منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الكتب الدينية (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=56)
-   -   كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=279085)

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 05:44 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الإسكندرية والعقائد المسيحية


العقائد بالنسبة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية ليست مجرد مفاهيم لاهوتية خاصة بالله، الإنسان، الكنيسة، الحياة الأبدية، الخليقة السماوية، الشيطان الخ.. يناقشها رجال الكهنوت والباحثون والعلمانيون، وإنما هي في جوهرها خبرات يومية يعيشها كل عضو في الكنيسة. بمعني آخر، العقائد تمثل إيماننا بالله من جوانب متعددة، غايتها شركتنا مع الله الآب في يسوع المسيح، كلمة الله المتجسد، بواسطة روحه القدوس. بهذا نفهم خلاصنا وعضويتنا الكنسية، كما يعيد لنا فهما عميقا للكتاب المقدس، قبل ملكوت الله في نفوسنا، والشركة مع الخلائق السمائية، وخبرة الحياة الأبدية.
  1. العقيدة وتكامل الحياة الكنسية
  2. العقائد والمعرفة
  3. العقيدة أساسها الحق والحب
  4. العقيدة والاصطلاحات اللاهوتية
  5. العقيدة والتجديد

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 05:45 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
العقيدة وتكامل الحياة الكنسية

ليست الكنيسة المسيحية مجرد مدرسة تنشغل في بحث العقائد وتقوم بتعليمها، وإنما هي مؤسسة تتعبد لله، وتخدم البشرية؛ تعمل من أجل تغيير العالم وتجديده، وفي رجاء تنتظر العالم الآتي. حقا إن الكنيسة المسيحية لا يمكن أن تكون كنيسة كما نعرفها بدون العقائد المسيحية (2). إذ تفسر العقائد كل فلسفتنا للكنيسة خلال إيماننا المترجم عمليا في التقليد المقدس والكتاب المقدس، والعبادة، والسلوك، والكرازة. كل هذه العناصر معا تمثل جوانب مختلفة لحياة كنسية واحدة.
إن تطلعنا إلي علاقة العقائد بالكتاب المقدس، نلاحظ أنها ليس فقط تقوم علي أساس كتابي، وإنما كل عقيدة لا يوجد لها أساس في الكتاب المقدس تحسب باطلة. العقائد في الواقع مرآة الكتاب المقدس، تفسره وتجتذب البشر للتمتع بروحه.
بنفس الطريقة يمكننا القول بأن العقائد هي الطريق الذي يقود المؤمنين لعبادة الله بالروح والحق؛ وكل عبادة حقة تعلن عقائدنا في بساطة.

ترتبط العقائد باتجاهنا النسكي، فكما سبق لي فأشرت (3) أن اللاهوتيين ورجال الدين الإسكندريين الأوائل كانوا نساكا بالحق، ولا يزال للنسك أثره الفعال علي لاهوتياتنا، لا بجحد أجسادنا كما ادعي بعض الدارسين، وإنما بالتركيز علي الاتجاه الخلاصي، فالنساك الأقباط الأوائل كانوا ممتصين في التمتع بأعمال الثالوث القدوس الخلاصية، أي، بالتمتع بتقديس النفس والفكر والجسد والمواهب الخ.. وذلك بالشركة مع الآب في ابنه بالروح القدس.
كان النسك المصري الأول كتابيا؛ لا يبغض الجسد بحواسه وقدراته، ولا يجحد حرية الإرادة الإنسانية، ولا يحتقر الحياة الأرضية والممتلكات الزمنية. النسك القبطي في جوهره ليس اعتزالا للبشرية بل وحدة مع الله. هذا الاتجاه له أثره علي لاهوتياتنا وعقائدنا، بالتركيز علي "التأله"، بمعني عودة الإنسان إلي صورة الله الأصلية بإصلاح نفسه وفكره وجسده الخ.. كأعداد للتمتع بالفردوس.
أما عن ارتباط العقائد بالسلوك أو الإيمان العملي، فيلزمنا أن نميز بين العقائد الكنسية وإيمان الشيطان، إذ كما يقول القديس يعقوب: "والشياطين تؤمن" (2: 19).
بخصوص علاقة العقائد أو اللاهوتيات ككل بالحياة التقوية العملية، اقتبس كلمات الآن ريتشاردسن: "غالبًا ما يشعر المتدينون أن اللاهوتيات تقيم أفكارا باردة ميتة عوض الإيمان الحي الحار. اللاهوتيات مثل كل دراسة يمكن أن تصير جافة وأكاديمية.. في الحقيقة أن الدين بدون لاهوتيات ناقص ولا يمكن التفكر فيه، تماما كاللاهوتيات بدون تدين: الاثنان مكملان لبعضهما البعض كما يتكامل معا النظريات والتطبيق العملي" (4).
التحام العقيدة بالكرازة واضح من سيامة أغلب عمداء مدرسة الإسكندرية الأولين كباباوات وأساقفة لهذا الكرسي. هؤلاء كانوا علي ثقافة عالية في اللاهوت أي العقائد مع قدرة علي الكرازة وممارسة الأعمال الرعوية.
في اختصار يمكن القول بأن اللاهوت الحقيقي ليس هو ذاك الذي ينشغل بالبحث وتعليم العقائد إنما أيضًا يقبل عقائد الكنيسة التي هو عضو فيها. مثل هذا يدعوه أوريجانوس "رجل الكنيسة" (5)، لا يتحدث باسم الكنيسة فقط إنما يمارس حياتها أيضا.
العقيدة هي ما نؤمن به، ما نتعلمه، ما نعترف به، وما نمارسه.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 05:45 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
العقائد والمعرفة

إحدى السمات الرئيسية لكنيسة الإسكندرية اتساع فكرها وانفتاح قلبها نحو الفلاسفة فبينما تطلع قادة الكنيسة في البلدان الأخرى إلي الفلسفة كعدو للإيمان (مثل القديس يوستين وترتليان) إذ بآبائنا يحتضنون الفلاسفة بالحب، متطلعين إليهم كأطفال يحتاجون إلي الكنيسة لتعينهم حتى ينمو بالإيمان إلي النضوج. هكذا ننظر الإسكندريون إلي الإيمان ليس كمناقض للعقل والمعرفة وإنما كمشبع للذهن ورافع للأفكار حتى ينعم الإنسان بالمعرفة الإلهية. هذه المعرفة أسمي من المعرفة الفلسفية. الله يهب الإيمان للبشر الذين هم خليفته العاقلة، ولا يود تحطيم الأذهان التي خلقها بنفسه.
في القرن الثاني اعتقد القديس إكليمندس، وهو لاهوتي ذو تقوي عظيمة محب للقراءة ودارس للعلوم الزمنية، إن المؤمن الروحي هو "غنوصي"، معطيا لتعبير "غنوصية" (معرفة) معني مسيحيًا عوض المعنى الذي كان سائدًا في ذلك الحين ألا وهو "هرطوقي". إنه يقول: "الغنوصية هي أساس ومصدر كل عمل يناسب اللوغوس" (6)، "نعمة الغنوصية تأتي من عند الآب بالابن" (7).

