منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   كلمة الله تتعامل مع مشاعرك (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=45)
-   -   وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=25)

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 12:48 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173426287942681.jpg




الأَيَّام الأَخِيرَة



«وَلكِنِ اعْلَمْ هذَا أَنَّهُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ، لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ، بِلاَ حُنُوٍّ، بِلاَ رِضًى، ثَالِبِينَ، عَدِيمِي النَّزَاهَةِ، شَرِسِينَ، غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاَحِ، خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ ِللهِ، لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا. فَأَعْرِضْ عَنْ هؤُلاَءِ» (ظ¢كو ظ£: ظ،-ظ¥).

يُبيّن الرسول بولس الطابع العام للأيام الأخيرة في كلمتين «أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ» أو أيام ”محفوفة بالمخاطر“. وجدير بنا أن نضع هذا التحذير باستمرار في فكرنا، لأنه ليس هناك أدنى شك أننا نعيش في ”الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ“ وأن الأخطار الروحية القاتلة تُحيط بنا من كل جانب.

وفي هذه الآيات (ظ¢تي ظ£: ظ،-ظ¥)، ترتسم أمام عيوننا صفات الناس في الأيام الأخيرة. وتتجسد هذه الصفات في قائمة رهيبة تفوق القائمة في رومية ظ،: ظ¢ظ¨-ظ£ظ، التي تصف شرور العالم الوثني القديم. والشيء الخطير جدًا وراء القائمة الحالية في هذا الأصحاح هي أن كل هذه الشرور تتخفى وراء «صُورَةُ التَّقْوَى»، أي أن الأشخاص الذين وُصفوا بهذه الصفات مسيحيون حسب الظاهر والشكل، ولكنهم، بهذه الصفات ينكرون قوة المسيحية كُلية. ولنتأمل في بعض هذه الصفات:

مَحَبَّة الْمَال

«لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ» (ع ظ¢):

إنّ احدى أبرز صفات الناس في الأيام الأخيرة هي محبة الذّات. كلّنا نحب أنفسنا، لكن الأنانية البغيضة هي المقصودة هنا. قد نقول إنّنا نُحبّ الله والناس، لكن أعمالنّا تشهد علينا وتُظهر أنّ محبتنا لذواتنا ورغبتنا في إرضائها مُستفحلة، وهكذا نعيش لأنفسنا فقط، محاولين ارضائها بشتى الوسائل. وفي محاولات الانسان ليرفع نفسه، لكي يستمر متربعًا على عرش الذات، نراه لا يتورع عن ازدراء الآخرين، بل قد يدوس غيره غير عابئٍ بأحدٍ، إلاّ بنفسه؟ النتيجة النهائية هي «مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا» (يو ظ،ظ¢: ظ¢ظ¥).

تظهر محبة الذّات بوضوح في “مَحَبَّةَ الْمَالِ”؛ والمشكلة ليست في المال، وسيلة التعامل في البيع والشراء، بل في “مَحَبَّةَ الْمَالِ” التي هي “أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُور”، ومن يسير في رَكب هذه المحبّة الفاسدة، يَضلّ عن الإيمان والاتكال على الله، ويُسبِّب لنفسه ولغيره أوجاعًا كثيرة (ظ،تي ظ¦: ظ،ظ*).

وضَّح الملك سليمان الغنيّ والحكيم، الفرق بين المال كبركة، وبين التعلّق المَرَضي به: «كُلُّ إِنْسَانٍ أَعْطَاهُ اللهُ غِنًى وَمَالاً وَسَلَّطَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْكُلَ مِنْهُ، وَيَأْخُذَ نَصِيبَهُ، وَيَفْرَحَ بِتَعَبِهِ، فَهذَا هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ» (جا ظ¥: ظ،ظ©)، ولكن «مَنْ يُحِبُّ الْفِضَّةَ لاَ يَشْبَعُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَمَنْ يُحِبُّ الثَّرْوَةَ لاَ يَشْبَعُ مِنْ دَخْل» (جا ظ¥: ظ،ظ*). وفي السعي اللاهث نحو الغنى هناك نجاساتٍ كثيرة أيضًا، لأن «الْمُسْتَعْجِلُ إِلَى الْغِنَى لاَ يُبْرَأُ» (أم ظ¢ظ¨: ظ¢ظ*). وهذا النوع من الإدمان ليس للأغنياء فقط، فقد تكون فقيرًا أو متوسط الحال، لكن إن كنت تفكّر دائمًا بلهفة وتحلم بولعٍ بالمال، بل وتلهج به كل الوقت؛ أليست هذه هي العبودية بعينها؟ هل يجعل هذا كلّ شيء في نظرنا قابل للبيع؟ هل يشمل ذلك الضمير والأخلاق والقيم؟ إن كان الجواب نعم، فنحن غارقون في مستنقع “مَحَبَّة الْمَالِ”، والله وحده قادر أن ينقذنا منه.

التَّعَظُّمَ والْكِبْرِيَاء

«لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ،
مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ» (ع ظ¢):

إنّ ”مَحَبَّةَ الْمَالِ“ تجعل الناس مُتَعَظِّمِينَ مفتخرين بكثرة غناهم، يسعون لتحقيق كل ما تشتهيه نفوسهم.

آه ... لو كان الإنسان يذكر دائمًا أنّ كل عطية صالحة وكل بركة هي من الله، لما كان للتعظُّم مكان! (يع ظ،: ظ،ظ§). لكن تذكّر العطية والتمتع بها، دونما تقدير للّه الذي أعطاها، تقود الإنسان إلى الافتخار بنفسه. بالطبع هناك الكثيرون من المُحسنين الأسخياء، وما أحوج مجتمعاتنا لمثل هؤلاء، لكن كثيرين منهم يبتغون الشهرة والتقدير والمكانة وليس العطاء البعيد عن الأنظار، أي العطاء لمجرد العطاء، الذي يمجّد الله ويخدم شعبه.

إن المُتكبِّر يُعبِّر بالفكر والقول والعمل، أنه أفضل من الآخرين؛ ربّما بمركزه الاجتماعي، أو بوضعه الاقتصادي، وأحيانًا بِحَسَبِه ونَسَبِه، وربما بموهبة باركه الله بها، ويا للعجب! وبدل التواضع وشكر الله على عطاياه، ترى الكبرياء والانتفاخ يسودان على القلب بجملته. قمة السخرية هي أننا نعلم أن الكلّ سيزول أو يصبح قديمًا، وهناك ما سيفقد بريقه بمرور الزمن، فعلام الافتخار؟!

لاحظ أنّ الكبرياء تقودنا للهجوم، بل والتعدّي على الآخرين، لكن الطامة الكبرى هي أن المتكبّر يُجدّف أيضًا على الله: «لأَنَّ الشِّرِّيرَ يَفْتَخِرُ بِشَهَوَاتِ نَفْسِهِ، وَالْخَاطِفُ يُجَدِّفُ. يُهِينُ الرَّبَّ. الشِّرِّيرُ حَسَبَ تَشَامُخِ أَنْفِهِ يَقُولُ: لاَ يُطَالِبُ. كُلُّ أَفْكَارِهِ أَنَّهُ لاَ إِلهَ» (مز ظ،ظ*: ظ£، ظ¤). إنه حضيض الفساد البشري، الذي ينكر فيه الإنسان وجود الله وسلطانه، بل ويحاول أن يظهر هو نفسه كإله، حالمًا بذلك الوهم الذي غرسه إبليس في ذهن أمّنا حواء قديمًا: «وَتَكُونَانِ كَاللهِ» (تك ظ£: ظ¥). ليت الله يلمس القلوب لمعرفته، وبهذه المعرفة الاختبارية يتحوّل التعظّم لانكسار حقيقي، والتكبّر لتواضع قلبي، والتجديف لشكرٍ دائمٍ لربّ الكلّ.

أَطِيعُوا وَالِدِيكُمْ!

«مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ» (ع ظ¢):

هل تُصدّق أنّ من يتعالى، بل ويجدّف على الله، يُمكن أن يحترم ويطيع والديه بشكل صحيح؟ إنّ إكرام الوالدين هي الوصية الخامسة في الوصايا العشر، لكنّ الوصايا الأربع الأولى تتعلّق بعبادة الله ومهابته، لذلك فمن يتعدّى على الله ولا يعتبره، لا يمكنه أبدًا أن يُقدِّر والديه حقّ تقدير.

اسمع الجاحدين يقولون لله: «ابْعُدْ عَنَّا، وَبِمَعْرِفَةِ طُرُقِكَ لاَ نُسَرُّ. مَنْ هُوَ الْقَدِيرُ حَتَّى نَعْبُدَهُ؟ وَمَاذَا نَنْتَفِعُ إِنِ الْتَمَسْنَاهُ؟» (أي ظ¢ظ،: ظ،ظ¤، ظ،ظ¥). إنّ عدم الخضوع لله يظهر بالتالي في عصيان الوالدين، وهكذا تقلّ هيبة وسلطة الوالدين كثيرًا ممّا يؤدّي إلى التفكك المستمر للعائلات، كما يُلاحظ في العقود الأخيرة.

حاول أحبار اليهود المساومة على ذلك قديمًا بإنشاء تقليد يعفي الابن من مساعدة والديه المحتاجين، إن كان يُكرِّس ممتلكاته لله أو للهيكل، وقد شجب السيّد ذلك قائلاً لهم: «رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ!» (مر ظ§: ظ©-ظ،ظ£).

أكثر من ذلك، إنّ من لا يُقدِّر والديه اللذين أنجباه وربّياه، فمن المؤكّد أنه لا يحترم ولا يشكر الآخرين أيضًا. كم نفتقد التقدير والشكر والعرفان بالجميل في هذه الأيام! وما أندر استخدام الكلمات الإنسانية الأساسية: شكرًا، من فضلك، لو سمحت ... وغيرها من الكلمات الدمثة.

في أيام أخيرة وشريرة، ليتنا نضع في قلوبنا أن نُطيع والدينا في الرب، لأن هذا حق، بل كل ما نعمله بقول او فعل، فلنعمل الكل باسم الرب يسوع، شاكرين الله والاب به (أف ظ¦: ظ،، كو ظ£: ظ،ظ§). ألا نتمثل بسَيِّدنا المبارك الذي اتّسمت أيام جسده بالشكر؛ فنقدِّم له حياتنا كذبيحة شكر دائمة، نشكر الله على نسمة الحياة وعلى البركات اليومية من هواء ومأكل ومشرب. ليتنا نقدّر شخصه، وأعمال عنايته، فنتعلّم كيف نُقدِّر ونشكر الآخرين أيضًا.

الْخِيَانَةُ

«خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ» (ع ظ¤):

صلّى عزرا واعترف وهو باكٍ، وصام، «يَنُوحُ بِسَبَبِ خِيَانَةِ أَهْلِ السَّبْيِ» (عز ظ،ظ*: ظ،، ظ¦). أمّا اليوم فالخيانة من السمات البارزة المُميّزة للأيام الأخيرة، فخيانة الأهل والناس صارت طبيعية. لقد فُقد الإحساس بشناعة غشّ الآخرين وخداعهم وتضليلهم لأجل مآرب شخصية خسيسة. وفي كل مكان نجد خيانة الأصدقاء والشركاء لأجل المصلحة الشخصية؛ لقد استشرت الخيانة في القلوب تعيث فسادًا بشراسة وبلا رادع. وحتى الخيانة الزوجية صارت تُسمّى بمسمّيات أخرى، وتُعطى ألف مبرّر لإراحة الضمير، لكن عبثًا؛ إنها تَعدٍّ على الله الذي شرَّع الزواج، وكذلك خيانة لشريك الحياة الذي ارتبطتَ به بعهد دائم أمام الله والناس.

والخائنون لا يهتمون بالآخرين، ويعيشون بلا انضباط، فهم يتكلمون ويتصرّفون كما يريدون، وهكذا نجد الصفة التالية هي الاقتحام أي التعدّي. في أيامنا هذه، قد يسمّي البعض الاقتحام انتهازًا للفرص، ريادة أو طلائعية، لكن عندما يكون ذلك انفلاتًا ودوسًا على الآخرين والقيم والمبادئ، فهو اقتحام وتعدٍ لا أقل.

بعدها نصل إلى الغرور، فبعد أن ابتدأ الإنسان بمحبة الذات والمال متعظّمًا (ظ¢تي ظ£: ظ¢)، فإنه يصل بسهولة وسرعة إلى هاوية الغرور والكبرياء. إنها “الأنا” المتربّعة على عرش الحياة بلا مساومة، وكأن الإنسان لا يرى إلاّ نفسه. عبثًا قد يقول ذلك الشخص أنه يهتم بالله أو بالآخرين، فالعالم في نظره صار يدور حوله وحوله وحده. والمثال الأشرس هو الشيطان الذي أراد أن يصعد الى السماوات ويرفع كرسيّه... ويصير مثل العلي (إش ظ،ظ¤: ظ،ظ£، ظ،ظ¤). انه رائد مدرسة العجرفة والمباهاة والرغبة في الامتلاك. أرجوك، لا تكن من أتباع هذه المدرسة، وتربط مصيرك بمصير الشيطان المحتوم، وهي النار الأبدية المعدّة أصلاً لإبليس وملائكته (مت ظ¢ظ¥: ظ¤ظ،). بالأحرى إنه وقتٌ للرجوع الحقيقي إلى الله؛ إنه وقت التوبة، وباب التوبة مفتوح الى الآن.

مَحَبَّة اللَّذَّات

«مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ ِللهِ، لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى،
وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا» (ع ظ¤، ظ¥)

في منحدر رهيب نحو الهلاك، تلمع مفارقة مصيرية، فإما محبة الله أو مَحَبَّة اللَّذَّات. بكلمات أخرى، إن لم تكن محبة الله فوق كلّ محبة، فإنّ مَحَبَّة اللَّذَّات ستحتل مركز الصدارة وتقود الشخص في طريق المُتع الحسيّة والملذّات الوقتية التي تدمّره ومَن حوله. اسمع هذا التشبيه لإنسان سقط في خطية الزنى «ذَهَبَ وَرَاءَهَا لِوَقْتِهِ، كَثَوْرٍ يَذْهَبُ إِلَى الذَّبْحِ ... كَطَيْرٍ يُسْرِعُ إِلَى الْفَخِّ وَلاَ يَدْرِي أَنَّهُ لِنَفْسِهِ» (أم ظ§: ظ¢ظ¢، ظ¢ظ£).

والمحزن أنه بينما يقول الله: «لَذَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمَ» (أم ظ¨: ظ£ظ،)، فان بني آدم يبحثون عن اللَّذَّات بعيدًا عنه، ساعين وراء المسرّات النجسة المحرّمة والتمتّع الوقتي بالخطية.

إنّ واحدة من سمات الأيام الأخيرة هي التديّن الظاهري وهو أخطر ما يمكن أن يحدث في حياة إنسان. إنه “قناع” يُظهرنا بمظهر خارجي مُلفت للآخرين، لكنه يخفي حقيقتنا في الداخل! يمكن للإنسان بالطبع أن يخدع كثيرين، ولكن الله هو العالم بداخل الإنسان وخارجه، ولا يمكننا خداعه.

قناع القداسة الوهمية والتديّن الخارجي هو ما نتكلَّم عنه، إنه مظهر زائف خالٍ تمامًا من القوة الروحية، بكلمات أخرى “صُورَةُ التَّقْوَى بِلا قُوَّة”. يا له من قناع مُقنع جدًا يُعطي غطاءً مثاليًا لعمل الشر! هكذا يعيش كثير من الناس حياة الرياء والازدواجية، فيحيون في الخطية وفي الوقت ذاته ينادون باسم الله، دون أن يعرفوه معرفة حقيقية اختبارية.

أرجوكم أن تتحذروا من هذه الحياة التي تنافي المخافة وتناقض التقوى لدى الله (أي ظ،ظ¥: ظ¤). يظنّ البعض أنّ “التَّقْوَى تِجَارَة”؛ «أَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ» (ظ،تي ظ¦: ظ¥-ظ،ظ،).


