![]() |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حتى متى يا ربي حتى متى يا ربي يسوع تتجاهل صراخي وانيني وصلاتي الحارة لك ستنقضي ايامي ودموعي تبلل فراشي وانت لا تستجيبني ولا تسمعني صدقوني الرب فاتح ذراعيه لك كما فتحها على الصليب ضاما العالم باسره اليه وان تاخرت استجابته لك فتاكد ليس تجاهلا منه بل ان طلبتك ليست حسب ارادته في حياتك اجعلوه الملجا الوحيد لحياتكم والحلال الوحيد لمشاكلكم الم يقل بحب وحنان تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم عنده راحة نفوسكم العطشانة الى بره وسلامه لا يروي عطشها الا هو بشخصه وطوبى لمن اسم الرب يسوع دائما على شفتيه فتهرب الشياطين منه ولا تقترب ولا تؤذيه اذ ان اسم الرب يسوع برج حصين يلجا اليه الصديق ويتمنع صدقوني لا احد يروي ويشبع نفوسكم وارواحكم الا هو وحده الرب يسوع له كل المجد امين وضعوا كل تقتكم فيه اذ هو الوحيد امانكم وضمانكم ولا تثقوا باي شئ في هذا العالم الزائل الفاني اذ هو خلاصكم وضمان حصولكم على ابديتكم اجعلوه هدف حياتكم الاول وتمجيد اسمه القدوس هو غايتها واجعلوه يملك عليكم وعلى بيوتكم لانه لن تنظره عين ولم تسمع به اذن ما عده الله للذين يحبونه امين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
انجيل شفاء المخلع
وجاء بالمخلّع إلى يسوع أربعة رجال. تصرّفهم غريب! كان يسوع في بيت وكان الناس يملأون المكان، فلم يجد الأربعة من أين يدخلون. فصعدوا على السطح ودلّوه مع الفراش، الذي كان عليه، من بين الأجرّ "إلى الوسط قدّام يسوع" (لو 5: 19). النصّ الإنجيلي يقول إنّ يسوع، لما رأى إيمانهم، قال للمخلّع: "أيّها الإنسان مغفورة لك خطاياك". يسوع بعد ان شاهد ايمان الاربعة غفر. وبالطبع مضاف اليهم ايمان المخلع.. اذاً الغفران لا يتم بشكل انفرادي.الجماعة لها دور ايضاً. ايمانهم ساهم بشفائه. فالغيرة التي ظهرت من جراء دلّوه من فوق ..وبكامل الاصرار على تقديمه للرب ليراه ويشفيه... نستخلص هنا ان الجماعة كلها تساهم بخلاص بعضها.المهم ان تتضامن الجموع مع الفرد. والفرد مع الجموع كلنا بحاجة لبعضنا البعض للخلاص. "احملوا بعضكم أثقال بعض وهكذا أتمّوا ناموس المسيح" (غلا 6: 2). وهذا كله لا يصح الا بالصلاة الحارة . بالمحبة العابرة لكل الحدود. بالاصرار والالحاح بالطلب.. والمثابرة على الطلب شرط ... فالرب سميع ومجيب.. ولا بد من الاستجابة.. فالرب هو رمز للمحبة الخارقة مملؤ محبة.. ولا بد لهذه المحبة تهبنا ما نريد.. «غَيْرُ الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ». الخطيئة هي البعد عن الرب.اي الحرمان من الله ومحبته. اذاً التوبة هي مصالحة مع الله. أي التواصل مع المحبة. ان تلبس اجسدانا وتسكن فيها.. يسوع لا يهتم للقشور من الخارج.فلو زالت الخطيئة سيبراء الجسد حتى لو بقي سقيما متألماً. متى شفيت الروح يصبح القلب في سرور دائم. لم يشفي الرب المريض بالجسد.بل واكثر من ذلك كان من الممكن ان لا يبرئه .. كلامه يعلمنا ان الغفران هو المهم والاهم ... لكنّه شفاه لعدم ايماننا الا بوضع الاصبع وهذا طبيعي نحن بشر بشرط الا نستمر بذلك... "لكي تعلموا أنّ لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطاي" المهم ان يتبدل قلب الانسان وبتبدله: تحل المحبة بدل الكراهية... والخير بدل الشر... والعطاء بدل البخل... والوداعة بدل التعصيب.. عندئذ يضمحل الموت وننتصر عليه ... وهكذا نكون دائماً مع الرب في نوره الازلي الغير مخلوق |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اسندوا الضعفاء تأنوا على الجميع
رسالة خاصة لخدام المنتدى ولكل الخدام في كل مكان كل من يحب الرب من قلبه ويكون له شركة معه في علاقة حية في مخدعه الخاص، ويسعى بدوام لتنقية قلبه بكلمة الله التي تنبض بالحياة الإلهية، ويتغذى على الطعام الحي النازل من فوق، لأن من يتناول منه يأخذ حياة يسوع في داخله، وبالتالي يكون له شركة مع الكنيسة والقديسين في النور، ويحب الكل ويحترم صورة الله فيهم ويسعى أن يخدم الجميع – بلا استثناء – بنشاط وغيره حسنة، كما أن الله خدم له (المقصود الخادم) خدمه الخلاص لما خالف الوصية وسقط في الموت (يعني قبل أن يحيا مع الله وهو اصلاً خاطي مخالف للوصية) بحسب المكتوب: [ ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا ]، لأننا كلنا الخطاة الذين أحبهم يسوع، وبذلك ينطلق في الخدمة بالمحبة التي في قلبه نحو سيده العظيم فيسير في حقل الخدمة حسب موهبة الله المعطاة له، ليفلح فلاحة الله ويخدم كل أولاده بلا تمييز أو تفريق بين شخص وآخر حتى ولو كان غير مؤمناً بل ومضاداً له شخصياً ولعمل الله، لأن ربنا يسوع حينما جمع تلاميذه وتعامل مع كل من حوله، لم يفرق أبداً بين إنسان وآخر بل حب الكل بلا تفريق أو تمييز!!!
