![]() |
ينبوع في وادي الدموع https://files.arabchurch.com/upload/i.../832257240.jpg طوبى لأُناس عزهم بك. طُرق بيتك في قلوبهم. عابرين في وادي البكاء، يُصيِّرونه ينبوعًا ( مز 84: 5 ، 6) مَنْ هم أولئك المؤمنون الذين يستطيعون أن يصيِّروا وادي البكاء ينبوعًا؟ هم أولئك الذين وصفهم الوحي بالقول: «طوبى لأُناس عزهم بك. طرق بيتك في قلوبهم. عابرين في وادي البكاء، يصيِّرونه ينبوعًا». فيجب أن يكون المؤمنون عابرين وعابدين ومعتزين بالرب. فلا يمكن أن يكون الينبوع جاريًا إلا إذا كانوا عابرين، فإذا حطوا رحالهم ليستريحوا، فإن مياههم تقف عن الجريان ويصبح ينبوعهم راكدًا. إنما نحن هنا غرباء ونُزلاء، ليس لنا هنا قرار ولا وطن، لأن وطننا في الأعالي، فيجب أن نسير إليه بكل جِد ونشاط واهتمام بلا توانِ ولا كسل، بل كأُناس ينتظرون سيدهم، وكعروس تشتاق إلى عريسها يجب أن نُسرع لكي نلاقيه. وعند مُلاقاته تنتهي أتعابنا وأنَّاتنا وتنهداتنا. ولكننا أصبحنا كالعبد القائل: «سيدي يُبطئ قدومه»، أصبحنا وكأننا قد تعوَّدنا على آلام الحياة فلا نريد أن نترك عاداتنا. أصبحنا وكأننا نسينا مستقبلنا، فلا نريد أن نبلغ سعادتنا، لذلك جئنا في وسط الوادي وصنعنا لأنفسنا بيوتًا لا من طين بل من حجارة، وجمعنا لأنفسنا فيها كل أطايب الحياة وملذاتها، وكأن كلاً منا قال: ”نامي الآن يا نفسي واستريحي، لأن لكِ خيرات كثيرة، ولن يأتي السيد إلا بعد سنين عديدة“. ولكن في أثناء هذا النوم العميق ينادينا صوت النعمة الحلو: «هوذا العريس مُقبل، فاخرجن للقائه!». يجب أن يكون المؤمنون أيضًا عابدين. والوحي يقول تعبيرًا دقيقًا «طرق بيتك في قلوبهم»، مما يبرهن على شدة تعلق هؤلاء المؤمنين المطوَّبين ومشغوليتهم ببيت الله، حتى لقد أصبح الطريق إليه له مكان في قلوبهم، فيستطيع الواحد منهم أن يقول: «فرحت بالقائلين لي: إلى بيت الرب نذهب» ( مز 122: 1 )، و«هوذا ما أحسن وما أجمل أن يسكن الإخوة معًا» ( مز 133: 1 ). إن مَنْ تكون هذه حالتهم لا بد أن يجدوا في حضرة الرب الأمين أفراحًا غزيرة وتعزيات وافرة تفيض على جميع أرجاء هذا الوادي، فتملأه فرحًا وسرورًا. ثم يجب أن يكون المؤمنون معتزين بالله، يرون في الانتماء إليه عزهم، وفي الانضواء تحت رايته فخرهم. أولئك المؤمنون الحقيقيون الذين يستطيعون أن يكونوا بركة وفرحًا وسلامًا لعائلاتهم ولاجتماعاتهم وللعالم. |
آه. لو فطنت! https://files.arabchurch.com/upload/i.../801608897.jpg ارتعب فيلكس، وأجاب: أما الآن فاذهب، ومتى حصلت على وقت أستدعيك ( أع 24: 25 ) وقف بولس، ذلك السفير الأمين في السلاسل أمام الحاكم، وأرعد في أُذنيه بكلمات خطيرة مختصة بالبر والتعفف والدينونة العتيدة. ولما تكلَّم الأسير ارتعب القاضي!! يا له من أمر مخالف لِما يُشاهَد عادةً في ساحات المحاكم «ارتعب فيلكس»، وقد كان يُعتبر ارتعابه على نفسه مباركًا لو أنه قاده إلى الإيمان بالمسيح، ولكن بالأسف قد سكَّن نفسه بالتأجيل وأجاب: «أما الآن فاذهب، ومتى حصلت على وقتٍ (مناسب) أستدعيك» ( أع 24: 25 ). لكن ضاعت منه الفرصة إلى الأبد على قدر ما يُخبرنا التاريخ المقدس. يا للجهل! ويا للغباوة! هل الحياة الأبدية أمر ثانوي نترك التفكير فيه لوقت مناسب؟ وهل النجاة من الموت الأبدي أمر يُستهان به فيؤجل؟ لو سقطت الآن في البحر وأوشكت على الهلاك، فهل تستهين بحياتك وتهمل أمر نجاتك إلى وقت مناسب؟ هل تؤجل أمر خلاصك من الغَرَق لحظة واحدة؟ ألا تجتهد أن تنجو بأية طريقة؟ فلماذا إذًا تؤجل أمر خلاصك من البحيرة المتقدة بنار وكبريت إلى وقت مناسب؟ لا شك أن الشيطان يغوي الناس ويخدعهم لهلاكهم الأبدي. إنه يقدم لهم في كل لحظة مخدِّرًا يخدِّر أعصابهم فلا يشعرون بخطورة موقفهم. فكم مرة نسمع أُناسًا يقولون: ”عندنا مُتسع من الوقت لنخلص فيه. اتركنا نتمتع بحظنا في الحياة، وعندما نشبع من ملذاتها، فحينئذٍ نفكر في المسيح“! آه أيها القارئ العزيز: ليتك تفطن وتتأمل! فمَن أدراك أن شمس الغد ستُشرق عليك؟ ومَن أعلمك أنك ستكون ساعة الموت مُستجمعًا قواك العقلية حتى تفكر في نفسك؟ «هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص» ( 2كو 6: 2 ). ما أخبث الشيطان في إهلاك النفوس! فهو لا يحتقر أمامهم نعمة الله، ولا يعكر مجد هذه النعمة، بل يهمس في آذانهم: ”لديك الوقت الكافي. الله رحيم. انتظر قليلاً. لا تستعجل بالتضييق على نفسك. الله يقبلك في أي وقت تطلبه ..“. وبالأسف ما أكثر الذين يقبلون هذه الخِدعة الشيطانية ويهلكون في خطاياهم! عزيزي القارئ .. إن كنت لم تخلُص إلى الآن، نناشدك أن تهرب لحياتك، و«لا تفتخر بالغد لأنك لا تعلم ماذا يَلدُه يوم» ( أم 27: 1 ). |
جدعون والخدمة https://files.arabchurch.com/upload/i.../813484537.jpg وماذا أقول ... عن جدعون ( عب 11: 32 ) لم يكن لجدعون الإمكانيات الظاهرة، التي تؤهله لقيادة شعب الله للخلاص من تحت يد المديانيين. لكن رأى الرب أنه الشخص المناسب لهذا، إذ قال الرب له: «اذهب بقوتك هذه وخلِّص..» ( قض 6: 14 )، فقد كانت له بعض الصفات التي تؤهله للقيام بهذه المهمة وهى: 1ـ محبته: كان مُحب لإخوته إذ كان يخبط حنطة ليهربها إليهم، وأيضًا قال لملاك الرب: «إذا كان الرب معنا فلماذا أصابتنا كل هذه؟» ( قض 6: 13 )، فلم يتكلم عن نفسه فقط، بل نيابة عن الشعب كله. 2ـ سلامه: بنى مذبحًا للرب ودعاه «يهوه شلوم» ( قض 6: 24 )، أي الرب سلام، رغم وجود الأعداء والمخاطر المُحدقة به. 3ـ شجاعته: هدم مذبح البعل الذي لأبيه، وقطَّع السارية التي عنده ( قض 6: 25 ). 4 ـ طاعته: «عمل كما كلَّمه الرب» ( قض 6: 27 ). 5 ـ ثقته: قال لمَنْ معه: «قوموا لأن الرب قد دفع إلى يدكم جيش المديانيين» ( قض 7: 16 )، رغم أنه كان معه 300 نفس فقط، أمام جيش كالجراد في الكثرة. 6ـ وداعته: واجه مُخاصمة سبط أفرايم بوداعة وتواضع إذ «قال لهم: ماذا فعلت الآن نظيركم؟ .. حينئذ ارتخت روحهم» ( قض 8: 2 )، مع أنه هو الذي حارب وخلَّص إسرائيل. 7ـ مُثابرته: رغم ما بذله من مجهود في الحرب، هو ومَنْ معه جاءوا إلى عبر الأردن مُعيين ومُطارَدين ( قض 8: 4 )، حتى أدركوا الأعداء وقضوا عليهم. يا له من شخص مناسب لعمل الخلاص! فقد تمتع بالصفات التي تؤهله لهذا، وليس بقوة جسدية أو معونة بشرية. |
العادات الجارية والسلوك المسيحي https://files.arabchurch.com/upload/i.../288654524.jpg فأطلب إليكم، أنا الأسير في الرب: أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دُعيتم بها. ( أف 4: 1 ) لا نزاع في أن لكل قوم عاداتهم وطرق المعيشة الخاصة بهم، إلا أن المؤمن بالمسيح في خطر من أن يكون، بتمسكه بالعادات، ينكر مبادئ الإنجيل إلى حدٍ ما، ومعرَّض أيضًا أن يجرفه تيار الرياء ( غل 2: 13 ) الذي يعتبره الناس في أوساط كثيرة مهارة وحذقًا. لذلك يجب أن نكون دائمًا يقظين لكي نثبت على المبادئ المسيحية كما هي موضحة في كلمة الله. إن المؤمن له طرق ومقاييس خاصة للحياة كشخص سماوي سائح وغريب، فمهما فعل الآخرون يجب أن يسلك المؤمن كما يحق للدعوة التي دُعي بها. لقد تركنا الله هنا لنحيا حياة تعكس على الآخرين بركة النور والقداسة التي تميز المؤمنين بالمخلِّص الذي أتى من السماء وسيأتي ثانيةً. ليت الرب يدرب قلوبنا في هذا الأمر. وبطريقة عملية أشير إلى أمثلة في الحياة يجب أن يتصرف فيها المسيحي على أساس المبادئ المسيحية حتى ولو كان يخالف في ذلك الآراء الشائعة والعادات الجارية في المحيط الذي يعيش فيه، أقصد بذلك مثلاً: الزواج والموت. فلنحترس من اتباع العادات لمجرد كونها مُتَّبعة من القديم لأن كثيرًا من هذه العادات له أصل وثني. ففي أمور الزواج يجب أن تسود البساطة والتقوى والفرح المقدس، وإرضاء الرب في تصرفاتنا، وعدم إحزان روحه القدوس. وفي الموت يُظهر المؤمنون أنهم يؤمنون بالقيامة حقًا وبأن المسيح قد انتصر على الموت، وعلى ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس. وبناء عليه يكون هناك حزن طبيعي، ولكن ليس كحزن الذين لا رجاء لهم، لأنه: «إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام، فكذلك الراقدون بيسوع، سيُحضرهم الله أيضًا معه» ( 1تس 4: 14 ). وبالإجمال في كل المناسبات التي تتكون منها الحياة العادية يجب علينا أن نُظهر بتواضع الفارق الذي جعله المسيح بين مظاهر ومبادئ المؤمنين به وغيرهم، وبقدر ما نُظهر فضائل المسيح الذي نقلنا من الظلمة إلى نوره العجيب في كل دوائر حياتنا وسلوكنا، في بيوتنا وفي أشغالنا، في أفراحنا وفي أحزاننا، بهذا القدر نؤثر في الآخرين تأثيرًا يقنعهم بأن المسيح حقًا هو الطريق والحق والحياة. |
تقديس الكهنة https://files.arabchurch.com/upload/i...1/99213037.jpg فتذبح الكبش وتأخذ من دمه وتجعل على شحمة أُذن هارون، وعلى شحم آذان بنيه اليُمنى، وعلى أباهم أيديهم اليُمنى، وعلى .. أرجلهم اليُمنى ( خر 29: 20 ) عند تقديس الكاهن، كان الدم يُوضع على شحمة أُذنه اليُمنى وعلى إبهام يده اليمنى وعلى إبهام رجله اليُمنى للدلالة على أنه تخصص بكُليته لخدمة المَقدِس بحسب إرادة الله ( خر 29: 20 ). وهكذا نحن عندما ندرك أننا قد افترزنا لله بواسطة دم المسيح وعطية الروح القدس، يقودنا هذا الإدراك للسير في الطريق المرضي لله، والانشغال في كل ما يُسرّ قلبه. ولا يمكننا أن نبتعد عن هذا الطريق ما دمنا واثقين من غفران خطايانا، وندخل إلى ما داخل الحجاب بفضل دم المسيح، وفاهمين قيمة ذلك الدم في تخصيصنا لله. وكانت علامة الدم توضع على شحمة الأذن اليُمنى لأن الأُذن هي باب العقل وبريده، الذي يأتي إليه بالأخبار، وهو بمقتضاها يكوِّن حُكمه على الأشياء. ويوجد اتصال وثيق بين الأُذن واللسان في خدمة الكلمة، فالخادم الحقيقي يسمع أولاً ثم يتكلَّم، وهكذا كان الحال مع الخادم الكامل ربنا يسوع المسيح «أعطاني السيد الرب لسان المتعلمين لأعرف أن أُغيث المُعيي بكلمة. يوقظ كل صباح، يوقظ لي أُذنًا، لأسمع كالمتعلمين. السيد الرب فتح لي أُذنًا وأنا لم أُعاند» ( إش 50: 4 ، 5). ونحن إن أعطينا آذاننا للخادعين والأشرار، فيا للخسارة التي لا تُقدَّر. إن الشيطان حصل على أُذن حواء أولاً، وعندئذٍ أخطأ قلبها ضد الله. ليته يكون في نفوسنا دائمًا الشعور بأن آذاننا لله وحده، حتى نرفع قلوبنا إليه من يوم إلى آخر، بل من ساعة إلى أخرى قائلين: ” تكلم يا رب لأن عبيدك سامعون“. ثم إن وضع علامة الدم على إبهام اليد اليُمنى، يدل على افترازنا لخدمة الآخرين بحسب مشيئة الله، وعلى قدر ما يُعطينا من القوة والفرصة. لذلك يجب أن نلاحظ خدمتنا، فمهما يكون نوع الخدمة الموكولة إلينا من الله، علينا أن نلاحظه بخصوصها. ووضع علامة الدم على إبهام الرِجل اليُمنى، يُشير إلى أننا تقدسنا بدم المسيح للسير في طريق الطاعة لإرادة الله كمَن ليسوا لأنفسهم، بل قد تخصصوا لله. لذلك يجب أن نعمل كل شيء باسم الرب يسوع ولمجد الله. فيا ليتنا نحفظ في قلوبنا دائمًا أننا قد تخصصنا بجملتنا لله بواسطة دم المسيح. |