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 05:46 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
العقيدة أساسها الحق والحب

العقائد -كما رأينا- هي تفسير لخبراتنا مع الله، في المسيح يسوع المصلوب القائم من الأموات. هذه الخبرة لا تتغير مع الأجيال، إذ يبقي يسوع المسيح هو أمس واليوم وإلي الأبد (عب 13: 18). لم يجلس التلاميذ والرسل والأساقفة بعدهم حول مائدة يتفقون فيها علي عقائد جديدة بل بالحري كرزوا بخبرتهم المسيحية. وكما يقول القديس يوحنا: "الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به" (1 يو1:3) - هكذا جاءت كل العقائد المسيحية كمحصلة لخبرة الكنيسة مع المسيح المصلوب القائم من الأموات "الحق"، "الحب" في نفس الوقت. لقد تقبلنا هذه العقائد كحق غير متغير، نمسك به خلال الحب.
الباباوات (الأساقفة) الإسكندريون كلاهوتيين وكرعاة في نفس الوقت تطلعوا إلي العقيدة كتعبير عن الحق الإنجيلي ملتحم بالحب. كانوا غيورين تمامًا في دفاعهم عن الإيمان والعقائد الأرثوذكسية ضد أية هرطقة، ليس فقط في مصر وإنما في كل العالم المسيحي. مقدمين حياتهم ذبائح لحساب الكنيسة. كانوا حازمين تمامًا ومدققين في الإيمان الذي تسلموه (2 تي1: 12، 14)، حتى وصفهم بعض المؤرخين بالعنف، لكنهم بالحقيقة كانوا محبين ولطفاء. كتب القديس كيرلس لنسطور بخبره أنه لن يجد أحدًا يحبه مثله، لكن هذا الحب لن يكون علي حساب الإيمان. لقد كره الهرطقة والخطأ وأحب نفس الهرطوقي واشتاق إلي خلاصها.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 05:46 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
العقيدة والاصطلاحات اللاهوتية

استخدم الآباء الإسكندريون المصطلحات اللاهوتية للتعبير عن الحقائق الإلهية ومعانيها العميقة، وللدفاع عن الإيمان الأرثوذكسي ضد الهراطقة، لكنهم لم يكونوا عبيد للمصطلحات في ذاتها. القديس أثناسيوس الذي كرّس حياته للدفاع عن لاهوت السيد المسيح يقول بأنه يلزم ألا يسبب الخلاف علي الكلمات انشقاقًا بين أناس متحدين في الفكر (8).

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 05:47 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
العقيدة والتجديد

تعرف الكنيسة القبطية ككنيسة محافظة، خاصة في العقيدة والتعليم. وفي نفس الوقت تنمو (تتطور) لا بقبولها تعاليم جديدة أو عناصر إيمان جديدة، بل بتفسير ذات الإيمان المسلم مرة للقديسين (يهوذا 3) بلغة معاصرة (9).

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 05:47 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
إيماننا بالله


  1. الله محبة
  2. إعلان الله
  3. سر الله
  4. الوحدانية والايمان الثالوثي
  5. الايمان الثالوثي والكتاب المقدس
  6. الثالوث القدوس والفكر الإنساني

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 05:52 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 

"الله محبة" (أيو 4: 8). ليس فكرة مجردة نعتنقها، ولا كائنًا خليفًا يعيش بعيدًا جدًا عن السموات معتزلًا عالمنًا، بل هو محب للبشر. يهبنا معرفته الإلهية لكي ننعم بحبه وندرك أبوته. بتوق أن يقترب إلي البشرية جدًا، يضمها إليه، يسكن في النفوس، ويهبنا شركة مجده.
بمعني آخر، الله يعلن ذاته لنا لا لننشغل بمناقشات نظرية، ولا ليفرض سلطته علينا، إنما ليجتذب البشرية أولادًا له، يجدون فيه مصدر الحياة والخلود والمجد الأبدي.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 05:53 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
إعلان الله

خلق الله الإنسان علي صورته، كأكمل خليقة علي الأرض، لا ليتركه وحيدا في الفردوس، وإنما ليلتقي به (تك 18: 17). يعلن له ذاته وطبيعته وأسراره وإرادته.
تحدث الله مع البشرية خلال الطبيعة (رو1: 20)، وإذ رفضوا الإنصات لها أرسل إليهم الشريعة الموسوية المكتوبة والأنبياء (عب1: 1، 2). وأخيرا جاء كلمة الله المتجسد يشرق بنوره في داخلهم مقيمًا مملكته ليهم.. جاء ليعلن عن سر الله محب البشر ومخلصهم.. وكأن إعلانه إنما يمس كياننا ومستقبلنا الأبدي، وليس موضوع مناقشات جدلية بحتة.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 05:54 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
سر الله

كلمة "سر" في المسيحية لا تعني قبول المؤمن لعقائد غامضة دون فهم، مناقضة للعقل، إنما تعني عجز الفكر الإنساني عن قبولها، وحاجته إلى نعمة الله التي تكشف له الحق، وترفعه ليدرك بفرح الإلهيات كحقائق يتقبلها العقل وإن كانت تسمو عنه.. الله يتعامل معنا كخلائق عاقلة، مقدرا العقل الذي خلقه فينا، فيعطيه ولا يحطمه.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 05:55 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الوحدانية والإيمان الثالوثي

إيماننا في جوهره هو دعوة للتمتع بخبرة الله الواحد، محب البشر، وقد داء الكتاب المقدس بعهديه يؤكد ذلك. تحدث العهد القديم عن الله الواحد في سلبية إذ كان يحوط حول اليهود خشية السقوط في "تعدد الآلهة" والانغماس في رجاسات الوثنيين (2مل 21: 2؛ 2 أي 28: 3)؛ أما العهد الجديد فعمق إيماننا بالله الواحد كاشفا عن الإيمان الثالوثي. هذا الإيمان -في حقيقته- لإيضاح الوحدانية بل يؤكدها معلنًا بعض أسرار الإله الواحد ومفسرًا لها.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 05:56 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الإيمان الثالوثي والكتاب المقدس

أشير للثالوث القدوس عند عماد السيد المسيح (يو1: 27-33)، كما يتحقق عمادنا باسم الثالوث (مت 28: 19)، ويعددهم الرسول بولس في البركة الرسولية (2 كو 13: 13).
وفي العهد القديم نجد الله يسبح بثلاثة تقديسات (إش 6: 3)، ويذكر اسمه بصيغة الجمع (الوهيم) حتى في (تث 6: 4) حيث يؤكد أن الله واحد، [راجع تك 1: 26؛ 11: 7].
هل من ضرورة للإيمان الثالوثي؟

1- الإيمان الثالوثي يعالج كثير من مشكلات الوحدانية المطلقة، نذكر علي سبيل المثال: إن قلنا بأن الله محبة، حبه أزلي، فهل كان معه من يحبه منذ الأزل؟! إن كان يحب ذاته، فهذه أنانية (حاشا لله)، إن قيل أنه كان يحب بالقوة لا بالفعل حتى يخلق السمائيين والأرضيين فيحبهم، إذ ينسب لله النقص (حاشا لله). لأنه محتاج بالضرورة للخليقة كي يمارس حبه فيتحول من القوة إلي الفعل. وما نقوله عن الحب نكرره في بقية الصفات الإلهية مثل السلام والمودة. إيماننا بالله الواحد المثلث الأقانيم يعلن حركة الحب والوحدة والسلام في الله كحركة أزلية قائمة في الثالوث. الأب يحب الابن أزليًا، والحب ليس غريبًا عن الله أو أمرًا إضافيًا لله.. هو حب ومحبوب ومحب أزليًا، وما يمارسه معنا من حب إنما امتداد لعمله وحياته الأزلية الداخلية، إذن الثالوث ينزع عن الله فكرة الجمود.