Mary Naeem 15 - 12 - 2024 12:55 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17341701138271.jpg






مَحَبَّة الْمَال

«لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ» (ع ظ¢):

إنّ احدى أبرز صفات الناس في الأيام الأخيرة هي محبة الذّات. كلّنا نحب أنفسنا، لكن الأنانية البغيضة هي المقصودة هنا. قد نقول إنّنا نُحبّ الله والناس، لكن أعمالنّا تشهد علينا وتُظهر أنّ محبتنا لذواتنا ورغبتنا في إرضائها مُستفحلة، وهكذا نعيش لأنفسنا فقط، محاولين ارضائها بشتى الوسائل. وفي محاولات الانسان ليرفع نفسه، لكي يستمر متربعًا على عرش الذات، نراه لا يتورع عن ازدراء الآخرين، بل قد يدوس غيره غير عابئٍ بأحدٍ، إلاّ بنفسه؟ النتيجة النهائية هي «مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا» (يو ظ،ظ¢: ظ¢ظ¥).

تظهر محبة الذّات بوضوح في “مَحَبَّةَ الْمَالِ”؛ والمشكلة ليست في المال، وسيلة التعامل في البيع والشراء، بل في “مَحَبَّةَ الْمَالِ” التي هي “أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُور”، ومن يسير في رَكب هذه المحبّة الفاسدة، يَضلّ عن الإيمان والاتكال على الله، ويُسبِّب لنفسه ولغيره أوجاعًا كثيرة (ظ،تي ظ¦: ظ،ظ*).

وضَّح الملك سليمان الغنيّ والحكيم، الفرق بين المال كبركة، وبين التعلّق المَرَضي به: «كُلُّ إِنْسَانٍ أَعْطَاهُ اللهُ غِنًى وَمَالاً وَسَلَّطَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْكُلَ مِنْهُ، وَيَأْخُذَ نَصِيبَهُ، وَيَفْرَحَ بِتَعَبِهِ، فَهذَا هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ» (جا ظ¥: ظ،ظ©)، ولكن «مَنْ يُحِبُّ الْفِضَّةَ لاَ يَشْبَعُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَمَنْ يُحِبُّ الثَّرْوَةَ لاَ يَشْبَعُ مِنْ دَخْل» (جا ظ¥: ظ،ظ*). وفي السعي اللاهث نحو الغنى هناك نجاساتٍ كثيرة أيضًا، لأن «الْمُسْتَعْجِلُ إِلَى الْغِنَى لاَ يُبْرَأُ» (أم ظ¢ظ¨: ظ¢ظ*). وهذا النوع من الإدمان ليس للأغنياء فقط، فقد تكون فقيرًا أو متوسط الحال، لكن إن كنت تفكّر دائمًا بلهفة وتحلم بولعٍ بالمال، بل وتلهج به كل الوقت؛ أليست هذه هي العبودية بعينها؟ هل يجعل هذا كلّ شيء في نظرنا قابل للبيع؟ هل يشمل ذلك الضمير والأخلاق والقيم؟ إن كان الجواب نعم، فنحن غارقون في مستنقع “مَحَبَّة الْمَالِ”، والله وحده قادر أن ينقذنا منه.

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 12:57 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17341701138271.jpg






التَّعَظُّمَ والْكِبْرِيَاء

«لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ،
مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ» (ع ظ¢):

إنّ ”مَحَبَّةَ الْمَالِ“ تجعل الناس مُتَعَظِّمِينَ مفتخرين بكثرة غناهم، يسعون لتحقيق كل ما تشتهيه نفوسهم.

آه ... لو كان الإنسان يذكر دائمًا أنّ كل عطية صالحة وكل بركة هي من الله، لما كان للتعظُّم مكان! (يع ظ،: ظ،ظ§). لكن تذكّر العطية والتمتع بها، دونما تقدير للّه الذي أعطاها، تقود الإنسان إلى الافتخار بنفسه. بالطبع هناك الكثيرون من المُحسنين الأسخياء، وما أحوج مجتمعاتنا لمثل هؤلاء، لكن كثيرين منهم يبتغون الشهرة والتقدير والمكانة وليس العطاء البعيد عن الأنظار، أي العطاء لمجرد العطاء، الذي يمجّد الله ويخدم شعبه.

إن المُتكبِّر يُعبِّر بالفكر والقول والعمل، أنه أفضل من الآخرين؛ ربّما بمركزه الاجتماعي، أو بوضعه الاقتصادي، وأحيانًا بِحَسَبِه ونَسَبِه، وربما بموهبة باركه الله بها، ويا للعجب! وبدل التواضع وشكر الله على عطاياه، ترى الكبرياء والانتفاخ يسودان على القلب بجملته. قمة السخرية هي أننا نعلم أن الكلّ سيزول أو يصبح قديمًا، وهناك ما سيفقد بريقه بمرور الزمن، فعلام الافتخار؟!

لاحظ أنّ الكبرياء تقودنا للهجوم، بل والتعدّي على الآخرين، لكن الطامة الكبرى هي أن المتكبّر يُجدّف أيضًا على الله: «لأَنَّ الشِّرِّيرَ يَفْتَخِرُ بِشَهَوَاتِ نَفْسِهِ، وَالْخَاطِفُ يُجَدِّفُ. يُهِينُ الرَّبَّ. الشِّرِّيرُ حَسَبَ تَشَامُخِ أَنْفِهِ يَقُولُ: لاَ يُطَالِبُ. كُلُّ أَفْكَارِهِ أَنَّهُ لاَ إِلهَ» (مز ظ،ظ*: ظ£، ظ¤). إنه حضيض الفساد البشري، الذي ينكر فيه الإنسان وجود الله وسلطانه، بل ويحاول أن يظهر هو نفسه كإله، حالمًا بذلك الوهم الذي غرسه إبليس في ذهن أمّنا حواء قديمًا: «وَتَكُونَانِ كَاللهِ» (تك ظ£: ظ¥). ليت الله يلمس القلوب لمعرفته، وبهذه المعرفة الاختبارية يتحوّل التعظّم لانكسار حقيقي، والتكبّر لتواضع قلبي، والتجديف لشكرٍ دائمٍ لربّ الكلّ.

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 12:59 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17341701138271.jpg






أَطِيعُوا وَالِدِيكُمْ!

«مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ» (ع ظ¢):

هل تُصدّق أنّ من يتعالى، بل ويجدّف على الله، يُمكن أن يحترم ويطيع والديه بشكل صحيح؟ إنّ إكرام الوالدين هي الوصية الخامسة في الوصايا العشر، لكنّ الوصايا الأربع الأولى تتعلّق بعبادة الله ومهابته، لذلك فمن يتعدّى على الله ولا يعتبره، لا يمكنه أبدًا أن يُقدِّر والديه حقّ تقدير.

اسمع الجاحدين يقولون لله: «ابْعُدْ عَنَّا، وَبِمَعْرِفَةِ طُرُقِكَ لاَ نُسَرُّ. مَنْ هُوَ الْقَدِيرُ حَتَّى نَعْبُدَهُ؟ وَمَاذَا نَنْتَفِعُ إِنِ الْتَمَسْنَاهُ؟» (أي ظ¢ظ،: ظ،ظ¤، ظ،ظ¥). إنّ عدم الخضوع لله يظهر بالتالي في عصيان الوالدين، وهكذا تقلّ هيبة وسلطة الوالدين كثيرًا ممّا يؤدّي إلى التفكك المستمر للعائلات، كما يُلاحظ في العقود الأخيرة.

حاول أحبار اليهود المساومة على ذلك قديمًا بإنشاء تقليد يعفي الابن من مساعدة والديه المحتاجين، إن كان يُكرِّس ممتلكاته لله أو للهيكل، وقد شجب السيّد ذلك قائلاً لهم: «رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ!» (مر ظ§: ظ©-ظ،ظ£).

أكثر من ذلك، إنّ من لا يُقدِّر والديه اللذين أنجباه وربّياه، فمن المؤكّد أنه لا يحترم ولا يشكر الآخرين أيضًا. كم نفتقد التقدير والشكر والعرفان بالجميل في هذه الأيام! وما أندر استخدام الكلمات الإنسانية الأساسية: شكرًا، من فضلك، لو سمحت ... وغيرها من الكلمات الدمثة.

في أيام أخيرة وشريرة، ليتنا نضع في قلوبنا أن نُطيع والدينا في الرب، لأن هذا حق، بل كل ما نعمله بقول او فعل، فلنعمل الكل باسم الرب يسوع، شاكرين الله والاب به (أف ظ¦: ظ،، كو ظ£: ظ،ظ§). ألا نتمثل بسَيِّدنا المبارك الذي اتّسمت أيام جسده بالشكر؛ فنقدِّم له حياتنا كذبيحة شكر دائمة، نشكر الله على نسمة الحياة وعلى البركات اليومية من هواء ومأكل ومشرب. ليتنا نقدّر شخصه، وأعمال عنايته، فنتعلّم كيف نُقدِّر ونشكر الآخرين أيضًا.

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 12:59 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17341701138271.jpg






الْخِيَانَةُ

«خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ» (ع ظ¤):

صلّى عزرا واعترف وهو باكٍ، وصام، «يَنُوحُ بِسَبَبِ خِيَانَةِ أَهْلِ السَّبْيِ» (عز ظ،ظ*: ظ،، ظ¦). أمّا اليوم فالخيانة من السمات البارزة المُميّزة للأيام الأخيرة، فخيانة الأهل والناس صارت طبيعية. لقد فُقد الإحساس بشناعة غشّ الآخرين وخداعهم وتضليلهم لأجل مآرب شخصية خسيسة. وفي كل مكان نجد خيانة الأصدقاء والشركاء لأجل المصلحة الشخصية؛ لقد استشرت الخيانة في القلوب تعيث فسادًا بشراسة وبلا رادع. وحتى الخيانة الزوجية صارت تُسمّى بمسمّيات أخرى، وتُعطى ألف مبرّر لإراحة الضمير، لكن عبثًا؛ إنها تَعدٍّ على الله الذي شرَّع الزواج، وكذلك خيانة لشريك الحياة الذي ارتبطتَ به بعهد دائم أمام الله والناس.

والخائنون لا يهتمون بالآخرين، ويعيشون بلا انضباط، فهم يتكلمون ويتصرّفون كما يريدون، وهكذا نجد الصفة التالية هي الاقتحام أي التعدّي. في أيامنا هذه، قد يسمّي البعض الاقتحام انتهازًا للفرص، ريادة أو طلائعية، لكن عندما يكون ذلك انفلاتًا ودوسًا على الآخرين والقيم والمبادئ، فهو اقتحام وتعدٍ لا أقل.

بعدها نصل إلى الغرور، فبعد أن ابتدأ الإنسان بمحبة الذات والمال متعظّمًا (ظ¢تي ظ£: ظ¢)، فإنه يصل بسهولة وسرعة إلى هاوية الغرور والكبرياء. إنها “الأنا” المتربّعة على عرش الحياة بلا مساومة، وكأن الإنسان لا يرى إلاّ نفسه. عبثًا قد يقول ذلك الشخص أنه يهتم بالله أو بالآخرين، فالعالم في نظره صار يدور حوله وحوله وحده. والمثال الأشرس هو الشيطان الذي أراد أن يصعد الى السماوات ويرفع كرسيّه... ويصير مثل العلي (إش ظ،ظ¤: ظ،ظ£، ظ،ظ¤). انه رائد مدرسة العجرفة والمباهاة والرغبة في الامتلاك. أرجوك، لا تكن من أتباع هذه المدرسة، وتربط مصيرك بمصير الشيطان المحتوم، وهي النار الأبدية المعدّة أصلاً لإبليس وملائكته (مت ظ¢ظ¥: ظ¤ظ،). بالأحرى إنه وقتٌ للرجوع الحقيقي إلى الله؛ إنه وقت التوبة، وباب التوبة مفتوح الى الآن.

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:00 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17341701138271.jpg






مَحَبَّة اللَّذَّات

«مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ ِللهِ، لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى،
وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا» (ع ظ¤، ظ¥)

في منحدر رهيب نحو الهلاك، تلمع مفارقة مصيرية، فإما محبة الله أو مَحَبَّة اللَّذَّات. بكلمات أخرى، إن لم تكن محبة الله فوق كلّ محبة، فإنّ مَحَبَّة اللَّذَّات ستحتل مركز الصدارة وتقود الشخص في طريق المُتع الحسيّة والملذّات الوقتية التي تدمّره ومَن حوله. اسمع هذا التشبيه لإنسان سقط في خطية الزنى «ذَهَبَ وَرَاءَهَا لِوَقْتِهِ، كَثَوْرٍ يَذْهَبُ إِلَى الذَّبْحِ ... كَطَيْرٍ يُسْرِعُ إِلَى الْفَخِّ وَلاَ يَدْرِي أَنَّهُ لِنَفْسِهِ» (أم ظ§: ظ¢ظ¢، ظ¢ظ£).

والمحزن أنه بينما يقول الله: «لَذَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمَ» (أم ظ¨: ظ£ظ،)، فان بني آدم يبحثون عن اللَّذَّات بعيدًا عنه، ساعين وراء المسرّات النجسة المحرّمة والتمتّع الوقتي بالخطية.

إنّ واحدة من سمات الأيام الأخيرة هي التديّن الظاهري وهو أخطر ما يمكن أن يحدث في حياة إنسان. إنه “قناع” يُظهرنا بمظهر خارجي مُلفت للآخرين، لكنه يخفي حقيقتنا في الداخل! يمكن للإنسان بالطبع أن يخدع كثيرين، ولكن الله هو العالم بداخل الإنسان وخارجه، ولا يمكننا خداعه.

قناع القداسة الوهمية والتديّن الخارجي هو ما نتكلَّم عنه، إنه مظهر زائف خالٍ تمامًا من القوة الروحية، بكلمات أخرى “صُورَةُ التَّقْوَى بِلا قُوَّة”. يا له من قناع مُقنع جدًا يُعطي غطاءً مثاليًا لعمل الشر! هكذا يعيش كثير من الناس حياة الرياء والازدواجية، فيحيون في الخطية وفي الوقت ذاته ينادون باسم الله، دون أن يعرفوه معرفة حقيقية اختبارية.

أرجوكم أن تتحذروا من هذه الحياة التي تنافي المخافة وتناقض التقوى لدى الله (أي ظ،ظ¥: ظ¤). يظنّ البعض أنّ “التَّقْوَى تِجَارَة”؛ «أَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ» (ظ،تي ظ¦: ظ¥-ظ،ظ،).

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:11 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173426287942681.jpg



يعقوب والزوجتان

(تك ظ¢ظ©: ظ£-ظ£ظ*: ظ¢ظ¤)

اعتاد أحد أساتذتي الأفاضل، الدكتور بروس والتكي، مقارنة إسحاق بيعقوب من خلال تشبيه إسحاق بتسرب بطيء، بينما كان يعقوب انفجارًا. هذا ليس سيئًا، كما أنه ليس بعيدًا عن الحقيقة. إن قصة زواج يعقوب وحياته العائلية تفتقد الكثير مما هو مرغوب فيه. القصة التي تُروى هنا، هي قصة منافسة بين امرأتين وجاريتهما، مما يؤدي إلى نقل يعقوب من غرفة نوم إلى غرفة نوم، ومن خيمة إلى خيمة. وتتناول المسلسلات الحديثة نوعًا مشابهًا جدًا من الحبكات. ومع ذلك، فإن الله لا يهدف إلى تشجيعنا على التفكير في أفكار خاطئة أو ارتكاب أعمال غير مشروعة، بل تنقية أعمالنا، والعيش بالبر أمامه.

لنتذكر أن يعقوب كان يعيش في هذا الوقت خارج أرض الموعد. في حين أن الله قد وعده بمعيته وحمايته ورعايته، إلا أنه كان يعمل أيضًا في حياة يعقوب لتطهير العديد من الأمور الخاطئة التي ميزته في الماضي. وبالتالي، بينما كان الله مع يعقوب، فإن كل شيء لم يَسِر على ما يرام معه في هذه الأيام. فالعديد من عواقب خطاياه السابقة تلاحقه. اختياره لراحيل لأسباب جسدية في المقام الأول، وإصراره على الحصول عليها، حتى بعد أن تزوج لَيْئَة، أدى إلى حياة منزلية وعائلية مؤلمة للغاية.