القداسة العملية وأهميتها اتبعوا ... القداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب ( عب 12: 14 ) ما هي القداسة المُشار إليها هنا؟ للإجابة عن هذا السؤال علينا أن نتذكر أن العهد الجديد استخدم القداسة بالنسبة إلى المؤمنين بثلاثة طُرق مختلفة على الأقل. أولاً: يصبح المؤمن صاحب مقام مقدس لحظة اهتدائه؛ فإنه يتم فصله لله من العالم ( 1كو 1: 2 ، 6: 11)، إنه باتحاده بالمسيح يتقدس إلى الأبد. وهذا ما قصده مارتن لوثر بقوله: إن قداستي هي في السماء. فالمسيح هو قداستنا من جهة مقامنا أمام الله. ثم هناك القداسة العملية ( 1تس 4: 3 ، 5: 23). وهذا ما ينبغي أن نكون عليه يومياً. نحتاج إلى أن ننفصل عن كل أشكال الشر، وهذه القداسة يجب أن تكون تدريجية، بمعنى أن يجب أن ننمو أكثر فأكثر على شبه المسيح كل حين. أخيراً، هناك القداسة الكاملة. وهذه تتم عندما يمضي المؤمن إلى السماء. عندئذ يتحرر من الخطية إلى الأبد ويتخلص من طبيعته الساقطة، وتمسي حالته متجانسة بالتمام مع مقامه. والآن، أية قداسة علينا أن نتبع؟ طبعاً، القداسة العملية هي المقصودة هنا. فنحن لا نسعى في أثر قداسة المقام لأنها تصبح لنا عند ولادتنا الجديدة. كما أننا لا نطلب القداسة الكاملة التي لن تكون من نصيبنا إلا عندما نعاين وجهه الجليل. أما القداسة العملية أو التدريجية، فهي أمر يتعلق بطاعتنا وبتجاوبنا. نحن نحتاج إلى اكتساب هذه القداسة باستمرار. وكوننا نحتاج إلى اتباع القداسة، فهذا برهان على أننا لن نبلغ ذلك بشكل كامل في هذه الحياة. لكن تبقى أمامنا صعوبة. هل صحيح أننا لا نستطيع أن نرى الرب من دون قداسة عملية؟ نعم هذا يصحّ ولكن لا يعني أننا إذ نعيش في حياة مقدسة نكسب حق رؤية الله. فيسوع المسيح وحده هو الذي يخولنا حق الدخول إلى السماء. إن مغزى هذه الآية هو أن القداسة العملية هي برهان على الحياة الجديدة في الداخل. |
ما يُقدِّره الله ويمدحه http://i88.servimg.com/u/f88/13/68/14/31/13578910.gif وتسربلوا بالتواضع، لأن الله يقاوم المستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة ( 1بط 5: 5 ) إن التواضع والخضوع والوداعة هذه كلها يقدِّرها الله ويمدحها كثيرًا. وهكذا سلك في الأرض ابنه الحبيب، وهكذا يجب أن يسلك أولاده الآن، لأننا مدعوون أنه كما سلك ذاك هكذا نسلك نحن أيضًا. فهل آن لنا أن نقدِّر وأن نطلب التسربل بهذه الصفات، والتحلي بها، وأن نَدَع للروح القدس الفرصة لكي يُشكّلنا على صورة المسيح الإنسان السماوي الكامل؟ إن الله يكره الكبرياء وتعظيم الذات، وهو لا يطيق شيئًا من هذا في أولاده، وبكل تأكيد هو يقاوم السالكين بالكبرياء حتى يضعهم. إنه يقاوم أولئك الذين يملأهم الغرور والفخر، الذين يطلبون مجدًا من الناس وليس من الله. وداود يعبِّر عن حقيقة عظمى حين يقول: «خيرٌ لي أني تذللت لكي أتعلم فرائضك» ( مز 119: 71 ). وكل ابن لله لا شك أنه يرحب بكل ما يسمح به إلهه لأجل تذليله وإخضاعه. إننا نشكره ونحمد اسمه من أجل كل ما يضعنا في التراب أمامه. هكذا أذل الله إسرائيل «وتتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب إلهك هذه الأربعين سنة في القفر، لكي يُذلك ويجرِّبك ... فأذلك وأجاعك وأطعمك المَن ...» ( تث 8: 2 ، 3). لقد ذلل نبوخذنصَّر بسبب كبريائه؛ لقد وُضع جدًا، ولكن ذلك الملك اعترف بفضل يد الله الرحيمة وقال: «فالآن، أنا نبوخذنصَّر، أسبِّح وأُعظِّم ملك السماء، الذي كل أعماله حق وطُرقه عدل، ومَن يسلك بالكبرياء فهو قادر على أن يُذله» ( دا 4: 37 ). كانت هذه آخر كلمات نطق بها ذلك الملك العظيم (بحسب ما ورد في سفر دانيال). وهكذا يجب علينا أن نسلك بالتواضع أمام الرب، فنُظهر صفاته وفضائله، خصوصًا في الخدمة التي يعطينا كرأسنا المُمجَّد أن نؤديها له. يحق لنا أن نفعل الكل بكل تواضع، غير طالبين لأنفسنا مجدًا بل مُعطين إياه كل المجد. وفي هذا نجد الرب نفسه مثالاً لنا، إذ خدم على الأرض في غير تظاهر. ومسلَك كهذا وخدمة كهذه يقدِّرها الله كل التقدير. إنه يُسرّ بهذه الروح في السلوك والخدمة والتصرف لأنها تُبرز أمامه صورة ابنه المبارك. والتشبع بهذه الروح معناه الامتلاء بالقناعة وبالسلام في الداخل. |
آتي أيضًا https://files.arabchurch.com/upload/i...11/2650347.jpg في بيت أبي منازل كثيرة .... آتي أيضًا وآخذكم إليَّ ( يو 14: 2 ، 3) يساعدنا كثيرًا على التأمل في حقيقة مجيء الرب، أن نضع في بالنا القرينة المذكورة فيها تلك الحقيقة. فحينما نقرأ قول السيد في يوحنا14 «وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتي أيضًا» يجب أن نضع أنفسنا في مركز التلاميذ الذين كان يكلمهم. ويا لها من هزة عنيفة أصابتهم لمَّا سمعوا أن سيدهم مزمع أن يفارقهم! فكيهود، تربوا على الآمال اليهودية، كان طبيعيًا أن ينتظروا الملكوت. فقد آمنوا أن يسوع هو المسيا، وتعلقت أفكارهم بمجد مُلكه ـ بل قد أراد بعض منهم أن يكون له مكان سامِ في الملكوت! ولكن ها هي آمالهم تتلاشى، لأن الرب مزمع أن يتركهم ويمضي إلى الأعالي. على أننا نحن نعرف أنه كان من الضروري جدًا أن يموت الرب لكي يصنع الكفارة، وإلا فليس في الإمكان أن يكون لنا نصيب معه في المجد. وما أكثر لمعان محبة المسيح البادية في خلال هذا الجزء من إنجيل يوحنا. فقد حاول أن يصب زيت التعزية في قلوبهم الحزينة بالقول: «آتي أيضًا». لكن ليس ”ليُقيم الملكوت“، بل «لآخذكم إليَّ». هذا هو الوعد المبارك الذي ننتظر إتمامه. ويزيد في حلاوة وقيمة هذا الوعد، النغَمة الشخصية التي ترِّن في آذاننا بالاقتران مع «(أنا) أمضي»، «(أنا) آتي أيضًا»، «وآخذكم إليَّ (أنا)». ولأن الرب كان قد نطق بهذه الكلمات قبيل انطلاقه، فإنها ترِّن في آذاننا اليوم بقوة أكثر ونحن نتوقع لحظة مجيئه القريب جدًا. وفي 2تيموثاوس4: 8 يتكلم الرسول عن «إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط، بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضًا». والقرينة هنا توضح ما قصده الرسول بهذه الكلمات، فهو يتكلم عن ظهور الرب في المجد حين يأتي مع قديسيه. وهذا الوجه من حقيقة مجيء الرب هو أكثر الوجوه خطورة. فإنه حين يأتي لقديسيه سيختطف جميع المفديين لملاقاته في الهواء، إذ إن المسألة حينئذٍ مسألة نعمة خالصة. ولكن حين يأتي مع قديسيه، فذلك يعقب مجيئه لأجلهم، بعد أن يكونوا قد أُظهروا أمام كرسي المسيح ( 2كو 5: 10 ). هناك توزع المكافآت في الملكوت، وهناك ينكشف تاريخ حياتنا في حضرة الرب نفسه. إذًا فالظهور مرتبط بمسؤوليتنا لا بامتيازاتنا كمؤمنين. |
تعال واشرب https://files.arabchurch.com/upload/i.../467014687.jpg أيها العطاش جميعًا هلُموا إلى المياه، والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكُلُوا. هلُموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمرًا ولبنًا ( إش 55: 1 ) إذا أتيت وشربت من هذا الينبوع، كما يقول المسيح، فإنك لن تعطش مرة أخرى. لقد وعد بأن يطفئ ظمأك. يقول: «إن عطش أحدٌ فليُقبل إليَّ ويشرب» ( يو 7: 37 ). إني أشكر الله من أجل هذه الكلمات «إن عطش أحدٌ»، فهي ليست موجهة إلى جماعة معينة، ولا إلى الناس المحترمين، بل إلى الجميع. إن كل سكير وزانِ ولص ومعتد بذاته ومُلحد، الكل يدخلون ضمن كلمة «أحدٌ». «إن عطشَ أحدٌ» .. ما أعظم تعطش هذه الدنيا لشيء مُشبع. ما الذي يملأ أماكن اللهو من مسارح وصالات للرقص والموسيقى ليلاً ونهارًا؟ ألا يملؤها الناس الذين يشعرون بالافتقار إلى شيء ليس لديهم. إن اللحظة التي فيها يعطي الإنسان ظهره لله يشعر بالعطش الشديد، وهذا العطش لا يهدأ حتى يرجع إلى «ينبوع المياه الحية». إن مَن يطلب الارتواء من مسرات العالم ينطبق عليه قول إرميا النبي بأنه قد ترك ينبوع المياه الحية لينقر لنفسه آبارًا «آبارًا مُشققة لا تضبط ماءً» ( إر 2: 13 ). يوجد عطش لا تستطيع هذه الدنيا أن تُطفئه على الإطلاق. كلما شربنا من مسرات العالم كلما ازددنا ظمأ. نطلب المزيد والمزيد من هذه المسرات، ولكن مهما أكثرنا من الشرب فإننا لا نشعر بالارتواء على الإطلاق، ولكن يوجد ينبوع مفتوح لا ينضب، ليتنا نسير نحوه ونشرب فنحيا. هل أنت عطشان أيها القارئ؟ تعال واشرب من الينبوع الذي فُتح من جنب المسيح. عطشك يزول ولا تعود أيضًا تعطش فيما بعد. إن الماء الذي تشربه يصير «ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية» ( يو 4: 12 ). إن الماء يرتفع إلى مستواه الأصلي، ولأن هذا الماء قد نزل من عرش الله، لذلك فهو يحملنا إلى حضرة الله. تعالوا أيها العطاش، انحنوا واشربوا واحيوا، الله يدعوكم فتعالوا. إن نهر نعمة الله المجانية لا يجف، لا يزال فائضًا الآن مع أن كل المؤمنين من ستة آلاف سنة قد شربوا منه. فهابيل وأخنوخ ونوح وإبراهيم وموسى وإيليا والرسل وباقي المؤمنين، الجميع شربوا منه وهم الآن في السماء حيث يرتوون في حضرة المسيح «لن يجوعوا ولن يعطشوا بعد». فتعال الآن أيها القارئ العزيز واشرب من نهر نعمة الله فتجد راحة أبدية وارتواءً أبديًا. |
يوناثان وحامل سلاحه https://files.arabchurch.com/upload/i.../257546050.jpg فقال يوناثان للغلام حامل سلاحه: تعال نعبر إلى صف هؤلاء الغلف، لعل الله يعمل معنا ( 1صم 14: 6 ) اقترح يوناثان على حامل سلاحه، وهو غلام مجهول الاسم، أن يصعدا إلى محلة الفلسطينيين. وكم كانت نبيلة إجابة الغلام: «اعمل كل ما بقلبك. تقدَّم. هأنذا معك حَسب قلبك». و«هل يسير إثنان معًا إن لم يتواعدا؟» ( عا 3: 3 ). هذا هو الإيمان الذي يستجيب للإيمان ويرقى به. ولكن الشجاعة لا تعني التهوُّر، رغم أنها كثيرًا ما تبدو كذلك. كان يوناثان حقيقةً يعمل مع الله ( 1صم 14: 45 )، ولكن كان عليه أن يتأكد أنه يسير في سبيل الله، لذلك وضع علامة لتحدث من الله نفسه ليتأكد من معيَّته، الأمر الذي حدث مع جدعون في يومه حيث تقوَّى إيمانه بعلامات متنوعة. كان يوناثان وحامل سلاحه مزمعين أن يُظهرا نفسيهما للفلسطينيين ليجذبا انتباههم، فإذا أثارهم ذلك لحد النزول إليهما كان عليهما أن يبقيا منتظرين هجوم الفلسطينيين. أما إذا دعاهما الفلسطينيون للصعود إليهما فليتقدما واثقين أن الله يقودهما إلى النُصرة. ويُلاحظ أن يوناثان لم يضع خطة للتقهقر. ويبدو أنه لم يكن يفكر سوى في النُصرة. كانت المسألة ببساطة؛ مَنْ سيهجم أولاً؟ وللإيمان سلاحه في كِلتا اليدين اليُمنى واليُسرى، فهناك: الدرع، والترس، والخوذة، ولكن لا توجد قطعة في سلاح الله الكامل تحمي الظهر. لا مكان للجُبن الذي يهرب بعيدًا. كان يوناثان مزمعًا أن يتقدم أو يثبت في مكانه، لن يتقهقر، ولا نحن بنعمة الله. وكم هي رائعة استجابة الله للإيمان الواثق فيه بهذه الجرأة. فالاثنان أظهرا نفسيهما لأعدائهما ودُعيا للصعود إليهم. ولنا أن نتخيَّل الابتسامة الصفراء التي ارتسمت على شفاه الفلسطينيين. ولا بد أنهم قالوا بازدراء: «هوذا العبرانيون خارجون من الثقوب التي اختبأوا فيها» (ع11). يا له من عار، أيها الأحباء، يلصق بنا عندما نخاف أن نقول إننا للرب ثم نختبئ في الجحور الخفية، عندما نخاف أن نُعلِم جيراننا أننا للمسيح، وأن كلمة الله هي مُرشدنا الكافي والكُفء، وأننا نحرص على طاعتها. ألا يتجنب هذا العار السواد الأعظم من شعب الرب في وقتنا الحالي، حتى إن أقرب المقرَّبين من المتعاملين معهم لا يتوقعون أنهم حقيقةً خاصة المسيح؟ بالطبع يوجد نوع من الرقي الأدبي في السلوك بالاستقامة إلى حد ما لا يُخفي على عين الناظر، ولكن حتى غير المؤمنين يمكنهم تقليد ذلك. ولكن أين ذلك من الاعتراف الجريء بربوبية المسيح علينا؟ |