فسمات الخدمة هي المصالحة مع الجميع، فعبد الرب ينبغي أن لا يخاصم، ويكون مرتب ومنظم في كل شيء وبدقة: [ وليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب (1كورنثوس 14: 40) - ونطلب إليكم أيها الإخوة انذروا الذين بلا ترتيب (حياتهم في هرجلة وتشويش دائم وعدم نظام) شجعوا صغار النفوس اسندوا الضعفاء تأنوا على الجميع (1تسالونيكي 5: 14) - إذ انتم تعرفون كيف يجب أن يتمثل بنا لأننا لم نسلك بلا ترتيب بينكم (2تسالونيكي 3: 7) ]
أقبلوا محبتي النعمة معكم |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما هي المعمودية + الكلمة باليونانية "بابتزما" أي صبغة، والصباغة تكون بتغطيس الثوب وليس بالرش، فالثوب القديم حين يغمر في إناء المصبغة يخرج جديداً زاهياً وهذه هي فاعلية المعمودية. + دفن مع المسيح ثلاثة أيام بثلاث غطسات بإسم الآب والإبن والروح القدس، وقيامة معه، والمسيح مات مرة واحدة فقط (رو 6 : 4 : كو 2 : 12)، لذلك المعمودية مرة واحدة ولا تعاد، لأن بالمعمودية يكونوا ارتباطا دائما ووثيقا لا يفكه من المسيح إلا خطية إنكار المسيح إبن الله الذي تجسد وصلب ومات وقام من الأموات، "من هو الكذاب إلا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح هذا هو ضد المسيح الذي ينكر الآب و الابن ( 1يو 2 : 22 ). + الولادة الثانية "الحق الحق اقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله"( يو 3 : 3 )، لأن الولادة الأولي قد فسدت بالخطية، فالولادة الثانية غسل من الخطية، وتعود بنا لصورة الله التي خلق عليها آدم قبل الخطية. وكما أن الميلاد يكون مرة واحدة كذلك المعمودية مرة واحدة ولا تعاد (يو 3 : 5) وإنما سر الإفخارستيا أو التناول هو تجديد لها بإستمرار. + لذلك تجري المعمودية بالرب يسوع أي حسب وصيته، وبإسم الثالوث القدوس (مت 28 :19) فيغطس المعمد ثلاثة مرات، وهي سر وليست مجرد طقس أو تمثيل، لأنها اشتراك فعلي في الآم السيد المسيح الذي لم يكن في حاجة لا للمعمودية، ولا فيه خطية، وإنما قبل أن يعتمد من يوحنا المعمدان، وسلم نفسه لليهود والمحاكمة، ولم يعترض علي الإتهامات ولا دافع عن نفسه، ووافق علي جميع التهم الموجهة ضده، وكل الخطايا التي نسبت إليه،فحسب له أنه قبل وحمل خطايانا في جسده علي خشبة الصليب ليموت بمقتضاها. فنحن بهذا السر نأخذ لأنفسنا النصرة التي منحنا إياها كعطية مجانية، لأنه ما كان لنا سبيل لاقتنائها مهما قدمنا أو عملنا. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ثمار المعمودية في حياة المعمد + من آمن وأعتمد خلص (مر16 : 16)، فكما أبطل المسيح الخطية بموته، أُبطلت الخطية بالمعمودية. + غسل الخطايا بإسم الرب يسوع (أع 2 : 38 ، أع 22 : 16 )، لأن إنساننا العتيق قد صلب معه، هكذا صلب الإنسان العتيق في المعمودية ومات. + غفران و تبرير وقداسة (أف 5 : 7 )، فكما بعد الموت والدفن قام جسد المسيح بمجد الآب وبره ونحن فيه، هكذا في المعمودية نأخذ بعد شركة الدفن مع المسيح قوة قيامة بمجد الآب وبره، أي نقوم متبررين وبلا لوم (1كو 6 : 11)، لأننا عتقنا من سلطان إبليس، وحصلنا علي الميلاد الروحي لنعمة التبني (1يع 1 : 18 ) وصرنا باكورة خلائقه (1بط 3 :21)، وورثة (غل 3 : 27). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
شروط المتقدم للعماد + أن يؤمن بالرب يسوع كفادي ومخلص له، ولا خلاص بدونه (مر 16 : 16، أع 16 : 31).ويعترف بهذا الإيمان صراحة وعلانية، لذلك ينزع المعمد كافة ملابسه عنه، إشارة لترك كل خطاياه، وكان هناك تقليد قديم في الكنيسة الأولي بأن يضع ملابسه تحت قدميه، إشارة لوضع كل مقتنيات العالم تحت قدميه، ثم ينزل عريانا تحت الماء غاطسا ثلاث مرات علي إسم الثالوث القدوس وبمجرد خروجه من الماء يعطى ملابس جديدة بيضاء ليلبسها إشارة للإنسان الجديد، كما كان يقدم له قليل من شهد العسل، رمز لبداية تذوقه الحياة الأبدية. + أن يقدم توبة ويكون نادما علي خطاياه السابقة ( أع 2 : 28 ، 3 : 19)، وهذا ما يتمثل في جحد الشيطان . هذا بالنسبة لكبار السن. أما الأطفال فيتم عمادهم علي إيمان والديهم، أو الأشابين، الذين ينطبق عليهم الشروط السابقة، ويتعهدوا أمام الكنيسة أن يعلموها لأبنائهم. جحد الشيطان يتجه المعمد أو الأشبين نحو الغرب "رمز الظلمة" ويعلن رفضه لإبليس، وكل أعماله، وعبادته .ثم يتجه نحو الشرق "رمز النور والحياة" ويتلو مبادئ إيمانه، معلناً إيمانه بالمسيح. الأشبين: كلمة أشبين كلمة سريانية الأصل، وتعني الحارس أو الوصي أو الكفيل. وهو إنسان مشهود له من الكنيسة بإيمانه المستقيم، ويتعهد أمام الكنيسة بتربية الطفل المعمد ( أو الشخص المعمد الذي مازال يحتاج لرعاية روحية في أول الطريق ) تربية مسيحية سليمة حتى سن الثانية عشر ( أو حالة الإيمان السليم ) ثم يسلمه لأب إعتراف حكيم ليتولى قيادته روحياً. كما عهد الله لحنانيا الرسول بتعليم شاول الطرسوسي، وبطرس الرسول بتعليم كرنيليوس القائد الروماني (أع 10). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
+ الذي يولد من فوق هو وحده الذي يري ما فوق. + يولد ميلاداً جديداً، ويكتب أسمه في سفر الحياة، " المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح" ( يو 3: 6 ) . + يخصص له الرب ملاكا حارسا، يرافقه و يرعاه، ويقوده في العالم، ويعينه وينق ذه في الخطر. + بما أن الإنسان مكون من نفس وجسد، وأحدهما طبيعة منظورة، والأخرى طبيعة غير منظورة، لهذا جُعل التطهير مضاعفا، أعني بالماء والروح القدس، فالأول للجسد المنظور، وأما الأخر فللنفس الغير منظورة. "القديس غريغوريوس الكبير". + المعمودية هي فدية المأسورين، وصفح عن الأوزار، وموت الخطية، وإعادة ولادة للنفس، وختم لا ينفك، ومركبة تؤدي إلي الملكوت، ومنحة التبني، "القديس باسيليوس ". + تبرير :قد اغتسلتم، بل تبررتم بإسم الرب يسوع، وبروح إلهنا (1كو 6 : 11). + يصير أبناء لله، فيستحق الميراث الأبدي، إذا ما صار حسب الوصية، "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في فما أحياه الآن في الجسد فإنما أحياه في الإيمان إيمان ابن الله الذي احبني و اسلم نفسه لأجلي" ( غل 2 : 20 ). + يكون من حقه التمتع بممارسة أسرار الكنيسة، ووسائط النعمة الأخرى مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح.كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين و بلا لوم قدامه في المحبة.إذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته ( أف 1 : 3 – 5 ). + أخذ التبني والتبرير وغفران الخطايا، والعتق من عقوبة الهلاك الأبدي. + يأخذ الإستناره الروحية ( رو 12 : 2 ؛ عب 6 : 4 – 6)، "إن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" ( غل 3 : 27 ). + بهذا السر ينفتح لنا باب الفردوس ، ويؤهلنا للملكوت، "إن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من ناموس الخطية والموت" ( رو 8 : 2 ). + كاطفال مولودين الان اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكي تنموا به ( 1بط 2 : 2 ). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سرّ المعموديّة