بينما نقترب من هذا المقطع، دعونا ندرك حقيقة أن موسى لم يرتب الأحداث ترتيبًا زمنيًا، بل موضوعيًا. من خلال القليل من الحسابات البسيطة، يمكننا أن نميز بسرعة أن الكثير من الأطفال وُلِدوا واحدًا تلو الآخر. يجب أن يكون هناك بعض التداخل في المواليد. من خلال ترتيب الولادات كما فعل، يُمكننا موسى من الشعور بشكل أكثر كثافة بالانقسام والمنافسة بين لَيْئَة وراحيل. ونحن نقرأ هذه الآيات مثل شخص يشاهد مباراة تنس، ننظر أولا إلى أحد المتسابقين، ثم إلى الآخر، وهكذا. هذه هي الطريقة التي كتبت بها هذه الرواية حتى نتمكن من التعرف على هاتين المرأتين ، وكلتاهما تُريدان بشدة أن تتأكدا من حب يعقوب وعاطفته.

من الواضح أنه في تاريخ الولادات، يسود ترتيبها وفقًا للأمهات على الترتيب الزمني؛ فالمقطع «فَلَمَّا رَأَتْ رَاحِيلُ أَنَّهَا لَمْ تَلِدْ لِيَعْقُوبَ، غَارَتْ رَاحِيلُ مِنْ أُخْتِهَا» (ع ظ،)، يُذكَر بعد أن قيل إن لَيْئَة أنجبت أربعة أبناء، فهل لم تدرك راحيل مشكلة عقمها إلا بعد ولادة لَيْئَة لطفلها الرابع؟

لَيْئَة تتوق للحب

(تك ظ¢ظ©: ظ£ظ،-ظ£ظ¥)

في سنواتها الأولى من تربية الأطفال نجد لَيْئَة في ذروة حياتها الروحية. فتدخُّل الله المُحب في حياتها واضح لها، وهي تعترف به بامتنان. ولكن من المستحيل أيضًا تجنب ملاحظة ما يبدو أنه انحراف في حياة لَيْئَة الروحية منذ وقت ولادة ابنها الخامس (تك ظ£ظ*: ظ،ظ§-ظ¢ظ،). ففيما يتعلق بالأربعة الأوائل، كانت تنظر إلى يد الرب بالتأكيد، ولكن الآن لم تعد هناك أي إشارة إلى اسم إله العهد يهوه (الرب)، وتشير تعبيراتها إلى ما هو شخصي بحت تقريبًا وحتى أناني، حيث يُولد لها ولدان وابنة.

«وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ لَيْئَةَ مَكْرُوهَةٌ فَفَتَحَ رَحِمَهَا، وَأَمَّا رَاحِيلُ فَكَانَتْ عَاقِرًا. فَحَبِلَتْ لَيْئَةُ وَوَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ رَأُوبَيْنَ، لأَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ الرَّبَّ قَدْ نَظَرَ إِلَى مَذَلَّتِي. إِنَّهُ الآنَ يُحِبُّنِي رَجُلِي» (تك ظ¢ظ©: ظ£ظ،، ظ£ظ¢).

يا له من مأزق مثير للشفقة للَيْئَة المتزوجة من رجل لم يرِدها أبدًا زوجة، ويرفض منحها الحب الذي تحتاجه بشدة. ومد إله التعويضات يده بمحبة إلى لَيْئَةَ بإعطائها ابنًا مرغوبًا فيه؛ رَأُوبَيْنَ الذي معنى اسمه ”هوذا ابن“. كان فرحًا عظيمًا أن تتمكن لَيْئَة من تُنجب ليعقوب طفلاً ذكرًا ليُصبح وريثه. أشعل هذا الطفل أمل لَيْئَةَ في أن يحبها يعقوب، الذي كان حبه لراحيل قويًا لدرجة أنه بالكاد اعترف بوجود لَيْئَةَ. ولربما كان عقم راحيل - على الأقل – هو الذي قاد يعقوب إلى خيمة لَيْئَة ليُنجب لنفسه أبناء.

الأمر المعزي حقًا أنه لا شيء إلا ويقع تحت بصر الله، فيقول الوحي «وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ لَيْئَةَ مَكْرُوهَةٌ فَفَتَحَ رَحِمَهَا». إن إلهنا هو إله التعويض، وهو لا يغلق بابًا إلا ويفتح أبوابًا. وهو ما حدث مع لَيْئَةَ، فلقد عوضها الله بوفرة فأعطاها سبعة أولاد: ستة من البنين وبنتًا.

مع أن الرب في عطفه نظر إلى مذلة تلك ”المكروهة“ نسبيًا غير أن يعقوب لم يتأثر بولادة ”رأوبين“ البكر، بل ظل كما يبدو متأثرًا بالظلم الذي أوقعه عليه لابان حين أعطاه لَيْئَةَ بدلاً من راحيل؛ وذلك أننا نفهم من قول لَيْئَةَ ـ بعد ولادة رأوبين: «إِنَّ الرَّبَّ قَدْ نَظَرَ إِلَى مَذَلَّتِي. إِنَّهُ الآنَ يُحِبُّنِي رَجُلِي» الرب قد سمع أني مكروهة فأعطاني هذا أيضًا» أعني أن يعقوب بقي على كراهته، ـلتلك المرأة المسكينة؛ متأثرًا بخديعة لابان، ومن هنا أعطاها الرب ولدًا آخر.

ولكن لم تتحقق آمال لَيْئَة في جزء صغير من عواطف ومحبة يعقوب، كما يتضح من ردها على ولادة ابنها الثاني:

«وَحَبِلَتْ أَيْضًا وَوَلَدَتِ ابْنًا، وَقَالَتْ: إِنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ أَنِّي مَكْرُوهَةٌ فَأَعْطَانِي هذَا أَيْضًا. فَدَعَتِ اسْمَهُ شِمْعُونَ» (تك ظ¢ظ©: ظ£ظ£).

لم تجد لَيْئَة أي تغيير في مواقف يعقوب أو أفعاله تجاهها، ولذلك عندما وُلد الابن الثاني اعترفت بالطفل باعتباره استجابة حنونة، لإله محب، يعرف أفكار قلبها، ودعت الابن ”شمعون“ الذي معناه ”استماع“، شهادة على وعي لَيْئَة بنعمة إلهها.

ومع ولادة ابنها الثالث، انتعشت مرة أخرى آمال لَيْئَة في حنان يعقوب وعاطفته:

«وَحَبِلَتْ أَيْضًا وَوَلَدَتِ ابْنًا، وَقَالَتِ: الآنَ هذِهِ الْمَرَّةَ يَقْتَرِنُ بِي رَجُلِي، لأَنِّي وَلَدْتُ لَهُ ثَلاَثَةَ بَنِينَ. لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُهُ: لاَوِيَ» (تك ظ¢ظ©: ظ£ظ¤).

لقد تغير شيئان منذ ولادة رأوبين بكر يعقوب: أولاً: أنجبت لَيْئَة حتى الآن ثلاثة أبناء ليعقوب، وليس ابنًا واحدًا فقط. إن مجرد عدد الأطفال الذين أنجبتهم كان يجب أن يُثير إعجاب يعقوب بقيمتها بالنسبة له، خاصة وأن راحيل لم تنجب له أولادًا.

ثانيًا: أصبحت آمال لَيْئَة أكثر واقعية. لم تعد تطمح إلى المستوى العالي من الحب الذي كان لدى يعقوب لراحيل، ولكن فقط للارتباط الذي يجب أن يكون لدى أي رجل لزوجة مثمرة للغاية. إذا فهمت كلماتها بشكل صحيح، فإن الارتباط الذي تريده لَيْئَة ليس هو العاطفة، بل الالتزام. كيف لا يشعر يعقوب باللطف تجاهها بسبب هؤلاء الأبناء الذين أعطتهم له؟

في حين أن الأبناء الثلاثة لم يفعلوا شيئًا يُذكر لتغيير قلب يعقوب، كانت ولادة الرابع مناسبة لتعبير لَيْئَة الأكثر ورعًا عن التسبيح والشكر تجاه الله الذي سمع صلواتها:

«وَحَبِلَتْ أَيْضًا وَوَلَدَتِ ابْنًا وَقَالَتْ: هذِهِ الْمَرَّةَ أَحْمَدُ الرَّبَّ. لِذلِكَ دَعَتِ اسْمَهُ: يَهُوذَا. ثُمَّ تَوَقَّفَتْ عَنِ الْوِلاَدَةِ» (تك ظ¢ظ©: ظ£ظ¥).

سابقًا، كانت لَيْئَة ممتنة لله من أجل الأطفال الذين أعطاهم لها، ولكن كان في مقدمة أفكارها تأثير ذلك على يعقوب. لقد كانت تسعى إلى حبه باستماتة. كانت ذروة تقوى لَيْئَة هي تلك النقطة التي أدركت فيها أن كونها محبوبة ومُقادة من الله، فهذا أعظم بكثير من أن يحبها أي إنسان. في حين أن محبة يعقوب كانت لا تزال شيئًا تُريده بشدة، إلا أنها كانت راضية عن محبة الله الغنية. ففي الرب كانت مُباركة بغنى. وهكذا فلها الآن أن تحمده وتُسبحه وتمدحه. وهكذا كان الاسم الذي أعطته لابنها الرابع: ”يهوذا“، الذي يعني ”حمد“ أو “تسبيح“.

وهكذا على التوالي امتلأ البيت بالأولاد، حتى انتهت المرحلة الأولى بيهوذا، سبب ”الحمد“ فإنه من سبط يهوذا بحسب الجسد طلع ربنا، المسيح ”الكائن على الكل، الله المبارك إلى الأبد“.

غيرة راحيل من لَيْئَة

(تك ظ£ظ*: ظ،-ظ¨)

كان تسبيح الله سهلاً على لَيْئَة مع أربعة أبناء إلى جانبها. ولكن رؤية بركة أختها أثارت الغيرة في راحيل:

«فَلَمَّا رَأَتْ رَاحِيلُ أَنَّهَا لَمْ تَلِدْ لِيَعْقُوبَ، غَارَتْ رَاحِيلُ مِنْ أُخْتِهَا، وَقَالَتْ لِيَعْقُوبَ: هَبْ لِي بَنِينَ، وَإِلاَّ فَأَنَا أَمُوتُ! فَحَمِيَ غَضَبُ يَعْقُوبَ عَلَى رَاحِيلَ وَقَالَ: أَلَعَلِّي مَكَانَ اللهِ الَّذِي مَنَعَ عَنْكِ ثَمْرَةَ الْبَطْنِ؟» (تك ظ£ظ*: ظ،، ظ¢).

وبالرغم من كل هذا لم يتجاوب يعقوب، ولا راحيل، من الموقف بطريقة يمكن تسميتها روحية أو تقوية. لقد شعرت راحيل بالغيرة الشديدة من أختها، وبدلاً من الاعتراف أن عقمها هو من الرب، ذهبت لتطالب يعقوب أن يهبها بنين. لقد سعت إلى تحويل اللوم إلى يعقوب. أصرت على أن كل ذلك كان خطأه.

لقد عملت الذات في راحيل فأعمت عينيها عن حقيقة الجو العاطفي الذي كانت تعيش فيه لَيْئَة أختها. فقد كانت هذه الأخت المسكينة بحاجة إلى تعاطف يعقوب، إلى محبة قلبه بوصفه رجلها؛ الأمر الذي من أجله طيَب الرب خاطرها وأعطاها أولادًا؛ واحدًا بعد الآخر حتى انتهى بها الأمر إلى الحمد. فلو أن راحيل تعاطفت مع أختها، لما غارت منها، ولما أظهرت تلك الصفة الدنيئة التي لا تطيق الآخرين، حتى ولو كانت أختًا. ومن هنا فقد اندفعت تلوم زوجها كأنه هو السبب في عقمها! فلا عجب إن كنا نراه ينكر عليها ذلك الاندفاع بقوله «أَلَعَلِّي مَكَانَ اللهِ الَّذِي مَنَعَ عَنْكِ ثَمْرَةَ الْبَطْنِ؟»، غير أنه وافق على اقتراح زوجته راحيل فأخذ بِلْهَةُ، ليحصل على نسل من جارية! كما سبق وفعلت سارة؛ ولكن ما أعظم الفرق بين سارة وراحيل من ناحية وبين حَنَّة التي كانت في أقسى المعاناة بسبب إغاظة فَنِنَّةُ! فإن حَنَّة لم تنفجر في وجه ألقانة رجلها، وإنما انفجرت بالبكاء والصلاة والنذر أمام الرب الذي سمع صلاتها.

استاء يعقوب من طلب راحيل، وبالطبع كان مُحقًا في منطق ما قاله. كان الله هو الذي منع راحيل من إنجاب الأطفال. لم يكن يعقوب قادرًا على نقض يد الله وتغيير قصده. ومع ذلك، فإن موقف يعقوب مشكوك فيه. لأن رده الساخن يبدو بعيدًا كل البعد عن الغضب الصالح الحقيقي. أعتقد أنه كان أكثر من مجرد غضب مُقدَّس؛ وكأنه يقول لها: ” راحيل، لا تلوميني على عقمك، لومي الله“. طعن طلبها بشده رجولة يعقوب وغروره الذكوري، لذلك رد يعقوب بنفس الشراسة. وحقيقة أنه استخدم لغة روحية، واستخدم الله لتوبيخها، لا يعني أن روحه كانت على حق فيما فعله، وفيما قاله. وما أكثر ما نستخدم كلمات تقوية بنبرة غير ذلك.

مثل راحيل، كانت رفقة عاقرًا، لكن استجابة إسحاق كانت مختلفة تمامًا عن استجابة يعقوب «وَصَلَّى إِسْحَاقُ إِلَى الرَّبِّ لأَجْلِ امْرَأَتِهِ لأَنَّهَا كَانَتْ عَاقِرًا، فَاسْتَجَابَ لَهُ الرَّبُّ، فَحَبِلَتْ رِفْقَةُ امْرَأَتُهُ» (تك ظ¢ظ¥: ظ¢ظ،). ولكن لا يوجد ذكر مثل هذه الصلاة هنا، ولا يقال لنا أن الله استجاب لصلوات يعقوب. يُقال لنا فقط أن الله سمع طلبات الزوجات (تك ظ£ظ*: ظ،ظ§، ظ¢ظ¢). ولقد أعطى أَلْقَانَةُ حَنَّة معاملة خاصة وحنانًا بسبب عدم قدرتها على الإنجاب (ظ،صم ظ،: ظ¥، ظ¨)، ولكن لا يوجد مثل هذا اللطف ليميز يعقوب هنا.

بينما يقال لنا إن يعقوب كان يحب راحيل «وَأَحَبَّ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ، فَقَالَ: أَخْدِمُكَ سَبْعَ سِنِينٍ بِرَاحِيلَ ابْنَتِكَ الصُّغْرَى ... فَخَدَمَ يَعْقُوبُ بِرَاحِيلَ سَبْعَ سِنِينٍ، وَكَانَتْ فِي عَيْنَيْهِ كَأَيَّامٍ قَلِيلَةٍ بِسَبَبِ مَحَبَّتِهِ لَهَا ... فَدَخَلَ عَلَى رَاحِيلَ أَيْضًا، وَأَحَبَّ أَيْضًا رَاحِيلَ أَكْثَرَ مِنْ لَيْئَةَ. وَعَادَ فَخَدَمَ عِنْدَهُ سَبْعَ سِنِينٍ أُخَرَ» (تك ظ¢ظ©: ظ،ظ¨، ظ¢ظ*، ظ£ظ*)، إلا أن هذا ليس واضحًا جدًا في هذا الوقت الصعب من حياة راحيل. غيرتها تعني أنها تفتقر إلى ضمان محبة يعقوب. إنها تخشى عدم إنجاب الأطفال، وبسبب ذلك تقدم اقتراحا يائسًا:

«فَقَالَتْ: هُوَذَا جَارِيَتِي بِلْهَةُ، ادْخُلْ عَلَيْهَا فَتَلِدَ عَلَى رُكْبَتَيَّ، وَأُرْزَقُ أَنَا أَيْضًا مِنْهَا بَنِينَ. فَأَعْطَتْهُ بِلْهَةَ جَارِيَتَهَا زَوْجَةً، فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَعْقُوبُ، فَحَبِلَتْ بِلْهَةُ وَوَلَدَتْ لِيَعْقُوبَ ابْنًا، فَقَالَتْ رَاحِيلُ: قَدْ قَضَى لِيَ اللهُ وَسَمِعَ أَيْضًا لِصَوْتِي وَأَعْطَانِيَ ابْنًا. لِذلِكَ دَعَتِ اسْمَهُ: دَانًا» (تك ظ£ظ*: ظ£-ظ¦).