2- إن قيل أن الإيمان الثالوثي قد يوحي بالتعدد نجيب أن الابن هو كلمة الآب.. في كثير من الأديان ينظر إلي كلام الله إنه أزلي. كلمة الله ليس شيئا خارجا عنه، بل واحد معه، كالبهاء الذي يشع من النور. لم يكن الآب بدون كلمته، ولا يوجد نور بدون بهاء.. إذن فالابن لا يعني تعددا.
أما الروح القدس فهو "الحياة".. الآب هو الكينونة الإلهية، كينونة حياة أزلية.
الله كائن ناطق حي.. ثالوث لا يحمل تعقيدا أو تعددا بل بساطة ووحدة.
3- يقول القديس إكليمندس الإسكندري أن كل التعبيرات الخاصة بالله وردت بسبب ضعفنا وعجزنا. فكلمة" واحد" لا تعنى خضوع الله لرقم عددي أي "واحد"، إنما الله هو واحد، وفوق العدد.. إذن ليتنا لا نتطلع لله في وحدانية بطريقة مادية.
4- حينما نتحدث عن الابن، لا يفهم ذلك ماديا، كأن الابن جوهر آخر مع جوهر الآب.. إنما هو بهاء النور غير المنفصل عنه.
لماذا نستصعب ولادة الابن من الآب أزليا؟ كل جوهر فعال يلد ما يعلن فاعليته؟ فالنار تعطي نورا، والمواد المشعة طاقة ذرية، والعقل الإنساني يلد أفكارًا.. فلماذا نفكر في الله بطريقة جامدة؟!
- إيماننا بالابن يعلن عن طبيعة الله المحبة، الذي في حبه الأزلي يقدم ذاته للابن بكونه واحدا معه في الجوهر.
5- يوضح القديس أثناسيوس سر دعوة "الابن" "كلمة الله".. ألا وهو تأكيد الوحدانية في الجوهر، لئلا يظن بالآب والابن جوهرين.
6- وحدة الثالوث القدوس، وحدة حب، حركة مستمرة، هي سر حيويتنا، إذ تمثل بالثالوث القدوس في اتحادنا معا فيهم.
7- إيماننا بالثالوث يمس حياتنا اليومية ومستقبلنا الأبدي.. إذ فيه ندرك أبوة الله وننعم بالصداقة الإلهية بالمسيح مخلصنا، وندرك شركة الروح القدس.. هذا كله يفتح أمامنا باب الرجاء في شركة الأمجاد السماوية.
8- الثالوث القدوس يوضح مفهوم "الكمال".. كمال الوحدة بين الثالوث، وليس الكمال النظري الجامد بلا حركة حب.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 05:57 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الثالوث القدوس والفكر الإنساني

إيماننا بالثالوث القدوس لا يضاد الفكر الإنساني كما يظن البعض، فإن كان هو سر فكما قلنا إنما لأننا في حاجة إلي إعلان إلهي عنه. حتى الوحدانية تحمل أسرارا يعجز العقل عن إدراكها، نذكر علي سبيل المثال أن الكل يؤمن بأن الله (مالئ) السماء والأرض وغير محدود ن ومع هذا نؤمن بالعرش الإلهي.. فهل هو عرش محدود؟ كيف نراه في السماء علي العرش؟ كيف يملأ الكل وفي نفس الوقت بكامله -إن الله لا يتجزأ- موجود في كل حجرة أو بيت لله؟!
لنا في النفس البشرية مثال مبسط أو ظل للثالوث، فكل نفس هي موجودة ناطقة حية، والوجود غير النطق غير الحياة.. وهي نفس واحدة لا توجد دون الكيان أو النطق أو الحياة.
والنار أيضا هي لهب منير حار؛ اللهيب غير النور غير الحرارة، ومع ذلك فهي نار واحدة.
أخيرًا كان لزاما الكشف عن الثالوث القدوس لتحقيق خلاصنا بالله الذي يحب البشرية فأرسل كلمته متجسدا يحمل ثقل خطايانا، يفي الدين عنا، ليرسل روحه القدوس رافعا إيانا إلي مجده.
إيماننا بالثالوث القدوس يكشف حقيقة الله كمحب للبشر، لا يود تحطيمنا أو السيطرة علينا كما يظن بعض الوجوديين الملحدين، وإنما هو حب فائق يود بنوتنا لننعم بالاتحاد معه، نشاركه أمجاده الأبوية.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 05:57 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 


  1. الإنسان في نظر الله
  2. الحرية الإنسانية
  3. الطبيعة الإنسانية
  4. دور الله في خلاص الإنسان
  5. دور الإنسان في الخلاص

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:01 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الإنسان في نظر الله

إيماننا بالله مرتبط بحياتنا فنحن نتعرف عليه كمحب للبشر يعلن ذاته لمحبوبيه، وأيضا نظرتنا للإنسان وخلاصه ومصيره الأبدي تتحقق بعلاقتنا بالله، ونظرته إلينا.
الإنسان -في عيني الله- ليس مخلوقا من بين ملايين المخلوقات لكنه هو صورتها ومحبوبه، يتعامل معه كصديق حميم مرتبط به. من أجله أوجد الله العالم، وأعطاه سلطانًا علي كل شيء حتى الفضاء. لهذا عندما انهار تماما -روحيا وجسديا- نزل كلمة الله متجسدًا ليقيمه ويجدد طبيعته. بهذا التجسد الإلهي أعلن الله عن:
1- تقديره للإنسان، إذ صار كلمة الله متأنسًا وحل بيننا.
2- رده الحرية الإنسانية، بعد أن أفسدتها الخطية.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:02 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الحرية الإنسانية

في نظر القديس كيرلس الاسكندري الحرية الإنسانية هي صورة الله التي تمتع بها آدم، لكنه أفسدها بالعصيان، فصار غير قادر علي التجاوب مع حب الله بحرية.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:03 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
دور الله في خلاص الإنسان


يحتاج الإنسان بعد سقوطه إلي التمتع بالحياة المقامة من الموت، كما يحتاج إلي إيفاء العدل الإلهي؛ هذان الأمران لم يكن ممكنا تحقيقهما إلا بالتجسد الإلهي والصلب. لقد جاء الله الكلمة نفسه مخلصا، ليقم لنا البركات التالية:
1- أعلن صلاح الخالق.. هو خلق وهو الذي يجدد الخليقة.
2- ليضمنا إليه واهبًا مؤمنيه الاتحاد معه (يو 17: 23).
3- فيه تحقق حكم الموت عنا (2 كو 5: 14)، ودان الخطية (رو 8: 3).
4- وهبنا الغلبة علي الموت بغلبته وقيامته (1كو 15: 21).
5- وهبنا النصرة علي الشيطان عدونا (1 يو 3: 1).
6- أصعدنا إلي السموات (أف 2: 6).
7- جدد طبيعتنا فيه ووهبنا شركة الطبيعة الإلهية (2 بط 1: 4).
8- حقق جامعية الكنيسة إذ ضم الأمم مع اليهود بالإيمان به في جسد واحد.
9- قدم لنا المعرفة الحقة (مت 11: 27)، إذ وحده يعرف الأب.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:04 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
دور الإنسان في الخلاص


النعمة الإلهية هي مركز اللاهوت الإسكندري، إذ أحبنا الله أولًا (1 يو 4: 19)، وسبق فعرفنا (رو8: 29)، واختارنا، وعيننا، ودعانا، وبررنا، ومجدنا.. لقد أراد خلاصنًا وقرره وقام به، لكننا لن ننعم بهذا الخلاص المجاني التزامًا بغير إرادتنا. الله يريد أن الكل يخلصون وإلي معرفة الحق يقبلون (1 تي 12: 4). إذ لا يشاء موت الخاطي قبل أن يرجع ويحيا (مز 33: 11). مقدمًا ابنه كفارة عن العالم كله (1 يو 2:2). ومع هذا فإن الله يتركنا نختار الطريق (تث 30: 15، 19)، معلنين هذا الاختيار بالإيمان العملي.. وكأن الأعمال الصالحة التي هي بفضل النعمة الإلهية ضرورية ولازمة.
يقدم لنا قداسة البابا شنودة الثالث في كتابه: "الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي" براهين كثيرة علي أهمية الأعمال الصالحة ودورها في خلاصنا، نذكر منها:

1- الأعمال الشريرة تؤدي إلي الهلاك الأبدي (غلا 5: 10-21؛ أف 5: 5، 6).
2- ستكون الدينونة حسب أعمالنا (مت 16: 27؛ يو 5: 28، 29).
3- الأعمال هي ثمار الإيمان الحق (لو 3: 8، يع 2: 14).
4- الأعمال شهادة عن وجود الإيمان (يع 2: 18، مت 7: 16، 17).
5- بالأعمال نشهد أننا أولاد الله (1 يو 2: 29؛ 3: 9، 10).
6- الأعمال تجعل الإيمان كاملًا (يع 2: 22؛ 1: 27).
هنا يلزمنا أن نميز بين أنواع كثيرة من الأعمال المذكورة في الكتاب المقدس:
1- أعمال البر الذاتي، حيث يتكل الإنسان علي ذراعيه.. وهي أعمال محطمة للخلاص.
2- أعمال الناموس الحرفية مثل الختان وحفظ السبت بطريقة جامدة.. إن استخدمت حرفيًا تعوق الحياة الروحية.
3- أعمال صالحة هي ثمن الإيمان، فيها يتكئ المؤمن علي صدر الرب، ويطلب عمل نعمته الإلهية تحت قيادة الروح القدس؛ هذه أعمال لازمة وضرورية لخلاصنا.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:04 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الكنيسة


  1. طبيعة الكنيسة
  2. سمات الكنيسة

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:05 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
طبيعة الكنيسة

الكنيسة هي الموضوع الذي يحتل قلب الكتاب المقدس، إذ هي غاية الخلاص الذي يعلنه الكتاب. لقد اقتناها الله بدم المسيح (أع 20: 28).
من يفهم الكنيسة إنما يفهم العلاقة بين الله والإنسان، خطة الله للخلاص، أبوة الله، ملكوت المسيح، عمل الروح القدس، وسائط الخلاص، معني تاريخ البشرية، مصير الإنسان الخ.. خلال الكنيسة كشف الله حكمته الخلاصية حتى للسمائيين (أف 3: 10).
تبنت كنيسة الإسكندرية هذا المفهوم الروحي للكنيسة دون النظر إليها كمنظمة بشرية، للأسباب التالية:
1] عاشت كنيسة الإسكندرية عبر العشرين قرنًا معتزلة السياسة وبلا سلطة زمنية.

ب] نظرة الإسكندرية للمعرفة "غنوسية" كعطية إلهية يمنحها الأب علي الدوام خلال ابنه، تجذب حتى رجال الكهنوت للتأمل ودراسة الكتاب المقدس والعبادة.. دون الارتباك في الإداريات الكنسية.
د] اتجه المصريون -كهنة وعلمانيون- للحياة الكنسية، حتى قبل ظهور الحركة الرهبانية، فارتفعت أذهانهم وقلوبهم نحو ملكوت السماء بعيدا عن إدارة الإسكندرية.
1- شعب الله صاحب العهد: في العهد القديم كان المؤمنون ينظرون إلي الجماعة كلها كشعب الله، أبناء إبراهيم، الذي أقام الله معه عهدا (تك17). في العهد الجديد قدم السيد المسيح عهدًا جديدًا، أقامه ببذل جسده ودمه وتقديمهما طعاما لشعبه قادرا أن يهب حياة أبدية (مت 26: 28، 1كو 11: 25، يو6).
ورثت كنيسة العهد الجديد وعود العهد القديم لكن بمفهوم جديد عميق.. لذا فهي كنيسة قديمة جديدة.. ونحن كأعضائها ننعم بالنبوات القديمة خلال الحياة الجديدة التي لنا في المسيح الذي لا يشيخ.
2- أم المؤمنين: هي عذراء بتول من أجل طهارتها وعفتها (2كو 11: 2)، وهي أم ولود تنجب لله أولادا بلا توقف.. وأولادها أيضا دائما مثمرون بشهادتهم للسيد المسيح.
3- جسد المسيح: هي جسد المسيح، تنمو لكي تبلغ الكمال، ينعم أبناؤها بالشركة في جسد الرب ودمه.
4- خليقة جديدة في المسيح: بالعماد ينعم المؤمن بالولادة الجديدة فيصير خليقة جديدة في المسيح (2كو 5: 17)، يصلب مع السيد المسيح ويقوم معه (أف2). عمل الروح القدس في حياة المؤمنين تقديسهم المستمر حتى يحملوا صورة السيد المسيح.
5- عروس المسيح: تترقب الكنيسة مسيحها القادم إليها ليقيم عرسه معها أبديا (رؤ19: 7).. وقد دعي السيد المسيح نفسه عريسا (مت 9: 14-15؛ مر2:18-20؛ لو 5:33-35؛ مت 25: 1-3). خلال هذا المفهوم ندرك أن الرب قادم لا ليدين نفوسنا -مع أنه الديان- لكنه لكي يطلبها تلتصق به وتتحد معه وتنعم بأمجاده. بكونه العريس فهو غيور عليها (خر 20: 5؛ 34: 14؛ تث 4: 25؛ 5: 9؛؛6: 51) لأنه لا يقدر أن يلتصق بالخطية ولا أن تكون له شركة معها. كل خطية نرتكبها هي جريمة ليس فقط ضد ناموسه وإنما بالأكثر ضد محبته؛ إذ بها نكسر قلب عريسنا السماوي. هذا واتحادنا به علي مستوي العرس يعني اتحادا أبديا لا ينفصم.
6- بناء المسيح: الذي ينمو كهيكل الله المقدس (أف 2:21 الخ). هيكل روحي ومقدس يسكنه الثالوث القدوس.
7- بيت الإيمان، البيت الذي يحفظ وديعة الإيمان بلا انحراف.
8- بيت الخلاص: كبيت راحاب (يش 2)، لا خلاص خارجه.
9- جماعة حب: تعلن الكنيسة ملكوت الله علي الأرض، بكونه ملكوت حب خالص، غايته تمتع كل نفس بالحياة الأبدية.. من ينتمي للكنيسة ولا يحب فهو خارجها، لأنه لا يعرف الله (1 يو 3: 14؛ 4: 7، 8). هذا الحب يربط الكل معها في الله "المحبة"، يربط الأرضيين بالسمائيين، البشر بالملائكة، المجاهدين بالمنتصرين.
10- أيقونة السماء: إذ نزل السماوي إلي أرضنا أقام منا كنيسته علي مستوي سماوي، نعيش علي الأرض بقلب سماوي وفكر علوي، نشارك السمائيين تسابيحهم وفرحهم وسلامهم.
11- كنيسة دائمة الشباب، لا تشيخ ولا تضعف لأنها تحمل عريسها الذي لا يشيخ يهبها بروحه القدوس حياة التجديد المستمر، فيتجدد كالنسر شبابها (مز 103: 5). حقا إن كان إنساننا الخارجي يفني فالداخل يتجدد يوما فيوما (2 كو 4: 16).
12- كنيسة أبكار: عريسها البكر يهب كل أعضائها "البكورية".