البطريرك غريغوريوس الثالث لحام الجزيل الاحترام مقدّمة المعموديّة 1- الصلاة على المرأة النفساء بعد ولادتها. 2- صلاة لختم الطفل وتسميته في اليوم الثامن لميلاده.عادة تقال هذه الصلوات معًا بعد عودة المرأة من المستشفى الى البيت. وعلى الأهل أن يخبروا كاهن الرعيّة حالاً بولادة الطفل. 3- صلاة لإدخال المرأة النفساء وولدها الى الكنيسة في اليوم الأربعين. هذا الحدث يذكّر بدخول السيّد المسيح الطفل الى الهيكل أربعين يومًا بعد ميلاده.هذه الصلوات والحفلات هي استعداديّة لسرّ المعموديّة المقدسّة. أسرار المدخل هي أسرار المعموديّة والميرون والإفخارستيا وتسمّى هكذا لأنها تُدخل المعتمد الجديد في سرّ المسيح وفي جماعة المؤمنين في الكنيسة فيصير عضوًا فيها كامل الحقوق. ولهذا السبب تُمنح هذه الأسرار معًا وفي يوم واحد في الكنيسة الشرقيّة. هذا تقليد الكنيسة القديم لعماد الكباروالصغار والقادمين من الوثنيّة، وبقي في الكنيسة اليوم في عماد الصغار. فالمعموديّة هي المدخل الى الإيمان المسيحيّ. والميرون المقدّس هو موهبة الروح القدس وختمه وختم المعموديّة المقدسة. والمناولة المقدسة هي الغذاء الأساسيّ الروحيّ لكل أعضاء الكنيسة المؤمنين. ولذا فالطفل الصغير أيضًا أصبح أهلاً لها بالمعموديّة والميرون المقدّسَين، وأصبح من حقه ومن واجبه الاشتراك في هذه الوليمة الروحيّة المقدّسة. هذا ومن المعلوم تاريخيًّا أن عادة إعطاء أسرار المدخل الثلاثة معًا بقيت جارية شرقًا وغربًا حتى القرن الثالث عشر. ولذا فإن عادة المناولة الاولى هي غريبة عن تقليد الكنيسة الشرقيّة، إذ تصير المناولة الأولى يوم المعموديّة المقدّسة. ولذا يجوز أن تُعطى المناولة للأطفال الصغار شريطة أن يرافقهم أهلهم ويعدّونهم بالطريقة المناسبة لعمرهم للاشتراك بوليمة الافخارستيّة المقدّسة. وإذا أردنا أن نعمل حفلة للأولاد لدى بلوغهم سنّ الرشد(7 وما فوق)، فيمكن أن يقام لهم عيد مناولة احتفاليّة بعد إعطائهم تثقيفًا روحيًا وطقسيًا وإيمانيًا مكثفًا مناسبًا لعمرهم. شرح رموز أسرار المدخل إن الأسرار المقدّسة وضعها السيّد المسيح، وهي علامات حسيّة للنعمة الروحيّة. ولا بدّ من فهم رموزها ومعانيها. سر المعموديّة المقدّسة1- عماد البالغين والأطفال: الإنسان بالغًا كان أم طفلاً مدعوّ الى قبول نعمة الله المجانيّة والمعموديّة المقدّسة التي هي باب الحياة في المسيح. وتعمّد الكنيسة الأطفال مرتكزة الى إيمان أهلهم. 2- قبول الموعوظين: الموعوظون هم الذين يستعدّون للمعموديّة المقدّسة بسماع الوعظ والإرشاد. الصلاة الحاليّة هي استقبال المعتمد وختمه بإشارة الصليب العلامة المميّزة للمسيحيّ. 3- وضع اليد على الرأس: تقليد كنسيّ قديم يرمز الى نعمة الله التي تحلّ على الإنسان. 4- النفخ على المعتمد: علامة ترمز الى الحياة الجديدة. كما ورد في سفر التكوين:"ونفخ الله في أنف الإنسان نسمة حياة فصارالانسان نفسًا حية" (تكوين 2:7). 5- التقسيمات: هي صلاة حارّة الى الله لكي يُبعد الشّر وجذوره الأصليّة عن نفس المعتمد. 6- الاتجاه نحو الغرب والكفر بالشيطان:يقول القديس كيرلس الأورشليميّ (387) شارحًا ذلك:"من الضروريّ أن أقول لكم (للموعوظين) لماذا كنتم واقفين، متجهين نحو الغرب: الغرب هو منطقة الظلمة المرئيّة، والشيطان الذي هو ظلام يبسط سلطانه على الظلمات. ورمزًا الى ذلك اتجهتم بأنظاركم نحو الغرب، وأنتم تكفرون بذلك القائد المظلم الكئيب. قائلين: "أنا أكفر بك أيها الشيطان القاسي...ولا أبقى تحت نير العبودية" (العظة 19، رقم 4). 7- الاتجاه نحو الشرق: يشرح ذلك أيضًا كيرلس الأورشليميّ:"فأنت إذن عندما تكفر بالشيطان تدوس بقدميك كل ميثاق معه. وعندئذ ينفتح أمامك فردوس الله الذي "غرسه في عدن شرقًا" (تكوين 2 : 8) " وطرد منه أبونا الأول لعصيانه" (تكوين 3 : 23). ورمزًا "لذلك اتجهت من الغرب نحو الشرق الذي هو منطقة النور" (العظة19، رقم 9). 8- مواثيق وعهود: المعمودية عهد المسيح مع الانسان. جواب المعتمد هو قبول واضح علنيّ للمسيح في حياته: نعم أوافق المسيح! 9- العرّابون أو الأشابين: العرّاب أو الإشبين هو الذي يجيب باسم المعتمد الطفل. وعليه واجب المساهمة في تربية مسيحيّة صادقة. وهو وحده يتقبّل الطفل من جرن المعموديّة حالاً بعد العماد. 10- بركة ماء العماد: الماء هو مادة سرّ العماد وهو يرمز طبيعيًّا الى الحياة (الماء يخصب الأرض ويعطيها حياة جديدة) والى النقاء والفرح والانشراح. وهكذا المعمودية بواسطة الماء ترمز الى الحياة الجديدة والتنقية من وصمة الخطيئة الأصليّة وإلى السعادة الروحيّة. صلوات تقديس الماء تشير الى نهر الأردن الذي تعمّد فيه المسيح، وبذا قدّس المياه بأسرها. 11- خلع الثياب القديمة وتعرية المعتمد: يشرح القديس كيرلس الأورشليمي رمز ذلك فيقول: "حالما دخلتم خلعتم رداءكم، وكانت هذه صورة "لخلعكم الإنسان القديم مع كلّ أعماله" (كولوسي 3: 9). وإذا خلعتم ثيابكم أصبحتم عراة مقتدين بذلك بالمسيح الذي كان عاريًا على الصليب. فلم يعد من المسموح لكم أن تلبسوا هذا الرداء العتيق. إنكم ظهرتم عراةً أمام الجميع ولم تخجلوا لأنكم تمثّلون صورة الأب الأول آدم الذي كان عاريًا في الفردوس بدون أن يخجل" (تكوين 2: 25)، (العظة 20، رقم 2). 12- بركة الزيت والمسحة: يقول كيرلس الأورشليميّ: "ولمّا خلعتم ثيابكم مُسحتم من قمة رؤوسكم حتى أقدامكم بالزيت المعزّم. وأصبحتم شركاء في الزيتونة البستانيّة (رومة 11: 24) يسوع المسيح، إذ انتزعتم من الزيتونة البريّة وطُعّمتم في الزيتونة البستانيّة، وأصبحتم شركاء لها في خصب الزيتونة الحقيقيّة. فالزيت المعزّم كان يرمز الى المشاركة في خصب المسيح. ويتلقّى، باستدعاء اسم الله والصلاة، قوة التطهير فيحرق لا آثار الخطيئة فحسب، بل يطرد قوات الشرّ غير المنظورة" (العظة 20، رقم 3). والزيت يستعمل في الطبّ الطبيعيّ العائليّ. والمصارعون قبل النزول الى حلبة المصارعة يدهنون أجسادهم بالزيت لتلين عضلاتهم وتسهل مقارعة خصمهم. ومسح جسم الطفل بالزيت رمز الى "سلاح البرّ لتجديد النفس والجسد". 