هناك أوجه تشابه مؤكدة بين هذا الاقتراح واقتراح ساراي في تكوين ظ،ظ¦. كانت كلتاهما تنوي تبني الطفل المولود من علاقة زوجها وجاريتها، ولكن هنا يتوقف التشابه. قدمت ساراي اقتراحها في وقت لم يكن لأبرام فيه أولاد (تك ظ،ظ¦: ظ،)، بينما كان ليعقوب بالفعل عدة أبناء من زوجته لَيْئَة، قبل اقتراح راحيل. في حين أن اقتراح ساراي جاء أكثر من الظروف التي بدت وكأنها تتطلب تدابير يائسة، فإن طلب راحيل ينبع من كبريائها وغيرتها. يجب أن يكون لديها أطفال، وستتخذ أي خطوات ضرورية للحصول عليهم.

كانت النتائج كما كانت تأمل راحيل، وبدا ردها على ولادة هذا الصبي أكثر روحانية. قد يظن المرء أن راحيل قد فعلت شيئًا رائعًا ومضحيًا بإعطاء جاريتها لزوجها يعقوب. كان القصد من كلماتها أن تنسب الفضل إلى الله في كل ما أنجزته هي وهو معًا. اسم دان يعني ”الحكم“ أو ”القضاء“؛ ادعت أن الله قد حكم على مسألة نزاعها مع أختها لَيْئَةُ، وانحاز إليها كما ثبت ذلك من ولادة هذا الطفل. ومع ذلك، لا يُقال لنا في أي مكان إن الله فتح رحم بِلْهَة (قارن تكوين ظ¢ظ©: ظ£ظ،؛ ظ£ظ*: ظ¢ظ¢). ولكن بعد كل شيء، ألم تكن ولادة طفل هي النتيجة الطبيعية لمثل هذا الاتحاد؟ وبلغة إنسانية، كأن راحيل تقول: ”لو لم يكن الله في صفي، لتدخل في المسار الطبيعي للأمور، ومنع هذه الولادة! ولكن ها هو الله يُبرهن أنه في صفي وإلى جانبي!“

ولكننا نرى أن العبارة التي أدلت به راحيل بمناسبة ولادة الابن الثاني لبِلْهَة يعكس أكثر حالتها الروحية الحقيقية في هذا الوقت:

«وَحَبِلَتْ أَيْضًا بِلْهَةُ جَارِيَةُ رَاحِيلَ وَوَلَدَتِ ابْنًا ثَانِيًا لِيَعْقُوبَ، فَقَالَتْ رَاحِيلُ: مُصَارَعَاتِ اللهِ قَدْ صَارَعْتُ أُخْتِي وَغَلَبْتُ. فَدَعَتِ اسْمَهُ: نَفْتَالِي» (تك ظ£ظ*: ظ§، ظ¨).

رأت راحيل نفسها في صراع عظيم - ليس مع الله - ولكن مع أختها. وصفت هذا بأنه مباراة مصارعة فازت بها. كان اهتمامها الرئيسي هو أنه في ولادة هذا الطفل الثاني كانت قد فازت على لَيْئَة! كيف؟! لست متأكدًا، لأنه كيف يمكن لولدين بالتبني الفوز على أربعة من أولاد لَيْئَة؟ وهي هنا لا تذكر الله ولا تُسبحه أو تحمده! إن راحيل مشغولة بالصراع بينها وبين لَيْئَة، وتدعي أنها غَلَبَت. في هذه المرحلة من حياتها، لا تلفت راحيل الأنظار باعتبارها امرأة روحية في خضوع متواضع لإرادة الله.

إذا نظرنا لحظة إلى الأسماء التي أعطتها راحيل لأولاد بلهة، لوجدناها تـُعبِّر عن حالتها - هي - النفسية، وعن موقفها - هي - من أختها ليئة. ذلك أن دان ونفتالي لا يحدثاننا عن النعمة، بل عن انتصارات في معركة النزاع والحسد، ضد أختها.

إن راحيل بسبب يأسها في عُقمها، وما تسرّب إلى نفسها من عدم الإيمان في عدم إثمارها، تسبَّبت في إدخال الجاريتين إلى البيت. ”بِلْهَة“ ومعنى اسمها: «خوف»، و”زِلْفَةَ“ معنى اسمها: ”تساقط“، كتساقط أو ذرف الدموع. وكم يتمشى هذا مع تاريخ مخاوفه واستعباده!

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:13 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17341701138271.jpg


لَيْئَة تتوق للحب

(تك ظ¢ظ©: ظ£ظ،-ظ£ظ¥)

في سنواتها الأولى من تربية الأطفال نجد لَيْئَة في ذروة حياتها الروحية. فتدخُّل الله المُحب في حياتها واضح لها، وهي تعترف به بامتنان. ولكن من المستحيل أيضًا تجنب ملاحظة ما يبدو أنه انحراف في حياة لَيْئَة الروحية منذ وقت ولادة ابنها الخامس (تك ظ£ظ*: ظ،ظ§-ظ¢ظ،). ففيما يتعلق بالأربعة الأوائل، كانت تنظر إلى يد الرب بالتأكيد، ولكن الآن لم تعد هناك أي إشارة إلى اسم إله العهد يهوه (الرب)، وتشير تعبيراتها إلى ما هو شخصي بحت تقريبًا وحتى أناني، حيث يُولد لها ولدان وابنة.

«وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ لَيْئَةَ مَكْرُوهَةٌ فَفَتَحَ رَحِمَهَا، وَأَمَّا رَاحِيلُ فَكَانَتْ عَاقِرًا. فَحَبِلَتْ لَيْئَةُ وَوَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ رَأُوبَيْنَ، لأَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ الرَّبَّ قَدْ نَظَرَ إِلَى مَذَلَّتِي. إِنَّهُ الآنَ يُحِبُّنِي رَجُلِي» (تك ظ¢ظ©: ظ£ظ،، ظ£ظ¢).

يا له من مأزق مثير للشفقة للَيْئَة المتزوجة من رجل لم يرِدها أبدًا زوجة، ويرفض منحها الحب الذي تحتاجه بشدة. ومد إله التعويضات يده بمحبة إلى لَيْئَةَ بإعطائها ابنًا مرغوبًا فيه؛ رَأُوبَيْنَ الذي معنى اسمه ”هوذا ابن“. كان فرحًا عظيمًا أن تتمكن لَيْئَة من تُنجب ليعقوب طفلاً ذكرًا ليُصبح وريثه. أشعل هذا الطفل أمل لَيْئَةَ في أن يحبها يعقوب، الذي كان حبه لراحيل قويًا لدرجة أنه بالكاد اعترف بوجود لَيْئَةَ. ولربما كان عقم راحيل - على الأقل – هو الذي قاد يعقوب إلى خيمة لَيْئَة ليُنجب لنفسه أبناء.

الأمر المعزي حقًا أنه لا شيء إلا ويقع تحت بصر الله، فيقول الوحي «وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ لَيْئَةَ مَكْرُوهَةٌ فَفَتَحَ رَحِمَهَا». إن إلهنا هو إله التعويض، وهو لا يغلق بابًا إلا ويفتح أبوابًا. وهو ما حدث مع لَيْئَةَ، فلقد عوضها الله بوفرة فأعطاها سبعة أولاد: ستة من البنين وبنتًا.

مع أن الرب في عطفه نظر إلى مذلة تلك ”المكروهة“ نسبيًا غير أن يعقوب لم يتأثر بولادة ”رأوبين“ البكر، بل ظل كما يبدو متأثرًا بالظلم الذي أوقعه عليه لابان حين أعطاه لَيْئَةَ بدلاً من راحيل؛ وذلك أننا نفهم من قول لَيْئَةَ ـ بعد ولادة رأوبين: «إِنَّ الرَّبَّ قَدْ نَظَرَ إِلَى مَذَلَّتِي. إِنَّهُ الآنَ يُحِبُّنِي رَجُلِي» الرب قد سمع أني مكروهة فأعطاني هذا أيضًا» أعني أن يعقوب بقي على كراهته، ـلتلك المرأة المسكينة؛ متأثرًا بخديعة لابان، ومن هنا أعطاها الرب ولدًا آخر.

ولكن لم تتحقق آمال لَيْئَة في جزء صغير من عواطف ومحبة يعقوب، كما يتضح من ردها على ولادة ابنها الثاني:

«وَحَبِلَتْ أَيْضًا وَوَلَدَتِ ابْنًا، وَقَالَتْ: إِنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ أَنِّي مَكْرُوهَةٌ فَأَعْطَانِي هذَا أَيْضًا. فَدَعَتِ اسْمَهُ شِمْعُونَ» (تك ظ¢ظ©: ظ£ظ£).

لم تجد لَيْئَة أي تغيير في مواقف يعقوب أو أفعاله تجاهها، ولذلك عندما وُلد الابن الثاني اعترفت بالطفل باعتباره استجابة حنونة، لإله محب، يعرف أفكار قلبها، ودعت الابن ”شمعون“ الذي معناه ”استماع“، شهادة على وعي لَيْئَة بنعمة إلهها.

ومع ولادة ابنها الثالث، انتعشت مرة أخرى آمال لَيْئَة في حنان يعقوب وعاطفته:

«وَحَبِلَتْ أَيْضًا وَوَلَدَتِ ابْنًا، وَقَالَتِ: الآنَ هذِهِ الْمَرَّةَ يَقْتَرِنُ بِي رَجُلِي، لأَنِّي وَلَدْتُ لَهُ ثَلاَثَةَ بَنِينَ. لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُهُ: لاَوِيَ» (تك ظ¢ظ©: ظ£ظ¤).

لقد تغير شيئان منذ ولادة رأوبين بكر يعقوب: أولاً: أنجبت لَيْئَة حتى الآن ثلاثة أبناء ليعقوب، وليس ابنًا واحدًا فقط. إن مجرد عدد الأطفال الذين أنجبتهم كان يجب أن يُثير إعجاب يعقوب بقيمتها بالنسبة له، خاصة وأن راحيل لم تنجب له أولادًا.

ثانيًا: أصبحت آمال لَيْئَة أكثر واقعية. لم تعد تطمح إلى المستوى العالي من الحب الذي كان لدى يعقوب لراحيل، ولكن فقط للارتباط الذي يجب أن يكون لدى أي رجل لزوجة مثمرة للغاية. إذا فهمت كلماتها بشكل صحيح، فإن الارتباط الذي تريده لَيْئَة ليس هو العاطفة، بل الالتزام. كيف لا يشعر يعقوب باللطف تجاهها بسبب هؤلاء الأبناء الذين أعطتهم له؟

في حين أن الأبناء الثلاثة لم يفعلوا شيئًا يُذكر لتغيير قلب يعقوب، كانت ولادة الرابع مناسبة لتعبير لَيْئَة الأكثر ورعًا عن التسبيح والشكر تجاه الله الذي سمع صلواتها:

«وَحَبِلَتْ أَيْضًا وَوَلَدَتِ ابْنًا وَقَالَتْ: هذِهِ الْمَرَّةَ أَحْمَدُ الرَّبَّ. لِذلِكَ دَعَتِ اسْمَهُ: يَهُوذَا. ثُمَّ تَوَقَّفَتْ عَنِ الْوِلاَدَةِ» (تك ظ¢ظ©: ظ£ظ¥).

سابقًا، كانت لَيْئَة ممتنة لله من أجل الأطفال الذين أعطاهم لها، ولكن كان في مقدمة أفكارها تأثير ذلك على يعقوب. لقد كانت تسعى إلى حبه باستماتة. كانت ذروة تقوى لَيْئَة هي تلك النقطة التي أدركت فيها أن كونها محبوبة ومُقادة من الله، فهذا أعظم بكثير من أن يحبها أي إنسان. في حين أن محبة يعقوب كانت لا تزال شيئًا تُريده بشدة، إلا أنها كانت راضية عن محبة الله الغنية. ففي الرب كانت مُباركة بغنى. وهكذا فلها الآن أن تحمده وتُسبحه وتمدحه. وهكذا كان الاسم الذي أعطته لابنها الرابع: ”يهوذا“، الذي يعني ”حمد“ أو “تسبيح“.

وهكذا على التوالي امتلأ البيت بالأولاد، حتى انتهت المرحلة الأولى بيهوذا، سبب ”الحمد“ فإنه من سبط يهوذا بحسب الجسد طلع ربنا، المسيح ”الكائن على الكل، الله المبارك إلى الأبد“.

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:14 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17341701138271.jpg


غيرة راحيل من لَيْئَة

(تك ظ£ظ*: ظ،-ظ¨)

كان تسبيح الله سهلاً على لَيْئَة مع أربعة أبناء إلى جانبها. ولكن رؤية بركة أختها أثارت الغيرة في راحيل:

«فَلَمَّا رَأَتْ رَاحِيلُ أَنَّهَا لَمْ تَلِدْ لِيَعْقُوبَ، غَارَتْ رَاحِيلُ مِنْ أُخْتِهَا، وَقَالَتْ لِيَعْقُوبَ: هَبْ لِي بَنِينَ، وَإِلاَّ فَأَنَا أَمُوتُ! فَحَمِيَ غَضَبُ يَعْقُوبَ عَلَى رَاحِيلَ وَقَالَ: أَلَعَلِّي مَكَانَ اللهِ الَّذِي مَنَعَ عَنْكِ ثَمْرَةَ الْبَطْنِ؟» (تك ظ£ظ*: ظ،، ظ¢).

وبالرغم من كل هذا لم يتجاوب يعقوب، ولا راحيل، من الموقف بطريقة يمكن تسميتها روحية أو تقوية. لقد شعرت راحيل بالغيرة الشديدة من أختها، وبدلاً من الاعتراف أن عقمها هو من الرب، ذهبت لتطالب يعقوب أن يهبها بنين. لقد سعت إلى تحويل اللوم إلى يعقوب. أصرت على أن كل ذلك كان خطأه.

لقد عملت الذات في راحيل فأعمت عينيها عن حقيقة الجو العاطفي الذي كانت تعيش فيه لَيْئَة أختها. فقد كانت هذه الأخت المسكينة بحاجة إلى تعاطف يعقوب، إلى محبة قلبه بوصفه رجلها؛ الأمر الذي من أجله طيَب الرب خاطرها وأعطاها أولادًا؛ واحدًا بعد الآخر حتى انتهى بها الأمر إلى الحمد. فلو أن راحيل تعاطفت مع أختها، لما غارت منها، ولما أظهرت تلك الصفة الدنيئة التي لا تطيق الآخرين، حتى ولو كانت أختًا. ومن هنا فقد اندفعت تلوم زوجها كأنه هو السبب في عقمها! فلا عجب إن كنا نراه ينكر عليها ذلك الاندفاع بقوله «أَلَعَلِّي مَكَانَ اللهِ الَّذِي مَنَعَ عَنْكِ ثَمْرَةَ الْبَطْنِ؟»، غير أنه وافق على اقتراح زوجته راحيل فأخذ بِلْهَةُ، ليحصل على نسل من جارية! كما سبق وفعلت سارة؛ ولكن ما أعظم الفرق بين سارة وراحيل من ناحية وبين حَنَّة التي كانت في أقسى المعاناة بسبب إغاظة فَنِنَّةُ! فإن حَنَّة لم تنفجر في وجه ألقانة رجلها، وإنما انفجرت بالبكاء والصلاة والنذر أمام الرب الذي سمع صلاتها.

استاء يعقوب من طلب راحيل، وبالطبع كان مُحقًا في منطق ما قاله. كان الله هو الذي منع راحيل من إنجاب الأطفال. لم يكن يعقوب قادرًا على نقض يد الله وتغيير قصده. ومع ذلك، فإن موقف يعقوب مشكوك فيه. لأن رده الساخن يبدو بعيدًا كل البعد عن الغضب الصالح الحقيقي. أعتقد أنه كان أكثر من مجرد غضب مُقدَّس؛ وكأنه يقول لها: ” راحيل، لا تلوميني على عقمك، لومي الله“. طعن طلبها بشده رجولة يعقوب وغروره الذكوري، لذلك رد يعقوب بنفس الشراسة. وحقيقة أنه استخدم لغة روحية، واستخدم الله لتوبيخها، لا يعني أن روحه كانت على حق فيما فعله، وفيما قاله. وما أكثر ما نستخدم كلمات تقوية بنبرة غير ذلك.