المؤمن قد يشرد لكنه لا يرتد https://files.arabchurch.com/upload/i.../479627837.jpg يَرُّد نفسي. يهديني إلى سُبُل البر من أجل اسمه ( مز 23: 3 ) إن القديس على الأرض ليس هو شخصًا معصومًا من الخطية، ومن الجانب الآخر لا يمكن للخطية أن تتسلَّط عليه. وحسنٌ أن ندرك أنه بالنسبة للمؤمن، هناك أشياء يمكن أن تحدث معه، وعلينا أن نعرفها لكي نتحذّر منها ونتجنبها، وهناك أشياء لا يمكن مُطلقًا أن تحدث معه، وعلينا أن نعرفها، لكي نتشجع في رحلتنا ونتعزَّى ونشكر. فبالنسبة لاتجاه المؤمن، ممكن للمؤمن أن يشرد بعيدًا، ولكن يستحيل عليه أن يرتد. وفي الرسالة إلى العبرانيين، حين تحدَّث الرسول عن الارتداد، فإنه قال: «إن ارتد (أحد) لا تُسرّ به نفسي»، ثم يستطرد قائلاً: «وأما نحن (أي المؤمنون الحقيقيون) فلسنا من الارتداد للهلاك، بل من الإيمان لاقتناء النفس» ( عب 10: 38 ، 39). والمؤمن في هذا يُشبه الخروف، إذ يمكن أن يشرد، وممكن أن يضل بعيدًا عن راعيه، لكن لأن راعيه راعٍ عظيم، يستحيل أن يُفقد منه أحد خرافه ( يو 10: 27 - 30). وهناك في العهد القديم حادثة توضح هذه الحقيقة، وهي حادثة نُعمي امرأة أليمالك التي ذهبت مع رجلها إلى بلاد موآب، وتأدبت هناك نتيجة تركها للرب ولأرض الرب، وعند عودتها فإنها قالت: «إني ذهبت ممتلئة وأرجعني الرب فارغة» ( را 1: 21 ). يقينًا كانت نُعمي تُركِّز على كلمتي «ممتلئة» و«فارغة»، أما أنا فيطيب لي أن أُركِّز على كلمتي: «إني ذهبت .. وأرجعني الرب». بمعنى أنها ذهبت بإرادتها العاصية، لكن الذي أرجعها الرب بنعمته الوافرة. والفكرة عينها نجدها في مزمور119، حيث يقول المرنم في آخر آية: «ضللت، كشاةٍ ضالة»، ثم يضيف قائلاً: «اطلب عبدك» ( مز 119: 176 )، وكأنه يقول: ”أنا أعرف أن أضل، ولكني لا أعرف كيف أرجع، عليَّ أن أثق في صلاحك من نحوي، فاطلب عبدك“. ولقد قال داود عن الرب راعيه: «يرُدُّ نفسي. يهديني إلى سُبُل البر من أجل اسمِهِ» ( مز 23: 3 ). إذًا فالمؤمن قد يترك الطريق الصحيح، بل قد يسير زمنًا في الاتجاه المضاد، وعندما يُدرك ذلك، لا بد أن يتأسف على ما ضاع من وقت وجهد في الطريق الذي أخذه بعيدًا عن الهدف، لكنه لن يكتفي بالأسف، بل من أول فتحة تمكنه من الدوران للخلف، سيصحح مساره، متحولاً عن المَسَار الخطأ. |
الصلاة دائمًا https://files.arabchurch.com/upload/i.../761696515.jpg .. مواظبين على الصلاة ( رو 12: 12 ) شيئان ضروريان لطبيعتنا الجديدة ولبقائها في حالة انتعاش دائمًا: وهما قراءة الكلمة والصلاة. لا يمكننا أن نهمل أحدهما إذا كنا نرغب أن تكون قلوبنا بل حياتنا هي صدى لنعمة الله المُعطاة لنا. فإذا أهملنا قراءة الكلمة فهناك الخطر على صلاتنا بأن تصبح مجرد رغبات جسدية بدلاً من عمل الروح القدس الذي «بحسب مشيئة الله يشفع في القديسين». فنحتاج أن تكون طلباتنا لنوال البركة الروحية في جو كلمة الله، وبرفقة الرب يسوع المسيح نفسه وبقوة الروح القدس. ومن الناحية الأخرى يوجد خطر عكس هذا هو أن القراءة بدون صلاة تُفضي إلى ملء الذهن بالمعرفة العقلية التي تؤدي إلى حالة برود وعدم إثمار روحي وتصبح بلا قوة، بل تظهر فيها روح الكبرياء. فلا يوجد شيء يضعف الحياة الروحية أكثر من أن يكون العقل مشغولاً بالحق المقدس بينما القلب والضمير يبقيان غريبين عن قوته. لا يمكن أن يكون هناك سبب لانحطاط الحالة الروحية أكثر من إهمال الصلاة. دعنا نقتدي بالمسيح مثالنا وشعارنا. لقد بدأ واستمر وأنهى كرازته بالصلاة: فنقرأ عنه في الأناجيل أنه صلى عند معموديته، وكان يعتزل ويصلي في البراري، وكان يقضي الليل كله في الصلاة، وكان يصلي منفردًا، وأخذ بطرس ويوحنا ويعقوب وصعد إلى جبل ليصلي، وجثا على ركبتيه وصلى، وكان يصلي بلجاجة. وفي نهاية أيامه العجيبة على الأرض، وفي وسط نضاله على الصليب كان يصلي لأجل أعدائه!! ثم فكِّر في بولس الذي حثَّنا على أن نتمثل به، كما كان هو متمثلاً بالمسيح. دعنا نفكر في أعماله الشاقة المتعلقة بالتبشير بالكلمة وفي الوقت نفسه ـ بقدر ما سمحت له الظروف ـ كان يتابع عمله كصانع خيام. عندئذٍ نتعجب! كيف كان يجد الوقت للصلاة؟ لكننا نقرأ عنه أنه كان «يصلي بلا انقطاع». وبدون شك سوف نرى في المجد أن كل بركة للقديسين وخلاص للخطاة كان مسبوقًا بصلاة حارة مؤثرة من أُناس كان جهادهم في السماء أكثر من الأرض ـ رجال ونساء مثل أبفراس ( كو 4: 12 ). ليتك أيها القارئ العزيز تغتنم كل فرصة للصلاة، وسوف تتمتع بنتائجها المباركة. |
محبة غير متغيرة https://files.arabchurch.com/upload/i.../832170880.jpg أما يسوع .. وهو عالم أن ساعته قد جاءت .. إذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم إلى المنتهى ( يو 13: 1 ) إن محبة الرب لا يمكن أن يعتريها أي تبديل مهما تغيَّرت الأحوال وتبدلت الظروف. إن الرب ـ تبارك اسمه ـ في أحلك ظروف حياته، وهو عالم بكل ما سيأتي عليه من دينونة مُرعبة ستقع عليه من يد الله، ومن فعل خسيس من تلميذ خائن، ومن نُكران مُخجل من تلميذ واثق في ذاته، ومن هروب مُخزي من كل تلاميذه، وهو يعلم بكل هذا، لم تفتر محبته، بل لم تتغير محبته لخاصته قيد شعرة. نعم لم تتغير محبته لخاصته رغم الظروف العصيبة المزمعة أن تعصف به. فمَن ذا الذي يستطيع أن يعي هول الدينونة التي كانت ستنصب على رأسه الجليل، عندما تم القول: «استيقظ يا سيف على راعيَّ، وعلى رجل رفقتي، يقول رب الجنود. اضرب الراعي فتتشتت الغنم، وأرُّد يدي على الصغار» ( زك 13: 7 ). ومَنْ ذا الذي يستطيع أن يدرك ما سيلحَق بمشاعره الرقيقة من أذى إزاء فعل خسيس ودنيء من ذلك الذي أشار الرب إليه في قوله بروح النبوة: «رجل سلامتي، ... آكِل خبزي، رَفع عليَّ عقبه!» ( مز 41: 9 ). ومَنْ يستطيع أن يدرك تلك اللطخة السوداء التي صبغها ذلك التلميذ العاثر، عندما أعلن بلعنٍ وحلفٍ أنه لا يعرف هذا الرجل، وهو بذلك حقق كلمات الرب الأسيفة عنه: «إنك في هذه الليلة قبل أن يصيح ديكٌ تُنكرني ثلاث مراتٍ» ( مت 26: 34 ). ومَن يستطيع أن يدرك كَمّ الألم الذي سيعانيه عندما يتخلى عنه الكل ويلوذوا جميعًا بالفرار ( مت 26: 56 )، ليصبح هو ـ تبارك اسمه ـ « الحمامة البكماء بين الغرباء» (عنوان مزمور56)، و«كعصفورٍ منفردٍ على السطح» ( مز 102: 7 ). نعم إنه كان يعلم بكل ما سيأتي عليه، ومع ذلك محبته لم تتغير ولم تفتر على الإطلاق. إذ نجده ـ رغم السحب الكثيفة الداكنة التي أحاطت به ـ يحرص جدًا على سلامة وأمن تلاميذه، فنسمعه يقول للذين جاءوا للقبض عليه: «فإن كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون!» ( يو 18: 4 ، 8). يا لروعة محبته غير المتغيرة لتلاميذه! ويا لجمال محبته نحو خاصته! فلا يوجد شيء أيًا كان يمكنه أن يحول دون سريان تلك المحبة الفائضة من نحو مَنْ خصَّهم بعنايته ورعايته واهتمامه. لقد أحب ويحب وسيحب خاصته الذين في العالم إلى المنتهى. فما أعجب هذه المحبة حقًا! |
الحصادون وخدمتهم https://files.arabchurch.com/upload/i.../366507878.jpg عيناكِ على الحقل الذي يحصدون واذهبي وراءهم ... وإذا عطشتِ فاذهبي إلى الآنية واشربي مما استقاه الغلمان ( را 2: 9 ) كان للحصادين خدمتهم بالارتباط مع راعوث ( را 2: 4 - 7؛ 9؛ 21). لقد كانوا عبيد بوعز ويمثلون أمامنا بصورة حية الصفات التي تميز عبيد الرب الذين كرَّسوا أنفسهم لخدمة شعب الرب. والضرورة الأولى لكل خادم للرب هو معية الرب، ولذلك نجد بوعز يرسل تحياته للحصادين برغبة جميلة «الرب معكم» (ع4). وثانيًا: لكي تتحقق خدمة بوعز بصورة فعالة، يجب أن يتوفر الخضوع للعبد الموكَّل على الحصادين. إننا لا نحتاج فقط إلى الرب ليكون معنا، بل أيضًا إلى قيادة الروح القدس (ع5). وثالثًا: فإن الحصادين يذهبون أمامها، أما راعوث فتتبعهم، وأمكنها أن تقول: «دعوني ألتقط وأجمع بين الحُزم وراء الحصادين». والكتاب يعترف بهؤلاء الذين يقودون شعب الله روحيًا، الذين يتكلمون لنا بكلمة الله، وعلينا أن نتبع إيمانهم. ولمثل هؤلاء نطيع ونخضع لأنهم يسهرون لأجل نفوسنا ( عب 13: 7 ، 17). ورابعًا: فهؤلاء الغلمان يستقون من الآبار. إنه امتياز لراعوث أن تشرب الماء، ولكنها مسؤولية الغلمان أن يستقوا الماء من مصادره. لم يُدعَ الجميع إلى ذلك، وليس للكل هذه الكفاءة أن يستقوا المياه من آبار الله العميقة، ولكن الكل يمكنهم أن يشربوا من الماء عندما يوضع في الآنية المناسبة لهم. فالماء الذي في البئر لا يستطيع أن يصل إليه الجميع، أما الماء الذي في الآنية فهو في إمكان الكل. ولذلك كانت الكلمة إلى راعوث «وإذا عطشتِ فاذهبي إلى الآنية واشربي مما استقاه الغلمان». قيل لتيموثاوس: «اهتم بهذا» (أي ردده متأملاً)، «كن فيه» (بكل طاقتك) وبالتأكيد فإن هذا معناه استقاء الماء من البئر، أما «لكي يكون تقدمك ظاهرًا في كل شيء» فهذا معناه أن يكون الماء في الآنية ميسورًا للجميع (1تي4). خامسًا: ولكي يكون الحصادون في تمام المناسبة مع خدمتهم، عليهم أن يأخذوا توجيهات خاصة من سيدهم «فأمر بوعز غلمانه قائلاً: دعوها تلتقط بين الحُزم أيضًا ولا تُؤذوها. وانسلوا أيضًا لها من الشمائل، ودعوها تلتقط، ولا تنتهروها» (ع15، 16). واحتياجات الأفراد الخاصة تستدعي توجيهات خاصة من الرب. فكم يجب أن يكون العبد قريبًا من السيد، ففي خدمته عليه أن يعرف كيف ينسل ويملأ قبضة يديه لاحتياجات النفوس الخاصة دون ”تعيير“، وبدون ”انتهار“. |
صخرة نجاتنا http://i88.servimg.com/u/f88/13/68/14/31/13578910.gif فرجع شاول عن اتباع داود، وذهب للقاء الفلسطينيين، لذلك دُعِيَ ذلك الموضع صخرة الزَّلقَات ( 1صم 23: 28 ) كان شاول يطارد داود، وقد اقترب إليه جدًا حتى كأنه اقتنص فريسته في هذه المرة، إذ مكتوب «وكان شاول ورجاله يُحاوطون داود ورجاله لكي يأخذوهم» ( 1صم 23: 26 )، ولكن بغتةً ظهر رسول قائلاً لشاول: «أسرع واذهب لأن الفلسطينيين قد اقتحموا الأرض» (ع27)، فذهب شاول ونجا داود من موقف من أعظم مواقفه خطرًا. وبذلك تحوَّل مكان الخطر هذا إلى مكان تذكاري لخلاص الله، إذ إن المؤمن يرى في كل هذه الأمور تداخل الله العجيب لنجاة داود. ألا توجد مواضع كثيرة في اختبارنا اليومي تستحق أن نكتب عليها بحق كما كتب أولئك العبرانيون تلك الكلمة العجيبة «صخرة الزلقات (أي صخرة النجاة)»؟ إن الله لم يكن مُخلِّصًا لداود في هذه الحادثة أكثر من كونه مخلِّصًا لعبيده الذين يتكلون عليه في هذه الأيام. ولنتذكر على الدوام تلك الكلمات التي فاه بها ربنا يسوع المسيح «حتى شعور رؤوسكم جميعها مُحصاةٌ» ( مت 10: 30 ). وكما أن الله موجود لحماية شعبه، هكذا هو موجود لسد أعوازهم أيضًا، فنقرأ عن تلاميذ الرب يسوع أنهم مرة «فكَّروا في أنفسهم قائلين إننا لم نأخذ خبزًا. فعلم يسوع وقال لهم: لماذا تفكرون في أنفسكم يا قليلي الإيمان أنكم لم تأخذوا خبزًا؟ أ حتى الآن لا تفهمون؟ ولا تذكرون ...؟» ( مت 16: 7 - 9). فالرب يسوع كان قد صنع معجزتين أظهر في كل منهما كيف أنه كان في استطاعته أن يُشبع الجياع بالخبز في أمكنة لا خبز فيها بالمرة، أوَلم ينتظر من التلاميذ أن يتعلموا من تلك المعجزات أنه كان فيه الكفاية لجميع الطوارئ؟ إنه الخالق لكل شيء ويطلب منا أن نثق فيه عندما تكون أيدينا خالية من الخبز، وأن لا تغلبنا الشدائد المُشابهة لتلك التي نقرأ عنها الآن، والتي حارَ أزاءها التلاميذ. إنه يريدنا أن ”نفهم“ وأن ”نتذكَّر“ على الدوام أنه وإن كان الإنسان يظن أن في استطاعته أن يهيئ مائدة في أرض الخبز والشبع، فالله يستطيع أن يرتب «مائدة في البرية» ( مز 78: 19 ). وإن ظهرت لنا حاجات نظن أنها ليست مُجابة، وشدائد نظن أنها ليست منفرجة، فلنتأكد أن هذا ليس لأن الله عاجز عن القيام بهذه الأمور إذا أراد. قال الرب يسوع مرة لتلاميذه في ظرف كهذا «يا قليلي الإيمان» وهو الآن يقول لكل واحد منا: «كونوا مُكتفين بما عندكم، لأنه قال: لا أُهملك ولا أتركك» ( عب 13: 5 ، 6). |
