منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   كلمة الله تتعامل مع مشاعرك (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=45)
-   -   وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=25)

Mary Naeem 22 - 08 - 2014 02:35 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
الصلاة قمة كل سعى صالح

القديس ابو مقار الكبير


https://images.chjoy.com//uploads/im...99490d299a.jpg


قمة كل سعى صالح وتاج كافة التدبيرات المتقنة هى الادمان على الصلاة لان بواسطتها ننال باقى الفضائل ,

وقوة الصلاة تبتدئ فى الذين حسبوا مستحقين لشركة قداسة الله ودخلوا تحت
عنايته الروحانية ,حتى يصير عقلهم ملتصقآ بالرب بمحبة لا توصف.


لان من أدمن الصلاة نتيجة الصلاة فى كل وقت وفى كل حالة ويكرم محبة الله فى كل شيئ
فأنه يحصل على حرارة المحبة الالهية ,


حتى يتقد بها ويوهب نعمة الروح القدس.


ان حياة النفس وانشراحها تكون بالعشرة الخفية مع الملك السمائى لا غير
لانه ان كان من اجل محبة الشركة الجسدية يترك الرجل اباه وامه ليلتصق
بزوجته ,


فكم بالحرى الذين يحسبون أهلآ لشركة الروح القدس الذى هو المحبوب السمائى
فأنهم بدون نزاع يتجردون بالكلية من حب العالم حيث يظهر لهم كل شيئ فيه
نفاية نظرآ لكونهم يمتلئون من الشهوة السمائية ويألفون دوام فعلها .


كل من يشاء أن يرضى الرب بالحق وينال منه النعمة السمائية وأن ينمو ويكمل فى الروح القدس
فعليه أن يخضع بكل قلبه


الى وصايا الرب مهما كانت ضد مشيئته كما هو مكتوب :


" لاجل هذا بازاء كل وصاياك قومت نفسى
وكل طريق ظلم أبغضت " مز 119: 104


ليس عسير على الانسان الذى ظل طول النهار مشغولآ بأعمال المعيشة أن يخصص
نفسه للصلاة ساعة معينة ...يختطف فيها الانسان الباطن الى عمق التعبد فى
تأمل العالم الاخر الذى لا نهاية له ,


وبصلاة كثيرة فيهدأ عقله ويتغرب عن مشاغل العالم اذ يرتفع وينتقل الى هناك
وحينئذ تمتد سحابة ذهول على أفكاره تحجبه عن الارضيات وتشغل ذهنه فى أمور
سماوية لا نهاية لها فيدرك أشياء أكيدة عجيبة لا يمكن وصفها بفم انسان حتى
تنحصر صلواته ,وكل ما يقوله وقتئذ فى معنى "


"يا ليت نفسى تخرج مع صلاتى "

Mary Naeem 22 - 08 - 2014 02:37 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
عيد حلول الروح القدس



https://images.chjoy.com//uploads/im...d948150388.jpg


أولا ? أسماء عيد حلول الروح القدس :

(1) سمى عيد حلول الروح القدس بعيد العنصرة :

ذلك لأنه كان من اهم اعياد اليهود عيد يعرف بعيد العنصرة , وهى كلمة عبرية معناها " الجمع " أو " الإجتماع " أو " الحفل المقدس " , لأن فيه كانوا يجتمعون ويعبدون ...

وجاءت المسيحية فدعت عيد حلول الروح القدس بإسم " عيد العنصرة " لأن الروح القدس حل فيه على جماعة التلاميذ وهم مجتمعين فى العلية .

(2) وسمى عيد حلول الروح القدس بعيد الخمسين [ " البنطيقستى " باليونانية ] :

ذلك لأن عيد العنصرة عند اليهود كان معروفا بإسم " عيد الأسابيع " أو " عيد الخمسين " , لأنه كان يأتى بعد 7 أسابيع من ثانى يوم عيد الفصح أى فى اليوم الخمسين من عيد الفصح .

وجاءت المسيحية فدعت عيد حلول الروح بإسم " عيد الخمسين " , [ عيد البنطيقستى " ] لأنه يقع فى اليوم الخمسين من قيامة الرب .

(3) وأيضا تحتفل الكنيسة بعيد حلول الروح القدس فى يوم العنصرة أو عيد الأسابيع أو عيد الخمسين الذى يأتى بعد 7 أسابيع من ثانى يوم عيد الفصح لما يأتى :

لأن فى ثانى يوم عيد الفصح كان اليهود يحتفلون بتقديم حزمة أول حصيد من القمح امام الرب , وبعد 7 أسابيع يحتفلون بتقديم كل إنسان رغيف من باكورة حصاده , ولذلك دعوا هذا اليوم " عيد الحصاد " .

وحزمة اول الحصيد كانت ترمز الى قيامة المسيح , وبالتالى فعيد الحصاد يرمز الى حلول الروح القدس وتأسيس الكنيسة وبدء الحصاد الروحى بالكرازة والتبشير بواسطة الرسل .

(4) وقد رتب الرب أن يحل الروح القدس يوم الخمسين الذى يحتفل اليهود فيه بعيد العنصرة أو الجنى او الحصاد. ويقال أيضا ذكرى إعطاء الشريعة لموسى النبى على جبل سيناء :

ذلك ليشاهد اليهود الذين يأتون من جميع أنحاء العالم الى أورشليم للاحتفال بهذا العيد , الأحداث التى إرتبطت بحلول الروح القدس .





ثانيا ? صور إستعلان الروح القدس يوم الخمسين :

آ - صورة ريح عاصف :

لأن الريح العاصف تعبير عن حضور الله :



  • أيوب : أجابه الرب من العاصفة .


  • موسى والشعب كلمهم الرب من العاصفة .