13- العماد بالتغطيس ثلاثًا: إنه يرمز الى الموت والدفن مع المسيح (تحت الماء) والى القيامة مع المسيح (فوق الماء). كما يرمز الى العبور (الفصح والقيامة) من الموت الى الحياة الجديدة ومن عبودية الشيطان والخطيئة الى حريّة أبناء الله. كما أن التغطيس ثلاثًا يرمز الى الثالوث الأقدس، إذ يقول الكاهن: "يُعمّد عبد الله (فلان) باسم الآب والابن والروح القدس". كما يرمز الى موت المسيح وقيامته بعد ثلاثة أيام. فالمعموديّة مرتبطة بالقيامة. وعبارة معموديّة مشتقّة من "عمود" و"عمد" (بالسريانّية) وتعني قام وثبت وصمد وانتصب. ولذا كان يُحتفل دومًا بالمعموديّة المقدّسة في أثناء ليترجيّا القداس الإلهي، أو بالحريّ كان يُحتفل بالليترجيّا الإلهيّة بمناسبة المعمودية أو في إطار المعموديّة (وهذا ما نراه في الوثائق الليترجيّة القديمة، مثلاً في دفاع يوستينوس الفيلسوف المسيحي النابلسي من عام 150 م). القديس كيرلس الأورشليميّ يشرح معنى العماد بالتغطيس "واقتدتم بعد ذلك الى البركة المقدّسة للعماد الإلهي، كما حمل المسيح من الصليب حتى القبر الذي كان قريبًا (يوحنا 19: 41). وهو أمامكم. وسُئل كلٌّ منكم إن كان يؤمن بالآب والابن والروح القدس، فأدليتم بهذا الاعتراف الخلاصيّ. ثمّ غُطّستم في الماء ثلاث مرّات وخرجتم منه، ممثلين بذلك دفن المسيح الذي استغرق ثلاثة أيام. لأنه كما أن المخلّص بقي في جوف الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال (متى 12: 40)، كذلك أنتم خرجتم من الماء أول مرّة لكي تمثلوا اليوم الأول الذي قضاه المسيح في الأرض، وغُطّستم فيه لتمثّلوا الليل،... ولما خرجتم منه أصبحتم كمن هو في وضح النهار. وفي اللحظة ذاتها مُتم وولدتم، وأصبح هذا الماء الخلاصيّ لكم قبرًا وأمّا في وقتٍ واحد...وفي الوقت الذي متم كان ميلادكم" (العظة 20، رقم 4). وهذا ما أعلنه بولس الرسول:"أوَ تجهلون أنّا، وقد اعتمدنا في يسوع المسيح، إنما اعتمدنا في موته، فدُفنّا معه في المعموديّة لنموت فنحيا" (رومة 6: 3-4). 14- إسم جديد: يقول كيرلس الأورشليمي: "وأنتم إذ قُبلتم بهذه المسحة المقدّسة دعيتم مسيحييّن، وميلادكم الثاني أيّد شرعيّة هذه التسمية" (العظة 21، رقم 5). ومن هنا العادة بأن يُعطى المعتمد اسم قديس رمزًا الى الولادة الجديدة، وإشارة الى الأسرة الروحيّة التي انضم إليها، وهي أسرة القديسين والشهداء. 15- ثياب جديدة: ترمز الى ثوب البرّ والقداسة والخلقيّة المسيحيّة الجديدة. "أنتم الذين بالمسيح اعتمدتم، المسيح قد لبستم". 16- الشمعة: قال المسيح: "أنتم نور العالم". "وهكذا فليضئ نوركم قدّام الناس ليروا أعمالكم الصالحة ويمجّدوا أباكم الذي في السموات" (متى 5: 14-15). والى هذا ترمز الشموع يحملها الحاضرون المشتركون في المعموديّة والشمعة الخاصة المزيّنة التي يحملها العرّاب عن المعتمد الجديد |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تعليم الموعوظين و طالبي العماد ترفع الكنيسة أنظارها إلى عريسها ربنا يسوع لتراه علي الدوام باسطًا يديه ليضم إليه أحباءه كل بني البشر، تراه لا يكف عن مناداة الجميع ليلتقوا معه مهما كلفه الأمر.القديس كيرلس الأورشليمي هذا الموضوع هو سرور عريسها أن يجمع الكل في حضنه، “الأثمة والمتمرّدين، الفجار والخطاة، الدنسين والمستبيحين، قاتلي الآباء وقاتلي الأمهات، قاتلي الناس، الزناة… بعدما يقدسهم ويطهرهم ويهيئهم للحياة السمائية الملائكية. هكذا أيضًا تتقدم الكنيسة، كهنتها وشعبها، رجالها ونساؤها، شيوخها وأطفالها، المتزوجون والبتوليون والأرامل. الكل يتقدم بروح عريسهم القدوس ممارسين عملهم، مقدمين له ثمار دمه المسفوك على عود الصليب، نفوسًا عرفته وآمنت به. لم تكن الكنيسة الأولى تعرف السلبية في العبادة، بل تتقدم كنورٍ حقيقيٍ أمام اليهود غير المؤمنين والوثنيين الأشرار، فتشهد لعريسها أمامهم بالحياة المقدسة والسلوك الطيب والقلب المنفتح للخطاة والفم المبارك للمضطهدين والصلاة الدائمة من أجل الكل والحديث عن الحق. هكذا يقول المغبوط أغسطينوس [ما بين اضطهادات العالم وتعزيات الله تتقدم الكنيسة في سعيها إلى الأمام.] وإنني أترك الحديث عن عمل الكنيسة الكرازي للعودة إليه في مجال آخر مكتفيًا الآن بالقول أنها لا تألو جهدًا عن أن تشرق تلقائيًا بنور المسيح وسط الظلمة فتبددها؛ وتعلن الحق فيموت الباطل، وتشهد للرب لتكسبهم أبناء له، فمتى تقبل إنسان هذا التعليم أو اشتاق إليه يُدعى موعوظًا حتى لحظة عماده فيُسمى ابنًا. ولما كانت مقالات الأنبا كيرلس الموجهة إلى طالبي العماد تُعتبر من أهم أعماله, لهذا رأيت ضرورة التحدث عن تعليم الموعوظين وطالبي العماد وعن طقوس العماد في الكنيسة الأولى أولاً: الموعوظون Catechumens الموعوظ الحقيقي هو من يتقبل التعليم المسيحي لا لمجرد الدراسة العلمية أو الفلسفية أو بغرض آخر سوى التعرف علي الحق وتقبله. حقًا إن كثيرين دخلوا بين صفوف الموعوظين خلسة, منهم من دخل إلى المسيحية معجبًا بها كفلسفة أو من أجل البلاغة، كما أعجب أغسطينوس بعظات القديس أمبروسيوس أسقف ميلان، فكان يحضر لا ليعيش في شركة مع الرب بل لمجرد الدراسة الفلسفية. ومنهم من دخل بنيّة شريرة، أو حبًا للاستطلاع، أو بقصد إرضاء الغير، كأن يريد أحد الوثنيين الزواج بفتاة مسيحية أو تريد فتاة وثنية التزوج بمسيحي هؤلاء يلزم على الراعي أن يفرزهم، فلا يحرمهم من الحضور للوعظ لكن لا يقبلهم في المسيحية ما لم يكن من أجل المسيح المصلوب. ليس هناك طريق آخر لقبولنا دخول أحد إلى المسيحية سوى قبوله الإيمان بالمسيح، وشوقه لحمل الصليب، والدخول من الباب الضيق للعبور إلى الأبدية. فالكنيسة لا تُسر بالعدد لأنها ليست حزبًا منافسًا، ولا تنخدع بالمظهر بل تطلب نفوسًا حيَّة مُحبة تود الاتحاد بالله والتمتع بالميراث الأبدي. والموعوظون في الكنيسة كانوا ينقسمون إلى أربع درجات حسب درجة تجاوبهم مع التعاليم وغيرتهم وشوقهم للشركة مع الله. أما عناصر الموعوظين فثلاث: 1. موعوظون من أصل يهودي: تُقدم لهم دراسات في نبوات العهد القديم وتحقيقها في شخص ربنا يسوع، وتكميل المسيحية للناموس الموسوي. 