منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   كلمة الله تتعامل مع مشاعرك (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=45)
-   -   وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=25)

Mary Naeem 06 - 08 - 2014 01:23 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
حاملات الطيب

صورة عن التماس الرب
من كتاب القديس ثيوفان الحبيس
وكيف يسعكن ألا تذهبْنَ في التماسه؟ فمن أبهى حُسناً من الرب؟ زَيَّنته الفضيلة أكثر من سائر بني البشر. وسيم هو، ليس بالصباحة الإلهية وحدها، بل كذلك بجمال الطبيعة البشرية،
لأنه يجمع في ذات أسمى ما فُطر عليه الإنسان من كمالات. فالذين يتأملون هذا الجمال ينجذبون إلى الرب، والرب بدوره يفيض من جماله على جميع محبيه.
كيف هي عيناه؟ أشَعُّ ضياءً من الشمس التي تخترق الحُجب كضوء النهار.

نظر نظرة واحدة إلى امرأة خاطئة فأحالها عفيفة.

نظر إلى العشار فأحاله رسولاً.
نظر إلى بطرس ففجّر وابل الدموع من عينيه.. يجذب الناس إليه برمية مقلتيه فيمدّهم بقوة المشاهدة ليخترقوا بها السموات يشاهدوا جليّاً ما يُرى وما لا يُرى.
وكيف حديثه؟ كلمة واحدة وجّهها إلى الصيادين فتركوا الشباك.

ألقى عظة وإذ بالذين أتوا ليمسكوه يميلون إليه آذاناً صاغية، وترحل الشياطين ويُشفى المرضى ويقوم الأموات. بمثل تلك الكلمات يجتذب الناس إليه فيمنحهم قوة كلام سوف يعيرها الله سمعه وتنصت إليها الملائكة ويتعزّى بها البشر.
غني هو الرب ويُغني، قوي هو ويَهب قوةً لا تقهر، حكيم هو ويمنح الحكمة، قدوس هو ويُقدس، لأن كل عطية يُعطيها إلى الذين يجدّون في السعي خلفه هي صالحة، وكل موهبة هي كاملة.
لذلك التمسن أنتن مثل هذا الرب. ابحثن عنه متوارياً في ترتيب الصلاة الإلهي وفي النشاطات الكنسية، كأنه بين غياض كثيفة زكية العرف.
وسوف تبصره كما أبصرته مريم المجدلية في البستان والعروس في نشيد الأنشاد، حينما شاهدت صورة عروسها الوضّاحة بين الزهور لمّا لفظ النهار نسمته الأخيرة وتحركت الخيالات (نش 2 : 14-17).
التمسنه في عقائد الإيمان بيقين في حقيقتها لا يتزعزع، وفي الوصايا بالحماسة في إتمامها وفي طرائق الحياة كافةً بالصبر والتعبد له.
وسوف يظهر ويدعكنّ تلمسنه كما سمح للتلاميذ في عشية ما بعد القيامة، وستهتفْنَ مع توما: ربي وإلهي!
التمسنه في كل مكان من غير أن تسقط الهمة.
اعملن على حفظ الرب في أنفسكن.
احفظنه بالتفكير فيه بلا انقطاع، والحديث معه عقلياً بلا توقف. ففيه خلاصنا على الدوام. احفظنه بسعي قلوبكن إليه وحده، غير فاسحات المجال لقلوبكن بالتعلق بأي أمر آخر، صغيراً كان أم كبيراً.
احفظنه بإسلام نفوسكنّ إلى يمين عنايته من خلال تكريس سجيّة القلب لله والصلاة المستمرة.

احفظنه بإتقان الطاعة غير المرائية التي يفرضها قانون الرهبان، وبالوداعة والسلام والخضوع المتبادل، والتعاون وعدم الانتقاد والاتضاع، وعدم التعلق لا بالأشياء ولا بالبشر ولا بالعادات الدنيوية، بل بالخلوة ومحبة العمل والجهاد، وعدم توفير لراحة للجسد، وبالذكر الدائم للرحيل عن هذه الحياة، وبانتظار الثواب في الحياة الآتية.
فالنسوة حاملات الطيب كنَّ إلى جنب الرب لما راح يزحمهن الذين صلبوا المسيح. وأنتن كذلك، لا تنظرن إلى ما ليس في داخلكن.
فليرتفع صراخ العالم ولتُرغي وتزبد خرافاته الحمقاء، ولتتصاعد النكبات: أنتن امضين في سبيلكن ولا تنظرن إلى الخلف أو إلى هذه الجهة أو تلك. لا تُطِلْنَ النظر في ما حولكن ولا يطرق مسامعكن حديثاً بطالاً.
لا تنظرن إلا إلى ما تحت أقدامكن، وثبتن هذه الأقدام في الوصايا المحدّدة، وارفعن النظر إلى ضميركن إذا تلقّى إشارةً من عَلُ. لأنه في العالم أيضاً نساء مُجدّات في سبل المناقب الحميدة، يطلبن الرب أيضاً ويَسعَين بغيرة إلى إدراكه.
حذار لئلا تلفَيْنَ أنفسكن دونهن. نشكر الله إن لاحظت عيناه ما بين العلمانيات راهبات حقيقيات. لكن لا تدعنه يلحظ بينكن امرأة دنيوية بثياب راهبة.

Mary Naeem 06 - 08 - 2014 01:55 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
انقسام البشر ..
عن كتاب زاد الأرثوذكسية
ما إن سقط الانسان حتى بدأ مغامرته الكبرى فالمحبة التي كانت تربطه بالله وبسائر الخليقة انفصمت وانقسم كل شيء في داخلها والانسان نفسه تجزأ وبعدم رجوعه الى الله صار كائناً أنانياً فالطفل الصغير يجلب الآلام لأمه عند ولادته والمرأة تخضع كلياً لسلطة لزوجها
( تك 3 : 6)
والملفت في الأمر هو تبرير آدم لنفسه واتهامه لحواء متنصلاً من مسؤوليته عنها كأنها غريبة عنه تماماً : ((والمرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الثمر فأكلت)) (تك 3 :12)
كم يختلف هذا الكلام عما قاله آدم نفسه لما رأى حواء للمرة الأولى قبل السقوط: ((هذه عظم من عظامي ولحم من لحمي هذه تسمى امرأة لأنها من امرئ أخذت )) (تك 2 :23)
انفصمت الوحدة الكاملة التي سادت بين البشر قبل السقوط والتي كانت صورة حياة اقانيم الثالوث القدوس الثلاثة وماعاد آدم يعترف بأن حواء ((عظم من عظامي ولحم من لحمي)).
وأخيراً وصلت الغربة بالإنسان إلى حد قتل أخيه كما يظهر من حديث الله مع قايين.
فعندما سأله: ((أين أخوك؟)) كان يريد أن يذكره بانقطاع الرباط الأخوي وتدمير المحبة لكن قايين لم يستعد رشده ولم يسع إلى البحث مجدداً عن العيش في رباط المحبة الأخوية,
بل أظهر غربته الكاملة عن أخيه وكأنها أمر مفروغ منه فأجاب :
((لا أدري وهل أنا حارس لأخي؟)) ( تك 4 :9)
لا شك أن كل شيء أساسي في الانسان قد تغير بعد السقوط
فأخذ الرجل يرى في المرأة كياناً مناقضأ له
وراح الأخ يرى في أخيه كياناً غريباً عنه ومعادياً له.

