![]() |
«…لاَ يَرْضَى بِسَاقَيِ الرَّجُلِ» (مزمور10:147). كم هي فكرة مثيرة للإهتمام أن الإله العظيم المتعالي لا يرضى بساقيِ الرَّجُل! يمكن أن نفكر في هذا الصدد بعالَمْ الرياضة، ببطل السباق الرشيق والسريع عندما يقطع خط النهاية رافعاً ذراعيه إلى الأعلى منتصراً، وبلاعب كرة السلة رامياً الكرة في سلّة مسجلاً هدف الغلبة، وببطل كرة القدم المفتول العضلات يتقدّم دون تردّد عبر خطوط الملعب. الحشدُ ملتهب حماساً، إنه يقفز ويصيح ويهتف (وأحياناً أخرى يطلق صيحات الإستهجان) متعصّب ويشارك عاطفياً في اللعب، ويمكنك أن تقول أنه يرضى بساقَي الرَّجُل، أي في مقدرته على خوض المباراة. لم يكن المقصود بآية اليوم منع الإهتمام بالرياضة، ففي مواضع أخرى يمتَدح الكتاب المقدس التدريبات الجسدية، لكن عدم رضى الله بساقَي الرَّجُل ينبغي أن يذكّرنا بأن نحافظ على توازنٍ في أولويّاتنا. إنه لمن السهل على الشاب المؤمن أن يصبح منهمكاً جداً في رياضة ما حتى تصبح شغف حياته، حيث ينصَّبُ أفضل مجهوده في تحقيق التفوُّق، يضبط وقته وطعامه ونومه. إنه يتدرّب بلا إنقطاع ليُتقن مهاراته في كل مباراة يتصوّرها ويداوم على نهج أسلوب تدريب كي يحافظ على لياقته البدنية، إنه يفكّر ويتحدّث عن هذه الرياضة كما لو كانت حياته. لعل الأمر كذلك في الواقع. أحياناً يشعر شاب مؤمن مثل هذا بالتقصير عندما يدرك أن الله لا يرضى بساقَي الرَّجُل. فإذا كان يريد أن يسير في شركة الله فلا بد له من إعتماد منظور الله. ما الذي يرضي الله إذاً؟ يخبرنا العدد الحادي عشر من المزمور147 «يَرْضَى الرَّبُّ بِأَتْقِيَائِهِ بِالرَّاجِينَ رَحْمَتَهُ»، وبعبارة أخرى، إن الله أكثر إهتماماً بالروحيات مما في الجسديات وهذا ما يعكسه الرسول بولس عندما يقول، «لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيلٍ، وَلَكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ» (تيموثاوس الأولى8:4). بعد مائة عام من اليوم، عندما تصمت الهتافات وعندما يفرغ المدرَّج، وتُنسى الأهداف، فإن الشيء الذي سيكون له قيمة حقاًّ هو حياة طُلبِ فيها أوّلاً ملكوت الله وبرِّه. |
«لأَنَّ الرَّبَّ عَادِلٌ وَيُحِبُّ الْعَدْلَ» (مزمور7:11). الرَّب نفسه عادل ويحب أن يرى شعبه يتصرَّف بطريقة عادلة، وهو يرضى عندما يتخذ المؤمنون وبصورة غريزية خيارات تتوافق مع القانون الإلهي أو الأخلاقي. لكن ليس من السهل دائماً في عالم كعالمنا، فنحن نميل دائماً لتقديم تنازلات في مجالات الآداب والأخلاق. إن بعض التجارب تكون صارخة، وأخرى مُغوِية، والأمر يتطلّب مقدرة على التمييز والثبات من أجل السلوك باستقامة. لن يكون من الممكن وضع قائمة بكل المجالات التي تتخللها المشاكل، ولكن لائحة ببعض النواحي ستزودنا بقاعدة لقرارات تُتّخذ في المستقبل. الرشوة والعمولة هما شكلان من إنعدام العدل، وكذلك الهدايا التي تقدّم لوكيل مشتريات من أجل الحصول على حُكم مُسبق لحُكمه. من الخطأ كتابة صَكّ (شيك) عندما لا يكون رصيد في البنك على أمل إيداع بعض المال قبل صرف الصَّك، وإنه أمر غير قانوني إرفاق رسالة في طرد بريدي دون دفع تكاليف الرسالة. إنه نوع من الخداع أيضاً أن تقول لزميل لك أن مدير العمل غير موجود بينما هو جالس في المكتب المجاور، ناهيك عن إساءة إستعمال وقت العمل، أو حساب مصاريف تضاف إليها مصاريف شخصية لا علاقة لها بالعمل، وهناك بطبيعة الحال الممارسة واسعة الإنتشار لتزوير إستحقاقات ضريبية إما بالتصريح بدخلٍ أقل أو بإضافة تبرعات ومصاريف أخرى. ثم هناك تقارير حول مطالبات من التأمين قد تصل إلى نِسب عالية، وأيضاً التباطؤ في العمل أو العمل دون المستوى، ولَعَلَّ إحدى الإنتهاكات الأكثر شيوعاً هي الإستخدام غير المسموح به من وقت صاحب العمل للقيام بأعمال شخصية، ثم إنه ليس من الحق الدفاع عن أقارب أو أصدقاء عندما يكونون على خطأ بشكل واضح، هذه محبةٌ مُضلِّلة وولاء كاذب. إننا نخدم العدالة عندما نقف بجانب الحَقّ ضد الخطيئة بِغضّ النظر عن من هو المذنب. وبالمثل، فإنه من الخطأ الوقوف إلى جانب شخص محروم من الشركة على أساس الفكرة بأن أحداً ما يجب أن يصادق الجاني. إن هذا ينجح فقط في خلق إنقسام في الكنيسة وإمعان الجاني في شّره. أخيراً، ليس من الصحيح أبداً أن شخصاً يتحمَّل اللوم على شيء لم يفعله، فهنالك بعض النفوس المحبَّة للسلام تكون على إستعداد لتَحمُّل اللوم عندما يَرفُض المذنب الإعتراف بذنبه. لا يمكن أن نفوز بالسلام بتضحيتنا بالحقّ. تشجّع أيها الأخ، لا تتعثّر مع أن طريقك مظلم كالليل، هناك نجم يرشد المتّضع «إتّكل على الرَّب واعمل الصواب». (نورمان ماكلود) |
«لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللَّهِ» (يعقوب20:1). إن الصورة ليست غير مألوفة. إن إجتماع عملٍ في الكنيسة يتخذ مجراه ويجب اتّخاذ قرار، والموضوع لا يتعلَّق ببعض عقائد الإيمان العظيمة، بل ربما عن إنشاءات إضافية للكنيسة أو دهان المطبخ أو توزيع بعض التبرعات. يتطور خلاف ويغلي الغضب وتهيج المشاعر ويثور الصراخ، وأخيراً يتغلَّب بعض من ذوي الإرادة القوية، ثم يغادرون متوهّمين أنهم قد عملوا على تقدُّم عمل الله. وعليه فمهما كان ما عملوا على تقدمه فإنه لم يكن عمل الله ولم يتمموا إرادته، لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللَّه. هنالك قصة رُوِيت أنه عندما اندفع إيمرسون خارجاً من إحدى إجتماعات إحدى اللِّجان حيث دار الكثير من الجدل والصراع النفسي، وبينما كان لا يزال يغلي غضباً، سمع ما يبدو أن النجوم تقول له: «لِمَ أنت ملتهبٌ إلى هذا الحدّ أيها الإنسان الصغير؟» فعلّق لزلي وذيرهيد قائلاً: كم رائعة هي تلك النجوم الصامتة في جلالها وجمالها البعيد تُهدِّئ أرواحنا وكأنها تقول حقاًّ: «إن الله عظيم بما فيه الكفاية لكي يهتم، ولا شيء مما يزعجك مهمٌ كما يبدو». نحن بالطبع نعلم بأن هناك وقتاً للغضب البارّ، وذلك عندما تكون كرامة الله في خطر، لكن عندما تكلَّم يعقوب عن غضب الإنسان لم يكن يفكّر في هذا، بل كان يفكِّر بالإنسان الذي يصرَّ على رأيه الخاص والذي عندما يُعترَض، يَنفجِر غاضباً. إنه يُفكّر بالإنسان المتكبر الذي يَعتبِر حُكمَه على الأمور معصوماً، وبالتالي غير متسامح مع معارضيه. إن الإنسان في هذا العالم يَعتبر المزاج السريع الإنفعال علامة قوة، فهو بالنسبة إليه شارة القيادة ووسيلة لفرض الإحترام، ويعتقد أن الوداعة ضعف. لكن المؤمن يعرف على نحو أفضل أنه عندما يفقد أعصابه فإنه يفقد إحترامه، وكل موجة غضب هي بمثابة فشل، إنه عمل الجسد وليس ثمر الروح، وقد أرشده المسيح إلى طريقٍ أفضل، إنه السبيل لضبط النفس بأن يعطى مكاناً لغضب الله وأن يُظهِر الوداعة لكل الناس، إنه سبيل تحمل الخطأ بصبر، وتحويل الخدّ الآخر. إن المؤمن يعرف بأنه يعرقل عمل الله من خلال مظاهر الغضب، وأنه يحجب أي فرق بينه وبين غير المتجدد، ويكُّمُ شفتيه عن الشهادة. |
«أَمَا إِلَيْكُمْ يَا جَمِيعَ عَابِرِي الطَّرِيقِ؟ تَطَلَّعُوا وَانْظُرُوا إِنْ كَانَ حُزْنٌ مِثْلُ حُزْنِي الَّذِي صُنِعَ بِي الَّذِي أَذَلَّنِي بِهِ الرَّبُّ يَوْمَ حُمُوِّ غَضَبِهِ» (مراثي إرميا12:1). أحياناً وبينما أجلس حول مائدة عشاء الرَّب، يتعيَّن علي أن أسأل نفسي «ما الذي يحصل لي؟ كيف يمكنني أن أجلس هنا وأتأمّل آلام المخلّص ولا أذوب بدموعي؟» واجَه شاعرٌ غير معروف الأسئلة نفسها فكتب يقول: «أأنا حجرٌ وليس إنساناً؛ لأقف أيها المسيح تحت صليبك؛ وأحصي نقطةً نقطة؛ دمك النازف ببطء؛ ومع هذا لا أبكي؟ لم يكن كذلك مع الشمس والقمر؛ خبَّأا وجهيهما في سماء منتصف النهار؛ بينما اهتزّت الأرض وتأوّهت، لكن أنا فقط أنظر غير متأثر؛ إلهي القدير، يجب ألا أوجد، أو أنني أعرف الغضب الذي تحمَّلتَه؛ أه يا ربُّ، أصلّي إليك، إلتفِت وانظر ثانية؛ واضرِب هذه الصخرة، قلبي». وكتب آخر بروح مماثلة، «يا عجب لنفسي وأنا؛ أيها الحمل المحب، النازف حتى الموت؛ أستطيع أن أفحص السر وأبقى لا أتأثر كيما أحبك أكثر». إنني مُعجبٌ بتلك النفوس الحساسة التي تتأثر جداً بآلام الفادي المائت لدرجة أنها تنهار وتبكي. أفكر بحلاّقي المؤمن، رالف روكو، الذي كثيراً ما كان يقف فوقي ويتحدث عن الآلام التي عاناها المخلّص، ثم مع دموعه الساقطة على غطاء القماش كان يقول: «أنا لا أعرف لِماذاِ كان مستعدًّا أن يموت من أجلي، فما أنا إلاّ بائس، ومع هذا حَمَل عقاب خطاياي في جسده على الصليب». أُفكِّرُ بالمرأة الخاطئة التي غسلت رِجليَ المخلّص بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها وقبَّلت قدميه ودهنتهما بالعُطر (لوقا8:7)، وعلى الرغم من أنها عملت هذا قبل الصلب، كانت منسجمة عاطفيّاً أكثر مني، مع كل معرفتي الفائقة وإمتيازاتي. لماذا أكون ككتلة من الجليد؟ هل لأني ترعرعت في ثقافة حيث يُعتبر البكاء جُبناً؟ إذا كان الأمر كذلك لكنت أتمنى لو لم أعرف تلك الثقافة، إنه ليس عارٌ أن تبكي في ظِل الجلجثة، إن العار لا يكمن في البكاء. وإذ أقتبس كلمات إرميا، علي أن أصلي من الآن فصاعداً «يَا لَيْتَ رَأْسِي مَاءٌ وَعَيْنَيَّ يَنْبُوعُ دُمُوعٍ فَأَبْكِيَ نَهَاراً وَلَيْلاً قَتْلَى بِنْتِ شَعْبي» (إرميا1:9)، أي أنني أبكي بسبب الآلام والموت الذي جَلبته خطاياي على المخلّص البارُّ، وأقبل على نفسي كلمات إسحاق واتس الخالدة: حسناً سأُخبئ وجهي الخجول؛ عند ظهور صليبه العزيز؛ يذوب قلبي شاكراً، وتذوب عيني بالدموع. يا ربّ، نجّني من لعنة المسيحية جافّة العينين. |
«…لأُعْطِيَهُمْ جَمَالاً عِوَضاً عَنِ الرَّمَادِ وَدُهْنَ فَرَحٍ عِوَضاً عَنِ النَّوْحِ وَرِدَاءَ تَسْبِيحٍ عِوَضاً عَنِ الرُّوحِ الْيَائِسَةِ» (إشعياء3:61). في هذه المقطع المجيد، يصف المسيّا بعض التبادلات الرائعة التي يُحضرها لأولئك الذين يقبلونه، فإنه يعطي جمالاً عِوضاً عن الرماد، وفرحاً عِوضاً عن النوح وتسبيحاً عِوضاً عن اليأس. نأتيه برماد حياة إحترقت بالمسرّات، برماد جسد دُمِّر بالكحول والمخدّرات، نأتيه برماد سنين ضاعت في البرية، أو رماد آمال محبطة وأحلام محطَّمة، فماذا نحصل مقابل ذلك؟ يعطينا جمالاً، جمال تاج العرس الباهر. يا لها من مبادلة! «المسكين المهموم والمُنهَك من الخطيئة ينال كرامة عندما يصبح رفيق الإله القدّوس» (ج.ه ترويت). إن مريم المجدلية التي كانت ملبوسة بسبعة شياطين، لم تخلص فحسب، بل أصبحت إبنة للملك. يأتي إليه الكورنثيّون بكل إنحطاطهم، فيتغيّرون ويتقدّسون ويتبرّرون. نأتيه بدموع الحزن، دموع سَبَّبتها الخطيئة والهزيمة والفشل، دموع سبَبُها المأساة والخسارة، دموع على زواج محطَّم وأولاد عاصين، فهل يمكنه عمل شيء بهذه الدموع المالحة الغالية؟ نعم، يمكنه أن يمسحها ويعطينا مكانها زيت الفرح. يعطينا فرح الغفران، فرح القبول، فرح عائلته، وفرح إكتشاف سبب وجودنا. بإختصار، إنه يعطينا «فرح وليمة العرس عوضاً عن الويل الثقيل الوطأة». أخيراً، يأخذ منّا ثِقَل الروح، فجميعنا يعرف ما تشبه هذه الروح، إنها عبء الشعور بالذنب والندم والعار والخزي، إنها روح الوحدة والرفض والخيانة، روح الخوف والقلق، يأخذها كلها بعيداً ويعطينا رداء التسبيح، ويضع ترنيمة جديدة في فَمنا تسبيحة للرَّب إلهنا (مزمور3:40). يمتلئ المتذمّر بالشكر والمجدّف بالعبادة. شيء جميل، شيء صالح، بفهم كل ما فيَّ من إرتباك، كل ما عندي لأقدِّم له هو الإنكسار لأنه عَمِلَ شيئاً جميلاً في حياتي. |
