![]() |
سير وسلوك لأن كثيرين يسيرون ... وهم أعداء صليب المسيح ... فإن سيرتنا نحن هي في السماوات ( في 3: 18 - 20) نحن أمام فريقين: مَنْ يسيرون معتمدين على برهم الذاتي، وهم أعداء لصليب المسيح الذي يضع نهاية للإنسان وبره، كما يضع حدًا فاصلاً بين المؤمن والعالم ( غل 6: 14 ). وهذا الفريق الأول نهايتهم الهلاك، إذ يفتكرون في الأرضيات حيث كل آمالهم وطموحاتهم. أما الفريق الثاني، ويضم بولس نفسه معهم، فإن سيرتهم في السماوات حيث مآلهم الأبدي ووطنهم الحقيقي، ومنها ينتظرون خلاصهم بل مُخلِّصهم، الذي سيغيِّر شكل جسد تواضعهم ليكون على صورة جسد مجده. فيا لها من مفارقة بين الفريقين! ونذكر هنا شريعة أعطاها الرب لبني إسرائيل في أجيالهم، أن يجعلوا على أهداب ذيل ثيابهم عصابة من أسمانجوني، حتى لا يزيغوا وراء قلوبهم وأعينهم كلما نظروا إليها ( عد 15: 37 - 41). وفي هذا مغزى أدبي لتعليمنا؛ فكلما انخفضت رؤوسنا لأسفل، وتعلَّقت قلوبنا بالعالم، علينا أن نذكر سريعًا مقامنا السماوي وجنسيتنا السماوية، كما قال الرب: «ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم» (يو17)، فحالاً تتحول أنظارنا للسماء. «فإن كنتم قد قُمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق، حيث المسيح جالس عن يمين الله. اهتموا بما فوق لا بما على الأرض» ( كو 3: 1 ، 2)، فلنحذر من محبة العالم والأشياء التي فيه: شهوة الجسد، شهوة العيون، تعظم المعيشة ( 1يو 2: 16 )، فنأبى كل ما يقدمه لنا، متمثلين بيوسف وأليشع وموسى، وقد قيل عن كل منهم أنه «أبى» إزاء شهوات العالم. ولا ننسى أن «العالم يمضي وشهوته» ( 1يو 2: 17 )، وهيئته تزول ( 1كو 7: 31 )، ولنتوقع مجيء الرب لأجل الخلاص النهائي الذي هو غاية إيماننا، حيث نُخطف جميعًا في السُحب لمُلاقاة الرب في الهواء، وهكذا نكون كل حين مع الرب ( 1تس 4: 16 ). |
مثالنا في الشكر https://files.arabchurch.com/upload/i...1347671966.jpg في ذلك الوقت أجاب يسوع وقال: أحمدُكَ أيها الآب رب السماء والأرض ... لأن هكذا صارت المسرة أمامك ( مت 11: 25 ، 26) إذا كان الرب يحرِّضنا بفم رسوله قائلاً: «اشكروا في كل شيء» ( 1تس 5: 18 )، فهو لا يطلب منا شيئًا لم يفعله هو، إذ يجب أن لا يغيب عن بالنا أنه اجتاز في هذا المشهد، وتجرَّب في كل شيٍ مثلنا بلا خطية. تأملوه في متى11: 16- 30 مُجرَّبًا من ذلك الجيل المتقلب الذي لم يؤمن به بعد كل أعمال محبته ومعجزات قوته. ولا ريب أن ذلك الظرف كان كافيًا لأن يُحزن أي واحد، إذ تضيع كل أتعابه باطلاً بحسب الظاهر. ولكن كيف تصرَّف الرب إزاء كل هذا؟ «في ذلك الوقت أجاب يسوع وقال: أحمدك أيها الآب ربُّ السماء والأرض ... لأن هكذا صارت المسرة أمامك». وإذا رجعنا إلى لوقا10: 21 حيث تُسرَد نفس الحادثة نجد أيضًا أنه قد «تهلل يسوع بالروح». ولنلاحظ القول: «أجاب يسوع وقال: أحمدُكَ». علامَ أجاب؟ إنه كان يرى هنا، كما في كل الظروف المؤلمة، يد أبيه ويسمع صوته يقول: ”هذه مني“ فيُجيب قائلاً: «أحمدك أيها الآب ربُّ السماء والأرض ... لأن هكذا صارت المسرة أمامك». فالآب رب السماء والأرض الذي له سلطان على كل شيء، هو الذي أمر بهذه الظروف المؤلمة ولذلك يقبلها الرب يسوع بالشكر. وأنت أيضًا أيها القارئ العزيز، إخضع إرادتك لأبيك، فتشعر براحة كبيرة من ثقل كل ظرف مؤلم، وتحسّ بقوة متجددة في نفسك، وتفرح في الروح في كل مرة تُجيب الله فيها قائلاً: «أحمدك أيها الآب ... لأن هكذا صارت المسرة أمامك». ويا لها من راحة نشعر بها عندما نعلم أنه مهما كانت صعوبة الظرف، فإن المشيئة الإلهية التي رتبته لم تخطئ. وإن كنت لا أميل أن أُجيب قائلاً: «أحمدك أيها الآب» فإنما هذا يدل على أن إرادتي لم تُخضَع لإرادته، وإني لا أريده أن يتخذ طريقه معي ولا أرغب في أن يُجري معي كما تكون المسرة أمامه، ولذلك أشكو وأتذمر فأضيف إلى شقائي شقاء بدون جدوى. |
أمجاد تزول https://files.arabchurch.com/upload/i...1111727435.jpg أَوصِ الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا، ولا يُلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى، بل على الله الحي ( 1تي 6: 17 ) ذات يوم رَسَت في ميناء بورتسموث بانجلترا سفينتان قادمتان من فرنسا، وكانت إحدى هاتين السفينتين مدرعة حربية دَوَت طلقات المدافع تحية لاستقبالها. وكانت الأخرى يختًا نزلت منه امرأة متقدمة في السن، استقلت عربة، ومضت في طريقها لم يشعر بها أحد. كانت السفينة الحربية تقل رئيس الجمهورية الفرنسية قادمًا إلى انجلترا في زيارة رسمية لملك بريطانيا. وكان اليخت يقل أوجيني إمبراطورة فرنسا في وقت من الأوقات. ولقد كان رئيس الجمهورية الفرنسية رجلاً من أصل متواضع قفز إلى رئاسة الجمهورية في الانتخابات. ويا له من درس! ويا لها من عِبرة! لقد كانت الإمبراطورة أوجيني في أيامها سيدة المجتمع الراقي في كل أوربا بلا مُنازع، ولقد سبق أن زارت بريطانيا أيضًا زيارة رسمية واستقبلتها الملكة فيكتوريا أحرّ استقبال، ولكن الحرب المشئومة بين فرنسا وبروسيا عام 1870 – 1871 أطاحت بعرش زوجها، واضطرت الإمبراطورة لأن تهرب لحياتها، وتَعاقَب على عرش فرنسا بعد ذلك أُناس من عامة الشعب. هذه هي «غير يقينية» مجد العالم. وبكل تأكيد استقرت هذه الحقيقة في قلب أوجيني في ذلك اليوم عندما كانت تطرق آذانها طلقات مدافع ميناء بورتسموث، ومع ذلك فالناس رجالاً ونساءً يبيعون أنفسهم لأجل تنعُّم يوم قصير ولذة استمتاع وجيز بنفخة مجد باطل وزائل. قد ينوء رجل تحت حمل الألقاب التي تُخلع عليه، ومع ذلك يهلك هلاكًا أبديًا ويمضي إلى قتام الظلام إلى الأبد. إن بريق الحياة الحاضرة وتوهجها قد غرر بالكثيرين. وذلك البريق وهذا التوهج لن يدوم طويلاً، وسريعًا سيتقلد الرب المرفوض الآن سلطانه، وسيمسك بصولجانه، وستتزلزل من رهبته قلوب أعدائه. ووشيكًا سيظهر يسوع المسيح المُحتقر الآن في كل جلاله وجبروته وسينتزع الأرض من أيدي غاصبيها. وإن دم المسيح الكريم يستطيع أن يضع في فمي حُجة امتلاك الحياة الأبدية ويؤهلني للبركة اللانهائية. فليتعلق بهذا العالم التَعِس المسكين مَن يتعلق به، وليشبع الأغنياء بقشوره إن أشبعتهم القشور. أما نصيب المؤمن فهو شيء آخر؛ نصيب موفور الدسم، أبدي الدوام، لا تمتد إليه يد عابث، ولا يتطرق إليه فساد. فهل تشاركنا هذا النصيب؟ |
هامان ومردخاي وعدَّد لهم هامان عظمة غناه وكثرة بنيه .. وقال .. وكل هذا لا يساوي عندي شيئًا كلما أرى مردخاي اليهودي جالسًا في باب الملك ( أس 5: 11 - 13) كان الناس في تلك الأيام ينظرون إلى هامان ومردخاي فيرون الأول سعيدًا جدًا والآخر بائسًا جدًا، وتلك هي نظرة العيان، أما الحقيقة فكانت عكس هذا تمامًا. فقد كان هامان رغم تلك الأبهة والعظمة والسعادة الظاهرية كأنه في أتون من العذاب إذ كان يدخل بيته حزينًا مُكمدًا فتظن زوجته أن مصيبة كبرى قد نزلت به، أو أن الملك قد جرَّده من كل امتيازاته، أو أنه أمرَ بقتله أو نفيه، فلا تزال به مستفهمة في حيرة وخوف ولوعة حتى يقول لها السبب، فإذا هو عدم سجود مردخاي له، ذلك البواب التافه. يا للغرابة! ما أشبه العظمة العالمية بالطبول: صوت عالِ من جوفٍ خالِ. أما مردخاي فقد كان سعيدًا حقًا رغم فقره وحقارته، وكان مصدر سعادته ما يتمتع به من سلام في القلب وراحة في الضمير وهدوء في العقل سببه شعور برضى الله عنه لأمانته في أعماله وتصرفاته، ورضى مليكه عنه لأمانته في خدمته، وفوق هذا فقد كان يشعر بلذة تفوق التصور عندما يذكر أنه يهودي وأحد أفراد شعب الله الذين اتخذهم لنفسه وميَّزهم عن الشعوب الذين حولهم بأن أصبح لهم إلهًا وأصبحوا له شعبًا. فإن سجد الكثيرون لإنسان كهامان ولكنه أشرف من ذلك بكثير إذ هو لا يسجد إلا لله وحده. ليست المسألة بالمظاهر فإنها خدَّاعة ولكنها بحقائق الأمور التي لا تكذب، وليست السعادة في الغنى ولا في الشهرة ولا في النفوذ ولا في الجاه، فقد تجتمع هذه كلها لشخص ولكنه يبقى في داخله شقيًا، ولكن السعادة الحقيقية والغبطة الصحيحة في شيء واحد هو ”إرضاء الله“. وما أسعدني إذا كان الله راضيًا عني، فليس رضاؤه مما يمكن أن يُشترى بالنقود مهما كثرت، ولا يعوَّض بما تسعه الدنيا من حطام، ولكنه يرضى حقًا بالإيمان، وبدون إيمان لا يمكن إرضاؤه. إن الإيمان يُشعِر المؤمن براحة من جهة الحياة الأبدية كما أنه يُشعِره براحة من جهة الحياة الحاضرة، فلا تصغر نفوس المؤمنين عندما يرون الغير يزدهرون في مظاهرهم، بل يمتلئون ثقة بمركزهم ومقامهم ومستقبلهم أكثر من ثقة أولئك بأنفسهم. |
ثقة الدخول https://files.arabchurch.com/upload/i.../572133667.jpg فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى الأَقْدَاسِ بِدَمِ يَسُوعَ ( عب 10: 19 ) «فإذ لنا أيها الإخوة ثقة (أو جرأة أو حرية) بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع، (عن) طريقٍ (مصنوعٍ حديثًا) حيًا كرَّسه لنا بالحجاب، أي جسده» ( عب 10: 19 ، 20). هذه ترجمة حرفية منقولة عن جرانت. نعم لنا جرأة التحرر من الخوف، جرأة التحرر من ضمير الخطايا، وما هو مصدر وسَنَد هذه الجرأة؟ إنه «دم يسوع» هو ضمان سلامتنا ونحن نطأ عتبات الأقداس. وأما الذين لم يعرفوا هذا السَنَد الوحيد «دم يسوع»، وبالتالي لم يتطهروا بدمه من نجاسات خطاياهم، فهم الرجسون والذين قيل عنهم في سفر الرؤيا «وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون ... فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنارٍ وكبريتٍ، الذي هو الموت الثاني» ( رؤ 21: 8 ). ويا له من مصير رهيب! في مطلَع الأصحاح التاسع من الرسالة إلى العبرانيين نرى تقسيمًا أو فاصلاً ضخمًا بين القدس «المَسكَن الأول» وبين قدس الأقداس «المسكن الثاني»، ونرى أن القدس بما احتواه: المنارة والمائدة وخبز الوجوه، كان وقْفًا على الكهنة الذين كانوا يصنعون الخدمة كل يوم، بحيث كان محظورًا عليهم الاقتراب إلى ما وراء الحجاب الثاني أي «قدس الأقداس» الذي كان من امتياز رئيس الكهنة أن يدخله مرة واحدة في السنة، وليس بلا دم. أَما وقد شُق الحجاب بعد موت ربنا يسوع المسيح، فقد أصبح «القدس» و «قدس الأقداس» مكانًا أو مسكنًا واحدًا يسميه العهد الجديد «الأقداس» أو «المكان المقدس». على أن هذا لا يعنى إلغاء محتويات «القدس» ذلك أن جميع هذه المحتويات تشير إلى المسيح الذي وإن صار من امتيازنا الدخول إلى الأقداس، سيظل موضوع سُبحنا وسجودنا وغبطتنا. وما الذي أجاز لنا الدخول إلى تلك الأقداس التي هي ليست من هذه الخليقة، بل هي السماء عينها، حيث دخل سيدنا ليظهر أمام وجه الله لأجلنا؟ إنه الدم الغالي الثمين الذي أعد لنا مكانًا هناك حيث دخل سيدنا، الذي أهّلنا نحن أيضًا للسجود لإلهنا بالروح منذ الآن هنا. |