  • إيليا : واجه الله بعد عبور فى ريح عظيمة وزلزلة .


  • يوم الخمسين حل الروح القدس فى ريح عاصف , إشارة فى حضور الله , وأن الروح القدس هو روح الله أى الله نفسه .

ب- ولأن الروح القدس يشبه الريح فى أنه غير منظور لا يرى , ولكن عمله يلمس ويعرف من آثاره :



  • " الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها , لكنك لا تعلم من اين تأتى ولا الى أين تذهب وهكذا كل من ولد من الروح " ( يو 3 : 8 ) .


  • ولأن الروح القدس يشبه الريح فى القوة والإقتدار : فالريح قوية تجعل امواج البحر تهيج وتضطرب وترتفع , وتشير العواصف والأعاصير التى تقع الأشجار وتحطم ما يصادفها .. والروح القدس روح الله على كل شئ , كقول الرب " ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم " ( أع 1 : 8 ) :


  • التلاميذ الروح القدس حول ضعفهم وخوفهم الى قوة وشجاعة , وجعلهم يقيمون الموتى , ويشفون الأمراض المستعصية , ويخضعون الشياطين ويضعون المعجزات ويأتون بممالك العالم تحت أقدام المسيح بدون سلاح .


  • والكاهن يستدعى الروح القدس بالصلاة والسلطان الالهى : فى سر المعمودية فتغفر الخطية ويصبح الإنسان إبنا لله .. وفى سر الميرون يصبح الإنسان هيكلا للروح القدس .. وفى سر التناول يتحول الخبز الى جسد المسيح .. وفى سر الزيجة يصبح العروسان جسدا واحدا .


  • وانت : لا تيأس من ضعفك أمام العالم أو الجسد أو الخطية أو التجربة أو الشيطان , بل أطلب من الروح القدس الذى فيك فيعمل فيك ويقويك .

جـ - صورة ألسنة نارية :

لأن النار تعبير عن حضور الله . ويشير أن الروح القدس روح الله أو هو الله :



  • فى العليقة ظهر الله فى هيئة نار مشتعلة .


  • فى محلة الإسرائيليين كان الله يحضر ليلا فى عمود نار .


  • فى هيكل سليمان حضر الله يوم تدشينه كنار .

ولأن النار كانت علامة الله على قبول الذبائح .. والتلاميذ يوم الخمسين كانوا فى حالة خشوع وصلاة يقدمون ذبائح شكر روحية من شفاه معترفه بفضل الرب يسوع , واستجاب الرب من السماء بنار استقرت على كل واحد منهم, ولكنها لم تحرقهم كما كانت تحرق الذبائح , لأن خطايا التلاميذ حملها الرب فى جسده على الصليب .

ولأن النار تطهر وتحرق الشوائب وتقتل الجراثيم .. والروح القدس يطهر الإنسان وينقيه من شوائب الخطية :



  • إشعياء : جمرة من المذبح طهرت شفتيه ( إش 6 : 6 ) .


  • يوحنا المعمدان : قال عن المسيح " هو سيعمدكم بالروح القدس ونار " ( لو 1 : 16 ) .


  • والرب قال : " أشير عليك أن تشترى منى ذهبا مصفى بالنار لكى تستغنى " ( رؤ 3 : 18 ) .

النار تعطى نورا .. والروح القدس روح الإنارة والإرشاد :



  • لسيد المسيح قال " متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق " ( يو 16 : 13 ) .


  • وفى قانون الإيمان : نقول عن الروح القدس أنه " الناطق فى الأنبياء " .


  • والشمامسة إشترط الرب أن يكونوا " مملوئين من الروح القدس " ( أع 6 : 3 ) .


  • والخادم بدون الروح القدس لا يصلح لأنه إذ ذاك هو يعبر عن ذاته .

النار تعطى حرارة .. والروح القدس يشعل نار المحبة فى القلوب نحو الله والناس . ويملا غيره مشتعله نحو مجد الله والكنيسة " :



  • قيل بروح النبوة عن السيد المسيح " غيره بيتك أكلتنى " ( مز 69 : 9 ) , ( يو 2 : 17 ) .


  • وقال بولس الرسول " لا تطفئوا الروح " ( 1 تس 5 : 19 ) . .. " حارين فى الروح عابدين الرب " (رو 12 : 11 ) .. " المحبة سيول كثيرة لا تطفئها " , " مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة " (نش 8 : 7 ) .

د - التكلم بالألسنة :

1- كانت الألسنة لغات مفهمومة يتكلم بها شعوب العالم وقتذاك ( أع 2 ك 8 ) .

2- قصد الله بها أن يتكلم الرسل مع شعوب العالم التى يبشرونها بلغاتهم .. [ وأن يتكلم الأمم الداخلين فى الإيمان بالألسنة حين حلول الروح القدس عليهم فى المسحة المقدسة كدليل على قبولهم فى الإيمان ]