Mary Naeem 06 - 08 - 2014 02:07 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
لكي تتجدّد الأرض !
قدس الأرشمندريت توما (بيطار)
فيما تفسد، اليوم، الأرض وتنحلّ نفوس الناس بسرعة فائقة نتطلّع إلى مصدر آخر للطاقة يقينا حالة الضمور التي يؤول مصيرنا إليها.
أعظم قوّة في الكون كانت ولا زالت قوّة الصلاة. إذا كانت "طلبة البارّ تقتدر كثيراً في فعلها"، فـ "كلّ شيء مستطاع للمؤمن". لذا ليس شيء مستحيلاً على المؤمن المصلّي.
الصلاة هي النعمة التي أعطاها الربّ الإله للإنسان حتى يكون، أولاً، على صلة به، ثمّ حتى يكون، بالله، سيّداً على الخليقة مجدِّداً لها. لا يسود الإنسان على العالم بالعقل - هذا تزوير للتاريخ - بل بالصلاة.
سيادة العقل من الخطيئة وهي قهّارة تملّكيّة تُفكّك العالم فيما سيادة الصلاة من الله وهي محبّيّة خدماتيّة لا تطلب ما لنفسها بل مَن وما تسود عليه، لذا تحفظ تماسك العالم وتنميه وتجدّده.
بالمناسبة، المؤمن المصلّي لا يطلب ما لنفسه، لا يطلب شيئاً. فقط يطلب ملكوت السموات، أي يطلب أن يقيم فيه روح الله.
إذا كان جائعاً لا يطلب طعاماً، وإذا كان مريضاً لا يطلب صحّة، وإذا كان فقيراً لا يطلب غنى. يطلب ما يساعده على اقتناء روح الربّ. يطلب صبراً. يطلب أن يعلّمه الربّ الإله كيف يعمل رضاه.
يطلب كلّ فضيلة لأنّه ليست فضيلة إلاّ بالله. أما حاجاتنا، في هذا الدهر، فتُعطى لنا بلا سؤال، تعطى لنا مجّاناً، زيادة، إذا ما طلبنا ملكوت السموات أولاً.
لذا القدّيسون، بعض القدّيسين، كان يطعم الجياع لكنّه كان يبقى جائعاً. وكم من قدّيس كان مريضاً لكنّه كان يشفي المرضى. الفكرة هي أنّ الإنسان بالإيمان والمحبّة يطعم الإنسان ويشفي الإنسان ويرى لحاجات أخيه الإنسان، أما هو فالله يطعمه، إذا كان ذلك مفيداً له، بطرق هو يعرفها، ويشفيه أيضاً ويرى لحاجاته.
الله روح. لذا القدّيس أو المؤمن أو الإنسان الروحيّ، كلّ شيء لديه مركّز على ما ينفع القلب، على ما ينعش الروح، على ما ينمي الكيان وفق القول السيّدي:
"اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبديّة الذي يعطيكم ابن الإنسان لأنّ هذا الله الآب قد ختمه" (يو 6: 27). لذا الهمّ الأساسي للإنسان أن ينمو فيما لروح الربّ. كلّ ما عدا ذلك يأتي في أوانه وبالكمّ اللازم وفق ما يرى الربّ الإله مناسباً.
قدّيسو الله يعتبرونه فعلَ عدم إيمان بالله ومسيئاً لهم أن يطلبوا شيئاً مما أُعطي لهم قبل الطلب ومن دون طلب.
إذاً لا يسود الإنسان على العالم بالعقل بل بالصلاة لأنّ القول السيّدي هو هذا: "رؤساء الأمم يسودونهم وعظماؤهم يتسلّطون عليهم، أما أنتم فلا يكن فيكم هكذا بل... مَن أراد أن يكون فيكم سيّداً فليكن لكم عبداً" (مت 20: 25 ? 27).
و "لم يأت ابن الإنسان ليُخدَم بل ليَخدم" (مت 20: 28).
سيادة العقل بديل عن سيادة الروح وهي تتأتّى من ظلمة النفس، لذا كانت نتاجَ السقوط من قربى الله.
العقل، في محضر النعمة، يندرج في خدمتها، فإذا ما انحرم الإنسان من النعمة عمل العقل من دونها فكان أداة خطيئة وتفكّك وانحلال.
ليس شيء مستحيلاً على الصلاة. يشوع بن نون أوقف الشمس في كبد السماء. وبطرس أقام من الموت طابيثا اليافيّة. ويوحنّا الديلمي نقل الدير من أعلى الجبل وجعله بقرب النهر من غير أن ينتقص منه شيء.
بصلاة بائيسيوس الكبير أُخرجت نفس إنسان زان من الجحيم.
إبراهيم اللصّ صار بارّاً.
ومريم، فاجرة الإسكندرية، صارت معلّمة للعفّة.
وبطرس البخيل صار رحيماً.
الصلاة تغيِّر الدنيا وتغيِّر قلوب الناس.
لا فقط الأبرار والقدّيسون تفعل الصلاة بهم. لهؤلاء دالة عند الله؟ بلا شكّ! ولكن ليس وحدهم.
كلّ قلب يتوب ويتغيَّر، ولو في لحظة، له دالة عند الله. في سيرة القدّيس ثيودوروس الرهّاوي أنّ أمّاً، في حرقة قلبها، حملت وليدها، وهو بين حيّ وميت، وأخذت تجول سائلة مَن تلتقيه الصلاةَ من أجله.
فلما بلغت زانيةً تسبّبت في هلاك الكثيرين طرحته في حضنها عن غير وعي منها وألحّت عليها أن تسأل الله في شفائه. فانذهلت الزانية وصدمتها المفاجأة. وبعد تردّد وارتباك، عادت إلى نفسها وشعرت بكثرة خطاياها وانعدام دالتها عند الله فحطّت الطفل أرضاً وسجدت مقابله وصلّت بما جعله الربّ الإله في قلبها، فعادت روح الصبيّ إليه.
ليس برّ الإنسان ما يجعل الصلاة فاعلة وقوّية بل شعوره العميق بانعدام برّه ودالته وكثرة خطاياه وعدميّته. عجيب الله في قدّيسيه! لا يحتاج الإنسان إلى أعمال صالحة ليصير قدّيساً.
يحتاج إلى توبة من القلب. والأعمال تتبع. هو الله الفاعل فينا، في كلّ حال، أن نريد وأن نعمل من أجل المسرّة. إنما الحاجة من جهتنا هي إلى معرفة أنفسنا على حقيقتها.
وراء كل خطيئةٍ كبرياء. والكبرياء هي أن يحسب المرء نفسه كبيراً وهو صغير، شريفاً وهو حقير، شيئاً وهو لا شيء.
الكبرياء، في نهاية المطاف، وهمٌ نتعاطاه كأنّه الحقيقة وحقيقة نتعاطاها كأنّها الوهم.
لكي تُزال الخطيئة، أي لكي لا يعود هناك فاصل بيننا وبين الله، نحتاج إلى التواضع أي إلى ما هو عكس الكبرياء.
التواضع يجعلنا واقعيّين. نرى أنفسنا على حقيقتها. نعرف ذواتنا. فلأنّ المرء، في هذه الحال، يرى ما في نفسه ولا يرى ما في نفوس الآخرين فإنّه يجعل نفسه دون الآخرين ويرى الآخرين خيراً منه.
لهذا قال الرسول بولس إنّ المسيح جاء ليخلّص الخطأة "الذين أنا أوّلهم" على حدّ تعبيره. هذا ما يقوله مَن يعرف نفسه كما هي. الخطيئة تفكّك النفس والعالم.
الخطيئة شيء ثقيل وغريب ولا أثقل ولا أغرب على الإنسان، فإن صحا ووعى وعرف نفسه استبانت الخطيئة على حقيقتها في عينه الداخليّة عبئاً ووجعاً ليس مثله عبء ولا وجع، وإن لم يصحُ ولم يعِ ولم يعرف نفسه استبانت الخطيئة في حسّه الضامر خفيفة كأنّه من الطبيعة ومن الله.
هكذا خاطب الربّ الإله إسرائيل الآثمة: "ارجعي أيّتها العاصية... لا أوقع غضبي بكم لأنّي رؤوف... اعرفي فقط إثمك أنّك إلى الربّ إلهك أذنبت" (إرميا 3).
فإن عاد المرء إلى نفسه، وتالياً إلى ربّه، ونبذ الخطيئة من إرادته، من قلبه، فإنّ نعمة الله تجدِّده، تجعله ملِكاً على نفسه وتالياً على الخليقة بأسرها.
لا تلحّ الخطيئة علينا ولا تستأسرنا ما لم نستحلِها، ما لم يكن لها مطرح فينا، ما لم نُردْها. فإن أقصيناها من إرادتنا، إن كرهناها فإنّها لا تقوى علينا بعدُ.
نحن لا نملك غير إرادة بإزاء الخطيئة. لا يمكننا أن نقاومها متى اعتدنا عليها. فقط إن قرّرنا وأصررنا على رفضها تنزل علينا نعمة الله لتؤازرنا وتشدّدنا وتجدّدنا.
وعلى هذا النحو نقوى بإرادتنا وقوّة الله على الخطيئة مهما كانت الخطيئة والفساد متحكّمَين بنا.
ومَن يقوى على نفسه، بنعمة الله، هذا يقوى على كلّ ما في العالم. لا شيء بعد ذلك يستأسره، وإن صرخ إلى الربّ الإله أجابه. يصير ابناً للعليّ. هذا ما حقّقه يسوع وختمه ومدّه للذين يؤمنون به ويحبّونه لما قال:
"إنّ كلّ ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم. إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي. اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً" (يو 16: 23 ? 24).
خلق الربّ الإله الإنسان ملِكاً وسيِّداً على الخليقة، فلما بَعُدَ عنه بالخطيئة فقدَ الملوكيّة وصار عبداً لأهوائه وتالياً تحت سلطان إبليس. فلما أطلقه يسوع في الحرّيّة من جديد، بالتوبة والإيمان به، عاد ملِكاً وسيِّداً على نفسه وتالياً على الخليقة بالحبّ الكبير والصلاة.
كلّ شيء صار مستطاعاً له لأنّ كلّ شيء مستطاع للمؤمن.
"ويكون أنّي قبلما يدعون
يقول الربّ، "أنا أُجيب وفيما هم يتكلّمون بعد أنا أسمع" (إش 65: 24).
فإن منتظِري الربّ يُجدِّدون قوّة ويرفعون أجنحةً كالنسور ويمشون ولا يعيُون(إش 40: 31).