الزارع والحاصد https://files.arabchurch.com/upload/i.../211704236.jpg الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج. الذاهب ذهابًا بالبكاء، حاملاً مبذر الزرع، مجيئًا يجيء بالترنم حاملاً حُزَمه ( مز 126: 5 ، 6) إن سيدنا المبارك أتى إلى الأرض كالزارع العظيم وكابن الإنسان الذي زرع الزرع الجيد ( مت 13: 37 ). لقد أتى من مجد السماء حاملاً البذار الجيدة، وإذ زرع زرع بالدموع. ومَنْ يستطيع أن يصف الخدمة العجيبة التي خدمها، والطريقة التي زرع بها؟ انظر إليه عند بئر يعقوب! في حر النهار قد قطع المسافة الطويلة المُتعبة، ليزرع الزرع الجيد في قلب المرأة الخاطئة التي كان تاريخها مملوءًا بالإثم والعار. ولكن الزرع العظيم قد زرعه لما مضى إلى الصليب. رُفض الزارع المبارك الذي أعلن الله للإنسان. إن مَنْ قال «الذي رآني فقد رأى الآب» رفضه الإنسان وعلَّقه على الصليب، حيث أتم العمل الذي لأجله أتى. لقد مات ليجمع حصادًا للمجد «الحق الحق أقول لكم: إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتَمُت فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمرٍ كثير» ( يو 12: 24 ). إنه حبة الحنطة، وجميع مَنْ آمنوا به هم الثمر الثمين لموته على الصليب، وبقوة الروح القدس الموجود على الأرض لهذا الغرض يجمع هذا الثمر. إن مَنْ زرع بالدموع يحصد الآن بالابتهاج. لما مضى إلى الصليب ليقدِّم نفسه كالذبيحة العظمى، رأى زرعه، رأى الكنيسة وكل أعضائها، وإذ أحبها أسلم نفسه لأجلها ( أف 5: 25 ). ما أعظم الفرح الذي يملأ قلبه إذ يُضم، عضو بعد عضو، إلى جسده المبارك، ومصيره أن يكون معه ويشاركه في مجده! ولكن أكثر من ذلك «مجيئًا يجيءُ بالترنم حاملاً حُزمه». سيأتي الوقت وذلك الزارع الذي زرع بالدموع، باذلاً نفسه لأجلنا، يجيءُ بالترنم حاملاً حُزَمهُ. عندئذٍ سيرى من تعب نفسه ويشبع. وما أعظم ما سنتمتع به نحن ـ ثمر تعبه ـ من مجد! سنكون عندئذٍ إلى الأبد معه، ناظرين مجده، مشتركين معه في ذلك المجد وذلك الميراث العجيب. ألا تتوق نفوسنا إلى ذلك؟ لا بد وأن هذا الشوق يملأ قلوب قديسي الله الذين يعرفون جيدًا ويحبون ظهوره. ما أكثر القلوب التي تصرخ الآن طالبةً تحقيق ذلك الوعد المعزي! ولكن لنتذكر أنه بينما يتأنى، يكون الوقت وقت زرع لنا. فلنخرج الآن، بالاتكال عليه، ونزرع بدموع المحبة، دموع الصلوات الحارة لأجل النفوس. وما أعظمه امتيازًا! |
كيف تصنع البر؟ https://files.arabchurch.com/upload/i.../304154582.gif فمتى صنعت صدقة فلا تُصوِّت قدامك بالبوق، كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الأزقة، لكي يُمجَّدوا من الناس ( مت 6: 2 ) الكلمة ”مُرائي“ في اللغة اليونانية التي كُتب بها العهد الجديد تعني ”ممثل“. فالمرائي المتظاهر بالتقوى لكنه مُنكر لقوتها إنما هو يمثل دور التقي ليس إلا. إنه يعتبر كل العالم مسرحًا، وهو يقوم بالتمثيل فيه، إنه لا يظهر قط في شخصيته الحقيقية بل المُصطنعة، إنه يرتدي قناعًا يخفي تحته شخصيته الحقيقية، مع هذا الفارق الجوهري بينه وبين الممثل؛ فالممثل على المسرح لا خطورة منه، فكل الناس تعرف أنه مجرد مُمثل، أما المرائي فإنه يحاول أن يخدع الناس وذلك بالظهور أمامهم وهو يمارس صور العبادة المختلفة من صَدَقة (ع2) أو صلاة (ع5) أو صوم (ع16). ولقد استخدم الرب في هذا الجزء صورتين مجَازيتين ليوضح لنا فكره: أولاً. التصويت بالبوق، للكناية عن المشغولية بجذب أنظار الناس، لكنه يستطرد إلى ما هو أبعد وأعمق من ذلك فيقول ما معناه: ليس فقط لا تعلن عملك للآخرين، بل أيضًا لا تعلنه لنفسك. وكأنه ـ له المجد ـ بعد أن حذرنا من السعي إلى نوال مديح الناس، يحذرنا أيضًا من الإعجاب بالذات فيقول: «وأما أنت فمتى صنعت صدقة فلا تُعرِّف شمالك ما تفعل يمينك، لكي تكون صدقتُك في الخفاء» (ع3، 4). والشمال واليمين لهما بالإضافة إلى معناهما المباشر الظاهري معنى أبعد. فاليد اليمين هي العضو الذي به نعمل الأعمال، أما الشمال فهو مكان القلب. فالرب إذ يقول لا تُعرِّف شمالك ما تفعل يمينك، كأنه يقول لنا: لا تَدَع قلبك يُعجب بما تفعل. فهناك أشخاص، مع أنهم لا يعملون برهم أمام الناس، ليمدحهم الغير، إلا أنك تجدهم، بينهم وبين أنفسهم، مُعجبين بما فعلوا. ويُخبرنا الكتاب المقدس عن واحد من هؤلاء هو عوبديًا الذي على قصر أخآب. لقد عمل الخير في الخفاء مع أنبياء الرب، ويبدو أنه كثيرًا ما عرفت شماله ما فعلت يمينه، فإنه ما أن التقى بإيليا رجل الله حتى قال له: «أ لم يُخبَر سيدي بما فعلت حين قَتَلَتْ إيزابل أنبياء الرب، إذ خبأت من أنبياء الرب مئة رجلٍ ... وعُلتُهم بخبزٍ وماءٍ» ( 1مل 18: 13 ). لكن الرب يقول هنا لا تدع الناس ينشغلون بما فعلت، ولا تنشغل أنت به، بل لتكن صدقتك في الخفاء فتبرهن بذلك على أنها بدافع شفقة حقيقية على النفوس المحتاجة، ورغبة مُخلِصة لإرضاء الله وحده. |
يقينية المجيء الثاني خُرُوجُهُ يَقِينٌ كَالْفَجْرِ. يَأْتِي إِلَيْنَا كَالْمَطَرِ ( هو 6: 3 ) نستطيع أن نجمع من كلمة الله عدة أمور تجعل مجيء الرب الثاني أمرًا حتميًا: (1) لأن الله الآب أعلن عن رغبته وأشواقه لمجيء المسيح ليملك. فلا بد أن يجلس المسيح ويتسلط على كرسيه ( زك 6: 13 ). فأشواق الآب وغيرته على مجد الابن تحتم مجيء المسيح للـمُلك ( أع 2: 30 -35). فبعد ظهور المسيح سيكون ملكًا كبيرًا على كل الأرض ( مز 47: 7 ؛ 110: 1، 2؛ رؤ5). (2) لأن الله الابن قد وعد بهذا المجيء. كقوله لتلاميذه «آتي أَيضًا وآخذكم إِليَّ» ( يو 14: 3 ). وفى سفر الرؤيا نقرأ كثيرًا هذا القول المعزى للرب «ها أَنا آتي سرِيعًا» وهو يتكرر في رؤيا22 فقط ثلاث مرات (ع7، 12، 20). (3) لأن الله الروح القدس قد أكد على مصداقية هذا الأمر. «روح المسيحِ ... سبق فشهِد بِالآلامِ التي لِلمسيحِ والأمجاد التي بَعْدَهَا» ( 1بط 1: 11 ). (4) لأن الملائكة القديسين قد سبقوا فأنبأوا بهذا المجيء، عندما أكدوا للتلاميذ هذا الحق الجليل «إِن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إِلى السماءِ سيأتي هكذا كما رأَيتموه منطلقًا إِلى السماءِ» ( أع 1: 11 ). (5) لأن أُناس الله القديسين قد أعلنوا بالوحي عن مجيء الرب. فالرجاء المسيحي يملأ كل صفحات العهد الجديد. وكذلك حقيقة ظهور المسيح للـمُلك تمتلئ بها كل نبوات العهد القديم. وكل شخص يطيع الكلمة لا بد أن يصدِّق هذه الأمور المتيقنة عندنا. (6) لأن قيامة المسيح برهنت على يقينية المجيء، «لأنه أقام يومًا هو فيه مزمعٌ أَن يدين المسكونة بِالعدلِ، بِرجلٍ قد عيَّنه، مقدمًا لِلجميعِ إِيمانًا إِذ أقامه من الأموات» ( أع 17: 31 ). (7) لأنه كما تمت آلام المسيح حرفيًا، هكذا أيضًا ستتم كل أمجاد المسيح المرتبطة بالمجيء الثاني. فهناك أكثر من 300 نبوة خاصة بمجيئه الأول قد تمت حرفيًا. وهناك حوالي 2500 نبوة خاصة بمجيئه الثاني، وهذه لا بد أن تتم أيضًا حرفيًا! ( إش 53: 12 ؛ مي5: 15؛ في2: 5-11). |
للفجار وليس الأبرار https://files.arabchurch.com/upload/i.../240269474.jpg ولكن الله بيَّن محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا ( رو 5: 8 ) إن الكلمة التي استُخدمت للإتيان بي إلى المخلِّص هي رومية5: 8 «ولكن الله بيَّن محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا». ولا يمكن أن أنسى العتق المصحوب بالسلام الذي جاء لقلبي عندما أشرق نور هذا الحق المجيد على نفسي وهو أن يسوع المسيح قد جاء ليس للقديسين بل للخطاة، وأن الناس الأردياء وليس الطيبون، والناس الفجار، وليس الأبرار (الذين يعتمدون على برهم الذاتي) هم الذين يقبلهم الله ويغفر لهم من أجل خاطر ذلك الفادي. حاولت جهدي سنين عديدة لأجعل نفسي قديسًا. حاولت أن أقلل من خطأي وأن أحسِّن في سيرتي على أمل أن الله يقبلني لهذا السبب ويرحمني في اليوم الأخير. ومعظم المواعظ التي سمعتها حينئذٍ كانت تؤيد هذا الفكر عندي، فالمواعظ كانت تحثني أن أكون طيبًا وأن أفعل الحَسَن وأن أستخدم وسائط النعمة وأن أقرأ الكتاب المقدس، وإذا فعلت ذلك، فالله بطريقة خفية لا أعلمها سيغفر لي باقي الخطايا التي لم تكفِّر عنها هذه الحَسَنات. أما المسيح فلم يكن فيه شيء سوى مثال حسن لنا وشفيع الرحمة لنا عند الله. فلم أسمع شيئًا عن إمكان الحصول على الخلاص والحرية في الحال، ولا أذكر أني تقابلت مع أحد نال هذه الحرية أو ذلك الخلاص. ولعلك تدرك دهشتي عندما كتبت لي إحدى قريباتي خطابًا قالت فيه إنها خلصت أثناء حضورها اجتماعًا تبشيريًا عُقد في خيمة وأن الكلمات التي قادتها إلى المخلِّص هي تلك الواردة في رومية5: 8، ثم ختمت خطابها بالقول: إن الرب يسوع يخلِّص الخطاة وليس القديسين، والفجار وليس الأبرار ... هنا يعثر تقريبًا كل شخص، فالجميع يريدون أن يحسِّنوا أنفسهم ويظنون أن الله عندئذٍ يخلِّصهم، بينما الله يخلِّص الخطاة كما هم من أجل خاطر المسيح. عندئذٍ ثارت ثائرتي وتمرَّد قلبي المتكبر ضد هذا الفكر، ولكن شيئًا فشيئًا أخضعت كبريائي وابتدأت آخذ مكاني كخاطئ فقير لا يملك شيئًا وضعيف لا قدرة له على عمل شيء. وحينئذٍ مدّ الرب إليَّ ذراع الخلاص ... آه مَن لي بصوت أقوى من صوت البوق لأنشر هذا الخبر طولاً وعرضًا، وهو أنه «ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا». |
نابال الأحمق https://files.arabchurch.com/upload/i.../141717300.jpg قال: مَن هو داود؟ ومَن هو ابن يسى؟ .. أآخذ خبزي ومائي وذبيحي الذي ذبحت لجازيَّ وأُعطيه لقومٍ لا أعلم من أين هم؟ ( 1صم 25: 10 ، 11) كان نابال هذا إسرائيليًا، وكان يختلف جدًا في ظروفه عن داود الذي، بالرغم من كونه ملك إسرائيل الممسوح، إلا أنه لم يكن له أين يسند رأسه، بل كان يتجول من جبل إلى جبل، ويهرب من مغارة ليختبئ في أخرى. زِد على ذلك أن نابال كان أنانيًا ولا يميل إلى داود. فإذا كانت لديه بركات فإنه يحتفظ بها لنفسه، وإذا كان عظيمًا فما كان يخطر على باله أن يشارك في عظمته أحدًا، وعلى الأخص داود ورفاقه. كان داود في البرية إذ كان هناك مكانه، وكان نابال مُحاطًا بجميع تنعمات الحياة. الأول كانت له أتعابه وآلامه، والثاني كانت له ممتلكاته ومباهجه. وعمومًا نجد أنه حيثما تُستمد امتيازات من مناصب دينية، هناك توجد الأنانية. فالاعتراف بالحقائق إذا لم يكن مصحوبًا بإنكار الذات، فإنه سيرتبط بالمشغولية بالذات والأنانية. ولذلك نلاحظ أنه في يومنا الحاضر هناك روح عالمية واضحة مرتبطة بأسمى اعتراف بالحق، وهذا شر مُحزن شعر به الرسول حتى في يومه، فقال: «لأن كثيرين يسيرون ممن كنت أذكرهم لكم مرارًا، والآن أذكرهم أيضًا باكيًا، وهم أعداء صليب المسيح، الذين نهايتهم الهلاك، الذين إلههم بطنهم ومجدهم في خزيهم، الذين يفتكرون في الأرضيات» ( في 3: !8، 19). لاحظ أنهم «أعداء صليب المسيح»، فهم لا يرفضون جملة المبادئ المسيحية. إنهم لا يطرحون عنهم رداء المسيحية، بل «يسيرون» ـ أي أن لديهم قدر من الاعتراف. والأشخاص المذكورين هنا يستاءون جدًا بلا شك إذا حرمهم أحد من لقب المسيحية، وإن كانوا لا يريدون أن يحملوا صليب المسيح وليس لهم أية علاقة عملية مع المسيح المصلوب، بل يرحبون بكل شيء يحصلون عليه عن طريق المسيحية دون أية تضحية أو إنكار ذات «إلههم بطنهم ... الذين يفتكرون في الأرضيات». آه، ما أكثر أولئك الذين علقت بهم تُهمة التفكير في الأمور الأرضية! إذ من السهل الاعتراف بالمسيحية، بينما المسيح نفسه غير معروف، وصليبه مُبغَض. من السهل أن نردد اسم يسوع بالشفاه، وفي ذات الوقت نعيش لذواتنا في محبة للعالم. كل هذا مُجسَّم في شخصية نابال الأحمق البخيل، الذي إذ قد أغلق على نفسه وسط مباهجه وكمالياته وثرواته، ولم يهتم بمسيح الله، ولم يشعر بألمه في وقت مَنفاه المؤلم، وفي وقت تنقله المرير في البرية. |