2. موعوظون من أصل وثني: تُقدم لهم دراسات تتناسب مع ثقافتهم ودراساتهم، فلا عجب إن رأينا معلمين تخصصوا في دراسة الفلسفات الوثنية ليجتذبوا الوثنيين إلى الحق. 3. موعوظون هم أطفال المسيحيين المؤمنين. وقد عُرف عماد الأطفال في الكنيسة الأولى بصورة عامة، تحت مسئولية آبائهم أو أشابينهم وفي عهدتهم إذ تعرف الكنيسة قيمة نفوسهم، وتدرك أهمية عضويتهم في جسد الرب. يقول العلامة أوريجينوس: [تسلَّمت الكنيسة من الرسل تقليد عماد الأطفال أيضًا. فالأطفال يعمدون لمغفرة الخطايا ليُغسلوا من الوسخ الجدي بسرّ المعمودية.] وقد زعم بيلاجيوس (360-430م) وأتباعه أن خطيئة آدم أصابته وحده دون أن تسري في أولاده. على هذا يُولد الرضيع بغير الخطية الأصلية، ولا يحتاج إلى عماد لأنه كآدم قبل السقوط. انبرى له المغبوط أغسطينوس (354-430م) وغيره من الآباء يؤكدون من الكتاب المقدس كيف أنه حبل بنا بالآثام، وتثقّلت البشرية كلها بالخطية الجدِّية (رو 5: 12). وبهذا يحتاج الطفل كما الكبير إلى صليب ربنا يسوع والتمتع بعمل قيامته. كما أصدر مجمع قرطاجنة(418-424م) قانونًا يوجب عماد الأطفال ليتطهروا من الخطية الجدية. قد يعترض البعض قائلين: “لا يدرك الأطفال قيمة نعمة المعمودية، ولا يصونونها”،القديس غريغوريوس النزينزيبعد أن وبّخ الذين يحجمون عن التمتع بسرّ العماد بدعوى الحرص والحذر لئلا يسقطوا في الخطية بعد العماد، فيقول لهم: إن هذا الحذر في ذاته يحمل عدم حذر، بل هو خداع شيطاني، به تغلق النفس على ذاتها من أن تتمتع بعمل النعمة الإلهية، والتمتع ببركات المعمودية تحت ستار الخوف والحرص… وأخيرًا يوبّخ المُحجمين عن عماد أطفالهم قائلاً: فيجيب [هل لديك طفل؟ لا تسمح للخطية أن تجد لها فرصة فيه! ليتقدس في طفولته، وليتكرس بالروح منذ نعومة أظافره! لا تخف على "الختم" بسبب ضعف الطبيعة! أيتها الأم ضعيفة الروح وقليلة الإيمان! لماذا وعدت حنة أن يكون صموئيل للرب من قبل أن تلده (1 صم 1: 10)؟! وبعد ميلاده كرسته له في الحال... ولم تخف قط من الضعف البشري بل وثقت في الله... سلّمي ابنك للثالوث، فإنه حارس عظيم ونبيل!] هذا وقد فرضت الكنيسة تأديبًا على الوالدين إذا أجلا عماد طفلهما فمات دون عمادٍ، قانونه الصوم والصلاة والحرمان من شركة الأسرار المقدسة لمدة عام كامل ومن شدة شوقها واهتمامها بعضوية هؤلاء الأطفال فيها فرضت أيضًا عقوبات مختلفة على الوالدين اللذين يمتنعان عن عماد ابنهما بسب نذر العماد في مكان معين، أو على يد إنسان معين. ومات طفلهما، إذ حرَّمت الكنيسة النذر في أمر المعمودية مطلقًا! ويرى بنجهام أن أطفال المؤمنين إذ ينالون سرّ العماد في الطفولة ينضمون إلى صفوف الموعوظين حالما يستطيعون التعليم. غير أننا نجد في كتابات آباء الكنيسة الأولى، ومنهم القديس كيرلس الأورشليمي – كما سنرى – أن مهمة تعليم أطفال المؤمنين غالبًا ما توكل إلى الآب أو الأم أو شماس أو شماسة. يقول القديس ديونيسيوس الأريوباغي: [إن هذا الأمر افتكر فيه معلمونا الإلهيون ورأوه موافقًا أن يُقبل الأطفال على هذا الوجه الشريف، أعني أن يُسلم الوالدان الطبيعيّان ولدهما لمربٍ صالح، وأن يبقى الطفل فيما بعد تحت إدارته، كأنه تحت عناية أبٍ إلهيٍ وكفيلٍ لخلاصٍ مقدسٍ، فمتمم السرّ يرفعه وهو معترف إلى الحياة المقدسة، طالبًا جحد الشيطان والإقرار بالإيمان.] ويقول المغبوط أغسطينوس: [إننا نؤمن ونصدق بتقوى وصواب أن إيمان الوالدين والأشابين يفيد الأطفال، وعلى هذا الإيمان يُعمدون.] نعود مرة أخرى إلى الموعوظين لنقول إنهم غالبًا ما يبقون في رعاية الكنيسة لمدة سنتين أو ثلاث سنوات، ينتقلون من فئةٍ إلى أخرى، حتى تطمئن الكنيسة على حسن نيتهم وتمسكهم بالإيمان وقبولهم للصليب، وعندئذ ينتقلون إلى آخر درجة من الموعوظين وهي: “طالبو العماد”. هذا الانتقال يختلف من شخص إلى آخر حسب غيرته ودراسته الفردية الخاصة قبلما ينضم إلى صفوف الموعوظين أو أثناءها. ثانيًا: معلمو الموعوظين إننا نعلم أن الكنيسة كلها منذ نشأتها كانت منطلقة للكرازة، مدركة قول الرب: “من لا يجمع فهو يفرق”. فالكل يشعر بمسئوليته نحو الشهادة للرب، إن لم يكن بالكلام فبالقدوة الحسنة… يعمل أعمال المسيح الحي. وكما يقول العلامة أوريجينوس: [إن كل تلميذ للمسيح هو صخرة، وفية تكتمل الكنيسة الجاري بناؤها بيد الله.] ويحمل القديس كيرلس الأورشليمي مسؤولية تعليم الموعوظين الأطفال أو الكبار على الآباء والأشابين، إذ يقول [إن كان لك ابن حسب الجسد أنصحه بهذا، وإن كنت قد ولدت أحدًا خلال التعليم، فتعهده برعايتك.] إذن كل مؤمن حقيقي يلتزم أن يكون له نصيب في تعليم موعوظ أو موعوظين، بصورة أو أخرى، فماذا نقول عن الكاهن الذي يدعوه الذهبي الفم “أب كل البشرية”؟! لقد سيم القديس غريغوريوس العجائبي أسقفًا على قيصرية الجديدة، وكان بها سبعة عشر مسيحيًا فقط، وحين تنيح بسلام لم يكن بها سوى سبعة عشرة وثنيًا. على أي الأحوال لم يكن يُحرم كاهن ما من خدمة الموعوظين المنظمة في الكنيسة، بل يقوم كل منهم بنصيبه فيها. أما المرحلة الأخيرة للتعليم، فغالبًا ما كان يقوم بها الأسقف نفسه، أو كاهن يثق فيه من جهة قدرته التعليمية بالنسبة لهم. غير أن التاريخ سجل لنا عن أناس تخصّصوا في تعليم الموعوظين، نذكر منهم على سبيل المثال أن البابا ديمتريوس سلّم العلامة أوريجينوس مدرسة الإسكندرية التعليمية وهو بعد في الثامنة عشر من عمره. وأيضًا كتب المغبوط أغسطينوس إلى الشماس ديوجرانيس بقرطاجنة الذي اتسم بمهارة عظيمة ونجاحٍ في تعليم الموعوظين. ثالثًا: مادة الوعظ لهم 1. تُقَّدم دراسات خاصة بالذين كانوا من أصل يهودي تختلف عمن هم من أصل وثني، فيقدم لكل فئة ما يتناسب مع ثقافاتهم ودراستهم السابقة وأفكارهم. 2. تُقدم لهم دراسات تأملية لاهوتية مبسطة لأهم العقائد المسيحية، وقد رتبت هذه الدراسات بعد مجمع نيقية المسكوني في القرن الرابع، بصدور قانون الإيمان، الذي يُعتبر ملخصًا شاملاً، يقدم للموعوظين مع شرحه لكي يحفظوه ويفهموه. ويظهر اهتمام الكنيسة بتسليم قانون الإيمان أن الأسقف بنفسه هو الذي يقوم بذلك إذ نجد الأسقف أمبروسيوس يكتب رسالة إلى أخته مرسيلينا قائلاً: [في اليوم التالي إذ كان يوم الرب، بعد الدروس والعظة - لما خرج الموعوظون- سلمت لطالبي العماد قانون الإيمان في معمودية الباسليكي.] ويقول الأنبا يوحنا خلف كيرلس الأورشليمي في رسالته إلى جيروم: [إن العادة عندنا أن نسلم تعليم الثالوث القدوس بصورة عامة خلال الأربعين يومًا للذين سيتعمدون.] كذلك يفتتح المغبوط أغسطينوس مقاله عن “قانون الإيمان” لطالبي العماد قائلاً: [استلموا يا أولادي دستور الإيمان الذي يُدعى قانون الإيمان، وإذ تتقبلونه اكتبوه في قلوبكم وردِّدوه يوميًا قبل النوم وقبل الخروج، سلِّحوا أنفسكم بقانون إيمانكم. قانون لا يكتبه الإنسان لكي يقرأه، بل كي يردده، حتى لا ينسى ما تسلمه بعناية. سجلوه في ذاكرتم...] 3. بعد قانون الإيمان يقومون بشرح الصلاة الربانية، وكما يقول المغبوط أغسطينوس: [بعدما نعرف من نؤمن به نصلي إليه. إذ كيف نصلي لمن لا نعرفه ولا نؤمن به؟!] 4. في الفترة الأخيرة يقوم المعلمون بتحفيظهم بعض التلاوات، أي صلوات قصيرة. 