الله مُبرّرنا https://files.arabchurch.com/upload/i.../775879548.jpg طوبى للذي غُفر إثمه وسُترت خطيته. طوبى لرجلٍ لا يحسب له الرب خطية، ولا في روحه غش ( مز 32: 1 ، 2) يا له من تطويب في محله! الإثم مغفور والخطية مستورة! إن في أعماق ذهن الإنسان حاسة دينية تُنبئه بأنه لا بد أن يقابل الله كديان، ولا بد له أن يبحث عن طريقة ما يُرضي بها مطاليب ذلك الديان العادل الذي سيحاسبه على جميع خطاياه حسابًا عسيرًا. وقد قال واحد وهو يحتضر عندما قيل له إنه على أبواب الأبدية: ”كيف يمكنني أن أقف أمام الديان بجميع خطاياي عليَّ؟“ يا له من تصريح مُرعب! وبالحقيقة كل واحد يقابل الله كديان، فهو لا محالة هالك «لا تدخل في المحاكمة مع عبدك، فإنه لن يتبرر قدامك حي» ( مز 143: 2 ). وكل شخص يتطلع إلى الله كديان لا بد أن يمتلئ بالرعب، لأنه لا يستطيع أن يُجيبه عن واحد من ألف «بِمَ أتقدم إلى الرب، وأنحني للإله العلي؟ هل أتقدم بمحرقات، بعجولٍ أبناء سنةٍ؟ هل يُسرُّ الرب بألوف الكباش، بربوات أنهار زيتٍ؟ هل أُعطي بكري عن معصيتي، ثمرة جسدي عن خطية نفسي؟» ( مي 6: 6 ، 7). ولكن شكرًا لله لأنه متسربل بصفة أخرى في الوقت الحاضر، فهو «المُبرِّر»، المُبرِّر لأولئك الذين لا يستطيعون أن يقابلوه كالديان. والله لا بد أن يكون بارًا في كل مظهر يظهر فيه. فهو ديان بار، ومُبرِّر بار، ولكنه يُظهر نفسه الآن في السنة المقبولة ويوم الخلاص كالإله البار المخلِّص. يا لها من صفة جميلة! ويا له من انتصار عظيم للمحبة الفدائية! ويا له من جواب مُفحم لإبليس! ويا له من بلسان ناجع للضمير المُتعب والقلب المكسور! ”الله المُخلِّص“ هو عين ما يحتاج إليه الخاطئ الهالك. فإذا كان الله مُخلِّصًا، فهو عين ما أحتاج إليه كهالك، وإذا كان مُبررًا فهو عين ما أحتاج إليه كمذنب، إذ لا يحتاج إلى الله المخلِّص إلا الخاطئ الهالك، ولا يحتاج إلى الله المُبرر إلا الخاطئ المُذنب. هذا هو الأساس البسيط للخلاص والتبرير، فالله يعلن نفسه كمُخلِّص، والخاطئ ـ متى آمن ـ يسير في نور هذا الإعلان فيتبرر. فالخاطئ يخلص ويتبرَّر على قياس إعلان الله لذاته، ولا يوجد أثبت ولا أمتن من ذلك الأساس. فمَن يمس خلاص وتبرير المؤمن إنما يتعرض لصدق إعلان الله عن نفسه. |
يهوذا الخائن https://files.arabchurch.com/upload/i...1116489797.jpg أنا أعلم الذين اخترتهم. لكن ليتم الكتاب: الذي يأكل معي الخبز رفع عليَّ عقبه ( يو 13: 18 ) لقد كان يهوذا واحدًا من الاثني عشر تلميذًا الذين اختارهم الرب ( يو 6: 70 ، 71). ولأنه كان واحدًا من تلاميذ الرب، فقد كان يدخل ويخرج معه، وكان يأكل ويشرب معه، وقريبًا منه ـ يجلس ويرى ويسمع ويراقب. نعم.. لقد كان يهوذا واحدًا من تلاميذ الرب. لكنه أبدًا لم يكن من خاصته. وفي محبته الكاملة احتمل الرب يهوذا رغم أن كل ما اختلج بقلبه ودار، كان مكشوفًا وعريانًا لعيني ذاك الذي يرى في النور كما في الظلام. يهوذا خائن .. وأي خائن!! ومع ذلك، فالسيد الرب لم يُوبخه أو يؤنبه علانية ولو لمرة واحدة، ولم يفضح أمره علانية ولو لمرة واحدة. لقد كشف السيد عن اسمه فقط للتلميذ الذي كان يسند رأسه على صدره. لم يدرِ أحد وقتئذ بالخائن يهوذا غير يوحنا الحبيب ( يو 13: 38 ). ويُردد ـ تبارك اسمه ـ بعض ما جاء في مزمور41 فيقول: «الذي يأكل معي الخبز رفع عليَّ عقبه». أ هي كلمات عتاب؟! أ هي كلمات قلب مجروح يعتصر حزنًا؟! أ هي رسالة شخصية ليهوذا، يلفت فيها الرب انتباهه لتلك المحبة التي احتملته دائمًا بلا كلل، ورغم علمه السابق بكل ما هو قادم عليه من غدر وخيانة؟! أما يهوذا فضميره لم يتحرك قيد أنملة. لقد تجرَّد من كل إحساس وعاطفة. القلب تحجّر وقرر أن يخون، وسيسير في التنفيذ حتى النهاية. مجرم مع سبق الإصرار. بل سنراه يستعجل ويتحيَّن الفرصة التي يسلِّم فيها البار! ثم غمس اللقمة وأعطاها ليهوذا. ولما أخذ اللقمة خرج للوقت. خرج وأعطى ظهره للرب. خرج وأعطى القفا لمحبة الله التي ظهرت في المسيح! خرج وكان الوقت ليلاً ... في الظلام خرج، وفي الظلمة الأبدية استقر به المقام. ومع ذلك، فيا له من حُب! عداوة يهوذا وكراهيته لم تنالا من هذه المحبة. لقد احتملت محبة الرب هذا الخائن من البداية حتى نهاية المشوار، بكل لطف ووداعة ورفق وصبر وطول أناة! والذي قدَّم نفسه كالمثال الحلو الكامل الصفات في كل شيء، يعطي وصية جديدة لخاصته وأحبائه، فيقول: «كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضًا بعضكم بعضًا» ( يو 13: 34 ). نعم .. لقد ترك لنا مثالاً لكي نتبع خطواته! |
توقيتات السماءالحاسمة! https://files.arabchurch.com/upload/i.../282588738.jpg أنا الرب في وقتهِ أُسرع به ( إش 60: 22 ) من الجميل والمعزي لنفوسنا أن نتذكَّر على الدوام أن إلهنا هو صاحب التوقيتات الحاسمة، فذاك الذي «حتم بالأوقات المُعيَّنة» ( أع 17: 26 ) يتدخل دائماً في اللحظة المناسبة. ففي السنة الحاسمة تدخل في حياة خليله إبراهيم ليهَبه «إسحاق» ابن الموعد ( تك 18: 9 -15). وفي الشهر المناسب تدخل ليفتح الباب أمام نحميا ورفاقه لبناء سور أورشليم وأبوابها ( نح 1: 21 ). وفي الأسبوع الملائم أوصل الجواب لنبيه المحبوب دانيال من جهة أمور شعبه ( دا 10: 2 ، 3، 12-14). وفي اليوم المُحدد أسرعوا بيوسف ليخرج من السجن إلى العرش مباشرة ( تك 41: 14 -37). وفي الليلة الأخيرة قُبيل تنفيذ العدو لمخططاته الشريرة بساعات، تدخل ليطير نوم الملك (أس6) ولتتحول كل مخططات هامان الرديء ضررًا لنفسه وبركة لشعب الله. وفي الساعة الفاصلة جاء الرب ماشيًا على الماء في الهزيع الرابع لنجدة تلاميذه المعذبين في السفينة ( مت 14: 22 -36). وفي الدقيقة المُلائمة تدخل المسيح لينقذ عُرس قانا الجليل، ويمنح المدعوين الخمر الجيدة في الآخر ( يو 2: 1 -11). وفي اللحظة الحاسمة تحوَّل الرب إلى رئيس المجمع «يايرس» بعد أن بلَغه خبر موت ابنته، ليمنحه الرجاء على الفور «لا تخف آمن فقط فهي تُشفى» وقد حدث ( لو 8: 49 ، 50). وتجلّ الأمثلة عن الحصر في الوحي المقدس، أو في تاريخ القديسين على مرّ العصور، وفي حياة كل منا لتؤكد هذه الحقيقة الساطعة: أن إلهنا يحتفظ لنفسه دائماً بالتوقيت الحاسم ليتدخل فيه درءًا لخطر، أو منعًا لكارثة، أو منحًا لعطية، أو تفعيلاً لبركة في حياة أحبائه، سواء كانوا سبق وأن طلبوا ذلك منه قبلها بوقت طويل أو قصير، أو لم يطلبوا! ويكون توقيته صحيحًا دائمًا، حتى إنه ما كان يصلح أن يُقدَّم هذا التوقيت أو أن يتأخر! فما أروعه! |
الدفن والقيامة https://files.arabchurch.com/upload/i.../723891041.jpg جعلت الرب أمامي في كل حين، لأنه عن يميني فلا أتزعزع ... تعرّفني سبيل الحياة. أمامك شبع سرور. في يمينك نعم إلى الأبد ( مز 16: 8 -11) يقتبس الرسول بطرس في أعمال2: 25-28 الأقوال الواردة في مزمور16: 8-11، ويوضح كيف أنها لا تنطبق إلا على الرب يسوع، الذي أقامه الله من الأموات. ويكرر الرسول بولس الأمر ذاته في أعمال13: 35 مقتبساً الآية 10 من مزمور 16، موضحاً أنها لا تنطبق على داود، الذي رقد ودُفن ورأى جسده فساداً، بل على ابن داود. وقيامة المسيح هي الفكر البارز في هذا الاقتباس. وتبرز أهمية هذه الحقيقة الجوهرية مما يلي: أولاً: بينما لم يُشِر إلى ميلاد المسيح سوى إنجيلين فقط هما متى ولوقا، فإن موت المسيح وقيامته أخذا مكاناً بارزاً في كل الأناجيل الأربعة. ثانياً: حقيقة القيامة كانت الموضوع الرئيسي للشهادة في سفر الأعمال. ولقد أُشير إليها في هذا السفر 22 مرة. ثالثاً: في 1كورنثوس15 ذكر الرسول بولس سبعة ويلات رهيبة كانت تحدث لو لم يكن المسيح قد قام. رابعاً: ذُكرت هذه الحقيقة في العهد الجديد ما لا يقل عن 104 مرة، وربما لا توجد حقيقة تؤكدها أسفار العهد الجديد مثل هذه، فالقيامة هي حجر الأساس في الإيمان المسيحي. وخُلاصة الإنجيل هي أربعة أمور مهمة: "أن المسيح مات ... وأنه دُفن .. وأنه قام .. وأنه ظهر" ( 1كو 15: 3 -5). هذه الأمور ليست إعلانات جديدة، بل هي "حسب الكتب"، إذ توجد نبوات عديدة في الكتاب المقدس عن موته ودفنه وقيامته ... وعندما نؤمن بمولد المسيح العذراوي، وحياته الخالية من الخطية، وموته الكفاري الاختياري، تُصبح القيامة أمراً حتمياً مُكملاً لتلك السلسلة العجيبة. فكيف يمكن لحياة قدوسة كهذه أن تنتهي بمثل هذا الموت المُخزي؟ لهذا قال الرسول بطرس، بعد الإشارة إلى جمال وكمال حياته: "صلبتموه وقتلتموه، الذي أقامه الله ناقضاً أوجاع الموت، إذ لم يكن ممكناً أن يُمسك منه". كل ما عملوه هم بأياديهم الآثمة، أبطله الله بيده القادرة. وإن كان الختم الذي وضعوه على الحجر الذي فوق القبر أزاله ملاك السماء، إلا أن قتلهم لابن الله أبطله إله السماء. |
لم يقدر أن يخلِّص نفسه! https://files.arabchurch.com/upload/i.../268286910.jpg خلَّص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلِّصها! ( مت 27: 42 ) «خلَّص آخرين»، أجَلْ. لقد كانوا يعرفون أعمال قوته، فلقد طهَّر البُرص، وأخرج الشياطين، وأقام الموتى، ولكنهم ظنوا أنه أصبح على الصليب متروكًا، وأن قوته فارقته «أمّا نفسه فما يقدر أن يخلِّصها!». لقد كان هذا تزييفًا للحق، فقد كان هو الله القدير، خالق وحامل كل الأشياء، لا يوجد أمامه شيء مستحيل، ولا تنطبق عليه عبارة «ما يقدر»، إذ إن كلمة واحدة منه كان يمكن أن تبيدهم. وإذا كان إيليا قد استطاع أن يجلب نارًا من السماء على أعدائه، أَ لم يكن رب إيليا قادرًا؟ ولكنهم كانوا عميانًا فلم يروا مجده، ولم يكونوا يعرفون مَنْ هو الرب الذي افتقد شعبه، مع أنهم كان يجب أن يعلموا هذا من أعماله وكلماته، لو كانت لهم العيون التي ترى والآذان التي تسمع. إنه جهل آثم مُذنب! ولكن أيها القارئ العزيز، هذه العبارة صحيحة بمعنى ما «أما نفسه فما يقدر أن يخلِّصها!»، لقد أتى إلى العالم ليخلِّص الخطاة وليُبطل الخطية بذبيحة نفسه، ولكي يعمل هذا كان لا بد أن يتألم ويموت. لا شيء آخر كان يمكن أن يحقق هذا. إنها أكذوبة الشيطان التي تقول إن مجرد التجسد كافٍ لفداء الإنسانية الساقطة وإقامتها. ولكن الحق هو أنه كان لا بد أن يُراق الدم؛ دمه الكريم، وإلا فلن يتم التكفير وتحصل المغفرة. فلو كان الفادي قد خلَّص نفسه، لأصبح مستحيلاً على البشرية أن تخلص من العذاب الأبدي. ولكن المحبة قادته أن يبذل نفسه، ويشرب الكأس المُرعبة، ويحتمل الآلام الرهيبة، فاكتفت العدالة الإلهية وتمجد الله، وأصبح الخلاص الآن مُقدمًا للجميع مجانًا، وأصبحت الرحمة تفيض في إعلان السلام وتقديم الغفران. لقد «خلَّص آخرين» .. تشهد بهذا المجدلية، واللّص على الصليب، وشاول الطرسوسي، والملايين من البشر، وها هو نفس المخلِّص يقدم نفسه لك، فهل تثق فيه؟ الرب يسأل عنك الآن فلا تتحول عنه. إنه المخلِّص الذي مات وقام وهو عن يمين الله، ومَن يُقبِل إليه لا يُخرجه خارجًا. إنه لا يهمل أحدًا، ولا يزدري بأحد. لقد خلَّص آخرين وهو مستعد ويرغب في خلاصك أنت. آمن به بكل قلبك فتخلُص. |