قلب الله وقلب الإنسان https://files.arabchurch.com/upload/i...1282808930.jpg فأجابت وقالت له: نعم، يا سيد! والكلاب أيضًا تحت المائدة تأكل من فُتاتِ البنين! ( مر 7: 28 ) في الأصحاح السابع من إنجيل مرقس، كشف الرب شر قلب الإنسان ( مر 7: 1 - 23)، وبعد ذلك نرى في قصة المرأة الفينيقية السورية، الكشف عن قلب الله ( مر 7: 24 - 30)، ذلك القلب المليء بالمحبة والذي لا يتخلى عن الحق في تعامله بالنعمة مع الخطاة المحتاجين. كان المسيح يسير بكل تواضع في هذا العالم الذي رفضه غير ساعٍ للشهرة، ولكن مع ذلك لم يقدر أن يختفي لكماله الذي تميَّز به عن الآخرين (ع24)، وكما قال يوحنا داربي: ”لقد كان الصلاح المقرون بالقوة نادرًا في هذا العالم، حتى إنه لم يكن ممكنًا له أن يبقى مختفيًا“. ومع أن هذه المرأة كانت أممية، إلا أن حاجتها الشديدة أتت بها إلى الرب. لقد كان عندها إيمان بقوة المسيح وبنعمته التي تمكِّنه من استخدام هذه القوة لصالح أُممية مثلها. أراد الرب أن يختبر إيمانها ويُظهره أمام الآخرين بقوله: «دعي البنين أولاً يشبعون، لأنه ليس حسنًا أن يؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب» (ع27). كان هذا امتحانًا شديدًا لإيمانها، كان من الممكن أن تقول: ”ما أنا إلا من الكلاب ولا حق لي في البركة التي هي للبنين فقط“، لكن إيمانها انتصر فوق هذا الموقف الصعب باعترافها بحقيقة ذاتها وبالارتماء في أحضان نعمته، وكأنها تقول: ”نعم من جهة استحقاقي الشخصي، ليس لي الحق في أخذ مكان البنين لأني لست إلا من الكلاب، ولكن كل ثقتي هي فيك أنت وفي مَنْ أنت، وليس في مَن أنا. إني أرى قلبك المملوء بالنعمة والمحبة لن يبخل بإلقاء الفُتات إلى الكلاب أمثالي“. هذا هو دائمًا طريق الإيمان الذي يشعر بعدم الاستحقاق والذي يستريح في نعمة الله الغنية. الإيمان يمسك بالمسيح ويستريح في قيمة شخصه الكريم وفي مَنْ هو في ذاته، كما يستريح في عمله الكامل الذي أتمه على الصليب. هذا هو الإيمان الذي لم يكن ممكنًا للرب أن يتجاهله. نعم، مبارك اسم الرب، فنعمته تفوق كل ما يمكن أن يصل إليه إيماننا، وهو يُسرّ بأن يستجيب لأقل إيمان نُظهره. وهكذا استطاعت المرأة أن تنال البركة بإيمانها، فلقد قال لها الرب: ”لأجل هذه الكلمة، اذهبي. قد خرج الشيطان من ابنتك“ (ع29). |
الامتلاء بالروح https://files.arabchurch.com/upload/i...1118540863.jpg ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة، بل امتلئوا بالروح ( أف 5: 18 ) الامتلاء بالروح القدس معناه فيضان وتدفق الحياة الإلهية في المؤمن، ومسؤولية كل مؤمن أن يكون ممتلئًا بالروح القدس. وهذا لا يكون إلا إذا كان في شركة مستمرة، واتصال مستمر بالرب. إنه لا يمكن أن تكون هناك خدمة ناجحة للسيد، ما لم تكن نتيجة الامتلاء بالروح القدس. والرب يسوع نفسه، الذي تنازل ليأخذ مركز العبد والخادم، قبل أن يبدأ خدمته الجهارية مكتوبٌ عنه: «أما يسوع فرجع من الأردن ممتلئًا من الروح القدس» ( لو 4: 1 ). هكذا كانت حياة الرسل عامةً بعد يوم الخمسين. لقد تحولوا إلى أبطال شجعان ليسوع المسيح، فبشروا بإنجيله بقوة عجيبة وتأثير فعَّال. وأية خدمة للرب، مهما كانت ضئيلة في نظر الإنسان، لا يمكن أن تتم بنجاح إلا بالامتلاء بالروح القدس. حتى خدمة الأرامل اليومية كانت تتطلب رجالاً مشهودًا لهم ومملوئين من الروح القدس ( أع 6: 3 ). والامتلاء بالروح القدس لا يعني فقط حياة القوة والشجاعة والخدمة، بل هو أيضًا حياة الفرح الإلهي لأن «فرح الرب هو قوتكم»، وحياة الاحتمال إذ يمنطقنا بالصبر حتى «نفتخر في الضيقات»، وحياة الوداعة والتواضع وإماتة الذات. فو إن كان من امتياز كل مؤمن أن يسكنه الروح القدس، فإن مسؤوليته أن يمتلئ بالروح القدس. ونتيجة لذلك فالمؤمن يكون في خضوع كُلي للروح القدس، ويصبح قادرًا على السلوك حسب الروح. وهذا عكس السلوك حسب الجسد تحت قوة وسلطان الطبيعة القديمة. فالجسد باقٍ كما هو في المؤمن، هذه حقيقة، غير أن المؤمن قد حصل على قوة تنتصر عليه وتُخضعه وتضعه في حكم الموت، هي قوة الروح القدس عاملاً في الطبيعة الجديدة. فلا عذر لمؤمن يسلك حسب الجسد، لأن روح المسيح فيه، وبالخضوع له يستطيع أن ينتصر على الجسد ويسلك حسب الروح. |
الكأس https://files.arabchurch.com/upload/i...1253306537.jpg الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها؟ ( يو 18: 11 ) فادينا الكريم ما أجملك في حياتك تستقبل كل شيء من يد الآب. وما أروع الختام يوم قبلت الكأس من يده بلا تردد بل بكل خضوع وإصرار. ما أجملك وأنت تسأل، مستنكرًا ما فعله بطرس (يوم أمسك سيفه) «الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها»!! ألا تعلم أنه مستحيل يا بطرس أن أرفض شيئًا للآب حتى الكأس؟ سيدنا لا يمكن أن ننسى شموخك يوم أراد البشر إعطاءك المُلك، ويوم لوَّح الشيطان أمامك بكل ممالك العالم نظير سجدة، فلم تكتفِ برفضك السجود له، بل فضحته «اذهب عني يا شيطان» ( مت 4: 19 ). ولكن ما أجملك وأنت الذي لم تقبل شيئًا لا من إنسان ولا شيطان، تقبل الكل من يد أبيك، حتى الكأس. قائدنا العظيم: ما أروع فخارك بالكأس: «الكأس التي أعطاني الآب» نظرتها عطية كريمة من يد عظيمة ولم تنظر إليها كبليّة خطايانا وإن كانت كذلك. لم تنظرها كضريبة إشباع قلب الآب وثمن تنفيذ المقاصد الإلهية وهي حقًا هكذا، ولكنك قدّرتها عطية وهدية من آب عظيم لابن مجيد في كمال التناغم البديع معه على طول الطريق «الكأس التي أعطاني الآب». إلهنا العظيم ما أجودك وأنت تشرب كأسنا (كأس خطايانا) وتفرغها عن آخرها. مُعلنًا للبشر المساكين أمثالي أن خطاياي وماضيّ الآن في بحر النسيان، والكأس فارغة «قد أُكمل» ( يو 19: 30 ). ما أمجدك وأمجد رِفعتك يوم لم ترُّد الكأس فارغة ولكن رددتها للآب ملآنة بالأمجاد. يوم عوَّضت الله عن كل ما أهانه به الإنسان والشيطان. يوم مجَّدته أفضل مما لم تدخل الخطية إلى العالم. ما أسماك كإنسان يلتزم أمامك مجد الآب بإقامتك «أُقيمَ بمجد الآب» .. مَن هو هذا الإنسان !!! هذا هو سيدي فاسجدي له يا نفسي. قارئي العزيز .. لقد شرب المسيح كأس الخطية والخطايا عني وعنك ولم يترك لنا منها شيئًا. ولكنه ترك لنا بعض شدائد المسيح لنُكملها، فماذا تقول عن ظروفك وآلامك، وأية اضطهادات أو فقر أو مُعاناة في العمل أو تعب في الخدمة!!! هل نهتف مع المسيح الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها!! رغم بُعد المسافة بين الكأسين، أم أنك تستعفي!! |
أسطح بلا أسوار https://files.arabchurch.com/upload/i.../851935693.jpg وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك، فرأى من على السطح امرأة تستحم ( 2صم 11: 2 ) داود، البطل المغوار منذ شبابه، الذي وضع حياته على يده من أجل مجد الله، والذي كانت شاة واحدة من قطيعه ليست رخيصة عنده، وشعب الله غاليًا على قلبه للغاية، رجل الإيمان، صاحب الاختبارات، والمرنم الحلو، الحاصل على شهادة الله أنه «رجلٌ حسب قلبه»؛ رجل له كل هذه المواصفات الحميدة، وأكثر، مَن منا كان يظن أنه يسقط؟! لكنه سقط، وكان سقوطه عظيمًا. واعتقادي أن أحد أسباب الكارثة التي حلَّت، هو أن بيت داود لم يكن مُتمَّمًا فيه الوصية «إذا بنيت بيتًا جديدًا، فاعمل حائطًا لسطحك لئلا تجلب دمًا على بيتك إذا سقط عنه ساقطٌ» ( تث 22: 8 ). والذي سقط في قصتنا هو داود نفسه، صاحب البيت. لو كان السطح ذا سور ما كانت هناك الفرصة لأن يرى المنظر الذي أوقعه، ولو وُجد السور لَمَا كان هناك اتجاه لعينيه إلا إلى أعلى، إلى السماء. وفي هذا الاتجاه الرِفعة لا السقوط. والسور هنا ـ باختصار ـ يتكلم عن الانفصال عن شرور العالم الذي نعيش فيه، عن المبادئ المختلفة التي لا تتفق مع كلمة الله، والتي قد يراها مَن حولنا طبيعية جدًا. وعمليًا، هذا يعني أن تكون طريقة تفكيري مختلفة عن الملايين من الزملاء والأتراب، ليس رغبةً في التميز فحسبْ، بل لأني بنيت قناعاتي على أساس كلمة الله التي لا يعرفونها، وإن عرفوها لا يقدِّرونها، وإن قدروها فلن يستطيعوا أن يطبِّقوها. أما بالنسبة للمؤمن الحقيقي فقد وُلد بواسطتها، ولا بد أنه يقدِّرها لأنها من الله مصدر حياته، والروح القدس، عاملاً في الطبيعة الجديدة التي نالها، هو قوة تطبيقها. ففيما يتعلق بالتفكير والقرارات، فلم أعُد مثل ”باقي الناس“: فإن كانوا هم يعتقدون أن المتعة الوقتية هي المنهج الأمثل في هذه الأيام، فأنا عيني على ما هو أبقى، على ما هو أبدي. وإن كانت كلمات الناس هي الأهم بالنسبة لهم، فرضى الله ومدحه هو ما لا أستطيع أن أعيش أنا بدونه. وإن كانوا يغفلون مبدأ الزرع والحصاد، فأنا لا أشك للحظة أنه دائمًا سارِ المفعول. وإن كان الخنزير يتلذذ بالأوحال، فالخروف لا يطيق لطخة دنس على صوفه الأبيض. اقتناعي بكل ما سبق، وعيشتي بناء على هذه القناعة، وتأثير ذلك على قراراتي، يشكِّل سورًا على سطحي، يمنع السقوط، ويجذب القلب إلى فوق، إلى الرفعة والنُصرة. |
لا تخف https://files.arabchurch.com/upload/i.../258106101.jpg لا تخف يا أبرام. أنا تُرسٌ لك. أجرُك كثيرٌ جدًا (أنا أجرك الكثير جدًا) ( تك 15: 1 ) نحن قد نقول لبعضنا البعض ”لا تخف“ أو ”تشجع“ ولكننا في أغلب الأحيان تقصر يدنا عن المساعدة وبقوتنا المحدودة لا نستطيع أن ندفع ضرًا، وإذًا تكون كلماتنا ضئيلة القيمة والفائدة. ولكن ما أبعد الفرق بيننا وبين الذي يتكلم هنا مع أبرام. إن شعور إبراهيم بأن الله هو التُرس له وهو الأجر الكثير جدًا، كفيل بأن يمحو مخاوفه. ولماذا خاف إبراهيم؟ كلنا نعرف القصة، فإن جيوشًا قوية تحت قيادة كدرلعومر خرجت واكتسحت دائرة الأردن وأخذت لوطًا ابن أخي أبرام هو ورجاله. والله أعطى إبراهيم القوة على تحريره هو ومَن معه، وعند رجوعه ميَّزه الله بتلك المقابلة مع ملكي صادق ثم بمقابلة ملك سدوم، ومن أولهما تعلَّم شيئًا عن اسم الله العلي، ومع الثاني أظهر اعتزازه بهذا الاسم عندما رفض أية هدية من ملك سدوم والتمس الغنى من الله العلي وحده. ثم يأتي المساء ويشمل السكوت كل الدائرة حول الخيمة وداخلها، وتخطر على بال إبراهيم خواطر كثيرة. أَ يأتي كدرلعومر مرةً أخرى للحرب والانتقام؟ أَ يستطيع بموارده المحدودة هذه أن يقابل هذه الجيوش الجارفة القاسية؟ ثم هو قد رفض هدية ملك سدوم، فما هو نصيبه الآن؟ ثم هو قد سلخ من عمره في هذه الأرض معظمه، وأين الوارث لبيته؟ وغير ذلك من الأفكار المتعلقة التي لا نستطيع أن نتصوَّرها كلها، ولكن نستطيع أن نستنتجها من كلمات «لا تخف» و«ترس» و«أجر». ولكن حينئذٍ يتشجع إبراهيم لأنه يأخذ الوعد بأن الله العلي، مالك السماوات والأرض، هو ترسٌ له، فماذا يصنع به إنسان؟ وإن كان أجره هكذا عظيمًا جدًا، فما هي ثروة ملك سدوم، وماذا تكون؟ وألا تذكرون معي تلك الليالي الليلاء التي أحاطت فيها الكوارث بنا، وتشامخت المصاعب حولنا كأنها جبال لا تعبر، حين اصطكت الركب من الخوف، وكان الهم ثقيلاً جدًا؟ ولكن الله قال لنا «لا تخف»، وهو يريد بذلك أن يحوِّل التفاتنا إليه. أَ ليس هو الإله القدير؟ أَ ليس هو مالك السماوات والأرض؟ اخرج أيها الأخ وتطلع إلى السماوات، ولا تنحصر في دائرة اهتماماتك الضيقة. دَعْ كيانك كله يتعطر بالشعور بأن الله القدير هو إلهك، ودَعْ «لا تخف» الخارجة من فمه تعمل عملها في نفسك. |
