![]() |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الإنتقام ! لا انتقام في المسيحية. المسيحي لا ينتقم لنفسه. لذا قيل : "لا تنتقموا لأنفسكم" (رو 12: 19). "لي الانتقام أنا أُجازي يقول الربّ" (عب 10: 30). الله ينتقم؟! أجل! لكنَّ انتقام الله غيرُ انتقام الناس. الناس ينتقمون عن حقد. أما الله فلا ينتقم كذلك. لا أثر فيه للحقد. الله محبّة.. كلّه محبّة. لذا انتقامه انتقام محبّة. كيف يمكن أن يكون ذلك والانتقام والمحبّة، في خبرتنا، ضدّان؟ الواقع الواقع أنّ المحبّة هي انتقام المحبّ ممن يريد له شرّاً. لا بل المحبّة أقسى أنواع الانتقام. ولا أقسى! ليس لأنّ المحبّ يشاء بالمحبّة انتقاماً. المحبّ يشاء بالمحبّة محبّة. لكن موقف المعاند في الإثم يجعل المحبّة التي تقابله انتقاماً. تصير له أشدّ من انتقام، ولا أوجع! الإصرار على المحبّة، رغم كل شيء، يفضي بمَن يصرّ على الإثم إلى نوع من جحيم. هذا ما عبّر عنه بولس الرسول بقوله: "إن جاع عدوّك فأطعمه. وإن عطش فاسقه.لأنّك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه" (رو 12: 20 ? 21). لماذا تأخذ الأمور هذا المنحى؟ لأنّ الشرّير بحاجة لأن تواجهه بالشرّ ليكون مبرَّراً في شرّه. فإذا ما واجهته بالخير عرّيته، كشفته، خزيته. هذا يغيظه، يقضّ مضجعه، يضنيه، يحرقه. يحرقه كيانياً! فلأنّ الإنسان قلب تحرقه المحبّة إن كان آثماً معانداً. لا شيء، والحال هذه، يعطيه بعض الراحة الكذوب سوى أن يواجَه شرُّه بشرّ مثله أنت إن قابلتَ الشرّ بالشرّ تعطي الشرّير غبطة فاسدة مصحوبة بالبر الذاتي والزهو والشماتة. لا شيء جعل المسيحية تقوى على الوثنية، في وقت من الأوقات، سوى مواجهة الشرّ الواقع على المسيحيّين بالمحبّة. هذه كانت القذيفة الإشعاعية التي زعزعت كيان الأمبراطورية الرومانية وحوّلتها إلى المسيحيّة. ولا شيء يجعل المسيحيّين يتقهقرون أكثر من مواجهة الشرّ بالشرّ لأنّهم إذ ذاك، يصيرون من معدن هذا العالم. لا شيء أذى المسيحية، في التاريخ، أكثر من الأمبراطوريات المسمّاة مسيحية، خصوصاً الحملات الصليبية لأنّها واجهت الشرّ بالشرّ. والقول الإلهي هو: "مَن يأخذ بالسيف بالسيف يؤخَذ". "لا يغلبنّك الشرّ بل أغلب الشرّ بالخير" (رو 12: 21). على أنّ ما يضير المسيحيّين أكثر ما يكون أن يموّهوا روح الانتقام فيهم. الأمر الذي يجعلهم يظنّون أنّهم يصنعون حسناً وهم يرتكبون إثماً. مثلاً تقول، أحياناً، لمَن يغيظك أو يسيء إليك: "الله يسامحك!" هذا تقوله بلسانك. في قلبك تقول شيئاً آخر: "لعنة الله عليك!" أو "ينتقم الله منك!" تقول خيراً وتقصد شرّاً. هذا يعطيك شعوراً بأنّك مبرّر لأنّك تستعين بقوالب كلامية إيمانية المظهر. لكنّك، في الحقيقة، تكفر بالله وتسخّر مسيحه لخدمة هواك. وقد تعطي الانتقام تسمية على غير مسمّى. تدّعي أنّك تؤدّب فلاناً ليتعلّم. ولكن لا هكذا يكون التأديب. "ليؤدّبني الصدّيق برحمة ويوبّخني...". هل تؤدّب برحمة؟ هل حشاك يتلظّى محبّة؟ أم يصرخ فيه هياج الانتقام؟ حين لا يكون ما في قلبك نقياً فإن الواقف مقابلك يحسّ بأنّك تنتقم منه ربما لكرامتك أو لمصلحة لديك أو لرأي لا يماشيك فيه. ماذا تراه يكون ردّ فعله والحال هذه؟ إذا كنت في موقع القوّة وكان هو في موقع الضعف فأنت تضغط على ضميره لكي يرضخ ويذعن ويعطيك الانطباع بأنّه مطيعك. وما يطيعك بل يكذبك. يحتقرك ويرائيك في آن. والقول المعبِّر في هذا الشأن هو هذا: "اليد التي لا تستطيع كسرها قبّلها وادعُ عليها بالكسر!" أنت، إذ ذاك، تستغلّ ضعفه. تفسده وتدفعه إلى فعل ما ليس من قناعته وإلى قول ما ليس من حرّيته. وهذا، بالضبط، من عمل الشرّير. الشرّير يعطيك ما ترغب فيه نفسك إذلالاً لك، لكنّه يطالبك بشيء واحد فقط: أن تتخلّى عن استقامة ضميرك في المسيح! يعلّمك الكذب إن كنت تريد أن تأكل خبزاً! الشهداء كانوا مستعدّين لأن يموتوا ولا يخالفون ضميرهم في المسيح.قالوا لهم: قدّموا الذبائح تنجوا فأبَوا. قالوا: صَرِّحوا أنّه سبق لكم أن قدّمتم الذبائح ولو لم تقدّموها نقبلْكم فامتنعوا. همّهم كان سلامة النيّة أولاً. لذا ليس ما تقوله وما تفعله هو ما يؤخذ عليك بل بالأولى ما تضعه في قلبك. لا الظاهر هو المهم ولا التبرير. المهم ما تقتنيه في حشاك. النجس كذّاب دائماً. حتى حين يقول الحقّ يقوله كذباً لأنّ قصده غير نقي. لذلك احرص أن يكون تصرّفك بنقاوة قلب. انظر إلى أعماقك أولاً. وإلاّ، شئت أم أبيت، كنت صاحياً أم غير صاح، ما يخرج من حشاك يكون سالباً ويؤذيك ويؤذي غيرك وأنت لا تدري. إذا كانت الكلمة قوّة فنيّة القلب قوّة أكبر. قد تتسبّب بتدهور سيارة إن نويت شرّاً بصاحبها. قد يمرض بسبب حسدك وقد يموت. القلب يطلق طاقات موجبة إن كان محبّاً وطاقات سالبة إن كان نجساً. هذه تؤثّر في العالم من حولك. سلبيتك تؤثّر في الأزاهير، في الأشجار، في الحيوانات. موضوع العين الحاسدة يستسخفه العديدون ولكنّه حقيقة. القدّيسون أنفسهم يتحدّثون عن أثر العين الحاسدة. هذه قادرة أن تصيب بالمرض، أن تقتل. كلام الكثير من العامة على العين الحاسدة ليس من دون مقابل. من هنا أهمية حفظ الحشا في الإنسان نقياً. الكثير من الخير في الدنيا مردّه المحبّة التي يكتنزها العديدون من الذين يحبّون الله. والكثير من الشرّ مردّه سلبية الناس وحسدهم وأنانياتهم وكذبهم وروح الزنى والإلغاء فيهم. في الدينونة العامة لا يجلس الله كقاضٍ بإزاء البشرية ولا يلقي أحداً في العذاب. بل الذين قبلوا محبّته يكونون في الفردوس والذين لم يقبلوها يكونون في الجحيم. المحبّة عينها تكون لأولئك حياة وفرحاً ولهؤلاء موتاً وعذاباً. ليس الهلاك الأبدي من خلق الله بل هو ثمرة ما زرعه الآثمون. مَن يتغذّون من محبّة الله لهم حياة أبدية ومَن أحشاؤهم فارغة من محبّة الله لهم هلاك أبدي. هذا كلّه نحيا فيه منذ الآن. نختبره منذ الآن. هذا انتقام المحبّة. أما الله فمنزّه عن كل عيب. وكذا قدّيسوه على مثاله. المسير، لمَن يحبّون بعناد، هو من فردوس إلى فردوس إلى الفردوس، ولمَن يأثمون بعناد من جحيم إلى جحيم إلى الجحيم! |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
العادة الشبابية سمى هكذا لأنها ترتبط بفترة المراهقة والشباب لذلك فهي خطية المرحلة .. ولا داعي للقلق الزائد تجاهها فإنها سريعا ما تختفي حالما ينضج الإنسان وتصبح له صداقات متسعة واعية، ويبدأ في استثمار وقته بشكل جيد. إلاّ في حالات خاصة حين تتحوّل إلى إدمان وتأخذ شكلاً مَرَضِياً، بل ويمكن أن تستمر إلى ما بعد الزواج !!.. إن الخطايا الخاصة بالشهوة الرديئة تسمّى خطايا العزلة فطاقة الحب الموجودة في الإنسان إمّا تتجه بشكل صحي نحو الآخرين (وتسمّى في هذه الحالة طاقة انطلاقية بناءة)، وإمّا تتسرّب إلى الداخل فتمثّل عبئاً على الشخص (وتسمّى في هذه الحالة طاقة انطوائية هدامة). أسبابها: تأتي هذه الخطية كتنفيس عن كبت داخلي جاء نتيجة إثارة، فالحواس تصطاد خلال النهار ما بين المشاهد والسماعات، غير أنه هناك فرق بين من يسمع ومن يتسمع (السعى إلى السماع) مثل الفرق بين الذى ينظر بشكل عابر ومن يسترق النظر (يسرق النظر) وهكذا الفرق بين النظرة البسيطة العابرة والنظرة الثاقبة الفاحصة.. المشهد الذى تراه بشكل عابر، سريعاً ما يتلاشى بعكس المنظر الذى تشخص فيه فإنه يتثبت فى ذهنك ويصعب التخلص منه مثل هذا الرصيد من المشاهد والسماعات يستغله الشيطان لا سيّما فى أوقات الفراغ والملل ويسحب منه، يشترك الخيال مع الغريزة فينتج عنها السقطة.. إذاً يمكن انتهاج منهجاً ثلاثياً فى هذا الإطار: 1- ألا تسعى للخطية: أى لا تجلب الحرب على نفسك، فأنت تعرف ما هو ضار وما هو مؤذٍ.. والقنوات التى تتدفق أو تتسرب منها الخطية... ويمكنك إذاً سدها. 2- ألا تستسلم لها: فمتى هاجمتك هذه الخطيّة قاومها قدر استطاعتك، على أن هناك درجات فى المقاومة.. فالبعض يجاهد حتى العرق، والبعض الآخر حتى الدموع، وقليلون يجاهدون حتى الدم (مثل الشهداء).. لذلك يعاتب القديس بولس المؤمنين قائلاً " لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية " (عب 4:12). عند هذا الحد لن يلام أحد إذا سقط ما دام يرفض الخطية ولم يسعَ لها ولم يستسلم أيضاً. 3- ألا تيأس متى سقطت : فالشيطان لا يهمه سوى أن تيأس.. لا تهمه خطية بذاتها يسعى ليسقطك فيها ولكنه يركز جيداً على تلك التى تفقدك رجاءك... فلا تيأس " لا تشمتي بي يا عدوتي إذا سقطت أقوم إذا جلست في الظلمة فالرب نور لي (ميخا 7 : 8). حقيقى أن هذه الخطية لا تسبب الجنون أو تفقد الذكاء والذاكرة وتؤثر على النظر ولا تمنع الإنجاب كما يهول البعض منها، ولكنها تضعف الجسم بشكل عام، وتضعنا تحت الدينونة لأن الله لم يخلق فينا الجنس لهذا الاستخدام الردىء، ولكن له دوره فى الوقت المناسب كتعبيرعن الحب ولانجاب البنين وتكوين الاسرة وإذا شعر شخص ما أن يقظة الجنس فى وقت سابق للزواج هو نوع من المعاناة - التى هو فى غنى عنها- قلنا أن ممارسة الرياضة ومساعدة الآخرين والخدمة والأنشطة كل هذا فيه توجيه للطاقة بعكس شخص آخر يعاني من الانطواء على نفسه والأنانية والتى تدفعه إلى ممارسة لذة رديئة تقوده لمزيد من الفراغ والجوع فى دائرة لا تنتهى.. ولاشك أن حصن أى شاب أو فتاه هو الطهارة.. فإذا سلم نفسه للأهواء الرديئة فَقَدَ سرّ قوته وأصبح بلا مقاومة ودنّس هيكله.. وأحزن الروح الذى يسكن فيه وأطفأه.. "لاتطفأوا الروح" (1تس 19:5) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صغر النفس بينما يحارب الشيطان الصغار والضعفاء بالتأجيل فإنه يحارب الأقوياء والمتميزون بصغر النفس وهكذا يمكن أن يصطاد الضعفاء كما يصطاد الصياد السمك الصغير بشبكته، في حين يقف بالأيام قدام سمكة كبيرة !. وصغر النفس هو العلاج الشيطاني الناجح مع العظماء... ويسمونه الحرب الباردة.. فالصخرة الجبارة التي لا تتأثر بالديناميت أو الصواريخ، تستطيع نقطة مياه مستمرة فوقها أن تشطرها إلى نصفين والإناء الممتليء عن آخره