![]() |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في أنه يجب توجيه كل شيء إلى الله، توجيهه إلى الغاية القصوى 1 – المسيح: يا بني، إن شئت حقًا أن تكون سعيدًا، فينبغي أن أكون أنا غايتك العظمى والقصوى. فهذه النية تطهر أميالك، المنعطفة في الأغلب انعطافًا فاسدًا إلى نفسك وإلى الخلائق. فإنك إن طلبت نفسك في شيءٍ ما، وهنت حالًا في نفسك ويبست. فانسب لي إذن كل شيءٍ نسبته إلى أصله، لأني أنا قد وهبت كل شيء. وهكذا احسب كل شيءٍ صادرًا عن الخير الأعظم، وأن من الواجب إذن إعادة جميع الأشياء إليَّ، إعادتها إلى أصلها. 2 – مني أنا، كما من ينبوعٍ حي، يستقي الحقير والعظيم، والفقير والغني، ماءً حيًا، والذين يتطوعون لخدمتي بطيبة نفس، ينالون نعمةً بدل نعمة. أما من أراد الافتخار خارجًا عني، أو التمتع بخيرٍ خاص، فلن يثبت في الفرح الحقيقي، ولن ينشرح قلبه، بل يعاق ويضايق على وجوهٍ شتى. فعليك إذن أن لا تدعي شيئًا من الصلاح لنفسك، ولا تنسب فضلًا لأحدٍ من الناس. بل أرجع كل شيءٍ إلى الله، الذي بدونه لا يملك الإنسان شيئًا. أنا أعطيك كل شيء، وأنا أُريد أن أسترجع كل شيء، وإني لأقتضي الشكر بتدقيق عظيم. 3 – ذاك هو الحق، وبه يهزم المجد الباطل. وحيثما دخلت النعمة السماوية والمحبة الحقة، فلن يكون حسدٌ، ولا انقباض قلبٍ، ولا حبٌّ ذاتي. فإن محبة الله تغلب كل شيء، وتبسط جميع قوى النفس. لو كنت سديد الرأي، لفرحت بي وحدي، وما رجوت أحدًا سواي أنا وحدي، إذ ”لا صالحٌ إلاَّ الله وحده″ (لوقا 18: 19)، الذي به يليق التسبيح فوق كل شيء، والبركة في كل شيء. |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في أن خدمة الله عذبة بعد ازدراء الدنيا 1 – التلميذ: ها أني أعود الآن، يا رب، فأتكلم ولا أصمت أقول على مسامع إلهي وسيدي وملكي الذي في العلى: ما أعظم وفرة عذوبتك، يا رب، التي ادخرتها للذين يخافونك“ (مزمور 30: 20)! فما عساك أن تكون لمحبيك؟ وما عساك أن تكون للذين يخدمونك بكل قلوبهم؟ إنها لمعجزة البيان حقًا، عذوبة المشاهدة التي تجود بها على محبيك. إنك بهذا خصوصًا قد أظهرت لي عذوبة محبتك: أنك صنعتني إذ لم أكن، وحينما ضللت بعيدًا عنك، أعدتني إلى عبادتك، وأمرتني بمحبتك. 2 – فيا ينبوع الحب الدائم، ماذا عساني أن أقول فيك؟ كيف يمكنني أن أنساك، وقد تنازلت وذكرتني، حتى بعد ما ذويت وفنيت؟ لقد صنعت رحمةً إلى عبدك فوق كل أمل، وجدت عليه بنعمتك وصداقتك فوق كل استحقاق. فبم أُكافئك عن هذه النعمة العظيمة؟ إنك لم تمنح الجميع أن يعتزلوا كل شيءٍ ويزهدوا في العالم، لينتحلوا العيشة الرهبانية. أمن العظيم أن أخدمك، وخدمتك واجبةٌ على كل خليقة؟ ليست خدمتي لك هي ما يجب أن أستعظم، بل ما يجب استعظامه وما يدعو إلى العجب، إنما هو، بالحري، أن تتنازل وتقبلني عبدًا لك، أنا البائس غير المستحق، وتضمني إلى عبيدك الأحباء. 