محبة الله https://files.arabchurch.com/upload/i.../114717684.jpg لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية ( يو 3: 16 ) كلمة «هكذا» في يوحنا3: 16 لا تُخبرنا فقط عن مقياس ومقدار محبة الله الفائقة المعرفة ( أف 3: 19 )، لكنها تعرِّفنا أيضًا بالكيفية التي عبَّر بها الله عن محبته للبشر، لأنه «بهذا قد عرفنا المحبة: أن ذاك وضع نفسه لأجلنا» ( 1يو 3: 16 )، وأيضًا «الله بيَّن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا» ( رو 5: 8 ). ولمَن اتجهت هذه المحبة؟ إنها اتجهت إلى العالم أجمع؛ لكل الناس دون تمييز أو تحيز أو مُحاباة لأي أحد، دون تعصب أو استبعاد أي إنسان لأي سبب، بغض النظر عن الجنس أو العِرق أو المركز الاجتماعي أو الثقافة أو الدين أو حتى مقدار الشرور التي ارتكبها الإنسان في ماضيه. ولكن هذا لا يعني أن الله يوافق أو يتغاضى عن الخطايا التي يرتكبها الإنسان، حاشا، لأن الله قدوس ويكره الشر، ولكنها تعلن أنه بالرغم من شرور الناس، فإن الله يحبهم، ويحمل لهم مشاعر مليئة بالخير والرغبة في خلاصهم وإنقاذهم من الشرور التي يرتكبونها وهم مُستعبدون لها. وهذا ما نرى ظلاً له في العلاقة التي تربط أبًا تقيًا بابنه العاصي الأثيم، فقلب الأب يمتلئ بالمحبة والعطف والرغبة في إنقاذ ابنه، بالرغم من عدم رضاه على تصرفات الابن الخاطئة. والطريقة التي عبَّر الله بها عن محبته للعالم عجيبة لم تحدث من قبل، أو تخطر على فكر إنسان، والسبب أن الخطية جعلت الإنسان أنانيًا، مُحبًا لنفسه، ولديه الاستعداد أن يضحي بأي شيء، أو أي شخص، لكي يُنقذ نفسه. وفي يوحنا3: 16 نتعلم أن الله بذل ابنه الوحيد. والكلمة «بذل» تعني أنه أعطى بسخاء، هِبة وعطية. لو وُجد بين البشر أب لديه ابن وحيد حبيب لديه، وهذا الأب قدَّم ابنه وبذله للموت، لو حدث هذا، فمن المؤكد أنه يصوِّر أسمى مستوى للمحبة. هذه هي محبة الله المُعلنة في الإنجيل، الله بكامل إرادته الحُرَّة والمُطلقة، أعطى وسلَّم ابنه لأيدي الخطاة الآثمين، لكي يموت على الصليب، لكي يفدي ويخلِّص هؤلاء من الموت والعذاب الأبدي. ونتيجة الإيمان والقبول لكل ما أعلنه الله وعمله المسيح، يحصل كل مَن يؤمن على أسمى بركتين في الوجود: لا يهلك ولا يأتي إلى دينونة، بل تكون له الحياة الأبدية. يا لروعة نعمة الله! يا لغناها! يا لسموها! |
يعقوب يبارك ابني يوسف https://files.arabchurch.com/upload/i...1373488358.jpg فمدَّ إسرائيل يمينه ووضعها على رأس أفرايم وهو الصغير، ويساره على رأس منسى. وضع يديه بفطنةٍ، فإن منسى كان البِكر ( تك 48: 14 ) كان ليوسف رغبته الخاصة في بركة ابنيه، وهي أن تُعطَى البركة لمنسى باعتباره البِكر. وطبقًا لذلك وضعه عن يمين إسرائيل، ووضع أفرايم عن يساره. وبالرغم من أن عيني يعقوب كانتا قد أظلمتا عن البصر، فإن عين الإيمان فيه كانت تُبصر بوضوح وتميِّز الأمور كما يريدها الله. بل نقول: إنه كان أحدّ بصرًا وبصيرة من يوسف نفسه الذي قال عنه فرعون: «ليس بصيرٌ وحكيمٌ مثلك» ( تك 41: 39 ). لقد «وضع يديه بفطنةٍ». ونلاحظ أن الذي فعل ذلك هو «إسرائيل» وليس «يعقوب»، وهو الاسم الذي يملأ كل الأصحاح. إنه الشخص الناضج الفاهم لأفكار الله. وضع هذا الأب الشيخ يديه بطريق التقاطع (يسارًا بيمين ويمينًا بيسار)، وكأنه يرسم علامة الصليب الذي يشطب على الإنسان بحسب الجسد من جهة الاستحقاق، ويعطي البركة بالنعمة فقط طبقًا لمقاصد الله. ولقد فعل إسرائيل ذلك بالإيمان وليس بالعيان. كان يعقوب أحدّ بصرًا من إسحاق أبيه في نهاية حياته، حيث كادت شهوة الجسد أن تعميه عن حقيقة اختيار يعقوب للبركة دون عيسو. أما هنا فإن إسرائيل يسير في خط البركة لابني يوسف مُخالفًا للفكر الطبيعي ومضادًا لعواطف ورغبات يوسف الأبوية. ولعله لم توجد لحظة في كل تاريخ يعقوب أكثر إشراقًا من تلك اللحظة. فبكل ثبات وثقة بارك الابنين بحسب مقاصد الله، دون أن يرتعد ارتعادًا عظيمًا، كما حدث مع إسحاق في يومٍ سابق (تك27). لقد تعلَّم يعقوب بالاختبار أهمية الخضوع لأفكار الله، وعدم التأثر بمشاعر الناس وآرائهم. وصل يعقوب هنا إلى قمة أعلى من سائر الآباء في التمييز والفهم لأفكار الله، وكان في توافق تام مع قصده. ولا شك أن هذا لا يأتي إلا بعد إدانة عميقة للذات. فلقد تذكَّر موقفًا مُماثلاً يوم اختلس البركة وخدع أباه بطريقة جسدية رديئة. وكأنه وهو يبارك ابني يوسف، كان يقول لنفسه: أما كان الله قادرًا أن يتحكم في إسحاق أبي، ويجعله يُخلف يديه، ويحقق مقاصده، ويضمن لي البركة، كما يحدث الآن معي، بدلاً من الطريقة المُخزية التي اتبعتها هناك؟ |
خِداع النظرة البشرية https://files.arabchurch.com/upload/i...1338159281.jpg غِرت من المُتكبرين إذ رأيتُ سلامة الأشرار ( مز 73: 3 ) عندما يقول آساف «غِرت ... إذ رأيتُ سلامة الأشرار»، فهذا معناه أنه سلك بالعيان، وأنه تعامل مع المنظور الذي تراه العيون الخارجية. وبالعيان، وبدون الإيمان، لا يمكن للمِرء أن يرى من القصة سوى جانب واحد فقط. لقد رأى آساف الظاهر في حياة الأشرار، ولم يرَ الباطن؛ رأى الحاضر، ولم يرَ المستقبل، رأى الطريق الصاعد، ولم يرَ المنحدر المُخيف الذي يلي هذا الصعود. لم يكن آساف هو الوحيد، ولا هو الأول بين الذين خدعتهم عيونهم عندما رأوا. فلقد سبقه لوط، وعاخان، وشمشون، وداود، والكثيرون جدًا من شعب الله ( عد 15: 39 ). ونظرًا لخطورة هذه البوابة الرئيسية على القلب، فلا عَجَب أن قال المسيح في موعظته على الجبل: «سراج الجسد هو العين، فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرًا، وإن كانت عينك شريرة، فجسدك كله يكون مُظلمًا». تأمل لوط الذي يقول عنه الكتاب المقدس إنه رفع عينيه ونظر كل دائرة الأرض أنها أرض سقي، كجنة الرب كأرض مصر. والحقيقة أن سدوم وعمورة كانتا أبعد ما يكون عن جنة الرب. تمامًا كما يظهر الشيطان كأنه ملاك نور وخدامه أنهم خدام للبر، وما الشيطان ملاك نور، ولا خدامه هم خدام البر. هكذا مع لوط في سدوم، فإنه لما دخل إلى تلك الجنة المُشتهاة، قضى أيامه كلها، بدون استثناء يوم واحد، في بؤس مُقيم، يعذب نفسه البارة يومًا فيومًا بالأفعال الأثيمة ( 2بط 2: 8 ). ونحن بعد أن نقرأ قصة إبراهيم الذي عاش في خيام، متمتعًا بالشركة الهانئة مع إلهه، وقصة لوط الذي سكن في قصر في سدوم، دعنا نتساءل: مَن الرابح؟ لا أقول في العالم الآتي فقط، بل حتى في هذا العالم؟ هل لوط الذي كان يعذب نفسه كل يوم؟ هل لوط الذي ترك كل تعبه لحريق النار في سدوم، وخرج بلا شيء؟ هل لوط الذي خسر حتى زوجته شريكة حياته إذ صارت عمود ملح؟ هل لوط الذي تذكِّرنا قصة ابنتيه بالخزي والنجاسة؟ في كلمة واحدة: مَن الرابح: رجل العيان لوط، أم رجل الإيمان إبراهيم؟ وكما أن لوط في زمانه كان يعذب نفسه البارة، فإن آساف في مزمور73 تمرمر قلبه وانتخس في كليتيه. وبعده قال الملك سليمان الحكيم: «الكل باطل وقبض الريح (أو انقباض الروح)، ولا منفعة تحت الشمس» ( جا 2: 11 ). |
غضب المسيح https://files.arabchurch.com/upload/i.../708017650.jpg فصنع سوطًا من حبال وطرد الجميع من الهيكل، الغنم والبقر، وكبَّ دراهم الصيارف وقلب موائدهم. وقال لباعة الحمام: ارفعوا هذه من ههنا! ( يو 2: 15 ، 16) إننا نرى في محبة الرب يسوع المسيح لهيب نار متقدة، وغيرة لا يمكنها أن تتحمل أية إهانة تلحق مجد أبيه وبيته. وهذا ما حدث عند زيارة الرب يسوع للهيكل في يوحنا2. لقد كان غضب الرب موجهًا ضد الإهانة التي لحقت ببيت أبيه، ولكنه لم يخطئ في غضبه. والمرء عادةً، عندما يغضب لا يكون متمالكًا لنفسه، ولربما يندفع إلى قول أو فعل خاطئ. لقد غضب موسى عند ماء مريبة لِما رآه في الشعب، ولكنه لم يتصرف حسنًا، وأخطأ إذ فرَّط بشفتيه ( عد 20: 9 - 13؛ مز106: 32، 33). لكن «ربي وإلهي» لم يكن كذلك، فلا ترى منه أبدًا تهورًا أو اندفاعًا. حاشا! لقد لاحظ التلاميذ غيرته، فعندما رأى الشر لم يسكت، لكنه أيضًا لم يفقد حكمته واتزانه. ولاحظ كيف تعامل ”سيدي“ مع المشكلة: لقد صنع سوطًا من حبالٍ، لكنه لم يضرب به أحدًا، بل طرد به الجميع ـ بدون استثناء ـ من الهيكل .. وبالنسبة للغنم والبقر، طردها، ولا خطورة من ذلك .. ودراهم الصيارف كبَّها. وهذه يمكن جمعها بسهولة. أما بالنسبة للحمام، فإنه قال للباعة: «ارفعوا هذه من ههنا!» ولو فعل أكثر من ذلك، لكان ممكن للحمام أن ينزعج ويطير بعيدًا ويستحيل جمعه ثانية، ويضيع على أصحابه. هذا هو الرب يسوع الوديع الحكيم، حينما يغضب! فيا للروعة!! ويا للجمال!! ويا للكمال!! أيها الأحباء. إن الطمع الذي أفسد هيكل الله في أورشليم، قد دخل أيضًا إلى هيكل الله الروحي في المسيحية، بنتائجه المدمرة. وها المعلمون الكَذَبة ـ وما أكثرهم في هذه الأيام ـ «يدسون بدع هلاك.. وهم في الطمع يتّجرون.. بأقوال مُصنَّعة» ( 2بط 2: 1 - 3)، وهم «يظنون أن التقوى تجارة» ( 1تي 6: 5 ). وإني إذا كنت أرى أو أسمع كلمات التجديف المُهينة لشخص ربنا يسوع المسيح ولمجده، ومحاولات التشكيك في صحة الوحي الكامل واللفظي للكتاب المقدس، إن كنت أرى أو أسمع هذه الأمور وأبقى جامدًا ولا تحتد روحي فيَّ، فإني لا أكون في الحالة التي يجب أن تميز المسيحي الذي يحب الرب يسوع ويعتز بمجده وكرامته. إن عدم الغضب في هذه الحالة هو عدم تقدير لمجد وكرامة سيدنا المعبود المبارك. فاغضب ما شئت يا عزيزي المؤمن إن كان هناك داعٍ لهذا، بشرط أن تكون مثله في غضبك. |
صوت ابن الله https://files.arabchurch.com/upload/i.../349014439.jpg الحق الحق أقول لكم: إنه تأتي ساعة وهي الآن، حين يسمع الأموات صوت ابن الله، والسامعون يحيون ( يو 5: 25 ) إنه صوت الشخص الذي تكلَّم إلى نيقوديموس في الليل عن محبة الله العجيبة ـ ابن الإنسان الذي هو في السماء ـ وهو الذي على وشك أن يُرفع. في هذه الليلة تكلَّم عن الحق والنور، ونال نيقوديموس الحياة بواسطة صوته ( يو 3: 1 - 12)! إنه نفس الصوت الذي تكلَّم إلى السامرية عند بئر سوخار، فصنع منها ساجدة حقيقية (يو4). يا للقوة العظيمة التي في هذا الصوت! إنه صوت ذاك الذي شفى المرضى والعُرج، صوت ذاك الذي أعطاهم حياة يعيشونها لمجد الله، وصُنع مشيئته. إنه الصوت الذي أعاد لعازر للحياة، مُعلنًا مجد الله، فتمجد الابن أيضًا. إنه الصوت الذي أحياني أنا «الحق الحق أقول لكم: إن مَن يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة» ( يو 5: 24 ). إنه صوت ذاك الذي يجذب إليه الجميع دائمًا. وعن قريب سوف يُسمع صوته مرة أخرى بقوة لا تُقاوم فتنفتح القبور «فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة» ( يو 5: 29 ). ونرى في يوحنا11 استعراضًا مُسبقًا لذلك، إذ نجد ابن الله، ونسمع صوت قوته. فبالرغم من أن اليهود قد رفضوا أعماله وكلماته، بل ورفضوا حتى شخصه المبارك، فإنه ـ في اتكال تام على الآب، وفي شركة كاملة معه ـ يشهد عن عظمته ومجده. إن الشخص الذي صرخ يومًا بصوتٍ عظيم وهو يضع حياته ذائقًا الموت باختياره، هو نفسه الذي ينادي هنا بصوت عظيم مُعيدًا لعازر إلى الحياة. وبنفس هذا الصوت العظيم سينفذ المسيح دينونة الله ( رؤ 1: 10 )، لأن الآب «أعطاه سلطانًا أن يدين أيضًا، لأنه ابن الإنسان» ( يو 5: 27 ). وسوف يتمم ما قاله: «لا تتعجبوا من هذا، فإنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذي في القبور صوته، فيخرج ...» ( يو 5: 28 ، 29). أما في هذا الجزء (يو11) فإن الرب ينادي لعازر فقط، وإلا لكان كل الأموات قد قاموا. إنه الصوت الذي أحيانا، ويقودنا كخرافه، وكل هذا على أساس قيامته ( عب 13: 20 ). |