Mary Naeem 22 - 08 - 2014 02:41 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
الإنسان على صورة الله
https://images.chjoy.com//uploads/im...9a8620977b.jpg
في المسيح "صورة الله غير المنظور" (كو1/15)، خُلق الإنسان على "صورة" الخالق و"مثاله" وفي المسيح الفادي والمخلص، أعيدت الصورة الإلهية التي شُوّهت في الإنسان بالخطيئة الأولى، إلى جمالها الأول وشُرّفت بمعرفة الله. فصورة الله حاضرة في كل إنسان، وهي تتألق في وحدة الأشخاص على مثال وحدة الأقانيم الإلهية في ما بينها. والشخص البشري الذي مُنح نفساً "روحانية خالدة"، هو "الخليقة الوحيدة التي أرادها الله لذاتها على الأرض". وهو منذ الحبل به مُعدّ للسعادة الأبدية؛ ويشترك في نور الروح القدس الإلهي وقوته، وهو قادر بعقله أن يفهم نظام الأشياء الذي أقامه الخالق، وهو قادر بإرادته أن يحمل نفسه نحو خيره الحقيقي وهو يجد كماله في "السعي إلى الحق والخير وفي حبهما". ولَقد مُنح الإنسان بمقتضى نفسه وقواه الروحية العقلية والإرادية، الحرية "علامة مميزة لصورة الله"، وأُعطي أن يدرك بعقله صوت الله الذي يحضه "على فعل الخير وتجنب الشر". وعلى كل واحد أن يتبع هذه الشريعة التي تُسمع صوتَها في الضمير، وتكتمل في محبة الله والقريب، وممارسة الحياة الأخلاقية تدّل على كرامة الشخص. إلاَّ أن الشرير أغوى الإنسان منذ بدء التاريخ فأساء استعمال حريته وسقط في التجربة وارتكب الشر. إنه يحتفظ بالرغبة في الخير، ولكّن طبيعته مجروحة بجرح الخطيئة الأصلية فأصبح ميالاً إلى الشر، ومعرضاً للضلال: "فالإنسان يعاني من انقسام في ذاته. ولهذا فحياة البشر كلها سواء كانت فردية أو جماعية، تبدو صراعاً، وصراعاً مأسوياً، بين الخير والشر، بين النور والظلمات" (ك ع13). إلاَّ أن المسيح أنقذنا بآلامه من الشيطان والخطيئة، واستحق لنا الحياة الجديدة في الروح القدس. وجَدَّدت نعمته ما أفسدته الخطيئة فينا. ومن يؤمن بالمسيح يصبح ابناً لله. وهذا التبني يُغيّره بتمكينه من الإقتداء بمثل المسيح، في اتحاده بمخلصه كمال المحبة أي القداسة. فتنضج الحياة الأخلاقية في النعمة وتتفتح حياة أبدية في مجد السماء.


Mary Naeem 22 - 08 - 2014 02:42 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
يستعمل العهد الجديد تعابير عدة لإعطاء السعادة، التي يدعو الله الإنسان إليها، طابعها المميّز: مجيء ملكوت الله (متى4/17)، معاينة الله (متى5/8)، الدخول في فرح الرب (متى25/21،23)، الدخول في راحة الله: "هناك نستريح ونعاين، نعاين ونحب، نحب ونسّبح. ذلك ما سيكون في النهاية بلا نهاية، وأية غاية أخرى تكون لنا سوى البلوغ إلى الملكوت الذي لا نهاية له ؟" (القديس اغسطينوس، مدينة الله 22،30). فالله قد وضعنا في العالم لنعرفه ونخدمه ونحبه ونبلغ هكذا الفردوس. والسعادة "تجعلنا مشاركين في الطبيعة الإلهية" (2بط1/4) وفي الحياة الأبدية. بها يدخل الإنسان في مجد المسيح والتمتع بحياة الثالوث.

إن سعادة كهذه لممّا تفوق الإدراك والطاقات البشرية وحدها. فهي ناجمة عن عطية مجانية من الله، ولذا يقال عنها أنها فائقة الطبيعة، كالنعمة التي تهيّئ الإنسان للدخول في التمتع بالله.

يرغب الإنسان في سعادة كهذه، وهذه رغبة طبيعّية، وهي من أصل إلهي، وضعها الله في قلب الإنسان ليجتذبه إليه، وهو القادر وحده على إشباعها. والتطويبات التي هي في القلب من كرازة يسوع، تلبي هذه الرغبة الطبيعية في السعادة؛ وتكشف عن هدف الوجود الإنساني، عن الغاية القصوى للأعمال الإنسانية، وهي أن الله يدعونا إلى سعادته الخاصة. وهذه الدعوة موّجهة إلى كل واحد شخصياً. وترسم التطويبات وجه يسوع المسيح وتصف محبته، وتعبّر عن دعوة المؤمنين المشتركين في مجد آلامه وقيامته وتنير الأفعال والمواقف التي تميّز الحياة المسيحية.

وهذه السعادة الموعودة، في عيش التطويبات، تضعنا أمام خيارات أخلاقية حاسمة، تدعونا إلى تنقية قلبنا من الغرائز الشريرة، والتماس محبة الله فوق كل شيء. وهي تعلمنا أن السعادة الحقيقية ليست في الغِنى أو الرفاهية أو المجد البشري أو السلطة، وليست في أي عمل بشري مهما كان مفيداً، إنما هي في الله وحده ينبوع كل خير وكل ومحبة: "إن الغنى في يومنا هو الإله الأكبر، وله يؤدي الجمهور بل كل الجماعة البشرية إكراماً عفوياً. إنما يقيسون السعادة بمقياس الغِنى، وبمقياس الغنِى أيضاً يقيسون الكرامة." (نيومن، خطاب 5، في القداسة).

Mary Naeem 22 - 08 - 2014 02:42 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
حرية الإنسان

ترتكز الكرامة الإنسانية في أن الله خلق الإنسان عاقلاً، ومنحه كرامة شخص يمتلك المبادرة وله السيطرة على أفعاله: "ترك الله الإنسان في يد اختياره" (سي15/14)، فيتمكّن من أن يبحث هو بذاته عن خالقه، حتى إذا التصق به يبلغ بحريته كماله مليئاً وسعيداً، (ك ع17).