مثل راحيل، كانت رفقة عاقرًا، لكن استجابة إسحاق كانت مختلفة تمامًا عن استجابة يعقوب «وَصَلَّى إِسْحَاقُ إِلَى الرَّبِّ لأَجْلِ امْرَأَتِهِ لأَنَّهَا كَانَتْ عَاقِرًا، فَاسْتَجَابَ لَهُ الرَّبُّ، فَحَبِلَتْ رِفْقَةُ امْرَأَتُهُ» (تك ظ¢ظ¥: ظ¢ظ،). ولكن لا يوجد ذكر مثل هذه الصلاة هنا، ولا يقال لنا أن الله استجاب لصلوات يعقوب. يُقال لنا فقط أن الله سمع طلبات الزوجات (تك ظ£ظ*: ظ،ظ§، ظ¢ظ¢). ولقد أعطى أَلْقَانَةُ حَنَّة معاملة خاصة وحنانًا بسبب عدم قدرتها على الإنجاب (ظ،صم ظ،: ظ¥، ظ¨)، ولكن لا يوجد مثل هذا اللطف ليميز يعقوب هنا.

بينما يقال لنا إن يعقوب كان يحب راحيل «وَأَحَبَّ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ، فَقَالَ: أَخْدِمُكَ سَبْعَ سِنِينٍ بِرَاحِيلَ ابْنَتِكَ الصُّغْرَى ... فَخَدَمَ يَعْقُوبُ بِرَاحِيلَ سَبْعَ سِنِينٍ، وَكَانَتْ فِي عَيْنَيْهِ كَأَيَّامٍ قَلِيلَةٍ بِسَبَبِ مَحَبَّتِهِ لَهَا ... فَدَخَلَ عَلَى رَاحِيلَ أَيْضًا، وَأَحَبَّ أَيْضًا رَاحِيلَ أَكْثَرَ مِنْ لَيْئَةَ. وَعَادَ فَخَدَمَ عِنْدَهُ سَبْعَ سِنِينٍ أُخَرَ» (تك ظ¢ظ©: ظ،ظ¨، ظ¢ظ*، ظ£ظ*)، إلا أن هذا ليس واضحًا جدًا في هذا الوقت الصعب من حياة راحيل. غيرتها تعني أنها تفتقر إلى ضمان محبة يعقوب. إنها تخشى عدم إنجاب الأطفال، وبسبب ذلك تقدم اقتراحا يائسًا:

«فَقَالَتْ: هُوَذَا جَارِيَتِي بِلْهَةُ، ادْخُلْ عَلَيْهَا فَتَلِدَ عَلَى رُكْبَتَيَّ، وَأُرْزَقُ أَنَا أَيْضًا مِنْهَا بَنِينَ. فَأَعْطَتْهُ بِلْهَةَ جَارِيَتَهَا زَوْجَةً، فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَعْقُوبُ، فَحَبِلَتْ بِلْهَةُ وَوَلَدَتْ لِيَعْقُوبَ ابْنًا، فَقَالَتْ رَاحِيلُ: قَدْ قَضَى لِيَ اللهُ وَسَمِعَ أَيْضًا لِصَوْتِي وَأَعْطَانِيَ ابْنًا. لِذلِكَ دَعَتِ اسْمَهُ: دَانًا» (تك ظ£ظ*: ظ£-ظ¦).

هناك أوجه تشابه مؤكدة بين هذا الاقتراح واقتراح ساراي في تكوين ظ،ظ¦. كانت كلتاهما تنوي تبني الطفل المولود من علاقة زوجها وجاريتها، ولكن هنا يتوقف التشابه. قدمت ساراي اقتراحها في وقت لم يكن لأبرام فيه أولاد (تك ظ،ظ¦: ظ،)، بينما كان ليعقوب بالفعل عدة أبناء من زوجته لَيْئَة، قبل اقتراح راحيل. في حين أن اقتراح ساراي جاء أكثر من الظروف التي بدت وكأنها تتطلب تدابير يائسة، فإن طلب راحيل ينبع من كبريائها وغيرتها. يجب أن يكون لديها أطفال، وستتخذ أي خطوات ضرورية للحصول عليهم.

كانت النتائج كما كانت تأمل راحيل، وبدا ردها على ولادة هذا الصبي أكثر روحانية. قد يظن المرء أن راحيل قد فعلت شيئًا رائعًا ومضحيًا بإعطاء جاريتها لزوجها يعقوب. كان القصد من كلماتها أن تنسب الفضل إلى الله في كل ما أنجزته هي وهو معًا. اسم دان يعني ”الحكم“ أو ”القضاء“؛ ادعت أن الله قد حكم على مسألة نزاعها مع أختها لَيْئَةُ، وانحاز إليها كما ثبت ذلك من ولادة هذا الطفل. ومع ذلك، لا يُقال لنا في أي مكان إن الله فتح رحم بِلْهَة (قارن تكوين ظ¢ظ©: ظ£ظ،؛ ظ£ظ*: ظ¢ظ¢). ولكن بعد كل شيء، ألم تكن ولادة طفل هي النتيجة الطبيعية لمثل هذا الاتحاد؟ وبلغة إنسانية، كأن راحيل تقول: ”لو لم يكن الله في صفي، لتدخل في المسار الطبيعي للأمور، ومنع هذه الولادة! ولكن ها هو الله يُبرهن أنه في صفي وإلى جانبي!“

ولكننا نرى أن العبارة التي أدلت به راحيل بمناسبة ولادة الابن الثاني لبِلْهَة يعكس أكثر حالتها الروحية الحقيقية في هذا الوقت:

«وَحَبِلَتْ أَيْضًا بِلْهَةُ جَارِيَةُ رَاحِيلَ وَوَلَدَتِ ابْنًا ثَانِيًا لِيَعْقُوبَ، فَقَالَتْ رَاحِيلُ: مُصَارَعَاتِ اللهِ قَدْ صَارَعْتُ أُخْتِي وَغَلَبْتُ. فَدَعَتِ اسْمَهُ: نَفْتَالِي» (تك ظ£ظ*: ظ§، ظ¨).

رأت راحيل نفسها في صراع عظيم - ليس مع الله - ولكن مع أختها. وصفت هذا بأنه مباراة مصارعة فازت بها. كان اهتمامها الرئيسي هو أنه في ولادة هذا الطفل الثاني كانت قد فازت على لَيْئَة! كيف؟! لست متأكدًا، لأنه كيف يمكن لولدين بالتبني الفوز على أربعة من أولاد لَيْئَة؟ وهي هنا لا تذكر الله ولا تُسبحه أو تحمده! إن راحيل مشغولة بالصراع بينها وبين لَيْئَة، وتدعي أنها غَلَبَت. في هذه المرحلة من حياتها، لا تلفت راحيل الأنظار باعتبارها امرأة روحية في خضوع متواضع لإرادة الله.

إذا نظرنا لحظة إلى الأسماء التي أعطتها راحيل لأولاد بلهة، لوجدناها تـُعبِّر عن حالتها - هي - النفسية، وعن موقفها - هي - من أختها ليئة. ذلك أن دان ونفتالي لا يحدثاننا عن النعمة، بل عن انتصارات في معركة النزاع والحسد، ضد أختها.

إن راحيل بسبب يأسها في عُقمها، وما تسرّب إلى نفسها من عدم الإيمان في عدم إثمارها، تسبَّبت في إدخال الجاريتين إلى البيت. ”بِلْهَة“ ومعنى اسمها: «خوف»، و”زِلْفَةَ“ معنى اسمها: ”تساقط“، كتساقط أو ذرف الدموع. وكم يتمشى هذا مع تاريخ مخاوفه واستعباده!

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:15 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17341701138271.jpg


أَطَايِب الْمَلِك






«وَعَيَّنَ لَهُمُ الْمَلِكُ وَظِيفَةً كُلَّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ مِنْ أَطَايِبِ الْمَلِكِ»
(دا ظ،: ظ¥)

لكي يتمتع “دَانِيآلُ وَحَنَنْيَا وَمِيشَائِيلُ وَعَزَرْيَا” بالامتيازات التي قُدّمَت إليهم، كان عليهم أن يعصوا كلمة الله. فالتنعم بأطايب الملك هو أكل من أطعمة مُحرَّمة بحسب ناموس إسرائيل. لذا فقد أصبح الإغراء المُقدَّم امتحانًا صعبًا لإيمانهم: هل سيعصون تعليمات الله المباشرة من أجل مصلحة عالمية؛ أم سيبقون أمناء لكلمة الله بغض النظر عن النتائج؟!

كان يمكن أن تُقدَّم العديد من الحجج المعقولة كان يمكن أن تُقدم لصالح التسليم غير المشروط لمطالب الملك. فمبدأ المصلحة العامة سيفترض أن إثارة اعتراض على أوامر الملك، كان من المحتمل أن يُدمِّر كل طموحاتهم وتطلعاتهم. كما أنه قد يُنهي تدرجهم الوظيفي الذي قد يكون ذا فائدة لإخوتهم. ومبدأ المنطق سيقتضي أنهم قد دُفعوا لأيدي ملك بابل بسماح من الرب، لذا فإن الوضع السليم هو أن يُسلِّموا تمامًا للملك، وإلا فأنهم بذلك يتمردون ضد ما سمح به الرب لهم. أخيرًا، فإن مبدأ المُساومة سيقترح أنهم طالما لم يُنكروا إلههم، فإن التعليمات بعدم الأكل من أطعمة مُعينة يمكن التغاضي عنها في ظل ملابسات هذا الموقف. فهذه التعليمات يمكن أن تنطبق على أناس أحرارٍ في بلادهم، أما هم فمُستعبدون في أرض غريبة؛ فهل هناك ما يدفع إلى الإصرار على التنفيذ الصارم لوصايا الناموس؟! ولكن مثل هذه الحجج لم يكن لها أي وزن عند هؤلاء الرجال الأتقياء. إنهم يرفضون التوجه بدافع المصلحة العامة، ولا يسيرون على هدى المنطق البشري، بل إنهم وضعوا في قلوبهم ألا يدخلوا حتى في أية مساومة. فالواقع أنهم لم ينسوا أنه بالرغم من فشل إسرائيل، وبالرغم من معاناتهم تحت تأديب الله، فإنهم ما زالوا شعب الله الحي الحقيقي الذي يدينون له بملء خضوعهم القلبي. إنهم مستعدون حقًا للتسليم ليد مَلِكِ الأمم، ولكنهم لن يعصوا كلمة الله.

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:20 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173426287942681.jpg



الروح القدس وحياة القداسة

«اللهَ اخْتَارَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ لِلْخَلاَصِ، بِتَقْدِيسِ الرُّوحِ وَتَصْدِيقِ الْحَقِّ»

(2تس2: 13)

سؤال هام يجب أن نقف عنده وهو: ما هي نتائج تعدي الإنسان الأول على وصية الله في الجنة؟
النتائج كثيرة ومتعددة، لكن أريد أن أركز على شيء واحد أساسيّ، وهو الحرمان من الشركة الحميمة مع الله، وتكوّن طبيعة ساقطة داخل الإنسان تميل لفعل الإرادة الذاتية بالانفصال عن الله. وهذا ما قاد الإنسان ليُصبح مُستعبدًا من الداخل لطبيعته البشرية الساقطة، ومن الخارج لإبليس الذي يُحرك هذه الطبيعة عن طريق العالم الشرير الذي نعيش فيه. وهكذا يُقاد الإنسان للانفصال التام عن الله، والنهاية الهلاك الأبدي.
وهنا نأتي إلى السؤال الثاني الهام: ما هي النتائج العملية التي يحصل عليها الإنسان عندما يأتي إلى الرب يسوع المسيح، بالتوبة والإيمان، ويقبله فاديًا ومُخلصًا لحياته؟
النتائج أيضًا كثيرة، لكن أريد أن أركز على شيء واحد هام وهو الحصول على طبيعة جديدة بالولادة من الله «كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ» (1يو5: 1). وفي هذه الطبيعة الجديدة يسكن الروح القدس «إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ» (أف1: 13)، وعندئذٍ نتحرر من سلطة إبليس، وندخل عمليًا في دائرة ملكوت الله «شَاكِرِينَ الآبَ الَّذِي أهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ الْقِدِّيسِينَ فِي النُّورِ، الَّذِي أنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ» (كو1: 12، 13).
والروح القدس يبدأ عمله فينا في اتجاهين أساسيين:
أولاً: الانفصال والتخصيص:
يعمل الروح القدس فينا ليفصلنا عن هذا العالم الحاضر الشرير، ويجعلنا مُخصَّصين لسيدنا العظيم «اللهَ اخْتَارَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ لِلْخَلاَصِ، بِتَقْدِيسِ الرُّوحِ وَتَصْدِيقِ الْحَقِّ» (2تس2: 13). وكذلك يكتب الرسول بطرس: «الْمُخْتَارِينَ بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ، فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ، وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بط1: 1، 2). وهكذا يتحقق فينا ما قاله الرب في صلاته الأخيرة «لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ» (يو17: 14، 16).
ثانيًا: حياة الطهارة والنقاوة: إن عمل الروح القدس في انفصالنا عن هذا العالم الشرير، وتخصيصنا لسيدنا العظيم، هو عمل تم مرة واحدة، ولكن يلي ذلك عملية مستمرة لحياة الطهارة والنقاوة العملية، والبعد عن النجاسة والشرور العالمية «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا الْمَسِيحَ هَكَذَا، إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمُوهُ وَعُلِّمْتُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ حَقٌّ فِي يَسُوعَ، أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ، وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ» (أف4: 20-24).
وحيث إننا صرنا شركاء الطبيعة الإلهية، لذا يعمل فينا الروح القدس عمليًا لحياة القداسة «قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلَهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ» (2بط1: 4). وسوف يستمر الروح القدس عاملاً في داخلنا لحياة القداسة حتى النهاية «وَالرَّبُّ يُنْمِيكُمْ وَيَزِيدُكُمْ فِي الْمَحَبَّةِ بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ ... لِكَيْ يُثَبِّتَ قُلُوبَكُمْ بِلاَ لَوْمٍ فِي الْقَدَاسَةِ، أَمَامَ اللهِ أَبِينَا فِي مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِ قِدِّيسِيهِ» (1تس3: 12، 13).
وإن كان هذا عمل الروح القدس داخلنا فلا عذر للمؤمن الحقيقي المولود من الله للسقوط بعيدًا عن حياة القداسة العملية. وإن حدث ذلك فيكون السبب الحقيقي هو عدم إعطاء الروح القدس مكانه الصحيح في حياتنا.

ولهذا تُحرضننا كلمة الله على شيئين هامين:
1- «لاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ» (أف4: 30).
فعندما نُهمل شركتنا اليومية مع الرب، وننشغل بأمور الحياة اليومية الأرضية، سوف نُعطي فرصة للطبيعة القديمة فينا أن تأخذ مكانها في حياتنا، وعندها نفقد القوة العاملة فينا، ونُحزن الروح القدس داخلنا، ونُحرَم مِن ثمره المبارك فينا.
2
- «اسْلُكُوا بِالرُّوحِ» (غل5: 16). إن عدم إعطاء القيادة الكاملة للروح القدس في حياتنا، يقودنا إلى الانحراف بعيدًا عن طريق الحياة الصحيحة المُقدَّسة، ويُسقطنا في مكايد إبليس وحيله. لذلك علينا دائمًا التدريب على تسليم قيادة حياتنا عمليًا للرب، لنتمتع بالحياة المُقدَّسة المنتصرة دائمًا، ونختبر عمليًا القول: «وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ ... إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ فَلْنَسْلُكْ أَيْضًا بِحَسَبِ الرُّوحِ» (غل5: 16، 25).
لهذا كله، ليتنا نُعطي الروح القدس مكانه الصحيح في حياتنا حتى نتمتع عمليًا بوعد الله لنا «وَإِلَهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1تس5: 23).