Mary Naeem 06 - 08 - 2014 02:09 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
ارضاء الله




" اعملوا مرّضاة الله " ( عزرا 10 : 11 )
http://i13.photobucket.com/albums/a2...k/G1/TCB-1.gif
+ نصيحة هامة لنا هذا اليوم ، لكى نسعى دائماً لكى نعمل ما يُرضى الله ، لا ما يُرضى الشيطان ، أو أهل العالم ، ويُغضب الرب ،
كما كان يفعله بنو إسرائيل ، مما كان يثير الخالق ضدهم ، ويجلب عليهم التجارب الصعبة ، لتأديبهم بإستمرار ، جزاء عصيانهم .


+ وما أجمل دعوة الآباء المباركين : " الله يرضى عنك يا إبنى" ( 2 صم 24 : 23 ) .

فاطلب منهم هذا الدعاء دائماً .

+ وقال أحد القديسين للرب : " لا تأخذنى فى ساعة غفلة ، خذنى فى ساعة رضاك " .

+ وأخنوخ أَرضى الرب ، فأخذه بسرعة عنده ، من وسط الأشرار . ( تك 5 : 24 ) .

+ وقيل عن ذبيحة نوح البار : " تنسم (بها ) الرب رائحة الرضا " ( تك 8 : 2 ) ،
وليت الرب يرّضى عن صلواتك وعطاياك وخدمتك ( جا 9 : 7 ) ، فتجد سعادتك على الأرض وفى السماء .


+ وقد حدد الوحى المقدس ما يُرضى الله ، وما لا يُرضيه ، كالآتى :

· التقوى والأستقامة : " يرضى الرب بأتقيائه" ( مز 147 : 11 ) ، " وبين المستقيمين رضى
" ( أم 14 : 9 ) .


· مخافة الله : " يعمل رضا خائفيه ، ويسمع تضرعهم فيُخلصهم" ( مز 145 : 19 ) .

· المواظبة على الذهاب إلى بيت الرب : " فى جبل قدسى ( بيت الله ) هناك أرضى عنهم"
( حز 20 : 40 ) .

· البعد عن الغش والخداع : " موازين غش مكرهة الرب ، والوزن الصحيح رضاه
" ( أم 11 : 1 ) .

· الصدق وعدم الكذب : " كراهة الرب شفتا الكذب ، أما العاملون بالصدق فيرضى عنهم
" ( أم 12 : 22 ) .

· المواظبة على العطاء : " أنت تعمل مرضاتى ، بإعطائك طعاماً ( عشوراً + بكوراً + نذوراً ) لبيتى " ( 1 مل 5 : 9 ) .

· الخدمة :" من خدم المسيح ، فهو مرضى عند الله "( رو 14 : 18 ) .

· طاعة الوالدين : " أطيعوا والديكم ، لأن هذا مرضى فى الرب " ( كو 3 : 20 ) .

· حياة الأيمان : " بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه " ( عب 11 : 6 ) .

+ وقد ذكر الكتاب المقدس أمثلة من شخصيات روحية حكيمة ، رضى الله عن أعمالهم ، مثل : أيوب ويوسف ، وصموئيل ، وداود ودانيال ونحميا ، و أم النور ، ولم يرض الله عن العُصاة ( تث 28 : 49 - 50 ) ، ( يش 11 : 20 ) ، ( مز 109 : 12 ) ، وبالتالى لا ينالون عطاياه ( إش 26 : 10 ، 11 ، 27 ) ، ( إر 16 : 13 ) .

+ وقد أوضح الرب أنه يرضى عن قديسيه ( أم 12 : 2 ) وبه يتمم إنتصارهم وحمايتهم وقوتهم وهيبتهم ( مز 5 : 12 ) ، ( مز 30 : 7 ) ، ( مز 44 : 3 ) ، ( أى 10 : 12 ) .

+ وتذكر وعد الرب بهذا الأمر : " إن أرضت الرب طرق إنسان ، جعل أعداءه يسالمونه
" ( أم 16 : 7 ) .

+ لذلك ( يا أخى / يا أختى ) يجب أن ترضى الرب بأعمالك ، وتطلب رضاه فى صلاتك
( أى 33 : 26 ) ، ( مز 106 : 4 ) ، ( خر 33 : 13 ) ، (عدد 11 : 15 ) ، فهل تفعل ؟! .

+ ولا تُغضب الرب بعمل أحمق ، وبتصرف لا يُرضى الله ، حتى لا يحرمك من عطاياه ، فى دنياه وسماه ، كما يحدث لكل الخطاة ، الغير تائبين حتى الموت ، والمحرومين من الملكوت !! .

+ وأعمل دائماً على أن تدفع الآخرين ، إلى إرضاء الله أيضاً ، بالإرشاد السليم ، والموعظة الحكيمة ، موضحاً القيمة العظيمة لكل شئ يُرضى الله ، وأعلن أنه لابُد أنه سيُكافئ عليه ، فى دنياه وسماه .

+ وكن أنت المثال ، للأبناء والأصدقاء والزملاء ، فى الحب والبذل والعطاء ، حتى ترضى السماء ، وتنال خير جزاء .

+ وحاول أن ترضى بوضعك الحالى ، وتشكر الله عليه ، لكى يرضى عنك ، ويُحسن حالك .