1 - الحرية والمسؤولية:

ما هي الحرية ؟ هي القدرة، المتأصلة في العقل والإرادة، على الفعل أو عدمه، على فعل هذا أو ذاك، وعلى القيام هكذا، من تلقاء الذات، بأفعال صادرة عن روّية. وبالإرادة الحرّة يسيّر كل واحد نفسَه. فالحرية في الإنسان هي قدرة على النمو والنضج في الحقيقة وفي الخير، هي تبلغ كمالها شطر الله، سعادتنا. وطالما لم تلتصق الحرية نهائياً بخيرها الأقصى الذي هو الله، فهي تنطوي على إمكان الاختيار بين الخير والشر. وبالتالي إمكان النمو في الكمال أو الخطأ. وكلّما فعل الإنسان خيراً ازداد حرية، وليس من حرية حقيقية إلاَّ في خدمة الخير والعدالة واختيار المعصية والشر يعود بالإنسان إلى عبودية الخطيئة.

هذه الحرية تَجعل الإنسان مسؤولاً عن أفعاله مادامت بإرادته، ويُنمي التقدمُ في الفضيلة، معرفة الخير، والجهاد الروحي، سيطرة الإرادة على أفعالها. وتمارس هذه الحرية في العلائق بين الكائنات البشرية. فكل شخص بشري مخلوق على صورة الله له الحق الطبيعي في أن يُعترف به كائناً حراً ومسؤولاً. وواجب الاحترام هذا واجب على الجميع لكل إنسان، والحق في ممارسة الحرية مطلب ملازم لكرامة الشخص البشري، خصوصاً في الشأنين الأخلاقي والديني.

2 - الحرية البشرية في التدبير الخلاصي:

حرية الإنسان محدودة ومعرضة للزلّل. وفي الواقع زلّ الإنسان وخطِئ حراً. وعندما رفض مشروع محبة الله، خدع نفسه وأصبح عبداً للخطيئة، وتاريخ البشرية شاهد على كل ما أنتجه قلب الإنسان من مصائب ومضايقات نجمت عن سوء استعمال الحرية.

وممارسة الحرية لا تضمن الحق في أن نقول ونفعل كل شيء. ومن الخطأ الإدعاء أن "الإنسان الحائز الحرية يكتفي بذاته إذ تكون غايته ابتغاء مصلحته الذاتية في التمتع بالخيرات الأرضية" (م ع إ، حرية الضمير). ومن جهة أخرى هناك مراراً كثيرة تجاهل للشروط المطلوبة لممارسة حرية صحيحة، فتضع الجميع على السواء في تجربة الخطيئة بالإساءة إلى المحبة، وبالابتعاد عن الشريعة الأخلاقية يُضر الإنسان بحريته ويتقيد بذاته ويعصي الحقيقة الإلهية.

لكن المسيح نال بصليبه المجيد الخلاص لكل البشر وفداهم من الخطيئة التي كانت تستعبدهم، وفيه نشترك في الحقيقة التي تجعلنا أحراراً: "حرّرنا المسيح لكي نتنعم بالحرية" (غل 5/1)، ولقد أُعطينا الروح القدس، وكما يعلّم بولس الرسول "حيث يكون الروح فهناك الحرية" (2كو3/17)، ونحن منذ الآن نفتخر بحرية أبناء الله. وبفعل النعمة، التي تتوافق مع حس الحقيقة والخير في قلب الإنسان، يربيّنا الروح القدس على الحرية الروحية، ليصيّرَنا مساعدين له أحراراً، في عمله في الكنيسة وفي العالم.


Mary Naeem 22 - 08 - 2014 02:43 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
أخلاقية الأفعال البشرية
https://images.chjoy.com//uploads/im...036d83d436.jpg

تجعل الحرية من الإنسان كائناً أخلاقياً، والأفعال البشرية التي يختارها الإنسان بحرية، بعد أن يُحكّم فيها الضمير، هي ذات صفة أخلاقية، إنها صالحة أو سيئة. وأخلاقية هذه الأفعال البشرية منوطة: بالموضوع المختار، بالغاية المقصودة أو النية، بظروف الفعل.

1 - الموضوع: الموضوع المختار هو خير تبتغيه الإرادة عن روّية، إنه مادة الفعل البشري، وهو يحدد الفعل الإرادي من الناحية الأخلاقية؛ إن كان مطابقاً للخير أو مخالفاً له.

2 - النية: الغاية المقصودة تقع في مواجهة الموضوع. ناحية مَنْ يفعلُ الفعل. وهي عنصر أساسي في صفة الفعل الأخلاقية. والغاية تعني الهدف الذي يرمي الإنسان إليه في فعله. النية هي نزوع الإرادة إلى الغاية، إنها مطمح الخير المتقب من القيام بالفعل. ومحبة الله هي الغاية القصوى في جميع أفعالنا.

3 - الظروف: وبضمنها النتائج، وهي العناصر الثانوية في الفعل الأخلاقي، ولها أثرها في جعل أخلاقية الأفعال البشرية تزداد أو تنقص صلاحاً أو سوءاً، وبإمكانها كذلك إنقاص مسؤولية الفاعل أو زيادتها. ولا تستطيع الظروف بحد ذاتها تغيير الصفة الأخلاقية الملازمة للأفعال البشرية نفسها، فلا يمكنها أن تجعل من فعل سيء بحد ذاته صالحاً أو قويماً.

ويقتضي الفعل الصالح أخلاقياً أن يكون موضوعه وغايته وظروفه كلها صالحة. فالغاية السيئة تُفسد الفعل، إن كان موضوعه صالحاً في ذاته. وبإمكان موضوع الاختيار أن يُفسد وحده كل الفعل. فهناك أنماط من السلوك الواقعي ? كالزنى ? يكون اختيارها دائماً خاطئاً، لان اختيارها ينطوي على شر أخلاقي. فمن الخطأ الحكم على أخلاقية الفعل البشري بالاستناد فقط إلى النية التي يصدر عنها أو الظروف التي تحيط به كالتجديف والقتل والزنى، فلا يجوز فعل الشر لكي ينتج منه الخير.