الخدمة المُثمرة https://files.arabchurch.com/upload/i.../367267219.jpg فقال لها: أعطيني ابنكِ. وأخذه من حضنها وصعد به إلى العُلِّية التي كان مُقيمًا بها، وأضجعه على سريره ( 1مل 17: 19 ) في ملوك الأول17: 22 نرى صبيًا لأرملة قد أُعيد للحياة بواسطة خدمة إيليا، وفي ملوك الثاني4: 35 نرى ابنًا لامرأة قد أُعيد للحياة بواسطة خدمة أليشع. ومن هاتين الحادثتين نرى أن إيليا وأليشع يمثلان الخدمة الحية المُثمرة، بينما جيحزي يمثل الخدمة العقيمة وغير المُثمرة. لقد ذهب جيحزي ـ ومعه عكاز أليشع ـ إلى غرفة الصبي، ولكننا لا نقرأ أنه أغلق الباب للصلاة. ورجع جيحزي إلى أليشع مُبلِّغًا إياه رسالة فشله قائلاً: «لم ينتبه الصبي»، ولكنه هل عمل كل ما كان في استطاعته لإيقاظ الصبي؟ وهل كان مشغولاً حقًا بإحياء الولد؟ لعل وقته الضيِّق لم يكن يسمح له بكل ذلك! وعلى أية حالة، فإننا نلمح في جيحزي ما يجعله شبيهًا بذلك ”الغريب“ المذكور في يوحنا10: 5، إذ قالت أم الصبي لأليشع: «حيٌ هو الرب، وحيةٌ هي نفسك، إنني لا أتركك»، فأبَتْ أن تتبع جيحزي، وكأنها بذلك تمثل خراف المسيح المكتوب عنهم: «وأما الغريب فلا تتبعه .. لأنها لا تعرف صوت الغرباء». ولكنها في الوقت نفسه استطاعت أن تثق بأليشع لأنها رأت في ملامحه سِمات اللطف والاشتراك الفعلي مع قلبها الحزين، بخلاف جيحزي الذي لم ترَ في أسارير وجهه ما يوحي إليها بالثقة فيه. جَرَت العادة أن يوضع الميت في غرفة خاصة في المنزل، ولكن في الحالتين اللتين نتأمل فيهما، نرى كلا من الميتين قد وُضع على سرير النبي الخاص. ألا يدل هذا على وجود دالة خاصة، الأمر الذي هو من الأهمية بمكان في طريق خدمة الإنجيل. إن الله لا يمدح أولئك الذين يتغاضون عن لحمهم ( إش 58: 7 ). إن الذين يكرزون بالإنجيل هم في خطر أن لا يقتربوا قُربًا كافيًا من أولئك الذين يبشرونهم، ولكن من الأمور النافعة والممدوحة جدًا، هو أن نزورهم في بيوتهم وندعوهم إلى بيوتنا حتى بذلك نصل إلى نفوسهم. مرة كان تلميذان من تلاميذ يوحنا يتبعان يسوع، فقالا له: «ربي .. أين تمكث؟ فقال لهما: تعاليا وانظرا! فأتيا ونظرا أين يمكث، ومكثا عنده ذلك اليوم» ( يو 1: 38 ، 39). ولم يكن الرب مُسرعًا في التخلُّص من هذين التلميذين، ليتنا نتعلم من سيدنا أيضًا هذا الدرس النافع لنا. |
تأثير الرجاء https://files.arabchurch.com/upload/i.../370900335.jpg لأننا بالرجاء خلصنا .. إن كنا نرجو ما لسنا ننظره فإننا نتوقعه بالصبر ( رو 8: 24 ، 25) إن غرضي من الكلام هو الرجاء، وليس اليأس. وأي شيء أقوى من الرجاء في تأثيره! إن رجاء الحصاد هو الذي يفرِّح الفلاح وينسيه تعبه. والمنفي في غربته يسنده الرجاء بأنه سيرى بلاده العزيزة يومًا ما. إن التاجر يحفزه على العمل رجاء الربح، والتلميذ رجاء النجاح، والمحارب رجاء الغَلبة وسلب الغنائم. انزع من قلوب هؤلاء رجاء المحصول على ما يكدّون لأجله، يُنتزع منهم حالاً كل دافع للجهاد ولتحمل المتاعب. اسلب من الأم رجاء رؤية أولادها في راحة مُكرَّمين، فماذا تترك لها ليقويها على تحمل متاعبها العديدة المُضنية ليلاً ونهارًا؟ لا بل هناك ما هو أكثر من ذلك إذ إنه، حتى في العالم الحاضر، يمتد الرجاء إلى ما وراء حدود حياة الفرد، فيقود الناس لأن يحيوا ويعملوا باجتهاد لتحسين مستقبل أولادهم الذين سيتركونهم خلفهم بعد خروجهم من العالم. لكننا ننتقل إلى الوجه المُنير في رجاء المؤمنين الآن، إننا ننتظر رجوع المسيح نفسه الذي يُدخلنا إلى جميع البركات التي لنا. إن الرب هو رجاؤنا، وذلك نراه واضحًا في 1تيموثاوس1: 1 «بولس رسول يسوع المسيح بحسب أمر الله مخلِّصنا وربنا يسوع المسيح رجائنا». والسماء أيضًا رجاء المؤمنين، حتى أن الآباء ابتغوا «وطنًا أفضل أي سماويًا» ( عب 11: 16 ). شكرًا لله لأن كلمته تؤكد لنا أن أمامنا السماء كرجائنا وليست الأرض. من المفيد أن نعرف فكر الله من ناحية الأرض في المستقبل، ولكن لنوقن أنه لا يوجد في الوحي الإلهي كلمة واحدة تزعزع الرجاء السماوي الذي يوجده الروح القدس بمجرد عمله في النفس. ثم يوجد رجاء آخر موافق لكلمة الله، وهو سعادة الوجود مع المسيح بالنسبة لمَن يرقدون قبل مجيء الرب. يعلمنا الوحي الإلهي بوضوح وبيقين أنه بينما للمؤمن «الحياة هي المسيح» كذلك له أيضًا «الموت هو ربح». كان الرسول واثقًا من هذا لدرجة أنه قال: «لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدًا». ثم يقول في مكان آخر: «نثق ونُسرّ بالأولى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب» ( 2كو 5: 8 ). هذه الأقوال مُضافًا إليها تأكيد الرب للّص التائب «اليوم تكون معي في الفردوس» ( لو 23: 43 ) تُثبت لنا حقيقة وجودنا مع الرب في سعادة في الفترة ما بين الموت والقيامة. |
سمعان البار https://files.arabchurch.com/upload/i.../347527216.jpg سمعان .. هذا الرجل كان بارًا تقيًا .. وكان قد أُوحيَ إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب ( لو 2: 25 ، 26) سمعان وحنة يُشبهان زكريا وأليصابات في كونهما جزء من البقية الإسرائيلية الأمينة المُنتظرة مجيء المسيا. «وسمعان .. كان قد أُوحيَ إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب»، وكونه كان ينتظر تعزية إسرائيل، فهذا يعني انتظار تحقيق الرجاء المسياوي فقط، وقد استُجيبت رغبته عندما كان في الهيكل، ورأى الشخص الذي كان ينتظره. وهناك فارق كبير بين سمعان وبين مؤمني العهد الجديد، فسمعان كمؤمن يهودي كان أمامه الموت فقط مثل داود الذي قال «أنا ذاهب في طريق الأرض كلها» ( 1مل 2: 2 )، لأنه لم يُعلن لهم حقيقة مجيء المسيح لاختطاف الكنيسة، والذي كان سرًا في أزمنة العهد القديم ( 1كو 15: 51 )، أما المؤمن المسيحي فينتظر لا الموت بل مجيء الرب لاختطاف المؤمنين، ولسان حاله: «آمين. تعال أيها الرب يسوع» ( رؤ 22: 20 ). وفي الحقيقة إن مجيء المسيح قد غيَّر الوضع بالنسبة للمؤمنين، فعلى سبيل المثال كان الملك حزقيا خائفًا من الموت، وهذا ما أشار إليه الرسول بولس في قوله: «فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما، لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس، ويُعتق أولئك الذين ـ خوفًا من الموت ـ كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية» ( عب 2: 14 ، 15)، لكن الوضع اختلف تمامًا بعد مجيء المسيح، فها هو سمعان، وهو يحمل الصبي يسوع على ذراعيه؛ ذاك الذي انتزع الخوف من الموت، لذلك ـ وبدون خوف ـ نطق بهذه العبارة الرائعة: «الآن تُطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام، لأن عينيَّ قد أبصرتا خلاصك» ( لو 2: 29 ، 30). وسمعان الذي يعني اسمه ”استماع“، كانت أُذناه مفتوحة لكي يسمع ما يقوله روح الرب له، وعلاوة على ذلك كان فاهمًا ودارسًا للنبوات ولا سيما نبوة السبعون أسبوعًا، وغيرها من النبوات، وكانت نظرته أوسع من نظرة العذراء مريم وأيضًا زكريا الكاهن، إذ تخطت نظرته حدود إسرائيل وذهبت إلى الخلاص لجميع الشعوب وليس لإسرائيل فقط «خلاصك، الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب. نور إعلان للأمم ومجدًا لشعبك إسرائيل» (ع30-32). |
الصلاة المسيحية http://up3.up-images.com/up//uploads...58e77665d2.gif كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم ( يو 16: 23 ) الصلاة المسيحية تختلف قليلاً عن التي نجدها في العهد القديم. هذا الاختلاف سببه العلاقة التي صارت لنا مع الله. إن القديس في العهد القديم كان يقترب إلى الله كالله القدير، أو يقترب إليه بسبب علاقته بشعبه على أساس العهد الذي عمله معهم. ولكن تلاميذ الرب عندما طلبوا من الرب أن يعلِّمهم أن يصلوا، كان جوابه: «متى صليتم فقولوا أبانا». لقد قرَّبنا من الله كالآب، هذا القُرب الذي هو أعظم بما لا يُقاس مما كان لقديسي العهد القديم، وإن كانوا أحيانًا أكثر تكريسًا لله مما نحن عليه الآن. والحق باقٍ وثابت وهو أننا نستطيع أن نقترب من الله في هذه العلاقة العجيبة (علاقة البنين). وسيدنا المبارك، بعد قيامته، قال لتلاميذه: «إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم» ( يو 20: 17 ). ثم يعلِّمنا الرب في يوحنا16: 23 أن نسأل باسمه. هذا أيضًا امتياز عجيب وفي غاية الأهمية. علينا أن نقترب إلى الله في اسم ابنه يسوع المسيح. وهذا بالطبع يعني أكثر من مجرد أن نضيف في آخر صلواتنا العبارة المألوفة ”باسم يسوع المسيح ربنا“ لكن معناه أن نطلب كما يريد، أن نطلب من أجل الأشياء التي يريدنا أن نطلب من أجلها. يقول الرب في متى21: 22: «وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه»، وأيضًا نقرأ في يعقوب1: 6 «ولكن ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة». ويمكننا أن نقول هنا إن هذا الإيمان لا يعني الثقة بأن الله يعطينا كل ما نطلبه، بل بالأحرى الثقة فيه كمَن يعرف الأفضل لنا وكمَن يعمل هذا الأفضل لنا، نحن شعبه. وللمؤمن أيضًا معونة الروح القدس في الصلاة «وكذلك الروح أيضًا يعين ضعفاتنا. لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنّات لا يُنطق بها». قد لا تُجاب صلواتنا أحيانًا: لأننا قد نطلب رديًا لننفق في لذاتنا، أو لأن الله يعدّ لنا شيئًا أفضل، أو لأنه يريد أن يستخدم الظروف القائمة لخيرنا ولمجد اسمه فينا. ولا ننسى مع هذا أنه لا يوجد في حياة المؤمن ما يساعده على أن يكون وِفق فكر الله أكثر من قضائه أوقاتًا طويلة على ركبتيه أمام عرش النعمة. ولنتذكر قول أحد المؤمنين: ”إن الشيطان يرتعب إذا رأى القديس على ركبتيه“. |
طاعته العجيبة https://files.arabchurch.com/upload/i.../219847215.jpg طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأُتمم عمله ( يو 4: 34 ) في أول يوحنا4 نقرأ عن المسيح أنه كان لا بد له أن يجتاز السامرة، بمعنى أن ذلك كان أمرًا لا مفرّ منه. ولم تكن هناك حتمية جغرافية أن يجتاز السامرة، وهو في طريقه من اليهودية إلى الجليل، لأنه كان لليهود طرق بديلة يتفادون بها المرور على السامرة، ولكن كانت هناك حتمية إلهية أن يجتاز السامرة، لكي يخلِّص المرأة السامرية، ومن خلالها يخلِّص الكثيرين جدًا من الذين آمنوا باسمه. لم تكن لدى المسيح طاعة فقط، ولا محبة فقط، بل كانت لديه طاعة المحبة، عبَّر عنها هذا التعبير الجميل عندما قال: «طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأُتمم عمله». وهذا معناه أنه كان يحب العمل. وفي مناسبة أخرى قال: «ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني» ( يو 9: 4 )، وفي هذه الآية نجد التزامه بالعمل. واسمعه يقول في يوحنا6: 38 «لأني قد نزلت من السماء، ليس لأعمل مشيئتي، بل مشيئة الذي أرسلني». ليس معنى ذلك أنه عندما أتى من السماء قرر ألاّ يعمل مشيئته، وأن يضحي بالمشيئة الشخصية في سبيل إتمام مشيئة أبيه، كلا، بل إنها تعني أنه في الأزل كان هناك مشروع وقصد عند الآب يخص النفوس الهالكة، ولقد عُهد بتنفيذ هذه المأمورية للابن، فلما جاء الابن إلى المشهد يقول: أنا نزلت من السماء، ليس لأن عندي أجندة خاصة بي أريد إتمامها، بل إن سبب نزولي من السماء هو أن أتمم مشيئة الذي أرسلني، وهذا في الوقت نفسه هو طعامي. ما أعجب أنه لما رجع التلاميذ إلى معلمهم، لم يروا عليه علامات التذمر والضَجَر، ولا علامات الخوار والإعياء، بل بالحري الشبع والانتعاش، فتصوَّروا أن أحدًا أتاه بشيء ليأكل. ولكن الحقيقة أنه عندما كان يوصل عطية الله للبؤساء، كان هو شخصيًا يُطعَم ويشبع. وعندما كان يحرر النفوس الغالية من قبضة الشيطان ومن الهوان، كان ينتعش ويفرح. شيء رائع أنه كان يعتبر إتمامه لمشيئة الذي أرسله بمثابة طعام، يقبل عليه بكل نفسه. كانت الخدمة شبعًا للنفس وبهجة للروح. وهذا نوع من الشبع لا يعرفه سوى مَن يخدم الله ويتمم مشيئته في حياته. وليت الرب يعطينا أن نتذوق شيئًا من هذا الشبع والسرور. |