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:05 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
سمات الكنيسة

1- تحدث آباء الإسكندرية عن ديمقراطية الكنيسة، فمن حق الشعب أن يختار راعيه، هذا ومن واجب الراعي أن يقدم أبوة حب لا أن يمارس سلطة.. لكل عضو في الكنيسة عمله: رجلا كان أم امرأة أم طفلا.. الأمر الذي نتحدث عنه في كتاب: "كنيسة شعبية".
2-تتسم الكنيسة القبطية بالروحانية كعنصر أساسي وحي في كل تصرفاتها وحياتها.
4- يري أباء الإسكندرية -مثل القديس كيرلس الكبير- أن سمة الكنيسة هي الوحدة القائمة علي الإيمان الواحد بلا انحراف.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:06 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
السمائيون


  1. الكنيسة القبطية واللاهوت الغربي
  2. الكنيسة وخدمة الملائكة

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:07 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الكنيسة القبطية واللاهوت الغربي

عندما تحدث "كالفن" عن الملائكة قال بأنه من واجبنا أن نبقي في جهل فيما لا تفيدنا معرفته، وبدأ بارث مناقشته أيضًا عن الملائكة في شيء من التردد (1). هذا ويميل اللاهوتيون الغربيون إلي تجنب الحديث عن السمائيين إلي حد كبير، حجتهم في هذا أن عقلية الإنسان المعاصر وإن كانت لا تعترض علي وجود الملائكة لاهوتيا أو منطقيا لكنها لا تتقبل الحديث عنهم سيكلوجيا. يتطلع البعض إلي الحديث عنهم كأساطير أو كخيال. أما بالنسبة للكنيسة القبطية فقد ترك السمائيون بصماتهم واضحة وقوية في كتابات أباء مدرسة الإسكندرية خاصة العلامة أوريجانوس، كما في التسابيح والأعياد والأيقنة والمباني الخ..
فمن جهة الكتابات احتلت فكرا واضحا في الكنيسة الأولي، خاصة مدرسة الإسكندرية، وذلك علي نهج الكتاب المقدس الذي تحدث عن السمائيين في سفر التكوين حتى سفر الرؤيا، ولم يكن هذا الحديث الطويل عبر العهدين بلا معني ولا هدف.
أما في التسابيح، فالكنيسة وهي تتقبل عربون الحياة السمائية مترقبة التشبه بملائكة الله تسبح معهم، وتطوبهم، وتطلب صلواتهم، وتقيم أعيادا لبعضهم، خاصة رؤساء الملائكة ميخائيل وروفائيل والأربعة مخلوقات الحية والأربعة عشرين قسيسا غير المتجسدين الخ..
اهتمت الكنيسة بأيقونات السمائيين إما بتصويرهم وحدهم أو الأحداث الخاصة بالسيد المسيح أو في أيقونات القديسين حيث يصورون حاملين الأكاليل علي هامات القديسين، إشارة إلي انفتاح السماء للمؤمنين وتشبه المؤمنين بالسمائيين.
وفي المباني الكنيسة تحتل الملائكة مكانًا هامًا لتأكيد أن الكنيسة ما هي إلا أيقونة السماء. في ذكصولجية (تمجيد) باكر نرنم: "السلام للكنيسة بيت الملائكة". وفي إحدى العظات القبطية القديمة تعرف الكنيسة: [هي موضوع التعزية؛ هي اجتماع الملائكة، وموضع الشاروبيم والسيرافيم] (3).

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:08 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الكنيسة وخدمة الملائكة

يتحدث القديس بولس الرسول عن الملائكة كخدام للعتيدين أن يرثوا الخلاص (عب 1: 14).. هذا لا يعني أنهم أقل من المؤمنين رتبة أو مجدا، وإنما يعني حبهم للبشر الذي يجعلهم خداما لخلاصهم.. أية خدمة يقدمها السمائيون؟
1- الشعور بمعية الملائكة يطفئ علي الكنيسة المتألمة نوعا من الفرح السماوي، إذ يسحب قلبها نحو المجد الأبدي وشركة السمائيين.. لهذا يقول العلامة أوريجانوس: [لا تضطرب بسبب قفر البرية، ففي رحلتك بالخيام تتقبل المن من السماء وتأكل خبز الملائكة] (3).
2- تحدث الشماس اسطفانوس (أع 7: 53) والرسول بولس (غلا 3: 19؛ عب 2: 2-3) عن الدور الايجابي للملائكة في استلام الناموس، ويري العلامة أوريجين أن الملائكة كأصدقاء للعريس يهيئون الكنيسة -شعب الله- في فترة خطبتها حتى تلتقي بالعريس شخصيا، إذ يقول: [إذ كنت أعد نفسي للزواج بابن الملك، بكر كل خليقة، رافقتني الملائكة وخدمتني وقدمت لي الناموس كهدية عرس] (4). [هؤلاء هم الملائكة حراس الأطفال الذين يرون وجه الآب في السماء] (5).

اعتمادًا علي ما ورد في دانيال (10؛ 13ـ 21) يقول القديس إكليمندس الإسكندري: [وزعت قوات الملائكة الحاكمة علي الأمم والمدن] (6)،
3- مجيء العريس -ربنا يسوع المسيح- لم يوقف عمل الملائكة ولا أنهي محبتهم العاملة لحساب ملكوته فينا.. إذ كشف العهد الجديد عن ظهورا ت الملائكة في حياة السيد المسيح علي الأرض منذ لحظة البشارة حتى صعوده، وسيأتي أيضا مع ملائكته. ما أجمل عبارات العلامة أوريجانوس: [عندما رأت الملائكة ملك الطغمات السمائية يسير في أماكن الأرض، دخلوا الطريق الذي افتتحه، وتبعوا ربهم، وأطاعوا إرادته، ذاك الذي وزع المؤمنين به عليهم لحراستهم. الملائكة في خدمة خلاصك.. إنهم يقولون فيما بينهم: "إن كان قد أخذ (المسيح) جسدًا قابلًا للموت، فكيف نقف نحن مكتوفي الأيدي؟ تعالوا أيها الملائكة، لننزل جميعنا من السماء". هذا هو السبب الذي لأجله جموع الطغمات السمائية كانت تمجد الله وتسبحه عند ميلاد المسيح. لقد امتلأ كل موضع بالملائكة] (7).
يري القديس أثناسيوس أن الملائكة التي نزلت من السماء تبشر بمجيء السيد المسيح أيضا انطلقت إلي السماء عند صعوده تبشر السمائيين ليفتحوا أبوابهم لملك المجد (8).
4- يوضح العلامة أوريجانوس شركة السمائيين مع الكنيسة، قائلًا: [إن كان ملاك الرب يعسكر حول خائفيه وينجيهم (مز 33: 8)، فيبدو أنه متى اجتمع عدد من الناس لمجد المسيح يكون لكل منهم ملاكه يعسكر حوله إذ هم خائفوا الرب. كل ملاك يرافق إنسانا يحرسه ويرشده، وبهذا متى اجتمع القديسون معا تقوم كنيستان كنيسة من البشر، وأخري من الملائكة] (9).
يري القديس إكليمندس الإسكندري أن للملائكة دور إيجابي في مساندة الكهنة لخدمة أولاد الله (10)، ويتحدث العلامة أوريجانوس عن دورهم في خدمة الأسرار الكنسية وتوبة النفوس (11) ومعاونة المؤمنين على الصلاة.
يحدثنا القديس إكليمندس عن مساندة النفس علي نموها الروحي (12) كما يحدثنا أوريجانوس عن حزن ملاك النفس عند سقوط الإنسان في الخطية (13)،
5- يربط العلامة أوريجانوس الملائكة انطلاقنا إلى الفردوس، خاصة بالنسبة للشهداء. يفسر كلمات الرسول بولس إذا صرنا منظرا للناس والملائكة (1 كو 4: 9) قائلًا بأن الملائكة تتطلع إلي الشهداء بإعجاب، وتفرح في السماء معنا (14).