3 – ها إن كل ما أملك وكل ما أخدمك به هو لك. لا بل الأمر على عكس ذلك: فإنك أنت تخدمني أكثر مما أخدمك أنا. لقد خلقت السماء والأرض لخدمة الإنسان، وها هما ماثلتان بين يديك، تصنعان كل يومٍ ما أمرتهما به. وذلك قليلٌ أيضًا: فلقد رتبت الملائكة أنفسهم لخدمة الإنسان. أما ما يفوق ذلك كله، فهو أنك، أنت نفسك، قد تنازلت لخدمة الإنسان، ووعدته أن تعطيه ذاتك. 4 – فبم أُكافئك عن جميع هذه الآلاف من الخيرات؟ ليتني أستطيع أن أخدمك جميع أيام حياتي! ليتني كنت أهلًا لأن أخدمك، ولو يومًا واحدًا، كما يليق!إنك لجديرٌ، حقًا، بكل عبادةٍ وإكرامٍ وتسبيحٍ إلى الأبد. أنت مولاي حقًا، وأنا عبدك المسكين، وعليَّ أن أخدمك بكل قواي، ولا أمل أبدًا من تسبيحك. تلك هي إرادتي، تلك هي بغيتي، فتنازل وأتم كل ما ينقصني. 5 – إنه لشرفٌ جزيلٌ ومجدٌ عظيم، القيام بخدمتك، واحتقار كل شيءٍ لأجلك. وإنهم ليحصلون على نعمةٍ عظيمة، أُولئك الذين يتطوعون لخدمتك المقدسة. إنهم ليجدون تعزية الروح القدس الجزيلة العذوبة، أُولئك الذين يطرحون كل لذةٍ جسديةٍ حبًا لك. إنهم ليفوزون بحرية روحٍ عظيمة، أُولئك الذين، من أجل اسمك، ينهجون الطريق الضيق ويهملون كل اهتمامٍ دنيوي. 6 – ما أطيب وألذ العبودية لله، إذ بها يصير الإنسان حرًا وقديسًا حقًا! يا لقداسة الخضوع في الحياة الرهبانية! فإنه يصير الإنسان عديل الملائكة، مرضيًا لدى الله، رهيبًا للأبالسة، جديرًا بالمديح لدى جميع المؤمنين. يا لها عبوديةً، خليقةً بأن يبتغيها الإنسان أبدًا ويعتنقها! إذ بها يستحق الخير الأسمى، ويقتنى الفرح الدائم، الذي لا نهاية له. |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في أنه يجب فحص رغائب القلب وضبطها 1 – المسيح: يا بني، عليك أن تتعلم بعد أُمورًا كثيرة، لم تتقن إلى الآن تعلمها. 2 – التلميذ: وما هي، يا رب؟ 3 – المسيح: هي أن تجعل رغبتك موافقةً لمرضاتي تمام الموافقة، وأن لا تكون محبًا لذاتك، بل غيورًا على اتباع إرادتي. كثيرًا ما تضطرم فيك الرغائب وتدفعك بشدة، ولكن انظر ما الذي يحركك: هل هو إكرامي، أم بالحري مصلحتك الشخصية؟ فإن كنت أنا الباعث لها، تكن أنت راضيًا تمام الرضى كيفما دبرت الأُمور، أما إن اندس فيها شيءٌ من طلب الذات، فذاك هو ما يعوقك ويزهقك. 4 – فاحذر أن تطمئن كثيرًا إلى ما يخطر لك من رغبات، قبل أن تلتمس فيها مشورتي، لئلا تندم في ما بعد، أو يسوءك ما كان قد أعجبك أولًا واشتهيته كأنه الأفضل. لا ينبغي أن تتبع، في الحال، كل ميلٍ يتراءى لك صالحًا، ولا تتجنب، لأول وهلة، كل ميلٍ معاكس. من المفيد أحيانًا، أن تكبح نفسك، حتى في المقاصد والرغبات الصالحةلئلا توقعك لجاجتها في تشتت الفكر، أو تسبب أنت عثارًا للآخرين، بخروجك عن النظام، أو تقلق وتفشل في الحال بسبب معاكستهم لك. 5 – ويجب أحيانًا استعمال الشدة، ومخالفة الأهواء الحسية بحزم، وعدم الالتفات إلى ما يريد الجسد أو لا يريد، بل الاجتهاد في إخضاعه للروح – وإن مرغمًا. وتجب المواظبة على قمعه واستعباده، حتى يصبح مستعدًا لكل شيء، ويتعلم أن يقنع