لا تغلبه اللطمة المفاجئة بينما الضغط المتوالي بأصغر الأصابع يمكن أن يهزمه ويلقيه أرضاً. والشيطان _ وهو خبير بالنفس البشرية_ يعرف كيف يحاصر الأقوياء نفسياً ? إذا لم يكونوا متيقظين ? وذلك عن طريق الإلحاح اللزج البطيء والمستمر شريطة ألاّ يشعر بأنه مستهدف من الشيطان، وبذلك يضعف قليلاً قليلا، بل إن إحدى الطرق الشيطانية التي استنبطها اليونانيون في الانتحار هي تصفية دم الانسان قطرة قطرة من خلال قطع شريان صغير في اليد فينزف قليلاً قليلاً ويضعف ويهبط ضغط دمه ثم يدخل في غيبوبة حتى يفقد الحياة. بل لعلكم قرأتم عن الاختبار الذي اجري على شخص محكوم عليه بالموت، كيف أغمضوا عينيه وأوهموه أنهم قطعوا شريان يده وأن دمه ينزف قليلا قليلا وأخبروه أن لترين قد سالا وبعد قليل أوهموه أنه فقد أربعة لترات .. وبدأ الرجل في أن يضعف ويصفرّ لونه ولما أوهموه الشخص بانه لم يتبق من دمه إلاّ لتر واحد دخل في غيبوبة ثم ما لبث أن مات !! والحقيقة أنهم لم يفعلوا سوى "شكة" ضعيفة بابرة، ولكن الوهم قتل الرجل !!. هذا هو الحال الآن مع الكثير من الطلبة، لا سيّما طلبة الثانوية العامة، فقد بدأ بعضهم دروسه في الصيف الماضي.. وامتدت الرحلة حتى الآن، ولم يخل يوماً من الدروس، وفي الأشهر الأخيرة يقضون اليوم ما بين الدروس والامتحانات الدورية، ورغم تفوقهم إلاّ أن تلك الآفة البغيضة _ صغر النفس _ تبدأ في اقلاقهم هذه الأيام وتتردد داخلهم مشاعر الاحباط فيحدّثون أنفسهم: وماذا بعد .. وما الفائدة .. إن درجة واحدة تنقص كفيلة بأن تقصينا تلقينا من شريحة إلى ُاخرى، ويقارن نفسه بآخرين وُاخريات تعبن العام كله ولم يحققن الكلية التي أردنها مثلما قال التلاميذ للرب " يا معلم قد تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئا ولكن على كلمتك ألقي الشبكة " (لوقا 5 : 5). ويأتي هذا الفكر كلما نفص الطالب بضع درجات في امتحان عادي .. فيتوتّر ويوتر الذين حوله .. وقد ُيثنيه هذا الفكر عن مواصلة الاستذكار، فيميل إلى الأكل والنوم واللعب ! ولكن كل ذلك يكون ممزوجاً بكآبة بغيضة. لقد حدث مثل ذلك في أيام نحميا العظيم عندما كان منهمكاً في أعمال البناء والتعمير، وكان الأعداء يحيطون به مما جعله يأمر البنائين بأن يكون سلاح كل منهم في يده، بينما في اليد الأخرى أداة البناء. ولكن وأثناء هذا العمل الجبّار الذي اشترك فيه كل الشعب، إذا بالأعداء يسخرون قائلين: "ما يبنونه اذا صعد ثعلب فانه يهدم حجارة حائطهم (نحميا 4 : 3). كان يتنهد ويقول "اذكرني يا الهي و تراءف علي حسب كثرة رحمتك (13 : 22). ولكن إن كان كل المتميزون سينهزمون لهذا الفكر فمن الذي سيتفوّق !! إلاّ الذي يعي جيدا أنها مجرد حرب .. وملل وصغر نفس، وأن هذه المشاعر مرّ بها أكثر الطلبة .. ويبقى أن نعرف أنه مطلوب منا أن نتعب ونجتهد وليس المطلوب أن نحرز تفوقاً بعينه .. ومع ذلك فالذين يزرعون بالدموع يحصدون بالفرح .. والله ليس بظالم حتى ينسى تعبكم " لان الله ليس بظالم حتى ينسى عملكم وتعب المحبة"(عبرانيين 6: 10). بل أن سلامة الأعصاب وقوتها وهدوء الإنسان لها دور كبير في القدرة على التذكر واستعادة المعلومات. تشدد وتشجع وقل مع نحميا العظيم " أرجل مثلي يهرب" ؟!(نحميا 6 : 11) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما بين وصية المسيح وإمكانيات الإنسان الطبيعي كيف نعيش مسيحيين ونحيا بالوصية http://www.peregabriel.com/gm/albums...2678644151.gif في الحقيقة حينما يواجه الإنسان وصية الرب يسوع يجدها ثقيلة وفوق إمكانياته وغير منطقية من جهة التنفيذ العملي لها، وقد يراها أنها تضعه في موقف حرج مع الآخرين، فمثلاً وصية الرب لنا على المستوى الشخصي: [ أحبوا أعدائكم، باركوا لاعنيكم – أن جاع عدوك أطعمه وأن عطش فاسقه ]، هذه الوصية هي وصيه مُلزمة وليست وصية ثانوية يُترك تنفيذها أو عدم تنفيذها لحرية كل واحد، لأنها وصية الرب للجميع بلا استثناء، ولكن للأسف الكثيرين يحاولوا تفسيرها لتتناسب مع شخصيتهم وإنسانيتهم الطبيعية، لأن تنفيذ وصية المسيح الرب أمرٌ حقيقي شاق للغاية - فعلاً - على الإنسان الطبيعي، لذلك يستحيل وهيهات أن استطاع أن يُنفذها لأنه مكتوب: [ ولكن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يُحكم فيه روحياً ] (1كورنثوس 2: 14)... ولذلك نجد التفسيرات الغريبة، التي تحور الكلام لغرض الهروب من تنفيذ الوصية، وكل واحد يقول أصل الرب لا يقصد المعنى الحرفي، ولا يقصد هذا ويقصد ذاك... الخ، وهذا في الحقيقة هو هروب واضح ومباشر من حياة الوصية، لأن للأسف كل واحد ظن أن وصية الرب تأتي على مستوى الجسد وإمكانيات الإنسان وحسب مقدرة كل واحد، مع أن الوصية هي نفسها أتت في حرفيتها وليس لها أي معنى آخر أو تفسير آخر، سوى أحبوا أعدائكم فعلاً وحرفياً، ولا تحتاج لتأويل ولا تفسير ولا شرح، بل تحتاج لتنفيذ حقيقي وفي الواقع العملي المُعاش في كل العصور كما هي بدون تزيين ولا تحوير، أو يقال أن كل واحد ينفذها حسب إمكنياته، مع أن الوصية واضح أنها تريد Hن يتم تنفيذها كما هي بدون تقليل [ أحبوا أعدائكم ] يعني أحبوا فعلاً وعلى مستوى أنك تبذل نفسك من أجل عدوك وأن جاع تطعمه وأن عطش تسقه وأن كان عندك ضيفاً تكرمه بل وتصنع كما صنع الرب مع التلاميذ وتغسل قدميه أيضاً.... ولكن يا إخوتي يلزمنا أن نعرف على أي مستوى يتكلم الرب يسوع ويُعطي الوصية، لأن الرب لم يتكلم قط على مستوى الإنسان العادي الطبيعي، بل يُكلم الخليقة الجديدة، أي يوجه الكلام لمن آمن به وصار مولوداً من فوق، أي يُكلِّم الإنسان الذي ارتفع إلى المستوى الإلهي، هذا الإنسان الذي أصبح لابس الروح وحي بالمسيح، أي صار إيمانه حي عامل بالمحبة، ويحيا في حرية مجد أولاد الله، يعيش ابن في الابن الوحيد الذي استمد منه روح الوصية وقوتها لتصير مكتوبه في قلبه ظاهره في أعماله، لأن الابن يعبر عن أبيه على مستوى الحياة التي يحياها مع أبيه ويستمدها منه، لأن ابن الملك العظيم يحيا كأمير وكل حركاته وأعماله وتصرفاته التلقائية تُظهر طبيعة حياته وهويته الحقيقية، لأن المولد من فوق يعبر عن المكان الذي ينتمي إليه، فالسفير يعبر عن بلده ويظهر عظمتها: [ إذاً نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا، نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله ] (2كورنثوس 5: 20)... لذلك كل إنسان لم يحيا كمولود من الله في المسيح ولابس الروح، فليس باستطاعته أن يحيا الوصية كما قالها الرب يسوع، لذلك فهي تُعتبر - بالنسبة له - مُجرد سمو أخلاقي ولكنه صادم له، لذلك يحوِّر الوصية ويجعلها تخضع لمفهومه هو لكي تتناسب معه، ولا يستطيع أن يرتفع إليها أبداً وعلى الإطلاق، لذلك نجده غاضباً على الآخرين ولا يقدر أن يحترمهم قط، فهو لا يستطيع أن يُقدم محبة لأعدائه فعلاً، وهو في ذلك معذور كل العذر، لأنه لم يكن على مستوى الوصية لأن عنده جهالة كما قال الرسول ولا يقدر أن يقبل ما لروح الله ... فيا إخوتي، أولاً لا تصدقوا أحد يتكلم عن الوصية بمعنى آخر لا يتفق مع الإنجيل، وثانياً لا تحاولوا تنفيذ الوصية بدون المسيح الرب شخصياً الذي قال [ بدوني لا تقدروا أن تفعلوا شيئاً ]، لأن أن لم يعطينا الله بنفسه روح الوصية لن نقدر أن نحيا بها قط، لأن عملياً من هو الذي يستطيع أن يحب عدوه فعلاً، بل يموت من أجله حباً فيه، ومن هو الذي يستطيع أن يحترم فكره وحرية عقيدته ولا يهينه أو يسخر منه !!!! والإجابة [ لا يوجد ]، إلا لو كان هذا الشخص ليس بإنسان طبيعي !!!! أو من يستطيع أن يقبل كلام الرب يسوع عن حمل الصليب واحتمال المشقات والتخلي القلبي عن كل ما له، ويبيع حتى نفسه من أجل المسيح وشركة المحبة !!! يا إخوتي أن المسيحي الحقيقي ليس إنسان طبيعي، بل مولود من فوق، وأصبح شخص إلهي، فالمسيحي ليس هو دارس الكتب وعنده القدرة على محاورة الآخرين وإقناعهم، بل هو من يحيا الوصية كما هي لأنه لابس الروح، ولا يقدر أن يتكلم من نفسه ويفسر الوصية ويشرحها إلا بالروح القدس وحسب قصد الرب للتطبيق في واقع الحياة المُعاش، وليس للتحوير لتتناسب مع فكر الإنسان الجسدي الطبيعي، أو لكي يقنع بها الآخرين على مستواهم العقلي والفكري فينزل بالوصية لمستوى التراب، لكي يقنع بها الآخرين - عافية - ظناً منه أنه بذلك يحفظ كرامة المسيحي لئلا يقول أحد على المسيحيين أنهم سلبيين وعن ضعف يحبون أعدائهم، ويظن أنه يدافع عن الإنجيل والمسيحية، مع أنه بذلك يثبت أنه لم يكن على مستوى الوصية وليس له أي استعداد بأن يحيا بها إطلاقاً ويظهر حجج كثيرة للهروب منها.... لذلك كما أرى عند البعض في تفسيراتهم الدفاعية عن الكتاب المقدس، بأنه يحوِّر في الأحداث ويلف ويدور فيها لفة طويلة جداً لكي يوفقها لتتناسب مع أفكار الآخرين التي تخضع للفكر الإنساني الطبيعي، لأنه درس الكتاب المقدس في مقابل الشبهات للرد عليها ليُدافع عن الإنجيل، لذلك كثيراً ما لا يستقيم الشرح بالروح، ويصبح في إطار الفكر الإنساني المُقنع، وهيهات ان يُصبح ببرهان الروح والقوة، لأن حينما يفقد الإنسان روح الكتاب المقدس في سرّ برهان الروح والقوة، يُصبح الكلام فارغ من مضمون الروح وقصد الله، فيُقدم بصورة توفيقية تأويلية لتُناسب الدفاع عنه أمام الآخرين، والعجب أن كيف يُدافع عن كلمة الله وهي التي تُدافع عن نفسها بتحقيقها فينا، حينما ترفعنا لمستواها لنحيا بها، فنصير نحن أنفسنا شهادة حية عنها بالروح، أي نصير نحن أنفسنا إنجيل مقروء من الجميع، وعلى غير هذا المستوى فإننا لا نبشر بإنجيل المسيح بل بإنجيل آخر ووصية أخرى تتناسب مع فكرنا الإنساني بقناعة العقل المغلق على أسرار الروح، أي الذهن المُغلق الذي عليه برقع يحجب نور الله عنه [ بل أغلَّظت أذهانهم لأنه حتى اليوم ذلك البرقع نفسه عند قراءة العهد العتيق باقٍ غير منكشف الذي يُبطل في المسيح؟ لكن حتى اليوم حين يُقرأ موسى البرقع موضوع على قلبهم. ولكن عندما يرجع إلى الرب يُرفع البرقع ] (2كورنثوس 3: 14 - 16)...