Mary Naeem 22 - 08 - 2014 02:44 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
أخلاقية الأهواء
https://images.chjoy.com//uploads/im...b5a83739e7.jpg

كلمة "الأهواء" هي من التراث المسيحي. والعواطف أو الأهواء تدل على الانفعالات أو حركات الإحساس التي تجعل الإنسان يميل إلى العنف أو يحجم عنه في سبيل ما يحسه أو يتخّيله صالحاً أو سيئاً. ويشير الرب يسوع أن قلب الإنسان هو مصدر حركة الأهواء ؟ وهي مكان العبور والربط بين الحياة الحسية وحياة الروح.

الأهواء كثيرة. والأعمق أصلاً بينها هو الحب الناتج من جاذبية الخير. وتكون نهاية تلك الحركة في اللذة والفرح بالحصول على الخير. محبة شخص ما، تعني إننا نريد له الخير، وكل النوازع الأخرى إنما مصدرها حركة القلب البشري الأصلية هذه نحو الخير، فالخير وحده يحب، الأهواء سيئة إذا كان الحب سيئاً وهي صالحة إذا كان صالحاً.

في الحياة المسيحية، يتمم الروح القدس نفسه عمله، بتجييش الكائن كله بما ينطوي عليه من آلام ومخاوف وأحزان، كما بدا ذلك في نزاع الرب وآلامه. ويمكن، في المسيح، أن تبلغ العواطف البشرية كمالها في المحبة والسعادة الإلهية. والكمال الأخلاقي يكون بأن يتحرك الإنسان نحو الخير لا بإرادته فقط وإنما برغبته الحسية أيضاً، بحسب كلمة المزمور: "يرنم قلبي وجسمي للإله الحي" (مز84/3).

Mary Naeem 22 - 08 - 2014 02:45 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
احترام الشخص البشري

https://images.chjoy.com//uploads/im...9b3df10959.jpg
"صيانة كرامة الشخص البشري وتعزيزها قد أودعنا إياهما الخالق، والرجال والنساء هم، في كل ظروف التاريخ، مسؤولون عنها ومطالبون بهما" (سلام على الأرض 61).

يقتضي احترام الشخص البشري احترام الحقوق الناتجة عن كرامته بكونه خليقة. وهذه الحقوق سابقة للمجتمع ومفروضة عليه. ولا يمكن بلوغ العدالة الاجتماعية إلاّ في احترام كرامة الإنسان السامية، فالشخص هو غاية المجتمع القصوى، وهذا إنما هو معدّ له. وإذا ازدرى المجتمع حقوق الشخص أو أبى الاعتراف بها في تشريعه الوضعي فهو يقوّض شرعّيته الأخلاقية الخاصة. ويمّر احترام الأشخاص من خلال احترام المبدأ: "ليلتزم الإنسان باعتبار القريب، أيا كان في غير استثناء." كذات أخرى له "وليحسب حساباً، قبل كل شيء لوجوده وللوسائل الضرورية التي يتمكن معها من العيش الكريم" (ك ع27). وليس من تشريع يستطيع بذاته إزالة التخوفات، والأحكام المسبقة ومواقف الكبرياء والأثرة التي تعيق إنشاء مجتمعات أخوية حقاً. ولن تتوقف هذه التصرفات إلاَّ مع المحبة التي تجد في كل إنسان "قريباً" وأخاً: "إن كل ما صنعتموه إلى واحد من أخوتي هؤلاء الصغار، فإليّ قد صنعتموه" (متى25/40).

وبما أن جميع البشر قد خُلقوا على صورة الله الأوحد، وبما أن المسيح قد افتداهم بذبيحته، فهم مدعوون إلى المشاركة في السعادة الإلهية نفسها: وهم يتمتعون بكرامة متساوية، فالمساواة بين البشر تقوم، في جوهرها، على كرامته الشخصية والحقوق الناجمة عنها:

"كل نوع من أنواع التمييز في حقوق الشخص الأساسية، سواء كان قائماً على الجنس أو العرق، أو لون البشرة، أو الوضع الاجتماعي، أو اللغة أو الدين، يجب تجاوزه على أنه مخالف لتصميم الله? إن مساواة الأشخاص في الكرامة يقتضي أن يتوصل المجتمع إلى وضع حياتي أكثر عدالة وأكثر إنسانية، فالتفاوت الاقتصادي والاجتماعي المفرط بين أعضاء الأسرة البشرية الواحدة أو بين شعوبها باعث على العثار والشك، وعقبة في طريق العدالة الاجتماعية، والإنصاف، وكرامة الشخص الإنساني والسلام الاجتماعي والدولي" (ك ع29).


Mary Naeem 22 - 08 - 2014 02:54 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
سقطة آدم وأحكام الله

https://images.chjoy.com//uploads/im...5b702b6444.jpg


القديس سمعان اللاهوتي الحديث


إن لم يدرك المرء أنه
أدم، أي ذاك الذي أخطأ أمام الله في الفردوس، كيف له أن يدرك أن نزول ابن
الله وكلمته كان من أجله؟

