمي بداخلك انسحاق الذهن، لوم الذات والفكر التواضعي. رابعاً: أن تحب الصوم، الذي يميت قبل كل شيء الحروب الجسدية خامساً: أن تحب الأتعاب والمشقات الجسدية التي تجعل الجسد يتّضع وتغرق بعرقك شرور الشياطين سادساً: أن تحي دائماً في ذهنك تذكار الموت ودينونة الله الرهيبة سابعاً: أن تقابل الأفكار الدنسة بأفكار أخرى نقية ومرضية لله |
الساعة الآن 09:05 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025