بالقليل، ويلتذ بالبسيط، ولا يتذمر من شيءٍ لا يلائمه. |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في التدرب على الصبر وفي مصارعة الشهوات 1 – التلميذ: أيها الرب إلهي، إني، على ما أرى في غاية الاحتياج إلى الصبر. لأن نوائب هذه الحياة كثيرة. فكيفما تدبرت الأمر لأكون في سلام، فحياتي لا يمكن أن تخلو من قتالٍ وألم. 2 – المسيح: أجل، يا بني، ولكني أُريد منك أن لا تطلب سلامًا خاليًا من التجارب، ولا يشعر فيه بالمعاكسات، بل أن تحسب نفسك قد وجدت السلام، حتى إذا عانيت بمختلف المضايق، وابتليت بكثرة المحن. فإن تقل إنه لا يمكنك احتمال هذه المحن الكثيرة، فكيف تحتمل إذن النار الأبدية؟ فمن الشرين يجب دومًا اختيار الأصغر. فلكي تستطيع أن تنجو، في المستقبل، من العقوبات الأبدية، اجتهد أن تحتمل بأناةٍ، حبًا لله، البلايا الحاضرة. أو تظن أن أهل هذا الدهر لا يتألمون البتة، أو قلما يتألمون؟ إنك لن تجد ذلك، ولو سألت عنه الذين هم في غاية الترف. 3 – تقول: ولكنهم يتنهمون بملذاتٍ كثيرة، وهم يتبعون مشيئاتهم الخاصة، فقلما يشعرون بثقل مضايقهم. 4 – ليكن ذلك، وهب أن لهم كل ما يريدون، فكم يدوم لهم ذلك يا ترى؟ ها إن أغنياء هذا الدهر “يبيدون كالدخان“ (مزمور 36: 20). ولا يبقى ذكرٌ لأفراحهم المنقضية. بل ولا في مدة حياتهم نفسها، تكون راحتهم من غير مرارةٍ وضجرٍ وخوف. فهم كثيرًا ما يلقون عذاب الغم، من الأشياء عينها، التي يطلبون فيها اللذة. وذلك عدلٌ أنهم، إذ يطلبون اللذات وينقادون لها على خلاف الترتيب، لا يتمتعون بها من غير خزي ومرارة. آه! ما أقصر جميع اللذات وما أعظم خداعها! ما أبعدها عن الصواب وما أشد قبحها! على أن المنهمكين فيها لا يدركون ذلك، بسبب سكرهم وعماهم، بل هم، كالحيوانات العجم، يلقون موت النفس، لأجل لذةٍ يسيرةٍ في هذه الحياة الفانية. فأنت إذن يا بني، ”لا تكن تابعًا لشهواتك، بل عاص هواك”(ابن سيراخ 18: 30)، ”تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك“ (مزمور 36: 4). 5 – فإن شئت حقًا أن تتمتع باللذة، وتنال مني تعزية أوفر، فاعلم أن في احتقار جميع الأرضيات، وفي الانقطاع عن جميع اللذات الدنيوية، تكون بركتك، وتعطى تعزيةً عزيزة. وبمقدار ما تتجرد من كل تعزية تأتي من الخلائق، تجد فيَّ تعزياتٍ أعذب وأقوى. ولكنك لن تبلغ إليها من غير أن تقاسي، أولًا، بعض الغم وعناء الجهاد. ستعوقك العادة المتأصلة، لكنها تغلب بعادةٍ أفضل منها. سيتذمر الجسد، ولكنه يكبح بحرارة الروح. ستغريك الحية القديمة وتعنتك، ولكنها تهزم بالصلاة؛ والشغل المفيد، خصوصًا، يوصد دونها أعظم مدخل. |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في طاعة المرؤوس المتواضع على مثال يسوع المسيح 1 – المسيح: يا بني، من حاول التملص من الطاعة، تملص من فعل النعمة، ومن طلب الخصوصيات فقد العموميات. من لا يخضع لرئيسه عن اختيارٍ وطيبة نفس، فقد دل أن جسده لا يطيعه بعد طاعةً كاملة، بل كثيرًا ما