سُكنى الروح القدس والامتلاء به https://files.arabchurch.com/upload/i.../860919811.jpg ولا تُحزنوا روح الله القدوس الذي به خُتمتم ليوم الفداء ( أف 4: 30 ) ... بل امتلئوا بالروح ( أف 5: 18 ) بمجرد الإيمان، يسكن الروح القدس في المؤمن. وأما الامتلاء بالروح القدس، فيتطلب من الشخص، التكريس بالإضافة إلى الإيمان. عندما يُختَم المؤمن بالروح القدس، فإن المؤمن يمتلك الروح القدس، ولكن عند امتلاء المؤمن بالروح القدس، فإن الروح القدس هو الذي يمتلك المؤمن. ومن الجانب الآخر، فإنه قبل يوم الخمسين، وُجد مؤمنون مملوؤون من الروح القدس ( خر 31: 3 ؛ لو1: 67) لكن هؤلاء الذين امتلأوا بالروح القدس لأداء مأمورية معينة، لم يكن الروح القدس ساكنًا فيهم. واليوم يوجد ملايين من المؤمنين الحقيقيين، يسكن فيهم الروح القدس، لكن ليس بالضرورة كل هؤلاء المؤمنين مملوئين بالروح القدس. ثم إن الشخص يتمتع بسُكنى الروح القدس فور إيمانه، ولا يفارقه الروح القدس بعد ذلك، وأما ملء الروح القدس، فهو أمر قابل للتكرار، كما حدث مع الرسول بطرس ( أع 2: 4 أع 6: 3 ، 31)، ومع استفانوس ( أع 9: 17 ، 7: 55)، ومع الرسول بولس (أع9: 17، 13: 9). ونلخص الفوارق بين سُكنى الروح القدس، والملء به: * سُكنى الروح القدس هو لجميع المؤمنين الحقيقيين، بينما الملء بالروح ليس بالضرورة اختبار كل المؤمنين. * سُكنى الروح القدس لم يحدث قبل يوم الخمسين إلا بالنسبة للمسيح، وأما الملء بالروح، فقد حدث مع بعض الأشخاص في العهد القديم. * سُكنى الروح القدس يحدث مرة واحدة فور الإيمان، بينما الملء بالروح اختبار متكرر. * سُكنى الروح القدس لا يمكن أن ينتهي في أية لحظة إلى "يوم فداء الجسد"، بينما الملء بالروح قد يُفقد. * سُكنى الروح القدس يجعلنا في الروح ( رو 8: 9 )، وهذا وضعنا الثابت، لكن الملء بالروح يجعلنا روحيين، وواضح أنه ليس كل المؤمنين روحيين ( 1كو 3: 1 ). * سُكنى الروح القدس هو أحد عطايا النعمة، بينما الملء بالروح مسئولية المؤمن خلال كل حياته. * سُكنى الروح لا يعتمد سوى على إيمان الشخص بالمسيح، بينما الملء بالروح يتطلب إخضاع إرادة الشخص للرب. |
أعمال الإيمان https://files.arabchurch.com/upload/i...1401277313.jpg ما المنفعة يا إخوتي إن قال أحدٌ إن له إيمانًا ولكن ليس له أعمال، هل يقدر الإيمان أن يخلِّصه؟ ( يع 2: 14 ) يجب أن نلاحظ بكل عناية، أن الأعمال التي يؤكد عليها يعقوب بقوة في يعقوب2: 14- 26، هي «أعمال الإيمان». وفي الأصحاحات 3، 4 من الرسالة إلى مؤمني رومية، وأيضًا الأصحاح الثالث من الرسالة إلى مؤمني غلاطية، يُظهر الرسول بولس بشكل مُقنع أننا نتبرر بالإيمان لا بالأعمال. إلا أن الأعمال التي يستبعدها بولس كُليةً هي أعمال الناموس. افترض كثيرون أن هناك صِدام وتعارض بين الرسولين في هذا الموضوع، ولكن هذا غير موجود على الإطلاق. فكِلا الرسولين يتكلم عن الأعمال، لكن هناك فرق شاسع بين أعمال الناموس وأعمال الإيمان. فأعمال الناموس، التي يتكلم عنها بولس، هي أعمال تؤدى إطاعةً لمطاليب ناموس موسى، على أمل الحصول على تبرير يُقبل أمام الله. يقول الناموس «اعمل هذه فتحيا». وهذه الأعمال تُعمل على أمل الحصول على الحياة ـ وهي حياة على الأرض ـ المُشار إليها هنا. ولم يحدث أن حصل واحد من البشر على حياة باقية بحفظ الناموس، وقد عرَّفنا يعقوب أن مَن «عَثَر في واحدة، فقد صار مُجرمًا في الكل» (الآية10). إذًا، فإننا جميعًا نقع بالطبيعة تحت حكم الناموس، و«أعمال الناموس» أعمال ميتة، مع أنها تُعمل على أمل الحصول على الحياة. أما ”أعمال الإيمان“ التي يتكلم عنها يعقوب، فهي تلك التي تنبع من إيمان حي كتعبير مباشر عنه ونتيجةً له. وهي دليل على حيوية الإيمان، مثلما أن الأزهار والثمار دليل على حياة الشجر، وهي أيضًا مُطابقة لطبيعة الشجرة. وإذا لم توجد هذه الأعمال، فهذا دليل على أن إيماننا ميت، لأنه بقيَ وحده دون ثمار. هل هناك تناقض بين هاتين المجموعتين من الحقائق؟ ليس هناك شيء من هذا على الإطلاق. فالأعمال التي تُعمل من أجل التبرير مُستبعدة تمامًا. والتأكيد بقوة هو على الأعمال النابعة من الإيمان الذي يُبرر، هذا ليس عند يعقوب فقط، بل عند بولس أيضًا، لأنه في رسالته إلى تيطس يقول: «وأريد أن تُقرَّر (تؤكد على) هذه الأمور، لكي يهتم الذين آمنوا بالله أن يُمارسوا أعمالاً حسنة. فإن هذه الأمور هي الحَسَنة والنافعة للناس» ( تي 3: 8 ). والأعمال التي يتكلم عنها في هذه الآية، مُطالب بها «الذين آمنوا بالله»، أي أنها أعمال الإيمان. |
لماذا المرض؟ https://files.arabchurch.com/upload/i...1228937908.jpg هوذا للسلامة قد تحولت لي المرارة، وأنت تعلقت بنفسي من وهدة الهلاك، فإنك طرحت وراء ظهرك كل خطاياي ( إش 38: 17 ) هذه الآية هي جزء من تسبيحة الملك التقي حزقيا، بعد أن شفاه الله من مرض فتَّاك كاد أن يُنهي حياته بالموت. والمرض في الوحي المقدس، غالبًا إما بسبب الخطية أو رمز لها. والمريض يحتاج إلى الشفاء، والله هو الشافي، والخاطئ يحتاج إلى الغفران، والمسيح هو الغافر. وفي الكثير من معجزات الشفاء التي أجراها المسيح كان يمنح الغفران والشفاء معًا، وذلك لأن المسيح هو الله الظاهر في الجسد. «هوذا للسلامة قد تحولت لي المرارة» .. أي هوذا مرارتي تحولت إلى سلام، و”المرارة“ دليل على الحزن المُفرط، ولا شك أن المرض مُذِل ويسبب الشعور بالمرارة في حاسة التذوق وأيضًا في المشاعر. والله الذي يسمح بالمرض لا يقصد به الضرر بل الخير، لأنه يحب الإنسان. «يا سيد هوذا الذي تحبه مريض»، وهنا يبرز سؤال هام: لماذا المرض؟ المرض رسالة من الله للإنسان، ليُذكّره بخطاياه التي سببت المرض، ويذكِّره بمدى ضعفه، وأن كل ادعاء بالقوة إنما هو غرورٌ باطلٌ وكبرياء. وحتى لا ينسى الله الذي أعطاه الحياة ويمنحه الشفاء. ولذلك يا عزيزي لا تسمح لنفسك أن يكون مرضك الذي سمح لك به الرب مُبررًا للتذمر، بل للاعتراف بالخطية والتوبة، ليس مُبررًا للشك، بل فرصة لزيادة الإيمان وطلب الشفاء، ليس استحقاقًا بل رحمةً ومنحةً من الله، فيكون لك اختبار رائع بسببه تُسبِّح الله وتشهد للآخرين قائلاً: «باركي يا نفسي الرب، ولا تنسي كل حَسَناته. الذي يغفر جميع ذنوبك. الذي يشفي كل أمراضك». «وأنت تعلقت بنفسي من وهدَةِ الهلاك». أو ”وأنت أحببت نفسي ونجيتها من هوة الهلاك“. يا لروعة الإعلان الإلهي وجماله! إذ الدافع وراء إنقاذي هو محبة الله لنفسي، وذلك لأن طبيعته هي المحبة، ولأن نفسي ثمينة في عينيه «إذ صرت عزيزًا في عينيَّ مُكرمًا، وأنا قد أحببتك» ( إش 43: 4 ). «فإنك طرحت وراء ظهرك كل خطاياي» ـ أي أن الله لم يكتفِ بإنقاذه من المرض، بل خلَّصه من السبب، وهو الخطية، فمنحه الغفران. عزيزي .. إن عمل الله المحب يتصف دائمًا بالكمال، هو يشفي المرض ويغفر الذنب، ألا تشتاق أن تختبر هذا في حياتك الآن، إلجأ إليه بالإيمان. |
بلا فضة وبلا ثمن https://files.arabchurch.com/upload/i.../685300769.jpg فذهب (نعمان) وأخذ بيده عشر وزناتٍ من الفضة، وستة آلاف شاقلٍ من الذهب، وعشر حُللٍ من الثياب ( 2مل 5: 5 ) ما أصعب أن يرتفع القلب البشري إلى مقياس أفكار الله! فلم يكن يدخل في عقل نعمان أنه يستطيع أن يحصل على التطهير من برصه بدون مقابل، وفي الوقت نفسه كان مستعدًا أن يبذل بسِعَة في سبيل الحصول على البُرء من برصه فأعد معداته الكثيرة. أما فكرة الحصول على ما يتمناه «بلا فضة وبلا ثمن» فكان بعيدًا عن خياله، لأنه لم يكن بعد يعلم نعمة إله إسرائيل، بل ظن أن يقتني موهبة الله بدراهم. وهذه غلطة الملايين من الناس، بل غلطة القلب البشري في كل زمان وفي كل مكان. إنه من الجهل الفادح أن نفتكر أنه يمكننا بقليل من الذهب أو الفضة أن نقتني شيئًا من «الرب الإله العلي مالك السماوات والأرض». وبكل سهولة نستطيع أن نحكم أن هذا جهل مُبين، ولكنه ليس من السهل علينا أن نرى الجهل في إتياننا أمام الله معتمدين على أعمالنا وآدابنا، على برّنا وتهذيب حياتنا، على تغيير أخلاقنا وعاداتنا، على صلواتنا ومظاهرنا الدينية، على دموعنا وأنّاتنا، على عهودنا ونذورنا، على أعمالنا الخيرية وإحساناتنا الشريفة، وبالاختصار على أي شيء من ثمار أفكارنا أو أقوالنا أو أعمالنا. إن الناس لا يستطيعون أن يدركوا أن الاعتماد على هذه الأشياء وأمثالها كالاعتماد على دفع قليل من الذهب أو الفضة تمامًا. فإن كان لي كل الأعمال الصالحة التي عُملت تحت الشمس، وكل الدموع التي سُكبت، وكل الأنّات التي لُفظت، وبالإجمال إن كان لي كل أعمال البر الإنساني التي عُملت في العالم مضاعفة ألف مرة، فلن تستطيع أن تمحو نقطة واحدة من الذنب من ضميري، ولن تستطيع أن تعطيني سلامًا يثبت في حضرة الله القدوس. نحن لا ننكر أن هذه الأشياء نافعة في محلها، ولكن الأساس الوحيد لسلام النفس هو «يسوع وحده»، وهو الذي يجب أن يأخذ كل ثقة قلوبنا لأن فيه لنا كل شيء، ومعه لا يعوزنا شيء. على أن اقتناعنا بعدم نفع مجهوداتنا الذاتية يستلزم وقتًا طويلاً، لأنه يصعب على القلب البشري أن يصدِّق أن لا شيء يؤهلنا للانتفاع بالمسيح إلا معرفتنا بخرابنا التام، وأنه لا لزوم للانتظار حتى نُصلِح ذواتنا لأنها لن تُصلَح إصلاحًا يؤهلها لمقابلة الله والوجود في السماء. |
ما لك ههنا يا لوط؟ https://files.arabchurch.com/upload/i...1/53204433.gif فجاء الملاكان إلى سدوم مساءً، وكان لوط جالسًا في باب سدوم. ( تك 19: 1 ) نرى في تكوين19 أن لوطًا قد وقع بالكامل في شَرَك شؤون سدوم، وهي خطوة منطقية أخرى نحو السقوط. كان على لوط أن يتعلَّم درسًا عندما أظهر له إبراهيم محبته بإنقاذه من الأسر (تك14)، لكن المؤمن الضعيف يصبح قلبه متقسيًا نحو المحبة والتفكير المنطقي السليم. وقد يتطلب الأمر أحيانًا حادثًا فظيعًا لإخراج مؤمن من سدوم. زيارة ملائكة ونار من السماء نجحت أخيرًا في إخراجه من سدوم، لكن بعد صراع ومماطلة وخسارة ( تك 19: 15 - 29). ومقاومة لوط في الرحيل لم تكن المؤشر الوحيد على انغماسه في سدوم. فمن المحتمل أن يكون قد تزوج بامرأة من سدوم، وتخلَّص من خيامه، واشترى بيتًا في سدوم ليُقيم فيه بصفة دائمة. سكن مع أسرته في سدوم، وبالطبع كان من الصعب قطع تلك الجذور والروابط الأُسرية. فعندما جاء الملاكان إلى سدوم مساءً «كان لوط جالسًا في باب سدوم» ( تك 19: 1 )، تعبير يعني تورطه في إدارة شؤون سدوم. قد يبدو الأمر أن لوطًا كان يحاول أن يقوم بحركة إصلاح في المدينة، لكن من الجدير بالملاحظة أن شهادة إبراهيم وهو خارج المدينة، كانت أقوى تأثيرًا من شهادة لوط المُقيم داخل المدينة. فالمؤمن المنخدع من العالم مثل لوط قد لا يكون متورطًا في خطايا أهل العالم الفظيعة كالشذوذ الجنسي والعنف والقتل ( تك 19: 2 - 9)، لكن تفكيره يصبح ملتويًا ومشوهًا ( تك 19: 8 )، لأنه فقدَ شركته مع الله. وقد يسخر من شهادته أقرب الناس إليه ( تك 19: 14 ). وقتها تصبح حالة المؤمن الساقط بائسة ومؤسفة ( 2بط 2: 7 ، 8). والمشهد الأخير في قصة لوط، مشهد حزين للغاية. الله في مراحمه الواسعة أنقذ حياته، لكن الخطوة الأخيرة على طريق الفشل تؤدي إلى فقدان كل شيء: الوظيفة والبيت والممتلكات والزوجة. صحيح أن لوطًا استطاع إخراج ابنتيه من سدوم، لكن لم يستطع إخراج سدوم منهما. ومن علاقتهما الشاذة النجسة مع أبيهما جاء ”موآب“ و”عمون“، شعبان مرّرا حياة شعب الله لسنين طويلة ( تك 19: 30 - 38). وهكذا فإن قصة لوط بمثابة تحذير لكل مؤمن وخاصة الآباء، والتحذير هو: ”لا تسلك طريق الفشل“. |