«أَحْسِنُوا وَأَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لاَ تَرْجُونَ شَيْئاً فَيَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيماً» (لوقا35:6). تشير هذه الوصايا المتأتية من ربّنا إلى سلوكنا تجاه جميع الناس، المؤمنين وغير المؤمنين، لكننا يجب أن نفكر فيها وخاصة فيما يتعلق بالمعاملات المالية الفردية بين المسيحيين. صحيح أنه مما يدعو للأسف أن بعض أخطر الصراعات تنشأ بين المؤمنين على الأمور المالية، على أنه لا ينبغي أن يكون الأمر كذلك، ولكن للأسف لا يزال القول المأثور القديم صحيحاً: عندما يأتي المال من الباب يخرج الحب من النافذة. قد يكون هناك حلٌ بسيطٌ وهو حظر جميع المعاملات المالية بين القديسين، لكننا لا نستطيع القيام بذلك لأن الكتاب المقدس يقول لنا، «وَكُلُّ مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ… وَأَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لاَ تَرْجُونَ شَيْئًا» (لوقا30:6و35). لذا يجب أن نعتمِد المبادئ التوجيهية المختلفة التي تتيح لنا أن نطيع الكلمة ونتجنَّب النزاع والشركة المقطوعة. يجب أن نعطي لأية حالة تستلزم إحتياجاً حقيقياً بحيث تكون العطية غير مشروطة، على ألّا تُلزِم العطية الشخص الآخر بأي شكل من الأشكال، كالتصويت إلى جانبنا في اجتماع الكنيسة أو في الدفاع عنّا عندما نكون مخطئين. يجب أن لا نحاول «شراء» الناس بمعاملتنا الحسنة. غير أن هنالك بعض الإستثناءات للوصية التي تقول بأن نعطي كل شخص يسألنا. ينبغي ألّا نعطي لأحد كي يموِّل لعب القمار أو الشرب أو التدخّين كما ويجب أن لا نَتعهَّد بتمويل مشروع سخيف يشجع الناس على الطمع. عندما نعطي لقضية ما تستحقه من العطاء، ينبغي أن نفعل ذلك ونتخذ موقفاً بعدم الإهتمام إن لم نسترجع المال، فإن عدم الدفع لا يؤثّر على صداقتنا، ويجب ألاّ نَجبي فائدة على القرض، فإن كان هذا يُطلَب من يهودي يعيش تحت الناموس (لاويين35:25-37)، فكم بالحريّ المؤمنين الذين يعيشون تحت النعمة، إنه يجب عليهم ألّا يجبوا فائدة من مؤمن آخر. فإذا ما وُجدت حالة لا تكون متأكّداً تماماً إزاءها ما إذا كان فيها حاجة حقيقية، فمن الأفضل أن تسعى بشكل عام لتلبيتها، فإن كنت مخطئاً، فمن الأفضل أن تفعل ذلك بدافع النعمة. عند العطاء للآخرين، علينا أن نواجه حقيقة أن مستلم الصدقة غالباً ما يشعر بالإستياء تجاه المعطي، وهذا هو الثمن الذي يجب أن نكون على إستعداد لدفعه. عندما قيل لديزرائيلي أن هنالك شخصاً ما يكرهه قال، «لا أعلم لماذا، لم أعمل له شيئاً مؤّخراً». |
«فَتَرَكَ كُلَّ شَيْءٍ وَقَامَ وَتَبِعَهُ» (لوقا28:5). تخيّل لاوياًّ يجلس إلى مائدة على الطريق العام يجمع الضرائب من المارّة، فلو كان جابي ضرائب نموذجياًّ لاختلس مبلغاً كبيراً من المال بدلاً من تحويله إلى الحكومة الرومانية المحتقرة. في هذا اليوم بالذات مرَّ يسوع من هناك وقال له: «إتْبَعْني»، فحدثت صحوة روحية عظيمة في حياة اللّاوي، رأى خطاياه مكشوفة وأدرك خواء حياته، وسمع وعداً بما هو أفضل، فكان تجاوبه فورياًّ «فَتَرَكَ كُلَّ شَيْء وَقَامَ وَتَبِعَهُ»، وبذلك كان يتوقَّع مسبقاً كلمات آمي كارمايكل المفعمة، «سمعتُ نداءه؛ تعال واتبَعني!؛ كان هذا كل شيء: ذَهَبي في الأرضِّ صار قاتماً؛ روحي تبعته؛ فقُمتُ أنا بذاتي وتَبِعته؛ كان هذا كل شيء؛ من لا يتبعه؛ إذا سمع صوته ينادي؟» لكن لاوِي، أو متّى كما هو معروف، لم يعرف في ذلك اليوم عندما استجاب لدعوة المسيح، عن الأشياء العظيمة التي ستنبُع من إطاعته. بادئ ذي بدء، إختبرَ بَركة الخلاص التي لا تُقدَّر بثمَن، ومنذ ذلك الحين فصاعداً، إهترأ حذاؤه من المشي وهو يُخبر عن يسوع بدل جلوسه المتواصل في إشغال وظيفة الجباية. ومنذ ذلك الحين، أصبح لديه فرح أعظم حتى عندما كان حزيناً بما كان فيه سابقاً عندما كان سعيداً، ثم من ذلك الحين إستطاع أن يقول كلمات جورج ويد روبنسون، «شيءٌ يتخذ مظهر كل لون، عيون بدون المسيح لم تره أبداً». وبالتالي أصبح متّى كذلك واحداً من الإثني عشر رسولاً. لقد عاش مع الرَّب يسوع وسمع تعاليمه التي لا تُضاهى وأصبح شاهداً على قيامته، ومضى يُبشِّر بالرسالة المجيدة، وأخيراً وَضَع حياته لأجل المخلّص. لقد مُنِحَ متَّى الإمتياز الذي لا يُعبَّر عنه في كتابة الإنجيل الأوّل. كنا قد ذكرنا أنه تخلّى عن كل شيء، ولكن الرَّب سمح له بأن يحتفظ بقلمه، ذلك القلم الذي استُخدم ليصوّر الرَّب يسوع، الملك الحقيقي، لليهود. أجل، لقد ترك متّى كل شيء، لكن بعمله هذا، حصل على كل شيء وأدرك الغاية الحقيقية من وجوده. هناك معنى لدعوة المسيح التي بها يدعو كل رجل وامرأة وكل فتى وفتاة، ونحن نستطيع إمّا الإستجابة وإمّا الرَّفض، فإذا استجبنا، فسيباركنا بأكثر من أفضل ما نحلم به، وإذا رفضنا، فسيجد غيرَنا يتبعه. لكننا سوف لا نجد مسيحاً آخر أفضل كي نتبعه. |
«فَالْجَمْعُ قَالَ: «قَدْ حَدَثَ رَعْدٌ»» (يوحنا29:12). كان الله قد تكلّم لتوِّه من السماء بصوت واضح جَليّ. فقال البعض أنه رعدٌ، فأعطوا تعليلاً طبيعياً لما هو إلهيٌّ وعجيب. هذا أحد المواقف الذي يمكننا إتّخاذها اليوم فيما يختص بالعجائب، وقد نحاول تعليلها بما لا يتعدى حدثٌ طبيعي، أو يمكننا أن نقول بشكل قاطع أن عصر المعجزات قد ولّى، ويمكننا أيضاً أن نريح أنفسنا بنفيها وتجاهلها. ثمة موقف ثالث وهو الإتجاه نحو التطرُّف بأن يقوم شخص بالإدعاء بأنه إختبر العجائب التي ما هي في الواقع إلا شيء من نتاج مخيلة قوية. إن النهج الصحيح هو أن نعترف بأن الله قادر ويستطيع بالفعل أن يصنع المعجزات في أيامنا. إنه كرَبّ ذو سيادة، يستطيع أن يعمل كما يرضيه، على أنه ليس ثمة سبب كتابي يلزمه التخلي عن المعجزات كوسيلة للإعلان عن ذاته. تحدث عجيبة في كل مرة يولد شخصٌ ولادة جديدة، وهذا برهان قوي على القدرة الإلهية في تخليص ذلك الشخص من ملكوت الظلمة ونقله إلى ملكوت محبة إبن الله. ثمة معجزات شفاء تحدث في وقت عندما تعجز العلوم الطبية ويتلاشى كل أمل الإنسان، عندئذ واستجابة لصلاة الإيمان، يختار الله أحياناً أن يلمس جسد الشخص ويعيد إليه صحته. ثم هنالك معجزات التدبير، حين تفرغ حافظة النقود، ومعجزات الإرشاد عندما نقف على مفرق الطرق ولا نعلم أي إتجاه نتّخذ. هنالك أيضاً معجزات الحماية، عندما يخرج أحدهم، على سبيل المثال، من كومة فولاذ كانت قبلاً سيارة، دون أن يُخدَش البتة. نعم، لا يزال الله يعمل المعجزات، لكن ليس بالضرورة المعجزات نفسها، فلم يسبق له أن اختار تكرار الضربات العشرة التي ضرب بها مصر، وعلى الرغم من أن يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد، فهذا لا يعني أن أساليبه هي نفسها، وحقيقة إقامته للموتى بينما كان على الأرض لا تعني أنه يقيم الموتى اليوم. كلمة أخيرة! ليست كل المعجزات إلهية، إن الشيطان وأعوانه يستطيعون صنع المعجزات. ففي اليوم الآتي، سيخدَع الوحش الثاني المذكور عنه في رؤيا 13 سكان الأرض بالمعجزات التي سيجترحها. أما اليوم فلا بد لنا من إختبار جميع المعجزات المزعومة بواسطة كلمة الله وبالإتجاه الذي تُقود الناس نحوه. |
«لأَنَّنَا إِنْ صِرْنَا مُخْتَلِّينَ فَلِلَّهِ» (كورنثوس الثانية13:5). عند الِلّه جنود غير نظاميّين في جيشه، وغالباً ما يكسب هؤلاء أعظم الإنتصارات. ففي حماسهم للرَّب يبدون غريبي الأطوار، يستخدمون أساليب مبتكرة بدل التشبّث بالأساليب التقليدية، يقولون ويفعلون دائماً ما هو غير متوقّع، يمكنهم قتل اللغة وخَرق كل قاعدة معروفة للكرازة والتعليم ومع هذا نرى من خلالهم مكاسب عظيمة لملكوت الله، وغالباً ما يكونون مثيرين إلى درجة يصعقون بها الناس وإصابتهم بالصَدمة، لكنهم لا ينسونهم أبداً. هؤلاء غير النظاميين يكونون بإستمرار مصدر إحراج للرزينين والتقليديّين ولهؤلاء الذين يقشعِرّون من فكرة إنتهاك المعايير الثقافية العادية، فيحاول مؤمنون آخرون تغييرهم ليجعلونهم عادييّن أكثر، وليخمدوا النار فيهم، لكن ولحسن حظ الكنيسة أن جهودهم عادة ما تبوء بالفشل. من الصعب علينا أن نصدِّق أن ربّنا بدا غريباً لمعاصريه، فلقد «كان متحمّساً لعمله إلى حد أنه غالباً ما لم يكن يجد الوقت حتى لتناول الطعام، وأراد إخوته وأمه أن يعيدوه إلى البيت لأنهم اعتقدوا أنه شخص غريب الأطوار. قالوا، لقد أصبح متطرفاً، لكن يسوع وحده الذي كان شخصاً عاقلاً وليس إخوته» (ماكنتوش ماكاي). من الواضح أن الناس إتهموا بولس الرسول بأنه شخص غريب الأطوار، فكان جوابه على هذه التهمة «لأَنَّنَا إِنْ صِرْنَا مُخْتَلِّينَ فَلِلَّهِ» (كورنثوس الثانية13:5). لقد سمع معظمنا بأحد جنود الله غير النظاميّين الذي لبس على جسمه لوحين من الخشب فكتب على اللوح الأمامي «أنا مختلّ لأجل المسيح»، وعلى اللوح الخلفي «وأنت مختلٌّ لأجل من؟».إن المشكلة التي تواجه معظمنا أننا كثيراً ما نكون عاديّين تماماً بحيث قلَّما نستطيع خلق تحَرُّك في المجتمع لأجل الِلّه. وكما قال أحدهم «نترك الناس العاديين حيث هم، ونكون مثل بطرس واقفين خارج قاعة المحكمة حيث كان يسوع يُحاكَم، لندفِّئ أنفسنا فقط». كان رولاند هيل، أحد الوعّاظ اللندنيّين المشهورين غريب الأطوار، وكذلك س.ت. ستاد، وأيضاً بيلي بري، وكذا الواعظ الإيرلندي و.ب. نيكلسون. فهل نريدهم مختلفين عمّا كانوا؟ كلاّ، عندما نفكِّر كيف استخدمهم الله، نتمنّى فقط لو كنا مثلهم «من الأفضل ألف مرّة أن نكون غريبين ومؤثّرين مِن أن نكون عادييّن وغير مؤثرّين، فالحب الأول يمكن أن يكون غريباً، لكن نشكر الله لأنه مؤثِّر، وبعض منا قد أضاعه» (فريد ميتشل). |
«اَلرَّجُلُ الْمُبْتَدِعُ بَعْدَ الإِنْذَار مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ أَعْرِضْ عَنْهُ. عَالِماً أَنَّ مِثْلَ هَذَا قَدِ انْحَرَفَ، وَهُوَ يُخْطِئُ مَحْكُوماً عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ» (تيطس11،10:3) عندما نفكّر بهُرطوقي، عادة ما نعتقد أنه الشخص الذي يحمل وينشر أفكاراً مناهضة لحقائق الإيمان العظيمة، نفكر بأناس مثل آريوس ومونتانوس وماركيون وبيلاغيوس الذين عاشوا في القرن الثاني والثالث الميلادي. أنا لا أقترح رفض تعريف الهُرطوقي، بل توسيع نطاقه. إن معنى الهُرطوقي في مفهوم العهد الجديد يشمل أيضاً كل من يروّج بإصرار لتعليم معيّن، حتّى ولو كان ثانويّاً في أهميّته مما يسبّب إنقساماً في الكنيسة. فقد يكون الشخص صحيحاً في التعاليم الأساسية ومع ذلك يروّج لتعليم آخر يسبّب نزاعاً، لأنه يختلف عن العقيدة المقبولة في الشركة التي هو فيها. إن معظم الترجمات العصرية تقرأه «رجل شِقاقات» بدل «هُرطوقي». إن صانع الشقاقات مصمّمٌ على أن يركب رأسه حتّى ولو أدّى ذلك إلى إنقسام في الكنيسة. فحديثه يعود حتماً لموضوعه المحبّب، ولا يهم أين يقلّب في صفحات الكتاب المقدّس فهو يظن أنه يجد دعماً لنظريته، ولا يمكنه أن يخدم الكلمة علناً دون أن يقدِّم للموضوع. إنه يملك قيثارة ذات وتر واحد، ويعزف لحناً واحداً على هذا الوتر. إن سلوك هذا الإنسان منحرف كليّاً ويتجاهل تماماً آلاف التعاليم الواردة في الكتاب المقدس التي تَبني القدّيسين في إيمانهم، ويركِّز على واحدة أو إثنتين من العقائد المنحرفة التي تخدم الشقاق فقط، فيمكنه أن يعزف نغماً معيّناً من النّبوءات أو يشدّد على إحدى مواهب الروح القدس أو أن تستحوذ على عقله النقاط الكالفنيّة الخمسة. عندما يحذّره قادة الكنيسة من متابعة حملاته المدبَّرة، لا يتوقَّف، بل يدَّعي بأنه سوف لا يكون أميناً للرَّب إذا هو توقف عن تعليم هذه التعاليم، إنه لن يسكت، إن لديه رداًّ «روحياً سامياً» لكل نقاش ضده، وحقيقة أنه يتسبّب بإنقسام في الكنيسة أمر لا يردعه في أبسط حال. إنه يبدو غير متأثر بالحُكم الإلهي «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدهُ اللهُ» (كورنثوس الأولى17:3). يقول الكتاب المقدس إن هذا الشخص مُفسد وخاطئ وقد أدان نفسه. إنه مفسد كونه يملُك «خُلُقاً ملتوياًٍ» و «ذهناً مشوّشاً» و «مشوّهاً»، إنه يخطئ لأن الكتاب المقدس يدين سلوكاً كهذا، ويقول أنه يعرف ذلك على الرغم من احتجاجاته الورعة. بعد إنذارين ينبغي على الكنيسة أن تنبذه، آملة من هذا النبذ الإجتماعي أن يتخلّى عن تحزّباته. |