يتمرد ويتذمر. فإن شئت قمع جسدك، فتعلم أن تخضع بسرعةٍ لرئيسك. إن العدو يغلب بسرعةٍ أعظم، ما دام في الخارج، ولم يجتح بعد الإنسان في الداخل. ما من عدوٍ أشد مضايقةً لك وإضرارًا بنفسك، منك أنت لذاتك، إن لم تكن على حسن وفاقٍ مع الروح. فعليك، حتمًا، أن تحتقر ذاتك احتقارًا صادقًا، إن شئت أن تتغلب على اللحم والدم. لكنك، إذ لا تزال تحب نفسك بإفراط، فأنت تخشى أن تفوض أمرك تمامًا إلى إرادة الآخرين. 2 – وما هو العظيم في أن تخضع نفسك لإنسان من أجل الله، وأنت ترابٌ وعدم، في حين أني أنا القدير العلي، الذي خلق كلَّ الأشياء من العدم، وقد خضعت للإنسان متواضعًا من أجلك؟ لقد صرت أوضع الجميع وأحقرهم، لكي تغلب أنت كبرياءك بتواضعي. تعلم أن تطيع أيها الغبار، تعلم أن تتضع أيها التراب والطين، وأن تنحني تحت أقدام الجميع. تعلم أن تكسر إرادتك، وأن تخضع لكل ما تؤمر به. 3 – احتدم على ذاتك، ولا تدع فيك مكانًا للانتفاخ، بل أبد من الخضوع والتصاغر، ما يتيح للجميع أن يمشوا عليك، ويدوسوك مثل حمإ الأسواق. فما لك تشكو، أيها الإنسان الباطل الرأي؟ بم تستطيع، أيها الخاطئ الرجس، أن ترد على معيريك، وأنت كثيرًا ما قد أهنت الله، وكثيرًا ما استحققت جهنم؟ لكن عيني قد أشفقت عليك، لأن نفسك كانت كريمةً أمامي، لكي تعرف أنت محبتي، وتكون أبدًا شكورًا لإحساناتي، مستسلمًا للخضوع والتواضعٍ الحقيقيين، ومحتملًا بصبرٍ ما يلحقك من الهوان. |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في وجوب التأمل في أحكام الله الغامضة، لئلا نستكبر في الصلاح 1 – التلميذ: إنك ترعد عليَّ بأحكامك يا رب، وترعش جميع عظامي خوفًا ورعدة، فترتاع نفسي ارتياعًا شديدًا. أقف مشدوهًا وأتأمل في “أن السموات غير نقيةٍ في عينيك″ (أيوب 15: 15). إن كنت قد وجدت الشر في الملائكة ولم تشفق عليهم، فما عسى أن يكون نصيبي؟ ”لقد تساقطت الكواكب من السماء″ (رؤيا 6: 13)، فأنا التراب ماذا أتوقع؟ إن الذين كانت أعمالهم تظهر جديرةً بالمديح، قد سقطوا إلى الأسفل، والذين كانوا يأكلون خبز الملائكة، قد رأيتهم يتلذذون بخرنوب الخنازير! 2 – فلا قداسة إذن، إن نزعت يدك يا رب، ولا تنفع الحكمة إن كففت عن التدبير ولا فائدة في القوة إن انقطعت عن الحفظ، ولا مأمن للعفة إن لم تكن أنت حاميها، ولا ينفع الإنسان سهره على نفسه، إن لم تسهر أنت عليه بحراستك القدوسة. فإن تركتنا، نغرق ونهلك، ولكن إن افتقدتنا، ننتعش ونحيا. إنَّا متزعزعون، ولكنا بك نتوطد، وفاترون، ولكنا بك نضطرم. 3 – آه! كم يجب عليَّ أن أتضع وأتحاقر في نفسي، وأن أحسب كلا شيءٍ ما قد يتراءى فيَّ من الصلاح! آه! بأي تذلل يجب أن أخضع لأحكامك يا رب، التي يسبر غورها، والتي لا أجد فيها نفسي سوى عدمٍ أي عدم! يا ثقلًا لا يقدر، ويا لجة لا تعبر، لا أحد فيها من ذاتي سوى العدم، كل العدم! فأين مختبأ الافتخار؟ أين التوكل على الفضيلة؟ إن كل عجبٍ باطل، قد ابتلع في لجج أحكامك عليَّ. 4 – ما هو كل بشرٍ في عينيك؟ ”أيفتخر الطين على جابله″ (أشعيا 29: 16)؟! كيف يستطيع أن يترفع بالفخفخة، من كان قلبه خاضعًا لله في الحق؟ إن من أخضعه الحق لذاته، لا يستطيع العالم كله أن يحمله على الترفع، ومن وطد كل رجائه في الله. فمديح الناس جميعًا لا يزعزعه. إن أُولئك المتكلين جميعًا، هم أنفسهم ليسوا بشيء، إذ هم يضمحلون مع صوت كلامهم، أما ”صدق الرب فيدوم إلى الأبد″ (مزمور 116: 2). |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
كيف يجب أن نسلك ونتكلم في كل أمر مشتهى 1 – المسيح: يا بني، هكذا قل في كل شيء: رب، إن حسن لديك فليكن الأمر على هذا النحو. رب، إن كان في ذلك كرامتك، فليتم باسمك. رب، إن رأيت أن ذلك يصلح لي، وعلمت أنه يفيدني، فهب لي إذ ذاك أن أستعمله لإكرامك. ولكن إن كنت تعلم أنه مضرٌّ بي، وغير مفيدٍ لخلاص نفسي، فانزع مني مثل تلك الرغبة. إذ ما كل رغبةٍ هي من الروح القدس، وإن تراءت للإنسان مستقيمةً صالحة. إنه لصعبٌ عليك أن تحكم، حقًا، هل هو روحٌ صالحٌ أم شرير ما يدفعك إلى الرغبة في هذا الشيء أو ذاك، أم هو أيضًا روحك الذاتيُّ يحركك إليه. فإن كثيرين قد خدعوا عند النهاية، وقد كانوا في البدء يظنون أنهم منقادون للروح الصالح. 2 – فكل ما يخطر على بالك من أمرٍ مشتهى، فبمخافة الله وتواضعٍ القلب، يجب دائمًا أن تبتغيه وتطلبه. ويجب، خصوصًا، أن تفوض إليَّ كل شيءٍ باستسلامٍ تام، وأن تقول: رب، أنت تعلم ما هو الأفضل، فليكن هذا أو ذاك، بحسب ما تشاء. أعطيني ما تشاء، وبقدر ما تشاء، ومتى تشاء. عاملني كما تعلم، وبما يكون أكثر مرضاةً وتمجيدًا لك. ضعني حيثما تشاء، وتصرف فيَّ بحريةٍ في كل شيء. إني في يدك، فدورني وقلبني إلى كل جهة. ها أنا ذا عبدك المستعد لكل شيء، إذ لا أُريد أن أحيا لذاتي، بل لك، ويا حبذا لو تسنى لي ذلك كما يليق وعلى وجهٍ كامل! |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
صلاة يلتمس بها تتميم إرادة الله 3 – التلميذ: يا يسوع العطوف جدًا، هب لي نعمتك “لتكون معي وتجد معي“ (حكمه 9: 10)، وتثبت معي حتى المنتهى. أعطني أن أبتغي وأُريد، دومًا، ما هو أحبُّ إليك وأكثر مرضاة لك. لتكن مشيئتك مشيئتي، ولتتبع إرادتي، دومًا، إرادتك، ولتوافقها أتم الموافقة. ليكن لي وإياك إرادةٌ واحدةٌ ورفضٌ واحد، فلا أستطيع أن أُريد أو أرفض إلا ما تريده أنت أو ترفضه. 4 – هب لي أن أموت عن كل ما في العالم، وأن أحب الاحتقار وخمول الصيت في هذا الدهر، من أجلك. أعطيني أن أستريح فيك فوق كل أمرٍ مشتهى، وأن أجد فيك سلام القلب. أنت سلام القلب الحقيقي، أنت الراحة الوحيدة، وكل ما سواك مشقةٌ وقلق، ”ففي هذا السلام عينه -أي فيك وحدك، أيها الخير الأعظم الأزلي- أنام وأستريح”(مزمور 4: 9)، آمين. |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في أن التعزية الحقيقية إنما يجب التماسها في الله وحده التلميذ: كل ما يمكنني ابتغاؤه أو التفكير به، لأجل تعزيتي، لا أترقبه هنا بل في