أفراح القرب من الله https://files.arabchurch.com/upload/i.../237179435.jpg وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح. ونكتب إليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملاً ( 1يو 1: 3 ، 4) من أعظم بركات الله للإنسان هي تلك العلاقة الشخصية بين الإنسان والله. والرسول يوحنا يؤكد حقيقة أنه قد صار لنا الآن شركة مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح ( 1يو 1: 3 ) وهذا امتياز مبارك لكل فرد في عائلة الله المحبوبة لديه. فبعد أن صارت لنا خصائص طبيعة الله، وأصبحنا في حالة التوافق معه في أفكاره ومبادئه وعواطفه، أصبحت لنا الأهلية الروحية للتمتع الشخصي بالمسيح وبأبينا والتلذذ بهذه العلاقة الحُبية المُفرحة والتي لا تسمو عليها بركة أخرى. ففي هذه الشركة نتغذى روحيًا من خلال كتابه المفتوح أمام عيني الإيمان. وأحاديث القلب الشجية معه، بل وتنهدات القلب الضارع إليه، وأفراح الرجاء المرتقب. إن هذه الشركة تملأ النفس بالفرحة والسلام وغمر من التعزيات في ظل خضم قلاقل الحياة واضطراباتها. ولكن قد يستكثر علينا عدو كل بركة وخير تلك الأجواء الروحية البهيجة، وقد يستكثر الجسد سلام النفس وصفاء القلب، وقد يستكثر علينا العالم طماننا وأماننا في المسيح فيعمل هذا أو ذاك على زحزحتنا بعيدًا عن حلاوة الشركة ببركاتها وأثمارها اليانعة، فتهيم النفس بعيدًا عن ينابيع أفراحها وقوتها، فتمتلئ النفس اضطرابًا ويُنزع من القلب سلامه ومن العقل صفاءه ومن الروح بهجتها ومن الحياة بريقها ورونقها، فتذبل النفس عندئذٍ وتحيط بها الشكوك والمخاوف، وقد تسقط في بالوعة اليأس والحزن المفرط. وبينما يجاهد العدو في إطفاء ما بقى من شعاعة أمل، يأتي ذلك الصديق اللطيف الودود والرفيق الأمين بنظرة الرثاء والإشفاق ( لو 22: 61 ). وبكلمات المحبة والحنان بديلاً عن منصة القضاء ( هو 11: 8 ). ها هو يأتي في الصباح الباكر ( يو 21: 4 ) وشباكنا فارغة وأجسادنا باردة وأصواتنا كسيرة، حاملاً لنا خبزًا للشبع ونارًا للدفء ( يو 21: 9 ). إنها المحبة متجهة إلينا لطيفة وودودة باحثة وتاعبة لأجل مَنْ أحبتهم، إذ هي ما زالت في قوتها ولظاها ( نش 8: 6 ). إنه يدعوك ويناجيك عن تلك الأيام الخوالي التي تذوقت فيها أفراح الشركة معه، يدعوك لتستريح وتتمتع بحلاوة الشركة معه لأن محبته تعرف كيف تسترد مَن كان يومًا لأجلهم على الصليب في الجلجثة. |
المسيح المُكلَّل والسجود https://files.arabchurch.com/upload/i.../931998857.jpg يَخرُّ الأربعة والعشرون شيخًا قدام الجالس على العرش، ويسجدون للحي إلى أبد الآبدين.. قائلين..لأنك .. خلقت كل الأشياء، وهي بإرادتك كائنة وخُلقت ( رؤ 4: 10 ، 11) ماذا تكون اللمحة الأولى لسيدنا المُمجد في السماء، حين ننظر إليه، لا في رؤية عابرة قصيرة العمر، لا في محدوديات الأرض وضجيجها، بكل مُعاناتها، بكل أحزانها، بكل ضيقاتها التي تكتنفنا، لكنها جميعًا ستكون قد انزاحت إلى غير رجعة، وسنكون أمامه، ذاك الذي طالما سَعينا أن نتمتع بلمحة من مُحياه. يومئذٍ نرى تلك الطلعة في تمام الجمال والكمال، في هالة من المجد، ونحن أنفسنا نتغيَّر لكي يتسنَّى لنا أن نحتمل ذلك المجد، وليس كموسى الذي وُضع في نُقرة من الصخرة بينما المجد عابر. وإذ يحدث هذا، هل من عَجَب أن يترك الشيوخ الأربعة والعشرون عروشهم ويخرُّون قدام الجالس على العرش المرتفع؟ ومع أنهم هم بدورهم مُمجَّدون، فإنهم يأخذون أماكنهم قدامه ساجدين، مثلما لم يسجدوا من قبل. فما الذي حَدَا بهم أن ينزلوا عن عروشهم؟ لا شيء سوى وجه المسيح في مجده الإلهي. ما الذي ينشئ السجود؟ نحن لا نملك أن نصطنعه، ولا نقدر أن نخلق روح السجود. وإنما حين يتجلَّى أمامنا شخص ربنا يسوع المسيح المجيد في قوة الروح القدس، حينئذٍ فقط نقدر أن نسجد، لأنه حينئذٍ يمنحنا الروح القدس أن نسجد بالروح والحق، ونقدم ما يطلب الآب. وهكذا نرى هنا أن الأربعة والعشرين شيخًا «خرُّوا قدام الجالس على العرش، وسجدوا للحيِّ إلى أبد الآبدين». أوَليس الحال هكذا أبدًا؟ إنه في أعمق وأسمى صور السجود، تكون أفكارنا وحاسياتنا أعظم وأعمق من أن نعبِّر عنها كلامًا! فالإنسان لا يطرح بنفسه على الأرض لكي يرنم، وإنما هو يخرُّ ليعبد ذاك الذي يسجد له، معبِّرًا بسجوده عما لم يستطع التعبير عنه بلسانه. لقد ألقى الشيوخ بأنفسهم على الأرض ليس لكي يتكلَّموا، وإنما ليعبِّروا عن التوقير والتكريم والتمجيد الذي أحسّوا به. هم فعلاً تكلَّموا في السجود، وإنما بعد ما أخذوا المكان الصحيح وعلموا ما هم يفعلون. أجل، أخذوا مكانهم اللائق بهم، أدركوا حقيقة ما كانوا يفعلون، وأدركوا مجد الذي كانوا في حضرته، وهذا كله حملهم على طرح أنفسهم، وطرح أكاليلهم قدامه. وكما أن الشيوخ المُمجَّدين يخرِّون ساجدين في حضرة الخالق، كذلك نحن بدورنا، حينما نجتمع في حضرة الرب يسوع المسيح، فإننا ـ بالتمام ـ نكون في حضرة الخالق. |
الراحــة https://files.arabchurch.com/upload/i.../531194768.jpg فتجدوا راحة لنفوسكم ( مت 11: 29 ) ما أعذب وقع هذه الكلمة على النفس: "الراحة"! وبالأخص في هذه الأيام المُتعبة، جميعنا نتطلع إلى الراحة، لكن أين الطريق إليها؟! إن كلمة الله تعلن لنا الطريق الكامل نحو الراحة الحقيقية للإنسان. فأولاً هي تقدم راحة الضمير لكل نفس مُعذبة بآثامها وخطاياها، وذلك بناء على تعب ربنا يسوع المسيح لأجلنا وموته كبديلنا على الصليب، إذ يقول: «تعالوا إليَّ يا جميع المُتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم» ( مت 11: 28 ). فلا راحة بعيدًا عن المسيح، الذي في معرفته اختباريًا بداية طريق الراحة الحقيقية. ثم ثانيًا هناك راحة النفس والقلب في التمثل بالمسيح الذي حمل نير الخضوع لمشيئة الآب بوداعة واتضاع «احملوا نيري عليكم وتعلموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم» ( مت 11: 29 ). ثم ثالثًا، هناك الطاعة لكلمة الله؛ راحة الخضوع لسلطان الكلمة «هكذا قال الرب: قِفوا على الطرق وانظروا، واسألوا عن السُبل القديمة: أين هو الطريق الصالح؟ وسيروا فيه، فتجدوا راحة لنفوسكم» ( إر 6: 16 ). وهناك راحة الشركة مع الرب والشبع بشخصه الكريم الذي يدعونا، أفرادًا وجماعات، بقوله: تعالوا أنتم منفردين إلى موضع خلاء واستريحوا قليلاً» ( مر 6: 31 ). وفي الرسالة إلى العبرانيين يحدثنا الرسول عن الراحة في أصحاح بأكمله (عب4) وينسبها إلى الله سبع مرات، قبل أن يختم بتحريض مزدوج على كلمة الله والصلاة، ونحن في سبيل اجتهادنا الروحي هنا لنتمتع بملء راحة الله هناك، ليكتمل الطريق الإلهي السُباعي إلى الراحة! وكأنه يؤكد أنه في طريقنا إلى الراحة الأبدية، يمكننا أن نتذوق شيئًا غير قليل من حلاوة هذه الراحة ونحن هنا على الأرض، عندما نلهج في كلمة الله الحية والفعالة (ع12)، إنها راحة التأمل والتغذي بكلمة الله. ثم سادسًا ـ بإزاء احتياجاتنا، وضغوط الحياة وقسوتها، علينا «فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونًا في حينه» (ع16). إنها راحة سكب قلوبنا أفرادًا وجماعات بكل ما فينا أمام إلهنا الذي مراحمه لا تزول. وقريبًا جدًا ـ نحن المؤمنين ـ وبنعمة إلهنا، سندخل لا إلى راحة، ولا حتى إلى راحة أعدّها لنا الله، بل إلى راحة الله نفسه. |
اجتهد أن تكون هادئًا https://files.arabchurch.com/upload/i.../465065450.jpg أطلب إليكم أيها الإخوة ... وأن تحرصوا على أن تكونوا هادئين، وتمارسوا أموركم الخاصة ( 1تس 4: 10 ، 11) القراءة السطحية للكلمات التي في صدر هذا المقال قد تجعلنا نفهم ما تعنيه: أن نكف عن الصَخَب في حياتنا. ولسنا ننكر أن التحريض ينطوي على قدر من النصيحة لأصحاب الأصوات المرتفعة والأشخاص دائبي الحركة الذين لا يكفُّون عنها، ومنظرهم الهائج يهيّج سواهم. غير أنني أرى أن كلمات الرسول تستهدف أن نغرس في نفوسنا حالة الهدوء الباطني التي لا تتأثر بالقلق بما في الخارج، وأن يسود القلب، في هدأة المقادس وسكونها، سلام الله بمثابة حارس لتأمين النفس ضد عوامل العالم المُتنازعة وقوى إبليس الذي لا يهدأ. وسياج مثل هذا للفكر، لا يسَعنا إلا الاعتراف بحاجتنا القصوى إليه. وسواء أدركنا، أو لم ندرك، الحاجة إلى روح الهدوء هذه، فلا مفرّ من مواجهة الحقيقة، وهي أن الرسول يحرِّضنا على الاجتهاد في غرسها وتدعيم قوائمها. فالحرص على أن أكون هادئًا، معناه أن أجعل الهدوء مطلبًا ومطمعًا مسيحيًا، أبذل الجهد في سبيله من أجل خاطر المحبة والكرامة. علينا أن نعده هدفًا من أهداف الحياة الجديدة، أن نحفظ القلب مصونًا إزاء غزوات جحافل مشغوليات واهتمامات وانزعاجات هذه الحياة. وإنني متيقن أن سكون الفكر هذا في متناول رجل الإيمان، بل وأكثر من ذلك أؤكد أننا في اليوم الذي نفتقد فيه سكون الفكر فاللوم علينا. إن مجرَّد معرفتنا بوجود هذا المَثَل الأعلى في الكتاب المقدس شيء له وزنه الخطير، ويتلوه معرفتنا بأن هذا المَثَل الأعلى في متناول كل واحد منا. وإذ يملك سلام المسيح في قلوبنا عندئذٍ نكون قد امتلكنا سكون النفس وهدوءها. وسر نجاحنا في مساعينا نحو هذا الهدف هو الإيمان. ومن اليسير جدًا على المؤمن أن يتقبَّل هذا التحدي الذي لا جواب عليه «إن كان الله معنا (أو لنا) فمَن علينا؟» ( رو 8: 31 ). إن اليقين الذي لا يتشكك بأن القدرة الإلهية تحرسنا وتهدينا، من شأنه أن يهَبنا إحساسًا بالطمأنينة والأمن لا يمكن لشيء على الأرض أن يزعجه. أيها الأحباء .. علينا أن نتعلم كيف نتمسك بالسًكِينة الداخلية في غمار الشدة. وعلى هذا الطريق المرسوم نتبع سيدنا الذي احتمل كل الشدائد غير هاربٍ منها، بل احتفظ في خلالها جميعًا بالسلام الداخلي الذي لا ينقطع. |
واقفٌ قدام الباب https://files.arabchurch.com/upload/i...1256118291.jpg هأنذا واقفٌ على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب، أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي ( رؤ 3: 20 ) نحن نؤمن أن مجيء الرب قد اقترب، وهذا الرجاء هو امتياز يفرِّح قلوب المؤمنين إلاّ أنه يرتبط بوقفات للرب تجعلنا نفكر في جانب المسؤولية إزاء هذا المجيء: (1) ها هو الرسول يعقوب يحرِّضنا على التأني وثبات القلب وعدم الأنين بعضنا على بعض، فيقول: «فتأنوا أيها الإخوة إلى مجيء الرب .. فتأنوا أنتم وثبِّتوا قلوبكم، لأن مجيء الرب قد اقترب. لا يئن بعضكم على بعض أيها الإخوة لئلا تُدانوا. هوذا الديان واقفٌ قدام الباب» ( يع 5: 7 - 9). فلنراجع أنفسنا ـ أحبائي المنتظرين مجيء الرب ـ ما هو مدى صبرنا وطول أناتنا؟ هل نحن هادئين؟ لنحذر الأنين الذي يقابله التأديب من جانب الرب، «لأن الرب يدين شعبه» ( تث 32: 36 ). إنه يرى ويسمع ما يدور خلف الأبواب المغلقة، وفي قداسته لا يُهادن أقل شر في حياتنا. إن الأنين على إخوتنا هو دليل ضعف محبتنا «لأن المحبة تستر كثرة من الخطايا» ( 1بط 4: 8 )، ونحن ينبغي أن لا نحكم في شيءٍ قبل الوقت ( 1كو 4: 5 ). (2) وها هو الرب يخاطب ملاك كنيسة اللاودكيين، موبخًا فتوره واستقلاله عن الله «إني أنا غني وقد استغنيت، ولا حاجة لي إلى شيء»، مع أنه في واقع الأمر «الشقي والبائس وفقير وأعمى وعريان»، ولكن الرب يقدم له ما يُغنيه ويستره وينير عينيه، ثم يقدم له أعظم فرصة «هأنذا واقفٌ على الباب وأقرع. إن سمع أحدٌ صوتي وفتح الباب، أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي» ( رؤ 3: 20 ). إنها شركة مجيدة، والوعد للغالب «سأعطيه أن يجلس معي في عرشي» (ع21). ويا له من تباين! الرب على الباب واقفٌ ليصير المؤمن على العرش جالسًا. (3) والرب سيخرج ليحارب المقاومين «وتقف قدماه في ذلك اليوم على جبل الزيتون ... فينشق جبل الزيتون من وسطهِ ... واديًا عظيمًا جدًا» ( زك 14: 3 ، 4)، ويأتي الرب وجميع القديسين معه، ويؤسس مُلكه السعيد «ويكون الرب مَلكًا على كل الأرض» ( زك 14: 9 ) «فيُخفض تشَامخ الإنسان وتوضع رِفعة الناس ... ويدخلون في مغاير الصخور وفي حفائر التراب من أمام الرب ومن بهاء عظمته عند قيامه (وقوفه) ليُرعب الأرض» ( إش 2: 17 - 19). ليتنا ونحن عالمون رُعب الرب نُقنع الناس ليتصالحوا مع الله ( 2كو 5: 11 ). |