القيامة والحياة https://files.arabchurch.com/upload/i...1293881429.gif أنا هو القيامة والحياة. مَنْ آمن بي ولو ماتَ فسيحيا، وكلُّ مَن كان حيًا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد ( يو 11: 25 ، 26) عبارة «أنا هو .. الحياة» تعني ليس فقط أن الرب يسوع هو مانح الحياة، ولكن، كما شهد عنه يوحنا الحبيب: «فيهِ كانت الحياة» ( يو 1: 4 ). وعبارة «أنا هو القيامة» تعني أنه قادر على إقامة البشر من الأموات. والمسيح لم يُصلِ إلى الآب لكي يُقيم مَنْ أقامهم، نظير إيليا أو أليشع أنبياء الله في العهد القديم. ففي قصة لعازر «صرخ (المسيح) بصوتٍ عظيم: لعازر، هلُمّ خارجًا! فخرج الميت» (ع43، 44). قال واحد من رجال الله: عندما أكون مريضًا، فأنا أحتاج إلى طبيب وليس إلى كتاب طبي، وعندما أتعرض لمشكلة أحتاج إلى محامي وليس إلى كتاب قانوني، وعندما أواجه الموت أحتاج إلى المسيح «القيامة والحياة» وليس إلى كتاب عن الموت وأهواله، أو القبر وعذابه. «أنا هو القيامة والحياة» ـ هذا إعلان المسيح عن نفسه ـ «مَن آمن بي ولو ماتَ فسيحيا، وكلُّ مَن كان حيًا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد» ـ وهذا وعد منه لكل مَن يؤمن بشخصه. وكما أن الإعلان ثنائي، أيضًا الوعد ثنائي. «أنا هو القيامة» يقابله وعده القائل «مَن آمن بي ولو مات فسيحيا»، أي أنه من ضمن المؤمنين بشخصه، سوف يتعرض البعض للموت الطبيعي، أي انفصال الروح عن الجسد. هؤلاء المؤمنون سيُقيمهم المسيح في مجيئهِ الثاني القريب. «أنا هو .. الحياة» يقابله وعده القائل «كل مَن كان حيًا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد»، ففي مجيء المسيح الثاني سوف يكون هناك مؤمنون أحياء، هؤلاء لن يموتوا إلى الأبد. هذه الحقيقة المُفرحة يوضحها الرسول بولس في تسالونيكي4: 13- 18 «ثم لا أُريد أن تجهلوا أيها الإخوة من جهة الراقدين .. الراقدون بيسوع سيُحضرهم الله أيضًا معه .. إننا نحن الأحياء الباقين إلى مجيء الرب لا نسبق الراقدين. لأن الرب نفسه .. سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح سيقومون أولاً. ثم نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعًا معهم في السُحب لمُلاقاة الرب في الهواء، وهكذا نكون كل حينٍ مع الرب». ليت هذه الكلمات تكون سبب تعزية وتشجيع لك لتؤمن بشخص المسيح وبكلامه فتختبر حياة القيامة. . |
ينبغي الرباعية https://files.arabchurch.com/upload/i.../765504705.jpg إن كان أحدٌ لا يُولَد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله ... ينبغي أن تُولدوا من فوق ( يو 3: 5 ، 7) في كل من الآيات يوحنا3: 7، 14، 30؛ 1كورنثوس15: 25 نجد الكلمة «ينبغي»؛ كلمة صغيرة ولكنها لها معنى عظيم وقوي: فالأولى تُشير إلى حاجة الإنسان، وهي صحيحة بالنسبة للبشر عمومًا «ينبغي أن تُولدوا من فوق» ( يو 3: 7 ). قد توجد فوارق كثيرة وعظيمة في الحالات الاجتماعية والأدبية، ولكن إن كان الإنسان متدينًا أو شريرًا كما يقول الناس، فإنه في الحالتين في حاجة ماسة لأن يُولد ثانيةً. وهذه الحقيقة تبقى ثابتة، وهي أنه إن لم يولد الإنسان ثانيةً فليس له الحق في الدخول إلى السماء، لأن الرب يؤكد ذلك بقوله مرة أخرى إنه إذا لم يولد الإنسان من الماء والروح، فإنه لا يستطيع أن يدخل ملكوت الله (ع5). فكلمة الله يجب أن تجد مكانًا في النفس بواسطة قوة الروح القدس حتى يمكن أن يولد الإنسان ثانيةً. وروح الله ليس فقط يبكت الإنسان على الخطية، ولكنه يوجِّه ذلك الإنسان إلى مخلِّص الخطاة، وهذا يقودنا إلى كلمة «ينبغي» الثانية «وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان، لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية» ( يو 3: 14 ، 15). كخاطئ حياتي خاسرة تالفة، ولذلك فإني أحتاج إلى حياة جديدة، هذا يمكن فقط بواسطة الإيمان بالمخلِّص الوحيد. في ضيقتي وحاجتي الشديدة، يحوِّل الروح القدس عيني إلى الجلجثة، وهناك أرى الرب يسوع بديلي مائتًا من أجل خطاياي، لكي لا أهلك بل تكون لي الحياة الأبدية. وإذ أُولد ثانيةً ويصير يسوع المسيح مخلِّصي، تواجهني «ينبغي» للمرة الثالثة «ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص» ( يو 3: 30 ). إنه من امتياز الخادم أن يُعلن المسيح للآخرين كالمخلِّص، ولكن الخادم الحقيقي الأمين يجتهد أيضًا أن يختفي خلف سيده حتى يتمجد المسيح. والآن لنأتِ إلى «ينبغي» الرابعة «لأنه يجب (ينبغي) أن يملك حتى يضع جميع الأعداء تحت قدميه» ( 1كو 15: 25 ). كم يملأ قلوبنا فرحًا أن نعرف أن الرب يسوع سيأخذ عن قريب مكانه الحقيقي. لمَّا كان هنا على الأرض، قُدِّمَ له صليب، بينما كان يجب أن يُقدَّم له تاج، ولكن كان يجب أن يتألم قبل أن يدخل مجده. والآن قد انتهت كل آلامه وهو ينتظر يوم المجد، حينما يتبوأ مكانه الحقيقي الخاص به، إذ سيجلس على العرش كالملك الذي يملك بالبر. |
قلب جيحزي وقلب نعمان https://files.arabchurch.com/upload/i.../716320522.jpg وقال: هوذا قد عرفت أنه ليس إلهٌ في كل الأرض إلا في إسرائيل، والآن فخُذ بَرَكة من عبدك ... وألحَّ عليه أن يأخذ فأبى ( 2مل 5: 15 ، 16) أبى أليشع أن يقبل بَرَكة من يد نعمان، فقد كان يريد أن نعمان يرجع إلى بلاده شاهدًا أن إله إسرائيل لم يأخذ شيئًا إلا برصه، وأن فضته وذهبه لم ينفعاه شيئًا عند ذلك الإله الكريم. لم يكن أليشع ليشوِّه جمال نعمة الله بواسطة أخذه فضة أو ذهب من شخص غريب، أما جيحزي فقد أفسد قصد سيده النبيل لأنه لم يستطع أن يعرف قوة نعمة الله، ولا أمكنه أن يرتفع إلى مستوى أفكار سيده، بل قد مال قلبه وراء الذهب والفضة فقال: «حيٌ هو الرب، إني أجري وراءه وآخذ منه شيئًا»، فلم يستطع أن يقول كسيده: «حيٌ هو الرب الذي أنا واقف أمامه» (ع16، 20)، لأن أليشع كان واقفًا في حضرة الله في جو النعمة، وهذا هو السر في إبائه وترفعه. أما جيحزي فأحب المال لذلك لم يقدِّر قيمة تشويه نعمة الله، وأخذ ثمنًا من نعمان على تطهيره، ونسيَ أنه ليس هو وقت لأخذ فضة وثياب. ويا له من شخص تعيس، فقد نال شهوته ولكنه خرج من لَدُن سيده أبرص كالثلج. وهذا إنذار خطير لمَن يحبون المال، فالذين يريدون أن يأخذوا مال العالم يجب أن يأخذوا أيضًا بَرَص العالم. وما أجمل أن ننتقل من تأملنا في جيحزي وقلبه المملوء بالطمع إلى التأمل في نعمان وقلبه المملوء بالشكر والثناء لإله إسرائيل. فقد انجذب قلب نعمان وراء ذلك الإله الذي سدّ أعوازه بلا فضة ولا ثمن «فقال نعمان: ... لا يقرِّب بعد عبدك مُحرقة ولا ذبيحة لآلهة أخرى بل للرب» (ع17). فقد ترك نعمان بيته أبرص نجسًا، والآن يرجع إليه عابدًا طاهرًا. يا له من تغيير عظيم قد حصل في لحظة من الزمان، هي اللحظة التي فيها خضع نعمان لطريق الله، فكان العمل من الله، وما كان على نعمان إلا أن يخضع ثم يعبد. وإذ ترك نعمان برصه أراد أن يحمل معه مذبحًا ليقدم عليه ذبائح للإله الحي الحقيقي. هذا من جهة النتيجة العملية فيما يختص بالعبادة، وفيما يختص بالسلوك. فمن الواضح أن نعمان قد تغيَّر سلوكه إذ قد نشأت فيه أفكار جديدة وإحساسات جديدة، وابتدأ يشعر شعورًا جديدًا بمسؤولية لم يكن يعرفها من قبل، فقبل تطهيره كانت كل مجهوداته منصرفة إلى الخلاص من البَرَص، أما الآن فقد تحولت تلك المجهودات إلى كيفية السلوك أمام الله الذي طهَّره «فعند سجودي في بيت رمّون يصفح الرب لعبدك عن هذا الأمر» (ع18). |
المرض لأجل مجد الله https://files.arabchurch.com/upload/i...1/12239320.jpg فلما سمع يسوع، قال: هذا المرض ليس للموت، بل لأجل مجد الله، ليتمجد ابن الله به ( يو 11: 4 ) رأى الرب أن مرض لعازر فرصة لإظهار مجد الله لا لإظهار عواطف المحبة الشخصية مهما كانت صادقة وحارة. وتبارك اسمه، فقد كانت محبته لعائلة بيت عنيا صادقة وشديدة، كما نقرأ «وكان يسوع يحب مرثا وأختها ولعازر»، إلا أن مجد الله كان في نظر الرب المبارك المعبود أولى وأهم من كل اعتبار آخر، فلم تكن للمحبة الشخصية أدنى سلطان عليه، بل كان مجد الله هو الذي يُدير حياته، فمن المذود إلى الصليب، في الموت والحياة، كل كلمة نطق بها وكل عمل قام به، كل سبيل سار فيه، كل خدمة أدّاها، في كل هذا كان قلبه متمسكًا بمجد الله بقصد ثابت وعزم راسخ لم يتحول عنه قط. فإن كان من الحسنى أن نجده صديق في ضيقة، فتمجيد الله أحسن وأفضل. ولنثق بأن عائلة بيت عنيا لم تلحق بها أية خسارة من جرّاء تأخر الرب الذي أفسح المجال لإشراق مجد الله بلمعانه وبهائه. هذا حق يجب أن لا يغرب عن بالنا في تجاربنا وضيقاتنا. هذا حق خطير، متى أدركناه أصبح منبعًا لتعزيات فائضة وبركات جزيلة، ويعيننا على احتمال المرض وتكبد الألم والعبور في الموت والثَكَل والحزن والفقر. ما أهنأنا إذا استطعنا القيام بجانب فراش المرض وهتفنا قائلين: «هذا المرض ليس للموت، بل لأجل مجد الله»، وهذا هو امتياز الإيمان، والمؤمن الحقيقي له أن لا يقف في غرفة المرض فقط، بل عند باب القبر، ويرى أشعة مجد الله تضيء مشاهد المرض والموت. قد يستهزئ الكافر ويسخَر المُلحد من القول: «هذا المرض ليس للموت» فيشرع في الاعتراض والإتيان بالدليل، وإقامة الحُجة أن لعازر قد مات فعلاً. أما الإيمان فلا يحكم حسب الظاهر، بل يأتي إلى الله فيجد حلاً لكل صعوبة وعقدة. وفي هذا سمو في الترفع الأدبي الصحيح وحقيقة حياة الإيمان، فالإيمان يرى الله متعاليًا فوق الظروف، بانيًا حُججه على مَنْ هو الله لا على ما هي الظروف، فالمرض والموت لا يُحسبان شيئًا أمام قوة الله التي تتلاشى الصعاب من سبيلها. قوة الله والإيمان يقولان عن الصعاب كما قال يشوع وكالب لإخوتهم غير المؤمنين: إن سكان الأرض هم طعامنا. |
أدلة وحي الكتاب المقدس https://files.arabchurch.com/upload/i...1/79602130.jpg .. تكلم أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس ( 2بط 1: 21 ) ما أكثر عدد أدلة وحي الكتاب المقدس، وما أكثر تنوعها. فقد كان انتصارًا علميًا باهرًا عندما طبَّق العالِم بيتر جانسون النِسَب المُعطاة لفُلك نوح من 2000 سنة قبل المسيح، على السفن التي تسير في المحيطات، ومنذ ذلك التاريخ وكل سفن المحيط تُبنى طبقًا لهذه النسب العلمية! مَن سوى الله أوحى إلى نوح أن يبني فُلكه بهذه النسب الدقيقة التي لم يكتشفها العِلم إلا منذ 1600 سنة بعد المسيح. أيضًا عجيب سبْق المعرفة في الكتاب كما يُرى في النبوات بميلاد المسيح وحياته وموته وقيامته، قد تناولتها نبوات العهد القديم، ورأينا تحقيقها حرفيًا. المعروف أنه إذا تحقق حَدَث أو تخمين واحد يكون من حُسن الحظ، وإذا تحقق اثنان أو ثلاثة يكون أمرًا جديرًا بالاعتبار، لكن ماذا نقول عن تحقيق مئات النبوات حرفيًا؟ فعلى سبيل المثال في ميخا5: 2 عن ميلاد المسيح في مدينة بيت لحم. كما نقرأ عن ولادته من عذراء في إشعياء7: 14، وعن بنوته الأزلية ولاهوته في مزمور2: 7؛ 110: 1؛ إش9: 6، وعن آلامه وموته في مزمور22؛ 69؛ 102؛ إش50؛ 53، وعن قيامته في مزمور16: 10. وأخيرًا، فالكتاب المقدس له تأثير فوق الطبيعة على الإنسان، ونستطيع أن نلمس ذلك في عصر الإمبراطورية الرومانية الذي اشتهر بالوحشية والبطش، فماذا سوى التأثير المعجزي الذي كان يجذب أُناسًا بالآلاف في تلك الأيام إلى المصلوب، ويجعلهم في صلابة وإصرار يواجهون وسائل الموت المرعبة بهتاف الانتصار؟ ولقد جذب رجالاً ونساء بالآلاف بعيدًا عن المؤثرات العالمية، ليضحّون بالمركز والثروة من أجل المسيح؟ هذا قليل من كثير مما يتصف به كتابنا المقدس ـ كتاب الله. فهل تريد أن تعرف الحق، فتش عنه في هذا الكتاب. وتعلَّم منه. قال رجل الله داربي: ”إن لي إيمانًا عميقًا ثابتًا في الكتاب المقدس، بواسطته تجددت واستنرت ونلت الحياة والخلاص. لقد حصلت بواسطته على معرفة الله. والتعبد أمام كمالات الرب يسوع المخلَّص الوحيد، ومنه حصلت على الفرح والقوة والتعزية لنفسي“. |