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:10 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
القديسون


  1. القديسون ورباط الحب
  2. أيقونات القديسين
  3. شفاعة القديسين أو صلواتهم عنا

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:11 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
القديسون ورباط الحب

تتطلع إلي القديسين كأخوة أحباء لنا، جاهدوا ورحلوا إلي الفردوس. إنهم ليسوا أمواتا بل هم نيام كما قال الرب (يو11:11) وراقدون (1 تس 3: 13).
تحدث آباؤنا الأولون في وضوح وبتفصيل عن علاقتنا بالقديسين. فالقديسون في الفردوس هم أعضاء منتصرون ينتمون لذات الكنيسة الواحدة التي نحن أعضاء فيها. جميعنا "منتصرون ومجاهدون" أعضاء في الكنيسة التي هي جسد يسوع المسيح الواحد. بالنسبة لنا صاروا هم أعضاء غير منظورين بسبب موت الجسد، ونحن أعضاء منظورون، أما بالنسبة لله فالكل منظورون، أعضاء عائلة مقدسة واحدة.
رحل المنتصرون عن الأرض، لكنهم لم يرحلوا عن الكنيسة. محبتهم لأخوتهم لن تبطل برحيلهم وسكناهم في الفردوس. موتهم بالجسد لن يحطم رباط الحب المشترك بينهم وبيننا، بل بالحري يزداد عمقا وقوة. صلواتهم من أجل خلاص العالم لا تتوقف؛ هم يصلون عنا ونحن نكرمهم كأصدقاء قديسين، أحباء لنا.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:11 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
أيقونات القديسين

نكرم أيقونات القديسين، فنضعها علي حامل الأيقونات، وعلي حوائط الكنيسة وأبوابها، وفي منازلنا الخ.. كعلامة للتلاقي معًا في المسيح يسوع ربنا. للأيقونات القبطية طابعها المميز كما سبق فرأينا.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:12 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
شفاعة القديسين أو صلواتهم عنا

ما دمنا جميعا -الأعضاء المنتصرة المجاهدة- جسد احد، نحمل المحبة التي لا تسقط أبدًا (1كو 13: 8)، فتفاعلنا معا لا يتوقف. الذين سبقونا يطلبون عنا، ونحن بالحب نطلب عن الراقدين، والله في أبوته يسر بهذه المحبة المتبادلة.
إيمان الكنيسة بالشفاعة كتابي، كما يظهر من النقاط التالية:

2- القديسون الراقدون هم أحياء كما قيل: "الرب هو إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب، وهو ليس إله أموات، وإنما هو إله أحياء. لأن الجميع عنده أحياء" (لو 20: 28؛ مت 22: 32؛ مر 12: 26). لهذا ظهر موسي وإيليا عند التجلي (لو9: 28-33)، وقام كثير من أجساد القديسين عند قيامة الرب (مت 27: 52، 53).
2- إن كان الله قد كشف لرجاله في العهدين أمورا خفية ومستقبلة (أع 20: 22، 23، 29 30؛ 2 بط 1: 14)، فلا عجب إن كشف القديسين في الفردوس عن أحوالنا.. معرفتهم ليست معرفة ذاتية لكنه هبه من الله.. علامة معرفتهم هذه علم إبراهيم بمجيء موسي والأنبياء بعده (لو 16: 29ـ 31). وفرح السماء بتوبة الخاطئ (لو 15: 7، 10).
3- للراقدين المؤمنين دالة لدي الله؛ لذا بارك الرب إسحق من أجل أبيه إبراهيم (تك 26: 5)، ورثي الرب لبني إسرائيل من أجل إبراهيم وإسحق ويعقوب (2 مل 13: 23)، ولم يسمح بتمزيق المملكة في عهد سليمان إكراما لداود أبيه (1 مل 11: 13811)، وأقام الرب ميتا إكراما لإليشع عندما مس جثمانه عظام إليشع النبي (2 مل 13: 20، 21).
4- نسمع المجاهدين يستغيثون بشفاعة القديسين، فيستشفع يعقوب بجده إبراهيم وأبيه إسحق (تك 22:9)، وموسي بإبراهيم وإسحق ويعقوب (خر22: 13).. إذ بكرم الرب الذين يكرمونه (1 صم 2: 30)، فينسب نفسه إليهم (تك 26: 24؛ 28: 3) ويسمع إلي طلبتهم.. لذا نجد الغني في الجحيم يستغيث بإبراهيم (لو 16: 27، 28).
لهذا نجد العلامة أوريجانوس الإسكندري يقول: [إنه أمر لا يضاد الصواب أن نسأل القديسين، وأن نستشفع بهم.. حتى يساعدونا]، ويقول البابا أثناسيوس [أيتها السيدة والملكة، والدة الله، اشفعي فينا].
___________
1- قداسة البابا شنودة: مذكرات في اللاهوت العقيدي
نيافة الأنبا غريغوريوس (القمص باخوم المحرقي): شفاعة المنتقلين في الأحياء، مجلة الكرازة عاميّ 1965، 1966.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:12 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الحياة السرائرية


  1. الأسرار والحياة الكنسية
  2. مفهومنا للأسرار الكنسية

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:17 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
الأسرار والحياة الكنسية

ما أعذب أن أكتب عن الأسرار الكنسية، لأنها في الحقيقة هي تذوق لحب الله الفائق ونعمته الإلهية المجانية. الأسرار ليست إلا ممارسة للإنجيل في الواقع الكنسي الحي، فيها يتكشف المؤمن سر الإنجيل ويتعرف علي الحياة الكنسية الخ.. في اختصار يمكنني أن أقول بأن الأسرار تمنحنا الآتي:
1- التمتع بالنعمة الإلهية عمليا: فإن كان التعليم عن "النعمة الإلهية" هو قلب الإنجيل ومركزه، هذه النعمة نتمتع بها خلال الأسرار كما يؤكد لنا الكتاب المقدس:
سر المعمودية: فيه ننال لا عن استحقاق ذاتي ولا بذراع بشري بل بالروح القدس الميلاد الجديد (يو 3: 3-5؛ تي 3: 5)، التبني لله (غلا 3: 26).
سر الميرون: فيه ننال عطية الروح القدس الذي يعلمنا ويرشدنا ويقدسنا، لننمو حتى نبلغ معا إلي قياس قامة ملء المسيح (أع 8: 17؛ 19: 5، 6).
سر التوبة والاعتراف: فيه يقدم لنا الروح القدس الحل من الخطايا (مت 16: 19).