«لأَنَّهُ حَيْثُمَا إجْتَمَعَ إثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِإسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ» (متى20:18). عندما تكلَّم يسوع بهذه الكلمات كان يشير إلى إجتماع عُقدَ في الكنيسة من أجل التعامل مع عضو إقترف إساءة ويأبى أن يتوب. لقد فشلت جهود أخرى للتعامل مع المُسيء والآن هو يَمثُل أمام الكنيسة، فإذا كان لا يزال يرفض أن يتوب فيجب عزله عن الشركة. إن الرب يسوع يَعدُ بحضوره في مثل هذا الإجتماع الذي عُقد من أجل التعامل مع مسألة التأديب الكنسي. لكن لهذا العدد بالتأكيد تطبيقات أوسع. صحيح أنه حيثما وكلما إجتمع إثنان أو ثلاثة بإِسمه يكون في وسطهم، فإن الإجتماع معاً بإِسمه يعني أن نجتمع كإجتماع المؤمنين، ويعني أن نجتمع معاً بسلطانه عاملين نيابة عنه، ويعني أن نجتمع معه وهو الجاذب، ويعني الإجتماع معاً وفقاً لممارسة المسيحيين الأوائل لأجل «تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلاة» (أعمال42:2). ويعني أيضاً أن نكون معاً ويسوع في المركز مجتمعين إليه (تكوين10:49، مزمور5:50). حيثما اجتمع المؤمنون إلى شخص الرَّب يسوع بما ذكر سابقاً، فهو يَعدُ بأن يكون حاضراً، لكن قد يسأل سائل «أليس هو حاضرٌ في كل مكان؟ لأنه كلِّي الوجود، أليس موجوداً في كل الأماكن وفي نفس الوقت؟» الجواب نعم بالتأكيد، لكنّه وَعدَ بأن يكون حاضراً بطريقة خاصة حين يجتمع القدّيسون بإسِمه. «فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ». هذا هو، في حد ذاته، أقوى سبب لماذا ينبغي أن نكون مُخلصين في حضورنا إجتماعات الكنيسة المحلية، فالرَّب يسوع حاضرٌ بطريقة خاصة. إننا كثيراً ما نكون غير واعين لوعده بالحضور، ففي تلك الأوقات نقبل هذه الحقيقة بإيمان مؤسّس على وعده، لكن هنالك أوقاتاً أخرى عندما يُظهِر فيها نفسه لنا بطريقة غير عادية، عندما تبدو السماء أنها تنحني كثيراً إلى أسفل، عندما تنحني كل القلوب تحت تأثير الكلمة، حين يملأ مجد الرَّب المكان لدرجة أن شعور الوقار يأسرَ الناس وتنساب الدموع تلقائياً، في أوقات حين تشتعل قلوبنا في دواخلنا. نحن لن نعرف أوقات هذه الزيارات المقدّسة، إنها تأتي غير معلنة وغير متوقّعة، فإذا لم نكن حاضرين، نخسرها ونشارك في خسارة شبيهة بخسارة توما، فهو لم يكن حاضراً عندما ظهر يسوع المُقام المُمجّد لتلاميذه مساء يوم قيامته (يوحنا24:20). كانت لحظة مجد لا يمكن إستعادتها أبداً. فإذا كنّا نؤمن حقاً بأن يسوع حاضرٌ عندما يجتمع شعبه بإسِمه، فإننا سنكون أكثر تصميماً على الحضور ممّا لو كان رئيس دولة حاضراً. يجب ألا يعيق حضورنا أي شيء إلّا الموت أو مرض مُزمن. |
«أنْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ» (لوقا15:12). إن الطمع، هو عبارة عن رغبة شديدة لجني الغنى أو الممتلكات، إنه هَوَس يسيطر على الناس مما يسبّب التلهف إلى المزيد والمزيد، إنه حُمّى تدفعهم للسعي وراء أشياء هم في الواقع ليسوا بحاجة إليها. نرى الطمع في رجل الأعمال الذي لا يقنع أبداً، فهو يقول أنه سيتوقّف بعد أن يجمع مبلغاً معيّناً من المال، لكن عندما يتم له ذلك، يصبح أكثر جشِعاً للحصول على المزيد. نرى ذلك في ربَّة البيت التي لا تتوقّف عن الإنغماس في التسوُّق، فإنها تحشو أطناناً من مختلف البضائع في مخزن البيت حتى يمتلئ بالغنائم. نلاحظ ذلك في تقاليد هدايا عيد الميلاد وأيام الميلاد. فالكبار والصغار على حدٍ سواء يحكُمون على نجاح هذه المناسبة بكمية الغنائم التي يقدرون على جمعها. نرى ذلك عند تقاسُم الإرث، فعندما يموت شخص ما، يذرف أقرباؤه وأصدقاؤه دمعة طقسيّة، ثم ينهالون كالطيور الجارحة ليقتسموا الغنيمة، وفي كثير من الأحيان تقوم حرب أهلية في هذه العملية. إن الطمع عبادة أوثان (أفسس5:5، كولوسي5:3)، يستبدل الإرادة الذاتية بإرادة الله، ويعبِّر عن عدم الرضى عمّا أعطاه الله ويصرّ للحصول على المزيد بغض النظر عمّا يمكن أن تكون التكلفة. إن الطمع أكذوبة، إذ أنه يخلق الإنطباع بأن السعادة تنشأ من إمتلاك الأشياء المادية. يُحكى عن رجل كان بإمكانه الحصول على أي شيء يريده بمجرَّد التمنِّي، فتمنّى قصراً وخدماً وسيارة فخمة وقارباً وموسيقى صاخبة! فجاءه كل ذلك على الفور، كان هذا كله مُبهِجاً في البداية، ولكن بعد فترة بدأ رأسه يفرغ من الأفكار الجديدة وأصبح غير راض، وأخيراً قال: «أريد أن أخرج من هنا، أريد أن أخلُق شيئاً، أريد أن أعاني قليلاً، أفضِّل أن أكون في الجحيم عن أن أكون هنا». أجابه خادمه، «أين تظن أنك موجود؟» إن الطمع يغري الناس على المساومة والخداع والخطيئة من أجل الحصول على ما يريدون. إن الطمع يجعل الشخص غير مؤهل للقيادة في الكنيسة (تيموثاوس الأولى3:3). يسأل رونالد سايدر، «أليس أكثر إلتزاماً بالكتاب، تطبيق التأديب الكنسي على الناس الذين أدى جشعهم ورغبتهم في المكسب للنجاح المادّي بدل إنتخابهم لمجلس المَشيَخة؟» عندما يؤدّي الجشع إلى الإبتزاز والإختلاس أو للفضائح العلنية الأخرى فإنه يدعو للفصل (كورنثوس الأولى11:5)، وإذا لم يتم الإعتراف والتخلي عن الطمع فسيؤدي إلى الإستبعاد من الملكوت (كورنثوس الأولى10:6). |
«ذَبَائِحُ اللهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا اللهُ لاَ تَحْتَقِره» (مزمور17:51). ليس هناك شيء أكثر جمالاً في خليقة الله الروحية من المؤمن الذي يُظهر روح إنكسار حقيقية. فإنه حتى الله نفسه يجد مثل هذا الشخص صعباً مقاومته، فإذاً قادر على مقاومة المتكبّر والمتعجرف (يعقوب6:4)، لكنه لا يستطيع مقاومة المنكسر والمتَّضع. في حياتنا الطبيعية، لا أحد منكسِرٌ، فنحن مثل حصان برّي هائج عنيد ومتهور، نقاوم لجامَ وسرجَ مشيئة الله، ونرفض أن نكون مُسخَّرين، نريد طريقنا فقط، فما دُمنا غير منكسرين فلا نكون مناسبين للخدمة. إن الولادة الجديدة مثل بداية عملية إنكسار، يمكن للخاطئ التائب أن يقول، «القلب المتكبر الذي نبض قبلاً؛ قد أُخضِع في داخلي؛ الإرادة العنيفة التي قامت قبلاً؛ احتقرَت قضيتك وساعدَت عدوك!»، أما في الولادة الجديدة فنحمل نير المسيح علينا. ولكن قد تكون مؤمناً ولا تزال تتصرف مثل فرس غير مُروَّض يريد أن يطوف الحلبة كما يحلو له. يجب علينا أن نتعلّم تسليم مقاليد الحياة للرَّب يسوع، وأن نخضع لتعاملاته في حياتنا بدون رفس أو هيجان أو قفز، علينا أن نكون قادرين على القول: «طريقه هو الأفضل، ونتخلى عن التخطيط غير الضروري، ونترك قيادة حياتنا له. نحن بحاجة لممارسة الإنكسار ليس فقط تجاه الله ولكن تجاه إخوتنا من البشر كذلك، وهذا يعني أنناّ لن نكون متكبّرين، جازمين أو متغطرسين. يجب ألا نشعر بأننا مضطرون للدفاع عن حقوقنا أو عن أنفسنا عندما نُتَّهم زوراً ونُهان ويُسخَر بنا ويُساء إلينا أو يُفترى علينا. إنَّ الأشخاص المنكسرين يسارعون إلى الإعتذار عندما يكونون قد قالوا أو اقترفوا خطأ وهم لا يحملون حقداً أو يحتفظون بعدد الإساءات ضدهم، وينظرون إلى الآخرين كأنهم أفضل من أنفسهم، وعندما يواجهون تأخيرات ومقاطعات وأعطال وحوادث وتغييرات في المواعيد وخيبات أمل فلا يتجاوبون بإبداء الفزع أو الهستيريا أو التكدُّر، بل يُظهرون الإتزان ورباطة الجأش عند أزمات الحياة. إذا كان الزوجان منكسرَين حقاً فلن يحتاجا إلى اللجوء إلى محكمة الطلاق أبداً. إن الوالدين والأولاد المنكسِرين لن يختبروا فجوة الأجيال أبداً، والجيران المنكسرون لا يحتاجون لبناء الأسوار، والكنائس التي فيها أناس قد تعلّموا طريق الإنكسار يختبرون إنتعاشات مستمرة. عندما نتقدّم إلى مائدة الرَّب ونسمع المخلّص يقول، «هذا هو جسدي المكسور لأجلكم،» فإن الردّ الوحيد المناسب هو: «هذه هي حياتي أيها الربّ يسوع المنكسرة لأجلك» |
«فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا» (تيموثاوس الأولى8:6). يتخذ عدد قليل من المسيحيين هذه الكلمات على محمل الجِد، ومع هذا فهم صادقون كما جاء في كلمة الله في يوحنا16:3. أنهم يخبروننا أن نكون مكتفين بالقوت والكسوة، وكلمة «كسوة» تتضمّن وجود سقفٍ فوق رؤوسنا والملابس التي نرتديها. بعبارة أخرى، ينبغي أن نكون قانعين بالحد الأدنى من الضروريّات واستثمار كل ما يزيد على ذلك في عمل الرَّب. إن الإنسان القنوع يملك شيئاً لا يمكن أن يُقتنى بالمال. قال ستانلي جونز، «كل شيء مُلكٌ للشخص الذي لا يريد شيئاً، والذي ليس لديه شيء يمتلك كل شيء في الحياة بما في ذلك الحياة نفسها، هو غنيٌّ بقِلَّة ما يريد وليس في كثرة الممتلكات». قبل سنوات عندما تكلّم روديارد كيبلنج للصف المتخرّج من جامعة ماكجيل، حذَّرَ الطلاب من محبة المال ولم يشجعهم على الغِنى المادي، إذ قال «ستلتقون يوماً ما برجل لا يهتمَّ بهذه الأشياء وعندها تدركون كم كنتم فقراء». «يبدو أن أسعد حالات المؤمن على هذه الأرض هي عندما يطلب القليل، فإذا كان المسيح في قلب الإنسان والسماء أمام ناظريه وعنده بركات زمنية لازمة لكي يَصمُد بأمان عبر الحياة، فلا يكون للألم والحزن إلاّ القليل لينال منه. إن إنساناً كهذا ليس لديه الكثير ليخسره» (وليم بارنز). يبدو أن روح القناعة هذه قد ميَّزت العديد من أبطال الله. قال ديفيد لفنجستون، «أنا عاقد العزم على ألاّ أنظر إلى أي شيء ممّا أملكه باستثناء علاقتي بملكوت الله»، وقد كتب واتشماني «لا أريد شيئاً لنفسي، أريد كل شيء للرَّب»، وقال هدسون تيلر إنه يتمتع «برفاهية القليل من الأشياء التي يعتني بها». تعني فكرة القناعة بالنسبة للبعض عدم وجود الدوافع والمطامح، إنهم يصفون الشخص القنوع بالكسول أو المُستَغِل، لكن هذه ليست قناعة التقوى، فالمؤمن القنوع عنده الكثير من الدوافع والمطامح، لكنّها موجّهة نحو الروحيات وليس الماديات، وبدل أن يكون مُستغِلاً فإنه يعمل لكي يستطيع أن يعطي المحتاجين. وبكلمات جيم إليوت، إن الشخص القنوع هو ذاك الذي «أرخى شِدَّة قبضة اليد». |
«لاَ يَفْتَخِرَنَّ مَنْ يَشُدُّ كَمَنْ يَحِلُّ» (الملوك الأول11:20). مع أن هذه الكلمات قالها آخاب الملك الشرّير، إلا أنها كلمات حقيقية. حتى الأشرار ينطقون أحياناً بكلمات الحق. كان ملك آشور قد طلب من آخاب بعض المطالب المهينة والمحقِّرة، مهدداًّ إياه بكارثة عسكرية إذا لم يُطِعه، لكن في المعركة التي تلت ذلك، إضطرَّ الأشوريون إلى الفرار وهرب ملكهم لكي ينجو بحياته. إن أداءه لم يتطابق مع ما تباهى به. إن عَدد اليوم يمكن أن يكون نصيحة مفيدة لجُليات أيضاً، فعندما رأى داود يقترب منه قال، «تَعَالَ إِلَيَّ فَأُعْطِيَ لَحْمَكَ لِطُيُورِ السَّمَاءِ وَوُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ» (صموئيل الأول44:17) لكن داود أسقطه بسهولة بحجر واحد من مقلاعه. لقد تسرّع المارد في تفاخره. عندما نكون مؤمنين جُدُداً، يكون من السهل علينا أن نبالغ في قدراتنا، نتصرّف وكأننّا نستطيع التغلب على العالم والجسد والشيطان لوحدنا، إلى الحد الذي نصل فيه إلى توبيخ المؤمنين الأكبر سناً لفشلهم في تبشير العالم، ونُظهر لهم كيف يفعلون ذلك، لكن تفاخرنا هذا سابقٌ لأوانه، لقد بدأت المعركة للتّو ونحن نتصرّف وكأنها قد انتهت. في لقاء مسائي غير رسمي لبعض المؤمنين، كان الضوء مسلّطاً على واعظ شاب لامع كان حاضراً، وكان راضياً بكونه مركز الإهتمام، وكان حاضراً في المجموعة معلّم مدرسة الأحد الذي كان له تأثيرٌ عميقٌ على حياة ذلك الشاب، فقال أحد الحاضرين للمعلّم، «أنت لا بد فخور بتلميذك السابق»، فكان جوابه، «نعم، إذا استمرّ حسناً حتى النهاية»، لقد رأى الواعظ الشاب في ذلك الوقت أن هذه الملاحظة كانت مؤشراً سلبياً لتناسب تلك الأمسية الممتعة، لكن وفي وقت لاحق وبعد سنوات من الخبرة، أدرك أن معلّمه القديم كان مُحقّاً. المهمّ في الأمر ليس كيف تلبس سلاحك، لكن كيف تَحسِم المعركة. إن المعركة لا تنتهي في هذه الحياة في الواقع، ولن تنتهي إلى أن نقف أمام قائدنا العظيم في السماء، عندها نسمع تقييم خدمتنا، إنه التقييم الوحيد الذي يهم حقاًّ، ولا يهم ما يكون تقييمه حيث أنه لن يكون لدينا أي سبب للإفتخار، وسوف نقول بتواضعٍ قلبيّ «إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ. لأَنَّنَا إِنَّمَا عَمِلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا» (لوقا10:17). |
«إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ إبْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟» (عبرانيين 7:12). تتردّد الكلمات التالية: تأديب، يُؤدِّب، مؤدِّبين، أدَّبونا، سبع مرّات في أوّل 11 عدد من عبرانيين 12. نتيجة لذلك فمن السهل على القارئ العادي تلقّي إنطباعاً خاطئاً، وقد يتخيَّل الله كأبٍ غاضبٍ يضرب أولاده بلا إنقطاع. هذا المفهوم الخاطئ تنشَّأ عن الإعتقاد بأن التأديب ما هو إلّا عقاب. إنه مصدر إرتياح كبير أن نعرف بأن التأديب في العهد الجديد يحمل معنى أوسع من ذلك بكثير، وهو ما يعني حقاً تدريب الطفل، ويشمل جميع أنشطة الوالدين التي تُمارَس في تربية الطفل، ويُعرِّفها السيد كيتل بأنها «التنشئة والتعامل مع الطفل الذي ينمو ليصل إلى مرحلة النُضج الذي يحتاج إلى التوجيه والتعليم والإرشاد وقدراً معيناً من الإكراه أحياناً على شكل تأديب أو حتى عقاب. كان المؤمنون الذين كُتب لهم سفر العبرانيين يعانون من الإضطهاد، ويتحدث الكاتب عن هذا الإضطهاد كجزء من تأديب الرَّب، فهل هذا يعني أن الله أرسل الإضطهاد؟ بالتأكيد لا! لقد أوحيَ من قِبل أعداء الإنجيل. فهل كان الله يعاقب المؤمنين بسبب خطاياهم؟ كلاّ، من المحتمل أن يكون الإضطهاد بسبب شهادتهم الأمينة له. إذاً بأي معنى يمكن أن يقال عن الإضطهاد بأنه تأديب من الرَّب، بمعنى أن الّله سمح بأن يكون ومن ثم استخدمه كجزء من برنامج تعليم في حياة شعبه، وبعبارة أخرى، استخدم الإضطهاد للتنقية والنضوج ولمطابقة أولاده مع صورة إبنه؟ غني عن القول أن هذا النوع من التأديب لم يكن سائغاً في ذلك الوقت، إن الإزميل يعمل بقسوة في الرخام، وفي الأتون يُخضَع الذهب لحرارة شديدة، لكن الأمر يستحق كل هذا حين يظهر وجه الشخص في الرخام، وعندما يُنقَّى الذهب من الشوائب. إنها لهزيمة ذاتية أن نحتقر تأديب الرَّب أو نخور تحته. إن الموقف الصحيح الوحيد هو أن نتذكّر بأن الله يستخدمه كوسيلة تدريب. إذاً فلنحاول الحصول على الفائدة القصوى المرجوة منه وهو ما يعنيه الكاتب حين يقول، «فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ» (عبرانيين11:12). |
«وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ أَتَكَلَّمَ خَمْسَ كَلِمَاتٍ بِذِهْنِي لِكَيْ أُعَلِّمَ آخَرِينَ أَيْضاً أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفِ كَلِمَةٍ بِلِسَانٍ» (كورنثوس الأولى19:14). يتركَّز الموضوع هنا طبعاً حول إستخدام الألسنة دون ترجمة في اجتماعات الكنيسة. يعارض بولس هذه الممارسة ويصر على أن ما يقال يجب أن يكون واضحاً وإلّا فلن يُبنى أحدٌ. لكن يمكن تطبيق العدد بمعنى أوسع. فعندما نتكلّم ينبغي أن نتكلّم بصوت عالٍ بما فيه الكفاية ليسمعنا الجميع وإلّا فإننا قد نكون نتكلّم بلغة أجنبية فحسب. يوجد تقريباً في كل جمهور أُناس ثقيلو السمع، إنها محاولة صعبة لهم عندما يكون صوت المتكلّم منخفضاً بحيث يفوتهم تسلسل الأفكار، ولأن المحبة تُفكّر بالآخرين وليس في ذاتها فهي تتكلّم بصوت مرتفع بما فيه الكفايةٍ لكي يتمكن الجميع من السماع. تَستخدم المحبة كلمات بسيطة بما يكفي لكي يفهمها الشخص العادي. وإنَّ لدينا رسالة عظيمة وهي أعظم رسالة لكل العالم، ومن المهم جداً أن يسمع الناس الرسالة ويفهموها. لكن إذا استخدمنا معانٍ غامضة وإصطلاحات تقنيّة فإننّا نُفشِل هدفنا. سافَر واعظٌ إلى الشرق الأقصى ليخدِم الناس هناك مستعيناً بمترجم طبعاً، كانت الجملة الأولى من رسالته، «قد تنقسم كل الأفكار إلى فئتين- محدّدة ومجرّدة»، نظر المُترجم إلى الجمهور المكوّن من جدّات مسنات بلا أسنان وأولاد ضجِرين، فترجم قائلاً، «أتيت كل الطريق من أمريكا لأخبركم عن الرَّب يسوع». ومن تلك اللحظة فصاعداً، كما يقال، أصبحت الرسالة راسخة في أيدي الملائكة. في أحد أعداد مجلّة مسيحية وجدت تعابير مثل: المعلومة مِسند معياري لنوعية التاريخ الخيالي؛ العمل غير كهربائي لكن له أهمية وجودية؛ كميّة عاموديّة متسلسلة من الوعي. إنني أُشفِق على الناس البسطاء الذين يُطلب منهم الخوض في كلام ديني غير مفهوم. يا ربّ نجّنا جميعاً من هؤلاء الذين عندهم طرقٌ ممِلّة يتكلمون بلا معنى في جُمَل غير محددة. نسمع بأن برامج التلفاز والراديو العادية تُوجَّه إلى الذين هم في مستوى الصف الثالث، وهذا ينبغي أن يكون إشارة للمؤمنين الذين يريدون الوصول إلى العالم برسالة الفداء. ينبغي أن «نجعل الرسالة واضحة وسهلة بحيث يقبل المسيح أناساً خطأة». إنه من الأفضل قول خمس كلمات مفهومة عن قول 10،000 كلمة بلُغة لا يفهمها أحد. |
«لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي» (يوحنا17:20). كم كان جميلاً لو أننا كنّا نتمتّع برفقة إبن الله شخصياً بينما كان في خدمته الأرضية! لعلَّ جميعنا يشترك في هذه الرغبة الوجدانية بين الفينة والأخرى. تعبّر إحدى الترانيم الأجنبية عن هذا الشعور على النحو التالي «عندما أقرأ القصة الجميلة القديمة أفكّر بيسوع سائراً بين الناس، يدعو الأطفال كخراف إلى قطيعه، وأتمنى لو كنت هناك». لكن ينبغي أن ندرك أنه من الأفضل أن نعرفه اليوم كما يعلن ذاته بواسطة الروح من خلال كلمته. فبدل أن نكون خاسرين فنحن في الواقع لدينا إمتياز أعظم مما للتلاميذ. فمثلاً، رأى متّى يسوع من خلال عيني متّى، ومرقس من خلال عيني مرقس، ولوقا من خلال عيني لوقا، ويوحنا من خلال عيني يوحنا، لكن نحن نراه من خلال جميع الإنجيليّين، وزيادة على ذلك، عندنا رؤيا كاملة عن الرَّب يسوع في كل العهد الجديد أكثر من أي من التلاميذ عندما عاشوا على الأرض. وهنالك مفهوم إضافي وهو أننا ذوو إمتياز أعظم ممّن عاصروا يسوع. فبينما كان يحيا مع الناس في الناصرة كان قريباً إلى البعض أكثر من البعض الآخر. ففي العِلية إتكأ يوحنا على صدره بينما استلقى باقي التلاميذ بعيداً. لكن كل هذا تغيّر الآن. فإن المخلّص قريب من جميع المؤمنين بالتساوي، وهو ليس معنا فقط، بل فينا أيضاً. عندما التقت مريم بالرَّب المقام، أرادت أن تتمسَّك به بنفس الطريقة التي عرفته بها من قبل. لم تُرِد أن تخسر حضوره الجسدي المادي لكنه قال لها، «لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي…» (يوحنا17:20). فكان كأنه يقول «يا مريم لا تتعلّقي بي بمفهوم أرضي مادي، فإنه عندما أصعد إلى أبي، سيُرسل الروح القدس إلى الأرض. ومن خدمة الروح القدس ستعرفونني على نحوٍ أفضل وأوضح وأقرب ممّا عرفتموني قبلاً». إذاً فالنتيجة هي: بدل أن نتمنى لو كنّا مع يسوع عندما كان على الأرض، ينبغي أن ندرك وبفرح شديد، أنه من الأفضل أن نكون معه الآن. |
«لأَنَّ شَعْبِي عَمِلَ شَرَّيْنِ: تَرَكُونِي أَنَا يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ لِيَنْقُرُوا لأَنْفُسِهِمْ آبَاراً آبَاراً مُشَقَّقَةً لاَ تَضْبُطُ مَاءً» (إرميا13:2). من المعروف أن الخسارة تكون كبيرة عند تبديل بئر جيدة ببئر مشقّقّة. إن النبع هو عبارة عن جريان ماء بارد، عذب، منعش يتفجّر من باطن الأرض، والبئر خزاّن ماء إصطناعي لحفظ الماء يمكن أن يصبح الماء فيه راكداً وملوّثاً. عندما تتشقّق البئر ينساب الماء خارجاً ويدخل التلوُّث إليه. إنَّ الرَّب نفسه ينبوع ماء حيّ، يجد شعبُه الرِّضى الكامل فيه، والعالم بئر بل بالحريّ بئر مشقّقة يقدّم رجاء اللذّات والمسرّات، وكل الذين يطلبون الرضى فيه يخيب أملُهم حتماً. تَرَبّت مريم في بيت مسيحي حيث كانت كلمة الله تُقرأ وتُحفظ غيباً، لكنها تمرّدت على طريقة حياة والديها وتركت البيت مصمّمة على حياة العالم، أصبح الرقص هوى كل حياتها، وكانت دائماً تحاول أن تكبت ما تعلّمته في بيت والديها وعاشت بين رقصة وأخرى. في إحدى الليالي بينما كانت تنساب في رقصها إنسياباً في القاعة مع رفيق لها، أوقفها عدد من الكتاب المقدس كانت قد حفظته في صغرها، «لأَنَّ شَعْبِي عَمِلَ شَرَّيْنِ: تَرَكُونِي أَنَا يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ لِيَنْقُرُوا لأَنْفُسِهِمْ آبَاراً آبَاراً مُشَقَّقَةً لاَ تَضْبُطُ مَاءً». تأنَّبت على خطيئتها وهي ترقص. أدركت فراغ حياتها، رجعت إلى الرَّب وتحوّلت إلى الإيمان، فاعتذرت عن متابعة الرقص، وغادرت القاعة ولم تعد إليها أبداً. منذ تلك اللحظة استطاعت أن تتماثل مع كلمات الشاعر الذي كتب يقول «جرّبت البئر المشقّقة يا ربّ، لكن أفشلتني كل المياه، حتى حين انحنيت لأشرب فرّت المياه، وسخرت منّي وأنا أنتحب. لا أحد سوى المسيح فيه الرضى، ليس اسم آخر لي عنده المحبة والحياة والفرح الأبدي، أيها الرَّب يسوع وجدت هذا فيك». لقد إختبرت مريم الحق في كلمات يسوع، «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضاً. لَكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ» (يوحنا14،13:4). |
«هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: إمْنَعِي صَوْتَكِ عَنِ الْبُكَاءِ وَعَيْنَيْكِ عَنِ الدُّمُوعِ لأَنَّهُ يُوجَدُ جَزَاءٌ لِعَمَلِكِ يَقُولُ الرَّبُّ. فَيَرْجِعُونَ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ» (إرميا16:31). كان إستفان قد تربى في حقل التبشير، أعلن إعترافه بالمسيح في سن مبكّرة وقد كان وسيلة لقيادة الكثيرين إلى معرفة الرَّب. عندما عاد لأول مرة إلى الولايات المتّحدة ليتعلَّم في الجامعة، حافظ على شهادة جيّدة في البداية، لكنه انحرف فيما بعد ودخل الفتور إلى قلبه ثم تهادن مع الخطيئة وسرعان ما ابتدأ ينشغل بالديانات الشرقية. عندما عاد والداه إلى البلد في إجازة، أصابهما الإحباط، فتوسّلا إليه وناقشاه واحتجّا ضده، لكنه كان مصراً على موقفه، وأخيراً ذهبا لزيارته حيث كان يعيش مع ثلاثة آخرين، وقد سُحِقا تماماً مما رأياه، فعادا إلى المنزل وبكيا بكاء مُراًّ. ذهبا إلى الفراش وحاولا النوم، لكن بلا جدوى، وأخيراً وفي الساعة الرابعة صباحاً قرّرا النهوض ليقرَأا تأمّلهما الصباحي المعهود، فوصلا إلى إرميا31 في ذلك اليوم، لكن الزوج قال «لا، ليس إرميا!» معتقداً أن النبي الباكي لن يكون لديه تعزية لأجلهما، إلا أن الرَّب سيطر على الموقف ففتحا كتابهما على إرميا31، وعندما وصلا إلى العدد 16 قرَأا، «إمْنَعِي صَوْتَكِ عَنِ الْبُكَاءِ وَعَيْنَيْكِ عَنِ الدُّمُوعِ لأَنَّهُ يُوجَدُ جَزَاءٌ لِعَمَلِكِ يَقُولُ الرَّبُّ. فَيَرْجِعُونَ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ». إن الآلاف من الآباء المؤمنين اليوم منكسرو القلوب، يبكون على أبنائهم وبناتهم المتمرّدين، وعندما يُصلّون، تبدو السماء وكأنها من النحاس، ويأخذون في التساؤل إن كان الله يقدِر في أي وقت أو يريد أن يعيد المرتدّ. ينبغي أن يتذكّر الآباء أنه ليس هناك ما يصعب على الرَّب، وعليهم أن يستمرّوا في الصلاة ساهرين مع الشكر، وينبغي أن يطالِبوا بوعود الله من كلمته. عندما أشارت الأم إلى العدد أعلاه متسائلة إن كانت محقّة في المطالبة بإرميا16:31، قرأت في إشعياء25:49، «وَأَنَا أُخَاصِمُ مُخَاصِمَكِ وَأُخَلِّصُ أَوْلاَدَكِ». |