خدَّاه كخميلة الطيب https://files.arabchurch.com/upload/i.../886082021.jpg حبيبي ... خدَّاه كخميلة الطيب وأتلام رياحين ذكية ( نش 5: 10 - 13) إن الأعداد التي تُشير إلى ضرب سيدنا وربنا يسوع على خده، تُرينا أن خدَّي العريس يرسمان أمامنا صورة رمزية لاتضاعه بالنعمة، هذا الاتضاع الذي عرَّضه إلى قسوة الإنسان واحتقاره له. لقد تنازل ـ له المجد ـ إلى الحد الذي جعله عُرضه لاستهزاء البشر واحتقارهم له «بذلت ظهري للضاربين، وخدَّيَّ للناتفين. وجهي لم أستر عن العار والبصق» ( إش 50: 6 ). وفي ميخا5 نقرأ عنه ـ له المجد ـ بأن «مخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل» (ع2)، فقد أتى من مجده الإلهي الأزلي ليُولد كطفل في بيت لحم أفراته. ويا له من تنازل عجيب! ثم من جهة المستقبل فإنه «يقف ويرعى (قطيعه) بقدرة الرب، بعظمة اسم الرب إلهه» (ع4)، وهذا هو جلاله المَلكي في الدهر الآتي. ولكنه بين ”أيام الأزل“ في الماضي، وجلاله الملكي في الزمن الألفي العتيد، قد تنازل بنعمة غنية، وصار قريبًا من البشر حتى تجاسر الإنسان الحقير على لطمه وضربه على خدِّه «يضربون قاضي إسرائيل بقضيبٍ على خدِّه» (ع1). أوَلم تتم هذه النبوة حرفيًا؟ نعم، فإن خدّيه الطاهرتين اللذين كثيرًا ما بللتهما دموع العطف والشفقة؛ دموع الحنان والمحبة، قد لُطما فعلاً، كما غطتهما قُبلات يهوذا الغاشة ( مت 26: 67 ؛ مر14: 65؛ لو22: 64؛ يو8: 22). ويا له من جمال فاتن تراه عين الإيمان في ربنا المبارك. نعم، إن اتضاعه في حياته وفي موته فوق الصليب، الذي جعله مُهانًا ومرذولاً من الناس، يُرى في عيون قديسيه ومُحبيه في جمال فائق «فلكم أنتم الذين تؤمنون الكرامة (أي هو كريم)» ( 1بط 2: 7 ). وإن كان المسيح مُمجدًا الآن في الأعالي، ولكنه لا يزال إلى الآن في زمان رفضه من هذا العالم، فالبشر على أتم استعداد أن يلطموه اليوم كما في الماضي، ومن بين هؤلاء كثيرون ممن يُسّمون باسم المسيح، إذ ما أكثر المُلحدين الذين ينكرون مجد أقنومه الإلهي والأزلي، ولا يؤمنون بقيمة عمله الفدائي ولا بوحي كلمته! أَليست هذه بمثابة لطمات على خدَّيه؟ إنه لا يزال مجروحًا في بيت مَنْ يدَّعون أنهم أحباؤه، ولكن يا له من امتياز لأولئك الذين أدركوا قيمته التي تفوق التقدير، أن تكون لهم شركة معه في آلامه وهوانه! |
لماذا لا نهتم؟ https://files.arabchurch.com/upload/i.../156619446.jpg (2)لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها ( مت 6: 32 ) تأملنا في الأسبوع الماضي في بعض أسباب عدم الاهتمام، ونواصل اليوم المزيد من التأملات في هذه الأسباب، فنقول: خامسًا: لا إيمان في الاهتمام. هنا يضع الرب أصبعه تمامًا على موضع العِلة، يوضح أن هذا الاهتمام يشتمل في طياته على قلة الإيمان وعلى عنصر الشك في أمانة الله، أو في صلاحه أو في قدرته، أو فيها جميعًا. فيقول في متى6: 30 «فإن كان عُشب الحقل الذي يوجد اليوم ويُطرح غدًا في التنور، يُلبِسهُ الله هكذا، أَ فليس بالحري جدًا يُلبسكم أنتم يا قليلي الإيمان؟» أَ ليس عجيبًا أن المؤمن الذي وضع ثقته في الله في أمر خلاصه الأبدي، يعود فيشك في الله في مسألة أعوازه الزمنية أو اليومية؟ نعم أكرر قائلاً: أَ ليس هذا أمرًا غريبًا حقًا؟! سادسًا: وثنية الاهتمام. فيقول في متى6: 32 «فإن هذه كلها تطلبها الأمم». ونحن نعرف أن الأمم بلا إله وبدون المسيح وبلا رجاء ( أف 2: 12 )، وكما حذرنا الرسول بولس من أن نحزن كالباقين الذين لا رجاء لهم ( 1تس 4: 13 )، فإن المسيح هنا يحذرنا أن نقلق كالأمم الذين لا إله ولا مسيح لهم. فالأمم الذين لا يعرفون الله ليس لديهم سوى هذه المسائل يسعون إليها، أما المؤمن فإنه مثل سيده الذي قال مرة: «أنا لي طعامٌ لآكل لستم تعرفونه ... طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأُتمم عمله» ( يو 4: 32 ، 34). سابعًا: عدم لياقة الاهتمام. إذ يقول الرب «لأن أباكم ... يعلَم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها» ( مت 6: 32 ). أَ ليست هي كلمات عظيمة تملأ النفس بالثقة والرجاء «إن أباكم يعلم». مَن هو الله بالنسبة لنا؟ إنه الآب المحب الحكيم. هناك أبيات شعرية بالإنجليزية تُترجم كالآتي: قال عصفور لزميله: لماذا نجد البشر دائمًا قلقين؟ أجابه زميله: يبدو أنه ليس لهم أب حنون يعتني بهم كما يعتني بنا! مع أن العكس هو الصحيح، فعندما تحدَّث الرب عن الطيور، لم يَقُل: أبوها السماوي، بل «أبوكم السماوي يقوتها». فهو ليس أبا الطيور لكنه أبونا. ويا له من امتياز أن يصبح الله أبانا. نعم، إنه لأجلنا، وليس لأجل الطيور أرسل الله ابنه الحبيب، وبذله على الصليب، لكي لا نهلك بل تكون لنا الحياة الأبدية. |
إلى المنفردين https://files.arabchurch.com/upload/i.../287977452.gif أشبهت قوق البرية. صرت مثل بومة الخِرَب. سهدت وصرتُ كعصفورٍ منفردٍ على السطح ( مز 102: 6 ، 7) أيها القارئ العزيز: هل أنت منفرد ليس مَن يرثي لك أو يسندك؟ هل نضب أمامك كل مَعين بشري؟ أقول لك الآن: تشجع، أمامك رجاء أيها المسكين المنفرد، فقط لو كنت تصغي. ها صدى وعد قيل منذ أيام القِدَم «الله مُسكِّن المتوحدين في بيتٍ (أي عائلة)» ( مز 68: 6 ). هذه هي رسالتي إليك فدعها تستقر في أعماق قلبك. ولكن يجب أن تعرف أن يسوع المسيح الذي يمكن أن نسميه بحق ”المنفرد الأعظم“ قد اختبر الحقيقة المُرَّة الموصوفة في مزمور102: 6، 7. لقد انفرد الرب يسوع على الصليب لما شرب كأس غضب الله المُرَّة. لقد صرخ ولم يجد قلبًا واحدًا يردد صدى صراخه. لقد اختبر رب المجد وحشة الجلجثة. صار مثل قوق البرية أو بومة الخِرَب، وكعصفورٍ منفردٍ على السطح، ولقد صُلب كما من ضعف. ثُقبت يداه ورجلاه وكُلِّل رأسه بإكليلٍ من شوك، وعلى وجهه الجليل جرت بصقات الاستهزاء والاحتقار. وكانت السماء من فوقه كالنحاس. لقد تُرك من الله. تأمل أيها القارئ العزيز، ابن الله مائتًا من أجل خطايانا، هناك في جوف الظلمة الدامسة، ليوفي حق العدالة نيابةً عن البشر. أيها القارئ المنفرد المستوحش، ارفع بصرك نحو الصليب، فيسوع المسيح هو صديقك الحبيب. أخبره بآلامك. فرِّغ قلبك وما فيه من همّ لديه. نعم هو الآن في السماء لكن المجد لم يغيِّر فيه شيئًا. وكما كان بالأمس لما وطأت قدماه هذه الأرض، هكذا هو أيضًا الآن وهو على عرش أبيه في السماء. هو يُجيبك، ولكن قبل كل شيء يجب أن تعرف يسوع المسيح كمخلِّصك. إن كنت تستمع الآن لدعوته فإنك سترى كم هو سهل أن تعالج مشكلة خطاياك، ويا لسعادتك إذ تستطيع أن تقول: ”لي سلام مع الله بربنا يسوع المسيح“. وإذ تسوى هذه المسألة، تجد لنفسك عائلة عظيمة. ونحن نقرأ في إنجيل يوحنا: «وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله» ( يو 1: 12 ). فإن آمنت بالرب يسوع المسيح تصبح من الآن فصاعدًا أحد أفراد بيت الإيمان «أهل بيت الله» ( أف 2: 19 ) ولن تشعر بالوحدة فيما بعد. |
إنسانٌ به روحٌ نجسٌ! https://files.arabchurch.com/upload/i.../725715608.jpg ولما خرج من السفينة للوقت استقبله من القبور إنسانٌ به روحٌ نجس، كان مسكنه في القبور، ولم يقدر أحد أن يربطه ولا بسلاسل ( مر 5: 2 ، 3) في حادثة الإنسان الذي به روح نجس، نرى صورة حية لتعاسة الإنسان تحت سلطان إبليس. نجد إنسانًا «كان مسكنه في القبور» وهذا يذكّرنا دائمًا بأن الموت يُخيِّم بظله على هذا العالم الذي نعيش فيه. فكل قوة إبليس موجهة لكي تقود الناس إلى الموت «السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويُهلك» ( يو 10: 10 ). فهو يبذل كل اجتهاد لكي يسرق منا كل بركة روحية ولكي يقتل الجسد ويُهلك النفس ( مر 5: 1 - 5). ثانيًا: تُرينا هذه الحادثة عجز الإنسان الكامل عن أن يخلِّص نفسه أو الآخرين من قوة إبليس. فلقد فشلت كل المحاولات التي بُذلت لترويض هذا الرجل المسكين. وهكذا في يومنا الحاضر فشلت كل القوانين الأرضية في الحد من الشر والعنف والفساد المتفشي في العالم. ثالثًا: نتعلم من هذه الحادثة أنه بالرغم من عجزنا وفسادنا التام، إلا أننا نجد في شخص المسيح النعمة والقوة القادرة على أن تخلِّصنا من سلطان إبليس. لقد كان الروح النجس متمكنًا من ذلك الرجل المسكين، فكان جسده مسكنًا وأداة للشيطان يعمل ويتكلم من خلاله. ولكن الشياطين كان لا بد لها أن تنحني في حضرة ذاك الذي يعرفون تمامًا أنه ابن الله، والذي يملك كل السلطان لأن يُحدر بهم إلى الهلاك الذي يستحقونه. قد يجهل الناس مجد وسلطان المسيح، ولكن الشياطين تعرفه، وإذ عرفوا أنهم لا بد أن يخرجوا بكلمة المسيح، طلبوا منه أن يرسلهم إلى الخنازير، فأذِنَ لهم، وفي الحال ظهرت القوة المدمرة التي لهذه الأرواح. وهكذا اندفع القطيع للتو من على الجرف إلى البحر وهلك ( مر 5: 6 - 11). رابعًا: نتعلم من هذه الحادثة أنه بالرغم من أن قوة الشيطان مُذلة للبشر، إلا أن وجود الله لم يكن مُحتملاً بالنسبة لهم، مع أنه كان بينهم وعنده كل القوة والنعمة والرغبة في أن يخلِّص ( مر 5: 14 ). وإذ خرج أهل المدينة «ليروا ما جرى» واجهوا في الحال دلائل نعمة المسيح وقوته إذ نظروا المجنون الذي كان فيه اللجئون «جالسًا ولابسًا وعاقلاً»؛ صورة جميلة للنفس التي تحررت من سلطان إبليس وأتت لتستريح عند قدمي المسيح، ليست في حالة العري الذي يوجب الدينونة، ولكن لابسة ومتبررة أمام الله، مكتسية بالمسيح كبرّها، وفي حالة التعبد، بعد أن تصالحت مع الله، وانتفى كل أثر للعداوة. هل تمتعت، عزيزي القارئ، بهذا الخلاص العظيم؟ |
أرخبس .. عاثر مدعو للإكمال https://files.arabchurch.com/upload/i.../414325813.jpg أرخبس المتجند معنا ( فل 1: 2 ) وقولوا لأرخبس: انظر إلى الخدمة التي قبلتها في الرب لكي تتممها ( كو 4: 17 ) يقول عنه بولس أولاً: «أَرخبس المتجند معنا»( فل 1: 2)، ويا له من لقب شريف! فالرسول بولس هنا يراه جنديًا صالحًا ليسوع المسيح، متأهبًا لحمل السلاح، مستعدًا لتحمل المشقات، ليتمم مقاصد قائده الأعلى، السيد المبارك. ومن مدحه في مُستهل رسالة رقيقة مُفعمة بكلمات المدح كرسالة فليمون، نستطيع أن نستنتج أنه كان كذلك بالفعل، ولزمان ليس بقليل. والأرجح أن أرخبس كان شابًا صغيرًا، وأنه كان ابن فليمون. ولكن، من أسف، أن ذاك الذي كان يومًا من أمثال واحد كبولس، الذي لم تكن نفسه ثمينة عنده حتى يتمم بفرح سعيه، نسمع رنة الأسى في صوت بولس نفسه وهو يقول عنه: «قولوا لأرخبُّس: انظر إلى الخدمة التي قبلتها في الرب لكي تتممها» ( كو 4: 17 ). وليس لدينا ما يكفي لاستنتاج الأسباب التي أدَّت إلى نكوصه وتقاعسه عن خدمته. فربما أنه فشل من قلة نتائج، أو أُحبط من مُفشلات خارجية، أو ضُرب بالشعور بالنقص وعدم الكفاية، أو رأى الخدمة صغيرة، أو سمع كلامًا ثبَّط من عزيمته .. تتعدد الأسباب والنتيجة واحدة، هي التوقف عن الخدمة. فإن كنت أنا أو أنت «أرخبُّس» اليوم، وبغضّ النظر عن الأسباب، فلنسمع همس السيد، الذي وإن كان مُعاتبًا لكنه داعيًا بنغمة التشجيع، وكأنه يقول: ”أَ لم تأخذ الخدمة مني؟ فلماذا تقاعست؟! أَ ليست الخدمة عظيمة بعظمة مَنْ أعطاك إياها؟! أم أن الخدمة في متطلباتها أعظم ممّن أعطاها؟! أَلعل كلام الناس، أو قلة الثمار، أو كثرة التعب، أو أي شيء آخر، أعظم من خدمة أعطيتها أنا لك؟! هيا انظر إلى الخدمة التي أعطيتك. وهيا قُم بعزم الرجال لتتمم ما قبلت مني يومًا“. والآن، وإن كنا لا نعلم ردّ فعل أرخبُّس، لكني أصلي أن يقوم كل أرخبُّس في الحاضر ليتمم الخدمة التي أخذها من الرب، صغرت أو كبرت. عزيزي .. هل فشلت في خدمتك يومًا؟ هل فررت يومًا هاربًا من أتعاب، مذعورًا من ضيقات؟ هيا إذًا إلى ذاك الفخاري الأعظم. اقضِ معه الوقت في الخفاء، وادعه ليعمل في حياتك بطرق عجيبة. لا تستعجله، بل انتظره ليُظهر فيك كل حنكته وعظمته. واستمتع بيد الفنان تعمل فيك، وإن آلمتك. |