[ وأنا لما أتيت إليكم أيها الإخوة أتيت ليس بسمو الكلام أو الحكمة مُنادياً لكم بشهادة الله. لأني لم أعزم أن أعرف شيئاً بينكم إلا يسوع المسيح وإياه مصلوباً. وأنا كنت عندكم في ضعف وخوف ورعدة كثيرة. وكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع بل ببرهان الروح والقوة. لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس بل بقوة الله. لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين ولكن بحكمة ليست من هذا الدهر ولا من عظماء هذا الدهر الذين يُبطلون. بل نتكلم بحكمة الله في سر الحكمة المكتومة التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا. التي لم يَعلمها أحد من عُظماء هذا الدهر لأن لو عرفوا لِمَا صلبوا رب المجد. بل كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع أُذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه. فأعلنه الله لنا نحن بروحه لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله. لأن مَنْ مِنَ الناس يعرف أمور الإنسان الا روح الإنسان الذي فيه، هكذا أيضاً أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله. ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله. التي نتكلم بها أيضاً لا بأقوال تُعلمها حكمة إنسانية بل بما يعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات. ولكن الانسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يُحكم فيه روحياً. وأما الروحي فيحكم في كل شيء وهو لا يُحكم فيه من أحد. لأنه من عرف فكر الرب فيعلمه وأما نحن فلنا فكر المسيح ] (1كورنثوس 1: 1 – 16)
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وصـايا الله العشر: لا تسرق http://www.peregabriel.com/gm/albums...normal__3B.jpgبقلم: الأب جورج دنكاية مقـدمة لا تسرق هي الوصية السابعة من الوصايا العشر. وهذه الوصية لها إطارها التاريخي والجغرافي والاجتماعي ولن أخوض فيه وإنما أترك كل هذه الأمور للمختصين فيها. إن الوصية السابعة التي تنهى عن السرقة ندّعي جميعاً بأننا قد تجاوزناها وكل منا بإمكانه أن يعتبر نفسه بريئاً من هذه التجربة. حتى أننا في حياتنا اليومية لا نسمع كثيراً عن حالات سرقة إلاّ القليل ( نسبة إلى عددنا وكثافة سكّان مدينتنا). أثناء دراستي الفلسفية واللاهوتية وحتى أثناء أعوام الاختصاص في العلوم التربوية لا أذكر أنني درست شيئاً عن الوصية السابعة. وإنما أذكر أني درست مادة كان عنوانها: دعوة إلى العدالة. الآباء اليسوعيون كانوا على حق لأن الوصية السابعة هي ظاهرة بسيطة لخطيئة وتجربة عميقة الجذور إلا وهي اللاعدالة. فإذا فكّرنا بسلوكنا العادل من الصعب أن نجد أنفسنا بعيدين من هذه التجربة التي من ظواهرها السرقة. إن حديثي لكم اقتبسته من مرجعين هما: "التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية" و"الكنيسة في أخلاقياتها".و هو محاولة بسيطة لإلقاء الأضواء على بعض المشاكل التي بدأنا نعاني منها ويبقى لكل واحد منكم أن يستنتج ما يخص الحالة التي يعالجها كمربّي في جمعية التعليم المسيحي. تعـاريف 1-التملك: عامة يعني العلاقة بين شيء وشخص. علاقة تسمح لصاحب الشيء أن يحتفظ به أو أن يغير من حالته أو أن يتلفه. مصادر المُلكية: 1-الوراثة: عن الأجداد والآباء. 2-الهبة: من شخص إلى شخص. 3-الشراء: مقابل مبلغ معين. 4-التبادل التجاري بين الأفراد. 5-الإنتاج: منتجات المصنع أو الأرض. ثلاث مسائل قانونية 1-قانونية الاستعمال 2-قانونية الثمار المنتجة. 3-الحق في تغيير وتشويه وتلف الشيء. 2-المُلكية في العالم الاقتصادي الحالي: ثمة تغيرات طرأت على الحالة الاقتصادية في العصور الأخيرة. آ-التغيرات الجغرافية... فلم تقتصر التجارة اليوم على التبادل بين منتجات الأرض ومنتجات المصنع في نفس البلد. بل نشأ سوق ونظام تجاري عالمي فيجب الانتباه إذاً إلى: آ-التجارة الخارجية العالمية. ب-النظام التجاري الواحد ( العولمة) ج-التغير الاقتصادي في بلد ما يؤثر على الدول الأخرى. ب-التغيرات التي طرأت على فكرة الملكية: فالملكية اليوم ليست أرضاً فقط أو سيارة بل هي شيء مجرد: حسابات في البنوك، أسهم في شركات عالمية... من نتائج هذه التغيرات نشأت الرغبة في امتلاك الأسهم، والحصص والحسابات في الخارج. والهدف المرجو هو زيادة الرأسمال. ج-تبادل الأدوار بين السلطة السياسية والسلطة الاقتصادية: فبينما كانت السلطة السياسية تنظم القوى الاقتصادية أصبحت هذه الأخيرة تتحكّم بالأولى. 3- من أشكال الملكية: مقتنيات استهلاكية ( الأكل، الملابس...) مقتنيات للاستعمال( الأثاث) الملكية العقارية (المنزل...) ملكية المال ( إدخارات مالية، حسابات)، ملكية غير مباشرة للأموال العامة، الملكية الفكرية، حقوق النشر المتعلقة بالأعمال العلمية أو بالمؤلفات الموسيقية أو الأدبية 4-لا تسرق: الوصية السابعةتنهى من: 1-أخذ مال القريب أو حفظه دون حق. 2-إلحاق الضرر بالقريب في أمواله بأي وجه من الوجوه. وهي تفرض: العدالة والمحبة في إدارة الأموال الأرضية وثمار عمل الناس. وتقتضي في سبيل الخير العام: 1-احترام كون الخيرات معدة للجميع. 2-احترام حق الملكية الخاصة. 3-الوصية السابعة في كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية (2401 ? 2463) يتكلم التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية في ست نقاط عن ما يخص ويرتبط بالوصية السابعة. فيتكلم عن: 1-الخيرات الأرضية والملكية الخاصة. 2-واجب الأشخاص في احترام بعضهم وأموال كل منهم. 3-عقيدة الكنيسة الاجتماعية. 4-النشاط الاقتصادي والعدالة لاجتماعية. 5-العدالة والتضامن بين الأمم. 6-محبة الفقراء. أتوقف عند أهم النقاط: 2402: في البدء أوكل الله الأرض ومواردها إلى إدارة مشتركة تضطلع بها البشرية 1-لتعتني بها. 2-تسيطر عليها. 3-تنعم بثمارها. تملك الخيرات مشروع في سبيل ضمان حرية الأشخاص وكرامتهم ولمساعدة كل واحد على تأمين احتياجاته الأساسية واحتياجات من يعولهم. 2403: إن الحق في الملكية الخاصة المقتناة، أو المقبولة من الآخرين بطريقة عادلة لا يبطل إعطاء الأرض في الأصل للبشرية جمعاء. 2404: إن ملكية خير ما تجعل ممن يحوزه مديراً من قبل العناية الإلهية لاستثماره وإيصال حسناته إلى الغير، وأولاً إلى الأقارب. من هنا واجباتنا تجاه الآخرين وأموالهم. 2407: ففي الموضوع الاقتصادي يقتضي احترام الكرامة الإنسانية وممارسة فضيلة القناعة للاعتدال في التمسك بخيرات هذا العالم وفضيلة العدل لصيانة حقوق القريب وإعطائه ما هو واجب له والتضامن بحسب القاعدة الذهبية وجود الرب الذي هو الغني قد افتقر من أجلنا لكي نستغني بفقره. للسرقة أنواع: 2409: كل طريقة لأخذ مال الغير دون حق والاحتفاظ به هي مخالفة لوصية السابعة وإن لم تكن متعارضة مع أحكام الشريعة المدنية. -الاحتفاظ عمداً بما أقرض من مال. -الاحتفاظ عمداً بما وجد من أشياء ضائعة. -الغش في التجارة. -دفع أجور غير عادلة. -رفع الأسعار اعتماداً على جهل الغير وعوزه. -المضاربة المستعملة لتغيير تخمين الخيرات بأسلوب مصطنع لنيل فائدة على حساب الغير. -الرشوة التي بها يُبدّل رأي مَنْ عليهم أن يتخذوا القرارات وفاقاً للحق. -استملاك أموال عامة لمؤسسة واستعمالها للمصلحة الخاصة. -الأشغال التي لم يحسن صنعها. -الغش الضريبي. -تزوير الشيكات والفواتير. -المصاريف المفرطة والهدر. 2403: ليست ألعاب ( اللعب بالورق) أو المراهنات في ذاتها مخالفة للعدالة. وتصبح غير مقبولة من الوجهة الأخلاقية عندما تحرم الشخص ما هو ضروري له لتلبية حاجاته وحاجات الآخرين. 2414: تحظر الوصية السابعة الأعمال والمشاريع التي تؤدي، لأي سبب من الأسباب الأنانيةُ، أو الإيديولوجيةُ أو التجاريةُ أو التوتالتياريةُ إلى استعباد الكائنات البشرية، وتجاهل كرامتها الشخصية وشرائها وبيعها ومقايضتها كأنها بضاعة. النشاط الاقتصادي والعدالة الاجتماعية 2426: إن تطور الأنظمة الاجتماعية ونمو الإنتاج معدان لتلبية احتياجات الكائنات البشرية ولا تهدف الحياة الاقتصادية فقط إلى تكثير الخيرات المُنتجَة وزيادة الربح أو القدرة. إنها معدة أولاً لخدمة الأشخاص، الإنسان بكامله والجماعة البشرية بكلتيها. العدالة و التضامن بين الأمم 2437: إن التفاوت في الموارد والوسائل الاقتصادية، على الصعيد الدولي، كبير بحيث يحدث بين الأمم " هوّة " حقيقية. فهناك من جهة من يملكون ويطوّرون وسائل النمو، ومن جهة أخرى من يركّمون الديون. 2439: على الأمم الغنية مسؤولية أخلاقية خطيرة تجاه تلك التي تعجز بنفسها عن تأمين وسائل تطورها، أو التي منعتها من ذلك أحداث تاريخية مأسوية. محبّة الفقراء 2443: يبارك الله من يساعدون الفقراء ويرذل من يعرضون عنهم. أعمال الرحمة: هي أعمال المحبة التي تساعد بها القريب في ضروراته الجسدية والروحية: -التعليم والنصح ?التعزية -تقوية العزم ?المغفرة -الاحتمال بصبر -إطعام الجياع -إيواء من ليس لهم نزل -إكساء ذوي الثياب الرثة -زيارة السجناء -دفن الموتى. واجبات المؤمن بما يخص الوصية السابعة 2410: لا بد من وفاء الوعود والتقيد الصارم بالعقود. 2411: تخضع العقود للعدالة التبادلية التي تنظم المبادلات بين الأشخاص وبين المؤسسات في احترام صحيح لحقوقهم. 2412: إن التعويض عن الظلم المرتكب يقتضي، استناداً إلى العدالة إعادة المال المسلوب إلى صاحبه. ( مثال زكّا العشار). 4ـ مشكلة العمل كواجب أخلاقي كما لاحظنا أن الوصية السابعة هي وصية تخص السوء الذي بإمكاننا أن نلحقه بأملاك الآخرين أو حتى بمعطيات الطبيعة. وهي وصية خاصة تخص حق الإنسان في تحقيق حاجاته ومسؤوليته تجاه حقوق الآخرين. إن حاجات البشر تتحقق بعرق الجبين. لهذا فمسألة العمل مرتبطة ارتباطاً قوياً بمسألة العدالة الاجتماعية... فمن لا يعمل لا يأكل... 2427: العمل الإنساني يأتي مباشرة من الأشخاص المخلوقين على صورة الله والمدعوين إلى أن يمددوا بعضهم مع بعض، وبعضهم لأجل بعض عمل الخلق بالتسلط على الأرض. فالعمل إذن واجب. العمل يكرم مواهب الله والوزنات المعطاة. 2428: يمارس الإنسان ويتمم بالعمل جزءاً من الإمكانات الموجودة في طبيعته وقيمة العمل الأساسية مرتبطة بالإنسان نفسه الذي هو صاحب العمل وغايته لأن العمل هو لأجل الإنسان وليس الإنسان لأجل العمل. أشكال العمل اليوم: 1-العمل المأجور أو العمل المهني: يكسب به الإنسان مالاً يسمح له بتأمين حاجات حياته. 2-المواظبة على التثقيف لاغنى عنها كي يصل الإنسان إلى عمل مأجور. 3-العمل مكرس للنشاط في وسط الأسرة. 4-العمل الخاص ( الهوايات، الاهتمامات...) 5-العمل الاجتماعي التطوعي معنى العمل: 1-تدبير معيشة الإنسان. 2-يشق للإنسان طريقاً إلى نضوجه الشخصي. البعد اللاهوتي للعمل: إن روح الإنجيل والثقة بأن الله سوف ينجز ما نبدأه يهبان شجاعة التزام في العالم يحكمه الإيمان والرجاء والمحبة. أما السبب الموجب فينبغي البحث عنه: 1-في الإيمان بأن الإنسان يمكن أن يثق بمعنى الحرية التي وهبه إياها الله ألا وهي أن يكيف الأرض بعمله. 