سر الأفخارستيا: فيه ترتفع الكنيسة كما إلي السماء لتلتقي بالمخلص السماوي، تشارك السمائيين تسابيحهم، وتتناول جسد الرب ودمه لتتحد به وتثبت فيه، فتحيا إلي الأبد (يو 6: 35، 55؛ مت 26: 27، 28؛ 1كو 10: 17).
سر مسحة المرضى: فيه يتقبل المريض الآلام كشركة مع السيد المسيح المتألم، كما ينال المريض غفران خطاياه (بالتوبة والاعتراف) وشفاء جسده (يع 4؛ مر 6: 13).
سر الزواج: ينال العروسان الاتحاد معا ويقيم الروح القدس من بيتهما كنيسة مقدسة للرب.
سر الكهنوت: فيه يعمل السيد المسيح الكاهن الأعظم والفريد في من وهبهم الروح نعمة الكهنوت (مت 28: 19-20؛ أف 4: 11، أع 20: 28، 1 تي 4: 14، 2 تي 1: 6).
هذه الأعمال الإلهية الفائقة هي نعمة الله المجانية التي تقدم للمؤمنين خلال كنيسته.
2- التحام العمل الإلهي المجاني مع الجانب الإنساني: لقد دعيت هذه الأعمال "أسرارًا"، لأنها أعمال إلهية فائقة للعقل، يجد فيها المؤمن الثالوث القدوس عاملا لحسابه، مهتما به ليقيمه ابنًا لله مقدسًا مغسولًا بالدم الثمين، يشارك السمائيين حياتهم العلوية؛ يعمل الله في حياته الروحية، ويهتم به في مرضه الخ.. غير أن هذه الأسرار تحمل روحًا إنجيليًا، أقصد عدم تجاهل الجانب الإنساني.
في أكثر توضيح أقول أن الله في حبه للإنسان أعطاه كرامة خاصة، فيعمل به ومن خلاله دون تجاهل له، ففي سر العماد مثلا لا يمكن لخليقة ما سماوية أو أرضية أن تقيم إنسانًا بشريًا ابنًا لله، هذا من صميم عمل روح الله القدوس، وفي استحقاقات الصليب.. لكنه يتحقق خلال الكاهن.. الله يسر أن يعطي للإنسان هذه الكرامة، لكن يبقي عمل السر من فعل الله ذاته لا الكاهن.
ربما يستصعب البعض هذا الفكر، متسائلًا: لماذا لا يهب الله عطاياه للمؤمن مباشرة دون وساطة الكاهن؟ نجيب بأن الله الكلمة الذي لم يستنكف من أن يصير إنسانا يكرم البشرية كلها بالعمل خلال بشر يدعوهم ويقدسهم واهبا إياهم نعمة الكهنوت.
مع الفارق حينما تجسد الكلمة الإلهي لتحقيق خلاصنا استخدم القديسة مريم، وأخذ جسدا حقيقيا منها، وكان لها دورها الايجابي.. وحسبنا هذا تكريما لجنس البشر. ويبقي الله يطلب من الإنسان عمله الايجابي ليعلن الله ذاته من خلاله.
3- الكشف عن طبيعة الكنيسة: إذ يسيء البعض استخدام هذه الأسرار، فيستغلها للسلطة عوض الخدمة يثورون ضد هذه الأسرار بقصد الثورة علي سلطة الكنيسة، لكن في الكنيسة القبطية يشعر المؤمنون بأمومة الكنيسة وحنوها خلال تمتعهم بالأسرار. فإن كان الثالوث القدوس يعطي بفيض للمؤمنين وبلا حساب إنما يعطي خلال كنيسته الحاملة لصورة السيد المسيح والمتسمة بصفاته.
نذكر علي سبيل المثال، إذ يشعر المؤمن أنه في مياه المعمودية نال الميلاد الجديد، يتطلع إلي الكنيسة كأم أنجبته بالروح القدس ابنًا لله، فتصير بنوته مجالًا لوحدته مع بقية الأعضاء روحيا لا لعزلته واتسامه بالانفرادية. حتى في حياة الزوجية يشعر أنه قبل زوجته واحدا معا خلال الكنيسة المحبة، فيري في علاقته معها صورة لعلاقته بالجماعة المقدسة.
ممارسة الأسرار بالروح والحق، دون استغلال لسلطة ما، يكشف أمومة الكنيسة ووحدتها بل وكيانها الروحي وغايتها نحو خلاص كل نفس بعيدًا عن روح الإداريات والتنظيمات البشرية.
4- الكشف عن فهمنا للخليقة كلها: الله الكلمة الذي يسمو فوق كل مادة صار إنسانًا حقًا، أكل وشرب وعمل.. مقدسًا نظرتنا ليس فقط للجسد الذي أخذه وإنما حتى للحياة اليومية وللمادة التي استخدمها، فلا نري في الأكل نجاسة ولا في الخليقة الجامدة عنصر ظلمة وعداوة.
استخدم الأسرار للخليقة الجامدة كالماء في المعمودية، والزيت في سر مسحة المرضى، والخبز والخمر في سر الأفخارستيا، ووضع أكاليل معدنية في المعمودية والزواج، والملابس الكهنوتية الخ.. إنما يرفع نظرتنا تجاه المادة لنري يد الله التي تقدس كل شيء لحساب خلاصنا!

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:20 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
مفهومنا للأسرار الكنسية

الأسرار أمر حيوي وضروري بالنسبة للكنيسة، كما قلب، هي ممارسة للفكر الإنجيلي المفرح، وتمتع بالنعمة الإلهية وعمل الروح القدس في كنيسة المسيح حتى يرتفع الكل إلي حضن الآب.
في اختصار أود تقديم الخطوط الرئيسية لمفهومنا لكل سر:
1- في طقس سر المعمودية القبطي يظهر بوضوح خطان رئيسيان هما جحد الشيطان وقبول عمل الله.. بمعني آخر في سر المعمودية ينتقل المؤمن من البنوة للشيطان بالخضوع لأعماله إلي البنوة لله؛ يجحد ملكوت إبليس ليتقبل في داخله ملكوت المسيح، ينتقل من الغرب حيث الظلمة إلى الشرق حيث شمس البر.
في هذا الطقس تسلم الكنيسة المعمد حديثا للإشبين بوصايا حازمة، حتى يشعر بالمسئولية نحو تقديم الحياة الإنجيلية الكنسية له.

تصر الكنيسة القبطية علي التغطيس -إلا في حالات الضرورة القصوى كالمرض الشديد- لتؤكد دفن المعمد مع السيد المسيح وقيامته للتمتع بالحياة المقامة الجديدة (بو 6: 4-6).
2- طقس الميرون: يدهن الجسد 36 رشمًا علامة تقديس النفس والجسد معا، فيصير الإنسان بكليته هيكلا للروح القدس. كل الأعضاء -حتى التي تبدو بلا كرامة، تدهن بالمسحة المقدسة إذ ليس في الإنسان عضوًا نجسًا أو معيبًا.
لبس الثياب البيضاء الجديدة (وفي القديم لبس إكليل) يشير إلى التمتع بعربون الحياة السماوية النقية المكللة.
3- في طقس التوبة والاعتراف: يشعر الكاهن مع المعترف إنهما معًا تحت قيادة روح الله القدوس الذي يبكت علي خطية ويمنح المغفرة من أجل الشركة مع الثالوث القدوس.
لا يخجل المؤمن من كشف ضعفاته في حضرة أبيه الذي يهتم بخلاصه، والذي يشعر أنه شريك مع أبنائه في الضعف.
4- في سر الأفخارستيا، تعيش الكنيسة كما في السماء، خلال الذبيحة الواحدة غير المتكررة، الحية والواهبة الحياة، الحاضرة. في هذا السر تجتاز الكنيسة طريق الجلجثة منطلقة نحو السماء تحمل ذبيحة مخلصها القادرة أن تفتح أبواب السماء، وترد البشر إلي أحضان أبيهم السماوي.
في سر الأفخارستيا تتقدم الكنيسة بكل طلباتها عن أبنائها، بل وعن العالم كله، لأجل خلاص البشرية، وتدبير حياتهم علي الأرض.. إذ نجد قلب الله متسعا بالحب وأذنيه مصغيتين لطلبتها.
5- في سر مسحة المرضى، ترتبط البركات الروحية بالزمنية معًا، فينال المريض غفران خطاياه مع شفائه من المرض النفسي والجسدي.
6- في سر الزواج يهتم الطقس بإعلان الإكليل السماوي، ليرفع قلوب كل الحاضرين إلي العرس الأبدي، ويدرك العروسان إن حياتهما الزوجية ظل لكنيسة السماء.
7- في سر الكهنوت ينال الشخص نعمة الكهنوت ليغسل أقدام شعب الله لا بنفسه لأنه غير مستحق خدمتهم، إنما بالسيد المسيح خادم البشرية لخلاصهم.. فيه ينال الكاهن أبوة ليس له فيها فضل، إنما هي عمل أبوه الله فيه، فيقول مع القديس يوحنا: "يا أولادي" (1 يو2: 1)، ومع الرسول بولس: "لأني أنا ولدتكم في المسيح" (1 كو 4: 15).
إذن الأسرار في مجمل طقوسها تطلب خلاص الإنسان وبنوته، وترفعه إلي الحياة السماوية ليأكل خبز الملائكة وينعم بشركة الأمجاد الأبوية، هي متعة ببركات الإنجيل.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:21 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
التقليد الكنسي | التسليم


بقي بعض الغربيين إلى فترة طويلة يتطلعون إلي "التقليد" أو "التسليم" علي أنه طاعة عمياء للماضي وتمسك بوديعة سلبية جامدة. بهذا يكون التقليد -في نظرهم- أشبه بفهرس ثمين لمجموعة من التعاليم القديمة والقوانين والطقوس، أو قل متحف يضم ما هو قديم، بهذا يحسبون الكنيسة التقليدية كنيسة جامدة رجعية ترتبط بالقديم لمجرد قدمه.
  1. مفهوم كلمة "تقليد"
  2. مادة التقليد
  3. التقليد في العصر الرسولي
  4. التقليد والكتاب المقدس
  5. التقليد اليهودي والمسيحية
  6. حفظ التقليد الكنسي
  7. التقليد الكنسي والحياة الحاضرة
  8. التقليد الكنسي والحياة الشخصية

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:22 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
مفهوم كلمة "تقليد"

كلمة "تقليد" كما وردت في العهد الجديد لا تعني "محاكاة" إنما تعني تسليم شيء وتقبله، هو تسليم وديعة الإيمان واستلامها عبر الأجيال (يه3).