Mary Naeem 06 - 08 - 2014 02:13 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
همسات روحية
لنيافة الأنبا رافائيل
السيد المسيح يشهد للعهد القديم
أولاً: شخصيات من العهد القديم يشهد السيد المسيح لوجودها تاريخيًا
(1) هابيل وزكريا:
V "لكي يأتي عليكم كل دم زكي سُفك على الأرض، من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح" (مت23: 35).
(2) نوح:
V "وكما كانت أيام نوح كذلك يكون أيضًا مجيء ابن الإنسان" (مت24: 37).
(3) إبراهيم وإسحاق ويعقوب:
V "وأما من جهة قيامة الأموات، أفما قرأتم ما قيل لكم من قِبَل الله القائل: أنا إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب؟ ليس الله إله أموات بل إله أحياء" (مت22: 31، 32).
V "وأقول لكم: إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في ملكوت السماوات" (مت8: 11).
V "اليوم حصل خلاص لهذا البيت، إذ هو أيضًا ابن إبراهيم" (لو19: 9).
V "متى رأيتم إبراهيم وإسحاق ويعقوب وجميع الأنبياء في ملكوت الله، وأنتم مطروحون خارجًا" (لو13: 28).
V "فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم" (لو16: 22).
V "أنا عالم أنكم ذرية إبراهيم. لكنكم تطلبون أن تقتلوني لأن كلامي لا موضع له فيكم. أنا أتكلم بما رأيت عند أبي، وأنتم تعملون ما رأيتم عند أبيكم. أجابوا وقالوا له: أبونا هو إبراهيم. قال لهم يسوع: لو كنتم أولاد إبراهيم، لكنتم تعملون أعمال إبراهيم! ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني، وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله. هذا لم يعمله إبراهيم" (يو8: 37-40).
V "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح. فقال له اليهود: ليس لك خمسون سنة بعد، أفرأيت إبراهيم؟ قال لهم يسوع: الحق الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يو8: 56-58).
(4) لوط:
V "كما كان في أيام لوط: كانوا يأكلون ويشربون، ويشترون ويبيعون، ويغرسون ويبنون. ولكن اليوم الذي فيه خرج لوط من سدوم، أمطر نارًا وكبريتًا من السماء فأهلك الجميع. هكذا يكون في اليوم الذي فيه يُظهَر ابن الإنسان" (لو17: 28-30).
V "اذكروا امرأة لوط" (لو17: 32).
(5) موسى:
V "فلماذا أوصى موسى أن يُعطى كتاب طلاق فتطلَّق؟ قال لهم: إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكن أن تُطلقوا نساءكم" (مت19: 7، 8).
V "ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يُفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب" (لو24: 27).
V "على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون، فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوا وافعلوه، ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا، لأنهم يقولون ولا يفعلون" (مت23: 2، 3).
V "لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير" (لو24: 44).
V "قال له إبراهيم: عندهم موسى والأنبياء، ليسمعوا منهم. فقال: لا، يا أبي إبراهيم، بل إذا مضى إليهم واحد من الأموات يتوبون. فقال له: إن كانوا لا يسمعون من موسى والأنبياء، ولا إن قام واحد من الأموات يُصدقون" (لو16: 29-31).
V "لا تظنوا أني أشكوكم إلى الآب. يوجد الذي يشكوكم وهو موسى، الذي عليه رجاؤكم. لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني، لأنه هو كَتَبَ عني. فإن كنتم لستم تصدقون كُتُبَ ذاك، فكيف تصدقون كلامي؟" (يو5: 45-47).
V "أليس موسى قد أعطاكم الناموس؟ وليس أحد منكم يعمل الناموس!" (يو7: 19).
V "لهذا أعطاكم موسى الختان، ليس أنه من موسى، بل من الآباء. ففي السبت تختنون الإنسان. فإن كان الإنسان يقبل الختان في السبت، لئلا يُنقض ناموس موسى، أفتسخطون عليَّ لأني شفيت إنسانًا كله في السبت" (يو7: 22، 23).
(6) موسى وإيليا في حادثة التجلي:
V "وإذا موسى وإيليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه" (مت17: 3).
(7) داود:
V "ماذا تظنون في المسيح؟ ابن مَنْ هو؟ قالوا له : ابن داود. قال لهم: فكيف يدعوه داود بالروح ربًا؟ قائلاً: قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئًا لقدميك. فإن كان داود يدعوه ربًا، فكيف يكون ابنه؟" (مت22: 42-45).
(8) سليمان:
V "ولكن أقول لكم: إنه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها" (مت6: 29).
V "ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه، لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان، وهوذا أعظم من سليمان ههنا!" (مت12: 42).
(9) إيليا:
V "وإن أردتم أن تقبلوا، فهذا هو إيليا المُزمع أن يأتي" (مت11: 14).
V "فلماذا يقول الكتبة: إن إيليا ينبغي أن يأتي أولاً؟ فأجاب يسوع وقال لهم: إن إيليا يأتي أولاً ويرد كل شيء. ولكني أقول لكم: إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا" (مت17: 10-12).
V "وأما الباقون فقالوا: أترك. لنرى هل يأتي إيليا يُخلصه!" (مت27: 49).
V "وبالحق أقول لكم: إن أرامل كثيرة كُنَّ في إسرائيل في أيام إيليا حين أُغلقت السماء مدة ثلاث سنين وستة أشهر، لما كان جوع عظيم في الأرض كلها، ولم يُرسَل إيليا إلى واحدة منها، إلا إلى امرأة أرملة، إلى صرفة صيداء" (لو4: 25، 26).
(10) أليشع:
V "وبرص كثيرون كانوا في إسرائيل في زمان أليشع النبي، ولم يُطهَّر واحد منهم إلا نُعمان السرياني" (لو4: 27).
(11) مجموعة:
V "فقالوا: قوم: يوحنا المعمدان، وآخرون: إيليا، وآخرون: إرميا أو واحد من الأنبياء" (مت16: 14).
(12) يونان:
V "جيل شرير وفاسق يطلب آية، ولا تُعطى له آية إلا آية يونان النبي. لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال. رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه، لأنهم تابوا بمناداة يونان، وهوذا أعظم من يونان ههنا" (مت12: 39-41).
V "جبل شرير وفاسق يلتمس آية، ولا تُعطى له آية إلا آية يونان النبي" (مت16: 4).
(13) دانيال:
V "فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس"(مت24: 15).

Mary Naeem 06 - 08 - 2014 02:14 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
الزُهد



http://www.peregabriel.com/gm/albums...ormal_1600.jpg

الأب بسّام آشجي


الزُهْدُ هو وجهٌ لعيش الفقر الروحي الإنجيلي. هو عدم الرغبة في التملّك من أجل الله. هو أن نقول لله: كل شيءٍ لا قيمة له أمام حضورك، لأنك أنت الثمين، أنت الكنز، من أجلك نتخلّى عن كل شيء.. ليس لأنّ الأشياء سيئة بحدّ ذاتها، ولا لأن التملّك شرّ، ولكنَّ الزاهد هو من أراد أن يقول: "الله وحده يكفي".


الزهد هو التحرّر من كل ما يُعيق النموّ في الحياة بالله، شيئاً كان أم شخصاً أم الذات نفسها. وهو تالياً، لا يخصُّ النساك والمتصوفين وحسب، وإن كانوا هم السبّاقين في السعي إليه، بل إنه موقف داخلي إنجيلي يدعو كلّ مسيحي التحلي به متشبّهاً بالله نفسه.


زُهْد الله في خلق الإنسان!..


الله فقيرٌ.. زاهِدٌ.. غريبٌ عن التملّك.. "ليس لله أيّ شيء، لأنه كل شيء، فالذي هو كلّ شيء لا شيء له"..


إن الله منذ أن خلق الإنسان زَهِدَ بجميع ما خلق لصالح الإنسان، افتقر من أجل من ميّزه عن الخليقة بإبداعه له على صورته ومثاله. الله لا شيء له، لأن كيفية وجوده هي في العطاء الكامل، في فرح "إخلاء الذات".

الله بخلقه الإنسان يفتقر بوجهين: الأول في فعل خلق الإنسان بحدّ ذاته، عندما يخلقه حرّاً على صورته ومثاله، أي يهبه كيانه. والثاني، عندما يُقدّم له الخليقةَ بأسرها هدّية مجانيّة: "تسلّط على سمك البحر وطير السماء.. انموا واكثروا واملئوا الأرض وأخضعوها"..