5. وفي الأيام القليلة قبل العماد أو بعده مباشرة تقدم لهم مائدة دسمة عن شرح ترتيب العماد ومفاهيمه، وسرّ المسحة وفاعليتها، وسرَ التناول وبركاته… الأمور التي لا تجيز الكنيسة الحديث عنها مع المبتدئين. وأخيرًا يمكننا تقسيم جميع التعاليم السابقة إلى قسمين رئيسيين هما: 1. دراسات بسيطة تقدم المبادئ الأولية للإيمان المسيحي. 2. دراسات أعمق تقدم شرحًا لأسرار الكنيسة. يظهر هذا التقسيم بوضوح في مقالات القديس كيرلس، كما تظهر أيضًا في “تعاليم الاثنى عشر رسولاً”، التي ذكرها البابا أثناسيوس الرسولي أنها ليست من الكتب المقدسة لكن الآباء أشادوا بقراءتها للداخلين إلى الإيمان حديثًا. هذه التعاليم موجهة على وجه الخصوص إلى الذين هم من أصل وثني حتى دعيت “تعاليم الرب للأمميين خلال الاثني عشر”، وهي تنقسم إلى قسمين: 1. الفصول الست الأولى: تحمل تعاليم أولية للأمميين. 2. بقية الفصول تشرح ترتيب العماد الصلاة والصوم وخدمة يوم الرب وتقديس سرّ الإفخارستيا… هذا وإننا نختتم حديثنا عن تعليم الموعوظين بالقول: خصصت الكنيسة الجزء الأول من القداس الإلهي للموعوظين، يحمل قراءات ووعظ يحضرها المؤمنون والموعوظون ليتعرفوا عل الحق. ولكن قبل البدء في قداس المؤمنين يصرخ الشماسمناديًا بخروج الموعوظين، وتغلق الأبواب، ويقوم الشمامسة بحراستها حتى ينتهي القداس الإلهي! [1] راجع 1 تي 1: 9. [2] الكنيسة الكارزة لأيريس المصري، أخذًا عن G. Foster; Why Thy Church P.46. [3] راجع كتاب الحب الأخوي، 4 الحب الجامع أو دور الشعب كنسيًا. [4] استعنت بما جاء في مجموعة آباء نيقية مجموعة 2مجلد 7. [5] راجع المقال الافتتاحي. [6] عرفت الكنيسة الأولى عماد أطفال المؤمنين على مسئولية وتحت رعاية أولادها ويظهر ذلك من أقوال الآباء الأولين نذكر منهم: يقول القديس إيريناؤس تلميذ بوليكاربوس تلميذ يوحنا الحبيب، من رجال القرن الثاني [أن يسوع المسيح قد أتى ليخلص الجميع بذاته، أعنى جميع الذين ولدوا به ثانية سواء كانوا أطفالاً أو شبابًا أو شيوخًا.] ضد الهرطقات 2: 9: 22. يقول الشهيد كبريانوس من رجال القرن الثالث [الأطفال الذين ضميرهم غير متفتح ولم يخطئوا في شيءٍ، والذين نظرًا للخطيئة الجدية الكامنة فيهم تدنسوا بها وصاروا مشاركي الموت الآدمي، يحتاجون هم أيضًا إلى المعمودية لأنها شرط لنوال الخلاص والصفح... فالمعمودية للجميع وخصوصًا للأطفال الصغار.] رسالة 59. [7] “إشبين” كلمة سريانية الأصل، معناها “حارس أو وصى”. [8] من رجال القرنين الثاني والثالث (158- 254 ) تفسير رو 5: 9، مقال 14، مقال 8. [9] انعقد في قرطاجنة، وهي الآن خربة، من أطلالها وعلى بعد 12 ميلاً بنيت مدينة تونس الحالية. انعقد المجمع في زمن الإمبراطورين هونوريوس وثيؤدوسيوس الصغير، عام 418/419 من أكثر من مائتي أسقف، برئاسة أوريليوس وقد حضره المغبوط أغسطينوس أسقف هيبو، واستمر انعقاده ست سنوات كاملة، حيث اختتم أعماله سنة 424م. وأصدر 140 قانونًا هامًا من بينها القانون 121. “يسر المجمع أن يأمر بأن كل من ينكر أن الأطفال المولودين حديثًا من أرحام أمهاتهم يحتاجون إلى المعمودية، أو يزعم أنهم يعتمدون لمغفرة الخطايا لكنهم لم يرثوا من آدم الخطيئة الأصلية التي تضطرهم لأن يتطهروا منها في جرن الولادة الثانية، مما يترتب عليه أن تصير عبارة “لمغفرة الخطايا” المستخدمة في المعمودية، تستعمل بالنسبة لهؤلاء الأطفال لا بمعنى حقيقي بل بمعنى وهمي، فليكن محرومًا”. فإن عبارة الرسول: “بإنسانٍ واحدٍ دخلت الخطيئة إلى العالم وبالخطيئة الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع” (رو 5: 12) يجب ألا تفهم بفهم آخر إلا كما فهمتها دائمًا الكنيسة الجامعة المنتشرة والممتدة في كل مكان. وبناء على قاعدة الإيمان هذه، فحتى الأطفال الذين لم يستطيعوا بذواتهم أن يرتكبوا أية خطيئة من الخطايا تجعلهم مذنبين بها، يعتمدون حقًا لمغفرة الخطايا، حتى تتطهر فيهم بواسطة الولادة الثانية كل خطيئة ورثوها عن طريق الولادة الأولى. راجع سرّ المعمودية لنيافة أنبا غريغوريوس، كتاب The Rudder, D Cummings (1957 ) P. 688، كتاب الأنوار في الأسرار لجراسيموس مسرة بيروت 1888 ص 48، 49. [10] Greg. Nez : On The Holy Baptism 16 &17. [11] سرّ المعمودية لنيافة أنبا غريغوريوس، ص 53. [12] Bingham: The Antiquities of Christian Church 10: 154. [13] تلميذ الرسول بولس: الكهنوت 7: 11. [14] G. Foster ; Why The Church? p 22. [15] مقال 15: 18. [16] من رجال القرن الثالث عرف المسيحية على يدي أوريجينوس (موجز تاريخ المسيحية ليسطس الدويرى –الأنبا ديسقورس – ص 142، 143، الكنيسة الكارزة لإيريس المصري، ص 11). [17] يوسابيوس: التاريخ الكنسي 6: 3. [18] أمبروسيوس: رسالة 20. [19] Hieron Ep. 61. [20] أغسطينوس: قانون الإيمان (تحت الطبع). [21] أغسطينوس: الصلاة الربانية. [22] تسمى الديداكية Didache أو تعليم الرسل |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الله الآب في سرّ المعموديّة (تابع) http://www.peregabriel.com/gm/albums...1/13_dana7.jpg مقدّمة: نتوقف في هذه الدراسة الموجزة على "نافور تكريس ماء المعمودية" بحسب طقس الكنيسة المارونية، محاولين القاء الضوء على الغنى اللاهوتي والروحانيّة المميّزة لسرّ التنشئة المسيحيّة، وهو سرّ محبّة الله الآب للإنسان، التي تجلّت بإبنه يسوع المسيح الذي أعتمد في الأردن وتوجّه نحو الصليب ليحقّق الخلاص ونحن، بقوّة الروح القدس الذي أعتمدنا فيه أشتركنا بهذا الخلاص ونَعِمْنا بمجبة الآب اللامتناهية. هذا الغنى اللاهوتي الذي تحمله نصوص الرتبة المارونية، هو عنصر مشترك في سائر الرتب سيّما تلك التي لها الجذر الأنطاكي السرياني الواحد. لا بدّ في المقدّمة من أن نلفت الانتباه إلى المقارنة التي يجب أن نقوم بها بين "نافور القربان" و "نافور تكريس الماء" من حيث التشابه في هيكلية الصلاة وتقسيمها ومضامينها اللاهوتية إلى حدّ ما. أوّلاً: نصّ نافور تكريس ماء المعمودية. ندرج هنا النصّ كما ورد في الرتبة: "المجد لك أيّها الجوهر الأزلي، يا من إشارتك الخفية تحمل العالم الذي خلقته حكمتك المجيدة، وإشارتك المخوفة تدبّر الكون الذي أتقنه فهمك الثاقب، يا من تبدو قدرتك العجيبة لعبيدك بخلائقك الجميلة، التي لا قيام ولا وجود لها بدونك، بل كلّها بالأفواه والألسن التي وهبتها تمجّدك. لك، يا الله، المجيد بجماله، الخفي بغنى طبعه، الجليّ بعجائبه، المخوف بعزّة خلائقه، نرفع توسّلنا وطلبتنا، فأنت قابل التائبين، ومقرّب الحقيرين إليك، وصانع العجائب بتحنّنك، وقد شئت بعَطفِكَ علينا، أن تحيينا بمحبتِكَ التي لا مثيل لها، وترسل لخلاصنا إبنك الوحيد المولود منك ولادة غير زمنية، وهو بخروجه وحلوله في حشى البتول ليولد