2-في الرجاء المؤمن بأن الله سيحقق تصميمه، الذي هو الخلاص بمؤازرة جميع الناس ذوي الإرادة الصالحة. 3-في الخبرة بأن الإنسان، عبر نشاطات تحكمها المحبة والعدالة يسهم في تعزيز التقدم الأرضي، وهكذا ينمي "خيرات الكرامة الإنسانية والشركة الأخوية والحرية". تنظيم الملكية: - يؤكد المبدأ الأول للعقيدة الاجتماعية الكاثوليكية في الملكية أن خيرات الأرض مخصصة للجميع. - حق الملكية يخص كل إنسان كحق شخصي مكون للحرية. - ليس لأحد الحق باستخدام الممتلكات، وحتى بإتلافها، دون أن يبالي بحاجات الناس الآخرين. فالملكية تحافظ على العلاقة مع المجتمع وتنطوي على التزامات اجتماعية وهي تحت وطأة ارتهان اجتماعي لا تمكن إزالته. 5 - خاتمة يبقى موضوع الوصية السابعة مفتوحاً أمام أعيننا وأفكارنا لصعوبة مضمونه وارتباطه بعدة عناصر اجتماعية، اقتصادية، سياسية. إن مجتمعنا بنظري هو " ضحية" لسرقات ارتكبتها مجتمعات صناعية كبرى. وما يتكلم عنه التعليم المسيحي الكاثوليكي والكتب الأخرى المؤلَّفة في عدة بلدان أوربية تخص تلك البلدان وتذكر أنواع وخفايا الوصية السابعة في تلك المجتمعات. فما هي خفايا الوصية السابعة في مجتمعاتنا النامية...؟ نحن بحاجة إلى دراسة عميقة من عدة زوايا اقتصادية واجتماعية وكنسية لاهوتية وأخلاقية تربوية فيما يتعلق بهذه الوصية. ملحق1 ـ الحقيقة الاقتصادية وبشارة الإنجيل ينبغي لكل عملية اقتصادية أن تهدف إلى: 1-التفكير بالإنسان وخير الفقير. 2-الخير الاجتماعي. 3-واجب دفع الضرائب بأمانة. 4-العدالة التوزيعية. ملحق2ـ حالات اقتحام ملكية الآخر دون السرقة 1- في حالات الخطر كل شيء هو ملك للجميع. مثلا: أثناء الحرب اللجوء إلى بيوت متروكة، في حالة إسعاف: اقتحام الصيدلية. 2-الاستملاك من أجل الخير العام: هذا يتم عن طريق الدولة فقط. مثلاً في حالة وجوب بناء محطة قطار أو قلعة أو مركز عسكري( طبعاً نتكلم عن استملاك الأرض أو ما بني عليها لا عن محتوى البيوت.) ملحق3ـ حالات شراء شيء مجهول المصدر 1-المالك على حسن نية: من يقتني شيئاً دون الشك بمصدره. 2-المالك مع الشك: من يشتري شيئاً يشك بمصدره وسعره المغري إنما يشتري مع المخاطرة بوجوب إعادة الشيء لصاحبه الأصلي. 3-من يشتري شيئاً بسعر مغرٍ مع العلم بمصدره المشكوك بأمره هو شريك السارق. 4 - من يجد شيئاً مع معرفة صاحبه ولا يرده هو سارق. ملحق 4 ـ حالات وظواهر أو ظاهرات يجب التفكير في استقامتها وعدلها 1-تقصير المعلمين في تدريس المواد داخل القاعات الدراسية مما يجبر الطلاب على متابعة دروس تقوية خاصة. 2-حصة الأنثى من الإرث الأبوي. 3-أجور العمال عند أرباب العمل وعدم تسجيلهم في التأمينات الاجتماعية. 4-الاتفاقيات الضمنية بين الأطباء ومراكز التحليل ومراكز التصوير الإشعاعي، والمطالبة بفحوصات لا تستدعيها الحالة الصحية... 5-التصرف بأملاك الدولة خارج أوقات الدوام والساعات المخصصة لاستخدام هذه الأملاك ( كالسيارات ...). خاتمة لقد حاولت في حديثي هذا أن أُجْمِل تعليم الكنيسة الكاثوليكية فيما يتعلق بهذه الوصية الهامة ولست أدّعي بأنني قد أحطت بالموضوع من كل جوانبه في هذه العُجالة. وجُلّ ما أرجوه أن يكون هذا الموضوع دافعاً لكم أنتم المربين للمزيد من البحث والمطالعة. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وصـايا الله العشر: الوصية الخامسة بقلم: الأب منير سقال 1- صيغة الوصية: هي نفسها في روايتي الوصايا العشر "لا تقتل" (خر20 /13- وتث5/17)؛ أو يُقصد بها القتل المتعمّد غير الشرعي، بما فيه القتل الناتج عن عدم الحذر والتأني. 2 - معنى الوصية: إن الحياة ثمينة ومقدسة وكرامة، الإنسان أنه خُلق على صورة الله ومثاله. فالقضاء عمداً على حياة القريب خطيئة تصعد صرختها نحو السماء والحياة وجود لائق بكرامة الإنسان وكل عمل أو فعل يجعل من القريب شيئاً يكن التصرف به يندرج في خط القتل. فالله هو سيد الحياة وصائنها، والإنسان مدعو للاشتراك في حياة الله فالحياة الأرضية موجهة نحو الحياة مع الله. فالوصية تعني: احترام الحياة والحق بالحياة وحماية الحياة. 3 - النهي عن القتل ووصية المحبة: إن المعنى الإيجابي للوصية هو ذلك الموقف الذي يتخذه الإنسان تجاه الإنسان الآخر، هو "النعم" المرتكزة على نَعَم البشر تجاه الله وعلى نعم الله تجاه البشر. فالعدالة ومحبة الله والقريب تتجلى في أن تجري الحك وتحب الرحمة وتسير بتواضع. وصّدق يسوع هذا "وحي الإرادة الإلهية" وتعداه في رسالته بطريق تثير الإعجاب (أريد رحمة لا ذبيحة)، ومع يسوع يتعدى القتل الإرداء الجسدي إلى الغضب والكلام المهين. 4 - الوصية الخامسة في عصرنا: تتجه الوصية إيجابياً نحو "الحفاظ على الحياة"؛ وهذا التوجه يمس البشرية في عالم اليوم المتبدل فالمقصود هو صيانة الحياة وتعزيزها بنوع يوافق كرامة الإنسان ويحقق العدل في معاملته. 2 - العمل على ازدهار الحياة وتنظيمها 1 - ازدهار الحياة الجسدية والروحية: السؤال هو : كيف يمكننا أن ننمي الحياة ونضفي عليها أشكالاً؟ دون الإعلاء من شأن الجسد حتى العبادة، ولا الحط من كرامته إلى حدّ الاحتقار، فالإنسان، في النظرة الكتابية المسيحية، واحد بجسده وروحه، وحياته الجسدية موكلة إليه بمثابة عطية من الله. 2 - حماية الصحة وتعزيزها: وذلك في الحفاظ على المقاييس الصحية واحترام نظام الأمور. فخير الإنسان الأسمى هو في سعادته ونجاح حياته أكثر مما هو صحته (موقفنا من المعاقين: قبول الله له ودعوته إياه للحياة). فكل الأنشطة من عمل وراحة وتنشئة وفن وفكر عليها أن تُبقي الإنسان محورها وليس المال والشهرة مما يقود إلى تدمير الصحة. (الوسائل المُنشطة). 3- مخاطر الصحة والحياة 1 - الأدوية والكحول والمخدرات: الملاحظ ازدياد في عدد الأشخاص الذين يفشلون في التكيف مع واقع الحياة، ورغبة منهم وتوقهم إلى التحرر والاستقلالية يلجؤون إلى الأدوية والكحول والمخدرات، فيتعودون عليها وتغريهم فتقودهم إلى الانتحار البطيء وتدمير الذات والموت، وذلك على عكس ما تعدهم به. فالاستخدام الطبي للمهدئات والمخدرات جائز أخلاقياً على أن لا تصل بهم الحالة إلى وضع لا يعود فيها الإنسان سيد قواه العقلية. فمن شروط الحياة الكريمة أن يجتهد كل واحد أن يرى حدوده ويمارس الاعتدال أو التجرد. والوقاية تكون في الأٍسرة من خلال الحوار والاستشارة والمدرسة والكنيسة من خلال فرق الشباب ونوادي العائلات و اللقاءات الشخصية والمراكز الاستشارية. فالإيمان المسيحي يمنح الرجاء الذي يحرر من الخوف واليأس والفشل، الرجاء بيسوع المسيح. 2 - مرض نقص المناعة (الإيدز Aids أو السيدا Sida): الفرد والجماعة معنيان بهذا المرض وعليهما أن يتصرف تجاهه تصرفاً مسؤولاً مع الانتباه إلى البعد الأخلاقي للجنس وإلى قبول المجتمع الشخص المصاب وعدم معاملته بازدراء أو تمييز، وعلى المصاب الانتباه والوقاية. 3 - الانتحار: هو عمل يضع به إنسان ما حداً لحياته السؤال: هل يجوز من الوجهة الأخلاقية بشر فقدان الحياة بالانتحار؟ هل الانتحار قتل متعمد للذات؟ أليس من حقوق الإنسان الأساسية أن يكون حراً في وضع حداً لحياته؟ الانتحار هو رفض لاستمرار العيش في الحرية ورفض للذات. هو عمل يقضي على الحرية قبل الأوان. من قتل نفسه ينكر الله الذي وهبنا الحياة. ورفض الحياة هو رفض للحرية، ورفض العيش في الحياة هو رفض لله، لذلك لا يمكن تبرير الانتحار أخلاقياً. الانتحار هو رفض لمحبة الله للإنسان وإنكار لمحبة النفس والتوق الطبيعي إلى الحياة ولواجب العدل والمحبة تجاه القريب والمجتمع. إيماننا المسيحي يقابل تمجيد الانتحار المتعمد بنظرة إلى الحياة متأصلة في الإيمان. فإيماننا يجعلنا نثق بأن الله، في كل حالة، يستطيع أن يلتقي حياتنا من جديد. 4 - التعرض للعنف والتعذيب وعقوبة الإعدام: الدفاع عن النفس جائز أخلاقياً إذا لم يكن ممكناً رد المعتدي بغير العنف الجسدي على أن لا يكون ثمة نية بأن يُلحق بالمعتدي الظالم ضرر جسيم تفوق نسبته الجرم الذي قام به أو بقتله، وأن لا يكون الدفاع مُحركاً بفكرة الثأر. التعذيب: و تهديد جسيم لحياة الإنسان وكرامته. وهو أمر مرذول أخلاقياً، ويتنافى والكرامة، الإنسانية ويولد شروراً كثيرة، ولا يخدم بأي شكل السعي إلى الحقيقة (التعذيب النفسي والجسدي). الإعدام: استخلص من التقليد المسيحي من (رو13/4)، حق الدولة بإصدار الحكم بالموت، متى فقد المجرم حقه بالحياة لاقترافه جرماً يستحق تلك العقوبة. ويُعترف للعدالة البشرية بالسلطة الضرورية لإصدار حكم عادل، مما يعني، في حال حصول جريمة قتل الحكم بموت القاتل. ولكن التقليد المسيحي لا يستثني حق الدولة بإصدار عقوبة الموت كوسيلة قصوى. انطلاقاً من الإيمان، وعلاوة على التدابير القانونية التي تحددها الدولة، على المسيحيين أن يتذكروا أن أكبر مجرم يمكنه أن يتصالح مع الله بقبوله نعمة الإقرار والتوبة. هذه الخلفية قد قوّت الاقتناع بأن المسيحيين لا يمكنهم أن يكونوا من دعاة عقوبة الإعدام. 5 - الالتزام والتضحية بالصحة والحياة: تنهي الوصية الخامسة عن القتل وتأمر بحماية الحياة وتعزيزها، وتلفت الانتباه إلى مختلف القيم التي ينبغي أخذها بالاعتبار في حياة متوافقة مع المتطلبات الأخلاقية. فالحياة خير أسمى، إنها خير أساسي فنحن ملزمون أخلاقياً بحماية الحياة الإنسانية والمحافظة عليها، آخذين بعين الاعتبار من ضحى بحياته في سبيل خيرات وقيم أخرى: "ليس لأحد حب أعظم من أن يبذل ذاته عن أحبائه" (يو15/13). 4- حماية الحياة الإنسانية في بدايتها 1 - أسئلة ومشكلات في موضوع بداية الحياة الإنسانية: إن الكنيسة انطلاقاً من اعتقادها بأن كل حياة إنسانية لها كرامتها وقيمتها تلتزم الدفاع عن الحياة الإنسانية الضعيفة وغير القادرة على الدفاع عن نفسها، حتى قبل الولادة، فكثيرون يعتقدون أن الطفل قبل مولده لا يملك الكرامة نفسها التي له بعد مولده. وعليه فالإجهاض وقتل الأجنة جريمتان مُنكرتان (ك ع51). فالحياة البشرية الإنسانية تبدأ لدى الإخصاب فليست هي "شيئاً يسبق الإنسان" ولا هي "جزء من الأم" ولا "مجرد إنتاج من الزرع" ولا "حياة في صيرورة"، فمنذ الحبل نحن بإزاء حياة إنسان في بدء تكوينها وفيها مُتضمنة كل المراحل اللاحقة. فكل من يستخدم وسائل تمنع البويضة الملقحة في رحم المرأة إنما يقضي على حياة إنسانية، لا يمكن من الوجهة الأخلاقية معادلة مثل هذه الوسائل بوسائل منع الحمل. "الطفل هو كله طفل والديه وهو كله طفل الله الخالق". 2 - حماية الحياة الإنسانية في حالات الصراع: الصراع بين عدة خيرات؛ للحفاظ على خيرات تبدو لهم مهمة أو يستحيل على الأصل التخلي عنها. مهم جداً معرفة الوقائع والمفاهيم المستخدمة معرفة جيدة؛ والتمييز بين التدابير القانونية والأحكام الأخلاقية للوصول إلى قرارات أخلاقية مسؤولة. فالقرائن المستخدمة لوقف الحمل إنما تدل على مشكلات مطلوب حلها مثل الاغتصاب والعنف أو الحالة النفسية والاجتماعية الشاقة وصحة الأم وحياتها إن كانت في خطر وتحسين النسل والإعاقات? فالسؤال الأخلاقي بالذات هو: هل هذه القيم على جانب كبير من الأهمية أو الضرورة الملحة بحيث ينبغي تفضيلها على الخير الأساسي الذي تشكل الحياة المُعدة لأن تبصر النور؟ هذه المشاكل لا يجوز حلها بقتل الطفل الذي تم الحبل به. إن أدق القرائن الطبيعية وهي المتعلقة على صحة الأم قد تقلصت كثيراً نتيجة التقدم العلمي الطبي لا بل أصبحت نادرة، وفي الحالات النادرة جداً حيث حياة الأم وحياة الطفل في الوقت عينه في خطر، وفي هذه الحالة "متى كانت في خطر حياتان يستحيل إنقاذهما معاً، يجوز من الوجهة الأخلاقية العمل على إنقاذ إحداهما على الأقل" إذ أن الهدف هدف العمل الأساسي، هو إنقاذ الحياة. 3 - الاستشارة بشأن الجينات والفحص الذي يسبق الولادة: أسهمت هذه الاستشارات في أثناء الحمل والفحص الذي يسبق الولادة ي خفض المضاعفات، ولكن كل هذا التقدم العلمي لم تلغ مخاطر الحمل، فهناك ولادات بعاهات مردها أسباب جينية أو اختلال في تبدل الخلايا إبان فترة الحمل. السؤال هو: إذا تبين أن العاهة وراثية، هل يمكنهم اتخاذ مسؤولية إنجاب طفل آخر ؟ إذا تبين أن هناك عاهات وراثية في العيلة القيام بتشخيص جيني قبل الزواج على أن لا يربط الزوجان متابعة الحمل بعد الزواج بشرط سلامة الجنين من العاهات فكل حياة إنسانية حتى المصابين بعاهة أو إعاقة هي في نظر الله جديرة بالعيش، وليست في تصرف الإنسان فكل الفحوصات والتشخيص الذي يسبق الولادة هو إيجابي في حال الاطمئنان والتدخل الطبي للحياة والمعالجة وهو سلبي في حال كان القصد منه وقف الحمل إذا تبين وجود عاهة أو مرض لدى الجنين، فالتشخيص بهدف الإجهاض مرفوض خلقياً وهو مقبول إذا كان لحماية الطفل وإنطاقاً من القيمة الإيجابية لكل حياة بشرية. فإن قيمة الإنسان غير مرتبطة بصحته ولا بسعادته ولا بفائدته ولا بجنسه ولا بقبول والديه له، بل بكونه إنساناً وبكونه على صورة الله وبقبول الله له ودعوته إلى مستقبل أبدي. المبدأ الأخلاقي هو احترام كل كائن بشري على أنه شخص والتصرف معه على هذا الأساس. 5- الاعتناء بالأشخاص المرضى والمحتضرين 1 - المرض والاحتضار والموت في الحياة المسيحية: حياتنا هي "فترة من الزمن مؤقتة" نختبر فيها الوجع والألم والمرض والموت ووداع الآخرين وفقدانهم. وذلك لأسباب متعددة منها جسدية ونفسية، والمرض يصيب الإنسان كله، فيشعر أن مُستبعد ومعزول عاجز ولا يفيد أحداً. ولكن هل يمكننا أن نفهم حقاً النزاع والموت؟ أمام موت طفل، أمام الكوارث والجوع والحوادث والمرض. يقول أبيقور: "إن ارهب الشرور، أعني الموت، لا يعنينا فما دمنا على قيد الحياة لا وجود لموت، وعندما يحضر الموت لا نعود في الوجود". والتفكير المؤمن بالموت يستند إلى أن الله هو الإله الحي وأنه بكونه خالق الحياة، يجب أن تحيا خلائقه ويثبت في محبته لنا حتى في الموت لأنه "خلق كل شيء للوجود" وهو "لا يُسر بهلاك الأحباء، (حك1/13-14). النظرة إلى الموت من خلال الإيمان تجعل مواجهة الموت، بالنسبة للمسيحي، معنىً يقوم على التمسك بالله في الثقة والتخلي عن ذواتنا، في الموت يُمتحن إيماننا الأخير. 2 - خدمة المرضى والمحتضرين: نحن مسؤولون عن المحافظة عن الحياة والاهتمام بالصحة والصراع ضد الأمراض وشقائها وعن مرافقة المحتضرين ومساعدتهم، وهذه هي أيضاً غاية العمل الطبي وغاية الإسعافات التي يتجلى هدفها الأسمى في خير المريض في المعنى الشامل للكلمة: "عمل رحمة" السؤال الأخلاقي هو: هل يحق للطبيب أن يفعل كل ما يستطيع الطب أن يحققه؟ هل يجب الحفاظ على الحياة وإطالتها مهما كان الثمن؟ ما هو المسموح به أخلاقياً وما هو المرفوض في نهاية الحياة؟ لا يحق لنا التصرف بالحياة الإنسانية تصرفاً مطلقاً، في أية مرحلة من مراحلها، ويحق للإنسان أن يموت بكرامة. فالميتة الميَسرة أو الموت الهنيء أو الأوتانازيا، أمر مرفوض خلقياً. أمّا الأمر المسموح به خلقياً فهو التخلي عن استخدام الوسائل القادرة على إطالة الحياة لمدة ما والتي لا تسهم إلا في إطالة آلام لا تطاق. فيترك المريض كي يموت بكرامة ولكن شرط دون أي تدخل يسبب الموت، وهذا ما يسمى بـ "الميتة الميسرة السليبة" أما "الميتة الميسرة المفتعلة" أي التدخل المباشر في المسيرة التي تقود إلى الموت، وتأخذ شكل عمل قتل متعّمد إزاء المريض، ولو كان هذا القتل مطابقاً لأمنيته، فهذا أمر غير مسموح به أخلاقياً، وكذلك الأمر في الإهمال المقصود به وضع حد للحياة قبل الأوان. المساعدة على الموت ضمن إطار الإسعاف تهدف إلى تسهيل موت المحتضر وإلى مساعدته على تقبل موته. احترام النهاية المحتمة يقتضي أن نتوارى ونقتل الموت. الحياة هي عطية من الله وهي مستندة إلى الله ومرتبطة به في كل لحظة حتى نهايتها الأرضية وما بعد ذلك. إن إنهاء الحياة عن عمد يعني التصرف بها تصرفاً تاماً، وهذا غير مقبول. المرجع (ملاحظة: هذه الحديث هو النص المضغوط لفصل الخامس من كتاب المسيحية في أخلاقياتها" لمن يرغي في الذهاب إلى أبعد: العودة إلى الكتاب من ص 257 ? 302). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الرب إلهنا رب واحد القديس غريغوريوس بالاماس . الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ الرب، إلهك، هو رب واحد (تثنية 4:6)، وهو معروف كآب، وابن وروح قدس. الآب غير مولود. الابن مولود ككلمة الآب، من غير ابتداء سرمدي وبلا هوى. لقد سُمّي المسيح لأنّه مسح من ذاته الطبيعة البشرية التي أخذها منّا. يخرج الروح القدس من الآب، ليس بالولادة بل بالانبثاق. ربنا هو الإله الوحيد. إنّه الإله الحقيقي، الرب بثلاثة أقانيم، الذي لا ينقسم بالطبيعة ولا بالمشيئة ولا بالقوة، ولا بأي صفة من صفات الألوهة. أحبب فقط هذا الإله الثالوثي واعبده وحده، بكل فكرك وبكل قلبك وبكل قوتك. احفظ كلماته ووصاياه في قلبك، حتى تنفّذها وتدرسها وترددها في جلوسك، ومسيرك وفي سريرك وعندما تنهض. تذكّر الرب إلهك بلا انقطاع. ارهب منه وحده. ل ا تنسَه هو ولا وصاياه. وهكذا هو يعطيك قوة لتتمّ مشيئته، لأنّه لا يطلب منك أي شيء سوى أن تكون مكرّساً له وتحبّه وتسير على دروب وصاياه. إنّه فخرك وإلهك. عندما تعلم أنّ الملائك السماويين هم بلا هوى وغير منظورين، وأن الشيطان الذي سقط من السماء هو شرير جداً وذكي وقوي ومحنّك في خديعة الإنسان، لا تظنّ أنّ أياً منهم يساوي الله في الشرف. وعندما ترى أيضاً عظمة السماء وتعقيدها، لمعان الشمس، بهاء القمر، نقاوة النجوم الأخرى، سهولة تنشق الهواء، كثرة منتجات الأرض والبحر، لا تؤلّه أيّاً منها. إنّها كلّها خلائق الإله الواحد، وهي تخضع له وهو بكلمته خلقها كلّها من العدم. “لأَنَّهُ قَالَ فَكَانَ. هُوَ أَمَرَ فَصَارَ” (مزمور 9:33). إذاً وحده رب الكون وخالقه أنت تمجّد كإله. تعلّق به بمحبة وتُبْ إليه نهاراً وليلاً عن كل خطاياك الطوعية والكرهية، لأنّه طويل الأناة ورحيم جداً، صبور، وصانع بر إلى الأبد. ل قد وعد الذي يحترمه ويعبده ويحبه ويحفظ وصاياه، وهو يعطي بحسب وعده، بالتمتّع بالملكوت السماوي الأزلي والحياة التي بلا ألم ولا موت والنور الذي لا يغرب. لكنّه أيضاً إله غيور وحاكم عادل ومنتقم رهيب. لقد هيّأ جحيماً أبدياً، ناراً لا تُطفأ، ألماً لا ينقطع، حزناً لا عزاء له، ومكاناً مظلماً ضيقاً للخائن الشرير الأول، |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المطران بطرس مراياتي
وصـايا الله العشر الوصيّة الأولى مقدّمة نقرأ في الإنجيل هذا الحوار بين يسوع والشابّ: وإذا برجل يدنو فيقول لـه: "يا معلّم، ماذا أعمل من صالح لأنال الحياة الأبدية" فقال له: "لماذا تسألني عن الصالح؟ إنّما الصالح واحد. فإذا أردتَ أن تدخل الحيـاة، فاحفظ الوصايا". قال له: "أيّ وصـايا ؟" فقال يسوع: "لا تقتلْ، لا تزنِ، لا تسرقْ، لا تشـهدْ بالزور، أكرمْ أبـاك وأمّـك". ثمّ لخّص يسـوع هذه الوصـايا إيجابيـاً: "وأحببْ قريبَكَ حبّكَ لنفسك". لقد سلّم الله إلى موسى الوصايا العشر وأمره أن يعلّمها الشعب ليحفظها ويعيشها، فهي إرادة الله وعلى الإنسان أن يحقّق إرادة خالقه. (راجع سفر الخروج في الفصل 20 وتثنية الاشتراع في الفصل 5). إنّ "الوصايا العشر" أو "الكلمات العشر" تلخّص عهد الله مع الإنسان وتعلنه. نقرأ في العهد القديم: "هذه الكلمات كلّم الربّ بها جماعتكم كلّها في الجبل من وسط النار والغمام والدجى بصوت عظيم ولم يزد وكتبها على لوحي الحجر ودفعهما إليّ" (تثنية الاشتراع 5/22). ولذلك، فإنّ هذين اللوحين دُعيا شهادة "واجعل في التابوت الشهـادة التي أعطيتها" (خروج 25/16) وهما العهـد الذي أبرم بين الله وشعبه. وإنّ تقليد الكنيسة، حرصاً على الكتاب المقدّس وتجاوباً مع مثال يسوع، قد أقرّ بأهمّية الوصايا العشر وصدارتها في قوانين الله. في بعض الكنائس القديمة، تُدوَّن الكلمات العشر على لوحتين توضعان غالباً بالقرب من المنبر. اللوحة الأولى تتضمّن الوصايا التي تختصّ بعلاقة الإنسان بالله (1-3)، واللوحة الثانية، الوصايا التي تختصّ بعلاقة الإنسان بالجماعة البشريّة (4-10). وبذلك يعود الفنّانون إلى رواية الكتاب المقدّس التي تذكر أنّ الله قد أعطى موسى الوصايا العشر على لوحين (خر 15/32، تث 5/22). في يسوع المسيح ظهر، على نحوٍ نهائيٍّ، أنّ الله يُحبّنا، وأنّه يمنحنا الحياة ومستقبلاً ما. إنّه يدعونا إلى أن نسير في المحبّة التي يُعلن يسوع أنّها الوصيّة الأولى والعظمى. محبّة الله والقريب: "أحبب الربّ إلهكَ بكلّ قلبكَ، وكلّ نفسكَ، وكلّ ذهنكَ، وكلّ قوّتكَ. والوصيّة الثانية هي هذه: أحببْ قريبَكَ كنفسكَ. ليس مِن وصيّة أخرى أعظم من هاتين" (مر 12/30-31). إنّ وصيّة محبّة الله والقريب لا تلغي كلمات العهد القديم العشر، بل تكمّلها. في نظر القدّيس بولس، محبّة القريب هي ملخّص الوصايا: "مَن أحبّ القريب قد أتمّ الناموس. فإنّ هذه الوصايا: لا تزْنِ، لا تقتلْ، لا تسرقْ، لا تشهدْ بالزور، لا تشتَهِ.. وكلّ وصيّة أخرى، تُلخَّص في هذه الكلمة: "أحببْ قريبَكَ كنفسكَ" (رو 13/8-9). في الوصايا العشر وفي وصيّة محبّة الله والقريب، أعلنت الكنيسة عبر القرون "قانون إيمانها الأخلاقي". معها وفيها، لا نفهم الوصايا كأنّها حدود وُضعت أمام حرّيتنا، إنّما هي توجيهات معطاة من قِبل الله في سبيل حياة نقضيها في محبّة الله والبشر. وهذا يصحّ اليوم كما في الأمس: "هذه الوصيّة التي أنا آمركَ بها اليوم ليست فوق طاقتكَ ولا بعيدة منكَ. لا هي في السماء فتقول: مَن يصعدُ لنا إلى السماء فيتناولها لنا ويُسمعنا إيّاها فنعمل بها؟ ولا هي عَبرَ البحر فتقول: من يعبرُ لنا البحرَ فيتناولها لنا ويُسمعنا إيّاها فنعمل بها؟ بل الكلمة قريبة منك جدّاً، فهي في فمكَ وفي قلبكَ لتعملَ بها" (تث 30/11-14). الوصيّة الأولى : أنا هو الربّ إلهكَ لا يكنْ لكَ إله غيري يبيّن الكتاب المقدّس أنّ الله وحده هو مخلِّص الناس ومنقذهم. الآلهة هي "لا شيء". ولا يمكن انتظار أيّ شيء ممّن هم لا شيء. لذلك، تدعو الوصيّة الأولى إلى الالتزام ضدّ الآلهة المزعومين، والاعتراف بمَن هو وحده إله السماء والأرض، وذلك من أجل الإنسان نفسه. التقيّد بهذا الإله والأمانة له يستطيعان وحدهما أن يحفظا الإنسان في الطريق الصالح. منه نأتي، ومصيرُنا الرجوع إليه، هو مصدر حياتنا ومعناها وهدفها. مَن ينفصل عن الله تفقد حياته اتّجاهها نحو ما يعطيها معناها. محبّـة الله تدعو إلى التعلّق به بثقـة. أوّلاً: موقف الإنسان من الله إنّ ملاقاة الناس تشكّل تحدّياً خطيراً للإيمان. في المجتمع، وفي العمل، وغالباً في أسرتنا الخاصّة، نصادف أشخاصاً لا مبالين بالنسبة إلى وجود الله أو عدم وجوده. بعضهم يرفضون بصراحة فكرة الله، وغيرهم يعتقدون أنّ الإنسان لا يستطيع أن يقولَ أيّ شيء عن الله، وآخرون يشرحون أن لا تجانسَ ممكناً بين العلوم والله. "البعض يُشيدون بالإنسان إلى حدّ أنّهم يكادون يُهزِلون الإيمان بالله، وهمّهم الأكبر، على ما يظهر، إثباتُ الإنسان أكثر من إنكار الله. والبعض الآخر يتمثّلون الله تمثّلاً تصبح معه صورة الله التي ينكرونها غريبة كلّ الغرابة عن صورة إله الإنجيل. وهنالك مَن يُعرضون عن معالجة قضايا الله، لكونهم، على ما يبدو، بعيدين عن أيّ معاناة للقلق الديني، ولا يرون داعياً يدعوهم بعد إلى الاهتمام الديني". (المجمع الفاتيكاني الثاني). كثيرون يُحيلون أيضاً إلى الشرّ في العالم، ويعدّون وجوده منافياً لفكرة الله، وكثيرون غيرهم يعلنون أنّ إمكانيّات تغيير وجه العالم التي تأتينا من العلم ومن التقنية تجعل الله لا فائدة منه. فالمهمّ إنّما هو الإنسان وحده. إزاء فكر يرى في الإنسان نفسه العامل الأوحد لتاريخه، وينتظر من الإنسان وحده تحرير الإنسان يبيّن الكتاب المقدّس أنّ التحرير والخلاص إنّما يعطينا إيّاهما الله. من الحماقة أن نريد أن نكون "مثل الله" (تك 3/4)، وأن نضع أنفسنا مكان الله. من الله ننال عظَمتنا، ومع ذلك فالله يجعلنا نختبر أيضاً حدودنا. القبول بحدودنا هو لنا عون وخير. إذ يقودنا إلى أن نعترف بالله في ألوهته، وإلى أن نكون مسؤولين أمامه عن الحرّية التي أنعم بها علينا، وألاّ نسيء استعمالها بالوقوف ضدّه. ثانياً: أشكال أساسيّة من عبادة الأصنام في حديثنا نتطرّق إلى ثلاثة أنواع من التحدّيات التي تبعدنا عن الله وتجعلنا نعبد أصناماً جديدة عوضاً عنه. آ- عبادة صنم الامتلاك يسيطر على الإنسان عامّةً همّ الحفاظ على حياته وهمّ ضمان مستقبله. لذلك، فإنّ اكتساب الخيرات المادية وامتلاكها يساعدان على إعطاء شكل للمساحة الحياتية الشخصيّة، ويوفّران الشعور بالوجود في مأمن من المرض، والحوادث، وفقدان القدرة على العمل، وعزلة السنّ. جزء كبير من هذا الهمّ الناظر بتبصّر إلى المستقبل لا يدور موضوعه على الحياة الشخصيّة وحسب، بل أيضاً على الأسرة، وعلى مستقبل الأولاد وعلى الخير العامّ للشعب وللشعوب. مثل هذا التبصّر لا يوفّر الشعور بأمان مادّي وحسب، بل يمنح أيضاً استقلالاً أكبر وحرّية أوفر يتيحان تعاطي أشغال أخرى، كالأسفار وتعزيز الفنّ والثقافة، ومزاولة هوايات شخصيّة، والالتزام في خدمة أناس آخرين. كثيراً ما نجد، في ما وراء هذه النشاطات قيَماً إنسانية بارزة كالحكمـة ومعنى المسؤوليّة، والعمل ومعنى الاقتصاد، والاستعداد للالتزام، والاهتمام بخيرات الخليقة. كلّ هذا صالح وحسن، ما دام يتأصّل في الاستعداد الذي يقوم على أن يكون للإنسان أشياء وكأنّه لا شيء له، وأن يمتلك وكأنّه لا يملك شيئاً (1كو 7/29-31). إن غاب هذا الاستعداد، ضاق النظر على ما هو ضروريّ للوجود، حينئذٍ قد يدفع الامتلاك والغنى إلى رغبة الازدياد في الامتلاك، وإلى وضع المُلك فوق الكِيان. "الجوع المشؤوم" للمال قد يقود إلى أن يجعل الإنسان من الغنى صنماً يسود كلّ شيء، المال الربّ. يقول المجمع الفاتيكاني الثاني: "على الجميع أن يُعنَوا بتنظيم نوازعهم تنظيماً مستقيماً لئلاّ ينحرف بهم استخدام أشياء العالم والتمسّك بالغنى تمسّكاً يُخالف روح الفقر الإنجيلي، عن مواصلة السعي إلى كمال المحبّة" (ك 42). يلفت هذا النصّ الانتباه إلى المخاطر المرتبطة في حياتنا بالهمّ والتبصّر. "ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالمَ كلّه وخسر نفسه؟" (مر 8/36). كثيرون يسمعون كلمةَ ملكوت الله المزروعة فيهم، "ولكنّ همّ الحياة الدنيا وغرورَ الغنى يخنُقان الكلمة، فتظلّ بلا ثمر" (متّى 13/22). ويحذّر يسوع من الغنى الذي يقود الإنسان إلى أن يجعل من المال صنماً: "لا تكنـزوا لكم كنوزاً على الأرض، حيث السوسُ والعُثّ يُتلفان، وحيث اللصوصُ ينقبون ويسرقون. بل اكنـزوا لكم كنوزاً في السماء" (متّى 6/19-20). "فإنّه حيث يكون كنـزُك، هناك يكون قلبُك أيضاً" (متّى 6/21). "لا يستطيع أحد أن يكون عبداً لسيّدين.[…] إنّكم لا تستطيعون أن تكونوا عبيداً لله وللمال" (متّى 6/24). مَن كان همّه الأوحد ازدياد خيراته المادّية خسر الحياة الحقيقية (لو 12/16-21). لا يحقّ لأحد أن يتعامى إزاء حاجات الناس الذين يقفون أمام بيته (لو 16/19-31) وحاجات جميع الذين، وهم كثيرون في العالم، يعيشون دون الحدّ الأدنى الحياتي. المتملّكون والأغنياء الذين لا يريدون أن يروا الضيق في العالم لن يمكنهم الدفاع عن أنفسهم يوم سيدين ابن البشر الناس (متّى 25/31-46). اتّباع يسـوع قد يعني، في بعض الحالات، أن يتخلّى الإنسـان عن كلّ ما يملك (مر 1/16-20، لو 14/33). ونرى إلى أيّ حدّ يمكن أن يكون هذا الأمر صعباً، لدى قراءة رواية الشابّ الذي يعرض عليه يسوع: "اذهبْ، بِعْ كلّ شيء لكَ، وأعطِهِ للفقراء فيكونَ لكَ كنـز في السماء، ثمّ تعالَ اتبعني. فانقبض لهذا الكلام، ومضى حزيناً، لأنّه كان ذا أموال كثيرة" (مر 10/21-22). مَن تملّكه يسوع المسيح، لا تستطيع الثروة ولا الممتلكات أن تصير أصنام حياته. ولا يعود في حاجة إلى أن يبني على امتلاك خيرات أرضية. وكذلك يزول عنه القلق الناتج من اهتمامه بحياته اليومية، إذ يعلم أنّ الله نفسه هو ضمان حياته الأخير (متّى 6/25-33). كلام يسوع ومثله يدعوان إلى مواجهة أحداث الحياة بسكينة واطمئنان. في تحديد موقفنا من الثروة والخيرات، يجب أن يقودنا الاقتناع التالي: أمام الله كلّنا فقراء، وخيرات العالم فانية فعلينا أن نستعملها بروح فقر، بحيث لا يتحوّل اهتمامنا الطبيعي بالتملّك إلى جشع وبخل وقساوة قلب بإزاء الفقراء والمعوزين. وهكذا، فالوصيّة الأولى هي سؤال ناقد يسألنا عن طريقة استعمالنا لخيرات الأرض. ب- عبادة صنم السُلطة يتوق الإنسان إلى أن يُعتبَر ويُعترَف به شخصيّاً. يريد أن يُعترَف به في الجماعة البشريّة، ويُعتَبَر تبعاً لما يقدر أن يصنع ولما يحقّق، ويريد أن يكون له نفوذ ويمارس سُلطة. متى وُضع هذا التوق، كما ينبغي، في خدمة الشخص البشري والجماعة البشريّة، نحن أمام قيمة إيجابية. بيد أنّ الرغبة في الاعتبار والاحترام والسُلطة تصير تهديداً متى تشوّه السعي إلى الاعتبار والسُلطة. فالعطش إلى الاعتبار يجعل من الواحد إنساناً وصوليّاً، فلا يفكّر بعد إلاّ في ما يبغي الوصول إليه، ويزيل دون تردّد كلّ ما يقف عائقاً في طريقه، وهو مستعدّ حتّى للتخلّي عن إيمانه ودينه إن كان في ذلك سبيل لبلوغ هدفه. والكبرياء والغطرسة تحملان الآخر على تنصيب نفسه فوق جميع الناس، وهو يستفيد من منصبه ويصير طاغية. والثالث، وقد امتلأ ثقة بنفسه بوجه خاطئ، لا يعود يثق بشيء، ولا حتّى بالله، ويعتقد أنّه لا يمكن الاتّكال على أحد، ولسان حاله يقول: أعِنْ نفسَكَ بنفسكَ، حينئذٍ يعينكَ الله. هذه الأشكال من عبادة صنم السُلطة واعتبار الذات تعكس مواقف تناهض مناهضة عميقة إرشادات يسوع لتلاميذه: "تعلمون أنّ الذين يُعدّون رؤساء الأمم يسودونهم، وأنّ عظماءَ هم يتسلّطون عليهم. وأمّا فيكم، فليس الأمر هكذا. بل مَن أراد أن يكون فيكم كبيراً فليكنْ لكم خادماً، ومَن أراد أن يكون الأوّل فليكنْ للجميع عبداً" (مر 10/42-44). وموقف الأمَة المستعدّة الذي اتّخذته مريم قادها إلى القول: "هاءنذا أمَة الربّ. فليكنْ لي كما قلت" (لو 1/38). أمّا الطريق الأسمى في الطاعة والخدمة فهو الذي سلكه يسوع نفسه: "هو القائم في صورة الله، لم يعتدّ مساواته حالة مختلسة، بل لاشى ذاته، آخذاً صورة عبد، صائراً شبيهاً بالبشر، فوُجد كإنسان في الهيئة. ووضع نفسه، وصار طائعاً حتّى الموت، موت الصليب" (فل 2/6-8). كثيرون، اقتفاء بيسوع، يبذلون ذواتهم بذلاً كاملاً في سبيل الله. فالله وحده يجب أن يكون ربّ الحياة. وهذا يفسح أيضاً في المجال أمام الناس لطريقة جديدة للعيش معاً. ج- عبادة صنم المتعة واللذّة الإنسان يتوق إلى المتعة واللذّة. هذا السعي مرتبط بدواعٍ كثيرة. فنتكلّم مثلاً على لذّة الحواس (النظر، والشمّ، والذوق، والسماع، واللمس)، وعلى المتعة الروحية. هناك أيضاً ميل حتّى في جعل متعة اللذّة مبدأ العمل والسـلوك الخلقي. بموجب هذا المفهوم، يجد الإنسان سعادته في إشباع حاجـاته الغريزية، في التمتّع باللذّة. كثيرون يرون في إتمام الجنس وفي المتعة الجنسية هدفاً هامّاً في حياتهم. وفي الواقع إنّ رغبة الاكتمال الجنسي هي جزء من ديناميّة الحياة البشريّة. ولها، بصفة كونها قوّة محرّكة معطاة من قِبل الله، أهمّية كبرى بالنسبة إلى الحياة البشريّة. وهي، باتّحادها بقوى الإنسان الروحيّة، على نحوٍ ما محرّك العمل. فيجب على الإنسان من جهة ألاّ يخنقها، كما يجب عليه من جهة أخرى ألاّ يترك لها العنان: إنّها موكلة إلى مسؤوليّته. فإن اندرجت في الحياة اندراجَ واقع إنسـانيّ حقيقي، يمكن أن توفّر للإنسان سعادة عميقة، ولكن يمكن أيضاً أن تتحوّل إلى قدرة تعذّبه وتسيطر عليه إلى حدّ أنّها تُفقده حرّيته، فيصير فريسة غرائزه الجنسية ويجعل من الجنس صنم حياته. لقد حكمت الكنيسة، عبر كلّ العصور، في تعليمها الأخلاقي، على عبادة صنم الجنس. كلّ شكل من أشكال إجلال الله من خلال نشاط جنسي هو غريب عنها. وهي تعتقد أنّ تأدية العبادة للجنس كإلى صنم يجعل الإنسان في داخله عبداً للغريزة، التي يمكن أن تتسلّط على الناس بحيث لا يعود الجنس يحظى لديهم بالتقدير العاقل. عبوديّة كهذه لا تدمّر الحبّ بين الناس وحسب، بل تقوّض أيضاً المحبّة الواجبة لله. ثالثاً: العبادة المسيحية: "المشورات الإنجيلية" يعدّ التقليد المسيحي عبادة صنم الشهوة من بين الرذائل التي يستسلم لها الإنسان بسهولة في سعيه نحو الامتلاك والسلطة والمتعة: "شهوة الجسد، وشهوة العين، وصلف الغنى" (1يو 2/16). في مقابل هذا الخطر، يجب أن يتصرّف الإنسان بحيث يتّخذ موقفه من السُلطة والامتلاك واللذّة مكانه المناسب في مجمل حياته. وفي هذا الموضوع، يكتسي التقشّف والتجرّد أهمّية كبرى بالنسبة إلى النمط الذي يتّخذه الإنسان نهجاً لحياته. ذلك أنّ كلّ إنسان مسؤول عن اختيار الأسلوب الصحيح لتحقيق رغائبه الأساسيّة. إحدى الطرائق الخاصّة للتصرّف بالنسبة إلى الخيرات والجنس والسُلطة هي الاختيار الحرّ للفقر والعفّة والطاعة كنمط حياة انتشر في الكنيسة بتعبير "المشورات الإنجيلية". يعود تعبير" المشورات الإنجيلية" إلى القرن الثاني عشر، بيد أنّ هذا النمط في الحياة معروف في الكنيسة منذ بدايتها كطريقة مثالية لاتّباع المسيح، اقتداء بتلاميذ يسوع مع معلّمهم. في عصر آباء الكنيسة وفي لاهوت العصر الوسيط، اتّخذ مقطع الشابّ الغني مثالاً لتمييز طريقين في الحياة المسيحية: طريق الوصايا