يميّز الآباء القديسون في هذه القراءة بين "الصورة" و"المثال"، فيقول باسيليوس الكبير (القرن الرابع): "نحن قد نلنا الصورة بالخلق، ولكننا نحصل على المثال بالإرادة.. بإرادتنا نتشبّه بالله، نصبح مثاله"..


هل يعني أننا مدعوون إلى التشبّه بالله في زهده؟!.. كيف يمكن للإنسان أن يختبر الزهد تشبّهاً بالله؟!.. كيف يمكن أن يكون لا شيء له، لأنه كل شيء؟.. أن يكون "فقيراً وهو يغني كثيرين" (2كور6/10)؟!..


يقول أوريجانس المغبوط (القرن الثالث): "لقد اقتبل الإنسان في خلقه الأول كرامة الصورة، لكنَّ كمال المثال محفوظ للنهاية. أي أنه ينبغي على الإنسان أن يكتسبه بنفسه، بجهوده الخاصة التي يبذلها كي يتمثّل بالله".

ويقول إكلمنضس الإسكندري (القرن الثالث): "الإنسان يصير صورة الله.. الإنسان يؤازر الله في صيرورة الإنسان"..

أما إيرناوس أسقف ليون (القرن الثاني) فيقول: "إن تجلي مجد الله هو الإنسان الممتلئ بالحياة"، و"الامتلاء" من الحياة لا يتحقّق إلا بالتشبّه بالله في "إخلاء الذات" والنموّ في هذا التشبّه، وهذا النمو يستغرق حياة الإنسان كلّها إلى أن يستقرّ نهائياً في الله. الله لا يغتني إلا بالإنسان.. والإنسان أيضاً، لا يغتني إلا بالله. من هنا ضرورة تلازم الزُهدَين وإلا صار خلق الإنسان كارثة، وزهد الإنسان مرضاً.


زُهْد الله في شخص يسوع..


لقد كشف الله عن زهده، بشكل كامل ونموذجي، في شخص يسوع المسيح، آدم الجديد. يقول حبيب بن خدمة أبو رائطة التكريتي (825م)، وهو لاهوتي عربي: "إن قالوا: وما الذي دعا الله (سبحانه) إلى أن يتجسّد ويصير إنساناً؟.. يقال لهم: إن الذي دعاه (سبحانه) في البدء إلى أن يخلق آدم وذريته من التراب، بعد أن لم يكن شيئاً، فنفخ فيه من روحه ، ومن مَلَكَة تصرف فعاله، وجلب إليه جميع حالاته، وخوّله ما في البحر والبر والهواء، وأمره بمنافعه ونهاه وحذّره مضارّه، وأسكنه جنّته، وأوعده ملكوته، هو الذي دعاه إلى التجسد والتأنس، التماساً بذلك إنقاذه وذرّيته، وتخليصهم من ضلالة تسلّطت عليهم بتضعُّفهم أنفسهم بطول أُلفَتهم بها، وإنهاضهم من صرعتهم، وردهم إلى مرتبتهم الأولى. فإن قالوا: وما الذي دعاه إلى أن يخلق آدم وذريته؟

يقال لهم: الذي دعاه إلى ذلك صلاحه وتفضله!.. فالذي دعاه إلى أن يتطأطأ إلى ما ليس بموجود، لا عبثاً ولا غرضاً، فيصيّره شيئاً ذا قدر وخطر، هو دعاه إلى أن يجدّد خلْقَتَهُ لما أخْلَقَتْهُ الخطيئة، وأعاد بريّته إلى حالها الأولى، كسابق علمه (له الحمد لم يزَل!) "

إن التجّسد، كما في خلق الإنسان، يكشف زهد الله. لم يولد يسوع كما يولد الملوك، ولم تكن حياته في الناصرة كحياة العظماء، ولم يكن لديه، في حياته العلنية، "موضع يسند إليه رأسه" (مت 8/20).. يبلغ إلى الصليب، وكنزه الوحيد هو ذاته، وذاته ليست سوى انتماؤه إلى الله أبيه.. وعندما قام من بين الأموات لم يظهر لعظماءٍ يعوّضون له ما تخلّى عنه، بل كعادته يخلي ذاته لكي يتلقاها مجدّداً من الله أبيه.

لذلك نجد بولس الرسول يجد في فعل "زهد يسوع" برنامجاً للتشبّه به: "ليكن فيكم ما هو في المسيح يسوع، فمع أنه في صورة الله، لم يعدّ مساواته لله غنيمةً. بل أخلى ذاته آخذا صورة عبد وصار على مثال البشر. وظهر في هيئة إنسان. فوضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب. لذلك رفعه الله إلى العُلى، ووهب له الاسم الذي يفوق جميع الأسماء، كيما تجثو لاسم يسوع كلّ ركبة في السموات وفي الأرض وتحت الأرض، ويشهد كلّ لسان أن يسوع المسيح هو الرب تمجيداً لله الآب" (فيل 2/5-11)..


فقراء الروح زهّاد من أجل الله:


من هم فقراء الروح.. الزهّاد من أجل الله؟


عمّن أتكلّم؟.. عن القديسين أم عن المتصوفين؟.. عن مريم أم عن يوحنا المعمدان؟ عن يوحنا الذهبي الفم أم عن أفرام السرياني أم عن سمعان العمودي؟ عن فرنسيس الأسيزي أم عن تيريزيا الطفل يسوع أم عن جرجي بيطار أم عن الأم تيريزا ؟


أيُّ زهد عاشته مريم في بشارة الملاك لها عندما قالت: "ها أنا أمة للرب، فليكن لي كقولك" (لو 1/37)؟.. الزهد هنا هو قفزة في المجهول، ضمانته الوحيدة هي شخص الله الذي يرافق ويرعى، وبرنامجه الأكيد هو كلمة الله: "ليكن لي كقولك". أي زهد صمتت مريم عنده في حياة يسوع في الناصرة؟.. أليس هو ابن الله، لماذا لم يفعل شيئاً طيلة ثلاثين سنة، سوى انه، وفي مراهقته، احتج على أبويه لما افتقداه في الهيكل. أي زهد عاشته مريم من تعاليم يسوع خصوصاً لما كان ينتقد كبار عصره (لو6/24)..

وأمام معجزاته (لو4/22).. وأمام تصرفاته ومواقفه (لو8/19-21)، وهي التي ولدته وربّته وعرفته عن قرب. أي زهد عصر قلبها حين اخترقه سيفٌ قويٌ لما ارتفع ابنها على الصليب بعد أيام من دخوله المدينة المقدسة دخول الفاتحين..


الصمت زهد!.. تسليم الذات زهد!.. الصليب زهد!.. والشجاعة أيضاً زهد!.. لقد كان يوحنا المعمدان قويّاً لأنه كان زاهداً، كذلك كان إيليا والأنبياء.. لا يمكن للقويّ أن يكون قوياً بالحق، إلا إذا كان زاهداً!.. لأن الزاهد لا شيء عنده يخاف عليه سوى الحق. سئل أحد الزهاد: ماذا تريد من زهدك؟ أجاب: لا أريد إلا الله!.. هكذا كان كبار القديسين..


كان بولس يعيش في الضيق كما في البحبوحة (فيل 4/12). ويخسر كل شيءٍ ليربح المسيح (فيل 3/8) ولا شيء يفصله عن محبة المسيح (رو 8/35)..