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:21 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 


ما هي نتائج تعدي الإنسان الأول على وصية الله في الجنة؟


النتائج كثيرة ومتعددة، لكن أريد أن أركز على شيء واحد أساسيّ، وهو الحرمان من الشركة الحميمة مع الله، وتكوّن طبيعة ساقطة داخل الإنسان تميل لفعل الإرادة الذاتية بالانفصال عن الله. وهذا ما قاد الإنسان ليُصبح مُستعبدًا من الداخل لطبيعته البشرية الساقطة، ومن الخارج لإبليس الذي يُحرك هذه الطبيعة عن طريق العالم الشرير الذي نعيش فيه. وهكذا يُقاد الإنسان للانفصال التام عن الله، والنهاية الهلاك الأبدي.
وهنا نأتي إلى السؤال الثاني الهام: ما هي النتائج العملية التي يحصل عليها الإنسان عندما يأتي إلى الرب يسوع المسيح، بالتوبة والإيمان، ويقبله فاديًا ومُخلصًا لحياته؟
النتائج أيضًا كثيرة، لكن أريد أن أركز على شيء واحد هام وهو الحصول على طبيعة جديدة بالولادة من الله «كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ» (1يو5: 1). وفي هذه الطبيعة الجديدة يسكن الروح القدس «إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ» (أف1: 13)، وعندئذٍ نتحرر من سلطة إبليس، وندخل عمليًا في دائرة ملكوت الله «شَاكِرِينَ الآبَ الَّذِي أهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ الْقِدِّيسِينَ فِي النُّورِ، الَّذِي أنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ» (كو1: 12، 13).

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:21 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 


الروح القدس يبدأ عمله فينا في اتجاهين أساسيين:
أولاً: الانفصال والتخصيص: يعمل الروح القدس فينا ليفصلنا عن هذا العالم الحاضر الشرير، ويجعلنا مُخصَّصين لسيدنا العظيم «اللهَ اخْتَارَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ لِلْخَلاَصِ، بِتَقْدِيسِ الرُّوحِ وَتَصْدِيقِ الْحَقِّ» (2تس2: 13). وكذلك يكتب الرسول بطرس: «الْمُخْتَارِينَ بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ، فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ، وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بط1: 1، 2). وهكذا يتحقق فينا ما قاله الرب في صلاته الأخيرة «لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ» (يو17: 14، 16).
ثانيًا: حياة الطهارة والنقاوة: إن عمل الروح القدس في انفصالنا عن هذا العالم الشرير، وتخصيصنا لسيدنا العظيم، هو عمل تم مرة واحدة، ولكن يلي ذلك عملية مستمرة لحياة الطهارة والنقاوة العملية، والبعد عن النجاسة والشرور العالمية «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا الْمَسِيحَ هَكَذَا، إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمُوهُ وَعُلِّمْتُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ حَقٌّ فِي يَسُوعَ، أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ، وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ» (أف4: 20-24).

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:23 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 


إننا صرنا شركاء الطبيعة الإلهية، لذا يعمل فينا الروح القدس عمليًا لحياة القداسة «قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلَهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ» (2بط1: 4).
وسوف يستمر الروح القدس عاملاً في داخلنا لحياة القداسة حتى النهاية «وَالرَّبُّ يُنْمِيكُمْ وَيَزِيدُكُمْ فِي الْمَحَبَّةِ بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ ... لِكَيْ يُثَبِّتَ قُلُوبَكُمْ بِلاَ لَوْمٍ فِي الْقَدَاسَةِ، أَمَامَ اللهِ أَبِينَا فِي مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِ قِدِّيسِيهِ» (1تس3: 12، 13).
وإن كان هذا عمل الروح القدس داخلنا فلا عذر للمؤمن الحقيقي المولود من الله للسقوط بعيدًا عن حياة القداسة العملية.

وإن حدث ذلك فيكون السبب الحقيقي هو عدم إعطاء الروح القدس مكانه الصحيح في حياتنا.



Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:24 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 


«لاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ»
(أف4: 30).
فعندما نُهمل شركتنا اليومية مع الرب،
وننشغل بأمور الحياة اليومية الأرضية،
سوف نُعطي فرصة للطبيعة القديمة فينا أن تأخذ مكانها في حياتنا،
وعندها نفقد القوة العاملة فينا، ونُحزن الروح القدس داخلنا،
ونُحرَم مِن ثمره المبارك فينا.

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:25 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 


«اسْلُكُوا بِالرُّوحِ» (غل5: 16).
إن عدم إعطاء القيادة الكاملة للروح القدس في حياتنا، يقودنا إلى الانحراف بعيدًا عن طريق الحياة الصحيحة المُقدَّسة، ويُسقطنا في مكايد إبليس وحيله.
لذلك علينا دائمًا التدريب على تسليم قيادة حياتنا عمليًا للرب، لنتمتع بالحياة المُقدَّسة المنتصرة دائمًا، ونختبر عمليًا القول: «وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ ... إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ فَلْنَسْلُكْ أَيْضًا بِحَسَبِ الرُّوحِ» (غل5: 16، 25).


لهذا كله، ليتنا نُعطي الروح القدس مكانه الصحيح في حياتنا حتى نتمتع عمليًا بوعد الله لنا «وَإِلَهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1تس5: 23).

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:29 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173426287942681.jpg



التقديس بالكلمة

لأن الله قدوس، واسمه قدوس، فلا عجب أن تكون كلمته مُقدَّسة أيضًا. هذه الكلمة الإلهية تُقدِّسنا وتُخصصنا لله، لذلك طلب الرب يسوع من الآب قائلاً: «قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كلاَمُكَ هُوَ حَقٌّ» (يوحنا 17:17).
والتقديس له 3 وجهات أساسية:
1-
التقديس بذبيحة المسيح: «فَبِهَذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً» (عب10: 10). وهذا هو عمل الله لأجلنا, وبه يصبح المؤمن في وضع جديد أمام الله.
2-
التقديس بعمل الروح القدس: «اغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلَهِنَا» (1كو6: 11)، «بُطْرُسُ... إِلَى الْمُتَغَرِّبِينَ... الْمُخْتَارِينَ بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ، فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ، وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بط1: 1، 2). وهذا أيضًا عمل الله داخليًا في المؤمن مما يجعله أدبيًا منفصلاً لله.
3-
التقديس بتأثير الكلمة: «قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كلاَمُكَ هُوَ حَقٌّ» (يو17: 17)، «طَهِّرُوا نُفُوسَكُمْ فِي طَاعَةِ الْحَقِّ بِالرُّوحِ لِلْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ الْعَدِيمَةِ الرِّيَاءِ» (1بط1: 22). ويُشار إلي الكلمة بالماء «أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ» (أف5: 25، 26).
وفي العهد القديم كان التطهير طقسيًا بالماء كما في ماء المرحضة، القطعة السابعة في خيمة الاجتماع (خر30: 17-20). وفي شريعة البقرة الحمراء كان يُرَّش الماء على المنجَّسين في اليومين الثالث والسابع. والباب السابع من أبواب أورشليم هو باب الماء (انظر نحميا 3)، وهو الباب الوحيد الذي لم يكن في حاجة لإصلاح أو ترميم، فهو يحتفظ بكماله وجماله. والرقم 7 هو رقم الكمال، وفي الكلمة الإلهية نرى كل الكمال والجمال «لِكُلِّ كَمَالٍ رَأَيْتُ حَدًّا، أَمَّا وَصِيَّتُكَ فَوَاسِعَةٌ جِدًّا» (مز119: 96).
الكلمة فاحصة وكاشفة
في الأصحاح الخامس من سفر العدد نرى الرب في قداسته، لذا وجب عزل كل ما هو نجس. ونراه في بره لذا فعلى المذنب الإقرار بذنبه، وردّ ما سَلَبَه. لكن نرى الله أيضًا في محبته وغيرته على شعبه، فجاءت شريعة الغيرة؛ فالمرأة التي يغار عليها رجلها وليس شاهد عليها، كان عليها أن تقف أمام الرب وتشرب الماء المقدس، فإذا ورم بطنها وسقط فخذها، تكون قد تنجست، وإن لم يحدث لها شيء كانت طاهرة وتتبرأ (عد5: 11-31). والماء المُقدَّس هو رمز للكلمة، فكلمة الله فاحصة تكشف العمائق وتُميز الأفكار والنيات، بل وتنخس الضمائر، وتهز قلوب سامعيها.
كثيرًا ما يأتي إليَّ أحدهم غاضبًا بعد الخدمة قائلاً: “كلامك الليلة كان مُوجَّهًا إليّ، أنت تقصدني، فقل لي: من قال لك عني؟” وفي كل مرة أرد مداعبًا: “طبعًا أنا أقصدك، ولا أقصد جدران المكان. لكن الحقيقة أن أحدًا لم يخبرني عنك، لكن الرب هو الذي وضع في فمي ما سمعته”.
لذلك ليتنا نقف بصدق أمام الله قائلين: «اخْتَبِرْنِي يَا اللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتَحِنِّي وَاعْرِفْ أَفْكَارِي. وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ، وَاهْدِنِي طَرِيقًا أَبَدِيًّا» (مز139: 24).
تأثير كلمة الله
لقد ضاع سفر الشريعة أيام السبي لعشرات السنين، وبذلك حُرمت الأمة مِن قراءته، ثم وُجد السفر فأخذه حلقيا الكاهن، وأعطاه لشافان الكاتب، فجاء به إلى الملك الشاب يوشيا (2أخبار34)، وعندما قُرئ السفر أمامه، تواضع الملك، ومزق ثيابه، وبكى. لا نقرأ أن شافان الكاتب أو حلقيا الكاهن أو خلدة النبية أو غيرهم، مزق أحد منهم ثيابه، فلم يبلغ أي واحد منهم رقة قلب الملك الشاب يوشيا. كان العثور على السفر بالنسبة لهم شيئًا عظيمًا، ولكنه لم يؤثِّر في قلوبهم مثلما أثَّر في قلب يوشيا. كان بالنسبة لهم كتابًا، وكان ليوشيا كلمة الله الحية. ليتنا جميعًا نكون هكذا!
دعه يغسل قدميك
في يوحنا 13 نرى السيد وقد قام عن العشاء، وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ، حتى جاء إلى سمعان بطرس فأبى قائلاً: «يَا سَيِّدُ، أَنْتَ تَغْسِلُ رِجْلَيَّ! ... لنْ تَغْسِلَ رِجْلَيَّ أَبَدًا! أَجَابَهُ يَسُوعُ: إِنْ كُنْتُ لاَ أَغْسِلُكَ فَلَيْسَ لَكَ مَعِي نَصِيبٌ. قَالَ لَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: يَا سَيِّدُ، لَيْسَ رِجْلَيَّ فَقَطْ بَلْ أَيْضًا يَدَيَّ وَرَأْسِي. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: ï*گلَّذِي قَدِ اغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ» (يو13: 1-10).
لذا ليتنا قبل أن نذهب للعشاء، سواء كان عشاء الشركة اليومية، أو عشاء المحبة الأسبوعية، أن نكون طاهرين بأن نسمح للرب بأن يغسل أرجلنا التي هي عُرضة للاتساخ طالما نحن هنا. وكم حاجتنا ماسة لهذا الماء الثمين! «أَحَبَّ الْمَسِيحُ ... الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ» (أف5: 25، 26). والماء هنا يشير للكلمة المُقدَّسة، كما قال الرب لتلاميذه: «أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ» - لا لسبب الماء الذي غسلت به أرجلكم - بل «لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ» (يو15: 3)، و«بِمَ يُزَكِّي (يُطهّر) الشَّابُّ طَرِيقَهُ؟ بِحِفْظِهِ إِيَّاهُ حَسَبَ كَلاَمِكَ» (مز119: 9). وحسنٌ قيل: “إما أن تحفظك الكلمة مِن الخطية، أو أن تحفظك الخطية مِن الكلمة”.
صديقي العزيز: أن تقرأ في الصباح الباكر، وبصورة يومية، وبروح الخشوع فصلاً مِن كلمة الله المنعشة والمُطهِّرة، هذا يضمن لك قداسة الفكر طوال النهار، طالما نحفظها ونقبلها ونجترّ عليها «خَبأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي لِكَيْلاَ أُخْطِئَ إِلَيْكَ» (مز119: 11). إن كلمة الله كالمرآة تكشف العيوب، وكالماء تغسل وتنعش وتطهر القلوب. في حلاوتها أحلى من العسل وقطر الشهاد، وفي غلاوتها أشهى من الذهب والإبريز الكثير، وفي حفظها ثواب عظيم (مز19: 11). هي كالمطرقة تحطِّم الصخر، وهي كالسراج في ظلمة هذا الدهر. ليتنا نصرخ قائلين: «دَعَوْتُكَ. خَلِّصْنِي، فَأَحْفَظَ شَهَادَاتِكَ» (مز119: 146)، والمقصود من الخلاص هنا ليس الخلاص مِنْ الضيق، ولا الخلاص مِنْ عقوبة الخطية، بل مِن كل ما يُعطلنا عن حفظ الكلمة. فالرب يوصي: «يَا ابْنِي، احْفَظْ كَلاَمِي وَاذْخَرْ وَصَايَايَ عِنْدَكَ. احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا، وَشَرِيعَتِي كَحَدَقَةِ عَيْنِكَ. اُرْبُطْهَا عَلَى أَصَابِعِكَ. اكْتُبْهَا عَلَى لَوْحِ قَلْبِكَ ... لِتَحْفَظَكَ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ مِنَ الْغَرِيبَةِ الْمَلِقَةِ بِكَلاَمِهَا (صورة للخطية)» (أم7: 1-5).

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:33 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 


التقديس له 3 وجهات أساسية:
1- التقديس بذبيحة المسيح: «فَبِهَذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً» (عب10: 10). وهذا هو عمل الله لأجلنا, وبه يصبح المؤمن في وضع جديد أمام الله.
2- التقديس بعمل الروح القدس: «اغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلَهِنَا» (1كو6: 11)، «بُطْرُسُ... إِلَى الْمُتَغَرِّبِينَ... الْمُخْتَارِينَ بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ، فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ، وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بط1: 1، 2). وهذا أيضًا عمل الله داخليًا في المؤمن مما يجعله أدبيًا منفصلاً لله.
3- التقديس بتأثير الكلمة: «قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كلاَمُكَ هُوَ حَقٌّ» (يو17: 17)، «طَهِّرُوا نُفُوسَكُمْ فِي طَاعَةِ الْحَقِّ بِالرُّوحِ لِلْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ الْعَدِيمَةِ الرِّيَاءِ» (1بط1: 22). ويُشار إلي الكلمة بالماء «أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ» (أف5: 25، 26).
وفي العهد القديم كان التطهير طقسيًا بالماء كما في ماء المرحضة، القطعة السابعة في خيمة الاجتماع (خر30: 17-20). وفي شريعة البقرة الحمراء كان يُرَّش الماء على المنجَّسين في اليومين الثالث والسابع. والباب السابع من أبواب أورشليم هو باب الماء (انظر نحميا 3)، وهو الباب الوحيد الذي لم يكن في حاجة لإصلاح أو ترميم، فهو يحتفظ بكماله وجماله. والرقم 7 هو رقم الكمال، وفي الكلمة الإلهية نرى كل الكمال والجمال «لِكُلِّ كَمَالٍ رَأَيْتُ حَدًّا، أَمَّا وَصِيَّتُكَ فَوَاسِعَةٌ جِدًّا» (مز119: 96).

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:33 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 


الكلمة فاحصة وكاشفة
في الأصحاح الخامس من سفر العدد نرى الرب في قداسته، لذا وجب عزل كل ما هو نجس. ونراه في بره لذا فعلى المذنب الإقرار بذنبه، وردّ ما سَلَبَه. لكن نرى الله أيضًا في محبته وغيرته على شعبه، فجاءت شريعة الغيرة؛ فالمرأة التي يغار عليها رجلها وليس شاهد عليها، كان عليها أن تقف أمام الرب وتشرب الماء المقدس، فإذا ورم بطنها وسقط فخذها، تكون قد تنجست، وإن لم يحدث لها شيء كانت طاهرة وتتبرأ (عد5: 11-31). والماء المُقدَّس هو رمز للكلمة، فكلمة الله فاحصة تكشف العمائق وتُميز الأفكار والنيات، بل وتنخس الضمائر، وتهز قلوب سامعيها.
كثيرًا ما يأتي إليَّ أحدهم غاضبًا بعد الخدمة قائلاً: “كلامك الليلة كان مُوجَّهًا إليّ، أنت تقصدني، فقل لي: من قال لك عني؟” وفي كل مرة أرد مداعبًا: “طبعًا أنا أقصدك، ولا أقصد جدران المكان. لكن الحقيقة أن أحدًا لم يخبرني عنك، لكن الرب هو الذي وضع في فمي ما سمعته”.
لذلك ليتنا نقف بصدق أمام الله قائلين: «اخْتَبِرْنِي يَا اللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتَحِنِّي وَاعْرِفْ أَفْكَارِي. وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ، وَاهْدِنِي طَرِيقًا أَبَدِيًّا» (مز139: 24).