وطريق المشورات. وعُدَّت هذه الطريق الأخرى طريق الكمال. أكّد المجمع الفاتيكاني الثاني وجود دعوة مشتركة بين جميع المسيحيين إلى القداسة وإلى الشركة مع يسوع المسيح. فجميع المسيحيين مدعوون إلى المحبّة الكاملة التي يمكن الوصول إليها بطريقين. المشورات الإنجيلية تشكّل نهجاً خاصّاً في الحياة المسيحية، ومبرّر وجودها أنّها علامات. وهي الطريق الفضلى للمدعوين إليها بمعنى أنّها لهم نهج الحياة الصحيح. رابعاً: صورة الله في يسوع المسيح لن نتوصّل أبداً إلى معرفة أعماق الله، الذي هو الإله العظيم إلى ما لا نهاية، إنّه يبقى السرّ الذي لا تقوى على التقاطه لا الكلمات، ولا الصور ولا التصوّرات. الكتاب المقدّس يكلّمنا على الله بطرائق كثيرة. وهو يروي مسيرة الله مع الإنسان ويتكلّم على الله بوساطة صور ملوّنة بألوان عجيبة يكمّل بعضها بعضاً. التقاط الله بصورة جامدة هو، في نظر شعب الله في العهد القديم، انتهاك للأقداس. لا يمكن إدراك الله في صور هي صنع أيدي البشر. ومع ذلك يتكلّم الكتاب المقدّس، بأقوال وتصوّرات، على إله التاريخ الذي رافق الشعب على طريق تحريره وحرمانه، وأخطائه وارتداداته. هذا الإله هو الإله الحيّ الذي يخاطب الإنسان فيقول له: "أنتَ". ليس الإنسان هو الذي يتصوّر الله، بل الله هو الذي يعرّف عن نفسه بكلامه ووحيه وعمله. ولأنّ الله يخاطب الإنسان على هذا النحو، ويأتي إلى مبادرته ويمنحه بالتالي إمكانيّة مواجهة شخصيّة معه، يمكن الإنسان ويجوز له أن يخاطب الله الكلّي القدرة ويقول له: "أنتَ". الإله الذي يكشف عن نفسه يلتقينا كشخص. فكيف لا يتحدّث عنه الإنسان كما يفعل في حوار مع أشخاص؟ لذلك يتكلّم الكتاب المقدّس على الله بصور كثيرة التنوّع، هي بمنـزلة أمثال ودلائل: فالله هو الحبيب الغيور، الذي يسعى في إثر الإنسان، ويغضب، ويحزن، ويثأر، ويدمّر، ويعيد البناء.. الله هو أب، ويرأف كما ترأف الأمّ (أش 49/15)، هو ملك وراعٍ، هو حكمة وكلمة، وهو يضيء بوجهه علينا، وقد "نقشنا على راحة كفّيه" (أش 49/16). كلّ الكلمات والتصاوير التي نستعملها للكلام على الله ممكنة، لأنّنا على صورته. بصفة كوننا أشخاصاً، نستطيع أن نتكلّم على الله الشخصي من خلال كلمات بشريّة، ونستطيع في الوقت عينه أن نتكلّم على صورة الله في الإنسان. صورة الله استنارت أكمل استنارة في ابنه يسوع المسيح الصائر إنساناً. فهو "صورة الله غير المنظور" (كو 1/15). ويستطيع أن يقول عن نفسه: "مَن رآني فقد رأى الآب" (يو 14/9). ليس الإنسان هو الذي يصنع صورة عن الله، بل الله نفسـه يأتي إلى أمام الإنسان في صورة ابنه. يسوع المسيح لا يبلّغنا صـورة أبيه وحسـب، بل هو طريقُنا إليه: "لا يستطيع أحـد أن يذهب إلى الآب إلاّ بي" (يو 14/6). في يسوع المسيح أُعطي لنا أن نرى مَن يريد الله أن يكون بالنسبة إلينا. عندما نصير إخوة يسوع وأخواته وأصدقاءه نصير أبناء الآب. وهذا لا يزيل بأيّ شكل من الأشكال المسافة التي ينطوي عليها تحريم الصور. الله يمنحنا أن نشارك في سرّه، ولكنّه يبقى سرّاً. إنّ وفرة الكلمات والصور التي تعبّر عن اشتراكنا في سرّ الله في يسوع المسيح تسمح بأن يتعلّق كلّ واحد منّا بالصور والتصوّرات الأقرب إليه. فالمقصود هو البلوغ إلى علاقة شخصيّة مع الله. الله يحبّ كلّ واحد في فرادة شخصه وخصوصيّته. وعلينا نحن أن نحبّ كما يحبّنا الله: "مَن ثبت في المحبّة ثبت في الله، وثبت الله فيه" (1يو 4/16). الخـاتمة إنّ الحياة في الشركة مع الله تبدأ بالمعموديّة، إذّاك نلج العهد الأبدي مع الله، الآب والابن والروح القدس. المعموديّة تعطى باسم الثالوث القدّوس. يسوع، الابن، يُدخلنا في علاقته، علاقة المحبّة، بالآب، ويملأنا من روحه القدّوس الذي فيه نستطيع أن نقول: "أبّا، أيّها الآب الكلّي الصلاح". مَن يعتمد يعلن مواعيد معموديّته، وبها يرتبط بالله الذي، في يسوع المسيح، يدعوه إلى الخلاص ويهبه نعمته: "النعمة مشاركة في حياة الله، تدخلنا في صميم الحياة الثالوثية: فبالمعموديّة يشترك المسيحي في نعمة المسيح رأس جسده. وبصفة كونه "ابناً بالتبنّي" يستطيع أن يدعو الله "أبـاً" بالاتّحاد مع الابن الوحيد. وهو يتقبّل حياة الروح الذي ينفخ فيه المحبّة والذي يكوّن الكنيسة" (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية). هذا ما تقتضيه الوصيّة الأولى، في مستهلّ سلسلة الوصايا: التزام نحو الله، إله المحبّة الذي، في يسوع المسيح، دعانا إليه دعوة نهائية. ويجب، باستمرار، تجديد هذا الالتزام. المراجع المرجع الأساسي: "المسيحية في أخلاقيّاتها" (التعليم المسيحي الكاثوليكي للبالغين). سلسلة الفكر المسيحي بين الأمس واليوم، رقم 19 – منشورات المكتبة البولسية – لبنان، ط1 1999. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أنا الرب إلهك... لا يكن لك آلهة سواي"
( تثنية 6:5-9) الوصية الأولى بقلم: الأب د. أنطون فرنسيس أنا الرب إلهك... لا يكن لك آلهة سواي تثنية 6:5-9 1) ما تأمر به الوصية الأولى: نص الوصية: "أنا الرب إلهك، الذي أخرجك من أرض مصر، من دار العبودية. لا يكن لك آلهة أخرى سواي. لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً، ولا صورة، مما في السماء من فوق، وما في الأرض من أسفل، وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لها ولا تعبدها" (تثنية 6:5-9). هذه الوصية هي الوصية الأولى والأساسية، لأن عليها تقوم ومنها تتفرع كل الوصايا الأخرى. وكما قلنا، يتطلب الجواب عليها أن نعيش الفضائل المسيحية الأساسية الثلاث: الإيمان، الرجاء، المحبة. فالعمل بالوصية الأولى إعلان وتعبير عن الإيمان الأساسي. يعلن الله ذاته إلهاً واحداً: فاعلموا الآن ورددوا في قلوبكم، أن الرب هو الإله في السماء من فوق، وفي الأرض من أسفل، وأن لا إله سواه" (تثنية 39:4). الجواب بالإيمان والرجاء والمحبة: الإيمان هو جواب الإنسان، تصديق الله وهو عرفان بالجميل له، فقد شاء في محبته، أن يُشرك الإنسان في معرفة الذات الإلهية. وبالإيمان يعترف الإنسان بحدوده ويقبلها. وأمام عظمة وقدرة الله يُقرّ بأنه يستمد وجوده وكيانه من الله الخالق. ومن الإيمان ينبثق الرجاء. فالرجاء هو الثقة في أن الله يحبنا، وسيبقى دائماً أميناً لحبه وعهده لنا. هذا الرجاء الأكيد هو ينبوع القوة التي تمنح الثبات في الإيمان بوعد الله وعهده وبالأخصّ في وقت الشدة والألم. وينصهر الإيمان والرجاء في المحبة التي هي الجواب والموقف الشخصي والأساسي تجاه إعلان الله . إنها عطية الذات الكاملة ، الله الذي يعطينا ذاته: "فاحبوا الرب إلهكم بكل قلوبكم ، وكل نفوسكم ، وكل قدرتكم " (تث 5:6) (مت37:22). وهنا نرتقي إلى كمال الشريعة، لنعيش روحها لا حرفها. العبادة وأنواعها: جواب الإيمان يتطلب العبادة لله وحده، دون سواه. وتأخذ العبادة أشكالاً متنوعة. ولا نتكلم هنا عن العبادة الشكلية. فهي جواب خاطئ. وإنما نذكر أشكال العبادة الصحيحة. أ- العبادة الخارجية: هذه العبادة مطلوبة. لأني بها أعلن عن إيماني بالله، من خلال مواقف وأعمال خارجية منظورة. مثلاً الذهاب إلى الكنيسة، أو الحركات الخارجية مثل رشم الصليب، السجود، الاشتراك في الأسرار. ب- العبادة الباطنية: هي أساس العبادة وروحها، فهي التي تغذي العبادة الخارجية وتعطيها معناها: أي عمل خارجي لا ينبع من العبادة الباطنية، ليس له أي قيمة، فالأعمال الخارجية وحدها لا قوة لها، لأنها شكلية. العبادة الباطنية هي التي تعطي قوة وعمقاً وقيمة للموقف الخارجي. مثلاً، ذهابي إلى الكنيسة عمل خارجي، يعبر عن إيماني بالإله الأوحد. ولكن العبادة الباطنية هي التي تعطي معنى لهذا العمل. بها انضم إلى جماعة العهد الجديد، إخوتي أعضاء المسيح، في جواب حب جماعي على حب الله لنا. لا أذهب خوفاً من كسر الوصية وارتكاب الخطيئة، بل لأني أحب الله وإخوتي، وأرتبط بهم ارتباطاً باطنياً. علاقتي الباطنية بالله، تجعلني أنتمي إلى جسد المسيح المعلن في الكنيسة. تزداد العبادة الباطنية عمقاً، بمقدار ارتباطي بالله، الذي هو أساس كياني. هو الذي وهبني الحياة وقوة الرجاء، ونعمة الحب، لكي أتجاوب معه. والعبادة الباطنية مطلوبة لكي أعيش مسيحيتي كما يجب. وهي التي تعطي لاشتراكي في الأسرار معناه العميق، إذا عشت هذه الأسرار واحتفلت بها داخلياً. والعلاقة الباطنية مع المسيح، تجعلني منفتحاً على كلام الله وتعاليم الكنيسة، وعلى ذاتي والآخرين. وتتطلب العبادة الداخلية عبادة فردية، بها أدخل في حوار شخصي مع الله. وكذلك عبادة جماعية، بها أشترك في عبادتي الباطنية الفردية مع جماعة العهد، في مشاركة الفرح والعطاء والحب. ج- العبادة الفردية: تقول الوصية: "أنا الرب إلهك" بصيغة المفرد. ويوصينا المسيح: "ادخل غرفتك، واغلق بابها، وصل لأبك" (مت6:6). يحب الله كل إنسان بطريقة شخصية، يستطيع كل شخص أن يقيم علاقة فردية به، عن طريق لقاء شخصي، فتقوي العلاقة الباطنية، التي تساعد على الانطلاق إلى العبادة الجماعية. د- العبادة الجماعية: يعلن السيد المسيح: "إذا اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، كنت هناك بينهم" (مت20:18). تتطلب مني العبادة الجماعية بعض الأعمال للمشاركة. فعليّ أن أقوم بها بروح التواضع والانفتاح لكي أعبّر عن عبادتي الباطنية التي تغذي التزامي الخارجي. 2) ما تمنع عنه الوصية الأولى: "لا يكن لك آلهة أخرى سواي". تقول الوصية: "لا يكن لك آلهة أخرى سواي. لا تصنع لك تمثالاً... ولا صورة... لا تسجد لها ولا تعبدها" (تث 7:5-9). الله الواحد الذي خلقنا هو إله حي. الآلهة الأخرى كاذبة، باطلة، ميتة. عبادة الله الحق حرية وكرامة، وأي عبادة أخرى عبودية ومذلة. الله الحق إله محرر: "أنا الرب إلهك، الذي أخرجك... من دار العبودية" (تث6:5). وهدف وصية الله أن تحررنا من كل ارتباط خاطئ، يرمينا إلى العبودية، فالارتباط بصنم، لا يستطيع أن يمنحني الحياة مثل الإله الحي. والصنم أشكال متنوعة، كلها آلهة باطلة ومميتة، تنهانا الوصية الأولى عن عبادتها الزائفة. ويعلن السيد المسيح: "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين. لأنه إما أن يبغض أحدهما ويحب الآخر، وإما أن يتبع أحدهما وينبذ الآخر. فأنتم لا تقدرون أن تخدموا الله والمال" (مت24:6). وهنا يرتقي المسيح بالوصية إلى الجوهر والروح، فلا يتوقف عند الشكل الخارجي مثلما كان يتوقف العهد القديم عند تحريم التمثال والصورة. وإنما ينفذ إلى عمق الروح، حيث يلتقي الإنسان بالله: الحب والارتباط الكياني. هل التماثيل والصور محرمة؟ كان العهد القديم يحرمها، لأن الشعب كان خارجاً من أرض وثنية، ومعرضاً أن يعود بسهولة إلى العبادات الوثنية. فحرمت الوصية الأولى كل ما كان يستخدمه الوثنيون. أما في زمن المسيح، فكان هذا الخطر قد زال في حياة شعب العهد. يشمل كلام المسيح كل ما يُبعد القلب والحياة عن الله. ويدقق المسيح على خطر عبادة المال. إنه صنم جميع العصور، وبالأخص العصر الحديث. كل وسائل الإعلام تركز على أهمية هذا الإله، الذي يسيطر على عقول وقلوب البشر ويدفع إلى السعي لامتلاكه حتى بطرق غير مشروعة. وهنا تظهر المخدرات، والنصب والاحتيال، والسرقة، ... الخ. هل المال حرام؟ يطلب منا المسيح التمييز بين استخدام المال، فيما هو ضروري وهام ونافع وبين خدمة المال وعبادته. فالإنسان الذي يقدّر أهمية المال، دون التعبد له، يصون ويراعي مبادئه الروحية والإنسانية، حتى وإن أخذ وقتاً أطول في الحصول على المال. وتنهي الوصية الأولى أيضاً، عن كل ما يحمل معنى الإيمان بقوة غير الله، أو مضادة له، أو مستقلة عنه. هكذا الاعتقاد في الأرواح- السحر- الدجل- الخوف من الحسد والعين- استعمال الأحجبة- تحضير الأرواح...إلخ. هذه كلها أخطاء جسيمة للغاية، لأنها تمس الاستعداد والموقف الباطني للإنسان: ثقة الإيمان. لذلك ارتفع السيد المسيح بهذا الموقف الأساسي إلى عمق الروح: الحب والارتباط الكياني. من هنا تأتي العبادة الباطنية. ومن أصنام العصر الحديث، الاختراعات العلمية الجديدة، التي تجعل الإنسان يتوهم أنه قادر على كل شيء ولا يحتاج إلى قدرة الله... وهناك أيضاً تأليه وعبادة اللذات الجسدية. إنها من أخطر الأصنام. فهي تستعبد الإنسان وتجعله يفقد إنسانيته وتدمر كيانه الداخلي والخارجي. وهناك تأليه وعبادة الأشخاص. نقبل ونصدق كل ما يقوله هذا الشخص، وقد يكون رئيساً أو قائداً، أو فناناً أو بطلاً رياضياً. وتصل هذه العبادة إلى الانتحار، إذا حدث شيء لهذا الإنسان. وهنا أكون تعديت على عبادة الله الواحد الأحد، وعلى حق الله وحده في الحياة... وقد تأخذ عبادة الأشخاص صورة عبادة الذات. وهذه للأسف صنمية شائعة. قد يغلب حب التعاظم والصيت على القيم. وقد تظهر في صورة عبادة الآراء الشخصية والتشبث بها. كل هذا لا يترك مكاناً لله. لهذا تنهانا عنه الوصية الأولى. "لا تجربوا الرب إلهكم" (تث16:6). هذا ما تمنع عنه أيضاً الوصية الأولى... وتأخذ تجربة الله صوراً عملية كثيرة في الحياة والسلوك. نجرب الله من خلال الكسل والإهمال في العمل، ونقول: الله سيدبرها، أو سيعمل ما يريد... نصلي من أجل شفاء مريض، أو نطلب أمراً معيناً، وإذا لم يتحقق الأمر، يهتز إيماننا، أو نترك حياة الإيمان... نريد من الله أن يفعل ما نريده نحن، ولا ما يريده هو. نريده أن يكون هو في خدمتنا يجيب ويسمع فوراً لكل طلباتنا، وألا نشك في صلاتنا، وفي قدرة وقوة الله، ونلقي اللوم، ونعتبره غير أمين في وعوده. هذه وأمثالها تجربة منا لله. إنها دليل على أن إيماننا سطحي، وأننا لم نصل إلى العبادة الباطنية والارتباط الشخصي بالله. الإيمان الحقيقي، يجعلنا واثقين دائماً وفي كل الظروف، في كلام المسيح: ستعانون الشدة في هذا العالم. فتشجعوا أنا غلبت العالم. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وصـايا الله العشر: الوصيّة الثانية
إعداد المطران بطرس مراياتي والأب جان قـداديحي لا تحلِفْ باسم الله باطلاً يجب على الإنسان أن يحترم اسم الله ويجلّه لأنّه لاسم الله تجثو كلّ ركبة في السماء وعلى الأرض، وينحني له كلّ رأس من الملائكة والبشر، ويمدحه كلّ إنسان في السماء وعلى الأرض. لذلك قال الربّ: "لا تحلِفْ باسم الله باطلاً" .فمن يحلف باسم الله باطلاً يحتقر الله ويستخفّ باسمه القدّوس، "فليكن كلامكم نعم نعم، ولا لا، وما زاد على ذلك كان من الشرير" (متى 5/34-37). "لا تحلِفْ أبداً لا بالسماء ولا بالأرض". اسم الله قدّوس بين جميع كلمات الوحي ثمّة كلمة فريدة هي اسم الله وقد أودع الله اسمه من آمنوا به. إنّ إعطاء الاسم يعني الثقة والمودّة لأنّ "اسم الله قدّوس". لذا يجب ألاّ نسيء استعماله، بل علينا أن نحفظ ذكره في صمت العبادة المحبّبة وألاّ ندخله في أحاديثنا إلاّ لنباركه ولنمدحه ولنمجّده. على المؤمن أن يشهد لاسم الربّ بإجهار إيمانه بدون خوف. إنّ عمل البشارة والتعليم يجب أن يتحلّى بروح العبادة والاحترام لاسم ربّنا يسوع المسيح. التلفّظ باسم الله بالباطل تنهى الوصيّة الثانية عن سوء استعمال اسم الله، أي كلّ استخدام غير لائق لاسم الله، ولاسم يسوع المسيح والعذراء مريم، ولجميع القدّيسين. إنّ الوعود المقطوعة للآخرين باسم الله تلزم الشرف والوفاء والحقيقة والسلطة الإلهية ويجب أن تُحترم من باب العدالة. لذا، فإنّ عدم الإيفاء بها هو سوء استعمالٍ لاسم الله، وبنوع ما، نحن نجعل الله كاذباً (1يو 1/10). التجديف هو التلفّظ بألفاظ محقّرة لله أو للقديسين أو للأشياء المقدّسة. التجديف هو تدنيس لاسم الله وهو إثمٌ فظيع لما فيه من التحقير لله تعالى وهو وقاحة كبرى، إذ إنّ الإنسان الحقير يتجاسر على شتم خالق السماء والأرض. وفي العهد القديم كان المجدِّف يُرجم بالحجارة حتى يموت. وكان الملك لويس في القرون الوسطى يأمر بقطع لسان المجدِّف. القسم أو الحلف باسم الله الحلف أو القسم هو اتّخاذ الله شاهداً على ما يؤكّده الإنسان. إنّه اعتماد صدق الله عربوناً للصدق الذاتي. القَسَم أو الحلف باطلاً هو أن نحلِف كذباً أو لأمر تافه، أو لأمر لا نريد أن نتمّمه، أو لا نتمّم ما حلفنا أن نتمّمه. متى يجوز الحلف؟ لا يجوز أن نحلف باسم الله أو بالإنجيل أو بالقدّيسين إلاّ لأمر صادق ومهمّ وصالح، فالحلف لأجل إثبات كلام بسيط أو لأجل اللعب غير جائز وإن كان صادقاً، فهو غير مهمّ. الحلف غير الصالح: من يحلف أنّه يضرب أو يقتل أو يسرق أو يفعل شرّاً فلا يجوز له أن يتمّم حلفه لأنّ هذه الأعمال غير صالحة تخالف شريعة الله. الحلف الكاذب: إنّ الحلف الكاذب باسم الله والقديسين احتقار عظيم لله وللقدّيسين. أمّا الحلف الصادق لأجل أمر مهمّ أمام القاضي أو الأسقف أو غيرهم فهو يمجّد الله. ذكر يسوع الوصيّة الثانية في عظة الجبل "سمعتم أنّه قيل للأولين: "لا تحنث (أي لا تخالف اليمين التي أقسمتها)، بل أوفِ للربّ بإيمانك". أمّا أنا فأقول لكم: "لا تحلفوا أبداً، لا بالسماء فهي عرش الله، ولا بالأرض فهي موطئ قدميه… فليكن كلامكم: نعم نعم، ولا لا. فما زاد على ذلك كان من الشرّير". إنّ يسوع يعلّم بأنّ كلّ حلف يتضمّن إفادة لله وبأنّ حضور الله وحقيقته يجب أن يحترما في كلّ كلام. لقد فهم تقليد الكنيسة كلام يسوع هذا بأنّه لا يتعارض والقسم عندما يتمّ لأجل أمر خطير وصوابي (أمام المحكمة مثلاً). "القسم أي استدعاء اسم الله كشاهد للحقيقة يجب أن يستعمل للحقيقة فقط ببصيرة وصواب " كما جاء في تعاليم بولس الرسول (2قور 1/23، غلا 1/20). النذور النذر هو أن نعد الله بعمل صالح أو شيء صالح نكرّمه به. وبقدر ما نحترم الله نتمّم وعدنا له. فمن يعد وعداً يلتزم أن يتمّ وعده. والنذر هو وعد من الإنسان لله فيجب على الإنسان أن يتمّمه. النذر غير الصالح: من نذر بأن يقدّم شيئاً لله أو للكنيسة فقدّم شيئاً زريّاً حقيراً، كانت تقدمته كتقدمة قايين التي رذلها الله لأنّها كانت من نفاية ما عنده. شروط النذر: أن يكون برويّة ومعرفة وحرّية، وإذا نقصه شرط من هذه الشروط فلا يلتزم به صاحبه. مثلاً: أمّ فقيرة داهم ابنها خطر فجائي فخافت وفي حال خوفها نذرت دون تروٍّ أن تقدّم إلى مار الياس إسوارة ذهبية. فنذرها ينقصه التروّي. ابنة نذرت أنّها إذا شفيت من مرضها ستزور ديراً مقدّساً مشياً على الأقدام فلمّا شفيت وجدت أنّ المزار بعيد جدّاً ولم تكن عارفة بذلك، فنذرها تنقصه المعرفة. ابنة أجبرها أحد أهلـها على الترهّب فدخلت الدير ونذرت النذور الرهبانية مرغمةً، فنذرها تنقصه الحريّة. على الناذر في هذه الظروف أن يعرض أمره على الكاهن المعرِّف. النذر يلزم صاحبه فقط: لا يلتزم الإنسان بإيفاء ما نذره عنه آخر. مثلاً: اشتدّ المرض على شابّ وقارب الموت، فأخذ كلّ من الأهل والأقارب والأصحاب ينذر عنه نذراً. شُفي الشاب وتعافى فجاؤوا يخبرونه بالنذورات التي نذروها عنه، فالشريعة لا تلزم الشابّ أن يفي هذه النذورات لأنّ النذر يلزم صاحبه فقط، أي الذي نذره. يمكن إبدال النذر بما يماثله. فمثلاً نذرتَ أن تقدّم للكنيسة تمثالاً للعذراء، وكان في الكنيسة تمثال للعذراء فيمكن أن تقدّم شيئاً آخر بثمن التمثال. مَن نذر نذراً ولم يتمكّن من إتمامه فليعرض ذلك على مرشد اعترافه، والمرشد يبدّله له. امرأة نذرت بأن تمشي حافية طيلة شهرٍ ولم تتمكّن من ذلك بسبب صحّتها أو بسبب آخر، فالمعرّف يمكنه أن يبدّل لها هذا النذر. زوال النذر: يزول النذر بالإبطال أو بالتفسيخ أو بالإبدال. يمكن للأب أن يُبطل نذر ولده، والرئيس نذر مرؤوسه والزوج نذر زوجته، إذا كان النذر يتعارض وسلطتهم. النذور الرهبانية ثلاثة: العفّة والفقر والطاعة. هذه النذور تكون مؤقّتة أي تجدّد كلّ سنة، أو مؤبّدة أي مدى الحياة. هذه النذور هي مقاومة تيّار العالم وخاصّة العالم العصري، إنّ روح العالم العصري يوجّه الشباب كي يشبع من ملاذّ الحياة ونعيمها، فبنذر العفة يتخلّى الإنسان عن اللذّات الجسدية حتى الجائزة منها ضمن الزواج. يدعو روح العالم أن يكون الإنسان صاحب ثروةٍ كبيرةٍ يستخدمها للمجد والفخر ورغد العيش وهناءة الحياة، والعالم يعتبر الفقير حقيراً والغنيّ عظيماً. فبنذر الفقر يتخلّى الإنسان عن كلّ ملكية ولا يحقّ له أن يتصرّف في شيء دون إذن الرئيس. ينادي روح العالم بأن يكون الإنسان حرّاً، والحريّة هي أعزّ شيء على قلب الإنسان. ها هي الشعوب في اقتتال للدفاع عن الحريّة أو للحصول عليها. إنّ الإنسان يتباهى ويفاخر بالحريّة، وإذا فقدها عُدّ عبداً. فبنذر الطاعة يتخلّى الإنسان عن حريّته وإرادته ويطيع الرئيس ولا يعمل عملاً دون إذنه. فالشابّ أو الشابّة اللذان يتنازلان، حبّاً لربّهما وبقريبهما، عن إرادتهما وعن خيرات الأرض وعن ملاذّ الجسد، يستحقّان الإكرام والإعجاب والمحبّة! الاسم المسيحي يُمنح سرّ المعمودية "باسم الآب والابن والروح القدس" (متى 28/19). في المعمودية يقدّس اسم الربّ الإنسان ويحصل المسيحي على اسمه ضمن الكنيسة. قد يكون اسم قدّيس عاش حياة أمانة مثالية لربّه، ورعاية القديس تقدّم لحامل اسمه مثالاً للمحبّة وتؤكّد شفاعته. "اسم المعمودية" يطبع المؤمن بالفضائل المسيحية. يبدأ المسيحي يومه وصلواته وأعماله بإشارة الصليب "باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين". يقدّم المعمّد يومه لمجد الله، ويستدعي نعمة المخلّص التي تمكّنه من التصرّف بحسب الروح كابنٍ للآب. هذا وإنّ إشارة الصليب تقوّينا في التجارب والصعوبات. يدعو الله كلّ واحد باسمه، اسم كلّ إنسان مقدّس. فالاسم هو أيقونة الشخص. لذا، يقتضي الاحترام، دلالةً على كرامة مَن يحمله. في ملكوت الله تشعّ بنور ساطع العلامة السرّية والوحيدة لكلّ شخص ممهور باسم الله. يقول الربّ "سأعطي الغالب منّاً خفيّاً وحصاةً بيضاء، حصاةً منقوشاً فيها اسم جديد لا يعرفه إلاّ الذي يناله" (رؤيا 2/17) هذا الاسم يمنحنا الله إيّاه في جرن المعمودية عندما نصبح أبناءه. المراجع - كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية. - "المسيحية في أخلاقيتها" ( التعليم المسيحي الكاثوليكي للبالغين) سلسلة الفكر المسيحي بين الأمس واليــوم، رقم 19 – منشورات المكتبة البولسية، لبنان، 1999. |
الساعة الآن 12:53 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025