لقد وُضع الناموس بعد السقوط. وكما
أن كلاً منا هو من آدم، أي أنه قابل للفساد والموت، ليس بسبب خطيئة صنعها،
بل بسبب عصيان جدنا الأول آدم، الذي نأتي نحن من ذريته؛ كذلك كل منا هو من
المسيح، لا يموت ولا يفسد، ليس بسبب فضائلنا الشخصية بل بسبب طاعة آدم
الثاني الذي هو المسيح ربنا الذي نزل من السماء. نحن نصبح عظماً من عظامه
ولحماً من لحمه. وتماماً على غرار ما ينتقل الفساد والموت من جيل إلى جيل
من آدم القديم، كذلك ينتقل عدم الموت وعدم الفساد إلى المسيحيين من آدم
الجديد. وكما أن مشاركتنا في طبيعة جدنا آدم الذي سقط هي حقيقة ظاهرة في
كوننا نخطئ ونخالف وصايا الله، كذلك هي حقيقة أننا مشاركون في النعمة
الإلهية التي هي بالمؤسِّس الثاني لجنسنا، الرب المسيح، ونحن نعرفها بهذه
العلامة: أننا نخطئ بعد امتلاكنا النعمة الإلهية *.
نحن نخرج من ملء المسيح، تماماً كما تصدر من النار وفرة من الأضواء.
وتزداد الأضواء بقدر ما تتفجر من مصدرها الذي يزخر بالنار: فالمسيح كونه
الله غزير بكل خير.
المسيح، إذ لم ينأى بنفسه عن كل
ما هو موجود، تنازل ودخل في الرحم الطاهر للدائمة البتولية، وُلِد، وتغذّى
بالحليب، ونما ليصبح رجلاً، وعلى المنوال نفسه عطش وجاع وقام بالأعمال
وعَرِق وتعرّض لحسد اليهود بسبب المعجزات التي قام بها مظهراً ألوهيته،
رُفِع على الصليب مع اللصوص كما لو أنّه صانع شر، مات ميتة مخزية بإرادته،
دُفن وقام مجدداً، صعد إلى السماء ليرسل على المؤمنين الروح القدس الذي
ينبثق من الآب الذي أرسله بالحقيقة. فكل التدبير من وراء تجسّد المسيح كان
غايته وهدفه أن ينزل الروح القدس في نفوس الذين يؤمنون بالمسيح كإله
وإنسان، مسيحاً واحداً في طبيعتين، إلهية وبشرية، من دون امتزاج أو تشوش،
حتى يكون هذا الروح القدس، نفسَ نفسِ المؤمنين، وحتى أنهم لهذا يُدعَون
مسيحيين، وبفعل الروح القدس يُعاد سبكهم وخلقهم وتجديدهم وتقديسهم في
الفكر والضمير وكل الحواس، فلا يحملون من بعد في ذواتهم أياً من أنواع
الحياة الفاسدة التي قد تنشئ في نفوسهم ميلاً نحو المتع الجسدية والشهوات
الدنيوية ورغبة فيها.
كل إنسان، من يوم ولادته، من
لحظة تكوّنه، هو عرضة للفساد والموت، ما يتطلّب قوة إلهية عظيمة لتجديده
لعدم الفساد والموت. إذا نما الشر في أي إنسان، مترافقاً مع نموه في
الجسد، فبالطبع سوف تنمو قوة الفساد وسلطة الموت سوف تزداد. هذا لأن لسعة
الموت تتغلغل في الإنسان بحسب درجة الفساد التي يطورها في ذاته. إذا كان
الطفل البريء بحاجة إلى قوة إلهية عظيمة لكي يتحرر من الفساد فكم تكون
أعظم القوة التي يتطلبها ذاك الذي ترافق مع نموه في الجسد نمو الشر في
نفسه، وبهذا نما في الفساد؟ هذا الفساد هو ما سمّاه داود في المزامير
رباطات ومسح، عندما دعا الرب ?لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَحْسَنَ
إِلَيْكِ. لأَنَّكَ أَنْقَذْتَ نَفْسِي مِنَ الْمَوْتِ، وَعَيْنِي مِنَ
الدَّمْعَةِ، وَرِجْلَيَّ مِنَ الزَّلَقِ ? (مزمور 7:115-8)، أي
أرفع لكل الشكر والتمجيد لأنك فككت قيودي أي الفساد. ومرة أخرى
?حَوَّلْتَ نَوْحِي إِلَى رَقْصٍ لِي. حَلَلْتَ مِسْحِي
وَمَنْطَقْتَنِي فَرَحًا، لِكَيْ تَتَرَنَّمَ لَكَ رُوحِي وَلاَ تَسْكُتَ.
يَا رَبُّ إِلهِي، إِلَى الأَبَدِ أَحْمَدُكَ? (مزمور 11:30-12)، أي
أنت عريتني من لباس الوبر الذي كنت ألبسه، أي الفساد، وألبستني الفرح حتى
أمجدك، ليس أنا بل الروح القدس من خلالي، لأن الفرح والمجد اللذين أخذهما
داود من الله كانا الروح القدس. وبامتلاكه الروح القدس في ذاته، يقول
?منطقتني فرحاً?، فلا أكون بحاجة للتوبة، أي لن أخطأ.
وهكذا فإنه ضروري بالمطلَق لكل
إنسان أن يبذل كل الجهود الممكنة حتى يكتسب من فوق، من المسيح الإله، هذا
الفرح وهذا المجد، أي نعمة الروح القدس ليصبح قادراً على عدم الخطيئة
مجدداً. إذ إن ما يقوم به الإنسان باختياره يستطيع أن يبطله باختياره، لكن
ما هو من الطبيعة لا يمكن إبطاله طوعياً. إذا كان الإنسان قد صار قابلاً
للفساد والموت في الطبيعة، فهو لا يستطيع بقوة الإرادة الحرة وحدها أن
يتحرر من الفساد والموت. من وقت ما طُرد آدم من الفردوس، أي منذ أن أصبح
قابلاً للفساد والموت بسبب عصيانه، حتى إلى يومنا هذا، لم يكن هناك أي
إنسان من دون فساد ولا موت.
وهكذا، إذا كان ضرورياً للإنسان
أن يعود إلى الحالة الأصلية التي خُلق فيها، أي ليصبح بلا فساد، لا تستطيع
أي إرادة بشرية حرة أن ترفعه إلى تلك الحالة، بل وحدها القدرة الإلهية
التي تلقّاها بالامتزاج مع الطبيعة الإلهية. فالطبيعة الإلهية هي من القوة
لتغلب فنائية الطبيعة البشرية ولتدعوها إلى حالتها الأصلية. إن كلمات الله
وأحكامه تصبح ناموس الطبيعة. إذاً، إن الحكم الذي لفظه الله كنتيجة لعصيان
آدم الأول، أي حكمه عليه بالموت والفساد، صار للطبيعة قانوناً أبدياً وغير
متغيّر. لذلك، لإبطال هذا الحكم، صُلب ابن الله ربنا يسوع المسيح ومات
مقدّماً ذاته ضحية لخلاص الإنسان من الموت، ضحية رهيبة وفائقة العظمة.