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:34 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 


تأثير كلمة الله


لقد ضاع سفر الشريعة أيام السبي لعشرات السنين، وبذلك حُرمت الأمة مِن قراءته، ثم وُجد السفر فأخذه حلقيا الكاهن، وأعطاه لشافان الكاتب، فجاء به إلى الملك الشاب يوشيا (2أخبار34)، وعندما قُرئ السفر أمامه، تواضع الملك، ومزق ثيابه، وبكى.
لا نقرأ أن شافان الكاتب أو حلقيا الكاهن أو خلدة النبية أو غيرهم، مزق أحد منهم ثيابه، فلم يبلغ أي واحد منهم رقة قلب الملك الشاب يوشيا. كان العثور على السفر بالنسبة لهم شيئًا عظيمًا، ولكنه لم يؤثِّر في قلوبهم مثلما أثَّر في قلب يوشيا.
كان بالنسبة لهم كتابًا، وكان ليوشيا كلمة الله الحية. ليتنا جميعًا نكون هكذا!

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:34 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 


دعه يغسل قدميك

في يوحنا 13 نرى السيد وقد قام عن العشاء، وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ، حتى جاء إلى سمعان بطرس فأبى قائلاً: «يَا سَيِّدُ، أَنْتَ تَغْسِلُ رِجْلَيَّ! ... لنْ تَغْسِلَ رِجْلَيَّ أَبَدًا! أَجَابَهُ يَسُوعُ: إِنْ كُنْتُ لاَ أَغْسِلُكَ فَلَيْسَ لَكَ مَعِي نَصِيبٌ. قَالَ لَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: يَا سَيِّدُ، لَيْسَ رِجْلَيَّ فَقَطْ بَلْ أَيْضًا يَدَيَّ وَرَأْسِي. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: ï*گلَّذِي قَدِ اغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ» (يو13: 1-10).
لذا ليتنا قبل أن نذهب للعشاء، سواء كان عشاء الشركة اليومية، أو عشاء المحبة الأسبوعية، أن نكون طاهرين بأن نسمح للرب بأن يغسل أرجلنا التي هي عُرضة للاتساخ طالما نحن هنا. وكم حاجتنا ماسة لهذا الماء الثمين! «أَحَبَّ الْمَسِيحُ ... الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ» (أف5: 25، 26). والماء هنا يشير للكلمة المُقدَّسة، كما قال الرب لتلاميذه: «أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ» - لا لسبب الماء الذي غسلت به أرجلكم - بل «لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ» (يو15: 3)، و«بِمَ يُزَكِّي (يُطهّر) الشَّابُّ طَرِيقَهُ؟ بِحِفْظِهِ إِيَّاهُ حَسَبَ كَلاَمِكَ» (مز119: 9). وحسنٌ قيل: “إما أن تحفظك الكلمة مِن الخطية، أو أن تحفظك الخطية مِن الكلمة”.

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:36 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 


صديقي العزيز: أن تقرأ في الصباح الباكر، وبصورة يومية، وبروح الخشوع فصلاً مِن كلمة الله المنعشة والمُطهِّرة، هذا يضمن لك قداسة الفكر طوال النهار، طالما نحفظها ونقبلها ونجترّ عليها «خَبأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي لِكَيْلاَ أُخْطِئَ إِلَيْكَ» (مز119: 11).
إن كلمة الله كالمرآة تكشف العيوب، وكالماء تغسل وتنعش وتطهر القلوب. في حلاوتها أحلى من العسل وقطر الشهاد، وفي غلاوتها أشهى من الذهب والإبريز الكثير، وفي حفظها ثواب عظيم (مز19: 11).
هي كالمطرقة تحطِّم الصخر، وهي كالسراج في ظلمة هذا الدهر. ليتنا نصرخ قائلين: «دَعَوْتُكَ. خَلِّصْنِي، فَأَحْفَظَ شَهَادَاتِكَ» (مز119: 146)، والمقصود من الخلاص هنا ليس الخلاص مِنْ الضيق، ولا الخلاص مِنْ عقوبة الخطية، بل مِن كل ما يُعطلنا عن حفظ الكلمة.
فالرب يوصي: «يَا ابْنِي، احْفَظْ كَلاَمِي وَاذْخَرْ وَصَايَايَ عِنْدَكَ. احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا، وَشَرِيعَتِي كَحَدَقَةِ عَيْنِكَ. اُرْبُطْهَا عَلَى أَصَابِعِكَ. اكْتُبْهَا عَلَى لَوْحِ قَلْبِكَ ... لِتَحْفَظَكَ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ مِنَ الْغَرِيبَةِ الْمَلِقَةِ بِكَلاَمِهَا (صورة للخطية)» (أم7: 1-5).

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 01:54 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17342706741481.jpg




يغير نظرة الحزن والغم التي تُرى
على وجهك ويحولها إلى فرح



Mary Naeem 15 - 12 - 2024 02:28 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173427077462951.jpg



لا يوجد لحظة اثمن من لحظة الصلاة

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 02:30 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173427077462951.jpg



أبنى الغالى .. بنتي الغالية
لا يوجد لحظة اثمن من لحظة الصلاة
ولا يوجد اهم ما في العالم من الجلوس معي
واحتضاني والبوح لي بكل ما في نفوسكم من اوجاع واحزان
فألتصقوا بي بقلوبكم واجسادكم وارواحكم وعانقوني الى الأبد

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 02:40 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173427077462951.jpg


لاتدعوا اي شيئ في هذا العالم يُلهيكم عن صلاتكم
وايمانكم فالعالم بكل ما فيه فاني وزائل
ولا يبقى إلا علاقتكم بالرب
فحافظوا على صلاتكم وايمانكم وقرائتكم
لكلمة الله في الكتاب المقدس فتحيوا الى الأبد ..

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 03:39 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
القديس يوحنا أسقف ارمنت




Mary Naeem 15 - 12 - 2024 03:42 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
البار القديس متاؤس الفاخورى بأسنا




Mary Naeem 15 - 12 - 2024 03:43 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
الشهيدان القديس بانينا و باناوا




Mary Naeem 15 - 12 - 2024 03:44 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
الشهيد القديس ابسخيرون القلينى





Mary Naeem 15 - 12 - 2024 03:57 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
أنت يا الله بار
وأحكامك منصفة ومستقيمة
(مز 119: 137)





Mary Naeem 15 - 12 - 2024 03:58 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
يسوع يصد كل الهجمات
ويعطل كل شباك عدوي





Mary Naeem 15 - 12 - 2024 04:09 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173427705615061.jpg




+ الغالب للشياطين لما كان، يبسط يديه على مثال الصليب، الأنبا متاؤس الفاخوري، الذي أكمل جهاده المرير.
+ الذي كان يعمل رحمة كثيرة، دون تفرقة بين الأجناس، المتواضع الذي كان له، سلطان على الوحوش.
+ ودعا نفسه المسكين، بالرغم أنه كان رئيس دير، كان يشفي المرضى ويطرد شياطين، وأقام ميتاً.
+ كان يعيش حياة التوبة، في طهارة ونقاء قلب، وعلّم الإخوة أن يعيشوا، حسب الدعوة التي دعيوا إليها.
+ السلام له عرف ميعاد نياحته، لما رأى حلماً، جمع الرهبان ووعظهم، ليكملوا جهادهم حسناً.
+ اطلب من الرب عنّا، يا من أحب النُسك والتوحد، الأنبا متاؤس الفاخوري، ليغفر لنا خطايانا.



ذكصولوجية القديس الأنبا متاؤس الفاخوري

Mary Naeem 15 - 12 - 2024 04:12 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173418602359011.jpg




+ أنتَ تُشبه الجبل، الرَّاسخ في إيمانك، الأعظم من حَبَّة الخَردل، يا أنبا أبرام السُرياني.
+ لأن جبل المُقَطَّم، تحرّك بصلواتك، وصلاة سمعان الخراز، حتى ظهرت الشمس تحته.
+ هذا الجبل قد انتقل، بقوة كيرياليسون، حسب كلام العذراء، القائلة بما سوف تفعله.
+ انتقل أيضاً بمراحم، ربنا يسوع المسيح، ومِن قِبَل أصوم، وصلوات الشعب.
+ وهكذا كَمُلَ، كلام المسيح، وأُعْلِنَ للعالم كله، إيماننا الحقيقي العظيم.
+ أيها الغني في الحكمة، والفضائل الإنجيلية، أكثر بكثير جداً، من غِناك في الأموال.
+ تلك التي وزعتها كلها، على الفقراء والمحتاجين، مكتفياً لك بالقليل، وشيدتَ أيضاً كنائس.
+ اهتممتَ بشعبك، معلماً كل نفس، جعلتهم يتركون خطاياهم الدَّنِسة، عائشين بمخافة الله.
+ اطلب من الرب عنّا، أيها العظيم في البطاركة، أنبا أبرام السرياني، ليغفر لنا خطايانا.

ذكصولوجية البابا أبرآم بن زرعة البطريرك الـ 62

Mary Naeem 16 - 12 - 2024 12:19 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173435149123541.jpg




أبطال داود ونصراتهم
(2صم23: 8-39؛ 2أخ11: 10-47)

نحن نعيش في آخر لحظات الأيام الأخيرة، التي تشبه كثيرًا أيام فشل شاول الملك. ولأنه كلما ازداد الظلام، ظهر لمعان النجوم أكثر، لهذا أجد أن التأمل في أبطال داود الذين ظهرت بطولتهم أيام رفض داود، هو لتشجيعنا في هذه الأيام، لنكون أبطالاً نشهد عن الرب، مَعَ أَنَّ الله لَمْ يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلاَ شَاهِدٍ (أع 14: 17).

وسأقتصر حديثي الآن عن الأبطال الثلاثة الأول الذين لداود.

يُشَيْبَ بَشَّبَثُ التَّحْكَمُونِيُّ: «رَئِيسُ الثَّلاَثَةِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَمَانِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً» (2صم23: 8). كان رَئِيس الثَّلاَثَةِ. ومعني اسمه يجلس ليرجع الشعب بحكمة. وفيه نري القوة الإلهية الخارقة النابعة عن التكريس بعمل الروح القدس «لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ» (أع1: 8). وقوة الإنجيل تحيي ولا تُميت «لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ: لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ لِلْيُونَانِي» (رو1: 16)، فلقد هَزَّ بطرس رمح كلمة الإنجيل في يوم الخمسين، فَقَبِلُوا كَلاَمَهُ بِفَرَحٍ، وَاعْتَمَدُوا، وَانْضَمَّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ نَفْسٍ (أع2: 41).

أَلِعَازَارُ بْنُ دُودُو بْنِ أَخُوخِي: معنى اسمه الله معين، محبة أخوية. وهو «أَحَدُ الثَّلاَثَةِ الأَبْطَالِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ دَاوُدَ حِينَمَا عَيَّرُوا الْفِلِسْطِينِيِّينَ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا هُنَاكَ لِلْحَرْبِ وَصَعِدَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ. أَمَّا هُوَ فَأَقَامَ وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ حَتَّى كَلَّتْ يَدُهُ، وَلَصِقَتْ يَدُهُ بِالسَّيْفِ، وَصَنَعَ الرَّبُّ خَلاَصًا عَظِيمًا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَرَجَعَ الشَّعْبُ وَرَاءَهُ لِلنَّهْبِ فَقَطْ» (2صم23: 10). «هُوَ كَانَ مَعَ دَاوُدَ فِي فَسَّ دَمِّيمَ وَقَدِ اجْتَمَعَ هُنَاكَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ لِلْحَرْبِ. وَكَانَتْ قِطْعَةُ الْحَقْلِ مَمْلُوءَةً شَعِيرًا، فَهَرَبَ الشَّعْبُ مِنْ أَمَامِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَوَقَفُوا فِي وَسَطِ الْقِطْعَةِ وَأَنْقَذُوهَا، وَضَرَبُوا الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَخَلَّصَ الرَّبُّ خَلاَصًا عَظِيمًا» (1أخ11: 13)، وفيه نري الأمانة الفردية والمحبة الأخوية بالرغم من:

1-
صغر المسؤولية: يدافع عن حَقْلِ مَمْلُوء شَعِيرًا. فليس المهم حنطة أم شعير، المهم الأمانة في القليل كما في الكثير (مت25: 21).

2-
هروب الأغلبية: هَرَبَ الشَّعْبُ، ولكن بأمانته وبالمحبة الأخوية رجع الشعب وراءه للنهب فقط ”وأما أنت“ (2تي3: 10، 14).

3-الضعفات البشرية: «كَلَّتْ يَدُهُ». في ضعفاتنا علينا أن نعتمد علي وعد الرب: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ. فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ» (2كو12: 9).

4-
الجراح الحربية: «وَلَصِقَتْ يَدُهُ بِالسَّيْفِ»، فمهما بدا وكأنّ الشيطان يحقِّق انتصارات جزئية، فإن ثقتنا وشعارنا: «وَلكِنْ شُكْرًا ِللهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ» (2كو2: 14).

شَمَّةُ بْنُ أَجِي الْهَرَارِيُّ: ومعني اسمه خراب وشارد وجبلي. «فَاجْتَمَعَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ جَيْشًا، وَكَانَتْ هُنَاكَ قِطْعَةُ حَقْل مَمْلُوءةً عَدَسًا، فَهَرَبَ الشَّعْبُ مِنْ أَمَامِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. فَوَقَفَ فِي وَسَطِ الْقِطْعَةِ وَأَنْقَذَهَا، وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَصَنَعَ الرَّبُّ خَلاَصًا عَظِيمًا» (2صم23: 12). فيه نري البطولة والتكريس رغم الخراب والشرود والاهتمامات العالمية، فالعدس يرينا الشهوة التي باع عيسو لأجلها الباكورية (تك25: 34؛ عب12: 16).

بطولة الثلاثة الأول: بتتبعنا لما قيل عن هؤلاء الأبطال نرى الآتي:

1-
أَتَوْا فِي الْحَصَادِ: ولقد قال الرب: «أما تقولون إنه يكون أربعة أشهر ثم يأتي الحصاد؟ ها أن أقول لكم ارفعوا أعينكم وانظروا الحقول إنها قد ابيضَّت للحصاد» (يو4: 35-37؛ لو10: 2).

2-
إِلَى الصَّخْر: والرب هو الصخر(1كو10: 4). ومن يسمع كلامه ويعمل به يشبه رجلاً بنى بيته على الصخر (مت7: 24-27).

3-
سمعوا تأوه داود: «فَتَأَوَّهَ دَاوُدُ» وهذا يعني أنهم كانوا بالقرب منه. ليتنا نكون كيوحنا نتكئ علي صدر الرب لنسمع كلامه (يو21: 20)، ويكون صوته لنا مسموعًا أكثر من صوت العالم «اقتربوا إلي الله فيقترب إليكم» (يع4: 8).

4-
شقوا المحلة: «فَشَقَّ الأَبْطَالُ الثَّلاَثَةُ مَحَلَّةَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ» السرعة والقوة دون تردد في تنفيذ رغبة داود. لنحب الرب وننفذ وصاياه ونتمم رغباته (يو14: 21، 23).

5- أتوا بالماء إلي داود: «وَاسْتَقَوْا مَاءً مِنْ بِئْرِ بَيْتِ لَحْمٍ الَّتِي عِنْدَ الْبَابِ، وَحَمَلُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى دَاوُدَ»، وما زال الرب يسوع يقول: ”أعطني لأشرب“ (يو4: 7)، وطعامه أن تخلص النفوس (يو4: 34). فهل نقدِّم له ماء وهو الذي لأجلنا صرخ علي الصليب: ”أنا عطشان“ (يو19: 28).

6- عملوا معًا في تناغم: ما أحلي روح الفريق فهي تعبِّر عن الاتضاع والتكريس (أف4: 3؛ في 4: 2).

7-
خاطروا حتى الدم: «هذَا دَمُ الرِّجَالِ الَّذِينَ خَاطَرُوا بِأَنْفُسِهِمْ. فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَشْرَبَهُ». المخاطرة بالنفس أرقي أنواع الحب والتضحية، كأبفرودتس (في2: 30)، وبولس (2كو11: 23-31؛ أع20: 24؛ 21: 13، 14؛ رو8: 35-39).