الطفولة الروحية أيضاً وجه من وجوه الزهد، تقول تيريزيا الطفل يسوع: "لستُ في حاجةٍ لأن أكبر، بل بالعكس، لابدَّ لي من أن أظلّ صغيرة، وصغيرة جداً، وأن أصغر أكثر فأكثر.. سوف أبقى أبداً طفلةً، ابنة سنتين أمامه تعالى كي يضاعف اهتمامه بي.. فالطفل يرتضي بصغره وضعفه، ويقبل أن يكون بحاجة إلى المعونة.. سأتوكَّل على الله أبي في كلِّ شيء، وأطلب إليه كلَّ شيء، وأرجو منه كلَّ شيء. سأترك له الماضي مع ما فيه من المتاعب والمآثم ليغفرها.. وسأقبل الحاضر والمستقبل منه مسبقاً كما تشاء يده الحنون أن تنسجها لي.. سوف أبقى أبداً طفلةً أمامه، وأحاول دوماً أن أرتفع إليه بالرغم من ضعفي ووهَني.. الطفل الصغير يستطيع المرور بكلِّ مكان لصغره.. إن أصغر لحظة حب خالص، لأكثر فائدة لها ، من جميع ما عداها من نشاطات مجتمعة.."

الزواج زهدٌ عندما يكون عبوراً مستمّراً من الأنانيّة إلى الآخرية، وكذلك يكون الحب!.. يقول فاريون: "إن فقر الروح هو في صميم المحبة. (والمحبة هي مختصر وملء تعليم يسوع)، فالمحبة بدون الفقر ليست بشيء (وهذا غير مفهوم إن لم تختبروه).. وبالتالي ترك الحرية للآخر فينا، وبذات الوقت هو حاجتنا للآخر. وبتعبير بسيط هو أن نقول للآخر: "إني أثق بك"، وهذا هو معنى الإيمان. ونقول له أيضاً: "إني أعهد إليك بسعادتي"، وهذا هو معنى الرجاء. فإن استند الفقير إلى الإيمان والرجاء، عاش في المحبة.. وأصبح محرّراً من العقبات. إن تطويبة الفقر تسود الإنجيل كلّه. فلو لم يكن الله نفسه فقيراً، أي غريباً عن التملّك على الإطلاق، لكانت تطويبة الفقر غير معقولة.

مشاركة الآخرين وجهٌ من وجوه الزهد.. يقول هرماس (القرن الثاني): "لا تتناول في يوم صيامك، سوى خبز وماء. ثم احسب مبلغ ما كنت أنفقته في ذلك اليوم على قوتك، وأعطه أرملةً أو يتيماً أو معوزاً. هكذا تحرم نفسك كي يستفيد آخر من حرمانك ليشبع ويسأل الرب من أجلك"..


الزهد مشاركة، وإبداعٌ من أجل الآخر.. ولد جرجي بيطار في دمشق سنة 1840، وذاع صيته في العشرين من عمره. فقد ابتكر المهنة الدمشقية المعروفة، وهي تطعيم الخشب بالفسيفساء. لم يكن هدفه من ذلك الشهرة، أو الفن، بل تجميع الفقراء والعاطلين عن العمل حول مهنة شريفة سبقه إليها يسوع النجار. أحب الفقراء بجدية وهمّة.


لبّى جرجي دعوة الحياة المشتركة، فتزوّج، وأسّس "كنيسة بيتية"، حسب تعبير يوحنا الذهبي الفم في الزواج، وها هي شهادة أحد أبناءه عن هذه الكنيسة البيتية: ".. أما أحاديثه معنا، فكان أهم مواضيعها الفقراء، ومحبة الفقراء، حتى أصبحت تراثاً انتقل إلينا وإلى أولادنا..".


أصبح بيته مضافة للغرباء، ومأوى للمحرومين ومشفى للمرضى. يعمل بيده في تعليم المهنة والتطبيب والرعاية. وكان كل يوم يدعو من في البيت إلى صلوات الصباح والمساء البيتية، دون أن يبخل على نفسه وعلى ذويه في المشاركة اليومية بالافخارستيا. يسميه أهل قريتي معرّة ومعرونة الدمشقيتين بـ"الإشبين" لأنّ البطريرك لمّا عيّنه وكيلاً للأوقاف فيهما، حمل معظم أطفال هاتين القريتين في رتبة العماد، لكي يتكفل أبوّتهم الروحية في تنشئتهم وذويهم روحياً ومعنوياً ومادياً.

لم تكن زوجته أقل زهدٍ منه. فلم يكفِها الاهتمام بضيوف زوجها، وقد أصبحوا أهل البيت، بل دأبت هي الأخرى على الاهتمام بالفتيات والنساء، خصوصاً مَنْ مرضن، أو شردن، أو ابتلين بوهن الجسد أو الروح. ولقد شهد هذا البيت الكنيسة خلاص الكثيرات، فأصبحن أيضاً من أهل البيت.


لكلٍّ طريقته في الزهد، أما الزهد من أجل الفقراء فهو دعوة للكل!..


"نحن الذين يحيط بهم هذا الجمّ الغفير من الشهود، فلنلقِ عنا كل عبءٍ وما يساورنا من خطيئة، ولنخُض بثباتٍ ذلك الصراع المعروض علينا، محدقين إلى مبدئ إيماننا ومتمّمه، يسوع الذي، في سبيل الفرح المعروض عليه، تحمّل الصليب مستخفاً بالعار، ثم جلس عن يمين عرش الله" (عب12/1-2)