الرجال الجامدون على درديهم ويكون في ذلك الوقت، أني أُفتش أورشليم بالسُّرج، وأُعاقب الرجال الجامدين على درديهم، القائلين في قلوبهم: إن الرب لا يُحسن ولا يُسيء ( صف 1: 12 ) كُتبت نبوة صفنيا قُبيل السبي البابلي، حوالي سنة 624 ق. م، وبعدها وقعت أول مراحل السبي، سنة 605 ق. م، وفي هذه النبوة، يصف النبي مشاهد القضاء المُريعة، التي أملاها عليه الروح القدس، التي كانت وشيكة أن تنصب على أورشليم المُنجَّسة، ولكن راح بالوحي إلى مشاهد نبوية أبعد وأعم، تشرح أهوال الغضب الخاصة بيوم الرب، الذي أول مراحله الظهور، وآخرها الزمان اليسير، وبعده يأتي يوم الله، أي الحالة الأبدية. وضمن الذين يتوعدهم الرب بالقضاء: «الرجال الجامدين على دُرديهم»، ولكن ماذا تعني هذه الكلمات؟ هذا التعبير أقصد ”الجامد على درديه“، يُقال عن عصير العنب، المُعد لأن يختمر، الذي لم يمر بعمليات التصفية الواجبة، فتظل رواسبه فيه، فتُفسد طعمه ورائحته الجديدة، الواجب أن يكون عليها. ونفس هذه الفكرة نجدها في إرميا48: 11 «مستريح موآب منذ صباه، وهو مستقر على درديه، ولم يُفرَّغ من إناءٍ إلى إناءٍ ... لذلك بقيَ طعمه فيه، ورائحته لم تتغير»، فعصير العنب يُترك لفترة حتى تترسب رواسبه أسفل الإناء، ثم يطفو السائل النقي إلى أعلاه، ثم يفرَّغ العصير دون رواسبه إلى إناء جديد، وتتكرر هذه العملية عدَّة مرات. وأثناء عملية التفريغ هذه يتخلَّص العصير من رواسبه ويصل إلى درجة نقاوة أعلى. أخي المؤمن أَأنت من «الرجال الجامدين على دُرديهم»؟ أقصد الذين لا يتغيرون؟ فيجب أن تتبدل أنماط حياتنا، ومناهج تفكيرنا غير الكتابية، وما أصعب علينا وعلى ذوينا، أن نظل بأمزجة وانفعالات شخصية، لا تحكمها المبادئ الروحية، وما أبشع الإمساك بالخرافات العجائزية، ولكن ما أكرم ارتقاء سُلَّم المجد، ونحن ناظرون طلعة الرب بلا عائق في الحضرة البهية. أخي .. إن خريطة التغيُّر، ونحن ناظرون «مجد الرب»، هي خريطة الشرفاء، لماذا؟ لأن الكتاب يُخبرنا عن مراحلها، ومحطاتها فيقول: «ونحن جميعًا .. نتغيَّر .. من مجد إلى مجد» ( 2كو 3: 18 ). فدرجات هذا السُلَّم هي «من مجدٍ إلى مجد»، وكأن الدرجة الأسفل هي: «مجد»، والأعلى هي أيضًا «مجد»، فيا لعقوبة مَن يجمدون على دُرديهم، ويا لكرامة مَن يرتقون درجات المجد. |
حياة مريم والشركة مع الله https://files.arabchurch.com/upload/i...361345877.jpeg فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن يُنزع منها ( لو 10: 42 ) أولاً: استقبال وتجديد ذهني: إن حياة الشركة هي حياة استقبال، أكثر منها ثرثرة وإرسال. فقد جلست مريم في لوقا10 تسمع كلامه وتستقبل أفكاره. ووصف الرب هذا بالنصيب الصالح الذي لن يُنزع منها. فنصيبنا هو أن نجلس بانكسار تام أمام الكلمة، وبإحساس مقدس بقُدسيتها وسلطانها وبشغَف القلب أن نتعلم. هكذا جلست مريم تسمع وتستقبل كلامه. ونحن إذ نستقبل مقاييس الكلمة أمامه وتشكِّل هي مقاييسنا وتجدد أذهاننا ومفاهيمنا، تصبح جزء لا يتجزأ من الكيان، نصيبنا الصالح الذي لن يُنزع منا. ما فينا (ما في قلوبنا) من كلامه نتيجة الجلوس أمامه، هو نصيبنا الصالح. ثانيًا: التمتع بمعية الرب في ظروفنا: وأما الخطوة الثانية فهي التمتع بمسير الرب معنا في ظروفنا. انظر الرب يسير مع مريم يوم موت أخيها. من حيث لاقته خارج بيت عنيا يسير معها خطوة بخطوة إلى قبر أخيها. سار الرب مع مريم في صمت تام إلى قبر أخيها، خطوة بخطوة تتمتع بمعيته وحنان قلبه يغمرها بلا كلمة، ولكن صلاحه يظللها. أحبائي .. إن لم نرَ الرب في ظروفنا وكيف يخدمنا، لا يمكن لنا أن نخدمه خدمة صحيحة في ظروفه (أقصد ظروف القطيع) ولا يمكن أن نسجد له سجودًا فياضًا. ثالثًا: فيضان القلب: وبعد أن رأت مريم الرب في ظروفها، نراها في يوحنا12 ليست فقط عند قدميه كعادتها الجميلة، ولكنها في مُنتهى الروعة وعُمق الإحساس بالجَميل ـ كل جسدها مُنحنِ أمامه، مجدها، الذي هو شعرها تمسح به رجليه وقُبلاتها تُبادل يديها وشعرها في احتضان قدميه. وهي كلها كاملة الانحناء تسكب عواطفها، وناردينها قد فاح! وهكذا كل نفس جلست أمامه واختبرت حنانه في معجزاته، ستنسكب بالكامل لعِرفانه. هكذا خرَّ بطرس يوم صيد السمك الكثير ( لو 5: 8 ). وهكذا سجدت الشونمية يوم إقامة ابنها ( 2مل 4: 37 )، وهكذا سجد المولود أعمى بعد أن أبصر ( يو 9: 38 )، وهكذا سجد كل مَن رأى الله في ظروفه. فدعونا ننطلق الآن لبُعد أعمق في شركتنا مع إلهنا. |
أحاط به غمرٌ https://files.arabchurch.com/upload/i.../574459653.gif قد اكتنفتني مياهٌ إلى النفس، أحاط بي غمرٌ. التفَّ عُشب البحر برأسي. نزلت إلى أسافل الجبال .. ثم أصعَدت من الوهدة حياتي أيها الرب إلهي ( يون 2: 5 ، 6) عند ذيَّاك الصليب تجمَّع الضباط والجنود يومئذٍ، والتفوا مع رجال الدين والأكابر في تلك الأمة التي دُعيت شعب الله، في وحدة قوامها العداء المشترك لله، وبوصفهم ـ معًا ـ أدوات تنفيذية في يد رئيس هذا العالم، نقول: إن ذيَّاك الصليب كشف عن كل ظلمة وعداوة قلوبهم ضد ابن محبة الله، يوم وَضع الله عليه إثم جميعنا حتى كل مَن يؤمن به ”بجلدته يُشفى“. أجَلْ، فقد كان متروكًا بأفظع ما تنطوي عليه هذه الكلمة، حتى نُعفى أنت وأنا من اختبار مثل هذا الهجران الموجع. فقد كان متروكًا من جميع خاصته، وفوق الكل كان متروكًا من الله، وليس متروكًا فحسب، بل كان محوطًا بأعدائه أدوات الشيطان التنفيذية، محوطًا بأقوياء باشان الذين فغروا أفواههم كأسدٍ مفترسٍ مُزمجرٍ ”أحاطت به كلاب. جماعة من الأشرار اكتنفته“، وكل قساوة الإنسان، وكل خبث الشيطان وأرجاسه، انطلقت من عقالها ضد حَمَل الله الذي بلا عيب، الوديع الصابر. وها هو ابن الآب الطائع، الذي كان له سلطان أن يضع حياته وله سلطان أن يأخذها أيضًا، عتيد أن يتوج طاعته في الحياة بطاعته في الموت؛ موت الصليب، حتى بموته يُصالح الخطاة الذين يناصبون الله العداء، حيث أظهر الإنسان حبه للخطية وبُغضه لله، وحيث أظهر الله كراهيته للخطية ومحبته للخاطئ ليقهر بالمحبة عداء الإنسان، ويجعل من الخطاة مؤمنين يهتفون بعمله المجيد. لقد كان وضع يونان في بطن الحوت أيسر حالاً قياسًا إلى وضع ربنا وسيدنا على الصليب، الذي أطاع حتى الموت موت الصليب، ومن أجل عصياننا نزل إلى «العمق»، إلى مياه غامرة أعمق من تلك التي طُرح فيها يونان لعصيانه. على أن ذاك الذي بكلمة قدرته أطلق يونان من بطن الحوت حينما جاءت صلاته «إلى هيكل قدسه»، خلَّصه الله ومن قرون بقر الوحش استجاب له. وذاك المجيد «الذي، في أيام جسده .... قدَّم بصراخٍ شديدٍ ودموعٍ، طلبات وتضرعات للقادر أن يخلِّصه من الموت وسُمع له من أجل تقواه» ( عب 5: 7 )، ذلك الذي مرة «صُلب من ضعف» هو الآن حي بقوة الله الذي ”مال إليه وسمع صراخه، وأصعده من جُب الهلاك، من طين الحمأة، وأقام على صخرة رجليه، وثبَّت خطواته“ ( مز 40: 1 ، 2). |
طول الأناة https://files.arabchurch.com/upload/i...1/72593798.jpg وأما ثمر الروح فهو ... طول أناة ( غل 5: 22 ) إن طول الأناة هي صفة النفس والذهن التي تستطيع أن تتحمل أعباء الحياة المسيحية بدون إحجام أو شكوى. وطول الأناة مثل أي ثمر للروح هو في مُباينة مع أعمال الناموس. فالناموس سمح بالمعاملة بالمِثل «عينٍ بعين وسنٍ بسن»، لكن الرب يسوع كان وديعًا ومتواضع القلب، وعلَّم تابعيه أن يتصرفوا بطريقة مختلفة. فالضرب على الخد الأيمن لن يثير لدى المؤمن السالك بالروح أية كراهية أو حقد ضد الذي لطمه. وإن هدوء القلب المألوف لشخص مثل هذا بعيد كل البُعد عن الشعور بالضيق من الإهانة لدرجة أنه على استعداد أن يقدِّم الخد الآخر. إن طول الأناة والروح غير المقاومة كانت كاملة في المسيح الذي كان كنعجة صامتة أمام جازيها «الذي إذ شُتم لم يكن يشتم عوضًا، وإذ تألم لم يكن يهدد» ( 1بط 2: : 23). وكل تلميذ مدعو لأن يكون كسيده. إن طول الأناة هو ضبط النفس الذي يمنع الإنسان المسيحي من الاندفاع بمشاعره الطبيعية إلى كلام قاسي، وأعمال ثأرية انتقامية. إنه النشاط السامي للطبيعة الجديدة أكثر من مجرد قمع جسدي للطبيعة القديمة. ربما أظهر بولس طول أناة تجاه اسكندر النحَّاس الذي أظهر له شرورًا كثيرة، ولكن بالتأكيد لم يفعل هكذا مع حنانيا رئيس الكهنة ( 2تي 4: 14 ؛ أع23: 2-5). إن طول الأناة مثل شفرة حديدية مُقسَّاة تمامًا يمكن أن تُثنى بدون أن تُقصف، فقط لكي نحصل عليها يجب أن نُخرجها من الفرن المتأجج ونُطفئها في الماء. كذلك طول الأناة يتطلب منا أن نمر خلال مزيد من الاختبارات في السرَّاء والضرَّاء ( 2كو 6: 4 -10). وكلاً من الأغاني والدموع تخدمنا في هذا الغرض. وطول الأناة صفة مميَّزة لفترة الكنيسة. وهذا التعبير يُستعمل عن الله في صبره على عالم خاطئ يرفض عروض نعمته، كما يُستخدم أيضًا عن إمهاله في تنفيذ الغضب كما في أيام نوح ( رو 2: 4 ؛ 1بط3: 20). وطول الأناة سيُمكّننا من مواجهة التجارب المختلفة التي نتعرض لها يوميًا، كالكلام الشرير، والألم والمرض، والأصدقاء المستفزين، والعائلات المُمزقة، والأخوة الكذَبَة وربوات الإغاظة التي تأتي علينا. كل هذا يمكننا أن نتحمله لو امتلكنا فكر المسيح. |
بركات السير مع الله https://files.arabchurch.com/upload/i.../983788141.gif وسار أخنوخ مع الله، ولم يوجد لأن الله أخذه ( تك 5: 24 ) «المُساير الحكماء يصير حكيمًا» ( أم 13: 20 )، والسير مع الله معناه تعلُّم حكمة الله، وهذه العادة التي كانت لأخنوخ جعلته يتعلَّم طرق الله من جهة العالم الأثيم، فهو قد عرف كيف أن شر الإنسان تعاظم على الأرض، وكيف أن أفكار قلب الإنسان شريرة كل يوم، وكيف أن دم هابيل البار كان يصرخ طالبًا النقمة، ولماذا أمسك الله العادل يده عن أن يعاقب قايين قاتل أخيه، كل هذا عرفه أخنوخ لأنه «سار مع الله»، وتعلَّم منه. وإذ تعلَّم من الله تطلع أخنوخ إلى يوم عتيد «يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة» ( رو 2: 5 ). وعلى ذلك، فقبل الطوفان، استطاع أخنوخ أن يتنبأ عن أمور آتية في مستقبل العالم، فقال: «هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه، ليصنع دينونة على الجميع، ويعاقب جميع فجارهم على جميع أعمال فجورهم التي فجروا بها، وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلَّم بها عليه خطاةٌ فجارٌ» (يه14، 15). هذه النبوة عظيمة من نواحِ كثيرة، فهي أقدم نبوة وقد أُعطيت من الله لأخنوخ، ربما في حياة آدم، وفيها تخبير بظهور ربنا يسوع للقضاء والدينونة، وربما دون أن يفهم هو ملء المعنى الذي يعبِّر عنه. ولا شك أن الطوفان كان تتميمًا جزئيًا لهذا التحذير الذي نادى به أخنوخ من دينونة الشر العتيدة، لكن تمام النبوة على الوجه الأكمل لا يزال ينتظر مجيء الرب في ربوات قديسيه ( زك 14: 5 ؛ 1تس3: 13). إن رجل الله الذي تأسف على طغيان الإثم في أيامه، قد أُعطي أن يرى أن الحق والبر لا بد أن يسودا، وأن كل شر وإثم لا بد أن يُدانا. ولكن قبل مجيء هذا اليوم الذي يتحقق فيه ذلك، نُقل أخنوخ من مشهد الشر الجامح في الأرض. وهذه كرامة خاصة أُضيفت على الرجل الذي سار إلى جانب الله وسط ارتداد الجنس الآدمي. وأخنوخ نُقل إلى السماء؛ مسكن البر والقداسة، والتي منها سيأتي الرب مع ربوات قديسيه ليصنع دينونة على الجميع. وفي طريقة انتقال أخنوخ نرى صورة لاختطاف المؤمنين الأحياء عند نزول الرب من السماء بهتاف. فالأحياء من المؤمنين، الذين يبقون على الأرض إلى ذلك اليوم، سوف يُختطفون لمُلاقاة الرب في الهواء «وهكذا نكون كل حين مع الرب» ( 1تس 4: 15 - 17). |