Mary Naeem 16 - 12 - 2024 12:22 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173435149123541.jpg




يُشَيْبَ بَشَّبَثُ التَّحْكَمُونِيُّ


«رَئِيسُ الثَّلاَثَةِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَمَانِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً»
(2صم23: 8).
كان رَئِيس الثَّلاَثَةِ. ومعني اسمه يجلس ليرجع الشعب بحكمة.
وفيه نري القوة الإلهية الخارقة النابعة عن التكريس بعمل الروح القدس «لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ» (أع1: 8).
وقوة الإنجيل تحيي ولا تُميت «لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ: لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ لِلْيُونَانِي» (رو1: 16)، فلقد هَزَّ بطرس رمح كلمة الإنجيل في يوم الخمسين، فَقَبِلُوا كَلاَمَهُ بِفَرَحٍ، وَاعْتَمَدُوا، وَانْضَمَّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ نَفْسٍ (أع2: 41).

Mary Naeem 16 - 12 - 2024 12:23 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173435149123541.jpg




أَلِعَازَارُ بْنُ دُودُو بْنِ أَخُوخِي


معنى اسمه الله معين، محبة أخوية. وهو «أَحَدُ الثَّلاَثَةِ الأَبْطَالِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ دَاوُدَ حِينَمَا عَيَّرُوا الْفِلِسْطِينِيِّينَ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا هُنَاكَ لِلْحَرْبِ وَصَعِدَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ. أَمَّا هُوَ فَأَقَامَ وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ حَتَّى كَلَّتْ يَدُهُ، وَلَصِقَتْ يَدُهُ بِالسَّيْفِ، وَصَنَعَ الرَّبُّ خَلاَصًا عَظِيمًا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَرَجَعَ الشَّعْبُ وَرَاءَهُ لِلنَّهْبِ فَقَطْ» (2صم23: 10). «هُوَ كَانَ مَعَ دَاوُدَ فِي فَسَّ دَمِّيمَ وَقَدِ اجْتَمَعَ هُنَاكَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ لِلْحَرْبِ. وَكَانَتْ قِطْعَةُ الْحَقْلِ مَمْلُوءَةً شَعِيرًا، فَهَرَبَ الشَّعْبُ مِنْ أَمَامِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَوَقَفُوا فِي وَسَطِ الْقِطْعَةِ وَأَنْقَذُوهَا، وَضَرَبُوا الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَخَلَّصَ الرَّبُّ خَلاَصًا عَظِيمًا» (1أخ11: 13)، وفيه نري الأمانة الفردية والمحبة الأخوية بالرغم من:

1-صغر المسؤولية: يدافع عن حَقْلِ مَمْلُوء شَعِيرًا. فليس المهم حنطة أم شعير، المهم الأمانة في القليل كما في الكثير (مت25: 21).

2-هروب الأغلبية: هَرَبَ الشَّعْبُ، ولكن بأمانته وبالمحبة الأخوية رجع الشعب وراءه للنهب فقط ”وأما أنت“ (2تي3: 10، 14).

3-الضعفات البشرية: «كَلَّتْ يَدُهُ». في ضعفاتنا علينا أن نعتمد علي وعد الرب: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ. فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ» (2كو12: 9).

4-الجراح الحربية: «وَلَصِقَتْ يَدُهُ بِالسَّيْفِ»، فمهما بدا وكأنّ الشيطان يحقِّق انتصارات جزئية، فإن ثقتنا وشعارنا: «وَلكِنْ شُكْرًا ِللهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ» (2كو2: 14).

Mary Naeem 16 - 12 - 2024 12:24 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173435149123541.jpg




شَمَّةُ بْنُ أَجِي الْهَرَارِيُّ


ومعني اسمه خراب وشارد وجبلي. «فَاجْتَمَعَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ جَيْشًا، وَكَانَتْ هُنَاكَ قِطْعَةُ حَقْل مَمْلُوءةً عَدَسًا، فَهَرَبَ الشَّعْبُ مِنْ أَمَامِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. فَوَقَفَ فِي وَسَطِ الْقِطْعَةِ وَأَنْقَذَهَا، وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَصَنَعَ الرَّبُّ خَلاَصًا عَظِيمًا» (2صم23: 12).
فيه نري البطولة والتكريس رغم الخراب والشرود والاهتمامات العالمية، فالعدس يرينا الشهوة التي باع عيسو لأجلها الباكورية (تك25: 34؛ عب12: 16).

Mary Naeem 16 - 12 - 2024 12:27 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173435149123541.jpg




يُشَيْبَ بَشَّبَثُ التَّحْكَمُونِيُّ
أَلِعَازَارُ بْنُ دُودُو بْنِ أَخُوخِي
شَمَّةُ بْنُ أَجِي الْهَرَارِيُّ


ما فعلوه هؤلاء الأبطال لداود النبي نرى الآتي:

1- أَتَوْا فِي الْحَصَادِ: ولقد قال الرب: «أما تقولون إنه يكون أربعة أشهر ثم يأتي الحصاد؟ ها أن أقول لكم ارفعوا أعينكم وانظروا الحقول إنها قد ابيضَّت للحصاد» (يو4: 35-37؛ لو10: 2).

2- إِلَى الصَّخْر: والرب هو الصخر(1كو10: 4). ومن يسمع كلامه ويعمل به يشبه رجلاً بنى بيته على الصخر (مت7: 24-27).

3- سمعوا تأوه داود: «فَتَأَوَّهَ دَاوُدُ» وهذا يعني أنهم كانوا بالقرب منه. ليتنا نكون كيوحنا نتكئ علي صدر الرب لنسمع كلامه (يو21: 20)، ويكون صوته لنا مسموعًا أكثر من صوت العالم «اقتربوا إلي الله فيقترب إليكم» (يع4: 8).

4- شقوا المحلة: «فَشَقَّ الأَبْطَالُ الثَّلاَثَةُ مَحَلَّةَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ» السرعة والقوة دون تردد في تنفيذ رغبة داود. لنحب الرب وننفذ وصاياه ونتمم رغباته (يو14: 21، 23).

5- أتوا بالماء إلي داود: «وَاسْتَقَوْا مَاءً مِنْ بِئْرِ بَيْتِ لَحْمٍ الَّتِي عِنْدَ الْبَابِ، وَحَمَلُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى دَاوُدَ»، وما زال الرب يسوع يقول: ”أعطني لأشرب“ (يو4: 7)، وطعامه أن تخلص النفوس (يو4: 34). فهل نقدِّم له ماء وهو الذي لأجلنا صرخ علي الصليب: ”أنا عطشان“ (يو19: 28).

6- عملوا معًا في تناغم: ما أحلي روح الفريق فهي تعبِّر عن الاتضاع والتكريس (أف4: 3؛ في 4: 2).

7- خاطروا حتى الدم: «هذَا دَمُ الرِّجَالِ الَّذِينَ خَاطَرُوا بِأَنْفُسِهِمْ. فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَشْرَبَهُ». المخاطرة بالنفس أرقي أنواع الحب والتضحية، كأبفرودتس (في2: 30)، وبولس (2كو11: 23-31؛ أع20: 24؛ 21: 13، 14؛ رو8: 35-39).

Mary Naeem 16 - 12 - 2024 12:33 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/173435149123541.jpg




بطل مهزوم

«كَانَ الْمَوْتَى الَّذِينَ أَمَاتَهُمْ في مَوْتِه،
أَكْثَرَ مِنَ الَّذِينَ أَمَاتَهُمْ فِي حَيَاتِهِ»

(قض16: 30)

شمشون واحد من أبطال الإيمان(عب11: 32)، لكن كل من يقرأ قصته، سيجدها قصة مؤثرة حزينة عن شخص كانت عنده كلالمؤهلات والإمكانيات ليصنع أعظم الانتصارات لحساب الله وشعبه، لكنه للأسف كان مهزومًا من شهواته فدمر حياته (قض13-16). فدعونا نأخذ لأنفسنا بعض العبر من قصته:

أولاً: الانتصارات لا تعتمد على كثرة الإمكانيات والمؤهلات:

لقد تمتع شمشون بإمكانيات خاصة لم يحصل عليها الكثيرون، حتى من القضاة الآخرين الذين استخدمهم الرب لخلاص شعبه خلال نفس الحقبة. فلقد اختاره الرب مِن قبل أن يتكون في بطن أمه، ليكون الأداة التي يستخدمها في خلاص شعبه من الفلسطينيين. ولقد ميّزه الرب بأبوين تقيين ربياه ليكون نذيرًا لله من البطن، بحسب قول ملاك الرب عنه. ولقد أكرمه الرب بإمكانيات جسدية جبارة فوق إمكانيات البشر، حتى لم يستطع أحد أن يقف أمامه، طالما لم يعلو شعره موسى. لكنه - على الرغم من كل هذه الإمكانيات - لم يحقِّق الكثير من الانتصارات لصالح شعب الله، فلقد ترك شعب الله يعاني العبودية من الفلسطينيين، وذهب هو ليشبع شهواته مع الفلسطينيات.

من ناحية أخرى، فإن الكتاب المقدس كله، ولا سيما سفر القضاة نفسه، يمتلئ بالقصص التي ظهر فيها أشخاص قليل والإمكانيات أو حتى بدون إمكانيات، لكنهم حققوا أروع الانتصارات لحساب شعب الله، بالاتكال على الله فقط.

دعونا إذنلا نتعلل بقلة الإمكانيات إن كانت قليلة، ولنذكر ما قاله ملاك الرب لجدعون: «اذْهَبْ بِقُّوَتِكَ هَذِهِ وَخَلِّصْ إِسْرَائِيلَ» (قض6: 14). ومن الناحية الأخرى دعونا لا نتكل على كثرة الإمكانيات إن كانت كثيرة كقول الكتاب: «لَنْ يَخْلُصَ الْمَلِكُ بِكَثْرَةِ الْجَيْشِ. الْجَبَّارُ لاَ يُنْقَذُ بِعِظَمِ الْقُوَّةِ. بَاطِلٌ هُوَ الْفَرَسُ لأَجْلِ الْخَلاَصِ، وَبِشِدَّةِ قُوَّتِهِ لاَ يُنَجِّي» (مز33:16، 17).

ثانيًا: لم يضبط نفسه فدمَّر حياته

التاريخ المقدس عندما يسرد علينا قصة شمشون لا يُظهر لنا جوانب ضعف كثيرة، لكنه يُظهر علةًواحدةً كانت سببًا في كل مشاهد الانكسار والهزيمة في حياته؛ هذه العلة هي عدم ضبطالنفس. ولأنه أصر على أن يكمل بنفس الطريقة دون أن يتعلم الدرس ويتوب، لذلك كان عليه أن يتذوق المرارة في نهاية هذا الطريق. وهكذا كانت مشاهد النهاية في حياته مليئة بالذل والعار. وقصته تُقدِّم شهادة صارخة لكل إنسان لا يضبط نفسه أمام شهواته وغرائزه الجنسية، فهذه الخطية بالذات لها نتائج مدمرة. ويا ليتنا نتحذر!

فمع كونه نذيرًا لله من البطن، والمُقام من الله لكي يخلص إسرائيل من يد الفلسطينيين، ذهب ليتزوج من امرأة في تِمْنَة من بنات الفلسطينيين لأنها حسنت في عينيه. ثم ذهب إلى غزة ورأى هناك امرأة زانية فدخل إليها. وكان بعد ذلك أنه أحب امرأة في وادي سورق اسمها دليلة ويبدو أنه عاش معها!

ثم إنه ما كان يستطيع أنيضبط نفسه ويكتم سره عندما يتعرض للمضايقة، مهما كان هذا السر خطيرًا. وقد فعل هذا الأمر مرتين: مرة عندما كشف سر لغزه لزوجته امرأة تِمْنَة لأنها بكت لديه سبعة أيام وضايقته، ومرة أخرى تحت تأثير مضايقة دليلة له بكلامها كل يوم وإلحاحها عليه. ويخبرنا الكتاب أن نفسه ضاقت إلى الموت، فكشف لها كل قلبه وأخبرها بسرقوته. كان يفقد سيطرته على نفسه عندمايتضايق. ويا له من درس عظيم لنا! إننا نحتاج أن نتعلم أن نضبط أنفسنا في كل وقت،ولا سيما عندما نقع تحت ضيق أو ضغط.

إن انسياقه وراء شهواته حرمه من القدرة علىتمييز الأمور وتقييمها بشكل صحيح. فلميستطع أن يكتشف أن امرأة تِمْنَة تطلب الحل لتخبر به شعبها. ولم يقدر أن يُميّز أن دليلة تطلب سره لأنهاتريد إذلاله، على الرغم من أنها قالت هذا صراحة، وحاولت فعلاً أكثر من مرة. فيا للغباء! يا ليتنا نتحذر ونفهم أن عدم ضبط النفس يؤدي إلى التصرف بغباء وجهل.

ثالثًا: أراد الله أن يستخدمه لخلاص شعبه، لكنه عاش ومات وحارب لأجل نفسه

لقد قالعنه ملاك الرب قبل أن يتكون في بطن أمه: «وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ» (قض13: 5). وقد زوَّده الرب بإمكانيات خاصة لكي يستخدمها في هذا الغرض المبارك. لكننا للأسف لانقرأ عن هذا الاستخدام إلا في مواقف قليلة جدًا، وباقي الحياة قُضيت في إشباع شهواته. فيا لضياع الحياة!

أما عنقوته الخاصة فلقد استخدمها ليس لأجل حروب شعب الله، لكن لأجل تأمين نفسه فيالمواقف المختلفة التي تعرض لها بسبب شهواته. ففي كل مرة حارب وضرب الفلسطينيين أو دمر أملاكهم، كان ذلك انتقامًا لنفسه. وحتى في مشهد موته عندما طلب القوة مرة أخيرةليقضي على الفلسطينيين، كان ذلك لكي ينتقم منهم بسبب عينيه. فلقد عاش ومات وحارب لأجل نفسه، وليس لأجل اللهوشعب الله.

من ناحية أخرى: لقد تحقق كلام ملاك الرب عنشمشون: «وهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ»(قض13: 5)؛ فكثيراً ما ضربهم، ويقول الوحي: «كَانَ الْمَوْتَى الَّذِينَ أَمَاتَهُمْ في مَوْتِه، أَكْثَرَ مِنَالَّذِينَ أَمَاتَهُمْ فِي حَيَاتِهِ» (قض16:30). ويا لها من عبارة تحمل معها الكثير،فهو كان مفيدًا في تحقيق قصد الله للقضاء على الفلسطينيين بموته، أكثر من كلحياته.

لقد تحقَّق قصد الله الصالح من نحو شعبهبواسطة شمشون، لكن ذلك لم يحدث بسبب محبة شمشون للرب، وانشغاله بشعب الرب، لكنهللأسف كان يضرب الفلسطينيين لأجل نفسه، وكان الله يستخدم ذلك ليخلِّص شعبه مُحقّقًا قصده. لقد خسر شمشون حياته وفقد فرصة أن يكون في شركة مع الله لتحقيق مقاصده، لكن الله حقَّق غرضه.

رابعًا: هزيمته في حروبه الشخصية ضد نفسه، كانت سبب إهانة لله

لم يتمجَّد الله في حياته بشكل إيجابي إلا في مواقف قليلة، بل بالعكس فهناك الكثير من المواقف التي أُهين الله فيها في حياةشمشون بشكل سلبي. لقد أُهين الله جدًا فيكل مرة انساق نذير الله وراء شهواته. أليس مهينًا لله أن يذهب نذير الله ليبيت عند امرأة زانية، أو لينام على ركبتي دليلة؟! كذلك لقد أُهين الله عندما أسره الفلسطينيون بسبب انسياقه وراء شهواته فذبحوا ذبيحة عظيمة لداجون إلههم ليمجدوه فرحين بأنه قد دفع لهم شمشون عدوهم. ويا للعارعندما يكون نذير الله سببًا في تمجيد داجون إله الفلسطينيين!

بالإجمال لقد كانت حياته تعبيرًا واضحًا عن صدق ما قاله الحكيم: «مَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْيَأْخُذُ مَدِينَةً» (أم16: 32). وأيضًا «مَدِينَةٌ مُنْهَدِمَةٌ بِلاَ سُورٍ، الرَّجُلُ الَّذِي لَيْسَ لَهُسُلْطَانٌ عَلَى رُوحِهِ» (أم25: 28).



الساعة الآن 02:59 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025