«لَكِنْ كَانَ لَنَا فِي أَنْفُسِنَا حُكْمُ الْمَوْتِ، لِكَيْ لاَ نَكُونَ مُتَّكِلِينَ عَلَى أَنْفُسِنَا بَلْ عَلَى اللهِ الَّذِي يُقِيمُ الأَمْوَاتَ» (كورنثوس الثانية9:1). لقد نجا بولس من موت محتَّم في مقاطعة آسيا. لا نعرف ما حدث بالضبط، لكن الأمر كان خطيراً جداًّ لدرجة أنه لو سألناه «هل ستكون النهاية حياة أم موت؟» فكان سيقول «موت». إن معظم الذين استخدمهم الله كان لهم تجربة مماثلة في وقت ما في حياتهم. إن سِيَر حياة رجال الله العظام تُسجّل حالات نجاة عجيبة من مرض أو حوادث أو من هجوم شخصي. يستخدم الله أحياناً هذا النوع من التجربة ليُلفت إنتباه الإنسان، فربّما يكون معتلياً موجة الإزدهار المادي حيث كل شيء يسير بحسب رغبته، ولكن فجأة يسقط طريح الفراش، يزيل الجرّاح أمتاراً من أمعائه المصابة بالسرطان مما يضطره إلى إعادة تقييم حياته والتفكير بأولوياته إدراكاً منه أن الحياة قصيرة وغير مضمونة، فيقرّر أن يكرِّس ما بقي منها للرَّب، فيقيمه الرَّب ويمنحه سنين إضافيّة في خدمة مُثمرة. إلا أن الأمر كان مختلفاً بالنسبة لحالة بولس. فقد سلّم حياته بالفعل للرَّب من أجل الخدمة، لكن كان هناك إحتمال خطير أن يخدم بقوته وذكائه الخاص، لهذا أتى به الرَّب إلى شفير الموت لكي لا يثق بنفسه بل في إله القيامة. سوف يكون هناك أوقات كثيرة في حياته الصاخبة عندما يواجه مآزق يفوق حلّها القدرة البشريّة، الآن وقد ثبتت بالفعل كفاية إله المستحيلات، فإنه لن يدركه الخوف فيما بعد. هذه المواجهات القريبة من الموت هي عبارة عن بركات مختفية، إنها تُظهر لنا كم نحن ضعفاء، وتذكّرنا بحماقة قِيَم هذا العالم، وتعلّمنا بأن الحياة هي قصة قصيرة قد تنتهي بدون توقُّع، وعندما نواجه الموت، ندرك أننّا «يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ» (يوحنا9:4) بطريقة ما «لَنَا فِي أَنْفُسِنَا حُكْمُ الْمَوْتِ» إن هذا مذكّرٌ قوي لنا لكي نضع مصلحة المسيح أوّلاً ونعتمد على قدرته وحكمته. |
«عَمَلَ أَيْدِينَا ثَبِّتْ عَلَيْنَا» (مزمور17:90). تعني هذه الجملة «إجعل عمل أيدينا يدوم». إنها فكرة تستحق التأمل ومطلبٌ جدير بالصلاة! وينبغي أن نجعله طموحنا بحيث نقضي حياتنا في عمل الأمور التي تدوم. هذا المطلب يجد صداه في العهد الجديد عندما قال الرَّب يسوع: «إخْتَرْتُكُمْ وَأَقَمْتُكُمْ لتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ» (يوحنا 16:15). قال ف.وو. بورهام بأنه ينبغي على كل منّا أن يُشغِل نفسه بعملٍ شريف يقوم به بينما جسده ممددٌ في القبر، على أنه علينا أن ننقل هذه الفكرة إلى ما هو أبعد من القبر ونقول أن كلاً منّا ينبغي أن يبني للأبديّة. إن كثيراً من الأعمال المعاصرة لها أهمية عابرة وقيمة زائلة. سمعت ذات يوم عن رجل كان يكرّس حياته في تحليل كيماوي لخمسين مادّة كيماوية سريعة التبخّر موجودة في قشرة نوع من الإجاص. من هنا نرى أنه حتى المؤمنين يمكن أن يسقطوا في فخ بناء قصور في الرمال أو يلاحقون فقاعات فارغة ويصبحون خبراء في أمور تافهة، وكما قال أحدهم: يمكننا أن نصبح مذنبين بقضاء حياتنا في محاولة لجعل الصور مستقيمة في بيت يحترق. هنالك أنواع عديدة من الأعمال التي لها أهمية أبدية يتعيَّن علينا أن نركّز عليها. أولها، تطوير الشخصية المسيحية، فإن شخصيّتنا هي واحدة من الأشياء القليلة التي سوف نأخذها معنا إلى السماء، وهي تحتاج إلى العناية بها الآن. ثم إن النفوس التي تم ربحها للمسيح لها أهمية دائمة أيضاً، وستكون من الساجدة لحمل الله إلى أبد الآبدين، وجميع أولئك الذين يعلّمون كلمة الحق، والذين يُتلمِذون مؤمنين جدداً، والذين يطعمون خراف المسيح، هؤلاء يستثمِرون وقتهم في حياة تدوم أبداً. والآباء الذين يربّون أولادهم لأجل خدمة الملكوت يُؤكَّد لهم الله أن عملهم سيدوم. ثم إن الوكلاء الأمناء الذين يستثمرون أموالهم لأجل المسيح وقضيته، ينشغلون بخدمة لا يمكن أن تفشل، والذين يكرّسون أنفسهم في ممارسة الصلاة سوف يرون يوماً ما كيف أن كل صلاة قد استجيبت من الله نفسه في وقته وبطريقته. إن كل من يخدم شعب الله يشارك في عمل يدوم إلى الأبد. إن أكثر خدّام المسيح تواضعاً يفوق برؤياه أعظم حكماء العالم، إذ يدوم عمله بينما يتصاعد عملهم كالبخار. |
«مَنْ يَسْكُنُ فِي جَبَلِ قُدْسِكَ؟ …الذي يَحْلِفُ لِلضَّرَرِ وَلاَ يُغَيِّرُ» (مزمور4،1:15). في المزمور15 يصف داود الشخص المؤهّل ليكون رفيقاً لِلّه العظيم، تتمثَّل إحدى جوانب صفات هذا الرجل في أنه يلتزم بكلامه، حتى لو كلّفه الأمر تكلفة شخصية كبيرة، فإذا وَعدَ أو التزم بشيء، يبقى أميناً له. ها هنا، على سبيل المثال، مؤمنٌ يبيع بيته، يأتي مشترٍ ويتَّفقا على دفع السعر المطلوب، يوافق البائع على الصفقة، وقبل توقيع أية أوراق، يأتي آخر ويعرض 5،000$ إضافية على ثمن البيت. من ناحية قانونية ربما يستطيع البائع أن يرفض العرض الأول وبهذا يكسب 5،000$ إضافية على الصفقة، لكن من ناحية أخلاقية هو ملزمٌ أن يلتزم بكلمته التي نطق بها مع المشتري الأول. إنَّ شهادته كمؤمن يمكن الإعتماد عليه، أصبحت في خطر. وها هنا، أحد المؤمنين يعاني من إلتهاب في ضرس العقل، يحيله طبيب الأسنان إلى جرّاح الفم والأسنان الذي بدوره يعالجه بالمضادات الحيوية ومن ثم يعيّن له موعداً لاقتلاع الضِرس، وبعد أن شهِد للجرّاح يغادر المؤمن العيادة، وفي الطريق يلتقي بصديق يرشده إلى طبيب آخر يقتلع ضرسه بنصف السعر. لا شك في أنه يمكن أن يدفع للجرّاح مقابل العمل الذي تم بالفعل، ثم يذهب إلى طبيب أسنان آخر، فهل يفعل هذا؟ قبلت سوزان لتوها دعوة للعشاء مع زوجين متقدّمين في السنّ. دقَّ جرس الهاتف وتلقّت دعوة للعشاء مع مجموعة من الشباب من جيلها، فأضحت ما بين المطرقة والسندان، فهي لا تريد أن تخيِّب أمل الزوجين المسنَّين، ومع ذلك فهي متلهفة لتكون في صحبة مجموعة الشباب. يصعب إتخاذ القرار عادة عندما يتعلَّق الأمر بمبلغ كبير من المال، لكن يجب ألاّ يجعلنا أي مبلغ من المال نتراجع عن وعدنا. إن التراجع عن أي إلتزام يشوِّه شهادتنا المسيحية ويجلب العار لإسم الرَّب. لا يهم كم يكون الثمن، فلا بد لنا من دحض تصريح فولتير الساخر بأنه «عندما يتعلّق الأمر بالمال فجميع الناس من نفس الديانة». إن إنسان الله «يفعل دائماً ما وعد به، مهما كانت التكلفة» وهو «يفي بوعده حتى ولو دمّره ذلك». |
«وَتَعْلَمُونَ خَطِيَّتَكُمُ الَّتِي تُصِيبُكُمْ» (عدد23:32). لقد أرسى الله بعض المبادئ غير القابلة للتغيير في عالمنا هذا، ولا تستطيع كل إبداعات الإنسان أن تأتي بأفضل منها. إحدى هذه المبادئ أنك لا تستطيع أن تُخطئ دون أن تتحمل النتائج. لقد تعلَّم معظمنا هذا المبدأ في مرحلة مبكرة من الحياة عندما كنا نَلعقَ بعض المُربّى أو سواه من الأطعمة التي تركت علاماتها المنبِّهة مما جعل أمهّاتنا يكتشفن ذلك بسهولة. ولكن الحقيقة تنطبق على كل أشكال الحياة والتي تشهد عليها كل الصحف. إن قصيدة «حلم يوجين آرام» هي توضيح لافت لجوهر القضية، فقد اعتقد يوجين أنه يستطيع أن يقترف جريمة كاملة. فقتل رجلاً وألقى بجثته في النهر الذي كانت مياهه راكدة وسوداء كالحبر وكان عميقاً للغاية. في الصباح التالي ذهب إلى ضفة النهر حيث موقع الجريمة. «نظرتُ إلى البركة السوداء اللعينة؛ وبعين الريبة العنيفة؛ رأيت الميت على أرضية النهر؛ لأن النهر الكافر كان جافاًّ». عندها حاول تغطية الجثة بكومة ضخمة من أوراق الشجر، لكن في تلك الليلة هبت ريح قوية في المنطقة فكشفت عن الجثة، فقال: «ثم سقطت على وجهي وشرعت في البكاء؛ لأني عرفت أن الأرض قد رفضت أن تحفظ سرّي لا على اليابسة ولا في البحر العميق فحسب، بينما ينبغي أن يكون على عمق عشرة آلاف قامة». أخيراً دفن الضحيّة في كهف بعيد، لكن بعد سنوات إكتُشف الهيكل العظمي فحوكم بجريمة القتل وأُعدِم. لقد كشفته خطيئته. لكن هناك طريقة أخرى لا تلبث الخطيئة أن تلاحقنا بها، يذكّرنا ستانلي جونز بأنها «تتسجّل في أعماقنا المتدهورة، في الهاوية الداخلية حيث تفقدك القدرة على إحترام ذاتك. وتُلزمك بالعيش متخفياً في متاهات مظلمة». إنه حتى لو أمكن عدم إكتشاف خطيئة الإنسان في هذه الحياة، فمن المؤكد أنها ستلاحقه في الحياة الآتية، فإذا لم يتم تطهير تلك الخطيئة بدم يسوع، فستظهر في النور يوم الدينونة، سواء كانت أعمالاً، أفكاراً، دوافع أو نوايا، وستُحسَب ضده ويُنطَق ضده بالعقاب، ذلك العقاب الذي هو بالطبع موت أبدي. |
«الْمَسِيحُ الْكُلُّ» (كولوسي11:3). ثمة مَيلٌ عندنا نحن المؤمنين لقضاء الكثير من الوقت في البحث عن إختبارات روحية جديدة من شأنها أن تضمن لنا نصراً دائماً أو تحرراً من الصعود والهبوط في الحياة اليومية. نهرع إلى المؤتمرات والندوات وورشات العمل بحثاً عن صيغة سحرية من شأنها صقل الجوانب البغيضة في حياتنا. وتؤكّد لنا بعض النُّبَذ اللامعة أن الدكتور فُلان سيشارك في الحديث عن إنفراجة جديدة هامة من شأنها أن تجعلنا مُشرقين بالروح، أو أن أحد الجيران المتحمسين يصِرُّ على إصطحابنا معه إلى قاعة الإجتماعات البلدي لنستمع عن اكتشاف جديد يختصر طريق الحصول على الحياة الفيّاضة. إن الإغواءات كثيرة. ها هو أحد الوعّاظ يقدِّم طريقاً مَلكياً للحصول على الإمتلاء، وآخر يُعلن عن السِّر ذي الأوجه الثلاثة للإنتصار، أما الآن فنذهب إلى ندوة تدور حول المفتاح لحياة أعمق، ثم في الأسبوع التالي يُعقد مؤتمر عن خطوات خمسة سهلة نحو القداسة، فنتقدَّم إلى الأمام عند إطلاق دعوة من المنبر كي نحصل على إختبار الإمتلاء بالروح القدس، أو نصبح مهووسين لفكرة شفاء الجسد وكأن هذا هو أهم شيء في الحياة. ففي إحدى اللحظات نطلب إنطلاقة نفسية مسيحية وفي لحظة لاحقة نطلب شفاء الذكريات، نركب البحر والبرّ باحثين عن فيضان روحي جديد. ليس هناك شك في أن العديد من هؤلاء المتكلّمين صادقين وأن هناك قيمة لبعض الأمور التي يطرحونها، لكن حين نعود إلى التفاصيل الدقيقة للحياة نجد أن ليس هناك طرق مختصرة للقداسة وأن المشكلة لا زالت قائمة وأننا يجب أن نعيش يوماً بعد يوم في الإعتماد على الرَّب. في النهاية يجب أن نتعلم أنه من الأفضل أن نكون منشغلين مع الرَّب يسوع ممّا في الإختبارات، فلا خيبة للأمل فيه وعنده نجد كل إحتياجنا وهو كفايتنا التامة. قضى أ.ب. سمبسون حداثته باحثاً عن الإختبارات، لكنه اكتشف أنها لا تكفي، عندها كتب ترنيمة جميلة بعنوان «نفسه» يقول العدد الأول منها: ذات مرة كان البركة، والآن هو الرَّب؛ ذات مرة كان الشعور، والآن هو الكلمته؛ ذات مرة أردت عطاياه، والآن المُعطي نفسه؛ ذات مرة سعيت وراء الشفاء، والآن ورائه وحده. الكلّ في الكل إلى الأبد سوف أرنّم ليسوع، الكل في يسوع ويسوع في الكلّ. |
«لاَحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ» (تيموثاوس الأولى16:4). إن إحدى ميزات كلمة الله الكثيرة والتي تستحق الإنتباه هي أنها لا تعزل العقيدة عن المسؤولية، فعلى سبيل المثال، إن فيلبي1:2-13 هي فقرة كلاسيكية من العهد الجديد تتكلّم عن العقيدة المتعلقة بالمسيح، ومنها نتعلّم عن مساواته بإذاً الآب وعن إخلاء نفسه وتجسّده وعن كونه خادماً، ثم عن موته ومجده اللّاحق، لكن لم يتم تقديم هذا كله كبحث عقائدي، بل كنداءٍ لأهل فيلبي ولنا كي يكون لدينا فكر المسيح، إن كنا نحيا لأجل الآخرين كما فعل هو، فإنه بعملنا هذا سيزول النزاع والعُجْب، إذا كنا نتخذ صورة المتواضع كما فعل هو، وعندها سيُرفِّعنا الله في الوقت المناسب. إن الفقرة الآنفة الذكر عملية جداً. عادة ما أفكِّر بهذا عندما أقرأ كُتباً في اللاهوت المنهجي (النظامي)، ففي هذه الكتب يجمع المؤلّفون كل ما يعلِّمُه الكتاب المقدس عن عقائد الإيمان، فيما إذا كان عن الله أو عن المسيح أو الروح القدس أو الملائكة، أو الإنسان، أو الخطيئة أو عن الفداء الخ. وبالرغم من أن لهذه كلها قيمة محددة إلا أنها يمكن أن تكون غير وديّة أبداً عند عزلها عن عيشة التقوى. يمكن للشخص أن يكون محترفاً فكرياً في العقائد العظيمة ومع هذا يكون وللأسف، ناقصاً في صفاته المسيحية. فإذا درسنا الكتاب المقدس كما أعطاه الله لنا فلن يكون فصلٌ بين العقيدة والمسؤولية، وسيكون الإثنان متوازنين ومنسجمين معاً دائماً. لعلّ أكثر المواضيع العقائدية التي يتم عزلها عن مسؤوليتنا الشخصية هي النبوَّة، وعادة ما يتم عرضها بطريقة ما لإشباع فضولنا. إن التوقعات المثيرة حول هوية ضدّ المسيح قد تجذب الجماهير لكنها لا تُنمِّي القداسة، فلم يكن القصد من النبوَّة أن تدغدغ الأشخاص المستحكّة آذانهم بل لتشكِّل الشخصية المسيحية. لقد وضع جورج بيترز قائمة بِ 65 طريقة يمكن بواسطتها إحتساب المجيء الثاني من أجل التأثير على عقيدتنا ومسؤوليتنا وصفاتنا، ولا أشك في أنه يوجد أكثر من ذلك بكثير. إن الدرس المتوخّى بالنسبة لنا هو أننا ينبغي ألّا نعزِلَ العقائد عن التقوى العملية، إن كان في دراستنا الشخصية أو في تعليم الكلمة للآخرين، كما ويجب علينا أن نؤكِّد على نصائح بولس لتيموثاوس، «لاَحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ». |
«لَكِنْ مَا كَانَ لي رِبْحاً فَهَذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً. بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضاً خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ» (فيلبي8،7:3). إنه أمر حسن وبارز دوماً عندما يقوم المؤمن بتنازلات عظيمة من أجل المسيح. ها هنا شخص قد جلبت له مواهبه غنىً وشهرة، ولكن في طاعةٍ لدعوة إلهية يتركها عند أقدام المُخلِّص، أو إمرأة قد فتحت بصوتها أبواب قاعات الموسيقى الشهيرة، لكنها الآن تشعر بأنها يجب أن تحيا لأجل عالم آخر، فتتخلى عن مهنتها لتتبع المسيح، علاوة على ذلك ما قيمة الشهرة أو الغنى أو التميُّز إذا ما قورِنت بمكاسب لا تضاهى بالفوز بالمسيح!؟ يسأل يان ماكفيرسون، «هل يوجد في أي مكان مشهدٌ أعمق تأثيراً من شخصٍ متعدد المواهب يطرحها بلا إحساس وبعبادة عند أقدام الفادي؟ ها هنا على أية حال المكان الذي يجب أن تكون عنده، وبكلمات حكمة ويلزية إلهية قديمة، إن العبرية واليونانية واللاتينية كلها جيدة في مكانها، لكن مكانها ليس أين وضعها بيلاطس، فوق رأس يسوع، بل بالحرِّي عند قدميه». لقد شجب الرسول بولس الغِنى والثقافة والمراكز الكنسية وحسبها خسارة من أجل المسيح. يعلّق جويت على هذا ويقول: «عندما حسِب الرسول بولس ممتلكاته الأرستقراطية كربح عظيم، لم يكن قد رأى الرَّب أبداً، لكن عندما توهَّج مجد الرَّب في عينيه المُستغرِبتين تلاشت هذه الأشياء واختفت كالظلال وانخسفت، وليس فقط أن مكاسب الرسول السابقة تلاشت في تألّق الرَّب وظهرت كأشياء لا قيمة لها بين يديه، بل إنه توقّف عن التفكير بها توقفاً تاماً. لقد اختفت من ذهنه تماماً حيث كانت تُعامل على أنها إستثمارات مقدسة سامية». من الغريب إذاً أنه عندما يتخلّى الإنسان عن كل شيء ويتبع المسيح يعتقد البعض أنه قد فقد عقله، يُصدم البعض ولا يستوعب ما حدث، بينما يبكي البعض الآخر ويقترحون طرقاً بديلة ويناقش آخرون على أسس منطقية والحس السليم. على أن القلائل يصادقون بتأثرٍ عميق، لكن عندما يسلك الشخص بالإيمان يكون قادراً على تقييم آراء الآخرين تقييماً صحيحاً. لقد تخلّى س. ستاد عن ثروة خاصة وإمكانيات ممتازة في موطنه ليكرّس حياته لخدمة البشارة، وأدار جون نلسون داربي ظهره لمهنة رائعة ليصبح كارزاً ممسوحاً ومعلماً ونبياً للّه، كما وتخلّى شهداء الإكوادور الخمسة عن رفاهية ومادية الولايات المتحدة ليأتوا بالمسيح لقبيلة الأوكا. إن الناس يسمونها تضحية كبيرة، لكنها ليست تضحية في الواقع. عندما أراد أحدهم أن يمتدح هدسون تيلر لأجل التضحيات التي قدّمها للمسيح، قال: «يا رجل، أنا لم أقم بأية تضحية في حياتي». وقال داربي، «ليس تضحية كبيرة أن تتخلى عن النفاية». |
«وَتُقَدِّسُونَ السَّنَةَ الْخَمْسِينَ وَتُنَادُونَ بالْعِتْقِ فِي الأرْضِ لِجَمِيعِ سُكَّانِهَا. تَكُونُ لَكُمْ يُوبِيلاً وَتَرْجِعُونَ كُلٌّ إلَى مُلْكِه وَتَعُودُونَ كُلٌّ إلَى عَشِيرَتِهِ» (لاويين10:25). كانت كل سنة «خمسون» في تقويم إسرائيل تُعرف بسنة اليوبيل، فكان من المفروض أن تُترَك التربة لتستريح وترجع الأرض إلى مالكها الأصلي ويُحرَّر العبيد، فكان وقت تحرُّر ونعمة وفداء وراحة بهيج. عندما كان يريد شخصٌ ما أن يشتري أرضاً كان عليه أن يأخذ بالحسبان قرب سنة اليوبيل، فعلى سبيل المثال، ترتفع قيمة الأرض عندما يكون ما تبقّى لسنة اليوبيل خمس وأربعون سنة، ولكن إذا لم يتبقَّ سوى عام واحد لليوبيل، فإن الأرض لا تستحق أن تُشترى، ولا يكون المشتري قادراً على زراعة أكثر من موسمٍ واحدٍ فقط. هناك شعور بأن مجيء الرَّب سيكون سنة يوبيل المؤمنين في هذه الأيام، فيه يدخلون إلى الراحة الأبدية في بيت الآب ويتم تحريرهم من قيود الموت ويأخذون أجساداً ممجّدة، وكل الأمور المادية التي كانوا وكلاء عليها ستعود إلى مالكها الأصلي. ينبغي أن نأخذ ذلك بعين الإعتبار عند تقييم ما لدينا من ممتلكات مادية، فقد يكون لدينا آلاف الجنيهات من العقارات والإستثمارات والودائع المصرفية، ولكن إذا أتى الرَّب اليوم فإن قيمتها تكون كأنها لا شيء بالنسبة لنا، وكلّما اقترب يوم مجيئه، كلما انخفضت القيمة الحقيقية لما نمتلك، وهذا يعني، بطبيعة الحال، بأننا ينبغي أن نستثمرها في تقدّم عمل المسيح والتخفيف من وطأة الحاجة الإنسانية. ومثلما كان يُبَشَّر ببدء سنة اليوبيل بالنفخ بالبوق، كذلك أيضاً سيُعلَن مجيء الرَّب بصوت «البوق الأخير»، «وهذا كلّه يعلّمنا درساً مفيداً، فإذا كانت قلوبنا ثابتة على رجاء عودة المسيح، فعلينا أن نتخلى عن كل الأشياء الأرضية، لأنه من المستحيل أخلاقياً أن نكون في موقف المنتظرين لمجيء الإبن من السماء ولا ننفصل عن العالم الحاضر. إن الشخص الذي يحيا في التوقُّع المعتاد لظهور المسيح، عليه الإنفصال عن كل ما سيُخضَع لدينونة ويتفكك عند مجيئه. يا ليت قلوبنا تكون متأثّرة وسلوكنا كذلك بهذا الحق الثمين المقدس (من أقوال س. ماكنتوش). |
«يَا سَيِّدُ أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي» (لوقا57:9). أعتقد أحياناً أننا نتكلم ونرنّم عن ربوبيّة المسيح وعن الإلتزام وعن التسليم الكامل من غير تكلُّف. نُردِّد كلمات ومصطلحات مثل «إذا لم يكن رباًّ على كل شيء فهو ليس رباًّ على أي شيء»، ونرنّم أيضاً «أُسلِّم كل شيء ليسوع، أعطي كل شيء مُلكاً له»، نتصرَّف وكأن الإلتزام الكامل يتضمن أكثر قليلاً من الحضور إلى الكنيسة كل يوم أحد. هذا ليس لأننا غير صادقين، إنما فقط لأننا لا ندرك كل ما يعنيه الإلتزام، فإذا كنا نعترف بربوبية المسيح فهذا يعني أننا مستعدون لنتبعه في الفقر والرفض والمعاناة حتى الموت. يفقد البعض وعيهم عند مشاهدة الدم. لقد أتى إلى الرَّب ذات يوم شابٌ متحمسٌ مدفوعٌ بقلب صادق تماماً وقال: «يا معلِّم، أتبعك أينما تمضي»، لا شيء يمكن أن يكون أكثر صدقاً من هذا، لكن يسوع لم يهتز لمطلبه لأنه علم بأن هذا الشاب لم يكن يدرك كل ما يتضمّنه هذا المطلب، لذلك قال له أنّه هو نفسه كان بلا مأوى وكانت الثعالب أفضل منه، وأنه قد يبيت بلا عشاء في العراء، أراه صليباً عليه بعض من لون الدَّم، وما كان من هذا المتلهِّف إلا أن أُغميَ عليه وأضحى كالأموات، في حين أنه كان يرمي إلى شيء صالح، لكن الثمن كان أكثر مما كان على إستعداد لأن يدفعه. هذا هو الحال على الأغلب، بعضكم لا يشارك في الحرب، ليس لأن دعوة المسيح لا تجذبكم بل لأنكم تخافون إراقة القليل من الدم. لذلك تقولون مع شيء من التذمُّر: «لولا هذه البنادق التافهة لكنت الآن جندياً» (شابيل). ومع أن يسوع لم يهتز عندما جاء الشاب المذكور في لوقا 9 ليتطوَّع بالذهاب معه في كل الطريق، لكنني متأكد من أنه اهتزَّ عندما كتب جيم إليوت في مذكّراته «إذا كنت أحتفظ بدم حياتي وأمتنع عن سكبه ذبيحة، مقارنة بمثال ربّي، فإنني بالتأكيد سأشعر بوجه الله المتجهِّم مُوجهاً ضدَّ غرضي. أيّها الآب، خذ حياتي، نعم ودمي إن كانت مشيئتك، والتهمها بنارك، لن أحتفظ بها لأنها ليست لي لأحفظها، خذها كلها يا ربّ، واسكُب روحي قرباناً لأجل العالم، لأن للدم قيمة فقط عندما يجري على مذبحك». عندما نقرأ كلمات كهذه ونتذكَّر أن جيم سكب دمه شهيداً في الإكوادور، نُدرك قلّة معرفتنا بمعنى التسليم المطلق. |
«وَلَكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هَكَذَا أَيْضاً الْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً نِعْمَةُ اللهِ وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ» (رومية15:5). يقارن بولس في رومية12:5-21، بين رأسين أساسيين للجنس البشري، هما آدم والمسيح، لقد كان آدم رأس الخليقة الأولى، أمّا المسيح فهو رأس الخليقة الجديدة. كان الأول طبيعياً أما الثاني فروحياً. يستعمل بولس عبارة «كَثِيرًا» ثلاث مرات للتأكيد على أن البركات التي تتدفّق من عمل المسيح تفوق الخسائر الناتجة عن خطيئة آدم. فهو يقول أنه «في المسيح يتباهى نسل آدم ببركات أكثر ممّا أضاع أبيهم الأول» فإن المؤمنين في المسيح أفضل حالاً من أي وقت مضى مما كانوا في آدم لو لم يسقط. دعونا نفترض للحظة أن آدم لم يخطئ، وأنه بدلاً من أن يأكل من الثمرة المحرَّمة قرّر هو وزوجته أن يطيعا الله، ماذا كان يمكن أن تكون النتيجة في حياتهما؟ بقدر ما نعرف قد يستمرَّا في العيش إلى الأبد في جنة عدن، وقد تكون مكافأتهما حياة طويلة على الأرض الأمر الذي ينطبق أيضاً على نسلهما. وطالما هم أيضاً لم يخطئوا فقد يستمروا في العيش في جنة عدن إلى الأبد، وقد لا يموتوا. لكن في تلك الحالة من البراءة، لن يكون لهم إحتمال الذهاب إلى السماء أبداً. لن يكون هناك وعد بأن يُسكَنوا ويُختَموا بالروح القدس، ولن يُصبحوا ورثة الله ووارثين مع يسوع المسيح، وأنه لن يكون لهم رجاءً ليصبحوا على صورة إبن الله، وسيكون هناك دائماً الإحتمال الرهيب من أنهم قد يخطئوا ويفقدوا البركات الأرضية التي تمتّعوا بها في عدن. فكّر، على النقيض من ذلك، بالمركز اللّامتناهي والسامي الذي حصَّله المسيح لنا بعمله الكفّاري، فإننا قد تباركنا بكل بركة روحية في السّماويات في المسيح، فقد أصبحنا مقبولين بالحبيب وكاملين بالمسيح، مّفديّين ومصالَحين ومغفور لنا ومبرَّرين ومقدَّسين ومُمجَّدين، وقد جُعلنا أعضاء في جسد المسيح، ثم سُكِنَّا وخُتِمنا بالروح الذي هو عربون ميراثنا، فنحن آمنون في المسيح إلى الأبد، وأولاد الله وأبناء الله وورثة الله وورثة الله بيسوع المسيح، إننا قريبون من الله وأعزّاء على الله مثل إبنه الحبيب، وهناك الكثير الكثير، لكن هذا يكفي لنُبيِّن أن المؤمنين هم بحالٍ أفضل اليوم في الرّب يسوع المسيح ممّا كانوا سيحصلون عليه في أي وقت مضى في آدم لو بقيَ بريئاً. |