بالجسد، لم يغادرك. فأتى الينا وبقي عندك، وهو قد تعمّد في نهر الأردن ولم يكن فيه حاجة إلى عماد، فقدّس لنا العماد وجعله حشى طاهراً عجيباً، وهو بارادته وارادتك وارادة الروح القدس حلَّ مثلّثاً، في حشى بشري، وفي حشى العماد، وفي منازل الجحيم. فأّهّلنا، يا ربّ، لأن نرتفع من الأعماق السفلى الى مساكن الثالوث المجيد الثلاثية، أيُّها الآب والابن والروح القدس، لك المجد إلى الابد. و ينفخ في الماء شكل صليب: التفت يا رب إلى هذه المياه الموضوعة في هذا الحوض الصغير أمامك، يا رب. (و يدعو الروح) أطرد، يا ربّ، قوّة العدو المارق من هذا الماء، وممن يتعمّد به ومن هذا المكان، وأحلّ فيه قوّة الروح القدس. وعوض أحشاء أمّنا حواء التي ولدت بنين قابلين الموت والفساد، لتلد أحشاء هذه المعمودية بنين سماويين غير قابلين الفساد. وكما أرف الروح في تكوين البريّة على المياه فولدت الحيوانات والزحافات من كلّ جنس، فليُرف الروح القدس على هذه المعمودية التي هي أحشاء روحانية، وليحلّ فيها وليقدّسها فتلد عوض آدم الترابيّ آدماً سماوياً، وليتغيّر من يتعمّد بها تغييراً ثابتاً، وليتحوّل من الجسد إلى الروح، ومما لا يرى إلى ما يرى، وبدل نفسه الضعيفة فليحلّ فيه الروح القدس. (ويركع) استجبني، يا ربّ، استجبني، يا ربّ، استجبني، يا ربّ، (وينهض) وليأتِ، يا ربّ، الروح القدس وليحلّ في هذا الماء، وليطرد منه كل قوة العدو وليملأه قوّة لا تقهر، وليباركه+ ويقدّسه+ ويجعله+ مثل الماء الذي جرى من جنب الإبن الوحيد على الصليب، فيتنقى ويتطهر مَن أعتمد به ويلبس لباس البرّ، ويتوشّح وشاحاً سماوياً، ويتمنطق بدرع الإيمان في وجه سهام الشرير. (ويرفع صوته) فيصعدون من هذه المياه، وقد تطهّروا وتقدّسوا ولبسوا سلاح الخلاص. ويرفعون المجد والشكر إلى الثالوث الممجد، الآب والابن والروح القدس له المجد إلى الأبد. ثانياً: قراءة وتحليل. لندع هذه الرتبة تحدِّثُنا عن لاهوتها وتكشف لنا أبعاد سرّ المعمودية في دينامية تصاعدية وانحدارية نحو الله الآب ومنه نحو الإنسان، إذ تتجلّى في هذه النصوص صورة الله الخالق وراسم الخلاص، وما المعموديّة الاّ الإشتراك الفعليّ والدخول المباشر في نعم هذا الخلاص. كما في أسلوب النوافير الافخارستية، هكذا في نافور تكريس ماء المعمودية، تُقسم الصلاة إلى قسمين أساسيين، الأوّل هو فعل التمجيد من أجل الخلق والخلاص والثاني هو فعل الطلب أو ما نسمّيه استدعاء الروح القدس على المياه وعلى طالب العماد. أ)دينامية التمجيد. 1. الخلائق تمجّد الله. تستهلّ الصلاة حركتَها بفعل: "المجد لك"، وهي صيغة من أقدم وأعرق الصِيَغ الليتورجية في المسيحية وقبلها. من خلال هذا التوجّه، تصف الصلاة الله "بالجوهر الأزلي"؛ يا من اشارتك الخفيّة تحمل العالم الذي خلقته حكمتك المجيدة"؛ وهنا تسبيح وشكر واعتراف وتمجيد للحكمة الإلهية التي خلقت هذا العالم وهي تدبّر الكون. نلفت الإنتباه هنا إلى فعلين جوهريين في لاهوت النصوص الليتورجية كما في موقعهما؛ فالإنسان يشكر الله لأنّه خالق وهذا الخلق هو تعبير عن فيض الحبّ الذي سكبه الله في مخلوقاته إلى أن تجلّت ذروته في الإنسان الذي خُلِقَ على صورة الله و مثاله. أمّا التدبير فهو فعل يلخّص تدخّل الله المتواصل في الكون فينظّمه، ويرتّبه بحكمته وبحبّه اللامتناهيين؛ كما يحمل أيضاً بُعداً خلاصياً بدأ يتجلّى بوضوح بعد سقطة الانسان وابتعاده عن الله؛ فتدبير الله هنا يعني العهود المتتالية التي قطعها الله مع الإنسان إلى أن توجّهت بالعهد الجديد الذي قطعه من خلال إبنه الوحيد الفادي والمخلّص. اذاً علينا دوماً أن ننظر إلى هذين الفعلين بمنظار لاهوتي من خلال تاريخ الخلاص وليس بمنظار لغوي سطحي وعابر. إنّ قدرة الله سوف تتجلّى بخلائقه، التي بدونه وخارجاً عنه لا قيام لها. هذا هو المفهوم الأساسي للخلق الأول وهو أن الخلائق دُعِيَت كي تكون بمعيّة الخالق وبرفقته وصحبته، وهي معه وبه تأخذ معنى لوجودها. فهذه الخلائق بأسرها وعلى رأسها الإنسان مدعوّة لتمجّد الحكمة الإلهية على الخلق الجميل. وهنا يكمن البعد الكوني لرتبة المعمودية؛ ومن هذا المنظار تحقّق المعمودية بحياة الإنسان وكلّ إنسان "الخليقة الجديدة" بكونها اشتراك بمشروع الخلاص. 2.تدخل الله لخلاص الإنسان. بعد وصف جمال الخالق والخلائق، تصل الصلاة إلى ذكر خطيئة الإنسان، الذي أصبح بفعل ابتعاده عن الله، حقيراً. لكن الله وهو "قابل التائبين وصانع العجائب بتحنّنه"، أراد بمحبّته أن يحيي هذا الإنسان الذي بغربته عن الله وبرفضه إيّاه مات. أمام لحظة الموت الله يتدخّل ليحيي جبلة يديه. لقد تُوِّج هذا التدخّل بإرسال الإبن الوحيد مولوداً من الآب "ولادة غير زمنيّة". فهذا الذي خرج من الآب وحلّ في حشى مريم البتول، لم يغادر الآب. في هذه الصورة تعبير عن سرّ الإبن العجيب يسوع المسيح، الإله والإنسان معاً، إبن الله وإابن الإنسان. فصلاة تكريس الماء تعبّر عن هذا السرّ بالأسلوب التالي: "فأتى الينا وبقي عندك تعمّد في الأردن ولم يكن بحاجة إلى عماد". يهدف مشروع الإرسال هذا إلى خلاص الإنسان. بدأ يسوع مسيرة الخلاص بطريقة مباشرة عندما حلّ في ماء الأردنّ و قدّسه وجعله حشى طاهراً عجيباً. هذا الخلاص هو تعبير عن محبّة الله - الثالوث للإنسان. فوِفقَ الارادة الثالوثيّة أيّ مخطّط الله الذي أراد أن يعيد خليقته الميتة إلى الحياة، تمّ حلول الإبن المثلّث من أجل تحقيق الخلاص. فالحلول الأول هو "حشى مريم" وهنا انعكاس لحدث تجسّد إبن الله في الزمن، مولوداً من امرأة. والحلول الثاني هو في "العماد" عندما افتتح يسوع مشروع البشارة المفرحة، فأعلن عنه الآب في الأردن أنّه الإبن الحبيب وحلّ الروح القدس عليه بشبه جسد حمامة وبعدها انطلق يسوع ليكرز بالإنجيل؛ فهذا الحلول هو تلخيص لحياة يسوع التبشيرية على الأرض. والحلول الثالث هو في "منازل الجحيم" أي عندما مات ابن الله على الصليب وأُنزِلَ ووُضِعَ في قبر بين المائتين وأعاد اليهم الحياة بقيامته المجيدة. هذه الأنواع الثلاثة من الحلول: تجسّد – كرازة - موت وقيامة، هي تعبير عن عمل الخلاص الأوحد الذي يظهر المحبّة الالهية؛ هذه المحبة تنازلت كي ترفع الإنسان وتعيده إلى فرح الحياة الأبدية. في المعمودية يتحقّق هذا الخلاص إذ يشترك المعمّد في هذه الأنواع الثلاثة من (حلول – نزول - سكنى) الإبن أيّ اشتراك في تجسّده وفي معموديّته وحياته الكرازية إلى أن يصل إلى الاشتراك الكبير في موته على الصليب وقيامته المجيدة من بين الأموات. الروح الذي نناله بالمعمودية هو الذي يدخلنا مباشرة بفرح هذا الخلاص. ب)دينامية الطلب. (استدعاء الروح) يبدأ هنا قسم الطلب: "أطرد يا ربّ قوّة العدو المارق من هذا الماء، و ممن يعتمد به ومن هذا المكان وأحلّ فيه الروح القدس". إنّه استدعاء الروح القدس على المياه وعلى المعمّد. تحمل هذه الصلاة معان جميلة وعميقة للمعمودية من خلال رمزيّة لاهوتية هي التالية: 1.