إن حكم الله، ?أنت من التراب
وإلى التراب تعود?، على غرار كل ما وُضع على الإنسان بعد السقوط،
سوف يكون فعلياً إلى نهاية الدهر. لكن برحمة الله، بقوة تضحية المسيح
العظيمة، لن يكون لهذا الحكم أي فعل في الزمن الآتي، عندما تتمّ القيامة
العامة، فالقيامة لم تكن ممكنة لو لم يقم ابن الله نفسه من الموت، وهو
الذي مات لإبطال الحكم المذكور ولقيامة الطبيعة البشرية بأكملها، لأن الذي
قام كان إنساناً أي المسيح، تماماً كما أن الذي مات بالأصل كان إنساناً،
أي آدم، وكلا الاثنين يحملان كلٌ في ذاته كلَّ الجنس البشري.
في أي حال، فليعلم الجميع أنه
بعد تدبير التجسّد ما زال هناك وقت في هذه الحياة لإلغاء القانون الإلهي
المتعلّق بالعقاب على الخطايا. إن أحكام الله التي وُضعَت على آدم الأول
الذي أخطأ في الفردوس حين كان يحيا حياة بلا اهتمامات، لم تُبطَل عن حق في
هذه الحياة وقد وُضعَت للجنس البشري كقانون طبيعي. لكن أحكام المسيح، بعد
تدبير التجسد، التي أنزِلَت علينا نحن السالكين في هذه الحياة البائسة،
صار ممكناً إبطالها في هذا الجيل. وكل مسيحي، إذا كان قد سقط تحتها، عليه
أن يهتمّ بكل غيرة وجهد بأن تُرفَع عنه فيما هو هنا؛ لأنها أكثر هولاً من
القوانين السابقة كونها تمتد إلى الدهور الآتية. إذا كانت القوانين
السابقة، التي جرّدت الإنسان من الحياة الوقتية، أي قوانين الموت والفساد،
تبدو غير مُحتَملة، فإنّ قوانين العقوبات الأبدية التي لا تنتهي التي سوف
تُفرَض في الدهر الآتي سوف تكون أكثر ثقلاً ولن يطيقها الذين سوف يحبَرون
على اختبارها.
فلنسمعْ الآن لماهيّة هذه
القوانين بالتحديد. يقول سيدنا يسوع المسيح ?وَأَمَّا أَنَا
فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً
يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ
مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ
مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.? (متى 22:5). هذا يعني أن الذي يوجّه
هذا الكلام لأخيه، ما أن يلفظه حتى يصير تلقائياً وبشكل مباشر عرضةً
للعذاب الأبدي. لكن هذا القرار أو القانون الإلهي يفقد فعله ما أن يتوب
الإنسان ويقرر صادقاً وبتصميم ألاّ يقول لأخيه مرة أخرى ?يا
أحمق?، وأنّه يفضّل أن يموت على أن يقول لأخيه المسيحي ?يا
أحمق?. على المنوال نفسه، بالتوبة والندم والتصميم على الامتناع عن
الخطايا، تفقد كل قوانين الله الأخرى فاعليتها.
لكن فليكن معلوماً عندنا أنّه
فقط هنا في هذه الحياة وحيث يوجد انتهاك لوصايا الله، فقط هنا يمكن إبطال
قوانين الحساب الإلهي المرعِبة، بسبب رحمة الله غير المحدودة وبقصد توبة
صادقة وكاملة. لكنّ مَن لا يتوب تقع عليه هذه القوانين بشكل أكيد. من دون
تقصير سوف يُعاقَب الذي يعبد الرب بالإثم مثل شرير: مَن ينظر إلى امرأة
ليشتهيها سوف يُعاقَب مثل زانٍ، المغتصِب سوف يُعاقَب مثل عابد أوثان. إلى
هذا، إذا تاب أحدٌ عن هذه الخطايا وما شابهها، ولكن في الوقت عينه كان بلا
رحمة، غير شفوق وقاسي القلب، أي أنه يقابل الشر بالشر ولا يغفر لأعدائه،
فهو لن يحصّل أيّ مردود من توبته، بل سوف تكون عقيمة، بحسب حكم الرب الذي
يقول: ?لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ
تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ
لَكُمْ.? (متى 2:7). وليس هذا فقط بل قد يكون ما هو أسوأ.