«حينَئِذٍ رَدَدْتُ الَّذِي لَمْ أَخْطَفْهُ» (مزمور4:69). إن المتكلم في المزمور69 هو الرَّب يسوع، فهو يقول في العدد الرابع أنه في عمل الفداء المجيد قد ردَّ للّه كل الخسارة التي سببتها خطيئة الإنسان، وليس من شك في أنه يصوِّر نفسه على أنه ذبيحة الخطيئة. عندما كان يهوديّ يسرق من يهوديّ آخر، كان يُطالَب بحسب ناموس ذبيحة الخطيئة بأن يعيد المبلغ المسروق وأن يضيف إليه خُمس تلك القيمة. الآن وقد سُلِب الله عن طريق خطيئة الإنسان، فإنه سُلِبَ الخدمة والعبادة والطاعة والمجد. سُلِب من الخدمة لأن الإنسان أصبح يخدم ذاته والخطيئة والشيطان، وسُلِب العبادة لأن الإنسان إنحنى لآلهة منحوتة، وسُلِب الطاعة لأن الإنسان رَفض سُلطة الله، سُلِب المجد لأن الإنسان لم يُقدِّم له الإكرام الذي يستحقه. جاء الرَّب يسوع لِيرُد الَّذِي لَمْ يَخْطَفْهُ. ألقى جانباً رداءه الإلهي وحَجبَ أُلوهيته برداءٍ من طين، في هذا الزي عَرضَ محبته العجيبة لِيرُدَّ الَّذِي لَمْ يَخْطَفْهُ أبداً. إنه لم يردَّ فقط ما كان قد اختُطِف بسبب خطيئة الإنسان بل أضاف المزيد، فقد حصل الله على مجدٍ أكثر من خلال عمل المسيح التَّام ممّا فقده بسبب خطيئة آدم. «فبالخطيئة سُلِب الخليقةَ، لكنه بالنعمة ربح أبناء»، ويمكننا أن نذهب إلى حد القول بأن الله قد مُجِّدَ أكثر بعمل المُخلِّص ممّا يمكن أن يكون قد مُجِّدَ طوال الأبدية بآدم لو لم يسقط. ربّما تكون لدينا هنا إجابة على السؤال «لماذا سمح الله بدخول الخطيئة؟» نعرف أن الله كان قادراً أن يصنع الإنسان بدون الحريّة على قدرة الإختيار الأدبي، لكنه اختار أن يصنعه ويمنحه القدرة على أن يحبه ويعبده بمحض إرادته، وهذا، بالطبع، يعني أنه يمتلك أيضاً القدرة على عصيانه ورفضه والإبتعاد عنه. لقد اختار الإنسان أن يعصى الله جالباً كارثة الخطيئة العظيمة. لكن الله لم يُهزَم بخطيئة خليقته، فإن الرب يسوع قد انتصر على الخطيئة والجحيم والشيطان بموته ودفنه وقيامته وصعوده، وبعمله هذا حصل الله على مجد أعظم، والإنسان المفدي يحصل على بركات أوفر مما لو لم تدخل الخطيئة أبداً إلى عالمنا. |
«ِكَانَ فِي الْعَالَمِ وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِه وَلَمْ يَعْرفْهُ الْعَالَمُ. إِلَى خَاصَّتِه جَاءَ وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَأَمَّا كُلُّ الَّذينَ قَبلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصيرُوا أَوْلاَدَ اللَّه أَي الْمُؤْمنُونَ باسْمه» (يوحنا10:1-12). كَانَ فِي الْعَالَم. كانت هذه نعمة لا تصدَّق أن رب الحياة والمجد قد يأتي ليسكن هذا الكوكب الصغير. إنه لن يكون خبرٌ يستحق أن يقال عن أي شخص آخر أنه «كان في العالم» لأن هذا أمر ليس للإنسان سلطان عليه، لكن بالنسبة إليه كان ذلك إختياراً مُتعمَّداً، إنه عَمَل محبة عجيب. وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِه. ويزداد العجب، فالذي كان في العالم هو الذي صنع العالم، ذلك الذي يملأ العالم جعَل نفسه في جسم طفل ثم شاب فرجل، وفي ذ لك الجسد كان يسكن كل مِلء اللاهوت. وَلَمْ يَعْرفْهُ الْعَالَمُ. كانت هذه حالة من الجهل متعذَّرٌ تبريرها، وكان من الواجب على المخلوقات أن تعرف خالقها، وكان يجب أن يُصعق الخطاة من براءته، ثم كان يجب أن يعرفوا من كلامه وأعماله بأنه كان أكثر من مجرَّد إنسان. إلى خَاصَّتِه جَاءَ. إن كل ما في العالم مُلكٌ له. وكخالق، فله حقٌ غير قابل لنقله لغيره. إنه لم يتعدَّ على ممتلكات شخص آخر. وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. هنا كانت ذروة الإهانة، فقد رفضه الشعب اليهودي مع أنه كان يملك كل مؤهلات المسيَّا، لكنهم لم يريدوه أن يملك عليهم. وَأَمَّا كُلُّ الَّذينَ قَبلُوهُ. لقد أطلق دعوة غير مشروطة، وهي لليهود والأمم على حد سواء. الشرط الوحيد هو أن يقبلوه. فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصيرُوا أَوْلاَدَ اللَّه. يا له من إكرام غير مُستحَقّ بأن يصبح الخطاة العصاة أولاد الله بمعجزة المحبة والنعمة. أَي الْمُؤْمنُونَ باسْمه. لا يمكن للشروط أن تكون أكثر بساطة. لقد مُنِح السلطان لكل الذين بِعَمل إيمان حاسم قد قبلوا يسوع المسيح ربّاً ومخلّصاً لكي يصيروا أولاد الله. لذلك توجد أخبار محزنة وأخبار مفرحة، فالأخبار المحزنة أوّلاً: «لم يعرفه العالم»، «خاصتّه لم تقبله». أما الأخبار المفرحة: «أما كل الذين قبِلوه، فأعطاهم سُلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه». فإن لم تقبله لغاية الآن، لمَ لا تؤمن باسمه اليوم؟. |
«وأخَذَ الرَّبُّ الإلَهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا» (تكوين15:2). خلافاً لموقف البعض، فإنَّ العمل ليس لعنة بل بركة. قبل دخول الخطيئة إلى العالم بوقت طويل، وكَّل الله آدم ليعتني بجنة عدن، وكان بعد أن أخطأ الإنسان أن لعن الله الأرض، لكن ليس العمل نفسه، فقد قضى بأن يُلاقي الإنسان حزناً وتعباً وعرقاً في محاولة تحصيل معيشته من الأرض (تكوين3: 17-19). قال عجوز فاضل «لتتبارك أيها العمل! فإذا كنت تحمل لعنة الله فكم تكون بركاته إذاً؟»، لكن العمل لا يحمل لعنته، إنه جزء ضروريّ لوجودنا، إنه جزء من حاجتنا للإبداع ومن أجل قيمة الذات، وعندما نستسلم للكسل يتعاظم خطر سقوطنا في الخطيئة، وغالباً ما يحدث أنه عندما نتقاعد من حياة نشطة نبدأ بالإنهيار. ينبغي ألّا ننسى أن الله أمرَ شعبه بالعمل «ستَّةَ أيَّام تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِك» (خروج 9:20). يحاول الناس تجاهل ذلك والتركيز على الجزء الآخر الذي يأمرهم بالراحة في اليوم السابع. إن العهد الجديد يَنعَت الكسول على أنه «بلا ترتيب» أو «غير منضبط» ويحكم على الإنسان الذي لا يعمل أنه يجب أن يبقى جائعاً (تسالونيكي الثانية3: 6-10). إن الرَّب يسوع هو مثالنا الأعلى للعامل الجادّ، «أي أيام تعب كانت أيامه! أي ليالي جاهدة في الصلاة! ثلاث سنوات في الخدمة جعلت منه رجلاً هرماً، لم يبلغ الخمسين بعد، قالوا له، محاولين تخمين عمره، خمسون؟ كان فقط ثلاثون! سوف لا أجعل هذا سراًّ» (إيان ماكفيرسون). تتطوّر عند البعض حساسية للعمل لأن عملهم ينطوي على ميزة غير سارة، فعلى هؤلاء أن يدركوا أنه لا يوجد أي عمل مثالي تماماً، فإن لكل مهنة عيوبها، لكن المؤمن يستطيع أن يقوم بها لأجل مجد الله. «ليس بطريقة أو بأخرى لكن بإنتصار». إن المؤمن يعمل ليس فقط لتوفير إحتياجاته الخاصة ولكن لمساعدة الآخرين الذين هُم في حاجة (أفسس28:4)، وهذا يُضيف دافعاً جديداً غير أناني للعمل. أننا سنعمل حتى في الأبدية «وَعَبِيدهُ يَخْدِمُونَهُ» (رؤيا 3:22). في غضون ذلك يجب علينا إتباع نصيحة سبيرجن، «أَهلِكوا أنفسكم بالعمل، ثم صلّوا لتُحيوا أنفسكم من جديد». |
«لِذَلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسَطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلاَ تَمَسُّوا نَجِساً فَأَقْبَلَكُمْ، وَأَكُونَ لَكُمْ أَباً وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي بَنِينَ وَبَنَاتٍ، يَقُولُ الرَّبُّ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (كورنثوس الثانية6: 17و18). ماذا يفعل المؤمن عندما يجد نفسه في كنيسة أصبحت عصرية وليبرالية على نحو متزايد؟ تأسسّت هذه الكنيسة من قِبل أناس يؤمنون بعصمة الكتاب المقدس وبكل عقائد الإيمان الأساسية الأخرى، كان لها تاريخٌ مجيد من الحماس الإنجيلي والمساعي التبشيرية، وكان العديد من خُدّامها علماء مشهورين ووعّاظ أوفياء للكلمة، لكن معاهد اللاهوت الطائفية قد استولى عليها جيل جديد، والآن فالخدّام المتخرجون منها يكرزون بإنجيل إجتماعي، بينما لا يزالون يستخدمون عبارات كتابية لكنهم يقصدون بها شيئاً مختلفاً تماماً، يُقوِّضون العقائد الكتابية الرئيسية ويعطون تفسيرات طبيعية للمعجزات ويهزأون من الأخلاق الكتابية، وهم في غمرة الدفاع عن السياسات المتطرّفة والأسباب المدمِّرة، ثم يتحدثون بإزدراء عن الأصوليين. ماذا ينبغي على المؤمن أن يفعل؟ ربما ارتبطت عائلته مع هذه الكنيسة على مدى أجيال، وقد ساهم هو نفسه بسخاء على مرّ السنين، وأقرب أصدقائه أعضاء في هذه الكنيسة، ويتساءل ماذا سيحدث للشباب في صفّه بمدرسة الأحد إذا كان يجب عليه أن يترك. ألا ينبغي أن يبقى في الكنيسة ويكون صوتاً للّه لأطول فترة ممكنة؟ تبدو حججه معقولة بالنسبة إليه، ومع هذا فإن روحه البارّة تغتاظ عند رؤية الناس يأتون إلى الكنيسة لأجل الخبز أسبوعاً بعد أسبوع ولا يحصلون على شيء سوى حجر، إنه يقدِّر إرتباطاته هناك ومع ذلك يحزن عند سماعه إدانة مخلِّصِه بتسبيح واهن. ليس هناك من شك فيما ينبغي القيام به، يتعيَّن عليه أن يترك الكنيسة، وهذا هو أمر الله الواضح من كلمته، فإذا أزال عن نفسه هذا النير غير المتكافئ فإن الله سيهتم بكل النتائج، سيتحمّل الله مسؤوليّة طُلاب مدرسة الأحد، وسوف يوفِّر الله صداقات جديدة، وفي الواقع فإن الله نفسه قد وعد أن يكون أباً مُقرباً إليه الأمر الذي يمكن أن يدركه فقط الذين يطيعونه بلا تردد، «إن بركات الإنفصال الحقيقي لا تقلّ عن الرفقة المجيدة مع الله العظيم نفسه». |
«إِذَا نَذَرْتَ نَذْراً لِلَّهِ فَلاَ تَتَأَخَّرْ عَنِ الْوَفَاءِ بِهِ. لأَنَّهُ لاَ يُسَرُّ بِالْجُهَّالِ. فَأَوْفِ بِمَا نَذَرْتَهُ» (الجامعة 4:5) سمعنا جميعاً عن الرجل الذي عندما يجد نفسه في أزمة، ينذرُ نذراً للّه، فهو يَعدُ الله بأنه إذا أنقذه سيؤمن به ويحبه ويخدمه إلى الأبد، لكن عندما ينجو من تلك الأزمة ينسى كل شيء عن النِذر ويعود ليحيا نفس الحياة القديمة. أي مكان للنذور في حياة المؤمن وما هي المبادئ التوجيهية المُعطاة في الكلمة حول هذا الموضوع؟ أولاً، إنه ليس من الضروري القيام بالنذور، فإن الكتاب لا يوصي بها، لكن عادة ما تكون وعود طوعيَّة مقدّمة إلى الرَّب إمتناناً لأفضاله علينا، وهو بالتالي نقرأه في (تثنية22:23) «وَلكِنْ إِذَا امْتَنَعْتَ أَنْ تَنْذُرَ لا تَكُونُ عَليْكَ خَطِيَّة». ثانياً، يتعين علينا أن نكون حذرين من القيام بنذور متهوِّرة، أي وعود لن يكون بمقدورنا الوفاء بها أو قد نندم عليها فيما بعد. يحذّرنا سليمان قائلاً «لاَ تَسْتَعْجِلْ فَمَكَ وَلاَ يُسْرِعْ قَلْبُكَ إِلَى نُطْقِ كَلاَمٍ قُدَّامَ اللَّهِ. لأَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاوَاتِ وَأَنْتَ عَلَى الأَرْضِ فَلِذَلِكَ لِتَكُنْ كَلِمَاتُكَ قَلِيلَةً» (الجامعة2:5). لكن إذا نذرنا نذراً فيجب أن نكون حريصين على الوفاء به، «إِذَا نَذَرَ رَجُلٌ نَذْراً لِلرَّبِّ أَوْ أَقْسَمَ قَسَماً أَنْ يُلزِمَ نَفْسَهُ بِلازِمٍ فَلا يَنْقُضْ كَلامَهُ. حَسَبَ كُلِّ مَا خَرَجَ مِنْ فَمِهِ يَفْعَلُ» (عدد2:30). «إِذَا نَذَرْتَ نذْرا لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَلا تُؤَخِّرْ وَفَاءهُ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ يَطْلُبُهُ مِنْكَ فَتَكُونُ عَليْكَ خَطِيَّةٌ» (تثنية21:23). فمن الأفضل أن لا تنذُر من أن تنذر ولا تفي، «أَنْ لاَ تَنْذُرُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَنْذُرَ وَلاَ تَفِيَ» (الجامعة5:5). قد تكون هناك حالات إستثنائية من الأفضل إزاءها إلغاء النذر بدل الإلتزام به. ربما يكون إنسان قد نذرَ نذوراً قبل تجديده عندما كان ينتمي إلى ديانة كاذبة أو تنظيم «أخوية» سرِّي، فإذا كان الوفاء بتلك النذور مخالفاً لكلمة الله، فإنه يتعيَّن عليه أن يطيع الكتاب حتى على حساب إلغاء النذر، أو إذا كانت النذور مجرّد وعود بعدم إفشاء أسرار معيّنة، فيمكنه إلتزام الصمت بشأن هذه الأسرار بقية حياته، حتى بعد قطع علاقاته بذاك التنظيم. ربما كان الإخلال بالنذر الأكثر شيوعاً اليوم، هو نذر الزواج، فإنه يتم التعامل مع هذه العهود الجليلة المقدسة التي تُقطع أمام الله كما لو أنها ليست ذات أهمية كبيرة، لكن حكم الله ثابت: «لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ يَطْلُبُهُ مِنْكَ فَتَكُونُ عَليْكَ خَطِيَّةٌ» (تثنية21:23). |