Mary Naeem 06 - 08 - 2014 02:16 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
هل قواعد الرهبنة من تعاليم السيّد أو من تعاليم الكنيسة لاحقاً؟
الأب جورج فلوروفسكي
نقلها الى العربية الأب أنطوان ملكي
غالباً ما يتّهم البروتستانت، على اختلافهم، الرهبنةَ الأرثوذكسية بأنها "انحراف" عن تعاليم سيّدنا يسوع المسيح. لكن تعاليم السيّد تظهر عكس ذلك تماماً.
الكمال، أعمال الرحمة، الصلاة، الصوم والعفّة
"الكمال" كعبارة وفكرة، موجود بكثرة في الأدب الرهباني والنسكي منذ الأزمنة المسيحية الباكرة. يسعى الراهب إلى الكمال. يرغب الراهب في أن يثبت على الطريق المؤدّية إلى الكمال.
لكن، أهذا من نتاج الرهبنة؟ أليست الميول الرهبانية والنسكية في المسيحية في أزمنتها الأولى هي التي تقدّم فكرة الكمال التي تقدّم بدورها فكرة الجهاد الروحي والكفاح؟
إن ربّنا، وليس الرهبان، هو مَن بثّ الكمال كهدف في نسيج فكر الأزمنة المسيحية الأولى. في إنجيل متّى (48:5) يوصي ربّنا:
"فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ".
الحياة الرهبانية والنسكية التقليدية تضمنّت بين أعمالها الصدقة، الصلاة والصوم. هل فُرِضَت هذه الممارسات على المسيحية الأصيلة من الرهبنة أم هي أُدمِجَت بالحياة الرهبانية والنسكية من المسيحية الأصلية؟
في إنجيل متّى نجد أن سيدنا ومخلّصنا هو مَن استهلّ الصدقة والصلاة والصوم.
لقد كان بإمكانه محو هذه الممارسات بسهولة. لكن بدل محوها، طهّرها وأعطاها منزلتها الصحيحة ضمن الحياة الروحية، وهي القيام بهذه الأعمال من دون أن يلصق بها أي ظهور أو رياء أو تفاخر. إن ما يوصي به السيّد هو المنظور الروحي الصحيح:
"اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْنَعُوا صَدَقَتَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَنْظُرُوكُمْ، وَإِلاَّ فَلَيْسَ لَكُمْ أَجْرٌ عِنْدَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُصَوِّتْ قُدَّامَكَ بِالْبُوقِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُرَاؤُونَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي الأَزِقَّةِ، لِكَيْ يُمَجَّدُوا مِنَ النَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ، لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً" (2:6-4).
والصلاة مطلوبٌ القيام بها بالطريقة نفسها للحفاظ على طبيعتها الروحية.
عند هذه النقطة الحاسمة، بطلب السيد من أتباعه استعمال "الصلاة الربّية"، وهي صلاة بسيطة ولكن عميقة، تحمل في طياتها تمجيد اسم الله، وتوسّل مجيء ملكوت الله، صلاة تعترف بأن مشيئة الله هي بداية كل شيء ومن غير يتوه الإنسان.
إنها صلاة تواضع لأنها لا تطلب أكثر من القوت اليومي. إنها صلاة تكافل الناس في المغفرة، لأنها تطلب من الله أن يغفر لنا كما نغفر للآخرين، وفي هذا تصوير لحقيقة عميقة في الحياة الروحية، وهي الحياة التي توحّد الإنسان مع الله بتوحّده مع الأشخاص الآخرين، مع البشرية، في المغفرة.
ومن ثمّ هناك الصلاة للحفظ من التجربة، وإذا ما وقع إنسان فيها، هناك الصلاة للتخلّص منها.
إنها صلوات قصيرة جداً وبسيطة جداً، لكنها ذات عمق مهم على المستويين الشخصي والكوني. أتكون الرهبنة تحريفاً للمسيحية الأصيلة لأن الرهبان يردّدون الصلاة الربية بحسب وصية السيّد وتعليمه؟
لو أن الرهبنة استعملت صلاة حرّة عفوية لكان ممكناً تعييبها بعدم "اتّباع" وصية الرب. لكن الحال غير ذلك. ربّنا كان محدداً: متّى صليّتم صلّوا هكذا. إنه لا يستثني صلوات أخرى بل يعطي التقدّم والأولوية للصلاة الربيّة. بالواقع، غريب أن يحدّد الرب تكرار الصلاة، "التكرار الباطل"، "وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ".
بالواقع هذا الكلام يختلف بالجوهر عن نية ربّنا. وهو إلى هذا يضيف في هذا الموضوع المهمّ لديه، إذ يذكر، في إنجيل متى (15:9)، أنّه عندما يرتفع هو يصوم تلاميذه. في متى 21:17 يشرح لتلاميذه أنّهم عجزوا عن طرد الشيطان لأن
"هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم".
صحيح أنّ هذه الآية غير موجودة في كل المخطوطات القديمة، لكنها موجودة في عدد من المخطوطات، كافٍ لاعتبارها صحيحة، كما أنها موجودة في إنجيل مرقس (29:9). جليّ أن ربنا يعلّق أهمية روحية خاصّة على الصلاة والصوم.
العفّة هدف رهباني ونسكي
ليست العفة عذرية خارجية بل عفة فكرٍ داخلية. أهي أيضاً أمر فرضه نوع من التفكير الهلّيني على المسيحية الأصيلة الأصلية، أم هي موجودة ضمن الوديعة الأصلية التي للمسيحية الرسولية والكتابية.
مرّة أخرى، ربنا هو مَن رسم طريق البتولية والعفة. في إنجيل متى (10:19-12) يسأل التلاميذُ الربَّ عمّا إذا كان من الملائم الزواج:
"لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم، 12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ".
إن الغاية الرهبانية النسكية "تتبع" تعليم الرب وحسب. المسيحية الأصلية لا تفرض البتولية. فالبتولية، بالتحديد كما عيّن الرب، هي فقط للذين أُعطيت لهم، فقط للقادرين على تقبّل هذه الطريق. لكن الطريق هي الطريق الموثوقة للروحانية المسيحية كما وضعها ربنا.
حتّى الكهنة والأساقفة لم يكن التبتّل مطلوباً منهم يوماً في المسيحية الشرقية كشرط للكهنوت.
خيار الزواج أو التبتّل ينبغي أخذه قبل السيامة. إذا تزوّج أحدهم قبل السيامة، يكون عليه أن يبقى عازباً ولو كانت الكنيسة قد شهدت استثناءات في الماضي. الكثلكة، وليس الكنيسة الأرثوذكسية، هي مَن توسّعت في شرط تبتّل الكهنة ومرّت بأوقات صعبة في محاولة فرضه عبر الأجيال.
لا يمكن فرض أي شكا من أشكال الروحانية على الإنسان وتوقّع نتيجة مثمرة روحياً. إن كلمات سيدنا تدوّي بالحكمة:
"للذين أُعطي لهم
أي للقادرين على عيش هذا الشكل من الروحانية.

Mary Naeem 06 - 08 - 2014 03:16 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
حين يحاصرك الظلام

https://images.chjoy.com//uploads/im...d948150388.jpg

احيانا ً يحل بارضنا جفاف ، لا تمطر السماء ويحل بارضنا قحط ٌ وبوار ، تمر الايام ثقيلة ً تجر خلفها فقرا ً وجوعا ً وحاجة ، وتخلو المخازن من الغلال . نتصور ان السماء قد نضبت مواردها ، جفت يانبيعها وانقطع خيرها . نتصور ان الله قد نسينا ، أغمض عينيه عنا . قبض يديه علينا ، ونحزن ونبكي ونكتئب ولا نجد حولنا الا اياما ً عجافا ً وخرابا ً وجفافا ً، ويطير فوق رؤوسنا عصفور ، عصفور ٌ دقيق صغير يشدو ويغني ويغرد ونتأمل جناحيه المصفقين ونسمع شدوه الفرح وقفزاته الراقصة على الغصن . هو لا يزرع ، لا يحرث ولا يروي ولا يلقي بالارض بذورا ً ، لا يزرع ولا يحصد . من أين يجيء طعامه ؟ من المخازن ؟ هو لا يجمع و يكوّم في المخازن ، ليس له شيء لكنه يأكل ويشبع ، يأكل يوما ً بيوم ، خبزه كفافه يأتي اليه حيث هو . ويصلي حبقوق النبي فيقول : " فَمَعَ أَنَّهُ لاَ يُزْهِرُ التِّينُ ، وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ فِي الْكُرُومِ . يَكْذِبُ عَمَلُ الزَّيْتُونَةِ ، وَالْحُقُولُ لاَ تَصْنَعُ طَعَامًا. يَنْقَطِعُ الْغَنَمُ مِنَ الْحَظِيرَةِ ، وَلاَ بَقَرَ فِي الْمَذَاوِدِ ، فَإِنِّي أَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَأَفْرَحُ بِإِلهِ خَلاَصِي .اَلرَّبُّ السَّيِّدُ قُوَّتِي ، وَيَجْعَلُ قَدَمَيَّ كَالأَيَائِل ِ، وَيُمَشِّينِي عَلَى مُرْتَفَعَاتِي ." ( حبقوق 3 : 17 – 19 ) . وسط اليأس ، وسط الفقر التين لا يُزهر ، الكروم لا تُثمر ، الحقول جدباء لا تعطي طعام لا غنم ولا بقر ، وسط ذلك كله ايمان ورجاء ، انتظار للرب وثقة ٌ فيه ، ايمان ٌ قوي ٌ راسخ . لو فقدتُ كل غال ٍ وثمين ، لو هاجمني الجوع والعطش ، لو لم اجد ما اسد به رمقي ، لو اصبح بيتي خرابا ً ، لو زال عزي ومجدي وبهائي ، لو ضاعت اموالي وفقدتُ ثروتي ، لكنني افرح بالرب هو طعامي وشرابي ، هو عزي ومجدي ، هو غناي َ وكفايتي . في كربي وضيقي أهرع الى الرب وأجد عنده الفرج والراحة والسعادة . في ظلمتي وعسر حالي ارتمي على صدره وأجد عنده الفرح والمحبة والبهجة والنصرة . حين تمر وسط حقولك وتجدها جافة خربة ، حين لا تجد زرعا ً ولا ثمرا ً . حين تفرغ مخازنك ، حين يجف ماء ينبوعك تأمل طيور السماء وتعلّم . حين تسير في وادي الحزن ، حين يحاصرك الظلام ، حين تنهمر الدموع ، حين تحيط بك الخطوب ، حين تهاجمك الشدائد تأمل زنابق الحقل وتعلّم . حين يتركك الاصدقاء ويهجرك المحبون ، حين تجد نفسك وحيدا ً ، حين تجد الفراغ حولك حين لا تجد أحد بجوارك أنظر اليه هو قريب ٌ منك ، ابتهج بالرب هو قريب ٌ ويداه مملوئتان خيرا ً ، ابتهج بالرب هو معك يؤنس وحدتك .