المعمودية أحشاء روحانية. تُشبَّه المعمودية بالأحشاء التي تحمل وتلد أولاداً. انّها رمز الأمّ الجديدة، غير حواء القديمة التي ولدت بنين "قابلين الموت والفساد". فاذا كانت الأولى قد وضعت بنين يموتون، فالثانية أي المعمودية تضع أولاداً سماويين لا يموتون، بل يحييون إلى الأبد. انّها الولادة الثانية التي تحقّقها المعمودية للحياة الأبدية. من هنا نفهم معنى صيغة المعمودية عندما يتلوها الكاهن وهو يعمّد إذ يقول: "أنا أعمّدك يا (الإسم) حملاً في رعيّة المسيح، باسم الآب والابن والروح القدس للحياة الأبدية"، فمع المعمودية يصير الانتماء إلى كنيسة المسيح وتبدأ مسيرة الإنسان نحو الحياة الأبدية، نحو الآب مع الابن بقوّة الروح القدس. المعمودية من خلال هذه النصوص تشبّه بالأمّ، بحواء الجديدة و هنا نرى صورة مريم العذراء، أم الحياة وحواء الجديدة وقد أعطت إبنها - الحياة للعالم؛ كما نرى صورة الكنيسة وهي أمّ تجمع أبناءها بالروح وتدعوهم إلى ملكوت الحياة الأبدية. وهنا يتمّ التلاقي بين المعمودية ومريم والكنيسة كحقيقة واحدة في مشروع الخلاص من أجل آدم الجديد. 2.المعمودية وآدم الجديد. بقوة الروح الذي يحلّ في المياه الموضوعة في "الحوض الصغير"، رمزِِ "الأحشاء الروحانية" فيقدّسها، تتمّ ولادة "آدم السماوي" عوضاً عن "آدم الأرضي". يولد إنسان جديد مع آدم الجديد يسوع المسيح؛ إنّه يولد في موته وحياته؛ لذلك فثمار الروح التي تُمنَح للذي يتعمّد في المياه المقدّسة هي بنوعٍ خاص ثمرة التغيير والتّحول. فالروح الذي يحلّ في المياه يحقّق فيه الإنسان تغييراً ثابتاً وتحوّلاً جذرياً؛ وهذا التحوّل الذي نراه من خلال الصلوات لا ينحصر فقط ببعد أخلاقي وأدبي في حياة الإنسان اليومية بل يُراد به هنا تحوّلاً كيانياً أي أنّه يطال الإنسان بكلّ كيانه البشري وبشخصيّته المتعدّدة الآفاق والأبعاد؛ فيصير التحوّل من إنسان ميّت في كيانه إلى إنسان يحيا للأبد؛ تحوّل من حالة العبودية إلى حالة الأبناء؛ تحوّل من خليقة متسربلة بالضعف إلى إبن يتوشّح بالقوة والمجد؛ تحوّل من مسكن للشرّ والظلام إلى هيكل الروح يفيض نوراً وسلاماً. يتمّ كلّ هذا التغيير والتحوّل بفعل الروح الذي يأتي ويحلّ في الإنسان. إنّ مشروع التغيير هذا، بعد أن يحصل لاهوتياً وكيانياً عندها يتواصل أدبياً وحياتياً في مسيرة المؤمن اليومية بفعل اتّحاده الدائم بالمحبة الإلهية. وهكذا تكون المعمودية بحقٍّ مدخلاً إلى الحياة مع المسيح تنمو بالافخارستيا وتتجدّد بالتوبة وتزدهر في كلّ أنواع الالتزامات المسيحية والإنسانية للوصول إلى ملء قامة المسيح. 3.ماء المعمودية وماء الصليب. الروح الذي يأتي ويحلّ على الماء، يملأه قوّة لا تُقهر ويباركه ويقدّسه ويجعله "مثل الماء الذي جرى من جنب الابن الوحيد على الصليب". في صلاة الاستدعاء هذه، تعبير على أنّ المياه التي تولّد بنين بالروح هي صورة لكنيسة المسيح التي وُلِدَتْ من جنبه على الصليب. هذا الجنب المطعون بالحربة والذي جرى منه دم وماء هو الشهادة الكبرى لولادة الكنيسة؛ إنّها الولادة من الحبّ الكبير والمولودون من المعمودية في الكنيسة هم الذين اتّحدوا بسرّ الصليب لذلك فالمعمودية هي ذروة الاشتراك في موت المسيح على الصليب. هذا الموت يعطي الحياة وهذا الماء هو في آنٍ رمز للموت والحياة. فالروح الذي يقدّس المياه يُشرك المعمَّد اشتراكاً كاملاً وفعلياً بحدث الصليب ويدخله في الكنيسة؛ عندها "يلبس المعمّد لباس البرّ ويتوشّح وشاحاً سماوياً ويتمنطق بدرع الإيمان في وجه سهام الشرير". في نهاية صلاة الاستدعاء هناك مجدلة ختامية جميلة جداً وتعبِّرُ عن كيفية المعمودية من خلال النُزول إلى عمق المياه. يذكر النصّ: "فيصعدون من هذه المياه، و قد تطهّروا وتقدّسوا ولبسوا سلاح الخلاص ويرفعون المجد والشكر إلى الثالوث الممجّد، الآب والابن والروح القدس له المجد إلى الأبد. آمين". الفعل "يصعدون" يشير إلى النزول وهنا انعكاس إلى الممارسة الطقسية التي كانت تتمّ في القرون المسيحية الأولى حيث كان يحتفل بالمعمودية بمكان يسمّى "بيت العماد" وهو بناء مستقلّ عن بناء الكنيسة؛ حيث في وسط البناء كانت توجد "بركة ماء" ينزل فيها طالبوا العماد بواسطة درج وفيها يتمّ العماد امّا بتغطيس الرأس وامّا بسكب المياه على الرأس، وهذان تقليدان عريقان في القدم وفي الممارسة. ترمز عملية النزول إلى الموت والصعود إلى الحياة. من أجل نِعم الخلاص الذي نالها الإنسان باشتراكه في المعمودية يرفع المجد إلى الثالوث الأقدس الذي باسمه يتمّ السرّ ومن خلاله يصبح الإنسان حملاً طاهراً في رعيّة المسيح وابناً مدلّلاً للآب وهيكلاً للروح. استنتاجات نستنتج من خلال هذه القراءة الموجَزة لنصّ "نافور تكريس ماء المعمودية" ما يلي: 1)المعاني اللاهوتية الغنية والعميقة نجدها في نصوصنا الليتورجية؛ من هنا ضرورة التمعّن بها وتلاوتها بعمق وبروحانية. 2)في الطقس الماروني هناك تشابه كبير بين هيكلية "نافور القربان" و "نافور تكريس الماء" وأيضاً "نافور تكريس الميرون" الذي يُستعمل مرّة واحدة في السنة وذلك يوم خميس الأسرار. هذا التشابه بين الهيكليات الثلاث كان موضوع بحث لبعض الليتورجيين؛ وبالنسبة الينا شخصياً هذه المقارنة جعلتنا نكتشف الهوية الليتورجية المارونية بفراداتها بالرغم من بعض قواسمها المشتركة مع الليتورجيات الشرقية عامة والسريانية بنوع خاصّ. 3)في صلاة المعمودية ترفع الكنيسة صلاة شكر وتمجيد لله الآب لأنّه الخالق: خلق الكون بحكمته ودعاه إلى أن يعيش بفرحه الأبوي. 4)تشير الصلاة إلى "تدبير الله" الذي أودى به إلى التدخّل من أجل خلاص الإنسان. تحقّق الخلاص بحلول الإبن المثلث في حشى مريم، في حشى العماد وفي منازل الجحيم؛ ويتحقّق بقوّة الروح القدس في طالب العماد إذ يشترك من خلال المياه المقدّسة في نعم هذا الخلاص. 5)إنّ الروح الذي فيه تقدّس المياه ويُمسح الإنسان تحقّق التحوّل الكياني والأدبي في مسيرة المعمّد نحو ملكوت الله وهكذا تكون المعمودية أماً تلد آدم الجديد وهكذا يصبح المعمّد شاهداً للصليب في الكنيسة. 6)المعمودية هي سرّ الدخول لبدء المسيرة الإيمانية نحو الله الآب مع يسوع بنعمة الروح وبرفقة الجماعة المقدّسة. من هنا فكلّ الحياة المسيحية وكلّ المواهب والدعوات وأنماط العيش المسيحي والإنساني تنطلق من المعمودية |
الساعة الآن 04:15 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025