![]() |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مسيح العالم كله - الأب متى المسكين https://files.arabchurch.com/upload/i...8999326829.png فنبدأ رسالة الميلاد الجديد لهذا العام بأنشودة بولس الرسول، اللاهوتية في معناها، الإنسانية في معناها، ذات الشموخ الذي يمتد بمعرفتنا للمسيح، ليرسبوها علي قواعد جديدة عالية إلهية وإنسانية معاً، ممتدة حتي السماء وفي الأرض كلها، ولا حدود لإمتدادها. القديس بولس الرسول يتجاوز هنا في وصفه للمسيح كل معرفتنا التقليدية وألفاظنا المألوفة التي طالما تغنَّينا بها عن المسيح المولود في بيت لحم. كلمات الرسول هنا لازمة لنا هنا وفي هذه المناسبة لتهز أساسات التفكير المنطقي، ولتوقظ وعي الإنسان المسيحي، حتي يتعرف أكثر علي مسيحه المولود في بيت لحم، مسيح العالم كله!! الرسالة إلي كولوسي الأصحاح الأول من عدد 15-20: 15- "الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليفة(1). 16- فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين(2) الكل به وقد خلق(3). 17- الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكل(3). 18- وهو رأس الجسد الكنيسة الذي هو البداءة بكر من الأموات(4) لكي يكون هو متقدماً في كل شيء. 19- لأنه فيه سر أن يحل كل الملء(5). 20- وأن يصالح به الكل لنفسه عاملاً الصلح بدم صليبه(6) بواسطته سواء كان ما على الأرض أم ما في السموات". أفيقوا أيها السامعون، نحن هنا أمام أب البشرية كلها ورأسها الجديد، آدم الثاني الذي لا بداية أيام له ولا نهاية، الذي تحت أُبوَّته ينطوي آدم الأول وينحني مع كل ذريته، وكل الخلائق تستقي من حنان أُبوَّته حتي نهاية الدهور. لقد حان الوقت أن نتعرف علي مسيح العالم كله. كلنا عرفنا مسيح الاسرة الملتئمة حول أب تقي وأم تقية، كلنا عرفنا مسيح الجمعية ومسيح الكنيسة المجتمعة حول كاهن صالح. وقد حان الوقت أن نعرف مسيح الشارع، مسيح الناس، الناس كل الناس الذين عرفوه والذين لم يعرفوه، مسيح الأشرار والأبرار، الصالحين والطالحين، في كل مدينة وقرية، في كل شعب وأمة، في كل انحاء العالم... مسيح العالم كله. المسيح أكبر من ركن الصلاة في البيت، المسيح أكبر من صالة الجمعية وصحن الكنيسة والكنائس كلها. المسيح لا يرضي بأقل من العالم كله. - المسيح رفض أن يبقي سجين اسرة: "من هي أمي ومن هم إخوتي، ثم يمد يده نحو تلاميذه وقال ها أمي وإخوتي، لأن كل من يصنع مشيئة ابي الذي في السموات هو أخي واختي وأمي." (مت48:12و49) - المسيح رفض ان يكون سجين تلاميذه، وحِكراً علي تابعيه ومريديه: "يا معلم رأينا واحد يُخرج الشياطين باسمك فمنعناه لأنه ليس يتبع معنا. فقال له يسوع لا تمنعوه لأن من ليس علينا فهو معنا." (لو49:9) - المسيح رفض أن يكون سجين مبادئ وأفكار وآراء وأسماء: "كل واحد منكم يقول أنا لبولس وأنا لأبُلوس وانا لصفا وأنا للمسيح. هل انقسم المسيح؟ ألعل بولس صُلب لأجلكم أم باسم بولس اعتمدتم؟" (1كو12:1و13) - المسيح رفض أن يبقي سجين أماكن ومقدسات: "آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وأنتم تقولون إن في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يُسجد فيه. قال لها يا امرأة صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب... الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق..." (يو20:4-23) - المسيح رفض أن يبقي سجين شيعة أو طائفة، كما أوضح في مثل السامري الصالح. (لو30:10-36) - المسيح رفض أن يبقي سجين وطن أو شعب أو تخوم بلاد أو أجناس أو لون: "وتكنون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلي أقصي الأرض... اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم!!" (أع8:1، مت19:28) فالآن وقد عرفنا مسيح بيت لحم مسيح اليهودية وأورشليم، فهل آن الأوان أن نعرف مسيح بلاد الدنيا كلها؟ المسيح الكامل مسيح جميع الأمم بلا استثناء ولا تمييز ولا تحيُّز بين شيعة وأخري أو طائفة وأخري أو شعب أو تخوم أو أجناس أو ألوان؟ "حيث ليس يهودي ولا يوناني (اختلاف الأجناس) – ليس ختان وغرلة (اختلاف طقوس) – ليس بربري وسكيثي (اختلاف ثقافة وحضارة) – ليس عبد وحر (اختلاف اجتماعي وطبقي) – ليس ذكر وانثي (اختلاف جنسي) – بل المسيح الكل في الكل." (كو11:3) مسيح العالم كله وُلد من أجل العالم كله لأنه أحب العالم كله، ومن أجل كل العالم سفك دمه: "وهو كفارة ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً" (1يو2:2)، فدمه لا يمكن أن يساوي أقل من العالم كله. فلماذا نحصر حب المسيح ونكتمه، ونحكم أنه لا يكفي إلا لنا ولمن يتبعنا فقط؟ لماذا نحتكر دم المسيح لأنفسنا فقط، ونمنعه عن الآخرين الذين لا يتبعوننا وكأننا اشتريناه بتقوانا أو بمبادئنا وحكمتنا؟ لماذا نري خطايانا تُغتسل في دم المسيح مجاناً وبسهولة، وننكر علي الآخرين باعتداد وعناد هذا الإغتسال والتطهير؟ مع أن المسيح لم يجعلنا قوَّامين علي شرف دمه ولا نحن اكثر من مغتسلين، والدم قيل عنه بصراحة شديدة وضوح كافي أنه كفارة "ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كعالم ايضاً." (1يو2:2) لقد عرفنا مسيح المعتبرين أنهم "بنو الملكوت"، المدعوون الرسميون لعشاء المسيح، وفَعَله الساعة الأولي من الصباح؛ وعرفنا مسيح "الكاتشيزم" والنصوص والقوانين والحدود الموضوعة. فهل آن الأوان أن نعرف أيضاً مسيح جهلة العالم والمتجاهلين من شعوب الأرض والتائهين في شوارع الدينا والأزقة وليس لهم من حدود أو قيود وليس من يذكرهم أو يردهم؟ هل آن الأوان أن نعرف مسيح الماديين والملحدين والمستهترين من شباب الدنيا الذين لما لم يجدوا مسيحهم في كنيسة أو في أب صالح أو قدوة طيبة، المسيح الطيب الذي يحيا لهم وبينهم ويحمل خطبتهم، أخذوا يبحثون في الطبيعة أو في الغريزة أو المخدر علَّهم يجدون سلامهم المفقود! هل آن الأوان أن نعرف مسيح هؤلاء وأولئك، المسيح المتألم المرفوض والمهان، التائه في شوارع المدينة وأزقَّتها: "اخرج عاجلاً إلي شوارع المدينة وأزقتها وأدخل إلي هنا المساكين والجذع والعُرج والعُمي..." (لو21:14)؛ مسيح المرفوضين بمقتضي القوانين والأنظمة والتشريعات والمعتبرين أنهم خارج الحدود وخارج السياجات: "اخرج غلي الطرق والسياجات وألزمهم بالدخول حتي يمتلئ بيتي." (لو23:14)؛ مسيح العشارين والزواني: "إن العشارين والزواني يسبقونكم إلي ملكوت الله." (مت31:21)؛ مسيح الأشرار والصالحين: "فاذهبوا غلي مفارق الطرق وكل من وجدتموه فادعوه إلي العرس. فخرج أولئك العبيد إلي الطرق، وجمعوا كل الذين وجدوهم أشراراً وصالحين. فامتلأ العرس من المتكئين." (مت9:22و10)؛ مسيح الخطاة: "إنه دخل ليبيت عند رجل خاطئ." (لو7:19). هل آن الأوان أن نئن علي بقية أعضاء المسيح المهانة المفضوحة في أنحاء العالم كله، التي عرَّتها الخطيئة وعرَّاها الظلم وعرَّاها العقل البشري، فتبرأت منها الكنيسة مع أنها جزء من الكنيسة لأنها رسالتها رضيت أو لم ترضَ، فهي جزء من المسيح لا يمكن أن يستحي به أو يتخلى عنه لأنه جزء من آلامه ومن صليبه ومن مجده!! هل آن الأوان أن نستكمل معرفتنا بشكل المسيح الحقيقي الذي يجمع كل هذه البشرية في نفسه وبالأخص هذا الجزء منه، القبيح في نظرنا، المستهتر والنجس والشنيع في أعيننا، الذي به وبالرغم من وجوده يبقي المسيح جميلاً كمل هو، طاهراً كما هو، قدوساً بلا عيب!! ألم يُصلب من أجل الكل؟ ألم يحمل خطايا العام كله "في جسده علي الخشبة." (1بط24:2)؟ ألم يغسل خطية العالم كله بدمه لما تخضب به جسده، وجسده نحن والبشرية كلها؟ "ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا." (رو8:5) فالصليب سابق لوجودنا، سابق لإيماننا، والدم الذي سُفك ثمناً لفداء الجميع قد دُفع كله مقدماً قبل أن يدركه أحد وقبل أن يطالَب به إنسان!! +++ فالآن إن كنا نؤمن بالمسيح الكامل، مسيح العالم كله، آدم الثاني، أبو البشرية الجديد، الذي تبني طبيعة الإنسان عامة لتكون له خاصة، فوُلد بها ليعلن فيها نفسه، وذُبح بها ليقدسها ويقدمها ذبيحة للآب، فصارت بواسطته خليقة جديدة، متبنَّاة، مصالحة مقبولة أمام الآب، وصار هو بها مسيح العالم كله، مسيح الطبيعة البشرية قاطبة الذي "شاء الله أن يحل به الملء كله وبه شاء أن يصالح كل موجود" (راجعكو19:1و20). إن كنا نؤمن به كذلك ونؤمن أننا به متحدون، فقد اصبحنا مسئولين بمقتضي إيماننا هذا عن وحدة الطبيعة البشرية التي في المسيح بكل شعوبها واجناسها ولغاتها وأديانها وعقائدها وطوائفها، مسئولين عن وحدتها داخل قلوبنا، داخل شعورنا وإيماننا وثقتنا، داخل وجودنا وكياننا المسيحي، هذا إن كان حقاً في المسيح، والمسيح فينا. نحن لا يهمنا موقف هؤلاء الناس من المسيح، ولكن الذي يهمنا هو موقف المسيح منهم، لأن مثله تماماً ينبغي أن نكون نحن أيضاً، لأننا به متحدون!! فالمسيح مصلوب من أجل كل إنسان وبالتالي من اجل العالم كله، ونحن "مصلوبون مع المسيح" ينبغي أن نكون كذلك مصلوبين معه من أجل كل إنسان مهما كان موقفه من المسيح ومن، وبالتالي من أجل العالم كله! المسيح مات بيد جماعة أظهروا نحوه عداوة قاتلة وابغضوه حتي الموت، ولكن المسيح لم يبغضهم لأنهم جزء منه، لذلك فرح أن يموت عنهم ليفديهم ويفدي العالم كله من الموت ومن لعنة العداوة والبغضة القاتلة!! هذه كانت ولا تزال أعلي درجة في مفهوم المحبة العملية نحو العالم، وأعظم وسيلة لجمع البشرية المتفرقة إلي واحد. موت المسيح بيد أعداء له راضياً ومن أجلهم كان ذروة الكرازة بمحبة الله، لأن بموته امتص سم العداوة وغسل خطية العالم. والآن كرازتنا للعالم ستبقي عاجزة وغير ذات قوة إلي اللحظة التي فيها نقبل أن نموت ويُسفك دمنا مع دم المسيح، لا عن أحبائنا بل عن أعدائنا والغرباء عنا وعن عقيدتنا، وعن كل الذين يبغضوننا وكل العالم. وبذلك نشترك مع المسيح مجدداً في الموت عن العالم كل يوم، لقتل العداوة وكسر شوكة الخطيئة وجمع المتفرقين إلي واحد: "من أجلك (ومعك) نُمات كل النهار وقد حُسبنا كغنم ذبائح." (رو36:8)! هذه هي ذروة الكرازة بمسيح العالم كله لوحدة شعوب العالم وأجناسه. وهذه هي رسالة المسيحية الأولي والعظمي في العالم: أن نموت من أجل العالم بلا تمييز بين إنسان وإنسان. هذه هي الرسالة التي ظلت متعطلة ومحبوسة في إطارات حديدية من الأنانية والطائفية والعنصرية والتعصب للأجناس والأديان والعقائد. +++ كل سنة كنا نعيَّد لميلاد المسيح، ولكنه كان حتي الآن مسيح الاسرة، مسيح العقيدة المنحصرة في ذاتها، مسيح الفضلاء والأتقياء، مسيح ذوي البشرة البيضاء. فهل أن الأوان يا إخوة أن نعيَّد لميلاد مسيح كل العالم؟ مسيح كل عشيرة تسمي علي الأرض وفي السماء من كل أمة ولسان وبشرة سوداء وصفراء ومراء؟ مسيح كل من ينادي باسم الرب ولو لم يعرفه؟ مسيح مساكين الأرض الذين لا يعرفون شمالهم من يمينهم؟ مسيح خراف العالم الضالة والمشردين شباباً وشابات؟ مسيح الخطاة والعشارين والزواني وكل الجالسين في الظلمة وظلال الموت ترقبون إشراق نور الخلاص؟ فهذا هو المسيح الحقيقي الذي وُلد في بيت لحم وصُلب فوق الجلجثة، مسيح العالم كله. _________ (1) أي المولود غير المخلوق، قبل الخلائق وأعظم منها جميعاً بما فيها رتب الملائكة جميعاً. (2) أسماء الرتب الملائكية. (3) كل خليقة تستمد وجودها وبقاءها من المسيح. وفي المسيح ينتهي القصد من خلقتها، فهو المبدأ والنهاية، العلة والغاية لكل حياة ونظام. (4) أي مبدأ الحياة الأبدية وسببها هو أول من قام ولا قيامة إلا به. (5) بمعنى ملء اللاهوت الذي حل في الجسد. (6) أي أكمل الصلح والانسجام بين الخلائق معاً، وبين الخلائق والله، فقد صالح السمائيين مع الأرضيين، وصالح السمائيين والأرضيين مع الله، وهذه المصالحة إجمالية تشمل الطبائع والأجناس تمهيداً للمصالحة الفردية التي ينبغي أن تتم بطاعة كل فرد للمسيح واغتساله بالدم، دم الفداء والتكفير والتطهير. كتاب الوحدة المسيحية في ضوء معني الكنيسة وحقيقة المسيح - الأب متي المسكين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"أنظروا كيف تسمعون" http://www.peregabriel.com/gm/albums...normal_012.jpg قبل أن تقرأ الكتاب المقدس وقبل أن تسمع كلمة الله، أنظر فى أى موضع منك تستقر كلمة الله؟ وهنا نعود إلى المثل المحبوب، مثل الزارع "الَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، ثُمَّ يَأْتِي إِبْلِيسُ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ مِنْ قُلُوبِهِمْ لِئَلاَّ يُؤْمِنُوا فَيَخْلُصُوا." "وَالَّذِينَ عَلَى الصَّخْرِ هُمُ الَّذِينَ مَتَى سَمِعُوا يَقْبَلُونَ الْكَلِمَةَ بِفَرَحٍ، وَهؤُلاَءِ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ، فَيُؤْمِنُونَ إِلَى حِينٍ، وَفِي وَقْتِ التَّجْرِبَةِ يَرْتَدُّونَ." "وَالَّذِي سَقَطَ بَيْنَ الشَّوْكِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، ثُمَّ يَذْهَبُونَ فَيَخْتَنِقُونَ مِنْ هُمُومِ الْحَيَاةِ وَغِنَاهَا وَلَذَّاتِهَا، وَلاَ يُنْضِجُونَ ثَمَرًا." "وَالَّذِي فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، هُوَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَحْفَظُونَهَا فِي قَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ، وَيُثْمِرُونَ بِالصَّبْرِ" (لوقا8-:5--8) "فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْمَعُونَ"(لوقا18:8) أربعة أنواع من الناس بالنسبة لسماع الإنجيل!! فانظر، كيف تسمع؟ هل بقلب يعيش طوال النهار فى الطرقات؟ أم بقلب ليس له عمق لأنه يخاف أن يجلس مع نفسه ليفتش حياته؟أم بقلب يميل إلى اكتناز المال لتأمين الحياة؟ أم يقلب غارق على الدوام فى هموم وهمية؟ أنظر كيف تسمع الإنجيل! وكأنما يريد الرب أن يقول أن الإنسان يسمع بقلبه أكثر مما يسمع بأذنيه،وأن حياة الإنسان الداخلية تتحكم فى كلام الله،فإما تميته وإما تحييه وتزكيه. .إذن فالذى يريد أن يسمع الكلمة جيداً ويفهمها ويحفظها فى قلب جيد صالح، عليه أن يعد قلبه من الداخل حتى تستقر فيه الكلمة بأمان، وتجد داخله أمانة بالله وتصديقا لاقواله ومواعيده وقلب قد عزم وصمم أن يسلم حياته ومسئولياته، واهتماماته وأمواله ومستقبله وكرامته،تحت قدمى الله. إن الذى يطلب أن يقرأ الإنجيل هو فى الواقع يطلب الحياة الأبدية، والذى يطلب الحياة الأبدية ينبغى أن يحدد موقفه من الحياة الحاضرة!! أبونا متى المسكين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الرب يقرع باب قلبك .. لأبونا متى المسكين
الرب لا يقرع باب القلب فقط ، بل ويدعو بصوته خرافه بأسمائها، لعلنا نسمع ونفتح ليدخل حياتنا .الأمر لا يحتاج أن نذهب نبحث عن الله، كأنه مختبىء بعيداَ، فنجهد أنفسنا فى البحث والتصور والتأمل وتفتيش الكتب، وهو واقف أمامنا على باب القلب لا يفارقه. دقات يد الرب على الباب هى كلماته، وهو لا يزال يدق كل أيام حياتنا إلى أن تنتبه الروح من نعاسها وتتبين صوت الحبيب. الأمر لا يحتاج منا إلى توسل ودموع واستعطاف لكى يأتى الرب إلينا،لأنه حاضر على الدوام وهو إلى الآن يقرع، ولن يكف لأنه يريد أن يدخل حياتنا فراحته الخاصة معنا، ومسرته القصوى أن يشاركنا صليبنا وليلنا. أبونا متى المسكين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الرب فوق الزمن .. لأبونا متى المسكين