«اَلصَّالِحُ يُورِثُ بَنِي الْبَنِينَ» (أمثال22:13). عندما نقرأ هذا العدد ينبغي علينا ألّا نتعجّل بالإستنتاج بأن المقصود هنا الميراث المالي. فمِن المرجَّح أكثر أن يكون روح الله يُشير هنا إلى الميراث الروحي. يمكن أن يحدث أن شخصاً قد ترعرع تحت كنف والدين فقيرين، كانا تقيّين، وهذا الشخص قد يكون ممتناً إلى الأبد لذكريات أم وأب كانا يقرآن الكتاب المقدس يومياً ويصلِّيان معه كأسرة واحدة، ربيّاه على خوف الله وإنذاره مع أنهما لم يتركا له المال عند وفاتهما. إن الميراث الروحي هو من أفضل أنواع الميراث. من الممكن تدمير الإبن أو الإبنة روحياً في واقع الأمر بحصولهما على كمية كبيرة من المال الموروث. فلقد أثبت الغِنى المفاجئ أنه مُسكرٌ في العادة، وقليلون هم القادرون على التعامل معه بحكمة، وقلائل هم أيضاً الذين يرثون ثروات ويستمرّون مع الرَّب استمراراً حسناً. هناك إعتبار آخر وهو أنه في كثير من الأحيان تتمزق عائلات بالحسد والصراع عندما يتم تقسيم التركة، صحيح أنه «حيث تكون وصيّة يكثر الأقارب»، وأفراد العائلة الذين كانوا يعيشون في سلام لسنوات يصبحون أعداء بشكل مفاجئ بسبب بعض المجوهرات أو الصحون الخزفية أو الأثاث. وفي كثير من الأحيان يترك أبوان مؤمنان ثروتهما لأولادهما غير المؤمنين، أو لأقارب ينتمون لديانات كاذبة أو لأولاد جاحدين، بينما كان من الأفضل لو استخدم ذلك المال في نشر الإنجيل. أحياناً يكون ترك الأموال للأولاد شكلاً من الأنانية المستترة، ففي الواقع، يريد الوالدان التمسّك به لأنفسهما ما داما قادريْن على ذلك، وهما يعرفان أن الموت سينتزعه يوماً ما من قبضتهما، وبهذا يكونا قد تبعا تقليد التوريث لأولادهما. لكن حتى هذا الوقت لم يُبتكر أي نوع من الوصايا غير القابلة للنقض أو التآكل بالرسوم القضائية، ولا يمكن لأي من الوالدين التأكّد من أن رغباته سيتم تنفيذها بعد رحيله. لذلك فإن أفضل حكمة هي أن يعطي الشخص بسخاء لعمل الرَّب بينما هو على قيد الحياة، وكما يقول المثل «قم بعطائك ما دمت تعيش، عندها ستعرف أين يذهب مالك». إن أفضل طريقة لعمل وصيّة هي بالقول «بما أنني أتمتع بالعقل السليم فإنني أضع أموالي في عمل الرَّب بينما لا أزال على قيد الحياة، وأترك لأولادي ميراثاً مسيحياً، بيتاً كان المسيح فيه مكّرماً وكلمة الله مبجّلةً. إني أستودعهم للّه ولكلمة نعمته القادرة أن تبنيهم وتمنحهم ميراثاً بين جميع المقدّسين». |
«صَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُم» (متى44:5). أحياناً يكون الإيضاح أفضل تفسير لعددٍ ما. إن القائد ميتسو يوشيدا الطيار الياباني الذي قاد الهجوم على بيرل هاربر يوم السابع من كانون الثاني1941، كان قد أرسل برقية يقول فيها: «تورا، تورا، تورا،» مشيراً إلى النجاح التام لمهمّته، لكن الحرب العالمية الثانية لم تنته بعد، بينما استمر إحتدام الصراع وتحوّل مدّ المعركة إلى أن تحقَّق النصر أخيراً للولايات المتحدة. في أثناء الحرب أعدم اليابانيون زوجَين مسنَّين من المُرسلين في الفيليبين، وعندما تلقّت إبنتهما الأخبار وهي في الولايات المتحدة، قرّرت أن تزور معسكر أسرى الحرب اليابانيّين وتشاركهم في أخبار الإنجيل السّارة، وعندما سُئلت عن السبب في كونها لطيفة معهم إلى هذا الحد، أجابت، «بسبب الصلوات التي رفعها والداي قبل أن يُقتلا»، وكان هذا كل ما استطاعت أن تقوله. بعد الحرب كان ميتسو يوشيدا ممتلئاً بالمرارة حتى أنه قرر تقديم الولايات المتحدة أمام محكمة دولية لمقاضاتها على ارتكابها فظائع حرب. وفي محاولة لجمع الأدلة إلتقى بأسرى حرب يابانيين، وعندما استَجوب أولئك الذين كانوا محتجزين في الولايات المتحدة، إغتمَّ لسماعه، ليس عن الفظائع بل عن اللطف الذي رأوه من سيدة أمريكية مسيحية قُتل والداها في الفيليبّين. قال الأسرى كيف أنها زوّدتهم بالكتب المسمّاة بالعهد الجديد ذاكرة أن والديها صلّيا صلاة غير معروفة قبل إعدامهما. لم يكن هذا بالضبط ما أراد يوشيدا أن يسمعه، لكنه حفظ الملاحظة على أية حال في ذاكرته. بعد سماع القصة مرات عديدة خرج واشترى العهد الجديد، وعندما قرأ إنجيل متى إستُأسِر إنتباهه، ثم قرأ إنجيل مرقس فازداد إهتمامه، وعندما وصل إلى لوقا34:23 تدفَّق النور إلى نفسه، «يا أبتاه، إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون»، في الحال عرف الصلاة التي صلاّها المُرسَلان المسنّان قبل قتلهما. «لم يعد يفكّر بالمرأة الأمريكية أو بأسرى الحرب اليابانيّين بل في نفسه، في أنه عدوٌ شرسٌ للمسيح، كان الله مستعداً أن يغفر له إستجابة لصلاة المخلّص المصلوب، وفي تلك اللحظة بالذات طلب ونال المغفرة والحياة الأبدية بالإيمان بالمسيح». ألغى خِططه للمحكمة الدولية، وقضى ميتسو يوشيدا بقيّة حياته مُعلِناً في كثير من البلدان عن غنى المسيح الذي لا يُسْتَقْصى. |
«إِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَنْسَى الرَّبَّ إِلهَكَ… وَكَثُرَ كُلُّ مَا لكَ» (تثنية8: 11،13). إذا اعتبرناها قاعدة عامة، فإنه لا يستطيع شعب الله أن يتحمَّل الإزدهار المادي. إنهم يزدهرون بشكل أفضل زمن المِحَن. لقد تنبأ موسى بترنيمته الوداعيه بأن إزدهار إسرائيل من شأنه أن يفسدهم روحياً «فَسَمِنَ يَشُورُونَ وَرَفَسَ. سَمِنْتَ وَغَلُظْتَ وَاكْتَسَيْتَ شَحْماً! فَرَفَضَ الإِلهَ الذِي عَمِلهُ وَغَبِيَ عَنْ صَخْرَةِ خَلاصِهِ» (تثنية15:32). لقد تحقّقت النبوءة في أيام إرميا، عندما اشتكى الرَّب قائلاً، «لَمَّا أَشْبَعْتُهُمْ زَنُوا وَفِي بَيْتِ زَانِيَةٍ تَزَاحَمُوا» (إرميا7:5). ثم نقرأ في هوشع6:13، «لَمَّا رَعُوا شَبِعُوا. شَبِعُوا وَارْتَفَعَتْ قُلُوبُهُمْ لِذَلِكَ نَسُونِي» (إرميا6:13). إعترف اللاويون، بعد عودتهم من السَّبي، أن إسرائيل لم يتجاوب كما يجب لكل ما عمله الرَّب لأجلهم «…فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا وَسَمِنُوا وَتَلَذَّذُوا بِخَيْرِكَ الْعَظِيمِ. وَعَصُوا وَتَمَرَّدُوا عَلَيْكَ وَطَرَحُوا شَرِيعَتَكَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ الَّذِينَ أَشْهَدُوا عَلَيْهِمْ لِيَرُدُّوهُمْ إِلَيْكَ وَعَمِلُوا إِهَانَةً عَظِيمَةً» (نِحميا9:25، 26). نحن ننظر إلى الرخاء المادي كدليل لا يمكن إنكاره لإستحسان الرَّب لما نحن عليه ونقوم به، فعندما تزداد أرباح عملنا نقول: «الرَّب يباركني حقاًّ»، لكن من الأفضل النظر إلى هذه الأرباح على أنها إمتحان، فإن الرَّب ينتظر ليرى ماذا سنفعل بهذه الأرباح، هل سنُنفقُها في ملذّاتنا الشخصية؟ أم سنتصرَّف كوكلاء أمناء أم سنستخدمها لنرسل الأخبار السّارة إلى أقاصي الأرض؟ هل نكتنزها في محاولة لجمع ثروة؟ أم هل سنستثمرها لأجل المسيح ورسالته؟ لقد قال ف.ب ماير «إذا كان ينبغي مناقشة شروق الشمس أو العاصفة، النجاح أو التجربة، وإذا كانت إختبارات شخصية قاسية، فإن المُراقِبين الماكرين للطبيعة البشرية على الأرجح سيجيبون بأن لا شيء أفضل من الإزدهار يمكن أن يبيِّن بوضوح المعدن الحقيقي الذي صُنعنا منه لأن هذا الإختبار دون سواه هو الأشدُّ قسوة». قد يتّفق يوسف مع هذا الفِكر، حيث قال: «اللهَ جَعَلَنِي مُثْمِراً في أرْضِ مَذَلَّتِي» (تكوين5:41)، لقد استفاد من المِحَن أكثر مما استفاد في وقت الرخاء، على الرغم من أنه أحسن التصرّف في كلتا الحالتين. |
«وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ» (لوقا44:2). عندما كان يسوع إبن إثنتي عشرة سنة، ذهب هو ووالداه من الناصرة إلى أورشليم ليحتفلوا بعيد الفصح، ومما لا شك فيه أنهم سافروا برفقة مجموعة كبيرة من الحُجّاج، وكان لا بد أن الأولاد من نفس العمر يرافقون بعضهم البعض خلال الإحتفالات، لذلك، ففي رحلة العودة إلى الناصرة إفترض كل من يوسف ومريم أن يسوع كان مع الفتية الآخرين في مكان ما في القافلة، لكنه لم يكن معهم، لقد تأخّر في أورشليم. فلقد سافرا يوماً كاملاً قبل أن يفتقداه، وكان عليهما الرجوع إلى أورشليم حيث وجداه بعد ثلاثة أيام. في هذا درسٌ لنا جميعاً. قد نفترض أن يسوع في صحبتنا بينما الأمر ليس كذلك، وقد نظن أننا نسير في شركة معه بينما في الحقيقة قد دخلت الخطيئة ما بين نفوسنا وبين المخلّص، والفتور الروحي متخفٍّ، ولا نعي مقدار فتورنا، ونعتقد أننا كسابق عهدنا. لكن الناس الآخرين قد يلاحظون، ويمكن أن يلاحظوا ذلك من خلال حديثنا بأننا قد ابتعدنا عن محبتنا الأولى وأن الإهتمامات الدنيوية قد سبقت الروحيات، ويمكنهم الكشف عن أننا نتغذى على كُرّاث وبصل وثوم مصر، ويلاحظون أننا أصبحنا منتَقِدين، بينما كنا في السابق محبّين ولطفاء، ويلاحظون أننا نستعمل الألفاظ السوقية كثيراً بدل اللغة الروحية، وسواء لاحظوا أم لا فقد فقدنا ترنيمتنا وأصبحنا غير راضين عن أنفسنا وبائسين ونميل إلى جعل الناس الآخرين بائسين أيضاً، ولا يبدو أن الأمور تسير في الإتجاه الصحيح. تنفذ النقود من جيوبنا، وعندما نحاول أن نشهد للمخلّص، يكون تأثيرنا على الآخرين ضعيفاً، إذ أنهم لا يرون فرقاً كبيراً بيننا وبينهم. عادة ما يقتضي الأمر حدوث أزمة معينة تكشف لنا أن يسوع ليس في صحبتنا، وقد نسمع صوت الله يكلّمنا من خلال موعظة ممسوحة، أو قد يضع أحد الأصدقاء ذراعه حول كتفنا ويواجهنا بحالتنا الروحية المتدنية أو ربما بمرض أو بموت عزيز علينا، أو بمأساة تُعيدنا إلى صوابنا. عندما يحدث ذلك، يتعين علينا أن نفعل ما فعله يوسف ومريم، نعود إلى المكان الذي رأيناه فيه آخر مرة. فإنه بالإعتراف والتوبة عن خطيئتنا نجد المغفرة ونبدأ الرحلة ويسوع في صحبتنا مرة أخرى. |
«لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أنَّ جِلْدَ وَجْهِهِ صَارَ يَلْمَعُ مِنْ كَلامِ الرَّبِّ مَعَهُ» (خروج29:34). عندما نزل موسى من جبل سيناء حاملاً معه الألواح الحجرية التي تحتوي على الوصايا العشر، كان هنالك ميزتان إثنتان من الميزات الرائعة. ففي البداية، لمع وجهه، لقد كان في محضر الرّب الذي كشف له عن ذاته بسحابة مجدٍ بهّيٍ ساطع تُعرف بإسم «شكينا»، فكان لمعان وجه موسى بمثابة وهجٍ مقترضٌ، وبعد التحدُّث مع الله، حمل معطي الناموس معه بعضاً من روعة وتألّق هذا المجد، لقد كان إختبار تغيير. أمَّا السِّمة الثانية البارزة فهي أن موسى لم يكن يعلم أن وجهه كان يلمع، كان غير مدركٍ البتَّة للجمال الأخَّاذ الذي حمله معه من شركته مع الرَّب. ويعلِّق ف. ب. ماير بأن هذا كان تتويج مجد ذلك التجلّي الذي كان موسى يجهله في الواقع. هنالك شعور بأن إختبار موسى قد يكون إختبارنا، فعندما نقضي وقتاً في حضرة الرَّب يظهر ذلك علينا، وربما يظهر في وجوهنا في الواقع لأنه توجد علاقة مباشرة بين الروح والجسد، لكنني لا أشدّد على الجسد لأن بعض المبتدعين عادة ما يكون عندهم وجوه تبدو عليها إمارات الطيبة. إن النقطة المهمة هنا هي أنه عندما يتواصل ذلك الشخص مع الله يغيِّره الله روحياً وأخلاقياً وهو ما يعلّمه بولس في كورنثوس الثانية18:3 «وَنَحْنُ جَمِيعاً نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا فِي مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ». لكن تتويج مجد هذا التغيير هو أننا أنفسنا غير واعين لوجوده، لكن يمكن أن يلاحظ الآخرون أننا كنا مع يسوع، لكن هذا التغيير يَخفى عن أعيننا. ترى كيف يكون أننا لا نعي بركة وجوهنا اللامعة؟ السبب هو أنه كلما اقتربنا من الرَّب كلما أدركنا أننا خطأة وعديمو الإستحقاق وتعساء، ففي مجد محضره نشعر بكره أنفسنا وبندامة عميقة. فلو كنا مدركين لَمعان حياتنا لقادنا ذلك إلى الكبرياء، عندها يتبدَّل اللمعان بسرعة ليتحوَّل إلى كُره لأن الكبرياء بغيضة. لذلك إنه ظرفٌ مبارك أن هؤلاء الذين كانوا على الجبل مع الرَّب والذين يحملون ذلك اللمعان المُقتَرض لم يُدرِكوا بأن بشرة وجوههم تلمع. |
الساعة الآن 04:59 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025