قد يكون أنّ أحدهم بعد أن يتوب توبة
صادقة سوف يحصل على رحمة الله وغفران كل ديونه من الخطايا. لكن بعد هذا
يصير بلا رحمة ولا شفقة على الآخرين لا يغفر لهم ما له عليهم، فهو يكون قد
بدّد بنفسه تنازل الله نحوه والرحمة التي أظهرها له، على ما يقول الكتاب
المقدّس: ?أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضًا تَرْحَمُ
الْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟. وَغَضِبَ سَيِّدُهُ
وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ
عَلَيْهِ.? (متى 33:18-34).
فليعطِنا الرب أن نتوب عن
خطايانا وأن نكون رحومين ورؤوفين على إخوتنا، لكي يؤهّلنا للبركة الأبدية
بالمسيح نفسه، الإله الحقيقي الذي له المجد إلى الأبد. آمين.
* لا يعني كلام القديس هنا أن المسيحين لا يخطئون بل واضح
تعليمه في عظاته بأن المسيحي لا يخطئ طالما النعمة مفعّلة فيه. فالمسيحيون
يبقون خطأة أمام الله بقدر ما لا يفعّلون النعمة. فعندما يخطأ المسيحي
تطون خطيئته علامة على توقف عمل النعمة فيه. فبحسب تعليم القديس، كل
الجهاد في حياة المسيحي هو للحفاظ على هذه النعمة ناشطة وفعّالة
ولاكتسابها مجدداً عندما نحسّ بأننا نخسرها.

Mary Naeem 22 - 08 - 2014 02:55 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
ماذا عن القدّيسين؟




الأرشمندريت كاسيانوس عيناتي














الطريق الإنجيليّ الوحيد، على مثال القدّيسة مريم المجدلية، لردم الهوّة بين الجسد القائم من بين الأموات والجسد المائت، يكمن فقط في أجيج نارِ حبٍّ مجنون.





وفي هذا الحب يترسّخ إيمان بأنّ بين المسيح وبيننا لُجة، ليست بجحيم وإنما هي رأفة نرتمي فيها ونحن نصلّي من أعماق القلب إلى الاسم الأزلي "الذي قبل أن كان ابراهيم، أنا كائن" (يو58:8).





وفي الإيمان يثبت الرجاء بأنه بين "الأنا كائن" في جسم المسيح القائم و"الأنا كائن" في جسمنا المائت هناك أنّات الروح القدس تشفع فينا بحال لا توصف.


وإذا ما ضاعفنا صلواتنا وتشارك فيها القلب والذهن معاً، فهي تحملنا إلى خارج ذواتِنا، فوق الخليقة كلّها، في ضوء اليوم الأول وينبثق عنها حرارة تنبعث في جسدنا لتنقل إليه أشعة اليوم الثامن، قوة القيامة العامة نفسها.


هكذا اجتاز القديسون الفتور البشري وانتقلوا من برودة الموت الثاني التي تلفح الأجساد دون أن تدري.


وبذلك فإن غير المستطاع، وغير الملموس، أصبح ملموساً ومستطاعاً في حِفظ الرجاء وحراسته. فالسؤال يبقى كيف نكون قديسين؟ الجواب يعطيه الإنجيل الذي يدعونا لنكون حارّين ويتركنا أحراراً في أن نكون باردين.


فالخيار إذاً هو في المسيح أو في "ضد المسيح"، في الحياة الجديدة أو في الموت الثاني. فالنتيجة ستكون حتمية؛ و"ضد المسيح" بإبادته الشر بالشر والخطيئة بالخطيئة، يحضّر بشكل متناقض مع هدفه مجيءَ المسيح الذي يضع حدّاً نهائياً للشر وللخطيئة؛ ويحطّم الموت بموته ويفتح الباب الذي لا يُغلق.


القداسة هي رهن حريتنا وحريتُنا تتجلى بمقدار حبنا للقريب. الله أحبّنا وصار إنساناً مثلنا. وربط إنسانيتنا بألوهته بواسطة حبّ عميق لا تستطيع أية فلسفة بشرية أن تعبّر عنه.


هذا الرّباط وطّده الرب في سرّ القدّاس الإلهي. وأعطانا بالمعمودية حق الإشتراك فيه وأصبح صليبُه وموتُه صليبَنا وموتَنا إذا تذّكرنا وصيته، ولكن قيامته تبقى رهناً بإرادتنا.


فبمقدار ما أميت الموت وانقلعت شوكة الخطيئة من أجسادنا، ففتور إرادتنا الذي يسلب منا حريّة الاختيار الصحيح، يزيد من تمزيقنا ولا يبني إلاّ سرير موتِنا الثاني.


أن نتّبع القديسين، لا يكون فقط بالذكر والحكمة البشرية الواهنة ولكن في تحويل القلب في أصعب اللحظات، في تجارب الجسد والذهن المريرة بواسطة الصلاّة الحارة في صحوة إيماننا ويقين الرجاء إلى قلب العالم الواحد.


نزهد بالعالم لندرك قلبه ونحبه من كلّ قلبنا وفي القلب. ومن هناك نستقي الحب الذي يروي العالم. بهذه الطريقة زهد القديسون بروح العالم ليحيا قلب العالم بحبّهم له.


تشبّه القديسون بالمسيح فأحبّوه كما هو أحبّ، وعاشوا معه كما عاش هو، واتّحدوا معه في شركة حبّه الأزلي مع أبيه وروحه القدوس، فماتوا معه ليصلوا إلى ذروة مجد الحب، إلى "التألّه" بنعمته الإلهية.


وهكذا يستحيل الزمن إلى حياة أبدية ويمتلئ المكان بالأنوار الإلهية غير المخلوقة وتفيض العظام المائتة بينابيع الرأفة والمحبّة التي تبشّر بالنهاية السعيدة.


هذه النهاية حاضرة وخفيّة في كلّ كائن حيٍّ أتى إلى الأرض، هي الحياة الأبدية النابعة كما يقول الإنجيل من معرفتنا للآب بأنه الإله الأزلي والذي أرسله هو يسوع المسيح (يو3:17) الذي جعل من حياتنا اليومية حياة أبدية


الساعة الآن 12:16 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025