كم مرة وقفنا أمامه فى الصلاة نتوسل إليه أن يكلمنا، علنا نسمعه، فكان بدون جدوى، مع أنه لا يزال ينادينا بأسمائنا، ولا يحجز صوته عنا إلا ارتباكنا فى مشاكلنا الوقتية. الخطأ هو أننا نريد أن نراه داخل الزمن فى وسط الحوادث اليومية التى تملأ كل فراغنا الفكرى والعاطفى، ولكن الرب فى الحقيقة يوجد الآن فوقها، فوق الزمن والحوادث جميعاً، يحركها بتدبيره بكل حكمة، والنفس الواعية البسيطة تلمح يده وهى تصبغ قصة خلاصها عبر الحوادث والسنين. فما ننجح فى تأديته وما نفشل فيه يلتئمان معاً فى إيجابية يقودها القدير لخلاصنا، والخسارات الزمنية ليست خسارات روحية، والضيق والحزن والألم والمرض، هى لغة التدبير الإلهى، وهى شفرته السرية، تفسيرها بالروح تقويم ومسرة ومجد أبدى. أبونا متى المسكين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف تتخلص من الخوف والقلق من المستقبل ؟
حتى تتخلص من الخوف والقلق من المستقبل او من اي شئ حب الرب يسوع يملاك ويطرد الخوف والقلق جانبا ويشبع حاجة نفسك وروحك اللتان لا تشبعان مهما امتلكت من دون حب خالقها وربها رب المجد يسوع المسيح وتحس مع حبه بالامان والطمانينة مهما كانت الاحوال التي حولك فحبه يؤكد لك الضمان بحياة حرة كريمة ويزرع بداخلك الثقة المطلقة بانه هو الذي سيسدد احتياجاتك حتى حينما لا تطلبها انت منه وحبه دواء حقيقي لكل نفس عطشانة للبر الالهي حيث لا شئ يضمن لك مستقبلك ورزقك في هذا العالم لانه كله باطل وذاهب الى الزوال الا حب الرب يسوع المسيح يمنحك سلام داخلي لا يوصف ولا ينمكن لكتب العالم ومجلداته ان تصفه باوراقها كاملة لان هذه هي مواعيد الرب وليست مجرد كلام ومواعيد ألرب سوف تحقق به وفيه لمحبيه ولمتقيه والمجد لله دائما وابدا امين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قيمة الإستعلان في الإيمان المسيحي - الأب متى المسكين https://files.arabchurch.com/upload/i...1841855430.png المقصود بالإستعلان هو كشف المستور أو الدخول إلى جوهر المعنى أو جوهر الكلمة، وهو حاسة فائقة على الفهم والعقل. فالله في العهد القديم لا يراه أحد ويعيش، فهو الحق الفائق على الرؤيا. ولكن موسى النبي رآه بالإستعلان وتحدث معه دون أن يموت، كذلك إشعياء كبير الأنبياء رأى السيد الرب في هيكله ولما رآه صرخ قائلاً: "ويلٌ لي إني هلكتُ... لأن عينيَّ قد رأتا الملك رب الجنود(1)". ولكن الساروفيم لمسه بجمرة نار من على المذبح وقال له: "هذه قد مسَّتْ شفتيكَ، فانتُزع إثمك، وكُفِّر عن خطيتك (فلن تموت)"(2). وهكذا، فإن رؤيا إشعياء النبي لم تكن بعينيِّ الجسد، ولكن بالإستعلان غير المنظور. أنا هو الحق والحياة، فقد أُعطِيَ للإنسان المؤمن بالمسيح يَستعلن المسيح إن هو استعلن الحق المستور في الكلمة. وهذا يُكوِّن جوهر الإيمان: لا بالرؤية النظرية، ولا بالرؤية العقلية أي الفهم، ولكن بالإستعلان الفائق على الفهم والعقل، لأن الفهم والعقل يختصان بالمنظور والمسموع. والحق كالله، لا يُرى ولا يُسمع بالحواس، لذلك لا نتعجب من الرسول بولس الذي يقول عن رؤياه للمسيح إنه "لم تَرَ عين، ولم تسمع أُذن... ما أعدَّه الله للذين يُحبُّوبه"(3). فعطية الإيمان الحق هي أن يَستعلِن محبو الرب الحقَّ، لا بالرؤى العينية ولا بالسمع، وتزيد الكلمة في الإنجيل بالقول عن الحق الممنوح لمحبيه إنه: "لم يخطر على قلب بشر". إذن، استعلان الحق لا يُحَسُّ به في القلب لأنه يختص بالروح، والحق باعتباره أنه هو جوهر الكلمة الإلهية فهو قريب من الإنسان الذي يعيش الإيمان، إذ يقول الكتاب إن: "الكلمة قريبة منك، في فمك وفي قلبك، أي كلمة الإيمان (بالحق)"(4). وهكذا فإن الإنسان الذي يعيش بالإيمان الصادق فإنه حتماً يُستعلَن له الحق ويعيشه. وإستعلان الحق مستورٌ في كلمة الإنجيل، فبولس الرسول يقول صراحة إنه إذا قرأتم ما كتبتُه تعلمون "درايتي بسر المسيح"(5). والسؤال هنا من أين أتى بولس بدرايته الفائقة للمسيح والحق بينما كان هو مضطهِد الكنيسة وقتَّالاً للرجال والنساء عندما كان يُجبرهم على التجديف حتى يُرجموا، ونحن نعلم أن بولس الرسول لم يكن تلميذاً للرب ولا عاش مع التلاميذ، فمن أين جاء بدرايته بسرِّ المسيح الذي هو أعلى صورة للإيمان؟ يردُّ بولس الرسول عن نفسه ويقول: "لأني لم أَقبله من عند إنسان ولا عُلِّمتُه، بل بإعلان يسوع المسيح"(6). وهكذا يتبين لنا أن الإستعلان أرفع من مستوى التعليم والقراءة والفهم. وأنا أقول هنا بإخلاص إن آلاف المؤمنين الأتقياء لا يعرفون القراءة والكتابة ولم يتعلَّموا من أحد، ولكنهم أقوياء جداً في الإيمان، وثباتهم في الإيمان يفوق بمراحل الذين يقرأون والذين يتعلَّمون. ونسأل: من أين أتاهم هذا الإيمان القوي والفائق الحد؟ نقول إن هذا هو الإستعلان، فمِن شدَّة حبهم للمسيح استعلَن المسيح نفسه لهم، وتم فيهم قول المسيح: "الذي يُحبُّني يُحبُّه أبي، وأنا أُحبُّه، وأُظهِر له ذاتي"(7). هذا الظهور الذاتي هو هو الإستعلان في أعظم وأجلِّ معانيه، وهو في متناول الأُميين والذين لا يقرأون. وعندنا في الكتاب أن صموئيل النبي وهو طفل تربَّى داخل الهيكل تحت وصاية عالي الكاهن، وقد ظهر الله لصموئيل وتكلَّم معه، ولم يتكلَّم مع عالي الكاهن. فقامة الطفولة مُعدَّة أعظم إعداد لتقبُّل صوت الله. هكذا فالإستعلان لا يتوقف على علم أو معرفة ولا على قامة. لهذا فالإستعلان مفتوح على كل قامة كل مستوى، كل مَنْ يحب الحق أو يطلبه. __________________________ (1)إش 5:6. (2)إش 7:6. (3)1 كو 9:2. (4) رو 8:10. (5) أف 4:3. (6) غل 12:1. الأب متى المسكين، 2005 من كتاب [ مع المسيح ] – الأب متى المسكين، الكتاب الأول. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح منحنا براءة أبدية من الخطية .. لأبونا متى المسكين
http://www.peregabriel.com/gm/albums...ormal_0675.jpg طالما الإنسان الجديد متمسك بالإنجيل أي وصايا يسوع المسيح وتعاليمه، وقد صارت هي ناموس ذهنه ومسرة نفسه، وتسلَّحت إرادته باشتهاء عمل الصلاح والسلوك في أعمال الروح ومحبة المسيح من قلب طاهر بشدة؛ فلن تُحسب عليه ضعفات الجسد، ذلك بحسب عدل الله ورحمته، لأن الإنسان لن يرث الحياة الأبدية بأعمال الجسد ولا بالجسد جملة، بل بالإنسان الجديد الذي تهذَّب بالإنجيل وفرحت إرادته بأعمال الروح وتقدَّست نيته من الداخل بقداسة المسيح. وأساس هذا كله أن الخطية بحد ذاتها قد انفك رباطها عن الإنسان نهائياً وإلى الأبد على الصليب! إذ قد دُفِع ثمنها بالكامل. فنحن فينا خطية، نعم، ولكن ليست علينا خطية. لنتقدم إلى الدينونة خطاة، ولكن مبرَّرون؛ محكوم علينا بالموت، ولكن تمزَّق الحُكم وفقد صلاحية نفاذه، وأُلغي الموت وحصلنا على براءة في المسيح أبدية. فالذي يحمل الدم لا يحمل خطية، والذي يؤمن بالقيامة قد داس الموت، والذي أخذ الروح القدس قد غلب الجسد وكل أعماله. فإن كان للخطية فعلٌ فينا، ففعْلُها ميت بحد ذاته، بل » الجسد (نفسه) ميت بسبب الخطية. «(رو 10:8) إذاً، فالخطية نفسها ماتت واستهلكها المسيح في جسده على الصليب، وهي غير موجودة أمام الله الديَّان بالنسبة للذين آمنوا بالمسيح واشتركوا بإيمانهم في موته، وقيامته. وهكذا خرجت الخطية كعنصر للدينونة وإفساد الضمير. من أجل هذا صرخ القديس بولس فَرِحاً متهللاً: » لا شيء من الدينونـة الآن على الذين هم في المسـيح يسوع، السالكين (أي المنحازين) ليس حسب الجسد بل حسب الروح «(رو 1:8). بمعنى أنهم بالإرادة والإيمان والرجاء والحب يعيشون للمسيح بالرغم من مشاغبات الجسد وإلحاحات غرائزه الميتـة. لذلك حتى وإن عمل المؤمن خطية تُغفر له بمجرد أن يعترف بها. هنا الاعتراف بالخطية لا يعطيها سلطاناً من جديد ثم يلغيه، بل الاعتراف هو من أجل تطهير الضمير . أبونا متى المسكين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
السلوك مع الله: مختارات من البوق الإنجيلي مكاريوس معلّم باتموس نقله إلى العربية الراهب أثناسيوس الدمشقي يكون الإنسان شقياً لأنه يُعدَم الله تعالى الخير المحض. لأنه إذا صحّ أن الله جلّ شأنه يبتعد من الخطاة بعيداً، ففي أيّ تعاسة تكون الجبلة المنفصلة من جابلها؟ ألا تكون في تلك الحال كالجو إذا خلا من الشمس وأرخى عليه الظلام الحالك سدوله؟ وكالعين إذا نشفت ونضب ماؤها؟ وماذا يكون الإنسان المسكين بعد انفصاله من خالقه إلاّ كرمة أغصانها جافة ويابسة تماماً، وجسد إنسانٍ قد فارقته النفس؟ لعمري إن التشابيه والمقاييس في هذا المحل ضعيفة وركيكة جداً، وليست كفؤَة لإيضاح حالة الخاطئ المرثى لها وتبيينها كما يقتضي. فلنستفد بذلك من ضده وعكسه: فما هو الإنسان المسيحي؟ لعمري أنه ليس عبداً مكرماً ومشرفاً من الله تعالى، بل صديق محبوب جداً وخليل خصيص أيضاً، لا بل ابنٌ مجيد وجليل لله العليّ تقدست أسماؤه، الذي من تلقاء فور صلاحه وغزارة خيريته يقتبل الإنسان مثل ابنٍ وضعيّ ويتبنّاه بالنعمة، ويصعده إلى سمو مجدٍ وشرفٍ عظيم وعزٍ وإكرامٍ بازغ حتى يجعله بالنعمة شريكاً في مواهبه وخزائنه ومساهماً لأوصافه وألقابه. وأقول أن الله يجعل الإنسان شريكاً للطبيعة الإلهية. كما قال بطرس الرسول في رسالته الثانية "أنكم قد منحتم المواعيد المكرّمة الجسيمة. لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية". فإذا سقط الإنسان بارتكابه الخطية من هذه المنزلة السنية الفاخرة. والمرتبة الجليلة الباهرة. لا يعود الله تعالى يتخذه بعد ذلك ابناً له ولا صديقاً ولا عبداً. لكنه يقول له علانية "إنني لست أعرفكم" فكيف لا يرثى لمَن هذه حاله؟ إن عيسو التعيس لما علم بأنه قد عدم البكورية، وطرق سماعه أنها قد أعطيت لأخيه يعقوب ببركة أبيهما اسحق، اشتمله حزنٌ بليغ وغمٌ جزيل، حتى طفق يزعق صارخاً على مسمع الجميع، ويبكي بكاءً محزناً بعبرات سخينة نادباً مصيبته العظمى وتعاسته القصوى التي لا سلوة لها. يشهد الكتاب المقدس بقوله "وكان لما سمع عيسو كلام أبيه اسحق عجّ صارخاً بصوت عظيم محزن جداً". حقاً أن الخاطىء الشقي تعيس وحالته أشقى من حالة عيسو أيضاً. ل أنه من تلقاء الخطيئة يتعرّى من الله تعالى جلّ جلاله، لا من بركة البكورية فقط بل من موهبة البنوة الوضعية أيضاً ولا يبقى له بركة أصلاً بل بالأحرى تدوم له اللعنة. كما يقول الكتاب بفم الحكيم ابن سيراخ "أنكم إذا متّم فللعنة تقتسمون" وكيف يكون ذلك يا ليت شعري؟ يكون بأن الله عزّ اسمه ينفصل من الإنسان بسبب الخطية. ويفسخ تلك القرابة العجيبة الجليلة. ولا يعود يسكن في قلب الخاطىء. فلا يكون الإثنان واحداً فيما بعد حسبما يقتضيه حدّ المحبة وشرطها. إن الله تعالى بحسب كونه غير محصور ولا متحيز فهو موجود في كل مكان وصقع أكثر من وجود الشمس ولكنه موجود في قلب البار الصديق على نوع ممتاز وكيفية مخصوصة، فيحضر عنده بإكرام أكثر من إكرام الملاك عندما كان يخاطب جدعون. ومن إكرام رئيس الملائكة عند مفاوضته للبتول. وأما الخطأة فإن الله يبتعد عنهم بعيداً. فمن كانت هذه حاله كيف لا يكون مستوجباً للنوح عليه؟ وكيف لا يكون أكثر شقاوة وأوفر تعاسة من كل الناس؟ وكيف لا يكون لابساً بالحقيقة جلود آدم الميتة الخسيسة الفقرية المسببة النوح والبكاء؟ طالعوا يا هؤلاء في الكتاب المقدس وتأمّلوا كم من وفور السلوة والعزاء، وكم من عِظم الاطمئنان والثقة، وكم من إفراط الفرح والسرور كان يمنح الله تعالى لمحبيه وأصدقائه، عندما كان يوضح لهم أنه حاضرٌ معهم؟ فإنه جلّ شأنه لما أراد أن يقوّي اسحق ويشجعه لكي لا يخشى من مؤامرات الفلسطينيين "قال له لا تخف لأني معك". وعندما أمر يعقوب بالعودة إلى وطنه، قال له "لا تخف لأني أنا معك". وعندما أمر موسى بالمجيء إلى مصر لكي يعتق إسرائيل من العبودية، هكذا قال له أيضاً "لا تخف لأني أنا معك". ولما قصد أن يشجع ابن نون ويقوّيه ويمنحه ثقةً وطمأنينة ليتقلد سياسة الشعب. هكذا قال له أيضاً "لا تخف لأني أنا معك". وإذ أرسل ارمياء النبي لينذر العصاة بالحق، قال له هذا القول نفسه. فالملخّص إذاً من ذلك أنه إذا كان حضور الله تعالى عند محبيه وأصفيائه يمنحهم دالةً وثقةً، ونعمةً جزيلةً، وعوناً وتأيَيَداً، وقوةً وبأساً، ففي أيّ تعاسة يكون الإنسان الخاطئ عند غياب الله عنه؟ وفي أيّ مصيبةٍ مستوجبة البكاء يوجد؟ وفي أيّ حالة شقية محزنة يستقر؟ إن الله تقدّست أسماؤه لما غاب عن شمشون البطل الصنديد، وابتعد عنه بسبب خطيئته، فارقه للحال بأسه وعزمه وعدم الدالة والاطمئنان الذي كان له. فأضحى أعمى ومكبّلاً بالقيود، وصار منظراً مهولاً يرثى له. وطفق يدير حجر الرحى مثل حيوان عادم النطق. ولما غاب عن منسّى الملك، عدم حريته وسلطته الذاتية ووقع أسيراً في أيدي أعدائه. ولما غاب عن شاول عدم ملكه وحياته وصار عبرةً للأجيال المتأخرة. ولما انفصل عن عالي الكاهن، فقد أولاده وكهنوته معاً ومات ميتة محزنة يرثى لها. ولما انفصل عن عوزيا الملك عدِم للوقت عافيته المأثورة وانضرب ببرصٍ شنيع من مفرقِه إلى قدميه ومات شرّ ميتة. ولما انفصل عن شعب اسرائيل المحبوب حصل عارياً من الملك والنبوة والكهنوت والعبادة ومن سعادته الأولى تماماً. فهذا الإله العظيم الذي انفصل من هؤلاء فدهمتهم هذه المصائب المتنوعة هو نفسه ينفصل منك أيها الخاطىء. فكيف يمكن لي أن لا أقول أن حالتك تصير بهذا الانفصال محزنة ومستوجبة للنوح والبكاء، وفاقدة للتسلية والعزاء وعلى الخصوص لأنك لم تشعر بما عدمت ولا أنت عارف ماذا فقدت؟ إن آدم يندب ذاته منتحباً على ابتعاده من جابله، وشمشون يبكي بعويل على انفصاله من الله تعالى خالقه. ومنسى ينوح نادباً، وعالي الكاهن يحزن مغتّماً وعوزيا المسكين يتوجع حزيناً. وبالاختصار أقول أن عدّة رجال معتبرين من أولي الرتب والمناصب عرفوا مصائبهم وندبوها. وأنت يا هذا لم تزل حتى الآن عديم الإحساس والشعور بخسارتك العديمة المقدار؟ وقلبك القاسي لا يزال جاهلاً ماذا فقد؟ ولا يشعر من أيّ مُلكٍ سقط؟ وإلى أية حالٍ هبط؟ أوّاه نعم أوّاه على حالتك فإنها مستوجبة أن يناح ويبكى عليها. يا ليت شعري أيّ خيرٍ لم تعدمه بانفصالك من الله تعالى الذي هو الخير الأقصى. فإن كان معلوماً ومؤكداً أنك في سني حياتك السالفة قد عملت شيئاً من الخير والصلاح وعشت عيشة مسيحية مؤدية إلى الخلاص، لكنك عدمت ذلك وغيره من الخيرات التي عدمتها ولم يعد يذكر لك ذلك الصلاح. كما يقرّر حزقيال النبي بقوله "إن البار إذا نكص راجعاً عن برّه واقترف الإثم مثل المنافق فإن كلّ برّه الذي صنعه لا يذكر أبداً. بل إنه يموت في خطاياه التي أخطأها". فيا له من حكم قطعي مرهب. ويا لها من شهادة صريحة مرعبة، تكفي لإذابة كل قلب بالبكاء والدموع. وذلك أن الأعمال الصالحة السالفة عدمت كلّها. فإذا دهم الخاطئ المسكين موت فجائي، فلا يبقى له في تلك النار المؤبدة سلوةٌ أصلاً، ولا يعود له ثواب ولا أجرٌ أبداً. بل إنما تبقى له الفضيحة والخزي من الخطية التي يموت فيها. فيا لها من مصيبة تستوجب النوح والبكاء. ويا لها من تعاسةٍ لا سلوة لها ولا عزاء. يا ليت شعري إذا اتفق لأحد الفلاحين أن يفلح أرضاً، وينصبها كرماً، ويسحبها باذلاً في ذلك الأتعاب الكثيرة والأعراق الغزيرة. وبعد أن ينفق النفقات ويتكبد الأتعاب والمشقات على ذلك الكرم يراه يبس وجفّ بغتةً، إما من هبوب الرياح العاصفة أو من سقوط البرد عليه أو من عارضٍ آخر من الأعراض. فكم من العبرات الوافرة يذرف من مقلَتَيْه؟ وكم من التحسرات المؤلمة والتنهدات العميقة يبدو من صميم فؤاده؟ والحال أن الخاطئ لم يُعدم كرماً بل قد عدم السماء نفسها وفقد الملكوت الأبدي بعينه. وهو حتى الآن لم يشعر أين هو؟ ولم يسمع النبي القائل "الويل للمنافق لأنه ستعرض له أحوالٌ شريرة حسب أعمال يديه". |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تسليم يهوذا: خيانة أم أمر إلهي؟ http://www.peregabriel.com/gm/albums...rmal_14dp6.jpg الأب حارث ابراهيم قال الربّ يسوع مخاطباً الآب: " إنَّ الذين أعطيتَهم لي قد حفظتُهم ولم يهلك منهم أحَدٌ إلاّ ابنُ الهلاك ليَتِمّ الكتاب" (يوحنا 17: 12) فما معنى "ليتمّ الكتاب"؟ هل تظنّون أنَّ الله أمَرَ بحادثٍ ما وأنَّه، تتميماً لأمره، حصل الحادث؟ هل هلك يهوذا لأنَّ الله أراد هلاكه؟ هل الله مزاجيّ يُهلكُ مَن يشاء ويُخلِّصُ مَن يشاء؟ دعونا نبحث عن جواب في الإنجيل حيث يوضِح الله فكره. هلاّ نسمعُ الربَّ يسوع نفسه يَضرب مَثَل الخروف الضّال ويقول عن الراعي أنّه يترك التّسعةَ والتسعين خروفاً ويذهب للبحث عن الضّال وأنّه يَفرح به أكثر من التّسعة والتّسعين التي لم تضلّ. ويختم: "هكذا ليست مشيئة أمام أبيكم الذي في السماوات أن يهلك أحد" (متّى 18: 14) وهو سالفاً، قَبْلَ إعطائه المَثَل، أعلن مهمّته الأساسيّة فقال: "إنَّ ابنَ البشر قد جاء لكي يُخلِّصَ ما قد هلك" (متّى 18: 11) أي جاء لينتشلنا من الموت والهلاك الذي نحن فيه ويُعيد لنا الحياة. هذه هي إرادة الله: خلاص النّاس لا هلاكهم. ويسوع عندما تحدّثَ عن خبز الله النّازل من السّماء، الواهب حياةً للعالَم، أردَف فقال: "أنا هو الخبز الحيّ الذي نزل من السماء. إنْ أكل أحَدٌ هذا الخبز يَحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا أُعطي هو جسدي الذي أبذُله من أجل حياة العالَم" (يوحنا 6: 51). لم يَقُل مِن أجل حياة اليهود وحدهم بل قال من أجل حياة العالم، أي كلّ مَن يؤمِن به مِن النّاس. يسوع جاء مُخلِّصاً لكلّ العالَم، فمَن يقبَله ينال منه الحياة الأبدية ومَن لا يقبَله يكون كمَن يرفُض الحياة ليبقى في الموت. هذا بالضبط ما حصل مع يهوذا. يقول القديس يوحنّا الإنجيلي (في الإصحاح 13) أنَّ يسوع أحبَّ خاصَّته إلى المنتهى، وحين جاءَت ساعتُه ليَنتقِل من هذا العالم إلى الآب جمعَ تلاميذه على العشاء. يهوذا جاء إلى العشاء مع بقيّة التلاميذ لكنَّ قلبه لم يكن صافياً ومحبّاً للمعلِّم يسوع. إذ يقول القديس لوقا في إنجيله أنَّه عندما قَرُبَ عيد الفصح اليهوديّ كان رؤساء الكهنة والكتَبَة يطلبون أن يقتلوا يسوع ولكنّهم مُحتارون كيف لأنّهم كانوا يخافون من الشعب، عندها "دخَلَ الشيطان في يهوذا الذي يُدعى الإسخريوطي، وهو مِن جملة الإثني عشر، فمضَى وتكلَّم مع رؤساء الكهنة وقوّاد الجُند كيف يُسَلِّمه إليهم، ففَرحوا وعاهدوه أنْ يُعطوه فضّةً، فواعَدَهم. وكان يَطلُب فرصةً ليُسْلِمَه إليهم خلواً من جَمعٍ" (لوقا 22: 3-6). رؤساء الكهنة يريدون قتل يسوع لأنّه يبعِد الشعب عنهم ويهوذا لم يَعُد يطيق اتّباع يسوع لأنّه لا يخدم مشروع الدولة اليهودية التي يريدها، ولأنّه لم يؤمِن أنَّ يسوع هو المسيح ابن الله، عندها دخله الشيطان وأوعز إليه تسليم يسوع لرؤساء الكهنة فذهب برجليه إليهم. لم يُغووه بالمال لكي يخون السيد والمعلِّم. لم يعرضوا عليه خمسة ثم عشرة فعشرين فثلاثين من الفضّة. كلا، هو من ذاته رفض يسوع المعلّم وسعى إلى تسليمه. من هنا قول القديس يوحنّا الإنجيلي أنّه حين العشاء كان الشيطان "قد ألقى في قلب يهوذا سمعان الإسخريوطي أنْ يُسَلِّمه" (يوحنّا 13: 2). هذا حصل قبل العشاء. ورغم معرفة يسوع بذلك، لأنّه يعرف القلوب ولا يخفى عليه شيء، أظهَرَ نحو يهوذا حُبّه الكلّي بأنّه لمّا إئتزَر بمنشفةٍ وغسَل أرجُل التلاميذ غسَل رجلَي يهوذا. وبعد أنْ كشف للتلاميذ عن معرفته أنَّ واحداً منهم سيُسَلّمه، احتار التلاميذ لكنّهم لم يعرفوا مَن. وعندها أيضاً أظهر يسوع حبّه نحو يهوذا بأنْ غمَّس اللقمة وأعطاه ليأكل. هذه الحركة في عاداتنا الشرقية هي قمّة الحبّ أن تعطي الآخر بيدك طعاماً (والطعام حياة) ليأكل. أعطى يهوذا وحده من بين التلاميذ الإثني عشر. لكن يهوذا لم يفهم لغة الحبّ. "فبعد اللقمة" يقول القديس يوحنا الإنجيلي "دخلَه الشيطان" أيضاً، أي أمَرَه بتنفيذ ما عزَم على فعله. هو نوى على تسليمه وكان يتحيّن الفرصة والآن يقول له الشيطان: "هذه هي فرصتك". حينها قال يسوع ليهوذا: "ما أنتَ فاعِلُه فافعله بسرعة" (يوحنّا 13: 27). ولم يتأخَّر يهوذا في تتميم عزمه فخرج على جناح الليل قاصداً رؤساء الكهنة ليرسلوا معه حُرّاساً وقبضوا على يسوع. لماذا لم يفهم يهوذا لغة الحبّ؟ يقول الأب صفروني سخاروف عن خبرته مع النّاس في سرّ الاعتراف: "إنّه لمِن المستحيل فهم البشر، فإنّهم إمّا عميان ?ولا يدرون ما يفعلون?، أو هم يُعانون من العمى اللوني. فإنّهم غالباً ما يرون الأشياء في ضوء معكوس، كما في الصورة الفوتوغرافية السالبة. لهذا يبدو مستحيلاً عليهم أن يكتشفوا حقيقة الحياة البسيطة، وحالتهم لا تترك أيّ مجال لإرشادهم. يبدون عدائيين لأيّة حركة من حبّ الله لهم. أمّا الإتّضاع الصبور فيبدو لهم رياءً (إذا شتموك وأنتَ غفرتَ لهم يعتبرون غفرانك كذباً)، وكلّ تحرّك لمساعدتهم عليه أنْ يَنبُع من صغائر أنفسهم (يعتبرون دافع المساعدة هو النّفع الذاتي لا الحبّ). إنَّ الروح المسيحيّة الداعية إلى عدم مواجهة الشرّ بالشرّ تُشجّعهم على الوقاحة ويواجهون الإكليروس بما لا يليق ويَعزَون إليهم ما ليس فيهم" (في الصلاة، ص 175). هذا ما تنبّأ عنه الربّ بلسان صاحب المزامير فقال: "بكلام بغضٍ أحاطوا بي وقاتلوني بلا سبب. بدل محبّتي يخاصمونني، أمّا أنا فأصلّي من أجلهم. وضعوا عليَّ شرّاً بدل الخير وبُغضاً بدل محبّتي" (مزمور 109: 3-5) إذاً اللهُ سبقَ فأنبأَ بما سيكون، لا لأنّه سبق فحدَّد ما سيعمَل كلّ إنسان، بل لأنّه في سابق عِلمه يعرف ما سوف يحصل ويُخبِر عنه مُسبقاً. لو كان الإنسان مُسَيَّراً لمَا احتار في اتّخاذ أي قرار، ولكنّه مُخَيَّر ويحتار في الإختيار. الله بلَّغ الأنبياء وهم كتبوا النبوءات، وما يحصل هو من اختيار النّاس الذي لا يخفَ على الله. ويستعمل الكتاب عبارة "ليتمّ الكتاب" بقصد أنَّ الحدث قد سبق الأنبياء فخبّروا عنه، وهذا لا يعني أبداً تدخّل الله في إحداثه. هذا ما عناه القديس متّى الإنجيلي في قوله أنَّ بشارة الملاك للعذراء وميلاد يسوع كانا تتميماً لقول إشعياء: "ها العذراء تحبَل وتلد ابناً ويدعى اسمه عمّانوئيل" (7: 14)، فكيف قال ذلك؟ قال: "وهذا كلّه كان لكي يتمّ ما قيل من الربّ" (متّى 1: 22). ونفس العبارة يقولها متّى عند إحضار التلاميذ للأتان ليدخل عليها يسوع إلى أورشليم، يقول: "لكي يتمّ ما قيل بالنبيّ" (متّى 21: 4)، وعن إقتراع الجُند على ثوب يسوع ساعة صلبه، يقول: " لكي يتمّ ما قيل بالنبيّ" (متّى 27: 35)، ويقولها مثله يوحنّا عن عدم إيمان اليهود بيسوع: "ليتمّ قول إشعياء النبيّ الذي قاله" (يوحنّا 12: 38)، وهنا أيضاً عن هلاك يهوذا: "ليتمّ الكتاب". فيكون معنى كلمة "ليتمّ" هو: الله، حقّاً، عارفٌ بالأمور قبل أن تصير، ويُخبِرُ عنها، لكنّه ليس فاعلُها. من هنا يكون عمل يهوذا هو: الخيانة للرب الذي أحبّه. لا يمكن ولا يجوز تصوير يهوذا بطلاً، كما يحلو لبعض المنحرفين عن الإنجيل أن يُصوّروه. يهوذا لم يكن يُنفِّذُ أمراً إلهياً، بل كان يعمل مشيئة قلبه الشّرير. هو بوعيه رفض أنْ يَقبَلَ يسوع على أنّه المسيح ابن الله مخلِّص العالم. كان ممكناً أن يتمَّ القبض على يسوع بدون مساعدة يهوذا، في السرّ أو في العَلَن. ومَن يَنوي على أمرٍ لا يردعه النّاس: هيرودس كان يخاف من الشعب وتَريَّث كثيراً مع يوحنّا المعمدان الذي كان يُوبّخه لكنّه في الأخير وضعه في السجن، وتَرَيَّث كثيراً معه في السجن خوفاً من النّاس لكنّه أخيراً قطع رأسه. الخوف من النّاس يُعيق أيّ جريمة لكنّه لا يُعطّلها. رؤساء كهنة اليهود كانوا عازمين على قتل يسوع ولم يكونوا يبحثون عن خائن بل كانوا يتحيّنون الفرصة ليقبضوا عليه. يهوذا خائنٌ، شرّير، ويدلّ على تجذّره في الشرّ أنّه لمّا أدرَكَ جُرمَه لم يَتُب ويطلب الغفران كما فعل القديس بطرس، الذي مِثْلُه أخطأ عندما أنكر الربَّ وجعل يَلعن ويشتم قائلاً: "إنّي لا أعرف الرجُل" (مرقس 14: 71). بطرس فعل هذا في لحظة ضُعف خوفاً على نفسه من الإعتقال والموت في جريرة يسوع، لكنّه عندما عاد إلى رُشده بكى بكاءً مُرّاً (لوقا 22: 62)، خرجت أحشاؤه من شدّة النّدم، وطلب المغفرة من يسوع. كان ينبغي على يهوذا أن يعمل مثل بطرس، أن يطلب المغفرة من يسوع، لكنّ يهوذا لم يكن مؤمناً بأنَّ ليسوع سلطان مغفرة الخطايا، وربما لم يؤمن بأنَّ التوبة ممكنة، فآثَر أنْ يَتخلّص مِن ألمه بشنق نفسه. صالبو يسوع أنفسهم نالوا الغفران عندما تابوا، قال الرب: "كلّ تجديف على ابن البشر يُغفَر للنّاس"، فالذين رفضوا يسوع ثم عادوا إلى رُشدهم صاروا قدّيسين وأبرز مَن اضطهد الكنيسة ثم تاب كان القديس بولُس الرسول نفسُه، "لكنّ الذي يُجدِّف على الروح (محتسباً اللهَ غير موجود، والحياة الأخرى غير موجودة) فلا يُغفَر له" (لوقا 12: 10) لأنّه لا يطلب الغفران أصلاً. هذه هي حالة التجديف، أن لا يطلب الإنسانُ المغفرةَ من الله ويتوب إليه. الله يحبُّنا ويريد خلاصَنا، لكنّه لا يستطيع أنْ يُخلِّصنا رغماً عَنّا، ويمنحنا كلّ شيء عند الطلب، هو القائل: "اطلبوا تجدوا، اقرعوا يُفتَح لكم" (متّى 7: 7) اطلبوا الغفران من المسيح تنالونه، استجدوه تُمحى خطاياكم، واقرعوا باب الملكوت يُدخلكم إليه |
الساعة الآن 06:26 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025