الآخرة. لأنه، ولو كان لي وحدي جميع تعزيات العالم وأمكنني التمتع بجميع لذاته، فمن الثابت أنها لن تدوم طويلًا. 1- ومن ثمة فلن تستطيعي يا نفسي، أن تجدي التعزية التامة والانشراح الكامل. إلا في الله معزي المساكين ومجير البائسين. انتظري قليلًا يا نفسي، انتظري الموعد الإلهي، فتحصلي على جميع الخيرات، بوفرةٍ، في السماء. إن أفرطت في طلب الخيرات الحاضرة، على خلاف الترتيب، خسرت الخيرات السماوية الأبدية. فلتكن الزمنيات لاستعمالك، والأبديات موضوع أشواقك. لا يستطيع إشباعك خيرٌ زمني، لأنك لم تخلقي للتمتع بمثل هذه الخيرات. 2 – إنك، ولو حصلت على جميع الخيرات المخلوقة، لا يمكنك أن تكوني في سعادةٍ وغبطة، لأن غبطتك وسعادتك كلها، إنما هي في الله خالق كل شيء، وهي ليست كما يظنها ويمتدحها محبو العالم الأغبياء. بل كما يتوقعها عباد المسيح الصالحون، وكما يتذوقها سلفًا، في بعض الأحيان، الروحانيون ذوو القلوب النقية، الذين “سيرتهم في السماوات″ (فليبيين 3: 20). كل تعزية بشرية، باطلةٌ وقصيرة. أما التعزية السعيدة الحقة، فهي التي ينالها الإنسان في داخله من قبل الحق. الرجل العابد يحمل معه في كل مكان يسوع معزيه، ويقول له: كن معي، أيها الرب يسوع، في كل مكانٍ وكل زمان. لتكن هذه تعزيتي: أن أرتاح إلى الحرمان من كل تعزية بشرية. وإن نقصتني تعزيتك، فليكن لي مشيئتك وامتحانك العادل كأعظم تعزية. ”فإنك لست على الدوام تسخط، ولا إلى الأبد تحقد″ (مزمور 102: 9). |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في وجوب إلقاء همنا كله على الله 1 – المسيح: يا بني، دعني أصنع بك ما أُريد، فإني عالمٌ بما يوافقك. أنت تفكر كإنسان، وكثيرًا ما تحكم في الأُمور، بحسب ما يسول لك الميل البشري. 2 – التلميذ: رب، حقٌّ ما تقول: إن عنايتك بي، لأعظم من كل اهتمامٍ يمكنني أن أُبديه لنفسي. ومن لا يلق عليك كل همه، فهو على شفا سقوطٍ هائل. رب، حسبي أن تبقى إرادتي مستقيمةً وموطدةً فيك، ثم اصنع بي ما حسن لديك. لأن كل ما تصنعه بي، لا يمكن أن يكون إلا خيرًا. فإن شئت أن أكون في الظلام، فكن مباركًا، وإن شئت أن أكون في النور، فكن أيضًا مباركًا! إن تنازلت وعزيتني، فكن مباركًا، وإن شئت أن أُعاني الضيق، فكن أيضًا على الدوام مباركًا! 3 – المسيح: يا بني، هذا ما يجب أن يكون موقفك، إن ابتغيت أن تسلك معي. عليك أن تستعد للألم استعدادك للفرح، وأن ترضى بالفقر والفاقة، رضاك بالسعة والغنى. 4 – التلميذ: رب، إني، بنفسٍ طيبة، أحتمل لأجلك كل ما تريد أن ينزل بي. إني أُريد أن أقبل من يدك، دون ما تمييز، الخير والشر، الحلو والمر، ما يفرح وما يحزن، وأن أشكرك على كل ما يحدث لي. احفظني من كل خطيئة، فلا أخاف الموت ولا الجحيم. حسبي أن لا “تقصيني إلى الأبد“ (مزمور 76: 8)، ”ولا تمحوني من سفر الحياة“ (رؤيا 20: 10)، ومهما حل بي من ضيقٍ بعد ذلك، فلن يضرني. |
الساعة الآن 04:31 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025