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:23 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
مادة التقليد


1- رسالة الإيمان بالثالوث القدوس وعمل الله الخلاصي.
2- أعمال السيد المسيح وأقواله.
3- أسفار العهد القديم.
4- المنهج الروحي والسلوكي في المسيح يسوع.
5- منهج العبادة: مفهومه ونظامه.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:31 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
التقليد في العصر الرسولي

كان التقليد هو المصدر الوحيد للإيمان المسيحي والتعليم والعبادة.
أما دوره:
1- تسلمت الكنيسة الأولي من السيد المسيح والرسل فهما جديدا لأسفار العهد القديم لم يكن يدركه اليهود. بالتقليد قبلت العهد القديم وقبلت مفاهيم جديدة له.
2- بالتقليد قبل المسيحيون أسفار العهد الجديد قبل تقنينها كنسيًا.
3- كان التقليد هو مصدر تعليم الرسل (1 يو 1؛ يو19: 35، لو1: 2؛ أع 21، 22). اعتبر الرسول بولس ما تسلمه من الكنيسة بالتقليد تسلمه من الرب نفسه (غلا 1: 7، 1 كو 11: 23).
4- بالتقليد عاشت الكنيسة الحياة الجديدة الفعالة.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:32 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
التقليد والكتاب المقدس

· الكتاب المقدس في حقيقته جزء من التقليد الكنسي، والتقليد في جوهره تقديم كلمة الله بطرق متنوعة.. لأن التقليد عني "التعليم الرسولي".. بكتابه العهد الجديد لم يتوقف عمل التقليد، بل جاء الكتاب يحث علي التمسك بالتقليد (2 يو12؛ 3يو 13، 14، 1كو 11: 34؛ تي 1: 5، 2 تس 3: 16، يو 21: 25، 2 كو 11: 23).
· يقول العلامة أوريجانوس: [بالتقليد عرفت الأناجيل الأربعة، وإنها وحدها صحيحة].
· التقليد الكنسي يحفظ وحدة الكنيسة للكتاب المقدس عبر الأجيال، فلا يفسره كل مؤمن حسب هواه الشخصي، يقول أوريجين: [التلميذ الحقيقي ليسوع هو ذاك الذي يدخل المنزل، أي يدخل الكنيسة، فإن من يدخل الكنيسة يفكر ذات فكر الكنيسة ويحيا كحياتها، بهذا يتفهم الكلمة. إنه ينبغي أن نتقبل مفتاح الكتاب المقدس من التقليد الكنسي كما من الرب نفسه] (2).

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:34 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
التقليد اليهودي والمسيحية

رفض السيد المسيح التقاليد اليهودية الحرفية المناقضة لكلمة الله (مت 15: 3، مر 7: 13، كو 2: 8).. لكن الكنيسة قبلت ما هو حي ومتناغم مع كلمة الله. منه عرف يهوذا المنازعة بين ميخائيل وإبليس (يه 9)، وأيضًا نبوة أخنوخ (يه 14، 15)، وعرف بولس الرسول اسمي مقاومي موسى (2 تي 3: 8).. وكانت الكنيسة الأولي تشترك في خدمة الهيكل بتسابيحها ومزاميرها.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:38 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
حفظ التقليد الكنسي

التقليد الكنسي كإيمان وعبادة وسلوك وحياة معاشة سلم إلينا خلال قرارات المجامع المسكونية والمحلية، وكتابات الآباء الأولين، وأيضا خلال حياة الشعب الذي له دوره الرئيسي والحيوي في تسليم روح الحياة الجديدة عبر الأجيال عمليا.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:39 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
التقليد الكنسي والحياة الحاضرة

التقليد لا يعني جمودًا، وإنما حفظا للماضي كسند للحاضر، وممارسة الحاضر كأساس للمستقبل. التقليد هو سر نمو الكنيسة وحيويتها وليس جمودها.
يلزمنا أن نفهم التقليد في أعماقه الروحية وأسسه اللاهوتية، وليس في التمسك بحرفيته في غير فهم.
عندما كرزت الإسكندرية في إثيوبيا قدمت التقليد الكنسي الحي لكنها لم تلزم الأثيوبيين أن يقبلوا التقاليد القبطية في تفاصيلها، لذا وجب التمييز بين "التقليد" كفكر كنسي عام وبين التقاليد الخاصة بالكنائس المحلية. مثلا قبلت إثيوبيا عن مصر تقليد الليتورجيات لكنها لم تقبل ذات نصوصها بل روحها وهيكلها العام، وأيضا قبلت الأيقونات لكن بفن أثيوبي لا قبطي وهكذا قدمت الكنيسة جوهر التقليد لا تفاصيل التقاليد القبطية. لهذا عندما نكرز في بلد أجنبي يلزم تقديم التقليد الكنسي الأرثوذكسي لكن دون صبغهم بفكر محلي معين. هذا ما يحدث الآن عند الكرازة في جنوب أفريقيا.

Mary Naeem 09 - 05 - 2014 06:40 PM

رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
 
التقليد الكنسي والحياة الشخصية

يظن البعض أن حفظ التقليد الكنسي يعني تحطيم الحياة الشخصية للعضو في علاقته بالله وفهمه للكتاب المقدس وممارسته للعبادة. لكن الكنيسة الأرثوذكسية وهي تحت الطريق الوسط المعتدل دون مبالغة أو تطرف تحفظ التقليد الكنسي الذي ينظم الحياة الكنسية ويضع المفاهيم الرئيسية للعبادة ويدخل بنا إلي روح الكتاب المقدس دون أن يحطم العلاقة الشخصية لكل عضو مع فاديه وفهمه للكتاب بطريقة شخصية وتمتعه بالحرية.
نذكر علي سبيل المثال، حينما نعيش في مجتمع له نظمه الاجتماعية وروابطه الأسرية، فإن هذه النظم والروابط في الحقيقة تسند شخصية العضو في الجماعة في نطاق الروح الجماعي ولا تجعل منه آلة تتحرك بغير تفكير.
وإن كانت الكنيسة في أوروبا -في العصور الوسطي- قد حولت غالبية النظم الكنسية والقوانين إلي شرائع جامدة حطمت الكثير من حقوق المؤمن الشخصية، بينما يمارس الإنسان في الغرب حريته الفردية في فهمه للكتاب المقدس حسب فكره الشخصي، وأيضا في تعرفه علي المسيحية بطريقة فردية، فإن الكنيسة الأرثوذكسية في الواقع تسلك في المنتصف.. تقدس الفكر الكنسي الجماعي وتقدر الحياة الشخصية لكل عضو فيها.


الساعة الآن 08:51 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025