بيت الله الحقيقي https://files.arabchurch.com/upload/i.../847700985.jpg فلستم إذاً بعد غرباء ونُزلاء بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله ... مبنيون معاً مسكناً لله في الروح ( أف 2: 19 ـ22) يوجد لله الآن بيت على الأرض، يرتبط به إعلان اسمه، مع فارق كبير بين بيت الله في القديم وبيت الله المُعلن عنه في العهد الجديد. فالأول كان مادياً رمزياً، أما الآن فالبيت روحي حقيقي. البيت الروحي هو كنيسة الله الحي، عمود الحق وقاعدته، جماعة المؤمنين (الأحجار الحية) الذين سكن فيهم الروح القدس وجعلهم مسكناً لله في الروح. وشخص المسيح ابن الله الحي هو كالصخرة، أساس هذا البيت ( مت 16: 18 ؛ 1كو3: 11)، وهو بانيه ( مت 16: 18 )، وهو حجر زاويته ( أف 2: 20 )، وهو ابن على بيته، أي هو المشرف عليه كالرب والسيد ( عب 3: 6 ). وربما يستوقف أحدنا سؤال هو: ما أهمية وجود بيت ـ مادياً كان أم روحياً ـ لله على الأرض؟ وباختصار أُجيب: إن الشيطان أصبح بعد سقوط الإنسان رئيساً لهذا العالم ( يو 12: 31 )، بل وإلهاً لهذا الدهر ( 2كو 4: 4 ). لقد أصبحت الأرض مُسلَّمة ليد الشرير، والناس يعبدونه، وقالوا لله ابُعد عنا، وبمعرفة طرقك لا نُسرّ ( أي 21: 14 ). وليس دليل على ذلك أقوى من موقف البشر سكان الأرض من الخالق عند مجيئه إلى الأرض، إذ لم يعرفوه ولم يقبلوه ( يو 1: 10 ،11). ولم يكن له فيها أين يسند رأسه، بل وفي النهاية قدموا له الصليب وقتلوه. أمام كل هذا الشر وهذه العداوة لن يصمت الله، وقريباً سيعود المسيح وتوضع جميع الأعداء موطئاً لقدميه، ويقهر الشيطان وأعوانه، ويحصر جميع فعلة الشر في مكان واحد هو البحيرة المتقدة بنار وكبريت، ويخلو الكون من الأشرار، ويصبح الله الكل في الكل، في السماء الجديدة والأرض الجديدة. لكن إلى أن يحين هذا، أليس من حق الله أن تكون له بقعة على الأرض تنتسب له وتخضع لسيادته ويمارس فيها سلطانه كما يشاء؟ لقد أزاح الشيطان والإنسان اسم الله من كل الأرض، فقصد الله أن يحتفظ بكيان صغير يعلن فيه اسمه كالسيد وصاحب السلطان. وهذا هو دور بيت الله؛ إنه يقدم للعالم نموذجاً ليبيّن كيف تكون العلاقة بين الخالق والمخلوق، كيف يُطاع ويُخدَم ويسود. هذه البقعة أو هذا الكيان يُسمَّى بيت الله، لأن فيه يجد الله راحته. |
نــــــــــــوح وإيليــــــــــا https://files.arabchurch.com/upload/i...1284719560.jpg فقال الله لنوح: نهاية كل بشر قد أتت أمامي، لأن الأرض امتلأت ظلمًا منهم. فها أنا مُهلكهم مع الأرض. اصنع لنفسك فلكًا ( تك 6: 13 ، 14) قد لا يعرف التاريخ البشري ”رجلاً“ جمع في شخصيته الكثير من الصفات؛ القوة والعزيمة، الشجاعة والإقدام، الصبر والصلابة، المحبة والحنان، مثل ذلك الرجل «نوح»، وذلك لأنه عاش في عصر تركزت فيه سلسلة حلقات من الشرور والفساد، وملأت الأرض في أيامه. فهذه خطية الشهوة والفجور في سقوط أبناء الله تحت إغراء بنات الناس. وتلك خطية التمرد والعصيان في اتخاذهم لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا. والثالثة خطية الظلم والطغيان بامتلاء الأرض ظلمًا وطغاة في تلك الأرض. والرابعة خطية الكبرياء والاعتداد بالذات بولادة الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم. والخامسة النجاسة والمجون بدخول بني الله على بنات الناس. والسادسة خطية الزيغان والفساد إذ أفسد كل بشر طريقه على الأرض، ففسدت الأرض كلها. https://files.arabchurch.com/upload/i...1/37939724.jpg وإذا كان أليشع لم يرَ إيليا رجل الله وهو يصعد إلى السماء باعتباره ”فردًا“ أو ”واحدًا“ يصعد أمامه، إذ صرخ قائلاً: «يا أبي يا أبي، مركبة إسرائيل وفُرسانها!» ( 2مل 2: 12 )، وهو يقصد بذلك أن إيليا لم يكن أبدًا ”واحدًا“، بل جيشًا كبيرًا، كامل العتاد ومُكتمل القوة. على هذا المنوال كان نوح، وإن كان بمقياس أعظم وفائق جدًا جدًا. نوح أحد الأقدمين العظماء، والأبطال الأقوياء، وأول كارز على الأرض. عاش في زمن عصيب ورهيب، لكنه وقف بجانب الله، وهو ذاته كان نقطة تحوُّل وبداية جديدة. وهو أب للبشرية كلها من بعد الطوفان. ويُعتبر نوح أكثر قوة وشجاعة وإقدام من إيليا. في أيام إيليا كان هناك مئة نبي على الأقل، وسبعة آلاف كل الركب التي لم تَجثُ لبعل. أما نوح فكان وحيدًا، ومع ذلك وقف بجانب الله، حين كان العالم كله يقف على الجانب الآخر، ويغرق في العصيان والشرور والمظالم. ونوح أيضًا أشد صلابة وعزيمة وصبر منه، فلم يرَ ما رآه إيليا من هتافات الشعب «الرب هو الله! الرب هو الله!»، ولا قتْلِ أنبياء البعل، ولا استجابة السماء ونزول المطر، بل على العكس لم يكن هناك أي تجاوب مع كرازته، وكان العالم يسير من رديء إلى أردأ، لكنه ظل يكرز بصبر ولم يَخُرْ أو يفشل لعشرات السنين هي مدة كرازته، مع أنه لم يرَ أية بادرة أمل من التصديق أو التغيير في العالم القديم الذي عاش فيه. |
الراعي الصالح والخروف الضال https://files.arabchurch.com/upload/i.../788054820.jpg أي إنسانٍ منكم له مئة خروف، وأضاع واحدًا منها، ألا يترك التسعة والتسعين في البرية، ويذهب لأجل الضال حتى يجده؟ ( لو 15: 4 ) هذا الأصحاح (لو15) لا يحتوي على ثلاثة أمثال كما يظن البعض، ولكنه يحتوي على مَثَل واحد مكوَّن من ثلاثة أجزاء، فهو يعطي صورة جميلة ورائعة عن اهتمام كل أقنوم من الأقانيم الثلاثة بخلاص الضال. وفي الجزء الأول من المَثَل (ع4- 7)، نرى عمل المسيح كالراعي الصالح. أولاً: فهو الذي «له مئة خروف»، أي هو الذي تنتمي له «الخراف»، هم ينتمون إليه لأنهم عطية الآب له. ثانيًا: هو الذي قيل عنه: «يذهب لأجل الضال»، وهذا يصوِّر المسيح وهو آتٍ من بيت الآب في الأعالي إلى هذه الأرض حيث يوجد الخروف الضال. ثالثًا: نجد أنه يذهب وراء الضال «حتى يجده»، وهذا يستحضر أمامنا الصليب، مكان الموت، لأنه هناك كان يوجد «الخروف»، ولن يمكن أن يجده إلا هناك. رابعًا: «وإذا وَجده يضعه على منكبيه» وهذا يُخبرنا عن عناية المخلِّص الرقيقة بخاصته، وأيضًا يضمن لنا المكان الآمن الذي صار لنا الآن فيه. من الرائع أن نلاحظ في إشعياء9: 6 حيث الكلام عن مُلك المسيح المستقبلي «تكون الرياسة على كتفهِ»، فالكتف بالمفرد يُذكر هنا، بينما عندما يُذكر الخروف يأتي بالمثنى «منكبيه». كتف واحدة تحمل رئاسة العالم، وكتفان يُعطيان ضمانًا مضاعفًا لحفظنا. خامسًا: يضعه على منكبيه «فَرِحًا». يا له من أمر عجيب! إننا نستطيع أن نفهم أن الخروف يمكنه أن يجد من الأسباب ما يجعله يفرح بالراعي، ولكن كون المخلِّص (المكتفي بذاته) يجد مناسبة ليفرح بخلاص الخطاة التعساء المستحقين للجحيم، فهذا أمر ”فائق المعرفة“. سادسًا: «ويأتي إلى بيتهِ»، هذا يتكلم عن النتيجة المباركة لعمل المخلِّص، وعن النجاح المنشود لسعي الراعي. لاحظ أن السماء هنا تُسمى «البيت»، تصوير يدفعنا لنُطيل فيه التأمل. سابعًا: «ويدعو الأصدقاء والجيران قائلاً لهم: افرحوا معي لأني وجدت خروفي الضال». كم يكشف لنا هذا قلب المسيح! فهو ليس يفرح فقط بخلاص الضال، ولكنه يدعو الملائكة ليشاركوه فرحته. |
بيت الخمر https://files.arabchurch.com/upload/i.../902598314.jpg أدخلني إلى بيت الخمر، وعلمه فوقي محبة ( نش 2: 4 ) سبق أن قالت العروس: «أدخلني الملك إلى حجاله» ( نش 1: 4 )، هذه هي الشركة الفردية، وهي لا بد أن تسبق التمتع بالشركة الجماعية في بيت الخمر الذي فيه نتمتع بالشركة معه، ومع جميع الذين يحبون ربنا يسوع المسيح في عدم فساد. وعبارة «أدخلني» تدل على أنها في ذاتها ليست جديرة على الإطلاق بالدخول إلى هذا المكان، لكنه هو الذي أدخلها. وهي تذكِّرنا بقول الوحي عن الرب إنه «أخذ بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد بهم إلى جبلٍ عالٍ. وتغيَّرت هيئته قدامهم» ( مت 17: 1 ، 2)، وهي صورة أيضًا للاجتماع إلى اسم الرب، حيث يُرى الرب بمجده، وحيث تتصاعد كلمات القديس: «جيد يا رب أن نكون ههنا»، وحيث تُرفع العيون فلا نرى إلا يسوع وحده. نعم مَنْ فينا يستحق التواجد في محضر الرب؟ دَعنا لا ننسى أننا في الاجتماع إلى اسمه نوجد في محضر ذاك الخالق المهيب الذي مجده ملء كل الأرض، بل إننا نجلس في محضر ذاك الذي السرافيم تقف في محضره، ونُعاين مجده بوجهٍ مكشوف، ذاك الذي تغطي وجوهها أمامه، ونتكلم إلى ذاك الذي لا تقدر الملائكة إلا أن تتلقى تعليماته وأوامره! وبيت الخمر هو المكان الذي يتم فيه شرب الخمر. والخمر صورة في الكتاب إلى الفرح وإلى الروح القدس، أو بالحري أفراح الروح القدس. إنها ليست أفراحًا جسدية نتيجة الطَرَب العالمي، بل أفراحًا عميقة لا يقدر أن ينشئ نظيرها إلا الروح القدس. لقد أدخلها إلى حيث يمكنها التمتع بأفراح الروح القدس المباركة والعجيبة، حيث الفرح الذي لا يُنطق به ومجيد. وفي بيت الأفراح وجدت العروس أن الراية المرفوعة هي «المحبة». والراية المرفوعة تدل على إحراز النصر. والنُصرة التي تمت هي نُصرة الصليب، فعلى أساس محبة الصليب يمكننا نحن أن نجتمع إلى اسمه. ما الذي أوجدنا نحن الذين بالطبيعة خطاة في محضره القدوس؟ ولماذا لا نهرب نحن من محضر الله كما فعل أبونا آدم؟ هل نحن أفضل؟ كلا البتة، ولكنها المحبة التي غلبت عداوتنا وشرّنا، وهو عين ما عبَّر عنه المسيح عندما قال: «وأنا إن ارتفعتُ عن الأرض (بالصليب) أجذبُ إليَّ الجميع» ( يو 12: 32 ). هذا هو أساس اجتماعنا إليه. |
اسمه يسوع https://files.arabchurch.com/upload/i...1051543456.gif اسمه يسوع، لأنه يخلِّص شعبه من خطاياهم( مت 1: 21) عندما أعلن الملاك القول: «لأنه يخلِّص شعبه من خطاياهم» كان يتطلع إلى الأمام أو على الأقل كانت هذه وجهة نظر الروح فيما يتعلَّق بأزمنة ما بعد الصليب. فإن شعب الله ما كان ليخلص، كما شهد الأنبياء، بدون التوبة وفاعلية الكفارة. فسمعان البار عندما أُتيح له امتياز أخذْ الرب على ذراعيه، تنبأ أيضًا في وضوح تام أن مجد شعب يهوه سوف يكمل بعد رفض الطفل المقدس عند تقديمه للشعب ( لو 2: 25 - 35). فإن آلام المسيح ينبغي أن تسبق أمجاده، حتى كما قال هو لتلميذي عمواس: «أَمَا كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده؟» ( لو 24: 26 ). كان هذا الواقع هو الذي محَّص قلوب البشر مُظهرًا ما فيها من عداء مُستحكَم. فلو أُتيح لهم أن يأخذوا المسيح بالقوة وينصِّبوه ملكًا عليهم، ولو أنه جعل من نفسه قائدًا لهم، وسار في مقدمتهم ليخلِّصهم من صولة أعدائهم، لرحَّبوا به كالمسيا المُنتظَر، حتى وإن كانوا لا بد أن يشقوا عليه عصا الطاعة بعد ذلك مباشرة. ولكنه وهو الذي جاء كـ «يهوه» المخلِّص ينبغي أولاً أن يُصلح الفجوة التي أوجدتها خطايا شعبه بينهم وبين إلههم، ولذلك فإنه باشر بنفسه قضيتهم وحمل مسؤوليتهم، وكمَن قام مقامهم صاح: «يا الله أنت عرفت حماقتي، وذنوبي عنك لم تَخفَ» ( مز 69: 5 ). أيها الرب المبارك، نحن لا نستطيع أن نسبر غور أحزانك وآلامك، ولكننا نستطيع أن نشكرك لأنك جعلت خطايا شعبك خطاياك، وأبعدتها عنهم إلى الأبد. ومع ذلك، أيها القارئ العزيز، في حين أن هذا الوعد يشير مبدئيًا إلى شعب الله، إلا أنه ينبغي أن لا ننسى أن نفس هذا العمل المجيد الذي هو أساس مغفرة خطاياهم، هو سبيلنا الوحيد لمغفرة خطايانا كذلك، وعن طريق زلَّتهم أُتيح الخلاص للأمم، ومن ثم استطاع الرسول أن يكتب إلى الكورنثيين «أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب، وأنه دُفن، وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب» ( 1كو 15: 3 ، 4). يجدر بنا إذًا، أن نشكر الله دائمًا من أجل نعمته العجيبة؛ النعمة التي انتهزت فرصة رفض خاصته وعدم إيمانهم لتعلن كل مشوراته المتعلقة بأولئك الذين سيكونون وَرَثة الله ووارثين مع المسيح، وجدير بنا كذلك أن تفيض قلوبنا شكرًا وامتنانًا عند ذكر اسم يسوع، لأنه هو الذي حقق وضمن لنا كل شيء. |
الساعة الآن 05:45 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025