Mary Naeem 06 - 08 - 2014 03:17 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
حين تهاجمنا احزان

https://images.chjoy.com//uploads/im...915af5300e.jpg
وصل الى علم المسيح وهو بين تلاميذه والجماهير ملتفة حوله خبر مرض لعازر وكانت مرثا ومريم هما اللتان ارسلتا الى يسوع تستنجدان به وتطلبانه ، ولم يهرع المسيح الى لعازر ، لم يترك الجموع والتلاميذ ويهرول الى بيت عنيا ، بعكس ذلك يكتب يوحنا البشير ويقول " فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ مَرِيضٌ مَكَثَ حِينَئِذٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ يَوْمَيْنِ." ( يوحنا 11 : 6 ) . يومان كاملان مكثهما المسيح حيث كان برغم ما سمع عن مرض لعازر . يومان كاملان ترك فيهما مرثا ومريم تنتظران ويا له من انتظار ثقيل . سمع التلاميذ خبر مرض لعازر واندهشوا لتباطؤ المسيح وتأنيه في الذهاب الى لعازر ، وبقيت الاختان في البيت بجوار فراش المريض تراقبان حركة النهار وتنتظران . ويكتب يوحنا الرسول في بشارته قائلا ً " وَكَانَ يَسُوعُ يُحِبُّ مَرْثَا وَأُخْتَهَا وَلِعَازَرَ." ( يوحنا 11 : 5 ) . التأخير ليس لنقص المحبة بالعكس نرى ان التأخير كان بدافع المحبة . الله في هذا يريد ان يعلّمنا ان كل معاملات الله معنا ترتكز على محبته لنا . حين تهاجمنا احزان ، حين تتحطم قلوبنا ، حين تدمع عيوننا ، حين تنكسر نفوسنا ، نجد الله في كل ذلك يحبنا ، يسمح بالحزن ان يحل بحياتنا لا لنقص محبة ٍ بل بدافع محبة . حين تواجهنا آلام وتنحني ظهورنا وتئن قلوبنا وتتحطم قوانا نجد الله يسمح بكل ذلك لأنه يحبنا ، يسمح بالالم والتعب والمشقة لا لنقص المحبة بل بدافع المحبة . حين تعكّر صفو حياتنا مصائب ، حين تنزل بنا نوازل ، حين تزلزل سلامنا زلازل نجد الله خلف ذلك كله لأنه يحبنا يسمح بالمصائب والمتاعب لا لنقص المحبة بل بدافع المحبة . الله يعرف ويسمح بما يحدث لمجده ولصالحنا ، الله يوجد في ذلك كله ويراقبه بدقة ، ولما سمع بخبر مرض لعازر قال : " هذَا الْمَرَضُ لَيْسَ لِلْمَوْتِ ، بَلْ لأَجْلِ مَجْدِ اللهِ " ( يوحنا 11 : 4 ) . برغم انتظار الاختين القاسي ، برغم المرارة التي شعرتا بها والساعات تمر والموت يحل ، برغم ذلك لم تشكا بمحبة المسيح لهما ولاخيهما ، لم تشكا في مجيئه ، لم تيأسا . بعد ان اغمض لعازر عينيه ، بعد ان رحل عن الحياة ، بعد ان رحل وكفناه ، بعد ان حمله الرجال وذهبوا به خارج البيت ، بعد ان دفنوه ودحرجوا الحجر ، كانتا تنتظران يسوع ، كانتا تعرفان انه قادم لا محالة ، لا بد انه سيجيء . لكن المسيح لم يسرع الى بيت احبائه ليشفي المريض ويكفكف دموع الاختين ، لم يفعل ذلك بالعكس ، لما سمع انه مريض مكث في الموضع الذي كان فيه يومين ، هذه هي محبة الله التي تتأنى حتى في اشد ساعات الحياة خطرا ً ، انتظر ، انتظره فهو يحبك ، تأكد ، تأكد من مجيئه فهو يحبك .

Mary Naeem 06 - 08 - 2014 03:19 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 

هل حصلت على الايمان الحي ؟


https://images.chjoy.com//uploads/im...7dc0cddfbe.jpg

برغم معرفتنا اننا اولاد الله لنا كل الحق في بركات الحياة ومباهجها . برغم مكانتنا لدى الله ومكاننا في قلبه ، برغم معرفتنا بحبه الشديد لنا ، تفزع قلوبنا ويهتز يقيننا وترتجف نفوسنا حينما نمر في تجربة ٍ مظلمة . حين تغرب شمس النهار ، حين ينسحب النور ويتراجع امام جحافل الظلام نرتعب . لا احد يسعد بالظلام ، لا احد يحب الليل لكن في الليل تتجمع قطرات الندى الرطبة ، في الليل ، في السكون ، بعد رحيل الشمس واختفاء النور يصنع الله الندى . يرنم بنو قورح ويقولون " طُوبَى لأُنَاسٍ عِزُّهُمْ بِكَ. طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ . عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ ، يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعًا. أَيْضًا بِبَرَكَاتٍ يُغَطُّونَ مُورَةَ . يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ . " ( مزمور 84 : 5 ) . في وادي البكاء يعبرون ، قطرات الدموع تتراكم وتتجمع وتصبح ينبوعا ً ، هكذا الله ، أبونا الذي يغزل من متاعب الحياة بساطا ً حريريا ً نعبر عليه ، الذي يحول الشوك الذي تحت اقدامنا كفوف راحة ترفعنا ، هو تعزيتنا ، هو عزنا ، نتعزى به ونفرح ونستريح وتبتهج قلوبنا ، يتحول انكسار القلب الى فرحة ، يتحول دمع العين الى ينبوع يتفجر بهجة ، يتحول الالم راحة والفشل نجاحا ً والهزيمة ُ نصرة ً والضعف قوة ، وحين نفرح نحمل بشارة الفرح للآخرين ، حين نتعزى نعزي الآخرين . نستطيع ان نعزي الآخرين بالتعزية التي بها نتعزى ، نتعزى ونعزي . في وسط النهار والشمس ترسل اشعتها تلسع الوجوه والابدان حملت المرأة السامرية جرتها وذهبت الى بئر الماء تستقي وتملأ الجرة . ارادت ان تهرب من انظار قومها العدوانية وتعليقاتهم القاسية لكنها وجدت غريبا ً جالسا ً على البئر ، لم يهاجمها أو يسيء اليها ، طلب منها ماء ً ليشرب وفي ترددها ودهشتها عرض عليها ماء ً حيا ً ، وفي لهفتها للحصول على ذلك الماء الحي نسيت كل الناس ، طلبته لنفسها فقط ، لكنها ما ان عرفت ان مصدر هذا الماء الحي هو المسيح الذي ينتظرونه ، ما ان عرفت ذلك حتى تركت جرتها وذهبت الى المدينة تصرخ في الناس ، صاحت فيهم : هلموا انظروا ، تعالوا معي الى المسيح مشتهى وانتظار الدهور . حملت لهم ما حصلت عليه ، آمنت وارادتهم ان يشاركوها في الايمان به . هل حصلت على الايمان الحي ؟ هل تذوقته ؟ هل ارتويت منه ؟ هل اكتفيت ومن حولك الا تريد ان يشاركوك الارتواء منه ؟ هل عبرت في وادي البكاء ؟ هل اختبرت الينبوع ، ينبوع الماء الحي ؟ إن كنت عبرت واختبرت إن كنت قد عرفت وذقت وجربت ، إن كنت قد تعزيت فعليك ان تعزي الآخرين بالتعزية التي بها تعزيت ، هذه مسؤوليتك . نحن لا نأخذ فقط ، نحن نعطي أيضا ً مما أخذنا . نحن لا نرتوي فقط ، نحن نقدم الارتواء


الساعة الآن 10:28 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025