سجَّانٌ يصبح مسيحيًا https://files.arabchurch.com/upload/i.../262285209.jpg يا سيديَّ، ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلُص؟ فقالا: آمن بالرب يسوع المسيح فتخلُص أنت وأهل بيتك ( أع 16: 30 ، 31) إن الله يمكنه أن يُخلِّص أي شخص، ويوجد أشخاص نقول عنهم إن الله وحده هو الذي يستطيع أن يُخلِّصهم، والسجَّان الروماني أحد هؤلاء. إن هذا الرجل كان عليه أن يكون وحشيًا ليمكنه أن يؤدي عمله، فنحن نقرأ أنه «ألقاهما (بولس وسيلا) في السجن الداخلي، وضبط أرجلهما في المقطرة» ( أع 16: 24 )، وكان الدم لم يجف بعد على ظهريهما. إنه من الصعب أن تعتقد أن هذا الرجل هو بعينه المذكور عنه أنه «أخذهما في تلك الساعة من الليل وغسَّلهما من الجراحات، واعتمد في الحال هو والذين له أجمعون. ولما أصعدهما إلى بيته قدَّم لهما مائدة، وتهلَّل مع جميع بيته إذ كان قد آمن بالله» (ع33: 34). إن ما حدث من تغيير في هذا السجان يمكن أن يُجريه الله فيك أنت شخصيًا أيها القارئ العزيز. وما الذي أحدث هذا التغيير العظيم؟ أحدثه سؤاله القائل: «يا سيديَّ، ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلُص؟ فقالا: آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك» وعدد34 يُريك أنه قد آمن بالله. ربما تقول: ماذا تقصد من قولك: الإيمان بالله؟ فأقول: ماذا تقصد أنت من إيمانك بشيء ما أو شخص ما أو خبر ما؟ إن إيمانك بالله لا يختلف شيئًا عن إيمانك بشخص إلا في كون إيمانك بالله له أساس أمتن وسبب أقوى. إنه من الغريب جدًا أن نثق في بعضنا البعض ونشك في الله؛ نُمسك بكلمة المخلوق المائت ولا نثق بكلمة الله الخالق الحي. حقًا ما أعظم النور الذي يضيء طرقنا إن صدَّقنا الله وأيقنا أنه يعني ما يقول، ويُنفّذ حتمًا كل كلمة خرجت من فيه. إن الرب يسوع في الأناجيل يطلب أن يُصدَّق. وإن واجبك هو أن تؤمن وتظل مؤمنًا. هذا ما غيَّر السجان، وهذا بعينه ما يغيّر حياتك أيضًا. ليس عندي ما أقول أكثر من ذلك. إن المسيح أمامك ولك الحرية أن تقبله، فاقبله وثق فيه وصدِّق ما يقوله «مَن يُقبل إليَّ لا أُخرجه خارجًا» ( يو 6: 37 ). إنه يقدِّم نفسه للخطاة وليس للأبرار. إنه جاء لأنك كنت بلا قوة ولا تستطيع أن تعمل شيئًا، فالقِ بنفسك عليه وقُل له: يا سيدي إني أُسلِّمك نفسي كخاطئ ضعيف فخلِّصني واستلم حياتي. |
شاول وأجاج http://up3.up-images.com/up//uploads...58e77665d2.gif وعفا شاول والشعب عن أجاج وعن خيار الغنم والبقر .. وعن كل الجيد، ولم يرضوا أن يحِّرموها. وكل الأملاك المُحتقرة والمهزولة حرَّموها ( 1صم 15: 9 ) إن خاتمة هذا الأصحاح تُرينا بمنتهى الوضوح الخط الذي سارت فيه أفكار شاول ورغباته. كان للتو قد سمع حكم صموئيل وقضاء الله عليه، مُذيَّلاً بهذه العبارة الخطيرة «يمزق الرب مملكة إسرائيل عنك اليوم، ويُعطيها لصاحبك الذي هو خيرٌ منك» وكنا نتوقع أن يكون لهذه الكلمات وقع الصاعقة على مسامعه، لكنه وبمنتهى الكبرياء واللامبالاة يقول لصموئيل: «والآن فاكرمني أمام شيوخ شعبي وأمام إسرائيل». هذا هو شاول؛ قال إن الشعب هو الذي عفا عن المُحرَّم، كأن هذا خطأهم. «فاكرمني»، يا للادعاء الباطل! فقلبه الذي انغمس في الشر يطلب كرامة من مخلوقات حقيرة نظيره. ولذا قد رُفض من الله كحاكم لشعبه، ومع ذلك نجده يتمسك بفكرة الكرامة الإنسانية. فيبدو أنه ما كان ليهمه رأي الله فيه بشرط أن يحتفظ بمكانته وبتقدير شعبه. على أنه قد رُفض من الله، وتمزقت المملكة عنه. وما كانت لتنفعه كثيرًا عودة صموئيل إليه بينما هو مُستمر في طريق العبادة الشكلية للرب. «وقال صموئيل: قدموا إليَّ أجاج ملك عماليق. فذهب إليه أجاج فَرِحًا. وقال أجاج: حقًا قد زالت مرارة الموت. فقال صموئيل: كما أثكل سيفك النساء، كذلك تثكل أمك بين النساء. فقطع صموئيل أجاج أمام الرب في الجلجال». إن الجلجال هو المكان الذي فيه دُحرج عار مصر عن إسرائيل، ونجده دائمًا يُذكر بالارتباط مع عدم الاتكال على الجسد والانتصار على الشر. وهناك أيضًا كانت نهاية هذا العماليقي بيد صموئيل البار. وفي هذا تعليم مهم لنا، فحين ينعم الله على النفس بإدراك حقيقة خلاصها من مصر بقوة الموت والقيامة، عندها تكون في أفضل وضع يمكّنها من النُصرة على الشر. ولو كان شاول قد عرف شيئًا عن روح ومبدأ الجلجال، لَمَا كان قد عفا عن أجاج، لكنه كان مستعدًا فقط أن يذهب إلى هناك من أجل المملكة، لكنه لم يكن لديه الاستعداد بأية طريقة أن يسحق ويُنحِّي جانبًا كل ما فيه رائحة الجسد. أما صموئيل، إذ تصرف بقوة روح الله، فإنه تعامل مع عماليق حسب مبادئ كلمة الله، لأنه مكتوب: «إن اليد على كرسي الرب. للرب حربٌ مع عماليق من دورٍ إلى دور» ( خر 17: 16 ). وكان يجب على ملك إسرائيل أن يعرف هذا. |
الحنين للمقادس https://files.arabchurch.com/upload/i...1311980845.jpg أرفع عينيَّ إلى الجبال، من حيث يأتي عوني ( مز 121: 1 ) هذه العبارة تأتى في أغلب الأصول بلغة التساؤل «أ أرفع عينى إلى الجبال؟» ولماذا تساءل المرنم بالذات عن رفع العين إلى الجبال؟ قد يقول البعض لأن الجبال عالية، أو لأن الجبال ثابتة لا تتزعزع، ولكن السبب المباشر والرائع، أن الجبال التى يقصدها هي الجبال التي بُنيت عليها أورشليم وبُنيَ عليها الهيكل، كان لدى المرنم شوق وحنين إلى بيت الله الموجود على الجبال. وهنا نتوقف لنتساءل: هل لنا ذات الرغبة التي كانت للمرنم؟ هل نشتاق ونتوق إلى الوجود في ديار الرب؟ قال داود «واحدةً سألتُ من الربِّ وإياها ألتمِس: أن أسكُنَ في بيت الرب كل أيام حياتي، لكي أنظر إلى جمال الرب، وأتفرَّس في هيكلهِ» ( مز 27: 4 ). وقال بنو قورح: «اخترت الوقوف على العتبة في بيتِ إِلَهِي على السكنِ فِي خِيَامِ الأشرارِ» ( مز 84: 10 ). إن الشيء الذي من المفترض أن يميز قديسي الله هو التعلُّق الشديد ببيت الرب، بالاجتماع إلى اسم الرب يسوع، فلا تكون لنا لذة ولا سرور إلا في العيشة بالقرب منه، وفي الاجتماع لاسمه. قال أحدهم: ”إن ترانيم المصاعد كانت هامة جدًا بالنسبة للشعب وهم في أرضهم، وبالذات وهم صاعدون إلى أورشليم ليسجدوا، ولكن قوة هذه الترانيم والاحتياج إليها أصبح أكثر إلحاحًا عندما كان الشعب مسبيًا فى بابل، لقد كانت كلماتها كلمات الشوق والحنين“. عندما ذهب الشعب إلى السبي نقرأ أنهم على أنهار بابل جلسوا، طبعًا جلوسهم على أنهار بابل يحكي عن الراحة، وشيء جميل أن تجلس على النهر وتتمتع بأروع وأجمل المناظر، ولكن وبالرغم من كل جمال وأمجاد بابل إلا أن هذا لم يُنسهم أورشليم وهيكل الرب، بل بالعكس زادهم حنينًا وشوقًا لبيت الرب وللصعود إلى بيت الرب. ونحن نجد صدى لهذا الأمر في العبارة التي أمامنا «أرفع عينى إلى الجبال» فالمرنم له رغبة أن يصعد إلى بيت الرب ليتواصل مع السيد هناك. |
الهموم المذيبة والعناية الوفيرة الوفيرة https://files.arabchurch.com/upload/i...1191411700.jpg "مُلقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم" (1بط 5: 7 ) ليس في هذه الوصية الإلهية إمكانية لإطاعتها، ولكن الله على استعداد أن يجعلنا قادرين على تنفيذها، وما عليك أيها القارئ العزيز إلا أن تتجاسر وتلقى بنفسك وسط فيض عنايته. ومن الأهمية أن نطيع هذه الوصية فننعم بالسلام والقوة، ويجب أن نصّر على طرح همومنا على الرب ليحملها، فذرة رمل واحدة تدخل العين تمنعنا من التمتع بأجمل المناظر، وهم واحد في القلب يعكر صفو سلامنا ويحجب تمتعنا بإلهنا ويبسط سحابة من الحزن على نفوسنا. فيجب أن نلقى كل هم عليه. ومع أن بركة الشركة لا تظللها السحب، ومع أن الاستسلام للهم لا يفقدنا البركة، لكنه أمر لا يكرم الله أمام العالم إذ يجد أولاده مهتمين كأن لا أب لهم. لذا يجب علينا أن نسلمه همومنا واحدة فواحدة. سلـّم همومك له كأنها لا تخصك لكنها تخصه هو متطلعاً إليه بالإيمان قائلاً "وهذه يارب، وهذه" فيجيب الرب قائلاً "وهذه أقدر أن أحملها". وقال هربرت في أحد أشعاره "ضع همك في حقيبة إلهنا" وليس من طريق مؤكد للراحة أكثر من أن نبعث بكل اضطرابات الحياة وهمومها إلى إلهنا الحي كقول الوحي المقدس "لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله" (فى4: 6) ونحن نثق أنه سيستلمها في الحال، ولا يجوز لنا قط أن نعود ونأخذ شيئاً سبق أن سلمناه له. وعلينا أن نسبح قائلين "مبارك الرب يوماً فيوماً، يحمِّلنا إله خلاصنا (يحمل أثقالنا)" (مز68: 19) . "لأنه هو" وأنت تعرف مَنْ هو؛ إنه الأزلي الأبدي قديم الأيام القادر "أن يفعل فوق كل شيء أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر" (أف 3: 20 ) - الذي يكفى بل يزيد. "يعتني بكم" إن قلب الله الرحيم يمتلئ اهتماماً بكل ما يعنيك، إنه يقرأ احتياجاتك ورغباتك ويسمع أناتك قبل أن تعبِّر عنها. فليتنا نثق فيه، فألسنتنا تعجز عن التعبير عن كمال وعظمة أفكاره من جهتنا وغايته المنشودة في قلبه تتمثل في القول "أريد أن تكونوا بلا هم" (1كو 7: 32 ) . |
ليس كما أرادوا، بل كما أراد الله https://files.arabchurch.com/upload/i...1323779874.jpg وكان الفصح ... وكان رؤساء الكهنة والكتَبَة يطلبون كيف يمسكونه بمكر ويقتلونه، ولكنهم قالوا: ليس في العيد، لئلا يكون شَغبٌ في الشعب ( مر 14: 1 ، 2) يد الله هي العالية على الدوام، وحكمة الله هي التي تسود وتحكم كل شيء. وفي الأصحاح الرابع عشر من إنجيل مرقس نقرأ عن عشاءين أحدهما في بيت عنيا والآخر في أورشليم. الأول عشاء في بيت عائلة محبوبة من الرب (ع3- 9)، والآخر عشاء يرسم ترتيبًا جديدًا في عيد الفصح (ع22- 26). ومن شأن هذا الترتيب الجديد تنحية جميع الظلال والرموز ـ والفصح واحد منها ـ لإفساح المجال للحقيقة المؤسسة على موت المسيح وقيامته. هذان العشاءان لهما وزنهما الكبير في تقدير الله إذ إن موت المسيح هو الحق المركزي العظيم، ليس فقط في عشاء الفصح، بل أيضًا في عشاء بيت عنيا كما رسمه روح الله أمام قلب وعواطف مريم. لقد أحسَّت مريم بقرب موت المسيح، ليس بإعلان سمعته، بل بمشاعرها المُحِبَة للرب المخلِّص، وبفعل الروح القدس في قلبها الذي جعلها تشعر بخطر قريب الوقوع، لكنها لم تعبِّر عنه بكلمات، بل بتعبير عملي نبيل عميق المعنى، أدركه الرب وفسَّره بأنه عمل مرتبط بموته، إذ دهنت جسده بالطيب للتكفين. وفي العشاءين قليلاً ما أدرك باقي التلاميذ هذا المعنى؛ معنى موت المسيح، لكن الله بيَّن أن يده هي العُليا وحكمته هي التي تحكم كل شيء. وهذا واضح غاية الوضوح لأنه عند العشاء في بيت عنيا أراد رؤساء الكهنة والكتبة أن يمسكوه بمكر ويقتلوه، ولكنهم قالوا ليس في العيد لئلا يكون شغبٌ في الشعب. وكان الفصح بعد يومين ( مر 14: 1 )، لكن كانت حكمة الله في الأزل قد رتبت أن يكون موت المسيح في ذلك اليوم وليس في يوم آخر. رتبت حكمة الله أن يكون موت المسيح في يوم الفصح الذي هو أول وأساس جميع الأعياد، في يوم الفصح الذي هو الظل الرمزي لموت المسيح. وهكذا نرى كُلاً من الله والإنسان يرتب ويدبر، لكن لا حاجة بنا إلى القول بأن الله ينفذ مشيئته حتى ولو استخدم في ذلك الناس الذين دبروا ورتبوا أن لا يكون موت المسيح في عيد الفصح. والواقع أن الله يعمل وِفق رأي مشيئته، وكل مشيئة أخرى ليست أكثر من أداة تخدم أغراض حكمته. فليست أفكار وإرادة أولاد الله هي وحدها التي يستخدمها الله، بل يستخدم حتى الناس الأشرار. |
الساعة الآن 10:04 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025